تومي محمد كمال
2011-01-19, 11:24
الإهــــــــداء
إلى من حملتني وهنا ووضعتني وهنا الأم الغالية إلى من كان سبب في وجودي وتعب وصابر وثابر من أجلى الأب الرحيم إلى زاوية سيدي أحمد المغربي وعلى رأ سها الشيخ سي بلقاسم وأخويه إبراهيم والعربي إلى الأخ والابن البار محفوظى عبد الباقي وجميع أسرته إلى من كتبت من أجله هذه الأسطر المتواضعة الشيخ الطالب سي بولرباح وزجته الطيبة الطاهرة وأبناءهم والى كل المحبين والمخلصين هدية من العبد الضعيف الذي لاحول له ولا قوة إلا بالله والذي يسأل منكم الدعاء له ولوالديه والتوفيق فى كتيبه هذا انه ولي ذالك والقادر---
تمـــهيد
لقد تحركت مشاعري واقشعر فؤادي خـــلال
زيارتي لشيخي سى بولرباح ورأيت حاله الذي أثر في فقلت في نفسي لما لم اسددولو شيئا قليلا من جزيل كرمه ويكون ذالك بكتابة نبذت تاريخية تحمل في طياتها نزر ا قليلا مما أفقهه من تاريخ الشيخ سي بولرباح الحافل بالنوادر الباسل والحكايات الزاهرة وأنا أعلم أنى لست من أهل التعبير والإنشاء ولا من أهل القلم الأدباء ولا من النحات البلغاء وعلى هذا فما كان من صواب فمن الله وحده لاشريك له وما كان من خطئ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه
مقـــدمة
من منطلق قول النبيى الله صلى الله عليه من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه رواه أبو داود وقول القائـــل
إذا جاد الكريم ظئرا وانجلى فارفع يديك سـائلا رب الملا
وادع له بالخير والصلاح والحفظ والنصح دوما ياصاحي
فكيف لا وسيد الكونين أوصى به بالقــول دون مين
وعلى هذا المنوال وأن منذ زمن طويل وخاطري يهمس لي وفؤادي يسألني وقلبي يراودني ولساني يكلمني بالماضي الجميل مع طفولتي وبداية عهدي مع كتاب الله جل وعلا في بيت من بيوت الشهامة والسخاء محركا مشاعر البنوة في كيان وعواطف الحنان في وجداني لكي أتكلم عن الأب الرحيم والمعلم الحكيم والشيخ الجليل والذي أجاد لي بفضله وأتحفني بجوده و ألبسنى بكرمه حلة من أبه الحلل وأجلها إنها حلة القرآن الكريم والنور المبين ----
ولاكن مهما تكلم اللسان أوخط القلم ما استطاع أن يرد قطرة واحدة من بحر فضله وسخاء معاملته ومعاملة زوجته الطيبة الأم الرحيمة والجدة العطوف وأبناءها الطيبين والذين أكنوا لهم الاحترام والتقدير لما كان منهم من حلم وتقدير وكذا زوجة ولده والتي كانت كذالك في مكان الأم الحنون
فضل معلمي القرآن و شيوخ العلم
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله موّفق من توكل عليه، القيّوم الذي ملكوت كلّ شيء بيديه، حمداً طيّباً مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أرسله رحمةً للعالمين وخاتماً للنّبيّين وحرزاً للأميّين وإماماً للمتّقين بأوضح دليل وأفصح تنزيل وأفسح سبيل وأنفس تبيان وأبدع برهان. اللهمّ آته الوسيلة وابعثه مقاماً محموداً يغبطه الأوّلون والآخرون، صلّى الله عليه وعلى آله الطّيبين وصحابته المجاهدين وأزواجه أمّهات المؤمنين.أما بعد فلقد تمخض اللسان معلنا طربه للحاضرين مستعينا بالة عود لحنها المحبة وملؤها الوفاء تقديرا وعزا للشرفاء و النبلاء اعترافا وتوقيرا وتعظيما لبذرة الحنان ورمز الوجود معبرا عن وصفه بأبهى حلة الجمال والجلال و أطلقة عليه اسم رجال صدقوا إشارة إلى الصدق في العمل والإخلاص في البذل
فاللهم وفقنا في كتابة هذه الأسطر واجعلها خالصة لوجهك الكريم آمين يارب العالمين اللهم إنا نتوجه إليك ونسعى نحوك ونجاهد نفوسنا في طاعتك ونركب الصراط المستقيم الذي نهجته لنا إلى مرضاتك فأعنا بقوتك واهدنا بعزتك واعصمنا بقدرتك وبلغنا الدرجة العلي برحمتك والسعادة القصوى بجودك ورأفتك إنك على ما تشاء قدير
أخي القارئ دعني أنتقل بك إلى فضل معلمي القرآن وشيوخ العلم جاء في كتاب شرح هدية الألباب لصاحبه الشيخ سيدي عمر عند قوله وأعظم الأسباب للفتوح إلى أخ == أي أعظم أسباب الفتوح بالنسبة للتلميذ أوالطالب أومآ يلقب بالقندوز بالنسبة للزاوية طاعة الأستاذ أو المعلم في كل أمر جائز له وجه في الشرع ليس محضورا أي ممنوع وقوله واخدمه والزم عنده التواضع هذا أمر من الناظم وتفسيرا للطاعة أي ومن طاعته أن تخدمه وأن تتواضع إليه وأن تكرمه إذا فالزم أيها المتعلم ذالك ليفتح الله عليك واعلم أن الطالب لاينال العلم ولاينتفع به إلا بتعظيم العلم وأهله وتعضيم الأستاذ أو المعلم وتوقيره فقد قيل وما وصل من وصل الابالمحبة ومن تعظيم العلم تعظيم المعلم قال على كرم الله وجهه أنا عبد من علمني حرفا واحدا إن شاء باع وان شاء اعتق وان شاء استرق وكان شيخنا سى بولرباح دائما يقول من قراك أية فهو أباك ومن قراك آيتين فقد باعك واشتراك وفى ذالك قال الشاعر الحكيم
رأـيت أحق الحق حق المعلم واجبه حفــضا لكل مسلم
لقد حق أن يهدي إليه كرامة لـعلم حرف واحدا ألفا درهم
فان من علمك حرفا واحدا في الدين فهو أبوك في الدين وكان الشرازى رحمه الله يقول
من أراد أن يكون ابنه عالما فبنبغى أن يراعى الغرباء من الفقهاء ويكرمهم ويطعمهم ويعطيهم شيئا فان لم يكن ابنه عالما كان حفيده عالما
ومن توقير المعلم أن لايمشي أمامه ولا يجلس مكانه ولايبتدى بالكلام عنده إلا بإذنه ولا يسأل شيا عنده ملالته ويراع الوقت ولايدق الباب بل يصبر حتى يخرج وبالجملة يطلب رضاه ويجتنب سخطه ويمثل أمره في غير معصية الله تعالى فان لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ومن توقيره توقير أولاده وما يتعلق به
قال صاحب السراج
وعضمنه واحترم من انتسب له وشكره عليك قد وجب
وادع له فى الـغيب والحضور بما يـــفيد فيضان النور
وكن مــطيعا والتمس رضاه ولا تـحاول غيرما اقتضاه
ومعنا عضم أيها التلميذ شيخك الذي تقرأ عليه العلم وراع منزلة من انتسب إليه ببنوة أوأبوة اوغيرهما واشكره فان شكره واجب عليك وتعضيم العلماء فى الحقيقة تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم- لأنهم أنصار دينه وخلفاؤه ونوابه وقد أمسك ابن عباس على جلالة قدره بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه وقال هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وفى الحديث من وقر عالما فقد وقر ربه وقد صب الرشيد الما ء على يدي معاوية الضير حين فراغه من الأكل تعضيما للعلم ورأى الرشيد أيضا يوما ولده يصب الماء على رجل الاصمعى شيخه وهو يتوضأ ويغسل رجليه فعوتب الاصمعى فى ذالك وقال انى بعثته لك لتعلمه وتأدبه فلم لم تأمره أن يصب الماء بأحد يديه ويغسل رجليك بالأخرى وقال الشافعي رضي الله عنه كنت أتصفح الورقة بين يدي مالك تصفحا رقيقا هيبة له ليلا يسمع نقعها إلى أن قال وقد بلغنا أن الإمام النووي انه دعاه شيخه يوما ليأكل معه فقال ياسيدى اعفنى فان لي عذرا شرعيا فتركه فسأل بعض إخوانه ماذالك العذر فقال أخاف أن تسبق عين شيخي إلى لقمة فأكلها أن لاأشعر إلا أن قال وفي العهود أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نكرم العلماء ونجلهم ونوقرهم ولا نرى لنا قدرة على مكافأتهم ولو أعطيناهم جميع ما نملك أو خدمناهم العمر كله .
وهذا العهد قد أخل به غالب طلبة العلم والمريدين في طريق الصوفية الآن حتى لا تكاد ترى أحدا منهم يقوم بواجب حق معلمه وهذا داء عظيم في الدين يؤذن باستهانة العلم وبأمر من أمرنا بإجلال العلماء صلى الله عليه و سلم فصار أحدهم يسخر على شيخه حتى يصير شيخه يداهنه ويلاطفه ليسكت عنه فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،ثم قال فاعلم أنه ينبغي للطالب أن يخاطب شيخه بالإجلال و الإطراق وغض البصر كما يخاطب الملوك ،وفيها أيضا أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نبجل العلماء والصالحين و الأكابر ولو لم يعملوا بعلمهم و نقوم بواجب حقهم ونكل أمرهم إلى الله تعالى فمن أخل بواجب حقهم من الإكرام و التبجيل فقد خان الله ورسوله ،فان العلماء نواب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملة شرعه وخدامه فمن استهان بهم تعدى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وروى الطبراني مرفوعا تواضعوا لمن تعلمون عنه وفي رواية أيضا مرفوعا ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق ،ذو شيبه في الإسلام ،وذو العلم ،والإمام المقسط .وفيها أيضا من استحقر أستاذه ابتلاه الله بثلاث عقوبات ،الأولى أن ينسى ما حفظ منه ،والثانية أن يكل لسانه عند الفزع ،والثالثة أن يخرج من الدنيا بغير إيمان، ولأبي الدواني :قوله
فالـتزم الإجلال و التوقير لمن يريك العلم مستنيرا
وكـن لــه مبجلا معظما مرفعا لقــدره مكرما
واخفض الصوت ولا تضجره وما جنى عليـك فاغتفره
فحقه من أعــظم الحقوق وهجره من أعظم العقوق
وقال أبو علي اليوسي رحمه الله في آداب المتعلم ،ومنها أن يعظم شيخه ولا يزال ناظرا له بعين الإجلال ويعتقد فيه درجة الكمال ويتواضع له ويخضع بين يديه ويهابه غاية الهيبة ويعلم أن خضوعه له عزوذلته بين يديه رفعة ويقال أن الإمام الشافعي عوتب في ذلك فقال:(أهين لهم نفسي فهم يكرمونها ، ولن تكرم النفس التي لا تهينها ) ،ثم قال أبو علي ومنها أن يعرف له حقه ويشكر صنعه والمنة التي أجراها الله على يديه ويعتقد أنه أبوه بالولادة الروحانية وهي أفضل من الطبيعية فلا يزال مثنيا عليه و مستغفرا له ومسديا له غاية ما يمكنه من الإحسان وساعيا له في مكافأته بكل وجه يمكن وفي الحديث من أسدى إليكم معروفا فكافئوه وكل ما يفعله في حضوره يفعله في غيابه وبعد موته فينصره ويغضب له ويجاوب عنه من يذكره بسوء وأن عجز قام عن المجلس وكذا يعامل أولاده وأقاربه وأحبابه وسائر من له به نسبة وهذا شأن الصحبة والمحبة على الإطلاق ، قال في الحكم إذا شئت أن تلتذ بلمحة شهود العيان تذلل لمحبوب في سائر الأماكن وكل الزمن ،وفي ذلك قيل :
تذلل لمن تهوى لتنهز فرصة فكم عزة قد نالها المرء بالذل
فنسأل الله أن نكون من الموقرين للعلم وأهله وللقرآن وخاصته آمين آمين يارب العالمين
من هو الطالب سي بولرباح
هو الأب الرحيم والوالد الجليل والشيخ المربى سي بولرباح بن سي محمد بن سيدي بولرباح بن المحفوظ صاحب الأخلاق الفاضلة والمناقب الطيبة والسيرة الحميدة والنوادر الباسلة سابغ العطاء والجود والكرم واسع الأخلاق والتلطف والسخاء المشهور والمئاثر الحميدة والخصال الجليلة فاز بالثواب المرصع بأنواع الفضائل إرثا عن الآباء والأجداد ولد حفضه الله وبارك فيه سنة 1928م بين أحضان أسرة طيبة طاهرة شريفة القدر تنبع بالقرآن الكريم والنور المبين أبا عن جد حيث أن أباه سى محمد كان واحدا من أولياء الله الصالحين وجده سيدي بولرباح من كبار الزهاد والعباد المخلصين كيف لا والشبل من ذاك الأسد ومنذ أن رأت عيناه النور بدأت إرهاصات الفطانت والحنكة تلوح على وجهه وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه أضهر تفوقا كبيرا في الحفظ والذكاء حيث دشن وجوده وميلاده بالحب المبكر لكتاب الله وحملته وكأنه يشير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم أهل القرآن أهل الله وخاصته ولقد كان من عادة الشيخ سى محمد رحمه الله أن يلقن أبناءه القرآن الكريم منذ النشأ لكي يشبوا على ذالك ولقد صدق ابن عطا ء اذيقول =من أشرقت بدايته أشرقت نهايته =
وكأن لسان حاله يقول
تعلم فليس المرء يولد عالما وليس أخوا علم كمن هو جاهل
وان كـبير القوم لاعلم عنده صغيرا ذا التفت عليه الجحافل
وان صغير القوم إن كان عالما كــبير إذا ردت إليه المحافل
وكان يرى في الشيخ س بولرباح ذالك لما ظهر عنه من الحنكة والبراعة ولأن الوالد الشيخ سى محمد صاحب زاوية معرفة وتلقب حاليا ببيت سى على نسبة إلى نجل الشيخ سى محمد أخوا الشيخ سى بولرباح لما سهل الطريق لشيخنا لكي يرتوي من حياض القران الكريم إلا أن الرياح تجرى بما لتشتهيه السفن حيث توفى الوالد الشيخ سى محمد رحمه الله عن عمر يناهز المئة كان ذالك حوالى سنة1932م وتركه صغيرا في كفالة والدته الطيب الطاهر السيد زينب براهيمى بنت التونسي رحمها الله والتي كان دائما يحضا بالحنان والمحبة من طرفها وكذا الحنان الذي كان يحضا به من طرف إخوانه ولاسيما الأخ الأكبر الولي الصالح الشيخ سى على رحمه الله والذي أكمل أمنية أبيه وهى أن يحفظ ولد الشيخ بولرباح القران الكريم إذ أخذ به إلى الشيخ سى المختار بن سى الهاشمي حفيد الشيخ سي محمد رحمه الله وأوصاه بأن يعلمه كتاب الله وتلقين الأوراد فكان له ذالك حيث حفظ القران الكريم وشيء من المبادئ الفقهية على يدي ابن أخيه الشيخ سي المختار بن سي الهاشمي والذي كان من جهابذة حفظة القران الكريم المشهود لهم بالخير والصلاح وفى هذا الشئن تحضرني قصة الشيخ الهاشمي رحمه الله أومهرة الهاشمي والتي قرأتها في كتاب سي الميلود حفضه الله يقول هذا الأخير في كتابه التحقيق المتكامل
حكي لى البركة الحاج لخضر لبقع بن العسالى قائلا إن سي الهاشمي بن سى محمد بن سيدي على بن سيدي بولارباح لما سافر إلى ناحية ما من نواحي القنطرة لحق به أحد معارفه واخبره بكرة قائلا له إن مهرتك التي تركتها في البيت قد ماتت قال فتأثر الشيخ الهاشمي بهذا الفال وأنشأ هذه الأبيات المعبرة ومنها قوله
ياخوتى قلبي أهبل ضاري صبار يتـفكر في لمحان لآبا يـنساها
اللي جاني عود عــلينا لخبار قالوفـرسك ميته خلــيناها
صابحنى بجــواب قدام الحذار عدملى قـلبي وعيني بـكاها
أيعريه من المال وامقاموا في النار بجاه لمـــلاك والرسل معناها
قلتلهم ياناس نابونى ماصــار والوعد إلى صــابها باه أبلاها
نـطقوا ليا قالي مافـيهم عار حق امعاك أتسال عن سبت داها
ماها صافى وشعيرها مافيه اغبار والمقضيا وافيامن مــــولاها
مانى خادع مايتمت اصــغار ماقالو امشوم دعوه جبــناها
مانيشى سـحار بامسايل بخار ما رهجت انفوس ولا اقـتلناها
مانيشى امخازنى قايد جوار مانقصنا اجريدها زدنـاها مانيشى غوزاى ناكل ي الجار ماقـلوشى يجابها ولا آداها نعت الشجرة الغالة طاب باثمارها واتقوى مزن الحــجر واد هماها
نا قاضتني كي وجدت للمشوار راحت يزهدا قاع ماودعناها
لامن تام حي بو يشرى كيدار ولا العـودة الزايخة فارقناها
وهكذا تحققت أمنية المرحوم الشيخ سي محمد بأن يكون ولده من حفظة القران الكريم وماأ نستظهره حتى صار يعين شيوخه في تحفيظ القرآن لطلبة الزاوية إلا أن جاء اليوم الموعود وشب بن الكرام على أخلاق القرآن ومزايا البيان إذ اختير أن يكون خليفة لشيوخه في تعليم كتاب الله وكذا معينا لأخيه سي على في تسير الزاوية متمثلا في قول الإمام الشافعي
إذا رمت المكارم من كريم فيمم من بنى لله بيتا
فذاك الليث من يحمى حماه ويكرم ضيفه حيا وميتا
وشمر ساعد الجد مستعينا بالواحد الصمد الذي من استعان به أغناه عما سواه ومن توكل عليه كفاه وسلك منهج سلفه من الآباء والأجداد في طريق الحق والنور متحليا ومقتديا وراغبا في الخير وتعليمه لأبناء المسلمين مقتديا ==بقول النبيى صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه -- ومنذ تلك اللحظ وهو يسر بخطى ثابتتا في تعليم القرآن الكريم حتى ارتفعت منزلته وبدا يجول بلسانه ويحاور بقلمه ويجود بحكمه وإرشاداته راكبا فرسه الأمل سالا سيفه الإخلاص ومحاربا به فلول الجهل و ظلام الأمية ولا تطلق الأمية على الذي لايقرأ ولا يكتب بل تطلق عند العلامة بن عاشر على الذي لايعرف العقيدة كذالك ولهذا كان الشيخ سي بولرباح حريصا كل الحرص على مبادئ الشريعة كذالك وهو الذي ترعرع في أحضانها وكبر بأخلاقها حتى أصبح جبلا شامخا وطودا أشم وضل في هذا الميدان قرابة أربع وعشرين سنة رافعا راية العلم والمعرفة والتعليم والارتقاء بالتربية ومعارفها سيرا على طريقة أهل الحق المخلصين متمتمثلا في قول بن عاشر
يصحب شيخا عارفا المسالك يقــيه في طريقه المهالك
يذكـــــره الله إذا رآه ويوصــل العبد إلى مولاه
حتى بلغ مراده وهو تحفيظ أبناء المسلمين القرآن الكريم وقد قرأ والحمد لله على يده الكثير فجزاه الله كل خير ونسأل الله تعالى أن تكون في ميزان حسناته انه ولي ذالك والق الي عرشى المخاليف
وبعد أربعة وعشرين عاما قضاها بين أحضان أسرته وحنان إخوته خادما لدينه ساعيا في الخير ومساهما فيه معلما لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى جاء اليوم الموعود وذاك بعد اتصالات حثيثة كانت بين الشيخ الطالب سي بولرباح وعرش المخاليف والذين كانوا يريدون من الشيخ أن يكون إمامهم ومعلم أبنائهم القرآن الكريم لما سمعوا عنه من فراسة وحكمة في تعليم القران الكريم ولما حققه في هذا المجال فكانت موافقته بعد تفكير طويل وكان من الصعب مفارقة أهله وأسرته وخلانه وحزم أمتعته وودع أهله وأبناء إخوانه ودعوا له بالخير والفتح المبين والتوفيق في مشواره واتجه نحو بلدية سيدي مخلوف إلى عرش أهل الفضل والكرم والجود حيث حط الرحال عند هؤلاء الاخيار وما أن ذاع الخبر بوصول الشيخ الجليل والمربى الحكيم اجتمع أعيانهم لاستقباله بحفاوة كبيرة تليق بمقامه لما شاع عنه من جهد وتفان في تعليم كتاب الله وأقاموا على شرفه مأدبة عشاء وأنزله خير منزل وأكرموه لما أهل لذالك واختير له مكانا لإقامته ومكانا لتعليم لقرأن الكريم
وسلك شيخنا مسلك الأبرار وسيرة الرجال محاول الذود عن حياض الشريعة ومعدن الحقيقة وتوفير خبرته خدمة لكتاب الله جل وعلا حبث انتفع به عرش المخاليف وكذالك أبناءهم إذ أنهم بلغوا مراتب متقدم من القرآن الكريم بل منهم من ختمه وهكذا مكث الشيخ سى بولرباح أربع سنوات مرشدا ومعلما وداعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فجزاه الله خير الجزاء على ماقدمه للإسلام والمسلمين وجعلنا مما يسير على نهجه في ميدان تعليم كتاب الله آمين يارب العالمين
إلى زاوية سيدي بولرباح سيدي أحمد المغربي
وكما تعلم أخي القارئ أن التعليم في الزاوية ليس كالتعليم في غيرها فالزاوية تتطلب جهدا إضافية صف إلى ذالك التقرب من التلميذ والاستماع إلى انشغالاته خاصة أن التلميذ أوالقندوز كما يلقب بعيدا عن والديه و لأن زاوية سيدي بولرباح أ ومدرسة بيت الشيخ معروف عنها أنها تقع في فضاء رحب بعيدة عن الفتن والأهواء زيادة على ذالك كثرة المريدين والمحبين من الأخوان والزوار الذين يأتون إلى الزاوية مما يرشح المعلم إلى تمثيل شيخ الزاوية في بعض الأحيان وكان من فراسة وحنكته الشيخ سي أحمد المغربي رحمه الله وطيب ثراه أن وقع اختياره على شيخنا سي بولرباح لماله من الكفاءة وقوة العزيمة علما أن له خبرة تفوق 24 عاما في ميدان التعليم القرءاني ما جعل الشيخ سي أحمد يختاره لقيادة سفينة القرآن الكريم وكأني به يتمثل في قول بن الوردي قيمة الإنسان مايحسنه أكثر الإنسان منه أوأقل وهكذا انطلق العارف بالله الشيخ سي أحمد نحو سيدي مخلوف إلى عرش الأشراف الكرام المخاليف حيث حضي باستقبال بهيج لما شاع عنه من الولاية والصلاح ثم بعد ذالك انتقل إلى بيت الشيخ سي بولرباح الطالب حيث أدخله بيته وأكرمه و بعد ذالك دار بينهما الحوار الذي جاء من أجله الشيخ أحمد المغربي ولم يلبث مليا حتى قال له لقد فكرة كثيرا وأحببت أن تكون معنا في محلك جوار جدك سيدي بولرباح قدس الله سره ولهذا جئتك من أجل أن تكون إلى جانبي في الزاوية لتتولى تعليم القرآن الكريم فسكت الطالب بولرباح برهة وغمره الحياء وكأني به يقول في داخله
كيف أجيب الشيخ وماذا أقول له هل أرفض أم ماذا فأعاد الشيخ نفس الكلام فتشجع الشيخ بولرباح قليلا وقال له ياسيدى أنت تعلم أنني هنا منذ 4 سنوات أقوم بتعليم القرآن الكريم وبالصلاة بالناس وهم يكنون لى كل الاحترام والتوقير والمحبة فكيف لوسمعوا بى أردت أن أفارقهم فأعاد عليه الشيخ سي أحمد نفس الكلام ولم يستطع الشيخ بولرباح أن يرفض طلب الشيخ سي أحمد المغربي وهذا بعد الإلحاح من طرف هذا الأخير علما بأن الشيخ سي بولرباح أراد أن يستقر عند المخاليف وإنهاء المسيرة هناك لاكن مشيئة الله أرادت غير ذالك وعزم الشيخ الطالب سي بولرباح على الرحيل وطلب السماح من عرش المخاليف وأعيانهم خاصة وأنهم علموا أن الطلب جاء بإلحاح من الولي الصالح والحكيم الناصح الذي لايرد له طلب لما شاع عنه من الولايات والصلاح ومحبة الخير للناس وشد شيخنا رحاله وودع أحبابه ودعوا له بالخير والصلاح وسار نحو بيت السخاء والكرم والجود بيت الشيخ أو زاوية سيدي بولرباح وما إن وصل حيث خصه الشيخ سي أحمد باستقبال حار يليق بمقام المربين الصادقين المخلصين كيف لا والشيخ سي أحمد معرف بتعظيم حملت القرآن الكريم متمثلا بقول ابن الجزري
وبعد فالإنسان ليس يشرف إلا بما يحفـــضه ويعرف
لذا كان حــاملوا القرآن أشرف الأمة أولى بالإحسان
وإنهم في اــلناس أهل الله وان رــــبنا بهم يباهى
وأنزله منزل الفضلاء وأكرمه بكرمه الواسع المعطاء وأسكنه جوار الزاوية في مسكن الشيخ سي بولرباح بن المغربي رحمه الله الملقب بلأحرش والذي عجزة النساء أن تلد مثله في عصره بنسبة إلى منطقتنا وهكذا كانت البداية لشيخنا مع تجديد العهد مع القران بحلة براقة مضيئة محطتها قوية وطريقها صعبة كيف لا وهي وصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وميراثه أما وصيته فقال عليه السلام =بلغوا عنى ولو آية= وأما ميراثه فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه مر بسوق المدينة فوقف عليها فقال يا أهل السوق ما أعجزكم قالوا وما ذاك يا أبا هريرة قال ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم وأنتم ها هنا ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه قالوا وأين هو قال في المسجد فخرجوا سراعا ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا فقال لهم ما لكم فقالوا يا أبا هريرة قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئا يقسم فقال لهم أبو هريرة وما رأيتم في المسجد أحدا قالوا بلى رأينا قوما يصلون وقوما يقرؤون القرآن وقوما يتذاكرون الحلال والحرام فقال لهم أبو هريرة ويحكم فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن
دعاك الحبيب فأجبت ملبيا وكنت بصدق سليل الكرام
وسطعت الأنوار وازداد ضياءها في بيت العلم ومنارة التوحيد ومهد ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمقدم الكريم والطود العظيم والأب الرحيم والذي عاهد نفسه أن يكون كفأ للأمانة الملقاة على عاتقه واتجه نحوا فرسه التي يطلق عليها اسم الأمل وألجمها بلجام الصدق والإخلاص وتقدم للقيادة متجها نحو الفتوحات الربانية سيرا على خط الآباء والأجداد المربين والذين اتخذوا من زاوية سيدي بولرباح محطة لتعليم القرءان الكريم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا=وقد كانت بداية عهدت شيخنا حفظه الله مع القرآن الكريم سنة1987م حيث سار على نهج سلفه في تعليم القرآن الكريم بالجد والاجتهاد والصبر والثبات بعيدا عن التكير و الخيلاء متحليا بمكارم الأخلاق آخذا عمله بالحزم والعزم واصله ليله بنهاره في تعليم القرآن الكريم فكيف لا وهو الذي اتصف بالجود و السخاء و الكرم و الوفاء وقد عرفته صغيرا و أن أبلغ من العمر عشر سنوات وقد تربيت عنده مدة أربع سنوات أوأكثر وكان يعاملني كواحد من أبناءه لست أنا فقط بل التلاميذ الذين يدرسون عنده كذالك بل كان دائما يكرمهم وكل سنة يعطيهم فحلا من فحول المعز يطهونه بطريقتهم الخاصة فضلا عن بعض الولائم والتي يقيمها خصيصا من أجلهم زيادة على مواساته لهم وكرمه عندما يكونوا في بيته بل انه يحب أن يطعمهم أشهى ماعنده من مأكل ومشرب ناهيك عن عابر السبيل والضيف وغير ذالك بل كان يحب أن يطرق بابه كل يوم وأن أكلمكم بما رأت عيني وسمعت أذني لان المرء ليتكلم إلا بماسمع ورأي فلقد لشيخنا حفضه الله مكانا خارج البيت يحب أن يجلس فيه وهذا بعد فراغه من تعليمنا أو يكون اليوم يوم الخميس أوصبيحة الجمعة ويصحب معه القهوة وما حواها ويجلس ينتتضر ويبصر يمينا وشمالا هل من مار هل من وارد للماء ولاسيما في موسم الربيع والذي يكثر فيه البدوا الرحل فيناديه بأعلى صوت كل من يمر به لاتذهب حتى تشرب القهوة وإذا كان وقت الغداء فيقول والله لن يذهب أحد حتى تتذوقوا معنا غدائنا ثم يناديني ويأمرني بأن أحضر لهم ماهو موجود فضلا عن عمال الطريق أن ذاك فقد كان دائما يرسل إليهم القهوة والغداء بل تارة يذهب بالأكل بنفسه وإذا حل الربيع حدث ولا حرج فيكون هنا الرفيس =وغير ذالك من الخيرات وإذا أتاه ضيف من الاغواط أوقريبا له يرحب به ترحيبا خاصا ولا يقول له انتظر العشاء أوشي من هذا القبيل بل يذهب بنفسه مباشرة إلى الزريبة ويأمر بذبح خيرة جديانه ولن تنسى ذاكرتي تلك المؤدبة والتي أقامها على شرف عائلة بمناسبة ختم القرآن الكريم والتي مازالوا إلى يومنا هذا يتذكرونها ولو أنه مر عليه 14 عاما لاكنا الخير لاينسى لمن يعرفون قدره و قيمته ولا سيما إن كان صادرا من أهل الخير والشكر والكفاف والعفاف أمثال شيخنا حفظه الله وجاد عليه بكل خير وله حكايات ونوادر وطرائف مع الطلبة والتي دائما حينما ألتقي مع أصدقاء الطفولة نعود بذاكرتنا إلى الوراء حيث نتذكر تلك الأيام التي قضيناه مع الطالب سي بولارباح وماكان منا من طرائف معه أثناء القراءة وبعدها
فيا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب
وكان يحب دائما يعلمنا في الأماكن المشمس والتي تكون مقابلة للشمس وهذا أيام الشتاء أما الصيف فكان يحب أن يعلمنا في مكان يكون فيه الظل كثير وقد قرأنا والحمد الله وحفظنا القرآن الكريم بفضل الله ثم بفضله فما أعظمها من نعمة وما أجلها من منحة فبارك الله فيك من شيخ وبارك الله فيك من مربي وجزاك الله عن الإسلام كل خير وكفاك شرفا ونبلا قول النبيى صلى الله عليه وسلم إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره أولدا صالحا تركه الخ=
ترجـــــل الفارس
وبعد أربعين سنة من العطاء والبذل والسخاء آن للفارس أن يترجل وأن ينزل من على ظهر فرسه الأمل و أن يرتاح بعد عمر حافل بالبطولات النادرة والتي حقق من خلالها انتصارات باهرة وفتوحات غابرة اعترف بها الزمن وسفق لها التاريخ ولقد سألت التاريخ عن التسفيق فأجابني بكل صدق وإخلاص وكأني به يسأل الزمان عن الاعتراف بهذه البطولات في ملاحقة ومحاربة الجهل وفلوله وتكلما معا بقولهما كيف لا ونحن نقص عليك مارأيناه بأعيننا وعشناه بأفئدتنا لقد كان الشيخ بولرباح من أهل الفضل والصلاح وحسن الأدب وتهذيب الأخلاق وصفاء السريرة سخي اليد باسم الفم متواضعا حليما محبوبا عند العامة والخاصة ولاسيما الطلبة اوالقناديز كما يلقبون بل انه من خيرة المعلمين ومن أطيبهم عاش في كنف القرآن وترعرع بين أحضانه فحري به أن يكون من خدامه البررة المخلصين سيرا على خط الآباء والأجداد الصالحين فكان حقا من الصادقين الذين صدق فيهم قول الله تبارك وتعالى =رجال صدقوا ماعاهدوا لله عليه= فلقد عاهد الله على الوفاء وعلى الإخلاص صدقا في الحديث صدقا في العمل صدقا في التفاني حتى أنهكه الكبر وأثقل كاهله المرض ومع ذالك تجده ضاحكا مبتسما قنوعا لايبالى بما أصابه ولولا المرض ومحن الزمان والسنون العجاف لما ترجل الفارس وأكمل مسيرة لاكنه ترجل وأعطى سيفه لهذا الجيل متمنيا لهم السير على نهجهه بخطى ثابتة فهل ستتحقق أمنية الفارس الشجاع القنوع
وكأني به ولسان حاله يقول
يامن يعانق دنيا لابقاء لـها يمسى ويصبح في دنياه أسفارا
هلا تركت لذى الدنيا معانقة حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كننت تبغي جنان الخلد تسكنها فينبغي لك أن لا تأمن النار
وكما يعلم الجميع أن الشيخ سي بولرباح لايملك راتبا شهريا ولا يملك غنما كما يوجد عند البعض ولا أموالا ولاكنه غني بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبالقناعة سائرا على خط الإمام الشافعي رحمه الله
رأيت القناعة رأس الغنى فصرة بأذيالها متمسك
فلا ذا يرانى عـلى بابها ولا ذا يرانى به منهمك
فصرة غنيا بلا درهم أمر على الناس شبه الملك
فالقناعة منهجه وذكر الله حرفته ولهذا تجده دائما ذاكرا لله شاكرا له على نعمه العظيمة الجزيلة ولاسيما بعد أن ترجل فمعظم أوقاته يؤديها في قراءة القرآن وذكر الله والصلاة على النبيى صلى الله عليه وسلم وما التفت يوما إلى الدنيا وجعلها هدفه الأساسي وان لم تصدق هذا فزره في بيته واسمع إلى كلامه
وكأني به ولسان حاله يقول
أمطري لؤلؤ جـبال سرنديبا وفيـــضي أبار تكرورا تبرا
أن إن عشت لست أعدم قوة وان مـــت لست اعدم قبرا
همتي هـــــمت الملوك ونفسي نفس حر ترى المذلة كفرا
وهو الآن يعيش في قرية بوشكيوة قربة زاوية سيدي بولرباح تحت كفالة ولده البار به محفوظى عبد الباقي والذي يستحق كل التقدير والإجلال وهو يعمل ليلا نهار من أجل إسعاده وإسعاد والدته وزوجته و أبناه فنسأل الله تعالى أن يعينه وأن يرزقه من حيث لايحتسب وأن يبارك فيه وأن يحفضه من كل بلاء ويكفيك شرفا قول بن عباس رضي الله عنهما قال ما من مؤمن له أبوان فيصبح وهو محسن اليهما إلا فتح الله له بابين من الجنة وفى الأخير أ قول لك أعانك الله وسدد خطاك وبارك فيك وجزاك الله كل خبر ولقد صدق من قال
واني من القوم الذين هـم هم إذا غاب منهم سيدا قام صاحبه
نجوم سماء كـلما غاب كوكب بدا كوكب تأوي إليه كـواكبه
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم دجى الليل حتى نضم الجزع ثاقبه
ومازال فيهـم حيث كان فيهم تسير العناية حتى سارت ركـائبه
اسماء الثلاميذ أو الطلبة
اعلم أخي القارئ أن الطلبة الذين قرؤوا على يدي الشيخ سي بولرباح في زاوية سي أحمد المغربي منهم من تخرج والتحق بالمعاهد الدينية لتكوين الأئمة ومنهم من التحق بأدرار لزاوية الشيخ سيدي محمد بالكبير رحمه الله وقدس سره لكي يوسع من معارفه في ميداني الشريعة الإسلامية ومنهم من شقى القرآن عنده ومنهم من تركه في العيدة الأولى ومنهم من تركه في العيدة الثانية ومنهم من تركه يطرق باب نصف القرآن ومنهم ربعه ومنهم ومنهم الخ =وهاك أخي بعض أسماء الطلبة الذين درسوا على يدى الشيخ حتى ولو أنى نسية جلها
تومى محمد خياطي بوحركات خياطى ناصر خياطى بن عياد خياطي أحمد خياطي أحمد خياطى عبد القادر خياطى العام دحام بوشارب دحام بوعلام عاشور الميلود لوعيل لخضر سعيدي محمد عاشور المدانى مدانى قادة مدانى أحمد جراوى عبد القادر بيعة محمد بيعة طاهر بيعة أحمد محفوضى العربى محفوضى أبرا هيم زعيترى محمد عبد الحفيضى محمد بوزيان بن عربية بوخرص الهوارى علاوى عون الله علاوى محمد خياطى حمزة طيبى بلقاسم كشيدة عمار كشيدة على كشيدة الطيب شنانة أمقنى عاشور محمد والمرحوم شاتى أحمد لقرع مصطفى لقرع محمد لقرع على رانبيى محمد غراب بولرباح كبوش الحاج رابحى أحمد طيبى بلقاسم عرابة عيسى خليل المختار وقد تركه في العيدة وكذا دحام عابد ومجذوب الناصر ودحام خلف الله وخياطى العيد وخياطى ساعد
وغيره والقائمة طويلة إلا أن ذاكرتي لم تستوعب إلا هذا الكم مع أنى نسيت الآخرين والمهم أنهم نالوا ولم يرجعوا إلى بيوتهم فارغين فجز الله عنا شيخنا خير الجزاء على ماكان منه من صدق ووفاء وهذا لسان حالي يقول
قال الإمام الديربى
واذكـر الآن رجالا كانوا كأنجم يزهـوا بهم الزمان
مشائخا صــحبتهم زمان أوزرتهــم تبركا أحيانا
مشائخى الأئمــة الأبرار وأخوتي الأحـبة الأخبار
أرجوا بذكـرهم بقاء الذكر لهم وفوزي بجزيـل الأجر
فأنهم عاشــوا بأنس الرب سراوذاقوا من شراب الحب
فهم جلوس في نعيم الحضرة وجوههم فى نضرة من نضرة
وكل شيخ نلت منه علماأودبا فهو أامامى حتما
وكل شـــيخ زرته للبركة فقد وجـد ريح تلك الحركة
واني لغفـــــلتي أقلهم وقــد تقضى منهم اجلهم
وقد عددت منهمو جمــاعة اشتهروا بالفضــل والبراعة
وماسكت عن سـواهم صدا ولم أطق حســر الجميع عدا
وإنما ذكرت قوما درجــوا ومن مضيق سجنهم قد خرجوا
قد كان لي بأنسـهم سلوان وما نسيت ذكرهــم إذ بانوا
وقد بقيتبعدهم فريدا مخلفا عن رفقتى وحيدا
أقطع الاوقات بالرجاء ليحضر الوفاة بالوفاء
وفى الزمان منهمو بقبة قليلة صالحة مرضية
فقل لهم اذا قاموا بعدنا يدعوا لنا فقد دعونا جهدنا
ا الخــــاتمة
وفى آخر المطاف لا يسعني إلا أن أقول لشيخنا وأستاذنا الطالب سي بولرباح إننا نشهد جميعا أنك أديت رسالة الحق وبلغت أمانة الصدق ولم تقصر يوم من الأيام في وضيفتك الدينية والأخلاقية والروحية بل قدمت كل ماتعرفه من أقوال وأفعال وحكم في ميادين الدعوة إلى الله والمتمثل في قول الحبيب صلى الله عليه وسلم أ فضل الصدقة أن يتعلم المرء المسلم علما ثم يعلمه أخاه المسلم وقد علمت وبلغت أمانته وأدية رسالته فكنت بصدق مما صدق فيهم قول الجليل جل في علاه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقد عاهدة الله على الصدق والإخلاص والتبليغ فجزاك المولى تبارك وتعالى خير الجزاء وأنعم عليك بدوام الصحة والعافية فاللهم كما اكرمنا وأكرم القوم قبلنا بجلالة القرآن وحلاوته أكرمه بالفردوس بأعلى مقام واجعل الأعمال التي قام بها في صحيفة أعماله وفى ميزان حسناته كما أسأله تعالى أن يحفظ أسرته الطيبة وأن يرزقهم السعادة والمحبة والوفاء والازدهار والعيش الرغيد تحت راية الكفاف والعفاف وفى الأخير أطلب من الذين يقرؤن هذا الكتيب المتواضع أن يدعوا لصاحبه بالحفظ والصلاح في الحياة وبالرحمة والغفران بعد الممات وكما تعلم أخي القارئ أن هذ البحث ربما لايخلوا من الأخطاء اللفظية لكثرة جهلي وقصور فهمي فاعذروني بارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير
إلى من حملتني وهنا ووضعتني وهنا الأم الغالية إلى من كان سبب في وجودي وتعب وصابر وثابر من أجلى الأب الرحيم إلى زاوية سيدي أحمد المغربي وعلى رأ سها الشيخ سي بلقاسم وأخويه إبراهيم والعربي إلى الأخ والابن البار محفوظى عبد الباقي وجميع أسرته إلى من كتبت من أجله هذه الأسطر المتواضعة الشيخ الطالب سي بولرباح وزجته الطيبة الطاهرة وأبناءهم والى كل المحبين والمخلصين هدية من العبد الضعيف الذي لاحول له ولا قوة إلا بالله والذي يسأل منكم الدعاء له ولوالديه والتوفيق فى كتيبه هذا انه ولي ذالك والقادر---
تمـــهيد
لقد تحركت مشاعري واقشعر فؤادي خـــلال
زيارتي لشيخي سى بولرباح ورأيت حاله الذي أثر في فقلت في نفسي لما لم اسددولو شيئا قليلا من جزيل كرمه ويكون ذالك بكتابة نبذت تاريخية تحمل في طياتها نزر ا قليلا مما أفقهه من تاريخ الشيخ سي بولرباح الحافل بالنوادر الباسل والحكايات الزاهرة وأنا أعلم أنى لست من أهل التعبير والإنشاء ولا من أهل القلم الأدباء ولا من النحات البلغاء وعلى هذا فما كان من صواب فمن الله وحده لاشريك له وما كان من خطئ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه
مقـــدمة
من منطلق قول النبيى الله صلى الله عليه من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه رواه أبو داود وقول القائـــل
إذا جاد الكريم ظئرا وانجلى فارفع يديك سـائلا رب الملا
وادع له بالخير والصلاح والحفظ والنصح دوما ياصاحي
فكيف لا وسيد الكونين أوصى به بالقــول دون مين
وعلى هذا المنوال وأن منذ زمن طويل وخاطري يهمس لي وفؤادي يسألني وقلبي يراودني ولساني يكلمني بالماضي الجميل مع طفولتي وبداية عهدي مع كتاب الله جل وعلا في بيت من بيوت الشهامة والسخاء محركا مشاعر البنوة في كيان وعواطف الحنان في وجداني لكي أتكلم عن الأب الرحيم والمعلم الحكيم والشيخ الجليل والذي أجاد لي بفضله وأتحفني بجوده و ألبسنى بكرمه حلة من أبه الحلل وأجلها إنها حلة القرآن الكريم والنور المبين ----
ولاكن مهما تكلم اللسان أوخط القلم ما استطاع أن يرد قطرة واحدة من بحر فضله وسخاء معاملته ومعاملة زوجته الطيبة الأم الرحيمة والجدة العطوف وأبناءها الطيبين والذين أكنوا لهم الاحترام والتقدير لما كان منهم من حلم وتقدير وكذا زوجة ولده والتي كانت كذالك في مكان الأم الحنون
فضل معلمي القرآن و شيوخ العلم
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله موّفق من توكل عليه، القيّوم الذي ملكوت كلّ شيء بيديه، حمداً طيّباً مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أرسله رحمةً للعالمين وخاتماً للنّبيّين وحرزاً للأميّين وإماماً للمتّقين بأوضح دليل وأفصح تنزيل وأفسح سبيل وأنفس تبيان وأبدع برهان. اللهمّ آته الوسيلة وابعثه مقاماً محموداً يغبطه الأوّلون والآخرون، صلّى الله عليه وعلى آله الطّيبين وصحابته المجاهدين وأزواجه أمّهات المؤمنين.أما بعد فلقد تمخض اللسان معلنا طربه للحاضرين مستعينا بالة عود لحنها المحبة وملؤها الوفاء تقديرا وعزا للشرفاء و النبلاء اعترافا وتوقيرا وتعظيما لبذرة الحنان ورمز الوجود معبرا عن وصفه بأبهى حلة الجمال والجلال و أطلقة عليه اسم رجال صدقوا إشارة إلى الصدق في العمل والإخلاص في البذل
فاللهم وفقنا في كتابة هذه الأسطر واجعلها خالصة لوجهك الكريم آمين يارب العالمين اللهم إنا نتوجه إليك ونسعى نحوك ونجاهد نفوسنا في طاعتك ونركب الصراط المستقيم الذي نهجته لنا إلى مرضاتك فأعنا بقوتك واهدنا بعزتك واعصمنا بقدرتك وبلغنا الدرجة العلي برحمتك والسعادة القصوى بجودك ورأفتك إنك على ما تشاء قدير
أخي القارئ دعني أنتقل بك إلى فضل معلمي القرآن وشيوخ العلم جاء في كتاب شرح هدية الألباب لصاحبه الشيخ سيدي عمر عند قوله وأعظم الأسباب للفتوح إلى أخ == أي أعظم أسباب الفتوح بالنسبة للتلميذ أوالطالب أومآ يلقب بالقندوز بالنسبة للزاوية طاعة الأستاذ أو المعلم في كل أمر جائز له وجه في الشرع ليس محضورا أي ممنوع وقوله واخدمه والزم عنده التواضع هذا أمر من الناظم وتفسيرا للطاعة أي ومن طاعته أن تخدمه وأن تتواضع إليه وأن تكرمه إذا فالزم أيها المتعلم ذالك ليفتح الله عليك واعلم أن الطالب لاينال العلم ولاينتفع به إلا بتعظيم العلم وأهله وتعضيم الأستاذ أو المعلم وتوقيره فقد قيل وما وصل من وصل الابالمحبة ومن تعظيم العلم تعظيم المعلم قال على كرم الله وجهه أنا عبد من علمني حرفا واحدا إن شاء باع وان شاء اعتق وان شاء استرق وكان شيخنا سى بولرباح دائما يقول من قراك أية فهو أباك ومن قراك آيتين فقد باعك واشتراك وفى ذالك قال الشاعر الحكيم
رأـيت أحق الحق حق المعلم واجبه حفــضا لكل مسلم
لقد حق أن يهدي إليه كرامة لـعلم حرف واحدا ألفا درهم
فان من علمك حرفا واحدا في الدين فهو أبوك في الدين وكان الشرازى رحمه الله يقول
من أراد أن يكون ابنه عالما فبنبغى أن يراعى الغرباء من الفقهاء ويكرمهم ويطعمهم ويعطيهم شيئا فان لم يكن ابنه عالما كان حفيده عالما
ومن توقير المعلم أن لايمشي أمامه ولا يجلس مكانه ولايبتدى بالكلام عنده إلا بإذنه ولا يسأل شيا عنده ملالته ويراع الوقت ولايدق الباب بل يصبر حتى يخرج وبالجملة يطلب رضاه ويجتنب سخطه ويمثل أمره في غير معصية الله تعالى فان لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ومن توقيره توقير أولاده وما يتعلق به
قال صاحب السراج
وعضمنه واحترم من انتسب له وشكره عليك قد وجب
وادع له فى الـغيب والحضور بما يـــفيد فيضان النور
وكن مــطيعا والتمس رضاه ولا تـحاول غيرما اقتضاه
ومعنا عضم أيها التلميذ شيخك الذي تقرأ عليه العلم وراع منزلة من انتسب إليه ببنوة أوأبوة اوغيرهما واشكره فان شكره واجب عليك وتعضيم العلماء فى الحقيقة تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم- لأنهم أنصار دينه وخلفاؤه ونوابه وقد أمسك ابن عباس على جلالة قدره بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه وقال هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وفى الحديث من وقر عالما فقد وقر ربه وقد صب الرشيد الما ء على يدي معاوية الضير حين فراغه من الأكل تعضيما للعلم ورأى الرشيد أيضا يوما ولده يصب الماء على رجل الاصمعى شيخه وهو يتوضأ ويغسل رجليه فعوتب الاصمعى فى ذالك وقال انى بعثته لك لتعلمه وتأدبه فلم لم تأمره أن يصب الماء بأحد يديه ويغسل رجليك بالأخرى وقال الشافعي رضي الله عنه كنت أتصفح الورقة بين يدي مالك تصفحا رقيقا هيبة له ليلا يسمع نقعها إلى أن قال وقد بلغنا أن الإمام النووي انه دعاه شيخه يوما ليأكل معه فقال ياسيدى اعفنى فان لي عذرا شرعيا فتركه فسأل بعض إخوانه ماذالك العذر فقال أخاف أن تسبق عين شيخي إلى لقمة فأكلها أن لاأشعر إلا أن قال وفي العهود أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نكرم العلماء ونجلهم ونوقرهم ولا نرى لنا قدرة على مكافأتهم ولو أعطيناهم جميع ما نملك أو خدمناهم العمر كله .
وهذا العهد قد أخل به غالب طلبة العلم والمريدين في طريق الصوفية الآن حتى لا تكاد ترى أحدا منهم يقوم بواجب حق معلمه وهذا داء عظيم في الدين يؤذن باستهانة العلم وبأمر من أمرنا بإجلال العلماء صلى الله عليه و سلم فصار أحدهم يسخر على شيخه حتى يصير شيخه يداهنه ويلاطفه ليسكت عنه فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،ثم قال فاعلم أنه ينبغي للطالب أن يخاطب شيخه بالإجلال و الإطراق وغض البصر كما يخاطب الملوك ،وفيها أيضا أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نبجل العلماء والصالحين و الأكابر ولو لم يعملوا بعلمهم و نقوم بواجب حقهم ونكل أمرهم إلى الله تعالى فمن أخل بواجب حقهم من الإكرام و التبجيل فقد خان الله ورسوله ،فان العلماء نواب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملة شرعه وخدامه فمن استهان بهم تعدى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وروى الطبراني مرفوعا تواضعوا لمن تعلمون عنه وفي رواية أيضا مرفوعا ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق ،ذو شيبه في الإسلام ،وذو العلم ،والإمام المقسط .وفيها أيضا من استحقر أستاذه ابتلاه الله بثلاث عقوبات ،الأولى أن ينسى ما حفظ منه ،والثانية أن يكل لسانه عند الفزع ،والثالثة أن يخرج من الدنيا بغير إيمان، ولأبي الدواني :قوله
فالـتزم الإجلال و التوقير لمن يريك العلم مستنيرا
وكـن لــه مبجلا معظما مرفعا لقــدره مكرما
واخفض الصوت ولا تضجره وما جنى عليـك فاغتفره
فحقه من أعــظم الحقوق وهجره من أعظم العقوق
وقال أبو علي اليوسي رحمه الله في آداب المتعلم ،ومنها أن يعظم شيخه ولا يزال ناظرا له بعين الإجلال ويعتقد فيه درجة الكمال ويتواضع له ويخضع بين يديه ويهابه غاية الهيبة ويعلم أن خضوعه له عزوذلته بين يديه رفعة ويقال أن الإمام الشافعي عوتب في ذلك فقال:(أهين لهم نفسي فهم يكرمونها ، ولن تكرم النفس التي لا تهينها ) ،ثم قال أبو علي ومنها أن يعرف له حقه ويشكر صنعه والمنة التي أجراها الله على يديه ويعتقد أنه أبوه بالولادة الروحانية وهي أفضل من الطبيعية فلا يزال مثنيا عليه و مستغفرا له ومسديا له غاية ما يمكنه من الإحسان وساعيا له في مكافأته بكل وجه يمكن وفي الحديث من أسدى إليكم معروفا فكافئوه وكل ما يفعله في حضوره يفعله في غيابه وبعد موته فينصره ويغضب له ويجاوب عنه من يذكره بسوء وأن عجز قام عن المجلس وكذا يعامل أولاده وأقاربه وأحبابه وسائر من له به نسبة وهذا شأن الصحبة والمحبة على الإطلاق ، قال في الحكم إذا شئت أن تلتذ بلمحة شهود العيان تذلل لمحبوب في سائر الأماكن وكل الزمن ،وفي ذلك قيل :
تذلل لمن تهوى لتنهز فرصة فكم عزة قد نالها المرء بالذل
فنسأل الله أن نكون من الموقرين للعلم وأهله وللقرآن وخاصته آمين آمين يارب العالمين
من هو الطالب سي بولرباح
هو الأب الرحيم والوالد الجليل والشيخ المربى سي بولرباح بن سي محمد بن سيدي بولرباح بن المحفوظ صاحب الأخلاق الفاضلة والمناقب الطيبة والسيرة الحميدة والنوادر الباسلة سابغ العطاء والجود والكرم واسع الأخلاق والتلطف والسخاء المشهور والمئاثر الحميدة والخصال الجليلة فاز بالثواب المرصع بأنواع الفضائل إرثا عن الآباء والأجداد ولد حفضه الله وبارك فيه سنة 1928م بين أحضان أسرة طيبة طاهرة شريفة القدر تنبع بالقرآن الكريم والنور المبين أبا عن جد حيث أن أباه سى محمد كان واحدا من أولياء الله الصالحين وجده سيدي بولرباح من كبار الزهاد والعباد المخلصين كيف لا والشبل من ذاك الأسد ومنذ أن رأت عيناه النور بدأت إرهاصات الفطانت والحنكة تلوح على وجهه وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه أضهر تفوقا كبيرا في الحفظ والذكاء حيث دشن وجوده وميلاده بالحب المبكر لكتاب الله وحملته وكأنه يشير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم أهل القرآن أهل الله وخاصته ولقد كان من عادة الشيخ سى محمد رحمه الله أن يلقن أبناءه القرآن الكريم منذ النشأ لكي يشبوا على ذالك ولقد صدق ابن عطا ء اذيقول =من أشرقت بدايته أشرقت نهايته =
وكأن لسان حاله يقول
تعلم فليس المرء يولد عالما وليس أخوا علم كمن هو جاهل
وان كـبير القوم لاعلم عنده صغيرا ذا التفت عليه الجحافل
وان صغير القوم إن كان عالما كــبير إذا ردت إليه المحافل
وكان يرى في الشيخ س بولرباح ذالك لما ظهر عنه من الحنكة والبراعة ولأن الوالد الشيخ سى محمد صاحب زاوية معرفة وتلقب حاليا ببيت سى على نسبة إلى نجل الشيخ سى محمد أخوا الشيخ سى بولرباح لما سهل الطريق لشيخنا لكي يرتوي من حياض القران الكريم إلا أن الرياح تجرى بما لتشتهيه السفن حيث توفى الوالد الشيخ سى محمد رحمه الله عن عمر يناهز المئة كان ذالك حوالى سنة1932م وتركه صغيرا في كفالة والدته الطيب الطاهر السيد زينب براهيمى بنت التونسي رحمها الله والتي كان دائما يحضا بالحنان والمحبة من طرفها وكذا الحنان الذي كان يحضا به من طرف إخوانه ولاسيما الأخ الأكبر الولي الصالح الشيخ سى على رحمه الله والذي أكمل أمنية أبيه وهى أن يحفظ ولد الشيخ بولرباح القران الكريم إذ أخذ به إلى الشيخ سى المختار بن سى الهاشمي حفيد الشيخ سي محمد رحمه الله وأوصاه بأن يعلمه كتاب الله وتلقين الأوراد فكان له ذالك حيث حفظ القران الكريم وشيء من المبادئ الفقهية على يدي ابن أخيه الشيخ سي المختار بن سي الهاشمي والذي كان من جهابذة حفظة القران الكريم المشهود لهم بالخير والصلاح وفى هذا الشئن تحضرني قصة الشيخ الهاشمي رحمه الله أومهرة الهاشمي والتي قرأتها في كتاب سي الميلود حفضه الله يقول هذا الأخير في كتابه التحقيق المتكامل
حكي لى البركة الحاج لخضر لبقع بن العسالى قائلا إن سي الهاشمي بن سى محمد بن سيدي على بن سيدي بولارباح لما سافر إلى ناحية ما من نواحي القنطرة لحق به أحد معارفه واخبره بكرة قائلا له إن مهرتك التي تركتها في البيت قد ماتت قال فتأثر الشيخ الهاشمي بهذا الفال وأنشأ هذه الأبيات المعبرة ومنها قوله
ياخوتى قلبي أهبل ضاري صبار يتـفكر في لمحان لآبا يـنساها
اللي جاني عود عــلينا لخبار قالوفـرسك ميته خلــيناها
صابحنى بجــواب قدام الحذار عدملى قـلبي وعيني بـكاها
أيعريه من المال وامقاموا في النار بجاه لمـــلاك والرسل معناها
قلتلهم ياناس نابونى ماصــار والوعد إلى صــابها باه أبلاها
نـطقوا ليا قالي مافـيهم عار حق امعاك أتسال عن سبت داها
ماها صافى وشعيرها مافيه اغبار والمقضيا وافيامن مــــولاها
مانى خادع مايتمت اصــغار ماقالو امشوم دعوه جبــناها
مانيشى سـحار بامسايل بخار ما رهجت انفوس ولا اقـتلناها
مانيشى امخازنى قايد جوار مانقصنا اجريدها زدنـاها مانيشى غوزاى ناكل ي الجار ماقـلوشى يجابها ولا آداها نعت الشجرة الغالة طاب باثمارها واتقوى مزن الحــجر واد هماها
نا قاضتني كي وجدت للمشوار راحت يزهدا قاع ماودعناها
لامن تام حي بو يشرى كيدار ولا العـودة الزايخة فارقناها
وهكذا تحققت أمنية المرحوم الشيخ سي محمد بأن يكون ولده من حفظة القران الكريم وماأ نستظهره حتى صار يعين شيوخه في تحفيظ القرآن لطلبة الزاوية إلا أن جاء اليوم الموعود وشب بن الكرام على أخلاق القرآن ومزايا البيان إذ اختير أن يكون خليفة لشيوخه في تعليم كتاب الله وكذا معينا لأخيه سي على في تسير الزاوية متمثلا في قول الإمام الشافعي
إذا رمت المكارم من كريم فيمم من بنى لله بيتا
فذاك الليث من يحمى حماه ويكرم ضيفه حيا وميتا
وشمر ساعد الجد مستعينا بالواحد الصمد الذي من استعان به أغناه عما سواه ومن توكل عليه كفاه وسلك منهج سلفه من الآباء والأجداد في طريق الحق والنور متحليا ومقتديا وراغبا في الخير وتعليمه لأبناء المسلمين مقتديا ==بقول النبيى صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه -- ومنذ تلك اللحظ وهو يسر بخطى ثابتتا في تعليم القرآن الكريم حتى ارتفعت منزلته وبدا يجول بلسانه ويحاور بقلمه ويجود بحكمه وإرشاداته راكبا فرسه الأمل سالا سيفه الإخلاص ومحاربا به فلول الجهل و ظلام الأمية ولا تطلق الأمية على الذي لايقرأ ولا يكتب بل تطلق عند العلامة بن عاشر على الذي لايعرف العقيدة كذالك ولهذا كان الشيخ سي بولرباح حريصا كل الحرص على مبادئ الشريعة كذالك وهو الذي ترعرع في أحضانها وكبر بأخلاقها حتى أصبح جبلا شامخا وطودا أشم وضل في هذا الميدان قرابة أربع وعشرين سنة رافعا راية العلم والمعرفة والتعليم والارتقاء بالتربية ومعارفها سيرا على طريقة أهل الحق المخلصين متمتمثلا في قول بن عاشر
يصحب شيخا عارفا المسالك يقــيه في طريقه المهالك
يذكـــــره الله إذا رآه ويوصــل العبد إلى مولاه
حتى بلغ مراده وهو تحفيظ أبناء المسلمين القرآن الكريم وقد قرأ والحمد لله على يده الكثير فجزاه الله كل خير ونسأل الله تعالى أن تكون في ميزان حسناته انه ولي ذالك والق الي عرشى المخاليف
وبعد أربعة وعشرين عاما قضاها بين أحضان أسرته وحنان إخوته خادما لدينه ساعيا في الخير ومساهما فيه معلما لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى جاء اليوم الموعود وذاك بعد اتصالات حثيثة كانت بين الشيخ الطالب سي بولرباح وعرش المخاليف والذين كانوا يريدون من الشيخ أن يكون إمامهم ومعلم أبنائهم القرآن الكريم لما سمعوا عنه من فراسة وحكمة في تعليم القران الكريم ولما حققه في هذا المجال فكانت موافقته بعد تفكير طويل وكان من الصعب مفارقة أهله وأسرته وخلانه وحزم أمتعته وودع أهله وأبناء إخوانه ودعوا له بالخير والفتح المبين والتوفيق في مشواره واتجه نحو بلدية سيدي مخلوف إلى عرش أهل الفضل والكرم والجود حيث حط الرحال عند هؤلاء الاخيار وما أن ذاع الخبر بوصول الشيخ الجليل والمربى الحكيم اجتمع أعيانهم لاستقباله بحفاوة كبيرة تليق بمقامه لما شاع عنه من جهد وتفان في تعليم كتاب الله وأقاموا على شرفه مأدبة عشاء وأنزله خير منزل وأكرموه لما أهل لذالك واختير له مكانا لإقامته ومكانا لتعليم لقرأن الكريم
وسلك شيخنا مسلك الأبرار وسيرة الرجال محاول الذود عن حياض الشريعة ومعدن الحقيقة وتوفير خبرته خدمة لكتاب الله جل وعلا حبث انتفع به عرش المخاليف وكذالك أبناءهم إذ أنهم بلغوا مراتب متقدم من القرآن الكريم بل منهم من ختمه وهكذا مكث الشيخ سى بولرباح أربع سنوات مرشدا ومعلما وداعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فجزاه الله خير الجزاء على ماقدمه للإسلام والمسلمين وجعلنا مما يسير على نهجه في ميدان تعليم كتاب الله آمين يارب العالمين
إلى زاوية سيدي بولرباح سيدي أحمد المغربي
وكما تعلم أخي القارئ أن التعليم في الزاوية ليس كالتعليم في غيرها فالزاوية تتطلب جهدا إضافية صف إلى ذالك التقرب من التلميذ والاستماع إلى انشغالاته خاصة أن التلميذ أوالقندوز كما يلقب بعيدا عن والديه و لأن زاوية سيدي بولرباح أ ومدرسة بيت الشيخ معروف عنها أنها تقع في فضاء رحب بعيدة عن الفتن والأهواء زيادة على ذالك كثرة المريدين والمحبين من الأخوان والزوار الذين يأتون إلى الزاوية مما يرشح المعلم إلى تمثيل شيخ الزاوية في بعض الأحيان وكان من فراسة وحنكته الشيخ سي أحمد المغربي رحمه الله وطيب ثراه أن وقع اختياره على شيخنا سي بولرباح لماله من الكفاءة وقوة العزيمة علما أن له خبرة تفوق 24 عاما في ميدان التعليم القرءاني ما جعل الشيخ سي أحمد يختاره لقيادة سفينة القرآن الكريم وكأني به يتمثل في قول بن الوردي قيمة الإنسان مايحسنه أكثر الإنسان منه أوأقل وهكذا انطلق العارف بالله الشيخ سي أحمد نحو سيدي مخلوف إلى عرش الأشراف الكرام المخاليف حيث حضي باستقبال بهيج لما شاع عنه من الولاية والصلاح ثم بعد ذالك انتقل إلى بيت الشيخ سي بولرباح الطالب حيث أدخله بيته وأكرمه و بعد ذالك دار بينهما الحوار الذي جاء من أجله الشيخ أحمد المغربي ولم يلبث مليا حتى قال له لقد فكرة كثيرا وأحببت أن تكون معنا في محلك جوار جدك سيدي بولرباح قدس الله سره ولهذا جئتك من أجل أن تكون إلى جانبي في الزاوية لتتولى تعليم القرآن الكريم فسكت الطالب بولرباح برهة وغمره الحياء وكأني به يقول في داخله
كيف أجيب الشيخ وماذا أقول له هل أرفض أم ماذا فأعاد الشيخ نفس الكلام فتشجع الشيخ بولرباح قليلا وقال له ياسيدى أنت تعلم أنني هنا منذ 4 سنوات أقوم بتعليم القرآن الكريم وبالصلاة بالناس وهم يكنون لى كل الاحترام والتوقير والمحبة فكيف لوسمعوا بى أردت أن أفارقهم فأعاد عليه الشيخ سي أحمد نفس الكلام ولم يستطع الشيخ بولرباح أن يرفض طلب الشيخ سي أحمد المغربي وهذا بعد الإلحاح من طرف هذا الأخير علما بأن الشيخ سي بولرباح أراد أن يستقر عند المخاليف وإنهاء المسيرة هناك لاكن مشيئة الله أرادت غير ذالك وعزم الشيخ الطالب سي بولرباح على الرحيل وطلب السماح من عرش المخاليف وأعيانهم خاصة وأنهم علموا أن الطلب جاء بإلحاح من الولي الصالح والحكيم الناصح الذي لايرد له طلب لما شاع عنه من الولايات والصلاح ومحبة الخير للناس وشد شيخنا رحاله وودع أحبابه ودعوا له بالخير والصلاح وسار نحو بيت السخاء والكرم والجود بيت الشيخ أو زاوية سيدي بولرباح وما إن وصل حيث خصه الشيخ سي أحمد باستقبال حار يليق بمقام المربين الصادقين المخلصين كيف لا والشيخ سي أحمد معرف بتعظيم حملت القرآن الكريم متمثلا بقول ابن الجزري
وبعد فالإنسان ليس يشرف إلا بما يحفـــضه ويعرف
لذا كان حــاملوا القرآن أشرف الأمة أولى بالإحسان
وإنهم في اــلناس أهل الله وان رــــبنا بهم يباهى
وأنزله منزل الفضلاء وأكرمه بكرمه الواسع المعطاء وأسكنه جوار الزاوية في مسكن الشيخ سي بولرباح بن المغربي رحمه الله الملقب بلأحرش والذي عجزة النساء أن تلد مثله في عصره بنسبة إلى منطقتنا وهكذا كانت البداية لشيخنا مع تجديد العهد مع القران بحلة براقة مضيئة محطتها قوية وطريقها صعبة كيف لا وهي وصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وميراثه أما وصيته فقال عليه السلام =بلغوا عنى ولو آية= وأما ميراثه فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه مر بسوق المدينة فوقف عليها فقال يا أهل السوق ما أعجزكم قالوا وما ذاك يا أبا هريرة قال ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم وأنتم ها هنا ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه قالوا وأين هو قال في المسجد فخرجوا سراعا ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا فقال لهم ما لكم فقالوا يا أبا هريرة قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئا يقسم فقال لهم أبو هريرة وما رأيتم في المسجد أحدا قالوا بلى رأينا قوما يصلون وقوما يقرؤون القرآن وقوما يتذاكرون الحلال والحرام فقال لهم أبو هريرة ويحكم فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن
دعاك الحبيب فأجبت ملبيا وكنت بصدق سليل الكرام
وسطعت الأنوار وازداد ضياءها في بيت العلم ومنارة التوحيد ومهد ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمقدم الكريم والطود العظيم والأب الرحيم والذي عاهد نفسه أن يكون كفأ للأمانة الملقاة على عاتقه واتجه نحوا فرسه التي يطلق عليها اسم الأمل وألجمها بلجام الصدق والإخلاص وتقدم للقيادة متجها نحو الفتوحات الربانية سيرا على خط الآباء والأجداد المربين والذين اتخذوا من زاوية سيدي بولرباح محطة لتعليم القرءان الكريم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا=وقد كانت بداية عهدت شيخنا حفظه الله مع القرآن الكريم سنة1987م حيث سار على نهج سلفه في تعليم القرآن الكريم بالجد والاجتهاد والصبر والثبات بعيدا عن التكير و الخيلاء متحليا بمكارم الأخلاق آخذا عمله بالحزم والعزم واصله ليله بنهاره في تعليم القرآن الكريم فكيف لا وهو الذي اتصف بالجود و السخاء و الكرم و الوفاء وقد عرفته صغيرا و أن أبلغ من العمر عشر سنوات وقد تربيت عنده مدة أربع سنوات أوأكثر وكان يعاملني كواحد من أبناءه لست أنا فقط بل التلاميذ الذين يدرسون عنده كذالك بل كان دائما يكرمهم وكل سنة يعطيهم فحلا من فحول المعز يطهونه بطريقتهم الخاصة فضلا عن بعض الولائم والتي يقيمها خصيصا من أجلهم زيادة على مواساته لهم وكرمه عندما يكونوا في بيته بل انه يحب أن يطعمهم أشهى ماعنده من مأكل ومشرب ناهيك عن عابر السبيل والضيف وغير ذالك بل كان يحب أن يطرق بابه كل يوم وأن أكلمكم بما رأت عيني وسمعت أذني لان المرء ليتكلم إلا بماسمع ورأي فلقد لشيخنا حفضه الله مكانا خارج البيت يحب أن يجلس فيه وهذا بعد فراغه من تعليمنا أو يكون اليوم يوم الخميس أوصبيحة الجمعة ويصحب معه القهوة وما حواها ويجلس ينتتضر ويبصر يمينا وشمالا هل من مار هل من وارد للماء ولاسيما في موسم الربيع والذي يكثر فيه البدوا الرحل فيناديه بأعلى صوت كل من يمر به لاتذهب حتى تشرب القهوة وإذا كان وقت الغداء فيقول والله لن يذهب أحد حتى تتذوقوا معنا غدائنا ثم يناديني ويأمرني بأن أحضر لهم ماهو موجود فضلا عن عمال الطريق أن ذاك فقد كان دائما يرسل إليهم القهوة والغداء بل تارة يذهب بالأكل بنفسه وإذا حل الربيع حدث ولا حرج فيكون هنا الرفيس =وغير ذالك من الخيرات وإذا أتاه ضيف من الاغواط أوقريبا له يرحب به ترحيبا خاصا ولا يقول له انتظر العشاء أوشي من هذا القبيل بل يذهب بنفسه مباشرة إلى الزريبة ويأمر بذبح خيرة جديانه ولن تنسى ذاكرتي تلك المؤدبة والتي أقامها على شرف عائلة بمناسبة ختم القرآن الكريم والتي مازالوا إلى يومنا هذا يتذكرونها ولو أنه مر عليه 14 عاما لاكنا الخير لاينسى لمن يعرفون قدره و قيمته ولا سيما إن كان صادرا من أهل الخير والشكر والكفاف والعفاف أمثال شيخنا حفظه الله وجاد عليه بكل خير وله حكايات ونوادر وطرائف مع الطلبة والتي دائما حينما ألتقي مع أصدقاء الطفولة نعود بذاكرتنا إلى الوراء حيث نتذكر تلك الأيام التي قضيناه مع الطالب سي بولارباح وماكان منا من طرائف معه أثناء القراءة وبعدها
فيا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب
وكان يحب دائما يعلمنا في الأماكن المشمس والتي تكون مقابلة للشمس وهذا أيام الشتاء أما الصيف فكان يحب أن يعلمنا في مكان يكون فيه الظل كثير وقد قرأنا والحمد الله وحفظنا القرآن الكريم بفضل الله ثم بفضله فما أعظمها من نعمة وما أجلها من منحة فبارك الله فيك من شيخ وبارك الله فيك من مربي وجزاك الله عن الإسلام كل خير وكفاك شرفا ونبلا قول النبيى صلى الله عليه وسلم إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره أولدا صالحا تركه الخ=
ترجـــــل الفارس
وبعد أربعين سنة من العطاء والبذل والسخاء آن للفارس أن يترجل وأن ينزل من على ظهر فرسه الأمل و أن يرتاح بعد عمر حافل بالبطولات النادرة والتي حقق من خلالها انتصارات باهرة وفتوحات غابرة اعترف بها الزمن وسفق لها التاريخ ولقد سألت التاريخ عن التسفيق فأجابني بكل صدق وإخلاص وكأني به يسأل الزمان عن الاعتراف بهذه البطولات في ملاحقة ومحاربة الجهل وفلوله وتكلما معا بقولهما كيف لا ونحن نقص عليك مارأيناه بأعيننا وعشناه بأفئدتنا لقد كان الشيخ بولرباح من أهل الفضل والصلاح وحسن الأدب وتهذيب الأخلاق وصفاء السريرة سخي اليد باسم الفم متواضعا حليما محبوبا عند العامة والخاصة ولاسيما الطلبة اوالقناديز كما يلقبون بل انه من خيرة المعلمين ومن أطيبهم عاش في كنف القرآن وترعرع بين أحضانه فحري به أن يكون من خدامه البررة المخلصين سيرا على خط الآباء والأجداد الصالحين فكان حقا من الصادقين الذين صدق فيهم قول الله تبارك وتعالى =رجال صدقوا ماعاهدوا لله عليه= فلقد عاهد الله على الوفاء وعلى الإخلاص صدقا في الحديث صدقا في العمل صدقا في التفاني حتى أنهكه الكبر وأثقل كاهله المرض ومع ذالك تجده ضاحكا مبتسما قنوعا لايبالى بما أصابه ولولا المرض ومحن الزمان والسنون العجاف لما ترجل الفارس وأكمل مسيرة لاكنه ترجل وأعطى سيفه لهذا الجيل متمنيا لهم السير على نهجهه بخطى ثابتة فهل ستتحقق أمنية الفارس الشجاع القنوع
وكأني به ولسان حاله يقول
يامن يعانق دنيا لابقاء لـها يمسى ويصبح في دنياه أسفارا
هلا تركت لذى الدنيا معانقة حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كننت تبغي جنان الخلد تسكنها فينبغي لك أن لا تأمن النار
وكما يعلم الجميع أن الشيخ سي بولرباح لايملك راتبا شهريا ولا يملك غنما كما يوجد عند البعض ولا أموالا ولاكنه غني بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبالقناعة سائرا على خط الإمام الشافعي رحمه الله
رأيت القناعة رأس الغنى فصرة بأذيالها متمسك
فلا ذا يرانى عـلى بابها ولا ذا يرانى به منهمك
فصرة غنيا بلا درهم أمر على الناس شبه الملك
فالقناعة منهجه وذكر الله حرفته ولهذا تجده دائما ذاكرا لله شاكرا له على نعمه العظيمة الجزيلة ولاسيما بعد أن ترجل فمعظم أوقاته يؤديها في قراءة القرآن وذكر الله والصلاة على النبيى صلى الله عليه وسلم وما التفت يوما إلى الدنيا وجعلها هدفه الأساسي وان لم تصدق هذا فزره في بيته واسمع إلى كلامه
وكأني به ولسان حاله يقول
أمطري لؤلؤ جـبال سرنديبا وفيـــضي أبار تكرورا تبرا
أن إن عشت لست أعدم قوة وان مـــت لست اعدم قبرا
همتي هـــــمت الملوك ونفسي نفس حر ترى المذلة كفرا
وهو الآن يعيش في قرية بوشكيوة قربة زاوية سيدي بولرباح تحت كفالة ولده البار به محفوظى عبد الباقي والذي يستحق كل التقدير والإجلال وهو يعمل ليلا نهار من أجل إسعاده وإسعاد والدته وزوجته و أبناه فنسأل الله تعالى أن يعينه وأن يرزقه من حيث لايحتسب وأن يبارك فيه وأن يحفضه من كل بلاء ويكفيك شرفا قول بن عباس رضي الله عنهما قال ما من مؤمن له أبوان فيصبح وهو محسن اليهما إلا فتح الله له بابين من الجنة وفى الأخير أ قول لك أعانك الله وسدد خطاك وبارك فيك وجزاك الله كل خبر ولقد صدق من قال
واني من القوم الذين هـم هم إذا غاب منهم سيدا قام صاحبه
نجوم سماء كـلما غاب كوكب بدا كوكب تأوي إليه كـواكبه
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم دجى الليل حتى نضم الجزع ثاقبه
ومازال فيهـم حيث كان فيهم تسير العناية حتى سارت ركـائبه
اسماء الثلاميذ أو الطلبة
اعلم أخي القارئ أن الطلبة الذين قرؤوا على يدي الشيخ سي بولرباح في زاوية سي أحمد المغربي منهم من تخرج والتحق بالمعاهد الدينية لتكوين الأئمة ومنهم من التحق بأدرار لزاوية الشيخ سيدي محمد بالكبير رحمه الله وقدس سره لكي يوسع من معارفه في ميداني الشريعة الإسلامية ومنهم من شقى القرآن عنده ومنهم من تركه في العيدة الأولى ومنهم من تركه في العيدة الثانية ومنهم من تركه يطرق باب نصف القرآن ومنهم ربعه ومنهم ومنهم الخ =وهاك أخي بعض أسماء الطلبة الذين درسوا على يدى الشيخ حتى ولو أنى نسية جلها
تومى محمد خياطي بوحركات خياطى ناصر خياطى بن عياد خياطي أحمد خياطي أحمد خياطى عبد القادر خياطى العام دحام بوشارب دحام بوعلام عاشور الميلود لوعيل لخضر سعيدي محمد عاشور المدانى مدانى قادة مدانى أحمد جراوى عبد القادر بيعة محمد بيعة طاهر بيعة أحمد محفوضى العربى محفوضى أبرا هيم زعيترى محمد عبد الحفيضى محمد بوزيان بن عربية بوخرص الهوارى علاوى عون الله علاوى محمد خياطى حمزة طيبى بلقاسم كشيدة عمار كشيدة على كشيدة الطيب شنانة أمقنى عاشور محمد والمرحوم شاتى أحمد لقرع مصطفى لقرع محمد لقرع على رانبيى محمد غراب بولرباح كبوش الحاج رابحى أحمد طيبى بلقاسم عرابة عيسى خليل المختار وقد تركه في العيدة وكذا دحام عابد ومجذوب الناصر ودحام خلف الله وخياطى العيد وخياطى ساعد
وغيره والقائمة طويلة إلا أن ذاكرتي لم تستوعب إلا هذا الكم مع أنى نسيت الآخرين والمهم أنهم نالوا ولم يرجعوا إلى بيوتهم فارغين فجز الله عنا شيخنا خير الجزاء على ماكان منه من صدق ووفاء وهذا لسان حالي يقول
قال الإمام الديربى
واذكـر الآن رجالا كانوا كأنجم يزهـوا بهم الزمان
مشائخا صــحبتهم زمان أوزرتهــم تبركا أحيانا
مشائخى الأئمــة الأبرار وأخوتي الأحـبة الأخبار
أرجوا بذكـرهم بقاء الذكر لهم وفوزي بجزيـل الأجر
فأنهم عاشــوا بأنس الرب سراوذاقوا من شراب الحب
فهم جلوس في نعيم الحضرة وجوههم فى نضرة من نضرة
وكل شيخ نلت منه علماأودبا فهو أامامى حتما
وكل شـــيخ زرته للبركة فقد وجـد ريح تلك الحركة
واني لغفـــــلتي أقلهم وقــد تقضى منهم اجلهم
وقد عددت منهمو جمــاعة اشتهروا بالفضــل والبراعة
وماسكت عن سـواهم صدا ولم أطق حســر الجميع عدا
وإنما ذكرت قوما درجــوا ومن مضيق سجنهم قد خرجوا
قد كان لي بأنسـهم سلوان وما نسيت ذكرهــم إذ بانوا
وقد بقيتبعدهم فريدا مخلفا عن رفقتى وحيدا
أقطع الاوقات بالرجاء ليحضر الوفاة بالوفاء
وفى الزمان منهمو بقبة قليلة صالحة مرضية
فقل لهم اذا قاموا بعدنا يدعوا لنا فقد دعونا جهدنا
ا الخــــاتمة
وفى آخر المطاف لا يسعني إلا أن أقول لشيخنا وأستاذنا الطالب سي بولرباح إننا نشهد جميعا أنك أديت رسالة الحق وبلغت أمانة الصدق ولم تقصر يوم من الأيام في وضيفتك الدينية والأخلاقية والروحية بل قدمت كل ماتعرفه من أقوال وأفعال وحكم في ميادين الدعوة إلى الله والمتمثل في قول الحبيب صلى الله عليه وسلم أ فضل الصدقة أن يتعلم المرء المسلم علما ثم يعلمه أخاه المسلم وقد علمت وبلغت أمانته وأدية رسالته فكنت بصدق مما صدق فيهم قول الجليل جل في علاه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقد عاهدة الله على الصدق والإخلاص والتبليغ فجزاك المولى تبارك وتعالى خير الجزاء وأنعم عليك بدوام الصحة والعافية فاللهم كما اكرمنا وأكرم القوم قبلنا بجلالة القرآن وحلاوته أكرمه بالفردوس بأعلى مقام واجعل الأعمال التي قام بها في صحيفة أعماله وفى ميزان حسناته كما أسأله تعالى أن يحفظ أسرته الطيبة وأن يرزقهم السعادة والمحبة والوفاء والازدهار والعيش الرغيد تحت راية الكفاف والعفاف وفى الأخير أطلب من الذين يقرؤن هذا الكتيب المتواضع أن يدعوا لصاحبه بالحفظ والصلاح في الحياة وبالرحمة والغفران بعد الممات وكما تعلم أخي القارئ أن هذ البحث ربما لايخلوا من الأخطاء اللفظية لكثرة جهلي وقصور فهمي فاعذروني بارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير