منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - استراتيجية الحرب الإقليمية على أرض الشام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-08-23, 19:06   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
شمس الدين
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

إلتقاء المسارات >> صراع الأمم >> الحرب المكشوفة


إلتقاء المسارات

بدأت الثورات العربية بحركة ميكانية تعتمد على " التقليد" و"التطوير" واهتمت بموائمة فكرة الثورة مع البيئة المحلية بنفس الثقل الذي اجتذبت به الإهتمام الخارجي واستفادت في تسويق فكرة الثورة من وسائل التواصل الألكتروني وأنظمة الإعلام المفتوح .

والحقيقة أن الشعوب العربية أظهرت شجاعة وذكاء في كسر الحواجز النفسية والمادية التي طالما احتمت دونها الأنظمة العربية وهذا من توفيق الله سبحانه وتعالى ، والأمر بعمومه يعتمد على إنتقال الفكرة بالتقليد ثم التطوير بعد ذلك للوصول إلى النتيجة المطلوبة في إسقاط النظام .

فبدأت الثورة التونسية بغضبة صغيرة إنتشرت كالنار في الهشيم وأظهرت هشاشة ذلك الهشيم وهذا ما شجع الفكرة على الخروج من سيدي بوزيد إلى بقية المناطق معتمدة على قدرتها الذاتية في التواصل الإجتماعي والإعلامي وقلت في نفسي حينها : هذا أمر يتحرك بذاته وبلا رأس ! فكيف سيوقفونه ؟

فالأنظمة العربية كانت ومازالت تعتمد على وجود كيانات وزعامات معارضة للتفاهم معهم حول أي طارئ ومن ثم ترويضه وبانعدام وجود ذلك إنعدمت فرص ترويض الحدث ولم يعد أمام بن علي سوى الإفلات بجلده بعد أن باغتت الأحداث " فرنسا وأمريكا والسعودية" وهم الحاضنين الدوليين والإقليميين للنظام في تونس ورأوا أن يتخلوا عن بن علي مقابل بقاء النظام من بعده وهو القرار الذي عظوا عليه أنامل الندم بعد ذلك وفتح عليهم أبواب الجحيم كما سنرى !

ثم إنتقلت الفكرة "بالتقليد" إلى مصر وتفنن المصريون في تطوير وسائل تسويق الأفكار الجامعة للشعب كالحرية والكرامة والعدالة وغيرها مما ساعد على تماسك الجبهة الشعبية مقابل محاولات النظام لتفتيتها عندما اتفق مع البابا شنودة - لا رحمه الله - على حياد النصارى ومع حزب الوفد على المشاركة السياسية ، وقادت الصدفة الثوار إلى ميدان التحرير الذي أصبح رمزا بعد ذلك وتم تقليد فكرته في بن غازي واليمن والبحرين ثم انتقلت فكرة الثورة والتطوير الذي طرأ عليها من مصر إلى ليبيا ولكن عقلية القذافي وطريقة تعامله مع الثورة إختصرت الطريق على الشعب الليبي وعاد بفطرته إلى طبيعته وتاريخه في الجهاد وساعده على هذا الإختيار التلقائي توفر السلاح في المعسكرات الشرقية وعدم وجود زعامات سياسية تقود الثورة أو تحافظ على سلميتها كما حدث لاحقا في سوريا !


ثم جاء التدخل العسكري من قبل حلف النيتو بعد أن أعطوا القذافي الوقت الكافي لإنهاء الأزمة من جانبه ولكنه لم يفلح ، وكان هذا بموازاة رغبة شديدة من فرنسا وبريطانيا ورغبة أقل حماسا من جانب أمريكا في إعادة تقسيم الثروات الليبية وذلك على حساب روسيا والصين إلا أن الشركاء الثلاثة حافظوا على توازن معين للقوى على الأرض ليتجه الطرفان إلى الحل السياسي بعد أن يقتنع الجميع بعدم جدوى الحل العسكري الذي كان بإمكان الشركاء الثلاثث أن يجعلوه لصالح الثوار منذ البداية ولكن فرنسا وبريطانيا وأمريكا رفظوا تسليح الثوار من جهة - واكتفوا بتزويدهم بأجهزة إتصالات ليتجسسوا عليهم - ودأبوا على ضرب مراكز وقوات القذافي من جهة أخرى ليعود إلى رشده أو ينقلب عليه أحد المقربين منه ووظفوا هذه الإستراتيجية في جر الأطراف المتنازعة إلى مشروع التقسيم أو المصالحة على أساس توافق سياسي ينسحب بموجبه القذافي من المشهد السياسي بسلام ودون محاسبة وكانت هذه الإستراتيجية الغربية تراعي إفشال الخيار العسكري الشعبي في إسقاط الأنظمة حتى لا ينجح النموذج الليبي فينتقل " بالتقليد" إلى مكان آخر !!

