[align=justify]من شعره :
قال في السلطان :
[align=center]إن الجماعة حبل الله فاعتصموا (***) منه بعروته الوثقي لمن دانا
الله يدفع بالسلطان معضلةً (***) عن ديننا رحمة منه ورضوانا
لولا الأئمة لم تأمن لنا سُبل (***) وكان أضعفنا نهباً لأقوانا[/align]
وقال في مِسعر بن كدام :
[align=center]من كان ملتمساً جليساً صالحاً (***) فليأت حلقة مِسعر بن كدامِ
فيها السكينة والوقار وأهلها (***) أهل الوقار وعِليَةُ الأقوامِ[/align]
وله أيضاً :
[align=center] الصمت أزين بالفتى (***) من منطق في غير حينه
والصدق أجمل بالفتى (***) في القول عندي من يمينه
وعلى الفتى بوقاره (***) سِمة تلوح على جبينه
فمن الذي يخفى عليك (***) إذا نظرت إلى قرينه
رب امرىءٍ متيقنٍ (***) غلب الشقاء على يقينه
فأزاله عن رأيه (***) فابتاع دنياه بدينه[/align]
من حكمته :
سئل ابن المبارك : ما خير ما أعطي الإنسان ؟؟ قال : غريزة عقل . قيل : فإن لم يكن ؟ قال : حسن أدب . قيل : فإن لم يكن ؟ قال : أخ شقيق يستشيره . قيل : فإن لم يكن ؟ قال : صمت طويل . قيل : فإن لم يكن ؟ قال : موت عاجل
وقال أيضاً : على العاقل أن لا يستخف بثلاث : العلماء والسلطان والإخوان ، فإن من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ، ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه ، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته .
وعنه : كم من حامل للقرآن والقرآن يلعنه من جوفه ، وإذا عصى حامل القرآن ربه ، ناداه القرآن من جوفه ، : والله ما لهذا حملت ، إلا تستحي من ربك
وعنه أيضاً : ليكن عمدتكم الأثر ، وخذوا من الري ما يفسر لكم الحديث
وقال أيضاً : في صحيح الحديث شُغل عن سقيمه .
كراماته :
قال الحسن بن عيسى : كان مجاب الدعوة
وقال أبو وهب : مر عبد الله برجل أعمي فقال : أسألك أن تدعو لي فدعا فرد الله بصر ه وأنا أنظر .
ثناء العلماء عليه
قال سفيان الثوري وهو شيخه : إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة واحدة مثل عبد الله بن المبارك فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام
وعن الثوري أيضاً : ابن المبارك عالم أهل المشرق وأهل المغرب .
وعن ابن عيينة : ابن المبارك عالم المشرق والمغرب وما بينهما .
وقال عبد الرحمن بن مهدي : ما رأيت مثل ابن المبارك ، فقيل له : ولا سفيان ولا شعبة ، فقال : ولا سفيان ولا شعبة . وقال أبو إسحاق الفزاري : ابن المبارك إمام المسلمين .
وعن أبي أسامة الحافظ : كان ابن المبارك في أصحاب الحديث مثل أمير المؤمنين في الناس
وقال إسماعيل بن عياش : ما على وجه الأرض مثل ابن المبارك ، ولا أعلم أن الله خلق خلصة من خصال الخير إلا وقد جعلها فيه .
قال الحسن عيسى : اجتمع أصحاب الحديث فقالوا : تعالوا حتى نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير ، فقالوا : جمع العلم ، والفقه والأدب ، والنحو ، واللغة ، والزهد ، والشعر ، والفصاحة ، والورع والانصاف ، وقيام الليل والعبادة ، والحج والغزو ، والشجاعة والفروسية ، والشدة في بدنه ، وترك الكلام فيما لا يعنيه ، وقلة الخلاف على أصحابه
وقال النسائي : لا نعلم في عصر ابن المبارك أجل من ابن المبارك ولا أعلى منه ولا أجمع لكل خصلة محمودة منه
وقال مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي في العبر : الإمام العلم الفقيه ، الحافظ الزاهد ، ذو المناقب . كان رأساً في الذكاء ، رأساً في الشجاعة والجهاد ، رأساً في الكرم
وقال الذهبي أيضاً : الإمام الحافظ العلامة ، شيخ الإسلام فخر المجاهدين ، قدوة الزاهدين ، صاحب التصانيف النافعة .
