kadamtm
2008-12-28, 18:14
تقع مدينة مكة المكرمة في إقليم الحجاز على بعد حوالى 72 كيلو متر شرق ميناء جدة (بالمملكة العربية السعودية) على ساحل البحر الأحمر على خط عرض 27َ 21ْ شمالا، وخط طول 49َ 39ْ شرقا، ويذكر أنها سميت مكة لأن الماء بها قليل، وقيل لأنها تمك الذنوب، وقد ذكرت في القرآن بعدة أسماء أخرى هي بكة، والقرية، وأم القرى، والبلد الأمين.
نبذة تاريخية
ترتبط نشأة مكة بقصة سيدنا إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام حيث أمر الله إبراهيم أن يذهب بابنه إسماعيل إلى الوادي الذي أقيمت فيه مكة، وأن يسكنه فيه، فامتثل إبراهيم لأمر الله ، وارتحل إلى ذلك الوادي ، وكان قفرا خاليا من السكان ، وترك زوجه (هاجر) وابنها الطفل (إسماعيل) في هذا المكان الذي لم يكن فيه ماء وإنما نبع الماء من بين أصابع إسماعيل بعد أن يئست هاجر من وجوده وهي تسعى باحثة عنه بين صخرتي الصفا والمروة من أجل إنقاذ ولدها، وكان وجود الماء في هذا المكان أمرا عجيبا، فجذب القبائل التي كانت تسكن بالقرب منه، حتى أن قبيلة جرهم طلبوا من هاجر أن ينتفعوا بماء زمزم، فأذنت لهم، وبدءوا يقيمون بيوتهم في هذا المكان، ومن هنا كانت نشأة مكة، وفيها عاشت هاجر وإسماعيل بين قبيلة جرهم، وتزوج منهم إسماعيل، وبذلك زحف العمران على مكة واتسعت وذاعت شهرتها بين المدن خصوصا بعد بناء إبراهيم للبيت الحرام، وأصبحت مكة مكانا مقدسا ، وزادها الله تشريفا بهذا البيت.
وقد قامت قبيلة جرهم بخدمة الكعبة ورعاية زوارها حتى ضعفت وحل مكانها قبيلة خزاعة ثم قريش بعد ذلك بزعامة قصي بن كلاب الجد الرابع للنبي، والذي أسس دار الندوة بالقرب من الكعبة ليتشاور فيها زعماء قريش، وفي عام 571م. شهدت مكة حدثين عظيمين، أولها هزيمة أبرهة ملك الحبشة الذي ساق جنوده يتقدمهم فيل ضخم يريد هدم الكعبة، والثاني مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان لأهل مكة منزلة عظيمة عند العرب، والعرب ينظرون إليهم نظرة تقدير واحترام ويرونهم قادة وسدنة المركز الديني بصفتها مشرفة على مصالح الوافدين إلى البيت الحرام، وظلت مكة تحتفظ بمكانتها حتى جاء الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى عبادة الله عز وجل وترك عبادة الأوثان حتى خرج منها مهاجرا إلى المد ينة (http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&id=282&doc=1&root=1&from=doc) بعد ثلاثة عشر عاما، ثم عاد فاتحا لها دون قتال، وطهر البيت الحرام من الأصنام التي كانت محيطة به، ومن هذا التاريخ أصبح لمكة مكانة في قلوب المسلمين في أرجاء الأرض (http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&id=467&doc=1&root=1&from=doc) وذلك لأن بها البيت الحرام الذي يتوجه إليه الناس في صلاتهم، ويقصدها الناس لحج بيت الله الحرام.
وقد ظل حال مكة مستقرا طوال عهد الرسول صلى الله عليم وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدين، ومع انتقال مركز الخلافة إلى دمشق (http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&id=289&doc=1&root=1&from=doc) في عهد الدولة الأموية كانت مكة تتمتع بهدوء نسبي.
وفي مطلع القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي قامت ثورة علوية بزعامة محمد بن سليمان من آل الحسن في مكة المكرمة وأعلن نفسه خليفة على أرض الحرمين، ففي موسم الحج عام 301هـ / 914 م انتهز فرصة تجمع الحجيج واستولى على الإمارة التي كانت بيد الوالي العباسي وأعلن نفسه خليفة.
