مشاهدة النسخة كاملة : بدء الخلق وعجائب المخلوقات
*عبدالرحمن*
2018-03-30, 00:46
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الجمع بين القول بكروية الأرض
وبين قوله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا )
السؤال :
طلب شخص غير مسلم منى أن أشرح هذه الآيات : في سورة نوح الآية 19 (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا) ، وفى سورة النبأ الآية 6 (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) ؛ ماذا يعنى هذا ؟
وفى سورة الحجر الآية 19 (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) ؛ هل يعني ذلك أن الأرض مسطحة ؟ وفي "تفسير الجلالين" أن الأرض مسطحة ، وهذا ضد العلوم القائمة .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
أجمع أهل العلم على كروية الأرض ، إلا أنها في أعين الناظرين مسطحة ؛ لأنها كبيرة الحجم ، وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة ، فهي بحسب النظر مسطحة ، لكنها في جملتها وحقيقتها كروية .
قال ابن حزم رحمه الله :
" البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها "
انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (2/78) .
.
ثانيا :
قوله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا ) نوح/ 19 ، يدل على أنها منبسطة ، مهيأة للانتفاع بها ، قال ابن كثير :" أَيْ بَسَطَهَا وَمَهَّدَهَا وَقَرَّرَهَا وَثَبَّتَهَا بِالْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 247) .
وكذا قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) النبأ/ 6 ، أي: ممهدة مهيأة لكم ولمصالحكم، من الحروث والمساكن والسبل .
قال ابن كثير :
" أَيْ مُمَهَّدَةٌ لِلْخَلَائِقِ ذَلُولًا لَهُمْ قَارَّةً سَاكِنَةً ثَابِتَةً "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 307) .
وقوله تعالى : (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) الحجر/ 19 ، أي بسطناها وجعلنا فيها جبالا ثوابت ، وهذا كقوله : ( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ) الرعد/ 3 .
ولا منافاة بين القول بكرويتها والقول بانبساطها ، فهي في حقيقتها وجملتها العظيمة الكبيرة الهائلة : كروية ، وهي في عين الناظر مسطحة مستوية ، كما يظهر لكل الخلق .
قال الرازي رحمه الله :
" فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَدُلُّ قَوْلُهُ: (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) عَلَى أَنَّهَا بَسِيطَةٌ؟
قُلْنَا: نَعَمْ ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ ، بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا كُرَةً ؛ فَهِيَ كُرَةٌ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ ، وَالْكُرَةُ الْعَظِيمَةُ يَكُونُ كُلُّ قِطْعَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْهَا ، إِذَا نُظِرَ إِلَيْهَا ، فَإِنَّهَا تُرَى كَالسَّطْحِ الْمُسْتَوِي، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ زَالَ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْإِشْكَالِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) النَّبَأِ/ 7 ، سَمَّاهَا أَوْتَادًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يحصل عليها سطوح عظيمة مستوية، فكذا هاهنا "
انتهى من "تفسير الرازي" (19/ 131) .
وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
" إِذَا كَانَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ يُثْبِتُونَ كُرَوِيَّةَ الْأَرْضِ، فَمَاذَا يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) إِلَى قَوْلِهِ (وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) ؟
وَجَوَابُهُمْ كَجَوَابِهِمْ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) ، أَيْ فِي نَظَرِ الْعَيْنِ ; لِأَنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ عَنْ أُمَّةٍ ، وَتَسْتَمِرُّ فِي الْأُفُقِ عَلَى أُمَّةٍ أُخْرَى، حَتَّى تَأْتِيَ مَطْلَعَهَا مِنَ الشَّرْقِ فِي صَبِيحَةِ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَيَكُونُ بَسْطُ الْأَرْضِ وَتَمْهِيدُهَا، نَظَرًا لِكُلِّ إِقْلِيمٍ وَجُزْءٍ مِنْهَا ، لِسِعَتِهَا وَعِظَمِ جِرْمِهَا.
