المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إيحاءات من (وحي القلم- للرافعي)


الكوثري
2011-04-21, 20:18
باسم الله خير الأسماء والألقاب ،باسمك اللهم نستفتح هذا الباب.
http://wadod.org/uber/uploads/wah.jpg





هذا المقالات جعلها الرافعي فاتحة عمله بالرسالة وقد أرادها رسالة إلى الصحفيين وإلى المهتمين بالأدب ،وغير خاف أن بوادر النهضة العربية الحديثة في مجالاها الثقافي عموما والأدبي خصوصا كان مع انتشار الجرائد؛خاصة الجرائد التي تكتب في الأدب وعنه ( وبعضها كان يحكمه الاستقطاب).

وكعادة الرافعي في براعته استهل المقال عن خبر ردّ الراوية الكبير والإما م الشهير الأصمعي كلمة : (مالح) وأنها ليست بعربية، واستشهدوا له ببيت لذي الرمة فقال مقولة شهيرة: أن ذا الرمة بات في حوانيت البقالين بالبصرةأياما ....

واختيار لفظ المالح لم يكن اعتباطيا وكان في وسعه الاستعاضة بكلمة أخرى تؤدي الغرض،فكانت إشارة لمعاني يستحضرها المتأمل عن الملح في حياة الناس،ويكفي للطرفة أن أحدهم كان يسمي جهات بتنبكتو التي كانت تعتاش بالملح أنها : حضارة الملح (!!)
القصة رواية تمثيلية، تحاول فهم الأسباب التي منعت الاصمعي أن يقر لكلمة جاءت في شعر ذي الرمة،وهي كذلك تتقصص لتعرف لم هذه الكلمة وحدها دون غيرها علقت بلسان الشاعر وغلبته على طبعه ؟

وهذه الطريقةجيدة ،ومفيدة حين تنعدم التعليلات وتغيب الملابسات "التاريخية" ،فلا يُعْدَمُ صاحب الحس المرهف ،المزكّى بالاطلاع ،والمتسم بالعمق أن ينسج على منوال التاريخ أو يكاد،حتى كأنه لشفافة روحه قد حضرها ،وكان شاهد عيانها.
وما أحوجنا إلى أدباء في مثل هذا المستوى من العقلية الفنية،والنفس المستشرفة، والروح المحلقة التي تأنس لها النفوس،ويرحم الله أهل العرفان والذوق الذين قالوا :إن الشبيه لا يعرفه الا الشبيه..

طريقة مثلى، لو نحن استخدمناها في موطن القطع والانفصال في التواريخ ،وتحرير بعض الأخبار،و الأدبية منها خصوصا على مناهجنا وطرائقنا ،لا على طريقة الغير ومناهجه.
هي طريقة نافعة حين تنعدم عناصر الخبر وملابساته التي ينبي عليها الحكم،إلى أن يظهر ما يخالف هذا الحكم فنرجع إلى الصواب ، وإلى برد الصواب،وهذه الطريقة خير من ترك الفراغات و"الخانات" يتسلل منها الأفاقون ،والمتطفلون، وأصحاب الأغراض والدخائل، المملوءة بالسخائم. (وأمثل دليل على قولي هو صنيع شيخ العربية محمود شاكر في كتابه عن المتنبي الذي توقف عن إكمال لما نُعِيَ إليه الرافعيُّ !!!)
ثم كأن الرافعي أراد تطبيقه ما قال فذكر ناقدا كبيرا وأديبا شهيرا هو المازني صاحب العقاد وصفيه وزميله "في الرَّكْب" ونقده-المازني- لديوان (التائه الملاح)، وهذا الديوان نفسه قدّم له الرافعي وأثنى على عمومه..!!

ومن أهم ما ناقش فيه الرافعيُّ المازنيَّ قوله:إن الكتابة الأدبية هي لغاية هي الإفهام وحسبُ، وهي أولا وأخيرا نقل إحساس من نفس إلى نفس فلا كبير شيئ في المجاز والتشبيه والاستعارة،ولكن الحقيقة أن هذه هي محاسن البيان وبدونها يكون جافا لا ماء ولا رونق،وساق له الرافعي نصَّيْن من أبلغ النصوص العربية كإلزام له؛ آية وحديث،وتركه يفهم على طريقته........
ثم ضرب الرافعي للقارئ مثالين:مثال بمائدة جمعت شواء وفلفلا و(مالحا) و كوامخ هندية عند حاتيّ،وبين مائدة في وليمة عرس زُيِّنتْ بأزهار، وعليها ألوان وأشكال من أفراح المعرسين وأرواحهم، فالأولى فيها المنفعة مجردة، والثانية فيها المنفعة والجمال...
وزاد فضرب مثلا بوجه حسناء وشوهاء،فقال أنهمامن حيث الأعضاء والعمل الوظيفي واحدة،لكن الذي يجعل الجمال جمالا هوإعجازه في تركيبه ،وغير الجميل ...فقد التدقيق الهندسي الذي هوتعقيد فن التناسب...إذا نقل الاحساس من نفس الى نفس دون أصول مرعية عند أهل الفن الادبي لايقول به قارئ للأدب فضلا عن كاتب فيه.
وما هذه العلوم البيانية والبلاغية إلا آلآت فهْم ومُساعِدَات على التذوّق،و لتوصيل هذا النص الأدبي للمتلقي بحيث تلتزق بنفس القاري آثار منه،وبها تتفاوت القرائح في النقد والموازنة،بضوابط تلك العلوم.....
وأيُّ لو لم يعتبر قواعد أي صنعة فيما يريد وفيما يتعمَّلُ له (والفن أيضا صنعة) فما زاد على أن وصف وكتب وقيد،ولكنك لم تكتب لغرض الفن،وتعليم الناس تذوق الفن،وهذا أبعد ما يكون عن الصحف وعمل الصحف (ولا يغيبن عن أذهاننا أن الرافعي وطبقته كل أدبها ؛أو غالبه كان ينشر في الصحف)

وتشبيه الرافعي ُّ الادبَ بأنه فن التعقيد الفني دقيق وأنه السرُّ كلُّ السرِّ،والروح كل الروح فما كل أحد يقدر عليه ،أو يستطيعه؛ وكل ميسر لما خلق له، فالنص الفاقد للتعقيد صاحبه خِلوٌ من التدقيق الهندسي الذي هو تعقيد فن التناسب وهو السِّرّ الذي يجعل الجمال أخّاذا، وهو هو عينُه الذي يجعل البيان ساحرا؛وإن من البيان لسحرا.

إذا فالحكم في كليهما يعتبر أثر النص الأدبي في النفس ،لا مجرد أن تفهمه النفس،دون ضوابط الفن،ودون تعقيد الذي هو سرها وروحها،وأنت بينهما قل ما شئت، واحكم بما شئت ،فالبنهاية هو ذوقك ،وعقلك ،واختيارك،وما هذا التفاوت في تقييم الجمال في نفسه بين أنفس مختلفة الطباع والأهواء والمنازع إلا دليل أن ما قد تراه بارعا في جماله قد يراه غيرك بلا وشي ولا حِلْي...لكن متى ما تعيّن النقد وجب ردّه إلى شروطه،والنقد لا يتأتى من كل أحد ،بل لابد للناقد من أن يكون شاعرا أو قريبا بملكته من شاعر، و قد استغرقه الشعر،أو ناثرا أو قريبا من ناثر ،قدطالت مدارسته وممارسته ،ولولا هذه الضوابط لحاد كل أحد، وسفسط كل أحد وغالط، وقال هذا رأيي ،أي: هذا أدبي!!
فالناقد يجمع بين عقل وعاطفة،لأن علمه صادر من عقله و يخاطب عقل غيره، والفن يستمده من روحه،ويخاطب روح غيره، وهو في كل عمله يحاول تفهيمك العاطفة وتفاعلاتها بكلمات أدبية تحاكي هذا التعقيد الإنساني...وأحيانا تضيق العبارة،فتعرف لم قالو في مثل هذه المقامات :أن للغة عوْرَةٌ !!

وقد اشترطوا في النبوغ -بعد المعرفة طبعا- الاستعدادَ الطبيعيَّ، وماهذه العلوم إلا آلآت للفهم و مفاتيح للتفهيم ،وأساليب البلاغة هي أسباب طبيعية لا غنى للنفس الفنية عنها؛ إذ هي لا تكتفي بالموجود أمامها بل التوق والتطمّح إلى غايات بعيدة ،وهذه لا تؤدي صورتها الا المجازات والتشبيهات والاستعارات ..ولن يضل الناس في حق عرفوا حدّه فإن ما وراء الحد هو التعدّي...وشتان بين من يكتب في الأدب وهو كَلِفٌ به وبين من يكتب متكلفا له.

ثم أما بعد : فخذ أنت هذه الأسطر وأسقطها على عالمنا الافتراضي و"ساكينه"،واستبدل كلمة الصحافة بالنت ، و رِ رأيَك، واحكم بعدها......

هذا ما حضرني في عجالة عن مقال الرافعي وما فهمته منه،وإنْ بدا تركيزي على حيثية معينة-الفن الأدبي بشرطه- فللإخوة متسع في القول ،آملا التصويب في الخطأ والتأييد في الصواب
فأنا لست شاعرا ولا ناثرا، ولكنني قارئ ،مستمتع بقراءتي،ولي ملاحظات شخصية أكتبها لنفسي،وهذه منها،ولولا أنه الرافعي ما كتبت حرفا اللهم إلا الثناء والوفاء لهذا الرجل وأدبه ونزولا عند رغبة مشرفتنا وبعض الأحبة.

والسلام ختام

صَمْـتْــــ~
2011-04-21, 22:49
باسم الله خير الأسماء والألقاب ،باسمك اللهم نستفتح هذا الباب.






هذا المقالات جعلها الرافعي فاتحة عمله بالرسالة وقد أرادها رسالة إلى الصحفيين وإلى المهتمين بالأدب ،وغير خاف أن بوادر النهضة العربية الحديثة في مجالاها الثقافي عموما والأدبي خصوصا كان مع انتشار الجرائد؛خاصة الجرائد التي تكتب في الأدب وعنه ( وبعضها كان يحكمه الاستقطاب).

وكعادة الرافعي في براعته استهل المقال عن خبر ردّ الراوية الكبير والإما م الشهير الأصمعي كلمة : (مالح) وأنها ليست بعربية، واستشهدوا له ببيت لذي الرمة فقال مقولة شهيرة: أن ذا الرمة بات في حوانيت البقالين بالبصرةأياما ....

واختيار لفظ المالح لم يكن اعتباطيا وكان في وسعه الاستعاضة بكلمة أخرى تؤدي الغرض،فكانت إشارة لمعاني يستحضرها المتأمل عن الملح في حياة الناس،ويكفي للطرفة أن أحدهم كان يسمي جهات بتنبكتو التي كانت تعتاش بالملح أنها : حضارة الملح (!!)
القصة رواية تمثيلية، تحاول فهم الأسباب التي منعت الاصمعي أن يقر لكلمة جاءت في شعر ذي الرمة،وهي كذلك تتقصص لتعرف لم هذه الكلمة وحدها دون غيرها علقت بلسان الشاعر وغلبته على طبعه ؟

وهذه الطريقةجيدة ،ومفيدة حين تنعدم التعليلات وتغيب الملابسات "التاريخية" ،فلا يُعْدَمُ صاحب الحس المرهف ،المزكّى بالاطلاع ،والمتسم بالعمق أن ينسج على منوال التاريخ أو يكاد،حتى كأنه لشفافة روحه قد حضرها ،وكان شاهد عيانها.
وما أحوجنا إلى أدباء في مثل هذا المستوى من العقلية الفنية،والنفس المستشرفة، والروح المحلقة التي تأنس لها النفوس،ويرحم الله أهل العرفان والذوق الذين قالوا :إن الشبيه لا يعرفه الا الشبيه..

طريقة مثلى، لو نحن استخدمناها في موطن القطع والانفصال في التواريخ ،وتحرير بعض الأخبار،و الأدبية منها خصوصا على مناهجنا وطرائقنا ،لا على طريقة الغير ومناهجه.
هي طريقة نافعة حين تنعدم عناصر الخبر وملابساته التي ينبي عليها الحكم،إلى أن يظهر ما يخالف هذا الحكم فنرجع إلى الصواب ، وإلى برد الصواب،وهذه الطريقة خير من ترك الفراغات و"الخانات" يتسلل منها الأفاقون ،والمتطفلون، وأصحاب الأغراض والدخائل، المملوءة بالسخائم. (وأمثل دليل على قولي هو صنيع شيخ العربية محمود شاكر في كتابه عن المتنبي الذي توقف عن إكمال لما نُعِيَ إليه الرافعيُّ !!!)
ثم كأن الرافعي أراد تطبيقه ما قال فذكر ناقدا كبيرا وأديبا شهيرا هو المازني صاحب العقاد وصفيه وزميله "في الرَّكْب" ونقده-المازني- لديوان (التائه الملاح)، وهذا الديوان نفسه قدّم له الرافعي وأثنى على عمومه..!!

ومن أهم ما ناقش فيه الرافعيُّ المازنيَّ قوله:إن الكتابة الأدبية هي لغاية هي الإفهام وحسبُ، وهي أولا وأخيرا نقل إحساس من نفس إلى نفس فلا كبير شيئ في المجاز والتشبيه والاستعارة،ولكن الحقيقة أن هذه هي محاسن البيان وبدونها يكون جافا لا ماء ولا رونق،وساق له الرافعي نصَّيْن من أبلغ النصوص العربية كإلزام له؛ آية وحديث،وتركه يفهم على طريقته........
ثم ضرب الرافعي للقارئ مثالين:مثال بمائدة جمعت شواء وفلفلا و(مالحا) و كوامخ هندية عند حاتيّ،وبين مائدة في وليمة عرس زُيِّنتْ بأزهار، وعليها ألوان وأشكال من أفراح المعرسين وأرواحهم، فالأولى فيها المنفعة مجردة، والثانية فيها المنفعة والجمال...
وزاد فضرب مثلا بوجه حسناء وشوهاء،فقال أنهمامن حيث الأعضاء والعمل الوظيفي واحدة،لكن الذي يجعل الجمال جمالا هوإعجازه في تركيبه ،وغير الجميل ...فقد التدقيق الهندسي الذي هوتعقيد فن التناسب...إذا نقل الاحساس من نفس الى نفس دون أصول مرعية عند أهل الفن الادبي لايقول به قارئ للأدب فضلا عن كاتب فيه.
وما هذه العلوم البيانية والبلاغية إلا آلآت فهْم ومُساعِدَات على التذوّق،و لتوصيل هذا النص الأدبي للمتلقي بحيث تلتزق بنفس القاري آثار منه،وبها تتفاوت القرائح في النقد والموازنة،بضوابط تلك العلوم.....
وأيُّ لو لم يعتبر قواعد أي صنعة فيما يريد وفيما يتعمَّلُ له (والفن أيضا صنعة) فما زاد على أن وصف وكتب وقيد،ولكنك لم تكتب لغرض الفن،وتعليم الناس تذوق الفن،وهذا أبعد ما يكون عن الصحف وعمل الصحف (ولا يغيبن عن أذهاننا أن الرافعي وطبقته كل أدبها ؛أو غالبه كان ينشر في الصحف)

وتشبيه الرافعي ُّ الادبَ بأنه فن التعقيد الفني دقيق وأنه السرُّ كلُّ السرِّ،والروح كل الروح فما كل أحد يقدر عليه ،أو يستطيعه؛ وكل ميسر لما خلق له، فالنص الفاقد للتعقيد صاحبه خِلوٌ من التدقيق الهندسي الذي هو تعقيد فن التناسب وهو السِّرّ الذي يجعل الجمال أخّاذا، وهو هو عينُه الذي يجعل البيان ساحرا؛وإن من البيان لسحرا.