ولم يلبث أن تعرض الحجاز إلى هجوم خطير من جانب القرامطة دعاة الفاطميين في شرق الجزيرة العربية ففي عام 317هـ / 929 م دخل القرامطة مكة بقيادة أبي طاهر القرمطي واستطاعوا هزيمة ابن محارب الوالي العباسي على مكة الذي لم يستطع لهم وقفا وانتهى الأمر بقتله واستولى القرامطة على مكة، وما لبث أن عد الخلفاء العباسيون العدة للقضاء على القرامطة وبذلك عاد نفوذ العباسيين وأقيمت الخطبة فيها للخليفة الراضي وكان ذلك عام 337هـ / 949 م وقد أسند الخليفة الراضي ولاية الحرمين إلى والي مصر محمد بن طغج الإخشيدي، ولم تدم ولاية الحجاز طويلا للإخشيديين فعندما حاز بنو بويه على السلطة في مقر الخلافة العباسية وصارت الأمور إليهم وأصبح يذكر أسماؤهم مع الخليفة العباسي على منابر مكة.
وعندما تم الغزو الفاطمي لمصر عام 358هـ / 969 م أعلن كبير الأشراف الحسنيين جعفر بن محمد بن الحسين من بني سليمان من آل الحسن بن علي بن أبي طالب استقلاله بإمارة مكة والدعوة للحاكم الفاطمي في خطبة الجمعة، وفي عام 384هـ / 994 م تولى أمر مكة الشريف أبو الفتوح الحسن بن جعفر الذي بدأ عهده مخلصا للفاطميين وما لبث أن خرج عن طاعة الحاكم بـأمر الله الفاطمي عام 400هـ / 1010 م وتم هذا بإغراء من الوزير أبي القاسم حسين بن علي المغربي الذي خرج عن طاعة خلفاء البيت الفاطمي وجعله ينتحل لقب الخلافة وأخذ له البيعة من قبائل بني سليم وبني هلال وبني عوف وبني عامر، ثم أصدر الخليفة الحاكم بأمر الله أوامره بعزل أبي الفتوح عن ولاية مكة وتعين ابن عمه أبي الطيب داود، ثم تنازل أبو الفتوح عن دعوته بالخلافة مقابل عزل أبي الطيب عن ولاية مكة وعودتها إليها وكان ذلك عام 403هـ / 1013 م وظل مواليا للحكام الفاطميين حتى توفي عام 430هـ / 1039 م وبعد وفاة أبي الفتوح خلفه ابنه شكر الذي لقب بتاج المعالي لما تمتع به من شجاعة وقوة لتأديبه القبائل المتمردة عليه حتى لقب بملك الحجاز، واستمر في ولائه للبيت الفاطمي حتى عام 453هـ / 1063 م.
وبعد أن أنهى صلاح الدين الأيوبي الحكم الفاطمي في مصر عام 567هـ / 1172 م أخذ يتطلع إلى مد نفوذه إلى بلاد الحجاز، وقد شجع صلاح الدين على تحقيق ذلك عدم استقرار الأمور ببلاد الحجاز بالإضافة إلى ضعف أمراء مكة وانحيازهم تارة إلى الخلافة العباسية وتارة إلى الحكم الفاطمي ، وفي ذلك الوقت وصلت حملة صلاح الدين إلى الحجاز ثم اليمن بقيادة أخيه توران شاه عام 569هـ / 1174 م فدخل مكة دون قتال إذ رحب به الشريف عيسى بن فليتة وأعلن دخوله في طاعة صلاح الدين وتعهد بالخطبة له بعد الخليفة العباسي.
ولم يعمد الأيوبيون إلى تغيير نظام الحكم القائم بالحجاز أو استبدال الامراء بغيرهم إنما أقروا الهواشم ثم بني الحسن على التوالي في إمارة مكة، وقد وصل النفوذ الأيوبي ذروته بمكة على يد الفرع الأيوبي باليمن وذلك عندما قام الملك المسعود الأيوبي بتولية نور الدين عمر بن رسول نائبا عنه في مكة وجعل له ولاية الجند ومدير أموالها، وعندما تولى عمر بن رسول ملك اليمن صارت مكة تابعة لنفوذه دون الأيوبيين في مصر والشام وبدأ حكم بني رسول في اليمن ومكة.
وقد ظلت الحرب سجالا بين الأيوبيين وبين بني رسول حتى سقطت الدولة الأيوبية في مصر عام 647هـ / 1250 م وقامت دولة المماليك وكان يتولى أمر مكة في ذلك الوقت الملك المظفر شمس الدين يوسف بن رسول الذي وطد سلطانه عليها في أول حكمه بسبب انشغال المماليك في تثبيت دعائم دولتهم ضد الأخطار الداخلية والخارجية، ثم تلا ذلك سقوط الخلافة العباسية على يد المغول عام 656هـ / 1258 م.
