المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صحابيــــــــــــات جليـــــــــــلات وتابيعيـــــات 1


عزالدين
2007-10-27, 16:03
صحابيــــــــــــات جليـــــــــــلات وتابيعيـــــات

--------------------------------------------------------------------------------

أسمــاء بنت عميـس
(رضي الله عنهـا)






المقدمـة:
الحمد الله رب العالمين ونصلي ونسلم على خير الخلق أجمعين، نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم، أحمده تعالى الذي جعل الدنيا متاعاً وخير متاعها المرأة الصالحة، أما بعد،
فإن تاريخ النسوة الصالحات لا ينسى، بل هو متواصل ومثمر، على مر الأزمان والسنين، ومن هؤلاء النسوة ، صحابية جليلة، عالمة، عاقلة، صابرة، متعبدة، صاحبة بصيرة في تأويل الرؤيا، لقبت بصاحبة الهجرتين، حيث إنها أول من هاجرت إلى الحبشة وتلتها إلى المدينة المنورة، حصلت على وسام الإيمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:- " الأخوات الأربع مؤمنات:- ميمونة، و أم الفضل، وسلمى، و أسماء".
أسماء بنت عميس هي مثال يجب أن تحتذي به كل امرأة وفتاة في عصرنا الحالي، وقدوة حسنة لكل أم حيث تعطي دروساً في تنشئة الطفل الصالح، ومدرسة لكل زوجة قدمّت دروساً في الإخلاص والوفاء للزوج. وقد وفّق الله الباحثة في كتابة البحث بإشراف الأستاذ خالد فراج، عن حياة الصحابية الجليلة، أسماء بنت عميس- رضي الله عنها. وقد جاء الموضوع في ثلاثة أقسام، تناول القسم الأول: نسبها والقسم الثاني: وقفات من حياتها، أما القسم الثالث فكان عن فاتها، ثم خلاصة فيها الدروس والعبر المستفادة من دراسة شخصيتها.
ومن الصعوبات التي واجهت الباحثة في دراسة شخصية مثل أسماء بنت عميس هي عدم القدرة على الإلمام بالمصادر والمراجع التي تحدثت عنها، وتشابه هذه المراجع في معلوماتها.
وتزعم الباحثة بأنها حاولت جَلاهدها أن تعطي صورة وافية عن أسماء بنت عميس- رضي الله عنها- فإن أصابت فذلك من الله، وإن أخطأت فذلك من نفسها، وأسأل الله أن ينال العمل القبول، والتوفيق، وآخر دعواي أن الحمد الله رب العالمين.
نسبهــــــــا:-
هي أسمـــاء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن معاوية ابن زيد بن مالك بن بشر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن خلف بن أقبل الخثعمية.وأمهـا:- هند بنت عوف بن زهير بن الحارث الكنانية وهي أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت لبابة أم الفضل زوجة العباس وأخوات ميمونة لأم هن عشر أخوات وست لأب [1].
حيـاتهـــا:-
كانت حياتها رضي الله عنها مليئة بالأحداث والمواقف، وقد اختلفت الروايات وقيل أن أسماء بنت عميس كانت قبل الإسلام تحت حمزة بن عبد المطلب ابن عم رسول الله r أنجبت له ابنة " أمة الله" ثم من بعده كانت تحت شداد بن الهادي الليثي وأنجبت له عبدالله وعبد الرحمن ولكن قيل بعد ذلك أن المرأة التي كانت تحت حمزة وشداد هي سلمى بنت عميس وليس أسماء أختها.
تزوجت أسماء بنت عميس جعفر بن أبي طالب وأسلمت معه في وقت مبكر مع بداية الدعوة إلى دين الرشاد والهدى، حتى أنه كان إسلامها قبل دخول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم بمــــكة.
كان زوج أسماء بنت عميس ابن عم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جعفر بن أبي طالب- رضي الله عنه-، أحد السابقين إلى الإسلام ، وأحد المدافعين عن الحق، الواقفين في وجه الظلم والكفر، ,أحد المؤازرين لرسول الله – صلى الله عليه وسلم-، وكان رضي الله عنه مقرّبا من الرسول- صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام يوده ويقربّه وكان شبيها به- صلى الله عليه وسلم- فقد كان عليه الصلاة والسلام يقول لجعفر:- " أشبهت خلق وخلقي" [2]. فكان ذلك يسر أسماء ويسعدها ذلك عندما ترى زوجها شبيها بأحسن الخلق وأفضلهم، فكان يحرّك فيها مشاعر الشوق عندها لرؤية النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم- [3].
وكانت بالفعل نعم الزوجة الصالحة، المخلصة، الوفيّة، والمحبّة لزوجها، وحين أجمع رجال قريش على مقاطعة كل من دخل في دين الإسلام، أو آزر مسلما. فلما أذن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بالهجرة إلى الحبشة، كانت أسماء بصحبة زوجها من جملة المسلمين المهاجرين، متحملين أذى قريش وطغيانهم، كل ذلك في سبيل الله تعالى وتنفيذا لأوامر نبيهم عليه الصلاة والسلام، فخرجوا تاركين مكة فرارً بدينهم، شادين الرحال في سبيل الله، وكانت هذه الهجرة قد أقبلت بعد زواجهما بفترة حديثة، فانطلقا إليها، فقد كانت الهجرة قد وثقّت بينهما أكثر من السابق، وقد ملأ عليهما الإسلام كل ذاتيهما وكل ذرة في كيانهما، فقد كان نعم المؤمنين المجاهدين، الصابرين، الصادقين لا‘نهما كانا يعلمان أن ما عند الله تعالى خيرا وأبقى!!!
