karimovic 20
2010-12-24, 16:20
بسم الله الرحمن الرحيم
بطلان اشتقاق لفظ ( الإنسان ) من النسيان
قال شيخ الاسلام العلامة ابن قيم الجوزية – رحمه الله رحمة واسعة –
(( فالإنسان سمي إنسانا : لأنه يونس ، أي بالعين يرى ، والناس فيه قولان .
أحدهما : أنه مقلوب من أنس ، وهو بعيد والأصل عدم القلب .
الثاني : وهو الصحيح : أنه من النوس ، وهو الحركة المتتابعة ، فسمي الناس ناسا للحركة الظاهرة والباطنة ، كما سمي الرجل حارث وهمام ، وهما أصدق الأسماء كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( أصدق الاسماء حارث وهمام ) لأن كل أحد له هم وإرادة ، وحرث وعمل ، وهو منتهى ، فكل أحد حارث وهمام ، والحرث والهم حركتا الظاهر والباطن وهو حقيقة النّوَس .
وأصل ناس : نوس ، تحركت الواو وقبلها فتحة ، فصارت ألفا هذان هما القولان المشهوران في اشتقاق ( الناس )
وأما قول بعضهم : إنه من النسيان وسمي إنسانا لنسيانه ، وكذلك سمي الناس ناسا لنسيانهم ، فليس هذا القول بشيء ، وأين النسيان الذي مادته ن س ي إلى الناس الذي مادته ن و س ؟! وكذلك أين هو من الأنس الذي مادته أ ن س ؟
وأما إنسان فهو فعلان من أ ن س ، والاف والنون في آخره زائدتان لا يجوز فيه غير هذا البتة ، إذ ليس في كلامهم أنسن ، حتى يكون إنسانا إفعالا منه ، ولا يجوز أن يكون الالف والنون في أوله زائدتين إذ ليس في كلامهم انفعل ، فيتعين أنه فعلان من الأنس .
ولو كان مشتقا من نسى لكان نسيانا لا إنسانا
فإن قلت : فهلا جعلته إفعلالا ، وأصله إنسيان ، كليلة إضحيان ، ثم حذفت الياء تخفيفا فصار إنسانا ؟
قلت : يأبى ذلك عدم افعلال في كلامهم ، وحذف الياء بغير سبب ، ودعوى مالا نظير له وذلك كله فاسد ، على أن ( الناس ) قد قيل : إن أصله الأناس فحذفت الهمزة ، فقيل : الناس ، واستدل بقول الشاعر :
* إن المنايا يطلعن على الأناس الغافلين *
ولا ريب أن أناسا فعال ، ولا يجوز فيه ذلك البتة فإن كان أصل ناس أناسا ، فهو أقوى الأدلة على أنه من أنس ، كالإنسان سواء في الاشتقاق ، ويكون وزن ( ناس ) على هذا القول : عال لأنه المحذوف فاؤه .
وعلى القول الاول يكون وزنه : فعل لأنه من النوس
وعلى القول الضعيف يكون وزنه : فلع لأنه من نسي فنقلت لامه إلى موضع العين فصار ناسا وزنه فلعا
( التفسير القيم الصفحة 216-217-218 )
بطلان اشتقاق لفظ ( الإنسان ) من النسيان
قال شيخ الاسلام العلامة ابن قيم الجوزية – رحمه الله رحمة واسعة –
(( فالإنسان سمي إنسانا : لأنه يونس ، أي بالعين يرى ، والناس فيه قولان .
أحدهما : أنه مقلوب من أنس ، وهو بعيد والأصل عدم القلب .
الثاني : وهو الصحيح : أنه من النوس ، وهو الحركة المتتابعة ، فسمي الناس ناسا للحركة الظاهرة والباطنة ، كما سمي الرجل حارث وهمام ، وهما أصدق الأسماء كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( أصدق الاسماء حارث وهمام ) لأن كل أحد له هم وإرادة ، وحرث وعمل ، وهو منتهى ، فكل أحد حارث وهمام ، والحرث والهم حركتا الظاهر والباطن وهو حقيقة النّوَس .
وأصل ناس : نوس ، تحركت الواو وقبلها فتحة ، فصارت ألفا هذان هما القولان المشهوران في اشتقاق ( الناس )
وأما قول بعضهم : إنه من النسيان وسمي إنسانا لنسيانه ، وكذلك سمي الناس ناسا لنسيانهم ، فليس هذا القول بشيء ، وأين النسيان الذي مادته ن س ي إلى الناس الذي مادته ن و س ؟! وكذلك أين هو من الأنس الذي مادته أ ن س ؟
وأما إنسان فهو فعلان من أ ن س ، والاف والنون في آخره زائدتان لا يجوز فيه غير هذا البتة ، إذ ليس في كلامهم أنسن ، حتى يكون إنسانا إفعالا منه ، ولا يجوز أن يكون الالف والنون في أوله زائدتين إذ ليس في كلامهم انفعل ، فيتعين أنه فعلان من الأنس .
ولو كان مشتقا من نسى لكان نسيانا لا إنسانا
فإن قلت : فهلا جعلته إفعلالا ، وأصله إنسيان ، كليلة إضحيان ، ثم حذفت الياء تخفيفا فصار إنسانا ؟
قلت : يأبى ذلك عدم افعلال في كلامهم ، وحذف الياء بغير سبب ، ودعوى مالا نظير له وذلك كله فاسد ، على أن ( الناس ) قد قيل : إن أصله الأناس فحذفت الهمزة ، فقيل : الناس ، واستدل بقول الشاعر :
* إن المنايا يطلعن على الأناس الغافلين *
ولا ريب أن أناسا فعال ، ولا يجوز فيه ذلك البتة فإن كان أصل ناس أناسا ، فهو أقوى الأدلة على أنه من أنس ، كالإنسان سواء في الاشتقاق ، ويكون وزن ( ناس ) على هذا القول : عال لأنه المحذوف فاؤه .
وعلى القول الاول يكون وزنه : فعل لأنه من النوس
وعلى القول الضعيف يكون وزنه : فلع لأنه من نسي فنقلت لامه إلى موضع العين فصار ناسا وزنه فلعا
( التفسير القيم الصفحة 216-217-218 )