المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصيحة الشيخ الإبراهيمي للطلبة


طالب المعالي
2008-11-01, 08:17
إنكم يا أبناءنا مناط آمالنا ، ومستودع أمانينا ، نعدكم لحمل الأمانة وهي ثقيلة ، ولاستحقاق الإرث ، وهو ذو تبعات وذو تكاليف ، وننتظر منكم ما ينتظره المدلج في الظلام من تباشير الصبح .
....نحن نعلم أن الأب العامي الفقير حين يرضى بفراق ولده ، ويزوده ببعض ما يملك من قوت العيال الصغار طائعا مختارا مطمئنا ، إنما يفعل ذلك اعتقادا بأن فعله تكفير عن جريمة الجهل ، ومحو لوصمة الأمية ، وتنصل من ضعة الخمول ، وأن الأب العالم الذي يرضى بذلك ويهون عليه ، إنما يفعله معتقدا أن ولده سيكون أعلم منه ، وأوسع اطلاعا ، وأنفذ بصيرة على نسبة من زمنه ، وتطورات زمنه ، ولا يعتقد غير ذلك منهم إلا مغرور بنفسه، الجاهل أحسن إدراكا للزمن منه .
يا أبنائي ، إذا عرفتم هذا ، وعرفتم واجب أنفسكم التي تملت الأتعاب ، وتجرعت مرارة الاغتراب ، وذاقت طعم الحاجة والشدة ، وواجب آبائكم الذين غذوا وربوا ، وأجابوا داعي العلوم فيكم ولبّوا ، وواجب الوطن المجدب الذي جعلكم رواده إلى القطر ، وأرسلكم وانتظر ، ورجا من إيابكم الحيا والحياة ، إذا عرفتم ذلك كله ، فماذا أعددتم لهذه الواجبات ؟
إنكم لا تضطلعون بهذه الواجبات إلا إذا انقطعتم لطلب العلم ، وتبتلتم إليه تبتيلا ، وأنفقتم الدقائق والساعات في تحصيله ، وعكفتم على أخذه من أفواه الرجال وبطون االكتب ، واستثرتم كنوزه بالبحث والمطالعة ، وكثرة المناظرة والمراجعة ، ووصلتم بطلبه سواد اللليل ببياض النهار .
( تكلم عن طلب الأسلاف للعلم ثم قال : )
كانوا يقيدون وأنتم لا تقيدون وكانوا ينسخون الأصول بأيديهم و يضبطونها بالعرض والمقابلة حرفا حرفا وكلمة كلمة ، وأنتم أراحتكم المطابع ، ويسرت لكم الكتب ، وربّ تيسير جلب التعسير ، فإن هذا التيسير رمى العقول بالكسل ، والأيدي بالشلل ، حتى لا تجري في إصلاح الأغلاط المتفشية في تلك الكتب .
...
يا أبناءنا إن الحياة قسمان ، حياة علمية وحياة عملية ، وإن الثانية منهما تنبني على الأولى قوة وضعفا ، وإنتاجا وعقما ، وإنكم لا تكونون أقوياء في العمل إلا إذا كنتم أقوياء في العلم ، ولا تكونون أقوياء في العلم إلا إذا انقطعتم له ، ووقفتم عليه الوقت كله ، إن العلم لا يعطي القياد إلا لمن مهره السهاد ، وصرف إليه أعنة الاجتهاد .
لا تعتمدوا على حلق الدروس وحدها ، واعتمدوا معها على حلق المذاكرة ، إن المذاكرة لقاح العلم ، فاشغلوا أوقاتكم حين تخرجون من الدرس بالمذاكرة في ذلك الدرس ، إنكم إن تفعلوا تنفتح لكم أبواب العلم ، وتلح لكم آفاق واسعة من الفهم .
لا تقنعوا بالكتاب المقرر ، واقرأوا غيره من الكتب السهلة المبسوطة في ذلك العلم ، تستحكم الملكة ويتسع الإدراك .
ومن العار الفاضح ألا نرى في الكثير من أبنائنا الذين تخرجوا ...واتجهوا بفطرتهم إلى الأدب ، من استوعب كتاب الأغاني قراءة ، ولا في من اتجهوا إلى علوم الدين من استوعب قراءة الصحيحين والسنن ، ولعمري ما سلاح الأديب إلا الأغاني وأمثاله ، ولا سلاح الفقيه إلا تلك الكتب وأشباهها .
لا تقطعوا الفاضل من أوقاتكم في ذرع الأزقة إلا بمقدار ما تستعيدون به النشاط البدني ، ولا ف الجلوس في المقاهي إلا بقدر ما تدفعون به الملل والركود ، ولا في قراءة الجرائد إلا بقدر ما تطلعون به على الحوادث الكبرى ، وتصلون به مجاري التاريخ .
خذوا من كل ذلك بمقدار ، ووفروا الوقت كله للدرس النافع والمطالعة المثمرة .
لا تعتمدوا على حفظ المتون وحدها بل احفوا كل ما يقوي مادتكم اللغوية ، وينمي ثروتكم الفكرية ، والقرآن القرآن تعاهدوه بالحفظ وأحيوه بالتلاوة ، وربّوا ألسنتكم على الاستشهاد به في اللغة والقواعد ، وعلى الاستشهاد به في الدين والأخلاق وعلى الاستظهار به في الجدل ، وعلى الاعتماد عليه في الاعتبار بسنن الله في الكون.

بتصرف
عادل منتديات الجلفة

علي النموشي
2008-11-05, 20:41
شكرا على الموضوع الرائع . خاصة و أنه من حكيم حكماء الجزائر .

طالب المعالي
2008-11-06, 07:31
شكرا على الموضوع الرائع . خاصة و أنه من حكيم حكماء الجزائر .

لا شكر على واجب يا أخي ، إن لم نذكر رجالنا فمن يذكرهم ؟