ويقول المؤرخ جورج ملر في كتابه( فلسفة التاريخ ) أن مدارس العرب في اسبانيا كانت مصادر العلوم ويتلقون فيها العلوم الطبيعية والرياضية وما وراء الطبيعة وممن ورد تلك المناهل الراهب الفرنسي (جوبرت) فانه بعد أن ثقف علوم اللاهوت في أوروبا من مسقط رأسه جاب (البيرانس) والوادي الكبير , حتى ورد اشبيلية فدرس فيها وفي قرطبة الرياضيات والفلك ثلاث سنين ثم ارتد إلى قومه ينشر فيهم نور الشرق وثقافة العرب , فرموه بالسحر والكفر ولكنه ارتقى إلى سدة البابوية سنة 999 باسم سلفستر الثاني وقد أوصى الراهب ( روجر بكون ) الانكليزي في كتبه بني جنسه بتعلم اللغة العربية وقال أن الله زيوتي الحكمة من يشاء ولم يشأ أن يؤتيها اللاتينيين وإنما أتاها الإغريق والعرب . *3
أثر حركة الإصلاح الديني على اوربا
تمثلت في ظهور تيار قوي معارض لأفكار رجال الكنيسة الكاثوليكية برئاسة البابا في روما. وأدت إلى إنقسام أوروبا إلى (العــــالم البروتســـــتاني) أي الاحتــــجاجي الذي يعــــارض سلـــــطة البابا، و (العالم الكاثوليكي) المؤيد لسلطة البابا.
وتزعم حركة الإصلاح الديني مارتن لوثر (1546-1483) وكانت حركته احتجاجا صارخا على الممارسات غير المشروعة التي يقوم بها رجال الدين ورغبتهم بالتحكم في عقل الفرد وفي تسيير الأمور الدنيوية والدينية. ودعا إلى إصلاح جميع جوانب الحياة في المجتمع بشكل عام، وطالب بحرية العقل في البحث، وإصلاح المجتمع عن طريق اصلاح الفرد، أكد لوثر أن الازدهار والتقدم في المجتمع لا يأتي عن طريق الثروة وحدها ولا عن طريق كثرة المباني، ولكن عن طريق التربية السليمة للأفراد التي تخلق مواطنين مثقفين شرفاء. وعندما أصدر البابا قراره بحرمان مارتن لوثر من حقوقه وأمر بمحاكمته أمام محاكم التفتيش القاسية، رفض أن يذعن وأحرق القرار علانية أمام الناس في ساحة قلعة (ويتبرج) بألمانيا تحت حماية اميرها، وترجم الإنجيل إلى الألمانية، وما لبثت تعاليمه أن عمت ألمانيا ثم انتشرت في شمال أوروبا وما زالت الكنيسة البروتستاتينية قائمة إلى الآن، وكان لها تأثيرها على تغير سلوك الناس وانتشار حرية الفرد وتغلب الفكر الواقعي العلمي على التفكير اللاهوتي الذي كانت تفرضه الكنيسة.
طريقة التفكير الجديدة
بدأ انطلاق الثورة المعرفية والعلمية في الغرب حينما وضع فرنسيس بيكون (1626-1561) كتابه المسمى ''الطريقة الجديدة'' الذي وضع فيه طريقة جديدة للتفكير والبحث عن المعرفة مغايرة للطريقة القديمة التي كانت تقوم على '' الاستنتاج'' فقط. أما الطريقة العلمية التي اعتمدها بيكون وهي ما أصبحت تعرف بالمنهج العلمي في البحث والتفكير فتقوم على دراسة الطبيعة وملاحظة الظواهر وإجراء التجارب عليها ثم استخلاص القانون العام الذي تخضع له. وقد قسم بيكون وسائل المعرفة إلى النقل والاستدلال والتجربة. ورأى أن النقل والاستدلال لا يؤديان إلى معرفةٍ حقَّه ما لم تثبت التجربة صحة ما يأتيان به. والتجربة هي التي تؤدي إلى علوم جديدة مستقلة. وحينما شاعت هذه المنهجية في التفكير وظهرت العلوم التجريبية القائمة على التجارب، أدى ذلك إلى اشتعال الثورة العلمية والمعرفة التي ترجــمت إلى عصر الثورة الصناعية ثم انتـــقلت في العقــــود الأخيرة إلى عصر التقنيات الحديثة.
