المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث المسؤولية الدولية لاسرائيل في غزة


chaima djalfa
2010-06-05, 14:16
بحث حول المسؤولية الدولية لإسرائيل عن أعمالها اتجاه غزة
هدية للإخواننا في فلسطين


مقدمة

تعتبر مدينة غزة أكبر المدن الفلسطينية حيث تبلغ مساحتها 45 كم2 أما عدد سكان المدينة يقارب 400.000 نسمة. نظرا لموقعها الجغرافي الفريد بين آسيا و إفريقيا، و بين الصحراء جنوبا و البحر المتوسط شمالا حيث تقع غزة على خط طول 34 و خط عرض 31 فإن مدينة كانت و ما زالت تعتبر أرضا خصبة وكانت غزة دائما تعتبر مكانا تجاريا غنيا، و ذلك كان سببا كافيا لتعاقب احتلال المدينة من قبل جيوش كثيرة على مر التاريخ حيث احتلتها الأتراك في القرن السادس عشر وبقيت تحت حكمهم حتى سنة 1917 عندما استولت عليها القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى.
بعد فوز حركة حماس بعدد كبير من مقاعد البرلمان الفلسطيني في الانتخابات اندلعت العديد من المناوشات المتفرقة بين عناصر من حركتي فتح و حماس و وصل المر ذروته في منتصف يوليو من عام 2007 حين أقدمت عناصر من حركة حماس على السيطرة على قطاع غزة والمؤسسات الأمنية و الحكومية فيه.
و في نهاية عام 2007 و2008 حاصرت القوات الإسرائيلية قطاع غزة، وقطعت عنها الكهرباء و الوقود، و حرمت المرضى من الأدوية، و منعت الدول العربية المجاورة من إدخال الوقود إلى القطاع, و مازال الحصار مفروضا على القطاع حتى الآن, وقد استشهد كثير من الفلسطينيين من جراء الاشتباكات و التوغلات الإسرائيلية في القطاع، لا سيما حين قصفت مخيم جبليا شمالي قطاع غزة بالصواريخ وتوغلت فيه. و قد نزح الكثير من الفلسطينيين إلى معبر رفح آملين أن يدخلوا إلى الأراضي المصرية ليبحثوا عن السلام، لكن الإدارة المصرية سمحت للنازحين للدخول إلى الأراضي المصرية، و قد كسر النازحون معبر رفح في شهر مارس و مازالوا يعانون من آثار الحصار الظالم إلى الآن في ظل الصمت العربي و العالمي.

الخطة:

الإشكالية: ماهو أساس المسؤولية الدولية لإسرائيل؟
و ماهي كيفية محاكمة إسرائيل و ماهي نتائج ثبوت مسؤوليتها الدولية؟

المبحثI: أساس المسؤولية الدولية لإسرائيل.

المطلب01: المسؤولية الدولية المضاعفة لإسرائيل.
المطلب02: المسؤولية الدولية لإسرائيل على أساس العمل غير المشروع.

المبحثII: كيفية محاكمة إسرائيل ونتائج ثبوت مسؤوليتها الدولية.

المطلب01: كيفية محاكمة إسرائيل.
المطلب02: نتائج ثبوت المسؤولية الدولية لإسرائيل.

الفرع 01: الإلتزام بوقف الأعمال غير المشروعة.
الفرع 02: إصلاح الضرر.

المبحثI: أساس المسؤولية الدولية لإسرائيل
تثور المسؤولية الدولية لإسرائيل على أساس العمل غير المشروع بالإضافة إلى قيام مسؤوليتها الدولية الجنائية لأنها في حالة حرب، وهذا النمط من المسؤولية اكتشفه الأستاذAntonio Cassese ويخص الجرام الدولية والتي تكون محل قضاء دولي جنائي.

المطلب01: المسؤولية الدولية المضاعفة لإسرائيل
تقوم المسؤولية الدولية المضاعفة بقيام الدولة أو شخص تابع للدولة بجريمة من الجرائم الواردة على سبيل الحصر في المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وهي:

(1) جريمة الإبادة الجماعية Le Crime de Genocide:
توصف جريمة الإبادة الجماعية بأنها أشد الجرائم الدولية جسامة ومن الملفت للنظر بأن تعريفها جاء موحدا في معظم التشريعات الدولية التي تعرضت للجريمة بالتقنين بداية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة علية والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9/12/1948م، والنظام الأساسي لمحكمة مجرمي يوغوسلافيا السابقة في المادة الرابعة وأيضا محكمة مجرمي رواندا وأخيرا المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة لجنائية الدولية التي نصت على: (لغرض هذا النظام الأساسي تعني الإبادة الجماعية أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد هلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكا كليا أو جزئيا:
أ) قتل أفراد الجماعة.
ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي أو جسمي بأفراد الجماعة.
جـ) إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها الإهلاك الفعلي كليا أو جزئيا.
د) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة.
هـ) نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى ).
ولقد ارتكبت القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين الجرائم الواردة في الفقرات(أ/ب/ج) سالفة الذكر لذلك فهي مرتكبة لجريمة الإبادة الجماعية.

