منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - وقفة قصيرة مع بعض الطاعنين في العلامة المحدث ناصر الدين الألباني رحمه الله (من مقدمة كتابي "إبلاغ الفهامة")
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-07-16, 13:13   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الرد على من اتهم العلامة الألباني بالإرجاء للشيخ فركوس حفظه الله


السؤال:
لقد تطاول بعض المشتغلين بالعلم على أهل العلم ، وتجاسروا بالذات على الشيخ العلامة ـ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله تعالى ، ووصفوه هو و تلامذته بالإرجاء لمخالفة لهم في حكم تارك الصلاة ، و لتصريحه بأنّ الأعمال الصالحة كلّها شرط كمالٍ عند أهل السنة .

فهل يجوز شرعا أن يوصف المخالف في هاتين المسألتين من كلا الجانبين بالإرجاء ؟

أفيدونا زادكم الله من فضله و سدّد خُطاكم .

الجواب :

إنّ الشيخ العلامة محمد ناصر الدّين الألباني أحد أئمّة الدعوة السلفية في عصرنا الحاضر و هو محدّث العصر و حافظ العصر و من أشدِّ الذابين عن السنة النبوية المطهّرة و عن أهلها ، وقد كان له الفضل في بيان أصول المنهج السلفي السوّي و دعا إلى الانتساب إليه إيمانا و اعتقادا ، فِقه و فهما و عبادةً و سلوكا وتربيةً وتزكية ، فكان فعلا محيي السنّة و قامِع للبدعة و مجدّد هذا العصر و هو من الأوائل الداعّين إلى نبذ التقليد و التزام الدليل ، و لا شك أنه لا يسعنا هذا أن نجلس في تِعداد فضائله الكثيرة التي لا نستوفي حقّها .

أمّا وصفه بالإرجاء ، فلا ينبغي أن يوصفَ في مثل هذه المسائل كمسألة حكم تارك الصلاة التي أختلف فيها السلف من أهل السنة و الجماعة و لا علاقة لها بمسائل الإرجاء لا من بعيد و لا من قريب ، ذلك بأنّ السلف و علماء السلف الذين ذهبوا إلى القول بأنّ تارك الصلاة تكاسلا و عمدا أنّه مؤمن عاصي فكفرهُ كفرُ عمل لا ينقله عن الملّة ، هؤلاء أمثال الإمام مالك و الشافعي و . . . و الزهري و . . بن زيد وأبي حنيفة و أصحاب الرأي بل هو المشهور عن جمهور المتأخرّين ، بل أنّ الحنابلة أو جمهور الحنابلة يذهبون إلى هذا القول و هو اختيار أبي محمد المقدسي رحمه الله في المغني ، حيث أنّ الحنابلة خرّجوا عن الإمام أحمد فيه قولا بقتل الإمام له حدا ، يقتل الإمام التاركة الصلاة كسلا و عمدا أنّه يقتله عمدا و هذا لا يتم بناءه إلا على القول بعدم التكفير .

فإذا كان هؤلاء يصفون الشيخ محمد ناصر الدّين الألباني ـ رحمه الله ـ بالإرجاء من أجل هذه المسألة فإنه يلزم من يدّعي أنّه قول المرجئة أن يُطلق هذا الوصف على هؤلاء جميعا .

و أكيد أن الخلاف في هذه المسألة معروف بين كثير من أهل العلم ولم يرِد منهم تبديع أحدٌ به و لا إطلاق وصفة إرجاء عليهم ، بل لا يجوز أصلا وصف أحد من أهل السنة و خاصةً إذا كانوا من أهل العلم الربّانيين بأنّهم مرجئة بسبب عدم تكفيرهم لتارك الصلاة ، ذلك لأنّ أهل السنة يُدخلون الأعمال ضمن الإيمان بخلاف المرجئة ، و الخلاف بين أهل السنة في هذه المسألة لا يترتّب عليه فساد اعتقاد لأنّ أهل السنّة يتّفِقون على أنّ مُرتكب الكبيرة لا يخرجُ من الإيمان بل هو في مشيئة الله إن شاء عذّبه و إن شاء غفر له و القائلون بتكفير تارك الصلاة ضمّوا إلى هذا الأصل أدلّة أخرى ، فترجيح العلم لأحد الرأيين المتنازعين في هذه المسألة ينبغي أن يُرَاعى فيه منهجية البحث و أدب الخلاف و أن يبقى في حدود إتباع منهج السلف الغير المؤثر على الأخوّة الإيمانيّة كما كان عليه الأمرُ السنّي سابقا و لا يكدّر صفاء مسيرة الدعوة السلفية و يُفسد مراميها و غاياتِها المَرجُوّة .