وبفعل الثورة العلمية والصناعية والتقنية انتقل الغرب من حالة إلى حالة ومن عالم القرون الوسطى بأنماط حياتها وأساليب تفكيرها المتخلفة إلى العصر الحديث واكتسب الإنسان الغربي سمات جديدة وسلوكيات جديدة مرتبطة بأسلوب التفكير العلمي الذي اكتسبه ومتطلبات عصر الثورة الصناعية.
مقومات المجتمعات الغربية
وأصبحت المجتمعات الغربية تقوم على:
- نظام تربوي متطور يربي العقول العلمية والابتداعية ويلبي حاجة المجتمع من الفنيين
والمهندسين والأطباء والعلماء والإداريين ... الخ.
- إقامة المختبرات والمعاهد والمراكز لعمليات التطوير وإجراء البحوث والدراسات اللازمة
للنمو والتقدم.
- الجماعات العلمية والوطنية التي تحرك الإبداع.
- إشاعة المعايير النوعية الرفيعة في البحث العلمي والتكنولوجي.
- تطبيق التشريعات التي تقتضيها التغيرات التي تحـــدث للفرد والمجتمع كنتيجة لتطبيق
الاكتشافات والاختراعات العلمية.
- رصد الموارد الإنسانية والمالية للبحث والإنماء التجريبي وللفعاليات الإنمائية المتصلة بها.
- تأمين شبكات وطنية للخدمات العامة العلمية والتقنية.
في ضوء إقامة مثل هذه المؤسسات والمجتمعات ظهر التحول في الإنسان الغربي وتخلص
من سلبيات القرون القديمة واتجه إلى:
التحول من النظر فيما وراء الطبيعة إلى النظر في الطبيعة نفسها.
- الانطلاق من مسلمات وقضايا غير مجرّبة إلى عدم قبول الأفكار دون تجريب.
أسلوب تفكير الإنسان الغربي:
أصبح الإنسان الغربي يفكر نتيجة لهذه التحولات التي طرأت على تفكيره على النحو التالي:
- لا يقبل أي حقيقة دون أن يتحقق منها ويمتلك الشواهد العلمية على إثباتها.
- يرفض التفكير في ما لا يفيد من الأفكار والأشياء.
- لا يتهور في إعطاء الرأي، ولا يدعي أن رأيه هو أصح الآراء وأن أراء الآخرين غير صحيحة.
- لا يبالي إذا عارضه الآخرون في الرأي ولا يتأذى من ذلك.
- يقسم الصعوبات التي تعترضه ويحللها إلى عدة أجزاء يحلها جزاء جزءا.
- ينطلق من الشك إلى اليقين.
- لا يميل إلى الدخول في مناقشات ومحاورات حول الأشياء الغيبية.
- يغيّر رأيه في ضوء المستجدات أو البيانات الجديدة.
وبالطبع لا نسعى إلى تجميل صورة الإنسان الغربي. ولكن الهدف هو إظهار التغير الذي طرأ عليه في العصر الحديث والمفارقة بين أساليبنا وأساليبهم في التفكير ويعتقد كثير من الباحثين أن (بيكون) مؤسس طريقة التفكير العلمي الجديد متأثر بآراء العلامة العربي المسلم (ابن رشد) الذي ظهر في المغرب العربي ومنه اقتبس هذه الطريقة.
وما يمكن قوله في هذا المقام إن تاريخ الحضارة الإنسانية يشبه الجدار وكل أمة تظهر على مسرح التاريخ تضيف لبنات جديدة إلى هذا المعمار، فإذا كانت الحضارة الغربية الحديثة قد ابتدأت من حيث انتهت الحضارة العربية الإسلامية، فإن دورنا الآن العمل على اللحاق بركب الحضارة الإنسانية والإسهام بها*13.
الثقافة العربية
الثقافة
الثقافة عموما هي الرؤى والمتمثلات والمعتقدات المسلكيات والمنظومات القيمة وأساليب العيش التي تسود في مجتمع بعينه ويرتضيها جميع أفرادها ومكوناته كمرجعية تضبط علاقتهم يبعضهم وبمحيطهم وتتحدد في إطارها نظرتهم إلى ذاتيتهم وتقييمهم لهويتهم ، وتشمل الثقافة كلما يقام به داخل ذلك المجتمع من أنشطة ذهنية وفنية وروحية وإنجازات وممارسات ذات قيمة جمالية تستهدف المتعة والتسلية والإعلام والتعليم .