وصل المسلمون إلى الحبشة وكانت أسماء وزوجها في مقدمتهم وقد أقاموا في منزل متواضع صغير، تحيطه مرارة الغربة والقسوة ولكنه كان غنياً بالحب والمودة والاحترام الذي يملأ الزوجين. حقا لقد ملأ جعفر حياة أسماء بحلوها ومرها فساهمت مع زوجها أعباء نشر الحق والدعوة الإسلامية. أنجبت لجعفر وفي بلاد الحبشة أبناءه الثلاثة: عبدالله، و محمداً، وعوفاً، وكان ولدها عبالله أكثر شبهاً بأبيه حمزة الذي كان شبيها بالرسول عليه الصلاة والسلام فكان ذلك يدقدق مشاعرها ويبهجها لرؤية النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم-. [4]
ظلت أسماء بنت عميس- رضي الله عنها في ديار الغربة قرابة خمسة عشر عاماً. كانت مدة طويلة، أدت إلى حدوث كثير من الأحداث والمتغيرات في مختلف النواحي والصعد، وكان عليه الصلاة والسلام ، دائم السؤال عن المسلمين هناك، فكان يوفد موفدين ورسل ومن بينهم " عمرو بن أمية الضمري" رضي الله عنه ليزودهم عليه الصلاة والسلام بأحدث المستجدات، ويستطلع أخبارهم ويعلمهم بما جد من تنزيل و أحكام في دين الله، وفي خلال تلك الفترة وأثناء استقرار المسلمين في الحبشة، جاء وفد من قريش إلى ملك الحبشة ( النجاشي) يطالبونه بالمسلمين وإرجاعهم إلى مكة وكان من ضمن وفد قريش عمرو بن العاص، فقالوا:-" قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم" [5]. فما كان من النجاشي أن أرسل بطلب وفد المسلمين يسألهم بشأن هذا الأمر، فتقدم جعفر بن أبي طالب، زوج أسماء – رضي الله عنها- فقال:-" أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ..فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع الأوثان، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام..." فنشوّق النجاشي لسماع المزيد فسأله عن ما جاء به النبي- عليه الصلاة والسلام- من عند الله. فأسمعه من سورة مريم، فبكى النجاشي حتى أخضلّت لحيته، وبكت معه أساقفته، فقال النجاشي:-" إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا ، فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكيدهم أحد" [6]. فكان ذلك سببا في إسلام النجاشي، وكان النجاشي سببا في إسلام وفد قريش والذي كان من بينهم عمرو بن العاص.
كانت هذه حصيلة هجرة المسلمين إلى الحبشة، والذين صابروا وجاهدوا والذي لمسه النجاشي من سلوك المهاجرين، وكانت أسماء من بينهم، إحدى الداعيات بالقول والعمل والسلوك، وكان ذلك أول إختبار تجتازه.
عادت أسماء من الحبشة متوجهة إلى هجرة ثانية، كانت إلى المدينة المنورة، فتوجهت زائرة حفصة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم، فدخل عليهما عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قائلاً:- " لقد سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم" [7]. فغضبت- رضي الله عنها وقالت:-" أي لعمري لقد صدقت؟! كنتم مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم، يطعم جائعكم، ويعلّم جاهلكم، وكنّا البعداء الطرداء. أما والله لأتين رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلأذكرن ذلك له، ولا أنقص ولا أزيد في ذلك". [8] فذكرت ذلك له، فقال:-" لكم الهجرة مرتين،هاجرتم إلى النجاشي! وهاجرتم إلّي" [9]. فسرّت بذلك وأثلج صدرها، ولم يكن ذلك نوعا من تطييب الخاطر وإراحة النفس لأسماء فقط، بل كان توضيحاً للحقيقة وقطعاً لدابر الفتنة، فهم تركوا مكة فارين بدينهم إلى الحبشة، فكانت " هجرة" وهم أنفسهم انتقلوا من الحبشة إلى المدينة فهذه " هجرة".
وبدأ الاختبار الجدّي الآخر لأسماء. بعد أن عادت من الحبشة وحلّت في المدينة، فرح الرسول – عليه الصلاة والسلام_ بعودتهما وقد صاحب ذلك فتح خيبرفقال:-" لا أدري بأيهما أفرح؟ بفتح خيبر؟ أو بقدوم جعفر؟" [10]. فمضت أسماء إلى بيت النبوة، تزور زوجاته وبناته، ومضى جعفر مع الرسول- عليه الصلاة والسلام- يشهد معه كل المشاهد حتى جاء يوم الاختبار الفعلي لأسماء، يوم استشهاد زوجها جعفر في موقعة مؤتة، فقد بلغ الرسول- عليه الصلاة والسلام- خبر استشهاده، فحزن حزناً شديداً عليه، فقد كانت له معزّة خاصة ومكانة عالية عند الرسول- عليه الصلاة والسلام- وكان مؤازرا، مدافعاً له، وكان خير الناس للمساكين، حنون، عطوف عليهم، وفوق هذا كله فهو شبيه الرسول- عليه الصلاة والسلام- لذلك كان حزنه عليه كبيراً، حين ذهب عليه الصلاة والسلام إلى أسماء لكي يخبرها باستشهاد زوجها وقد روت الجليلة العفيفة أسماء عن نبأ وفاته [11]. " أصبحت في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه، فأتاني رسول الله- صلى الله عليه وسلم_ ولقد هنأت( أي دبغت أربعين إهاباً من آدم) وعجنت عجيني، وأخذت بني فغسلت وجوههم ودهنتهم, فدخل عليّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال:- " يا أسماء: أين بنو جعفر؟". فجاءت بهم، فقبلهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وبكى فأحست أسماء بحدوث شيء لزوجها، فسألت النبي- عليه الصلاة والسلام- فقال لها:- " قتل جعفر اليوم" فقامت تصيح وتنحب، حتى اجتمع عليها الناس يهدئونها من روعها. فقال عليه الصلاة والسلام:-" يا أسماء لا تقولي هجراً ولا تضربي صدراً". وكان عليه الصلاة والسلام عندما يرى أسماء ويرى فيها الحزن البالغ وثورة البكاء العارمة، كان يطمئنها قائلاً: " يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب قد مر مع جبريل ومكائيل" فرد عليه السلام ثم قال صلوات الله عليه:" فعوضّه الله عن يديه جناحين يطير بهما حيث شاء.
وتمر الأيام والشهور وأسماء- رضي الله عنها- صابرة، مخلصة لذكرى زوجها، فكيف لا وقد كان الزوج والحبيب والرفيق، فظلت منكبة على تربية أولادها، تعلمهم، مبادئ الحق والتقوى، داعية إلى الله ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً. حتى تقدّم لها أبو بكر الصديق طالباً الزواج منها، فكان ذلك هدية من الله لأسماء الطاهرة العفيفة عن صبرها. فقبلت الزواج منه وانتقلت معه إلى بيت الزوجية، وكانت نعم الزوجة المخلصة، وكان هو مثال للزوج الصالح الذي تستمد منه نور الإيمان، وبقيت عنده إلى أيام خلافته، وأنجبت له ابنه " محمداً". وعندما أحس أبوبكرالصديق بدنو أجله، أوصى أسماء بتغسيله- رضي الله عنهما- وأوصاها إن كانت صائمة في ذلك اليوم أن تفطر، وهذا يدل على منتهى الحب والثقة التي كان يوليها لزوجته أسماء- رضي الله عنهما. وعندما حانت ساعة الموت، حزنت أسماء وهي تعجز عن النظر إليه، الذي كان يشع بالنور، فدمعت عيناها، وخشع قلبها فصبرت واحتسبت لله تعالى. فعندما قامت بتنفيذ الوصية الأولى بغسله، وقد أضناها الحزن العميق، نسيت الوصية الثانية، فقد كانت صائمة، فعندما غابت الشمس وحان موعد إفطارها، أخذت تسأل فهل تنفذ الوصية أم لا، فكان موقفا صعبا، أن وفاؤها لزوجها أبى عليها أن ترد عزيمة زوجها الراحل، رضي الله عنه، فدعت بماء وشربت. [12].
أخذت أسماء على عاتقها الدعوة إلى الله وتربية أبنائها من جعفر وابنها محمد من أبي بكر ، تدعو الله أن يوفقهم، ويصلح الله بينهم. وبعد فترة وجيزة كان علي-كرم الله وجهه- ينتظر انتهاء عدتها، ليتقدم إليها، فهو رفيق رسول الله – صلى الله عليه وسلم-وصهره لابنته الراحلة فاطمة الزهراء، وشقيق جعفر الطيار زوجها السابق، فكان وفاء لأخيه الحبيب جعفر، ولصديقه أبو بكر الصديق- رضي الله عنهما [13].
تزوج علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- بأسماء بنت عميس، وعاشت معه، فكانت له صورة للمرأة المسلمة، والزوجة المؤمنة، وقد أنجبت له يحيى و عوناً، فكانت مثالاً لكل فتاة، ولكل زوجة وأم في كل زمان ومكان. كان علي- كرم الله وجهه- معجباً بها و بذكائها ورجاحة عقلها، فقد اختلف ولديها" محمد بن جعفر و محمد بن أبي بكر" فيما بينهما، وكل منهما يتفاخر بأبيه فقال كل منهما:-" أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك". وجعل علي- كرم الله وجهه- هذه المسألة لأسماء، فكان ذلك دلالة على أنه كان يريد منها أن تستخرج من فؤادها من الحب والوفاء، واختباراً لذكائها. فلم وقفت أسماء بين ولديها، قالت بكل ثقة ومن غير تردد:-" ما رأيت شاباً خيراً من جعفر ولا كهلا خيراً من أبي بكر". فسكت الولدان، وتصالحا فقال علي مداعباً:-" فما أبقيت لنا؟". [14]
وهكذا كانت أسماء نموذجاً حياً لأخلاق القرآن والإسلام وأخذت تكبر في عين علي كرّم الله وجهه- حتى أصبح يردد في كل مكان " كذبتكم من النساء الخارقة، فما ثبتت منهن امرأة إلا أسماء بنت عميس".
وفاتها:
ظلت رضي الله عنها على مستوى المسؤولية التي وضعت لأجلها، زوجة لخليفة المسلمين، وكانت على قدر هذه المسؤولية لما كانت تمر عليها من الأحداث الجسام، حتى جاء على مسمعها مقتل ولدها محمد بن أبي بكر، فتلوت من الحزن والألم عليه، فعكفت في مصلاها، وحبست دمعها وحزنها، حتى شخب ثديها ( سال منها) دماً ونزفت، وتمر الأيام، والأحداث، حتى فجعت بمقتل زوجها الخليفة علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- فلم تعد قادرة على احتمال المصائب والأوجاع، حتى وقعت صريعة المرض، تتلوى من شدة الألم على فراق أزواجها الصحابة الطاهرين، وولدها محمد بن أبي بكر، وفاضت روحها إلى السماوات العلى، فرضي الله عنها. [15]

الخلاصة والنتائج التي استخلصت من الشخصية:-
تعد هذه الشخصية من خلال الدراسة عظيمة ، وذات أهمية، وتحتوي على دروس وعبر، ومن النتائج التي استخلصتها الباحثة من خلال دراستها للشخصية ما يلي:-
1. 1- قوة الإيمان بالله ورسوله واستشهد بذلك موقفها العظيم من خلال هجرتها من مكة إلى الحبشة، فراراً بدينها، وذلك يعد مرتبة من مراتب الإيمان، ومن ثم هجرتها إلى المدينة، حيث واصلت جهدها وعذابها، شوقاً إلى لقاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم.
2. 2- زوجة مخلصة وفية مع أزواجها الطاهرين، حيث كانت مجاهدة، مكافحة، صابرة على الشدائد وعلى مستوى العظمة التي تجلت في أزواجها الطاهرين، وسيدة فاضلة، تؤدي حق الزوجية دون ما تفريط أو إهمال أو انتقاص.
3. 3- يشهد لها بالخلق الكريم، والمعدن الأصيل وعمق الإيمان الذي شهد به الرسول- صلى الله عليه وسلم- والأكثر تحملا واحتمالاً ووعياً وإدراكاً للمسؤولية.
4. 4- حسن تنشئتها لأبنائها ورعايتها الصالحة لهم من غير تمييز بينهم، فهي أسمى صورة للمرأة المسلمة وللزوجة المؤمنة، وللأم الصالحة، التي تعطي دروساً لفتيات اليوم على تعاقب الزمن وتفاوت الأيام.
الخـاتمـــــــــة :
إن دراسة حياة العظماء أمثال أسماء بنت عميس- رضي الله عنها- زوجة جعفر الطيار، ابن عم رسول الله – صلى الله عليه وسلم، والتي تزوجت أبي بكر الصديق- رضي الله عنه الذي يعد شيخ الإسلام، وعلي بن أبي طالب – كرم الله وجهه، ليس أمراً سهلاً.
وقد ذكرت الباحثة في هذه الرسالة ما كانت تتمتع به أسماء من حسن صحبة الزوج، والوفاء والإخلاص، وحسن التنشئة والرعاية الصالحة للأبناء، و دور الأم في إعداد براعم قوية الإيمان.
وقد رأيت تعميم الفائدة على القراء، وذلك عن طريق شرح مبسط عن حياة الصحابية الجليلة أسماء بنت عميس- رضي الله عنها- حتى يتسنى لهم، معرفة الصحابية الجليلة عن قرب، و أتمنى من هذا التعميم أن يعطي الموضوع حقه، ذلك أن من واجب الفتاة المسلمة اليوم الإطلاع على سيرة العظيمات من النساء العربيات، أمثال أسماء بنت عميس، حتى تكون شموعاً تضيء في محافل حياتهن، على ذكريات الأيام، وتعاقب الأعوام.

