(3)
كنتُ أشعلُ الصمت ميمماً بوحي لقيثارةٍ قديمة تتكئ على الجدار . ويخذلني صوتي وهو يهربُ أمامي وخلفي كرجلٍ معتوه .
شعرت بالحزن الشديد ، وأنا أرى كل الكونِ وكأنه بدأ يتخلقُ من جديدٍ متجاوزاً معالم صورتي وهويتي ، مما أجبرني على الدخولِ في تحدياتٍ هلاميةٍ وميتافيزيقيائيةٍ لأصل الى وجهٍ يشبه وجهي ولو من بعيد .
غامرتُ بنشر أشرعتي رغم الضباب الذي يخفي محيط عيني وكامل قامتي ، ووزعت ارصفتي وخرائط مدني على نجماتٍ تضيء في سماء أحلامي المتعثرة .
لم تمهلني بواباتُ الريح لأصعد على صدر موجةٍ عاتيةٍ تخترق القلبَ من أقصاه الى أقصاه . لم تمهلني لأغني .
بدأتُ في رسم ظلي ، متفائلاً بصديقتي الشمس ، ومتوجساً من غيمةٍ ترقب خشوع انتظاري ، رأيتها وهي تقلبُ تقويم جسدي ، وتتربصُ لفراغات عيني متحينةً لوقتٍ تخبو فيه ظلالي ، فتقرئني .
لم تمهلني الريح ، لأغني ، وأغني .
يتبع...