منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - سلسلة سلاطين الدولة المملوكية 1 .. يرجى التثبيت
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-10-16, 19:39   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










New1

النشاط الحضاري

على الرغم من انشغال السلطان بمجابهة الخطر الصليبي والمغولي، وإعداد الحملات العسكرية التي استنفدت المال والجهد، فإن السلطان لم يغفل عن تنشيط الحركة العلمية، ومواصلة البناء والعمارة، وإقامة المدارس والمساجد، وكانت القاهرة قد أصبحت موئلاً للعلم ومركزًا للحضارة بعد سقوط بغداد وازدياد سقوط دول الإسلام في الأندلس على يد الأسبان، فتوافد عليها العلماء واتخذوها قبلة لهم، ووجدوا في كنف السلاطين المماليك كل رعاية واهتمام.

ويذكر التاريخ للسلطان قلاوون ما قام به من إنشاءات عظيمة ارتبطت بها نهضة علمية ونشاط وافر، فأقام عددًا من المدارس التي امتلأت بالشيوخ وطلبة العلم، وفي مقدمتها المدرسة المنصورية، التي أوقفها لتدريس الفقه على المذاهب الأربعة، وكان يتولى التدريس بها كبار الأئمة وأعيان الفقهاء والمحدثين. وتتضمن حجة الوقف التي كتبها قلاوون إشارات كثيرة تتعلق بتنظيم العملية التعليمية داخل المدرسة من حيث مقر الدراسة، وجلوس أهل المذاهب الأربعة بها، وأماكن سكن المدرسين الفقهاء وأجورهم ورواتبهم وغير ذلك من الشروط. وتعد المدرسة من أروع المدارس المملوكية التي شيّدت بالقاهرة لعمارتها الراقية، وزخارفها الرائعة.[28]

ولم تكن القبة المنصورية التي أقامها لتكون مدفنًا له مقتصرة على هذا الغرض، بل جعل منها مدرسة ومسجدًا، ورتب بها خمسين مقرئًا يقرءون القرآن ليلاً ونهارًا، وخصص لها إمامًا للصلاة، وعالمًا لتفسير القرآن للطلاب الذين يؤمون القبة، وجعل بها خزانة للكتب، وخازنًا يقوم بأمرها، وهذه القبة من أجمل القباب الباقية بمدينة القاهرة.


البيمارستان المنصوري

الإيوان الجنوبي للبيمارستان

ومن أجلّ إنشاءات المنصور قلاوون البيمارستان الذي أقامه لتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية للمرضى، وافتتحه السلطان في حفل كبير شارك فيه الأمراء والقضاء والعلماء. وتضمنت حجة وقف هذا الصرح الطبي أنه مفتوح طوال اليوم لتقديم العلاج للمرضى دون نظر إلى طبقاتهم أو جنسياتهم، ودون مقابل أو أجر.

ولم يقتصر دور البيمارستان على تقديم العلاج، بل تعداه إلى تدريس الطب للطلاب، وهو ما يشبه الآن المستشفيات التعليمية التابعة لكليات الطب، حيث يتاح للطلاب ممارسة الطب تحت إشراف أساتذتهم.

ولم يبق من منشآت قلاوون الكثيرة سوى المجموعة المعمارية التي تضمن القبة والمسجد والبيمارستان، وهي شاهدة على ما بلغته الدولة المملوكية من تقدم وازدهار شمل مناحي الحياة كلها.[29]


وفاة السلطان قلاوون

كان السلطان قلاوون يرجو أن ينال شرف إنهاء الوجود الصليبي، فاستعد لذلك، لكن القدر لم يمهله، فتوفي ودفن (7 من ذي القعدة 689هـ=11 من نوفمبر 1290م).


الخلاصة :

أصبح سيف الدين قلاوون سلطاناً سنة 679 هـ / 1279م ، وظلت السلطة محصورة في بيته إلى نهاية دولة المماليك البحرية في مصر سنة 784هـ . وفي عهد قلاوون وضعت بذرة دولة المماليك البرجية ، فقد أشترى قلاوون آلافاً من المماليك كون منهم طائفة جديدة من المماليك أسكنها أبراج القلعة ، فأصبح أسمهم المماليك البرجية ، ليصبحوا عدته في الحكم ، وتزايد نفوذهم شيئاً فشيئاً ، حتى نجحوا فيما بعد في القضاء على دولة المماليك البحرية ، وإقامة دولة لهم .

أعاد قلاوون إلى الشعب المصري عصر بيبرس وما ساده من استقرار داخلي ، واتبع قلاوون سياسة حكومية وإدارية نالت رضا جميع المصريين فشعروا بالهدوء والأمن . كما تابع قلاوون ما بدأه بيبرس فعمل على التخلص من الخطر الصليبي والخطر المغولي ، ففتح اللاذقية وطرابلس ، وهزم المغول في عدة مواقع . وأهتم قلاوون بالبناء والعمران ، ومن آثاره قبته ومدرسته ومارستانه . وقد توفي قلاوون سنة 689هـ / 1289م .


أهم الآثار التي ترجع لعهد المنصور قلاوون :

المدرسة المنصورية .

مارستان قلاوون .

زاوية الجميري .

زاوية الهلاوي .

زاوية الجعبري .

خانقاه البندقدارية .




الأشرف خليل أبن قلاوون

شاءت الأقدار أن تكون دولة المماليك التي خرجت من رحم الأخطار العاتية التي أحدقت بالعالم الإسلامي، هي التي تحمل على كاهلها تصفية الوجود الصليبي، ووقف الزحف المغولي المدمر، الذي سحق في طريقه كل شيء، وزرع الفزع والهلع في نفوس الناس، وكاد أن يهلك ويدمر معالم الحضارة الإسلامية، ولو لم يكن لهذه الدولة من المفاخر سوى هذا، لكفاها فخرًا، فما بالك وقد أحيت الخلافة العباسية في القاهرة، وازدهرت في ربوعها الفنون والعلوم والعمارة.



* المماليك والحروب الصليبية:

وكان أول نجاح أحرزه المماليك في وجه الصليبيين هو انتصارهم في معركة المنصورة المعروفة، وإيقاعهم بالملك الفرنسي "لويس التاسع"، زعيم الحملة الصليبية السابعة، ولم يفرج عنه إلا بعد أن تعهد ألا يقصد شواطئ الإسلام مرة أخرى.

وواصل "الظاهر بيبرس" الجهاد ضد الصليبيين، ووضع برنامجًا طموحًا للقضاء عليهم وطردهم من الشام، وبدأت هجماته وحملاته في وقت مبكر من توليه السلطنة؛ فهاجم إمارة إنطاكية سنة (660هـ ـ 1262م) وكاد أن يفتحها، ثم بدأ حربه الشاملة ضد الصليبيين منذ عام (663هـ ـ 1265م) ودخل في عمليات حربية ضد إمارات الساحل الصليبي، وتوج أعماله العظيمة بفتح مدينة إنطاكية في سنة (666هـ ـ 1268م)، بعد أن ظلت رهينة الأسر الصليبي على مدى أكثر من مائة وخمسين عامًا، وكان ذلك أكبر انتصار حققه المسلمون على الصليبيين منذ أيام حطين واسترداد بيت المقدس.

وواصل المماليك جهادهم ضد الصليبيين في عهد السلطان "المنصور قلاوون"، الذي تولى السلطنة في سنة (678هـ ـ 1279م)، فاستولى "قلاوون" على "حصن المرقب" سنة (684هـ ـ 1285م)، واسترد "اللاذقية" سنة (686هـ ـ 1287م)، وفتح "طرابلس" بعد حصار دام شهرين في (688هـ ـ 1289م) ثم تلتها "بيروت" و"جبلة"، ولم يبق للصليبيين في الشام سوى "عكا" و"صيدا" و"عثليت" وبعض المدن الصغيرة، وتجهز لفتح "عكا"، غير أن المنية كانت أسبق من إنجاز حلمه؛ فتوفي في (ذي القعدة 689هـ ـ نوفمبر 1290م).


* ولاية الأشرف خليل:

وبعد وفاته خلفه على السلطنة ابنه "الأشرف خليل"، وشاء الله تعالى أن يطوي آخر صفحة للحروب الصليبية على يديه، وأن ينهي الفصل الأخير من القصة الدامية للحروب الصليبية في بلاد الشام.. لم يكن "الأشرف خليل" محبوبًا من أمراء المماليك، حتى إن أباه لم يكتب له ولاية العهد، لشدته وصرامته، واستهانته بأمراء المماليك، لكنه كما يقول "ابن إياس" في "بدائع الزهور": "كان بطلاً لا يكل من الحروب ليلاً ونهارًا، ولا يعرف في أبناء الملوك من كان يناظره في العزم والشجاعة والإقدام".

استهل "الأشرف" حكمه بالتخلص من بعض رجال الدولة البارزين، الذين كانت لهم السطوة والنفوذ في عهد أبيه، وبإحلال الأمن في جميع ربوع البلاد، وبدأ في الاستعداد لمواصلة الجهاد ضد الصليبيين، وإتمام ما كان أبوه قد بدأه، وهو فتح عكا، وإنهاء الوجود الصليبي.


* الاستعداد للمعركة:

خرج الأشرف خليل من القاهرة في (صفر 690هـ ـ 1291م) قاصدًا "عكا"، وأرسل في الوقت نفسه إلى كل ولاته بالشام بإمداده بالجنود والعتاد، ونودي في الجامع الأموي بدمشق بالاستعداد لغزو "عكا" وتطهير الشام نهائيًا من الصليبيين، واشترك الأهالي مع الجند في جر المجانيق.

وخرج الأمير "حسام الدين لاجين" نائب الشام بجيشه من "دمشق"، وخرج الملك المظفر بجيشه من "حماة"، وخرج الأمير "سيف الدين بلبان" بجيشه من "طرابلس"، وخرج الأمير "بيبرس الدوادار" بجيشه من "الكرك"، وتجمعت كل هذه الجيوش الجرارة عند أسوار عكا، وقدر عددها بنحو ستين ألف فارس، ومائة وستين ألفًا من المشاة؛ مجهزين بالأسلحة وعدد كبير من آلات الحصار، وبدأت في فرض حصارها على "عكا" في (ربيع الآخر 690هـ ـ 5 من إبريل 1291م)، ومهاجمة أسوارها وضربها بالمجانيق؛ مما مكنهم من إحداث ثقوب في سور المدينة.

اشتد الحصار الذي دام ثلاثة وأربعين يومًا، وعجز الصليبيون عن الاستمرار في المقاومة، ودب اليأس في قلوبهم؛ فخارت قواهم، وشق المسلمون طريقهم إلى القلعة، وأجبروا حاميتها على التراجع؛ فدخلوا المدينة التي استسلمت، وشاعت الفوضى في المدينة، بعد أن زلزلت صيحات جنود المماليك جنبات المدينة، وهز الرعب والفزع قلوب الجنود والسكان؛ فاندفعوا إلى الميناء في غير نظام يطلبون النجاة بقواربهم إلى السفن الراسية قبالة الشاطئ؛ فغرق بعضهم بسبب التدافع وثقل حمولة القوارب.

* نهاية الحروب الصليبية:

انهارت المدينة ووقع عدد كبير من سكانها أسرى في قبضة المماليك، وسقطت في يد الأشرف خليل في (17 من جمادى الأولى 690هـ ـ 18 مايو 1291م)، ثم واصل سعيه لإسقاط بقية المعاقل الصليبية في الشام؛ فاسترد مدينة "صور" دون مقاومة، و"صيدا" ودمرت قواته قلعتها، وفتح "حيفا" دون مقاومة، و"انطرطوس" في (5 من شعبان 690هـ ـ 3 من أغسطس 1291م)، و"عثليث" في (16 من شعبان 690هـ). وظلت الجيوش المملوكية تجوب الساحل الشامي بعد جلاء الصليبيين، من أقصاه إلى أقصاه بضعة أشهر تدمر كل ما تعتبره صالحًا لنزول الصليبيين إلى البر مرة أخرى، وبهذا وضع "الأشرف خليل" بشجاعته وإقدامه خاتمة الحروب الصليبية.

وعاد السلطان إلى القاهرة يحمل أكاليل النصر، وزينت له أحسن زينة، وسار موكبه في الشوارع، يسوق أمامه عددًا كبيرًا من الأسرى، وخلفهم جنوده البواسل يحملون أعلام الأعداء منكسة، ورؤوس قتلاهم على أسنة الرماح.


* موت الأشرف خليل:

ولم تظل مدة حكم الأشرف خليل أكثر من ثلاث سنوات وشهرين وأربعة أيام؛ فقد كان الود مفقودًا بينه وبين كبار المماليك، وحل التربص وانتظار الفرصة التي تمكن أحدهما من التخلص من الآخر محل التعاون في إدارة شئون الدولة، وكانت يد الأمراء المماليك أسرع في التخلص من السلطان، ولم يشفع عندهم جهاد الرجل في محاربة الصليبيين؛ فكانت روح الانتقام والتشفي أقوى بأسًا من روح التسامح والمسالمة؛ فدبروا له مؤامرة وهو في رحلة صيد خارج القاهرة، وتمكنوا من قتله في (12 من المحرم 693هـ ـ ديسمبر 1293م) وبقيت جثته ملقاة في الصحراء أيامًا إلى أن نقلت إلى القاهرة؛ حيث دفنت بالمدرسة التي أنشأها لنفسه بالقرب من ضريح السيدة نفيسة.‏



الخلاصة :

بعد وفاة قلاوون سنة 689هـ / 1289م خلفه أبنه السلطان الأشرف خليل ، وكان اختفاء قبضة قلاوون الحديدية كافياَ لعودة الأمراء المماليك إلى أطماعهم القديمة وبداية الصراع بينهم ، وأشتبك الأشرف خليل معهم في نزاع مستمر وقتل بعضهم . لاشك أن أعظم أعمال الأشرف خليل ما أقدم عليه من القضاء التام على الدولة الصليبية في الشام ، واستيلائه على آخر معاقلهم في الشام وهي مدينة عكا سنة 692هـ وقد وصفها المؤرخ ابن إياس [30] بأنه كان " بطلاً لا يكل من الحروب ليل نهار " وأنه " لا يعرف من أبناء الملوك من كان يناظره في العزم والشجاعة والإقدام " وعاد الأشرف إلى مصر ليستمر في صراعه مع أمراء المماليك ، ولكنهم نجحوا في تدبير مؤامرة انتهت بقتله .

أهم الآثار التي ترجع لعهد الأشرف خليل ابن قلاوون :

باب من عكا

يتبـــــــــــــــــــــــــع.................










رد مع اقتباس