المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تغضب..لا تغضب ...لا تغضب


الصديق عثمان
2008-08-31, 01:27
بسم الله الرحمن الرحيم
إن أكثر ما نلاحظه في هذا الزمان وخاصة في شهر رمضان المبارك الدرجة المذهلة التي تصلها نفوس المسلمين من الغضب ما يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها وصلت في بعض الأحيان إلى القتل فحاولت في هذا الموضوع المتواضع الحديث عن الغضب بين ما هو محمود منه وما هو مذموم وبين الترهيب منه والترغيب في تركه ،
و الفقرة الأخيرة من الموضوع-كيفية علاج الغضب بعد هيجانه- فهي منقولة
تعريف الغضب لغة:
قال القرطبي -رحمه الله تعالى- " والغضب في اللغة : الشدة ، ورجل غضوب أي شديد الخلق ، والغضوب الحية الخبيثة ؛ لشدتها , والغضبة : الدرقة من جلد البعير يطوى بعضها على بعض سميت بذلك لشدتها "
حقيقة الغضب:
يقول الشيخ أبي حامد الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين:
اعلم أن الله تعالى خلق الحيوان معرضا للفساد والموتان ،بأسباب في داخل بدنه ،وأسباب خارجية عنه، أنعم عليه بما يحميه عن الفساد ،ويدفع عنه الهلاك ،إلى
أجل معلوم سماه في كتابه ،وأما السبب الداخل ،فهو أنه ركبه من الحرارة والرطوبة ،وجعل بين الحرارة والرطوبة عداوة ومضادة ،فلا تزال الحرارة تحلل الرطوبة ،وتجففها ،وتبخرها ،حتى تصير أجزاؤها بخارا يتصاعد منها،فلو لم تصل بالرطوبة مدد من الغذاء ،يجبر ما انحل وتبخر من أجزائها لفسد الحيوان فخلق الله الغذاء الموافق لبدن الحيوان وخلق في الحيوان شهوة تبعثه على تناول الغذاء ،كالموكل به في جبر ما انكسر ،وسد ما انثلم ،ليكون ذلك حافظا له من الهلاك بهذا السبب .
وأما الأسباب الخارجية التي يتعرض لها الإنسان ،فكالسيف ،والسنان،وسائر المهلكات التي يقصد بها ،فافتقر إلى قوة وحمية تثور في باطنه ،فتدفع المهلكات عنه ،فخلق الله طبيعة الغضب من النار ،وغرزها في الإنسان ،وعجنها بطينته ،فمهما صد عن غرض من أغراضه،ومقصود من مقاصده ،اشتعلت نار الغضب ،وثارت به ثورانا يغلي به دم القلب وينتشر في العروق ،ويرتفع إلى أعالي البدن كما ترتفع النار ،وكما يرتفع الماء الذي في القدر ،فلذلك ينصب إلى الوجه ،فيحمر الوجه والعين،والبشرة لصفائها ،تحكي ما وراءها من حمرة الدم ،كما تحكي الزجاجة لون ما فيها ،وإنما ينبسط الدم إذا غضب على من دونه ،واستشعر القدرة عليه،فإذا صدر الغضب على من فوقه ،وكان معه يأس من الانتقام ،تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلى جوف القلب ،وصار حزنا ولذلك يصفر اللون،وإذا كان الغضب على نظير يشك فيه ،تردد الدم بين انقباض وانبساط ،فيحمر ويصفر ويضطرب .
وبالجملة فقوة الغضب محلها القلب ،ومعناها غليان دم القلب بطلب الانتقام ،وإنما تتوجه هذه القوة عند ثورانها إلى دفع المؤذيات قبل وقوعها ،وإلى التشفي والانتقام بعد وقوعها ،والانتقام قوت هذه القوة وشهوتها ،وفيه لذتها ،ولا تسكن إلا به.