وخرج وزير الخارجية الفرنسي " ألان جوبيه" بعد أن نجحت إستراتيجية النيتو في تجميد الموقف نوعا ما خرج ليقول في وقت مبكر من الحرب " أن التدخل لم يتح قلب ميزان القوى بين قوات معمر القذافي وقوات المعارضة ويجب العمل من أجل حل سياسي " ثم توالت المبادرات الإفريقية والتركية وغيرها لإيجاد أرضية لذلك - كما يحدث الآن في سوريا - ثم خرج " جوبيه " في رمضان تحديدا وبعد أربعة أشهر من تصريحه السابق ليؤكد فكرته بتصريح صحفي يشير فيه إلى أن الحل السياسي هو الحل الوحيد الممكن للخروج من الأزمة !

وبعد هذا التصريح بأيام قليلة نجحت كتائب مجاهدي الثورة الليبية في التقدم نحو خطوط الدفاع الأولى حول طرابلس ونجحت في اقتحام العاصمة في عملية أطلق عليها ( فجر عروس البحر ) وهي واحدة من أجرأ العمليات تخطيطا وتنفيذا وخرج "أوباما " بعدها على إستحياء ليقول : إن الموقف ما زال غامضا ! في اعتراف ظمني إلى أنه أمر لم يأتي على مزاج النيتو و الشركاء الثلاثة !



وفي أثناء إنطلاق الثورة الليبية إنطلقت الثورة السورية - بعد عدة محاولات فاشلة - بنفس الطريقة التي اقتبستها الشعوب العربية وقلدتها من ثورتي تونس ومصر واصطدم السوريون بأسوأ من العوائق التي اصطدم بها إخوانهم في ليبيا إلا أن مزايا النظام السوري التي شرحناها في بداية الموضوع واستفادته من الدروس السابقة في ثورتي مصر وليبيا وإخلائه المنطقة من السلاح وعدم وجود مصلحة للقوى العظمى في التدخل العسكري حرمت الثوار من تطوير خياراتهم في إسقاط النظام وظلوا يرددون سلمية سلمية وترسخ هذا الإختيار المر بعد أن تشكلت الهياكل السياسية الثورة كالمجلس الوطني وهيئة التنسيق ولم يتغير هذا الوضع المزري إلا بعد أن فتحت طرابلس علي أيدي المجاهدين فعندها فقط سجلت الثورة السورية أو تصريح يدعو إلى عسكرة الثورة وكان بلسان رئيس إحدى هيئات التنسيق في الداخل وبذلك انتقلت عدوى " التقليد" إلى الجانب السوري وهذا ما كان يخشاه الغرب ولذلك صرح أحد خبراء السي آي أيه بعد أن تكررت العمليات الإستشهادية ضد مراكز النظام السوري بأنه : لا يخشى وجود تنظيم القاعدة ولكنه يخشى إنتشار فكر تنظيم القاعدة !!!

والحقيقة أن تصريح هذا المسؤول الإستخباراتي قد لخص كل ما أردت قوله هنا ! فالشعوب العربية وعبر رحلتها المفيدة والمريرة طوال العام الماضي وتطور أفكارها وانتقالها بالتقليد والموائمة وصلت في إحدى أهم ثوراتها وأكثرها حساسية وجذبا للأنظار وللإهتمام الإقليمي والدولي وصلت إلى نقطة الإلتقاء مع المسار الذي إختاره التيار الجهادي وتنظيم القاعدة على وجه الخصوص قبل ذلك بعقد ونيف بضرورة إسقاط هذه الأنظمة الفاسدة بالعمل العسكري القائم بذاته وإن اصطدم ذلك بمصالح الدول العظمى !!


والقصد أن إشتباك المصالح الدولية والإقليمية في بقاء النظام النصيري الفاسد وانكشاف زيف الشعارات التي تدعيها بعض الدول العظمى في الشرق والغرب وسخونة وقسوة الأحداث التي أعادت تشكيل الولاء والبراء في المنطقة العربية على أساس الدين بعد أن سقطت أكاذيب المواطنة .. هذه المعالم التي وقفت على جوانب طريق الثورة السورية وهي تخوض معركتها العادلة والشريفة في سبيل تحقيق أبسط حقوقها في العيش بكرامة قادت هذا الشعب المبارك إلى شعار ( الشعب يريد إعلان الجهاد ) بعد أن كان قد بدأ ثورته بالشعار المقتبس : الشعب يريد إسقاط النظام !


