منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فيضان في باب الواد
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-03-20, 15:04   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
sollo44
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sollo44
 

 

 
إحصائية العضو










New1 فيضان في باب الواد

و أرخى الليل ستور ظلامه، مبطنة بأنواع الهموم و البلايا ، فإذا هو ليل مكروب طويل الأواخر،رازح الأوئل عنيد لا يتقهقر. فصاحت من قلب الظلام فتاة مذعورة:- أمي...... أبي ............ لقد انقطع التيار الكهربائي !!و لكن الجميع كانوا في هلع و السماء كانت تحيط بهم من كل جانب، أحاطتهم بسحاب متين،و ظلمة تنذر بالنهاية و لا شيء بدى مستقرا عدى الأرض و الجبال ، و جرى الزوجان المذعوران إلى ابنتهما الوحيدة، و كانت في بركة من الماء غارقة فهبا إليها كل منهما يحمي جانبا. حتى الجن الأزرق لا يستطيع مقاومة سيل عنيف كالذي يسري و قالت الأم حائرة :- تشبثي عند الحائط يا ابنتي و تذكري دميتك البنية !!فبكت الفتاة حتى بدد بكاؤها سيل الماء المنهمر و قال الوالد في عطف لهوف :- ابنتي ...................و قبل أن ينقطع التيار تعالت من التلفاز أخبار المطر،و النشرة الجوية كانت شاحبة في غير عادة،و لكن السمر في المقاهي لم يتوقف في تلك الليلة جهلا بالذي سيحدث...... أما الشيخ العجوز فقال منذرا:- يا ربي اجعلها ليلة مقمرة.!!و أبى القمر الحنون أن يظهر في تلك الليلة،و حطم بذلك كل معنى مصاحب لجلال الرسوخ،و مع حبات المطر الأولى بدأ الجمع يضطربون و صاحت قلوبهم من جزع:- ماذا حدث في الأعالي؟.أجاب آخر :- حومتنا في باب الواد .. ..... لا أعرف أين اختفت !!يا أرض احفظي ما عليك ، أليس لهناء من سبيل ؟ كيف تنقلب النعمة الى نقمة ؟ كيف و قد صلينا من أجل سقوطها بخشوع!! و الحومة الحبيبة ما بالها ؟كم هبط القمر فيها ليعانق أزهار اللوز المتفتحة في قلب يناير !! و كم غارت النجوم من سمر السامرين و كم من قصة هناك و كم رواية !!......... و الفتاة تخدرت من البرد يداها ،و أمام التيار استسلمت عندها كل قوة كامنة ،و صرخت بلهجة قطعتها غصة الماء و الطين :- أمي ..... أبي .......... وداعا.و ما فائدة البقاء على الأرض و قد أخذك الماء يا ابنتي ؟! وتخدرت عزيمة البقاء عند الزوجين حتى صارت من عدم ،ليست ليلة واحدة هذه و إنما هي نقرة مستمرة كالأمل، أو هي نوتة من سمفونية حزينة بلا نهاية.و ربما هي صيحة الأرض و السماء أو إنها كذلك سؤال دامغ ليس له جواب، انتهت العائلة كلها ، الثلاثة ذهبوا بلا رجوع و رجع الصباح كاشفا عن كل هول و جلل.!!حل الصباح باسما، مليئا بشعاع نقي مغسول بماء العاصمة الشهي. و قلب العاصمة رغم الفيضان مازال ينبض في باب الواد. و كل شفة لم تفتر عن ابتسامة رغم سوء الحال. تظافر الجهود بعد ذلك لإنقاذ ما يمكن،و لم تسلم سيارة و لا بناية و لا بشر من غضب الطبيعة. لكن الشيخ ردد في تفاؤل عمره سبعون عاما :نحن بنو الموتى فما بالنا نخاف مما لا بد من شربهتبخل أيدينا بأرواحنا على زمن هن من كسبه.و استمرت الحياة بعد ذلك في هدوء كهدوء أهل الجنة !!









 


رد مع اقتباس