المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : افضل بحث


محمد نسومة
2011-04-16, 10:47
السلام عليكم

لقدكتبت موضوع لو تذكروا بمناسبة اليوم العلم

لهذا ساكمل موضوعي : وتبدا المسابقة

آه نسيت البعض منكم لم يقرا الموضوع السابق ساشرح لكم المسابقة

هي عبارة عن بحث شامل عن ابن الحميد بن باديس

والذي ينجز افضل بحث يفوز بجائزة وسام الشرف

بالطبع لازم البحث احسن البحوث

هيا انا ان تظر بحوثكم

شكرا

روح المعرفة
2011-04-16, 11:02
عبد الحميد بن باديس


1- المولد والنشأة









ولد عبد الحميد بن باديس في 05ديسمبر 1889 بقسنطينة من عائلة ميسورة الحال تعود أصولها إلى بني زيري التي ينتمي إليها مؤسس مدينة الجزائر بولكين بن منّاد ، تلقى تعليمه الأول بمدينة قسنطينة على يد الشيخ حمدان لونيسي و حفظ القرآن الكريم في صغره .انتقل بن باديس سنة 1908 إلى تونس لمواصلة تعليمه بجامع الزيتونة ، وبه تتلمذ على يد الشيخ الطاهر بن عاشور ، وتحصّل بعد 04 سنوات على إجازة الزيتونة . ومن تونس رحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج و استقر بالمدينة المنورة أين التقى معلمه الأول حمدان لونيسي و هناك واصل تلقي العلم حتى حاز درجة العالم ، و في طريق عودته إلى الجزائر عرّج على القاهرة و بها تتلمذ على يد الشيخ رشيد رضا .





2- النشاط الإصلاحي




بعد استقراره بقسنطينة بدأ الشيخ عبد الحميد بن باديس مهمته الإصلاحية بعد أن نضج وعيه الإسلامي و تأثر بأفكار الجامعة الإسلامية ، و أدرك أن طريق الإصلاح يبدأ بالتعليم لأنه لا يمكن للشعب الجاهل أن يفهم معنى التحرر و محاربة الاستعمار ، لذلك باشر بن باديس تأسيس المدارس و تولّى بنفسه مهمة التعليم ، و ركزّ على تعلم الكبار بفتح مدارس خاصة بهم لمحو الأمية ، كما اهتم بالمرأة من خلال المطالبة بتعليم الفتيات إذ أنشأ أول مدرسة للبنات بقسنطينة سنة 1918 ، واعتبر تعليم المرأة من شروط نهضة المجتمع لكن تعليم المرأة لا يعني تجاوز التقاليد و الأخلاق الإسلامية .وسع بن باديس نشاطه ليفتتح عدة مدارس في جهات مختلفة من الوطن بتأطير من شيوخ الإصلاح أمثال البشير الإبراهيمي و مبارك الميلي و غيرهم ...كما ساهم في فتح النوادي الثقافية مثل نادي الترقي بالعاصمة ، وساعد على تأسيس الجمعيات المسرحية و الرياضية .





3- منهجه في الإصلاح



اعتمد بن باديس على عقلية الإقناع في دعوته إلى إصلاح أوضاع المجتمع ، وحارب الطرقية و التصوف السلبي الذي أفرز عادات و خرافات لا تتماشى و تعاليم الإسلام الصحيحة ، كما نبذ الخلافات الهامشية بين شيوخ الزوايا و دعا إلى فهم الإسلام فهما صحيحا بعيدا عن الدجّل و الشعوذة ورفض التقليد الأعمى و الارتباط بالإدارة الاستعمارية و قد اختصر مشروعه الإصلاحي في : "الإسلام ديننا ، و العربية لغتنا و الجزائر وطننا." . وقد وقف في وجه دعاة الاندماج و قاومهم بفكره و كتاباته ومحاضراته ، وعبّر عن أرائه في جريدة الشهاب و المنتقد و البصائر و اهتم بن باديس بنشر الثقافة الإسلامية من خلال بناء المدارس و المساجد و توسيع النشاط الدعوي والثقافي والصحافي، لذلك عمل مع أقرانه من أمثال الشيخ البشير الإبراهيمي، العربي التبسّي والطيب العقبي على تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في 05 ماي 1931 وانتخب رئيسا لها إلى غاية وفاته في 16 أفريل 1940، وهو في الواحدة والخمسين من عمره .شارك ضمن وفد المؤتمر الإسلامي سنة 1936 وسافر إلى باريس لتقديم مطالب المؤتمر إلى الحكومة الفرنسية، وبعد العودة ألقى خطابا متميزا في التجمع الذي نظمه وفد المؤتمر بتاريخ 02أوت 1936 لتقديم نتائج رحلته، وقد كان خطاب عبد الحميد بن باديس معبّرا عن مطالب الجزائريين.





كتبته للافادة و ليس للجائزة.

عاشقة الايمان
2011-04-30, 11:04
عبد الحميد ابن باديس


عالم دين جزائري
1889 م - 1940 م

الاسم: عبد الحميد ابن باديس
تاريخ الميلاد: 1307 هـ - 1889 م
مكان الميلاد: قسنطينة
تاريخ الوفاة: 1358 هـ - 1940 م
المذهب: مالكي
العقيدة: أهل السنة والجماعة
الأفكار: حارب الاحتلال بمحاربة الجهل
تأثر بـ: حمدان الونيسي القسنطيني
[B]محمد النخلي
محمد عبده
رشيد رضا
هو الإمام عبد الحميد بن باديس (1307-1358هجرية) الموافقة لـ (1889-1940) من رجالات الإصلاح في الوطن العربي ورائد النهضة الإسلامية في الجزائر، ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
محتويات [أخف]
1 نسبه وأسرته
2 طلبه للعلم
2.1 في المدينة المنورة
3 العودة إلى الجزائر
4 تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
5 العوامل المؤثرة في شخصية ابن باديس
6 آثار ابن باديس
7 الوسط الثقافي والفكري والدينية الذي تربى فيه ابن باديس
7.1 المرحلة الأولى (1830-1900م)
7.2 المرحلة الثانية (1900-1914م)
8 من أشعاره وخطبه
8.1 إشهدي يا سما
8.2 تحية المولد الكريم:
8.3 القومية والإنسانية
8.4 السياسة في نظر العلماء هي التفكير والعمل والتضحية
8.5 التسامح
8.6 المصادر
[عدل]نسبه وأسرته

عرفت الأسرة الباديسية منذ القدم بإنجابها للعلماء والأمراء والسلاطين، ويكفي أن نشير إلى أنهم ينتمون إلى ما يقول مؤلفا كتاب أعيان المغاربة المستشرقان Marthe et Edmond Gouvion والمنشور بمطبعة فوناتانا في الجزائر 1920م, بأن ابن باديس ينتمي إلى بيت عريق في العلم والسؤدد ينتهي نسبه في سلسلة متّصلة إلى بني باديس الذين جدّهم الأول هو مناد بن مكنس الذي ظهرت علامات شرفه وسيطرته في وسط قبيلته في حدود القرن الرابع الهجري، وأصل هذه القبيلة كما يقول المستشرقان من ملكانة أو تلكانة وهي فرع من أمجاد القبيلة الصنهاجية "البربرية" المشهورة في المغرب العربي. ومن رجالات هذه الأسرة المشهورين في التاريخ الذين كان الشيخ عبد الحميد بن باديس يفتخر بهم:
المعز لدين الله بن باديس (حكم: 406-454هـ/1016-1062م) الذي قاوم البدعة ونصر السنة وأعلن مذهب أهل السنة والجماعة مذهبًا للدولة، ثم مؤسس الدولة الصنهاجية وابن الأمير باديس بن منصور والى إفريقيا والمغرب الأوسط (حكم: 373-386 هـ/984-996م) سليل الأمير "بلكين بن زيري بن مناد المكنى بأبي الفتوح والملقب بسيف العزيز بالله الذي تولى الإمارة (361-373 هـ/971-984م) إبان حكم الفاطمين.
في العهد العثماني برزت عدة شخصيات من بينها:
قاضـي قسنطينة الشهير أبو العباس احميدة بن باديس (توفى سنة 969 هـ/1561م) الذي قال عنه شيخ الإسلام عبد الكريم الفكون : "هو من بيوتات قسنطينة وأشرافها وممن وصلت إليه الريّاسة والقضاء والإمامة بجامع قصبتها، وخَلَفُ سلف صالحين علماء حازوا قصب السبق في الدراية والمعرفة والولاية، وناهيك بهم من دار صلاح وعلم وعمل".
أبو زكرياء يحيى بن باديس ابن الفقيه القاضي أبي العباس "كان حييا ذا خلق حسن، كثير التواضع، سالم الصدر من نفاق أهل عصره، كثير القراءة لدلائل الخيرات وذا تلاوة لكتاب الله".
الشيخ المفتي بركات بن باديس دفين مسجد سيدي قمّوش بقسنطينة في الفترة نفسها.
أبو عبد الله محمد بن باديس الذي قال عنه الشيخ الفكون: "كان يقرأ معنا على الشيخ التواتي (محمد التواتي أصله من المغرب، كانت شهرته بقسنطينة، وبها انتشر علمه. كانت له بالنحو دراية ومعرفة حتى لقب بسيبويه زمانه، وله معرفة تامة بعلم القراءات) آخر أمره، وبعد ارتحاله استقل بالقراءة عليّا وهو من موثّقي البلدة وممن يشار إليه".
الشيخ أحمد بن باديس الذي كان إماما بقسنطينة أيام الشيخ عبد الكريم الفكون خلال القرن الحادي عشر الهجري، السابع عشر الميلادي.
من أسلاف عبد الحميد المتأخرين، جدّه لأبيه: الشيخ المكي بن باديس الذي كان قاضيا مشهورا بمدينة قسنطينة وعضوا في المجلس العام وفي المجلس البلدي، وقد احتل مقاما محترما لدى السكان بعد المساعدات المالية التي قدمها لهم خاصة أثناء المجاعة التي حلت بالبلاد فيما بين 1862 – 1868م وانتخب إلى الاستشارة في الجزائر العاصمة وباريس، وقد تقلّد وساما من يد نابليون الثالث (كان رئيسا لفرنسا من 1848-1852م ثم إمبراطورا لها من 1852-1870م)، وعمه احميدة بن باديس النائب الشهير عن مدينة قسنطينة أواخر القرن التاسع عشر الميلادي الذي اشترك مع ثلاثة من زملائه النواب في عام 1891م في كتابة عارضة دوّن فيها أنواع المظالم والاضطهادات التي أصبح يعانيها الشعب الجزائري في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي من الإدارة الاستعمارية ومن المستوطنين الأوروبيين الذين استحوذوا على الأراضي الخصبة سلبا من الجزائريين وتركوهم للفقر والجوع، وقاموا بتقديمها إلى أحد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الذي حضر إلى الجزائر من أجل البحث وتقصي الأحوال فيها كي يقدمها بدوره إلى الحكومة الفرنسية وأعضاء البرلمان الفرنسي في باريس وذلك بتاريخ 10 أبريل سنة 1891 أي بعد ولادة عبد الحميد بن باديس بحوالي ثلاثة سنوات فقط.
هناك قسم من عائلة ابن باديس كانوا قادة كبار مع الأمير عبد القادر الجزائري وأسرتهم المحتلون سنة 1263/1847 وأرسلوهم إلى فرنسا، وأودعتهم بالسجن في باريس وقد تم الإفراج عنهم مع الأمير عبد القادر الجزائري في عام 1852م وتم نفيهم إلى بلاد الشام تحت رعاية الأمير عبد القادر الجزائري في عدة مناطق في لبنان وفلسطين وسوريا والغالبية العظمى متواجدة في الأردن بمنطقة اربد بالأغوار الشمالية

==مولد و نشاة ابن باديس هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحّول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن بركات بن عبد الرحمن بن باديس الصنهاجي. ولد بمدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، يوم الأربعاء 11 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ5 ديسمبر 1889م على الساعة الرابعة بعد الظهر، وسجل يوم الخميس 12 ربيع الثاني 1307هـ الموافق لـ 6 ديسمبر 1889م في سجلات الحالة المدنية.
كان عبد الحميد الابن الأكبر لوالديه،فأمه هي: السيدة زهيرة بنت محمد بن عبد الجليل بن جلّول من أسرة مشهور بقسنطينة لمدة أربعة قرون على الأقل، وعائلة "ابن جلّول من قبيلة "بني معاف" المشهورة في جبال الأوراس، انتقل أحد أفرادها إلى قسنطينة في عهد الأتراك العثمانيين وهناك تزوج أميرة تركية هي جدة الأسرة (ابن جلول). ولنسب هذه الإمرأة العريق، تزوجها محمد بن مصطفى بن باديس (متوفى 1951) والد عبد الحميد. وكان والده مندوبا ماليا وعضوا في المجلس الأعلى وباش آغا لشرفي الجزائر، ومستشارا بلديا بمدينة قسنطينة ووشحت فرنسا صدره بوسام الشرف قالب:فرنسي، وقد احتل مكانة مرموقة بين جماعة الأشراف وكان من ذوي الفضل والخلق الحميد ومن حفظة القرآن، ويعود إليه الفضل في إنقاذ سكان منطقة واد الزناتي من الإبادة الجماعية سنة 1945 على إثر حوادث 8 ماي المشهورة، وقد اشتغل بالإضافة إلى ذلك بالفلاحة والتجارة، وأثرى فيهما.
كان والده بارًا به يحبه ويتوسم فيه النباهة، فقد سهر على تربيته وتوجيهه التوجيه الذي يتلاءم مع فطرته ومع تطلعات عائلته. عبد الحميد بن باديس نفسه يعترف بفضل والده عليه منذ أن بصر النور وفقد قال ذلك في حفل ختم تفسير القرآن سنة 1938 م، أمام حشد كبير من المدعوين ثم نشره في مجلة الشهاب: إن الفضل يرجع أولاً إلى والدي الذي ربّاني تربية صالحة ووجهني وجهة صالحة، ورضي لي العلم طريقة أتبعها ومشرباً أرده، وبراني كالسهم وحماني من المكاره صغيراً وكبيراً، وكفاني كلف الحياة... فالأشكرنه بلساني ولسانكم ما وسعني الشكر.».
أما اخوته الستة فهم: الزبير المدعو المولود والعربي وسليم وعبد الملك ومحمود وعبد الحق، وأما أختاه فهما نفيسة والبتول، كان أخوه الزبير محاميا وناشرا صحفيا في الصحيفة الناطقة بالفرنسية "صدى الأهالي" L'Echo Indigène ما بين 1933م – 1934م. كما تتلمذ الأستاذ عبد الحق على يد أخيه الشيخ عبد الحميد بالجامع الأخضر وحصل على الشهادة الأهلية في شهر جوان سنة 1940م على يد الشيخ مبارك الميلي بعد وفاة الشيخ بن باديس بحوالي شهرين.
[عدل]طلبه للعلم


ختم عبد الحميد بن باديس حفظ القرآن وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ثم تتلمذ على الشيخ حمدان الونيسي، وهو من أوائل الشيوخ الذين كان لهم أثر طيب في اتجاهه الديني، ولا ينسى ابن باديس أبداً وصية هذا الشيخ له: "اقرأ العلم للعلم لا للوظيفة"، بل أخذ عليه عهداً ألا يقرب الوظائف الحكومية عند فرنسا.
[عدل]في المدينة المنورة
بعد أداء فريضة الحج مكث الشيخ ابن باديس في المدينة المنورة ثلاثة أشهر، ألقى خلالها دروساً في المسجد النبوي، والتقى بشيخه السابق أبو حمدان الونيسي وتعرف على رفيق دربه ونضاله فيما بعد الشيخ البشير الإبراهيمي. وكان هذا التعارف من أنعم اللقاءات وأبركها، فقد تحادثا طويلاً عن طرق الإصلاح في الجزائر واتفقا على خطة واضحة في ذلك. وفي المدينة اقترح عليه شيخه الونيسي الإقامة والهجرة الدائمة، ولكن الشيخ حسين أحمد الهندي المقيم في المدينة أشار عليه بالرجوع للجزائر لحاجتها إليه. زار ابن باديس بعد مغادرته الحجاز بلاد الشام ومصر واجتمع برجال العلم والأدب وأعلام الدعوة السلفية، وزار الأزهر واتصل بالشيخ بخيت المطيعي حاملاً له رسالة من الشيخ الونيس.
[عدل]العودة إلى الجزائر

عاد ابن باديس إلى الجزائر عام 1913 م واستقر في مدينة قسنطينة، وشرع في العمل التربوي الذي صمم عليه، فبدأ بدروس للصغار ثم للكبار، وكان المسجد هو المركز الرئيسي لنشاطه، ثم تبلورت لديه فكرة تأسيس جمعية العلماء المسلمين، واهتماماته كثيرة لا يكتفي أو يقنع بوجهة واحدة، فاتجه إلى الصحافة، وأصدر جريدة المنتقد عام 1925 م وأغلقت بعد العدد الثامن عشر؛ فأصدر جريدة الشهاب الأسبوعية، التي بث فيها آراءه في الإصلاح، واستمرت كجريدة حتى عام 1929 م ثم تحولت إلى مجلة شهرية علمية، وكان شعارها: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
[I][COLOR="SandyBrown"][عدل]تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