ومن هذا المنطلق فإنه يمكن القول أن الإطار المرجعي الذي تحيل إليه الثقافة الذي تحيل إلي الثقافة العربية منذ ظهور الإسلام إلى اليوم يرتكز على ثلاثة أبعاد. بعد لغوي وبعد قيمي وبعد روحي.
البعد اللغوي :
إن المادة التي استخلصت منها مضامين الثقافة العربية والإسلامية واستنبطت منها الإيحاءات المتصلة بتلك المضامين والوعاء الذي أفرغت فيه لقولبتها وتحديد ملامحها هي لهجة قريش المتفرعة من اللهجة المصرية التي كانت تخلو إلى حد كبير من الشوائب الدخيلة .
البعد ألقيمي :
كانت تسود في المجتمعات العربية الجاهلية ، كما هو معلوم، مسلكيات ومنظومة قيمة أقر الإسلام بعضها وزكاها فشكلت المرجعية القاعدية لسلم المعايير الأخلاقية المثل السامية كالكرم والنبل والصدق والأمانة والإقدام والتواضع...
البعد الروحي:
وقد تمثل هذا البعد في تعاليم القرآن الكريم وإرشادات السنة الشريفة الذين شكلا موضوعان للدرس والاستقراء ومادة للتعلم والاستيعاب . ومع توالي نزول الآيات القرآنية المثيرة للتفكير ومع تراكم الأحاديث النبوية وتعمق الشعور بضرورة استكناهها قصد امتثال التعاليم الدينية والتقيد بالقواعد الشرعية ، قامت الحاجة إلى إتقان اللغة العربية والتمكن من قواعدها النحوية والصرفية وضبط مخارج حروفها ومراعاة سلامة نطقها . فشكلت هذه الخطوات اللبنات الأولى من سرح الثقافة العربية الإسلامية الذي ازداد شموخا واتساعا مع تعاقب الأحقاب ..
1-ماضي الثقافة العربية : (مرحلة الاستيعاب والعطاء ومرحلة الركود والخواء).
أـ مرحلة الاستيعاب والعطاء
إن المجتمع العربي الجاهلي الذي كان منذ القدم يعيش في الجزيرة العربية على تقاليد ومثل وقيم تضبط مسلكياته وتنظم علاقات مكوناته مع بعضها كما كان له تراث فكري شفهي ومكتوب يتمثل في الشعر والخطابة وكانت أغراضه تنحصر في المدح والهجاء والرثاء والتشبيب وإظهار الفصاحة والبلاغة.
وقد أبقى الإسلام كما ذكرنا على بعض القيم العربية القديمة وأعاد امتلاك التراث الجاهلي بعد تنقيته مما لا يتماشى والتعاليم الإسلامية.
وبالإضافة إلى الموروث الجاهلي القديم ، قامت معارف جديدة كونت جوانب هامة من الثقافة العربية الإسلامية الناشئة ، وتمثلت هذه الجوانب في تدوين القرآن وتوثيق الحديث وبلورة الدراسات اللغوية وتطوير أساليب الخط وتفعيل أنواع الكتابة. وأدى ظهور النشاطات الثقافية المرتبطة بقيام الدين الجديد، إلى بلورة مواضيع لم تكن معروفة، وإلى تأسيس معارف لم تكن مألوفة . فظهر خلال الفترة الممتدة بين صدر الإسلام وقيام الدولة الأموية في الشام، نظرا لما ميز تلك الفترة من فتوحات ، واتساع رقعة دار الإسلام واختلاف العرب بغيرهم من الأجناس الأخرى، ظهر لون معرفي جديد، يعني خصيصا بعلوم اللغة تجسد في وضع كتب تتصل بهذا الموضوع نذكر مها : "المثلث" لقطرب و"الكامل" للمبرد والكتاب" لسيبويه.
كما نما فن الخطابة واكتسى صبغة سياسية أكثر من ذي قبل. وقد اشتهر في هذا الميدان كل من الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وزياد ابن أبيه والحجاج ابن يوسف الثقفي ، ومع اتساع أرجاء الدولة الأموية وانتشار نفوذها السياسي ونمو مؤسساتها الإدارية ظهرت الحاجة إلى مزيد من الضغط والتدوين وكان من أول رواده عبد الحميد الكاتب.
وعلى الصعيد الأدبي نشأ إلى جانب الشعر لون أدبي جديد هو السرد القصصي . وكان أول من أبدع هذا الفن هو عبد الله بن المقفع .