وفي عام 923هـ / 1517 م. وصلت الحجاز أنباء انتصارات سليم الأول العثماني في مصر وتغلبه على سلطان المماليك الشراكسة قانصوه الغوري في موقعة مرج دابق ،وكان يعتزم متابعة زحفه إلى الحجاز وضمها إلى سلطن ته فلما جاءه وفد الحجاز وقدم له الطاعة بقيادة أبونمي بن بركات عن منطقة الحجاز كلها أصدر السلطان سليم مرسوما ثبت الشريف بركات أميرا على مكة وما تبعها.
وفي عام 1041هـ / 1632 م. نشب صراع على الإمارة بين أبناء الأسرة الحاكمة في مكة (آل الحسن) وحدثت معركة الجلالية ونتج عن ذلك دخول الأتراك مكة وتولى إمارتها الشريف نامي، ثم خرج منها في نفس العام ودخلها الشريف زيد بن محسن في موكب حافل تتقدمه صناجق الأتراك ونزل دار الإمارة وأرسل مناديه بالأمان وأنه منذ اليوم حاكم البلاد.
وفي عام 1095هـ / 1684 م. تولى إمارة مكة الأمير أحمد بن زيد الذي كان مقيما في تركيا والذي جاء من اجل إنهاء الصراع بين شرفاء مكة وإبعادهم عن إمارتها وكان ذلك بأمر الخليفة العثماني محمد الرابع، وعندما مات أحمد بن زيد عام 1099هـ / 1688 م. اتفق أعيان مكة على تولية ابن أخيه سعيد بن سعد بن زيد وكتبوا بذلك لدار الخلافة، وانتهز الفرصة الشريف أحمد بن غالب فكتب إلى والي مصر يطلب تعيينه في الإمارة فأرسل والي مصر إلى والي جدة بموافقته على توليته ورفض الشريف سعيد التولية وكادت تقع معركة كبيرة في شوال عام 1099هـ / 1688 م. لولا أن الشريف سعيد قرر في آخر الأمر الانسحاب ومغادرة البلاد وما لبث الأمر السلطاني أن ورد من دار الخلافة يقر الشريف أحمد بن غالب.
وفي عام 1186هـ / 1772 م تولى الشريف سرور الولاية على مكة وكان عهده من الفترات المزدهرة في التاريخ المحلي والإقليمي الحديث لكل من مكة والحجاز، إذ امتاز عهده بالسلم والأمان والعدل والرخاء قياسا لما سبقه من عهود شريفية أخرى.
وفي عام 1271هـ / 1855 م ولد في إستانبول الشريف حسين بن علي الذي تولى الشرافة على مكة في عام 1326هـ / 1908 م، وقد كانت له مطامع لأن يصبح ملكا على العرب، وفي سبيل ذلك تحالف الشريف حسين بن علي مع القوات البريطانية من أجل إخراج العثمانيين من الشام ومن البلاد العربية، فقام بما أطلق عليه في التاريخ الثورة العربية الكبرى ضد دولة الخلافة وبالفعل نجح الشريف حسين وحلفاؤه من الإنجليز من هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، ونتج عن ذلك سقوط الخلافة على يد أتاتورك وتخلي إستانبول عن دورها التاريخي في قيادة العالم الإسلامي. فتفككت بذلك الدولة الإسلامية الكبرى ولم يحصل الشريف حسين على ما وعده به حلفاؤه من الإنجليز وال فرنسيين وبقي كما هو أميرا على مكة والحجاز.