وذلك في سنة 1931 في نادي الترقي بالجزائر العاصمة. أول توقف المجلة في شهر شعبان 1328 هـ (أيلول عام 1939 م) بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وحتى لا يكتب فيها أي شيء تريده منه الإدارة الفرنسية تأييداً لها، وفي سنة 1936 م دعا إلى مؤتمر إسلامي يضم التنظيمات السياسية كافة من أجل دراسة قضية الجزائر، وقد وجه دعوته من خلال جريدة لاديفانس التي تصدر بالفرنسية، واستجابت أكثر التنظيمات السياسية لدعوته وكذلك بعض الشخصيات المستقلة، وأسفر المؤتمر عن المطالبة ببعض الحقوق للجزائر، وتشكيل وفد سافر إلى فرنسا لعرض هذه المطالب وكان من ضمن هذا الوفد ابن باديس والإبراهيمي والطيب العقبي ممثلين لجمعية العلماء، ولكن فرنسا لم تستجب لأي مطلب وفشلت مهمة الوفد.
[عدل]العوامل المؤثرة في شخصية ابن باديس

لا شك أن البيئة الأولى لها أثر كبير في تكوين شخصية الإنسان، وفي بلد كالجزائر عندما يتفتح ذهن المسلم على معاناته من فرنسا، وعن معاناته من الجهل والاستسلام للبدع-فسيكون هذا من أقوى البواعث لأصحاب الهمم وذوي الإحساس المرهف على القلق الذي لا يهدأ حتى يحقق لدينه ولأمته ما يعتبره واجباً عليه، وكان ابن باديس من هذا النوع. وإن بروز شخصية كابن باديس من بيئة ثرية ذات وجاهة لَهو دليل على إحساسه الكبير تجاه الظلم والظالمين، وكان بإمكانه أن يكون موظفاً كبيراً ويعيش هادئاً مرتاح البال ولكنه اختار طريق المصلحين.
تأتي البيئة العلمية التي صقلت شخصيته وهذبت مناحيه والفضل الأكبر يعود إلى الفترة الزيتونية ورحلته الثانية إلى الحجاز والشام حيث تعرف على المفكرين والعلماء الذين تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما دعا إليه من نقاء العقيدة وصفائها. وكان لمجلة المنار التي يصدرها الشيخ رشيد رضا أثر قوي في النظر لمشكلات المسلمين المعاصرة والحلول المطروحة.
مما شجع ابن باديس وأمضى عزيمته وجود هذه العصبة المؤمنة حوله-وقد وصفهم هو بالأسود الكبار-من العلماء والدعاة أمثال الإبراهيمي والتبسي والعقبي والميلي. وقد عملوا معه في انسجام قلّ أن يوجد مثله في الهيئات الأخرى.
[عدل]آثار ابن باديس

شخصية ابن باديس شخصية غنية ثرية ومن الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام بكل أبعادها وآثارها؛ فهو مجدد ومصلح يدعو إلى نهضة المسلمين ويعلم كيف تكون النهضة. يقول«' إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوّة، وإذا كانت لهم جماعة منظّمة تفكّر وتدبّر وتتشاور وتتآثر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرّة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة. '» إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوّة، وإذا كانت لهم جماعة منظّمة تفكّر وتدبّر وتتشاور وتتآثر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرّة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة. }}


الشّيخ عبد الحميد ابن باديس (يسارا) والشّيخ الطيّب العقبي (يمينا)
وهو عالم مفسّر، فسّر القرآن الكريم كلّه خلال خمس وعشرين سنة في دروسه اليومية كما شرح موطأ مالك خلال هذه الفترة، وهو سياسي يكتب في المجلات والجرائد التي أصدرها عن واقع المسلمين وخاصة في الجزائر ويهاجم فرنسا وأساليبها الاستعمارية ويشرح أصول السياسة الإسلامية، وقبل كل هذا هو المربي الذي أخذ على عاتقه تربية الأجيال في المدارس والمساجد، فأنشأ المدارس واهتم بها، بل كانت من أهم أعماله، وهو الذي يتولى تسيير شؤون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ويسهر على إدارة مجلة الشهاب ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة. إن آثار ابن باديس آثار عملية قبل أن تكون نظرية في كتاب أو مؤلَّف، والأجيال التي رباها كانت وقود معركة تحرير الجزائر، وقليل من المصلحين في العصر الحديث من أتيحت لهم فرص التطبيق العملي لمبادئهم كما أتيحت لابن باديس ؛ فرشيد رضا كان يحلم بمدرسة للدعاة، ولكن حلمه لم يتحقق، ونظرية ابن باديس في التربية أنها لا بد أن تبدأ من الفرد، فإصلاح الفرد هو الأساس.
طريقته في التربية هي توعية هذا النشء بالفكرة الصحيحة كما ذكر الشّيخ الإبراهيمي عن اتفاقهما في المدينة: "كانت الطريقة التي اتفقنا عليها سنة 1913 في تربية النشء هي ألا نتوسع له في العلم وإنما نربيه على فكرة صحيحة"
ينتقد ابن باديس مناهج التعليم التي كانت سائدة حين تلقيه العلم والتي كانت تهتم بالفروع والألفاظ - فيقول: "و اقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية، مجردة بلا نظر، جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة، تفني الأعمار قبل الوصول إليها" المصدر السابق ص141. أما إنتاجه العلمي فهو ما جمع بعد من مقالاته في "الشهاب" وغيرها ومن دروسه في التّفسير والحديث لم يصلنا كل ما كتبه أو كل ما ألقاه من دروس في التّفسير والحديث. وقد جُمع ما نشر في (الشهاب) من افتتاحيات تحت عنوان "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير" بإشراف محمد الصالح رمضان، وتوفيق شاهين. وحاول الدّكتور عمار الطالبي جمع آثاره كلها، ولكن لا يزال هناك أشياء لم تُجمع.الكاتب تاهمي محمد
[عدل]الوسط الثقافي والفكري والدينية الذي تربى فيه ابن باديس

أولاً: الحالة الثقافية والفكرية في الجزائر قبل الاحتلال:
إن انتشار المدارس والمعاهد والزوايا في مختلف نواحي الجزائر خلال تلك الفترة، دليل على أن الحياة الفكرية والثقافية كانت مزدهرة بها.
وقد اشتهرت مدن قسنطينة والجزائر وتلمسان وبلاد ميزاب في الجنوب بكثرة المراكز التعليمية، وكان يقوم عليها أساتذة وعلماء مشهود لهم بعلو المكانة ورسوخ القدم في العلم والمعرفة، مثل الشيخ (الثميني) في الجنوب، والشيخ (الداوودي) في تلسمان، والشيخ (ابن الحفّاف) بالعاصمة، والشيخ (ابن الطبّال) بقسنطينة، والشيخ (محمد القشطولي) في بلاد القبائل، وغيرهم كثير ممن تفرّغوا للتدريس ونشر العلم.
وكان من نتائج هذا الانتشار الواسع لمراكز التربية والتعليم، أن أصبحت نسبة المتعلمين في الجزائر تفوق نسبة المتعلمين في فرنسا، (فقد كتب الجنرال فالز سنة 1834م بأن كل العرب (الجزائريين) تقريبًا يعرفون القراءة والكتابة، حيث إن هناك مدرستين في كل قرية... أما الأستاذ ديميري، الذي درس طويلاً الحياة الجزائرية في القرن التاسع عشر، فقد أشار إلى أنه قد كان في قسنطينة وحدها قبل الاحتلال خمسة وثلاثون مسجدًا تستعمل كمراكز للتعليم، كما أن هناك سبع مدارس ابتدائية وثانوية يحضرها بين ستمائة وتسعمائة طالب، ويدرّس فيها أساتذة محترمون لهم أجور عالية). أحصيت المدارس في الجزائر سنة 1830م، بأكثر من ألفي مدرسة ما بين ابتدائية وثانوية وعالية.
كتب الرحالة الألماني فيلهلم شيمبرا حين زار الجزائر في شهر ديسمبر 1831م، يقول: (لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد الشعب). وخير المثال ما شهد به الأعداء. وقد برز في هذه الفترة علماء في كثير من العلوم النقلية والعقلية، زخرت بمؤلفاتهم المكتبات العامة والخاصة في الجزائر، غير أن يد الاستعمار الغاشم عبثت بها سلبًا وحرقًا، في همجية لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً. يقول أحد الغربيين واصفًا ذلك: (إن الفرنسيين عندما فتحوا مدينة قسنطينة في شمالي أفريقيا، أحرقوا كل الكتب والمخطوطات التي وقعت في أيديهم، كأنهم من صميم الهمج).
يظهر مما ذكرنا أنه كان للجزائر مكانها المرموق بين أقطار المغرب في خدمة علوم العربية والإسلام، كما قدّمت للميدان أعلامًا من رجالها، حملوا الأمانة، وكانت تُشدُّ إليهم الرحال في طلب العلم.
ثانيًا: الحالة الثقافية والفكرية والدينية أثناء الاحتلال:
يمكن تقسيم الفترة الممتدة من دخول الاستعمار إلى ظهور دعوة الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى مرحلتين:
[عدل]المرحلة الأولى (1830-1900م)
لم تقتصر اعتداءات الاحتلال الفرنسي للجزائر على الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية فحسب، بل عمد إلى تدمير معالم الثقافة والفكر فيها، وقد ظهر حقده الصليبي في إصراره على تحطيم مقومات الأمة، وفي مقدمتها الدين الإسلامي واللغة العربية، معتمدًا في ذلك على ما يلي:
1 - مصادرة الأوقاف الإسلامية:
كان التعليم في الجزائر يعتمد اعتمادًا كبيرًا على مردود الأوقاف الإسلامية في تأدية رسالته، وكانت هذه الأملاك قد وقفها أصحابها للخدمات الخيرية، وخاصة المشاريع التربوية كالمدارس والمساجد والزوايا. وكان الاستعمار يدرك بأن التعليم ليس أداة تجديد خُلقي فحسب، بل هو أداة سلطة وسلطان ووسيلة نفوذ وسيطرة، وأنه لا بقاء له إلا بالسيطرة علىه، فوضع يده على الأوقاف، قاطعًا بذلك شرايين الحياة الثقافية.
جاء في تقرير اللجنة الاستطلاعية التي بعث بها ملك فرنسا إلى الجزائر يوم 7/7/1833م ما يلي: (ضممنا إلى أملاك الدولة سائر العقارات التي كانت من أملاك الأوقاف، واستولينا على أملاك طبقة من السكان، كنا تعهدنا برعايتها وحمايتها... لقد انتهكنا حرمات المعاهد الدينية ونبشنا القبور، واقتحمنا المنازل التي لها حُرْمَتها عند المسلمين...).
2- التضييق على التعليم العربي:
أدرك المستعمر منذ وطئت أقدامه أرض الجزائر، خطورة الرسالة التي تؤديها المساجد والكتاتيب والزوايا، في المحافظة على شخصية الأمة. فلم تكن هذه المراكز قاصرة على أداء الشعائر التعبدية فحسب، بل كانت أيضًا محاضر للتربية والتعليم وإعداد الرجال الصالحين المصلحين، لذلك صبّت فرنسا غضبها عليها بشدة، فعمدت إلى إخماد جذوة العلوم والمعارف تحت أنقاض المساجد والكتاتيب والزوايا، التي دُمّرت فلم تبق منها سوى جمرات ضئيلة في بعض الكتاتيب، دفعتها العقيدة الدينية، فحافظت على لغة القرآن ومبادئ الدين الحنيف في تعليم بسيط وأساليب بدائية.
حطم الفرنسيون في 18/12/1832م جامع كتشاوه، وحوّلوه بعد تشويه شكله وتغيير وضعيته إلى كاتدرائية، أُطلق عليها اسم القديس فيليب (بالفرنسية: Cathedrale Saint Philipe‏)، والشيء نفسه وقع لمسجد حسن باي بقسنطينة غداة سقوطها بأيديهم(2) سنة 1837م.. هكذا اختفت كثير من الكتاتيب القرآنية ومدارس التعليم الإسلامي، التي كانت مزدهرة قبل الاحتلال الفرنسي. كما طالت يد الحقد الصليبي المكتبات العامة والخاصة، حيث أحرق جنود الجنرال دوق دومـال Dauk Daumale مكتبة الأمير عبد القادر الجزائري بمدينة تاقدامت في ربيع الثاني 1259 هـ، 10 مايو 1843م، وكان فيها من نوادر المخطوطات ونفائس المؤلفات ما لا يقدر بثمن، ونفس المصير واجهته معظم المكتبات الأخرى. إن هذه الحرب الشعواء التي شنها الاستعمار على الدين الإسلامي واللغة العربية، جعلت التعليم في الجزائر يصل إلى أدنى مستوى له، فحتى سنة 1901 -أي بعد حوالي 70 سنة من الاحتلال- كانت نسبة المتعلمين من الأهالي لا تتعدى 3.8%، فكادت الجزائر أن تتجه نحو الفرنسة والتغريب أكثر من اتجاهها نحو العروبة والإسلام. وقد تأثرت الحياة الفكرية والدينية في هذه الفترة ببعض العوامل الأخرى، نذكر منها ما يلي:
أ- الطرق الصوفية: من الإنصاف أن نذكر هنا الدور الإيجابي الذي قامت به بعض الطرق الصوفية منذ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر، فقد ساهمت بعض زواياها في نشر الثقافة العربية الإسلامية، كما قام كثير من رجالاتها بالتصدي للاستعمار والاستبسال في محاربته. فقد كان الأمير عبد القادر الجزائري راسخ القدم في التصوف، وكان الشيخ الحداد -أحد قادة ثورة القبائل الكبرى عام 1871م- قد انتهت إليه مشيخة الطريقة الرحمانية في وقته، إلا أن كثيرًا من الطرق قد انحرفت في ما بعد عن الخط العام الذي رسمه مؤسسوها الأوائل، فكثرت عندها البدع والضلالات والخرافات، وتقديس القبور والطواف حولها، والنذر لها، والذبح عندها، وغير ذلك من أعمال الجاهلية الأولى. كما أنه كانت لبعض رجالاتها مواقف متخاذلة تجاه الاستعمار، حيث سيطرت هذه الطرق على عقول أتباعها ومريديها، ونشرت بينهم التواكل والكسل، وثبّطت هممهم في الاستعداد للكفاح من أجل طرد المحتل الغاصب، بدعوى أن وجود الاحتلال في الجزائر هو من باب القضاء والقدر، الذي ينبغي التسليم به، والصبر عليه، وأن طاعته هي طاعة لولي الأمر. بهذه الروح المتخاذلة والتفكير المنحرف، كانت بعض الطرق سببًا في إطالة ليل الاستعمار المظلم في البلاد من جهة، وتفرق صفوف الأمة وضلالها في الدين والدنيا من جهة أخرى.
ب- انتشار الجهل والأمية: لقد أدّت الثورات المتتالية التي خاضها الشعب ضد الاحتلال الفرنسي الغاشم، إلى فقدان الأمة لزهرة علمائها في ميدان الجهاد. كما أن كثيرًا من المستنيرين من حملة الثقافة العربية الإسلامية هاجروا إلى المشرق العربي، وإلى البلاد الإسلامية الأخرى، يتحيّنون الفرص للرجوع إلى الوطن وتطهيره من سيطرة الفرنسيين، كل ذلك ساهم في انتشار الجهل وتفشي الأمية بين أفراد الأمة، مما أثّر سلبًا على الحياة الفكرية في تلك الفترة.
ج- المدارس البديلة التي أنشأها الاستعمار: لم تفتح هذه المدارس في حقيقة الأمر من أجل تعليم أبناء الجزائر، ورفع مستواهم الثقافي، بل كان الاستعمار يقصد من وراء ذلك عدة أمور، منها :
- تجريد الشعب الجزائري من شخصيته العربية الإسلامية، ومحاولة إدماجه وصهره في البوتقة الفرنسية بإعطائه تعليمًا هزيلاً يجعله أسهل انقيادًا لسياسته.
- قتل الروح الوطنية التي أدت إلى اشتعال الثورات المتوالية، وجعل الشعب أكثر خضوعًا للاحتلال.
- إيجاد قلة متعلمة للاستفادة منها في بعض الوظائف التي تخدم الاحتلال.
فقد أنشأت فرنسا لهذا الغرض عدة مدارس ابتدائية، منها المدارس (الفرنسوية الإسلامية Franco-Musulmane، في الجزائر العاصمة وبعض المدن الأخرى ابتداءً من سنة 1836م. لم تكن هناك مدارس للتعليم الثانوي والعالي إلا بحلول القرن العشرين، حيث فتحت المدرسة الثعالبية في عهد الحاكم الفرنسي (جونار) سنة 1904م، رغم أن مرسوم إنشائها صدر منذ سنة 1850م.
د- هجر الأهالي للمدارس الفرنسية: كان الأهالي يتخوّفون كثيرًا من التعليم الرسمي المقصور على تعلّم اللغة الفرنسية وحضارتها، إذ رؤوا فيه وسيلة خطيرة لفرنسة أبنائهم، فكان الإقبال على هذه المدارس ضئيلاً جدًا.. ومع عدم وجود المدارس الحرّة الكفيلة باحتضان أبناء المسلمين، فإن نسبة الأمية ارتفعت إلى درجة مذهلة، كما مر بنا آنفًا.
كل هذه العوامل ساهمت بطريقة أو بأخرى في انتشار الجهل والأمية بين أفراد الشعب، مما جعل الحالة الثقافية والفكرية والدينية في تلك الفترة تبعث على الحزن والأسى.
[عدل]المرحلة الثانية (1900-1914م)
الأمة الجزائرية هي قطعة من المجموعة الإسلامية العظمى من جهة الدين، وهي ثلة من المجموعة العربية، من حيث اللغة التي هي لسان ذلك الدين. فالأمة الإسلامية بهذا الدين وهذا اللسان وحدة متماسكة الأجزاء، يأبى الله لها أن تتفرق وإن كثرت فيها دواعي الفرقة، ويأبى لها دينها، وهو دين التوحيد، إلا أن تكون موحدة. فعلى الرغم من الحصار الذي فرضته فرنسا على الجزائر لعزلها عن بقية الأقطار الإسلامية، خاصة تلك التي لم تُبْتَل بما ابتليت به من محاولة طمس دينها ولغتها، فإنه مع إطلالة القرن العشرين بدأت الجزائر تعيش حركة فكرية شبه متواصلة مع الأقطار الإسلامية الأخرى، سواء عن طريق الطلبة الذين ابتعثوا للدراسة في جامعة الزيتونة والأزهر والجامعات الإسلامية الأخرى، أو عن طريق الدعوات الإصلاحية التي قامت في البلاد الإسلامية، مثل دعوة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
وهناك عوامل أخرى ساعدت على قيام هذه الحركة الفكرية، كتلك البوادر الإصلاحية الفردية التي قام بها في الجزائر بعض العلماء المتفاعلين مع حركة الإصلاح الإسلامي.. ولعل مما ساعد على قيام هذه النهضة أيضًا، تولي المسيو (شارل جونار) الولاية العامة في الجزائر. وهنا نلقي بعض الضوء على جانب من تلك العوامل التي ساهمت في ظهور وانتعاش النهضة الفكرية في الجزائر:
1- عودة الطلبة الذين درسوا في الخارج:
أقصد بهم الطلبة الذين درسوا في جامعة الزيتونة، وجامعة القرويين، والأزهر، وفي الحجاز والشام. ساهم هؤلاء المثقفون بعد عودتهم إلى الوطن بجهود عظيمة في النهوض بالحياة الفكرية والدينية، بما أثاروا من همم وأحيوا من حمية، وبنوا من مدارس في مختلف أنحاء الوطن، وبما أصدروا من صحف، معتمدين في ذلك على القرآن والسنة، فأصلحوا العقائد، وصححوا المفاهيم، ونقّوا الأفكار من رواسب البدع والخرافات التي علقت بها، وأحيوا الشعلة التي أخمدها الاستعمار في نفوس الأمة. ويوم اسوداد المآزم وتلاحم الخطوب، أعادوا ذكرى أسلافهم في الصبر والصمود. ومن هؤلاء الرواد الذين ساهموا في إثراء هذه النهضة الفكرية الإسلامية بالجزائر نذكر:
- الشيخ عبد القادر المجاوي [1848-1913م]: تخرج الشيخ المجاوي من جامعة القرويين بمدينة فاس، ويعتبر من العلماء القلائل الذين كانــوا على رأس الحركــة الإصلاحيــة في الجزائــر، فلا تجد واحــدًا من هــؤلاء المصلحين في الربع الأول من القــرن العشرين الميلادي إلا وهو من تلامذته. خرّج أفواجًا كبيرة من المدرسين والأئمة والوعاظ والمترجمين والقضاة، كان من بينهم الشيخ حمدان الونيسي القسنطيني أستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس. وقد ترك الشيخ المجاوي آثارًا علمية كثيرة في اللغة والفلك والعقيدة والتصوف، نذكر منها: كتاب "الدرر النحوية"، و"الفريدة السنيَّة في الأعمال الحبيبية"، و"اللمع في إنكار البدع"، و"نصيحة المريدين"، وغيرها مما يضيق المقام بسردها.
ومن بين رواد النهضة الإسلامية في تلك الفترة أيضًا :
- الشيخ عبد الحليم بن سماية (1866-1933): يعتبر الشيخ ابن سماية في مقدمة الأفاضل الذين أمدوا هذه النهضة بآثار فضلهم، ومن أوائل المصلحين الجزائريين الداعين لفكرة الإمام محمد عبده الإصلاحية، ومن رفاق الشيخ المجاوي في التدريس، كما يعدّ من أوسع علماء عصره علمًا وثقافة. فقد تخرّج على يديه جيل من المثقفين مزدوجي الثقافة، وخلّف مؤلفات كثيرة منها كتاب "فلسفة الإسلام".
ومما تجدر الإشارة إليه هنا، أن أغلب أعضاء البعثات العلمية التي ذكرنا سابقًا، قد ظهر تأثيرهم على الحياة الفكرية والحركة الإصلاحية بشكل ملحوظ، في العقدين الثالث والرابع من هذا القرن خاصة، مثل: الشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد البشير الإبراهيمي، والشيخ مبارك الميلي، وغيرهم. 2- الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي :
كان للدعوة التي قادها الأستاذ جمال الدين الأفغاني أثر كبير في نشر الفكر الإصلاحي السلفي في الجزائر، فرغم الحصار الذي ضربه المستعمر لعزلها عن العالم الإسلامي، زار الشيخ محمد عبده -تلميذ الأستاذ جمال الدين- الجزائر عام 1903م، واجتمع بعدد من علمائها، منهم الشيخ محمد بن الخوجة، والشيخ عبد الحليم بن سماية، كما ألقى في الجزائر تفسير سورة العصر. وقد كان لمجلة العروة الوثقى ومجلة المنار، تأثير كبير على المثقفين من أهل الجزائر، الذين اعتبروا دروس العقيدة التي كانت تنشرها (المنار) للإمام محمد عبده، بمثابة حبل الوريد الذي يربطهم بأمتهم.
استمر الاتصال الفكري بين الجزائر وغيرها من البلاد الإسلامية ولم ينقطع، فقد شارك الشيخ عمر بن قدور الجزائري بقلمه في جريدة (الحضارة) بالآستانة، و(اللواء) و(المؤيد) بمصر سنة 1914م، وقد كانت هذه الجرائد والمجلات تدعو إلى نهضة العرب والمسلمين، وكانت رائجة في بلاد المغرب العربي والجزائر خاصة. يعترف الفرنسيون بأن هناك مجرى سريًا، ولكنه غزير ومتواصل، من الصحف والمجلات الشرقية التي أعانت المغاربة في مجهوداتهم الإصلاحية، وجعلتهم مرتبطين أبدًا بالرأي العام العربي.
3- ظهور الصحافة العربية الوطنية في الجزائر:
ظهرت في الجزائر خلال تلك الفترة صحافة وطنية عربية، ساهمت مساهمة فعالة في بعث النهضة الفكرية والإصلاحية الحديثة. فقد عالجت في صفحاتها كثيرًا من الموضوعات الحساسة، منها: الدعوة إلى تعليم الأهالي، وفتح المدارس العربية لأبناء المسلمين، والتنديد بسياسة المستعمرين واليهود، ومقاومة الانحطاط الأخلاقي والبدع والخرافات. فهذا الأستاذ عمر راسم يجلجل بآرائه في غير مواربة ولا خوف، فيقول: "أجل، يجب أن نتعلم لكي نشعر بأننا ضعفاء. يجب أن نتعلم لكي نعرف كيف نرفع أصواتنا في وجه الظلم. يجب أن نتعلم لكي ندافع عن الحق، وتأبى نفوسنا الضيم، ولكي نطلب العدل والمساواة بين الناس في الحقوق الطبيعية، وفي النهاية لكي نموت أعزاء شرفاء ولا نعيش أذلاء جبناء". كما ظهر في هذا الميدان كتّاب شاركوا بمقالاتهم وتحليلاتهم في تشخيص الداء الذي ألمّ بالأمة، واقتراح الدواء الناجع لذلك، من هؤلاء الشيخ المولود بن الموهوب، والشيخ عبد الحليم بن سماية، والأستاذ عمر بن قدور وغيرهم.
4- تولي شارل جونار الولاية العامة في الجزائر:
على الرغم من أن المسيو جونار فرنسي نصراني، إلا أن وصوله إلى منصب الحاكم العام في الجزائر، كان له أثر كبير على الحياة الفكرية في تلك الفترة. يُذكر أن هذا الأخير شجّع إحياء فن العمارة الإسلامية، وبعْث التراث المكتوب، والتقرّب من طبقة المثقفين التقليديين، وتشجيعهم على القيام بمهمتهم القديمة، كإقامة الدروس في المساجد ونحوها، كما اهتم بالتأليف ونشر الكتب العلمية وكتب التراث، مما كان له أثر هام على الحياة الثقافية في الجزائر.
أشرف جونار على فتح المدرسة الثعالبية سنة 1904م، بجوار مقام سيدي عبد الرحمن الثعالبي) في حي القصبة بالعاصمة الجزائرية، وندب اثنين من الشيوخ للتدريس ونشر العلم بها، كما أمر بنشر كتابين هامين، أحدهما كتاب: "تعريف الخلف برجال السلف"، الذي صنّفه الشيخ أبو القاسم الحفناوي وطبعه سنة 1907م، والكتاب الثاني: "البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان"، لابن مريم الشريف التلمساني، الذي تولى إعداده للنشـر الأستاذ محمد ابن أبي شنب، المدرِّس بالمدرسة الثعالبية الدولية، وطبع سنة 1908م برعاية المسيو (جونار). هذه باختصار أهم العوامل التي ساعدت على قيام تلك الحركة الفكرية الإصلاحية بالجزائر، في الفترة التي ظهر فيها الشيـخ عبد الحميد ابن باديس. وبهذا العرض المتواضع، تتضح لنا طبيعة الوسط الثقافي والفكري الذي تربى وترعرع فيه الشيخ ابن باديس، ويبقى أن نتعرف على شخصية الشيخ وأسرته ونشأته، ورحلاته، وشيوخه، ومكانته العلمية.
[عدل]من أشعاره وخطبه

'” شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ“'
شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ
حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
[عدل]إشهدي يا سما
اشِهِدي يَا سَمَا وَاكْتُبَنْ ياوُجودْ
إنَّنَا للِحـمَـا سَنَكُونُ الجُـنُودْ
فنَزيحْ البَـلاَ وَنَـفُـكُّ الْقُيُودْ
ونَنيلُ الرِّضـا مِنْ وَفَّى بِالعْهُودِ
ونُـذيقُ الـرَّدَى كُـلَّ عـاتٍ كَنُودْ
وَيَـرَى جـِيلُنَا خَافقَا تِالبُنودْ
ويَـرَى نجْمُنَـا لِلْعُـلاَ في صُعـودْ
هَكَـذَا هَـكَـذَا هَـكَذاسَنَعُـودْ
فاشْهَدي يَا سَمَا واكتُبْن يا وُجودْ
إنَّـنَا للعُـلاَ إنَّنَاللخُلُودْ
هذا النشيد ارتجله الشيخ عبد الحميد بن باديس في حفل أقامته مدرسة التربية والتعليم بقسنطينة يوم 27 رمضان 1356 هـ بمناسبة إحياء ليلة القدر.
[عدل]تحية المولد الكريم:
حييت يا جـمعَ الأدب ورقيت ساميةَ الرتبْ
وَوُقِيتَ شرَّ الكائدي ن ذوى الدسائس والشغبْ
ومُنِحْـت في العلياء ما تسمو إليه من أربْ
أحييت مولد من به حييَ الأنام على الحِـقَبْ
أحييت مولوده بما يُبرى النفوسَ مـن الوصبْ
بالعلم والآداب والـ أخلاق في نشءٍ عجبْ
نشءٌ على الإسلام أسْـ سُّ بنائه السامي انتصبْ
نشءٌ بحُـبِ محمدٍ غـذَّاه أشياخٌ نجبُ
فيهِ اقتدَى في سيره وإليه بالحق انتسبْ
وعلى القلوب الخافقا تِ إليه رأيته نصبْ
بالروحِ يَفديهَا وما يُغرى النّفوسَ مـن النشبْ
وبخُلقـه يَحمِي حما ها أو ببارقة القُضُـبْ
حتى يعودَ لقومه من عِزّهم ما قد ذهبْ
ويرى الجزائرَ رجعت حقَّ الحياة المستلَبْ
يا نشءُ يا دخرَ الجـزا ئر في الشدائد والكُرَبْ
صدحت بلابِلُك الفصا حُ فعمَّ مَجمعَنا الطربْ
وادقْتَنَا طُعما من الـ فصحى ألذَّ من الضرَبْ
وأريت للأبصار ما قد قرَّرتْه لك الكتُبْ
شَعْـبُ الجزائرِ مُـسْلِمٌ وَإلىَ العُروبةِ يَنتَسِبْ
مَنْ قَالَ حَادَ عَنْ أصْلِهِ أَوْ قَالَ مَـاتَ فَقَدْ كَذبْ
أَوْ رَامَ إدمَاجًا لَهُ رَامَ المُحَال من الطَّلَبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَاؤُنَا وَبِـكَ الصَّباحُ قَدِ اقْتَربْ
خُـذْ لِلحَياةِ سِلاَحَها وَخُـضِ الخْطُوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَنارَ الْعَدْلِ وَالإ حْسانِ وَاصْـدُمْ مَن غَصَبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّالمِينَ سُـمًّا يُـمْزَج بالرَّهَـبْ
وَاقلَعْ جُذورَ الخَائنينَ فَمنْهُـم كُلُّ الْـعَطَـبْ
وَاهْـزُزْ نفوسَ الجَامِدينَ فَرُبَّمَا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
يا قومٌ هذا نشؤكم وإلى المعالي قد رثبْ
كونوا له يكن لكم وإلى الأمام أبناء وأبْ
نحن الأولى عرف الزمانُ قديمنا الجمَّ الحسبْ
وقـد انتبهنا للحيا ة آخـذين لها الأهـبْ
لنحلَّ مركزنا الذي بين الأنام لنا وجبْ
فتزيد في هذا الورى عضـوًا شريفًا منتخَبْ
ندعو إلى الحسنى ونولي أهلها منا الرغبْ
مَنْ كَان يَبْغي وَدَّنَا فَعَلَى الْكَرَامَةِ وَالرّحبْ
أوْ كَانَ يَبْغي ذُلَّنـَا فَلَهُ المـَهَـانَةُ والحَرَبْ
هَـذَا نِـظامُ حَيَاتِنَا بالنُّورِ خُـطَّ وَبِاللَّهَبْ
هَـذا لكُمْ عَـهْـدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّـدَ في التُّرَبْ
فَإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحتي تَحيـَا الجَزائرُ وَالْعرَبْ
ألقيت ليلة حفلة جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة عن ش: ج4، م 13. قسنطينة يوم الاثنين 13 ربيع الأول 1356 هـ / 11 جوان 1937م.
[عدل]القومية والإنسانية
الحمد لله ثم المجد للعرب مَن أنجبوا لبَنِي الإنسان خيرَ نبـِي
ونشروا ملةً في الناس عادلةً لا ظلمَ فيها على دين ولا نسَـبِ
وبذلوا العلم مجانا لطالبه فنال رُغْبَاهُ ذو فقر وذو نشَبِ
وحرروا العقلَ من جهل ومن وهَم وحرروا الدينَ من غِشٍّ ومن كذِبِ
وحرروا الناسَ من رِق الملوك ومن رق القَداسة باسم الدين والكتب
قَومي هم وبنُو الإنسان كلُّهم عشيرتي وهدى الإسلام مطَّلَبِي
أدعو إلى الله لا أدعو إلى أحد وفي رضى الله ما نرجو من الرَّغَـبِ
(1)
ألقيت ليلة احتفال جمعية التربية والتعليم الإسلامية بالمولد الشريف - بقسنطينة
1- ش. ج3 : م14، غرة ربيع الأول 1357 هـ / فيفري 1938 م.
[عدل]السياسة في نظر العلماء هي التفكير والعمل والتضحية
أشعبَ الجزائرِ روحِى الفِدى لمَا من عِزةٍ عربيَّهْ
بَنَيْتَ على الدينِ أركانَها فكانتْ سلامًا على البشريَّهْ
خَلَدتُم بها وبكم خلَـدَتْ بهذى الديارِ على الأبدِيَّـهْ
فدُوموا على العهدِ حتَّى الفَنَا وحتى تَنالُوا الحقوقَ السنيَّهْ
تَنالُونَها بسواعِـدِكُـم وإيمَانِكم والنفوسِ الأبيَّهْ
فضَحُّـو وهَا أنا بَينكُـمُ بِذاتِي ورُوحِي عليكم ضَحيهْ
بهذه الأبيات ختم الشيخ عبد الحميد بن باديس خطابه التاريخي في الجلسة الختامية للمؤتمر الثاني لجمعية العلماء في سنة 1937 م.
[عدل]التسامح
سينحل جثماني إلى الترب أصله وتلتحق الورقا بعالمها الاسما
وذي صورتي تبقى دليلا عليها فإن شئت فهم الكنه فسأنطق الرسما
وعن صدق احساس تأمل فإنَّ في ملامح المرء ما يكسب العلما
وسامح أخاك إن ظفرت بنقصه وسل رحمة ترحم ولا تكتسب إثما
(1)
1)

جيدول
2011-07-05, 22:24
مشكور يــــــــــــــــــــأخي

yoyo1985
2012-01-03, 22:37
انه شيئ مميز

djahid-2011
2012-01-05, 13:11
ولد عبد الحميد بن باديس في 05ديسمبر 1889 بقسنطينة من عائلة ميسورة الحال تعود أصولها إلى بني زيري التي ينتمي إليها مؤسس مدينة الجزائر بولكين بن منّاد ، تلقى تعليمه الأول بمدينة قسنطينة على يد الشيخ حمدان لونيسي و حفظ القرآن الكريم في صغره .انتقل بن باديس سنة 1908 إلى تونس لمواصلة تعليمه بجامع الزيتونة ، وبه تتلمذ على يد الشيخ الطاهر بن عاشور ، وتحصّل بعد 04 سنوات على إجازة الزيتونة . ومن تونس رحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج و استقر بالمدينة المنورة أين التقى معلمه الأول حمدان لونيسي و هناك واصل تلقي العلم حتى حاز درجة العالم ، و في طريق عودته إلى الجزائر عرّج على القاهرة و بها تتلمذ على يد الشيخ رشيد رضا .

