منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - المعلمة الصغيرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-07, 20:24   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ابن العروب
عضو مميّز
 
الأوسمة
وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي المعلمة الصغيرة

المعلمة الصغيرة



.......... جاءتني تقفز كفراشة مدللة ، تحط على كتفي وتطبع على وجنتي قبلة رقيقة كرقة عودها ، يتخللها بسمة نضرة كنضرة ثغرها الجميل ، ثم تهرب وتعود ثانية ، فتضع أناملها على رأسي تداعب ما تبقى لي من شعيرات سوداء تخللها البياض المتناثر هنا وهناك


....عهدتها دائما مبتسمة كابتسامة الزهر لنسمات الربيع ومرحة كمرح الفراش للزهور والسنابل، لا تحب أن تراني حزينا أو مهموما، وهي نبيهة لماحة ، تميل لحب الاستطلاع والمشاركة في كل شيء ..


......كنت ذات مرة شارد الذهن أفكر في نفسي وبما يجري من حولي من هموم جسام وأحوال عامة ، فقفزت وجلست بين يدي ووجهها إلى وجهي واضعة يدها الناعمتين على وجنتي وقبلتني قبلتها المعهودة وأمطرتني بأسئلتها الجريئة والكبيرة، مالي أراك مهموما يا أبي؟ ولما أنت صامت منذ مدة ؟ كلمني ما بك؟ أبك مرض أم هل أزعجك أحد أخوتي أو أحد آخر..... ؟؟؟؟؟


أحاول التملص من أسئلتها لأني لا أريد أن أحملها همومي فعودها ما زال يانعا صغيرا على ذلك ، أبادر بسؤالها عن دراستها لكنها تقول : ليس قبل أن تجيبني على أسئلتي ، لا أحب أن أراك عابسا .


.......هنا أتوكل على الله وأشرح لها موجزا عن همي فأقول أن الحياة أصبحت مُره وأحدثها عن الغلاء وعن البطالة ، ثم أتنهد عميقا فتقول سلامتك يا أبي لكن هناك أمر تخفيه عني قلي بربك يا أبي ألست حبيبتك ؟......أصمت لحظة وأحاول مدارات دموعي عنها ثم أتماسك قليل فأخبرها عن ذاك السرطان الذي غرز مخالبه في أرضنا وبث سموم الفقر والفتنة بين أهلنا، وعن معاناتنا اليومية وصراعنا المرير .


وهنا تسارع بالقول ويا لعظيم قلبها وعقلها ويا لحسن جوابها : تقول لي : يا أبت ألمتكن تقول إن الرزق بيد الله ، فأهز برأسي مؤيدا ومعجبا ، فتقول إذا لن نموت جوعا. وأما الغلاء فهو على كل الناس وتكمل حديثها يا أبت أنا لا أريد ملابس جديدة لهذا العيد، سألبس فستاني الجميل الذي أحضرته لي يوم ذهبت للعمرة في العام الماضي ، نعم يا أبي فهو ما زال جديد ، هنا أطبع على جبينها قبلة لكنها تكمل كلامها الجميل فتقول أما عن السرطان اللعين فكم مرة أخبرتني أنكم هزمتموه ،فماذا حدث الآن هل أصبحتم ضعفاء لهذا الحد ، وهل تترك الأرض بيد من سرقها ألم تقرأ مثلي قصة النملة وكيف صعدت على الشجرة بع عدة محاولات .


......وأما عن الفتنة فالذنب ذنبكم لما سمحتم لهم أن يغيروا عقولكم ألم تقولوا أنهم أعداء؟ وهل يُصَّدق الأعداء !!!!!!!!!!!!!؟؟؟ .ألم تقل لي دائما: إن الوحدة قوة فلما لا تتوحدوا !!!!!!! لما تقفوا في وجه عدوكم فتقاتلوهم معا وبيد واحدة................ ؟


هنا أتنهد تنهيدة كبيرة فيخرج مني صوت نحيب ، فتهجم على رأسي تقبلني ، وتمسح دموعي بمنديلها وبيديها الناعمتين الدافئتين ، وتقول أنسيت كلامك عن الصبر وعن التضحية ، يا أبت ألم تكن تقول إن النحل يكابد المصاعب حتى يبني مملكته ، ألم تصارع شوك الصبار حتى يصل لزهورها ،وأن البذرة تقاتل ذرات التراب حتى تصل إلى نور الشمس ونسمة الهواء ....


يا أبت إن لم نكن كالنحل والبذرة في الصبر وفي التضحية فلن نكون


فلنكن كالنحل بتوحده وجهاده والبذرة في إصرارها وبقائه .



من وحي قلمي بتاريخ 7/12/2009

مع تحيات ابن العروب








 


رد مع اقتباس