وفي المجال الدين قاد تدوين القرآن الكريم في المصاحف وحفظه وتدارسه وكذا إحصاء الأحاديث النبوية الشريفة والحرص على إسنادها الصحيح إلى ظهور مواضيع معرفية غير معهودة هي الأخرى ألا وهي التفسير والفقه والأصول والسيرة وما يتصل بذلك من علوم اللغة كالنحو البلاغة والمنطق والبيان . فاشتهر ما بين القرن الثامن والتاسع الميلاديين أئمة أعلام قاموا بتأسيس المذاهب الفقهية المشهورة. وهم على التوالي :
الإمام أبو حنيفة والإمام مالك(في القرن الثامن ) والإمام الشافعي والإمام ابن حنبل( في القرن السابع الميلادي).
وعند ما بلغت الأنبراطورية العباسية أوجها في عهد الخلفاء هارون الرشيد والمأمون والمعتصم،4*
حتى أن هارون الرشيد كان يقبل الجزية كتبا كما اثر المأمون انه دفع وزن مترجم ذهبا 5*
كان العرب قد بسطوا نفوذهم على فارس وإفريقيا الشمالية وبيزنطة وجنوب القارة الأوربية . وامتد سلطانهم إلى الهند والصين وغيرهما فسيطروا على البحار وعلى العديد من المضايق والجزر والطرق التجارية العالمية.
فصاحب هذه الفتوحات العسكرية والهيمنة السياسية نشاط فكري عظيم وشامل وواكبتها إنجازات حضارية رائعة ومتعددة الأبعاد. فعلى الصعيد الفكري تنوعت المعارف واتسعت مجالاتها وكبرت العناية بالعلم والعلماء وكان الخلفاء يشرفون بأنفسهم على تكثيف النشاطات العلمية ودفعها، وبذل الغالي والنفيس من أجل النهوض بمستواها وتكثيفها.
فانكب الدارسون والباحثون والعلماء على دراسة واستقراء وترجمة التراث اليوناني والعبري والسرياني والكلداني6*
وتبحروا في شتى العلوم والمعارف والفنون ولم يحدو في الدين الإسلامي معوقا يحول دون بحثهم فيها على عكس أوربا في العصر الوسيط التي كانت تحرم من خلال رجال الكنيسة الاشتغال بالعلم وتحكم على العلماء وعلى كتبهم بالحرق والموت كما فعلت مع كوبرنيق وجاليليو 7 *...فاستوعب العرب الفلسفة اليونانية وهضموا علوم الطب والهندسة والرياضيات والتنجيم والكيميا والفيزيا والجغرافيا وعلم النباتات والبيطرة وغير ذلك. فنقلوا هذه المعارف إلى اللغة العربية وجعلوها منطقا للتجديد والإبداع والاكتشاف والابتكار.
فبرز علماء مرموقون في الرياضيات مثل محمد ابن موسى الخوارزمي وفي الكيميا مثل ابن حيان وفي العلوم مثل البيروني . كما ازدهر الأدب نثرا وشعرا فكان هناك شعراء أمثال أبي تمام والبحتري والمتنبي وكتاب متميزون أمثال أبي عثمان الجاحظ وابن قتيبة على سبيل المثال لا الحصر . وتم تداول الفلسفة والمنطق وعلم الكلام على نطاق واسع . فوجد العديد من الفلاسفة نذكر منهم الكندي وأبى نصر الفارابي وابن سيان8*
ففي الوقت الذي كانت أوربا تمنع دراسة الفكر والفلسفة اليونانية أو حتى الاطلاع عليها قام ابن سيناء في القرن العاشر {980-1037}يعلم فلسفه اليونان ويناقشها ولم تهتم أوربا بكتبات أرسطو وفلاسفة اليونان إلا بعد أن أمر الامبرطور فريدريك الثاني بترجمة تعليقات ابن رشد على كتابات أرسطو وبعد أن طلب ريمون أسقف طليطله من عالم يهودي أن يترجم مولفات العرب الفلسفية وذالك في أواخر القرن الثاني عشر وكانت البداية للاهتمام بمنطق أرسطو وفلسفة ابن رشد في جامعات أوربا المسيحية9*
، واتسعت المعارف لتشمل التاريخ والجغرافيا والتنجيم...