إذا فالحكم في كليهما يعتبر أثر النص الأدبي في النفس ،لا مجرد أن تفهمه النفس،دون ضوابط الفن،ودون تعقيد الذي هو سرها وروحها،وأنت بينهما قل ما شئت، واحكم بما شئت ،فالبنهاية هو ذوقك ،وعقلك ،واختيارك،وما هذا التفاوت في تقييم الجمال في نفسه بين أنفس مختلفة الطباع والأهواء والمنازع إلا دليل أن ما قد تراه بارعا في جماله قد يراه غيرك بلا وشي ولا حِلْي...لكن متى ما تعيّن النقد وجب ردّه إلى شروطه،والنقد لا يتأتى من كل أحد ،بل لابد للناقد من أن يكون شاعرا أو قريبا بملكته من شاعر، و قد استغرقه الشعر،أو ناثرا أو قريبا من ناثر ،قدطالت مدارسته وممارسته ،ولولا هذه الضوابط لحاد كل أحد، وسفسط كل أحد وغالط، وقال هذا رأيي ،أي: هذا أدبي!!
فالناقد يجمع بين عقل وعاطفة،لأن علمه صادر من عقله و يخاطب عقل غيره، والفن يستمده من روحه،ويخاطب روح غيره، وهو في كل عمله يحاول تفهيمك العاطفة وتفاعلاتها بكلمات أدبية تحاكي هذا التعقيد الإنساني...وأحيانا تضيق العبارة،فتعرف لم قالو في مثل هذه المقامات :أن للغة عوْرَةٌ !!

وقد اشترطوا في النبوغ -بعد المعرفة طبعا- الاستعدادَ الطبيعيَّ، وماهذه العلوم إلا آلآت للفهم و مفاتيح للتفهيم ،وأساليب البلاغة هي أسباب طبيعية لا غنى للنفس الفنية عنها؛ إذ هي لا تكتفي بالموجود أمامها بل التوق والتطمّح إلى غايات بعيدة ،وهذه لا تؤدي صورتها الا المجازات والتشبيهات والاستعارات ..ولن يضل الناس في حق عرفوا حدّه فإن ما وراء الحد هو التعدّي...وشتان بين من يكتب في الأدب وهو كَلِفٌ به وبين من يكتب متكلفا له.

ثم أما بعد : فخذ أنت هذه الأسطر وأسقطها على عالمنا الافتراضي و"ساكينه"،واستبدل كلمة الصحافة بالنت ، و رِ رأيَك، واحكم بعدها......

هذا ما حضرني في عجالة عن مقال الرافعي وما فهمته منه،وإنْ بدا تركيزي على حيثية معينة-الفن الأدبي بشرطه- فللإخوة متسع في القول ،آملا التصويب في الخطأ والتأييد في الصواب
فأنا لست شاعرا ولا ناثرا، ولكنني قارئ ،مستمتع بقراءتي،ولي ملاحظات شخصية أكتبها لنفسي،وهذه منها،ولولا أنه الرافعي ما كتبت حرفا اللهم إلا الثناء والوفاء لهذا الرجل وأدبه ونزولا عند رغبة مشرفتنا وبعض الأحبة.

والسلام ختام






السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ الكوثَري، أمتعَتْنا قراءتك والتي بدورِها تستحقّ أن تُقرأَ بدقّةٍ وتمعُّن..فما بالُك بما وردَ عن أديبِنا الفذّ مصطفى الرّافعي.
سنقرأ ونقرأ ونكرّرُ قراءتنا طمعا في التشبّعِ بِدُررِه القيِّمة.

فشُكرا على مجهودِك الطيِّب..وألف شُكر على اختيارِك الموفّق..

ولنا عودة أخرى بإذنِ الله..

رَزَانْ
2011-04-21, 23:29
الكوثري الفاضل

شكراااا جزيلا

حسن اختيار :19:

وجودة قراءة :19:

قرأت في عجالة

وسأعود لقراءة القراءة

لك كل تقديري أستاذي الفاضل

وشكر موصول لا ينتهي

طاهر القلب
2011-04-22, 17:55
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيكم على ما قدمتم به افتتاح صفحة النقاش و التدارس هنا أيها الأخ الفاضل الكوثري ... و بعد :
ربما في الرواية التي أشار إليها الرافعي في تفسيره لتلك الكلمة "المالح" من كلام ذي الرمة و ما حدث له في البصرة , دلالة على ما سيدرجه و يقوله فيما بعد في موضوعه الأصلي و هدفه من مقاله هذا "صعاليك الصحافة " , و قد أعجبني في هاته المقاربة كثيرا فما أكثر "مالح" اليوم و هو متنوع متعدد الأشكال و ما أشده على أسماعنا و إدراكنا و طباعنا , و لكن الحمد لله أننا لم ننله أكلا و إشباعا لبطوننا و إلا كان لنا كما كان لذي الرمة مع أصاحبه أصحاب الحوانيت و مكثه بينهم , مع أننا لم نسلم من الأولى و ذهبنا فيها مذاهب و طرق فما أكثر "المالح" من أقوالنا اليوم ... و ما أروع الرافعي في تصويره بعد هذه الرواية عندما قارب مرة ثانية فيما يكتب في الصحافة و ما تجلبه من وبال عن الأدب الراسخ و فنيته الجمالية في عديد أساليبه و أشكاله , و رده إلى البلادة و السكون كميت بين أحياء , و ربما قدم عذرا لمن يكتب فيها في طريقة كتابته في معنى قوله أنه حتى أبلغ الناس يحيد عن ما يعلم و يتطبع بطبع عمله و يجاري سيرورة عمله و يتنازل عما عَلمَه لما رده له عَمَلُه في الصحافة بالخصوص -مثل ذي الرمة في روايته و الجاحظ في مثاله و حواره فيما بعد- , و القياس على الصحافة في زماننا يكون كل ما يمت لها بصلة , و خلف ذلك التصعلك ربما تسلط على من يكتب يحرمه حرية أن يكتب ما يَعلَم بما يَعلَم , و ربما هدفه الخفي الذي يريـد به الإنقاص و الإنقضاض على شيئ و إزهاق روحه , و نحن نضرب المثل هنا بما كان من ذلك الذي هاجم المتنبي و ابن خلدون , و المدعي و المعتدى على الثقافة و الأدب و المسمى بهتانا "دكتور" , و له من كلام الرافعي عن هؤلاء الصعاليك جانب كبير و كبير جدا , و الرد عليه يكون بــ " إن شعر المتنبي بالنسبة لأدباء و شعراء اليوم كالبعث بعد موت المتنبي" , فقف حدك و صن ردك و لا تتطاول , و نقتبس له من قوله كذلك : " إنك في ذلك لا تدل على شيء تعيبه أو تمدحه في الجمال أو البلاغة أكثر مما تدل على ما يمدح أو يعاب في نفسك وذوقها وإدراكها"." و معاني الاختلاف لا تكون في الشيء المختلف فيه، بل في الأنفس المختلفة عليه " ... هذا ما أردت أن أبتدئ به مداخلتي في هاته الجلسة المباركة و الجمع الطيب و ربما جرني الحديث عن من تزندق و تخندق في صف من رد عليهم الرافعي مثل "المازني" و هو أديب كبير , عندما قدم نقده لديوان "الملاح التائه" لعلي محمود طه من حيث تراكيبه اللغوية و البيانية المتخم بها , فكان نقده ذاك مادة خصبة للنقد , و قد كف الرافعي في مقارباته و تشبيهاته و أمثلته بطريقته المشوقة و العميقة و الطريفة تارة أخرى , ردا لاجما له و عليه و على من يليه إلى اليوم في خوضهم لكل ما يمت للعربية و كيانها و أسسها بصلة ... أتممت قراءة غير فاحصة للجزء الأول من المقال و سأكمل الباقي إن شاء الله فقد شوّقنا الرافعي و زاد شغفنا و السلام عليكم .

الكوثري
2011-04-22, 22:37
نحن نضرب المثل هنا بما كان من ذلك الذي هاجم المتنبي و ابن خلدون , و المدعي و المعتدى على الثقافة و الأدب و المسمى بهتانا "دكتور" , و له من كلام الرافعي عن هؤلاء الصعاليك




شكرا لأخي طاهر القلب على ما كتبَ ،ولكل الإخوة مؤملا المزيد منه ومنهم.


أما هذا الدعي المتدثر بدثار العلم فقد "خرج" على الناس في أخرى يعرِّ ض باللغة العربية على صفحات الشروق "حيث لا شروق" وقد افتتحها بالحديث عن ذكرياته على (الدخول المدرسي) ليصل إلى غرضه وهو رمي العربية بالقصور في أحرف تهجِّــيها، وعدم مجاراة الزمن وسرعة إيقاعه الواقعي والنِتّيّ ( من النت لا النتَن !! ).

وقد بدأت كتابة ردّ موجز عليه بعنوان مبدأيّا : (...هجاء في تهجية...) أرفعه لاحقا إن يسّر اللهُ عز وجلّ ذلك وأراده.

رَزَانْ
2011-04-22, 22:42
السلام عليكم ورحمة الله
طاب مساؤكم
سأضيف بعض اللمسات المتواضعة
الى قراءة الاخ الفاضل الكوثري
ولسنا بالنقاد ولا بالشعراء
مجرد قراء عاديين
ويبقى راينا خطأ يحتمل الصواب
أو صواب يفتقر الى التدقيق والحجة الدليل
اولا فيما يخص دلالة اللفظ
وكما قال أخي الكوثري
اختيار لفظ المالح لم يكن اعتباطياوكان في وسعه الاستعاضة بكلمة أخرى تؤدي الغرض،فكانت إشارة لمعاني يستحضرها المتأمل عن الملح في حياة الناس،
لربما اختيرت لفظة المالح لما لها من علاقة بدلالات الذوق والتذوق والنفس معا فلا يخفى على أي كان أن الرافعي يسعى إلى تأصيل التذوق البلاغي وفق منهج نفسي تأثيري انفعالي هذا من جانب ومن جانب آخر
فدلالة المالح تستحضر بمعيتها دلالتي الاتزان والإتلاف ؛ الاتزان في حالة التوافق ، و إتلاف للذوق طالما أنه هناك زيادة
في حالة نقص ؛ و نقص في حالة زيادة
إذ كانت رسالة الرافعي موجهة بضرورة أولى إلى الأدباء
الذين أنتحوا في علم البلاغة والبيان وما لبثوا أن خضعوا للمالح
وأتلفوا ذائقتهم البلاغية (والحكمة التي تخرج من هذه الرواية أن أبلغ الناس ينحرف بعمله كيف شاءت الحرفة ، ولا بد أن تقع المشابهة بين نفسه وعمله فربما أراد بكلامه وجها وجاء به الهاجس على وجه آخر
واذا كان في النفس موضع من مواضعها أفسده العمل ظهر فساده في الذوق والادراك فطمس على مواضعَ أخرى)

فكأنه بدلالة الإشارة الإيماء يلفت انتباه الكتاب إلى حتمية التوافق
في أن يحفظوا للأدب أدبيتَه إذا ما استعانوا به لأغراض أخرى سياسية أو اقتصادية ...الخ
(وللصحافة العربية شأن عجيب فهي كلما تمت نقصت وكلما نقصت تمت )

*******

ومن أهم ما ناقش فيه الرافعيُّ المازنيَّ قوله:إن الكتابة الأدبية هي لغاية هي الإفهام وحسبُ، وهي أولا وأخيرا نقل إحساس من نفس إلى نفس فلا كبير شيئ في المجاز والتشبيه والاستعارة،ولكن الحقيقة أن هذه هي محاسن البيان وبدونها يكون جافا لا ماء ولا رونق،وساق له الرافعي نصَّيْن من أبلغ النصوص العربية كإلزام له؛ آية وحديث،وتركه يفهم على طريقته........
ثم ضرب الرافعي للقارئ مثالين:مثال بمائدة جمعت شواء وفلفلا و(مالحا) و كوامخ هندية عند حاتيّ،وبين مائدة في وليمة عرس زُيِّنتْ بأزهار، وعليها ألوان وأشكال من أفراح المعرسين وأرواحهم، فالأولى فيها المنفعة مجردة، والثانية فيها المنفعة والجمال...


هذا الذي فهمته أنا أيضا من قراءتي للمقال وان كانت قراءة عادية لا ترقى إلى مستوى القراءات المتخصصة
و سأضيف مثالا آخر لتقريب الفهم أكثر
دعك من المائدتين وخذ عجينة حلوى واجعلها نصفين
اجعل كل نصف على حدا وآتيني بطوابع مختلفة
خذ النصف الأول وشكله بطابع عادي مألوف الشكل
وخذ النصف الآخر وشكله بمجموع طوابع يكمل بعضها بعضا يحصل من مجموعها تشكيلات ابتكارية خارجة عن المألوف
تصاغ في أنساق متناهية الدقة في النظم والترتيب ، التأليف و التركيب ، الصياغة والتحبير ، آخذة من الغرابة والتعقيد إلى حد الإفتنان و التعجيز
ولو أجريت المقارنة بين الشكلين
نجد من الناحية الفنية الجمالية
للشكل الثاني نكهة وفن وجمال
أما الشكل الأول نكهة فحسب ؛ وإن كانت النكهة لا تختلف في كلا الشكلين إذ بات من المؤكد أن التعقيد الفني في التركيب لا يغيّر من النكهة أو يضرها في شيء

أما من الناحية التعجيزية
فالشكل الأول بات مألوفا للنظر يسهل الإتيان به على طريقته

أما الشكل الثاني فلن تستطيع إليه سبيلا إذ لا يكفيك النظر لما تكشّف منه وظهر
لتعلم حقيقة الصناعة والتركيب والطريقة فيه
حتى ترى عيانا كيف تشكلت تلك الجزئيات وما يوضع منها أسفلا وما يوضع فوقا وما يوضع يمينا وما يوضع شمالا وبما تبدأ وبما تثنّي وبما تثلّث وبما تنتهي وتبصر من الحساب الدقيق ومن عجيب تصرف اليد ما تعلم منه مكان الحذق وفق نظام فني متكامل

إن هذه النمطية من التعقيد تكفل للأديب أو الناقد أو أياً كان بصمته الإبداعية المتفردة ، كما تكفل للنص الأدبي جمالياته الفنية ( أدبيّة النص وشاعريّته ) ، إذ أن غاية التأليف تتجاوز الإبلاغ والإفهام إلى القدرة على التأثير وتحقيق التفاوت عن طريق توليد دلالة ابتكاريه من معنى متداول في إطار استغلال إمكانيات اللغة استغلالا أمثل يحقق الفنية والجمالية مما لا يستغنى فيه عن الاستعارة والكناية والمجاز ..

