كمال الدين_19
2011-03-07, 22:07
(584 - 642 م) صحابي جليل و قائد و مخطط عسكري مسلم ، يعد من أعظم العقليات العسكرية في تاريخ البشرية ، غزا بلاد الفرس ، و إحتل بلاد الروم ، فيما يعتبر حاليا معجزة عسكرية لا تصدق ، لقب بسيف الله المسلول
نسبــــه
هو أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة ، ينتهي نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي الجد السابع للنبي (صلى الله عليه وسلم) و أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أمه هي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية ، و أبوه هو ( عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي ) ، من أثرياء قريش و له مكانة رفيعة بين رجالها عرف عنه حسن التفكير و التدبير و كان سادة قريش يستشيرونه في كل الأمور الهامة من شئون القبيلة
له 6 من الإخوة الرجال و هم : ( العاص ) و ( أبو قيس ) و ( عبد شمس ) و ( عمارة ) و ( هشام ) و ( الوليد ) ، إثنتين من الأخوات الإناث هما : ( فاطمة ) و ( فاضنة )
عمه ( أبو أمية بن المغيرة ) كان معروفا في بني مخزوم بالرأي الصارم و قوة الشخصية و هو الذي إحتكمت إليه قبائل قريش للفصل في نزاعهم علي وضع الحجر الأسود في الكعبة و قد توفي قبل ظهور الإسلام و عمه الآخر ( هشام بن المغيرة ) كان من سادات قريش و أشرافها ، و هو الذي قاد بني مخزوم في ( حرب الفجار )
نشــــأتــــــه
ولد خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي في مكة كان إسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة ، حيث قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) : " الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير " ولد لأب شديد الثراء و رفيع النسب و المكانة هو الوليد بن المغيرة الذي قال فيه الله تعالي في كتابه الحكيم القرآن " ذرني ومن خلقت وحيداً " و أمه هي لبابة بنت الحارث الهلالية وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما يمتد نسب خالد بن الوليد إلى الجد السابع للنبي (محمد) ، تعلم الفروسية منذ صغره مبدياً فيها براعة مميزة ، جعلته يصبح أحد قادة فرسان قريش كان خالد بن الوليد مترددا فى النظر للإسلام ، و حارب المسلمين فى غزوتي أحد و الأحزاب و لم يحارب فى بدر لأنه كان فى بلاد الشام وقت وقوع الغزوة الأولى بين المسلمين و مشركي قريش ، غير أنه بدأ يميل إلى الإسلام و أسلم بعد صلح الحديبية ، رغم أنه كان صاحب دور رئيسي في هزيمة المسلمين في غزوة أحد فى نهاية الغزوة بعد أن قتل من بقي من الرماة المسلمين على جبل أحد و إلتف حول جيش المسلمين و طوقهم من الخلف و قام بهجوم أدى إلى إرتباك صفوف جيش المسلمين
مـــا قبـل إســـلامــه
كان خالد بن الوليد كغيره من أبناء قريش معاديًا للإسلام رافضا لهذه الرسالة الجديدة التي أتي بها النبي (صلى الله عليه وسلم) و المسلمين الذين آمنوا به و إتبعوه ، و التي قلبت أوجه حياة كل قبائل العرب رأسا علي عقب ، و قد كان معروفاً عن خالدبن الوليد أنه شديد التحامل علي المسلمين ، لذا فقد كان خالد دائما في طليعة المقاتيلن في كل المعارك التي دارت بين المشركين و المسلمين في مرحلة ما قبل إسلامه
وكان له دور بارز في إحراز النصر للمشركين على المسلمين في غزوة ( أحد ) ، حينما إستخدم تكتيكاً عسكرياً ما زال يدرس بإسمه حتي الآن في كبري الأكاديميات العسكرية ، فقد إستغل نزول رماة السهام المسلمين من علي الجبل للمشاركة في جمع الغنائم فدار خالد حول الطريق الذي تفر منه فلول المشركين المنهزمة و قطعه بطريقة عرضية ليلتف خلف خطوط المسلمين بطريقة غير مسبوقة و فاجأ القوات الإسلامية بطريقة فرضت عليهم العشوائية و الفوضي مما أعاد جانباً كبيراً من النصر إلي صفوف المشركين