الغضب المحمود والغضب المذموم:
1-قد يكون الغضب غيرة على الدين حينما تنتهك حدود الله أو تحتل أرض من بلاد المسلمين أو يغتصب عرض مسلم فهنا يكون الغضب محمودا وهكذا كان حال سيدنا موسى –عليه السلام- قال الله تعالى :< ولما رجع موسى الى قومه غضبان أسفا ...> ولقد ثمن القرآن هذا النوع من الغضب في نفوس المسلمين وأمرهم به قال تعالى :< محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم> وقال تعالى:< يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم> وقال تعالى :<ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه>
وقد كان الرسول –صلى الله عليه وسلم –أغير خلق الله على دينه وأغضبهم له ،عن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري –رضي الله عنه – قال:<جاء رجل إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-فقال:إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا ،فما رأيت النبي –صلى الله عليه وسلم- غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ ،فقال :أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز ، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة >متفق عليه
وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قدم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل ،فلما رآه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هتكه وتلون وجهه وقال:<يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله> متفق عليه.
إن التفريط في هذا النوع من الغضب يولد قلة الأنفة مما يؤنف منه من التعرض للحرم ،والزوجة والأمة ،وصغر النفس، والقماءة، وهو أيضا مذموم إذ من ثمراته عدم الغيرة على الحرم ،وهو خنوثة قال- صلى الله عليه وسلم- <إن سعدا لغيور وأنا أغير من سعد وإن الله أغير مني> والغيرة خلقت لحفظ الأنساب ولو تسامح الناس بذلك لاختلطت الأنساب ،ولذلك قيل :كل أمة وضعت الغيرة في رجالها ،وضعت الصيانة في نسائها .
2-الغضب المذموم:
ولست في هذه الفقرة بصدد الحديث عن حمية الجاهلية وغضب الكفار والمشركين لانتشار الدين ،أو غضب الناس لتطبيق أمر فرضه الله كتطبيق العدالة وما إلى ذلك بل أقصد غضب المسلم من أخيه لأمر دنيوي وهذا النوع من الغضب لم يكن عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - شيئا قط بيده ، ولا امرأة ، ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله -عز وجل- ولأن الله جعل الرسول-صلى الله عليه وسلم- هو قدوتنا فكان لزاما على المسلم أن يتجنب هذا النوع من الغضب ليتصف بنقيضه فيصبح بذلك حليما والحلم من الخصال التي تنشر المحبة والألفة بين المسلمين وتقتل البغض والضغينة والشحناء وقد جاء القرآن الكريم يحث المسلمين للتحلي بهذه الخصلة ،قال تعالى :<خذ العفو وأمر بالمعروف وأرض عن الجاهلين> وقال تعالى <فاصفح الصفح الجميل >
وفي السنة النبوية جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي –صلى الله عليه وسلم -:هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال :< لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة،إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل ابن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي ،فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ،فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام،فناداني فقال :إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك ،وما ردوا عليك،وقد بعث إليك ملك الجبال ،فسلم عليا ثم قال:يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك ،وأنا ملك الجبال ،وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك ،فما شئت ؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين . فقال النبي –صلى الله عليه وسلم :< بل أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا>متفق عليه.....الأخشبان :الجبلان المحيطان بمكة ،والأخشب هو الجبل الغليظ ،وعن أبي هريرة –رضي الله عنه – أن رجلا قال :با رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ،وأحسن إليهم ويسيئون إلي ،وأحلم عنهم ويجهلون عليا ،فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك> رواه مسلم ...تسفهم :بضم التاء وكسر السين المهملة وتشديد الفاء ،والمل :بفتح الميم وتشديد اللام وهو الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد من الألم ،ولا شيء على المحسن إليهم لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم في حقه وإدخالهم الأذى عليه. –رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين-
وللحلم حظ وافر في حياة الصاحبة والتابعين والصالحين إذ جعلوه زادا لحياتهم وماء يطفئون به إساءة الجهلة والحاسدين فصلحوا وأصلحوا
يروى أن رجلا سب الأحنف بن قيس –وهو يماشيه في الطريق –فلما قرب من المنزل وقف الأحنف وقال :يا هذا ،إن كان بقي معك شيء فقله ها هنا ، فإني أخاف إن سمعك فتيان الحي أن يؤذوك .
وقال رجل لأبي ذر :أنت الذي نفاك معاوية من الشام ؟ لو كان فيك خير ما نفاك ! فقال : يا ابن أخي إن ورائي عقبة كؤودا ،إن نجوت منها لم يضرني ما قلت ،وإن لم أنج فأنا شر مما قلت.
وقال رجل لابي بكر :والله لأسبنك سبا يدخل القبر معك !!قال:معك يدخل لا معي !!
وقال رجل لعمرو بن العاص :والله لأتفرغن لك ،قال هناك وقعت في الشغل ،قال :كأنك تهددني ؟والله لئن قلت لي كلمة لأقولن لك عشرا،قال عمرو:وأنت والله لو قلت لي عشرا لم أقل لك واحدة .
وشتم رجل الشعبي فقال له:إن كنت صادقا فغفر الله لي وإن كنت كاذبا فغفر الله لك.