(2) الجرائم ضد الإنسانية ( Les Crims Contre L'humcenite ):
اهتم الفقه الدولي حديثاً بتعريف الجرائم ضد الإنسانية باعتبارها من الجرائم الدولية التي تستوجب المسؤولية الدولية والعقاب عليها. فقد عرفها البعض بأنها ( جريمة دولية من جرائم القانون العام بمقتضاها تعتبر دولة ما مجرمة إذا أضرت بحياة شخص أو مجموعة أشخاص أبرياء أو بحريتهم أو بحقوقهم، بسبب الجنس أو التعصب للوطن أو لأسباب سياسية أو دينية، أو إذا تجاوزت أضرارها في حالة ارتكابهم جريمة ما، العقوبة المنصوص عليها )
وعرف النظام الأساسي الجرائم ضد الإنسانية في المادة (7) التي اشترطت أن تتوافر الأركان التالية في الجرائم ضد الإنسانية:
أن تكون هناك سياسة دولة أو سياسة من قبل منظمة غير حكومية (م7/2)
أن تكون الجريمة من الجرائم المذكورة والمحددة حصراً في المادة (7/1) والمتمثلة في:
ـالقتل العمد: ويقصد به التسبب عن قصد وإرادة وعلم في إزهاق روح شخص أو أشخاص بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
ـالإبادة الجماعية: التسبب عن قصد وإرادة وعلم في موت جماعة مدينة من الناس أو تعمد خلق ظروف معيشية صعبة يقصد بها الإبادة الجسدية أو الإيذاء الجسدي أو الإبادة البيولوجية أو الإبادة الثقافية.
ـالاسترقاق: وهو مرادف الرق والاستعباد.
ـالإبعاد القسرى: يقصد به نقل الأشخاص قصراً من إقليم دولتهم أو مدينتهم إلى أماكن أخرى.
السجن التعسفي: أي الحبس بدون حكم نهائي يقضى بذلك ويمكن إضافة التعذيب إلى السجن التعسفي.
ـالاغتصاب والاعتداء الجنسي الخطير.
ـالاضطهاد السياسي أو العنصر الديني.
وقد ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي ما في الفقرات السابقة من المادة السابعة من النظام الأساسي لمحكمة الجنائية الدولية.

(3) جرائم الحرب: ( Les Crimes du Guerre ):
وهي الجرائم التي ترتكب ضد قوانين وعادات وأعراف الحرب، سواء صدرت عن المحاربين أو عن غيرهم، وقد عرفتها المادة (6/ب) من لائحة محكمة نورمبرج بأنها(الأعمال التي تشكل انتهاكاً لقوانين وأعراف الحرب).
وقد عرفتها المادة (8/2 - أ/ب) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأنها (الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 أغسطس 1949م وكذلك الانتهاكات الجسيمة الأخرى للقوانين والأعراف السارية والمطبقة على المنازعات المسلحة الدولية في النطاق الثابت في القانون الدولي).
تنقسم جرائم الحرب إلى قسمين، هما: جرائم ضد المجتمع الدولي، وجرائم ضد الأفراد العاديين، فيتمثل القسم الأول في احتلال أقاليم دولة أخرى، أي توجيه عمل عدواني ضدها، أما القسم الثاني يتضمن الجرائم التي ترتكب ضد الأفراد العاديين، وهي تقسم إلى ثلاثة أنواع هي: جرائم تتعلق بسلوك المحاربين أثناء الحرب (مثل استخدام الأسلحة الممنوعة دولياً كالغازات السامة وضرب المستشفيات أو الطائرات الطبية)، وجرائم تتعلق بمعاملة الجرحى والأسرى والمرضى (كقتلهم أو تعذيبهم أو الإجهاز على الجريح) وقد قامت القوات الإسرائيلية بجميع تلك الأفعال.

(4) جريمة العدوان: (guerre unjust):
مصطلح العدوان حديث نسبيا حيث تقدمت لجنة القانون الدولي بعدة مشاريع لتعريف العدوان، وفي أفريل 1974 تم الاتفاق على تعريف موحد للعدوان تبنته الجمعية العامة في القرار رقم(3314) الصادر في 1974 حيث عرف العدوان بأنه: : "استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو أية صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة"، وعرف جريمة العدوان بأنها ترتكب حينما يوجه الهجوم المسلح الذي تقوم به دولة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لدولة أخري وذلك بهدف الاحتلال العسكري أو الضم الشامل أو الجزئي لإقليم تلك الدولة).
إن إسرائيل لها وجود قانوني في فلسطين المحتلة وهي دولة طبقا لقرار التقسيم وقبولها عضوا في الأمم المتحدة، فأنها تكون بذلك قوة احتلال فيما ذلك، وتطبيقا لقرار التقسيم بوجود دولة عربية فأن ما تقوم به إسرائيل على مناطق الغربية وغزة جريمة عدوان تطبيقا على ما سبق ذكره من أحكام.

المطلب02: المسؤولية الدولية لإسرائيل على أساس العمل غير المشروع
لتحريك المسؤولية الدولية لإسرائيل يشترط تحقق الشروط العامة للمسئولية بارتكاب فعل غير مشروع وفق أحكام القانون الدولي، ويُسند إلى الدولة (السلطات التنفيذية،التشريعية،القضائية) أو أحد أشخاص القانون الدولي العام، أو أحد مواطنيها، ويعتبر عملا غير مشروع انتهاك التزام دولي الذي يوقع ضررًا بدولة أو بمواطنيها.

الطرح القانوني:
تثور المسؤولية الدولية لإسرائيل حسب المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية بخرقها:

