جزاك الله خيرا وأنقل اليكم ماقاله العلامة الالباني
حكم الصلاة والاستغفار والترحم على الكفار والمنافقين
العلامة المحدث / محمد بن ناصر الدين الألباني
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
تحرم الصلاة والاستغفار والترحم على الكفار والمنافقين( 1 ) لقول الله تبارك وتعالى{ ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ، ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون } . [ سورة التوبة : 84 ] .
وسبب نزول الآية ماروى عبد الله بن عمر وأبوه والسياق له قال : " لما مات عبد الله بن أبي سلول دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى عليه ، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت إليه [ حتى قمت في صدره ]،[ فأخذت بثوبه ] فقلت:يارسول الله أتصلي على [ عدو الله ] ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا وكذا !؟ أعدد عليه قوله( 2) [ أليس-قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال : { استغفر الله لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم}] فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أخِّر عني يا عمر ! فلما أكثرت عليه قال : إني خيرت فاخترت . [ قد قيل لي : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم . إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) لو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها ، [ قال : إنه منافق ]( 3) قال : فصلى عليه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم( 4)[ وصلينا معه ].[ ومشى صلى الله عليه وسلم معه فقام على قبره حتى فرغ منه ] ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة:{ ولا تصل على أحد منهم مات أبدا...}إلى{ وهم فاسقون}،[ قال : ( فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله ) ، قال - : فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ] والله ورسوله أعلم . أخرجه البخاري ( 3 / 177 - 8 / 270 ) والنسائي ( 1 / 279 ) والترمذي ( 3 / 117 ، 118 ) وأحمد ( رقم 95 ) عن عمر والزيادة الأولى والثالثة والخامسة والثامنة والتاسعة لأحمد والترمذي وصححه والزيادات الأخرى للبخاري إلا السادسة فهي لمسلم " وللبخاري من حديث ابن عمر والزيادة الثانية للطبري كما في " الفتح " .
ثم أخرجه البخاري(8/286ج 270-10/218)ومسلم (7/116-8/120، 121) والنسائي(1/269) والترمذي ( 3/118،119) وابن ماجه (1/464،465)والبيهقي (3/402) ،-أحمد (4680) من حديث ابن عمر وفيه من الزيادة الثانية والسادسة .
وعن المسيب بن حزن رضي الله عنه قال: "لما حضرت أبا طالب الوفاة "جاءه رسول الله فوجد عنده أبا جهل ، وعبد الله ابن أبي أمية ، والمغيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عم إنك أعظم الناس علي حقا ، وأحسنهم عندي يدا . ولأنت أعظم علي حقا من والدي ، فـقل [ لاإله إلا الله ، كلمة أشهد لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية : يا أبا طالب . أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه [ ويعيدان ]( 5) له تلك المقالة ، حتى قال أبو طالب آخر ماكلمهم : هو على ملة عبد المطلب وأبي أن يقول:لا إله إلا الله [ قال : لولا أن تعيرني قريش - يقولون : إن ما حمله على ذلك الجزع - لأقررت بها عينك ! ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ( فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون ، فأنزل الله عز وجل : { ماكان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } ، وأنزل الله في أبي طالب " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ، وهو أعلم بالمهتدين } !! أخرجه البخاري (3/173-7/154- 8/274، 410 ، 411 ) ومسلم والنسائي ( 1/ 286) وأحمد ( 5/ 433) وابن جرير في تفسيره ( 11/ 27) والسياق له وكذا مسلم ، والزيادة الثانية له في بعض الأصول كما ذكره الحافظ عن القرطبي ويشهد لها رواية البخاري وغيره بمعناها .
ووردت القصة من حديث أبي هريرة باختصار عند مسلم والترمذي ( 4 / 159 ) وحسنه ، وعندهما الزيادة الثالثة ، والحاكم ( 2 / 335 و 336 ) وصححه ووافقه الذي ، وله الزيادة الأولى ، وهي عند ابن جرير أيضا من حديث سعيد بن المسيب مرسلا ، ولكنه في حكم الموصول . لأنه هو الذي روى الحديث عن المسيب ابن حزن وهو والده .
ووردت أيضا من حديث جابر .
أخرجه الحاكم أيضا وصححه ووافقه الذهبي .وفيه الزيادة الرابعة وهي عند ابن جرير مرسلا عن مجاهد وعن عمرو بن دينار.
