منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - دور البنوك الإسلامية في التنمية الاقتصادية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-10-07, 20:42   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Hot News1 انتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى يرجى التثبيت للأستفادة

ومن الممكن تحقيق أرباح مناسبة من عمليات الاستصناع ما دامت الإدارة تحركت بحرص في عمليات الوساطة بعد دراسات وافية عن إمكانيات الصانع والتزامه الدقيق بالعقد وشروطه من ناحية، والمقدرة الوفائية للجهة الطالبة (المشتري النهائي) من ناحية أخرى، وفي مجال الحديث عن دور البنك الإسلامي في عملية التنمية نجد أن عمليات الاستصناع ذات أهمية خاصة بالنسبة لأصحاب الأعمال الصناعية الصغيرة، فالشركات الصناعية الكبيرة أو المتوسطة قادرة على أن تتقدم مباشرة للجهات التي تطلب تصنيع سلع بمواصفات معينة وتقوم بتمويل عملياتها دون صعوبات. أما أصحاب الأعمال الصغيرة فهم يواجهون عادة مشكلات حادة في الحصول على التمويل اللازم لأعمالهم من مصادرهم الذاتية أو من المصادر التمويلية التقليدية، وعلى رأسها البنوك التجارية، لذلك فإن دخول البنك الإسلامي ممولا لصغار الصناع ووسيطا بينهم وبين الشركات الكبرى والمؤسسات العامة التي تطلب تصنيع سلع بمواصفات معينة يمكن أن يهيئ لهم فرصة غير عادية للنمو، بينما يحقق له أيضا إيرادات مناسبة من وراء ذلك النشاط. ويلاحظ أن دور البنك الإسلامي ما يزال محدودا للغاية إلى الآن في هذا المجال.

4 - بيع السلم:

عقد السلم أو السلَف على عكس البيع الآجل، حيث يعني دفع ثمن السلعة عاجلا للبائع وتسلم المشتري لها منه آجلا، ولا خلاف بين الفقهاء على جواز بيع السلم على أن تحدد مواصفات السلعة المسلم فيها بدقة – أو كما هو معروف في السوق - ويكون كل من السعر والأجل معلوما للطرفين، وحينما يقوم البنك بعمليات بيع السلم فإننا نرى مرة أخرى على سبيل التأكيد أن يكون وسيطا فيه لا أكثر؛ لأنه ليس تاجرا يشتري لغرض التجارة في حد ذاتها، لذلك فإن بيع السلم سيكون مصدر إيرادات للبنك إذا أمكن القيام بالتعاقد مع بعض المنتجين (البائعين) على شراء بضاعة منهم بمواصفات محددة، وبثمن معين، وبشرط تسلمها في تاريخ أجل محدد، والتعاقد في الوقت نفسه على بيع هذه البضاعة في التاريخ المحدد سلفا بثمن أعلى من ثمن الشراء (السلم الموازي)، وتسهل هذه العملية كلما كانت هناك أسواق منظمة للتعاقد والتسليم الآجل، ويعتبر ثمن الشراء الذي يدفعه البنك بمثابة تمويل للمنتجين (البائعين) الذين يتعهدون بتسليم بضاعة آجلا.

وللتأكيد، فإن بيع السلم يمكن أن يحتل - كصيغة لاستخدام الموارد التمويلية للبنك - مكانة أهم من بيع المرابحة الآجلة إذا أديرت عملياته بكفاءة، ويلاحظ أن تعظيم ربح البنك من علميات السلم سوف يتحقق كلما زاد الفرق بين ثمن الشراء من المنتجين وثمن البيع للبضاعة في سوق العقود الآجلة، وكلما تضاءل الفرق الزمني بين تاريخ تسلم البضاعة من المنتج وتاريخ تسليمها للمشترى النهائي. أما بالنسبة لدرجة المخاطرة Risk في بيع السلم فإنها تتعاظم كلما قلت الثقة في مقدرة البائع بالسلم على تسليم البضاعة بالمواصفات المطلوبة أو في التاريخ المحدد، أو كلما تعذر على البنك إجراء التغطية اللازمة في سوق العقود الآجلة للبضاعة المسلم فيها، أو تعذر عليه التنبؤ باتجاهات الأسعار المستقبلية لهذه البضاعة، ولذلك فإن الإدارة الناجحة لعمليات السلم من قبل البنك تستدعي تقليل هذه المخاطرة إلى حدها الأدنى الممكن، ونرى أنه من الأفضل أن يستعين البنك في عمليات السلم بخبراء أو وكلاء أو شركات متخصصة في عمليات البيع والتسليم الآجل.

