منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ملاحظات على مذكرات الأمير عبد القادر المختلقة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-22, 22:20   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الأميرة بديعة الحسني
كبار الشخصيات
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الأول من الكتاب:

الفصل الأول


وعودة على بدء في موضوع هذا المخطوط الذي زعموا أن أحد أفراد عائلة شوفاليه عثر عليه بالمصادفة أثناء بحثه عن بعض الحطب في قبو القصر يستطيع الباحث أو طالب المعرفة، أيٍ كان، أن يجد ثلثي هذا المخطوط في مكتبات بلاده بسهولة ويسر، وعن معلومات تاريخية لا علاقة لها بحياة الأمير ولا بذكرياته، يجدها منسقة ومفهرسة وليس بهذا الأسلوب العشوائي وهذه الخلطة العجيبة من المعلومات في هذا المخطوط.

الأمير بريئ من هذا المخطوط:
والأدلة عديدة وكثيرة على أن الأمير لم يكتب في هذا المخطوط كلمة واحدة، وحتى ولا سطر واحد، ولا أملاه على أحد. من هذه الأدلة على سبيل المثال لا الحصر، ومن أهمها:
أولاً: الأسلوب الركيك والكلمات العامية والسوقية في بعض النصوص، والأمير عُرف بأنه شاعر وأديب وفقيه باللغة العربية الجميلة وحفظ القرآن عن ظهر قلب في طفولته في معهد القيطنة، وهي مزرعة أجداده كما أسلفت، ودرس في معهدها ومعاهد وهران وفاس والزيتونة شتى العلوم اللغوية والفقهية والإنسانية.
ثانياً: المعلومات التي منها المغلوط وغير صحيح، والصحيح من هذه المعلومات يعرفها عامة الناس الذين عاشوا تلك الأحداث أو شاركوا فيها، واحتمال وجود الجواسيس بينهم، كانوا ينقلون الأخبار إلى الدولة المعادية بتفاصيلها من ميادين القتال، والأمير ليس وحده من يعلم بتفاصيل هذه الأحداث لتعتبر (من مذكراته). هل هذا معقول؟ وهل ينسى أحد مذكرات كتبها بخطه ويرميها؟ أو يقدمها لمن لا يعرف قراءتها من الفرنسيين؟ ولماذا؟ وكيف يجرؤ قبطان على طلبها من الأمير، والأمير كان قد كتب رسالة قدّمها للقساوسة الذين طلبوا منه معلومات عن الإسلام وهي (المقراض الحاد)، ولكن لم يكتب غيرها ولم يقدّم لأحد غير للقساوسة أي رسائل أو كتب، وهو أمر معروف ومؤرخ.