وازدهرت صناعة الورق ونشطت حركة الاستنساخ فتعددت المكتبات ودور الحكمة كما تم إتقان فنون الاستتباب والجراحة في مارستانات مجهزة ووظيفية. وتطورت الفنون المعمارية والهندسة المدنية على نحو غير مسبوق . فشيدت القصور والقلاع والحصون والجسور.
ولم يقتصر ازدهار الثقافة العربية بكل أبعادها على الشرق وحسب بل عرفت إشراقه باهرة كذلك في الأندلس خلال الخلافة الأموية التي دامت من القرن الثامن الميلادي إلى أوساط القرن الحادي عشر.
خلال هذه الحقبة الزمنية عرفت الحضارة العربية طفرة رائعة ورقيا باهرين شمل المعارف والفنون والآداب والفلسفة والعلوم والطب وأساليب الحياة المتألقة.
فعلى الصعيد المعماري كانت كبريات حواضر الأندلس العربية تزخر بالقصور الزاهية والمساجد الرائعة والحدائق ألغنا، والجسور المحكمة. وكانت شوارعها مبلطة ومتوفرة على شبكات صرف متقنة الصنع وعلى مصابيح إنارة عمومية لألاءة.
وعلى الصعيد الفكري كانت الأندلس محجة للعلماء والأدباء والفلاسفة ، وقبلة للدارسين والباحثين والعلماء والوافدين من الشرق والشمال الإفريقي ومن مختلف أصقاع أوروبا.
وقد اشتهر بالأندلس شعراء كبار أمثال: ابن هاني وابن زيدون وابن خفاجة والمعتمد بن عباد. وظهرت بها فلاسفة ومتكلمون ومناطقه عظماء أمثال : ابن حزم وابن باحة إضافة إلى أطباء متبحرين ومهرة أمثال ؟؟؟النفيس وابن رشد . كما أعطت جغرافيين حاذقين ورحالة كبارا جابوا آفاق الدنيا أمثال : أبو عبيد البكري والحسن الوزان المشهور بلقب ليونلافريكان
وغيرهم .
فكانت الأندلس بحق منارة علم عمت أضواؤها كل البلدان المجاورة لها مما جعل الدارسين يولون وجوههم شطر جامعات غرناطة واشبيلية وقرطبة وطليطلة لينهلوا من معينها . وكانت جامعة طليطلة تضم مركزا إسلاميا متميزا للترجمة، كان على مدار السنة مكتظا بالطلاب العرب والأسبان والإيطاليين والفرنسيين والانكليز الذيالعلمي.يدرسون الآداب والعلوم والطب والرياضيات والهندسة بالغة العربية على أيدي أساتذة عرب.
وكانوا يترجمون كل هذه المعارف إلى اللغة اللاتينية ثم إلى اللهجات الأوروبية المحلية، بيد أن اللغة العربية ظلت هي لغة العلوم والفنون والبحث العلمي . ولقد تمكن الطلاب من الأوروبيون من خلال دراستهم بجامعتي قرطبة وطليطلة وغيرهما من الجامعات الأخرى، من الإطلاع على التراث اليوناني واللاتيني والعبري والسرياني إلى جانب التراث الإسلامي العربي بمختلف أصنافه. وكان العديد منهم يحتفظ بعد تخرجه منها بعلاقات حميمة مع الجامعة التي درس بها بل قام بعضهم بإنشاء مدارس لتلقين العلوم بالعربية فيوطنه بعد أن عاد إليه.
وهكذا فقد أنشأت أكبر مدرسة للعربية خارج الأندلس بمدينة روما وقد أنجزت هذه المدرسة أول طبعة باللغة العربية لكتاب "القانون"لإبن سينا.
كما قام البابا سلفستر الثاني الذي درس بجامعة طليطلة لفترة طويلة بإنشاء مدرسة للعربية بباريس بعد أن طرد من البابوية بتهمة اعتناقه للإسلام سرا. وقد ذكرت بعض التفاصيل الأخرى في بداية هذا البحث واستطرادها بهذه المعلومات الأخرى
وكان أول من وضع قاموسا للغة الانكليزية هو وليام بادويل وهو أيضا من خريجي الجامعات الأندلسية. كما أن الكاتب الإنكليزي المعروف Geoffry Chaucer الذي يعتبر أبا اللغة الإنكليزية قد أمضى عدة سنين يتابع دراسته بالجامعات الأندلسية .
فلا غرابة والحالة هذه أن تضم اللغة الانكليزية آلاف الكلمات ذات الأصول العربية .