منال نينة
2012-01-09, 05:23
التعريف بالعلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و غفر له.

http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQOsTuCuT98GQ5gCeHE2v8WPRheJ8iHc wEoi3xbisdbyYHkFh_8Aw

الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ به من شرور أنفسنا و سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وصلى

الله على نبينا محمد الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، ووفّر من كل خيرٍ و كمالٍ على جميع العالمين نصيبه، و على آله الطاهرين، و أصحابه الهادين

المهتدين، و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أمــابعدُ:

فهذه نبذة تعريفية مختصرة لعالم من أعلام الجزائر وهو العلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و غفر له وفاءًا ببعض حقه علينا –

نحن معشر طلاب العلم- مما نشروا من علم نقي صحيح، و دافعوا عن جناب السنة و التوحيد في بلادنا الحبيبة، من هجمات عتاة الأعداء من

الصوفيين و المستعمرين الفرنسيين ؛ و اعترافًا بفضله الذي لا يجحده إلا مكابر ! و لا ينكره إلا كنود حسود !! و إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهل

الفضل !!

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)

إسمه و نسبه:
هو عبد الحميد بن محمد بن مكي بن باديس الصنهاجي.
و ينتهي نسبه إلى المعز بن باديس مؤسس الدولة الصنهاجية الأولى التي خلفت الأغالبة على مملكة القيروان.

مولده:
ولد عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة يوم الأربعاء 10 ربيع الثاني 1308 الوافق لـ 4 / 12/ 1889م.
ووالده: محمد مصطفى بن باديس، صاحب مكانة مرموقة و شهرة واسعة.
و أمّــــه: السـيدة زهيرة بنت علي الأكحل بن جلول.
- نشأته العلمية و أعماله:
- حفظ القرآن الكريم على الشيخ المدّسي ، و لَمَّا يبلغ الثالثة عشر من عمره.
- أخذ مبادئ العلوم الشرعية و العربية على الشيخ حمدان الونّيسي.
- سافر إلى جامع الزيتونة بتونس و غيرهما ليلقي بعض الدروس في (الجامع الكبير) بقسنطينة من كتاب (الشفاء) للقاضي عياض رحمه الله، لكنه سرعان ما مُنع.
- في عام 1913م غادر قسنطينة متوجهًا إلى الحجاز لأداء فريضة الحج.
- في المدينة التقى بأستاذه حمدان الونّيسي، كما تعرّف على الشيخ محمد البشير الإبراهيمي.
- رجع ابن باديس إلى قسنطينة ليباشر التعليم في : ( جامع الأخضر) بسعي من والده لدى الحكومة.
- وفي (الجامع الأخضر) ختم تفسير القرآن تدريسًا في ربع قرن، كما أتمَّ شرح كتاب (الموطأ) لإمام دار الهجرة مالك ابن أنس رحمه الله تعالى تدريسًا أيضًا.
أصدر بعد تأسيس ( المطبعة الجزائرية الإسلامية) عدّة جرائد من أشهرها:

المنتقد، الشهاب، السنة، الشريعة، الصراط، البصائر، لتبليغ الدعوة الإصلاحية السلفية.
وفي سنة 1931م تمّ تأسيس (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) فعين الشيخ عبد الحميد رئيسًا لها.
-أسس بموازاة إخوانه المصلحين المساجد و المدارس الحرّة و النوادي العلمية في شتى أنحاء القطر الجزائري.
شيوخه:
من أشهرهم بقسنطينة: الشيخ حمدان الونيسي، و بتونس: العلامة محمد النخلي، و الشيخ الطاهر بن عاشور، و محمد بن القاضي، و محمد الصادق النيفر، و بلحسن النجار، و غيرهم من علماء الزيتونة الأعلام.
و بالمدينة الشيخ أحمد الهندي.
و بمصر: شيخاه بالإجازة: العلامة محمد بخيت المطيعي، و الشيخ أبو الفضل الجيزاوي.
تلاميذته:
وهم كثيرون، من أبرزهم: العلامة الشيخ مبارك الميلي مؤلف (رسالة الشرك و مظاهره) و (تاريخ الجزائر)، و الشيخ الفضيل الورتلاني، و موسى الأحمدي و الهادي السنوسي ، و باعزيز بن عمر، ومحمد الصالح بن عتيق ، و محمد صالح رمضان و غيرهم.
ثناء أهل العلم و الفضل عليه:
قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: " باني النهظتين الفكرية و العلمية بالجزائر، وواضع أسسها على صخرة الحق و قائد زحوفها المغيرة إلى الغايات العليا، و إمام الحركة السلفية، و منشئ مجلة(الشهاب) مرآة الإصلاح و على التفكير الصحيح، و محيي دوارس العلم بدروسه الحية، ومفسّر كلام الله على الطريقة السلفية في مجالس انتظمت ربع قرن، وغارس بذور الوطنية الصحيحة وم لقّن مباديها، عالم البيان وفارس المنابر، الأستاذ الرئيس الشيخ عبد الحميد بن باديس"
- و قال الشيخ مبارك الميلي:" الأستاذ العظيم و المرشد الحكيم، عدّتنا العلمية و عمدتنا الإصلاحية".
- - و قال الشيخ الطيب العقبي: " المصلح الفذّ، و العلامة الذي ما أنجبت الجزائر- منذ أحقاب- مثله إلا قليلاً"
عقـــيــدتـــه:
كان العلامة ابن باديس سلفيًّا، متمسكًا بالكتاب الكريم و السنّة الصحيحة، مُعتدًّا بفهم السلف الصالح لهما، وقد قرّر ذلك في أكثر من مناسبة، منها ما حرّره في خاتمة(رسالة جواب سؤال عن سوء مقال) حين قال رحمه الله: " .. الواجب على كل مسلم في كل مكانٍ و زمانٍ أن يعتقد عقدًا يتشرّبه قلبُه، و تسكن له نفسه، و ينشرح له صدرُه، و يلهج به لسانُه، و تنبني عليه أعمالُه، أنّ دين الله تعالى من عقائد الإيمان و قواعد الإسلام و طرائق الإحسان، إنّما هو في القرآن و السنّة الصحيحة و عمل السلف الصالح، من الصحابة و عمل السلف الصالح، من الصحابة و التابعين و أتباع التابعين، و أن كلّ ما خرج عن هذه الأصول و لم يحظ لديها بالقبول –قولًا كان أو عملاً أو عقدًا أو حالاً- فإنّه باطل من أصله ، مردود على صاحبه، كائنًا من كان، في كل زمان أو مكان ... "
آثـــــــــاره:
لم يصل إلينا منها سوى:
1 – (تفسير ابن باديس) أو (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
2 – (من هدي النبوة) أو (مجالس التذكير من كلام البشير النذير صلى الله عليه و سلم).
3 – (رجال السلف و نساؤه).
4 – (القصص الهادف).
5- (العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية).
6 – (مبادئ الأصول).
7 – (رسالة جواب سؤال عن سوء مقال).
8 – (العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي المالكي) تحقيق و تقديم.
كما جُمعت مقالاته في (الشهاب) و (البصائر) غيرهما و نشرت ضمن آثاره غير مرّة.
وفــــــاتــــه:
توفي الشيخ عبد الحميد بن باديس – بعد حياة حافلة بجلائل الأعمال –مساء الثلاثاء 8 ربيع الأول سنة 1359هـ الموافق لـ 16 / 4 / 1940م، و دفن في روضة أسرته، بحي الشهداء قرب مقبرة قسنطينة.
رحمه الله رحمة واسعة و غفر له.

omar mats
2012-04-05, 20:34
ولد عبد الحميد بن باديس في 05ديسمبر 1889 بقسنطينة من عائلة ميسورة الحال تعود أصولها إلى بني زيري التي ينتمي إليها مؤسس مدينة الجزائر بولكين بن منّاد ، تلقى تعليمه الأول بمدينة قسنطينة على يد الشيخ حمدان لونيسي و حفظ القرآن الكريم في صغره .انتقل بن باديس سنة 1908 إلى تونس لمواصلة تعليمه بجامع الزيتونة ، وبه تتلمذ على يد الشيخ الطاهر بن عاشور ، وتحصّل بعد 04 سنوات على إجازة الزيتونة . ومن تونس رحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج و استقر بالمدينة المنورة أين التقى معلمه الأول حمدان لونيسي و هناك واصل تلقي العلم حتى حاز درجة العالم ، و في طريق عودته إلى الجزائر عرّج على القاهرة و بها تتلمذ على يد الشيخ رشيد رضا .

SAMIR EL KALA
2012-04-07, 13:46
مــقــدمــة:


العلم نور والجهل ظلام، عبارة يرددها الناس قاطبة، أتراهم يدركون معناها؟

بالعلم ترقى الأمـم إلى الحضارة و العُلَى، و العلم مطلوب من كل انسان، كل فرد يتعلم نوعا يستطيع أن يعمل به على إسعاد نفسه وإسعاد من حوله، فالمعلم بعلمـه يعمل على نشر العلم، والطبيب بما تعلَّمه يحاول أن يُخَفِّفَ من آلام الناس...

عبد الحميد ابن باديس من الرجال الذين وهبوا حياتهم لأجل نشر العلم ومحو العلم، لهذا اتخذنا ذكرى وفاته لنحيي يوم العلم و نخلد ذكرى المرحوم...

مـــولـــده :

ولد عبد الحميد ابن باديس بمدينة قسنطينة، سنة 1889، نشأ في أسرة عريقـة معروفة بالعلم والجاه والثراء. والده محمد المصطفى بن مكي بن باديس، كان صاحب مكانة معروفة في قسنطينة جعلته موضع احترام وتقدير من المواطنين والحاكمين، وكان عضوا في المجلس الجزائري الأعلى، والمجلس العام بقسنطينة.

نشـأته وثـقـافـتـه:

لقـي عبد الحميد ما يكفي من الرعاية من والده، ثم قدمه إلى الشيخ محمد المداسي الذي لَقَّنَهُ سور القرآن الكريم حتى أتم حفظه بإتقان. ثم أكمل تعلمه عـلى يـد الشـيـخ الـونيسي الذي أخذ عنه مبادئ العلوم العربية و الدينية.

تزوج عبد الحميد في سن الخامس عشر فوُلِد له محمد عبده. و في عام 1908 سافر إلى تونس ليكمل دراسته في جامع الزيتونة، حـيث تتلمذ على يد الشيخ محمد النخلي القيرواني، والشيخ محمد الطاهر بن عاشور و الشيخ الخضر بن الحسين الجزائري الأصل، فنال شهادة الجامعة سنة 1911. و بقي في تونس عاما بعد تخرجه يشتغل بالتدريس هناك.

رحلته إلى الحجاز:

عاد عبد الحميد إلى وطنه من تونس سنة 1913 ليبدأ عمله مدرسا بلا أجر في سبيل نشر العلم واللغة والدين،

سافر إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وهناك التقى بشيخه الونيسي، وتعرف على الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، الذي كان قد هاجر مع أسرته إلى المدينة المنورة، ونشأت بينهما صداقة، فكانا يجتمعان في المدينة المنورة كل مساء، يتحدثان عن الجزائر.

عودته إلى الجزائر:

كانت رحلته إلى الحجاز نافعة كثيرا، فقد أصبح متحمسا لمتابعة الكفاح ضد الاستعمار الظالم. و زاد من حماسه بعض العلماء الذين لقيهم في رحلته.

عند عودته إلى البلاد، مر على مصر حيث التقى بالشيخ بخيت العالم الأزهري، فأخذ عنه و تأثر به.

نشاطه الفكري في الإصلاح:

لقد درس عبد الحميد في الجامع الأخضر للأطفال والكبار الذين ساعدوه في نشر العلم بعد أن تم تكوينهم.لم يكتف ابن باديس بالتعليم بل راح ينشر الـمقالات في جريدة المنقذ التي أصدرها بنفسه، بل ونشر المدارس في كل أرجاء الوطن الجزائري، عاملا فيها على نشر العلم، وتثقيف أبناء و بنات الجزائر ثم محاربة الاستعمار.

تأسيس جمعية علماء المسلمين:

عند ظهور حركات الإصلاح في العالم الإسلامي على يد محمد عبده ورشيد رضا، و جمال الدين الأفغاني، عمل عبد الحيد على محاولة الإصلاح في بلاده فأسس جمعية العلماء المسلمين من أجل الإصلاح، واختار مدينة قسنطينة مقرا لها.

وفـاتـه:

ظل عبد الحميد يواصل عمله، وهو مريض إلى أن اشتد عليه المرض وافته المنية في السادس عشر من أفريل سنة 1940.

mehdi3
2012-04-07, 20:30
الشيخ عبد الحميد بن باديس
رائد النهضة العلمية والإصلاحية في الجزائر1889 -1940م


الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ به من شرور أنفسنا و سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وصلى الله على نبينا محمد الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، ووفّر من كل خيرٍ و كمالٍ على جميع العالمين نصيبه، و على آله الطاهرين، و أصحابه الهادين المهتدين، و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أمــابعدُ:

فهذه نبذة تعريفية مختصرة لعالم من أعلام الجزائر وهو العلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و غفر له وفاءًا ببعض حقه علينا .

اسمه ونسبه :

هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحّول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن بركات بن عبد الرحمن بن باديس الصنهاجي سليل الجد الأعلى "مناد بن منقوش" كبير قبيلة تَلْكَاتَة (أو تُلُكّاتة أو تْلَكّاتة) وهي فرع من أمجاد صنهاجة أشهر القبائل البربرية في الجزائر والمغرب الإسلامي.
ونسب أُسْرَتِهِ عريق في الشرف والمكانة، مشهور بالعلم والثراء والجاه، عرفت منه شخصيات تاريخية كبيرة من أبرزها "المعزّ لدين الله بن باديس" أشهر حكام الدولة الصنهاجية التي عرفت باسم دولة "بني زيري" نسبة إلى الأمير "بلكّين بن زيري بن مناد الصّنهاجيّ".
كما عُرفت شخصيات أخرى من نسبه العريق، حتى أن "ابن خلدون" حكا أنه اجتمع أربعون عمامة من أسرة "بن باديس" في وقت واحد في التدريس والإفتاء والوظائف الدينية، وتكاد تكون وظيفة القضاء في قسنطينة قاصرة على علماء هذه الأسرة زمنا طويلا. من أشهرهم القاضيان "أبو العبّاس حميدة بن باديس"، وجده لأبيه "المكّيّ بن باديس".
والده "محمّد المصطفى بن باديس" صاحب مكانة مرموقة بين جماعة الأشراف، تبوأ منصب النائب المالي والعمالي لقسنطينة، وعضوا في المجلس الجزائري الأعلى وباش آغـا شرفيا، ومستشارا بلديا بمدينة قسنطينة. وشحت فرنسا صدره "بوسام الاحترام" من رتبة "أوفيسي". ويعود إليه الفضل في إنقاذ سكان منطقة "واد الزناتي" من الإبادة الجماعية عام 1945 م على إثر حوادث 8 ماي المشهورة. وقد اشتغل كذلك بالفلاحة والتجارة، وأثرى فيهما.
والدته "زهيرة بنت علي"، كريمة من كرام عائلة "ابن جلول" المعروفة بالعلم والصلاح والثراء في مدينة قسنطينة، وهي من قبيلة "بني معاف" المشهورة في جبال الأوراس.