ومن الكلمات التي ترددت بشكل ملحوظ في نصوص عديدة في هذا المخطوط منها (المشروف) بدل (الشريف)، و(مركانطية) لا أدري ما القصد منها، ثم كلمة (تسريح) و(سرحونا) و(تسريحنا)، وهذا دليل على أن كاتبها كان جندياً أو راعي غنم ومواشي أو عامل، لأن هذه الكلمة لا تستعمل في اللغة العربية إلا لهذه الوظائف الثلاث، فُيقال (سُرّح العامل من عمله) أو (سرح الراعي الغنم) أو (سرّح الجندي) أو (سرّح الزوج زوجته) أي طلّقها ولكن الأمير لم يكن بينه وبين فرنسا عقد زواج لتسرّحه وإنما كان بينه وبينها حرب ضروس ثم عقد استئمان زمني، اضطر إليه لوقف قتال يتضمن حرية مطلقة لزمن معين وهو حتى وصوله إلى عكا (ويسمى استئمان) أي ليس فيه صلح لأنه وجد أن خروجه من الجزائر مهاجراً غير ممكن من دون اتفاقية رسمية مع فرنسا لأنه لا يستطيع الفرار، فهو رئيس دولة وقائد مقاومة وجيش نظامي يستحيل عليه التحرك بمفرده ويترك عائلته بين الأعداء أو الأصدقاء لذلك عقد هذا الاتفاق، ويستحيل عليه القوا عن نفسه هذه الكلمة (تسريح) ويرددها لا هو ولا التهامي الذي كان أيضاً أديب وشاعر وفقيه في اللغة العربية ويعرف قدر نفسه، ويعرف كيف يضع النقاط على الحروف ويستعمل الكلمة في مكانها.
ثالثاً: كلمة نصارى أيضاً ترددت كثيراً في نصوص هذا المخطوط، وكأن الأمير كان يحارب النصارى، وهذا خطأ كبير، لأن الأمير كان يقاتل عدواً معتدياً من منطلق إسلامي شرعي فرضه رب العالمين، فقال في سورة البقرة ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ[1]، وهذه الآية في غاية الوضوح والسداد، فهو لم يذهب إلى فرنسا ويقاتلها ويعتدي عليها، وإنما فرنسا هي من دخلت بلاده بجنودها المدججين بالسلاح للسيطرة على بلاده، فكان يقاتل معتدين بصرف النظر عن دينهم ومذاهبهم، لكن السلطان عبد الرحمن في رسائله للقبائل هو من كان يعتقد ذلك لا الأمير عبد القادر.
رابعاً: من الأدلة الواضحة على أن الأمير ليس هو من شارك في هذا المخطوط الذي سمي مذكرات هي قصة رسالة ليون روش المزعومة، هذا الجاسوس الإفرنسي، وكان من أحد أبناء النبلاء الذي استطاع الوصول إلى الجزائر أثناء سلطة الأمير على ثلاثة أرباع القطر الجزائري، وتمكن من الدخول عليه وتمكن من إقناعه بأنه يرغب في اعتناق الإسلام، وأنه اطلع عليه ويريد المزيد، وأنه تعلم اللغة العربية من أجل قراءة القرآن، وأسلم وتزوج من مسلمة وانضمّ إلى المقاومة، ثم غدر بها وأضرّ بها ووزّع نشرات فيها فتاوى مزوّرة عن علماء في مكة ومصر بعدم جواز المقاومة شرعاً، ثم انكشف أمره وفرّ إلى فرنسا. هذا الجاسوس، أيمكن أن يتجرأ على مكاتبة الأمير وعرض المساعدة عليه؟ وفرنسا بعد انكشاف أمره وفراره عينته في عدد من المناصب، وأخيراً قنصل لها في طنجه. وهل يجرؤ من كان هذا تاريخه مع الأمير ورجاله وهو الجاسوس الخائن الغدّار ويعرض المساعدة؟ وهل يمكن للأمير من الوثوق به وقبول مساعدته للخروج من الجزائر والاجتماع به في مليله، كما جاء في الصفحة 182 من هذا المخطوط؟ وربما الرواية فيها شيء من الصحة، ولكن ذكرها في هذا المخطوط وعن لسان الأمير بالحرف الواحد (أن عمرو ولد الروش أخذته الغيرة علينا ولم تتركه المحبة ومخالطة الحاج عبد القادر التي لم يرَ فيها ما يشينه لا ظاهراً ولا باطناً). ولكن هل لم يسمع أحد بالحكمة التي تقول (لا يُلدغ العاقل من جحرٍ مرتين). والغريب في تعليق المحقق للمخطوط بالقول في صفحة 182، التعليق رقم خمسة (كلام الأمير تأكيد على صفاء طويّة ليون روش. وهنا لا بد لي من تعليق على كلام المحقق وسؤاله عن أي صفاء طوية؟ الغدر والغش يعتبر حسن طوية وحسن نية وطيبة؟ وقول المحقق أن ظروف السجن للأمير لم تسمح له أن يقول غير هذا الكلام عن قنصل فرنسا في طنجه آنذاك). وهذا التعليق أيضاً غريب جداً من كاتب جزائري باتهام الأمير بالنفاق أيضاً لأن الكاتب لم يقل في هذا النص أن الأمير هو من وصف ليون روش بالغيرة والشهامة والمحبة، وإنما كتب (لم تتركه مخالطة الحاج عبد القادر). هذه الجملة فيها شيء من الشك، تدلّ على أن الكاتب ليس الحاج عبد القادر، ولو كان الأمير هو من يكتب لقال (لا يرى ما يشين من مخالطتنا أو مخالطتي) مثلاً، هذا أولاً، وثانياً، ألم يلاحظ المحقق للمخطوط درجة الحقد على الأمير عبد القادر وعلى الجزائريين أيضاً، ووصف الحاج عبد القادر، هذا المجاهد الكبير المؤمن وصفه في هذا المخطوط بالنفاق للفرنسيين بمدح ليون روش الذي غشّه وغدر به لأنه قنصلها في طنجة، ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ[2] كما قال رب العالمين، ثم وصف هذا المجاهد بالسذاجة إلى درجة الغباء، وأيضاً الجزائريين من رجاله المجاهدين أيضاً الذين قبلوا تلك الرسالة من الجاسوس الإفرنسي ليون روش، وأجابوه عليها ووثقوا به وهو الذي لعب أخطر دور في تاريخ ثورتهم بالإضرار بالمقاومة لذلك كرّمته دولته حينما فرّ إليها وانكشف أمره بأن عينته بأعلى المراكز وكافأته على نجاحه في المهمة التي كُلّف بها.

إذا صدّقنا جدلاً كهذا المحقق أن الأمير كتب، فهل يمكن أن يكتب عن هذه الحادثة أو التجربة مع ليون روش وعن خاتمتها بأقل من المرارة والأسف والغضب؟ لا أن يتكلم عن محبة ليون روش وغيرته، أي شهامته، والمخالطة غير المشينة، فالأمير إن كان غبياً وساذجاً لهذه الدرجة فهل كان مجنوناً فيصف الجاسوس الإفرنسي الذي غدر به وكذّب عليه وأضرّ به وبالمقاومة وأساء إليه شخصياً أيضاً، فيصفه بالمحبة والشهامة أي الغيرة عليه وعلى الجزائريين؟ والمصيبة أن المحقق وجد له العذر، وأن ما قاله الأمير كان مجاملة منه لفرنسا كونه في السجن، أي أنه جباناً منافقاً، ولوكان هذا المجاهد المؤمن منافقأ لما كتب عنوان للرسالة أو الكتاب الذي قدّمه إلى القساوسة حينما طلبوا منه وهو في السجن أن يكتب لهم عن المعتقدات الإسلامية وعن أشياء أخرى تتعلق بالدين الإسلامي، ماذا وضع عنواناً لهذا الكتاب؟ العنوان هو (المقراض الحاد لقطع لسان منتقص دين الإسلام بالكفر والإلحاد)، هذا العنوان بالتأكيد لا يصدر عن منافق، إنما عن رجل شجاع، بطل مجاهد لا يخشى الأعداء حتى في سجنه.




[1]- سورة البقرة، آية 190


[2]- سورة النساء، آية 145









آخر تعديل الأميرة بديعة الحسني 2010-02-22 في 22:35.
رد مع اقتباس