عماري
2010-02-21, 14:27
http://img85.imageshack.us/img85/9392/small1971385134.jpg (http://img85.imageshack.us/i/small1971385134.jpg/)
التفتيش الاستثنائي في المطارات الامريكية... تجربة عقيمة
عاد الفحص الأمني للأفراد في المطارات الأميركية بضراوة إثر تحركات البيت الأبيض المنادية بتشديد الإجراءات الأمنية عقب محاولة عبد المطلب الفاشلة لتفجير طائرة "نورث ويست إيرلاينز" أثناء هبوطها في مطار ديترويت قبل عدة أيام. فقد خاطب أوباما أمته في ثلاث مناسبات مختلفة، إلى جانب إصداره الأوامر بإجراء مراجعتين شاملتين لمجمل السياسات والممارسات الأمنية، في مسعى منه لتحديد موضع الخلل في نظام أمن المطارات والتعاون المعلوماتي بين مختلف الوكالات الاستخباراتية. كما أصدر عدداً من التوجيهات بتوفير قدر أكبر من الأمن للولايات المتحدة.
وتركز الكثير من تلك التوجيهات على توفير الضمانات الكافية لتعزيز التعاون بين الأجهزة والوكالات الاستخباراتية وتلك العاملة في مجال تنفيذ القانون، وفقاً لما هدفت إليه الإصلاحات التي جرت في هذين المجالين عقب هجمات 11 سبتمبر. فقد انزعج الرئيس وغيره من كبار مسؤولي إدارته من ورود تقارير تفيد بوجود ثغرات أمنية استخباراتية كبيرة في النظام، إلى جانب رسوخ ممارسات بيروقراطية مقاومة للتغيير، سمحا كليهما بوجود فجوة استخباراتية معلوماتية هائلة، سمحت لأمثال عبد المطلب باستقلال طائرة أميركية كان يستهدف تفجيرها دون أن يمنعه أحد من استقلالها أصلاً. وكانت الإصلاحات التي أجريت على نظامنا الأمني الاستخباراتي قبل ثمان سنوات، تهدف بالأساس إلى علاج هذا الخلل في التبادل المعلوماتي الاستخباراتي. وقد لقيت المبادرة الرئاسية ترحيباً كبيراً في الأوساط الأمنية الاستخباراتية، فضلاً عن ترحيب الجمهور الأميركي بها.
غير أن الأمر الذي لم يحظ بالقدر نفسه من الترحيب، هو قرار الإدارة الداعي لإعداد ملفات الفحص الأمني الخاص بالمطارات للركاب القادمين من 13 دولة مسلمة بالإضافة للركاب القادمين من كوبا. وأشارت التقارير الأولية إلى وضع ترتيبات أمنية استثنائية للمسافرين القادمين من هذه الدول لإخضاعهم للإجراءات الأمنية المكثفة التي تتضمن الإبطاء والمضايقة معاً.
والأكثر إثارة للقلق من مثل هذه الإجراءات التمييزية الاستثنائية ضد مواطني الدول ذات الأغلبيات المسلمة، ليس ما يثيره مثل هذا التمييز من سخط وردود أفعال معادية للولايات المتحدة فحسب، بل إن هذه الإجراءات نفسها سبق لها أن طبقت في مناسبتين مختلفتين على الأقل وثبت عدم جدواها في كليهما.
ففي منتصف تسعينيات القرن الماضي طبقت إدارة الطيران الفيدرالية نظاماً يقوم على الفحص الأمني الاستثنائي للأفراد المنتمين إلى دول بعينها، بالإضافة إلى تطبيق الفحص الأمني الذاتي عليهم، أي أن تعطى الصلاحية لموظفي المطارات لإخضاع الركاب الذين تبدو عليهم ملامح شرقية لإجراءات الفحص الاستثنائي السابق لركوبهم الطائرة. وبالنتيجة تعرض آلاف المسافرين إلى الإذلال دون أن تحقق تلك الإجراءات أي عائد أمني. وعندما أدليت لإحدى اللجان المكلفة بالتحقيق حول هذه الممارسات من قبل الكونجرس، كنت قد طالبت إدارة الطيران الفيدرالية بإفادة اللجنة عما إذا كانت هذه الإجراءات قد أسفرت عن إلقاء القبض على أي مشتبه أو منعت وقوع عملية إرهابية. وحتى اليوم لم تستطع تلك الإدارة تقديم دليل واحد على نجاح ذلك البرنامج القائم على التمييز ضد الركاب في جهود مكافحة الإرهاب التي تبذلها بلادنا.
وعقب هجمات 11 سبتمبر طبقت إدارة بوش ما يعرف بنظام السجل القومي للدخول والخروج من الولايات المتحدة. وبعد مضي عدة سنوات على تطبيقه، لم يسفر هذا النظام إلا عن الفشل الأمني الذريع، لأنه لم ينجح في إلقاء القبض ولا على إرهابي واحد. لكنه بالمقابل نجح في إعطاء شعور عام لدى غالبية المسلمين بأنه غير مرحب بهم في أميركا، وأنه يتم التمييز ضدهم بين سائر الركاب القادمين إلى الولايات المتحدة من مختلف أنحاء العالم!
والسؤال الذي يجب توجيهه لإدارة أوباما الآن: لم الإصرار على إعادة تطبيق نظام الفحص الأمني الاستثنائي لشعوب وأمم بعينها، رغم فشله في السابق أكثر من مرة؟ ولابد لمسؤولي الإدارة من الاستماع إلى وجهة نظر القائمين على حفظ الأمن وتطبيق القانون، القائلة بلا جدوى التنصيف الأمني للأفراد على أساس دينهم أو ثقافتهم أو ألوانهم أو ملامحهم العرقية. وعلى سبيل المثال يسمح النظام الجديد بإجراء الفحص الأمني الاستثنائي للركاب القادمين من 14 دولة حددها النظام الجديد، مع ملاحظة عدم سريان الإجراءات نفسها على الركاب القادمين من دول خارج هذه القائمة. بعبارة أخرى سوف يخضع كل عربي أو مسلم للفحص الأمني الاستثنائي، في حين لا يخضع للإجراء نفسه أمثال البريطاني الانتحاري الفاشل "ريتشارد رايت" الذي فشل في تفجير العبوة الناسفة التي كان يخبئها في حذائه... لكونه بريطاني الجنسية!
ثانياً، وكما يقول المثل الشعبي، "لن يزيد الأمر إلا صعوبة على من يزيد أكواماً وأكواماً من القش على تل القش الذي يبحث عن إبرة صغيرة ضائعة فيه". والمقصود بهذا أن إهدار الموارد الأمنية والمالية والوقت معاً في التفتيش الأمني الاستثنائي المكثف، لا يعني سوى إهدار للجهد بلا طائل. ثم إن من شأن هذا التمييز المتعسف ضد المسافرين أن يلحق أضراراً أمنية بالغة بأمننا القومي لما يعود به من نتائج عكسية. والذي يوصي به خبراء تطبيق القانون هو الاستمرار في أداء العمل الشرطي العادي الذي يستهدف أفراداً محددين بناءً على ما توفر عنهم من أدلة وبينات محددة تتعلق بعلاقاتهم وارتباطاتهم بالنشاط الإرهابي
التفتيش الاستثنائي في المطارات الامريكية... تجربة عقيمة
عاد الفحص الأمني للأفراد في المطارات الأميركية بضراوة إثر تحركات البيت الأبيض المنادية بتشديد الإجراءات الأمنية عقب محاولة عبد المطلب الفاشلة لتفجير طائرة "نورث ويست إيرلاينز" أثناء هبوطها في مطار ديترويت قبل عدة أيام. فقد خاطب أوباما أمته في ثلاث مناسبات مختلفة، إلى جانب إصداره الأوامر بإجراء مراجعتين شاملتين لمجمل السياسات والممارسات الأمنية، في مسعى منه لتحديد موضع الخلل في نظام أمن المطارات والتعاون المعلوماتي بين مختلف الوكالات الاستخباراتية. كما أصدر عدداً من التوجيهات بتوفير قدر أكبر من الأمن للولايات المتحدة.
وتركز الكثير من تلك التوجيهات على توفير الضمانات الكافية لتعزيز التعاون بين الأجهزة والوكالات الاستخباراتية وتلك العاملة في مجال تنفيذ القانون، وفقاً لما هدفت إليه الإصلاحات التي جرت في هذين المجالين عقب هجمات 11 سبتمبر. فقد انزعج الرئيس وغيره من كبار مسؤولي إدارته من ورود تقارير تفيد بوجود ثغرات أمنية استخباراتية كبيرة في النظام، إلى جانب رسوخ ممارسات بيروقراطية مقاومة للتغيير، سمحا كليهما بوجود فجوة استخباراتية معلوماتية هائلة، سمحت لأمثال عبد المطلب باستقلال طائرة أميركية كان يستهدف تفجيرها دون أن يمنعه أحد من استقلالها أصلاً. وكانت الإصلاحات التي أجريت على نظامنا الأمني الاستخباراتي قبل ثمان سنوات، تهدف بالأساس إلى علاج هذا الخلل في التبادل المعلوماتي الاستخباراتي. وقد لقيت المبادرة الرئاسية ترحيباً كبيراً في الأوساط الأمنية الاستخباراتية، فضلاً عن ترحيب الجمهور الأميركي بها.
غير أن الأمر الذي لم يحظ بالقدر نفسه من الترحيب، هو قرار الإدارة الداعي لإعداد ملفات الفحص الأمني الخاص بالمطارات للركاب القادمين من 13 دولة مسلمة بالإضافة للركاب القادمين من كوبا. وأشارت التقارير الأولية إلى وضع ترتيبات أمنية استثنائية للمسافرين القادمين من هذه الدول لإخضاعهم للإجراءات الأمنية المكثفة التي تتضمن الإبطاء والمضايقة معاً.
والأكثر إثارة للقلق من مثل هذه الإجراءات التمييزية الاستثنائية ضد مواطني الدول ذات الأغلبيات المسلمة، ليس ما يثيره مثل هذا التمييز من سخط وردود أفعال معادية للولايات المتحدة فحسب، بل إن هذه الإجراءات نفسها سبق لها أن طبقت في مناسبتين مختلفتين على الأقل وثبت عدم جدواها في كليهما.
ففي منتصف تسعينيات القرن الماضي طبقت إدارة الطيران الفيدرالية نظاماً يقوم على الفحص الأمني الاستثنائي للأفراد المنتمين إلى دول بعينها، بالإضافة إلى تطبيق الفحص الأمني الذاتي عليهم، أي أن تعطى الصلاحية لموظفي المطارات لإخضاع الركاب الذين تبدو عليهم ملامح شرقية لإجراءات الفحص الاستثنائي السابق لركوبهم الطائرة. وبالنتيجة تعرض آلاف المسافرين إلى الإذلال دون أن تحقق تلك الإجراءات أي عائد أمني. وعندما أدليت لإحدى اللجان المكلفة بالتحقيق حول هذه الممارسات من قبل الكونجرس، كنت قد طالبت إدارة الطيران الفيدرالية بإفادة اللجنة عما إذا كانت هذه الإجراءات قد أسفرت عن إلقاء القبض على أي مشتبه أو منعت وقوع عملية إرهابية. وحتى اليوم لم تستطع تلك الإدارة تقديم دليل واحد على نجاح ذلك البرنامج القائم على التمييز ضد الركاب في جهود مكافحة الإرهاب التي تبذلها بلادنا.
وعقب هجمات 11 سبتمبر طبقت إدارة بوش ما يعرف بنظام السجل القومي للدخول والخروج من الولايات المتحدة. وبعد مضي عدة سنوات على تطبيقه، لم يسفر هذا النظام إلا عن الفشل الأمني الذريع، لأنه لم ينجح في إلقاء القبض ولا على إرهابي واحد. لكنه بالمقابل نجح في إعطاء شعور عام لدى غالبية المسلمين بأنه غير مرحب بهم في أميركا، وأنه يتم التمييز ضدهم بين سائر الركاب القادمين إلى الولايات المتحدة من مختلف أنحاء العالم!
والسؤال الذي يجب توجيهه لإدارة أوباما الآن: لم الإصرار على إعادة تطبيق نظام الفحص الأمني الاستثنائي لشعوب وأمم بعينها، رغم فشله في السابق أكثر من مرة؟ ولابد لمسؤولي الإدارة من الاستماع إلى وجهة نظر القائمين على حفظ الأمن وتطبيق القانون، القائلة بلا جدوى التنصيف الأمني للأفراد على أساس دينهم أو ثقافتهم أو ألوانهم أو ملامحهم العرقية. وعلى سبيل المثال يسمح النظام الجديد بإجراء الفحص الأمني الاستثنائي للركاب القادمين من 14 دولة حددها النظام الجديد، مع ملاحظة عدم سريان الإجراءات نفسها على الركاب القادمين من دول خارج هذه القائمة. بعبارة أخرى سوف يخضع كل عربي أو مسلم للفحص الأمني الاستثنائي، في حين لا يخضع للإجراء نفسه أمثال البريطاني الانتحاري الفاشل "ريتشارد رايت" الذي فشل في تفجير العبوة الناسفة التي كان يخبئها في حذائه... لكونه بريطاني الجنسية!
ثانياً، وكما يقول المثل الشعبي، "لن يزيد الأمر إلا صعوبة على من يزيد أكواماً وأكواماً من القش على تل القش الذي يبحث عن إبرة صغيرة ضائعة فيه". والمقصود بهذا أن إهدار الموارد الأمنية والمالية والوقت معاً في التفتيش الأمني الاستثنائي المكثف، لا يعني سوى إهدار للجهد بلا طائل. ثم إن من شأن هذا التمييز المتعسف ضد المسافرين أن يلحق أضراراً أمنية بالغة بأمننا القومي لما يعود به من نتائج عكسية. والذي يوصي به خبراء تطبيق القانون هو الاستمرار في أداء العمل الشرطي العادي الذي يستهدف أفراداً محددين بناءً على ما توفر عنهم من أدلة وبينات محددة تتعلق بعلاقاتهم وارتباطاتهم بالنشاط الإرهابي