كان خالد أيضا أحد فرسان قريش في غزوة الخندق الذين كانوا يتناوبون المرور علي محيط الخندق للعثور علي نقطة صالحة للدخول ، كما تولي خالد بن الوليد حماية مؤخرة جيش المشركين حينما قرروا الإنسحاب بعدما فشلوا في إقتحام الخندق
و في غزوة الحديبية قاد خالد بن الوليد كتيبة من مائتي فارس خرجت لملاقاة النبي ( صلي الله عليه و سلم ) و أصحابه لمنعهم من دخول مكة
و قد أسفر الأمر عن عقد معاهدة بين المسلمين و المشركين عرفت بإسم ( صلح الحديبية )
إســـــلامــــه
أسلم خالد في شهر صفر من السنة الثامنة الهجرية ، قبل فتح مكة بستة أشهر ، و قبل غزوة مؤتة بنحو شهرين ، و ذهب ليعلن إسلامه بين يدي الرسول صل الله عليه و سلم برفقة صديقه عمرو بن العاص ، و من وقتها فقد تحول كره خالد بن الوليد الشديد للإسلام و المسلمين إلي بداية حالة نادرة من التألق الفكري و الذهني في خدمة الإسلام إلي أن أصبح من أعظم المخططين العسكريين في تاريخ البشرية
مــولد الأسطورة فــي غــزوة مــؤتــة
شارك خالد فى أول غزواته فى غزوة مؤته ضد الغساسنة و الروم و ظهرت عبقريته العسكرية في هذه الغزوة حيث كان قوام جيش المسلمين 3000 مقاتل خرجوا للحرب في الأردن بسبب شرحبيل بن عمرو الغساني ، و كان حاكما بإسم الروم في المنطقة التي تعرف الآن بإسم الأردن ، فقد إعترض الحارث بن عمير الأزدي الذي كان يحمل رسالة من النبي (صلي الله عليه و سلم) إلى حاكم بصرى الشام يدعوه للإسلام فإعتقله ثم قام بصلبه بعدها بأيام
حينها قرر الرسول ( صلي الله عليه و سلم ) بعد التشاور مع المسلمين معاقبة مرتكبي هذه الجريمة و في ذات الوقت إرسال رسالة ضمنية إلي من يقفون خلف مرتكبيها بأن الدولة الإسلامية قد أصبح لها أنياب و تذكيرهم بأن دماء المسلمين لن تكون بلا ثمن بعد الآن
جهز الرسول ( عليه الصلاة و السلام ) جيشاً من 3000 مقاتل و كان يعد أكبر جيش إسلامي يخرج للحرب في ذلك الوقت و أسند القيادة لزيد بن حارثه و أوصي بأن يتولي جعفر بن أبي طالب من بعده و من بعده عبد الله بن رواحه و هو ما يعرف الآن بالتسلسل القيادي لمنع إنهيار تماسك القوات
توجه هذا الجيش في مطلع السنة الثامنة من الهجرة إلى منطقة الكرك جنوبي الأردن ليفاجأ زيد بن حارثة قائد الجيش بأن قوام الجيش الرومي يقترب من 170.000 مقاتل بين قوات رومية و قوات عربية و قبائل مجاورة تأتمر بأمر الحاكم الرومي
و إستقر الأمر بين قادة و فرسان جيش المسلمين علي الإستمرار قدما و القتال حتي آحر رمق ، و بدأت المعركة في منتهي العنف و القسوة و أظهر المسلمون براعة فائقة في التمسك بمواقعهم و قدرتهم علي التحرك السريع و تغيير إتجاهات هجومهم في سرعة أرهقت الجيش الرومي الذي لم يعتد مثل هذه المعارك التي يواجه فيها عدواً لا يضع الموت عائقاً أمام نصره
بعد بداية المعارك ، إستشهد زيد بن حارثه فتولي القيادة جعفر بن أبي طالب و بعدها إستشهد جعفر فتولي عبد الله بن رواحه الذي أتي عليه الدور للقاء ربه فإستشهد ليتولي خالد بن الوليد القيادة في ظل ظروف من أصعب ما يمكن أن يواجه قائد عسكري عند توليه القيادة