وَهَذَا لَا يَتَنَافَى مَعَ حَقِيقَةِ شَكْلِهَا ; فَقَدْ نَرَى الْجَبَلَ الشَّاهِقَ، وَإِذَا تَسَلَّقْنَاهُ وَوَصَلْنَا قِمَّتَهُ وَجَدْنَا سَطْحًا مُسْتَوِيًا ، وَوَجَدْنَا أُمَّةً بِكَامِلِ لَوَازِمِهَا، وَقَدْ لَا يَعْلَمُ بَعْضُ مَنْ فِيهِ عَنْ بَقِيَّةِ الْعَالَمِ ، وَهَكَذَا "
انتهى من "أضواء البيان" (8/ 428) .
وقال الشيخ رفيع الدين ابن ولي الله الدهلوي رحمه الله ، في كتاب "التكميل":
"أهل الشرائع يفهمون من مثل قوله تعالى (الْأَرْضَ فِرَاشًا)، و (دَحَاهَا)، و (سُطِحَتْ) أنها سطح مستو، والحكماء يثبتون كرويتها بالأدلة الصحيحة فيتوهم الخلاف، ويدفع بأن القدر المحسوس منها في كل بقعة سطح مستو، فإن الدائرة كلما عظمت قل انجذاب أجزائها فاستواؤها باعتبار محسوسية، أجزائها، وكرويتها باعتبار معقولية جملتها انتهى " .
نقله عنه " صديق حسن خان"
في تفسيره "فتح البيان" (15/208) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-30, 00:52
هل هناك تعارض بين الآيات الدالة على كروية الأرض
والآيات التي تدل على أن الأرض مسطّحة؟
السؤال:
في قوله : ( والأرض بعد ذلك دحاها ) ، ( والأرض مددناها ) ، ( نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) .
فما هي أطراف الأرض ؟
وهذه الآيات تدل على أن الأرض مسطحة ، فهل تتعارض مع الآيات التي تدل على أن الأرض كروية ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
أجمع أهل العلم على كروية الأرض ، ودل على ذلك كتاب الله تعالى ، كما في قوله عز وجل : ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) الزمر/5 .
ولكنها في أعين الناظرين مسطحة ؛ لأنها كبيرة الحجم ، وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة ، فهي بحسب النظر مسطحة ، لكنها في جملتها كروية .
سئل علماء اللجنة :
هل الأرض كروية أو مسطحة ؟
فأجابوا : " الأرض كروية الكل مسطحة الجزء " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/ 414) .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" لو قال قائل: إن الله عز وجل أخبر أن الأرض قد سطحت، قال: ( وإلى الأرض كيف سطحت) الغاشية/ 20 ، ونحن نشاهد أن الأرض مكورة ، فكيف يكون خبره خلاف الواقع ؟
فجوابه : أن الآية لا تخالف الواقع ، ولكن فهمه خاطئ إما لقصوره أو تقصيره ، فالأرض مكورة مسطحة ، وذلك لأنها مستديرة ، ولكن لكبر حجمها لا تظهر استدارتها ، وحينئذ يكون الخطأ في فهمه، حيث ظن أن كونها قد سطحت مخالف لكونها كروية "
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (8/ 644) .
ثانيا :
قال الله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) الرعد/ 41 .
وقال تعالى : ( أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ) الأنبياء/ 44 .
اختلف العلماء في تفسير هذا النقصان المذكور لأطراف الأرض ، على عدة أوجه :
قال ابن كثير رحمه الله :
" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْ لَمْ يروا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ : ( نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) ، قَالَ: خَرَابُهَا ، وَقَالَ الْحُسْنُ وَالضَّحَّاكُ : هُوَ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نُقْصَانُ أَهْلِهَا وَبَرَكَتُهَا ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نُقْصَانُ الْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَخَرَابُ الْأَرْضِ
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَضَاقَ عَلَيْكَ حُشُّكَ ، وَلَكِنْ تَنْقُصُ الْأَنْفُسُ وَالثَّمَرَاتُ ، وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَمْ تَجِدْ مَكَانًا تَقْعُدُ فِيهِ ، وَلَكِنْ هُوَ الْمَوْتُ ، وَقَالَ ابن عباس في رواية: خرابها بموت علمائها وفقهائها وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: هُوَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى ، وَهُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قرية ، كقوله: ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى ... ) الآية الأحقاف/27 . وهذا اختيار ابن جرير "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/406) ، وينظر "زاد المسير" لابن الجوزي (2/ 501) .