ولم يدم هذا المنصب كثيرا للشريف حسين، فقد جاءت نهاية فترة الأشراف كزعماء لمكة والحجاز حيث التقت القوات السعودية (اتباع ابن سعود من بلاد نجد) بقيادة خالد بن لؤي مع قوات الشريف حسين بن علي التي كان يقودها بنفسه وذلك في 26 أيلول / سبتمبر 1924م / 1342 هـ. فانكسرت قوات الشريف حسين وتنازل عن العرش منسحبا نحو العقبة، ودخلت القوات النجدية (السعودية) مكة المكرمة في 4 كانون الأول / ديسمبر عام 1924م / 1342 هـ. ثم طلب الشريف علي بن الحسين من المعتمد البريطاني أن يتوسط بينه وبين آل سعود وعقدت اتفاقية بين الجانبين تنازل فيها الشريف على عن الحجاز، ونودي بابن سعود في 1344هـ / 1926 م بمكة ملكا علي البلاد الحجازية بعد إدماجها ببلاده القديمة لتولد المملكة العربية السعودية. وقد ظلت مكة المكرمة تحت سيادة البيت السعودي منذ هذه اللحظة وحتى وقتنا الحالي
نبذة تاريخية
ترتبط نشأة مكة بقصة سيدنا إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام حيث أمر الله إبراهيم أن يذهب بابنه إسماعيل إلى الوادي الذي أقيمت فيه مكة، وأن يسكنه فيه، فامتثل إبراهيم لأمر الله ، وارتحل إلى ذلك الوادي ، وكان قفرا خاليا من السكان ، وترك زوجه (هاجر) وابنها الطفل (إسماعيل) في هذا المكان الذي لم يكن فيه ماء وإنما نبع الماء من بين أصابع إسماعيل بعد أن يئست هاجر من وجوده وهي تسعى باحثة عنه بين صخرتي الصفا والمروة من أجل إنقاذ ولدها، وكان وجود الماء في هذا المكان أمرا عجيبا، فجذب القبائل التي كانت تسكن بالقرب منه، حتى أن قبيلة جرهم طلبوا من هاجر أن ينتفعوا بماء زمزم، فأذنت لهم، وبدءوا يقيمون بيوتهم في هذا المكان، ومن هنا كانت نشأة مكة، وفيها عاشت هاجر وإسماعيل بين قبيلة جرهم، وتزوج منهم إسماعيل، وبذلك زحف العمران على مكة واتسعت وذاعت شهرتها بين المدن خصوصا بعد بناء إبراهيم للبيت الحرام، وأصبحت مكة مكانا مقدسا ، وزادها الله تشريفا بهذا البيت.
وقد قامت قبيلة جرهم بخدمة الكعبة ورعاية زوارها حتى ضعفت وحل مكانها قبيلة خزاعة ثم قريش بعد ذلك بزعامة قصي بن كلاب الجد الرابع للنبي، والذي أسس دار الندوة بالقرب من الكعبة ليتشاور فيها زعماء قريش، وفي عام 571م. شهدت مكة حدثين عظيمين، أولها هزيمة أبرهة ملك الحبشة الذي ساق جنوده يتقدمهم فيل ضخم يريد هدم الكعبة، والثاني مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان لأهل مكة منزلة عظيمة عند العرب، والعرب ينظرون إليهم نظرة تقدير واحترام ويرونهم قادة وسدنة المركز الديني بصفتها مشرفة على مصالح الوافدين إلى البيت الحرام، وظلت مكة تحتفظ بمكانتها حتى جاء الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى عبادة الله عز وجل وترك عبادة الأوثان حتى خرج منها مهاجرا إلى المد ينة (http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&id=282&doc=1&root=1&from=doc) بعد ثلاثة عشر عاما، ثم عاد فاتحا لها دون قتال، وطهر البيت الحرام من الأصنام التي كانت محيطة به، ومن هذا التاريخ أصبح لمكة مكانة في قلوب المسلمين في أرجاء الأرض (http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&id=467&doc=1&root=1&from=doc) وذلك لأن بها البيت الحرام الذي يتوجه إليه الناس في صلاتهم، ويقصدها الناس لحج بيت الله الحرام.
وقد ظل حال مكة مستقرا طوال عهد الرسول صلى الله عليم وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدين، ومع انتقال مركز الخلافة إلى دمشق (http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&id=289&doc=1&root=1&from=doc) في عهد الدولة الأموية كانت مكة تتمتع بهدوء نسبي.
وفي مطلع القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي قامت ثورة علوية بزعامة محمد بن سليمان من آل الحسن في مكة المكرمة وأعلن نفسه خليفة على أرض الحرمين، ففي موسم الحج عام 301هـ / 914 م انتهز فرصة تجمع الحجيج واستولى على الإمارة التي كانت بيد الوالي العباسي وأعلن نفسه خليفة.
ولم يلبث أن تعرض الحجاز إلى هجوم خطير من جانب القرامطة دعاة الفاطميين في شرق الجزيرة العربية ففي عام 317هـ / 929 م دخل القرامطة مكة بقيادة أبي طاهر القرمطي واستطاعوا هزيمة ابن محارب الوالي العباسي على مكة الذي لم يستطع لهم وقفا وانتهى الأمر بقتله واستولى القرامطة على مكة، وما لبث أن عد الخلفاء العباسيون العدة للقضاء على القرامطة وبذلك عاد نفوذ العباسيين وأقيمت الخطبة فيها للخليفة الراضي وكان ذلك عام 337هـ / 949 م وقد أسند الخليفة الراضي ولاية الحرمين إلى والي مصر محمد بن طغج الإخشيدي، ولم تدم ولاية الحجاز طويلا للإخشيديين فعندما حاز بنو بويه على السلطة في مقر الخلافة العباسية وصارت الأمور إليهم وأصبح يذكر أسماؤهم مع الخليفة العباسي على منابر مكة.