وقال أيضاً رحمه الله : والله إني لأحبه في الله وأرجو الخير بحبه لما منحه الله من التقوى والعبادة والاخلاص والجهاد وسعة العلم والإتقان والمواساة والفتوة والصفات الحميدة .)
وفاته
توفي ابن المبارك رحمه الله في بلدة هِيت ودفن فيها وذلك في سنة 118هـ ، وله من العمر ثلاث وستون سنة . وروي أنه لما بلغ الرشيد موت ابن المبارك قال : مات سيد العلماء ، ثم جلس للعزاء وأمر الأعيان أن يعزوه في ابن المبارك
ما رآه له الصالحون
قال زكريا بن عدي : رأيت ابن المبارك في النوم فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي برحلتي في الحديث
وعن صخر بن راشد قال : رأيت عبد الله بن المبارك في منامي بعد موته ، فقلت : أليس قد مت ؟؟ قال : بلى ، قلت : فما صنع بك ربك ؟؟ قال : غفر لي مغفرة أحاطت بكل ذنب
وعن محمد بن يوسف الفريابي قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقد مر به سفيان الثوري ، قلت : يا رسول الله مات مِسعر بن كدام . قال : نعم وتباشر بروحه أهل السماء . قلت : يا رسول الله ما فعل حماد بن سلمة ؟؟ قال : مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً . قلت : يا رسول ما فعل حماد بن زيد ؟ قال : مع المقربين . قلت : يا رسول الله ما فعل عبد الله بن المبارك ؟ فقال : هيهات هيهات !! ذاك أرفع من هؤلاء .
رحم الله الإمام ابن المبارك رحمة واسعة
-*-*-*-*-*-*-:
تنبيهات :
التنبيه الأول : بخصوص قصة ابن المبارك مع المرأة المتكلمة بالقرآن
وخلاصة القصة : أن عبد الله بن المبارك رحمه الله قابل امرأة فسألها عن حاجتها وعن بلدها .... فكانت لا تجيب إلا بآية من القرآن ، وبعد أن قابل أولادها سألهم عن تلك الأم فأخبروه أنها لم تتكلم منذ أربعين سنة إلا بالقرآن . ولا شك أن تلك القصة باطلة من وجوه كثيرة منها
1- إن كثيراً لمن ترجم لابن المبارك لم يذكر تلك القصة
2- القصة ليس لها زمام ولا خطام فلم يذكر سندها
3- عدم إنكار ابن المبارك رحمه الله فعلها ذاك ، خاصة أن كثيراً من العلماء نهى عن التخاطب بالقرآن وابن المبارك مشهور باتباعه للسنة فكيف يترك الإنكار عليها
4- وضوح التكلف في تركيب السؤال والجواب وهذا يدل على بطلانها . نقلاً من كتاب تحت المجهر لعبد العزيز السدحان ص 122-123.