هذا ما استحضرته اليوم
وفي انتظار توجيهاتكم
ولي عودة ان شاء الله

احتراماتي

الكوثري
2011-04-22, 23:09
السلام عليكم ورحمة الله
طاب مساؤكم
سأضيف بعض اللمسات المتواضعة
الى قراءة الاخ الفاضل الكوثري
ولسنا بالنقاد ولا بالشعراء
مجرد قراء عاديين
ويبقى راينا خطأ يحتمل الصواب
أو صواب يفتقر الى التدقيق والحجة الدليل
اولا فيما يخص دلالة اللفظ
وكما قال أخي الكوثري
اختيار لفظ المالح لم يكن اعتباطياوكان في وسعه الاستعاضة بكلمة أخرى تؤدي الغرض،فكانت إشارة لمعاني يستحضرها المتأمل عن الملح في حياة الناس،
لربما اختيرت لفظة المالح لما لها من علاقة بدلالات الذوق والتذوق والنفس معا فلا يخفى على أي كان أن الرافعي يسعى إلى تأصيل التذوق البلاغي وفق منهج نفسي تأثيري انفعالي هذا من جانب ومن جانب آخر
فدلالة المالح تستحضر بمعيتها دلالتي الاتزان والإتلاف ؛ الاتزان في حالة التوافق ، و إتلاف للذوق طالما أنه هناك زيادة
في حالة نقص ؛ و نقص في حالة زيادة
إذ كانت رسالة الرافعي موجهة بضرورة أولى إلى كتاب الصحافة
الذين أنتحوا في علم البلاغة والبيان وما لبثوا أن خضعوا للمالح
وأتلفوا ذائقتهم البلاغية (والحكمة التي تخرج من هذه الرواية أن أبلغ الناس ينحرف بعمله كيف شاءت الحرفة ، ولا بد أن تقع المشابهة بين نفسه وعمله فربما أراد بكلامه وجها وجاء به الهاجس على وجه آخر
واذا كان في النفس موضع من مواضعها أفسده العمل ظهر فساده في الذوق والادراك فطمس على مواضعَ أخرى)

فكأنه بدلالة الإشارة الإيماء يلفت انتباه الكتاب إلى حتمية التوافق
في أن يحفظوا للأدب أدبيتَه إذا ما استعانوا به لأغراض أخرى سياسية أو اقتصادية ...الخ
(وللصحافة العربية شأن عجيب فهي كلما تمت نقصت وكلما نقصت تمت )

*******

ومن أهم ما ناقش فيه الرافعيُّ المازنيَّ قوله:إن الكتابة الأدبية هي لغاية هي الإفهام وحسبُ، وهي أولا وأخيرا نقل إحساس من نفس إلى نفس فلا كبير شيئ في المجاز والتشبيه والاستعارة،ولكن الحقيقة أن هذه هي محاسن البيان وبدونها يكون جافا لا ماء ولا رونق،وساق له الرافعي نصَّيْن من أبلغ النصوص العربية كإلزام له؛ آية وحديث،وتركه يفهم على طريقته........
ثم ضرب الرافعي للقارئ مثالين:مثال بمائدة جمعت شواء وفلفلا و(مالحا) و كوامخ هندية عند حاتيّ،وبين مائدة في وليمة عرس زُيِّنتْ بأزهار، وعليها ألوان وأشكال من أفراح المعرسين وأرواحهم، فالأولى فيها المنفعة مجردة، والثانية فيها المنفعة والجمال...


هذا الذي فهمته أنا أيضا من قراءتي للمقال وان كانت قراءة عادية لا ترقى إلى مستوى القراءات المتخصصة
و سأضيف مثالا آخر لتقريب الفهم أكثر
دعك من المائدتين وخذ عجينة حلوى واجعلها نصفين
اجعل كل نصف على حدا وآتيني بطوابع مختلفة
خذ النصف الأول وشكله بطابع عادي مألوف الشكل
وخذ النصف الآخر وشكله بمجموع طوابع يكمل بعضها بعضا يحصل من مجموعها تشكيلات ابتكارية خارجة عن المألوف
تصاغ في أنساق متناهية الدقة في النظم والترتيب ، التأليف و التركيب ، الصياغة والتحبير ، آخذة من الغرابة والتعقيد إلى حد الإفتنان و التعجيز
ولو أجريت المقارنة بين الشكلين
نجد من الناحية الفنية الجمالية
للشكل الثاني نكهة وفن وجمال
أما الشكل الأول نكهة فحسب ؛ وإن كانت النكهة لا تختلف في كلا الشكلين إذ بات من المؤكد أن التعقيد الفني في التركيب لا يغيّر من النكهة أو يضرها في شيء

أما من الناحية التعجيزية
فالشكل الأول بات مألوفا للنظر يسهل الإتيان به على طريقته

أما الشكل الثاني فلن تستطيع إليه سبيلا إذ لا يكفيك النظر لما تكشّف منه وظهر
لتعلم حقيقة الصناعة والتركيب والطريقة فيه
حتى ترى عيانا كيف تشكلت تلك الجزئيات وما يوضع منها أسفلا وما يوضع فوقا وما يوضع يمينا وما يوضع شمالا وبما تبدأ وبما تثنّي وبما تثلّث وبما تنتهي وتبصر من الحساب الدقيق ومن عجيب تصرف اليد ما تعلم منه مكان الحذق وفق نظام فني متكامل

إن هذه النمطية من التعقيد تكفل للأديب أو الناقد أو أياً كان بصمته الإبداعية المتفردة ، كما تكفل للنص الأدبي جمالياته الفنية ( أدبيّة النص وشاعريّته ) ، إذ أن غاية التأليف تتجاوز الإبلاغ والإفهام إلى القدرة على التأثير وتحقيق التفاوت عن طريق توليد دلالة ابتكاريه من معنى متداول في إطار استغلال إمكانيات اللغة استغلالا أمثل يحقق الفنية والجمالية مما لا يستغنى فيه عن الاستعارة والكناية والمجاز ..

هذا ما استحضرته اليوم
وفي انتظار توجيهاتكم
ولي عودة ان شاء الله

احتراماتي



جميل جميل ،وأول الغيث قطرة فالمخايل فيكم لا تكذب فصدقوها بمشاركتنا هذه القراءة.

وتبدو "الأنوثة" وعمل المطبخ جليا في مثال الفاضلة أشواق:19: ،لكنها نست الحديث عن (الليود) بما أنه ضروري في الذوق المطبخي والمِخْبري:)

طاهر القلب
2011-04-22, 23:09
إذ كانت رسالة الرافعي موجهة بضرورة أولى إلى كتاب الصحافة



السلام عليكم
سرني كثيرا تحليلك الدقيق أيتها الأخت الفاضلة أشواق
و لكني لا أوافقك فيه ما إقتبسته اعلاه و هو أن رسالة الرافعي موجهة لكتاب الصحافة بل بالعكس هي موجهة للأدباء الذين يكتبون في الصحافة و الذين تطبعوا بطبعها و ذهبوا مذاهبها , وهذا تنازل عما هو أفضل الى ما هو دون ذلك , و الدليل هو الرواية التي أوردها في بداية مقاله و كذا نقده للمازني الذي أورد نقده ذاك المذكور في الصحف , و ما في الرواية يدل على ذلك دلالة واضحة ثم من هو ذو الرمة في الأدب هو حجة من حججها ثم ما مكانة كلمة "مالح" في قاموسه من العربية و شعره ذاك ثم الرواية التي سردت عن كيفية لصوق هذه الكلمة في فكره و عقله و كيف أوردها في شعره , إذن في هذا قصد أن التطبع بما يكتب في الصحف أمر لا مفر منه بالنسبة للأديب عندما يكتب في الصحف فهي في النهاية تجارة و سياسة و جمهور قراء و ليست بلاغة و أدب و محسنات لغوية و تراكيب البديع و غيره مما يتقنه الأدباء و في الأولى طابع للصحف و كتاب الصحف و في الثانية طابع الأدب و أهله من الأدباء ... بارك الله فيكم مرة أخرى على التحليل العميق و الدقيق و السلام عليكم

الكوثري
2011-04-22, 23:25
شكرا لأخي طاهر القلب على ما كتبَ ،ولكل الإخوة مؤملا المزيد منه ومنهم.


أما هذا الدعي المتدثر بدثار العلم فقد "خرج" على الناس في أخرى يعرِّ ض باللغة العربية على صفحات الشروق "حيث لا شروق" وقد افتتحها بالحديث عن ذكرياته على (الدخول المدرسي) ليصل إلى غرضه وهو رمي العربية بالقصور في أحرف تهجِّــيها، وعدم مجاراة الزمن وسرعة إيقاعه الواقعي والنِتّيّ ( من النت لا النتَن !! ).

وقد بدأت كتابة ردّ موجز عليه بعنوان مبدأيّا : (...هجاء في تهجية...) أرفعه لاحقا إن يسّر اللهُ عز وجلّ ذلك وأراده.





كنت كتبتُ هذه المشاركة -وحديث النت والكلمة بعدها-ويممت صوب قسم الملحون ،فبينا أنا أشممُ رياحينه وقفت على قصيدة لشاعر فحل و" مدقوق" هو: عمر زيعر،ويكون حظ منتدى الجلفة كبيرا جدا جدا جدا لو انتسب يوما،القصيدة كتبها الأخ العضو معنا؛وكانت تستحق أن تفرد بموضوع خاص لجودتها.

http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=262745&page=3

القصيدة سمّاها صاحبها : الفـــــــــــــــــن ،تشتكي غياب الفن في الملحون،ويصف الشاعر ضياع فنّه بين هذا الغثِّ الكثير،ويذكر أيضا ما أصابه ممّا أصاب الشعر الفصيح،وقد نحت الشاعر هذه الشكوى في أبيات جيِّدة،فقد كان الشعر فنّا،وصار عفنا يباع بالحفَن و "العُــرّامْ" والركام.

واخترتُ لكم منها :


حرف الفا والنـون كلمة تعني فَــنْ.................والفَنْ يقولوا دْوَا في كَمْ مَنْ لَوْنْ
كَلْمَة مَنْ حَرْفَينْ ليها كَـمْ مَنْ مَعْـنْ.................جَـفْ الحَرْفْ على اللي بيها مفُتُونْ
مَفْتونْ وْ صَابْني هْوَاهَا قَبْلْ السِنْ.................وَالنَبْعْ الصَــــافي عْلَيَّا عَـادْ مْجـُونْ


كانْ الشَعْرْْ قْبَيلْ يَغـــزي وَ يْـأمَّنْ.................يَعْطَبْ وَيْدَاوي الجُرْحْ اللي مَدْفونْ
كَانَتْ بيهْ الجَـــــافْيَة تَعْطَفْ وَتْحَـنْ.................سَاعَة في دَارْ الجْفَى ريتُو مَرْهونْ


بسم الشـعرْ زْهَى وْ طَعَّنْ مَنْ طَعَّنْ.................والنَطَّـــة ولاَّتْ لَولادْ للفَكْــرُونْ
إذَا قـــالو قـولْ يَجـــــبَدْ وَ يْرَوَّنْ.................والمُهِمْ القـــــافْيَة تَكْمَـــلْ بالنُونْ
رِيتْ الشــعْرْ اليومْ وَلَّى يَتْعَــجَّنْ.................بَعْدَنْ كَانْ يْجي عْلَى ضَخَاتْ مْزونْ
يَا شُعــارة سُــوقْنَا وَلَّى مَاجَـــنْ.................وَالخَلْقَة وَلاَّتْ تَشْـــري فَالمَعْفونْ
هذي قَصَّةْ(عينْ) سَبْقَتْ قَـبْلْ الفَـنْ.................حِينْ سْكَتْنَا عَوضَت(حَاء)المَلحونْ

روح القلم
2011-04-23, 16:02
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أخي الكوثري ملاحظاتك جد دقيقة مع بعض الجولات المعرفية جعلت الأمر سهلا فهمه و استيعابه ، لا انكر أنك أصبت عين فن أديبنا من حيث الهندسة الفنية و تركيب العبارات و محاولت تدقيقه في التعبير الجيد للأشياء بعيدا عن التشويه حتى لو كان ذلك الشيء ليس بالجميل و هذا كله يكمن في سرّ الفن الادبي و هذه أعقد نقطة بنسبة للكتاب الذين لا يتقنون ذلك
و ربما في نصه حول صعليك الصحافة هو بمثابة درس لهم و توجيه للرقي بأقلامهم و عدم تلطيخها بالمشاهد الصفراء و نسب ما يكتبونه للأدب و الأبداع ، وقد علق على امتهان الصحافة بأنه: لو دخل إلى ذلك المجال لأصبح مثله مثل الحروف المكسورة بسبب الطباعة أي لا منعى لأدبه و لا لما يكتبه
و لكن رغم ذلك كان يريد لهم أن يكون دولة في الخريطة و ليس كمدينة في الدولة على الخريطة ، أرادهم أن يكونوا أقوياء و نحن من نستمد منهم القوة ، و لا يخفى علينا أن الصحافيين و كتاب الصحافة في ذلك العهد كانوا قريبين جدا من رجال السياسة فهم ألسنتهم الناطقة للمواقف و التبريرات لكل ما يحصل على الواقع و هذا يعد مسؤولية جد كبيرة عليهم ...
و قد أعجبني ما قولته عن الذين يكتبون عن التاريخ دون أن تكون لهم شواهد عليهم فيجعلون كلماتهم النابعة من الاحساس و ادراك العقل قريبة للحدث التاريخي أو تكاد تكون قد أصبت حقيقته الكاملة ، و هذه الميزة نحتاجها كثيرا في واقعنا الذي لا يسلم إلا بالدلائل الحية

بارك الله فيكم أخي الكوثري على ما قدمتهم و منكم نستفيد
و لنا عودة للأستفادة مرة أخرى
تقديري

صَمْـتْــــ~
2011-04-23, 16:36
السّلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاته



حسَبَ فهمي البسيط فالأدب يورِقُ معنى التّهذيبِ ويُناقِضُ سوءَه..
وهو تعبيرٌ يُلحِفُ رُقيُّه مشاعِرنا وأفكارَنا ويُجسِّدُ معانيها في أبهى الصُّوَر اللغويّة البلاغيّة المؤثِّرة بِصِدقِها وعُمقِ دلالاتِها وأبعادِها.



وتُعتبر الصّور البيانيّة والمحسِّنات البديعيّة من جماليّات الأدب وفنّيّاتِه والتي بدورِها تندمِج في علم البلاغة الذي يُضاعِف قوّة التّأثير ويكسو الكلام بِحُسنٍ يُغري قارئه.



حيثُ أنّ الأدب جوهَرُ الأفكارِ وروحها وفنيّاتُهُ شكلٌ يُبرِزُ ملامِحَها..



وبالتّالي فالعلاقة بينهُما مُتكامِلةٌ تُمكِّنُ الكاتِبَ من تحصيلِ أثمنِ النّصوص الأدبيّة.


لأنّ المعقول النّافِعُ هو أن يهتمّ الكاتِب بالمضمونِ الفِكريّ فيُحسِنَ تقويمه على أُسُسٍ فنيّةٍ تزيدُ من قيمته الأدبيّة.



وعودةً لِما وردَ بالعنوان الآتي ذِكرُه:


'لا تجني الصحافة على الأدب ولكن على فنيته'



فأول ما يُلامِسُ عقولنا هو خطَر الصّحافة على فنيّات الأدَب..وليس على الأدبِ نفسه.


فورَدَ أنّ الصّحافة تَجني، (أو تُذنِبُ، أو تُسيءُ لِفنيّات الأدب.. أو تجرّهُ إلى الحَضيض..)


وهي دلالة على الانحِطاط والرّداءة التي ألحقته بفنيّاتِه.



