2010-10-14, 11:25
|
رقم المشاركة : 11
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طاهر القلب
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين ، و على آله و صحبه
أجمعين أما بعد :
في المـاضي القريب كانت الثقة بين الناس موجودة في أي معاملة تتم فيما بينهم , لأن الإيمان
بالله موجود في قلـوبهم ، أمـا اليوم فقـد تغير الناس حول هذا الموضوع ، إلا القليل منهم
يتمسكون بهذه الصفة الإسلامية العظيمة ... فقد كان الناس يعيشون حياة ملؤها الود و الوئام
فرسموا بعلاقاتهم مع بعضهم البعض شكلا و مثلا عليا لعائلة متماسكة الأواصر و الروابط , و
كان الفرد منهم يعرف بكلمته التي لا مـرد لها و لا تنازل عنها مهما كلفه ذلك , صادق مع
نفسه فتجلي صدقه مع غيره من الناس , و هذا الشكل من التعامل بينهم وطأ لترسيخ معالم ثقة
كبيرة و قوية بينهم و في تعاملاتهم اليومية , فكان الجار يأتمن جاره على داره و أهله و ماله و
يسافر و هو مطمئن البال على أهله و ماله من النـوائب و المخـاطر غيرها ... قد يتبادر إلى
أذهان البعض منا عندما يسمعون هذه الكلمات و هذه الأسطر أنها قصص و روايات خرافية و
خيالية و بـل و أساطير لا يمكن تصديقها لا واقعا و لا شكلا و تفصيلا ...
بقفزة إلى حـاضرنا المشتت و المؤلم و عصرنا الغريب العجيب , فالواحد لا يثق حتى في
نفسه التي بين أضلعه فكيف بمن حوله حتى و لو كان صدقه و أمانته و أخـلاقه الفضيلة
على كل لسان , و لست متشائما بالإطلاق من الوضع فهناك خير مهما كانت الظلمات
التي تغطى الأفق الذي نراه , فبقراءة موضوعية و واقعية للأمر الناس اليوم , نجد أن الثقة
قد استغـلت و سببت للبعض مشاكل و مخـاطر , بل أصبحت ستار يستتر به البعـض
لتحقيق مآرب شريرة و غير محمودة , فالكذب و الخداع و الاحتيال أصبح صفة رائجة و
سلعة ذات صيت و ذات حـركية واسعة لأهلها الذين يتصفـون بها , و هذا يدلل على
المستـوى الذي أصبحت تساق به الأمور و أحوال الناس في هذا الزمان الموحش , إذن
الكل متهم في نظر الكل حتى يثبت عكـس ذلك مع مر الأعوام و جـر السنين لبعضها
البعض و ربما لا يعرف صاحب المروءة إلا بعد أن يـوارى الثرى و ينقطـع عمله عندها
يقول الناس كان مثالا للخيـر و يعـددون صفاته التي ربما لا يكن منها في شيء , أمثال
هؤلاء تجدهم للمكائد صناع محتـرفون و للمكر مقتـدرون حاذقون , و الناس تفتتن بما
يعملون ظاهرا من الفعل فقط و لا يدرون الباطن الخفـي عنهم , أما الطيب الساذج و
الأحمق في منظور الناس اليوم و الأمر ليس بالعمـوم و لكنه عند الغالبية العظمى هو ذلك
الشخص الذي تجد الحيـاء يعلو محياه , و هو الشخص الذي يتمسك بقيم إسلامنـا و
عاداتنا و تقاليدنا و ليس ذلك الشخص الذي شوهها لينال المراد و يستغلهم و هذا مربط
الغرابة و غربة هذا الزمان ...
إذن مسألة الثقة المتبادلة بين الناس تجعل أي مجتمع , راقي في معاملات أفراده و مكوناته
لبعضهم البعض , و ليس غابة من الوحوش يخشى بعضها البعض , بل و تطور أساليب و
طرقا جديدة لتصبح أشد قوة أشد مكرا و خداعا , فالبائع لا يأتمن المشتري و العكس و
لا المحكوم تجاه حاكمه و الأمر متبادلا مـن الطرفين على حد السواء و حتى في المناقشات
عندما يطرح أحدهم فكرته أو قصته تجد الكثير لا يصدقه حتى يعظـم لهم اليمن الغليظة
على صدقه ... و إنه من أعظم أشكال عدم تجلي الثقة , بين أهل البيت الواحـد و تحت
السقف الواحد , فالزوج لا يثق في زوجته و الأب لا يثق في أولاده و الزوجة في زوجها
و هكذا ... فما هو الفرق بين الأمس و اليوم يا ترى ؟ و ما هو التعـريف الصحيح
للثقة و الطيبة في نظرك أخي أختي ؟ و هل للظن بحسنه و سيئه دور في ذلك كله ؟ و
هل تمثل الخيانة ممن وثقت فيهــم درسا لك لعـدم الثقة في أحد مرة أخرى ؟ ...
هذا قولي لكم فأرجو أن تعذروا أفكاري المشوشة هذه ...
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
|
السّلامُ عليكُم ورحمة الله وبركاته
شُكرا أخي طاهِر القلب.. لأنّك أثرتَ موضوعا يستحقّ وقفتنا على بعضِ جوانبه..
وقصدتُ هذا كونه موضوعا يحتوي عدّة تفرُّعاتٍ لِلفظِ الثّقة..