1ـالإتفاقات الدولية:
ـ ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 والبروتوكول الإضافي لعام1980:
يعتبر الميثاق اتفاقية دولية ملزمة للدول الأطراف ، وتعتبر مواده نصوصًا قانونية ملزمة لما يتمتع به الميثاق من أفضلية على الالتزامات الدولية الأخرى ، ومن أهم مواد الميثاق التي تتعلق بمنع العدوان (م/2-4) والتي منعت مجرد التهديد باستعمال القوة في العلاقات الدولية ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي لأية دولة ، ونصت (م/25) على تعهد الدول بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها ، وبالمقابل رفضت إسرائيل الالتزام بجميع قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن على حد سواء ، ولتأكيد حظر العدوان أباحت الأمم المتحدة في (م/51) حق الدفاع الشرعي للدول بشكل فردي أو جماعي.
وينص البروتوكول الثالث بشأن حظر أو تقييد استعمال الأسلحة المحرقة وهو بروتوكول إضافي لاتفاقية الأمم المتحدة للعام 1980 بشأن حظر وتقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة على حظر استخدام مثل هذه الأسلحة ضد المدنيين، كما يحظر جعل أي هدف عسكري موجود داخل تجمعات المدنيين هدفاً للهجوم بالأسلحة المحرقة، ويُذكر أن إسرائيل ليست دولة طرفاً في البروتوكول الثالث بشأن حظر وتقييد استعمال الأسلحة المحرقة، ولكنها ملزمة بما سبق بيانه من محظورات تتضمن في داخلها تحريم استخدام هذه الأسلحة.
وتستخدم قوات الاحتلال الإسرائيلية القنابل الفراغية وهي نوع من الأسلحة الحرارية المعروفة أيضاً باسم متفجرات هواء الوقود، وهذا النوع من السلاح يولد سحابة من الغازات الخفيفة في المنطقة المستهدفة، ثم يتم إشعالها فتشكل كرة نارية تفرغ الهواء من الجو وتُحدث تأثيرات مميتة، من قبيل الإصابة بحروق شديدة وتعطيل الرئتين، على الأشخاص الموجودين في المنطقة المستهدفة، وهذه الأسلحة، شأنها شأن جميع أسلحة الحرب الحديثة، تشكل خطراً على المدنيين ويمكن استخدامها في الهجمات العشوائية وغيرها من الهجمات غير القانونية، إن إمكانياتها التدميرية الهائلة تثير بواعث القلق من لأنها تسفر قتل عشوائي، لذلك فاستخدامها جريمة حرب.

ـ اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 و البروتوكول الإضافي الأول عام 1977:
تثور المسئولية الدولية لإسرائيل بموجب اتفاقيات جنيف الأربع التي حظرت التحلل من المسئولية أو تحليل الغير منها، والناجمة عن المخالفات الجسيمة التي أوردتها المواد المشتركة بين الاتفاقيات، وأعطت اختصاصًا عالميًا يحق بموجبه للدول الأطراف ملاحقة ومحاكمة مرتكبي تلك المخالفات، والتي صنفها البروتوكول الأول كجرائم حرب يسأل بموجبها الطرف الذي ينتهك أحكام الاتفاقيات الأربع والبروتوكول عن كافة الأشخاص الذين يشكلون جزءًا من قواته المسلحة، وتتحمل إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال المسئولية عن أفعال جيشها المعتدي وذلك في النقاط التالية:

1 - الهجمات المباشرة على المدنيين:
تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن هجمات مباشرة علي المدنيين بالضفة وغزة، مما يخالف ما نصت عليه المادة (48) من البروتوكول الأول علي مبدأ التمييز وهو القاعدة الأساسية المتعلقة بحماية المدنيين في النـزاع المسلح الدولي وغير الدولي فقالت (تعمل أطراف النـزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجيه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين احترام وحماية السكان المدنيين والأهداف المدنية) ولكن الدول دائما لا تعترف بأنها تستهدف المدنيين عمداً، وعدداً قليلاً جداً من الجماعات المسلحة وحركات التحرر الوطني يعترفون بذلك، ويتم تبرير الهجمات المباشرة على المدنيين بنفي أن يكون الضحايا مدنيين، ويتم تبرير قصف المدنيين من خلال غموض التفرقة بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية، وبمبدأ الضرورة العسكرية، و يُستهدف المدنيون في معظم النـزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية فإن معظم الضحايا من المدنيين.
وقد نص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة(المادة 8 /2/ ب/أ) علي إن شن هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين بصفتهم كذلك، أو ضد الأفراد المدنيين الذين لا يشتركون في الأعمال الحربية، يعتبر جريمة حرب.

2 - العمليات العسكرية ضد الأهداف المدنية:
تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات عسكرية ضد أهداف مدنية فلسطينية واضحة للعيان بأنها أهداف مدنية، فقوات الاحتلال الإسرائيلي جعلت كل ما علي الأرض في الضفة وغزة هدفا عسكريا، وقد عرفتً المادة (52/1) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م الأول الأهداف المدنية بإن (الأهداف المدنية هي جميع الأهداف التي ليست أهدافاً عسكرية) وعرفت الأهداف العسكرية في الفقرة الثانية من ذات المادة بأنها (تلك التي تساهم مساهمة فعالة في العمل العسكري، سواء كان ذلك بطبيعتها أو بموقعها أو بغايتها أو باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة).
إن الأهداف التي لا ينطبق عليها هذه المعايير تعتبر أهدافاً مدنية، وفي الحالات التي يكون فيها من غير الواضح ما إذا كان الهدف يُستخدم لأغراض عسكرية أم لا، فإنه ينبغي الافتراض بأنه هدف مدني طبقا للمادة(52/3).

3 - الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة:
كل عمليات قوات الاحتلال الإسرائيلي عشوائية وغير متناسبة مما يخالف القانون الدولي الإنساني فقد نصت المادة(51/4) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م على حظر الهجمات العشوائية فأوردت(تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن أن توجه إلى هدف عسكري محدد، وتلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا البروتوكول) لذلك فإن الهجمات العشوائية بطبيعتها تصيب الأهداف العسكرية والمدنيين أو الأهداف المدنية من دون تمييز، وتحدد المادة (51/5) نوعاً آخر من الهجمات العشوائية وهو(الهجوم الذي يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات في صفوفهم أو أضراراً بالأهداف المدنية أو مزيجاً من هذه الخسائر والأضرار، يفرط في تجاوز ما يُنتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة).

4 - الاحتياطيات أثناء الهجوم:
لا تأخذ قوات الاحتلال الإسرائيلي الاحتياطيات الواجبة التي فرضها القانون عليها، فقد نصت المادة(57) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م علي أنه(يجب أن تُبذل رعاية متواصلة في إدارة العمليات العسكرية من أجل المحافظة على السكان المدنيين والأشخاص المدنيين والأهداف المدنية) وفي حالة عدم وضوح ما إذا كان الهدف يُستخدم لأغراض عسكرية أم لا، (ينبغي الافتراض بأنه غير مستخدم لتلك الأغراض) طبقا للمادة (35/2) منه، وقد هاجمت إسرائيل مواقع ادعت أنها استُخدمت لإطلاق صواريخ عليها أسفرت عن وفاة العديد من المدنيين، وحتى لو تحققت إسرائيل من أن الصواريخ قد أُطلقت من موقع محدد، فإنها يجب أن تتخذ الاحتياطيات الضرورية قبل شن الهجوم، وما إذا كان الهدف قد بقي ذا صفة عسكرية، فإذا أُطلق صاروخ من على سطح أحد منازل المدنيين، ثم غادر قاذف الصاروخ والمقاتلون المكان، فإنه لا يجوز اعتبار هذا المنـزل هدفاً عسكرياً، ويجب التأكد عما إذا كان المدنيون بالقرب من الهدف، وضمان ألا يكون الهجوم غير متناسب في حالة الهجوم.

5 - عدم السماح بوصول المساعدات الإنسانية وحظر التجويع:
تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بفرض حصار ظالم علي الأراضي الفلسطينية بالسيطرة الغير المشروعة علي المعابر وتمنع دخول المساعدات الإنسانية لهم مما يخالف القانون الدولي تحت مزاعم ودعاوى أمنية مزيفة، فقد نصت المادة(54/ 1/ 2) من البروتوكول الإضافي الأول لعام1977م علي حظر تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، كما يُحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأهداف والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ويتعين على أطراف النـزاع أن تسمح وتسهل المرور السريع وبدون عراقيل للإغاثة الإنسانية المحايدة طبقا للمادة (70 )منه كما يتعين عليها احترام وحماية أفراد الخدمات الطبية ووسائل مواصلاتهم طبقا للمادتين(15و21) منه.
تفرض إسرائيل حصاراً بحرياً وجوياً على الأراضي الفلسطينية مما أدي إلي تردي الأوضاع الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون يوماً بعد يوم، وأدى عدم تزويد غزة بالوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية وغيرها إلي إظلام غزة وتوقف الحياة شبة الكامل وحرمان المستشفيات والمستوصفات وغيرها من المرافق الطبية من عمل المعدات الطبية الضرورية، كما أن عربات الإسعاف وطواقم الإنقاذ تعرضت للهجوم من قبل القوات الإسرائيلية، بينما كانت تحاول الوصول إلى ضحايا القصف، ومع أن عمليات الحصار غير محظورة بحد ذاتها، فإنها ينبغي أن تلتزم بحق السكان المدنيين الذين يحتاجون إلى تلقي الإغاثة الإنسانية، كما تنص على ذلك اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الأول وكل هذه الأعمال تعتبر جريمة حرب طبقا للمادة (8/2/ب) من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية.

6 - حظر استخدام الأسلحة العشوائية:
تحظر المادة (51/4) من البروتوكول الأول التي تنص الهجمات العشوائية، بما فيها(تلك التي تستخدم أسلوباً أو وسيلة للقتال، لا يمكن توجيهه إلى هدف عسكري محدد، والهجمات التي لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا البروتوكول) ويمكن تعريف السلاح العشوائي بأنه السلاح الذي له آثار لا تميز إما بسبب خصائصه المتأصلة فيه أو بسبب طريقة استخدامه، أو بسبب كليهما، وحيثما تُظهر الأدلة أن سلاحاً ما ينطوي على احتمال كبير بأن تكون له آثار عشوائية، مما يعني أنه في كلتا الحالتين أن الهجمات السالفة من شأنها أن تصيب أهدافاً عسكرية أو أهداف مدنية و بالتالي كافة هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلية من هذا النوع، لذلك فهي جرائم حرب.

ـ اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948:
اعتبرت الأمم المتحدة الإبادة الجماعية سواء ارتكبت في أيام السلم أو أثناء الحرب جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها، وقد اعتبرت الأمم المتحدة مجزرة صبرا وشاتيلا التي اقترفت بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من قبيل الإبادة الجماعية مما يثير مسئولية إسرائيل الدولية عن ارتكابها.

ـ اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لعام 1968:
أكدت الاتفاقية على عدم سريان التقادم على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، ونصت على تعهد الدول بملاحقة ومعاقبة مرتكبي تلك الجرائم، الأمر الذي يؤكد مسئولية إسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، وعدم سقوط أيًا من تلك الجرائم بالتقادم ومضي الزمن، مما يتطلب ضرورة تشكيل محكمة جنائية دولية خاصة من قبل مجلس الأمن على غرار محكمتي يوغسلافيا 1993، ورواندا 1994 لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين عن الجرائم السابقة على دخول النظام الأساسي للمحكمة الجنائية حيز النفاذ.

ـ مبادئ نورمبرجNuremberg التي صاغتها لجنة القانون الدولي عام 1950:
نص المبدأ الثاني من مبادئ نورمبرجNuremberg أن "عدم فرض القانون الداخلي عقوبة على فعل يشكل جريمة بمقتضى القانون الدولي لا يعفي الشخص الذي ارتكب الفعل من المسئولية بمقتضى القانون الدولي"، وقد نص المبدأ الثالث على عدم إعفاء الرئيس والقادة من المسئولية.
فامتناع القضاء الإسرائيلي عن محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، أو عدم اعتبار ممارساتهم جرائم لا يعفي من مساءلتهم أمام القانون الدولي.

ـ مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لعام 1973:
والتي تنص على أن تبقى الجرائم المنصوص عليها موضع تحقيق، ومرتكبيها موضع تعقب وملاحقة ومعاقبة.
فاستمرار إفلات مجرمي الحرب الإسرائيليين من الملاحقة والمعاقبة يؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات تكفل تطبيق القانون الدولي وتحمل إسرائيل تبعة مسئوليتها الدولية.

2ـ قرارات الأمم المتحدة:
والتي من أهمها:
أ. القرار (242) الصادر عن مجلس الأمن في 22نوفمبر1968، يرتب المسئولية الدولية لإسرائيل لخرقها الواضح نص القرار الذي يؤكد على عدم الاعتراف بضم الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها عن طريق الحرب. ب. القرار رقم (194) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في11ديسمبر1949، والذي يعتبر أهم القرارات التي تضمنت حق العودة للاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي يثير مسئولية إسرائيل عن قضية اللاجئين.
ج. القرار رقم (3314) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14ديسمبر1974 والخاص بتعريف العدوان نصت المادة الأولى منه على أن " العدوان هو استخدام القوة المسلحة من جانب إحدى الدول ضد سيادة ووحدة الأراضي، أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى ، أو بأية طريقة لا تتفق مع ميثاق الأمم المتحدة " ، يتحمل قادة إسرائيل المسئولية الجنائية الفردية عن كافة أعمال العدوان التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ، وخاصة في ظل العدوان الشامل خلال انتفاضة الأقصى ، الأمر الذي يستوجب تقديمهم للمحاكم الدولية كمجرمي حرب.

المبحثII: كيفية محاكمة إسرائيل ونتائج ثبوت مسؤوليتها الدولية
بإثارة المسؤولية الدولية لإسرائيل عن الأعمال غير المشروعة تتم محاكمتها على عدة سبل ويترتب على ذلك الالتزام بإصلاح الضرر(التعويض، إعادة الحال إلى ما كان عليه، الترضية).
المطلب01: كيفية محاكمة إسرائيل.
شهد القانون الدولي العديد من محاكمات مجرمي الحرب ابتداءً من محكمتي نورمبرج Nuremberg، وطوكيو وانتهاءً بمحاكم يوغسلافيا، ورواندا، وسيراليون إلا أن مجرمي الحرب الإسرائيليين يتمتعون بحصانة أمريكية حالت حتى الآن دون مثولهم أمام المحاكم الدولية سواء بموجب الفصل السابع من الميثاق القاضي بتشكيل مجلس الأمن محاكم دولية خاصة أو بموجب الاختصاص القضائي العالمي، ونتناول في هذا السياق السبل المتاحة لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين:

1- المحاكمة أمام محاكم الدول الأعضاء في اتفاقيات جنيف
أعطت اتفاقيات جنيف الأربع اختصاصًا عالميًا للدول الأطراف، حيث ألزمتهم بنص المواد المشتركة بين الاتفاقيات الأربع م/49جنيف الأولى، م/50جنيف الثانية، م/129جنيف الثالثة، م/146 جنيف الرابعة بملاحقة المتهمين باقتراف المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها وتقديمهم إلى محاكمها أيًا كانت جنسيتهم، أو تسليمهم لطرف آخر معني بمحاكمتهم.
وأكد مبدأ الاختصاص العالمي ما ورد في المادة (86/1) من البروتوكول الأول التي طالبت الدول المتعاقدة وأطراف النزاع بقمع الانتهاكات الجسيمة واتخاذ الإجراءات اللازمة بمنع كافة الانتهاكات الأخرى لاتفاقيات جنيف، فالاختصاص العالمي الذي منحته اتفاقيات جنيف والبروتوكول الأول بقمع الانتهاكات الجسيمة، والتي تشكل جرائم حرب يشمل جميع الدول الأعضاء والدول أطراف النزاع، ومنها إسرائيل التي يترتب عليها التزام دولي بمحاكمة مجرمي الحرب من مواطنيها، وفي حال امتناعها يحق لأي من الدول الأعضاء والدول المعنية أو للمحكمة الجنائية الدولية بصفتها قضاءً جنائيًا دوليًا دائمًا محاكمتهم.
وسبق لمحكمة بريطانية أن أصدرت أمراً بإلقاء القبض على الجنرال دورون ألموغ القائد السابق للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي بعد أن رفع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان دعوى قضائية ضده لارتكابه جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة، مستندة إلى دور ألموغ في المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حي " الدرج " بمدينة غزة بتاريخ 15-7-2002، والتي قتل فيها 15 فلسطينياً، من بينهم تسعة أطفال.
وفي 24/2/2008م ببروكسل(عاصمة بلجيكا) حكمت "محكمة الضمير العالمية" على "إسرائيل" بارتكاب جرائم العدوان والحرب والإبادة وجرائم ضد الإنسانية، هي المرة الأولى في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني يكسب العرب في محكمة عالمية، وجاءت الدعوة إلى إنشاء هذه المحكمة من للدكتورة ليلى غانم، رئيسة تحرير مجلة "بدائل" الإيكولوجية بباريس في مؤتمر علماء الاجتماع في دربن بجنوب إفريقيا في 2006م، وقد استجاب للفكرة عدد من علماء الاجتماع المشاركين، ثم تبناها عدد من نواب المجلس الأوروبي وأساتذة الجامعات في أوروبا وأمريكا والعالم العربي والإسلامي، وكونوا هيئة لدعم مبادرة محكمة الضمير العالمية وضعت مخططاً لعقد جلسات المحكمة في بروكسل في 22 و23 و24 فبراير/شباط 2008م، وقد شاركت وفود من بلدان العالم في حضور جلسات المحاكمة، وهيئة المحكمة تكونت من خمسة قضاة عالميين يمثل كل منهم رمزياً إحدى قارات العالم الخمس.
أما الدفاع فمثلته جمعية بلجيكية كانت قد دافعت سابقاً عن شارون بواسطة محاميها أما ملف الدعوى القانونية فتضمن اتهام إسرائيل بـ: جريمة الحرب، الجريمة ضد الإنسانية، جريمة الإبادة الجماعية، إضافة إلى جريمة العدوان وجريمة إرهاب الدولة والجرائم ضد حقوق الإنسان.
المحاكمة في بروكسل أقرت مسؤولية إسرائيل عن ارتكابها لجريمة العدوان، وهي المرة الأولى في تاريخ المحاكم الدولية والأهلية التي يُعتبر فيها العدوان جريمة وأدانها بارتكابها جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة، وهي جريمة لم يسبق لأي محكمة دولية أو أهلية أن دانت أية جهة حكومية بها.

2- المحاكمة أمام محاكم دولية خاصة
لمجلس الأمن بناءً على صلاحياته الممنوحة له بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تشكيل محاكم دولية خاصة لمحاكمة لمرتكبي الجرائم الدولية التي من شأنها تهديد السلم والأمن الدوليين على غرار محكمتي يوغسلافيا في العام 1993، وروندا في العام 1994، فالجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني تشكل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الدوليين على أساس أن القضية الفلسطينية محور الصراع في الشرق الأوسط، ويحول النفوذ الأمريكي في مجلس الأمن دون تشكيل أية محاكم دولية لمحاكمة الإسرائيليين، الأمر الذي يثير إلى جانب مسئولية أمريكا كشريك في العدوان وداعم في استمراره مسئولية الأمم المتحدة بمؤسستيها الجمعية العامة ومجلس الأمن عن التواطؤ مع الموقف الأمريكي والسكوت عن الجرائم الإسرائيلية.

3- المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية
بالرغم من نص النظام الأساسي للمحكمة في المادة (11) على عدم اختصاصها فيما يتعلق بالجرائم التي سبقت دخول النظام الأساسي حيز النفاذ أي قبل الأول من يوليو 2002، الأمر الذي قد يعني إفلات مرتكبي أبشع الجرائم الدولية من العقاب التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأكثر من خمسة وثلاثون عامًا، إلا أن إمكانية محاكمة الإسرائيليين مرتكبي الجرائم الدولية تكمن في اتجاهين:

الاتجاه الأول: فيما يتعلق بالاستيطان الإسرائيلي كجريمة مستمرة
نصت المادة (8-ب) على الانتهاكات الخطيرة للقوانين والأعراف السرية على المنازعات الدولية المسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي والتي منها " قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها ".
كما حظرت المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة اتفاقية جنيف الرابعة الاستيطان واعتبرته المادة (85) من البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف من الانتهاكات الجسيمة.

الاتجاه الثاني: الجرائم المرتكبة بعد دخول المحكمة الجنائية الدولية حيز النفاذ
المحكمة الجنائية الدولية هي سلطة القضائية الجنائية الدولية الدائمة يقتصر اختصاصها على الأفراد، وذلك بالنسبة للجرائم المرتكبة بعد دخول النظام الأساسي حيز النفاذ في 2002م، ويمكن محاكمة قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين أمامها عن الجرائم التي ارتكبوها بعد عام 2002م، حيث لم تصادق إسرائيل ولا السلطة الفلسطينية على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولا تدخل الأوضاع في فلسطين ضمن الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، ويمكن لإسرائيل والسلطة الفلسطينية الاعتراف بالولاية القضائية للمحكمة بإصدار إعلان بموجب المادة (12/3) من النظام الأساسي المحكمة والتي تنص ( إذا كان قبول دولة غير طرف في هذا النظام الأساسي لازما بموجب الفقرة 2، جاز لتلك الدولة، بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما بتعلق بالجريمة قيد البحث. وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء وفقا للباب 9.)، ما لم يقم مجلس الأمن بإحالتها إلى المحكمة وفقا للمادة (13) من نظام المحكمة الأساسي و التي تنص (للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 5 وفقا لأحكام هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية:

أ) إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام وفقا للمادة 14 حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت.
ب) إذا أحال مجلس الأمن، متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت.
ج) إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة هن هذه الجرائم وفقا للمادة 15.)

وبينت المادة(14) من النظام الأساسي كيفية الإحالة من قبل دولة عضو فنصت على:

1- يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت وأن تطلب إلى المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم.
2- تحدد الحالة، قدر المستطاع، الظروف ذات الصلة وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحيلة من مستندات مؤيدة.)
كما يمكن للمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية أن يباشر التحقيقات كما ورد في المادة(15) من النظام الأساسي فنصت(1- للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة.
2- يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات المتلقاة، ويجوز له، لهذا الغرض، التماس معلومات إضافية من الدول، أو أجهزة الأمم المتحدة، أو المنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية، أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة. ويجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة.
3- إذا استنتج المدعي العام أن هناك أساس معقولا للشروع في إجراء تحقيق، يقدم إلى الدائرة التمهيدية طلبا للإذن بإجراء تحقيق، مشفوعا بأية مواد مؤيدة يجمعها، ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى الدائرة التمهيدية وفقا للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات.
4- إذا رأت الدائرة التمهيدية، بعد دراستها للطلب وللمواد المؤيدة، أن هناك أساسا معقولا للشروع في إجراء تحقيق وأن الدعوى تقع على ما يبدو في إطار اختصاص المحكمة، كان عليها أن تأذن بالبدء في إجراء التحقيق، وذلك دون المساس بما تقرره المحكمة فيما بعد بشأن الاختصاص ومقبولية الدعوى.
5- رفض الدائرة التمهيدية الإذن بإجراء التحقيق لا يحول دون قيام المدعي العام بتقديم طلب لاحق يستند إلى وقائع أو أدلة جديدة تتعلق بالحالة ذاتها.
6- إذا استنتج المدعي العام، بعد الدراسة الأولية المشار إليها في الفقرتين 1 و 2، أن المعلومات المقدمة لا تشكل أساسا معقولا لإجراء تحقيق، كان عليه أن يبلغ مقدمي المعلومات بذلك. وهذا لا يمنع المدعي العام من النظر في معلومات أخرى تقدم إليه عن الحالة ذاتها في ضوء وقائع أو أدلة جديدة.)
هذه هي الآليات التي يمكن بها محاكمة قادة إسرائيل السياسيين والعسكرية وأفراد القوات العسكرية وكل من أرتكب جريمة من الجرائم، ولكن يبقي توافر الإرادة الحقيقية والرغبة الصادقة لدي من يملكون هذا الحق لاستخدامه (يمكن للدول العربية الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية واستخدام المادة 12 سالفة الذكر لمحاكمة المتهمين خاصة و أنه لم يصادق على النظام أساسي للمحكمة إلا اليمن و جيبوتي).

