(2)
لم تمهلني بواباتُ الريح لأرتدي معطف الشتاء القارس ، وبدوتُ بثوب نومي كمهرج ٍ بليدٍ لا يجيدُ تسلية جمهورهِ المتعطشِ لابتسامةٍ واحدة .
كنتُ شقياً كطفل ، عبثياً كطفل ، مغامراً كطفل ، وكنت أجمع ألعاب الأطفال التي أصادفها وأخبئها تحت سريري ، وأظلُّ أنظر اليها بين الحين والآخر ، كان دم الطفولة مواصلاً جريانه في أوردتي رغم ثلاثينيتي البائسة .
وتحرجني ساره ذات التسع سنين وهي تبحث عن لعبتها ، وتكتشف طفولتي المتأخرة .
رويداً يا ابنتي ، يوماً ما سأحدثكِ عن بوابات الريح ، والقمر المتثائب خلف نافذتي ولوعتي المجنونة . سأحدثكِ عن ليلٍ يربض على صدري وهاجسٍ يعشقُ ظلي من الوريد الى الوريد .
سأخبرك عن خيامي التي نصبتها على الماء ، وعن شجر البرتقال الذي يتسلق قامتي كل مساء .
يوماً ما سأحدثكِ عن أحلام الليمون ، وعن السنبلة العرجاء ، فلا تعجبي يا ابنتي
خذي لعبتكِ الآن وانصرفي .
يتبع...