يقول علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-
البس أخاك على عيوبه واستر وغط على ذنوبه
واصبر على ظلم السفيه وللزمان على خطوبه
ودع الجواب تفضلا وكل الظلوم إلى حسيبه
واعلم أن الحلم عند الغيض أحسن من ركوبه
وقال:
العلم زين فكن للعلم مكتسبا وكن له طالبا ما عشت مقتبسا
أركن إليه وثق بالله واغن به وكن حليما رزين العقل محترسا
ويقول الإمام الشافعي –رحمه الله -:
إذا سبني نذل تزايدت رفعة وما العيب إلا أن أكون مسابيه
ولو لم تكن نفسي عليا عزيزة لمكنتها من كل نذل تحاربه
ولو أنني أسعى لنفعي وجدتني كثير التواني للذي انا طالبه
ولكني أسعى لأنفع صاحبي وعار على الشبعان إن جاع صاحبه
وقال- رحمه الله -:
لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من همي العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيته لأدفع الشر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه كأنه قد حشا قلبي محبات
ولست أسلم من خل يخالطني فكيف أسلم من أهل العداوات
الناس داء وداء الناس قربهم وفي اعتزالهم قطع المودات
قال سالم ابن ميمون الخواص :
إذا نطق السفيه فلا تجبه : فخير من إجابته السكوتُ
سكتُّ عن السفيه فظن أني : عييتُ عن الجواب وما عييتُ
شرار الناس لو كانوا جميعا : قذى في جوف عيني ما قذيتُ
فلستُ مجاوبا أبدا سفيها : خزيتُ لمن يجافيه خزيتُ
أسباب الغضب وكيفية إزالتها:
يقول الشيخ أبي حامد الغزالي –رحمه الله –في كتابه إحياء علوم الدين:
لقد عرفت أن علاج كل علة حسم مادتها ،وإزالة أسبابها ،فلا بد من معرفة أسباب الغضب ،وقد قال يحي لعيسى -عليهما السلام-:أي شيء أشد ؟قال: غضب الله قال فما يقرب من غضب الله ؟قال : أن تغضب ، قال فما يبدي الغضب وما ينبته ؟قال عيسى :الكبر والفخر والتعزز والحمية.
والأسباب المهيجة للغضب هي : الزهو ،والعجب ،والمزاح ،والهزل ،والهزء،والتعبير والمماراة،والمضادة ،والغدر ،وشدة الحرص على فضول المال والجاه،وهي بأجمعها أخلاق رديئة مذمومة شرعا ،ولا خلاص من الغضب مع بقاء هذه الأسباب ، فلا بد من إزالة هذه الأسباب بأضدادها ،فينبغي :
1-أن تميت الزهو بالتواضع ،
2- وتميت العجب بمعرفتك بنفسك ،
3-وتزيل الفخر بأنك من جنس عبدك إذ الناس يجمعهم في الانتساب أب واحد، وإنما اختلفوا في الفضل أشتاتا ،فبنو آدم جنس واحد ،وإنما الفخر بالفضائل ،والفخر والعجب والكبر من أكبر الرذائل،وهي أصلها ورأسها ...
4-وأما المزاح فتزيله بالتشاغل بالمهمات الدينية التي تستوعب العمر وتفضل عنه إذا عرفت ذلك.
5-وأما الهزل فتزيله بالجد في طلب الفضائل والأخلاق الحسنة ،والعلوم الدينية ،التي تبلغك إلى سعادة الآخرة.
6-وأما الهزل فتزيله بالتكرم عن إيذاء الناس ،وبصيانة النفس عن أن يستهزأ بك .
7-وأما التعبير فبالحذر عن القول القبيح ،وصيانة النفس عن مر الجواب ،وأما شدة الحرص على مزايا العيش فتزال بالقناعة بقدر الضرورة ،طلبا لعز الاستغناء ،وترفعا عن ذل الحاجة .
هل الغضب هو الشجاعة؟
ومن أشد البواعث على الغضب عند أكثر الجهال ،تسميتهم الغضب شجاعة ،ورجولية ،وعزة نفس ،وكبر همة ،وتلقيبه بالألقاب المحمودة غباوة وجهلا ،حتى تميل النفس إليه وتستحسنه وهو في الحقيقة مرض قلب ونقصان عقل،وهو لضعف النفس ونقصانها والدليل على أنه ضعف النفس أن المريض أسرع غضبا من الصحيح ،والمرأة أسرع غضبا من الرجل ،والصبي أسرع غضبا من الرجل الكبير ،والشيخ الضعيف أسرع غضبا من الكهل ،وذو الخلق السيئ والرذائل القبيحة أسرع غضبا من صاحب الفضائل قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب >.

نتائج الغضب :
لاشك في أن ما أمرنا به ديننا الحنيف في كل الخير لنا وما نهانا عنه فيه هلاكنا وقد يوفق الإنسان في إيجاد الحكمة من الأمر والتحريم وقد لا يوفق لمحدودية العقل البشري وانطلاقا من هذه القاعدة فقد عدد العلماء السابقين والمعاصرين نتائج غير محمودة للغضب فمنها ما يعيب الخلق ومنها ما يعيب الخلقة.
تأثير الغضب على الخلقة:يقول الشيخ محمد الغزالي –رحمه الله- في كتابه <جدد حياتك> نقلا عن المفكر <ديل كارنيجي> :
ثم يتساءل-يعني ديل كارنيجي-كيف نؤذيك محاولة القصاص؟ إنها قد تودي بصحتك ،كما ذكرت مجلة (لايف ) أن أبرز ما يميز الذين يعانون ضغط الدم هو سرعة انفعالهم،واستجابتهم لدواعي الغيض والحقد.
قال:وأصيبت إحدى معارفي بداء القلب ،فكان كل ما نصحها به الأطباء ألا تدع للغضب سبيلا إليها مهما بلغ الخطب ،فإن المريض بقلبه قد تكفي لحفر قبره غضبة واحدة .
تاثير الغضب على الأخلاق:
إن المرء مع تفاقم الغضب يغيب عنه وعيه ويتسلم الشيطان زمامه فلا يعي ما يقول أو ما يفعل فتراه يسب ويشتم غيره ويغتاب ويحقد ..ويهجر ،ويحسد، ...إلى غير ذلك من سيئ الأخلاق التي نهانا الشرع عنها .
يقول الله تعالى:<والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا >
وعن ابن مسعود –رضي الله عنه –قال :قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:<سباب المسلم فسوق وقتاله كفر> متفق عليه
وعن أنس –رضي الله عنه-أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال:<لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا >
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال:<تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال :أنظروا هذين حتى حتى يصطلحا ،أنظروا هذين حتى يصطلحا >رواه مسلم.

.....يتبع

الصديق عثمان
2008-08-31, 01:33
كيف نعالج الغضب بعد هيجانه؟

( ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء ) ،ومن الأدوية لعلاج داء الغضب :
أولا : الاستعاذة بالله من الشيطان
قال تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (فصلت:36) عن سليمان بن صرد -رضي الله عنه – قال : كنت جالسا مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه , وانتفخت أوداجه , فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ( إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد ) فقالوا له : إن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال : تعوذ بالله من الشيطان ) فقال : وهل بي جنون . قال ابن القيم -رحمه الله تعالى – " وأما الغضب فهو غول العقل يغتاله كما يغتال الذئب الشاة وأعظم ما يفترسه الشيطان عند غضبه وشهوته " .