مولده :

وُلِدَ الشّيخ عبد الحميد بن باديس يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الثاني سنة 1307 ﻫ الموافق للرابع من ديسمبر سنة 1889 م بمدينة "قسنطينة"، وهو الولد البِكر لأبويه.
نشأته وتعليمه :
نشأ الشّيخ ابن باديس في أحضان أسرة متمسكة بالدين والمحافظة على القيام بشعائره، وحرصا على تنشئة أبنائها على أساس تربية إسلامية وتقاليد أصيلة; عهد به والده وهو في الخامسة من عمره إلى الشّيخ "محمّد بن المدَّاسي" أشهر مُقرئي بقسنطينة، فحفظ القرآن وتجويده وعمره لم يتجاوز الثالثة عشرة سنة.. ولما أبدى نجابة في الحفظ وحسن الخلق، قدّمه ليؤم المصلين في صلاة التراويح لمدّة ثلاثة سنوات متوالية في الجامع الكبير. ثم تلقى منذ عام 1903 م مبادئ العلوم العربيّة والشّرعيّة بجامع "سيدي محمّد النجار" من العالم الجليل الشّيخ "حمدان الونيسي" وهو من أوائل الشيوخ الذين لهم أثر طيب في حياته.
وفي سنة 1908 م سافر إلى تونس ليكمل تعليمه ويوسع معارفه بجامع الزّيتونة، فتتلمذ على صفوة علمائه ومشاهير الأعلام أمثال الشّيوخ : "محمّد النّخليّ القيروانيّ"، و"محمّد الطّاهر بن عاشور"، و"محمّد الخضر بن الحسين"، و"محمّد الصادق النيفر" والأستاذ "البشير صفر".. وبعد ثلاث سنوات من الجد والاجتهاد نال (عام 1911 م) شهادة التّطويع (العَالِمِيَّة) وكان ترتيبه الأوّل بين جميع الطّلبة الناجحين، وهو الطالب الجزائريّ الوحيد الذي تخرّج في تلك الدّورة ثّم بقي بتونس عاماً بعد تخرّجه يُدَرّس ويَدرس على عادة المتخرجين في ذلك العهد.



رحلته إلى الحجاز :

لم يكن للشّيخ ابن باديس من غرض بعد عودته من تونس إلا الانتصاب للتّعليم في مسقط رأسه "قسنطينة"، فباشر إلقاء الدّروس من كتاب "الشّفا" للقاضي عياض في الجامع الكبير، لكنّه سرعان ما منع من الإدارة الفرنسيّة بسعي المفتى في ذلك العهد; بعدها عزم على أداء فريضة الحجّ عام 1913 م.
وبعد أداء مناسك الحجّ زار المدينة المنوّرة ومكث بها ثلاثة أشهر، تعرّف فيها على الشّيخ "محمّد البشير الإبراهيميّ" وقضا معه ليالي تلك الأشهر الثلاثة كلها في وَضْع البرامج والوسائل التي تنْهَضُ بها الجزائر. كما أتيح له أن يتّصل بشّيخه "حمدان الونيسي" والتقى بمجموعة من كبار العلماء منهم الشّيخ "حسين أحمد الفيض أبادي الهنديّ"، وألقى بحضورهم على مشهد كثير من المسلمين درساً في الحرم النّبويّ.
وفي تلك الفترة وجد الشّيخ ابن باديس نفسه بين خيارين، إما أن يلبي دعوة شيخه "الونيسي" في الإقامة الدائمة بالمدينة وقطع كل علاقة له بالوطن، وإما أن يأخذ بنصيحة الشّيخ "حسين أحمد الهندي" بضرورة العودة إلى وطنه وخدمة الإسلام فيه والعربية بقدر الجهد.. فاقتنع برأي الشّيخ الثاني، وقرر الرجوع إلى الوطن بقصد خدمته.
وعند رجوعه، عرج على مصر، زار جامع الأزهر الشريف بالقاهرة ووقف على نظام الدراسة والتّعليم فيه، ثم زار مفتي الدّيار المصريّة الشّيخ "محمّد بخيث المطيعيّ" في داره بحلوان رفقة صديقه "إسماعيل جغر" المدرس بالأزهر، قدم له كتاب من شيخه "الونيسي" فأحسن استقباله وكتب له إجازة في دفتر إجازاته بخط يده.
نشاطه الإصلاحي :

• التربية والتّعليم :

أولى الشّيخ ابن باديس التربية والتّعليم اهتماماً بالغاً ضمن برنامج الحركة الإصلاحية التي قادها ووجهها، فالتربية عنده هي حجر الأساس في كل عمل بنائي، لذلك أعطاها كل جهده ووقته، فبدأ نشاطه التّربوي والتّعليمي بالجامع الأخضر أوائل جمادى الأول 1332 ﻫ / 1914 م، يدرّس الطلبة كامل النّهار وفق برنامج مسطر لكل مستوى، ويلقي دروساً في تفسير القرآن، والحديث النبوي الشريف من الموطأ بالإضافة إلى الوعظ والإرشاد لعامة الناس في المساء، ويخص صغار الكتاتيب القرآنية بعد خروجهم منها بجملة من دروسه. ثم وسع نشاطه بإلقاء دروس في مسجد سيدي قموش ومسجد سيدي عبد المؤمن، وقام في أيام الراحة الأسبوعية وأيام الإجازة الصيفية بجولات لمختلف مناطق القطر.
وبعد بضع سنوات من التّعليم المسجدي رأى جماعة من الفضلاء المتصلين به تأسيس مكتب يكون أساساً للتّعليم الابتدائي العربي سنة 1926 م، انبثقت عنه سنة 1930 م مدرسة جمعيّة التربية والتّعليم الإسلامية. ودعا الجزائريّين إلى تأسيس فروع لها في أنحاء الجزائر.
وحرصا منه على رعاية الطلبة كوّن لجنة للعناية بهم ومراقبة سيرهم والإشراف على الصندوق المالي المخصص لإعانتهم، وأرسل المتفوقين والقادرين منهم على مواصلة الدارسة العليا إلى جامع الزّيتونة والأزهر. وحثّ على تعليم المرأة، وأولى تعليمها اهتماماً كبيراً، فألقى دروس وعظ خاصة للنساء بالجامع الأخضر، وخص البنات بدروس في مدرسة جمعيّة التربية والتّعليم، وأقر لهن مجانية التّعليم، وسعى لتمكينهن من مواصلة التّعليم الثانوي والعالي في المشرق العربي.
وفي سبيل إصلاح التّعليم وترشيد المناهج التّربوية في الجزائر دعا رجال التربية والتّعليم إلى مؤتمر عقد عام 1937 م بنادي الترقّي لتبادل الآراء فيما يهم التّعليم العربي الحر ومدارسه ومساجده ونظمه وأساليبه. كما شارك في محاولة إصلاح التّعليم في جامع الزيتونة بتونس، وبعث بمقترحاته إلى لجنّة وضع مناهج الإصلاح التي شكّلها حاكم تونس عام 1931 م، وتضمن اقتراحه خلاصة آرائه في التربية والتّعليم.

• الصحافة :

رأى الشّيخ ابن باديس أن حركة الإصلاح يجب ألا تقتصر على التربية والتّعليم، فأعلن على دخول عالم الصحافة لدى تأسيسه جريدة "المنتقد" عام 1925 م، رغم بدايات أولى له سبقتها في ممارسة العمل الصحفي بدأها بنشر مقالات في جريدة "النّجاح" لأول عهدها أمضاها باسم مستعار هو (القسنطيني أو العبسي).
ولكن "المنتقد" لم تعش طويلاً نظراً لجرأتها ولهجتها الحارة في ذلك العهد، أوقفتها الإدارة الاِستعماريّة بعد ظهور ثمانية عشر عدداً، فخلفتها جريدة "الشّهاب" التي ظلت تصدر أسبوعيّاً طوال أربع سنوات ثم حولها إلى مجلّة شهرية منذ فبراير 1929 م. وحتى يوفر أقصى ما أمكنه من شروط نجاح واستمرارية نشاطه الصحفي من بدايته، أسس "المطبعة الإسلامية الجزائرية" التي طبع فيها جرائده وجرائد جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين الأربعة التي أشرف عليها وهي : السّنّة المحمّديّة، والشّريعة المطهّرة، والصّراط السّويّ، والبصائر.

- إنشاء الكشاف الإسلامية الجزائرية:

إن الشيخ ابن باديس هو الذي أوحي بفكرة إنشاء الكشافة الإسلامية الجزائرية للشهيد محمد بوراس في عام 1933م وكان الهدف منها تربية النشء علي حب الوطن و الأخلاق العالية وقد أعدم الاستعمار محمد بوراس في عام 1941م بتهمة التحريض علي الثورة وقد تربي أغلب الشهداء و المجاهدين في الكشافة الإسلامية الجزائرية ومنهم العربي بن المهيدى و ديدوش مراد ...وغيرهما فقلما نذكر حياة شهيد من شهداء الثورة ألا ونجده قد تلقي تربيته الوطنية و الدنية في الكشاف الإسلامية الجزائرية .

• إسهاماته السياسية :

تتعدد جوانب النضال الإصلاحي للشّيخ ابن باديس، ويُعد الجانب السّياسيّ في شخصيته من أبرز هذه الجوانب، وقد أسهم بآرائه وأطروحاته في الفكر السّياسيّ بالحديث عن قضايا الأمة الكبرى التي أعطاها كل حياته، ومن مواقفه السياسية :
- استخلاص لأصول الولاية (الحكم) في الإسلام، نشرها عام 1931 م.
- دوره في إخماد نار الفتنة بين اليهود والمسلمين (فاجعة قسنطينة) صيف 1934 م.
- الدعوة إلى عقد مؤتمر إسلامي والمساهمة فيه شهر جوان 1936 م.
- مشاركته ضمن وفد المؤتمر إلى باريس في شهر جويلية 1936 م.
- موقفه السّياسيّ من وعود حكومة فرنسا.
- محاورة لجنة البحث في البرلمان الفرنسي في شهر أبريل 1937 م.
- دعوة النواب إلى مقاطعة المجالس النيابية في شهر أوت عام 1937 م.
- نداءه لمقاطعة الاحتفالات القرنية لاحتلال مدينة قسنطينة خريف 1937 م.
- موقفه من قانون 8 مارس 1938 م.
- موقفه من إرسال برقية التضامن مع فرنسا ضد التهديد الألماني.
- تقديم العرائض والاحتجاجات.
- مقاومة سياسة الاندماج والتجنيس.
- الوقوف في وجه المحاولات الهادفة إلى زعزعة الوحدة الوطنية.
- اهتمامه بقضايا العالم الإسلامي.
- رأيه في الحرية والاستقلال.

ابن باديس وجمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين :

فكر الشّيخ ابن باديس، بدءا من سنة 1913 م - خلال إقامته بالمدينة المنورة - في تأسيس جمعيّة، ومع رفيق دربه الشّيخ الإبراهيميّ وضع الأسس الأولى لها، وبقصد تحضير التأسيس جمعتهما عدة لقاءات منذ عام 1920 م، وتمهيدا لبعثها طلب من الشّيخ الإبراهيميّ عام 1924 م وضع القانون الأساسي لجمعيّة تجمع شمل العلماء والطلبة وتوحد جهودهم باسم "الإخاء العلمي" يكون مركزها العام بمدينة "قسنطينة"، إلا أن حدوث حوادث عطلت المشروع.
ثم توالت بعدها الجهود لتأسيس جمعيّة، ومن الإسهامات التي هيأت الجو الفكري لها، دعوات الشّيخ ابن باديس العلماء في جريدته "الشّهاب" إلى تقديم اقتراحات.. تلتها سنة 1928 م دعوته الطلاب العائدين من جامع الزيتونة والمشرق العربي لندوة، سطروا خلالها برنامجا يهدف إلى النهوض بالجمعيّة المزمع تأسيسها.
وفي نفس الفترة برز "نادي الترقّي" كمركز ثقافي ذا تأثير وملتقى للنخبة المفكرة في الجزائر، ومن منطلق رسالته الهادفة طلب الشّيخ ابن باديس من مؤسسيه تكوين لجنة تأسيسية ترأسها "عمر إسماعيل"، تتولى التحضير لتأسيس الجمعيّة.
وبعد مرور قرن كامل على الاحتلال الفرنسيّ للجزائر (1830 – 1930 م)، واحتفال الفرنسيين بذلك، تضافرت ظروف وعوامل كثيرة، ساهمت جميعها في إظهار "جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين" التي تأسست يوم الثلاثاء 05 من ماي 1931 م في اجتماع بنادي الترقّي لاثنان وسبعون من علماء القطر الجزائري ومن شتى الاتجاهات الدينية والمذهبية. وانتخب الشّيخ ابن باديس رئيساً لها والبشير الإبراهيميّ نائبًا له.

العوامل المؤثرة في شخصية ابن باديس:

لا شك أن البيئة الأولى لها أثر كبير في تكوين شخصية الإنسان، وفي بلد كالجزائر عندما يتفتح ذهن المسلم على معاناته من فرنسا، وعن معاناته من الجهل والاستسلام للبدع-فسيكون هذا من أقوى البواعث لأصحاب الهمم وذوي الإحساس المرهف على القلق الذي لا يهدأ حتى يحقق لدينه ولأمته ما يعتبره واجباً عليه، وكان ابن باديس من هذا النوع. وإن بروز شخصية كابن باديس من بيئة ثرية ذات وجاهة لَهو دليل على إحساسه الكبير تجاه الظلم والظالمين، وكان بإمكانه أن يكون موظفاً كبيراً ويعيش هادئاً مرتاح البال ولكنه اختار طريق المصلحين.
تأتي البيئة العلمية التي صقلت شخصيته وهذبت مناحيه والفضل الأكبر يعود إلى الفترة الزيتونية ورحلته الثانية إلى الحجاز والشام حيث تعرف على المفكرين والعلماء الذين تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما دعا إليه من نقاء العقيدة وصفائها. وكان لمجلة المنار التي يصدرها الشيخ رشيد رضا أثر قوي في النظر لمشكلات المسلمين المعاصرة والحلول المطروحة.
مما شجع ابن باديس وأمضى عزيمته وجود هذه العصبة المؤمنة حوله-وقد وصفهم هو بالأسود الكبار-من العلماء والدعاة أمثال الإبراهيمي والتبسي والعقبي والميلي. وقد عملوا معه في انسجام قلّ أن يوجد مثله في الهيئات الأخرى.

وفاته وآثاره العلمية :

توفّي الشّيخ ابن باديس مساء يوم الثلاثاء 9 ربيع الأول سنة 1359 ﻫ الموافق 16 أبريل 1940 م، بمسقط رأسه مدينة "قسنطينة" متأثرًا بمرضه، وقد شيّعت جنازته عصر اليوم التالي لوفاته، وحمل جثمانه إلى مثواه الأخير طلبة الجامع الأخضر دون غيرهم وسط جموع غفيرة زادة عن مائة ألف نسمة، جاءوا من كافة أنحاء القطر الجزائري.
تأثر لوفاته جميع أفراد الشعب الجزائري، وقال الشّيخ العربي التبسي في تأبينه : "لقد كان الشّيخ عبد الحميد بن باديس في جهاده وأعماله، هو الجزائر كلها فلتجتهد الجزائر بعد وفاته أن تكون هي الشّيخ عبد الحميد بن باديس". ومن بين من خلد هذا المصاب الجلل في إبانه شاعر الجزائر الكبير محمد العيد آل خليفة بقصيدة مما جاء فيها :

يـا قــبــــر طبت وطـاب فـيـك عبيـــر هـل أنـت بالضيف العـزيز خبير ؟
هـذا (ابن باديس) الإمـام المرتضى (عبد الحميد) إلى حـمـاك يصـير
العـالم الفذ الذي لعلومـه صِيتٌ بأطـراف البـلاد كبير
بعث الجزائر بعد طـول سباتها فالشعب فيها بالحيـاة يصـير
إلى أن يقول :

نم هـادئا فالشعب بعـدك راشـد يختـط نهجـك في الهـدى ويسير
لا تخش ضيعة ما تركت لنا سـدى فالـوارثـون لما تركت كثير

لقد ترك الشّيخ ابن باديس آثارا كثيرا كانت حصيلة نضاله، ولله الحمد أن سخر له أحباباً جمعوا تلك الأعمال ونشروها هي:
1- رسالة جواب عن سوء مقال (نشرها سنة 1922 م).
2- العواصم من القواصم (كتاب لابن العربي وقف على طبعه وتصحيحه في جزأين - الجزء الأول 1345 هـ/1926 م - الجزء الثاني 1946 هـ/1927 م).
3- تفسير ابن باديس (طبعه أحمد بوشمال سنة 1948 م، ثم طبعته وزارة الشؤون الدينية بالجزائر سنة 1982 م في كتاب عنوانه "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير").
4- مجالس التذكير من حديث البشير النذير (طبعته وزارة الشؤون الدينية بالجزائر سنة 1983 م).
5- العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية (طبعه تلميذه محمّد الصالح رمضان سنة 1963 م، ثم أعيد طبعه مرتين عامي 1966 م و1990 م، كما طبعه الشّيخ محمّد الحسن فضلاء سنة 1984 م).
6- رجال السلف ونساؤه (طبعه محمّد الصالح رمضان وتوفيق محمّد شاهين سنة 1966 م)
7- مبادئ الأصول (حققه الدكتور عمار طالبي ونشره سنة 1988 م، كما درسه وحققه الشّيخ أبي عبد المعز محمّد علي فركوس، وقدمه للطبع والنشر سنة 2001 م بعنوان "الفتح المأمول في شرح مبادئ الأصول").
أما باقي الآثار الأخرى فقد نشرت كلها في شكل مقالات ومحاضرات وخطب وقصائد شعرية في صحف "النّجاح" و"المنتقد" و"الشّهاب" و"السّنّة المحمّدية" و"الشّريعة المطهّرة" و"الصّراط السّويّ" و"البصائر".
من أشعاره وخطبه


شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ

شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ


تحية المولد الكريم:


حييت يا جـمعَ الأدب ورقيت ساميةَ الرتبْ
وَوُقِيتَ شرَّ الكائدي ن ذوى الدسائس والشغبْ
ومُنِحْـت في العلياء ما تسمو إليه من أربْ
أحييت مولد من به حييَ الأنام على الحِـقَبْ
أحييت مولوده بما يُبرى النفوسَ مـن الوصبْ
بالعلم والآداب والـ أخلاق في نشءٍ عجبْ
نشءٌ على الإسلام أسْـ سُّ بنائه السامي انتصبْ
نشءٌ بحُـبِ محمدٍ غـذَّاه أشياخٌ نجبُ


القومية والإنسانية


الحمد لله ثم المجد للعرب مَن أنجبوا لبَنِي الإنسان خيرَ نبـِي
ونشروا ملةً في الناس عادلةً لا ظلمَ فيها على دين ولا نسَـبِ
وبذلوا العلم مجانا لطالبه فنال رُغْبَاهُ ذو فقر وذو نشَبِ
وحرروا العقلَ من جهل ومن وهَم وحرروا الدينَ من غِشٍّ ومن كذِبِ
وحرروا الناسَ من رِق الملوك ومن رق القَداسة باسم الدين والكتب
أدعو إلى الله لا أدعو إلى أحد وفي رضى الله ما نرجو من الرَّغَـبِ

التوحيد الخالص
2012-04-07, 22:57
ترجمة العلامة الشيخ بن باديس
ـــــــــــ



- اسمه : عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس


- ولد سنة (1308هـ) الموافق (1889م) في قُسنطينة من البلاد الجزائرية


- وقد كان الولد البكر لوالديه


- وأسرته أسره مشهورة بالعلم ، والثراء والجاه


- حفظ ابن باديس القرآن على الشيخ محمد المداسي
وأتمَّ حفظه في الثالثة عشرة من عمره


- وقد وجَّههُ أبوه (1903م) إلى طريق العلم والمعرفة والثقافة
فاختار شيخاً له الشيخ أحمد أبو حمدان الونيسيّ ، فعلمه مبادئ العربية ، والمعارف الإسلامية


- وقد سافر ابن باديس سنة (1908م) إلى مدينة تونس ليدرس في جامع الزّيتونه


- وقد عُرف في دراسته بالجد والنشاط
وأخذ عن جماعة من أكابر علماء الزيتونة ؛ أمثال الشيخ النخلي القيرواني
والشيخ محمد الطاهر بن عاشور ، والشيخ محمد الخضر حُسين – رحمهم الله أجمعين –


- وقد أصدر عدَّة مجلات وجرائد علميّة إصلاحيّة
مثل :" المنتقد " ، و " الشهاب " وغيرها



وقد كان في كتاباته ومقالاته شديد الحملة على كل مُخالفي الدين
بَـــــدءً من أهل البدع
وأصحاب الطُّرق
وانتهاءً بالمستعمر الفرنسي الكافر ، مع أعوانه وعباده !



- حاولت الحكومة الفرنسية في الجزائر إغراءه بالمناصب
وتقريبه منها ؛ بتوليه بعض رئاسة الأمور الدينية ،فرفض رفضاً باتاً
مما تسبَّب له بالإيذاء ، والاضطهاد ، والابتلاء


- وتأسَّست في عهده جمعية العلماء الجزائريين سنة (1932م) وبرئاسته


- وفي عهد رئاسته لها أنشأت الجمعية عدداً كبيراً من المدارس العلمية
لتعليم العلوم الشرعية ، واللغة العربية


- ترك مجموعة طيِّبةً من المؤلفات ، والرسائل ، والمقالات
جمعها الدكتور عمَّار الطالبي في أربعة مجلدات بعنوان
" آثار ابن بادس "


- توفي رحمه الله مساء الثلاثاء 8 ربيع أول سنة 1359هـ
وتحركت بلدته بأكملها لتشييع جنازته


- رثاه عدد من العلماء والشعراء ، من ذلك قول من قال فيه :


يا قبر طبت وطاب فيك عبير

هل أنت بالضيف العزيز خبير


***

هذا ابن بادس الإمام المُرتضى

عبد الحميد إلى حماك يصير


***


العالم الفـذُّ الذي لعلومـه

صُبَّت بأطراف البلاد كبير


***


بَعَثَ الجزائر بعد طول سُباتها

فالشَّعبُ فيها بالحياة بصير


التعريف بالعلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و غفر له.

الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ به من شرور أنفسنا و سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وصلى
الله على نبينا محمد الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، ووفّر من كل خيرٍ و كمالٍ على جميع العالمين نصيبه، و على آله الطاهرين، و أصحابه الهادين
المهتدين، و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أمــابعدُ:
فهذه نبذة تعريفية مختصرة لعالم من أعلام الجزائر وهو العلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و غفر له وفاءًا ببعض حقه علينا –
نحن معشر طلاب العلم- مما نشره من علم نقي صحيح، و دافع عن جناب السنة و التوحيد في بلادنا الحبيبة، من هجمات عتاة الأعداء من
الصوفيين و المستعمرين الفرنسيين ؛ و اعترافًا بفضله الذي لا يجحده إلا مكابر ! و لا ينكره إلا كنود حسود !! و إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهل
الفضل !!
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)

إسمه و نسبه:
هو عبد الحميد بن محمد بن مكي بن باديس الصنهاجي.
و ينتهي نسبه إلى المعز بن باديس مؤسس الدولة الصنهاجية الأولى التي خلفت الأغالبة على مملكة القيروان.
مولده:
ولد عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة يوم الأربعاء 10 ربيع الثاني 1308 الوافق لـ 4 / 12/ 1889م.
ووالده:محمد مصطفى بن باديس، صاحب مكانة مرموقة و شهرة واسعة.
و أمّــــه:السـيدة زهيرة بنت علي الأكحل بن جلول.
- نشأته العلمية و أعماله:
- حفظ القرآن الكريم على الشيخ المدّسي ، و لَمَّا يبلغ الثالثة عشر من عمره.
- أخذ مبادئ العلوم الشرعية و العربية على الشيخ حمدان الونّيسي.
- سافر إلى جامع الزيتونة بتونس و غيرهما ليلقي بعض الدروس في(الجامع الكبير)بقسنطينة من كتاب(الشفاء)للقاضي عياض رحمه الله، لكنه سرعان ما مُنع.
- في عام 1913م غادر قسنطينة متوجهًا إلى الحجاز لأداء فريضة الحج.
- في المدينة التقى بأستاذه حمدان الونّيسي، كما تعرّف على الشيخ محمد البشير الإبراهيمي.
- رجع ابن باديس إلى قسنطينة ليباشر التعليم في : ( جامع الأخضر)بسعي من والده لدى الحكومة.
- وفي(الجامع الأخضر)ختم تفسير القرآن تدريسًا في ربع قرن، كما أتمَّ شرح كتاب(الموطأ)لإمام دار الهجرة مالك ابن أنس رحمه الله تعالى تدريسًا أيضًا.
أصدر بعد تأسيس( المطبعة الجزائرية الإسلامية)عدّة جرائد من أشهرها:
المنتقد، الشهاب، السنة، الشريعة، الصراط، البصائر،لتبليغ الدعوة الإصلاحية السلفية.
وفي سنة 1931م تمّ تأسيس(جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) فعين الشيخ عبد الحميد رئيسًا لها.
-أسس بموازاة إخوانه المصلحين المساجد و المدارس الحرّة و النوادي العلمية في شتى أنحاء القطر الجزائري.
شيوخه:
من أشهرهم بقسنطينة: الشيخ حمدان الونيسي، و بتونس: العلامة محمد النخلي، و الشيخ الطاهر بن عاشور، و محمد بن القاضي، و محمد الصادق النيفر، و بلحسن النجار، و غيرهم من علماء الزيتونة الأعلام.
و بالمدينة الشيخ أحمد الهندي.
و بمصر: شيخاه بالإجازة: العلامة محمد بخيت المطيعي، و الشيخ أبو الفضل الجيزاوي.
تلاميذته:
وهم كثيرون، من أبرزهم: العلامة الشيخ مبارك الميلي مؤلف(رسالة الشرك و مظاهره) و (تاريخ الجزائر)، و الشيخ الفضيل الورتلاني، و موسى الأحمدي و الهادي السنوسي ، و باعزيز بن عمر، ومحمد الصالح بن عتيق ، و محمد صالح رمضان و غيرهم.
ثناء أهل العلم و الفضل عليه:
قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: " باني النهظتين الفكرية و العلمية بالجزائر، وواضع أسسها على صخرة الحق و قائد زحوفها المغيرة إلى الغايات العليا، و إمام الحركة السلفية، و منشئ مجلة(الشهاب) مرآة الإصلاح و على التفكير الصحيح، و محيي دوارس العلم بدروسه الحية، ومفسّر كلام الله على الطريقة السلفية في مجالس انتظمت ربع قرن، وغارس بذور الوطنية الصحيحة وم لقّن مباديها، عالم البيان وفارس المنابر، الأستاذ الرئيس الشيخ عبد الحميد بن باديس"
- و قال الشيخ مبارك الميلي:" الأستاذ العظيم و المرشد الحكيم، عدّتنا العلمية و عمدتنا الإصلاحية".
- - و قال الشيخ الطيب العقبي: " المصلح الفذّ، و العلامة الذي ما أنجبت الجزائر- منذ أحقاب- مثله إلا قليلاً"



قال العلامة عبد الرحمن بن قاسم النجدي - رحمه الله - وهو يخاطب القبوري الرشيدي
( ... و لو صدقت في دعواك نصرة الحق لاندرجت في سلك جمعية المسلمين في جهتك الجزائرالذين هم من أكبر حجج الله عليك .... )
ص : 9 - 10 من كتاب ( الصارم المسلول )
- قال الشيخ العلامة محمد بن العربي - رحمه الله - وهو من مشايخ الشيخ تقي الدين الهلالي - رحمه الله - :
( فالذي أذين الله به واعتقده هو ما سطره سيدنا العلامة المشارك الدر النفيس السيد عبد الحميد بن با د يسلأنه مؤسس المبنى صحيح المعنى لم يبق فيه قول لقائل ولا تشوف لمراجعة مجيب أو سائل )
-قال الشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي-رحمه الله تعالى-:
( قام المصلح الشيخ عبد الحميد بن باديس سليل البطل المغربي المجاهد المعز بن باديسفرأى البلاد مظلمة الأرجاء متشعبة الأهواء دوية الأدواء يحار فيها اللبيب وتعضل بالحكيم فشمر عن ساعد الجد وقيض الله له أنصارا أطهارا أبرارا آزروه ونصروه فبدؤوا عملهم وصدعوا بما أمرهم الله ورسوله به فمر عليهم طوروفتنوا كما فتن المصلحون من قبل وثبتهم الله بالقول الثابت حتى اقتحموا العقبة الأولى وهي أصعب العقبات وأخذت دعوتهم تؤتي أكلها وأينعت ثمارها ودنى جناها،وفي أثناء ذلك ورد عليهم الأستاذ السلفي الداعية النبيل الشيخ الطيب العقبي )
من مجلة ( البصائر السنة الأولى العدد29الصفحة2 ) منقول
-قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي - حفظه الله تعالى - :
( من الجلي الواضح أن صيحاتهم كانت في وجه الاشتراكية الماركسية التي لبست لباس الإسلام وغيرها من ألوان الضلال وأن فيهم كوكبة من أعلام الهدى في مصر مثل: عبد الظاهر أبو السمح وعبد الرزاق حمزة ومحمد حامد الفقي وعبد الرزاق عفيفي ومحمد خليل هراس وأحمد محمد شاكر وعبد الرحمن الوكيل ومحب الدين الخطيب وأبو الوفاء درويش.
وفي الجزيرة العربية مثل مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم والشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله باز والشيخ عبد الله بن حميد والشيخ العلامة عبد الرحمن ابن سعدي والشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي وتقي الدين الهلالي وغيره في المغرب العربي والشيخ العقبي وابن باديس وغيرهما من علماء جمعية العلماء في الجزائر وعلماء أهل الحديث في الهند وباكستان وغيرهم ممن طار صيتهم من علماء المنهج السلفي وكانوا ضد كل ضلال وانحراف )
العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم(ص:124-125)
قال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - :
(و كنت قرأت حولها بحثا فياضا ممتعا في تفسير العلامة ابن باديس فليراجعه من شاء زيادة بيان )
الضعيفة تحت حديث رقم(99http://www.ajurry.com/vb/images/smilies/icon_cool.gif.
قال الشيخ علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الأثري الحلبي حفظه الله -:
( مؤلف هذا الكتاب عالم سلفي وداعية سني ومجاهد رباني قضى حياته -ولا نزكي على الله أحدا- في أبواب العلم والدعوة والجهاد علما وعملا متبعاكتاب ربه سبحانه ومتأسيا بسنة نبيه صلى الله عليه و سلم مقتفيا آثار سلف الأمة الهداة رحمهم الله أجمعين )
الدرر الغالية في آداب الدعوة والداعية ص : 5
قال الشيخ العلامة محب الدين الخطيب - رحمه الله -
( التي وقف عليها الأستاذ عالم الجزائر عبد الحميد بن باديس رحمه الله )
(مقدمة العواصم من القواصم)
-قال الشيخ عبد الحميد العربي- حفظه الله- :
(....... فهذه الجزائر الأبية البيضاء النقية التي استعصت على عساكر الاحتلال الفرنسي الغاشم البائس ، وجعلت من جبال الونشريس والجرجرة وسائر البقاع الطاهرة مآذن حق لجهاد الاحتلال الفرنسي ، ودحضه من كل شبر من أرض الوطن ، فكان لها ما أرادت بتوفيق العزيز الحكيم ، فنالت استقلالها ، ورمت بثوب الاحتلال في بحارها ، وصار حال الجزائر الأبية يتحسن بعد الإستقلال من يوم إلى يوم ، ومعلوم أن الاستعمار وعلى تعبير الاستاذ ملود قاسم رحمه الله الاستدمار إن حضن بأرض استنزف خيراتها ، وعمل جاهدا على طمس هويتها ، وانتمائهما إلى أمتها ، وتغيير لسانها ، والتشكيك في دينها ، وكان للاستدمار شيء من ذلك مع وجود مقاومة باسلةمن أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقيادة العالم المغوار والمصلح البار عبدالحميد بن باديس رحمه الله الذي صدع في وجه الاستدمار والفسلاء من أذنابه قائلا :
شعب الجزائر مسلم .......وإلى العروبة ينتسب ......)
(في مقال له بعنوان: صيحة سلفي من علو في نقض قواعد الإراهاب والتطرف والغلو)
و قال الشيخ الدكتور محمد علي فركوس حفظه الله تعالى :
(.. وصاحب هذه الرسالة هوالإمام المصلح السلفي الشيخ عبد الحميد بن باديس القسنطيني الجزائري رائد النهضة الفكرية والإصلاحية ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين .. )اهـ
وقال ( .. هو الإمام المصلح المجدد الشيخ عبد الحميد بن محمد بن مصطفى بن المكي ابن باديس القسنطيني الجزائري رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقوة الروحية لحرب التحرير الوطنية)
وقال حفظه الله ( .. وقد شرع الإمام بن باديس رحمه الله تعالى في العمل التربوي وانتهج في دعوته منهجا يوافق الفكر الإصلاحي في البعد والغاية وإن كان له طابع خاص في السلوك والعمل يقوم على ثلاثة محاور أساسية يظهر أعلاها في إصلاح عقيدة الجزائريين بالدرجة الأولى ببيان التوحيد الذي يمثل عمود الدعوة السلفية وما يضاده من الشرك ذلك لأن التوحيد هو غاية الخلق وإرسال الرسل ودعوة المجددين في كل العصور والأزمان لذلك كانت دعوته قائمة على اخذ العقيدة من الوحيين وعلى فهم الأولينوالتحذير من الشرك ومظاهره ومن بدعة التقليد الأعمى ومن علم الكلام وجنايته على الأمة ذلك لأن من أهم أسباب ضياع التوحيد ابتعاد الناس عن الوحي وفشو الكلام علم الكلام وخوض فيه وإتباع طرقهم الضالة عن سواء السبيل ومرض الجمود الفكري والركون إلى التقليد والزعم بأن باب الاجتهاد قد أغلق في نهاية القرن الرابع )
وقال حفظه الله : ( .. هذا وقد عمل ابن باديس خلال فترات حياته على تقريب القرآن الكريم بين يدي الأمة مفسرا له تفسيرا سلفيا سالكا طريق رواد التفسير المأثور معتمدا على بيان القرآن للقرآن وبيان السنة له آخذ في الاعتبار أصول البيان العربي كما كانت عنايته فائقة بالسنة المطهرة وبالعقيدة الصحيحة التي تخدم دعوته الإصلاحية فوضع كتابه " العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية" على نهج طريق القرآن في الاستدلال المتلائم مع الفطرة الإنسانية بعيدا عن مسلك الفلاسفة ومنهج المتكلمين وحارب البدع والتقليد والشرك ومظاهره والتخلف ودعا إلى النهضة والحضارة في إطار إصلاح الدين والمجتمع وسانده علماء أفاضل في دعوته ومهنته النبيلة , .. )


عقـــيــدتـــه:
كان العلامة ابن باديس سلفيًّا، متمسكًا بالكتاب الكريم و السنّة الصحيحة، مُعتدًّا بفهم السلف الصالح لهما، وقد قرّر ذلك في أكثر من مناسبة، منها ما حرّره في خاتمة(رسالة جواب سؤال عن سوء مقال)حين قال رحمه الله: " .. الواجب على كل مسلم في كل مكانٍ و زمانٍ أن يعتقد عقدًا يتشرّبه قلبُه، و تسكن له نفسه، و ينشرح له صدرُه، و يلهج به لسانُه، و تنبني عليه أعمالُه، أنّ دين الله تعالى من عقائد الإيمان و قواعد الإسلام و طرائق الإحسان، إنّما هو في القرآن و السنّة الصحيحة و عمل السلف الصالح، من الصحابة و عمل السلف الصالح، من الصحابة و التابعين و أتباع التابعين، و أن كلّ ما خرج عن هذه الأصول و لم يحظ لديها بالقبول –قولًا كان أو عملاً أو عقدًا أو حالاً- فإنّه باطل من أصله ، مردود على صاحبه، كائنًا من كان، في كل زمان أو مكان ... "


آثـــــــــاره:
لم يصل إلينا منها سوى:
1 –(تفسير ابن باديس)أو(مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
2 –(من هدي النبوة)أو (مجالس التذكير من كلام البشير النذير صلى الله عليه و سلم).
3 –(رجال السلف و نساؤه).
4 –(القصص الهادف).
5- (العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية).
6 – (مبادئ الأصول).
7 –(رسالة جواب سؤال عن سوء مقال).
8 – (العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي المالكي) تحقيق و تقديم.
كما جُمعت مقالاته في(الشهاب) و (البصائر)غيرهما و نشرت ضمن آثاره غير مرّة.
وفــــــاتــــه:
توفي الشيخ عبد الحميد بن باديس – بعد حياة حافلة بجلائل الأعمال –مساء الثلاثاء 8 ربيع الأول سنة 1359هـ الموافق لـ 16 / 4 / 1940م، و دفن في روضة أسرته، بحي الشهداء قرب مقبرة قسنطينة.
رحمه الله رحمة واسعة و غفر له.