التنبيه الثاني :- بخصوص الأبيات التي قالها ابن المبارك في ابن عُلية
قال عبيد الله العيشي : حدثنا الحمادان أن ابن المبارك كان يتجر ، ويقول : لولا خمسة ما تَجِرتُ: السفيانان ، وفضيل بن عياض ، وابن السماك ، وابن عُلية . فيصلهم . فقدم ابن المبارك سنة ، فقيل له : قد ولي ابن عُلية القضاء . فلم يأته ولم يصله ، فركب إليه ابن عُلية ، فلم يرفع به رأساً ، فانصرف ، فلما كان الغد ، كتب إلى عبد الله رقعة يقول : قد كنت منتظراً لبرك ، وجئتك ، فلم تكلمني ، فما رأيت مني ؟؟ فقال ابن المبارك : يأبي هذا الرجل إلا أن نُقشر له العصا . ثم كتب إليه :
[align=center]يا جاعل العلم له بازياً (***) يصطاد به أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها (***) بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنوناً بها بعدما (***) كنت دواء للمجانين
أين رواياتك فيما مضي (***) عن ابن عون وابن سيرين
ودرسك العلم العلم بآثاره (***) في ترك أبواب السلاطين
تقول : أكرهت فماذا كذا (***) زَل حمار العلم في الطين
لا تبع الدين بالدنيا كما (***) يفعل ضُلال الرهابين[/align]
فلما وقف على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء ، فوطىء بساط الرشيد وقال : الله الله ارحم شيبتي ، فإني لا أصبر على القضاء ، قال : لعل هذا المجنون أغرى عليك ، ثم أعفاه ، فوجه إليه ابن المبارك بالصرة .
قال الحافظ الذهبي رحمه الله [ سير أعلام النبلاء 9/117] هذه حكاية منكرة من جهة أن العيشي يرويها عن الحمادين ، وقد ماتا قبل هذه القصة بمدة ، ولعل ذلك أدرجه العيشي .)
وقيل كما في تهذيب التهذيب [1أ251] : إن ابن المبارك إنما كتب إليه بهذه الأبيات لما ولي صدقات البصرة ، وهو الصحيح .اهـ
هذا والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أبو عبد الرحمن الذهبي .شبكة سحاب السلفية - بتصرف يسير
-*-*-*-*-*-*-:
وأقول – محمد أبو عمر –
التنبيه الثالث : قصة ( يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب )
سئل الشيخ يحيى الحجوري حفظه الله عن هذه الأبيات فقال
نص السؤال :
السؤال الثالث : القصيدة المنسوبة إلى عبد الله بن المبارك رحمه الله التي أرسل بها إلى الفضيل بن عياض رحمه الله ومطلعها : يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة نلعب فما صحة نسبتها إليه ؟
الجواب : القصيدة ضعيفةٌ سنداً ومنكرةٌ متناً ، أما من حيث السند عبد الله بن محمد قاضي نصيبين يرويها عن محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة ، وابن أبي سكينة يذكرها عن ابن المبارك أنه أرسله ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض بهذه الأبيات ، ابن أبي سكينة مجهول ، وقاضي نصيبين أيضاً من هذا الباب أو نحو هذا الباب وفيها نكارة في المتن ، اسمع إلى هذه الأبيات :
[align=center]يا عابد الحرمين لو أبصرتنا (***) لعلمت أنك في العبادة تلعب [/align]
ما كان السلف رضوان الله عليهم يُحقرون العبادة ويسمونها لعباً حشا ابن المبارك أن يُسمي الصلاة أو يجعل الصلاة والصيام والقيام في حرم الله على ما تعرفون في فضل الصلاة في الحرم يجعلها لعباً
[align=center]من كان يخضب خده بدموعه (***) فنحورنا بدمائنا تتخضب [/align]
وأيضاً حاشا ابن المبارك أن يتبجح بهذا التبجح وأنه أنك فقط دموعك تتخضب خدودك بماء أما نحن فدموعنا تسير على نحورنا إلى آخره ، أهل العلم قاطبة أرفع من هذا وأبعد من هذا هو يقول : نحن فعلنا كذا أنت فعلت كذا نحن فعلنا كذا وفعلنا كذا ، لا يا أخي هذه الأبيات وهي في < فتح المجيد > ومر بنا حكمها أيضاً ضعيفةٌ سنداً ومنكرةٌ متناً .
*******************************
المصدر :
أسئلة أبي رواحة الحديثية والشعرية ( الجزء الأول ) للشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله – شبكة سحاب السلفية
منقول
من هنا[/align]