المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللسانيات الحاسوبية


lakhdarali66
2011-11-11, 20:56
نظرة إلى اللسانيات الحاسوبية

بدأت الدراسات اللسانية الحاسوبية تشغل حيزا كبيرا من اهتمام المشتغلين في حقل اللسانيات اللغوية و البرمجيات الحاسوبية في الآن ذاته ، ذلك أن ثورة الاتصالات الرقمية وصلت إلى أماكن قصية في هذا العالم ، و اللغات واحدة من الحقول التي طالتها تلك الثورة من خلال تعدد تطبيقات اللسانيات الحاسوبية و تعدد استخداماتها ، و بدأت البحوث والدراسات النظرية و برامجها التطبيقية تنتشر في كثير من المعاهد و الجامعات و " تلتقي هذه البحوث والدراسات على طموح عريض يتمثل في تحقيق التخاطب بين الإنسان و الحاسوب ، وإذن يكون الحاسوب بما يستودع من معارف الأمم و منجزاتها في إدارة شؤون الحياة و تطوير العلوم و تقنياتها أداة الإنسان في امتلاك حاضره و استشراف مستقبله " (1) .
و منه يمكن القول إن اللسانيات الحاسوبية علم يربط بين اللسانيات linguistics وعلوم الحاسب computer sience , وهو مجال ينتمي إلى مجالات الذكاء الاصطناعي يسعى إلى محاكاة الآلة للغة الطبيعية البشرية وبذلك يسعى المبرمجون جاهدين فى توضيح العلاقة بين الشكل فى الجملة أو الكلمة والمعنى الذي يحمله هذا الشكل وتكوين تلك العلاقة بصورة آلية . (2) وللسانيات الحاسوبية عدة مسميات منها الهندسة التكنولوجية للغة الطبيعية natural languge و أيضا علم اللغة الحاسوبيcomputational linguistics وهو من العلوم الحديثة التى تستخدم فيها الحواسيب لمعالجة اللغة الطبيعية naturallanguge آليا وترجمتها إلى لغات أخرى ولذلك له أهمية كبيرة فى لغتنا الأم "اللغة العربية "، ومن هنا برز سؤال مهم " هل المدخل في تناول الموضوع هو اللغة و يأتي بعده الحاسوب؟ أم الحاسوب و تتبعه اللغة؟ إن البدء من اللغة هو المدخل المنطقي ، ... ، ويجيء متسقا مع منطق التسلسل الزمني بالإضافة إلى مبادئ تحليل النظم التي تفرض الانطلاق من مادة الموضوع تهيئةً لإقامة النظم و تحديد مجالات التطبيق " (3) .

أما مسوغات التوصيف فإنها ترتبط بالتطبيقات الممكنة لمخرجات اللسانيات الحاسوبية، ولعل الترجمة الآنية من أبرز الحقول التي يظهر فيها قيمة هذه التطبيقات ، ويضاف إلى ذلك برامج المحرر اللغوي الإلكتروني و التدقيق الإملائي ، و المعالجة الإلكترونية للنصوص اللغوية ، و البرامج الخاصة بتحويل المكتوب على منطوق كما في البريد الإلكتروني (برامج القارئ الآلي ) ، و التحليل الآلي للكلام ، و البحث عن المعلومة ، و التلخيص الآلي ، والتطبيقات الموجهة لفئة المكفوفين و غيرها من الإمكانات التي من شأنها الإسهام في التقدم الحضاري ، ويكون من نافلة القول أن لهذه البرامج و التطبيقات جدوى مادية لا يستهان بها باعتبارها مخترعات تخضع لقوانين حماية الملكية الفكرية ، وقد يكون هذا واحد من أسباب خفاء كثير من أسرارها ، و استغلاق معضلاتها ، و شيوع الجوانب التنظيرية أكثر من التطبيقية .

و تتأتى كثير من حقول اللبس في هذا المشروع الضخم من أننا في كثير من الأحيان نصدر أحكاما و نحدد اختيارات مستعينين بالحدس الكامن في عقولنا الذي يكون في كثير من الأحيان فيصلا في تحديد الصواب من الخطأ ، و مبلغ القول " أن للإنسان حدس و ليس للحاسوب حدس ، و للإنسان فهم و ليس للحاسوب ،حتى الآن ، فهم " (4) ، و يعالج هذه القضية معالجة متأنية أستاذنا الدكتور نهاد الموسى مفردا مبحثا مستقلا لمشكلات تمام التوصيف و منها : اللبس ، و تحولات المجاز ، و فضاء السياق ، و صيرورة المعجم (5) ، و من أسباب اللبس التي قد تقع لابن العربية قبل الحاسوب أو سواه –و إن كانت قليلة- أن كثيرا من نصوص العربية غير مشكولة شكلا تاما و مثال ذلك :

حسن ــ حسن ــ حسن : حَسُن ــ حُسْن ــ حَسَن

و مع ذلك فإن تجربة التوصيف(أي أن تصف ظاهرة نحوية أو لغوية أو معجمية أو صرفية للحاسوب ) تظل مشوقة على ما فيها من تحدٍ للعقل الذي يحاول أن يفسر شيئا كان يصدر عنه بسهولة و يسر ولم يسبق له أن فكر بمشقتها ، و سأحاول على عجل أن أعطي توصيفا لمثال توضيحي لقضية صرفية قد تبدو للقارئ يسيرة لكنه سيرى فيها من اللبس والصعوبة ما يمكن أن يقيسه على عمل أضخم من الذي نذكر و نؤكد في الوقت ذاته أن العمل في حوسبة اللغات الطبيعية يتطلب التمكن من نوعين من المعرفة هما: المعرفة الدقيقة لجميع جزئيات النظام اللغوي وفق أحدث النظريات والقوانين اللسانية الحديثة، كما يتطلب الإحاطة والإلمام بالمعرفة الحاسوبية ذات العلاقة بمعالجة اللغات الطبيعية لا سيما في جانبها البرمجي المنطقي، فالحاسوب أو الآلة هي منظومة برمجية منطقية تقوم على مجموعة من الخوارزميات الدقيقة، فلا يمكن أن نتقدم في مجال البحث في الحوسبة اللسانية حتى نجمع بين هذين النوعين من المعرفة.


(1)الموسى ، نهاد.(2000)، العربية:نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية ، المؤسسة العربية للدراسات
والنشر ، بيروت ص 47

(2)

(3)علي ، نبيل.(1988)، اللغة العربية و الحاسوب ، مؤسسة تعريب ، الكويت ، ص 15.

(4)الموسى ، مرجع سابق، ص 69 .

(5)الموسى ، مرجع سابق، ص 281 .
توصيف اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المعتل الآخر

نحتاج قبل توصيف اسم الفاعل من الثلاثي المعتل الآخر إلى أن نوصف للحاسوب الفعل الثلاثي المعتل الآخر الذي نصوغ منه اسم الفاعل و هذا يحتاج إلى عيار متكامل. و لعلنا نصل إلى ذلك من خلال توصيف يحدد الحاسوب الاسم و أخر للفعل ، ثم من خلال تقاليب الحرفين الأول و الثاني و حرف العلة الثالث فنبدأ على النحو الآتي :
· أبى ، أتى ، ... إلخ
· بدا ، برى ، بغى ، ... إلخ
· تلا ، ..إلخ
· ثجا ، .. إلخ
· جبى ، جثا ، .. إلخ
· ....
· ....
إلى أن نأتي على جميع الأفعال الثلاثية المعتلة الآخر الممكن أن ترد في العربية ، و يكون الجهاز قادرا على تحديد الفعل الثلاثي المعتل الآخر من سواه .

يصاغ اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المعتل الآخر ﺒ :
1. إضافة حرف (ا) بعد الحرف الأول (فاء الفعل ) و حذف حرف العلة الثالث (لام الفعل) الذي سيكون قطعا (ا " و قد تكون (ى) ،أو "و" ،أو "ي") ، و يمكن أن نضع تنوين الكسر ( ٍ ) مكان (Ø التي ترمز على حذف حرف العلة .
قضى .......... ق(ا)ض(Ø = قاضٍ

دعا ............ د(ا)ع (Ø = داعٍ
نسي ........... ن(ا)س (Ø = ناسٍ
2. نضع حرف (ي) مكان (Ø و لا نضع التنوين في الحالات الآتية:
§ إذا جاء (ال) قبل اسم الفاعل من الثلاثي المعتل الآخر
ق(ا)ض(Ø ← (ال)ق(ا)ض(ي) ← القاضي
§ إذا جاء (معرفة) بعد اسم الفاعل من الثلاثي المعتل الآخر (ا)
ق(ا)ض(Ø + (قضاة المدينة) ← ق(ا)ض(ي) قضاة المدينة
§ إذا اتصل به (ﺔ) : ق(ا)ض(Ø + (ﺔ) ← ق(ا)ض(ي) +(ﺔ) = قاضية
§ إذا اتصل به (ان/ين) : قاضيان / قاضيين
§ إذا اتصل به (تان / تين) : قاضيتان / قاضيتين
§ إذا اتصل به (ات) : قاضيات
§ إذا اتصل به (ك) :قاضيك
§ إذا اتصل به ( كما " للمذكر و المؤنث") : قاضيكما
§ إذا اتصل به (كم) : قاضيكم
§ إذا اتصل به (كِ) : قاضيكِ
§ إذا اتصل به ( كنّ) : قاضيكن
§ إذا اتصل به (ﻪ) : قاضيه
§ إذا اتصل به ( هما " للمذكر و المؤنث" ) : قاضيهما
§ إذا اتصل به (هم ) : قاضيهم
§ إذا اتصل به (ها) : قاضيها
§ إذا اتصل به (هنّ) : قاضيهن

3. لا تلحقه (ي) - و إن سبق ب(ال) – إذا اتصل ب ( ون / ين "للجمع")(ب) :
قاضون / قاضين
القاضون / القاضين

4. من المتوقع ظهور عقبة تتمثل في عدم قدرة الحاسوب على أن يميز بين اسم الفاعل من الثلاثي المعتل الآخر و الصفة المشبه على وزن (فاعل) من الثلاثي المعتل الآخر ذلك أننا نعتمد على السياق الذي ترد فيه الصيغة قبل أن نحدد نوعها من المشتقات .
أقام الرسام الهاوي معرضه الأول
هاوي الرسم أقام معرضه الأول


و مع بساطة النموذج كما أشرنا من قبل إلا أن برمجة الأنظار السابق إلى لغة الحاسوب سيكشف لنا عن مواضع كثيرة تتداخل مع حقول لغوية أخرى و حقول لبس تنفتح على أفق جديد من التوصيف قد يصل بنا إلى غور بعيد في اللغة ، و يصبح من الحق القول " إن معالجة اللغات الطبيعية حاسوبياً ليس بالأمر الهيّن، بل يتطلب الكثير من الجهد كما يحتاج إلى فرق بحث متخصصة ذات تصور كامل حاسوبياً ولغوياً، فمعظم الأنظمة والبرامج المجربة على اللغات الإنسانية لم تسلم حتى الآن من الكثير من المشاكل والصعوبات سواء على المستوى المنهجي أو الصوري للغة "(ج).
و يبقى سؤال أخير نختم به هذه النظرة ، هل يمكن أن نصل في مرحلة ما من مراحل البحث إلى الوقوف على تطبيقات و فهم يحاكي فهم الإنسان ، و هل نستطيع صنع حدس (فطرة) خاص بالحاسوب تمكنه من محاكاة العقل البشري بكل ما فيه من غموض و أسرار وإعجاز رباني ؟

( (انحتاج في هذا المقام إلى توصيف خاص لأنماط (المعرفة) التي يتوقع أن تقع بعد اسم الفاعل من الفعل الثلاثي
المعتل الآخر.

( (بلتحديدنا المسبق لكل فعل ثلاثي معتل الآخر لن يعد الحاسوب كلمات من مثل : "ماعون ، طاعون ، باعون" اسم
فاعل .

(ج)المهيوبي ، عبد العزيز، جريدة الجزيرة،لغتنا العربية و اللسانيات الحاسوبية ، العدد 12828 ، الاثنين ،
12/11/2007