الرومان. توسعت روما أولاً في إيطاليا، ثم امتد سلطانها إلى صقلية وأسبانيا، وإلى شرقي البحر الأبيض المتوسط، ثم إلى مقدونيا، فبلاد الإغريق. وفي عام 55ق.م. غزا الإمبراطور يوليوس قيصر بريطانيا. وأخضعها لحكمه، وقد بلغت الإمبراطورية الرومانية أوجها عام 117م. حيث شملت حوالي نصف أوروبا، ومعظم الشرق الأوسط وكل شاطئ إفريقيا الشمالي.
حافظ الرومان على الثقافة الإغريقية، وقلّدوا بعض جوانبها، وكان الصفوة في الإمبراطورية الرومانية يتكلمون اللغة اليونانية، كما أن الرومان أضافوا إلى الحضارة الإغريقية إنجازاتهم الخاصة في ميدان بناء الطرق والجسور وكذلك في ميدان القوانين، حيث أنجزوا نظامًا قانونيًا متطورًا، صار الأساس لقوانين دول أوروبا فيما بعد، ولعل أهم إنجازات الرومان هي لغتهم اللاتينية التي أصبحت، الأساس لجميع لغات أوروبا الغربية.
تفوّق الرومان في فن الحُكْم، وتميز حكمهم بأنهم سمحوا لرعاياهم بالاحتفاظ بعاداتهم وتقاليدهم، مكتسبين بذلك عطف أولئك الرعايا ودعمهم، كما أن حروب الإمبراطورية الكثيرة والمستمرة جعلت من الجيش قوة ذات فاعلية، وجعلت من قادته قوة مؤثرة في سير الأحداث وتطورها. وكان لأباطرتها على اختلاف عهودهم مواقف مختلفة من الديانة النصرانية، خاصة في أيامها الأولى، وسرعان ما قامت صلة بين الكنيسة والأباطرة، فصارت النصرانية في أواخر القرن الرابع الميلادي الدين الرسمي للإمبراطورية بعد تنصّر الإمبراطور قسطنطين.
شهدت الفترة الأخيرة من حياة الإمبراطورية انقسامها إلى جزءين: جزء شرقي هو الإمبراطورية البيزنطية، وجزء غربي، هو الإمبراطورية الرومانية الغربية التي سقطت فريسة لغزوات القبائل الجرمانية (الألمانية)، في حين أن الإمبراطورية البيزنطية ظلت مزدهرة لسنوات طويلة.
الإنجازات في الهند والصين. خضعت معظم الأجزاء الشمالية من الهند في القرن الحادي عشر قبل الميلاد لسيطرة مجموعات من الآريين القادمين من سهول أواسط آسيا، وسرعان ما سيطروا على كل الهند، فكان أثرهم واضحًا على الثقافة الهندية، فقد أعطوها لغتها السنسكريتية. وتركوا أثرهم أيضًا على الديانة الهندوسية، كما أن أحد أمراء المناطق وضع الأساس لتعاليم الديانة البوذية في أواخر القرن السادس قبل الميلاد.
في عام 300 ق.م توحّدت معظم أجزاء الهند تحت حكم أسرة ماوريا، الذين أسسوا إمبراطورية واسعة ضمت كل الهند، وأجزاء من أواسط آسيا. وانتهى حكمها عام 185 ق.م، حيث انقسمت الهند إلى ممالك صغيرة متعددة.
وفي عام 320م حكمت أسرة جبتا الهند ولمدة مائتي عام، حيث وصلت الحضارة الهندية ذروتها في عهدهم، فأقيمت المدن، وأنشئت الجامعات وازدهر الأدب، والفن وغير ذلك.
الملك الآشوري أشور بانيبال يظهر مع زوجته الملكة وهما يتنزهان في الحديقة الملكية. وقد نحتت الصورة على هذه الحجارة التي وجدت في القصر الملكي في نينوى. ويعود تاريخها إلى القرن السابع ق.م.
أما في الصين فقد حكمت أسرة تشو من عام 1122ق.م إلى عام 256 ق.م. وبسطت سيطرتها على شمالي الصين، في حين أن بقية أنحاء الصين كانت موزعة بين ممالك صغيرة شبه مستقلة كانت تتنازع فيما بينها، وتحاول كل منها السيطرة على بقية أنحاء البلاد، وقد أدى هذا الجو من الاضطراب والحرب إلى ظهور فلسفة كُونفوشيوس التي كانت تنشد التركيز على أهمية المثل الأخلاقية، وعلى مجتمع يسوده الأمن والنظام.