وحريٌّ بأهلِها (الذين بِدورهِم ينتمون لأهل الأدب) أن يهتمّوا بجودة الأدب وجماليّته خاصّةً وأنّهُم يُخاطِبونَ عقول الرّأيِ العامّ وتوصِلُهُم أفكارُهُم بِمُختلَف طبقات المجتَمَع..


وإهمالهُم لها تنفيرٌ لِلطّرف المتلقّي..وبالتّالي فشلٌ لهُم في إثارة انتِباه القرّاء وعدم كسب احتِرامهِم.


وواقِعُنا المعيش يؤكِّدُ ذلك..فكم من وِلادةٍ لهؤلاءِ تشمئزّ منها النّفوس.



وبهذا الشّأن يهمّني إيراد رأيي الخاصّ، كوني أعتقِد أنّ إهمال فنيّات الأدب من أخطر الخطوات التي قد تجني على الأدب نفسه إن طغتِ الدّناءة.


فلا يكفينا إيصال الفِكرة بل علينا الاهتِمام والعناية بِطريقة إيصالِها..
لأنّها ذروة النّجاح لكلِّ كاتِب.
ولأنَّ ثقافته اللّغويّة تتماشى وثقافته الفِكريّة المبنيّةِ على أساسِ وعيِه.



ولعلَّ ما قيلَ عنِ الأصمعي لدليل على وُجوب الاهتِمام بِجودةِ اللّفظ الذي بدورِه يَضمن قوّة المعنى ورٌقيّ الفِكرة.



وبِمناسبة ما وردَ عن كَونه ينكر أن يُقال في لُغةِ العرب 'مالِح' ويقولُ: إنّما هو ملحٌ، فلا يفوتني الوقوف بِتمعُّنٍ على الآتي ذِكرهُ بِقولِ ربِّ العِزّةِ جلّ جلاله وسما قدرُه:


((هذا عذْبٌ فُراتٌ وهذا مِلْحٌ))(الفرقان:53)


فلَم يقُل سُبحانه وتعالى (..وهذا مالِحٌ) ومن خلال بحثي أدركتُ السرّ، وهو أنّ الماءَ الملح هو ما تأصّلت ملوحته وليسَ ما أُضيفَ للماء العذب من مِلحٍ..فبذكر هذا الأخير يُقالُ ماء مالِحٌ.


إذْ أوحى الأصمعي لأهميّة مُزاوجة اللّفظ بالمعنى..وتأديتِه لمعانٍ سليمةٍ نزيهةٍ راقية بعيدا عن أساليب الإغراء السّلبي الذي لا يُراعي نقاءَ الأدب من تطفّلِ الشّوائِب.


فالكاتِب الذكيّ يَلتزِم بانتِقاء ألفاظٍ تخدُمُ أفكاره وتُصبِحُ مِرآةَ آرائِهِ ومشاعِرِهِ الصّادِقة.


وإلاّ فكيف للثّقافة الأدبيّة أن ترقى إذا كانت تستمدُّ لُغتَها من كلِّ مُبتَذلٍ ركيك.


ـــــ


ولِحينِ عودتي أكتفي بهذه القِراءة الموجَزة نظرا لِضيق الوقت.


والسّلامُ عليكُم.

صَمْـتْــــ~
2011-04-24, 21:07
تابِــع..




صعاليك الصّـحافة "1"



ما أعجبني في هذا المدخل هو أنّ الكاتِب افتَتَحَ بِكلامٍ يَجذب ثِقةَ القارئ ويُبصِّرُهُ لِأمورٍ قيِّمة، حيثُ نفى عن شخصِهِ صِفةَ النّفاق والخوف وزادَ على ذلِك تحديدِه للنّوع الذي يَميلُ لاحتِرامه من أهل الأدب الذين يلمس قيمتهم الأدبيّة والنّوع المُعاكِس الذي يثورُ ضِدَّ تيّاراتِه المُنافية للحقائِق الثّابِتة التي تستحقّ أن تُعلى على كلِّ زيفٍ وتحريف.


حيثُ تجلَّت شجاعته وإقدامه وصِدقُ مسعاه الرّامي لِكشف لِثام الغموض عن كلّ ما يَهدِف إظهاره للإفادة والنّفع.


ويُشير إلى أنّ سوء النّوايا تجعلُ أصحابَها عُرضةً لانزلاقٍ يفضَحُهم ويُذبذِبُ نِتاجهم الفِكري.


(بالمناسبة أخي الكوثَري هل يصحّ القول: نِتاج فكري أم يتوجّب القول مَنتوج أو مُنتَج فِكري)



وبِصَريحِ المعاني يَعترِف الكاتِب بِرِضاه كونه لم يسلك سبيل الصّحافة قناعة منه بِانحِطاطٍ التَحفته.



فهو يَرى أنّ الصّحافة العربيّة تفتقِر لِحقيقة الأدب الصّحيح..حيثُ أنّها لا تبني خدمتها للقارئ على أُسُسٍ سليمةٍ تنطلِقُ من مبدأ الارتقاء والتّهذيب.



ومن بين آراءه الحكيمة التي استوقفَتني وشدّت انتِباهي تأكيده على وجوب دراسة الأشياء بِعُمقٍ ودِقّةٍ لأنّ بَواطِنها قد تأتينا بِما لا يأتي ظاهِرُها..
وهي بنظري دعوةٌ منه لإتقان العمل وبنائِه بناءً سليما لا يعترِف بِجُدرانٍ مكسورةٍ إحدى أعمِدتِها..


وهو عكس ما يراه في الصّحافة من اختِزالٍ للأفكار والذي بِدورِه يحجُبُ الحقائِق ويزيد من تضليل العقول.



وحسَب ما فهمته من قول الكاتِب أنّ حاجة الأدباء للنُّضج الأدبي تسبق امتهانهم للصّحافة لأنّ نُضجه يُؤهّلهُم لِمكانةٍ يصنَعُونها ويترأّسونها بِسِعةِ وعْيِهم فيُورِق ثِمارا طيِّبة لِقاءَ تحكّمهم الجيِّد وحُسنِ بَذرِهم.



وصَدقَ أديبنا الرّافعي حينما رسَم نظرة الجمهور إلى الصّحافة التي تُعلي فيها مكانة رجال السّياسة وأهل الفنون التّمثيليّة في حين تهوي أنظارهم بِمكانة الأديب فتجعلها في الحضيض..


وهي نظرةٌ توحي بِجهلِهِم لِعظمة الأدباء وأدوارِهم الرّئيسيّة التي يُمكِنُ أن ترقى بالصّحافة العربيّة في كلّ المجالات.


ــ


وهذه حوصلة فهمي ممّا دار بين الجاحِظ والرّافعي (في حُلمِه)


- قانون التّسيير في دُور الصّحف يُفعِّلُه شخصٌ واحِدٌ تُحدَّدُ مهامه من السّلطات التي تعلوه ومنها يُسقِط أوامِره على من يُرَتّبون أسفَلَ رُتبته الحاكمة والرّابِطُ بينهما هو المنتج التّجاري الرّبحي..وهي دلالة على احتكار وإلجام حريّة الآراء..

- إهمال قيمة الأدب واستِبدالِه بالقيمة النقديّة..
وأغراض الصّحافة الماديّة التي يترأّسُها الكسب السّريع للأموال وشجَع أهلِها.

- دناءة مُستوى القارئ الذي يَجهل لذّة الأدب،
وسوءِ بنيتِه الأخلاقيّة وهو ما يَحول دون تمييزِه بين الحقّ والباطِل أو بين الجودة والرّكاكة..
ومن نمَت مبادئه على الكذِب أقرأته سخافتُه..

- تفنُّن الصحافة في التّزييف المُبتَكَرِ دوريًّا..فعِوضَ التّجديد في أمورٍ تطوّر الفِكر وثقافته يُجدِّدون أساليبهم في تجسيد أكاذيبِهِم.

- سَخط الجاحِظ على الصّحافة وما يُجنى منها من باطِل.

- نظرة رئيسِه السّلبيّة، والذي لامَ نزاهةَ عمله وسعا لإبطال عزيمته بتذكيره بِمستوى قرّاء اليوم الذين لا يُقوّمون معارِفهُم اعتِمادا على المراجع القيِّمة المتمثّلة في كِتاب الله وسُنّةِ رسوله وكتب العلَماء وإنّما ينهَلون ممّن هي أقلّ نفعا كالرّوايات والمجلاّت الهزليّة ..
والمغزى من كلامه هو أنّ نجاح الصّحيفة يُقاس بِمدى اشتهارِها وما تجنيه من أرباح.
وتحصيلُ هذه الأخيرة يتعلَّق بما يُكتَب من كلامٍ يُغري القارئ رغم تفاهته وخُلوِّه من ملامِح الأدب.


وإلى قِراءةٍ أخرى إن شاء الله..

طاهر القلب
2011-04-24, 21:38
... تابع للتحليل الأولي
ربما انسقنا مباشرة إلى صلب الموضوع و أهملنا العنوان "لا تجني الصحافة على الأدب و لكن على فنيته" , و في هذا رأي أن ما يكتب في الصحف هو إيصال الإفهام المجرد دون تعقيد فني كما سماه الرافعي في القانون الذي أشار إليه في تعريفه للأدب و فنيته بين أدب الصحف و لغتها و الأدب المعروف و طرقه بأنه ذلك "التدقيق الهندسي الذي هو تعقيد فن التناسب" , التناسب بين تلك التراكيب في أبهى و أجود صورها الوجودية الممكنة لها , و الأديب اللامع هو الذي يحسن هذا التدقيق الهندسي ببراعة دون التجرد بالإفهام فقط في لغته و كتابته , و المعنى كذلك أن الروح في الجسد غير الجسد بلا روح , أي أن الإفهام في الأدب و الصحف سيان يؤدى دوره في إيصال فكر الكاتب غير منقوص . و لكنه يفتقد للروح الجمالية في الثانية و إن كان على طبيعته الوجودية و لكن الواجب تهذيبه و تشذيبه ليعجب الناظر أو المستمتع بالطبيعة في بهاء صورتها , كالعروس في يوم زفافها مثلا , و هي التي تجعل ذلك الإيصال للفكرة في صورة تسر النفس و تثير الذائقة الأدبية الفنية فيها , و هذا هو أصل الأدب و جماليته , و إن قالوا فيه التعقيد فذلك مرجع لتلك النفس الذائقة له فهي من ترى أن هذا به التعقيد و الصعوبة و هي من ترى كذلك أن هذا به السهولة و اليسر , ثم أعجبتني الإشارة القوية و الصاروخ المدمر الذي قصف به الرافعي صاحبه و ذلك الشرط الذي رفعه عن الشخص الذي ينقد البيان متى التزم الإلمام بالأصول في الفهم و الذوق , و هذه كذلك نرسلها نحن بدورنا لصاحبنا في صحيفة اللاشروق و الذي أفسدته نزعته الأخرى ... ندخل الآن في صعاليك الصحافة ... مالي أرى القوم راكد مائهم و مبهمة أثارهم في الأرض.

الكوثري
2011-04-24, 23:52
السلام على الجميع ورحمة الله.

هذه مشاركة عجلى؛كنت أريد بها أن أنقر نقَرَات شكر للكاتبين،فلم أفلح وأظن المشكل في المتصفح عندي ..

أولا أضم صوتي لصوت القلب الطاهر في زيادة الإمعان في المقال الأول، فإنه بمثابة (النظارة) التي سنقرأ بها ما يأتي في موضوع الصحافة،وفي رؤية الرافعي للأدب، وسر النبوغ فيه ،ورأيه في الأدب ،وفي كتبه ،وطرائق درسه، ثم نقده ...الخ ،وهي نظرة ينبغي لها فضل تأمل وتمهّل، من رجل درس العربية على أصلها ومن مصادرها،و تجلت ثمرة الدرس في أسلوبه وأفكاره،ومن رجل امتهن الصحافة في أخريات عمره، (ولا يغيبنّ عنّا معرفته القانونية لا عن دراسة بل عن ممارسة بحكم عمله بالمحاكم،ولهذه أيضا أحاديث أخرى،وقد تجلت أوضح ما تجلت في كتابه "الراية"، وقد حاكم عميد الأدب العربي فيه بقوانيني الأدب)وهو -الرافعي- صورة لجيل نشأت "السلطة الرابعة" في زمانه وعلى يديه، وكانت هذه النشأة مصاحبة لنهضة مّا في الآداب وهنا مفارقة !!!
وبها يمكن الجمع بين رأي سي "الطاهر" و"الجرجانية" من أن كلام الرافعي يتوجه نحو المتأدبيين والصحفيين سواء بسواء،لأن هذه الطبقة هي طبقة الادباء في مجموعها،وكلها كانت كتّاب مقالات وجرائد، وعلى أيديهم ازدهرت .


وكلمة مهمة تنبهت لها روح القلم أو بالأحرى تنبهت لها فذكرتها وهي كما قالت :عن الذين يكتبون عن التاريخ دون أن تكون لهم شواهد عليهم فيجعلون كلماتهم النابعة من الاحساس و ادراك العقل قريبة للحدث التاريخي أو تكاد تكون قد أصبت حقيقته الكاملة ، و هذه الميزة نحتاجها كثيرا في واقعنا الذي لا يسلم إلا بالدلائل الحية...

وهذه نقطة عميقة ،وعملية دقيقة نومن أراد ان يراها تطبيقا فليقرأ :كتاب المتنبي؛ للشيخ العربية محمود شاكر، ولينظر كيف يكون الاحساس المرهف المزكى بالاطلاع الواسع حين يخوض مثل هذه المباحث،وما أحوجنا إلى أعمال ومناهج تضبط هذا العمل في قواعد تكون فرعا معرفيا مستقلا عن النقد ،وعن التاريخ المحض،أو قل يجمعهما:confused:


وبعد :


فأمهلوا أنفسكم مع "فاتحة" المقالات،وأنظروا عمّيْكُما الجاحظ أفندي والرافعي بيك:) إلى حين.

وأمهلوني معكم، فأحيانا اقرأ من خارج،ولا يسعفني الوقت للمشاركة والكتابة، ولا تستبطئني سي "الطاهر" فقد شغلت بــــ"رصاص" تصوب نحو مقال الزاوي الأخير،ولعلها تعجبك كما أعجبك الصاروخ الرافعي:1: وهي رصاصة من صاروخ !!

أما هذه الشروق فلي سابقة معهم عرفت بها النفعية والبراغماتية التي تستبطنها الشروق حيث لاشروق،مع مقال الزاوي في المتنبي،وفي حديثي لكم -لو أنا حدثتكم- رؤيا كنت رأيتها جمعتني والأستاذان سليمان باخليلي والأمين الزاوي !!!


* الفاضلة صفاء أظن -والله أعلم- فيما أستحضر أن يقال : منتج ونتاج لاغير،فالأول مُفْعَلٌ من رباعي نكما يقال مكرم ومسلم من أكرم وأسلم، ونتاج بفتح النون للمصدر؛ وبكسرها لاسم المصدر ،أما منتوج فلا يصح لأن بناء صيغة المفعول لا تتأتى من لازم،ونتج غير متعد فلا يبنى منه المفعول-منتوج- ،وإن بني فيعدّى بالحرف،كل هذا وقد أحال محشي القاموس على (المصباح المنير للفيومي) وقال : هذه المادة فصلها تفصيلا عجيبا لا يوجد في غيره،والكتاب ليس في حوزتي ،فمن وقف عليه فليكتبه لنا يفد ويستفد.

وفيما كتب الإخوة نظرات سديدة لمقال الرافعي رفع الله أقدار الجميع،ورحم الله أبا سامي جزاء ما كتب ونافح.

حمـ 0418 ــزة
2011-04-25, 02:36
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رائع اخي الكوثري
ارى انني سأتعلم كثيرا هنا في موضوعك
شكرا لكل من شارك هنا
سلام

أحمد الجمل
2011-04-25, 19:53
بصدق ...
قراءتكم متعة
فَ شكرا جزيلا لكم

الكوثري
2011-04-26, 23:31
بصدق ...
قراءتكم متعة
فَ شكرا جزيلا لكم





مرحبا بشيخ المنصورة بيننا ونحن نقرأ لشيخ طنطا.

الكوثري
2011-04-28, 23:28
السلام عليكم ورحمة الله.

ينتزع من مقال الرافعي أن الشاعر أو الناثر إذا غلط في حرف لا يكون ذلك داعية لأن ننبذ كلامه بجملة واحدة،وأنه يجب استنفاذ وجوه التأويل والتخريج لهذا "الغلط" على فرض وجوده ووروده،وأننا بحاجة - كما قلت قبلا -إلى أناس تشربوا حب هذه العربية تشربا خالط شغاف قلوبهم بحيث صار هذا التشرّب سببا في النفاذ إلى أسرار العربية؛وكم هي ملأى بالأسرار، والنسج على منوال التاريخ وما يتوافق وطبيعة هذه النفوس المسلمة وتاريخها وهذا الحب مع الاطلاع يعطيان الخير الكثير....(وقد ساقني هذا الحب للبحث فخرجت بما دوّنته هنا إن صوابا وإن خطأ،وقد ساعدني في تفهُّم أشياء)

وينتزع أيضا أنّ الرافعي درس تاريخ ذا الرمة درسا عميقا،ولولا هذا الدرس لما استطاع أن يوجه هذه الكلمة عن الأصمعي في حق ذي الرمة ويصورها لك قصة بحيث تراها وتعيها،ودقق ليعرف كيف علقت بلسانه "الذي ألف الشيح والقيصوم" ،وكيف غلبت على طبعه الأعرابي المتوقِّح، اسمع للرافعي وهو يقول: (...ويصنع الله لغيلان المسكين فيمدح وينافق ويحتال ويعده الممدوح بجائزة...) وهو يعلم –عليه رحمة الله- أنّ طبائع المتبدِّين غير طبائع المتحضرين ،ومما يستأنس به ما ذكره الامام ابن الجوزي في أخبار الحمقى أن ذا الرمة دخل على عبد الملك بن مروان فأنشده :

ما بال عينيك منها الدمع ينسكب ** كأنه من كل مغرية سِرب

واتفق أن عينيْ المرواني كانت تسيلان ،فظن أنه يعرض به،فغضب وقطع إنشاده وأخرجه،فهذا يدلك على نحيزته وأنه لمكان البداوة منه لم يكن يحسن منادمة الملوك فضلا أن يحسنها؛حتى عدّها ابن الجوزي من حماقاته !!!

ثم إنهم لم يذكروا البيت الذي ردّه الامام الأصمعي في استشهادهم للــــمالح ببيت الشاعر،والرافعي نفسه قال: وما أدري أنا ما هو !!

و الأصمعي (المتوفى سنة 215 ه) كان آية في سرعة الحفظ والتعلق وهو راويةُ لغةٍ مملوء الوطاب، حتى قيل أنه: يحفظ ثلث اللغة، وهو بعد بصري متسنن غاية،قال ابن الأعرابي :شهدت الأصمعي وقد أنشد نحواً من مائتي بيت ما فيها بيت عرفناه، وخبره مع سهل بن الحسن لما ورد بغداد وجمعه إليه الأدباء شهير في كتب الأدب؛وفي القصة أن نصر بن علي الجهضمي (بعد حديث أفاضوا فيه،دلّ على سعة اطلاع الأصمعيّ الكبير) قال له: أيها الرجل، ابق على نفسك من العين فسكت ؛وكف بعدها الاصمعي، وعلماء البصرة كان فيهم التحري الشديد الذي يجاوز المعقول أحيانا ،حتى قال الجاحظ :....وإنما عاب الاستجاعة لسوء تدبير أكثر العلماء،ولخرق سياسة أكثر الرواة،ولأن الرواة إذا شغلوا عقولهم بالازدياد والجمع عن تحفّظ ما قد حصلوه وتدبر ما قد دونوه،كان ذلك الازدياد داعيا إلى النقصان، وذلك الربح سببا للخسران،والاستجاعة أنك لا تشبع من علم،قال هذا الجاحظ وهو يشرح كلمة دغفل بن حنظلة النسّابة

واللغويون لم يكون كلهم من الفصحاء الذين يروون عن الأعراب الخلّص، وطبائع الأعراب مختلفة من قديم،وليس من عهد التدوين فقط،وقد يكون من ضعف تلك الطبائع ما يعدّه الثقات فسادا لانحطاطه في الفصاحة ،لا أنه فيه لحنا،إذ العلماء والرواة إنما يطلبون فُصَح اللغة، ويقدِّرون الأعراب على حسب ما عندهم وينزلونهم منزلتهم.
ومسلّمٌ أنّ اللغة كانت قائمة بالشعر والخبر،وهما يروَيَان عن الرجال والصبيان والعبيد والإماء من العرب،وقد اشترطوا في ناقل اللغة العدالة بحسب ما يناسب اللغة،وقد قبلوا نقل أهل الأهواء والمبتدعين ممن لم تكن بدعتهم حاملة على الكذب.

قال الجاحظ : طلبت علم الشعر عند الأصمعي فوجدته لا يعرف إلا غريبه(الألفاظ والمعاني الغريبة)، وكان الأصمعي يُضَيِّقُ ولا يجوِّز إلا أصح اللغات ،ويلحّ في دفع ما سواه،وكان شديد التأله: ولا يفسر شيئا من القرآن، ولا شيئا من اللغة له نظير واشتقاق في القرآن ،ولا ينشد من الشعر ما كان فيه ذكر الأنواء ولا يفسره، لقوله عليه الصلاة والسلام:إذا ذكرت النجوم فأمسكوا،ولم يكن ينشد أو يفسر شعرا يكون فيه هجاء...والأصمعي نفسه الورع المتحرج يروي خبرا عن التابعي الكبير والامام الشهير سعيد بن المسيِّب وقد سألوه:إن هاهنا قوم نساك يعيبون إنشاد الشعر؛فقال : نسكوا نسكا أعجميا ! ويجب التنبيه على أن الجاحظ يتحامل على من أدركه من الرواة الذين كان إليهم أمر اللغة؛لأنهم لم يوثقوه،بل ذموه وهجّنوا كتبه وتنقّصوا روايته،والمعاصرة حجاب.
وصنيع الأصمعي مع ذي الرمة يشبه أن يكون غريبا غير مألوفٍ عمّا ألفه الناس من تصاريف القول،بعد أن أطبق الناس على لغة قريش،وسموْا ألفاظ غيرها غريباً (ولأهل القرآن والأداء شأن أي شأن مع الشاذ من القراءات وتوجيهها خاصة ابن جني وكاتبه المحتسب) بل العربية نفسها في الاعتبار العلمي تكاد تكون لغتين بما قام به البصريون والكوفيّون والمناظرة المشهورة بين سيبويه والكسائي في المسألة الزنبورية ما يدلك على هذا ويوقفك على حقيقته.


وملحة يستحسن الختم بها :



ذكروا أن عمار الكلبي قال :

بانتْ نعيمةُ والدنيا مفرَّقةٌ = =وحالَ مِنْ دونها غيرانُ مزعوجُ


فقال له النحاة لا يقال : مَزْعُوج و إنما مُزْعَج ..

فشق ذلك عليه فقال هاجيا لهم :


ماذا لقينا من المستعربينَ ومنْ = قياسِ نَحْوِهِم هذا الذي ابتدعوا
إنْ قلتُ قافيةً بكراً يكونُ بها = بيتٌ خلافَ الذي قاسوه أو ذَرَعُوا
قالوا لَحنْتَ وهذا ليس منتصبًا = وذاك خفضٌ وهذا ليس يرتفع
وحرّشوا بين عبد الله فاجتهدوا = وبين زيدٍ فطال الضّربُ والوجع
كم بين قومٍ قد احتالوا لمنطقِهِمْ = وبين قومٍ على إعرابهمْ طُبعوا
وبين قومٍ رأوا أشيا معاينةً = وبين قومٍ حكوا بعضَ الّذي سمعوا
فقلت واحدةً فيها جوابهمُ = وكثرةُ القول بالإيجاز تنقطعُ
ما كلُّ قولي مشروحًا لكم فخذوا = ما تعرفون وما لم تعرفوا فدَعُوا
حتّى أعودَ إلى القوم الّذين غُذُوا = بما غُذِيتُ به والقولُ يتّسع
فتعرفوا منه معنى ما أفُوهُ به = كأنّني وَهُمُ في قوله شُرُعُ
إنّي رُبِيتُ بأرضٍ لا يشبُّ بها = نارُ المجوس ولا تُبنَى بها البِيَعُ
ولا يَطَا القردُ والخنزيرُ تُربَتَها = لكنْ بها الرّيمُ والرّئبالُ والضَّبُعُ

رَزَانْ
2011-04-29, 16:24
السلام عليكم
سرني كثيرا تحليلك الدقيق أيتها الأخت الفاضلة أشواق
و لكني لا أوافقك فيه ما إقتبسته اعلاه و هو أن رسالة الرافعي موجهة لكتاب الصحافة بل بالعكس هي موجهة للأدباء الذين يكتبون في الصحافة و الذين تطبعوا بطبعها و ذهبوا مذاهبها , وهذا تنازل عما هو أفضل الى ما هو دون ذلك ,



اولا أعتذر على تاخير الرد
ثانيا :شكرا لك اخي الفاضل
لانك نبهتني الى ذلة اسلوب
قد انحرفت عن المعنى الاصلي
وكما أوضحت اخي الفاضل
تماما ذاك الذي قصدت
وكنت كتبت (كتاب الصحافة الذين انتحوا في البلاغة )
واردت بهم الادباء والبلاغيين

ممتنة لتوجيهاتك اخي الفاضل
تم التعديل ان شاء الله
دمت بحفظ الباري

الكوثري
2011-05-02, 19:28
اولا أعتذر على تاخير الرد
ثانيا :شكرا لك اخي الفاضل
لانك نبهتني الى ذلة اسلوب
قد انحرفت عن المعنى الاصلي
وكما أوضحت اخي الفاضل
تماما ذاك الذي قصدت
وكنت كتبت (كتاب الصحافة الذين انتحوا في البلاغة )
واردت بهم الادباء والبلاغيين

ممتنة لتوجيهاتك اخي الفاضل
تم التعديل ان شاء الله
دمت بحفظ الباري










وبها يمكن الجمع بين رأي سي "الطاهر" و"الجرجانية" من أن كلام الرافعي يتوجه نحو المتأدبيين والصحفيين سواء بسواء،لأن هذه الطبقة هي طبقة الادباء في مجموعها،وكلها كانت كتّاب مقالات وجرائد، وعلى أيديهم ازدهرت .

فما رأْيُكُما ؟

الكوثري
2011-05-02, 19:36
هذه المادة فصلها تفصيلا عجيبا (المصباح المنير،للفيومي)لا يوجد في غيره،والكتاب ليس في حوزتي ،فمن وقف عليه فليكتبه لنا يفد ويستفد.

ألا من معين فينظر في الكتاب وينقل لي نصّه ؟

فإن مشرفتنا وضعت "حجرة فالسباط" بسؤالها ولما نجب عليه بعدُ وهذه المواضيع مما يجب التحرير فيها والفصل ......


وأراكم أمهلتموني وأعمَامكم كثيرا،وما هي إلا سويعات حتى أغني مع المغني :أنا وحدي نضوي لبلاد:):cool:.....وأنا بطبعي لا أحب الغناء المفرد ولا الكتابة المفردة، فالبدار البدار .....فكلنا سواء في حب هذا الرجل وحب أدبه،وسواء في القراءة.

طاهر القلب
2011-05-02, 21:41
ألا من معين فينظر في الكتاب وينقل لي نصّه ؟

فإن مشرفتنا وضعت "حجرة فالسباط" بسؤالها ولما نجب عليه بعدُ وهذه المواضيع مما يجب التحرير فيها والفصل ......


وأراكم أمهلتموني وأعمَامكم كثيرا،وما هي إلا سويعات حتى أغني مع المغني :أنا وحدي نضوي لبلاد:):cool:.....وأنا بطبعي لا أحب الغناء المفرد ولا الكتابة المفردة، فالبدار البدار .....فكلنا سواء في حب هذا الرجل وحب أدبه،وسواء في القراءة.






السلام عليكم
طيب أخي الكوثري حبا و كرامة ...
قمت بتنزيل ذلك الكتاب و كذا رفعه ليتسنى لكم النظر في نصه
و إليكم رابطه :
المصبـاح المنير في غريب الشرح الكبير (http://www.4shared.com/file/nkF3WqUd/_____.html)

طاهر القلب
2011-05-02, 21:58
وبها يمكن الجمع بين رأي سي "الطاهر" و"الجرجانية" من أن كلام الرافعي يتوجه نحو المتأدبيين والصحفيين سواء بسواء،لأن هذه الطبقة هي طبقة الادباء في مجموعها،وكلها كانت كتّاب مقالات وجرائد، وعلى أيديهم ازدهرت .

فما رأْيُكُما ؟



السلام عليكم
شكرا على التعقيب أخي الكوثري ...
بالنسبة لنا نحن اليوم من نقرأ للرافعي , يمكن أن ننظر لكلامه من وجهتين أولهما في زمانه عندما كان معظم أو ربما كل كتاب الصحف من الأدباء المتمكنين من الأدب و عليه كان كلامه لهم بصفتيهما الصحفية و الأدبية معا ... و هذا ما أراه في من خلال حواره مع الجاحظ فيما بعد و ما يمثل الجاحظ قديما في الأدب ثم ما يمثل في دار الصحافة بالنسبة للأدب و حاله ذاك مع رئيس التحرير , و هو بهذا اللفظ يقارب للأدب بهزجه و مزجه و ما يحمل بين كتاب الصحافة الذين كان لهم الجانب الأديب في شخصياتهم و كتاب الصحافة الذين لم يفعلوا ذلك الجانب , و بالتالي قصده واضح من حيث إتجاهه و هو الذي يهمه و يهمنا ألا و هو الجانب الأديب فيهم و ضرورة تفعيله و الاعتماد عليه أكثر من أي جانب آخر , و أظنه يفسر كل فكرة الرافعي من مقاله هذا ...
أما النظرة الثانية و التي ننظرها نحن اليوم لكلام الرافعي فهي للمتأدبين اليوم و الصحافيين الذين لا جانب أدبي لديهم , و هم كذلك يدخلون ضمن كلام الرافعي من حيث توجيه رسالته لهم سواء بسواء ...

الكوثري
2011-05-03, 23:05
السلام عليكم
طيب أخي الكوثري حبا و كرامة ...
قمت بتنزيل ذلك الكتاب و كذا رفعه ليتسنى لكم النظر في نصه
و إليكم رابطه :
المصبـاح المنير في غريب الشرح الكبير (http://www.4shared.com/file/nkf3wqud/_____.html)






يبدو أن الرابط معطوب فقد حملته البارحة وكان فارغا !!

وإذا صنعت معروفا و"مزية " ابحث لي على نص المصباح؛فقد أغارني محشي القاموس المحيط.

والشكر موصل لك في هذه ،وتلك،والتي بعدها .

الكوثري
2011-05-03, 23:13
السلام عليكم
شكرا على التعقيب أخي الكوثري ...
بالنسبة لنا نحن اليوم من نقرأ للرافعي , يمكن أن ننظر لكلامه من وجهتين أولهما في زمانه عندما كان معظم أو ربما كل كتاب الصحف من الأدباء المتمكنين من الأدب و عليه كان كلامه لهم بصفتيهما الصحفية و الأدبية معا ... و هذا ما أراه في من خلال حواره مع الجاحظ فيما بعد و ما يمثل الجاحظ قديما في الأدب ثم ما يمثل في دار الصحافة بالنسبة للأدب و حاله ذاك مع رئيس التحرير , و هو بهذا اللفظ يقارب للأدب بهزجه و مزجه و ما يحمل بين كتاب الصحافة الذين كان لهم الجانب الأديب في شخصياتهم و كتاب الصحافة الذين لم يفعلوا ذلك الجانب , و بالتالي قصده واضح من حيث إتجاهه و هو الذي يهمه و يهمنا ألا و هو الجانب الأديب فيهم و ضرورة تفعيله و الاعتماد عليه أكثر من أي جانب آخر , و أظنه يفسر كل فكرة الرافعي من مقاله هذا ...
أما النظرة الثانية و التي ننظرها نحن اليوم لكلام الرافعي فهي للمتأدبين اليوم و الصحافيين الذين لا جانب أدبي لديهم , و هم كذلك يدخلون ضمن كلام الرافعي من حيث توجيه رسالته لهم سواء بسواء ...




الذي أردته هو السياق الذي كتبت فيه المقالات؛فلم أشأ أن آخذها "محنطة"،ولذا ظهر لي أنه يمكن الجمع بين رأيَيْكُما،أما عامّ ما كتبته أيها الأخ طاهر فصحيح،وهذا شأننا مثلا في هذا الموضوع أننا نراه يقصدنا أكثر من طبقة الأدباء التي "صنعت الحدثَ"و أن الحرفة إن لم تضبط وتراعى ربما أفسدت الفنية التي للمتأدب،وقد تنبه العرب قديما لهذا فوصفوا ذكاء القط حين يطلب طعامه وقوته؛فقالوا في بيتين (لا أستحضر سوى محل الشاهد) : وكل امرئ في حرفة العيش ذو عقلِ

طاهر القلب
2011-05-04, 13:04
يبدو أن الرابط معطوب فقد حملته البارحة وكان فارغا !!

وإذا صنعت معروفا و"مزية " ابحث لي على نص المصباح؛فقد أغارني محشي القاموس المحيط.

والشكر موصل لك في هذه ،وتلك،والتي بعدها .





السلام عليكم

إليكم الرابط :

المصباح المنير .DOC (http://www.mediafire.com/?139olhz72je8ou1)

المصباح المنير . (http://www.mediafire.com/?uc2j9pc0b44mtc4)PDF (http://www.mediafire.com/?uc2j9pc0b44mtc4)

الكوثري
2011-05-05, 19:34
( ن ت ج ) : النِّتَاجُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ يَشْمَلُ وَضْعَ الْبَهَائِمِ مِنْ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا وَإِذَا وَلِيَ الْإِنْسَانُ نَاقَةً أَوْ شَاةً مَاخِضًا حَتَّى تَضَعَ قِيلَ نَتَجَهَا نَتْجًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ فَالْإِنْسَانُ كَالْقَابِلَةِ لِأَنَّهُ يَتَلَقَّى الْوَلَدَ وَيُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ فَهُوَ نَاتِجٌ وَالْبَهِيمَةُ مَنْتُوجَةٌ وَالْوَلَدُ نَتِيجَةٌ وَالْأَصْلُ فِي الْفِعْلِ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ فَيُقَالُ نَتَجَهَا وَلَدًا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى وَلَّدَهَا وَلَدًا وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ هُمْ نَتَجُوكَ تَحْتَ اللَّيْلِ سَقْبًا وَيُبْنَى الْفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ فَيُحْذَفُ الْفَاعِلُ وَيُقَامُ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مُقَامَهُ وَيُقَالُ نُتِجَتْ النَّاقَةُ وَلَدًا إذَا وَضَعَتْهُ وَنُتِجَتْ الْغَنَمُ أَرْبَعِينَ سَخْلَةً وَعَلَيْهِ قَوْلُ زُهَيْرٍ فَتُنْتَجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُمْ وَيَجُوزُ حَذْفُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي اقْتِصَارًا لِفَهْمِ الْمَعْنَى فَيُقَالُ نُتِجَتْ الشَّاةُ كَمَا يُقَالُ أُعْطِيَ زَيْدٌ وَيَجُوزُ إقَامَةُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي مُقَامَ الْفَاعِلِ وَحَذْفُ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ لِفَهْمِ الْمَعْنَى فَيُقَالُ نُتِجَ الْوَلَدُ وَنُتِجَتْ السَّخْلَةُ أَيْ وُلِدَتْ كَمَا يُقَالُ أُعْطِيَ دِرْهَمٌ وَقَدْ يُقَالُ نَتَجَتْ النَّاقَةُ وَلَدًا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ عَلَى مَعْنَى وَلَدَتْ أَوْ حَمَلَتْ قَالَ السَّرَقُسْطِيّ نَتَجَ الرَّجُلُ الْحَامِلَ وَضَعَتْ عِنْدَهُ وَنَتَجَتْ هِيَ أَيْضًا حَمَلَتْ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَأَنْتَجَتْ الْفَرَسُ وَذُو الْحَافِرِ بِالْأَلِفِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَهِيَ نَتُوجٌ.


هذا نصٌّ الفيومي لمادّة نتج،لعل بها مقْنَعا في سؤال مشرفتنا؛ونحن جميعا معها شركاء في الفائدة، شاكرين لأخينا الفاضل "سي الطاهر" (الاسم الحرَكي:)) ،ولو أنكم وكلتم الأمر إليَّ لما حصلتموه؛حتى "ينوّرْ المــلـــح" ...

*وأرى إخوة غابوا عنا فيشاركوننا "حلاوة"قرآءاتِهم وآرائِهم:confused:


* * * * * *

حتى ينور الملح؛مثل شعبي عامية،يكنون به عن الصعب أو المحال فيقولون: ما تشوفهاش (..) حتى ينور الملح،وهو يشبه قول العرب في مثل مورد هذا ،ومحل ضربه في الكلام : حتى يشيب الغراب،وقد جاء عفواً ولطيف الموقع في موضوعنا عن الملح والمالح.

الكوثري
2011-05-06, 21:55
هآ وين راكم يا عباد اللهراكم راقدين لا قراية لا مطالعة لا مشاركة لا والو .........والا واش ؟

صَمْـتْــــ~
2011-05-07, 17:44
هآ وين راكم يا عباد اللهراكم راقدين لا قراية لا مطالعة لا مشاركة لا والو .........والا واش ؟




السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أضحك الله سنّك أخي الكوثري..

لا تقلق فلنا عودة إن شاء الله (ما تتقلّقش ياك الموضوع راه مُثبّت)
وإن طالت فالتمس لنا أعذار الغياب، رغم أنّي أتمنّى دخول عناصِر أخرى في هذا الحوار الشيِّق إثراء له.

وتأكّد أنّي متابعة لكلِّ حرفٍ من حروفكم، ولكن من سوء حظّي تنفذ أيقونة الشّكر كلّما أعلنت لها حاجتي لِشُكركم :).
فشُكــرا على جديّتكم في الإفادة.

الكوثري
2011-05-07, 19:36
بارك الله في مشرفتنا التي تشرفنا،هو مجرد تذكير ورفع فقط وبيني وبينك لا تهمني التثبيتات-ليس احتقاراً فلصوق الشيئ بذهني وتحصيل الفائدة هما من يثبتان الموضوع عند الدراويش

طاهر القلب
2011-05-08, 15:21
تتمــــة القراءة ...
من المعروف عن الرافعي قوته في حججه التي يقدمها كدلائل لأقواله و منه فإنه أبدى في مقدمة مقاله "صعاليك الصحافة1" التأكيد على تلك الحجية التي في نفسه و في قلمه , و أنه ليس من أولئك الذين يواربون في فعلهم أو قولهم أو حكمهم على الأشياء بل ظاهره كباطنه لا عوارض تتدخل في نفسه عندما يأتي على فعل أو قول ... و من هاته المقدمة ندلل و نؤكد على شخصية الرافعي الصلبة الرصينة في كتاباته و أنه ينطلق من زاوية البحث عن الحقيقة و التأكيد دائما على جلائها و وجودها , و هذا لب ما افتتح به مقدمته هناك تأكيدا و تمهيدا و تهديدا .
ثم بادر لتوصيف ناموس الصحافة الذي يضبطها و يسيرها و ربما اختصره في قوله " تمامها في مراعاة قواعد النقص في القارئ " أو في توصيفي لها بـــأنها "مُسَيَّرَة غَيْر مُخَّيـرَّة" , فهي تتبع ما تمليه عليها ظروف الجمهور القارئ لها أكثر من أي شيء آخر , و ذلك إما اهتماما أو إلماما أو تتبعا لرغبات القارئ و ميوله و نزعاته أكثر شيء فيها , و هذه متغيرة غير ثابتة فيها و في الجمهور فننظرها دائما متجددة متقدة دوريا و باستمرار , و هذا أمر متجذر فيها يبعدها كثيرا عن مسار الأدب ... ثم الرافعي في هذه الديباجة الندية قدم تعريفين موجزين للعمل في الصحافة و طريقتها و الأدب و رسوخه العميق و طريقة أسلوبه , و كذلك شأن كل من يعمل في الصحافة و من تخصص في الأدب معرفة و عملا ... هذا ما تم في فهمنا الآن و نأتي إلى حواره مع الجاحظ في منامه و هو مجرد تفسير دقيق لما ورد في المقدمة التي ابتدأ بها تصحيفه لحال الأدب و الصحافة ... يتبع إن شاء الله .

يا جمعا طيبا أضاء ربوع المكان بنور أقلام مدرارة جبارة .. أين أنتم من ذا المكان هنا .

صَمْـتْــــ~
2011-05-09, 19:42
واستَجبنا لِندائِك أخي طاهِر..:)

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته



صعاليك الصحافة "2"

ممّا ورد في مطلع الجزء الثّاني من صعاليك الصّحافة حديث الشّيخ أبو عثمان عن قذارة وبشاعة الجوّ الذي يعيشه ويعايشه بعض رجال الصّحافة من ذلٍّ يُجبَرونَ على تحمّلِه
(حتّى وهم على درايةٍ بخطأ ما يُكلَّفون به، بل ويُؤمرون بابتكار الأكاذيب المنافية للواقع..)

فتحدّث عن الذّباب ليصِلنا بالمشهد البشِع الذي يعيشه والذي يوحي بِدناءة ما يُعرَض على القرّاء..

وتحدّثَ عن أهل السّياسة واتّجاهاتهم الزّائفة والبعيدة عن مبادئ الحريّة..

ومعاناته ورئيسه في العمل، والذي يهتمّ باستغلال ثروته اللّغويّة في مقاصدِه الدّنيئة انتقاصا منه لِاستقامة شخصه ونقاء ضميره وانتهاكا لآرائه، وهو الأبعدُ عن هذا الخُبث والأصدق في نواياه.

هذا الأخير الذي يرفضُ أن يُبنى كلامه على أفكارٍ متناقِضة صادرةٍ عن فكره !

فهذا أمر خطيرٌ يُظهر بُؤَرَ التّضليل والاحتيال الذي تنتهجه الصّحافة..

ولن يَقبل التّأقلُم مع هذا الوضع إلاّ الجاهلُ المُساق أو اللّئيمُ بطبعه والمُساير لما يحقّق الشّهرة ويملأ الجيوب دون العقول..

وثالثهُما من يُرغَم وهو مدركٌ للحقائِق..وهذا حال الشّيخ أبو عُثمان الذي عارضَ مطلب رئيسِه.

طبعا ظهر جليّا أنّ مبدأ الشّيخ أبو عُثمان ورئيسه لا يتوافقان،
فالأوّل مبنيّ على نزاهة الفِكر وصدق الفِكرة وصواب الرّأي وغرضه أخلاقي، أمّا الثّاني فمبنيٌّ على الحيلة والمراوغة والكذب وغرضه ماديّ..

ونقرأ بوضوحٍ أيضا علاقة الصّحافة بالسّياسة، فللصّحافة يدٌ في تعكير الأجواء السياسيّة والتّأثيرِ على الرّأي العامّ..ولها قدرة اللّعب على الحبلين بطريقة التّعبئة الإعلاميّة المشوِّشة، والرّامية لِجذب انتباه العامّة، دون وضع اعتِبار لوجوب التِزام السّير المنظِّم والمدروس اجتِنابا لانزلاقٍ قد تكون السّبب الرّئيسي في حدوثِه !

ولا يقتصِرُ هدمُها على الجانِب السّياسي بل حتّى أهمّ جوانِب الحياة..وأذكُر منها الجانب الدّيني والاجتِماعي..التي نشهَدُ لها بِبصمةٍ سلبيّة يندى لها الجبين.

واشمئزازُ الشّيخ أبو عُثمان من الصّحافة تُقرئه آراؤُه وانفعالاتُه ورفضِه التّعايُش مع تيّاراتِها المشوِّهة للوقائِع والمجرّدة من الصِّدق..

حيث يرى في حريّة التّعبير انضِباطا تقوّمه قوانين تترأسُّها الأخلاق، فوحدها الأخلاق من تورِدُ نتاجا صافيا لا شوائِب فيه، لتُعطينا مدلولا سليما على القيم المهنيّة التي للأسف تكاد تنعدِم إن لم تكُن قد أُعدِمت نهائيّا تحت مِقصلةِ (طمس القوميّة العربيّة)

ــ

ولي عودة أخرى إن شاء الله

صُبح الأندلس
2011-05-27, 19:49
أين صاحب الموضوع ؟
فقد عاد بنا إلى الزمن الجميل؛ زمن الرافعي و من شاكله من أدباء العربية ، ثم توقف عند منتصفه، فلا نحن واصلنا المسير و لا نحن قدرنا على الرجوع .
و الكونتور يدور :)

صَمْـتْــــ~
2011-05-27, 23:53
أين صاحب الموضوع ؟
فقد عاد بنا إلى الزمن الجميل؛ زمن الرافعي و من شاكله من أدباء العربية ، ثم توقف عند منتصفه، فلا نحن واصلنا المسير و لا نحن قدرنا على الرجوع .
و الكونتور يدور :)
أخــتاه،
يبدو أنّ كهرباء الرّوح صعقت الفكر فألجمته:rolleyes:
وكلّ الأعذار نلتمسها له إلى أن يستعيدَ نشاطه

عسى أن يكون مانع حضورِه خيرا إن شاء الله

صُبح الأندلس
2011-05-28, 08:30
أخــتاه،
يبدو أنّ كهرباء الرّوح صعقت الفكر فألجمته:rolleyes:
وكلّ الأعذار نلتمسها له إلى أن يستعيدَ نشاطه

عسى أن يكون مانع حضورِه خيرا إن شاء الله

لا أظن الكوثري ممن تصعق الكهرباء فكره http://www.djelfa.info/vb/images/icons/icon3.gif:)،فهو أقوى منها ، و كذلك عهدناه ، و عسى العودة تكون قريبا إن شاء الله.

الكوثري
2011-05-28, 14:18
شاكرا لكل من سأل عن الفقير،وكذا كل من مررت بذهنه فلم يفعل شكرا من قلبي الذي ابتلاه الله فجمع المتناقضات !!

وهبوني متُّ فأكملوا وسيروا على خطى الرافعي فإنه مفتاح كبير لمن كان عنده الاستعداد للكتابة في العربية، وأنا مدين لأبي سامي كل حرف أكتبه فيعجب الناس...

وإنه لمما يخجل منه المرء أن يسأل عنك شخص جمعتك به العضوية وزاد عليك بالإشراف ،ثم بعد هذا هو مؤنث؛ والله إنه لَمَا يُخْجِلُ "مثلي"...

قلبي موجود حيث يوجد ذكر للرافعي وإن على سبيل الحديث والمسامرة فكيف إذا كان الحديث عن فنه وأدبه و"رسالته" ويبدو أنني لما أفق من (ضربة الكهرباء بعدُ) وأنابيبي وأسلاكي ضعيفة لا تحتمل ،وقد توزعت قلبي نوازع ومنازع لا أقدر معها سوى القراءة والكتابة قليلا قليلا.

سائلا لكم التوفيق والسداد وأن يكون كل حرف استفاده شخص في صحيفة هذا الرجل الذي علمني ولا يزال.

صَمْـتْــــ~
2011-06-01, 19:09
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يا أهل هذا المكان من بالله عليكم يُخرِجنا من بُؤرة الصّمت؟

وإلاّ فما علينا سوى أن نُشكِّل فسحة أخرى رغم أنّ طيّ صفحات المواضيع القيِّمة يُؤلمُني..

طاهر القلب
2011-06-01, 19:39
السلام عليكم
بل نحن الآن رهن بصاحب الموضوع و مديره
الذي تركنا نجول و نتقوّل الحديث هنا لوحدنا ...
ثم إنطوى يكابد حالته الكهربائية الميؤس منها
و يقيس بجهاز (الفولط..حب) شدتها و حدتها
فيرتد مؤشر قلبه محروقا غير مستقر في مكانه ...
أخي الكوثري
عليك بأقرب طبيب و إلا تطورت الحالة:d
ثم لا ندري بعدها أنعزيك أم نهنيك
على إستعادة قلبك أو فقده
لا تأخذ من كلامي غير المزاح

الكوثري
2011-06-02, 01:40
تحية عطرة ، في هذا الليل بأخَرة.

لا أريد منكم التوقف،ولا أريد إحراجكم بما يلزمكم به قانون المنتدى،وأرى أنه لو جدّ جديد لأي قارئٍ معنا أن يكتبَ فيُرفعَ الموضوع كما لو أنه ثبت بمسمار من الفيض ومن الذاكرة،وفي هذا حل وسط ورفع للحرج من جهتيْن؛جهة القانون،وجهة الاكمال على هذه المدرجة المستمرة !!

ومما زاد من "زهدي" وتثاقلي عن الكتاب في هذا الموضع الشائك (الأدب -الأدباء-الصحافة) عكوفي هذه الأيام على مقالات شاكر تقف فيها على حقائق تاريخية وأدبية وإنسانية تجعلك تفيض لو أردتَ تكتب رأيك في هذه الثلاثية التي كان يجب أن تكون مقدسة فإذا هي كما نراها مدنّسة على صفحات تباع بـــ(الف دورو غيرِ أحمر) وقد تدبّجت وتأنقت و"تكرفطت" وقبلها ألقاب طويلة لا طال تحتها ولا رادّ منها و(أنموذجي) دائما سي الزاوي الهاوي الذي يتلذذ بترجيع الصدى لكتابات غربية أو متخفية وقد صبغتْ بألوان عربية،ولوكٍ للكلام واستخفاف بعقول الناس ولا تسمع إلا مطا ومطقاً ( كآكل العسل يتمطق بعد أكله من تحلب الريق وشهو الحلو !! ) وقد قرأت مقال الشيخ شاكر عنوانه: الحرف العربي واللاتينية فتراخيت وتراجعت،بعد أن كانت نيتي معقودة على نشر ما تقمشته فأسميته: هجاء وتهجية.

فهذا مثال واحد أعانيه ،مع قلة المساعد وتعكر صفو النفس وركود الذهن،وهذه معذرةٌ مني لكم -وإن كنت أعلم من نفسي التكاسل قبل موضوعكم هذا- فلست ( نظاميا ) لا في دراستي ولا معيشتي ولهذا أهرب من مثل هذه الالتزامات التي توقعني في الحرج مع من لا أريد أن تصل كلمتهم إلى التراب -وحاشاهم-ثم زد حديث الكهرباء الذي زاد من " فوضى حواسي " وأحيانا أجدني أكتب على غير نظام وحين أعاود النظر فيه أجد معانيه في نفسي مستقيمة لكن العبارة تخون،والتركيب يضطرب،فأتندم على ما أكتب..!!

فالتمسوا لأخيكم العذر.

والسلام ختام.

الكوثري
2011-06-11, 14:45
جهِدت في البحث عن نسختي من (وحي القلم) ولم أعثر عليها؛فلا أزال قديم الطراز وأحب أن أتحسس الورق بيدي وقلم الرصاص بين أصابع الكتابة الثلاثة......وعلى رأي والدتي: شوف وين راه مقيوس وأنت عندك الخردة بزاف !!!

ولشدّ ما عالجت نفسي لمعاودة قراءة المقالات لكنها تأبى وهي حرون،وكأني بها ستلين وتنقاد حبا في الرافعي.

فقلت لي نفسي لأكتب في موضوع الرافعي إلا يكن فكرة تقتنص فتدوّن فلا أقل من تجديد الرحمة على أبي سامي.

رحمة الله عليك من أديب ورحمة الله عليك من غيور ورحمة الله عليك من عالم بأسرار الللسان،ورحمة الله عليك من إنسان بكل ما فيه وعليه

اللهم ارحم عبدك مصطفى صادق وارفع درجته وصُبّ عليه شآبيب رحمتك.

على رجاء المعاودة قريبا بإذن الله.

الكوثري
2011-06-13, 21:40
الحمد لله وحده،والصلاة على من لا نبي بعده.

السلام عليكم جميعا ورحمة الله.

ها أنا أبادر بعد انقطاع وما أتلبث إلا يسيرا وهروبا من المؤاخذة على الرِسْلة ووناء الهمّة،ولأن الفائدة لا ينفيها أن تكون من القليل إذا لم يتسير غيرها،وكما قيل:لجلجلة المضغة عند الجوع خير من جمود الفكيْن....
ولو نحن راعينا في قضية الموضوع الصحافة وعلاقاتها بالأدب لكانت الكلمة بسطر والأسطر بمقال،وقد تغني المقالات وفهم أبعادها "الثلاثية" عن نفض سواد الليل وبياض النهار عنها .!!

وقد صرنا في زمن تسمَّى فيه كتّاب الصحافة (وأقلام الصحافة) بالمحرِّرين،وقد تعلم أن اللقب قديما ؛أيام عافية المسلمين مذمّة لهم *1 ،فإن الاصطلاح أيامئذ يراد به كاتب الخط أو الناسخ حسبُ،لأنه يحرر الأصول ويضبط الأحرف ويراعي النِّسَب بين ما يعزله من بياض الكاغط عن يمين الكتاب وشماله وأعلاه وأسفله،وتباعد ما بين السطور ..الخ مما مرجع ذلك كلِّه إلى لفظة "التحرير"، قال الجاحظ في المحرِّر وكاتب الرسائل ومكانتهما من الديوان: ((... لا يحضر كاتب الرسائل لنائبة، ولا يُفْزَع إليه في حادثة، فإذا أبرم الوزراء فيها التدبير،ووقفوا منها على التقدير طُرِحتْ إليه الرقعة بمعاني الأمر ينسِّق فيه القول،فإذا فرغ من نظامه واستوى له كلامه أحضر له محرِّرا ...)) وقال في المحرِّ أيْضاً : (( .. وبخطه يكون جمال كتُب الخليفة ...*2))،ومن أراد التوسع في (حرفة المحرِّر) عند المسلمين قبل أن تنقلب حقائقهُم،ويصير المحررون هن صنّاع الرأي،بعد أن كانوا مجرد كاتبيه ومزوِّقيه؛ ينظر في الفهرست لابن النديم الفصل الذي عقده (لعائلة البربري المحرر)،وخدمتهم للملوك: الفن الأول من المقالة الأولى عقب الحديث عن خط المصاحف وما يتفرع عن هذا الفن الجليل .

ولو نظرنا في مقابل ذلك في لفظيْ الأدب والأديب لكان أيسر تعريف وعلى التجوّز أنه ملم بفُصَح الكلام،وتمكنه من استعمالها في تصريف الكلام وتنزيله،ومعرفة الإعراب والأبنية والتصاريف،وذو نظر قيِّم – مستقيم- في معاني البلاغة وأساليب الفصاحة والاقتدار عليها،ومعرفةٍ برجال الأدب وتاريخهم،ومراتبهم وطبقات كلامهم وآثارهم واختلاف العصور بها،وأثر تفاوتهم في هذا الاختلاف ،وملكة نقدية تعرَف بها مواطن المؤاخذة،ووجوه الحسن ومواطن القوة،ومسالك الجدة،ومسارب الدَخَل والضعف،ثم لا تكون هذه جميعُها وإحسان المشاركة فيها هي معنى (الأدب والأديب)، وليس الأدب الكفاية في ناحية من فروع المعرفة العربية وعلومها وفنونها؛ حتى يختضَّ بواحد منها –فروع من فروعها- فيقال للمتوفر على النحوي نحوي،وعلى اللغة لغوي،وعلى التصريف صرْفي، قال ابن قتيبة : من أراد أن يكون عالما فليطلب فنا واحدا،ومن أراد أن يكون أديبا فليتوسع في العلوم ..اه ،وتعريف ابن خلدون: الأدب أن تأخذ من كل علم بطرَف...لأن الأديب هو لسان ثقافته،وترجمان أمته، يعرف بها مجموع إنساني ثقافة مجموع – شعب-آخر،وما اختزنه فاختزله في كلام سام عال في إفادته من شعر وقصة ومثل وأغنية أو مقطوعة الخ، وهو هو لسان قومه ليبين لهم وينقل إليهم، ولا يخرج عن قواعد ولا أساليب لغته،لأن الأمم بلغاتها وثقافتها، وتبقى المعاني مطروحة مطروقة تتقارضها الأمم،وتتفاوت في الإبداع والسبْق،وهي سنة طبيعية ثانبة،ومع هذا الثبات حسن القيام على اللغة ؛دون إقحام لأجنبي إلا لضرورة علمية أو ثقافية بعد إخضاعها وامتحانها على اللغة الأمِّ لأن لكل لغة خصائص وميزات تزيلها عن باقي لغات العالم،فإذا كان الأدب مرآة الشعوب فيها الأخلاق والطباع والعادات لأمة من الأمم،فإن للعربية من ذلك ما يميزها؛بل تزيد ..

لا أذهب بعيدا في انتزاع المثال على ذلك فهو جلي كغرة الفرس الأدهم،ولو تتبع متقصٍ ألفاظ الشعراء الدائرة على ألسنتهم- شعرا ونثرا- خذ مثلا بعض أشعار أبي بكر الداني المعروف بابن اللبانة شاعر المعتمد ابن عباد حيا وميتا يمدحه ويمدحُ أولاده الأربعة:

بغيثك في محل، يغيثك في رديٍّ ** يروعك في درع، يروقك في بردِ
جمال وإجمال،وسبقٌ وصولة ** كشمس الضحى،كالمزن كالبرق كالرعدِ
بمهجته شاد العلا ثم زادها ** بناءً حَجاجِحةٍ لدّ
بأربعة مثلِ الطباع تركبوا ** لتعديل جسم المجد والشرف العِدِِّ


تعرف بالبيت الأخير المامه بالطب والأخلاط الأربعة- وقد يسمونها الأمزجة الأربعة- كيف (وظف) هذه المعرفة في أدبه وشعره،وهناك أُخَر تعرف بها أنه كان يعرف الفلك والهندسة والرياضيات؛بله الشطرنج،اسمعه يقول بعد المحنة الأغماتية لابن عبّاد:

لكل شيئ من الأشياء ميقاتُ ** وللمنى من منايهُنّ عاياتُ
والدهر في صبغة الحرباء منغمسٌ ** ألوانُ حالاته فيها استحالات
ونحن من لُعَب الشطرنج في يده ** وربما قُمرت بالبيدق "الشاةُ" !!
وقل لعالّمِها الأرضي: قد كُتمتْ ** سريرة العالم العلوي أغماتُ


وهذا مثال من البساطة يدلك ويحفزك على أن تبلغ "الإحاطة"

وخذ مثالا آخر في خبر أديب الأندلس وإمامها في (علم الأدب) أبو محمد عبد المجيد ابن عبدون مع أبي بكر ابن زهر الوزير الأندلسي الذي كان أيسر وأصغر محفوظاته كتاب الأغاني،ثم انظر كلمة الأستاذ تاويت الطنجي محقق رحلة ابن خلدون في هامش ص 38 عند ذكر ابن خلدون أيام طلبه العلمَ،وهذا الخبران يدوران حول كتاب الأغاني،ثم انظر علم هذاك وإبداع هذا،ومن شمر وتبع وتقصص وصبر على ذلك يخرج بمعجم يصح تسميته: معجم تاريخ الألفاظ، ولوجد كذلك تحت الألفاظ أسماء علوم ومعارف،(وُظِّفَتْ) في التشبيهات والكنايات والاستعارات،لتعبرعما يختلج من عواطف وآلام،وليُبِين عمّا تجده النفس في بعض الحالات،وتعرف به تأريخَ ألفاظ ومصطلحات(والحَمُولات الدلالية المكتسبة مع الزمن)والأردية التي لبِستها أثوابا،واكتسبتها أسبابا،وتجد ألفاظاً تخبرك من نفسها –لو أنعمنا النظر- أنها قوية راسخة الدلالة في تاريخ الأمة، أو
هي متراخية،والمعارف متراجعة أو عاريةفي مركَب مُقاد لا قائد؛أشبه ما تكون بالحرف الزائد؛ذكره وحذفه سيان،وأخرى تدلك عن نفسها أنها دارت في الألسن وجرت بها الأقلام ؛والقلم أحد اللسانيْن (ولعل بهذا نفهم لم قيّد علماؤنا الألفاظ فقالوا: أفصح وفصيح ودخيل ومعرب ومولّد)

وعجيبةٌ عُلْقة – علاقة- الأحرف و الإنسان،وأعجب منه اللسان ونعمة البيان...

... وهذا عمل شاقّ وأنّى هذا، مع وناءِ "هذا" وهو جهد دون عمُر الانسان،اللهم إلا العمل الجماعي ،ولكن مجامعنا اللغويةقليل مستيقظها،وجامعاتنا راقد متيقظها ...!!

ولو نحن أردنا الكرامة؛ وقلنا للكرى مهْ،ولم يثبطنا سقوط أنجم أمتنا في سماء الأمم،والسير في طريق التاريخ المتحرك،مستمدين من التاريخ الثابت بين الانسانية-كناية عن تراثنا وثقافتنا- وكان حرسها اللوم،وكان غايتنا ألا نقنع بالقمم ولا بما دون النجوم لنفخنا الروح في أحرف مهملة و"أفعال" مَوَات،وقبل هذا حب يأخذ عليك السمع والبصر،وإخلاص يملا عليك وجودك،وهمّ جمره يتلظى في فؤادك ليعطيك بقدر خدمتك ومحبتك عندها نعيد بعض تاريخ كنا صنّاعه ومجد كنا روّاده والآداب مرآة الشعوب

ولو أردنا توصيف بعض الداء،ونظرنا إلى الأدباء كتاب الصحف تعرف كيف ابتُذِل هذا اللقب،ولم يحرم منه إلا العامة ممن لا يحسنون مسك القلم بالأصابع الثلاثة،واستعاضوا عنها بالبصْم؛الذين يسميهم المشارقة: البصمجيّة،وانظر إلى هذا (الانتاج الادبي) الذي يباع بألف "دُوُرو" كأننا في حلقة ولسان الحال : زوروا تنورو،وقعدو تبورو،وما ظنك بأوراق أدب جل مواضيعها الهشك بشك،والمتكلمة تقول بملء الفم : "أنا هيفاء"








... / ... يتبع


* * * * * ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * * * * *

*1 :الذم متجه إلى التوظيف لا الوظيفة من حيث هي من جملة الصنائع التي يحتاجها أي مجموع،وهي تقدر بقدرها في التراتبية،في هذا البناء الانساني في أي مدنية تحترم خصائصها الثقافية ومكونات هويتها.

*2 :عندنا في أمثالهم العربية: ما لم يجمعْه العلم ، يسيغه الخطّ.

الكوثري
2011-06-13, 21:54
وبعــــــد:


لله درّ الرافعي ما كان أبلغ تشبيهاته وأعمقها فهو يشبه الصحافة المتقيدة بأوهام الجمهور إذ شبههم بالمرأة التي لم تلد لزوجها،لها منه الأمر والطاعة،وهي على هواه وحكمه،وليس لها من تأمر وتجعله في طاعتها وأمرها،وهذه المرأة بهذا الوصف لا يهمها بيتها واستقراره إلا بقدر استقرارها واستمرها(مصلحة آنية ظرفية كما هو الشأن في الصحافة وكما يقال في لغة الصحافة)،واعجب للذين هم بــ"ألْفاتهم" وقودها،وبأبناء جيوبهم مقادتُها –أي: موجِّهُوها إلى حيث يريدون،ولو ليموا قالوا: الجمهور عاوز كده !!- دع عنك رأس المال المموِّن المسيِّر،ومالك الأصول والأسهم،واللوبي الذي يخدم فكرة أيّاً كانت، ويتضاعف البلاء لو هي فكرة عدوة للأمة وتاريخها ومستقبلها تحاول فسخا ومسخا، والمال إلا يكن عونا وسندا،إمّالا هوهدْم وسلب،وهذه إشكالية أخرى تطرح تقييد الحرية وإباحتها إطلاقا،وأجرة العامل بها،وضروراته الملحة التي هي قريبة بما كان يعرف في تاريخنا بالكدية.

اسمع الرافعي :

وقال الذي عرفني به: حضرته عمرو أفندي الجاحظ.. وهو أديب الجريدة.
قلت: شيخنا أبو عثمان عمرو بن بحر؟
فضحك الجاحظ وقال: وأديب الجريدة، أي شحاذ الجريدة، يكتب لها كما يقرأ القارئ على ضريح: بالرغيف والجبن والبيض والقرش..
قلت: إنا للّه! فكيف انتهيت يا أبا عثمان إلى هذه النهاية وكنت من أعاجيب الدنيا؟ وكيف خبت في الصحافة وكنت رأسًا في الكلام؟
قال: نجحت أخلاقي فخابت آمالي، ولو جاء الوضع بالعكس لكان الأمر بالعكس؛ والمصيبة في هذه الصحف أن رجلًا واحدًا هو قانون كل رجل هنا.
قلت: وذاك الرجل الواحد ما قانونه؟
قال: له ثلاثة قوانين: الجهات العالية وما يستوحيه منها، والجهات النازلة وما يوحيه إليها، وقانون الصلة بين الجهتين وهو..
قلت: وهو ماذا؟
فحملق في وقال: ما هذه البلادة؟ وهو الذي "هو".. أما ترى الصحيفة ككل شيء يباع؟ وأنت فخيرني -ولك الدولة والصولة عند القراء- ألم تر بعينيك أنك لو جئت تدفع ثمانمائة قرش، لكنت في نفوسهم أعظم مما أنت وقد جئت تهدي ثمانمائة صفحة من البيان والأدب؟ ...اه

قلت :يذكرني هذا بقول القائل:

وما أنا عن تحصيل دنيا بعاجز** ولكن أرى تحصيلها بالدنيّة
وإن طاوعتني (رقة الحال) مرة** أبت فعلها (أخلاق) نفس أبيّة


وحقيقة الأدب وفلسفته أبعد ما تكون عن هذا الوصف،لأنه يراد لما يستقبل من اليوم والليل،غايته الانسان في كل جيل،فالأدب بمعنى من المعاني مورِّث الخصائص اللغوية والثقافية،وانظر أين صحافتنا اليوم من كل هذا؛إلا قليلا تصدر صباحا وعليها طبائع أصحابها وأمزجتهم،ثم هي لفافات سمك "وسلاطهْ" مساءً، ثم لا يكون أكبر أمرها عند خاصة القرّاء إلا "الأرشيف " حيث الظلمة والرطوبة،ودعك من فعل "الجمهور" فهو كما علمت عند الأرصفة وسوق الخضار،وباختصار: (أدب جوطابل)،وأنا كثيرا ما أتخيل "مشهد"الصباح ولهفة القراء وسعيَهم للشراء،ثم "مشهد"مساء عند الحواتة فيه السردين واللاتشهْ، فيترآى لي أن هذه الصحف كالنعناع،تجده في الصباح نديا مغريا،وفي المساء ذابلا متراخيا !!:cool:

والصحافة بطبيعتها تطلب أول ما تطلب السياسي والسياسة، ثم الرياضي والرياضي،ثم الفن والفنّان، ثم يجئ بعد هؤلاء جميعا الأدب والأديب،والفكر والمفكر،ثم لا يكون كلام هذين إلا في ذيلهما وفي آخر صفحاتها؛منها نهر أو نهران -كناية عن العمود الصحفي- فهي على هذا الوصف وبه إلا أقلاما تجاهد هذا الغث وتدرؤه بالقليل من سمينها،والأدب فوق هؤلاء جميعا،وفوق الزمان والمكان،غايته المنشودة الخلود،والتأثر في النفوس وتهذيبها والترويح عنها بما يجده من ألمه وهمِّه،( نريد الصحافة الثقيلة المركزة،فيها عصرات الفكر،ودراسات معمقة، لاصحافة خفيفة ؛أخبار وتعاليق وعناوين كما قال فتحي يكن عليه رحمة الله) جرفنا سيل الصحافة الصفراء أولا ثم ها هي اليوم حمراء،والله أعلم ما تكون عليه من ألوانها في قابل الأيام؛ولعلها تكون "عُرْيانة" من كل لون ...!!

لنقرأ جواب الجاحظ عن سبب تعنيف وتبكيت رئيس التحرير له:


قلت: يا شيخنا، دعنا الآن من الرواية والحفظ والحسن والأحنف؛ فماذا دهاك عند رئيس التحرير؟
قال: لم أحسن المهاترة في المقال الذي كتبته اليوم... ويقول رئيس التحرير: إن كان نصف التمويه رذيلة؟ فإن نصفه الآخر يدل على أنه تمويه. ويقول: إن سمو الكتابة انحطاط فصيح؛ لأن القراء في هذا العهد لا يخرجون من حفظ القرآن والحديث ودراسة كتب العلماء والفصحاء، بل من الروايات والمجلات الهزلية. وحفظ القرآن والحديث وكلام العلماء يضع في النفس قانون النفس، ويجعل معانيها مهيأة بالطبيعة للاستجابة لتلك المعاني الكبيرة في الدين والفضيلة والجد والقوة؛ ولكن ماذا تصنع الروايات والمجلات وصورالممثلات المغنيات وخبر الطالب فلان والطالبة فلانة والمسارح والملاهي؟
ويقول رئيس التحرير: إن الكاتب الذي لا يسأل نفسه ما يقال عني في التاريخ، هو كاتب الصحافة الحقيقي؛ لأن القروش هي القروش والتاريخ هو التاريخ؛ ومطبعة الصحيفة الناجحة هي بنت خالة مطبعة البنك الأهلي؛ ولا يتحقق نسب ما بينهما إلا في إخراج الورق الذي يصرف كله ولا يرد منه شيء!
إنهم يريدون إظهار المخازي مكتوبة، كحوادث الفجور والسرقة والقتل والعشق وغيرها؛ يزعمون أنها أخبار تروى وتقص للحكاية أو العبرة، والحقيقة أنها أخبارهم إلى أعصاب القراء...




والكلمة التي سمّى بها أبو سامي مقالاته وعنونها بها ( صعاليك الصحافة) كلمة متجزنة ومختزلة؛اختزن بها هذه المعاني وأخواتها،واختزل بها وصف الصحافة،وقل إن شئت: صعاليك الأدب،وصدرها برؤيا رآها،وهي عادة كل إنسان،يزيد الأديب بها أنه يأخذ منها لأدبه خيالا وأحلاما والإبداع فيهما،والرؤى من عطايا السماء،وبما أن الأدب وفنونه من أخص العلوم الانسانية وألصقها بحياتهم وعواطفهم ووجدانهم، لم يفوت الرافعي منامه و (وظفه) في أدبه،وكذلك ينبغي لكل متأدب ناشئ،فهي مادّة خام وتريد صانعا صائغا متقنا متفننا يعطيها لبوس روحه وفكره ويترجمها بسلانه وعلى لغته ؛لتكون حديث الناس حاضراً ومستقبلا،وهي هكذا الفنون بمسرحها وشاشتها ولوحاتها وموسيقاها تأخذ من الانسان،والادباء والفنانون أكثرمن يتتبع ويتقصص آمال وآلام الناس يأخدون منها "سنياريوهات" و"حكايات" و" روايات" والأديب واحد من الناس قد يمتح من غور نفسه،وما يُلقّاه من غيب،وما يعيشه بدمه وأعصابه،وللرافعي مقال (تاريخ يتكلم) من فيض منامه في "وحي قلمه"،وأغلب الظن أنه من لم يكن مشتركا عند سونلغاز الدراويش فلا يتعبنّ نفسَه وليختر موقعا آخر يمتح منه،ويترصد فيه حركة باطن الانسان في مقهى أو bus ..!!

طاهر القلب
2011-06-13, 22:41
السلام عليكم
الله ينور عليك أخي الكوثري على ردك الماتع الممتع بكل مما فيه و ما يحويه و ما يوحيه من معان و عبر , ربما كانت لتضيق منها كتب و مجلدات لما يرى من صحافة اليوم و أدب اليوم و جمهور اليوم ... بوركت أخي
ربما كبحت بهذا أقلامنا فلم و لن تجاريك إستنباطا و إستنطاقا و إسترقاقا ... لإيحاءات المقال المتدارس " صعاليك الصحافة " و كذا تلك الجذوة المتقدة سطوعا التي ينبئنا بها صاحب المقالات بخطوات ثابتة محكمة , فألف رحمة عليه و لله دره من أديب لبيب ترك خير ميراث لأسوء ورثة ...

الكوثري
2011-11-14, 12:34
http://dc397.4shared.com/img/_iYHglVJ/s7/0.011517057874296466/sshot-15_2.png


http://dc397.4shared.com/img/YcgP-_GX/s7/0.4410487867155416/sshot-16.png


http://dc397.4shared.com/img/0jfZQFJS/s7/0.4628656125423356/sshot-17.png



http://dc397.4shared.com/img/SbKmu3jN/s7/0.617910699318968/sshot-18_2.png


http://dc397.4shared.com/img/mkL8G3fQ/s7/sshot-19_2.png



السلام عليكم جميعا ورحمة الله.

البارحة كنت أبحث عن جريدة الشهاب لصاحبها فقيد العربية والجزائر النزيه النبيه الشيخ عبد الحميد ابن باديس الصنهاجي فأحالني محرك البحث على المنتدى، وقد رفعها أخ لنا بالمنتدى (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=685210)،جزاه الله خيرا،وقد وجدتني أطالع مقالا بقلم الأديب عبد الحميد حيرش في الجزء الخامس من المجلد الثالث عشر منها بتاريخ جمادى الأولى من عام 1356 هجرية الواقعة في 10 جويلية 1973،أيْ: بعد وفاة الرافعي بستين يوما أو تكاد؛ يوم كان مغربيُّها يحفل ويأبه لمشرقيِّها،ويوم كانت العربية تجمع أبناءها بعد أن جمعهم الاسلام، برابطة الأدب والارث المشترك.

فتذكرت هذا الموضوع عن أدب الرافعي ،فقلت لنفسي :لأشارك الناس هذه الصفحات المعدودات من جريدة الشهاب؛ التي كانت أعمالها محمودة كلُّها فالكاتب فيها عبد الحميد وصاحب الجريدة عبد الحميد.وانظر كيف كانت رابطة الأدب تجعل قلما مغربيا يرثي ويؤبن قلما مشرقيا،لا على واقع اليوم الذي نعيشه متوزَّعين منهَبين كل "قطر"* وقطعة في مجرة غير مجرة القطر والقطعة الأخرى ،بدعوى السلامة والتخفي شعارنا : تخطي راسي وتفوت !! ** ولتر أيها القارئ جرائد وصحف تلك الأيام في المغرب العربي وفي مشرقه،والأسلوب العربي الذي كان ينضح منها،ويفوح ريحه الطيب قبل حروفه

و لرفع الموضوع؛لاعلى المعهود "النِــتِّــيِّ"،ولكن لتجديد الرحمات على أبي سامي جزاء ما جاهد وناضل،وفكر وقدر،وكتب وأدّب،و زيارة لمعهد من معاهد الأحبة فيه آثارهم أراها كلما أومض برق أشواقهم،وطرب القلب لذكراهم،و للتغني بالطلل لا على عادة الشعراء في بكائهم،فالسر في الساكن لا في الطلل كما تقول العرب،وما أشبه هذه الحيطان على صفحات الانترنت،التي يسميها بعضهم حيطان المجانين بحائط مبكى الشعراء ***



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

* لفظة قُطْر أعني بها دولة قَطَر،وهي حال موصِّفة لتشرذم العرب وتدسس بعضهم لبعض ،وختل بعضهم لبعض


** هذا مثل جزائري عامي ،مؤداه : كل إنسان يطلب سلامته حسبُ،ويقول: نفسي نفسي

*** في اللفظ تورية ،وتشبيه حالنا بحال ذلك اليهودي الذي أفلس فأخرج دفاتره يتذكر أيام الربح والتجْر الجاري مع النفَس التي تدفعها رياح القرض والربا ،وتشبيه بكاء الشعراء بحائط البراق // عند حارة المغاربة// الذي زُوِّرَ حائطاً للمبكى ...!!

وفي اللفظ في هذا السياق ما لا يخفى :rolleyes: