المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدى احترام حقوق الدفاع


yacine414
2010-05-28, 16:00
خطة البحث
المقدمة

المبحث الأول : مجال تطبيق مبدأ حقوق الدفاع
المطلب الأول : عند تحريك الدعوى التأديبية
الفرع الأول : حق تبليغ الموظف بتاريخ مثوله أمام مجلس التأديب
الفرع الثاني : حق الاطلاع على الملف التأديبي
المطلب الثاني : أمام مجلس التأديب
الفرع الأول : حرية الدفاع
الفرع الثاني : حق الاستعانة بمدافع
الفرع الثالث : حق الاستعانة بشهود

المبحث الثاني : حدود مبدأ حقوق الدفاع و النتائج المترتبة عن عدم احترامه
المطلب الأول : حدود إعمال مبدأ حقوق الدفاع
الفرع الأول : تعذر تطبيق المبدأ لأسباب ترجع للموظف
الفرع الثاني : تعذر تطبيق المبدأ لظروف استثنائية
المطلب الثاني : النتائج المترتبة عن عدم احترام مبدأ حقوق الدفاع
الفرع الأول : الطعن الاداري
الفرع الثاني : الطعن القضائي

الخاتمة
قائمة المراجع
ملحق.




المقدمة
حاول المشرع عند وضعه للقانون الأساسي للوظيفة العامة وما تبعه من قوانين وتنظيمات في هذا المجال خلق نوع من التوازن بين التزامات وحقوق كل من الإدارة والموظف العام طوال فترة العلاقة الوظيفية بداية من التوظيف أو التعيين وصولا إلى انتهاء العلاقة وفك الرابطة الوظيفية بالطرق العادية أو غير العادية .
ويظهر ذلك جليا في المنازعات التي قد تحدث بين الطرفين في المجال التأديبي حيث تملك الإدارة سلطة تأديب الموظف العام كلما ارتكب مخالفة أو خطا أيا كانت درجته وبالمقابل نجد أن المشرع قد أعطى لهذا الأخير ضمانات عدة في مواجهة سلطات الإدارة ولعل أهمها مبدأ حقوق الدفاع الذي يمارسه خلال سير الدعوى التأديبية سواء عند تحريك الدعوى أو أثناء مثوله أمام اللجنة المتساوية الأعضاء المنعقدة كمجلس تأديب .
وهو مبدأ مستقر عليه في مختلف الأنظمة التأديبية الإدارية منها وشبه القضائية وكذا القضائية فهو مبدأ عام يمس جميع المجالات عكس الاعتقاد الذي كان سائدا باقتصار أعماله على الميدان الجزائي فقط وذلك لتوفير ضمانات للمتهم أمام المحكمة و حتى قبل ذلك أي خلال مرحلة التحقيق لكن هذا لا يمنع من تعميم المبدأ ليشمل مجالات أخرى إلى جانب المجال الجزائي الذي يعد المنشأ الأصلي لهذا الحق .
وهو ما قامت به التشريعات الحديثة حيث عممت استعماله ليشمل عدة مجالات منها المجال التأديبي حيث أصبح يطبق في مواجهة الإدارة حتى في حالة عدم وجود دعوى قضائية خاصة مع النفوذ والسلطة التي تمتعت بهما هذه الأخيرة مع نهاية القرن 19م وبداية القرن 20م الأمر الذي استدعى توفير حماية أكبر للموظف.
وقد تضمنته مختلف دساتير الدول وحتى المواثيق الدولية منها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.ويرجع الفضل في تبني هذا المبدأ في المواد التأديبية إلى القضاء الفرنسي وذلك في قضية " فضيحة البطاقات" ونتيجة لتأثير النقابات والمنظمات المهنية ووصول أغلبية اشتراكية للبرلمان صوت هذا الأخير على المادة 65 من قانون 22/04/1905 التي كرست حقوق الدفاع لأعوان السلطة العمومية ثم امتد العمل به إلى العسكريين فيما بعد.
ويتفرع عن هذا المبدأ عدة حقوق فرعية, فما هي هذه الحقوق ؟ وما مدى إعمالها أثناء سير الدعوى التأديبية في الجزائر؟ وما مدى احترام الجهات الإدارية لهذه الحقوق ؟ وما هي حدودها ؟ وما هي النتائج المترتبة عن خرقها؟
كلها إشكالات حاولنا الإجابة عنها معتمدين على الدراسات السابقة في هذا المجال والتي كانت قليلة جدا إن لم نقل منعدمة خاصة المراجع الجزائرية التي حتى وان وجدت فتناولها لهذا المبدأ جاء جد مقتضب لذلك استعنا باجتهادات مجلس الدولة الفرنسي و هي كثيرة في هذا المجال ولا تكاد تختلف عما هو معمول به في الجزائر مستعملين في ذلك المنهج التحليلي الوصفي مع الاستعانة بالمنهج المقارن عند التطرق لنظام التأديب في مصر والأردن. و قد قسمنا بحثنا هذا إلى مبحثين تناولنا في الأول مجال تطبيق مبدا حقوق الدفاع سواء عند تحريك الدعوى التأديبية أو عند المثول أمام مجلس التأديب, في حين خصصنا المبحث الثاني لحدود إعمال هذا المبدأ
و النتائج المترتبة عن عدم احترامه.

