المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مخاطر التهوين من التآمر الايراني


ابو إبراهيم
2008-10-15, 21:55
---------------------------------- بسم الله الرحمـــــــــــــــــــــن الرحيــــــــــــــــــــــــــــم ---------------------------------------------------



مخاطر التهوين من التآمر الإيراني


لا شك أن الصراع العربي الفارسي أمر حقيقي، وهو حافل بالكثير من المآسي التي لا يمكن لأي كان نكرانها. فإذا تجاوزنا جرائم الإمبراطورية الفارسية بحق العرب في فترة ما قبل الإسلام فإنه لا يمكن تجاوز جرائم الفرق الباطنية (الصفارين، الحشاشين، القرامطة...)، التي ظهرت في بلاد فارس بعد الإسلام وشنت حربها على العرب، بالإضافة طبعًا إلى هجمات الصفويين والقاجاريين واحتلالهم بغداد، وارتكابهم أفظع الجرائم في العراق. وهذه الأحداث من الطبيعي لا يمكن تجاوزها بجرة قلم، فهي لم تكن كوارث طبيعية أو مسألة قضاء وقدر نزلت علينا من السماء، بل إنها جرائم من صنع دولة (أو إذا شئت قل: أمة) لها أطماع وأهداف ليس أقلها إعادة فرض هيمنتها على الأمة والمنطقة العربية.

وإذا كان القادة الإيرانيون لا يظهرون ذلك صراحة لأسباب سياسية معينة أو ربما قالوها بصيغة أخرى وهي "تصدير الثورة الإيرانية"، إلا أن أدبيات حركاتهم السياسية ووصايا رجال دينهم وأفكار مثقفيهم تؤكد على ذلك بدون لبس أو حياء. وهذه الوصايا والأدبيات تشبه إلى حد بعيد أدبيات الحركة الصهيونية التي توصي بقيام الدولة اليهودية الكبرى التي تمد من النيل إلى الفرات.

إن الحروب العسكرية التي شنتها الدولة الفارسية على العرب في العهود السابقة صاحبتها حروب ثقافية تركت آثارًا كبيرة في مخيلة الإيرانيين وأصبحت ثقافة الاستهزاء بالعرب والحط من شأنهم والطعن برموزهم الدينية والقومية جزءًا من الأدب الفارسي، الذي هو اليوم يشكل عمدة الثقافة الإيرانية، وهي مقررة في المناهج التعليمية المدرسية، الدينية منها والأكاديمية، وإن عدم معرفة بعض المدافعين عن النظام الإيراني باللغة الفارسية، أو لعدم اطلاعهم على ما يكتبه أو يصرح به المسئولون الإيرانيون من الدرجة الثانية أو الثالثة، أو ما يلقيه رجال الدين والمثقفون الإيرانيون من خطب ومواعظ تحمل الكراهية والبغضاء وتحرض أتباعهم على كره العرب، وتطالب النظام استعادة ما يسمونه بالحقوق التاريخية في بغداد والبحرين والمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، كل هذا لا ينفي وجود نوايا إيرانية عدوانية تجاه العرب. أضف إلى ذلك أن ليس كل الأصوات التي نسمعها تدافع عن نظام طهران وتنفي العداء الإيراني للعرب هي أصوات نزيهة ومؤمنة بما تقول، بل إن كثيرًا من هذه الأصوات مدفوعة الثمن وبعضها غلب ولاؤه الطائفي على الولاء الوطني والقومي.

لقد ساهم عصر المعلوماتية في كشف الكثير من حقائق العداء الإيراني وما يشكله من خطر على العرب، خصوصًا بعد الحرب الأمريكية والصهيونية على العراق، ودور إيران التخريبي ومحاولاتها المستمرة في إشعال الحرب الأهلية في هذا البلد العربي، إلى جانب مساعيها التآمرية في بلدان عربية أخرى، فبعد أن تبين جانب من حقائق النظام الإيراني بات يطرح على الملأ وبكل وضوح تساؤل من قبل العديد من أبناء الأمة حول مسألة أيهما أخطر: الكيان الصهيوني (إسرائيل) الذي احتل أرض المقدسات؛ فلسطين العزيزة، و شرد أهلها وارتكب الكثير من المجازر بحقهم، وشن الحروب المدمرة على البلدان العربية المجاورة، وامتلاكه ترسانة نووية تهدد المنطقة بأكملها؟ أم الأخطر هي إيران التي وعلى الرغم من مضي أكثر من أربعة عشر قرنًا على تدمير إمبراطوريتها المجوسية على يد المسلمين العرب، ما تزال تحن إلى تلك الأيام الغابرة، محاولة إعادة هيمنتها على المنطقة بدوافع قومية عنصرية مغلفة بشعارات إسلامية وأحقاد طائفية معادية لكل ما هو عربي وإسلامي حقيقي؟

