وفيمايتخطى الأثر الأول على أسعار المواد الغذائية، يؤثر تحرير التجارة علىالفقراء من خلال إنشاء وفقدان فرص العمل والأجور. فقد أسفر إصلاح التجارةالواسع في فييتنام في أوائل تسعينيات القرن العشرين عن استجابة كبيرة فيجانب العرض وعن زيادة مستوى معيشة المزارعين الفقراء. وفي بنغلاديش، نجدأن الأسرة الفقيرة العادية التي لا تملك أراضٍ تخسر نتيجة ازدياد أسعارالأرز في الأمد القصير، ولكن يمكن أن تكسب في الأمد الطويل نتيجة ارتفاعالأجور مع مرور الزمن. ويتّضح من تحليل الدخل في فييتنام وبنغلاديشوأوغندا أن آثار أسواق العمل من العوامل الهامة المؤثرة على عمليات إصلاحالتجارة في مستوى المعيشة. ولكن تلك الآثار خاصة بكل بلد بحد ذاته.
لاعتباراتالاقتصاد السياسي أهمّيتها. نظراً لأنه سيكون هنالك رابحون وخاسرون، عادةما تكون الإصلاحات حساسة من الوجهة السياسية مع وجود مصالح مكتسبة قوية،لذلك سيكون من الصعب تحقيقها غالباً، علماً بأن العضوية في منظمة التجارةالعالمية يمكن أن تشجع الإصلاحات. كما يمكن لوسائل الإعلام المحلية شرحالتكاليف التي تترتب على دافعي الضرائب وعدم المساواة في المكاسب. وفي بعضالحالات، يمكن أن تكون الحلول الوسط وخطط التعويضات التي يتم التفاوضعليها مع الجهات الخاسرة فعالة – مثلما حدث في إصلاحات المكسيك فيتسعينيات القرن العشرين الخاصة بالمواد الغذائية الأساسية. كما يمكن لربطالإصلاحات الزراعية المحلّية بمجموعة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية علىصعيد البلد المعني أن يزيد احتمالات النجاح، وهو ما حدث في عدد من البلدانالنامية في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين. ولكن هذه الإصلاحات تظلغير كاملة بالنسبة لقطاع الزراعة.
ونظراً للحساسية المتعلقة بسياسةالإصلاحات وخصوصية نتائجها في مختلف البلدان، فإنه من المرغوب به زيادةمرونة قواعد وأسس التجارة في البلد المعني إذا تم القيام بذلك عن طريقتحرير الأسواق. ومن الضروري اعتماد برامج مصممة حسب أوضاع البلد المعنيلتسهيل الانتقال إلى الواقع الجديد للأسواق، ولاسيما بالنسبة للمزارعينأصحاب الحيازات الصغيرة والفئات الأخرى المُعرّضة للمعاناة.
الإصلاحات الفعالة تتطلّب سياسات وبرامج تكميلية
منالضروري اعتماد سياسات وبرامج تكميلية (دفع المعونات مقابل تحرير التجارة)بغية تعويض الخاسرين (برامج التحويلات) وتسهيل تكيّف أصحاب الحيازاتالصغيرة على نحو سريع ومنصف مع الميزات النسبية الناشئة (الاستثمارات فيسلع النفع العام وإصلاحات المؤسسات). ومن بين التحديات أيضاً ضمان التوازنالكافي بين المدفوعات التحويلية الهادفة لتسهيل التحوّل والاستثمار في سلعالنفع العام الرئيسية بهدف حفز النمو الزراعي وتقليص الفقر في الأمدالطويل. علماً بأن مخاطر الوقوع في شرك الحماية والإعانات المالية عندهيمنة التركيز على المساندة الانتقالية على حساب النمو الطويل الأمد هيمخاطر عالية.
البرامج الانتقالية. غالباً ما يكون من الضروري لنجاحعمليات الإصلاح اعتماد برامج انتقالية لمساعدة المزارعين على التكيّف معإشارات السوق الجديدة وتعويض الخاسرين. ويجب أن تُدرك تلك البرامج وتراعيعدم تجانس الفئات والمجموعات التي تتأثّر سلباً، كما يترتب عليها فحصالخصائص الديموغرافية والجغرافية المُميّزة لتلك الفئات والمجموعات،وتحليل حجم الخسائر والمكاسب المحتملة. ويمكن أن تشمل المساندة الانتقاليةما يلي:
• مُنح تستهدف تسهيل تحوّلات الإنتاج. من بين الأمثلة علىذلك البرنامج التركي لتخفيض الإعانات المالية لقطاع الزراعة. فبموجبه تمدفع مُنح بنسبة الهكتار الواحد للمزارعين لتسهيل خروجهم من إنتاج التبغوالبندق وتحوّلهم إلى إنتاج بدائل أكثر كفاءة كالذرة وفول الصويا وعبادالشمس والخضروات. وتم تقديم المساندة التكميلية بغية تحسين كفاءة قنواتالتسويق التعاوني.