حيثُ لا يخفى عنكُم أنّ الثّقة أنواعٌ، ثِقةٌ بالنّفس وثِقةٌ بالله وثِقةٌ بالآخَر..
وآخِرُها مِحورُ حديثِنا إن شاء الله.
ْْ ْ ْ
فالثِّـقة من منظوري الخاصّ هي ذلِك الشّعور الذي يجعلُك ترى الآخرَ بعينٍ تُكسبك راحةً واطمئنانا وتُقرّبك منه روحيّا فتتولّدُ حاجتك إليه لاعتِقادِك بأهميّةِ وجودِه في حياتِك..
الثّـقة هي تلك العلاقة الطّيبة التي تنمو بينك وبين الآخر..
والتي يسودُها الاحتِرام المُتبادل وهي نفسٌ طاهِرٌ يُشعِرُكَ بالسّعادة
والطّيـبةُ تولِّدُ الثّقة لأنّها صفةٌ تَقودُ إلى الوثوق بالآخر..ولأنّها رمزُ اللّطفِ والعطاء والخير.
لهذا فالعلاقة بينهُما وطيدة..فلا يُعقَل أن نثِقَ فيمن تُغيِّبُ ملامحه هذه الصِّفة.
ْ ْ ْ
ولكِن هل تعلم أنّ الثِّقة حبلٌ لا تقوى على قطعه إلاّ سكاكين الغدر؟
والغدرُ حسبَ رؤيتي الشّخصيّة نوعان:
أوّلهما غدرُ النّفسِ بصاحبِها..وهي حالةٌ تقودُ للضّعف وسوء الظنّ بالآخر..
ومن مسبّباتها بعضُ الأمور التي قد تكون ممتدّة من طفولة الشّخص وطريقة نشأته.
والتي ينتجُ عنها الإحباط واليأس في إيجاد من يثق بهم.
وثانيهما غدرُ الآخر..وفي هذا أرى أنّ،
الخيانة غدرٌ والنّميمة غدرٌ..
والحِقدُ والزّورُ والغرورُ مكرٌ
وكلّ عملٍ سيّئٍ، ضرره شرٌّ
-همسة-
وثِقتُ فيمن أوْثقتني به حبالُ الودِّ
فجرّ الودُّ طيبةً بِلونِ الأخوّة
فغدرَ بي من حسِبته سندي..
فاعتلى الشكّ والسِّلمُ تهاوى
وأسقطَ الغدرُ ثقتي..
فساء ظنّي بمثاليّةٍ زائفةٍ..
تُظهِرُ على سطوحِها زبَدَ التّقوى
،،،
وهو ما يحدثُ لدى البعضِ ممّن يسحب غدر الآخر بِساط ثقتهم..
وقد يكونُ السّبب داعيا لذلِك،
كما قد يكونُ مجرّد أوهامٍ كسوء الظنّ الذي يعصف بها دون تمهّلٍ في الإبصار بعينٍ تقي حبل الثّقة من التمزّق.
ْ ْ ْ
أمّا الخيـانة أخي الفاضِل فقد أشرت إلى أنّها دفعٌ لانعدام الثّقة بين الأشخاص..
ومهما أنّي تعرّضتُ في واقعي لِسِهامِها التي كادت تُصيبُ منّي مقتلا..
إلاّ أنّي صنّفتُها ضِمن ما طوته صفحات الذّكرى وبنيتُ للمُستقبلِ رُؤىً آملةً بوجودِ أُناسٍ يستحقّون ثِقتنا..
وما أخطأتُ التّقدير بفضلِ الله..
لأنّ هذا الذي يكتبُ بقلمٍ يُزيحُ غشاوة الجهل وينزع لثامَ الغموضِ عن أفكارِنا فينفعُنا بِطيبِ ما ينثُر لَشخصٌ يستحقّ ثِقتنا..'وأنت من بينهم أخي طاهِر..'
والأمثِلة كثيرة لأُناسٍ أثبتوا حقّا أنّهم محلّ ثِقة.
والمغـزى أنّه لا يجِب أن نرتشِف من أفكار المتشائمين شرابا يُضاعفُ استياءنا من الأوضاع التي نعيشُها ويدفعنا دون شعورٍ منّا لولوجِها موطِنا تذهبُ فيه سمة الإنسانيّة 'الطّيبة..'
فالأفكار التي تقتل الثّقة وتُذهب عزيمتنا في إيجادِ وهجِها كثيرةٌ تملأ واقعنا وحتّى هذا الفضاء..
ْ ْ ْ
فقط يتوجّب أن نثِق فلا نبنيَ ثِقتنا على سوء النّوايا
وأن نثِقَ فلا نغترّ بمن أغدقنا بِسِحرِ الهدايا
وأن نثِقَ بعقلٍ مُبصِرٍ،
فلا تعود علينا ثقتنا بسوء النّهاية
والثّقةُ إخلاصٌ واعتِزامٌ على اقتسام المشاعِر بحُلوِها ومُرّها
واحتِرامٌ يُشكِّلُ للتّواصُلِ النّافعِ أرقى المَرايا
وما أعظمها من ثِقةٍ أسّستها تقوى الله
جعلها الله وقــاءً لأخُوّتِنا.
آخر تعديل صَمْـتْــــ~ 2010-10-14 في 11:32.
|
|
|