في عام 221 ق.م. ظهرت أسرة كين (تنطق تشئين أيضًا)، التي استطاعت توحيد الصين في إمبراطورية واحدة ذات حكم مركزي قوي، وقد سميت الصين باسم هذه العائلة، وظهرت الكتابة الصينية في صيغتها النهائية على عهدهم، كما أنهم اهتموا بطرق الري، وبنوا سور الصين العظيم حماية لها من الغزاة. ظلت أسرة كين تأخذ بزمام الأمور إلى عام 206 ق.م. ثم خلفتها أسرة هان في عام 202 ق.م. وفي عصر أباطرة هان أصبحت الكونفوشية تمثل الأساس الفلسفي الذي يقوم عليه النظام الحكومي. فقد ابتدعوا نظام امتحان المتقدمين لوظائف حكومية، ووضعوا لهم امتحانًا يقوم على فلسفات كونفوشيوس، كما ازدهرت العلوم والثقافة على عهدهم، وانتقلت البوذية للصين من الهند، وشهدت فترتهم اختراع الورق، لكن النزاع بين أفراد العائلة أدى إلى إضعافها، ثم سقوطها عام 220م حيث قبعت الصين في فترة الأربعمائة سنة التالية تحت كابوس الحروب المستمرة بين دولها.
العالم من عام 500م إلى 1500م
من 500م إلى 1500م
أوروبا العصور الوسطى. بدأت بعض مناطق العالم تتصل بعضها ببعض ـ ولأول مرة ـ في الفترة من عام 500 إلى1500م. ووقعت تطورات عدة في مواطن الحضارات القديمة في ذات الحقبة (1000 عام)، أما في أوروبا فقد ظهرت دويلات عدة في أعقاب زوال الإمبراطورية الرومانية الغربية، في حين أن الإمبراطورية البيزنطية ظلت مزدهرة. وشهدت هذه الفترة ظهور الدين الإسلامي في جزيرة العرب، وانتشاره إلى أماكن عدة من العالم. انظر: فقرة العالم الإسلامي في هذه المقالة. وفي الصين كان حكم الأسر لايزال مستمرًا، في الوقت الذي كانت تنمو فيه حضارة شرقية في اليابان.
بين سنتي 300م و1500م
عرفت فترة الألف عام في التاريخ الأوروبي بالعصور الوسطى، وقد ظلت الثقافة الرومانية حية ومستمرة، خاصة في أوساط الحكام الجرمان (الألمان)، الذين تحولوا آنذاك إلى النصرانية. كما تعرضت أوروبا طوال هذه القرون لحملات الفايكنج من الشمال، وفتوحات المسلمين العرب من الجنوب، والمجر من الشرق وقد نتج عن هذه الأحوال المضطربة، والحروب المستمرة ظهور نظام سياسي وعسكري جديد عرف باسم الإقطاع، مكن من إقامة حكومات قوية استطاعت أن تشيع السلام، وتحيي التجارة من جديد، فأقيمت المدن، وتطورت الزراعة، وزاد عدد السكان، وازدهرت الآداب خاصة عندما أوجدت التجارة صلات مع الحضارة البيزنطية والحضارة الإسلامية. وقد شهد القرنان الثاني عشر والثالث عشر الميلاديان ظهور أولى الجامعات الأوروبية، مثل جامعة بولونيا في إيطاليا وجامعة باريس في فرنسا.
الإمبراطورية البيزنطية. كانت امتدادًا للإمبراطورية الرومانية الغربية، لكنها تأثرت بالثقافة الإغريقية أكثر من تأثرها بالثقافة اللاتينية، فكان لها بعض الفضل في حفظ التراث الإغريقي القديم في الأدب والفلسفة واللغة. وازدهرت فيها النصرانية، فحملت الكنيسة الحضارة البيزنطية، إلى الشعوب السلافية في جنوب شرقي أوروبا وروسيا. ووقعت خلافات فكرية دينية بينها وبين كنيسة روما أدت في النهاية إلى تحولها عن روما، وإنشاء كنيسة خاصة بها هي الكنيسة الأورثوذكسية الشرقية. وصلت الإمبراطورية إلى أوج عظمتها عام 527م على عهد الإمبراطور جستنيان، حيث ازدهرت الحضارة البيزنطية، وقد ظلت تحمي أوروبا من غزوات الفرس الساسانيين وتغلّب عليها المسلمون بقيادة العثمانيين، واستولوا على عاصمتها القسطنطينية (إسطنبول الآن) عام 1453م.
يتبـــــــــــــــــــــع