و هنا ظهرت عبقرية خالد بن الوليد في واحدة من أبرع المناورات العسكرية في تاريخ البشرية ، فقد إستكمل خالد القتال بصورة طبيعية بعدما إستلم القيادة و في الليل أمر فرقة من الفرسان بأن يبتعدوا لما وراء سلسلة الجبال علي يسار جيش المسلمين و أن ينتظروا حتي ظهور أول ضوء للفجر ثم يبدأوا في الجري بخيولهم في دوائر واسعة بسرعة فائقة لإثارة أكبر كم ممكن من الأتربة و الغبار رافعين أصواتهم بالنداء الله أكبر ، و كان من الطبيعي أن يظن القائد الروماني أن هناك إمدادات قد وصلت لجيش المسلمين ، و إمعانا للخدعة فقد قام خالد بن الوليد بالتبديل بين فرقتي الميسرة و الميمنة و كذلك التبديل بين فرقتي المقدمة و المؤخرة لتتبدل الوجوه و ألوان الخيول أمام أعين الروم لتتأكد لديهم نظرية قدوم الإمدادات
ثم أقدم علي آخر ما قد يفكر فيه بشر في مثل هذه الظروف ، هاجم قلب جيش الروم هجوماً مباشراً بلا أي مناورات و ظل يضغط في إتجاة القلب حتي أرهق القوات الرومية الموجودة في هذا القطاع تماماً ، ثم أقدم فجأة علي فعل آخر أكثر غرابة ، إرتد فجأة إلي الخلف منسحبا بقلب جيشه و ميمنته و ميسرته ، فكان الإعتقاد الطبيعي عند القائد الرومي أنها مناورة للتطويق فلا يمكن أن ينسحب جيش المسلمين و قد وصلهم المدد و لديهم المبادرة في الهجوم فإرتد إلي الخلف قليلا و إنهمك في تعديل صفوفه و تعويض خسائر كتائب قلب جيشه ، فيما كان جيش خالد بن الوليد ينسحب بالكامل إنسحاب تكتيكي منظم و عاد بقواته سليمه بالكامل و قد سقط في هذه المعركة بكل أحداثها 13 شهيد مسلم فقط فيما يعد معجزة عسكرية تدرس حتي يومنا هذا في أعظم و أكبر المعاهد و الأكاديميات العسكرية في العالم
و حينما عاد خالد بن الوليد إلي المدينة بجيش المسلمين سليماً سماه الرسول ( عليه الصلاة و السلام ) سيف
(http://www.5aldh.com/vb/register.php)
الله المسلول
و لقد ولاه الرسول ( عليه الصلاة و السلام ) على أحد الكتائب الإسلامية التي تحركت لفتح مكة فيما بعد و إستعمله الرسول أيضا في سرية للقبض على ( أكيدر ) ملك دومة الجندل أثناء غزوة تبوك
كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد بن الوليد و قد ذكر أن خالد قد كسرت في يده 9 سيوف منذ بدء القتال حتي نهايته ، و يذكر أيضا أنه بعد وفاة القادة الثلاثة الذين أوصي بهم رسول الله ( صلي الله عليه و سلم ) إلتقط ثابت بن أقرم الراية و توجه إلي خالد مسرعا قائلا له : ( خذ اللواء يا أبا سليمان ) فرد خالد قائلا : ( لا ، لا آخذ اللواء أنت أحق به ، لك سن و قد شهدت بدراً ) فأجابه ثابت : (خذه فأنت أدرى بالقتال مني ، و والله ما أخذته إلا لك ) ليضرب هذا الموقف أكبر مثال علي نكران الذات للصالح العام و لإحترام الأقدمية و فارق السن
دور خالد بن الوليد في حروب الردة
بعد وفاة رسول الله ( صلي الله عليه و سلم ) قام خالد ين الوليد بدور بارز في حروب الردة حيث واجه كل من سجاح مدعية النبوة و مالك بن نويرة الذي ساندها و نفذ تعليمات الخليفة أبو بكر الصديق بأن يقتل كل من قتل مسلما أو ساعد في قتل مسلم
، ثم قام بمواجهة مسيلمة الكذاب مدعي النبوة و الذي كان لديه أكبر جيوش المرتدين و هزمه في معركة اليمامة و هي أكبر معركة خاضها المسلمين مع المرتدين ، و إشترك أيضا في معارك الإطاحة بالمرتدين من بني تميم ثم إشترك في المعارك ضد المرتد طليحة بن خويلد
دوره فى فتح بلاد فارس والعراق
قام خالد بن الوليد بدور عظيم في تحطيم الإمبراطورية الفارسية و تدمير جيوشها و خاض مع قواته معارك طاحنة مع الجيوش الفارسية من أهمها معركة كاظمة و معركة المزار و معركة الولجة و معركة الأنبار و معركة عين التمر و خلال كل هذه المعارك إستمر خالد في إبتكار و إستخدام تكتيكات عسكرية جديدة لم يسبق أن إستخدمت من قبل شكلت إنقلاباً شاملاً في فن التخطيط العسكري و لا زالت حتي الآن محل تحليل و دراسة من الخبراء العسكريين في العالم أجمع
