تحنيط وطن
بعد سنوات مريرة من الشكب والامتصاص المتواصل لما تحويه من خيرات مرئية وسمعية ،يكبر الجسد ويشيخ في تخمة الزمن وتفترسه المواجع ،لا يجد غير تجديد عهد الصبا حتى يكمل دورة الشكب والامتصاص السحيق، وطن من الوجع يسكن جسد الوطن ولا فسحة امل ،
يقرر الجسد الهرم تجديد عهده مع الشباب فينبري للتجديد ،بستان هرم لا يجد من يقطف هرائه السمج ،التحنيط اخر فرصة قبل فوات الاوان وقبل ان تطرق مسامعه صدى الانفاس المختنقة بغبار الفساد المستشري يقرر تحنيط نفسه ودفن الكرسي تحته حتى لا تعتليه غبرة الثورة والصحوة الحرة ،جيل كامل من الفشل والانبطاح جيل من التعب الشاهق
لا ينتظر شيء يغرق البحر في تفاصيل الوجوه ولا يجد غير وجوه شاحبة صامتة مثل الليل الحزين
جيل لا يرعوي من البكاء الطويل على اطلال عمره وبعثرة الاماني على مراسي الفشل
جيل مات قبل ان يولد لانه ولد في زمن ملك من سبقه
على جدران مهترئة كتب شاب بالحبر القاني كلمة حرية
ترفرف الكلمة وهي مسجونة بين جدران تكاد تنهد وترديها الى ساحق الارض لكنها تقاوم في صمت كلمة بلا ر وح تنتظر من ينفخ فيها نفخة الحياة
مدخل بدون مخرج
أشعر انني اصبت باكتفاء ذاتي من الاحزان ولم اعد احتاج لاستراد احزان من قلوب اخرى بل قد
يكون بمقدروي تصدير احزان بما يكفي لاغراق كثير من القلوب في لجة بحر بلا قعر من الاشجان
فقد صمتت القلوب عن النحيب وشربت الارواح دموعها تصحرت الحرية في بوادي الانتظار والانكسار ومنعت كلمة الحق عند شيطان جائز
بل جرمت كلمة حرية واصبح الاستحمار جزء من ثقافة الولاء والركوع لكل جبار فالاطواد تنتظر والاكتف لم تزل صامدة لتبني لكل فرعون الف هرم والف صنم
شنف مسمعمي بقليل من لغو الحقيقة فقد ثملت من شرب اعاصير الغواية والكذب البواح
سكارى يتمددون في طرقات البهائم بحثا من يسد رمق غيهم الشره
وابواق تصيح بالنحيب لتغتال حلم وطن دميت خطواته
الى عبد الجزمة
سماحة سيدي القدير الحاصل على درجة استاذية في بحوث الحلزون ودكتورا في فقه الزلابية والقلب اللوز
نحن طلبة الحقوق والحق القابضون على جمر الزمن نقول لك قد كفيت ان سكتت واجدت ان صمتت
لم تعد اسماعنا المدهوشة تريد مزيدا من الادهاش فاصمت سامحك الله ...الزمن لم يسعف الاذكياء
فصرحت جموع الاغبياء بين رحابه تنفث سمسوم الجهالة بين ربوعه
ساقول لا لكل غوي يشرع الخنا ويصنع خلف كل زاوية قليص لتسجد له حمير الوالي وتصفق
ساقول لا لكل ظالم يسحل الفضيلة ويسجنها في غياهب النسيان ويغتال صوت الحق
ساقول لا لكل خائن يقبل يد جلاد الامس ويعيش على جثمان اليوم