وعندما تم الغزو الفاطمي لمصر عام 358هـ / 969 م أعلن كبير الأشراف الحسنيين جعفر بن محمد بن الحسين من بني سليمان من آل الحسن بن علي بن أبي طالب استقلاله بإمارة مكة والدعوة للحاكم الفاطمي في خطبة الجمعة، وفي عام 384هـ / 994 م تولى أمر مكة الشريف أبو الفتوح الحسن بن جعفر الذي بدأ عهده مخلصا للفاطميين وما لبث أن خرج عن طاعة الحاكم بـأمر الله الفاطمي عام 400هـ / 1010 م وتم هذا بإغراء من الوزير أبي القاسم حسين بن علي المغربي الذي خرج عن طاعة خلفاء البيت الفاطمي وجعله ينتحل لقب الخلافة وأخذ له البيعة من قبائل بني سليم وبني هلال وبني عوف وبني عامر، ثم أصدر الخليفة الحاكم بأمر الله أوامره بعزل أبي الفتوح عن ولاية مكة وتعين ابن عمه أبي الطيب داود، ثم تنازل أبو الفتوح عن دعوته بالخلافة مقابل عزل أبي الطيب عن ولاية مكة وعودتها إليها وكان ذلك عام 403هـ / 1013 م وظل مواليا للحكام الفاطميين حتى توفي عام 430هـ / 1039 م وبعد وفاة أبي الفتوح خلفه ابنه شكر الذي لقب بتاج المعالي لما تمتع به من شجاعة وقوة لتأديبه القبائل المتمردة عليه حتى لقب بملك الحجاز، واستمر في ولائه للبيت الفاطمي حتى عام 453هـ / 1063 م.
وبعد أن أنهى صلاح الدين الأيوبي الحكم الفاطمي في مصر عام 567هـ / 1172 م أخذ يتطلع إلى مد نفوذه إلى بلاد الحجاز، وقد شجع صلاح الدين على تحقيق ذلك عدم استقرار الأمور ببلاد الحجاز بالإضافة إلى ضعف أمراء مكة وانحيازهم تارة إلى الخلافة العباسية وتارة إلى الحكم الفاطمي ، وفي ذلك الوقت وصلت حملة صلاح الدين إلى الحجاز ثم اليمن بقيادة أخيه توران شاه عام 569هـ / 1174 م فدخل مكة دون قتال إذ رحب به الشريف عيسى بن فليتة وأعلن دخوله في طاعة صلاح الدين وتعهد بالخطبة له بعد الخليفة العباسي.
ولم يعمد الأيوبيون إلى تغيير نظام الحكم القائم بالحجاز أو استبدال الامراء بغيرهم إنما أقروا الهواشم ثم بني الحسن على التوالي في إمارة مكة، وقد وصل النفوذ الأيوبي ذروته بمكة على يد الفرع الأيوبي باليمن وذلك عندما قام الملك المسعود الأيوبي بتولية نور الدين عمر بن رسول نائبا عنه في مكة وجعل له ولاية الجند ومدير أموالها، وعندما تولى عمر بن رسول ملك اليمن صارت مكة تابعة لنفوذه دون الأيوبيين في مصر والشام وبدأ حكم بني رسول في اليمن ومكة.
وقد ظلت الحرب سجالا بين الأيوبيين وبين بني رسول حتى سقطت الدولة الأيوبية في مصر عام 647هـ / 1250 م وقامت دولة المماليك وكان يتولى أمر مكة في ذلك الوقت الملك المظفر شمس الدين يوسف بن رسول الذي وطد سلطانه عليها في أول حكمه بسبب انشغال المماليك في تثبيت دعائم دولتهم ضد الأخطار الداخلية والخارجية، ثم تلا ذلك سقوط الخلافة العباسية على يد المغول عام 656هـ / 1258 م.