وعن علي رضي الله عنه قال :
" سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان ، فقلت :تستغفر لأبوبك وهما مشركان !؟ فقال: [ أليس قد استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك ؟ قال : فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم !؟ فنزلت: { ماكان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم، وما كان استغفار إبراهيم( 6) لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " إن إبراهيم لأواه حليم } أخرجه النسائي (11/28) والترمذي (4/120) وحسنه ابن جرير (11/28)، والحاكم (2/335)وأحمد (771،1085) والسياق له وإسناده حسن " وقال الحاكم "صحيح الإسناد" .ووافقه الذهبي(7).
قال النووي رحمه الله تعالى في " المجموع " (5/144،258) :
"الصلاة على الكافر،والدعاء له بالمغفرة حرام،بنص القرآن والإجماع"(8 ).
-هم الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام ، وإنما يتبين كفرهم . بما يترشح من كلامهم من الغمز في بعض أحكام الشريعة واستهجانها ، وزعمهم أنها مخالفة للعقل والذوق ! وقد أشار إلى هذه الحقيقة ربنا تبارك في قوله : ( أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم . ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول ، والله يعلم أعمالكم ) ، وأمثال هؤلاء المنافقين كثير في عصرنا الحاضر ، والله المستعان .
2-يشير بذلك إلى مثل قوله : ( ولا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ) وقوله ( ليخرجن الأعز منها الأذل ) .
3-قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " (8/ 270 ) : " إنما جزم عمر أنه منافق جريا على ما يطلع من أحواله ، وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : وصلي بقوله : وصلي عليه إجراء له علي ظاهر حكم الإسلام ،واصتصحابا لظاهر الحكم ، ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته ومصلحة الاستئلاف لقومه ودفع المفسدة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول الأمر يصبر على أذى المشركين ويعفو ويصفح ، ثم أمر بقتال لمشركين ، فاستمر صفحه وعفوه عمن يظهر الاسلام ولو كان باطنه على خلاف ذلك لمصلحة الاستئلاف وعدم التنفير عنه ، ولذلك قال : " لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " ، فلما حصل الفتح ، ودخل المشركون في الاسلام،وقل أهل الكفر وذلوا،أمر بمجاهرة المنافقين وحملهم على حكم مر الحق ، ولاسيما وقد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين وغير ذلك مما أمر فيه . بمجاهرتهم وبهذا التقرير يندفع الإشكال عما وقع في هذه القصة بحمد الله تعالى " .
4-قلت :وإنما .صلى عليه بمدما أدخل في حفرته وأخرج منها بأمره صلى الله عليه وسلم ، وألبسه قميصه كما سيأتي في المسألة (94 ).
5-أي أبو جهل وابن أبى أمية
6- قلت : وهذا الاستغفار إنما هو ما حكاه الله تعالى في أواخر سورة إبراهيم عنه : ( ربما أغفر ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ) ، وقد ذكر المفسرون أن هذا الدعاء منه بعد وفاة أبيه وبعد هجرته إلى مكة كي يشهد بذلك سياق الآيات التي وردت في آخرها الآية المذكورة ، وعلى ذلك فيبني أن يكون التبيين المذكور في آية الاستغفار إنما كان بعد وفاة أبيه أيضا وكان ذلك بإعلام الله تعالى إياه وقد . أخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح كما قال السيوطي في " الفتاوى " ( 2 / 419 ) عن ابن عباس قال : ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات فلما مات تبين له أنه عدو الله فلم يستغفر له " .
7- في هذا الحديث أن سبب نزول الآية غير السبب المذكور في الحديث الذي قبله ، ولا تعارض بينهما لجواز تعدد سبب النزول كما وقع ذلك في غير آية ، وقد أيد هذا الحافظ في " الفتح " ( 8 / 412 ) .
8-قلت : ومن ذلك تعلم خطأ بعض المسلمين اليوم من الترحم والترضي على بعض الكفار ويكثر ذلك من بعض أصحاب الجرائد والمجلات ، ولقد سمعت أحد رؤساء العرب المعروفين بالتدين يترحم على ( ستالين ) الشيوعي الذي هو ومذهبه من أشد وألد الأعداء على الدين ! وذك في كلمة ألقاها الرئيس المشار إليه بمناسبة وفاة المذكور ، أذيعت بالراديو ! ولا عجب من هذا، فقد يخفى على مثل هذا الحكم ، ولكن العجب من بعض الدعاة الإسلاميين في مثل ذلك حيث قال في رسالة له : " رحم الله برنارد شو . . . " . وأخبرني بعض الثقات عن أحد المشايخ أنه كان يصلي على من مات من الإسماعيلية مع اعتقاده أنهم غير مسلمين . لأنهم لا يرون الصلاة ولا الحج ويبدون البشر ! ومع ذلك يصلي عليم نفاقا ومداهنة لهم . فإلى الله المشتكي وهو المستعان
</b>