المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شقاوة !


عزيف
2021-09-09, 15:53
" هكذا !...بهدوء...ورشاقة ....وخفة ...و...آي...تبا..يبدو ان شوكة اخترقت قدمي ..آمل ان فريستي لم تسمع صوت انيني ..كلا انها لا تزال غافلة...فلنكمل الخطة اذن "
تلك انا في يوم مشمس جميل ،اتسلل لانقض على فريستي ، وفريستي ليست سوى اخي الجالس في امان الله تحت ظل شجرة مستندا الى برميل ضخم يحدق في السماء وعلى وجهه تعبير غريب لازال الى اليوم يثير في فضولا لاعرف ما كان يدور في راسه حينها .
واصلت التقدم نحوه في صمت حتى وصلت اليه ،لم يشعر بشيء وانى له!.?؟ فقد كنت ماهرة لدرجة جعل القطط تنط فزعا كالنوابض حين تكتشف اني اصبحت خلفها دون ان تشعر .
وقفت هناك خلفه بهدوء ثم اشرفت عليه من وراء البرميل ،كان لا يزال على حاله ساهما يسبح بخياله في بحار لا ادري عنها ،جعل هذا امره سهلا علي فاسترخيت و اسندت خدي بيدي في ملل ورحت اراقبه من عل :
"هل اصرخ ..لا تبدو فكرة جيدة ...ربما "بخ"تفي بالغرض...لا صارت دقة قديمة ..هل اقلد صوت الكلاب .كلا لن تعطي التأثير المطلوب ثم اني لا اجيد تقليد النباح"
ظللت هكذا لردح من الزمن اناقش امر اخي في رأسي ،في النهاية لم اصل الى شيء مرض ،فاكتفيت بالقاء التحية عليه بهدوء :
"السلام عليكم "
ما حدث بعدها وقع خلال ثوان :قفز اخي كالملسوع من مكانه ثم التفت الي مذعورا وعلى وجهه علامات الذهول والفزع ،اردت حينها اطلاق ضحكة النصر الصاخبة تلك لكنها تجمدت على شفتي كشبح ابتسامة حين رأيت ملامحه تتبدل الى اخرى مخيفة فايقنت ان علي اطلاق ساقي للريح والنجاة بنفسي.
وطبعا لم اكذب خبرا فقد انطلقت باسرع ما استطعت ممسكة حذائي بيدي وانا احمي راسي من قذائف الطوب والحجارة واشياء اخرى لم اتبينها كانت تنهال علي بكثافة ،تفاديتها ببراعة جنود الحلفاء في انزال النورمندي حتى اصبحت خارج نطاق تصويبه.
ومع هذا لم اكف عن الركض حتى وصلت البيت ،اغلقت الباب خلفي ثم رحت التقط انفاسي ،بعدها دخلت في نوبة من الضحك :"تبا له لم اقصد افزاعه ،لقد كانت تحية بريئة ....لكن تعابير وجهه كانت مضحكة جدا ....و.الان ينبغي علي تدبير خطة لتفاديه للاربع والعشرين القادمة الى ان ينسى الامر"

كان هذا قبل سنين طويلة ،كنت حينها طفلة صغيرة ،ورغم اني نفذت مقالب كثيرة الا ان هذه مازالت تثير ضحكي كلما تذكرتها ،ولكن هذا لا يمنعني من التحذير من خطورة هذه التصرفات ونتائجها الكارثية واظن ان الكثيرين منكم سمعوا او عاينوا نهايات مأساوية لهذا النوع من المزاح الخطير ...انا نفسي كدت اتسبب ببعض الاذى حين كنت اجد في نصب المقالب للاخرين شبه هواية ،لم اتوقف عن ذلك الا حين قرأت حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحذر فيه من هذا العمل ،قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم ان يروع مسلما ) وقال ايضا : (لا يأخذ احدكم عصا اخيه لاعبا او جادا ،فمن اخذ عصا اخيه فليردها اليه).
هناك طرق كثيرة للمزاح وملاطفة الناس ولكن ادخالهم في حالة من التوتر والقلق والرعب والهلع ليس جزءا من ذلك ،بل هو اذى وتعذيب نفسي مهما كانت محاولات تبريره بحسن النوايا او تجميله بابداء الثنايا .

Ali Harmal
2021-09-09, 17:36
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عزيف دونتي وابدعتي والحقيقة هذا هوا خيال العزيف ورواياته...
السلام من الله افزعه إنها رائعة لم تغضبة ولم تغضب الله وقهرت الشيطان والذي يؤدي بعض المزاح الي الجنون ونوبات قلبي وفشل كلوى...الخ..
تحياتي

اللهم ارزقني عفةمريم
2021-09-09, 18:08
اولا اهنئكِ على براعة السرد لديكِ فهي تجذب القارئ و تلهمه على متابعة ماكتبتِ رغم عنه بكل متعة اتمنى أن لا تبخلِ علينا بمثل هذا الابداع الممتع دوما فقد ابدعتي حقا
ثانيا صدقتِ مثلا هذي المقالب لها عواقب وخيمة حتى وإن كانت تعتبر مزاح و ليس مقصودها الضرر فهي من الممكن أن يوثر الهلع والخوف المفاجئ على نفسية الشخص سلبيا فمن الاحسن أن نقوم بإختيار الوقت والموضع المناسب للمزاح و بجرعة مناسبة أيضا .
ولكن مع ذلك تعتبر شقاوة اطفال تبقى ذكرى لها أثر جميل .
بوركتِ غاليتي

رَمَادِيَاتْ
2021-09-09, 19:10
سرد ماتع شائق أختي عزيف،
أحسنت
لعل ما قصصته يفتح لنا بابا لنتحدث عن الكاميرات الخفية التي ما تزال تعرض مع كل شهر رمضان، كمية ترويع لا نظير لها، رأيت بالأمس فيديو لشخص تم حبسه مع جثة رجل جعل نفسه يتلوى بطريقة مرعبة في ظل انقطاع الكهرباء المكرر، وهلع الضحية..
ثم ينتهي المشهد ككل مرة باعتذار سخيف من المقدم وتصفيقات من الحضور.

لطالما تساءلت أمام هذا النوع من البرامج: ألا يتوقعون احتمال أن يقف قلب الرجل فجأة أو أن يصاب بعطب صحي مدى الحياة؟

الأمر بحاجة إلى ضبط عقوبات فاعلة تدين هذا النوع من الفزع المبرمج.