منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - من فضلكم انا بحاجة الى اجاباتكم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-11-22, 22:53   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
عالمة1969
عضو جديد
 
الصورة الرمزية عالمة1969
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السُّبُلَ فتفرق بكم عن سبيله ) (الأنعام: 153)

من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، أن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وأنه يمثل الكمال والاكتمال للرسالات السماوية جميعاً، قال تعالى:

(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) (المائدة:3) ذلك أن الإسلام يمثل مرحلة الرشد الإنساني بعد هذه الرحلة الطويلة من ميراث النبوة من لدن آدم عليه السلام وحتى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتحضير الجنس البشري لاستقبال المنهج الأخير..

فرسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة، قال تعالى:

(ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النَّبيين.. ) (الأحزاب:40). ومن طبيعة الرسالة الخاتمة ومن لوازمها أيضاً أن تستمر سليمة بعيدة عن التحريف والتأويل والنقص أو الضياع، ومن حق الأجيال المتعاقبة أن تتلقى رسالة السماء كما أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يكون خطاب التكليف سليماً صحيحاً في كل حين، حتى يمكن أن تترتب على ذلك شرعياً ومنطقياً قضية الثواب والعقاب، أي حتى يتم التكليف وتترتب المسؤولية، والله تعالى يقول:

(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) (الإسراء:15).

فما ذنب المكلفين من المخلوقين وما مدى مسئوليتهم إذا لم يصلهم خطاب التكليف سليماً؟ وبالتالي فسوف لا تكون الاستجابة لهذا التكليف صحيحة، إذ السلوك الصحيح لا يعدو أن يكون ثمرة للتصور السليم الذي يتحصل من التلقي السليم للرسالة الصحيحة، التي لم يلحق بها ما لحق بالرسالات السماوية السابقة على يد أصحابها من المغالين وخصومها المعادين، ولئن كان ذلك حصل بالنسبة لرسالات الأنبياء السابقين ـ ورسالاتهم مرهونة بأزمان محدودة وأقوام معينين ثم يكون تتابع الرسل ومتابعة التصويت ـ فإن ذلك يستحيل بالنسبة للرسالة الخاتمة.

ومن هنا كانت كفالة الله للرسالة الخاتمة بالحفظ (إنَّا نحنُ نزلنا الذكر وإنَّا لهُ لحافظون ) (الحجر:9). بينما أوكل حفظ الرسالات السماوية السابقة لأهلها (بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء.. ) (المائدة: 44)

القرآن الكريم الوثيقة الدينية الوحيدة التي نقلت بالتواتــر

ولقد حذَّرنا الله سبحانه وقص علينا علل التدين التي أصابت الأمم السابقة حتى لا نسقط فيها ولتستمر الرسالة سليمة طرية ندية كما أنزلت، يتلقاها كل جيل من أجيال الإنسانية دون حواجز أو التباس.

قال تعالى:

(فبما نقضهم ميثاقهم لعنَّاهم وجعلنا قلوبهم قاسيةً يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ) ( المائدة:13) (إنًّ كثيراً منَ الأحبار والرُّهبانِ ليأكلون أموال الناس بالباطل ) ( التوبة:34).

(اشتروا بآياتِ اللهِ ثمناً قليلاً فصدوا عن سبيلهِ إنهم سَاءَ ما كانوا يعملون ) (التوبة:9).

وكان أن أناط الله بالمسلمين الذين هم أوعية الحفظ في نهاية المطاف هذه المهمة يقومون بأوامر الله، وكان من المستحيل شرعاً اجتماعهم على الخطأ وتواطؤهم على الكذب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي قائمين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله )، وقال: ( لا تجتمع أمتي على ضلالة، وفي رواية على خطأ ).

من هنا نستطيع القول: بأن القرآن الكريم من هذه الوجهة يعتبر الوثيقة الدينية التاريخية الوحيدة التي وردت بالتواتر والتي تفيد علم اليقين بينما اختلطت نصوص الأديان السابقة بكلام البشر، ولم ترق إلى سوية الأمور الظنية..