ثانيا : تغيير الحال
عن أبى ذر -رضي الله عنه -أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) .

ثالثا : ترك المخاصمة والسكوت
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي –رحمه الله تعالى " ومن الأمور النافعة أن تعلم أن أذية الناس لك وخصوصا في الأقوال السيئة لا تضرك بل تضرهم إلا إن أشغلت نفسك في الاهتمام بها , وسوغت لها أن تملك مشاعرك , فعند ذلك تضرك كما ضرتهم , فإن أنت لم تصنع لها بالا , لم تضرك شيئا " .
يخاطبني السفيه بكل قبح : فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما : كعود زاده الإحراق طيبا
عن ابن عباس -رضي الله عنهما -عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال ( علموا وبشروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت ) . قال ابن رجب -رحمه الله تعالى- " وهذا أيضا دواء عظيم للغضب ؛ لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيرا من السباب وغيره مما يعظم ضرره , فإذا سكت زال هذا الشر كله عنده , وما أحسن قول مورق العجلي -رحمه الله- ما امتلأتُ غضبا قط ولا تكلمتُ في غضب قط بما أندم عليه إذا رضيت "
قال سالم ابن ميمون الخواص :
إذا نطق السفيه فلا تجبه : فخير من إجابته السكوتُ
سكتُّ عن السفيه فظن أني : عييتُ عن الجواب وما عييتُ
شرار الناس لو كانوا جميعا : قذى في جوف عيني ما قذيتُ
فلستُ مجاوبا أبدا سفيها : خزيتُ لمن يجافيه خزيتُ
وقيل : ولقد أمر على السفيه يسبني : فمررت ثـمَّتَ قلتُ لا يعنيني
وقال الصفدي :
واستشعر الحلم في كل الأمور ولا : تسرع ببادرة يوما إلى رجل
وإن بليت بشخص لا خلاق له : فكن كأنك لم تسمع ولم يقل

رابعا : الوضوء
عن عطية السعدي -رضي الله عنه - قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ( إن الغضب من الشيطان ؛ وإن الشيطان خلق من النار ، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ) .
وفي حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعا ( ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما رأيتم إلى حمرة عينيه ، وانتفاخ أوداجه فمن أحس بشيء من ذلك فليلصق وضوء ) .

خامسا : استحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ
فمن استحضر الثواب الكبير الذي أعده الله تعالى لمن كتم غيظه وغضبه كان سببا في ترك الغضب والانتقام للذات , وبتتبع بعض الأدلة من الكتاب والسنة نجد جملة من الفضائل لمن ترك الغضب منها :
1/ الظفر بمحبة الله تعالى والفوز بما عنده قال تعالى ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:134) ومرتبة الإحسان هي أعلا مراتب الدين .
وقال تعالى ( فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (الشورى:37) .
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ( ثلاثة مَن كنَّ فيه آواه الله في كنفه , وستر عليه برحمته وأدخله في محبته ) قيل : ما هن يا رسول الله ؟ قال : ( مَن إذا أُعطي شكر , وإذا قَدر غفر , وإذا غَضب فتر ) .
2/ ترك الغضب سبب لدخول الجنة
عن أبي الدرداء -رضي الله عنه – قال : قلت : يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة . قال : ( لا تغضب ولك الجنة )
3/ المباهاة به على رؤوس الخلائق
عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال ( مَن كظم غيظا وهو يقدر على أن ينفذه دعاه الله على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحور شاء )
4/ النجاة من غضب الله تعالى
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال : قلت يا رسول الله ما يمنعني من غضب الله ؟ قال ( لا تغضب ) (فالجزاء من جنس العمل ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله تعالى خيرا منه.
وقال أبو مسعود البدري –رضي الله عنه- : كنت أضرب غلاما لي بالسوط فسمعت صوتا من خلفي ( اعلم أبا مسعود ) فلم أفهم الصوت من الغضب قال : فلما دنا مني إذا هو رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فإذا هو يقول : ( اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود ) قال : فألقيت السوط من يدي . فقال : ( اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام ) قال : فقلت لا أضرب مملوكا بعده أبدا .
وكان أبو الدرداء –رضي الله عنه - يقول " أقرب ما يكون العبد من غضب الله إذا غضب واحذر أن تظلم من لا ناصر له إلا الله "
5/ زيادة الإيمان
قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ( وما من جرعة أحب إلي من جرعة غيظ يكظمها عبد ، ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيمانا ) .
6/ كظم الغيظ من أفضل الأعمال
عن ابن عمر -رضي الله عنهما-قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- (ما من جرعة أعظم أجرا ثم الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله ) .
قال ابن تيمية –رحمه الله تعالى-: " ما تجرع عبد جرعة أعظم من جرعة حلم عند الغضب ، وجرعة صبر عند المصيبة ، وذلك لأن أصل ذلك هو الصبر على المؤلم ، وهذا هو الشجاع الشديد الذي يصبر على المؤلم ، والمؤلم إن كان مما يمكن دفعه أثار الغضب ، وإن كان مما لا يمكن دفعه أثار الحزن ، ولهذا يحمر الوجه عند الغضب لثوران الدم عند استشعار القدرة ، ويصفر عند الحزن لغور الدم عند استشعار العجز " .