دوره فى فتح بلاد الروم و الشام
أرسل الخليفة أبو بكر الصديق خالد بن الوليد لنجدة جيوش المسلمين في الشام و ذلك بعد أن أثبت خالد بن الوليد كفاءة غير عادية في العراق و دمر معظم جيوش الفرس ، و إنطلق خالد بن الوليد إلي الشام لمسانده جيوش المسلمين هناك و شارك في معارك طاحنة منها معركة فتح دمشق و معركة أجنادين و معركة فحل و معركة السوق و معركة اليرموك الكبري و أظهر براعة غير عادية في التخطيط العسكري أدت إلي نتائج مبهرة
و قد بلغت براعة خالد بن الوليد و نبوغه كقائد عسكري عبقري إلي حد أن شهد له أعداءه بهذه البراعة فقد قال له جورجا أحد قادة جيوش الروم : " يا خالد أصدقني القول فإن الحر لا يكذب ، هل أنزل الله علي نبيكم سيفا من سيوفه فأعطاك إياه فلا تسله علي أحد إلا و هزمته ؟ "
فرد خالد بن الوليد قائلاً : " لا "
فعاود القائد الرومي السؤال فقال : " فبم سميت سيف الله ؟ "
فرد خالد قائلا : " إن الله بعث فينا رسوله ، فمنا من صدقه ومنا من كذب ، وكنت فيمن كذب حتى أخذ الله قلوبنا إلى الإسلام ، وهدانا برسوله فبايعناه ، فدعا لي الرسول، وقال لي : ( أنت سيف من سيوف الله ) فهكذا سميت سيف الله "
فقال القائد الروماني : " وإلام تدعون ؟ "
قال خالد : " إلى توحيد الله وإلى الإسلام "...
فرد عليه جورجا قائلا: " هل لمن يدخل في الإسلام اليوم مثل مالكم من المثوبة والأجر ؟ "
فقال خالد : " نعم و أفضل "
قال الرجل : " كيف و قد سبقتموه ؟ "
فرد خالد : " لقد عشنا مع رسول الله ( عليه الصلاة و السلام ) و رأينا آياته ومعجزاته و حق لمن رأى ما رأينا ، و سمع ما سمعنا أن يسلم في يسر ، أما أنتم يا من لم تروه و لم تسمعوه ثم آمنتم بالغيب ، فإن أجركم أجزل و أكبر إذا صدقتم الله سرائركم ونواياكم "
فتقدم القائد الروماني و قد دفع جواده إلى ناحية خالد و وقف بجواره قائلا : " علمني الإسلام يا خالد "
و أسلم و صلى لله ركعتين لم يصل سواهما ، و قاتل جورجا الرومي في صفوف المسلمين مستميتاً في طلب الشهادة حتى نالها
إن براعة القائد العسكري المسلم خالد بن الوليد قد أدخلت قائداً من أعداءه إلي الإسلام بل و منحته الشهادة
كانت راية جيش خالد بن الوليد تسمي ( راية العقاب ) و كانت بالفعل إسماً علي مسمي فظهور هذه الراية في أرض المعركة كان يعني و بلا أدني شك إنزال الهزيمة الساحقة بالأعداء ، و قد عرف عن خالد بن الوليد هو و الزبير بن العوام أنهما الوحيدان اللذان كانا يقاتلان بسيفين في نفس الوقت و يوجهان الخيل بأقدامهما
وفـــــــــــاتـــه
لم يهدأ خالد بن الوليد لحظه منذ أن هداه الله للإسلام و حتي لحظة أن فارق الدنيا منذ مؤتة و حروب الروم و الفرس و حتي فتح الشام و العراق حتي إنه عندما رقد في فراش الموت قال مقولته الشهيرة : " لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها ، و ما في جسدي شبر إلا و فيه ضربة بسيف أو رمية بسهم ، أو طعنة برمح ، و هأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء " و كانت وفاته بحمص في 18 من رمضان 21هـ الموافق 20 من أغسطس 642م ، مات القائد الإسلامي العظيم و الصحابي الجليل و هو من قال عنه الصحابة : " الرجل الذي لا ينام ، و لا يترك أحداً ينام " و أوصى بتركته لعمر بن الخطاب و التي كانت مكونة من فرسه وسلاحه و ودعته أمه قائلة : " أنت خير من ألف ألف من القوم ، إذا ما كبت وجوه الرجال أشجاع ، فأنت أشجع من ليث ، غضنفر يذود عن أشبال أجواد ، فأنت أجود من سيل ، غامر يسيل بين الجبال "
وحينا يسمع عمر بن الخطاب بوفاته قال : " دع نساء بني مخزوم يبكين على أبي سليمان ، فإنهن لا يكذبن ، فعلى مثل أبي سليمان تبكي البواكي "
نسبــــه
هو أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة ، ينتهي نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي الجد السابع للنبي (صلى الله عليه وسلم) و أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أمه هي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية ، و أبوه هو ( عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي ) ، من أثرياء قريش و له مكانة رفيعة بين رجالها عرف عنه حسن التفكير و التدبير و كان سادة قريش يستشيرونه في كل الأمور الهامة من شئون القبيلة
له 6 من الإخوة الرجال و هم : ( العاص ) و ( أبو قيس ) و ( عبد شمس ) و ( عمارة ) و ( هشام ) و ( الوليد ) ، إثنتين من الأخوات الإناث هما : ( فاطمة ) و ( فاضنة )
عمه ( أبو أمية بن المغيرة ) كان معروفا في بني مخزوم بالرأي الصارم و قوة الشخصية و هو الذي إحتكمت إليه قبائل قريش للفصل في نزاعهم علي وضع الحجر الأسود في الكعبة و قد توفي قبل ظهور الإسلام و عمه الآخر ( هشام بن المغيرة ) كان من سادات قريش و أشرافها ، و هو الذي قاد بني مخزوم في ( حرب الفجار )
نشــــأتــــــه
ولد خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي في مكة كان إسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة ، حيث قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) : " الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير " ولد لأب شديد الثراء و رفيع النسب و المكانة هو الوليد بن المغيرة الذي قال فيه الله تعالي في كتابه الحكيم القرآن " ذرني ومن خلقت وحيداً " و أمه هي لبابة بنت الحارث الهلالية وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما يمتد نسب خالد بن الوليد إلى الجد السابع للنبي (محمد) ، تعلم الفروسية منذ صغره مبدياً فيها براعة مميزة ، جعلته يصبح أحد قادة فرسان قريش كان خالد بن الوليد مترددا فى النظر للإسلام ، و حارب المسلمين فى غزوتي أحد و الأحزاب و لم يحارب فى بدر لأنه كان فى بلاد الشام وقت وقوع الغزوة الأولى بين المسلمين و مشركي قريش ، غير أنه بدأ يميل إلى الإسلام و أسلم بعد صلح الحديبية ، رغم أنه كان صاحب دور رئيسي في هزيمة المسلمين في غزوة أحد فى نهاية الغزوة بعد أن قتل من بقي من الرماة المسلمين على جبل أحد و إلتف حول جيش المسلمين و طوقهم من الخلف و قام بهجوم أدى إلى إرتباك صفوف جيش المسلمين
مـــا قبـل إســـلامــه
كان خالد بن الوليد كغيره من أبناء قريش معاديًا للإسلام رافضا لهذه الرسالة الجديدة التي أتي بها النبي (صلى الله عليه وسلم) و المسلمين الذين آمنوا به و إتبعوه ، و التي قلبت أوجه حياة كل قبائل العرب رأسا علي عقب ، و قد كان معروفاً عن خالدبن الوليد أنه شديد التحامل علي المسلمين ، لذا فقد كان خالد دائما في طليعة المقاتيلن في كل المعارك التي دارت بين المشركين و المسلمين في مرحلة ما قبل إسلامه
وكان له دور بارز في إحراز النصر للمشركين على المسلمين في غزوة ( أحد ) ، حينما إستخدم تكتيكاً عسكرياً ما زال يدرس بإسمه حتي الآن في كبري الأكاديميات العسكرية ، فقد إستغل نزول رماة السهام المسلمين من علي الجبل للمشاركة في جمع الغنائم فدار خالد حول الطريق الذي تفر منه فلول المشركين المنهزمة و قطعه بطريقة عرضية ليلتف خلف خطوط المسلمين بطريقة غير مسبوقة و فاجأ القوات الإسلامية بطريقة فرضت عليهم العشوائية و الفوضي مما أعاد جانباً كبيراً من النصر إلي صفوف المشركين
