منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نواقض الإيمان
الموضوع: نواقض الإيمان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-22, 18:37   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وهذه مسألة مهمة كثير ممن كتب في نواقض الإيمان أو كتب في التكفير لم يرع لهذه المسألة فهم كلام العلماء فيها، فدخل في مسألة الاستحلال ومعنى الامتناع بفهم الامتناع على غير مراد الفقهاء وهذا الذي جعلني أقول لكم في البداية مع غيره إن الاهتمام بلغة العلم ضروري في فهم كلام أهل العلم، فمعنى الامتناع والالتزام هل معناه الجحد؟ هل معنى الالتزام معناه أصل الامتناع معناه الجحد؟ لا، لهذا شيخ الإسلام في موضع مثّل في الفرق بين الجحد وعدم لالتزام، قال: مثل من لك عليه دين فأتيت تطلبه دينك، عليك على واحد ألف ريال قلت يا فلان عندك ألف، فهنا إذا قال ما عندي لك أصلا ألف، فهذا يسمى جاحد -هذا المثال أورده شيخ الإسلام في الفتوى- إذا قال ما عندي لك ألف أصلا فهذا يسمى جاحدا، إذا قال: نعم عندي لك ألف لكن أنا ملتزم بألف؛ لكن أنا لا أعطيها لك حياتي كلها، هذا يسمى إيش؟ ملتزم بها رافض لأدائها، فإذا قال أصلا أنا ما عندي لك هذا المبلغ، فهذا يكون جاحدا.
إذا أصلا هذه الصلاة غير واجبة هذا يكون جاحدا، إذا قال الصلاة واجبة على غيري أما أنا فغير ملتزم بها فهي واجبة وأنا مقتنع بأن الله فرض الصلاة ولا شك لكن على غيري، مثل ما يقول غلاة الصوفية يقولون سقطت عنا التكاليف، هنا يكون كفرهم هل هو بالجحد هم يجحدون حكم الصلاة، يجحدون الصلاة واجبة ويجحدون أن الزنا محرم؟ لا، يقولون الزنا محرم؛ لكن لا يلتزم بذلك يعني لا يقول إنه داخل في الخطاب، وهذا معنى عدم الالتزام، يمتنع من الامتثال بمعنى لا يجعل نفسه داخلا في الخطاب، فيقول أنا ممتنع من قبول دخولي في الخطاب أصلا، مثل ما يقول غلاة الصوفية الذي يقولون سقطت علينا التكاليف، فكفرهم جاء ليس من جهة أنهم جحدوا وجوب الصلاة، يقول لا الصلاة واجبة ولازم تصلون ويأمرون الناس بالصلاة؛ ولكن أنهم من جهة أنهم لم يدخلوا أنفسهم في الحكم.
فإذن صار من مباحث المهمة في النواقض الاعتقادية مسألة الاستحلال وعلاقة الظاهر والباطن، وأن الاستحلال إنما يكون باعتقاده حله بالقلب كما نص عليه شيخ الإسلام، والانتباه للفظ الالتزام والامتناع، وتقابل ذلك مع لفظ القبول والجحد، وأن هذه الألفاظ الأربعة ليس لها معنى واحدا، القبول له معنى والجحد يقابله، والالتزام له معنى والامتناع يقابله.
فإذا سمعت في كلام العلماء تقاتل الطائفة الممتنعة، لا تفهم أن معناها الجاحدة، أو الممتنعة يعني المانعة؟ لا، الممتنعة ليس معناها المانعة، الممتنعة يعني التي تقول أنا غير داخلة في هذا الخطاب، مثل حال مانعي الزكاة، مانعو الزكاة في عهد الصديق قالوا نعم الناس يؤدون لكم، نعم، لكن نحن لا نؤدي ليس من جهة إنكار الحكم أو جحد الحكم لكن من جهة عدم الالتزام به فيقول الناس عليهم أن يؤدوا لكن نحن لا يلزمنا ذلك.
ولهذا يعبر العلماء بقولهم تقاتل الطائفة الممتنعة غير الملتزمة، فيأتون بلفظي الامتناع والالتزام، وهذا تفصيل لكن مهم كثيرين يحصل عندهم غلط في ذلك.
باقي لي مباحث كثيرة ما أدري.
يوم السبت نكمل؛ لأن الشيخ عبد الرحمن البراك عنده ظرف واعتذر فنكمل يوم السبت إذا لم يكون قد رتب أحد، فإذا كان رتب أحد فيبقى علينا الضوابط نعتذر منكم نكملها في محاضرة مستقلة.
على العموم أسأل الله جل وعلا أن يجزيكم خيرا على هذا الحضور، وأن ينفعني وإياكم العلم، وأن يجعلنا ممن يقول الحق ويدعو إليه لا تأخذه في الله لومة لائم، وأن ييسر لنا فعل الخيرات، وأن يبارك فيما نعمل، وأن يجعلنا من عباده الصالحين.
اللهم نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعلنا من عبادك المتقين، وأن تسلك بنا طريق أهل السنة والجماعة، وأن توفقنا للعلم النافع وللعمل الصالح، وأعوذ بك اللهم من فتنة القول كما أعوذ بك من فتنة العمل.
اللهم أسألك أن تميتنا وأنت راض عنا نعوذ بك من الخزي في الدنيا ومن العذاب في الآخرة.
ثم أوصيكم بالختام الحرص على التؤدة في الأمور والرفق خاصة في مسائل نواقض الإيمان والتكفير، لا يتأثر المرء بمن حوله وبما ينكر، فيكون عندنا ردود أفعال أو اقتناعات هذه المسائل مرجعها أهل العلم، وليس مرجعها الصحف، وليس مرجعها المجلات وليس مرجعها محاضرات أو كلمات لفصول الجامعة لغير متخصص مأمون على هذه العلوم، إنما مرجعها أهل العلم، فمن أراد سلامته فلا يخض ببنيات الطريق بهذه المسألة العظيمة، فلها ضوابطها ولها قواعدها، وكلما أخذتها من العلماء السالفين كان آمن وأضبط لك من علماء أهل السنة والجماعة.
أما البحوث المعاصرة في هذا فمنها ما هو صواب ومنها ما عليه ملاحظات.
وأسأل الله جل وعلا أن يعفو عني وعنكم، وأن يجزي كل من بذل خيرا للإسلام بالدعوة بقوله أو بعمله أن يجزيه خيرا وأن يخفف عنا الحساب وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

نواقض الإيمان
عند أهل السنة والجماعة وضوابط ذلك
للشيخ
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
-حفظه الله تعالى-
[شريط مفرغ]

أعدّ هذه المادة: سالم الجزائري