سادسا : الإكثار من ذكر الله تعالى
قال تعالى ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28) فمن اطمئن قلبه بذكر الله تعالى كان أبعد ما يكون عن الغضب قال عكرمة -رحمه الله تعالى -في قوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ )(الكهف:24) " إذا غضبت " .

سابعا : العمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أوصني . قال ( لا تغضب ) فردد مرارا قال (لا تغضب ) . وهنيئا لمن امتثل هذه الوصية وعمل بها ولا شك أنها وصية جامعة مانعة لجميع المسلمين ، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي –رحمه الله تعالى-" هذا الرجل ظن أنها وصية بأمر جزئي , وهو يريد أن يوصيه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بكلام كلي , ولهذا ردد . فلما أعاد عليه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- , عرف أن هذا كلام جامع , وهو كذلك ؟ فإن قوله : ( لا تغضب ) يتضمن أمرين عظيمين : أحدهما : الأمر بفعل الأسباب , والتمرن على حسن الخلق , والحلم والصبر , وتوطين النفس على ما يصيب الإنسان من الخلق , من الأذى القولي والفعلي . فإذا وفق لها العبد , وورد عليه وارد الغضب , احتمله بحسن خلقه , وتلقاه بحلمه وصبره , ومعرفته بحسن عواقبه , فإن الأمر بالشيء أمر به , وبما لا يتم إلا به , والنهي عن الشيء أمر بضده , وأمر بفعل الأسباب التي تعين العبد على اجتناب المنهي عنه , وهذا منه . الثاني : الأمر - بعد الغضب - أن لا ينفذ غضبه : فإن الغضب غالبا لا يتمكن الإنسان من دفعه ورده , ولكنه يتمكن من عدم تنفيذه . فعليه إذا غضب أن يمنع نفسه من الأقوال والأفعال المحرمة التي يقتضيها الغضب . فمتى منع نفسه من فعل آثار الغضب الضارة , فكأنه في الحقيقة لم يغضب . وبهذا يكون العبد كامل القوة العقلية , والقوة القلبية "
قال ميمون بن مهران : جاء رجل إلى سلمان -رضي الله عنه -فقال : يا أبا عبد الله أوصني . قال : لا تغضب . قال : أمرتني أن لا أغضب وإنه ليغشاني ما لا أملك . قال : فإن غضبت فاملك لسانك ويدك .

ثامنا : النظر في نتائج الغضب
فكثير الغضب تجده مصابا بأمراض كثيرة كالسكري والضغط والقولون العصبي وغيرها مما يعرفها أهل الاختصاص , كما أنه بسببه تصدر من الغاضب تصرفات قولية أو فعلية يندم عليها بعد ذهاب الغضب روي عن علي -رضي الله عنه- أنه قال " لذة العفو يلحقها حمد العاقبة , ولذة التشفي يلحقها ذم الندم " . وقيل : من أطاع الغضب أضاع الأرب .
وقال الكريزي :
ولم أر في الأعداء حين اختبرتهم : عدوا لعقل المرء أعدى من الغضب
وقال ابن رجب -رحمه الله تعالى- " والغضب هو غليان دم القلب المؤذي عنه خشية وقوعه أو طلبا للانتقام ممن حصل له منه الأذى بعد وقوعه ، وينشأ من ذلك كثير من الأفعال المحرمة كالقتل والضرب وأنواع الظلم والعدوان ، وكثير من الأقوال المحرمة كالقذف والسب والفحش , وربما ارتقى إلى درجة الكفر كما جرى لجبلة بن الأيهم " وكثيرا ما نسمع أن والدا قتل ولده ، أو ولدا قتل والده فضلا عن غيرهم بسبب الغضب ، وكم ضاع من خير وأجر وفضل بسبب الغضب ، وكم حلت من مصيبة ودمار وهلاك بسبب الغضب ، وبسبب ساعة غضب قطعت الأرحام ، ووقع الطلاق ، وتهاجر الجيران ، وتعادى الإخوان ، وقامت بين الدول الحروب ... عن وائل -رضي الله عنه- قال : إني لقاعد مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة فقال : يا رسول الله هذا قتل أخي . فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ( أقتلته ) ؟ فقال : إنه لو لم يعترف أقمت عليه البينة . قال : نعم قتلته . قال : ( كيف قتلته ) ؟ قال : كنت أنا وهو نحتطب من شجرة فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على قرنه فقتلته .
قال مروان بن الحكم في وصيته لابنه عبد العزيز : " وإن كان بك غضب على أحد من رعيتك فلا تؤاخذه به عند سورة الغضب ، واحبس عنه عقوبتك حتى يسكن غضبك ثم يكون منك ما يكون وأنت ساكن الغضب منطفئ الجمرة فإن أول من جعل السجن كان حليما ذا أناة " .
وكتب عمر بن عبد العزيز –رحمه الله تعالى-إلى عامل من عماله " أن لا تعاقب عند غضبك ، وإذا غضبت على رجل فاحبسه فإذا سكن غضبك فأخرجه فعاقبه على قدر ذنبه "
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى – " إن الغضب مرض من الأمراض ، وداء من الأدواء فهو في أمراض القلوب نظير الحمى والوسواس والصرع في أمراض الأبدان فالغضبان المغلوب في غضبه كالمريض والمحموم والمصروع المغلوب في مرضه والمبرسم المغلوب في برسامه " وقال -رحمه الله تعالى – " إذا اقتدحت نار الانتقام من نار الغضب ابتدأت بإحراق القادح ، أَوْثِقْ غضبك بسلسلة الحلم فإنه كلب إن أفلت أتلف "
وقال المعتمر بن سليمان : كان رجل ممن كان قبلكم يغضب , ويشتد غضبه فكتب ثلاث صحائف , فأعطى كل صحيفة رجلا , وقال للأول : إذا اشتد غضبي فقم إلي بهذه الصحيفة وناولنيها . وقال للثاني : إذا سكن بعض غضبي فناولنيها . وقال للثالث : إذا ذهب غضبي فناولنيها . وكان في الأولى : اقصر فما أنت وهذا الغضب إنك لست بإله إنما أنت بشر يوشك أن يأكل بعضك بعضا . وفي الثانية : ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء . وفي الثالثة : احمل عباد الله على كتاب الله فإنه لا يصلحهم إلا ذاك .