وفي عام 923هـ / 1517 م. وصلت الحجاز أنباء انتصارات سليم الأول العثماني في مصر وتغلبه على سلطان المماليك الشراكسة قانصوه الغوري في موقعة مرج دابق ،وكان يعتزم متابعة زحفه إلى الحجاز وضمها إلى سلطن ته فلما جاءه وفد الحجاز وقدم له الطاعة بقيادة أبونمي بن بركات عن منطقة الحجاز كلها أصدر السلطان سليم مرسوما ثبت الشريف بركات أميرا على مكة وما تبعها.
وفي عام 1041هـ / 1632 م. نشب صراع على الإمارة بين أبناء الأسرة الحاكمة في مكة (آل الحسن) وحدثت معركة الجلالية ونتج عن ذلك دخول الأتراك مكة وتولى إمارتها الشريف نامي، ثم خرج منها في نفس العام ودخلها الشريف زيد بن محسن في موكب حافل تتقدمه صناجق الأتراك ونزل دار الإمارة وأرسل مناديه بالأمان وأنه منذ اليوم حاكم البلاد.
وفي عام 1095هـ / 1684 م. تولى إمارة مكة الأمير أحمد بن زيد الذي كان مقيما في تركيا والذي جاء من اجل إنهاء الصراع بين شرفاء مكة وإبعادهم عن إمارتها وكان ذلك بأمر الخليفة العثماني محمد الرابع، وعندما مات أحمد بن زيد عام 1099هـ / 1688 م. اتفق أعيان مكة على تولية ابن أخيه سعيد بن سعد بن زيد وكتبوا بذلك لدار الخلافة، وانتهز الفرصة الشريف أحمد بن غالب فكتب إلى والي مصر يطلب تعيينه في الإمارة فأرسل والي مصر إلى والي جدة بموافقته على توليته ورفض الشريف سعيد التولية وكادت تقع معركة كبيرة في شوال عام 1099هـ / 1688 م. لولا أن الشريف سعيد قرر في آخر الأمر الانسحاب ومغادرة البلاد وما لبث الأمر السلطاني أن ورد من دار الخلافة يقر الشريف أحمد بن غالب.
وفي عام 1186هـ / 1772 م تولى الشريف سرور الولاية على مكة وكان عهده من الفترات المزدهرة في التاريخ المحلي والإقليمي الحديث لكل من مكة والحجاز، إذ امتاز عهده بالسلم والأمان والعدل والرخاء قياسا لما سبقه من عهود شريفية أخرى.
وفي عام 1271هـ / 1855 م ولد في إستانبول الشريف حسين بن علي الذي تولى الشرافة على مكة في عام 1326هـ / 1908 م، وقد كانت له مطامع لأن يصبح ملكا على العرب، وفي سبيل ذلك تحالف الشريف حسين بن علي مع القوات البريطانية من أجل إخراج العثمانيين من الشام ومن البلاد العربية، فقام بما أطلق عليه في التاريخ الثورة العربية الكبرى ضد دولة الخلافة وبالفعل نجح الشريف حسين وحلفاؤه من الإنجليز من هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، ونتج عن ذلك سقوط الخلافة على يد أتاتورك وتخلي إستانبول عن دورها التاريخي في قيادة العالم الإسلامي. فتفككت بذلك الدولة الإسلامية الكبرى ولم يحصل الشريف حسين على ما وعده به حلفاؤه من الإنجليز وال فرنسيين وبقي كما هو أميرا على مكة والحجاز.
ولم يدم هذا المنصب كثيرا للشريف حسين، فقد جاءت نهاية فترة الأشراف كزعماء لمكة والحجاز حيث التقت القوات السعودية (اتباع ابن سعود من بلاد نجد) بقيادة خالد بن لؤي مع قوات الشريف حسين بن علي التي كان يقودها بنفسه وذلك في 26 أيلول / سبتمبر 1924م / 1342 هـ. فانكسرت قوات الشريف حسين وتنازل عن العرش منسحبا نحو العقبة، ودخلت القوات النجدية (السعودية) مكة المكرمة في 4 كانون الأول / ديسمبر عام 1924م / 1342 هـ. ثم طلب الشريف علي بن الحسين من المعتمد البريطاني أن يتوسط بينه وبين آل سعود وعقدت اتفاقية بين الجانبين تنازل فيها الشريف على عن الحجاز، ونودي بابن سعود في 1344هـ / 1926 م بمكة ملكا علي البلاد الحجازية بعد إدماجها ببلاده القديمة لتولد المملكة العربية السعودية. وقد ظلت مكة المكرمة تحت سيادة البيت السعودي منذ هذه اللحظة وحتى وقتنا الحالي