كان خالد أيضا أحد فرسان قريش في غزوة الخندق الذين كانوا يتناوبون المرور علي محيط الخندق للعثور علي نقطة صالحة للدخول ، كما تولي خالد بن الوليد حماية مؤخرة جيش المشركين حينما قرروا الإنسحاب بعدما فشلوا في إقتحام الخندق
و في غزوة الحديبية قاد خالد بن الوليد كتيبة من مائتي فارس خرجت لملاقاة النبي ( صلي الله عليه و سلم ) و أصحابه لمنعهم من دخول مكة
و قد أسفر الأمر عن عقد معاهدة بين المسلمين و المشركين عرفت بإسم ( صلح الحديبية )
إســـــلامــــه
أسلم خالد في شهر صفر من السنة الثامنة الهجرية ، قبل فتح مكة بستة أشهر ، و قبل غزوة مؤتة بنحو شهرين ، و ذهب ليعلن إسلامه بين يدي الرسول صل الله عليه و سلم برفقة صديقه عمرو بن العاص ، و من وقتها فقد تحول كره خالد بن الوليد الشديد للإسلام و المسلمين إلي بداية حالة نادرة من التألق الفكري و الذهني في خدمة الإسلام إلي أن أصبح من أعظم المخططين العسكريين في تاريخ البشرية
مــولد الأسطورة فــي غــزوة مــؤتــة
شارك خالد فى أول غزواته فى غزوة مؤته ضد الغساسنة و الروم و ظهرت عبقريته العسكرية في هذه الغزوة حيث كان قوام جيش المسلمين 3000 مقاتل خرجوا للحرب في الأردن بسبب شرحبيل بن عمرو الغساني ، و كان حاكما بإسم الروم في المنطقة التي تعرف الآن بإسم الأردن ، فقد إعترض الحارث بن عمير الأزدي الذي كان يحمل رسالة من النبي (صلي الله عليه و سلم) إلى حاكم بصرى الشام يدعوه للإسلام فإعتقله ثم قام بصلبه بعدها بأيام
حينها قرر الرسول ( صلي الله عليه و سلم ) بعد التشاور مع المسلمين معاقبة مرتكبي هذه الجريمة و في ذات الوقت إرسال رسالة ضمنية إلي من يقفون خلف مرتكبيها بأن الدولة الإسلامية قد أصبح لها أنياب و تذكيرهم بأن دماء المسلمين لن تكون بلا ثمن بعد الآن
جهز الرسول ( عليه الصلاة و السلام ) جيشاً من 3000 مقاتل و كان يعد أكبر جيش إسلامي يخرج للحرب في ذلك الوقت و أسند القيادة لزيد بن حارثه و أوصي بأن يتولي جعفر بن أبي طالب من بعده و من بعده عبد الله بن رواحه و هو ما يعرف الآن بالتسلسل القيادي لمنع إنهيار تماسك القوات
توجه هذا الجيش في مطلع السنة الثامنة من الهجرة إلى منطقة الكرك جنوبي الأردن ليفاجأ زيد بن حارثة قائد الجيش بأن قوام الجيش الرومي يقترب من 170.000 مقاتل بين قوات رومية و قوات عربية و قبائل مجاورة تأتمر بأمر الحاكم الرومي
و إستقر الأمر بين قادة و فرسان جيش المسلمين علي الإستمرار قدما و القتال حتي آحر رمق ، و بدأت المعركة في منتهي العنف و القسوة و أظهر المسلمون براعة فائقة في التمسك بمواقعهم و قدرتهم علي التحرك السريع و تغيير إتجاهات هجومهم في سرعة أرهقت الجيش الرومي الذي لم يعتد مثل هذه المعارك التي يواجه فيها عدواً لا يضع الموت عائقاً أمام نصره
بعد بداية المعارك ، إستشهد زيد بن حارثه فتولي القيادة جعفر بن أبي طالب و بعدها إستشهد جعفر فتولي عبد الله بن رواحه الذي أتي عليه الدور للقاء ربه فإستشهد ليتولي خالد بن الوليد القيادة في ظل ظروف من أصعب ما يمكن أن يواجه قائد عسكري عند توليه القيادة
و هنا ظهرت عبقرية خالد بن الوليد في واحدة من أبرع المناورات العسكرية في تاريخ البشرية ، فقد إستكمل خالد القتال بصورة طبيعية بعدما إستلم القيادة و في الليل أمر فرقة من الفرسان بأن يبتعدوا لما وراء سلسلة الجبال علي يسار جيش المسلمين و أن ينتظروا حتي ظهور أول ضوء للفجر ثم يبدأوا في الجري بخيولهم في دوائر واسعة بسرعة فائقة لإثارة أكبر كم ممكن من الأتربة و الغبار رافعين أصواتهم بالنداء الله أكبر ، و كان من الطبيعي أن يظن القائد الروماني أن هناك إمدادات قد وصلت لجيش المسلمين ، و إمعانا للخدعة فقد قام خالد بن الوليد بالتبديل بين فرقتي الميسرة و الميمنة و كذلك التبديل بين فرقتي المقدمة و المؤخرة لتتبدل الوجوه و ألوان الخيول أمام أعين الروم لتتأكد لديهم نظرية قدوم الإمدادات
ثم أقدم علي آخر ما قد يفكر فيه بشر في مثل هذه الظروف ، هاجم قلب جيش الروم هجوماً مباشراً بلا أي مناورات و ظل يضغط في إتجاة القلب حتي أرهق القوات الرومية الموجودة في هذا القطاع تماماً ، ثم أقدم فجأة علي فعل آخر أكثر غرابة ، إرتد فجأة إلي الخلف منسحبا بقلب جيشه و ميمنته و ميسرته ، فكان الإعتقاد الطبيعي عند القائد الرومي أنها مناورة للتطويق فلا يمكن أن ينسحب جيش المسلمين و قد وصلهم المدد و لديهم المبادرة في الهجوم فإرتد إلي الخلف قليلا و إنهمك في تعديل صفوفه و تعويض خسائر كتائب قلب جيشه ، فيما كان جيش خالد بن الوليد ينسحب بالكامل إنسحاب تكتيكي منظم و عاد بقواته سليمه بالكامل و قد سقط في هذه المعركة بكل أحداثها 13 شهيد مسلم فقط فيما يعد معجزة عسكرية تدرس حتي يومنا هذا في أعظم و أكبر المعاهد و الأكاديميات العسكرية في العالم
و حينما عاد خالد بن الوليد إلي المدينة بجيش المسلمين سليماً سماه الرسول ( عليه الصلاة و السلام ) سيف
(http://www.5aldh.com/vb/register.php)
الله المسلول
و لقد ولاه الرسول ( عليه الصلاة و السلام ) على أحد الكتائب الإسلامية التي تحركت لفتح مكة فيما بعد و إستعمله الرسول أيضا في سرية للقبض على ( أكيدر ) ملك دومة الجندل أثناء غزوة تبوك
كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد بن الوليد و قد ذكر أن خالد قد كسرت في يده 9 سيوف منذ بدء القتال حتي نهايته ، و يذكر أيضا أنه بعد وفاة القادة الثلاثة الذين أوصي بهم رسول الله ( صلي الله عليه و سلم ) إلتقط ثابت بن أقرم الراية و توجه إلي خالد مسرعا قائلا له : ( خذ اللواء يا أبا سليمان ) فرد خالد قائلا : ( لا ، لا آخذ اللواء أنت أحق به ، لك سن و قد شهدت بدراً ) فأجابه ثابت : (خذه فأنت أدرى بالقتال مني ، و والله ما أخذته إلا لك ) ليضرب هذا الموقف أكبر مثال علي نكران الذات للصالح العام و لإحترام الأقدمية و فارق السن
دور خالد بن الوليد في حروب الردة
بعد وفاة رسول الله ( صلي الله عليه و سلم ) قام خالد ين الوليد بدور بارز في حروب الردة حيث واجه كل من سجاح مدعية النبوة و مالك بن نويرة الذي ساندها و نفذ تعليمات الخليفة أبو بكر الصديق بأن يقتل كل من قتل مسلما أو ساعد في قتل مسلم
، ثم قام بمواجهة مسيلمة الكذاب مدعي النبوة و الذي كان لديه أكبر جيوش المرتدين و هزمه في معركة اليمامة و هي أكبر معركة خاضها المسلمين مع المرتدين ، و إشترك أيضا في معارك الإطاحة بالمرتدين من بني تميم ثم إشترك في المعارك ضد المرتد طليحة بن خويلد
دوره فى فتح بلاد فارس والعراق
قام خالد بن الوليد بدور عظيم في تحطيم الإمبراطورية الفارسية و تدمير جيوشها و خاض مع قواته معارك طاحنة مع الجيوش الفارسية من أهمها معركة كاظمة و معركة المزار و معركة الولجة و معركة الأنبار و معركة عين التمر و خلال كل هذه المعارك إستمر خالد في إبتكار و إستخدام تكتيكات عسكرية جديدة لم يسبق أن إستخدمت من قبل شكلت إنقلاباً شاملاً في فن التخطيط العسكري و لا زالت حتي الآن محل تحليل و دراسة من الخبراء العسكريين في العالم أجمع
دوره فى فتح بلاد الروم و الشام
أرسل الخليفة أبو بكر الصديق خالد بن الوليد لنجدة جيوش المسلمين في الشام و ذلك بعد أن أثبت خالد بن الوليد كفاءة غير عادية في العراق و دمر معظم جيوش الفرس ، و إنطلق خالد بن الوليد إلي الشام لمسانده جيوش المسلمين هناك و شارك في معارك طاحنة منها معركة فتح دمشق و معركة أجنادين و معركة فحل و معركة السوق و معركة اليرموك الكبري و أظهر براعة غير عادية في التخطيط العسكري أدت إلي نتائج مبهرة
و قد بلغت براعة خالد بن الوليد و نبوغه كقائد عسكري عبقري إلي حد أن شهد له أعداءه بهذه البراعة فقد قال له جورجا أحد قادة جيوش الروم : " يا خالد أصدقني القول فإن الحر لا يكذب ، هل أنزل الله علي نبيكم سيفا من سيوفه فأعطاك إياه فلا تسله علي أحد إلا و هزمته ؟ "
فرد خالد بن الوليد قائلاً : " لا "
فعاود القائد الرومي السؤال فقال : " فبم سميت سيف الله ؟ "
فرد خالد قائلا : " إن الله بعث فينا رسوله ، فمنا من صدقه ومنا من كذب ، وكنت فيمن كذب حتى أخذ الله قلوبنا إلى الإسلام ، وهدانا برسوله فبايعناه ، فدعا لي الرسول، وقال لي : ( أنت سيف من سيوف الله ) فهكذا سميت سيف الله "
فقال القائد الروماني : " وإلام تدعون ؟ "
قال خالد : " إلى توحيد الله وإلى الإسلام "...
فرد عليه جورجا قائلا: " هل لمن يدخل في الإسلام اليوم مثل مالكم من المثوبة والأجر ؟ "
فقال خالد : " نعم و أفضل "
قال الرجل : " كيف و قد سبقتموه ؟ "
فرد خالد : " لقد عشنا مع رسول الله ( عليه الصلاة و السلام ) و رأينا آياته ومعجزاته و حق لمن رأى ما رأينا ، و سمع ما سمعنا أن يسلم في يسر ، أما أنتم يا من لم تروه و لم تسمعوه ثم آمنتم بالغيب ، فإن أجركم أجزل و أكبر إذا صدقتم الله سرائركم ونواياكم "
فتقدم القائد الروماني و قد دفع جواده إلى ناحية خالد و وقف بجواره قائلا : " علمني الإسلام يا خالد "
و أسلم و صلى لله ركعتين لم يصل سواهما ، و قاتل جورجا الرومي في صفوف المسلمين مستميتاً في طلب الشهادة حتى نالها
إن براعة القائد العسكري المسلم خالد بن الوليد قد أدخلت قائداً من أعداءه إلي الإسلام بل و منحته الشهادة
كانت راية جيش خالد بن الوليد تسمي ( راية العقاب ) و كانت بالفعل إسماً علي مسمي فظهور هذه الراية في أرض المعركة كان يعني و بلا أدني شك إنزال الهزيمة الساحقة بالأعداء ، و قد عرف عن خالد بن الوليد هو و الزبير بن العوام أنهما الوحيدان اللذان كانا يقاتلان بسيفين في نفس الوقت و يوجهان الخيل بأقدامهما
وفـــــــــــاتـــه
لم يهدأ خالد بن الوليد لحظه منذ أن هداه الله للإسلام و حتي لحظة أن فارق الدنيا منذ مؤتة و حروب الروم و الفرس و حتي فتح الشام و العراق حتي إنه عندما رقد في فراش الموت قال مقولته الشهيرة : " لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها ، و ما في جسدي شبر إلا و فيه ضربة بسيف أو رمية بسهم ، أو طعنة برمح ، و هأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء " و كانت وفاته بحمص في 18 من رمضان 21هـ الموافق 20 من أغسطس 642م ، مات القائد الإسلامي العظيم و الصحابي الجليل و هو من قال عنه الصحابة : " الرجل الذي لا ينام ، و لا يترك أحداً ينام " و أوصى بتركته لعمر بن الخطاب و التي كانت مكونة من فرسه وسلاحه و ودعته أمه قائلة : " أنت خير من ألف ألف من القوم ، إذا ما كبت وجوه الرجال أشجاع ، فأنت أشجع من ليث ، غضنفر يذود عن أشبال أجواد ، فأنت أجود من سيل ، غامر يسيل بين الجبال "
وحينا يسمع عمر بن الخطاب بوفاته قال : " دع نساء بني مخزوم يبكين على أبي سليمان ، فإنهن لا يكذبن ، فعلى مثل أبي سليمان تبكي البواكي "