منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التّعريف بفنّ القصّة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-10-22, 21:04   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
زيتوني محرز
عضو مشارك
 
الأوسمة
وسام الإبداع 
إحصائية العضو










افتراضي قصة قصيرة : إفرازات على الدرب

إفــــــــــــرازات عــــلى الــــــــــــدرب

هامش أول :

تقدم بخطوات وئيدة ، دلف إلى الداخل ، نظر في ساعته : العاشرة صباحا ، أخرج سيجارة من جيب بنطلونه، أشعلها ، أخذ نفسا كبيرا، نظر حواليه ، تأمل الجموع البشرية التي ازدحمت أمام مكتبه ، تأفف :
"دائما الزحام ، أف لهم و لأوراقهم "– تحرك الطابور ، اشتد الزحام ، انبعثت رائحة كريهة من الأحذية الجلدية التي ملّت الانتظار ، بحركة آلية مدّ البعض يده إلى أنفه ليصد هذه الرائحة بينما انشغل البعض الآخر عنها، يتأمل الموظف الذي ارتمى على الكرسي ومدّ رجليه فوق الطاولة الرابضة أمامه ، رفع عينيه في سخرية ، يتأمل هؤلاء ، مساكين ، نادى على الحاجب الذي قدم مهرولا ، صاح فيه بعصبية :
- كم من مرة قلت لك بأن تطرد هؤلاء المساكين؟! ، قل لهم بأن يعودوا غدا أو بعد غد ، عندي اجتماع"،-حاول الحاجب أن يذكره بوعوده الكثيرة التي لم يوف و لو بواحدة منها ، لكنه صمت ، تملل في وقفته ، نظر إلى الحشود المتزاحمة ، تأمل الطابور الطويل الذي ضاق به المكتب ، لم يطاوعه لسانه فاكتفى بأن أصدر تنهيدة قوية ارتجت لها فرائسه فهمها الجميع : - حضرة السيد عنده اجتماع -.

هامش ثاني :

ارتمى على كرسي توسط المقهى ، طلب فنجان قهوة ، تتبع بنظره أسراب الذباب التي حطت رحالها فوق الطاولات ، نظر إلى النادل يرتدي بدلة رُسمت عليها خارطة تبين إحدى البيئات الملوثة التي تبلغ بها كثافة – الذباب – أقصاها ، جال بنظره في زوايا المقهى ، في كل طاولة يلتفت نفر من الشباب يتبع بنظرات شاردة حجرات – الديمينو- التي ملّت الحركة و العمل المتواصل ، بينما راح البعض الآخر يصرخ في إصرار: - و الله عشرة ،،شوف ،،-
و اكتشف البعض الآخر موهبتهم في الدردشة و مقدرتهم على إدارة الحوارات و التحكم في حركات جيوش – الحشرات الزاحفة – التي ملئت بها المقهى ،،
ارتفع صوت المؤذن عاليا معلنا صلاة العصر ، نظر صاحبنا إلى مدخل المقهى ، لا أحد يتحرك ، لعلهم لم يسمعوا الآذان ، صاح المؤذن في إصرار :- حي على الفلاح- تحركت الشفاه في ملل معلنة : - صدق الله العظيم – ثم انكبت الرؤوس على رقع -الديمينو- تلتهم حجراتها التهاما غير مبالية بصاحبنا، حوقل في سره ، و انطلق صـوب المسجد .

هامش ثالث :

فتح أزرار سترته الدكناء متصديا لنسمة صيف عابرة لعلها تخفف من اضطرابه النفسي و هذا الإرهاق الذي يثقل كاهله ، رمى بنظره إلى آخر الشارع حيث تنتصب المحطة في إصرار و تحدي حاكية تاريخ الصراع و الزحام و راوية أمجاد أبطال – النشل – و السرقة و هواة الحرام ، تذكر الزحام وكثرة المنتظرين أحس بانقباض مفاجئ و اعترته حالة من الاضطراب لم يعرف كنهها ، مدّ يده إلى جيب بنطلونه ، اخرج ما تبقى من قطع نقدية ، أحكم وضعها في راحة يده اليسرى ، أطبق عليها في عزيمة فولاذية، تقدم مسرعا ، ارتمى وسط المعمعة و لسان حاله يردد : - توكلنا على الله -.
هامش رابع :

خرجت من المصنع مسرعة لا تبالي بشئ, الساعة الرابعة كما أعلنت الساعة الحائطية ، تذكرت أبنائها قد يعودون من المدرسة و لا يجدونها في المنزل فيخرجون إلى الشارع ، نظرت على جانبيها لتتحاشى حركة المرور السريعة ، تبادر إلى سمعها صوت قادم من إحدى السيارات الفخمة :
- تفضلي ،، اطلعي يا لالا ..
رمت بنظرها إلى مصدر الصوت ، كهل بدين يشير لها بطرف إصبعه ، بصقت على الأرض في عصبية ، قطعت الطريق العام بسرعة ، مازال الرجل يطاردها ، لم تلتفت إليه ، كره المطاردة بدون جدوى ، أوقف سيارته في إحدى الأزقة في انتظار فريسة أخرى .

هامش خامس :

كانت قدماه تنقلانه بسرعة ، تراءت له من بعيد حلقة من الشباب تتصايح في وسط الشارع ، شعر برغبة ملحة في معرفة سر الحلقة ، اقترب أكثر ، من خلال الأكتاف العريضة رأى معركة حامية الوطيس بين شابين ، تأمل الحضور ، في أعينهم رغبة كامنة في رؤية الدماء و الأشلاء ، و في صيحاتهم دعوة للإستمرار ، حاول أن يفك الشاب الضعيف من براثين الصقر ، لم يستطع ، دفعته الأيدي إلى الخلف ، انسحب خجلا ليكتشف قريبا من الرصيف صراعا آخر هذه المرة من أجل دريهمـات .










رد مع اقتباس