وقال الشوكاني رحمه الله :
" أَيْ: نَأْتِي أَرْضَ الْكُفْرِ كَمَكَّةَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بِالْفُتُوحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ بَيَانَ مَا وَعَدَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَهْرِهِمْ قَدْ ظَهَرَ، يَقُولُ:
أولم يَرَوْا أَنَّا فَتَحْنَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَرْضِ مَا قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ ، فَكَيْفَ لَا يَعْتَبِرُونَ؟ وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : مَوْتُ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الطَّرَفُ : الرَّجُلُ الْكَرِيمُ ،
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا الْقَوْلُ بِعِيدٌ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآيَةِ : أَنَّا أَرَيْنَاهُمُ النُّقْصَانَ فِي أَمْرِهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ تَأْخِيرَ الْعِقَابِ عَنْهُمْ لَيْسَ عَنْ عَجْزٍ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَوْتِ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ : خَرَابُ الْأَرْضِ الْمَعْمُورَةِ حَتَّى يَكُونَ الْعُمْرَانُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ: هَلَاكُ مَنْ هَلَكَ مِنَ الْأُمَمِ وَقِيلَ : الْمُرَادُ : نَقْصُ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: جَوْرُ وُلَاتِهَا حَتَّى تَنْقُصَ "
انتهى من "فتح القدير" (3/ 108) .
وما اختار الإمام ابن جرير رحمه الله ، وتابعه عليه ابن كثير ، هو أيضا اختيار الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره
.
قال السعدي رحمه الله :
" والظاهر - والله أعلم - أن المراد بذلك أن أراضي هؤلاء المكذبين جعل الله يفتحها ويجتاحها، ويحل القوارع بأطرافها، تنبيها لهم قبل أن يجتاحهم النقص، ويوقع الله بهم من القوارع ما لا يرده أحد، ولهذا قال: ( وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) ويدخل في هذا حكمه الشرعي والقدري والجزائي " انتهى من " تفسير السعدي" (ص 420) .
واختاره ـ كذلك ـ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
كما في "لقاء الباب المفتوح" (167/ 22) بترقيم الشاملة .
وعلى ذلك : فيكون معنى أطراف الأرض : نواحيها وجوانبها .
قال الأزهري رحمه الله في "التهذيب" (13/219) :
" أطرافُ الأَرْض : نَوَاحِيهَا ، الْوَاحِد طَرَف ، وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: ( أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) ، أَي: من نَوَاحِيهَا نَاحيَة نَاحيَة " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-30, 00:57
الإجماع على كروية الأرض
السؤال :
هل هناك إجماع على كروية الأرض ؟ وإذا كان فما هي الأدلة من القرآن أو السنة أن الأرض كروية أو بيضاوية ؟
الجواب :
الحمد لله
حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على كروية الأرض ، ومن ذلك :
ما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن أبي الحسين ابن المنادي رحمه الله ، حيث قال " وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار في فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد : لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة .....
.
قال : وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة . قال : ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد ، بل على المشرق قبل المغرب "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/195) باختصار .
وسئل رحمه الله
: عن رجلين تنازعا في " كيفية السماء والأرض " هل هما " جسمان كريان " ؟ فقال أحدهما كريان ؛ وأنكر الآخر هذه المقالة وقال : ليس لها أصل وردها فما الصواب ؟ فأجاب : " السموات مستديرة عند علماء المسلمين ، وقد حكى إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من العلماء أئمة الإسلام : مثل أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد وله نحو أربعمائة مصنف
وحكى الإجماع على ذلك الإمام أبو محمد بن حزم وأبو الفرج بن الجوزي ، وروى العلماء ذلك بالأسانيد المعروفة عن الصحابة والتابعين ، وذكروا ذلك من كتاب الله وسنة رسوله ، وبسطوا القول في ذلك بالدلائل السمعية ، وإن كان قد أقيم على ذلك أيضا دلائل حسابية ، ولا أعلم في علماء المسلمين المعروفين من أنكر ذلك
إلا فرقة يسيرة من أهل الجدل لما ناظروا المنجمين قالوا على سبيل التجويز : يجوز أن تكون مربعة أو مسدسة أو غير ذلك ، ولم ينفوا أن تكون مستديرة ، لكن جوزوا ضد ذلك ، وما علمت من قال إنها غير مستديرة - وجزم بذلك - إلا من لا يؤبه له من الجهال ..."