التحذير من علل التدين

والأمر المفزع حقاً هو تسلل علل التدين السابقة إلى بعض قطاعات في عالم المسلمين .. أقول بعض القطاعات وليست الأمة بمجموعها لأن هذا يتناقض مع طبيعة الرسالة الخاتمة كما قدمنا.

إن ظهور هذه العلل على شكل تشوّه تارة، وانحراف أخرى في بعض قطاعات الأمة المسلمة أمر طبيعي في حدوثه ووجوده، مفزع وخطير في تطوره واستمراره، طبيعي لأنه يتسلل من خلال طبائع البشر وما جبلت عليه نفوسهم، وهو من العلل المزمنة التي حذَّر الله منها، والتحذير دليل إمكانية الوقوع (وخير الخطائين التوابون ) والشر من لوازم الخير على كل حال.

لقد حذَّر الله من تحريف الكلم، وحذَّز من الأكل بكتاب الله، كما حذَّر من أكل أموال النَّاس بالباطل، ولاشك أن لكل ظاهرة من ظواهر الشذوذ والانحراف أسبابها وجذورها العميقة، وإن رصد هذه الظواهر واستقراءها إنما يكون وسيلة للتعرف عليها واكتشاف أسبابها، وبالتالي معالجة الأسباب التي أدَّت إليها، وعدم الاكتفاء بمعالجة الأعراض، وعدم الاكتفاء بالحكم على الصورة ورجمها بالحجارة عن إدراك الحقيقة وحسن تناولها.

والأمر الذي يلفت النظر بالنسبة لعالم المسلمين اليوم، الاكتفاء بالإحساس والعجز عن الإدراك، ورؤية الصورة، وغياب الحقيقة، ومعالجة الأعراض وإهمال الأمراض بعدم القضاء على أسبابها.

إن الصورة الكثيرة التي يلمسها الإنسان اليوم للتدين والتي بدأت تتسلل إلى أكثر من مستوى في حياة الأمة تشكل بمجموعها نذر خطر وأمارة سقوط في علل التدين التي أدركت الأمم السابقة، وكانت سبب انقراضها، وهنا لا بد من العزمة الأكيدة على إخضاع هذه العلل للدراسة والتحليل ومعرفة الأسباب، ومن ثم معالجتها من خلال المنهج الإسلامي نفسه، إنها صورة سلبية خطيرة في حياة المسلمين وعلى أكثر من مستوى فإلى أي مدى تستطيع الأمة المسلمة بما تملك من مناهج وضوابط ومقاييس أن تقف فتنتفع بهذه الظواهر السلبية في عمليات التحصين ؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين )، وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم يجمل في هذا الحديث الجامع العلل والتحديات التي لا تخرج في نهاية الأمر عن هذه الأمور الثلاثة:

تحريف الغلاة ـ انتحال أهل الباطل ـ تأويل أهل الجهل.

تحريف الغلاة، هؤلاء الذين يتشكلون في الأمة على وضع بعيد عن التوازن والاعتدال. بسبب من ردود الفعل أو ضغوط المجتمع غير المسلم من حولهم فيقرؤون الإسلام من خلال أوضاعهم النفسية وظروفهم الحياتية، فينحرفون به عن وجهته الصحيحة ويحملون عليه ما ليس منه، ولكل عصر غلاته وخوارجه.

وليست خطورة نحل أهل الباطل ومحاولة تطويع الإسلام لتصوراتهم المسبقة بأقل خطورة من تحريف الغلاة باسم الدين، بل هما على قدم المساواة من حيث الخطورة، أما تأويل الجاهلين والجرأة على الفتوى وإصدار الأحكام بدون امتلاك الأداة المطلوبة فلنا معه وقفة أخرى إن شاء الله ..

حسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

من هنا كانت حسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي صانت الرسالة المحمدية والأمة المسلمة في تاريخها الطويل من الانحراف، وحملتها على الولاء للمنهج، وعدم التحريف للدين والشذوذ الجماعي، والعثرات المردية على طريقها الطويلة، ورحلتها الشاقة في ميادين الاجتهاد والاستنباط، وإنارة السبيل للسالكين، وحفظ القادة والزعماء والمفكرين والعلماء من الافتتان بالرأي والإعجاب بالنفس، من ادعائهم أو ادعاء أتباعهم العصمة لهم، وحفظت الأمة من أن تقع فريسة لغلو أو تطرف أو شذوذ أو تعثر، لذلك شددت الشريعة الإسلامية على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بهما في كل زمان ومكان، وحذَّرت من التواني فيهما والمحاباة لأهل الوجاهة والسلطة،وجعلت كلمة حق عند سلطان جائر أفضل الجهاد، وكانت هذه الحسبة، وكان اللعن لبني إسرائيل على لسان الأنبياء السابقين لأنهم عطلوا هذه الحسبة في حياتهم، قال تعالى: (لُعِنَ الذَّين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوهُ لبئسَ ما كانوا يصنعون ) ( المائدة:78).

هذا وقد تختلط حسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بعض الأذهان فتتوهم أنها تتعارض مع مصلحة الإسلام والمسلمين في عصر من العصور، ويكون هذا التوهم من تلبيسات الشيطان ليضمن استمرا الانحراف ومتابعة الانزلاق..

ولو أخذ المسلمون في اعتبارهم في الماضي أن حسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تؤدي إلى إحداث تشويش واضطراب في صفوف المسلمين، وكفوا عن التنبيه عن الزلل والخطأ، والانحراف والمغالاة، والتطرف والرفض والخروج، لا نقطع هذا المؤشر الحيوي، وهذا الضابط اللازم عن واقع الأمة الاجتماعي ومسلكها الخلقي، وكان ما يعقب ذلك من التباس الأمور على أهل العلم والرأي وانجراف عامة النَّاس للتيارات البعيدة عن هذا الدين باسم الدين واختفاء كثير من الحقائق عن ساحة التصور الإسلامي السليم .

إن التستر على الأخطاء باسم المصلحة العامة، وحفظ الكيان، والتوهم بأن الحسبة في الدين تؤدي إلى البلبلة والتمزق أمر خطير، ومفسدة فظيعة تدفع الأمة ثمنها الدماء الغزيرة، وليس هذا فقط، بل قد يؤدي هذا إلى ذهاب الريح وافتقاد الكيان أصلاً فالأمة بدون هذه الحسبة وهذا التناصح تعيش لوناً من التوحد يشبه إلى حدٍ بعيد الورم الممرض.

من هنا كانت صورة المسلم الحق عدم التحجر والتزمت على صورة مهما كانت طبيعتها، بل هو على استعداد دائم للانتقال من النافع إلى الأنفع، ومن الصالح إلى الأصلح، وقبول الحق إذا اتضح، والدليل إذا وضح، وعدم السقوط في الحزبية القاتلة، والعصبية المدمرة.

الرسول صلى الله عليه وسلم .. وحده الأسوة الحسنة

وعلى طريق حمل هذا الدين والقيام بأمره.. هناك حقيقة على غاية من الأهمية، كانت ولا زالت معلمة من معالم التفكير الإسلامي والثقافة الإسلامية، وكانت دائماً ملازمة للحياة الإسلامية ليصح التصور وينضبط السلوك، وهي: أنه لا يجوز أن يُعتمد أحدٌ كائناً من كان معياراً للحق أو أن يُظن أنه أعلى من أن يناله أحد بالنقد أو يجد فيه مأخذاً، كما أنه لا يجوز لأحد أن يخضع لآخر عقلياً أو فكرياً إلاّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله في حقه: ( لقد كان لَكُم في رسُولِ الله أُسْوةٌ حَسَنةٌ .. ) الأحزاب: 21) .

إن المقياس الإلهي المجرد الذي تجسم في حياة الرسول وسيرته هو المقياس الذي يوزن به الأشخاص ويأخذ كل إنسان حقه ومكانه من هذا المقياس الذي يستحقه.

ومن هنا فالالتزام إنما يكون دائماً وأبداً بالمنهج الإسلامي، بالفكرة، بما شرعه الله لنا، وليس الالتزام بالأشخاص، أو التنظيمات، أو الجماعات ، أو الحكومات التي هي دائماً محلٌ للخطأ والصواب.

والكارثة والخلل والأمراض والعلل تتسلل إلى الحياة الإسلامية من خلال العدول عن هذا المقياس، أو محاولة استلابه من يد الإنسان المسلم، ومن ثم تكون العصمة الكاذبة التي تخلع على بعض الأشخاص، والمبررات المضحكة التي توضع لتصرفاتهم وأخطائهم، وهذا بدء مرحلة السقوط حيث تبدأ عملية تخديم الأهداف والقيم لا خدمتها، وقد يكون هذا من طبيعة البشر عندما تسيطر عليهم فترات الضعف، أو تستبد بهم حالات اليأس، أو تمارس عمليات الإرهاب الفكري أو الفساد السياسي، فتفصل الأحكام على الأشخاص، وتؤصل الحيل الشرعية حتى يصبح لها مؤلفات، وتنمو طبقة فقهاء السلطان، سواء أكان سلطان المال أم الحكم أم الجاه، وتؤول الأحاديث والآيات على مقتضى الأهواء.

ولا يجوز أن يظن أحد أن الدعوة إلى التزام المنهج مقياساً وميزاناً للحق والباطل، وعدم الالتزام بالأشخاص الذين يخطئون ويصيبون ارتداد إلى الفردية، وبعثرة للجهود، وابتعاد عن جماعة المسلمين كافة، فهذا ليس من الأمور الاختيارية بالنسبة للمسلم. وإنما هو في حقيقته تصويب لمسيرة حياة المسلمين الجماعية وإلغاء للقطاعات البشرية من حياة الناس والتزام بالإسلام الذي بيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:

(.. ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا على ذلك وافترقا عليه ) فالاجتماع على المنهج وليس على الأشخاص والافتراق أيضاً على المنهج وليس على الأشخاص. إلا في حالة العمى العقلي وعدم الإبصار الصحيح بسبب التعصب لفئة أو شخص أو عرق أو قوم في حالة عدم وجود العزمة الأكيدة على الالتزام بهذا الدين .

الطاعة المبصرة

من هنا أيضاً ومن لوازم هذا الدين أن تكون الطاعة مبصرةً وأن يكون المقياس منضبطاً. وليس من البدع والأمور المحدثة، بل هو طريق مسلمي خير القرون.

فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الراشد وثاني اثنين إذ هما في الغار والذي أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنته يقول للمسلمين في أول كلمة من فوق منبر المسؤولية :

( أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم ).

وفي هذا تربية للفرد المسؤول في مركز القيادة والحكم والسلطان، فلا يضمن الطاعة له إلاّ بطاعة أوامر الله والتزام المنهج . وتربية للفرد العادي أيضاً لتستيقظ حواسه جميعاً ويمتلك البصيرة الكاملة للمنهج، فلا يحق له الطاعة إلاّ بالمعروف .

ومن هنا أيضاً كان الإسلام لكل المسلمين، وكان مجتمع المسلمين مجتمعاً مفتوحاً يتألق بالحقيقة والاستقامة واستنشاق الهواء النظيف بعيداً عن سياط الإرهاب الفكري دينياً كان أو سياسياً، لا عصمة فيه لطبقة من حكام أو رجال دين يحتكرون المعرفة أو يتحدثون باسم الله فيصبح قولهم هو القانون وهو الدين وتصبح أشخاصهم هي المقياس، فيتسلل الإكليروس من جانب والحكم الثيوقراطي ( الديني ) الذي مارسته الكنيسة في القرون الوسطى من جانب آخر إلى حياة المسلمين، وبذلك يكون الفساد والإفساد.
اسفة اذا هي مو ملخصة
اتمنى افدتك










رد مع اقتباس