المبحث الأول: مجال تطبيق مبدأ حقوق الدفاع

المطلب الأول: عند تحريك الدعوى التأديبية


الفرع الأول: حق تبليغ المتهم بتاريخ مثوله أمام مجلس التأديب
من بين أهم الإجراءات التي يجب على الجهة المختصة بالتأديب القيام بها قبل توقيع العقوبة هي إخطار الموظف بإحالته على مجلس التأديب و ذلك عن طريق توجيه استدعاء للمعني للمثول أمام المجلس على أن يتضمن هذا الاستدعاء ذكر المخالفات المنسوبة للموظف و التي تستوجب مثوله أمام مجلس التأديب مع تذكيره بالضمانات القانونية الممنوحة له( ) و هي حقه في الإطلاع على ملفه التأديبي بمجرد الشروع في إجراءات الدعوى التأديبية و حقه في الاستعانة بمدافع للدفاع عنه والذي له الحق بدوره في الإطلاع علىهذا الملف.
-و كذا بحقه في تقديم أي نوع من التوضيحات أمام المجلس التأديبي سواء كانت شفوية أو كتابية إضافة إلى إمكانية الاستعانة بشهود إذا تطلب الأمر ذلك( ).
و قصد تسهيل ممارسة هذا الحق لم يشترط مجلس الدولة الفرنسي شكلا معينا لإخطار الموظف بما هو منسوب إليه من مخالفات فالمهم حسبه أن يتمكن من معرفة المخالفات المنسوبة إليه و تحضير دفاعه و لا تهم الطريقة المستعملة لذلك, و لكن بالمقابل يقع عبء إثبات التبليغ على الإدارة( ).
-و قد تجاوز المشرع الجزائري الانتقادات التي وجهت إلى مجلس الدولة الفرنسي لكونه لم يحدد وسيلة التبليغ الأمر الذي تسبب في تعطيل سير الإجراءات و بطئها و ذلك بتحديده لوسيلة الإخطار أو التبليغ و هي البرقية الموصى عليها التي تسلم إلى رئيس المصلحة الذي يرسلها بدوره إلى الموظف الذي يتوجب عليه التوقيع على وصل تسلمه للإشعار بالحضور في التاريخ و المكان المحددين لانعقاد المجلس التأديبي( ) و قد تبنى المشرع المصري نفس الاتجاه.
و يجب أن يرسل هذا الاستدعاء في فترة معقولة ليتمكن خلالها الموظف من تحضير دفاعه( ).
و في هذا الإطار نص المشرع الجزائري على أنه يجب تبليغ الموظف بتاريخ مثوله أمام مجلس التأديب بـ 15 يوما على الأقل قبل اجتماع المجلس( ) بعد أن كانت هذه المدة أسبوع في التعليمة رقم 7 الصادرة سنة 1969
و المتعلقة بالإجراءات التأديبية.
و من هنا تبرز أهمية هذا الحق الممنوح أو المقرر للموظف لكونه يمكنه من ممارسة حق آخر متصل به و هو حقه في الإطلاع على ملفه التأديبي للتعرف أكثر على الأخطاء و المخالفات المنسوبة إليه و اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.
كما أن السلطة التأديبية ملزمة بتبليغ الموظف بكل مخالفة جديدة تنسب إليه حتى لا يتفاجأ بها يوم الجلسة و إلا تعرض قرارها التأديبي للإلغاء( ).
و في حالة تسلم الموظف الاستدعاء أو التكليف بالحضور للمثول
أمام المجلس التأديبي و منعه مرض أو أي ظرف آخر من الحضور فيمكنه أن يطلب من الإدارة تأجيل الجلسة لكن ليس لفترة طويلة.
أما إذا تم التبليغ بشكل قانوني و لم يقدم الموظف للإدارة الأسباب التي منعته من الحضور و في نفس الوقت لم يطلب تأجيل الجلسة فإن الإجراءات تتواصل بشكل عادي و لا تكون مشوبة بأي عيب و يمكن للمجلس أن ينعقد في غيابه و لا يعد إجراؤه هذا غير قانوني( ).
كما أن الإدارة لا تكون ملزمة بإعمال هذا المبدأ في حالة تخلي الموظف عن منصبه بصورة غير شرعية.


الفرع الثاني: حق الإطلاع على الملف التأديبي
و هو مبدأ عام تلتزم به الإدارة حتى و إن لم ينص عليه المشرع صراحة في القوانين المتعلقة بالمواد التأديبية للموظفين المعنيين( ).
و يتم إعماله بتمكين الموظف المعني من الإطلاع على ملفه التأديبي و الوثائق الملحقة به و التي لها علاقة بقضيته ليعلم أسباب متابعته بوضوح حتى يتمكن من تقديم بياناته و شهوده التي تثبت براءته مما نسب إليه( ).

و قد نص عليه المشرع الجزائري صراحة في المواد 64 من الأمر 66-133 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العامة و المادة 129 من المرسوم 85/59 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات و الإدارات العمومية و كذا المادة 65/2 من المرسوم رقم 82-302 المتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل.
و غيرها من القوانين و التنظيمات التي كرست هذا المبدأ في مختلف القطاعات و لدى جميع الفئات كالقضاة حيث نصت المادة 97 من قانون الإجراءات القضائية على حق القاضي في الإطلاع على ملفه التأديبي كضمانة من الضمانات التأديبية المقررة له( ) و كمبدأ عام يستفيد من الإطلاع المسبق على الملف التأديبي كل شخص له علاقة بالمصلحة أي كل من يعمل في الوظيفة الإدارية سواء كانوا متربصين أو مرسمين, متعاقدين أو دائمين حتى الموظفين المؤقتين( ).
و قد أقرت الأحكام القضائية أنه يمكن للإدارة المبادرة و إطلاع الموظف المعني عل ملفه التأديبي لكنها ليست ملزمة بذلك لأن طلب الإطلاع مقرر للموظف و إذا لم يستعمله فالإدارة تتحلل منه آليا( ) بشرط أن تكون قد أعلمته بحقه هذا في برقية الاستدعاء للمثول أمام مجلس التأديب.
و يجب أن يتم الإطلاع على الملف و جميع الوثائق الملحقة داخل الإدارة( ) فكقاعدة عامة لا يمكن إخراج الملف من الإدارة فالإطلاع يكون في المكان الموجود فيه الملف أصلا. و لكن هناك استثنائين على هذه القاعدة أقرهما مجلس الدولة الفرنسي و هما:
-حالة الموظف المقيم بالخارج الذي منعته الظروف من الإطلاع على الملف في الإدارة, يجب على هذه الأخيرة تمكينه من حقه في الإطلاع على الملف في القنصلية الفرنسية الموجود في مكان إقامته بالخارج.
-حالة الموظف الذي يقضي فترة عقوبة داخل السجن حيث يمكن له الإطلاع على ملفه التأديبي في مكان حبسه( ).
و فيما عدا هاذين الاستثناءين الإطلاع على الملف لا يتم إلا داخل الإدارة.
إلى جانب الموظف يمكن للمدافع الذي يمثله الإطلاع بدوره على الملف التأديبي إذا سمح له الموظف بذلك على اعتبار أنه يمثل هذا الأخير و يساعده على تقديم دفاعه.
و تطبيق مبدأ حق الموظف في الإطلاع على الملف التأديبي ليس مطلقا فقد قرر مجلس الدولة الفرنسي كاستثناء عن المبدأ العام عدم السماح للموظف أو محاميه بالإطلاع على الوثائق المرفقة بالملف التأديبي و التي من المفروض أن يطلعوا عليها متى تعلقت هذه الوثائق بأمن الدولة أين يتم الفصل في القضية دون تمكين الموظف أو محاميه من الإطلاع على الملف( ).
كما منع مجلس الدولة الموظف من الحصول على نسخة من ملفه التأديبي, فالإطلاع يكون سريا و من ثمة لا يمكن استعماله في منازعة أجنبية عن المجال التأديبي أو عن مجال الإجراءات التأديبية( ) و قد سمحت التعليمة 7 المتعلقة بالإجراءات التأديبية للموظف أو من يمثله بالإطلاع على الملف التأديبي دون إمكانية الحصول على نسخة من الوثائق التي يحتويها متبعا في ذلك منهج القضاء الفرنسي و ذلك خلاف لما هو معمول به في بلدان المشرق كمصر و الأردن أين يسمح للموظف أو من يمثله بالإطلاع على أوراق التحقيق مع إمكانية استنساخ صور منه
و هذا الإجراء مقيد في الأردن بطلب الإذن من رئيس مجلس التأديب مع عدم السماح به إذا كانت أوراق التحقيق سرية( ).
فالمشرع الجزائري أعطى للموظف حق الإطلاع على ملفه التأديبي و حتى الحق في أخذ ملاحظات منه لتساعده هو أو من اختاره كمدافع لتحضير دفاعه على أن لا يتجاوز هذا الحق إلى استنساخ وثائق الملف و هو ما من شأنه تشكيل حاجز أمام الموظف, الأمر الذي قد يؤدي إلى تضييق مجال ممارسته لحق الدفاع المقرر له قانونا من طرف المشرع في حد ذاته لذا يجب تجاوز هذا النقص و منح مساحة أوسع للموظف لممارسة حقوقه.
يجب على الإدارة أن تترك للمعني أو من يمثله مدة كافية للإطلاع على الملف( ) و في غياب التحديد القانوني لهذه المدة نجد في فرنسا أن الاجتهاد القضائي قد حددها بـ 48 ساعة كحد أدنى يمكن خلالها أن يقوم الموظف بجمع الأدلة و تقديم ملاحظاته حتى لو كان الملف مختصرا و لا يمكن للإدارة التملص من تطبيق المبدأ بالاحتجاج بغياب أو ضياع الملف لأنها في هذه الحالة ملزمة بتقديم الأسباب التي تستوجب مثول الموظف أمام مجلس التأديب حتى في غياب الملف و بالمقابل الخطأ في الترقيم أو التسجيل أو الترتيب في مكونات الملف لا يؤدي إلى بطلان إجراءات التأديب( ).
و في نفس الإطار اعتبر مجلس الدولة إطلاع الموظف على وثيقة جديدة و مهمة يوم الجلسة المخصصة لقضيته خرقا لحق الدفاع مما يبطل كل الإجراءات و يعرض القرار الذي قد يصدره المجلس للإلغاء, بينما لا تبطل الإجراءات إذا كانت الوثيقة المعروضة لا تحمل عناصر جديدة( ) قد تؤثر على مراكز الخصوم.
و لم ينص المشرع الجزائري بدوره على المهلة الممنوحة للموظف أو من يمثله للإطلاع على الملف أسوة بالمشرع الفرنسي, لكن قانون الإجراءات القضائية في المادة 97 منه أعطى للقاضي حق الإطلاع على ملفه التأديبي قبل 3 أيام على الأقل من يوم انعقاد جلسة المجلس الأعلى للقضاء المنعقد على شكل مجلس تأديب( )
و الإدارة ليست ملزمة بتمكين الموظف من الإطلاع على ملفه التأديبي فقط و إنما هي ملزمة كذلك بإعلامه بأنه يملك هذا الحق و ذلك كما رأينا من خلال الاستدعاء الذي ترسله له لإبلاغه بتاريخ جلسة التأديب و بالمخالفات المنسوبة إليه.

المطلب الثاني : أمام مجلس التأديب
إلى جانب الحقوق الممنوحة للموظف عند تحريك الدعوى التأديبية من حقه في التبليغ بتاريخ مثوله أمام مجلس التأديب وتبليغه بالتأجيل إن حصل وحقه في الإطلاع على ملفه التأديبي سواء بصفة شخصية أو عن طريق من يمثله.
وترجم المشرع حمايته للموظف من خلال الضمانات التي قررها له أثناء مثوله أمام مجلس التأديب والتي تتمثل أساسا في حقه في حرية الدفاع , والاستعانة بمدافع وكذا إمكانية إحضار الشهود.

الفرع الأول : حرية الدفاع
نص المشرع الجزائري في المادة 64 من المرسوم رقم 82-302 المتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية أنه لا يجوز اتخاذ قرار التأديب دون سماع المعني بذلك القرار فالإدارة ملزمة بإخطار الموظف بما نسب إليه من مخالفات حتى يتمكن من تنظيم دفاعه وجمع أدلته لرد هذا الاتهام.
ونفس الشيء بالنسبة للدول التي تأخذ بالنظام القضائي ( ), في المواد التأديبية حيث تلزم السلطة التي تتولى التحقيق في المخالفات المنسوبة للموظف بتمكينه من إبداء دفاعه بخصوص هذه المخالفات و أي إخلال بهذا الحق يبطل التحقيق ( ).
وحرية الدفاع تشمل حق الموظف في الدلاء بأقواله إما شفاهة أو كتابة حسب رغبته ( ).
وفي نفس الإطار أباح القضاء المصري للموظف إمكانية الكذب في سبيل دفاعه عن نفسه وذلك إما بإنكار المخالفات المنسوبة إليه أو الإدلاء بأقوال غير صحيحة لإبعاد التهمة عنه.
و تقرير هذا الحق جاء كحماية للموظف لأنه في بعض الأحيان ما يبديه من أقوال أثناء التحقيق مثلا قد يستعمل ضده فيها بعد .
و الإقرار بالكذب ليس مطلقا فالموظف لا يلجأ إليه إلا إذا اقتضى الدفاع ذلك كما يجب أن يمارس بحسن نية بمعنى أن لا يستعمله الموظف لإبعاد التهمة عنه وإلصاقها بغيره رغم تيقنه من أنه بريء( ).
كما يعاقب الموظف على إفراطه في الكذب كأن يستعمله قصد إحراج رؤسائه والإساءة إليهم فهو في هذه الحالة يكون قد أخل بواجباته الوظيفية ( ).
والى جانب إباحة الكذب يمكن للموظف دائما وفي إطار دفاعه عن نفسه الصمت وعدم الإدلاء بأي أقوال دون أن يفسر ذلك الصمت ضده باعتباره اعتراف ضمني.
ولكنه بالمقابل بتصرفه هذا يكون قد ضيع حقه في الدفاع( ), ولا يمكنه بعد ذلك الطعن في قرار المجلس التأديبي والدفع بأنه لم يمارس حقه في الدفاع لأن هذا الامتناع كان إراديا.
إضافة إلى كل تلك الحقوق الممنوحة للموظف أثناء إدلائه بأقواله أمام المجلس فالمشرع المصري منع تحليف اليمين للموظف سواء عند التحقيقات الإدارية أو أثناء المحاكمة التأديبية ( )ونفس الشيء بالنسبة للمشرع الجزائري حيث لم تحتوي النصوص المتعلقة بالمجال التأديبي على إجراء تحليف اليمين لا للموظف ولا للشهود في حين أوجب المشرع المصري حلف اليمين بالنسبة للشهود عند مثولهم أمام المحكمة.

الفرع الثاني : حق الاستعانة بمدافع
في بعض الأحيان قد لا يكون لممارسة الموظف لحقه في الإطلاع على ملفه التأديبي ومعرفته بالمخالفات المنسوبة إليه جدوى إذا كان مستواه الثقافي بسيط بحيث يصعب عليه الإلمام بكل ما يحتويه كما يصعب عليه فهم ما يتضمنه من أدلة و وثائق ( ).
لذا أجاز المشرع إمكانية استعانة الموظف بمدافع سواء كان محاميا أو نقابيا أو أي شخص آخر من اختياره ( )
والاستعانة بنقابي يبدو الأكثر منطقية لمعرفة هذا الأخير الجيدة بأمور المهنة أو الوظيفة وإجراءاتها( )
و حق الموظف في الاستعانة بمدافع يعد من أهم الضمانات الممنوحة له في مجال التأديب والمتفرعة عن حق الدفاع المخول له قانونا وهو اختياري يلجأ إليه الموظف كلما وجد فيه مصلحة.
في أغلب الأحيان يلجا الموظف إلى الاستعانة بمحام ليوضح له الأمور أكثر ولمساعدته على إثبات براءته ودحض الاتهامات المنسوبة إليه لما يملكه من خبرة ومعرفة بالمجال القانوني حيث يمكنه الإطلاع على الملف التأديبي للموظف وتفحص ما يحتويه من وثائق وأدلة لتحضير دفاعه وذلك كتحصيل حاصل لحق الموظف في الإطلاع والمحامي هنا يمثل الموظف.
ومبدأ الاستعانة بمدافع من إنشاء القضاء الفرنسي وتم تقنينه بموجب مرسوم 10 أفريل 1954( ).
وبما أن هذا الحق مقرر كمبدأ عام فانه لا يمكن تقييده إلا بنص خاص. لأنه مقرر فقها , كما عكف القضاء على إعماله ولذلك لا يمكن أن يمنع الموظف من ممارسته إلا إذا قرر المشرع هذا بنص خاص.
و قد يفقد هذا الحق فاعليته إذا لم يكفل تطبيقه بشكل صحيح كأن يمنع المحامي من الإطلاع على الملف التأديبي للموظف و من ثمة إبداء ملاحظاته و دفاعه. و يعد باطلا كل قرار لا تراعى فيه هذه الشروط و الضمانات لإنقاصه من قيمة الحق الممنوح للموظف الشيء الذي يكون قد أثر في تقديمه لدفاعه.
و لكن من جهة أخرى يجب أن لا يستعمل هذا الحق كوسيلة لتعطيل السلطة التأديبية فإن رأت هذه الأخيرة أن دفاع المحامي يبتعد عن الموضوعية خلال عرضه لدفاعه فيجب إيقافه ( ) و يمكن للمحامي أو المدافع بصفة عامة تمثيل الموظف في الجلسة التي ينظمها المجلس التأديبي لفحص حالته خاصة إذا كان محبوسا. كما يمكنه اخذ الكلمة أثناء الجلسة.
والسلطة الإدارية تخشى من مشاركة المدافع خاصة إذا كان محامي أو نقابي للدور الفعال الذي يلعبه و الذي قد يكون السبب الرئيسي في تغيير الأوضاع و الإجراءات ضد مصلحة الإدارة ( ).
ففي مصر يمكن للمحامي حضور جلسات التحقيق مادام لا يوجد قانون يمنع ذلك خاصة إذا كان التأديب رئاسي أين تكون هذه السندات هي السند و الأساس الذي تعتمد عليه الإدارة عند توقيع العقوبة. فالمشرع المصري الذي تبنى النظام القضائي في المواد التأديبية لم يفرق بين حالتي التحقيق و المحاكمة في ممارسة هذا الحق خاصة
و أن العقوبة التي تسلطها الإدارة قد تتجاوز تلك التي قد تصدر عن المحكمة( ) و هذا التفريق لا يوجد في الجزائر على اعتبار أن هناك جهة واحدة لها سلطة توقيع العقوبة و هي الإدارة مع وجوب استشارة اللجنة المتساوية الأعضاء المنعقدة كمجلس تأديب أو موافقتها عند توقيعها لعقوبة العزل( ).
و لكن قد يطرح الإشكال في درجة العقوبة في حد ذاتها لأن المشرع الجزائري قسم العقوبات إلى عقوبات من الدرجة الأولى و عقوبات من الدرجة الثانية و أخرى من الدرجة الثالثة و لكنه بالمقابل لم ينص على حق الموظف في الاستعانة بمدافع إلا في الأخطاء التي تستوجب عقوبات من الدرجة الثالثة أين يمثل الموظف أمام مجلس التأديب.
في حين لا نجد ذكرا لهذا الحق إذا تعلق الأمر بعقوبات من الدرجة الأولى و الدرجة الثانية التي توقعها الإدارة بصورة مباشرة دون تدخل اللجنة المتساوية الأعضاء و هو ما يدفعنا إلى الاستفسار عن سبب هذا التفريق و ما المانع من ممارسة الموظف لهذا الحق كلما تعرض لعقوبة من الجهات الإدارية مهما بلغت درجتها و مهما اختلفت إجراءاتها كما فعل المشرع المصري و هذا بهدف تطبيق أفضل للضمانات التي يتمتع بها الموظف و التي قررها له المشرع لحمايته من تسلط الإدارة و الاستعانة بمحام فيه مصلحة و فائدة لجميع الأطراف سواء الموظف
أو الإدارة أو حتى الجهات القضائية في الدول التي تأخذ بالنظام القضائي و من ثمة فهو من جهة يمكن الموظف من الدفاع عن نفسه خاصة إذا كانت ظروفه تجعله عاجزا عن القيام بذلك بصفة شخصية مما قد يجنبه التورط في أخطاء لم يرتكبها.
و من جهة أخرى يساعد الجهات الإدارية على تبين الحقيقة في مرحلة التحقيق بالنسبة للدول التي تتبنى النظام القضائي و من ثمة تبرئة الموظف أو توقيع عقوبة خفيفة على أكبر تقدير مما سيوفر الجهد و الوقت و حتى المال على الطرفين لو أن هذه القضية حولت إلى المحكمة التأديبية( ) التي لربما كانت ستصل إلى نفس النتائج و لكن في وقت أطول و بجهد أكبر و ضرر أكثر.
و قد امتد هذا الحق إلى القضاة فمن بين الضمانات الممنوحة للقاضي أثناء محاكمته تأديبيا هي حقه في الاستعانة بمدافع و هو ما نصت عليه المادة 96 من قانون الإجراءات القضائية( ).و الهدف من تقرير حق الاستعانة بمدافع للموظف هو محاولة خلق توازن بين الوسائل التي تملكها سلطة التأديب في مواجهة هذا الموظف و بين حق هذا الأخير في الدفاع عن نفسه أصالة أو عن طريق الاستعانة بشخص له كفاءات و خبرة في المجال القانوني
و الوظيفي.

الفرع الثالث: حق الاستعانة بشهود
يحق للموظف الاستعانة بمن يريد من الأشخاص كشهود لإثبات براءته و تأكيد ما يدعيه من أمور. و لا يشترط في الشاهد أن يكون موظفا و يشترط المشرع المصري عند تأديته للشهادة حلف اليمين عكس الموظف الذي لا يحلف اليمين عند مثوله أمام المحكمة( ) بل و أبيح له حتى الكذب كما سبق و أن رأينا. في حين يؤدي الشهود اليمين أمام المحكمة, و يمكن للموظف أن يستعين إما بشهود وقائع أي بأشخاص لهم دراية أو علاقة بالواقعة التي تسببت في مثوله أمام مجلس التأديب أو شهود سلوك و أخلاق ( ) أي يمكنه الاستعانة بكل شخص من شأنه تبرئته من كل شك في أخلاقه و سلوكه .
و التي ستؤخذ حتما بعين الاعتبار من طرف المجلس عند تقريره للعقوبة و يتم سماع الشهود في حضور الموظف المعني و يمكنهم الإدلاء بشهادتهم شفاهيا أو كتابيا و المحقق حر في اختيار الشهود الذين يريد سماعهم( ).
و لا تتقيد المحكمة في النظام القضائي في تكوين رأيها حول القضية بعدد معين من الشهود و إنما الأمر متروك للسلطة التقديرية للقاضي لأن كثرة الشهود قد تضلل المحكمة لتبرئة الموظف بكثرة طلب الشهود لذلك نجد أن المجلس لا يلبي هذه الطلبات في بعض الحالات خاصة تلك التي تكون فيها مخالفة أو خطأ الموظف واضح. إضافة إلى أن الشهود ليسوا الوسيلة الوحيدة للإثبات أمام المحكمة( ).
و يمنع رئيس المجلس من التحدث مع أي شاهد من الشهود في الفترة الممتدة بين إقفال النزاع و المداولة و يعتبرها القاضي مخالفة خطيرة و اعتداء على حق الدفاع و استقلالية اللجنة أو المجلس( ), لأن من شأن ذلك التأثير على قراره.
إضافة إلى هذا هناك شهادات لا يمكن الأخذ بها إلا إذا اطلع عليها الموظف المعني أو مدافعه في المجلس سواء عن طريق تقرير التحقيق أو سماعهم للشاهد في الجلسة( ).
و أهم الضوابط التي تحكم عملية الإدلاء بالشهادة هي:
-عدم جواز سماع شهادة شاهد أمام آخر.
-أن تؤدى الشهادة دون ضغوطات أو تهديدات مادية أو معنوية.
-عدم إطلاع الشاهد على شهادة من سبقه.
-مواجهة الشهود ببعضهم البعض في حالات تضارب الأقوال حول واقعة معينة( ).
و الهدف من وضع مثل هذه الشروط و الضوابط هو الحصول على شهادة خالية من العيوب يمكن أن يستعين به المجلس التأديبي لاتخاذ الرأي الصائب في القضية و من ثمة تحقيق العدالة.






المبحث الثاني: حدود مبدأ الدفاع النتائج المترتبة عن عدم احترامه
إن مبدأ حقوق الدفاع كضمانة قررها المشرع للموظف خلال سير الدعوى التأديبية لا يطبق على إطلاقه لأنه قد تظهر في بعض الأحيان ظروف تحول دون إعماله أو تؤدي إلى إنقاص فعاليته و لكن هذا الإجراء لا يعد خرقا لهذا المبدأ لأن حالاته محددة على سبيل الحصر كما أن المشرع رتب عدة نتائج لصالح الموظف في حالة عدم احترام المبدأ سواء من الإدارة أو من مجلس التأديب.

المطلب الأول: حدود إعمال مبدأ قانون الدفاع
قد يتعذر إعمال مبدأ حقوق الدفاع لجملة من الأسباب منها ما هو راجع للموظف و أخرى فرضتها ظروف معينة خارجية عن إرادة الأطراف و هو ما سنتعرض له تباعا.

الفرع الأول: تعذر تطبيق المبدأ لأسباب ترجع للموظف
هناك عدة تصرفات يقوم بها الموظف و تقوم دون استفادته من حقوق الدفاع و يعد أصل تقريرها إلى مجلس الدولة الفرنسي عن طريق الاجتهادات التي يصدرها بمناسبة تصديه للطعون في القرارات التأديبية التي يرفعها الموظف ونذكر منها:
- حق الإدارة في عدم تبليغ الموظف بتاريخ مثوله أمام مجلس التأديب و التهم المنسوبة إليه إذا كان قد ترك الوظيفة بطريقة غير شرعية و بالتالي تصبح الإدارة غير ملزمة بتبليغه دون أن يمس ذلك بصحة الإجراءات( ).
- لا يؤدي عدم الإطلاع على الملف التأديبي إلى بطلان الإجراءات التأديبية إذا كان الموظف هو من رفض الإطلاع أو وضع عوائق حالت دون إطلاعه على الملف( ).
- كما لا تلزم الإدارة بحق الموظف بالإطلاع على ملفه التأديبي إذا كن هناك إهمال و سوء نية من جنب هذا الأخير كتغييره لمحل إقامته دون ترك عنوانه الجديد بل على العكس يمكن للإدارة في مثل هذه الحالة توقيع عقوبات إضافية أو جديدة بسبب هذا التصرف.
و بالمقابل لا يعفي إضراب الموظف عن العمل الإدارة من احترام حقه في الإطلاع على ملفه التأديبي( ) لأنه بتصرفه هذا يكون قد أسقط كل الحقوق و الضمانات التي منحها إياه القانون في مواجهة الإدارة( ).
مما تقدم نجد أن الإدارة ملزمة بإخطار الموظف بالتهم المنسوبة إليه و بتاريخ مثوله أمام مجلس التأديب لأن هذا الأخير لا يمكنه معاقبة الموظف إلا بعد سماع دفاعه و إلا تعرض قراره للبطلان إلا في حالة رفض الموظف لهذا الإخطار مع وجوب إثبات ذلك ( ),لأنه إذا كان الموظف قد تعذر عليه الحضور أو تغيب لسبب لا يتعلق بإهماله أو سوء نيته فإن الإجراءات التي تمارس ضده تعد غير قانونية( ).

الفرع الثاني : تعذر تطبيق المبدأ لظروف استثنائية
هناك حالات خاصة يتعذر فيها إعمال مبدأ حقوق الدفاع ومن ثمة تبقى الإجراءات التأديبية صحيحة رغم عدم ممارسة الموظف لهذا الحق وهذه الاستثناءات المطبقة على المبدأ من إنشاء مجلس الدولة الفرنسي وتتمثل خصوصا في :
-إعفاء الإدارة من التزام اطلاع الموظف على ملفه التأديبي في حالة تطبيق نظرية الطوارئ نتيجة للظروف القهرية التي تمر بها الإدارة والتي تمنعها من تطبيق قواعد المشروعية ( ).
-وكذا في حالة هلاك المكان الموجود فيه الوظيفة ومن ثمة هلاك الملف كما يتوقف العمل بهذا المبدأ في فترة الحرب ( ).
-و يحدد أو يقلص إعمال مبدأ حقوق الدفاع في حالة مرور البلاد بظروف استثنائية و اضطرابات سياسية مما قد يؤدي بالمشرع إلى إسقاط بعض الحقوق المقررة للمواطن بصفة عامة وللموظف بصفة خاصة في الظروف و الأحوال العادية بما في ذلك حقه في الاستفادة من حقوق الدفاع.
لأنه من الصعب توفير الضمانات التي تحمي المواطن أو الموظف من كل مساس بحقوقه في مثل تلك الفترة( ).
لكن هذا لا يعني تحويل الاستثناءات إلى قاعدة إذ يجب العودة إلى القواعد العادية بمجرد انقضاء الظروف الاستثنائية التي استدعت ذلك.

المطلب الثاني : النتائج المترتبة عن عدم احترام مبدأ حقوق الدفاع
كما سبق وأن رأينا يعتبر مبدأ حقوق الدفاع من أهم الضمانات التي قررها المشرع وقبله الفقه والقضاء للموظف العام في مواجهة الإدارة وما تملكه من وسائل وسلطات أثناء المواجهة التأديبية .
وذلك بهدف خلق توازن بين حقوق والتزامات الطرفين .
لكن تقرير المشرع للمبدأ لا يعني بالضرورة احترام الجهة المعنية بتوقيع العقوبة له ونقصد هنا اللجنة المتساوية الأعضاء المنعقدة كمجلس تأديب و حتى الإدارة خلال المرحلة الأولى من تحريك الدعوى لذلك رتب المشرع عن عدم احترام هذا المبدأ بكل عناصره عدة نتائج تتلخص في الطعن الإداري أو التظلم بكل أنواعه والطعن القضائي.

الفرع الأول : الطعن الإداري
وقد نصت عليه المادة 275 من قانون الإجراءات المدنية وهو وسيلة من الوسائل التي تحرك الرقابة الإدارية الذاتية كما أنه وسيلة لحل المنازعات الدائرة بين الأفراد والإدارية بشكل سلمي ودون اللجوء إلى القضاء.
كما أن التظلم كان يعد شرطا من الشروط الشكلية لقبول دعوى الإلغاء قبل تعديل قانون الإجراءات المدنية بموجب القانون 90-23 أين تم إلغاؤه في المنازعات التي تنظرها المحاكم الإدارية وتعويضه بإجراء الصلح بينما بقي على مستوى مجلس الدولة بالنسبة للقرارات الصادرة عن الإدارة المركزية ( ),وفي بعض القوانين الخاصة.
والتظلم الإداري هو شكوى يقدمها أصحاب الصفة والمصلحة وهو هنا الموظف إلى السلطات الإدارية , أو الولائية أو الرئاسية أو الوصائية أو إلى لجنة إدارية خاصة وهي أنواع التظلم .
1-التظلم الإداري الولائي :
وهو طلب يرفعه الموظف إلى نفس الجهة التي أصدرت القرار وهي مجلس التأديب يلتمس فيه , إعادة النظر في القرار الذي أصدرته إما بإلغائه أو تعديله وذلك بتمكين الإدارة من مراجعة قرارها خلال شهرين من تاريخ نشر القرار أو بتبليغه ( ).
2-التظلم الإداري الرئاسي :
وهو طلب يقدمه المعني الى السلطة الرئاسية التي تعلو السلطة مصدرة القرار المطعون فيه وذلك في شكل شكوى ودعوتها للتدخل لمراقبة القرارات الإدارية الصادرة هنا عن مجالس التأديب الولائية إما بالإلغاء أو السحب أو الحلول ويجب أن يسبق الطعن الرئاسي الطعن الولائي ( ).
3-التظلم الإداري أمام لجنة خاصة أو التظلم الإداري شبه لقضائي :
وهو التظلم الذي يرفع في شكل شكوى أو طعن أمام لجنة إدارية شبه قضائية و هو عبارة عن مجالس إدارية متخصصة يحددها القانون والنصوص التنظيمية , وطلب تدخلها لمراقبة قرارات السلطات الإدارية الولائية الرئاسية وجعلها أكثر عدالة في مواجهة حقوق وحريات الأفراد ( ).
فالتظلم هو إجراء سابق للجوء إلى القضاء لأن من شأنه أن يوفر على الموظف الوقت والمال خاصة إذا أدى هذا التظلم نفعا وانصف المعني كما انه يجنب الجهات القضائية كثرة المنازعات التي تتطلب جهدا ووقتا لحلها في الوقت الذي كان من الممكن أن تحل وديا بعيدا عن القضاء وإجراءاته الطويلة والمعقدة .
لكن في إذا لم يأتي التظلم بجديد ولم يتمكن الموظف من تحقيق أهدافه فلا طريق أمامه إلا اللجوء إلى الطعن القضائي أمام الجهات الإدارية خلال الآجال والمواعيد القانونية .

الفرع الثاني : الطعن القضائي
للموظف إذا لم يحقق له التظلم الإداري ما يريده اللجوء إلى القضاء وذلك بالطعن في القرارات الصادرة عن مجلس التأديب لاشتمالها على عيب من العيوب التي تمس القرار الإداري .
فالإدارة عادة ما تكون ملزمة بحملة من الإجراءات أو التصرفات التي تسبق اتخاذها لقرار ما و من شأن إهمالها لهذا الالتزام تعريض قرارها للإلغاء عن طريق الطعن فيه بالبطلان أمام القضاء ( ). وعادة ما يكون سبب الإلغاء في المجال التأديبي هو عدم احترام الشكل أو الإجراءات. فمجلس التأديب قبل إصداره للقرار التأديبي ملزم بمراعاة حقوق الدفاع المنصوص عليها في مختلف قوانين وتنظيمات الوظيفة العامة وذلك بكل ما يحتويه هذا المبدأ من حقوق فرعية كحق الاطلاع على الملف التأديبي وإعلامه بالتهم المنسوبة إليه وكذا بحق الموظف في تقديم دفاعه والاستعانة بمدافع أو بشهود لتبرئة نفسه مما نسب إليه من مخالفات وبالتالي في حالة عدم احترام المجلس التأديبي لهذه الإجراءات قبل إصدار قراره يكون هذا الأخير محل طعن بالإلغاء مع إمكانية رفع دعوى تعويض لجبر الضرر الذي لحق بالموظف من جراء تطبيق القرار التأديبي.
وفي تطبيقات مجلس الدولة الجزائري في هذا المجال نجده أقر أن إصدار قرار العزل في غياب الموظف المعني الذي كان رهن الحبس الاحتياطي يبطل القرار لعدم احترامه لحقه في الدفاع عن نفسه.
بينما ميزت محكمة العدل العليا في الأردن بين الأشكال والإجراءات الجوهرية و الأشكال والإجراءات غير الجوهرية فاعتبرت الإجراءات جوهرية إذا مست المخالفة مصالح الموظفين ومخالفتها تؤدي إلى بطلان القرارات التأديبية , أمام إذا لم تمس المخالفة بمصالح الموظفين فانه لا يترتب عليها بطلان القرار التأديبي( ).
والطعن في القرار التأديبي لا يحول دون توقيع العقوبة التأديبية الصادرة عن السلطة التأديبية( ).






المقدمة
المبحث الأول : مجال تطبيق مبدأ حقوق الدفاع
المطلب الأول : عند تحريك الدعوى التأديبية
الفرع الأول : حق تبليغ الموظف بتاريخ مثوله أمام مجلس التأديب
الفرع الثاني : حق الاطلاع على الملف التأديبي
المطلب الثاني : أمام مجلس التأديب
الفرع الأول : حرية الدفاع
الفرع الثاني : حق الاستعانة بمدافع
الفرع الثالث : حق الاستعانة بشهود
المبحث الثاني : حدود مبدأ حقوق الدفاع و النتائج المترتبة عن عدم احترامه
المطلب الأول : حدود إعمال مبدأ حقوق الدفاع
الفرع الأول : تعذر تطبيق المبدأ لأسباب ترجع الموظف
الفرع الثاني : تعذر تطبيق المبدأ لظروف استثنائية
المطلب الثاني : النتائج المترتبة عن عدم احترام حقوق الدفاع
الفرع الأول : الطعن الداري
الفرع الثاني : الطعن القضائي
الخاتمة
قائمة المراجع
ملحق.

zoubour
2010-05-28, 21:35
الله يعطيك الصحة على هذا العمل