انتهى من "مجموع الفتاوى" (6/586) .
وقال أبو محمد ابن حزم رحمه الله : " مطلب بيان كروية الأرض :
قال أبو محمد وهذا حين نأخذ إن شاء الله تعالى في ذكر بعض ما اعترضوا به ، وذلك أنهم قالوا : إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية ، والعامة تقول غير ذلك ، وجوابنا وبالله تعالى التوفيق : أن أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض ، ولا يحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة ، بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها ... " وساق جملة من الأدلة على ذلك
"الفصل في الملل والأهواء والنحل" (2/78) .
ومن الأدلة على كروية الأرض :
قوله تعالى : ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) الزمر/5 .
وقد استدل ابن حزم وغيره بهذه الآية .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأرض كروية بدلالة القرآن ، والواقع ، وكلام أهل العلم ، أما دلالة القرآن ، فإن الله تعالى يقول : ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) ، والتكوير جعل الشيء كالكور ، مثل كور العمامة ، ومن المعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض ، وهذا يقتضي أن تكون الأرض كروية ؛ لأنك إذا كورت شيئاً على شيء ، وكانت الأرض هي التي يتكور عليها هذا الأمر لزم أن تكون الأرض التي يتكور عليها هذا الشيء كروية .
وأما دلالة الواقع فإن هذا قد ثبت ، فإن الرجل إذا طار من جدة مثلاً متجهاً إلي الغرب خرج إلى جدة من الناحية الشرقية إذا كان على خط مستقيم ، وهذا شيء لا يختلف فيه اثنان .
وأما كلام أهل العلم فإنهم ذكروا أنه لو مات رجل بالمشرق عند غروب الشمس ، ومات آخر بالمغرب عند غروب الشمس ، وبينهما مسافة ، فإن من مات بالمغرب عند غروب الشمس يرث من مات بالمشرق عند غروب الشمس إذا كان من ورثته ، فدل هذا على أن الأرض كروية ، لأنها لو كانت الأرض سطحية لزم أن يكون غروب الشمس عنها من جميع الجهات في آن واحد ، وإذا تقرر ذلك فإنه لا يمكن لأحد إنكاره
ولا يشكل على هذا قوله تعالى : ( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ . وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ . وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ . وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) لأن الأرض كبيرة الحجم ، وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة ، فهي بحسب النظر مسطحة سطحاً لا تجد فيها شيئاً يوجب القلق على السكون عليها
ولا ينافي ذلك أن تكون كروية ، لأن جسمها كبير جداً ، ولكن مع هذا ذكروا أنها ليست كروية متساوية الأطراف ، بل إنها منبعجة نحو الشمال والجنوب ، فهم يقولون : إنها بيضاوية ، أي على شكل البيضة في انبعاجها شمالاً وجنوباً " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وبهذا تعلم أن كون الأرض كروية ، لا ينافي كونها كالبيضة ، وإنما القول الباطل هو الزعم بأنها مسطحة كما كانت تعتقد الكنيسة ، ولهذا كانت تلعن وتحرق من يقول بكرويتها من العلماء
وينظر : "العلمانية نشأتها وتطورها" (1/130) .
\
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-30, 01:01
عنده تساؤل حول حركة الأرض ودورانها .