فالمراقب لمشوار الشعارات المرفوعة في كل جمعة من جمعات الثورة السورية والحديث هنا عن شعارات الشارع وليس التنسيقيات التابعة للمجلس الوطني يرى أنها كالسبورة التي تعلم عليها الشعب السوري كيفية الوصول إلى حل معادلة ثورته الصعبة .. الحل الشرعي والواقعي والعملي وكان لابد من هذا المشوار والدرس القاسي للوصول إلى تلك النتيجة العظيمة التي ستقلد فيما بعد ! فالثورة السورية كانت بمثابة المقلاة التي نضجت عليها مفاهيم وخيارات الشعب السوري ومن خلفه الشعوب العربية - المراقبة والمتأثرة بالحدث - في تحديد المسار الصحيح والواجب سلوكه في تحقيق تطلعاتها في العيش الكريم دون أي إستجداء لعطف الذئاب أو طمع في شهامة ونخوة الكلاب أو أي حل توافقي ترعاه الثعالب !


فالأحداث الجسام التي مرت بها شعوب المنطقة من خلال هذه الثورات قد أعادت صياغة العقل العربي بشكل يقوده إلى التأثير بمحيطه ، فلولا استمرار الشعب التونسي بالتظاهر في كل مكان لما رفع الغرب الغطاء عن بن علي ولولا صمود الشعب المصري في ميدان التحرير رغم الرعب والجراح والمكائد لما اضطر الغرب للضغط على مبارك ولولا ثبات الليبيون في الميدان وتقديمهم آلاف الشهداء وهم يشقون طريقهم نحو العاصمة لما فشل الغرب في فرض الحل السياسي عليهم ولولا تكسر الخيارات السلمية والوطنية والخارجية للثورة السورية على مطرقة الواقع الأليم لما توصل السوريون إلى بداية الطريق الصحيح في نيل مطالبهم !

إلا أن الحالة الأخيرة كانت وما زالت تصطدم بمصالح القوى العظمى وهذا ما يجعل نجاح الثورة السورية على حساب مصالح الغرب بعكس النجاحات السابقة للثورات العربية والتي استطاع الغرب التعايش معها والإلتفاف عليها بدرجات مختلفة ! وهذا التصادم الذي سيوجبه احتضان الشعب السوري لفكرة الجهاد والعمل من خلالها - وهذا مشاهد الآن - بعد أن جرب كل الحلول العقيمة سيكشف ضعف القوى العظمى أمامه وسيكشف أيضا لعموم المسلمين مدى القوة التي يملكونها بالرجوع إلى تلك الفكرة العظيمة وهي النقطة التي ستبدأ عندها عجلة " التقليد" بالعمل وسواء كان ذلك قبل الحرب الإقليمية المرتقبة مع الحلف الشيعي أو بعدها إلا أن هذه المرحلة آتية لا محالة !

وهذا التصادم أيضا سيضع شعب بأكمله في مواجهة بقية العالم المسيطر عليه عسكريا وسياسيا وإعلاميا وثقافيا من قبل القوى العظمى وهو نفس الوضع الذي ابتدأ فيه تنظيم القاعدة الحرب ضد رأس النظام العالمي والأنظمة العميلة التابعة له إلا أن المواجهة ستنتقل من مستوى " التنظيم" إلى مستوى " شعب " وبما أن الحركة الميكانيكية لأفكار الشعوب العربية أثبتت قدرة كبيرة على تقليد أي نجاح وبما أن أي حرب إقليمية ستعمل على إذابة الحدود والفوارق التي وضعت منذ سنين بين الشعوب العربية فأستطيع القول بأن الجهاد قد ينتقل في هذه المرحلة من جهاد الطليعة أو النخبة إلى جهاد الأمة وهو الأمر الذي افتقدناه منذ سنين وعقود طويلة وهو الأمر الذي سيسجل أيضا كنجاح باهر لإحدى أهم الإستراتيجيات التاريخية في استنهاض الأمم والتي وضع أولى لبناتها الشيخ المجدد أسامة بن لادن رحمه الله .










رد مع اقتباس