منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الجهة,المكان,الحد,الحيز ,وخزعبلات أخرى هنا تفنيدها
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-09-20, 22:33   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الشبهة السادسة

الشبهة السادسة ‏‎:‎‏ لو كان الله في السماء لكان محصورا.



هؤلاء النفاة يوهمون عامة المسلمين أن مقصودهم تنزيه الله عن أن يكون محصورا في بعض المخلوقات,‏‎]‎أو ‏مفتقرا إلى مخلوق‎[‎‏ ,ويفترون الكذب على أهل الإثبات أنهم يقولون ذلك ,كقول بعضهم أنهم يقولون إن ‏الله في جوف السموات,إلى أمثال هذه الأكاذيب التي يفترونها على أهل الإثبات,فيخدعون بذلك جهال ‏الناس,فإذا وقع الاستفصال والاستفسار ,انكشفت الأسرار,وتبين الليل من النهار,وتميز أهل الإيمان ‏واليقين من أهل النفاق المدلسين,الذين لبسوا الحق بالباطل,وكتموا الحق وهم يعلمون(1)‏.

والرد على الشبهة المذكورة أن يقال ‏‎:‎
من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب-إن نقله عن غيره-وضال –‏إن اعتقده في ربه-وما سمعنا أحد يفهم هذا من اللفظ,ولا رأينا أحد نقله عن واحد,ولو سئل سائر ‏المسلمين هل تفهمون من قول الله ورسوله(إن الله في السماء))أن السماء تحتويه لبادر كل واحد منهم إلى ‏أن يقول ‏‎:‎‏ هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا.‏
وإذا كان الأمر هكذا ‏‎:‎فمن التكلف أن يُجْعَلْ ظاهر اللفظ شيء محال لا يفهمه الناس منه ,ثم يريد أن ‏يتأوله,بل عند الناس(إن الله في السماء) ((وهو على العرش))واحد,إذ السماء إنما يراد بها العلو,وكل ما ‏علا فهو سماء.يقال ‏‎:‎سما يسمو سموا ,أي ‏‎:‎علا يعلو علوا.‏
فإن قيل ‏‎:‎نزل المطر من السماء كان نزوله من السحاب.‏
وإذا قيل ‏‎:‎العرش والجنة في السماء,لا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات,بل ولا الجنة.‏
والسلف والأئمة وسائر علماء السنة إذا قالوا((الله في السماء)),فالمراد بالسماء ما فوق المخلوقات كلها ‏‏,والمعنى ‏‎:‎أن الله في العلو لا في السفل ,وهو العلي الأعلى,فله أعلى العلو,وهو ما فوق العرش,وليس هناك ‏غيره-العلي الأعلى سبحانه وتعالى-((لا يقولون أن هناك شيء يحويه أو يحصره,أو يكون محلا له أو ظرفا ‏ووعاء سبحانه وتعالى عن ذلك بل هو فوق كل شيء,وهو مستغن عن كل شيء وكل شيء مفتقر ‏إليه,وهو عال على كل شيء, وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته,وكل مخلوق مفتقر إليه ‏وهو غني عن العرش وعن كل مخلوق))(2).فأما أن يكون في جوف السموات فليس هذا قول أهل ‏الإثبات,أهل العلم والسنة,ومن قال بذلك فهو جاهل,كمن يقول ‏‎:‎‏ إن الله ينزل ويبقى العرش فوقه,أو ‏يقول ‏‎:‎إنه يحصره شيء من مخلوقاته,فهؤلاء ضلال,كما أن أهل النفي ضلال(3).‏
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ‏‎:‎‏ وليس معنى قوله‎ : ‎‏﴿‏‎ ‎وهو معكم‎ ‎‏﴾‏‎ ‎أنه مختلط بالخلق ، فإن هذا لا توجبه ‏اللغة ،‎ ‎بل القمر آية من آيات‎ ‎الله من أصغر مخلوقاته ، وهو موضوع في السماء ، وهو مع المسافر وغير المسافر ‏أينما‎ ‎كان‎ .

وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه ، مهيمن عليهم إلى غير ذلك‎ ‎من معاني ربوبيته‎ .

وكل هذا الكلام الذي ذكره الله ــ‎ ‎من أنه فوق العرش وأنه معنا‎ ‎ــ حق على حقيقته ، لا يحتاج إلى‎ ‎تحريف ، ولكن يصان ‏عن الظنون الكاذبة ، مثل أن يُظنّ أن ظاهر قوله‏‎ : ‎‏﴿‏‎ ‎في السماء‎ ‎‏﴾‏‎ ‎أن السماء تظله أو تقله ، وهذا‎ ‎باطل بإجماع أهل ‏العلم والإيمان ، فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض ، وهو‎ ‎يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، ويمسك ‏السماء أن تقع على الأرض ، إلاّ بإذنه ، ومن‎ ‎آياته أن تقوم السماء والأرض بإذنه,ومن آياته أن تقوم السماء والأرض ‏بأمره(4).‏

فمن يمسك السموات والأرض؟وبأمره تقوم السماء والأرض,وهو الذي يمسكهما أن تزولا ,أيكون محتاجا ‏إليهما مفتقرا إليهما؟.‏
وإذا كان المسلمون يكفرون من يقول ‏‎:‎‏ إن السموات تقله أو تظله,لما في ذلك إلى احتياجه إلى مخلوقاته, ‏فمن قال إنه في استوائه على العرش محتاج إلى العرش كاحتياج المحمول إلى حامله فانه‏‎ ‎كافر ‏لأن الله غنى عن العالمين حي قيوم هو الغنى المطلق وما سواه فقير إليه.فكيف بمن يقول إنه ‏مفتقر إلى السموات والأرض؟فأين حاجته في الحمل إلى العرش,من حاجة ذاته إلى ماهو دون ‏العرش(5)؟ ‏‎!‎
فكيف يُتَوَهَمْ بعد هذا أن خلقا يحصره ويحويه؟ ‏‎!‎‏ وقد قال سبحانه((وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ‏النَّخْلِ))‏‎]‎طه71‏‎[‎‏.,أي((على جذوع النخل)) (((فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ)))‏‎]‎آل عمران137‏‎[‎‏ ‏بمعنى((على الأرض)) ونحو ذلك,وهو كلام عربي حقيقة لا مجازا وهذا يعلمه من عرف حقائق ‏معاني الحروف,وأنها متواطئة في الغالب لا مشتركة(6).


يتبع......
--------------
‏(1)الفتاوى الكبرى(6/353)‏
‏(2)مجموع الفتاوى(16/100-101). ‏
‏(3)درء تعارض العقل والنقل(7/15-16).‏
‏(4)شرح العقيدة الواسطية(ص194-195).‏
‎(5) ‎‏ مجموع الفتاوى(2/187-188).‏
‏(6)الرسالة التدميرية(ص85-89) بتحقيق ‏‎:‎محمود عودة السعودي,وانظر مجموع الفتاوى(5/106).‏