السؤال :
ينص القرآن على أن الأرض لا تتحرك ، وأن الشمس والقمر يدوران حولها ، وهو الرأي الذي يقول به الشيخ ابن عثيمين ، وابن باز ، والفوزان ، ولكن هذا القول مخالف لما تعلمناه في المدرسة في بريطانيا ، وأن هذه من الحقائق العلمية ، ولكنني أتبع القران والسنة ، ولذلك أتجاهل هذه النظريات العلمية متى ما تعارضت مع الإسلام
ولكن تأتيني خواطر سيئة ، ومتى ما حصل ذلك أتجهم ، وأشعر بالغثيان بسبب هذه الأفكار ، فأنا دائمًا أقول : إنني أؤمن بما في القرآن والسنة ، وفي بعض الأحيان أقول لنفسي : تجاهل هذه الوساوس ، ولكن هذه الوساوس لا تغادرني ، لذا أبحث عن الأجوبة على الانترنت
وهذا جعلني أفكر أن سبب بحثي عن الجواب هو لإنني شككت في البداية في صحة ما جاء به القرآن وعليه فقد كفرت ، مع العلم أنني قرأت في الماضي بعض المواد المعادية للإسلام مما جعلني في ضيق ، فبحثت عن الأجوبة عن طريق الانترنت ، فهل هذا الشك الذي يساوروني مخرج من الملة ؟
مع العلم لو شكك أحدهم بالقرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم أمامي أشعر بالضيق مباشرة ، وأرفض ما يقال أمامي .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا بد أن تعرف أولاً : أن ما نص عليه الكتاب والسنة الصحيحة نصاً لا يحتمل إلا معنى واحداً ، فإن منكره كافر لا محالة .
فمن ذلك : أن الله خالق كل شيء ، الكون بما فيه ، ومن فيه ؛ فمن زعم أن شيئا في الكون ، لم يخلقه الله : فهو كافر كفرا أكبر ، خارج من ملة الإسلام .
وأما ما لم يذكره الكتاب والسنة الصحيحة بخصوصه ، أو لم ينصا عليه ، فهو دون الأول .
ويخبو وهج الإنكار على المختلفين فيه ووصمهم بالبدعة أو الكفر ، كلما تضاءلت درجة دلالة النصوص على المسألة ، وظهورها فيما هو محل الإشكال ؛ حسبما هو مقرر في علم أصول الفقه.
ثانيا :
ومن الأمور التي لم ينص عليها صراحة ، بخصوصها : حركة الأرض ؛ فإن الكتاب والسنة الصحيحة ، لم يعمدا إلى بيان حال ذلك ؛ إثباتاً أو نفياً .
نعم توجد بعض النصوص التي تشير إليها ، كعادة القرآن والسنة في الإشارة إلى بعض الظواهر العلمية التي لم يتوصل إليها أهل ذلك العصر ، فيشير إليها القرآن بإشارة تثبتها ، ولكن دون صراحة تُنَفِّرُ الناس حينها وتشككهم في القرآن لقصور معارفهم العلمية الطبيعية . وتكون هذه الإشارة دليلاً لأهل العصور التالية
حين يتقدم العلم وينكشف المزيد من الحقائق ، فيتطابق حينها العلم مع إشارات القرآن ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) سورة فصلت /53 .
قال الزحيلي في " التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج " (25/16)
" أي سنظهر لهم دلالات صدق القرآن، وعلامات كونه من عند الله ، في أقطار السموات والأرض ، المشتملة على خلق الشمس والقمر والنجوم، وتعاقب الليل والنهار، وأحداث الكون الرهيبة من الأعاصير والبراكين والصواعق، وعظمة الجبال والبحار، وإبداع صنع النباتات والأشجار، وما يحدث في الأرض من فتوحات كبري على أيدي المسلمين في أرجاء الأرض المحيطة بمكة والجزيرة العربية. وهذا الإخبار عن الغيب معجزة .
وسنظهر صدق القرآن وأنه منزل من عند الله أيضا في خلق أنفس البشر، وما فيها من إبداع الصنعة، وعظمة التركيب : ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) ، وفي مصائر الناس وتبدل أحوال أهل مكة العتاة من سادة متكبرين إلى أذلة صاغرين .
كل ذلك ليعرفوا من هذه الوقائع والأحداث والخلائق ، ويتبينوا بجلاء : أن القرآن ، ومُنْزِلَه ، ومن أُنزل عليه : حق وصدق لا شك فيه .
