منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الجهة,المكان,الحد,الحيز ,وخزعبلات أخرى هنا تفنيدها
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-30, 00:18   رقم المشاركة : 80
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الإعتراض العاشر:إعتراضهم على دليل فطرة
قالوا:لا يمكن الإستدلال بالفطرة في إثبات العلو لأن الإنسان يولد ولا يعرف شيء.

والجواب على هذه الشبهة من أوجه:
الأول:
إن أول من عرف عنه إنكار المعرفة بالفطرة هم أهل الكلام الذين اتفق السلف على ذمهم من الجهمية والقدرية , وهم عند سلف الأمة من أضل الطوائف وأجهلهم .
"مجموع الفتاوى" ( 16/340)
وهو كذلك قول المعتزلة

الثاني:قد رجح العلماء بأن الفطرة هي الإسلام
قال ابن حجر :
وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام قال ابن عبد البر : وهو المعروف عند عامة السلف.
وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى: { فطرة الله التي فطر الناس عليها } الإسلام
واحتجوا بقول أبي هريرة في آخر حديث الباب : اقرؤوا إن شئتم {فطرة الله التي فطر الناس عليها } .
وبحديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم . الحديث .
وقد رواه غيره فزاد فيه : حنفاء مسلمين , ورجحه بعض المتأخرين بقوله تعالى :{ فطرة الله } لأنها إضافة مدح , وقد أمر نبيه بلزومها فعلم أنها الإسلام .
وقال ابن جرير : قوله : {فأقم وجهك للدين} أي سدد لطاعته حنيفاً أي مستقيماً فطرة الله- أي صبغة الله - وهو منصوب على المصدر الذي دل عليه الفعل الأول أو منصوب بفعل مقدر أي الزم , وقد سبق قبل أبواب قول الزهري في الصلاة على المولود من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام , وسيأتي في تفسير سورة الروم جزم المصنف بأن الفطرة الإسلام , وقد قال أحمد : من مات أبواه , وهما كافران حكم بإسلامه , واستدل بحديث الباب ؛ فدل على أنه فسر الفطرة بالإسلام .
"الفتح" (3|292)
وقال ابن حجر :قال ابن القيم : وقد جاء عن أحمد أجوبة كثيرة يحتج فيها بهذا الحديث على أن الطفل إنما يحكم بكفره بأبويه ؛ فإذا لم يكن بين أبوين كافرين فهو مسلم .
وروى أبو داود عن حماد بن سلمة أنه قال : المراد أن ذلك حيث أخذ الله عليهم العهد حيث قال :{ ألست بربكم قالوا بلى} , ونقله ابن عبد البر عن الأوزاعي , وعن سحنون , ونقله أبو يعلى بن الفراء عن إحدى الروايتين عن أحمد , وهو ما حكاه الميموني عنه وذكره ابن بطة ...
قال الطيبي : ذكر هذه الآية عقب هذا الحديث يقوي ما أوله حماد بن سلمة من أوجه أحدها: أن التعريف في قوله على الفطرة إشارة إلى معهود , وهو قوله تعالى {فطرة الله }ومعنى المأمور في قوله {فأقم وجهك} أي : اثبت على العهد القديم .
ثانيها : ورود الرواية بلفظ الملة بدل الفطرة والدين في قوله للدين حنيفا هو عين الملة قال تعالى:{ دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا} , ويؤيده حديث عياض المتقدم .
ثالثها: التشبيه بالمحسوس المعاين ليفيد أن ظهوره يقع في البيان مبلغ هذا المحسوس قال : والمراد تمكن الناس من الهدى في أصل الجبلة , والتهيؤ لقبول الدين فلو ترك المرء عليها لاستمر على لزومها , ولم يفارقها إلى غيرها لأن حسن هذا الدين ثابت في النفوس , وإنما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية كالتقليد انتهى .
وإلى هذا مال القرطبي في "المفهم "
فقال:" المعنى أن الله خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات ؛ فما دامت باقية على ذلك القبول , وعلى تلك الأهلية أدركت الحق ودين الإسلام هو الدين الحق , وقد دل على هذا المعنى بقية الحديث حيث قال : كما تنتج البهيمة يعني أن البهيمة تلد الولد كامل الخلقة ؛ فلو ترك كذلك كان بريئاً من العيب لكنهم تصرفوا فيه بقطع أذنه مثلاً ؛ فخرج عن الأصل , وهو تشبيه واقع ووجهه واضح , والله أعلم .
"الفتح" (3|293)
وانظر تفسير ابن جرير الطبري (10/183) فقد نقل عن عدة من السلف في تفسير الفطرة بالإسلام
وقال ابن كثير رحمه الله (3/416) عند قوله تعالى : {فطرة الله التي فطر الناس عليها } : فسدد وجهك واستمر على الدين الذي شرعه الله لك من الحنيفية ملة إبراهيم الذي هداك الله لها, وكملها لك غاية الكمال وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة التي فطر الله الخلق عليها , فإنه تعالى فطر خلقا على معرفته وتوحيده , وأنه لا إله إلا هو كما تقدم عند قوله تعالى :{وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى }.
ثم قال رحمه الله بعد كلام : والفطرة الإسلام .


الثالث:أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على هذا الإشكال فقال رحمه الله:ولا يلزم من كونهم مولودين على الفطرة أن يكونوا حين الولادة معتقدين للإسلام بالفعل ؛ فإن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا , ولكن سلامة القلب وقبوله وإرادته للحق الذي هو الإسلام بحيث لو ترك من غير مغير لما كان إلا مسلما , وهذه القوة العلمية العملية التي تقتضي بذاتها الإسلام ما لم يمنعها مانع هي فطرة الله التي فطر الناس عليها .
"مجموع ا لفتاوى" (4/247)
وقال ابن القيم - رحمه الله- : ليس المراد بقوله يولد على الفطرة أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين لأن الله يقول :{والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} , ولكن المراد أن فطرته مقتضية لمعرفة دين الإسلام ومحبته ؛ فنفس الفطرة تستلزم الإقرار والمحبة , وليس المراد مجرد قبول الفطرة لذلك لأنه لا يتغير بتهويد الأبوين مثلا بحيث يخرجان الفطرة عن القبول , وإنما المراد أن كل مولود يولد على إقراره بالربوبية فلو خلي ؛ وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من ارتضاع اللبن حتى يصرفه عنه الصارف , ومن ثم شبهت الفطرة باللبن بل كانت إياه في تأويل الرؤيا .والله أعلم
"الفتح" (3|293)

الرابع:إن الفطرة قطعاً دلت على علو الله تعالى علو ذات وعلو قهر وعلو منزلة سبحانه وتعالى , وعلى ذلك مذهب الأشعري وشيخه ابن كلاب .
قال ابن القيم رحمه الله:
الطريق الثاني : أن يقال علوه سبحانه على العالم , وأنه فوق السماوات كلها , وأنه فوق عرشه أمر مستقر في فطر العباد معلوم لهم بالضرورة كما اتفق عليه جميع الأمم إقراراً بذلك , وتصديقاً من غير تواطؤ منهم على ذلك ولا تشاعر , وهم يخبرون عن أنفسهم أنهم يجدون ذلك بالضرورة , وجميع الطوائف تنكر قول المعطلة إلا من تلقاه منهم , وأما العامة من جميع الأمم ففطرهم جميعهم مقرة بأن الله فوق العالم , وإذا قيل لهم لا داخل العالم , ولا خارجه , ولا فوقه , ولا تحته , ولا مباين لهو , ولا محايث , ولا يصعد إليه شيء , ولا ينزل منه شيء , ولا يقرب إليه شيء, ولا يقرب هو من شيء , ولا يحجب العباد عنه حجاب منفصل , ولا ترفع إليه الأيدي , ولا تتوجه إليه القلوب نحو العلو أنكرت فطرهم ذلك غاية الإنكار ودفعته غاية الدفع .
قال أبو الحسن الأشعري في كتبه : ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله عز وجل مستو على العرش الذي هو فوق السماوات ؛ فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو السماء كما لا يحطونها إذا دعوا نحو الأرض .
هذا لفظه في أجل كتبه وأكبرها وهو الموجز , وفي أشهرها وهو الإبانة التي اعتمد عليها أبصر الناس له , وأعظمهم ذبا عنه من أهل الحديث أبو القاسم ابن عساكر؛ فإنه اعتمد على هذا الكتاب وجعله من أعظم مناقبه في كتاب "تبيين كذب المفتري " ثم قال في كتابه : ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله عز وجل في الأمر النازل بهم يقولون يا ساكن العرش ويقولون : لا والذي احتجب بسبع سماوات .
وقال أبو محمد عبدالله بن سعيد بن كلاب في كتاب الصفات , وقد ذكر مسألة الاستواء ... قال : ولو لم يشهد بصحة مذهب الجماعة في هذا إلا ما ذكرنا من هذه الأمور لكان فيه ما يكفي ؛ كيف وقد غرس في بنية الفطرة , ومعارف الآدميين من ذلك ما لا شيء أبين منه , ولا أوكد لأنك لا تسأل أحدا عنه عربياً ولا عجمياً ولا مؤمناً ولا كافراً فتقول أين ربك ؟ إلا قال : في السماء إن أفصح أو أومأ بيده أو أشار بطرفه إن كان لا يفصح لا يشير إلى غير ذلك من أرض ولا سهل ولا جبل , ولا رأينا أحدا داعيا إلا رافعا يديه إلى السماء .
وقال ابن عبدالبر إمام أهل السنة ببلاد المغرب في التمهيد لما تكلم على حديث النزول قال : هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته , وهو منقول من طرق سوى هذه من أخبار العدول عن النبي , وفيه دليل على أن الله في السماء على العرش فوق سبع سماوات كما قال الجماعة , وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم إن الله بكل مكان قال: والدليل على صحة قول أهل الحق قوله تعالى -وذكر عدة آيات - إلى أن قال:
وهذا أشهر وأعرف عند العامة والخاصة من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد , ولا أنكره عليهم مسلم وهذا قليل من كثير من كلام من ذكر أن مسألة العلو فطرية ضرورية , وأما من نقل إجماع الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ؛ فأكثر من أن يذكر ولكن ننبه على اليسير منه ....
"الصواعق المرسلة" (4|1282)
ومن ذلك ما دار بين أبي المعالي وأبي جعفر
قال شيخ الإسلام : الوجه الرابع أن الذين يرفعون أيديهم وأبصارهم وغير ذلك إلى السماء وقت الدعاء تقصد قلوبهم الرب الذي هو فوق , وتكون حركة جوارحهم بالإشارة إلى فوق تبعاً لحركة قلوبهم إلى فوق , وهذا أمر يجدونه كلهم في قلوبهم وجداً ضرورياً إلا من غيرت فطرته باعتقاد يصرفه عن ذلك .
وقد حكى محمد بن طاهر المقدسي عن الشيخ أبي جعفر الهمداني أنه حضر مجلس أبي المعالي فذكر العرش , وقال : كان الله ولا عرش ونحو ذلك وقام إليه الشيخ أبو جعفر فقال : يا شيخ دعنا من ذكر العرش , وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا ؛ فإنه ما قال عارف قط : يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة لطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة , قال فضرب أبو المعالي على رأسه وقال: حيرني الهمداني .
فأخبر هذا الشيخ عن كل من عرف الله أنه يجد في قلبه حركة ضرورية إلى العلو إذا قال : يا الله , وهذا يقتضي أنه في فطرتهم وخلقتهم العلم بأن الله فوق , وقصده والتوجه إليه إلى فوق .
بيان تلبيس الجهمية" (2|445)