كمية....فزياء

[سعد606]

"كمية....فزياء":
قال شاب لصديقه بعد أن تمكنت الخمر من عقليهما : "كِمْيَاااااااا...يَا وَدْ." وكان يقصد اسْتِحْسَانَ مشروب الخمر. وَرَدّ عليه صديقه الذي كان طالب علم بالجامعة: "فزياااااااااء....يَا وَدْ"....إن هذه الصورة تُشبه إلى حد ما، انخراط دكتور في حزب سياسي، فيُمسك هو بِحَبلِ الحديث عن سياسة الحزب، والتخطيط الاستراتيجي للنهوض بالبلاد، بينما يمسك الجهلاء ممن دفعتهم الظروف نحو الواجهة، وممن لا يتقنون سوى مصطلحات قاموس "الرِّيعْ" فتجد حديثهم ينحصر بين (الحويطة، والشكارة، والبَايْ) قد أقبل أيها الأصدقاء العمل ضمن فريق غير متجانس من حيث المستوى أو الفكر، أو الثقافة، وربما حتى العقيدة. لكن لن أقبل أبدا أن أكون وسط فريق كأبله أو "طرطور" فكما أن للمال وزن، فللعقل وزن كذلك ، وللمستوى الفكري قيمة واعتبار، فلا يجب أن يمنح الدكتور فرصة لأي كان فيحوله إلى خادم أو تابع للجهلاء، بل يجب أن يصنع هو وأمثاله من رجال الفكر التغيير.

[⌈الأشتر⌉]

لقد كان من شأن بعض الحكماء، أن قدّموا مصاحبة البليد الّذي اعتاد مجالسة العلماء، على اللّبيب الّذي اعتاد مصاحبة الجهال، وذلك لأنّهم رأوا أنّ أخذ البليد من العلماء أقرب من أخذ الجهال من اللّبيب، وكأنّهم يشيرون إلى تأثير الجماعة على الفرد.

أما إن اعتدلت الجماعة، وكانت نفوسهم متجانسة ومتقاربة، وكانوا على غاية واحدة فيما يطلبونه، فهنا يبرز تأثير الفرد على الجماعة، ومن الأمثلة الّتي تحضرني في هذا الباب، عند تعليق محمد الغزالي( في كتابه تأملات في الدين والحياة، ص208) على دور ابن رواحة في غزوة مؤتة بقوله (فقد سبق زيد بصمته ابن رواحة بشعره وخطبه..)، ما غاب عن الشّيخ أنّ كلام ابن رواحة، هو الّذي وجّه صمت زيد وحفّزه، بل وكلّ الجيش الّذي سيّر إلى معركة يعلمون نتائجها مسبقا، فلقد احتاجوا إلى من يهيّج نفسوهم لقبول الشّهادة بدون مناوشتها، فعُلم أنّ مافعله ابن رواحة لابد منه، وإن كان لم ينفعه كما نفع غيره، وهذا يدخل في العمل الجماعي.

وأما جعل العبرة في القيادة والاختيار الشّهادات الجامعية الجزائرية، فلايخفى اليوم على أحد أنّها شهادات زور خلطت الباطل بالحقّ، فبدل أن يكون حاملوها رجال فكر، كانوا رجال هدم، وإذا رأيتهم يحاولون التّغيير، فلاتظنّنّ أنّهم يحاولون إصلاح الفساد، بل هم يتكلّفون إفساد الصّحيح.