وإذا لم ينظروا ويتأملوا ، فتكفي شهادة الله بأن القرآن حق، فقال تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ؟ أي كفى بالله شاهدا على أفعال عباده وأقوالهم ، من الكفار وغيرهم ، وكفى به شاهدا على أن القرآن منزل من عنده " انتهى .
وقد سئل الشيخ الألباني رحمه الله : في هذا المعنى " س - ماذا تقولون في دوران الأرض ؟
الشيخ : نحن الحقيقة لا نشك في أن قضية دوران الأرض حقيقة علمية لا تقبل جدلا .
في الوقت الذي نعتقد أن ليس من وظيفة الشرع عموما ، والقرآن خصوصا : أن يتحدث عن علم الفلك .
ودقائق علم الفلك وإنما هذه تدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام الذي أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة تأبير النخل حينما قال لهم ( إنما هو ظن ظننته فإذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم فأتوا منه ما استطعتم وما أمرتكم من شيء من أمور دنياكم فأنتم أعلم بأمور دنياكم ) .
فهذه قضايا ليس من المفروض أن يتحدث عنها الرسول عليه السلام ، وإن تحدث هو في حديثه، أو ربنا عز وجل في كتابه ؛ فإنما لبالغة أو لآية أو معجزة ، أو نحو ذلك .
ولذلك فنستطيع أن نقول : إنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة ما ينافي هذه الحقيقة العلمية المعروفة اليوم ، أو التي تقول بأن الأرض كروية ، وأنها تدور بقدرة الله عز وجل في هذا الفضاء الواسع .
بل يمكن للمسلم أن يجد ما يشعر ، إن لم نقل ما ينص على أن الأرض ، كالشمس وكالقمر ، من حيث إنها كلها في هذا الفراغ ، كما قال عز وجل ( وكل في فلك يسبحون ) .
لا سيما إذا استحضرنا أن قبل هذا التعميم الإلهي بلفظة ( وكل ) ؛ هي تعني الكواكب الثلاثة ، حيث ابتدأ بالأرض فقال ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ) ، ثم قال ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) سورة يس / 33- 40 .
لفظة (كل) تشمل الآية الأولى ؛ الأرض ، ثم الشمس ، ثم القمر ، ثم قال تعالى ( وكل في فلك يسبحون ) هذا ظاهر من سياق الآيات هذه ......
هذا أقوله ؛ فإن صح ، فبها ونعمت .
وإن لم يصح ، فأقل ما يقال : إنه لا يوجد في القرآن ، كما قلت آنفا ، ولا في السنة ، ما ينفي هذه الحقيقة العلمية "
انتهى من "سلسلة الهدى والنور" للشيخ الألباني - الإصدار 4 (497/ 10) .
وعلى كلٍ ، فمنكر حركة الأرض لا تثريب عليه شرعاً إذا لم تتضح له الإشارة القرآنية السابقة .
ومثبت الحركة لا تثريب عليه كذلك شرعاً، إذا فهمها من القرآن، أو علمها من العلوم الطبيعية .
وذلك أن حركة الأرض لا تُعد من العقائد الدينية التي يجب إثباتها ، أو نفيها .
وإنما هي – أصالة - مسألة من مسائل العلوم الطبيعية والتجريبية ، تبحث في علمها وفي بابها ، بحسب الأدوات الموصلة إلى اليقين ، أو الظن فيها . وقد جعل الله لكل شيء قدرا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وفي قوله تعالى: (إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ) (وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُم) : دليل على أن الشمس هي التي تتحرك ، وهي التي بتحركها يكون الطلوع والغروب .
خلافاً لما يقوله الناس اليوم ، من أن الذي يدور هو الأرض، وأما الشمس فهي ثابتة .
فنحن لدينا شيء من كلام الله، الواجب علينا أن نجريه على ظاهره ، وألا نتزحزح عن هذا الظاهر إلاَّ بدليل بَيِّن .
فإذا ثبت لدينا بالدليل القاطع : أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض ، فحينئذ يجب أن نؤول الآيات ، إلى المعنى المطابق للواقع . فنقول: إذا طلعت في رأي العين ، وإذا غربت في رأي العين، تزاور في رأي العين، تقرض في رأي العين .