تاسعا : أن تعلم أن القوة في كظم الغيظ ورده
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال ( ليس الشديد بالصُّرَعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) . قال ابن القيم –رحمه الله تعالى – " أي مالك نفسه أولى أن يسمى شديدا من الذي يصرع الرجال " .
وقال ابن تيمية –رحمه الله تعالى – " ولهذا كان القوي الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب حتى يفعل ما يصلح دون ما لا يصلح فأما المغلوب حين غضبه فليس هو بشجاع ولا شديد "
وقال الزرقاني -رحمه الله تعالى- " لما كان الغضبان بحالة شديدة من الغيظ , وقد ثارت عليه شدة من الغضب , فقهرها بحلمه , وصرعها بثباته ، وعدم عمله بمقتضى الغضب كان كالصرعة الذي يصرع الرجال ولا يصرعونه " .
ليست الأحلام في حال الرضا : إنما الأحلام في حال الغضب
وعن أنس -رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مر بقوم يصطرعون فقال ( ما هذا ) ؟ فقالوا : يا رسول الله فلان ما يصارع أحدا إلا صرعه . فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم – ( أفلا أدلكم على مَن هو أشد منه رجل ظلمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه ) .
ألا إن حلم المرء أكـرم نسبة : تسامى بها عند الفخار حليم
فياربِّ هب لي منك حلما فإنني : أرى الحلم لم يندم عليه كريم
قال المسترشد بالله في وصيته لقاضيه علي بن الحسين الزينبي " أن يجعل التواضع والوقار شيمته , والحلم دأبه وخليقته , فيكظم غيظه عند احتدام أواره واضطرام ناره مجتنبا عزة الغضب الصائرة إلى ذلة الاعتذار " .

عاشرا : قبول النصيحة والعمل بها
فعلى من شاهد غاضبا أن ينصحه ، ويذكره فضل الحلم ، وكتم الغيظ ، وعلى المنصوح قبولُ ذلك قال ابن عباس -رضي الله عنهما- استأذن الحر بن قيس لعيينة فأذن له عمر فلما دخل عليه قال : هي يا ابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزْل( أي العطاء الكثير) ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى همَّ به . فقال له الحر : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف:199) وإن هذا من الجاهلين . والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه , وكان وقافا عند كتاب الله . قال ابن القيم رحمه الله تعالى :" وهكذا الغضبان فإنه إذا اشتد به الغضب يألم بحمله فيقول ما يقول ، ويفعل ما يفعل ؛ ليدفع عن نفسه حرارة الغضب فيستريح بذلك , وكذلك يلطم وجهه , ويصيح صياحا قويا , ويشق ثيابه , ويلقي ما في يده ؛ دفعا لألم الغضب , وإلقاء لحمه منه , وكذلك يدعو على نفسه وأحب الناس إليه فهو يتكلم بصيغة الطلب والاستدعاء والدعاء , وهو غير طالب لذلك في الحقيقة فكذلك يتكلم بصيغة الإنشاء وهو غير قاصد لمعناها , ولهذا يأمر الملوك وغيرهم عند الغضب بأمور يعلم خواصهم أنهم تكلموا بها دفعا لحرارة الغضب وأنهم لا يريدون مقتضاها فلا يمتثله خواصهم بل يؤخرونه فيحمدونهم على ذلك إذا سكن غضبهم , وكذلك الرجل وقت شدة الغضب يقوم ليبطش بولده أو صديقه فيحول غيره بينه وبين ذلك فيحمدهم بعد ذلك كما يحمد السكران والمحموم ونحوهما من يحول بينه وبين ما يهم بفعله في تلك الحالة "
والحلم آفته الجهل المضرُّ به : والعقل آفته الإعجاب والغضب

الحادي عشر : أخذ الدروس من الغضب السابق
فلو استحضر كل واحد منا قبل أن يُنفذ غضبه الحاضر ثمرةَ غضبٍ سابقٍ ندم عليه بعد إنفاذه لما أقدم على ما تمليه عليه نفسه الأمارة بالسوء مرة ثانية , فمنع الغضب أسهل من إصلاح ما يفسده قال ابن حبان –رحمه الله تعالى – " سرعة الغضب من شيم الحمقى كما أن مجانبته من زي العقلاء , والغضب بذر الندم فالمرء على تركه قبل أن يغضب أقدر على إصلاح ما أفسد به بعد الغضب "
لا تغضبن على قوم تحبهم : فليس ينجيك من أحبابك الغضب.

الثاني عشر : اجتناب وإزالة أسباب الغضب : وقد ذكرت جملة منها .
قال الشيخ السعدي –رحمه الله تعالى – " ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم : السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم , وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور , وذلك بنسيان ما مضى من المكاره التي لا يمكنه ردُّها , ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال , وأن ذلك حمق وجنون " .