المطلب 02: نتائج ثبوت المسؤولية الدولية لإسرائيل
بإثارة المسئولية الدولية لإسرائيل عن الأفعال غير المشروعة، والتي يمارسها أشخاص القانون العام وممثلوها ووكلاؤها من أفراد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، تتحمل إسرائيل تبعات الأضرار المادية والمعنوية الناجمة عن تلك الأفعال غير المشروعة بما يعرف بالمسئولية غير الجنائية، والتي بثبوتها يترتب على إسرائيل التزامان أساسيان بوقف الأفعال غير المشروعة وإصلاح الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني، ونتناول كلاً منهما في فرع مستقل.
الفرع 01: الالتزام بوقف الأعمال المشروعة
بإقرار المسئولية الدولية لإسرائيل عن الأفعال غير المشروعة، يترتب عليها التزام دولي بوقف تلك لأعمال التي تنتهك التزاماتها الدولية والتي رتبها القانون الدولي وتشمل:

1- تلتزم إسرائيل بوقف انتهاكات القانون الدولي الصادرة عن سلطتها التشريعية وذلك بوقف سن القوانين العنصرية التي تستهدف الشعب الفلسطيني والمواطنين العرب داخل إسرائيل، والتي تجسد التمييز والعنصرية التي حرمها القانون الدولي.
وجب على إسرائيل إلغاء القوانين الخاصة بضم القدس، باعتبارها تشكل انتهاكا لميثاق وقرارات الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي.
2ـ تلتزم إسرائيل كذلك بوقف الأفعال غير المشروعة والصادرة عن سلطتها التنفيذية، والتي تشمل رئيس الدولة ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء، والموظفين في الوزارات والهيئات العامة، وكذلك أفراد القوات المسلحة والشرطة.
فالمجلس الوزاري المصغر والذي يضم في عضويته رئيس الحكومة، وزراء الدفاع والخارجية وقادة الأجهزة الأمنية، هو المسئول عن إصدار قرارات الاغتيالات والاجتياحات، وأعمال العدوان، والجيش الإسرائيلي هو أحد أجهزة السلطة التنفيذية الذى يمارس العدوان في تجاهل واضح لقرارات الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي.
فإسرائيل ملزمة بوقف الأفعال غير المشروعة والصادرة عن سلطتها التنفيذية بما فيها الجيش التي تشكل انتهاكًا لالتزاماتها الدولية.
3- تلتزم إسرائيل بوقف الأفعال غير المشروعة الصادرة عن سلطتها القضائية، والتي تشمل أحكام المحاكم التي تتضمن إنكار العدالة بالنسبة للفلسطينيين بالامتناع عن قبول الدعاوى وخاصة المتعلقة بالتعويض عن جرائم جيش الاحتلال، والأضرار الناجمة عن العدوان غير المشروع، وكذلك الأحكام القضائية التي تعكس التواطؤ فيما يتعلق بجرائم أفراد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين بحق المدنيين الفلسطينيين، والتي يحكم في معظمها بوقف التنفيذ، أو أحكام صورية.
فثبوت أحكام المسئولية الدولية بحق إسرائيل يرتب التزامًا قانونيًا بوقف كافة الأفعال غير المشروعة باعتباره من نتائج تحريك مسئوليتها الدولية.

الفرع 02: إصلاح الضرر
من أهم نتائج تحريك المسئولية الدولية لإسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني الالتزام بإصلاح الأضرار الناجمة عن العدوان غير المشروع، سواء عن طريق إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الفعل غير المشروع المتمثل في العدوان والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، أو التعويض المالي عن كافة الأضرار الناجمة عن الأفعال غير المشروعة، أو بالترضية، وخاصة فيما يتعلق بالأضرار المعنوية أو الأدبية.

أولاً- إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الفعل غير المشروع (التعويض العيني)
وللتعويض العيني بإعادة الحال إلى ما كان عليه فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق بالعدوان خلال انتفاضة الأقصى صور مادية و قانونية:

1- الصور المادية و المعنوية للتعويض العيني:
تتمثل الصور المادية للتعويض العيني بالتزام إسرائيل برد الأموال والمنقولات المنهوبة والمصادرة، والضرائب المحصلة بصورة غير مشروعة، و إزالة المستوطنات الإسرائيلية.
تتمثل الصورة المعنوية للتعويض العيني في والمكاسب التي يتم الحصول عليها باستغلال الموارد الطبيعية، ونهب الآثار والتراث الوطني الذي يمثل قيمة تاريخية وحضارية للدولة.

- الصور القانونية للتعويض العيني
تتمثل الصور القانونية للتعويض العيني بالتزام إسرائيل بإلغاء جميع القوانين والتشريعات والقرارات وكافة الأحكام القضائية، التي تشكل انتهاكًا للقانون الدولي كالقانون الخاص بضم القدس، وإخضاعها للسيادة الإسرائيلية بشكل يتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية، وكذلك القوانين المتعلقة بمصادرة الأراضي كقانون أملاك الغائبين 1950، وقانون استملاك الأراضي 1952 والتي بموجبها صادرت الأراضي الفلسطينية، وأقامت عليها مستوطنات، وكذلك القوانين التي تشرع التعذيب والإبعاد باعتبارها تشكل خرقًا خطيرًا لقواعد القانون الدولي.
ومن أهم الالتزامات القانونية المترتبة على إسرائيل، الالتزام بإلغاء وجودها العسكري في الأراضي الفلسطينية وإنهاء احتلالها الذي يتناقض مع مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة.

ثانيًا- التعويض المالي
عند استحالة تنفيذ الالتزام بالتعويض العيني بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الفعل غير المشروع ، أو في حالة عدم كفاية التعويض العيني تلتزم الدولة بدفع مبلغ مالي لجبر الضرر، بحيث لا يقل المبلغ المقرر للتعويض عن القيمة الحقيقية للضرر.
ويشمل التعويض الأضرار المادية والمعنوية حيث هذه الأخيرة تنتج عن التعذيب ، والمعاملة اللاإنسانية والآلام الشديدة والأضرار الخطيرة المتعلقة بالسلامة البدنية ، أو الصحة ، أو النفي ، أو النقل غير المشروع والحجز غير المشروع والتي اعتبرتها اتفاقيات جنيف الأربع ضمن المخالفات الجسيمة ، والتي يصنفها البروتوكول الأول ضمن جرائم الحرب.
فتلك الأضرار يستحيل جبرها بالتعويض العيني، وإنما يجبر تلك الأضرار التعويض المالي.
أما للأضرار المادية الجسيمة الناجمة عن العدوان الإسرائيلي خلال انتفاضة الأقصى والتي لحقت بالمدنيين الفلسطينيين من أعمال القتل العمد والاغتيالات ، والخسائر الاقتصادية بتدمير الممتلكات العامة والخاصة ، والبيوت السكنية ، وتدمير الطرق والبنى التحتية والأراضي الزراعية
فإسرائيل ملزمة بتعويض كافة الأضرار المعنوية التي لحقت بالشعب الفلسطيني نتيجة سياساتها العدوانية والتي تنتهك قواعد القانون الدولي.

ثالثًا- الترضية
تقتصر الترضية باعتبارها وسيلة للتعويض على الأفعال غير المشروعة التي تثير المسئولية الدولية وتسبب أضرارًا معنوية، وليست مادية، أي عندما لا ينجم عن الفعل غير المشروع خسائر مالية أو اقتصادية.
ومن أهم صور تقديم الترضية من الدولة التي يصدر الضرر المعنوي أو الأدبي عن أحد سلطاتها أو ممثليها أو رعاياها عدم إقرار الفعل غير المشروع ، وتقديم اعتذار رسمي ، أو إرسال مذكرات دبلوماسية للدول المضرورة تقر بالخطأ أو معاقبة مرتكبيه ، أو بمنح أوسمة الشرف أو الشجاعة إلى الأشخاص المتضررين.
ويمكن القول أن إسرائيل قد ارتكبت أضرارًا معنويةً لا حصر لها بحق الشعب الفلسطيني منذ بدء العدوان والاحتلال في العام 1948، ومرورًا بانتفاضة الأقصى، وقد تسببت سياسة، الاستيطان والضم والحصار، والإغلاق، والعقاب الجماعي بالكثير من المعاناة والألم، والإطاحة بالكرامة، وكذلك المعاملة القاسية واللاإنسانية والتي لا يجبرها تعويض عيني بإعادة الحال إلى ما كان عليه لاستحالة العودة إلى الماضي واعتبار الألم المعنوي كأن لم يكن ، وكذلك عدم كفاية التعويض المالي فيما يتعلق بالأضرار المعنوية والتي لا يمحو أثرها أي تعويض لذا وجب القيام بالترضية.

خاتمة:
لا يوجد قانون واضح يحكم المسؤولية الدولية و كل ماهو موجود حاليا هو عرف و قضاء و فقه. يوجد قانون دولي تقوم عليه المسؤولية الدولية و لكن هناك عيب في ممارسته من قبل الدول و المنضمات الدولية عما هو الحال بالنسبة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تختص بحفظ السلم والأمن الدوليين ، وإنماء العلاقات الودية بين الأمم ، وتحقيق التعاون الدولي ، والحفاظ على سلامة الأراضي والاستقلال السياسي للدول دون تدخل في الشئون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدولة ، ولا يجوز للجمعية العامة القيام بأي عمل يتناقض مع مبادئ الميثاق ، لما يترتب عليه من عدم المشروعية والبطلان لخروجه عن نطاق اختصاصها ، الأمر الذي ينطبق على قرار التقسيم (181) الذي أصدرته الجمعية العامة دون وجه حق وخارج نطاق اختصاصها بحيث تجاهلت حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ، وخالفت الحق الثابت والمكتسب بموجب المادة (22) من عهد العصبة في حين مجلس الأمن لم يتخذ إجراءات عملية لقمع العدوان الإسرائيلي باتخاذ أيًّ من التدابير العسكرية ، أو غير العسكرية التي نص عليها الميثاق في الفصل السابع ، ولم يمارس صلاحياته بتشكيل محاكم دولية خاصة على غرار محاكم يوغسلافيا ، ورواندا ، سيراليون، ويتحمل مجلس الأمن المسئولية الدولية أمام الشعب الفلسطيني للتواطؤ مع جرائم الحرب الإسرائيلي.

لا تنسوا اهل غزة من خالص دعائكم

NEWFEL..
2010-06-05, 14:41
http://store1.up-00.com/Jun10/ZEm56626.gif