كما تقترح لأجل أهداف التنمية الاقتصادية أن يعتمد البنك الإسلامي على عمليات بيع السلم بشكل خاص في مجال التجارة الخارجية (التصدير والاستيراد) فمن الممكن عن طريق وكلاء متخصصين أو شركات أن يجري الاتفاق مع أعداد كبيرة من منتجي سلعة تصديرية معينة أن يتم شراء إنتاجهم في تاريخ لاحق محدد، وبمواصفات وكميات محددة بطرق السلم، على أن يتم إجراء عمليات بيع سلم لمستوردي هذه السلعة في خارج البلاد في نفس التاريخ .. وهذه العمليات يمكن أن تدر أرباحا كبيرة للبنك إذا تمت بالكفاءة المطلوبة، وفي نفس الوقت تسهم في عملية تنمية الصادرات التي هي جزء لا يتجزأ من عملية التنمية، ويمكن أيضا أن تتم عمليات استيراد بطريق السلم لسلع ومستلزمات إنتاجية لصالح مشروعات داخل البلاد.

5 - عقد المضاربة:

هذا العقد من أكثر العقود أهمية للنشاط الاقتصادي الذي يعتمد على المشاركة في الربح والخسارة، كما كان في الماضي أيضا. فعن طريق هذا العقد يمكن تمويل مشروعات إنتاجية على مستويات حجم مختلفة، ولقد اعتمدت البنوك الإسلامية منذ قيامها إلى الآن على هذا العقد من جهة تعبئة الأموال القابلة للاستثمار، وذلك بعد أن تم تطويره إلى ما يسمى بالمضاربة المختلطة أو الجماعية حتى يتلاءم مع الأعداد الكبيرة من العملاء، كذلك دعت ظروف النشاط المصرفي الإسلامي في ظروف التنافس مع النشاط المصرفي التقليدي، وتحت مظلة القواعد المصرفية السائدة إلى إتاحة قبول أموال من العملاء على مدار العام دون تحديد لأوقات بعينها تبدأ فيها عمليات مضاربة معينة أو تنتهي فيها، ومن ثم فقد أصبح التلقي للأموال على أساس المضاربة مستمرا دون توقف أو دون تحديد لبداية أو نهاية، وهكذا يمكن تسمية المضاربة التي تمارسها البنوك الإسلامية بالمضاربة المختلطة المستمرة، وهي صيغة مستحدثة تماما لم تعرف في القديم، ولكنها تظل مقبولة بشروط حتى لا تنحرف عما تقرره الشريعة الإسلامية.

وبينما يرتبط التمويل التقليدي من البنوك بقدرة الأفراد أو المشروعات على الوفاء بالدين وفوائده فإن التمويل بالمضاربة يرتبط مباشرة بالقدرة التنظيمية على ممارسة نشاط إنتاجي والنجاح فيه؛ فالبنك حينما يقبل مبدأ المشاركة في الربح أو الخسارة داخل الإطار الإسلامي فإنه يقوم بتمويل رجال الأعمال الأكفاء والأمناء الذين لديهم مشروعات واعدة، كما يتعين على إدارة البنك أن تنتقي أو تفضل المشروعات الأعلى ربحية طالما تتوافر فيها شروط الحلال.

وأظهرت الممارسات المصرفية الإسلامية أن صيغة المضاربة الجماعية أو المختلطة نجحت نجاحا كبيرا في تجميع الموارد التمويلية، ولكنها ظلت محدودة جدا في استخدامات هذه الموارد. أما من جهة نجاحها في تجميع الموارد فذلك لأن صيغة المضاربة المختلطة المستمرة خفضت درجة المخاطرة التي يتضمنها مبدأ المشاركة في الربح والخسارة إلى أدنى حد ممكن، وسمحت بتوزيع دوري للأرباح، وهو الأمر الذي يتفق مع رغبات معظم العملاء.

أما من جهة الاستخدامات فقد كان الأمر مختلفا بشكل كبير، لقد تردد معظم مديري البنوك الإسلامية في الاعتماد على عقود المضاربة في استثمار الموارد التمويلية مفضلين صيغا أخرى، والأسباب في ذلك عديدة، لقد كان معظم مديري البنوك الإسلامية من العاملين من قبل في بنوك تقليدية، وقد اعتادوا إقراض العملاء المليئين ماليا والمعروفين لديهم بالإضافة إلى أخذ الضمانات المالية اللازمةCOLLATERALS كلما لزم الأمر، كل هذا أصبح غير مستساغا من جهة الأهداف المصرفية الإسلامية، أو غير مقبول شرعا، هذا بينما افتقدت الإدارة أسسا أخرى عملية يمكن استخدامها في تمويل العملاء بالمشاركة.

إن المضاربة من وجهة نظر صاحب المال عقد يقوم على عنصرين أساسيين: الثقة في أمانة المضارب، والثقة في خبرته وكفاءته في استثمار المال. وفي المجتمعات القديمة أو الصغيرة محدودة العدد، وفي إطار قيم أخلاقية فاضلة، لم يكن عسيرا أن يقوم صاحب رأس المال بتقدير هذين العنصرين، أما في إطار الواقع المعاصر، ومن خلال النشاط المصرفي كيف يقوم المدير المسئول عن التمويل بتقدير هذين العنصرين؟ وماذا يحدث إذا أخفق في عمل تقديرات صحيحة؟ أليس في هذا تعريض لأموال العملاء والبنك للضياع؟

إن ثمة اقتراحين يمكن التقدم بهما لمعالجة الفجوات النظرية في نظام المضاربة، وذلك بهدف تطويره وإحيائه في مجال استخدام الموارد التمويلية للبنوك، ويعتمد الاقتراح الأول على وضع أسس موضوعية وشرعية يمكن الاعتماد عليها في التطبيق العملي للثقة في العميل وأمانته وخبرته، وذلك بدلا من الاعتماد على التقديرات الخاصة لإدارة التمويل بالبنك. أما الثقة في العميل فليست مسألة شخصية، إنما هي موضوعية بحتة تتعلق بالثقة في مشروعية الذي يطلب له تمويلا والثقة في قدرته على القيام به بنجاح، ومن الممكن الاعتماد على إحدى إدارات البنك للقيام بدراسة جدوى المشروع المقدم، والتأكد من وجود الجدية والخبرة والكفاءة اللازمة لدى صاحب المشروع والفريق الذي يعمل معه، وأما أمانة العميل فلا يمكن أن تترك للتقديرات الخاصة – كما كان الأمر في ماضي الزمان – وإنما يجب اعتمادا على معلومات دقيقة أن تبنى على عوامل موضوعية خاصة بسجله السابق وسيرته الذاتية وشهرته في المعاملات، أو مدى استعداد طرف آخر لتزكيته لدى البنك أو ضمان تعهداته لدى البنك، ومن المؤكد - نظريا - أن مثل هذه الآلية في تطبيق المضاربة توفر أمانا أكبر بالنسبة لاستخدامات الموارد التمويلية، ليس فقط بما هو قائم الآن في البنوك الإسلامية، بل بالمقارنة بممارسات للبنوك التقليدية القائمة على قاعدة الملاءة المالية، وأخذ الضمانات.

أما الضمانة الأولى فتتمثل في وضع شروط تشتق من دراسة الجدوى يلتزم بها المضارب في استخدام الموارد التمويلية، والثانية تتمثل في تنظيم تدفقات التمويل إلى المشروع في دفعات مرتبطة بجدول زمني، بناء على دراسة جدوى المشروع من جهة، وتقارير دورية خاصة بمتابعة المشروع من جهة أخرى، ويلاحظ أن وضع الشروط يعني تقييد المضاربة، وهو جائز لدى الحنفية والحنابلة، فإذا لم يلتزم المضارب بالشروط يصبح ضامنا لرأس المال الذي أخذه من البنك دون نقص في حالة الخسارة (تبعا لقاعدة الضمان عند التعدي)، كذلك يلاحظ أن متابعة المشروع من خلال تقارير دورية لا تعني، ولا يجب أن يقصد بها التدخل في إدارة المشروع؛ لأن هذا أيضا يفسد المضاربة.

أما الاقتراح الثاني لتطوير المضاربة فيرتبط بتهيئة موارد تمويلية أكثر ملاءمة لها، وذلك بإصدار شهادات أو صكوك مضاربة مخصصة لمشروعات معينة على أن تكون قابلة للتداول في سوق الأوراق المالية، ولا يجوز استرداد قيمتها نقدا مرة أخرى، بل تصفيتها بالزيادة أو بالنقص عند انتهاء عمل المشروع أو بعد خمس سنوات مثلا أيهما أنسب، ومن حق أصحاب هذه الصكوك التعرف على المركز المالي للمشروع في كل سنة، والحصول على نصيبهم من الأرباح حسب الشروط المعلنة عند الإصدار.

ويختلف هذا الاقتراح في مضمونه وتفاصيله عما هو قائم الآن في ممارسات بعض البنوك الإسلامية. فشهادات المضاربة المصدرة الآن غير مخصصة لمشروعات معينة، وإنما هي مرتبطة بمجموع الموارد التمويلية على أساس صيغة المضاربة المختلطة. كذلك فإن شهادات المضاربة المصدرة قابلة للاسترداد من البنك المصدر لها بنفس قيمتها، إما عند الطلب أو بعد عدة سنوات، ويلاحظ أن التعهد برد قيمة الشهادات نفسها يلقي شبهة على تطبيق مبدأ المشاركة في الغنم والغرم، خاصة أن الشهادات تتلقى ربحا دوريا في نفس الوقت.

هذا الاقتراح عند تنفيذه سوف يفتح بابا عريضا لممارسة المضاربة على نحو يتمشى مع مقاصد الشريعة الإسلامية ويحقق أهداف المصرفية الإسلامية وأهداف التنمية التي ترتبط ولا شك بالاستثمارات طويلة الأجل في النشاط الاجتماعي.

خاتمة

إذا كان البعض يعتقد أن الدفاع عن البنوك الإسلامية ينطلق فقط من مجرد عواطف إيمانية فهو مخطئ، ذلك لأن هناك أدلة اقتصادية عديدة تبرهن على أن النظم التمويلية القائمة على المشاركة في الربح أو الخسارة تؤدي إلى تعبئة المدخرات بشكل أتم، وإلى توظيف الموارد التمويلية للبنوك في أفضل الاستخدامات الممكنة لها بالإضافة إلى تحقيق عدالة توزيع الدخل وبث روح المشاركة في نفوس أصحاب الأموال والمدخرات بدلا من السلوك السلبي المتمثل في "ضع أموالك في بنك ودع الآخرين يعملون، واضمن لنفسك مهما حدث لهؤلاء إيرادا منتظما ومضمونا".

لقد قامت البنوك الإسلامية خلال ربع قرن أو يزيد في بعض الحالات في بلدان إسلامية عديدة بتجميع مدخرات أشخاص لم يكن لهم تعامل مع الجهاز المصرفي التقليدي لإيمانهم الراسخ بحرمة الفائدة في مجالات الاستثمار، كما نجحت البنوك الإسلامية عن طريق أدوات تمويلية مستحدثة بالاشتقاق من عقود إسلامية معروفة كالمرابحة والإجارة والمشاركة، بتمويل أعداد كبيرة من المشروعات الصغيرة والصغرى التي لم يجد أصحابها طريقا من قبل إلى البنوك التقليدية في ظل أنظمتها القائمة على الملاءة المالية والضمانات، ولا شك أن تنمية هذه المشروعات تمثل نقطة انطلاق خطيرة في عملية التنمية بشقيها الاقتصادي والبشري؛ فالعالم كله يتكلم عن التمويل الصغيرMICRO FINANCE الآن ويحاول أن يوائم بين متطلبات البنوك التقليدية في الضمانات وغيرها، ومتطلبات المشروعات الصغيرة والحرفية في التمويل.

وهناك دخول للبنوك التقليدية في مجال التمويل الصغير، ولكن بحذر شديد، وبالتعاون مع شركات التأمين أو شركات ضمان الاستثمار، وبالالتفاف حول تعريف المشروعات الصغيرة بما يقلل من حجم المخاطرة المحتواة في تمويلها. أين كل هذا مما فعلته البنوك الإسلامية في أنحاء عديدة من العالم الإسلامي، وما يزال أمامها باب مفتوح لتفعل أكثر بأدواتها التمويلية التي استقرت من البداية على إقرار مبدأ التمويل بالمشاركة في الربح أو الخسارة؟

إلا أنه من حق البنوك الإسلامية علينا أن نعمل على تطوير أدواتها التمويلية بشكل مستمر، وذلك لتصحيح أخطاء التجربة، وتجربة بلا خطأ في عالمنا وهم وكذبة كبرى، والتصحيح طريق للكفاءة، ولكي تصبح هذه البنوك أكثر فاعلية في تلقي الأموال واستثمارها ليس فقط لتحقيق مصالح أصحابها وعملائها، بل لدفع النشاط الإنتاجي الحقيقي نحو النمو بأعلى معدلات ممكنة، لذلك نتناول كيف يمكن تطوير التمويل بالمرابحة، وقد لعبت دورا مهما في تمويل المشروعات الصغيرة بالرغم من كل ما وجه لها من نقد حتى تؤدي دورا أكبر في نمو هذه المشروعات على أسس إسلامية خالية من أي لبس، كما نتناول كيفية تطوير التمويل عن طريق التأجيرLEASING ، وكيفية إحياء وتفعيل عقود لم تعتمد عليها البنوك الإسلامية بعد كما ينبغي، مثال ذلك عقود الاستصناع والسلم والتي باستحداث آليات عملية لتنفيذها بكفاءة، تصبح قادرة على تنمية نشاط أصحاب الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتنمية الصادرات في نفس الوقت الذي تدر فيه أرباحا مناسبة للبنوك ومن تشاركهم من عملاء.

كذلك فإن هناك اقتراحات مقدمة لإحياء المضاربة من جهة توظيف الموارد التمويلية في أفضل الأنشطة الاستثمارية، كل ذلك مما يخدم قضية التنمية الاقتصادية بشكل مباشر، وهو الأمر الذي يقارن بما تفعله البنوك التقليدية في البلدان النامية بما لديها من موارد تمويلية، فهذه البنوك لا تبالي في المقام الأول إلا باسترداد أموالها مع الفوائد، وليس لديها، ولم يكن لديها في أي وقت مضى منهجية ذاتية للمشاركة في عملية التنمية بشقيها الاقتصادي أو الاجتماعي. إن ما قد تشارك به هذه البنوك التقليدية في أنشطة إنتاجية يحدث تبعا لآليات السوق والربحية الخاصة، وفي إطار الضمانات، ويظل محصورا في المشروعات الكبيرة، وقد تصبح مشاركة هذه البنوك في أنشطة طفيلية لا تبالي بالتنمية أو في تحويل أموال خارج البلد أكبر من مشاركتها في الأنشطة الإنتاجية، وقد تقود عمليات التمويل بالفائدة إلى اختلالات في هيكل النشاط الإنتاجي أو إفراط في الاستهلاك أو في الاستثمار كما تؤكد النظريات الوضعية بسبب الاعتماد على آلية الفائدة.

إن صاحب هذا المقال على يقين - بحمد الله - أنه سبحانه وتعالى لم ينهنا عن الربا إلا لأنه خسارة، إن لم يكن في بدايته ففي نهايته، دعنا نتأمل في أحوالنا وأحوال عديد من الدول النامية الإسلامية الأخرى ونتساءل: ماذا حقق لنا نظام الفائدة (الربا)؟ ألم يكثر الحديث عن أهميته للتنمية الاقتصادية أين هي هذا التنمية؟ هل يعتبر البعض أن ما يتحقق من معدلات نمو للدخل في حدود 3% أو 4% سنويا تنمية اقتصادية بينما الفجوة الاقتصادية Economic Gap بيننا وبين الدول المتقدمة مستمرة في الاتساع؟ وبينما فجوة الفقر بين أغلبية أبناء المجتمع من الفقراء والقلة من الأثرياء وأصحاب النفوذ مستمرة في الاتساع أيضا؟

من جهة أخرى فإن نجاح البنوك الإسلامية في أداء الدور المنوط بها لا يعتمد على مقولات أو مقالات، وإنما على نوايا صادقة من القائمين عليها وأفعال تؤكد ناحيتين هما: التوسل بالشريعة الإسلامية ومقاصدها في جميع المعاملات والتصرفات وابتغاء أقصى كفاءة في أداء الأعمال، فحينما تتحقق الكفاءة القصوى ويتحقق النجاح والأرباح المرتفعة نتيجة رفض الربا والتعامل فقط على أساس المشاركة في مخاطرة الربح أو الخسارة، حينئذ لن يستطيع أحد أن يجادل في الجدوى الاقتصادية لهذه البنوك، وحينما يتحقق هذا على أسس شرعية سليمة لا ريب فيها، حينئذ فقط سوف تسد أفواه الذين ينتقدون البنوك الإسلامية في أن الربا ما يزال يداخل بعض عملياتها مع أنهم هم أنفسهم يتعاملون بالربا الصريح.

وكلمة أخيرة فإنه لكي تنجح هذه البنوك الإسلامية في دورها الإنمائي لا بد من توافر مناخ عام فيه جهد من الجميع، على المستويين الجزئي والكلي، يبذل لإحياء العمل بالشريعة الإسلامية دون إفراط أو تفريط، مناخ فيه نضج تدريجي من حيث التعرف على الثقافة الإسلامية ووعي بعقيدتها، خاصة في مجال الرزق، وفيه مساعدة من الجهات التشريعية ومن البنوك المركزية لمن يسعون لمحو الربا من المعاملات حتى لا نفضل من يعمل بالربا على هؤلاء، ومناخ فيه مؤسسات تعليمية وتدريبية تمد البنوك الإسلامية بحاجتها من الكفاءات البشرية.

والحمد لله في بدء وفي ختم. وصلى الله وسلم على النبي الهادي الأمين الذي بعثه الله فينا فعلمنا ما لم نكن نعلم.

منقــــــــــــــــــــــــول..........










رد مع اقتباس