حسناء بنت الجبل
2019-09-11, 13:35
السلام1
بمناسبة العودة للمدرسة
تتزاحم الكثير من الذكريات أمامنا ، فما بين الدخول و المعلمين و عبق الأدوات الجديدة و المواقف المحزنة و الطريفة
يتجول المخ و له وقفة في كل ذكرى ، فمرة تجعلك تلك الصورة تبتسم و مرة تحزن
مابين الفرحة و الخوف تعتبر أول سنة لنا في الابتدائي سنة غير اعتيادية فهي التي تحدد ميلنا للدراسة أو الابتعاد عنها
الفاصلة4
أصحاب القلوب الضعيفة يمنع مواصلة القراءة
الفاصلة4
بالنسبة لي كنت سعيدة جدا بالدراسة و خاصة أن عمري لم يصل الخمس سنوات
عدد كبير من التلاميذ كان في القسم الذي كنت أدرس فيه فمدرستنا كانت عبارة عن " برارك" و كانت تقع أمام أكبر حي قصديري
و كان أغلب من يدرس معي من الفقراء و المساكين ، فمنهم من التحق لأن هناك قانون اجباري يلزمهم بالدراسة ، و هناك منهم التحق ليغير من وضعه ، أما أنا فالتحقت بها لأنها في طريق والدي ، كما أن كل المعلمين فيها أصدقاءه و زملاء مهنة
كانت تلك أول مرة أرى أشخاص بتلك الهيئة
بحكم أني لم أكن أخرج للعب في الشارع بقيت مندهشة ، عالم جديد مختلف كليا عن العالم الذي أعرفه ، و ما ميزه الحالة المزرية التي كانت تميز أغلب التلاميذ ، فملابسهم ليست منتظمة و شعرهم كثيف ، كثير منهم كسول و لا يرغب بالدراسة لأنه فقط أجبر عليها ، منهم الكبير و الصغير فهناك من سنه تسع سنوات و هذه أول مرة يلتحق بالمدرسة ، كان عددنا يفوق الاربعون
كان استاذي في السنة الاولى رجلا ، و كنت أحبه جدا رغم قسوته ،فقد علمنا الاناشيد و الرسم و التعبير ، ، كنت أجلس غير بعيد عنه
لأنه كان يختار الأماكن على حسب المظاهر ، فأولاد الاساتذة و ميسوري الحال في الطاولات الأولى بينما بقية التلاميذ في الصفوف الخلفية
كان يراقب واجباتنا يوميا و يا ويح من لم يقم بعمله ، فعقابه شديد
كانت طوابير التلاميذ الذين ينتظرون العقاب مظهرا يوميا اعتدناه ، مثلها مثل لوحة أنا حمار التي كان التلميذ يتجول بها في كل الاقسام ثم يبقى واقفا بها في الساحة حتى نهاية الدوام منتصف النهار
حين كان التلاميذ يضحكون ، كنت أبكي لأني أضع نفسي مكان ذلك التلميذ ، فأشعر بما يشعر به ، فلا أتمكن من الضحك عليه
الى أن جاء يوم لازالت ذكراه عالقة بذهني
كان تلميذا من سكان الاحياء القصديرية
كان قصيرا ذو شعر اشقر
لازالت نظراه عالقة بذهني رغم مرور سنين طويلة
لازال اسمه عالقا بأذني و الاستاذ يناديه
"مصطفى "
ذاك الفتى كان جرمه أنه نام في القسم لم يحل واجباته في البيت
صعد على المصطبة و هو يرتعد
ليس بسبب الخوف و لكن بسبب الحمى
فقد كان مريضا و ثيابه مبللة لأننا كنا في فصل الشتاء
ضربه معلمي بالعصا مرات عديدة و لكن لأنه كان يبكي و يترجى فأيديه تؤلمه توقف المعلم عن ضربه
طلب منه ان يقابل السبورة لأنه سيترك يديه بسلام
لازلت اشعر بنفس الالم في صدري مثل ذلك اليوم
واجه "مصطفى" الصغير السبورة و هو يظن انه سيبقى واقفا
هناك طلب منه جلاده أن ينزع سرواله لأنه سيتلقى الضرب على مؤخرته
لكم أن ترو دموع الطفل و ملامحه و تلاميذ القسم يقهقهون
أخفيت وجهي على الطاولة حتى لا اشاهد هذا المنظر أنا و بضع فتيات
لكن المعلم وقف أمامي و اجبرني على رفعه و هددنا أنه سيكون مصيرنا واحدا ان لم نشاهده
كان سرواله جينز اسود ، انزله ، و كان تحته سروال رمادي " جوكينغ" المعلم استشاط غضبا و طلب انزال السروال الثاني فكان تحته " فيزو " ثم تحته "سيكليست " ثم ملابس داخلية
و أخيرا وصل المعلم الى مبتغاه ، جعل الطفل في وضعية الركوع و انهال عليه بالضرب حتى تغير لون جلده للاحمر
لم اتمكن من امساك دموعي و أنا اشاهد القهر في عيني طفل بريئ
لم اتمكن من تحمل المشهد اكثر و ذاك المسكين يتبول في سرواله بسبب البرد و الحمى و الالم و الاحراج
دفنت وجهي بين يدي و أنا ارى عالما من الاشرار لم اقابله الا في الرسوم المتحركة بل أسوأ بكثير
لكن الفرق أنه في عالمي ليس هناك جنغر و لا قراندايزر و لا ساسوكي
كان ذلك اليوم آخر يوم أرى فيه الطفل المسكين
ترك المدرسة نهائيا و لم يعد اليها
الحمى جعلته يلزم الفراش اياما عديدة
و الاحراج منعه من الخروج من المنزل
كان ذنبه أنه فقير
كان يلبس ملابس عديدة حتى لا يشعر بالبرد لأنه يسكن في كوخ قصديري
و كان لا يحل واجباته لأنه ليس له أدوات
كان ينام في القسم لأنه مريض
كان المعلم يتمادى مع أمثال هؤلاء فقط لأنهم فقراء
فلا حول لهم و لا قوة الا بالله
صدمتني هذه الذكرى و بقيت راسخة و أثرت في أيما تأثير
تغير المعلم في السنة الموالية ، لكن الاثر لم يتغير
و من هذه الذكرى ، صار مكاني في السنوات التي بعدها أبعد ما يكون عن الاساتذة
صرت لا أحب المشاركة و لا الصعود للسبورة و لا احب حتى الاساتذة
ربما يكون المعلم نسي قصة الطفل لأنه بالنسبة له شيء عادي أو روتيني
أما أنا كلما تذكرت الموقف دعوت على استاذي فما بالك بذلك المظلوم المسكين
بمناسبة العودة للمدرسة
تتزاحم الكثير من الذكريات أمامنا ، فما بين الدخول و المعلمين و عبق الأدوات الجديدة و المواقف المحزنة و الطريفة
يتجول المخ و له وقفة في كل ذكرى ، فمرة تجعلك تلك الصورة تبتسم و مرة تحزن
مابين الفرحة و الخوف تعتبر أول سنة لنا في الابتدائي سنة غير اعتيادية فهي التي تحدد ميلنا للدراسة أو الابتعاد عنها
الفاصلة4
أصحاب القلوب الضعيفة يمنع مواصلة القراءة
الفاصلة4
بالنسبة لي كنت سعيدة جدا بالدراسة و خاصة أن عمري لم يصل الخمس سنوات
عدد كبير من التلاميذ كان في القسم الذي كنت أدرس فيه فمدرستنا كانت عبارة عن " برارك" و كانت تقع أمام أكبر حي قصديري
و كان أغلب من يدرس معي من الفقراء و المساكين ، فمنهم من التحق لأن هناك قانون اجباري يلزمهم بالدراسة ، و هناك منهم التحق ليغير من وضعه ، أما أنا فالتحقت بها لأنها في طريق والدي ، كما أن كل المعلمين فيها أصدقاءه و زملاء مهنة
كانت تلك أول مرة أرى أشخاص بتلك الهيئة
بحكم أني لم أكن أخرج للعب في الشارع بقيت مندهشة ، عالم جديد مختلف كليا عن العالم الذي أعرفه ، و ما ميزه الحالة المزرية التي كانت تميز أغلب التلاميذ ، فملابسهم ليست منتظمة و شعرهم كثيف ، كثير منهم كسول و لا يرغب بالدراسة لأنه فقط أجبر عليها ، منهم الكبير و الصغير فهناك من سنه تسع سنوات و هذه أول مرة يلتحق بالمدرسة ، كان عددنا يفوق الاربعون
كان استاذي في السنة الاولى رجلا ، و كنت أحبه جدا رغم قسوته ،فقد علمنا الاناشيد و الرسم و التعبير ، ، كنت أجلس غير بعيد عنه
لأنه كان يختار الأماكن على حسب المظاهر ، فأولاد الاساتذة و ميسوري الحال في الطاولات الأولى بينما بقية التلاميذ في الصفوف الخلفية
كان يراقب واجباتنا يوميا و يا ويح من لم يقم بعمله ، فعقابه شديد
كانت طوابير التلاميذ الذين ينتظرون العقاب مظهرا يوميا اعتدناه ، مثلها مثل لوحة أنا حمار التي كان التلميذ يتجول بها في كل الاقسام ثم يبقى واقفا بها في الساحة حتى نهاية الدوام منتصف النهار
حين كان التلاميذ يضحكون ، كنت أبكي لأني أضع نفسي مكان ذلك التلميذ ، فأشعر بما يشعر به ، فلا أتمكن من الضحك عليه
الى أن جاء يوم لازالت ذكراه عالقة بذهني
كان تلميذا من سكان الاحياء القصديرية
كان قصيرا ذو شعر اشقر
لازالت نظراه عالقة بذهني رغم مرور سنين طويلة
لازال اسمه عالقا بأذني و الاستاذ يناديه
"مصطفى "
ذاك الفتى كان جرمه أنه نام في القسم لم يحل واجباته في البيت
صعد على المصطبة و هو يرتعد
ليس بسبب الخوف و لكن بسبب الحمى
فقد كان مريضا و ثيابه مبللة لأننا كنا في فصل الشتاء
ضربه معلمي بالعصا مرات عديدة و لكن لأنه كان يبكي و يترجى فأيديه تؤلمه توقف المعلم عن ضربه
طلب منه ان يقابل السبورة لأنه سيترك يديه بسلام
لازلت اشعر بنفس الالم في صدري مثل ذلك اليوم
واجه "مصطفى" الصغير السبورة و هو يظن انه سيبقى واقفا
هناك طلب منه جلاده أن ينزع سرواله لأنه سيتلقى الضرب على مؤخرته
لكم أن ترو دموع الطفل و ملامحه و تلاميذ القسم يقهقهون
أخفيت وجهي على الطاولة حتى لا اشاهد هذا المنظر أنا و بضع فتيات
لكن المعلم وقف أمامي و اجبرني على رفعه و هددنا أنه سيكون مصيرنا واحدا ان لم نشاهده
كان سرواله جينز اسود ، انزله ، و كان تحته سروال رمادي " جوكينغ" المعلم استشاط غضبا و طلب انزال السروال الثاني فكان تحته " فيزو " ثم تحته "سيكليست " ثم ملابس داخلية
و أخيرا وصل المعلم الى مبتغاه ، جعل الطفل في وضعية الركوع و انهال عليه بالضرب حتى تغير لون جلده للاحمر
لم اتمكن من امساك دموعي و أنا اشاهد القهر في عيني طفل بريئ
لم اتمكن من تحمل المشهد اكثر و ذاك المسكين يتبول في سرواله بسبب البرد و الحمى و الالم و الاحراج
دفنت وجهي بين يدي و أنا ارى عالما من الاشرار لم اقابله الا في الرسوم المتحركة بل أسوأ بكثير
لكن الفرق أنه في عالمي ليس هناك جنغر و لا قراندايزر و لا ساسوكي
كان ذلك اليوم آخر يوم أرى فيه الطفل المسكين
ترك المدرسة نهائيا و لم يعد اليها
الحمى جعلته يلزم الفراش اياما عديدة
و الاحراج منعه من الخروج من المنزل
كان ذنبه أنه فقير
كان يلبس ملابس عديدة حتى لا يشعر بالبرد لأنه يسكن في كوخ قصديري
و كان لا يحل واجباته لأنه ليس له أدوات
كان ينام في القسم لأنه مريض
كان المعلم يتمادى مع أمثال هؤلاء فقط لأنهم فقراء
فلا حول لهم و لا قوة الا بالله
صدمتني هذه الذكرى و بقيت راسخة و أثرت في أيما تأثير
تغير المعلم في السنة الموالية ، لكن الاثر لم يتغير
و من هذه الذكرى ، صار مكاني في السنوات التي بعدها أبعد ما يكون عن الاساتذة
صرت لا أحب المشاركة و لا الصعود للسبورة و لا احب حتى الاساتذة
ربما يكون المعلم نسي قصة الطفل لأنه بالنسبة له شيء عادي أو روتيني
أما أنا كلما تذكرت الموقف دعوت على استاذي فما بالك بذلك المظلوم المسكين