
في العصور العباسية كان لهم أثر مشهود في الدفاع عن حياض الخلافة، وحتى عندما كونوا إماراتٍ خاصة بهم كغيرهم من الأمم أيام تدهور الخلافة العباسية في العصر البويهي (334-447 هـ) بقوا على إخلاصهم لرمز الإسلام آنذاك (الخلافة العباسية)، ولم يحاولوا القيام بحركات التمرد والانفصال أو احتلال بغداد مثل أمم أخرى كالفُرس والبويهيين، وكان في استطاعتهم فعلُ ذلك لو أرادوا، ولكنه الإخلاص للإسلام وللخلافة العباسية منعهم من ذلك العمل.
ظلَّ الأكراد يتمثلون روح الإسلام، كما أنهم أصبحوا جنودًا للخلافة الإسلامية في شتى عصورها، بل أصبحوا سندًا ومُدافعًا أمينًا عن الثغور الإسلامية في وجه الروس والبيزنطيين وحلفائهم من الأرمن والكرج (الجورجيين)، أما ما فعلوه في مقاومة الصليبيين والباطنيين تحت قيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي فكان عملاً مشرفًا.
برز الأكراد في التاريخ الإسلامي من خلال دولة كبرى كانوا هم مؤسسيها، وقامت هذه الدولة بجهود كبيرة في توحيد مصر والشام، في حين كانت الخلافة العباسية في حالة ضعفٍ شديد، وتصدت هذه الدولة للصليبيين في مصر والشام، وتمكنت من الانتصار عليهم في معارك عظيمة في (حطين) و(المنصورة)، واستمرت الدولة ما يقرب من مائة عام من 569هـ إلى 661هـ .هذه الدولة هي الدولة الأيوبية التي أسسها القائد المسلم الكردي صلاح الدين الأيوبي –الذي ربما لا يعلم الكثيرون أنه كان كرديًّا– وقد نشأ هذا البطل في تكريت بالعراق، وجاء مصر مع عمه أسد الدين شيركوه، وتمكن من إسقاط الدولة العبيدية الإسماعيلية وإقامة دولة سنية، ثم تمكن من توحيد مصر والشام في دولةٍ قوية انتصرت على الصليبيين، وتولت أسرته الكردية الحكم من بعده حتى نهاية الدولة، وقيام دولة المماليك
واستمر الأكراد في الدفاع عن الإسلام وشريعة الله عز وجل، وشاركوا في الفتوحات مع الدولة العثمانية، ولكن بعد انهيار تلك الإمبراطورية رفض كمال أتاتورك الاعتراف بالقومية الكردية مما ترتب عليه قيام ثورات كردية وتكوين أحزاب كردية أهمها حزب العمل الكردستاني التركي (البي كي كي)، إلا أن الحكومة التركية ترفض تماماً فكرة قومية الأكراد أو حقهم في التمثيل البرلماني، حتى إن أحد الصحفيين الأتراك قال: "إن أساس الصراع يكمن في أن النظام التركي الكمالي نظام غير ديمقراطي، نصف عسكري، يحتمي وراء قناع ديمقراطي، يرتكز على دستور عسكري، لا يحترم حقوق الإنسان، هذا النظام يرفض رفضاً باتاً الإنصات إلى مطالب الأكراد في التمثيل السياسي الاجتماعي والثقافي حسب نسبتهم 25% داخل المجتمع التركي، وإلى مطالبهم بعدم إهمال المناطق الكردية من التنمية الاقتصادية كما هو الحال الآن".
لقد كان مطلب الأكراد وما زال أن تكون لهم دولتهم المستقلة، وحاولوا ذلك بعد حرب الخليج الأولى عام 1991م.