منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - استراتيجية الحرب الإقليمية على أرض الشام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-08-23, 19:10   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
شمس الدين
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

( خطة الباب )

إن أي خطة عسكرية توضع على الطاولة للمناقشة يجب أن تخضع لإعتبارين أو تجيب على سؤالين : ماذا نريد من هذه الخطة ؟ وبما تخدمنا ؟

وعند الحديث عن المسرح الشامي يجب أن نضع في اعتبارنا أيضا الدروس المستفادة من التجارب السابقة في هذه المنطقة في مقابل أرقام وأحداث الوضع الحالي وما تشير إليه في المستقبل فبين هذه وتلك نستطيع أن نعرف ماذا يجب أن نفعل ؟ وكيف نفعله ؟

فالتعامل مع مسارح الحرب النشطة كما هو متوقع في المسرح الشامي لا يقتصر على وضع الخطط المرحلية في بناء القوة أو للتقدم العسكري على الأرض لأنك قد تتعرض لإنتكاسة عسكرية - بفعل الطبيعة النشطة لمسرح الحرب - تعيدك إلى نقطة الصفر في كل مرة ! خاصة في مسرح أو منطقة كمنطقة الشام تعج وسوف تعج أكثر بخطوط الإمداد والتجنيد لمختلف الأطراف على الأرض سواء كانت إقليمية أو دولية وهذا بجانب أن هذا المسرح يقع بجوار قوى لها تاريخ في عمليات التدخل المباشر كتركيا وإسرائيل .


وبالعودة على العبارة الأولى التي إبتدأت بها حديثي أقول أن أي ضابط أركان يريد إقناع بقية القادة الجالسين حول الطاولة بجدوى خطته يجب أن يبدأ بشرح الظروف التي تدعوا لتبني مثل هذه الخطة ثم يشرع بذكر المزايا التي تقدمها خطته للوصول إلى الهدف من الحرب وعلى هذا الأساس المنهجي يتم إستيعاب الخطة ومناقشتها بشكل علمي ومن أجل ذلك سأبدأ بتمهيد بسيط يضاف إلى التمهيد الرئيسي في الجزء الأول ثم أشرع في ذكر الإستراتيجية المقترحة .


ومن أجل ذلك أقول وبالله التوفيق بأن هذه الإستراتيجية سوف تعمل بعون الله على الإلتفاف على محاولات النظام لترويض الثورة أو تحطيم سقف خياراتها والإكتفاء بالمشاركة السياسية بدلا من إسقاط النظام .. وستعمل بنفس الوقت على الإلتفاف على محاولات القوى الإقليمية والدولية في إفشال الخيار العسكري كحل لإنجاح الثورة ولترويض الحدث نفسه ريثما يتم ترتيب أوراق المنطقة بما يناسب الجميع وبما لا يشكل خطرا على إسرائيل !

فكلا الإلتفافين سيعمل على وضع الشعب السوري في طريق لا عودة منه إلا بتحقيق تغيير حقيقي في واقعه وهذا لن يتم عبر الحلول التوافقية أو المزيفة التي ستطرح له بين فينة وأخرى وإنما يتم بتغيير شامل في المحيط الشامي برمته وليس في سوريا فحسب !

وهذا ما سنحاول رسمه منذ الآن وعبر هذه الإستراتيجية .. فسوريا هنا هي مفتاح التغيير في الشام كله بما فيه فلسطين المحتلة والشام هنا هو مفتاح التغيير للعالم العربي ومن بعده الإسلامي بإذن الله تعالى .


وبالرجوع إلى تاريخ حيثيات الثورية الجهادية في سوريا أعوام 79 و80 و81 و82 نجد أن عناصر الإستراتيجية التي إعتمد عليها نظام الأب هي نفسها التي يعتمدها نظام الإبن الآن حيث التوجه التام نحو الحل الأمني العنيف والعمل على ترويض وإختراق المعارضة السياسية والعسكرية ومعاقبة كل مدينة أو حاضنة شعبية لأي نشاط مسلح بشكل عنيف وشامل كما حدث في حماة 82 وكما يحدث الآن في حمص وإدلب وغيرها

والحقيقة أن هناك تشابه أيضا في إستراتيجية القوى الإقليمية والدولية في التعامل مع الحدث فالعراق إبان حكم صدام حسين والأردن كانا قد إستضافا المعارضة السورية المتمثلة بالإخوان المسلمين وفتحت لهم المعسكرات للتدريب وقدمت دول الخليج الدعم المالي كما تفعل اليوم وكان ذلك في إطار معاقبة النظام السوري على مساندته لإيران في حرب العراق والتي كانت على أشدها آنذاك وهذا ما تفعله دول الخليج الآن إضعافا لموقف إيران الإستراتيجي في المنطقة !

أما القوى العظمى فقد تعاملت وفق ما تمليه قواعد الحرب الباردة وهو ما تفعله الآن بعد أن عادت موازين القوى العالمية إلى شيء من التوازن بعد تراجع مركز الولايات المتحدة كرأس للنظام العالمي إلا أن هذا التشابه في الإستراتيجيات المتبعة في المشهد القديم و المشهد الجديد والذي أدى إلى وأد الثورة الأولى جاء هذا التشابه والذي تعقد عليه الآمال في وأد الثورة الثانية جاء ليصطدم بواقع مغاير تماما !