• التحويلات النقدية وشبكات الأمان الاجتماعي.يترتب على الحكومة المعنيّة تقديم مدفوعات نقدية وإتاحة شبكات الأمانالاجتماعي من أجل مساعدة الفقراء المُدقعين ومساندة أوجه التكيّف والتأقلماللازمة، وهو ما قامت به المكسيك في إطار برنامج PROCAMPO.
كمايمكن أن تؤدي مشاكل شفافية إدارة الحكم إلى الحدّ من قدرات البلد المعنيعلى تنفيذ برامج انتقالية، وينبغي أيضاً معالجة ذلك الوضع.
الاستثماراتالعامة من أجل التنمية طويلة الأمد. قد لا تكون التحويلات والمنح النقديةكافية لإحداث استجابة طويلة الأمد في جانب العرض معتمدة على البنيةالأساسية في المناطق الريفية (شبكات الري، والطرق، وخدمات النقل،والكهرباء، والاتصالات السلكية واللاسلكية)، وأيضاً على الأسواق والتمويلالريفي والبحوث. وتعتبر الاستثمارات التكميلية في سلع وخدمات النفع العامتلك ضرورية بغية الاستفادة من إصلاحات التجارة والاستجابة للحوافزالمُحسّنة. ومن الضروري في العديد من البلدان – ولاسيما في منطقة شبهالصحراء الأفريقية – القيام باستثمارات كبيرة وخصوصاً في البنية التحتيةللأسواق، وتنمية المؤسسات، والبحوث الزراعية والإرشاد الزراعي، وإدارةشؤون الموارد الطبيعية.
التحوّل إلى أشكال بديلة من الضرائب. يمكنأن يحدث تخفيض حماية الواردات والضرائب على صادرات السلع الزراعية إلىنشوء أزمة مالية بالنسبة للبلدان ذات الاقتصاد المعتمد على الزراعة، فهيتعتمد على تلك الإيرادات من أجل الاستثمار العام. وفي شبه الصحراءالأفريقية، تشكّل الضرائب على التجارة العابرة للحدود حوالي ربع الإيراداتالحكومية. وفي بلدان آسيا النامية، تشكل تلك الضرائب حوالي 15% منالإيرادات الحكومية. ومازالت الزراعة هي القطاع المهيمن في معظم بلدان شبهالصحراء الأفريقية، ولذلك ينبغي أن تسهم في الإيرادات لحكومات تلك البلدانولأجهزة الإدارة الحكومية المحلية أيضاً. وهنالك أربعة مبادئ رئيسية يمكنأن تُرشد الضرائب على الزراعة والتي يجب أن: (أ) تكون غير تمييزية فيمابين القطاعات، (ب) تُقلل من التلاعب في أسعار السوق، (ج) تراعي فعاليتهافي تحقيق الإيرادات للمالية العامة، (د) ممكنة التنفيذ.
تُبيّنالشواهد حديثة العهد صورة متباينة في التحوّل إلى مصادر بديلة من مصادرالإيرادات، علماً بأن جهود توسيع واردات الضرائب من خلال تخفيض الإعفاءاتوتبسيط هيكل الأسعار وتحسين عملية إدارة شؤون الإيرادات قد تساعد في تحقيقالإيرادات اللازمة، كما يمكن لفرض ضريبة على الاستهلاك وضرائب القيمةالمضافة أن يساعد في ذلك الأمر أيضاً.
تماقتطاف موجز السياسات هذا من تقرير عن التنمية في العالم 2008، الزراعة منأجل التنمية الصادر عن البنك الدولي. ويتضمّن ذلك التقرير المزيد منالمعلومات وتفاصيل عن المصادر. وهو يستخدم تصنيفاً بسيطاً لأنواع البلدانمستنداً إلى نسبة مساهمة الزراعة في إجمالي النمو في الفترة 1990-2005ونسبة الفقراء في المناطق الريفية إلى إجمالي عدد الفقراء (عند مستوىدولارين أمريكيين في اليوم بأسعار الدولار في عام 2002). ففي البلدان ذاتالاقتصاد المعتمد على الزراعة (معظمها في شبه الصحراء الأفريقية)، تسهمالزراعةبنسبةكبيرة(>20%) من إجمالي النمو. وفي البلدان السائرة علىطريق التحوّل (معظمها في آسيا)، تهيمن القطاعات غير الزراعية على النموولكن الغالبية الكبرى من الفقراء تعيش في المناطق الريفية. وفي البلدانذات الاقتصاد المعتمد على المناطق الحضرية (معظمها في أمريكا اللاتينيةوأوروبا وآسيا الوسطى)، يعيش أكبر عدد من الفقراء في المناطق الحضرية علىالرغم من أن أعلى معدلات الفقر تكون في المناطق الريفية.
https://go.worldbank.org/FKH3YEEKY0
رابط الموضوع