لقد أدى الصراع الطائفي القائم في العراق اليوم إلى كشف الوجه الحقيقي للنظام الإيراني المقنع بالشعارات الخادعة التي أطربت الكثير من البسطاء وأصحاب النوايا الحسنة، وروج لها المدجنون وقادة بعض الحركات والفصائل السياسية العربية ذات الأهداف التي ظاهرها يوحي بالحسن وباطنها القبح والخيانة لقضايا الأمة و الوطن، وذلك بعد أن ثبت للقاصي والداني وبما لا يقبل الشك أو التأويل الدور الإيراني الخبيث في إشعال هذه الفتنة، التي أصبح العراق ومن فيه طعمة لنيرانها الجهنمية، والتي إذا ما بقيت مشتعلة (لا قدر الله إلا الخير) فإنها لن تبقى في العراق وحده، بل إنها سوف تطال البلدان المجاورة للعراق التي أصبحت هي الأخرى ملغمة ببراميل من باروت الطائفية، التي زرعها النظام الإيراني طوال العقود الثلاثة الماضية من عمره، الذي لم نجن منه سوى الحروب ونشر الإرهاب وزرع الفتن والشقاق بين أبناء بلدان المنطقة. لقد سجلت إيران في تاريخها الحديث اعتداءات ضد العرب لا تقل عدوانية وإجرامًا عن تلك التي قام بها الكيان الصهيوني.

فقد قامت إيران عام 1925م باحتلال إقليم الأحواز الذي تبلغ مساحته 185 ألف كيلومتر مربع، ويزيد عدد نفوس أبنائها على الأربعة ملايين نسمة، وقامت في عام 1971م باحتلال ثلاث جزر تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة وهي طنب الكبرى والصغرى وجزيرة أبو موسى. وقامت كذلك باحتلال مساحات حدودية واسعة من العراق، من بينها زين القوس وسيف سعد ونصف شط العرب الذي صارت تسميه (أروند رود) وتصر باستمرار على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، وتمنع دخول أي كتيبة إلى أراضيها تسمي الخليج بالعربي، وفوق هذا وذاك فقد وقفت أيام نظام الشاه البهلوي مع العدوان الإسرائيلي على مصر في 1956 والعام 1967م، وقدمت له كل التسهيلات اللوجستية. وفي عهد نظام الخميني شنت حربها العدوانية على العراق، التي دامت ثماني سنوات وأزهقت فيها أرواح مئات الآلاف من العراقيين، وذلك بهدف تصدير ثورتها تحت شعار (تحرير القدس يمر عبر تحرير كربلاء).

هذا إضافة إلى إنشائها العديد من الحركات الطائفية الإرهابية في المنطقة، وتدخلها السافر في الشئون الداخلية للعديد من البلدان العربية. وقد وقفت إيران الخميني مع الغزو الأمريكي للعراق ودفعت الحركات والمرجعيات الدينية الطائفية الموالية لها للتعاون الكامل مع قوات الاحتلال الأمريكي، ومحاربة المقاومة الوطنية والإسلامية العراقية. فمن هنا يتبين أن خطر إيران يفوق خطر جميع الأعداء الآخرين (وهذا ليس معناه التهوين من خطر الكيان الصهيوني)، والسبب في ذلك أن الأعداء الآخرين أهدافهم معروفة ونواياهم مكشوفة وظاهرهم عين باطنهم، عداؤهم للأمة وأطماعهم معلنة ولدى الأمة مناعة فكرية وثقافية كافية لمواجهتهم، ولعل مقاومة المشروع الصهيوني وإسقاطه دليل على قوة هذه المناعة التي أفشلت المشروع الصهيوني في عدم تمكنه من اختراق الفكر العقائدي والنسيج الاجتماعي للأمة. ولكن ما هو أخطر من المشروع الصهيوني، المشروع الإيراني الصفوي الذي يعمل على اختراق النسيج الاجتماعي والعقائدي، ودق الإسفين بين أبناء الأسرة العربية الواحدة تحت دعاوى طائفية بغيضة، هدفها النهائي تمزيق الشعب الواحد وتقسيم البلد الواحد مثل ما هو حاصل أمامنا في العراق حاليًا.

فبعد كل هذا الذي عرضناه ندعو القارئ الكريم ليقرر بنفسه مدى الخطورة التي شكلها إيران الخميني على أمتنا.



صباح الموسوي، مركز دراسات النهضة الأحوازية للثقافة والإعلام
-- نقله عن مفكرة الاسلام * ابو ابراهيم * --