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

عزالدين
2007-10-27, 16:04
أسماء بنت أبي بكر
(ذات النطاقين)
أسماء بنت أبي بكر والدة الصحابي الجليل عبد الله بن الزيير وأخت أم المؤمنين عائشة وكانت اسن منها ببضع عشرة سنة وهي آخر المهاجرات وفاة.
أمها قتيلة بنت عبد العزى العامرية. أسلمت رضي الله عنها بعد إسلام سبعة عشر صحابياً وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم. شهدت مقاومة المشركين واستبدادهم بالضعفاء، كانت تخرج أسماء بليل تحمل الزاد والماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها خلال الهجرة النبوية، ولقد شغلها الخوف وأربكتها العجلة عن البحث عن رباط تربط به قربة الماء وسفرة الزاد، فأخذت نطاقاً من ثيابها وربطت به السفرة والقربة، فلقبها الرسول صلى الله عليه وسلم ب (ذات النطاقين) كما في صحيح البخاري . ولأسماء رضي الله عنها مواقف عظيمة كثيرة مع زوجها، فقد صبرت على الفقر والكفاف معه محتسبة عند الله أجرها فلقد قالت: (تزوجت الزبير وما له من مال ولا مملوك ولا شيء، غير فرسه. قالت: فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤنته، وأسوسه، وأدق النوى لناضحته، وأعلفه وأستقي الماء، وأحزز غربه وأعجن وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رأسي، وهي على ثلثي فرسخ) صحيح مسلم 2182.
كانت رضي الله عنها مع ما هي عليه من العمل الصالح والصبر تتهم نفسها وتستقل علمها. فقد روى ابن سعد (8/251)بسنده عن مليحة: (كانت أسماء تصدع، فتضع يدها على رأسها، وتقول: بذنبي وما يغفره الله أكثر). وهي رضي الله عنها بهذا القول تضرب المثل لغيرها في إنكار الذات والاعتراف بالخطأ والرجوع عنه.
ومع ما كانت عليه- أسماء رضي الله عنها- من حال بسيطة فقد كانت كريمة سخية بما عندها. فقد روى ابن سعد (8/252) بسنده أسامة بن زيد عن محمد بن المنكدر قال: (كانت أسماء بنت أبي بكر سخية النفس) .
ومن شجاعتها عندما دخل عبد الله بن الزبيرعلى أمه يشكو إليها تفرق أنصاره قالت له: يا بني إن كنت على حق فامض لما تؤمن به. قال: أخاف إن قتلوني أن يمثلوا بى. قالت: إن الشاة لا تخاف سلخها بعد ذبحها ولما دنت منه لتودعه وتعانقه وقعت يدها على درعه فقالت: ما هذا يا عبد الله صنع من يريد ما تريد!! فنزع درعه وخرج للقتال فعندما قتل أمر الحجاج بجثته أن تصلب.
فجاءت أمه عجوز طويلة مكفوفة البصر تقاد وهي تقول: أما آن للركب أن ينزل؟.
ماتت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها بعد مقتل ابنها عبد الله بعشرين يوماً وكان موتها سنة ثلاث وسبعين من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________________

أسماء بنت الفرات
(راوية الحديث والفقيهة)
هي أسماء بنت أسد بن الفرات القيروانية ابنة عالم إفريقية وقاضيها، وصاحب الإمامين أبي يوسف ومالك بن أنس.
نشأت أسماء بين يدي أبيها- ولم يكن له سواها- فأحسن تهذيبها، وثقف ذهنها علماً وحكمة.
وكانت تحضر مجالسه العلمية في داره، وتشارك في السؤال والمناظرة، حتى اشتهرت بالفضيلة، ورواية الحديث والفقه على رأي أهل العراق أصحاب أبي حنيفة.
ولما تقلد أسد إمارة الجيش المعد لفتح جزيرة صقلية على عهد زيادة الأول، وهرع الناس لتشييعه، وقد نشرت البنود والألوية، خرجت أسماء لوداع أبيها، ووصلت معه إلى سوسة، وبقيت معه إلى أن ركبت الأجناد الأساطيل، وغادرت السفن المرسى باسم الله مجراها ومرساها.
وأتاح الله للقاضي الأمير أسد من النصر العزيز والفتح المبين في قلاع تلك الجزيرة وحصونها ما خلد التاريخ ذكره.
واستشهد سنة 213 هـ وهو محاصر لمدينة سرقوسة عاصمة الروم بصقلية. وبعد وفاة أسد تزوجت أسماء بأحد تلاميذ أبيها، وهو محمد بن أبي الجواد، الذي خلف أستاذه في خطة القضاء، وتولى رئاسة المشيخة الحنفية بالبلاد الأفريقية سنة 225هـ ثم تخلى عن القضاء، ولحقته محنة من خليفته، فإنه اتهمه بمال الودائع، وسجنه! وبينما ابن الجواد في حبسه إذ جاءت أسماء زوجته للقاضي الجديد وقالت له: أنا سأجعل هذا المال يقضيه زوجي عن نفسه. قال لها القاضي: إن أقر أن ذلك هو المال، أو بدلاً منه اطلقه، فاقتنع ابن أبي الجواد من الاعتراف وأبى القاضي إطلاقه. ثم بعد حين عزل ذلك القاضي، وعاد زوج أسماء لمنصبه،ولم يؤاخذ سالفه بما فعل معه، منة منه وتكرماً.
ولم تزل أسماء الأسدية معظمة معززة عند الخاص والعام من بيئة عصرها، إلى أن توفيت في حدود سنة 250 هـ .

أسماء بنت يزيد (خطيبة النساء)
هي أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرؤ القيس بن عبد الأشهل بن الحارث، الأنصارية، الأوسية، الأشهلية.
وقد اختلف بعض المؤرخين والرواة حول اسمها فبعضهم قال:
(أسماء بنت عبيد الأنصاري) وكانت تكنى أم سلمة و (أم عامر الأوسية) وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى للهجرة فبايعته وسمعت حديثه، تعد من المحدثات الفاضلات وهي مجاهدة جليلة كانت من ذوات العقل والدين والخطابة حتى لقبوها خطيبة النساء.
فها هي تتقدم النساء وتتزعمهن ويذهبن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وتقول له: (أنا وافدة النساء إليك إن الله عزوجل بعثك إلى الرجل والنساء كافة فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز وجل، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو مجاهدا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم أفلا نشارككم في هذا الأجر؟.
وما انتهت أسماء من حديثها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى التفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه ثم قال: (هل سمعتم بمقالة امرأة أحسن من سائلة في أمر دينها من هذه؟).
فقالوا بلى يا رسول الله.
فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (انصرفي يا أسماء، واعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت للرجال).
فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشارا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولما أسلم ابن عمها معاذ بن جبل- رضي الله عنه سألته عن الإسلام وما يدعو إليه فتلا عليها آيات من الذكر الحكيم وأخبرها أنه عليه الصلاة والسلام يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له. ونبذ عبادة الأصنام ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فأتت أم عامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت وبايعت وكانت أول من بايع من النساء.
وكان عليها سواران من ذهب فبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيصهما فقال عليه الصلاة والسلام: (ألقي السوارين يا أسماء أما تخافين أن يسورك الله بأساور من نار؟) ابن ماجة.
فما كان منها إلا أن سارعت فنزعتهما وألقتهما أمامه.
وشهدت أسماء بنت يزيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض المشاهد وكانت تخدم رسول الله تقول: (إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله إن نزلت)سورة المائدة كلها فكادت تدق عنق الناقة.
امتد العمر بأسماء- رضي الله عنها- فقد شهدت (موقعة اليرموك سنة 15هـ وشاركت فيها فكانت مجاهدة جليلة وتذكر الروايات أنها قتلت تسعة من جنود الروم بعمود خيمتها وعاشت بعد ذلك دهراً رضي الله عنها.
__________________

الخنساء بنت عمرو (أم الشهداء)
أم عمرو تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السليمية الملقبة بالخنساء، من أشهر شاعرات العرب. وقد أجمع علماء الشعر أنه لم تكن امرأة أشعر منها، وشعرها كله في رثاء أخويها معاوية وصخر اشتهر رثاؤها في أخويها وعظم مصابها. وأنشدت الخنساء في سوق عكاظ بين يدي النابغة الذبياني وحسان بن ثابت فقال لها النابغة (اذهبي فأنت أشعر من كل ذات ثديين. ولولا أن هذا الأعمى (يعني الأعشى) أنشدني قبلك لفضلتك على شعراء هذا الموسم).
قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم، وأعلنت إسلامها وإيمانها لعقيدة التوحيد، وحسن إسلامها حتى أصبحت رمزا متألقا من رموز البسالة، وعزة النفس، وعنوانا للأمومة المسلمة المشرفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنشدها ويعجبه شعرها، وكانت تنشده وهو يقول: (هيه يا خناس ويومي بيده) . وعندما أخذ المسلمون يحشدون جندهم ويعدون عدتهم زحفا إلى القادسية، كل قبيلة تزحف تحت علمها مسارعة إلى تلبية الجهاد كانت الخنساء مع أبنائها الأربعة تزحف مع الزاحفين للقاء الفرس وفي خيمة من آلاف الخيام،جمعت الخنساء بنيها الأربعة لتلقي إليهم بوصيتها فقالت: يا بني أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعده الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) .
فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم متبصرين بالله على أعدائه منتصرين. فلما أشرق الصبح واصطفت الكتائب وتلاقى الفريقان أخذت تتلقى أخبار بنيها وأخبار المجاهدين. لقد جاءها النبأ بالاستشهاد فقالت:
(الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته).
توفيت الخنساء بالبادية في أول خلافة عثمان بن عفان- رضي الله عنه- سنة 24 هـ.

الربيع بنت معوذ
(الفقيهة المحدثة)
الربيع بنت معوذ بن الحارث من السابقات إلى الإسلام بايعت النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابيات الجليلات وجاهدت مع المجاهدين بايعت الربيع بنت معوذ بن عفراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطبها إياس بن البكير الليثي، ثم خرج هو وأخواه وبعد بدر تزوجت الربيع من إياس فجاء النبي عليه الصلاة والسلام فدخل عليها غداة بنى بها. فجملت جويرات لها يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائها يوم بدر إلى أن قالت إحداهن:
وفينا نبي يعلم ما يكون في غد
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها: دعي هذه قولي بالذي كنت تقولين وولدت الربيع محمدا. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها فيقول لها: اسكبي لي وضوءا.
وسمعته يقول لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ).
شهدت الربيع أحدا مع أم عمارة وعائشة رضي الله عنهن.
وعندما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أحد رهط من عضل والقارة فقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام .
فبعث النبي صلى الله عليه وسلم نفرا ستة من أصحابه: مرثد بن أبي مرثد، وخالد بن البكير، وعاصم بن ثابت، وخبيب وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق وأمر عليهم عاصما، فلما خرجوا مع القوم غدروا بهم على الرجيع وقتلوهم.
ولما انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وادعى مسيلمة الكذاب النبوة فخرج عامر بن البكير إلى اليمامة فقتل.
فكان صحابة رسول الله مثل عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- يسألها كيف كان النبي عليه الصلاة والسلام يتوضأ؟.
وجاءها أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسرفقال لها: صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت الربيع- يا بني لو رأيته لرأيت الشمس طالعة.
توفيت- رحمها الله- أيام معاوية سنة 45 هـ رضي الله عنها.

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ع

عزالدين
2007-10-27, 16:05
الرميصاء بنت ملحان
(المؤمنة الداعية المبشرة بالجنة)
هي الرميصاء أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب الأنصارية الخزرجية، وكان من أوائل من وقف في وجهها زوجها مالك الذي غضب وثار عندما رجع من غيبته وعلم بإسلامها ولما سمع مالك بن النضر زوجته تردد بعزيمة أقوى من الصخر: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، خرج من البيت غاضبا فلقيه عدو له فقتله، ومضى الناس يتحدثون عن أنس بن مالك وأمه بإعجاب وتقدير ويسمع أبو طلحة بالخبر فيتقدم للزواج من أم سليم ويعرض عليها مهرا غاليا. فترده لأنها لا تتزوج مشركا تقول: إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركا. أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها آل فلان. وأنكم لو أشعلتم فيها نارا لاحترقت .
فعندما عاود لخطبتها قالت: (يا أبا طلحة ما مثلك يرد ولكنك امرؤ كافر وأنا امرأة مسلمة لا تصلح لي أن أتزوجك).
فقالت إن مهرها الإسلام.
فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم ويتشهد بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم - فتزوجت منه - وهكذا دخل أبو طلحة الإسلام على يد زوجته. ودخل عليها أبو طلحة وكان له غلام تركه مريضاً فسألها عن أحواله فقالت: (إنه بخير) وكان قد مات وتزينت ونال منها ما ينال الرجل من امرأته ثم قالت: (إن الله قد استرد وديعته وأن ابننا قد لقي ربه) فغضب وعجب كيف تمكنه من نفسها وولدها ميت، وخرج يشكوها لأهلها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبله النبي باسماً وقال: (لقد بارك الله لكما في ليلتكما) فحملت الرميصاء بولدها (عبد الله بن أبي طلحة) من كبار التابعين وكان له عشرة بنين كلهم قد ختم القرآن وكلهم حمل منه العلم.
ولم يكف أم سليم أن تؤدي دورها في نشر دعوة الإسلام بل حرصت على أن تشارك في الجهاد ففي صحيح مسلم وابن سعد- الطبقات بسند صحيح أن أم سليم اتخذت خنجراً يوم حنين فقال أبو طلحة: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر. فقالت: يا رسول الله إن دنا مني مشرك بقرت به بطنه. ويقول أنس- رضي الله عنه-: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى. فقد بشرها عليه الصلاة والسلام بالجنة حين قال: (دخلت الجنة فسمعت خشفة، فقلت من هذا قالوا هذه الرميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك).

السميراء بنت قيس
(الصابرة المجاهدة)
السميراء بنت قيس، أسلمت فشمخت بإسلامها، وشمخ بها الإسلام فإذا هي نموذج فريد متحرك لما تنبغي أن تكون عليه المرأة المسلمة. وحين نفر المسلمون إلى أحد، وسارعت السميراء تحرض ولديها، النعمان بن عبد عمرو، وسليم بن الحارث، للنفرة مع رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ثم تمضي من خلف الركب النبوي، مع نفر من نساء المسلمين تستطلع أخبار القتال.
واحتدم القتال، والسميراء ورهطها يراقبن عن بعد مجرى المعركة، حتى إذا لاح لها فارس يقترب، نهضت إليه تستوقفه، وتسأله عن أخبار المعركة، فعرفها الفارس فنعى إليها ولديها النعمان وسليم، فما زادت أن قالت: (إنا لله وإنا إليه راجعون).
وعادت إلى الرجل تقول: يا أخا الإسلام، ما عنهما سألتك، أخبرني ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الرجل: خيراً إن شاء الله هو بحمد الله على خير ما تحبين. قالت: أرنيه انظر إليه. فأشار إليه، فقالت: وقد تهلل وجهها، ونسيت مصيبتها بولديها: كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله.
وما هي إلاسويعات، حتى جيء لها بولديها الشهيدين: فقبلتهما وحملتهما على ناقتها، ورجعت بهما إلى المدينة.
وفي الطريق، قابلتها عائشة أم المومنين- رضي الله عنها- فقالت : وراءك يا سميراء؟. قالت: أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بحمد الله بخير) وأما المسلمون فقد اتخذ الله منهم شهداء، وأما الكافرون فقرأت قوله تعالى: (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال) .
قالت عائشة- رضي الله عنها-: فمن هؤلاء الذين فوق الناقة يا سميراء؟ قالت: هما ولداي، النعمان وسليم، قد شرفني الله باستشهادهما، وإني لأرجو الله أن يلحقني بهما في الجنة.
رحم الله السميراء بنت قيس وأسكنها الله فسيح جناته .

الشفاء بنت عبد الله
(المعلمة الأولى)
الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس القرشية العدوية، أسلمت قبل الهجرة وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن، ولما هاجرت إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أقطعها النبي دارا عند الدكاكين بالمدينة فنزلتها مع ابنها سليمان وكانت تكتب بالعربية في الوقت الذي كانت الكتابة في العرب قليلة.
فكانت تعرض على رسول الله ما كانت ترقي به الناس في الجاهلية. فكان يسمع منها صلى الله عليه وسلم.
ودخل رسول الله على أم المؤمنين حفصة بنت عمر فوجد الشفاء بنت عبد الله عندها فقال لها: علمي حفصة رقية النملة كما علمتيها الكتابة.
كانت تعلم الناس الكتابة والقراءة مبتغية بذلك الأجر والثواب من الله، فكانت حفصة من بين من علمت من النساء. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور أم سليمان ويقيل عندها فلقد سألت رسول الله فقالت- ما أفضل الأعمال يا نبي الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إيمان بالله وجهاد في سبيله وحج مبرور).
وكان عمر بن الخطاب يقدمها بالرأي.

أم حرام بنت ملحان
(شهيدة البحر)
هي أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام الأنصارية من بني النجار أخت أم سليم وخالة أنس بن مالك. كانت تحت عبادة بن الصامت سيد الخررج وأحد النقباء الاثني عشر الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت الإسلام وما تركت غزوة إلا وخرجت مع الجنود تسقي الظمأى وتداوي الجرحى.
وكان بيتها من أحسن البيوت وأحبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذات يوم أخذته سنة من النوم، ثم قام وهو يضحك فسألته فقال: (أناس من أمتي يركبون البحر كالملوك على الأسرة). فقالت: (يا رسول الله ادع الله أن أكون منهم) فقال: (أنت مع الأولين) انظر الحديث بطوله .
فلما كان زمن معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه- سنة اثنين وأربعين من الهجرة ركبت أم حرام بنت ملحان البحر وركب معها زوجها عبادة بن الصامت.. فلما قدمت إليها البغلة حين خرجت من البحر وقعت أم حرام فاندق عنقها.. وماتت ونالت الشهادة ودفنت في قبرص. رضي الله عنها وأرضاها.
يتبــــــــــــــــــــــــــــع