ترجمة الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله

بصوت الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله


اضغط هنـــــــــــــــــــــا (http://fatawa-salafia.forumsdediscussions.com/montada-f11/topic-t808.htm#1037)


نبذة عن حيـاة

الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس - رحمه الله -



هو الإمام المصلح المجدِّد الشيخ عبد الحميد بن محمَّد بن المصطفى بن المكِّي ابن باديس القسنطيني الجزائري، رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقدوة الروحية لحرب التحرير الجزائرية.
وُلد بقسنطينة سنة (1308ﻫ) وسط أسرة من أكبر الأسر القسنطينية، مشهورة بالعلم والفضل والثراء والجاه، عريقة في التاريخ، يمتدُّ نسبُها إلى المعزّ بن باديس الصنهاجي، فهو في مقابل اعتزازه بالعروبة والإسلام لم يُخْفِ أصله الأمازيغي، بل كان يُبدِيه ويُعلِنُه، ولعلَّ من دواعي الافتخار به قيام سلفه بما يحفظ الدين ويصون الشريعة، فقد كان جدُّه الأوَّل يناضل الإسماعيلية الباطنية، وبدع الشيعة في إفريقية، فصار خلفًا له في مقاومة التقليد والبدع والحوادث، ومحاربة الضلال والشركيّات.
وقد أتمَّ حفظ القرآن الكريم في أوَّل مراحل تعلُّمه بقسنطينة في السنة الثالثة عشر من عمره على يد الشيخ «محمَّد المَدَّاسي»، وقُدّم لصلاة التراويح بالناس على صغره، وأخذ مبادئ العربية ومبادئ الإسلام على يد شيخه «حَمدان لُونِيسي»، وقد أثَّر فيه القرآن الكريم وهزَّ كيانه، ليكرِّس فيه بعد ذلك ربع قرن من حياته في محاولة إرجاع الأمَّة الجزائريـة إلى هذا المصدر والنبع الربَّاني بما يحمله من حقيقة توحيدية وهداية أخلاقية، وهو طريق الإصلاح والنهوض الحضاري.
وفي سنة (1327ﻫ) التَحَق الشيخ عبد الحميد بجامع الزيتونة بتونس، فأخذ عن جماعة من كبار علمائها الأجلَّاء، وفي طليعتهم زعيم النهضة الفكرية والإصلاحية في الحاضرة التونسية العلاّمة «محمَّد النخلي القَيْرَوَانِي»، المتوفَّى سنة (1342ﻫ)، والشيخ «محمَّد الطاهر بن عاشور»، المتوفَّى سنة (1393ﻫ)، فضلًا عن مُربِّين آخَرين من المشايخ الذين كان لهم تأثير في نموِّ استعداده، وتعهَّدوه بالتوجيه والتكوين، كالبشير صفر، وسعد العياض السطايفي ومحمَّد بن القاضي وغيرهم، وقد سمحت له هذه الفترة بالاطِّلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من التغيرات السياسية والتحولات الدينية، مثل حركة «جمال الدين الأفغاني» (١)، و«محمَّد عَبدُه»(٢)، و«محمَّد رشيد رضا»(٣) في مصر، و«شَكِيب أَرسَلان»(٤)، و«الكواكبي»(٥) في الشام وغيرهم، فكان لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية، والملازمات المستمرَّة لرجال العلم والإصلاح الأثرُ البالغ في تكوين شخصيَّته ومنهاجه في الحياة.
وبعد تخرّجه وتأهيله بشهادة التطويع (سنة 1330ﻫ) عاد من تونس متأهِّبًا بطموح قويٍّ للتفرُّغ للتدريس المتمثِّل في بدايته في عقد حلقات دراسية بالجامع الكبير، غير أنَّ صعوبات واجهته في بداية نشاطه العلمي حالت دون تحقيق طموحه وآماله، وبعد طول تأمُّل رأى أنَّ من المفيد تزامنًا مع موسم الحجِّ أن يؤدِّي الفريضة مغتنمًا الفرصة في رحلته المشرقية للاتِّصال بجماعة العلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، الأمر الذي يسمح له بالاحتكاك المباشر وتبادل الرأي معهم، والتعرُّف على مواقع الإصلاح الديني، فضلًا عن الاطِّلاع على حقيقة الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية السائدة في المشرق العربي. وفي أثناء وجوده بالحجاز حضر دروسَ العلماء من مختلف البلدان الوافدين إلى هذه البقاع المقدَّسة كالشيخ «حسين الهندي» الذي نصحه بالعودة إلى الجزائر لاحتياجها إلى علمه وفكره، وقد قدَّمه بعض الشيوخ لإلقاء دروسٍ بالمسجد النبوي الذين كانوا يعرفون مستواه، وقد تعرَّف على كثيرٍ من شباب العائلات الجزائرية المهاجرة، مثل: «محمَّد البشير الإبراهيمي» (المتوفّى 1382ﻫ). وقد استفاد الشيخ عبد الحميد بن باديس ـ رحمه الله تعالى ـ من مختلف مدارس الإصلاح الديني بالمشرق التي ظهرت في العالم الإسلامي على يد الشيخ «محمَّد بن عبد الوهَّاب» (٦) المتوفَّى سنة (1206ﻫ)، والذين تأثَّروا بدعوته كالأمير الصنعاني المتوفى سنة (1182ﻫ)، وتلميذه الإمام «محمَّد بن عليّ الشوكاني» المتوفَّى سنة (1250ﻫ)، و«محمَّد رشيد رضا»، المتوفّى سنة (1354ﻫ) وغيرهم، وليس التجديد والإصلاح الديني وليد العصر الحديث فحسب، وإنَّما يضرب بجذوره في أغوار الماضي الإسلامي العريق.
وبعد عودته إلى قسنطينة (سنة 1332ﻫ) أسهم في بلورة الإصلاح الديني ميدانيًّا وتطبيق مناهجه التربوية عمليًّا، وساعده زملاؤه الأفاضل من العلماء الذين شَدُّوا عَضُده وقَوَّوْا زناده، فكان تعاونهم معه في هذه المهمَّة الملقاة على عاتق الدعاة إلى الله تعالى منذ فجر النهضة دافعا قويًّا وعاملًا فعَّالًا في انتشار دعوته وسطوع نجمه، وذيوع صيته، ومن أمثال هؤلاء الذين آزروه وساندوه: الشيخ العربي التبَسِّي، والشيخ محمَّد البشير الإبراهيمي، والشيخ العُقْبِي، والشيخ مبارك الميلي وغيرهم، كـما ساعده أيضًا الواقع الذي كانت تمرُّ به الجزائر بين الحربين العالميتين.
وقد شرع الإمام ابن باديس ـ رحمه الله تعالى ـ في العمل التربوي، وانتهج في دعوته منهجًا يوافق الإصلاح الديني في البُعد والغاية، وإن كان له طابع خاصٌّ في السلوك والعمل يقوم على ثلاثة محاور أساسية، يظهر أعلاها في إصلاح عقيدة الجزائريِّين بالدرجة الأولى، ببيان التوحيد الذي يمثِّل عمود الدعوة السلفية، وما يضادُّه من الشرك؛ ذلك لأنَّ التوحيد هو غايةُ إيجاد الخلق، وإرسالِ الرسل، ودعوةُ المجدِّدين في كلِّ العصور والأزمان، لذلك كانت دعوته قائمة على أخذ العقيدة من الوحيين وعلى فهم الأوَّلِين، والتحذير من الشرك ومظاهره، ومن بدعة التقليد الأعمى، ومن علم الكلام وجنايته على الأُمَّة؛ ذلك لأنَّ من أهمِّ أسباب ضياع التوحيد ابتعادَ الناس عن الوحي وفُشُوَّ علم الكلام والخوض فيه واتِّباع طرق أهله الضالَّة عن سواء السبيل، ومرض الجمود الفكري والركون إلى التقليد والزعم بأنَّ باب الاجتهاد قد أُغلق في نهاية القرن الرابع حيث قال رحمه الله: «كما أُدخِلَت على مذهب أهل العلم بدعة التقليد العامِّ الجامد التي أماتت الأفكار، وحالت بين طلَّاب العلم وبين السُّنَّة والكتاب، وصيَّرتهما ـ في زعم قوم ـ غير محتاج إليهما من نهاية القرن الرابع إلى قيام الساعة، لا في فقه ولا استنباط ولا تشريع، استغناءً عنهما ـ زعموا ـ بكتب الفروع من المتون والمختصرات، فأعرض الطلَّاب عن التفقُّه في الكتاب والسُّنَّة وكتب الأئمَّة، وصارت معانيها الظاهرة ـ بَلْهَ الخفية ـ مجهولة حتَّى عند كبار المتصدِّرين»(٧)، وقال في معرض ذكر منهاج الخارجين عن منهاج السلف من المتكلِّمين والمتصوِّفة وغيرهم: «قلوبنا معرَّضة لخطرات الوسواس، بل للأوهام والشكوك، فالذي يثبِّتـها ويدفع عنها الاضطراب ويربطها باليـقين هو القرآن العظيم، ولقد ذهب قوم مع تشكيكات الفلاسفة وفروضهم، ومُماحكات المتكلِّمين ومناقضاتهم، فما ازدادوا إلَّا شكًّا، وما ازدادت قلوبهم إلَّا مرضًا، حتَّى رجع كثير منهم في أواخر أيَّامهم إلى عقائد القرآن وأدلَّة القرآن، فشُفُوا بعدما كادوا كإمام الحرمين والفخر الرازي»(٨)، وفي مقام آخر حال ترجمته للعلَّامة محمَّد رشيد رضا يقول ـ رحمه الله تعالى ـ: «دعاه شغفه بكتاب «الإحياء» إلى اقتناء شرحه الجليل للإمام المرتضى الحسيني، فلمَّا طالعه ورأى طريقته الأثرية في تخريج أحاديث «الإحياء» فُتِحَ له باب الاشتغال بعلوم الحديث وكتب السُّنّة، وتخلُّص مِمَّا في كتاب «الإحياء» من الخطإ الضارِّ ـ وهو قليل ـ، ولا سيما عقيدة الجبر والتأويلات الأشعرية والصوفية، والغلوّ في الزهد وبعض العبادات المبتدعة»(٩)، وقال أيضًا: «نحن معشر المسلمين قد كان مِنَّا للقرآن العظيم هجر كثير في الزمان الطويل، وإن كنَّا به مؤمنين، بَسَط القرآن عقائد الإيمان كلّها بأدلّتها العقلية القريبة القاطعة، فهجرناها وقلنا: تلك أدلَّة سمعية لا تحصِّل اليقين، فأخذْنا في الطرائق الكلامية المعقَّدة، وإشكالاتها المتعدِّدة، واصطلاحاتها المحدثة، مِمَّا يصعّب أمرها على الطلبة فضلًا عن العامّة»(١٠).
لذلك ظهرت عنايته الأكيدة بتربية الجيل على القرآن وتعليم أصول الدين وعقائده من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، إذ كان همُّه تكوين رجال قرآنيِّين يوجِّهون التاريخ ويُغيِّرون الأُمَّة، وقد تجلَّى ذلك في بعض مقالاته حيث يقول رحمه الله: «فإنَّنا والحمد لله نربِّي تلامذتنا على القرآن من أوَّل يوم، ونوجِّه نفوسهم إلى القرآن في كلّ يوم…».
أمَّا المحور الثاني فيتمثَّل في إصلاح عقلية الجزائريِّين، وذلك بإصلاح العقول بالتربية والتعليم، لتكوين أجيال قائدة في الجزائر، تعمل على بعث نهضة شاملة تخرج بها من حالة الجمود والركود إلى الحيوية والنشاط، وقد كان يرى أنَّ تحقيق هذه النهضة المنشودة يتوقَّف بالدرجة الأولى على إصلاح الفرد الجزائري وتكوينه من الناحية الفكرية والنفسية.
والمحور الثالث يظهر في إصلاح أخلاق الجزائريِّين، ذلك الميدان الذي تدهور كثيرًا نتيجة لفساد العقول وفساد العقيدة الدينية، وقد كانت عنايته به بالغة بتطهير باطن الفرد الذي هو أساس الظاهر، وتهذيب النفوس وتزكيتها وإنارة العقول وتقويم الأعمال، وإصلاح العقيدة حتَّى يعمل الفرد على تغيير ما بنفسه لكي يغيِّر اللهُ ما به من سوء وانحطاط، عملًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11].
هذا، وقد اعتبر الشيخ عبد الحميد بن باديس أنَّ سبيل النجاة والنهوض يكمن في الرجوع إلى فقه الكتاب والسُّنَّة وعلى فهم السلف الصالح، ذلك لأنَّ علماء السلف إن اتَّفقوا فاتِّفاقهم حُجَّة قاطعة، وإن اختلفوا فلا يجوز لأحد أن يخرج عن أقوالهم، وفي هذا المضمون يقول الشيخ ابن باديس رحمه الله: «لا نجاة لنا من هذا التيه الذي نحن فيه، والعذاب المنوَّع الذي نذوقه ونقاسيه، إلَّا بالرجوع إلى القرآن: إلى علمه وهديه، وبناء العقائد والأحكام والآداب عليه، والتفقُّه فيه، وفي السُّنَّة النبوية شرحُه وبيانه، والاستعانةِ على ذلك بإخلاص القصد وصحَّة الفهم والاعتضاد بأنظار العلماء الراسخين والاهتداء بهديهم في الفهم عن ربّ العالمين»(١١).
وفي نصيحة نافعة ووصيَّة جامعة يقول رحمه الله تعالى: «اعلموا جعلكم الله من وعاة العلم ورزقكم حلاوة الإدراك والفهم، وجمَّلكم بعزَّة الاتِّباع، وجنَّبكم ذِلَّة الابتداع أنَّ الواجب على كلِّ مسلم في كلِّ مكان وزمان أن يعتقد عقدًا يتشرَّبه قلبه، وتسكن له نفسه، وينشرح له صدره، ويلهج به لسانه، وتنبني عليه أعماله، أنَّ دين الله تعالى من عقائد الإيمان، وقواعد الإسلام، وطرائق الإحسان، إنَّما هو في القرآن والسنَّة الثابتة الصحيحة وعمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وأنَّ كلَّ ما خرج عن هذه الأصول، ولم يحظ لديها بالقَبول قولًا كان أو عملًا أو عقدًا أو احتمالًا، فإنَّه باطل من أصله، مردود على صاحبه، كائنًا من كان في كلِّ زمان ومكان، فاحفظوها، واعملوا بها تهتدوا وترشدوا إن شاء الله تعالى»(١٢).
ولَـمَّا رأى رحمه الله تعالى أنَّ الحلقات العلمية في المؤسَّسات التربوية والدروس المسجدية لا تفي بنشر دعوته على نطاق واسع وشامل، ولا تحقِّق غاياتِها الساميةَ المسطَّرة لها، إلَّا بتعزيزها بالعمل الصَّحفيِّ مع توفير شروط نجاحه بتأمين مطبعة خاصَّة له على وجه الامتلاك، أقبل على تطبيق فكرته في سبيل الإصلاح وتجديد الدين بتأسيس أوَّل صحيفة جزائرية بالعربية وُسمت ﺑ «المنتقد» كمرحلة معضدة قصد الدخول في التطبيق العملي لمقاومة المناهج العقدية والسلوكية التي كان ينشرها رجال التصوُّف(١٣) وأرباب الطرقية من الزوايا وأماكن الأضرحة والقبور، وقد تغلغل كثير من تلك الضلالات والمعتقدات الفاسدة في صفوف الدهماء والعوامِّ وعند بعض الأوساط المثقَّفة، وتجسّد شعارها في عبارة «اعتقد ولا تنتقد»، وقد كان اختياره لعنوان صحيفته يهدف إلى القضاء على هذا الشعار أوَّلًا، وتحطيم فحواه كدعوة ثانيًا، أي تحذير الناس مِمَّا يحتويه الشعار من ضلالات ومفاسد مبنًى ومعنًى، وإرادة التغيير مع الالتزام بالنقد الهادف ببيان الحقيقة بنزاهة وصدق وإخلاص. غير أنَّ هذه الصحيفة لم تُعمَّر طويلًا وتوقَّفت بسبب المنع الصادر من قبل الحكومة الفرنسية بإيعاز من خصوم الدعوة والحقِّ.
لكن هذا التوقُّف لم يَثْنِ عزيمة الشيخ العلَّامة ابن باديس عن السعي إلى إصدار مجلّة «الشهاب» خلفًا «للمنتقد» تعمل على نفس المبدإ والغاية، وتؤدِّي رسالتها النبيلة بكلِّ صمود، مصدَّرة في الغالب بآيات مفسّرة وأحاديث مشروحة إلى غاية سنة (1358ﻫ).
وقد أخذ الشيخ العلَّامة رحمه الله يكثِّف عمله، ويوسِّع نشاطه، ويعمِّق فكرته، من منبر المسجد والدروس المسجدية إلى منبر المجلَّة إلى دعوة الأوساط السياسية المختلفة إلى الاتحاد والتغيير، مجسِّدًا طموحه بتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريِّين (سنة 1351ﻫ ـ 5 ماي 1932م) برئاسته، فظهر دورها الفعَّال في الإصلاح الديني والاجتماعي على نطاق واسع، وقد تبلور نهجه في الإصلاح بالقضاء على التخلُّف ومظاهره، وتحذير الأُمَّة من الشرك بمختلف أنواعه، وإزالة الجمود الفكري ومحاربة التقاليد والبدع المنكرة، والعادات الشركية المستحكمة، ومقاومة الأباطيل والخرافات المتمكِّنة من المتنكِّرين للتوحيد من الصوفيِّين والقبوريِّين والطرقية وغيرهم، وذلك بتعريف الأُمَّة بدينها الحقِّ، والعمل بتعاليمه وأحكامه، والتحلِّي بفضائله وآدابه، والدعـوة إلى النهضة والحضارة في إطار إصلاح الدين والمجتمع، وذلك بواسطة نشاطات مختلفة.
كان للنشاط الصحفي دور بارز بصفته وسيلة للسياسة والتهذيب بتكوين القادة وتوجيه الطاقات والجهود مسلَّحةً بالعلم والمعرفة، وبثّ الوعي بين الأوساط الشعبية، فأُسِّست:
ـ صحيفة أسبوعية «السنة المحمّدية» (8 ذي الحجّة 1351ﻫ)، ثمَّ خلفتها:
ـ جريدة «الشريعة المطهِّرة» (الصادرة بتاريخ 24 ربيع الأوَّل 1352ﻫ)، ثمَّ تلتها بعد منعها:
ـ صحيفة «الصراط السوي» (الصادرة بتاريخ 21 جمادى الأولى 1352ﻫ)، وهذه الأخيرة أيضًا منعتها الحكومة الفرنسية أسوة بأخواتها، ولكن جمعية العلماء لم تلبث أن أسَّست جريدة «البصائر» (الصادرة بتاريخ أوَّل شوَّال سنة 1354ﻫ)، حيث بقيت هذه الجريدة لسانَ حال الجمعية مستمرَّة في أداء رسالتها بالموازاة مع مجلَّة «الشهاب» التي ظلَّت ملكًا له ومستقلَّة عن الجمعية، حيث كان ينطق فيها باسمه الشخصي لا بوصفه رئيسًا للجمعية حفاظًا على مصير جمعية العلماء وجريدتها التي استمرَّت بعد وفاته إلى غاية (1376ﻫ)، وإن تخلَّل انقطاع في سلسلتها الأولى عند اقتراب الحرب العالمية الثانية.
وفي هذه المرحلة اتّخذ الشيخ عبد الحميد بن باديس شعار «الحقّ، والعدل، والمؤاخاة في إعطاء جميع الحقوق للذين قاموا بجميع الواجبات»، رجاء تحقيق مطالب الشعب الجزائري بطريق سلميّ، ولكنَّه بعد عودة وفد المؤتمر من باريس (1355ﻫ) اقتضت طبيعة المرحلة الجديـدة إزاحته واستبداله بشعار آخر وهو: «لنعتمد على أنفسنا، ولنَتَّكِل على الله»، تعبيرًا عن العزم على الكفاح وغلق القلوب على فرنسا إلى الأبد والاستعداد للدخول في معركة ضارية، كما عبَّر عن ذلك بقوله رحمه الله مخاطبًا الشعب الجزائري: «…وإن ضيَّعت فرنسا فرصتها هذه، فإنَّنا نقبض أيدينا ونغلق قلوبنا إلى الأبد… واعلم أنَّ عملك هذا على جلالته ما هو إلَّا خطوة ووثبة، وراءها خطوات ووثبات، وبعدها إمَّا الحياة وإمَّا الممات»، وهذه الحقيقة عبَّر عنها أيضًا في مقال آخر سنة (1356ﻫ) بلفظ «المغامرة والتضحية» وهي طريق الكفاح والحرب للخلاص من فرنسا، وظلَّ ابن بـاديس وفيًّا لهذا المسلك الشمولي في مواجهته للاستعمار خلال كلِّ سنوات نشاطه السياسي المندرج في نشاطه العامِّ، إلى أن توفِّي مساء الثلاثاء 8 ربيع الأوَّل 1359ﻫ الموافق 16 أفريل 1940م، ودفن بقسنطينة. تغمَّده الله برحمته وأسكنه فسيح جنانه.
هذا، وقد عمل ابن باديس خلال فترات حياته على تقريب القرآن الكريم بين يدي الأُمَّة، مفسِّرًا له تفسيرًا سلفيًّا، سالكًا طريق رُوّاد التفسير بالمأثور، معتمِّدًا على بيان القرآن للقرآن، وبيان السُّنَّة له، آخذًا في الاعتبار أصول البيان العربي، كما كانت عنايته فائقة بالسُّنَّة المطهَّرة وبالعقيدة الصحيحة التي تخدم دعوته الإصلاحية، فوضع كتابه «العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية»، على نهج طريق القرآن في الاستدلال المتلائم مع الفطرة الإنسانية، بعيدًا عن مسلك الفلاسفة ومنهج المتكلِّمين، وحارب البدع والتقليد والشرك ومظاهره والتخلُّف ودعا إلى النهضة والحضارة في إطار إصلاح الدِّين والمجتمع، وقد سانده علماءُ أَفَاضِلُ في دعوته ومهمَّته النبيلة، كما ساعدته خبرته بعلوم العربية آدابِها وقواعدها، لذلك جاء أسلوبه في مختلف كتاباته سهلًا مُمتنعًا، بعيدًا عن التعقيد اللفظي، وكذا شعره الفيَّاض، هذا بغضِّ النظر عمَّا كان عليه من اطِّلاعٍ على المذاهب الفقهية المختلفة كما هو ملموس في فتاويـه المتعدِّدة، فضلًا عن مذهب مالك رحمه الله، ومِن علمٍ بالأصول متمرِّسًا بأسلوبه ومتزوِّدًا بقواعده مع الإدراك الصحيح والفهم التامِّ.
تلك هي بعض الجوانب من حياته وشخصيته وسيرته مختصرة، فرغم الفترة الزمنية القصيرة نسبيًّا التي عاشها ابن باديس رحمه الله إلَّا أنَّ ما خلَّفه من كتابات هامَّة في الصحف والمجلَّات وكتبٍ قيِّمة، كان له أثر بالغ، لا تزال هذه الكتابات والمقالات تُؤخذ منها دروس وعِظات للمتأمِّل، وهي حاليًّا مصدر اهتمام الباحثين داخل القطر الجزائري وخارجه. كلُّ هذه الآثار أحيت ذِكرَه، وخَلَّدت اسمه، وأكَّدت عظمة شخصيته الفكرية وريادته في النهضة والتجديد والإصلاح (١٤).

------------------------
١- هو جمال الدين محمَّد بن صفدر بن عليِّ بن محمَّد الحسينيُّ الشيعيُّ الأفغانيُّ، كان واسع الاطِّلاع في العلوم العقلية والنقلية، له رحلاتٌ طويلةٌ، نُصِّب عضوًا في مجلس المعارف، نفته الحكومة المصرية، ورُمي بالانحراف في الدين وتسخيره لخدمة أعداء الإسلام ومؤاخذاتٍ أخرى، حيث كان رئيسًا لمحفل «كوكب الشرق» الماسوني، وفي باريس أنشأ مع رفيقه محمَّد عبده المصري مجلَّة «العروة الوثقى»: اتَّسمت مقالاتها بتقريب الإسلام إلى الحضارة الغربية والتفكير الغربي الحديث ولم تعمِّر طويلاً، من آثاره «تاريخ الأفغان»، تُوفِّي سنة 1314ﻫ.
انظر ترجمته في: «مشاهير الشرق» لزيدان (2/ 52)، «أعيان الشيعة» للعاملي (16/ 336)، «أعلام الشيعة» لآغا بزرك (1/ 310)، «معجم المؤلِّفين» لكحالة (1/ 502، 3/ 360)، «الاتِّجاهات الوطنية في الأدب المعاصر» لمحمَّد حسين (1/ 153، 328).

٢- هو محمَّد عبده بن خير الله المصري من آل التركماني، فقيهٌ متكلِّمٌ كاتبٌ صحفيٌّ سياسيٌّ، له رحلاتٌ وأنشأ مجلَّة «العروة الوثقى» مع جمال الدين الأفغاني، عُيِّن قاضيًا ثمَّ مفتيًا للديار المصرية، وأُوخذ بانتهاجه -في نشاطه الدعوي- منهجَ التوفيق والتقارب بين الإسلام والحضارة الغربية وغيرها من المؤاخذات، من آثاره: رسالةٌ في وحدة الوجود، و«فلسلفة الاجتماع والتاريخ»، و«شرح نهج البلاغة»، و«شرح البصائر النصيرية»، تُوفِّي سنة 1323ﻫ.
انظر ترجمته في: «مشاهير الشرق» لزيدان (1/ 281)، «كنز الجوهر في تاريخ الأزهر» للزيَّاتي (164)، «الأعلام» للزركلي (7/ 131)، «معجم المؤلِّفين» لكحالة (3/ 474)، «الاتِّجاهات الوطنية في الأدب المعاصر» لمحمَّد حسين (328).

٣- هو محمَّد رشيد بن علي رضا بن محمَّد القلموني، البغدادي الأصل، جمع علومًا كثيرةً منها: التفسير والحديث والتاريخ والأدب وغيرها، لحق بمحمَّد عبده بمصر وأنشأ مجلَّة «المنار»، وجعل موضوعها الأوَّلي الإصلاحَ الديني، وقد انتشرت مجلَّته في العالم الإسلامي، كما أسَّس مدرسة الدعوة والإرشاد، له رحلاتٌ عديدةٌ استقر آخرها بمصر، وانتُخب عضوًا بالمجمع العلمي العربي بدمشق، ورغم مكانته العلمية له -مع الأسف- جملةٌ من المؤاخذات منها: تشكيكه في أحاديث الدجال، وتشكيكه في رفع عيسى بروحه وجسده، وطعنُه في معجزة انشقاق القمر، وطعنه في كعب الأحبار، وتأييده لشيخه محمَّد عبده في جملة مخالفاته ومواقفه.
لمحمَّد رشيد رضا تصانيف منها: تفسير القرآن الكريم لم يكمله، «الوحي المحمَّدي»، «الخلافة والإمامة الكبرى»، توفِّي بالقاهرة فجأةً سنة 1354ﻫ.
انظر ترجمته في: «الأعلام» للزركلي (6/ 361)، «المجدِّدون في الإسلام» للصعيدي (539)، «معجم المؤلِّفين» لكحالة (3/ 293)، «خزائن الكتب العربية» للطرازي (1/ 346)، «الأدب العصري» لمحمَّد سليمان (126).

٤- هو الأمير شكيب بن حمُّود بن الحسن أرسلان اللبناني، كان أديبًا شاعرًا ومؤرِّخًا سياسيًا، أتقن عدَّة لغاتٍ أجنبيةً، وانتُخب عضوًا بالمجمع العلمي العربي بدمشق، له رحلاتٌ كثيرةٌ تعرَّف خلالها على قياداتٍ سياسيةٍ وشخصياتٍ وطنيةٍ ودينيةٍ، ألَّف عدَّة مصنَّفاتٍ منها: «لماذا تأخَّر المسلمون؟»، و«حاضر العالم الإسلامي»، و«الحلل السندسية في الرحلة الأندلسية» و«القول الفصل في ردِّ العامِّيِّ إلى الأصل» و«اتِّسامات اللطاف في خاطر الحاجِّ إلى أقدس مطاف» و«ديوان شعر»، توفِّي ببيروت سنة 1366ﻫ.
انظر ترجمته في: «الأعلام» للزركلي (3/ 251)، «نزهة الألباب» للعامري (215)، «معجم المؤلِّفين» لكحالة (1/ 818)، «روَّاد النهضة الحديثة» لعبُّود (110).

٥- هو عبد الرحمن بن أحمد البهائي بن مسعود بن عبد الرحمن آل الموقت، المشهور بالكواكبي، نسبةً إلى الكواكبية مدرسة أجداده، وهو من أبرز رجال الدين والسياسة في زمانه، كان يلقَّب بالسيِّد الفراتي، تولَّى في شبابه تحرير جريدة «الفرات»، فكان هو المحرِّر العربي والمترجم التركي، وفي خلال خمس سنوات من حياتها أصدر جريدة «الشهباء» ثمَّ جريدة «الاعتدال» مُنعتا حكوميًّا، تولَّى منصب القضاء كما أُسندت إليه وظائفُ حكوميةٌ وإداريةٌ مختلفةٌ، نشر في جريدة «المؤيّد» مقالاته في الاستبداد، له مصنَّفاتٌ منها: «أمُّ القرى»، «طبائع الاستبداد»، «صحائف قريش»، و«العظمة لله»، توفِّي بمصر سنة 1320ﻫ.
انظر ترجمته في: «معجم المؤلِّفين» لكحالة (2/ 72)، «مشاهير الشرق» لزيدان (1/ 322)، «روَّاد النهضة الحديثة» لعبُّود (201)، «الاتِّجاهات الوطنية في الأدب المعاصر» لمحمَّد حسين (250)، «إيضاح المكنون» للبغدادي (2/ 77).

٦- هو محمَّد بن عبد الوهَّاب بن سليمان بن عليٍّ التميمي النجدي، الإمام المصلح والعلاَّمة المجدِّد، رائد النهضة العقدية في العصر الحديث، نصر السنَّة وقمع البدعة ودعا إلى التوحيد وتركِ مظاهر الشرك والوثنية التي أصابت حياة المسلمين العقدية، له مصنَّفاتٌ منها: «كتاب التوحيد»، «أصول الإيمان»، «ثلاثة الأصول»، و«مختصر السيرة النبوية»، و«كشف الشبهات»، توفِّي -رحمه الله- سنة 1206ﻫ.
انظر ترجمته في: «المجد في تاريخ نجد» لابن بشر (1/ 89)، «علماء نجد» للبسَّام (1/ 25)، «عقيدة الشيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب السلفية» للعبُّود (65)، «منهج الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب في مسألة التكفير» للعقل (14)، «تعريف الخلف بمنهج السلف» للبريكان (301).

٧- «الآثار» (5/ 38).

٨- «مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير» (257).

٩- «الآثار» (3/ 85).

١٠- «مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير» (250).

١١- المصدر السابق (252).

١٢- «الآثار» (3/ 222).

١٣- قد كان أوائل الصوفية ملتزمين بالكتاب والسُّنة، غير أنَّ كثيرًا منهم حادوا عن الطريق السويّ وغلوا في البدع والمنكرات والانحرافات في الفكر والسلوك. [انظر: «تلبيس إبليس» لابن الجوزي (211) وما بعدها، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (11/ 18)، «مدارج السالكين» لابن القيّم (1/ 138).

١٤- انظر ترجمته في: «مجلّة اللغة العربية» (21/ 140)، سنة (1966)، «مذكّرات توفيق المدني» (2/ 11)، «مجالس التذكير» و«آثار الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى»، «الشيخ عبد الحميد بن باديس والحركة الإصلاحية السلفية في الجزائر» للدكتور تركي رابح، «الشيخ عبد الحميد بن باديس شيخ المربِّين والمصلحين في الجزائر في العصر الحديث» للدكتور رابح تركي، «الأعلام» للزركلي (4/ 60)، «ابن باديس حيـاته وآثاره» للدكتور عمَّار طالبي (1/ 72)، «معجم أعلام الجزائر» (82)، «معجم المفسّرين» (1/ 259) كلاهما للنويهض، «ابن باديس وعروبة الجزائر» للميلي (9) وما بعدها.


http://m-noor.com/sh...ead.php?t=10860 (http://m-noor.com/showthread.php?t=10860)



http://www.youtube.com/watch?v=p0cbmbiKAE0

djamel0007
2012-05-11, 20:27
................................