فالحراك الشعبي في سوريا الآن هو جزء من حراك شعبي أكبر عم الشارع العربي بنسب متفاوته والحراك العسكري الطائفي في سوريا الآن هو جزء من حراك عسكري طائفي أكبر سيعم المنطقة بأكملها وبين تغذية الحراك الأول وامتطاء الحراك الثاني تكمن الإستراتيجية الناجحة في الوصول إلى التغيير المطلوب أو الهدف المنشود في الشام ككل وليس في سوريا وحسب .. ولكن كيف ؟


عندما انطلقت الثورة السورية من درعا وانطلقت معها ومنذ اليوم الأول دوامة العنف من قبل النظام أدركت أن السلمية ستزول لا محالة وسيتجه الجميع إلى السلاح وبما أن الدروس القديمة لايتم إستحضارها بنفس سرعة الأحداث توقعت أن تكرر نفس الأخطاء العسكرية التي حدثت في الماضي واستفاد منها النظام في القضاء على الثورة وبالأخص تكتيك معاقبة المدن التي تضم جماعات مسلحة بالقصف العنيف والتهجير والإغتصابات وغيره حتى تنزجر بقية المدن عن فعل ذلك وتحدث عملية تأنيب وتأليب داخلي شعبي ضد أي نشاط مسلح يستخدم محيطه للعمل - وهذا ما بدأ الكلام حوله بعد عمليات قصف حمص وإدلب - ومع تلك البداية وفي تلك الأيام قمت ببحث موسع حول الخيارات الممكنة لتجنب المزالق التي يستفيد منها النظام في تعامله مع الثورة ولإستثمار الظروف الجديدة في المنطقة وراجعت التوصيات التي دونت في كتاب " التجربة السورية " والذي يعتبر أهم مرجع للثورة الأولى والحقيقة أني لم أجد من بين تلك التوصيات ما يساعد على صياغة إستراتيجية عمل فالتوصيات كانت عبارة عن خبرات نتجت عن تجارب عمل مع النظام والشعب والحركات الإسلامية والسياسية ومع العمل الجهادي نفسه ، والكتاب جيد في فهم هذه المكونات إلا أننا الآن بحاجة إلى أسلوب عمل يتماشى مع الصراع المحلي والإقليمي والدولي ويوظفه لصالحه !

ولذا واصلت البحث بشكل مستقل والحقيقة أني كنت أصل إلى نفس النتيجة في كل مرة ! وأذكر حينها أني كنت أتناقش مع أحد الأخوة الأفاضل عن الوضع العسكري المتوقع في سوريا وكان يقول بما روجه بعض المحللين ومعارضي النظام ومسؤولي التنسيقيات من أن سقوط النظام مسألة وقت لا أكثر ! إلا أني شرحت له وجهة نظري في أن النظام قوي في بنيته الطائفية وتحالفاته الإقليمية والدولية وأن الناس سوف يكررون نفس الأخطاء ولن يخرجوا بنتيجة ! فقال لي : إذن وما الحل ؟ فقلت : الحل في تورا بورا !!


في عام 2003 إلتقيت بمهندس تحصينات تورار بورا التي صمد فيها المجاهدون لأكثر من شهر تحت القصف الأمريكي العنيف وكان ضابطا سابقا في أحد الجيوش العربية ، وقد أسند إليه الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله مهمة بناء خنادق وتحصينات تورار بورا لخبرته الجيدة في ذلك وبعد أن شرح لي التفصيلات الخاصة بالخنادق وطريقة العمل قال لي أن الغرض من موقع تورا بورا أن الشيخ أسامة أراد أن يصمد العرب في موقع حصين ومجهز ذاتيا ولو سقطت أفغانستان كلها في يد الأمريكان !

لأن الشعب الأفغاني لن يلقي السلاح وسيظل يقاتل مادام العرب يقاتلون وقد بنى تصوره هذا على معرفته الجيدة بطبيعة الشعب الأفغاني وقد جاءت الأيام بصدق ذلك ولذلك ما زال المجاهدون العرب يحافظون على تواجد وتمثيل رمزي في عدة جبهات أفغانية لعظيم الفوائد التي تحصل بسبب ذلك .

هذا بالنسبة للغرض الإستراتيجي أما الأغراض التكتيكية فتمثلت في نقطتين ، الأولى أن القتال من موقع تورا بورا سيجنب السكان المحليين القصف الجوي العنيف الذي يطال كل قرية أو مدينة تأوي المجاهدين ولذلك إضطر أكثر المجاهدين العرب إلى مغادرة أفغانستان بعد أن تسبب وجودهم في مآسي كبيرة للسكان لدرجة أن قرية أراد المجاهدون دخولها فقيل لهم : إما أن تدخلوا فنخرج أو تتركونا بسلام !

أما النقطة الثانية فهي أن القتال من موقع تورا بورا سيظمن إستمرار الصراع بالشكل الذي سيفشل أي مشروع سياسي أمريكي لإدارة البلاد وهو ما حدث في انحياز المجاهدين إلى تورا بورا وشاهي كوت وبقية المناطق الجبلية بعد ذلك ، فهذه الإستراتيجية التي عملت على الإلتفاف على إستراتيجية العدو الأمريكي هي نفسها التي نحتاجها للإلتفاف على العدو النصيري وحلفائه الإقليميين والدوليين وستعمل أيضا على خلط أوراق الأعداء وإسقاط أوراق التوت عن مواقفهم الحقيقية من الشعب السوري وستجند الأخير خلف القوة الوحيدة التي يستطيع الإحتماء بها والإعتماد عليها في ظل الأوضاع المرتقبة .. هذا إن أحسنت القوة الجهادية الدخول إلى دائرة الصراع بالشكل الذي يحقق لها صدارة الموقف العسكري المقابل للعدو النصيري والذي سنراهن عليه لاحقا في صدارة الموقف السياسي .. ولكن كيف ؟










رد مع اقتباس