الثالث عشر : معرفة أن المعاصي كلها تتولد من الغضب والشهوة فتركه إغلاق لباب من أبواب العصيان :
قال ابن القيم رحمه الله تعالى " ولما كانت المعاصي كلها تتولد من الغضب والشهوة , وكان نهاية قوة الغضب القتل , ونهاية قوة الشهوة الزنى جمع الله –تعالى- بين القتل والزنى , وجعلهما قرينين في سورة الأنعام , وسورة الإسراء , وسورة الفرقان , وسورة الممتحنة , والمقصود أنه سبحانه أرشد عباده إلى ما يدفعون به شر قوتي الغضب والشهوة من الصلاة والاستعاذة " .

الرابع عشر : قال ابن حبان -رحمه الله تعالى- " لو لم يكن في الغضب خصلة تذم إلا إجماع الحكماء قاطبة على أن الغضبان لا رأي له لكان الواجب عليه الاحتيال لمفارقته بكل سبب " ، لذا فقد قال النبي –صلى الله عليه وآله وسلم – ( لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان ) ،قال ابن القيم –رحمه الله تعالى- " إن الفقهاء اختلفوا في صحة حكم الحاكم في الغضب على ثلاثة أقوال وهي ثلاثة أوجه في مذهب احمد : أحدها : لا يصح و لا ينفذ ؛ لأن النهي يقتضي الفساد . والثاني : ينفذ . والثالث : إن عرض له الغضب بعد فهم الحكم نفذ حكمه , وإن عرض له قبل ذلك لم ينفذ " ، وقال معللا المنع " إنما كان ذلك لأن الغضب يشوش عليه قلبه وذهنه , ويمنعه من كمال الفهم , ويحول بينه وبين استيفاء النظر , ويعمي عليه طريق العلم والقصد " ، لهذا كان من وصية أمير المؤمنين عمر لأبي موسى الأشعري –رضي الله عنهما- في القضاء " وإياك والغضب والقلق والضجر " .
فلنترك الغضب أيها الأخوة حفاظا على سلامتنا وسلامة غيرنا ولنجعل العلم والحلم مقرونين في نفوسنا حينها نستطيع بناء مجتمع مترابط كالبنيان المرصوص ،تقبلوا مني جمع هذه المعلومات وهذه النصائح على ان الموضوع ربما تكون به أخطاء تحتاج الى تصحيح فلا تترددوا في تصحيحها .

ابومحمد
2008-08-31, 09:01
قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ( وما من جرعة أحب إلي من جرعة غيظ يكظمها عبد ، ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيمانا http://www.moveed.com/data/media/1/loqmanhakeem.jpg

ابومحمد
2008-08-31, 09:04
بارك الله فيك اخي الصديق على الموضوع الذي هو في وقته ونحن في امس الحاجة الى التذكير في مثل مواضيع كهذه .ت م

الصديق عثمان
2008-09-01, 00:38
بارك الله فيك اخي الصديق على الموضوع الذي هو في وقته ونحن في امس الحاجة الى التذكير في مثل مواضيع كهذه .ت م

وفيك بارك ...شكرا على الاضافة والتعقيب.
كنت أتمنى أن يثبت هذا الموضوع كي يرافقنا على الأقل في شهر رمضان.

سلاف26
2009-03-29, 16:05
جزاك الله كل خير أخي الصديق عثمان على موضوعك و الغضب يجعلنا نصاب بأمراض كثيرة و يؤثر على صحتنا سلبا
مشكور على الموضوع

حمادة المصرى
2009-03-29, 17:01
اخى الصديق عثمان
اولا جزاك الله خير ا على هذا الموضوع القيم
الذى تحت فى امس الحاجه اليه
لاننا اصبحنا نغضب لاتفه الاسباب
شكرا اخى مرة اخرى المجهود والوقت
الذى اخذته فى اعداد هذا الموضوع


http://up111.arabsh.com/s/ze9kdcr4tc.gif



http://up111.arabsh.com/s/e5uut3rnt0.gif

http://up111.arabsh.com/s/ie7jenrbzi.gif

العائد اليكم
2009-03-29, 17:05
شكراااااااااااا اخي والله موضوعك من المواضيع الهادفة التي قلت في منتدانا والغضب هو داء العصر خاصة عند الشعوب العربية

نورالدين17
2009-03-29, 17:13
مع أن كل شيء يثير الغضب الا أنه علينا أن نبتعد عنه لأنه مثل النار لا يترك شيئا الا وحوله لرماد....

داوود
2009-03-29, 17:36
بارك الله فيك

صالح القسنطيني
2009-03-29, 17:37
السلام عليك و رحمة الله و بركاته

أستاذنا موضوع جميل.......... و الصراحة طويل ((أنا كسول الآن هههههههههه))

لكن قرأت منه.......

لذا جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

و حتما سأرجع لقراءته -- بدون مناقشة ههههههههه- قراءة المستفيد- إن شاء الله -

فقد اعجبتني نقولاته و الشعر الذي تضمنه

تحية احترام و تقدير مني لأستاذنا و صديقنا الصديق.