أمّا المسألة الثانية التي تفضّلتم بها و هي المتعلقة بشرطيّة الأعمال ، من المسائل التي وصِف فيها ظلماً و عدوانا الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ بالإرجاء في شرطيّة الأعمال هل هي شرط صحّة أو شرط كمال ، فإنه لا يُساورُنا شك أنّ الإيمان عند أهل السنّة و الجماعة يتمثّل في تصديق بالقلب و الإقرار أو النطق باللسان و عمل بالجوارح و الأركان .

و أهل السنة يختلفون مع المرجئة سواء جهمية مرجئة و هم الذين يعتقدون أنّ الإيمان هو المعرفة أو الكرّامية و هو القائلون أن الإيمان قول باللسان دون القلب أو مرجئة الفقهاء وهو الذين يقصدون الإيمان على اعتقاد القلب و قول اللسان ، وهذه الأصناف الثلاثة من المرجئة أخرجوا العمل عن مُسمّى الإيمان ، و أكيد أنّ هذا المذهب أو هذه الفرقة الضالّة ليست على نهج السنّة و أهلها في إدخال الأعمال في دائرة الإيمان .

و من هنا يظهرُ جليًّا أنّ الشيخ الحافظ محمد ناصر الدين الألباني و إن جعل العمل شرط كمالٍ على الوجوب في الإيمان إلا أنّه لم يُخرج العمل عن مُسمّى الإيمان بل متى ترك العمل فإنّ إيمانه ناقص و يَأثم و يستحق العقاب و العذاب ، إلا أنه لا يُخلّد في النار بل الإيمان عنده يزيد و ينقص .

ولا ريب أنّ هذا مُخالفٌ تماما لقول المرجئة من ناحية أنّهم يعتقدون أنّ من نطق بالشهادتين فهو مؤمنٌ مستكمل الإيمان و يرون أنّ تارك العمل كالعامل و مقترف السيّئات و الموبقات فجميعهم إيمانهم واحد على أصلهم بمعنى أنّ الإيمان على أصلِهم أنّه لا يزيد و لا ينقص .

ولا يخفى أنّ هذا المذهب لا يقول به الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ ولا غيره من أهل السنّة أبدا ، ذلك لأنّ من قال أنّ الإيمان يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصيّة أنّه اعتقاد و قول و عمل فقد برئ من الإرجاء كلّه أولّه و أخره كما نُقل ذلك عن الإمام أحمد بن حنبل و البربهاري و غيره من أهل السنة .

ثمّ إنّ الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ لم ينفرِد بهذا القول أي بأنّ الأعمال كماليّة دون سائر أهل السنّة أجمعين و إنّما في مقالة أبي عبيد القاسم بن السلام في كتابه الإيمان و كذلك ما ورد عن الحافظ بن رجب في فتج الباري ما فيه إشارة إلى هذا القول ، بل هو مقتضى مذهب كل من لم يُفسّر تارك الصلاة ، فمقتضى الكلام القائلين بعدم تكفير تارك الصلاة يلزم منهم ما يلزم قول الشيخ الألباني في ما ذهب إليه و على رأسهم الأئمة الكبار من أهل السنة و الجماعة .

و عليه فإنه يلزم إطلاق هذا الوصف عليهم جميعاً و هذا باطِلٌ بلا ريب ، لذلك الواجب توقير العلماء لكونهم ورثة الأنبياء مع اقتران توقيرهم بالمحبّة الصادقة لأهل العلم و العدل و التقوى و الإخلاص و تحسين الظنِّ به و إنزالهم المنازل الجديرة بهم مع عدم الاعتقاد العصمة فيهم فإنّ ذلك إحدى علامات أهل السنة و هي حبّهم لأئمة السنة و علماءها و أنصارها و أولياءها ، أمّا علامة أهل البدع فالوقيعة في أهل الأثر ، و عليه فإنّه إذا كان الاختلاف على الأنبياء سببا في هلاك من قبلنا ، فالاختلاف على ورثة الأنبياء بالباطل لا يجوز لأنه يؤدي إلى الهلاك على نحو ما أخبر به النبيّ ـ صلى الله عليه و سلم ـ حيث قال : (
إنّما هَلَكَ الذين من قبلكم كثرة مسائلهم و اختلافهم على أنبيائهم ) .

أسأل الله سبحانه و تعالى أن يُعزّ أولياءه و يذلّ أعداءه و يهدينا للحق فهو حسبنا و نعم الوكيل وبكلّ جميل كفيل و عليه الاتكال في الحال والمآل والحمد لله ربّ العالمين
.
mountada.darcoran.net/index.php?act=Print&client=wordr&f=15&t=19046









رد مع اقتباس