منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الجهة,المكان,الحد,الحيز ,وخزعبلات أخرى هنا تفنيدها
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-23, 21:44   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

آثار ضعيفة

الشبهة السابعة عشر ‏‎:‎‏ قال عبدُ القاهر البغداديُّ: قال عليٌّ: كانَ اللهُ ولا مكانَ، وهوَ الآنَ على ما عليهِ ‏كانَ‎.‎

ما زال الجهمية ومن وافقهم يضربون نصوص علو ‏الله فوق خلقه بهذه‎ ‎الرواية "كان الله ولا مكان" "وهو ‏الآن على ما عليه كان"‏‎ ‎وهذه الرواية باطلة رواية ‏ودارية ‏
‏ أما بطلانها روايةً فقد نص‎ ‎أهل العلم على أنها لا أصل لها في كتب الحديث المعتمدة‎:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه‎ ‎الله‎-:"‎وهذه الزيادة-وهو قوله:"وهو‎ ‎الآن على ما عليه ‏كان"كذب مفترى على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-،اتفق أهل العلم‎ ‎بالحديث على ‏أنه موضوع مختلق،وليس هو في شئ من دواوين الحديث لا كبارها ولا‎ ‎صغارها،ولا رواه ‏أحد من أهل العلم بإسناد لا صحيح ولا ضعيف ولا بإسناد‎ ‎مجهول"ا.هـ."مجموع ‏الفتاوى"2/272،وانظر:18/221،"درء تعارض العقل‎ ‎والنقل"5/227،"مدارج ‏السالكين"3/56‏‎.
وقال ابن حجر-رحمه الله‎-:"‎وقع في بعض الكتب في هذا الحديث:"كان الله ولا شيء‎ ‎معه،وهو الآن على ما عليه كان"،وهي زيادة ليست في شيء من كتب الحديث،نبه على ‏ذلك‎ ‎العلامة تقي الدين ابن تيمية‎"‎ا.هـ."فتح الباري شرح صحيح‎ ‎البخاري"6/244،وانظر:"عمدة القاري"15/89‏‎.‎‏ وهذه الرواية أجلُّ ‏عندهم‎ ‎من قوله تعالى {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} {ثُمَّ ‏اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‎} ‎إذ هذه الآيات عندهم موهمة ‏للتشبيه والتجسيم والكفر، أما هذه الرواية المكذوبة ‏فهي‎ ‎صريحة في التنزيه‎.
ألم يعلم هؤلاء أن هذه الرواية المكذوبة كانت من ‏أعظم ما يحتج به‎ ‎المعتزلة، وذكر الأشعري احتجاج ‏العتزلة بها وأنها من جملة‎ ‎مقالاتهم‎(1). ‎فانظر كم ‏ورثوا عن المعتزلة حتى الآن من أمور يظنونها راية‎ ‎أهل السنة والجماعة‎.‎

وأما بطلانها دراية فإنها‎ ‎مخالفة للأدلة النقلية والعقلية،وبيان ذلك أن يقال‎:
إن هذه اللفظة يطلقها من أهل‎ ‎الضلال‎ ‎طائفتان‎:
الطائفة الأولى:المعطلة من الجهمية وغيرهم قاصدين بها‎"‎نفي الصفات-التي وصف بها نفسه ‏من استوائه على العرش‎ ‎ونزوله إلى السماء الدنيا وغير ذلك‎.
فقالوا:"كان في الأزل ليس مستوياً على العرش،وهو الآن على ما عليه‎ ‎كان؛فلا يكون على ‏العرش لما يقتضي ذلك من التحول والتغير"."مجموع‎ ‎الفتاوى"2/273‏‎.
ولا ريب أن هذا مخالف للأدلة الكثيرة المتنوعة الدالة على ثبوت قيام‎ ‎الصفات الاختيارية ‏بالله-تعالى-كما تقدم‎.
الطائفة الثانية:الملاحدة الاتحادية قاصدين بها أن الله-تعالى-"ليس معه‎ ‎غيره كما كان في ‏الأزل،ولا شئ معه‎.
قالوا:"إذ الكائنات ليست غيره،ولا‎ ‎سواه؛فليس إلا هو؛فليس معه شئ آخر لا أزلاً ولا ‏أبداً،بل هو عين الموجودات،ونفس‎ ‎الكائنات‎".
وجعلوا المخلوقات المصنوعات هي‎ ‎نفس الخالق البارئ المصور‎.
وهم دائماً يهذون بهذه الكلمة:"وهو الآن على ما عليه كان"،وهي‎ ‎أجل-عندهم-من"قل ‏هو الله أحد"ومن آية الكرسي؛لما فيها من الدلالة على الاتحاد-الذي‎ ‎هو إلحادهم-،وهم ‏يعتقدون أنها ثابتة عن النبي-صلى الله عليه وسلم-،وأنها من‎ ‎كلامه،ومن أسرار ‏معرفته"."مجموع‎ ‎الفتاوى"2/274،وانظر18/221‏‎.
وهذا مخالف للأدلة النقلية‎ ‎والعقلية من عدة أوجه‎:
‎"‎أحدها‎:‎أن الله قد أخبر بأنه مع عباده في غير موضع من الكتاب‎ ‎عموماً وخصوصاً مثل ‏قوله:"وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على‎ ‎العرش"إلى قوله:"وهو ‏معكم أينما كنتم"،وقوله:"ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو‎ ‎رابعهم"إلى قوله:"أينما ‏كانوا"،وقوله:"إن الله مع الذين اتقوا والذين هم‎ ‎محسنون"،وقال:"والله مع الصابرين"في ‏موضعين،وقوله:"إنني معكما أسمع وأرى"،"لا تحزن‎ ‎إن الله معنا"،"وقال الله إني معكم"،"إن ‏معي ربى سيهدين"،وكان النبي-صلى الله عليه‎ ‎وسلم-إذا سافر يقول:"اللهم أنت الصاحب ‏في السفر،والخليفة في الأهل،اللهم اصحبنا في‎ ‎سفرنا،واخلفنا في أهلنا"؛فلو كان الخلق ‏عموماً وخصوصاً ليسوا غيره،ولا هم معه،بل ما‎ ‎معه شئ آخر امتنع أن يكون هو مع نفسه ‏وذاته؛فإن المعية توجب شيئين كون أحدهما مع‎ ‎الآخر،فلما أخبر الله أنه مع هؤلاء علم ‏بطلان قولهم:"هو الآن على ما عليه كان،لا شئ‎ ‎معه،بل هو عين المخلوقات‎".
وأيضاً؛فإن‎ ‎المعية لا تكون إلا من الطرفين؛فإن معناها المقارنة والمصاحبة؛فإذا كان أحد ‏الشيئين‎ ‎مع الآخر امتنع ألا يكون الآخر معه،فمن الممتنع أن يكون الله مع خلقه،ولا يكون ‏لهم‎ ‎وجود معه،ولا حقيقة أصلاً،بل هم هو‎!.
الوجه الثاني:أن‎ ‎الله قال في كتابه:"ولا تجعل مع الله إلهاً آخر فتلقى في جهنم ملوماً‎ ‎مدحوراً"،وقال-تعالى-:"فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين"،وقال:"ولا‎ ‎تدع مع ‏الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه"،فنهاه أن يجعل أو يدعو‎ ‎معه إلهاً ‏آخر،ولم ينهه أن يثبت معه مخلوقاً أو يقول:"إن معه عبداً مملوكاً أو‎ ‎مربوباً فقيراً أو معه شيئاً ‏موجوداً خلقه"كما قال:"لا إله إلا هو"،ولم يقل:"لا‎ ‎موجود إلا هو"أو"لا هو إلا هو"أو"لا ‏شئ معه إلا هو"بمعنى أنه نفس الموجودات‎ ‎وعينها،وهذا كما قال:"وإلهكم إله ‏واحد"[؛فأثبت وحدانيته في الألوهية،ولم يقل:"إن‎ ‎الموجودات واحد"،فهذا التوحيد الذي في ‏كتاب الله هو توحيد الألوهية،وهو أن لا تجعل‎ ‎معه ولا تدعو معه إلهاً غيره؛فأين هذا من أن ‏يجعل نفس الوجود هو‎ ‎إياه؟‎!.
وأيضاً؛فنهيه أن يجعل معه أو يدعو معه إلهاً‎ ‎آخر دليل على أن ذلك ممكن كما فعله ‏المشركون الذين دعوا مع الله آلهة أخرى؛فلو كانت‎ ‎تلك الآلهة هي إياه،ولا شيء معه أصلاً ‏امتنع أن يدعى معه آلهة‎ ‎أخرى‎.
فهذه النصوص تدل على أن معه أشياء ليست‎ ‎بآلهة،ولا يجوز أن تجعل آلهة،ولا تدعى آلهة. ‏وأيضاً؛فعند الملحدين يجوز أن يعبد كل‎ ‎شئ،ويدعى كل شئ؛إذ لا يتصور أن يعبد غيره؛فإنه ‏هو الأشياء؛فيجوز للإنسان حينئذٍ أن‎ ‎يدعو كل شئ من الآلهة المعبودة من دون الله،وهو ‏عند الملاحدة ما دعا معه إلهاً‎ ‎آخر؛فجعل نفس ما حرمه الله،وجعله شركاً جعله ‏توحيداً،والشرك عنده لا يتصور‎ ‎بحال‎!.
الوجه الثالث:أن الله لما كان،ولا شئ معه لم‎ ‎يكن معه سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا ‏جن ولا إنس ولا دواب ولا شجر ولا جنة ولا‎ ‎نار ولا جبال ولا بحار؛فإن كان الآن على ‏ما عليه كان فيجب أن لا يكون معه شئ من هذه‎ ‎الأعيان،وهذا مكابرة للعيان،وكفر ‏بالقرآن والإيمان‎.
الوجه الرابع:أن الله كان،ولا شئ معه،ثم كتب في الذكر كل شئ-كما جاء في‎ ‎الحديث ‏الصحيح-،فإن كان لا شئ معه فيما بعد،فما الفرق بين حال الكتابة وقبلها-وهو‎ ‎عين ‏الكتابة واللوح عند الفراعنة الملاحدة-؟!"ا.هـ‎."‎مجموع الفتاوى"2/272-278‏‎

----------------------------‎
‎(1) ‎مقالات الإسلاميين‏‎ 157.‎