الصديق عثمان
2009-03-29, 17:39
جزاك الله كل خير أخي الصديق عثمان على موضوعك و الغضب يجعلنا نصاب بأمراض كثيرة و يؤثر على صحتنا سلبا
مشكور على الموضوع

بارك الله فيك أختي سلاف ، على أن أعدت هذا الموضوع للواجهة ، والله أعجز عن شكرك لكنني أترك جزاءك لله ، فاللهم جازيها كل الخير الذي تتمناه ........ يارب

الصديق عثمان
2009-03-29, 17:41
اخى الصديق عثمان
اولا جزاك الله خير ا على هذا الموضوع القيم
الذى تحت فى امس الحاجه اليه
لاننا اصبحنا نغضب لاتفه الاسباب
شكرا اخى مرة اخرى المجهود والوقت
الذى اخذته فى اعداد هذا الموضوع


http://up111.arabsh.com/s/ze9kdcr4tc.gif



http://up111.arabsh.com/s/e5uut3rnt0.gif

http://up111.arabsh.com/s/ie7jenrbzi.gif





بارك الله فيك أخي حمادة على المرور العطر والكلام الطيب ... دمت أخا لنا

الصديق عثمان
2009-03-29, 17:43
شكراااااااااااا اخي والله موضوعك من المواضيع الهادفة التي قلت في منتدانا والغضب هو داء العصر خاصة عند الشعوب العربية

بارك الله فيك على المرور العطر والكلام الطيب ....شكرا

الصديق عثمان
2009-03-29, 17:45
مع أن كل شيء يثير الغضب الا أنه علينا أن نبتعد عنه لأنه مثل النار لا يترك شيئا الا وحوله لرماد....

شكرا أخي نور الدين ......... بارك الله فيك على طيب كلامك وحسن صنيعك

الصديق عثمان
2009-03-29, 17:46
بارك الله فيك

شكرا أخي داوود .... بارك الله فيك

الصديق عثمان
2009-03-29, 17:51
السلام عليك و رحمة الله و بركاته

أستاذنا موضوع جميل.......... و الصراحة طويل ((أنا كسول الآن هههههههههه))

لكن قرأت منه.......

لذا جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

و حتما سأرجع لقراءته -- بدون مناقشة ههههههههه- قراءة المستفيد- إن شاء الله -

فقد اعجبتني نقولاته و الشعر الذي تضمنه

تحية احترام و تقدير مني لأستاذنا و صديقنا الصديق.

شكرا على المرور أخي صالح ..........
هذه المرة غلبتك لأن الموضوع لا يناقش فأغلبه آيات أحاديث وأقوال العضماء :d
انتظر موضوع آخر ...........شكرا

ذات النورين
2009-03-30, 21:12
والله اخي الكريم بارك الله فيك على هذا الموضوع فنحن حقا بحاجة اليه
فنظرا لكثرة المشاكل التي يواجهها الفرد في حياته اليومية فانه اصبح يضطرب لاتفه الاسباب ودون شعور منه وكانه في مرحلةاللاشعور في قوقعة ادخله فيها العدو اللعين المسمى بالغضب فاحيانا وهو في غمرة هذا الصراع قد يتفوه او يقوم بتصرفات لا تمت لشخصيته الحقيقية بصلة وقد يفقد جراء ذلك اشياء يصعب استرجاعها
ومشكور اخي ايضا لسردك لكيفية التخلص او بالاحرى لكيفية الوقاية من هذا المرض اللعين
حتى يتبعها كل من لا يملك زمام الامور ساعة التعرض الى عوامل قد تبعث النفس للغضب فالشديد من يمتلك نفسه عند الغضب ليس في رمضان فقط بل في الحياة عموما
ولكم الخيار يا اولي الالباب فا لنهج الخير ظاهر لمن يريد اتباعه فيصلح حاله وليس على احد حجة بعد ذلك
وشكرا

jiji rap
2009-03-30, 21:19
جزاك الله الف خير

tejdna
2009-03-30, 21:32
نتيجة الغضب دائما لا تحمد عقباها
je n'arrive jamais à contenir ma rage lorsqu'elle vient
احب ان اكون من الذين يكضمون غيضهم

KhaledMadridi
2009-03-30, 21:37
http://img10.imageshack.us/img10/4060/post21143412486.gif

الصديق عثمان
2009-03-30, 21:55
والله اخي الكريم بارك الله فيك على هذا الموضوع فنحن حقا بحاجة اليه
فنظرا لكثرة المشاكل التي يواجهها الفرد في حياته اليومية فانه اصبح يضطرب لاتفه الاسباب ودون شعور منه وكانه في مرحلةاللاشعور في قوقعة ادخله فيها العدو اللعين المسمى بالغضب فاحيانا وهو في غمرة هذا الصراع قد يتفوه او يقوم بتصرفات لا تمت لشخصيته الحقيقية بصلة وقد يفقد جراء ذلك اشياء يصعب استرجاعها
ومشكور اخي ايضا لسردك لكيفية التخلص او بالاحرى لكيفية الوقاية من هذا المرض اللعين
حتى يتبعها كل من لا يملك زمام الامور ساعة التعرض الى عوامل قد تبعث النفس للغضب فالشديد من يمتلك نفسه عند الغضب ليس في رمضان فقط بل في الحياة عموما
ولكم الخيار يا اولي الالباب فا لنهج الخير ظاهر لمن يريد اتباعه فيصلح حاله وليس على احد حجة بعد ذلك
وشكرا

شكرا على الاضافة الطيبة

الصديق عثمان
2009-03-30, 21:56
http://img10.imageshack.us/img10/4060/post21143412486.gif


بارك الله فيك أخي خالد
مبارك الوسام والنجاح ومزيدا من النجاح