أما قبل أن يتبين لنا بالدليل القاطع ، أن الشمس ثابتة ، والأرض هي التي تدور ، وبدورانها يختلف الليل والنهار ؛ فإننا لا نقبل هذا أبداً، علينا أن نقول: إنَّ الشمس هي التي بدورانها يكون الليل والنهار، لأن الله أضاف الأفعال إليها ، والنبي صلى الله عليه وسلم حينما غربت الشمس قال لأبي ذر: "أتدري أين تذهب؟ " ؛ فأسند الذَّهاب إليها .
ونحن نعلم علم اليقين أن الله تعالى أعلم بخلقه ، ولا نقبل حدْساً ولا ظناً، ولكن لو تيقنا يقيناً أن الشمس ثابتة في مكانها ، وأن الأرض تدور حولها، ويكون الليل والنهار، فحينئذ تأويل الآيات واجب ، حتى لا يخالف القرآن الشيء المقطوع به. " انتهى من "تفسير سورة الكهف" (32-33) .
والحاصل :
أن مسألة دوران الأرض من عدمها : لا مدخل لها في زعزعة إيمانك ، أو تثبيته ؛ فاحذر من همزات الشيطان ، ووساوسه ، وتلبيسه .
وإنما الواجب أن تقدر المسألة بقدرها ؛ فمتى ثبت دوران الأرض ، أمكن تأويل ظواهر النصوص ؛ فإن الشرع لم يعمد إلى بيان ذلك صريحا ، ولا هو مما نزل القرآن لأجله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-30, 01:09
النيازك والأجرام المتحركة تسمى
في اللغة العربية نجوما وكواكب
السؤال:
سؤالي بخصوص الآية رقم/ 5 من سورة الملك، التي يقول الله سبحانه وتعالى فيها: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ) إذ يقول ابن كثيرٍ في تفسيره : إنها تشير إلى النيازك ، وأنها مصنوعةٌ منها. إلا إننا نعرف من خلال العلم أن النيازك ليست لها علاقة بالنجوم إطلاقًا
وأنا أُدرك أنه لا يجوز الحكم على القرآن من خلال العلم ؛ لأن العلم متغير، ولكني أشعر أن لهذا القول سببًا وجيهًا؛ فلا يمكن للعلم أن يقرر ما إذا كان الشيء صحيحًا بنسبة (100%)؛ بل يمكنه أن يقرر خطأ هذا الشيء بنسبة (100%) ، فعلى سبيل المثال أن الأرض ليست مستوية. فنحن نعلم بنسبة (100%) أنها ليست مستوية
إلا أنه لا يمكننا الجزم بأنها مستديرة بنسبة (100%). لذا فما هو التأويل الصحيح لهذه المسألة ؟ فهذه هي الحجة الوحيدة التي يتداولها الكفار، والتي أشعر أنه من الصعب دحضها.
الجواب :
الحمد لله
هذا الشك أو الطعن لا نرى له وجها إطلاقا، ولا نعتقد أنه يستحق الوصف المذكور في السؤال، أنه "حجة يتداولها الكفار من الصعب دحضها"، لسبب يسير واضح لا يختلف فيه اثنان؛ ذلك أن اللغة العربية تطلق كلمة "النجم" على جميع الأجرام السماوية، فالشهاب نجم، والنيزك نجم، والكوكب نجم .
أما تخصيص اسم "نجم" بالجرم الضخم الثابت الملتهب المضيء بنفسه ، كالشمس، وتخصيص اسم "الكوكب" بالجرم الصلب غير الملتهب ، ككواكب المجموعة الشمسية، فهذا اصطلاح فلكي حادث جديد، لا ضير في اصطلاحه واستعماله؛ إذ لا مشاحة في الاصطلاح، ولكن من الغلط البيِّن محاكمة لغة القرآن الكريم إلى اصطلاحات المتأخرين
بل الواجب هو فهم القرآن الكريم بما تقتضيه اللغة العربية ، لأنها اللغة التي نزل بها القرآن ، ومن يغالط في هذا، حاله كحال من يفهم من كلمة (سيارة) في قوله تعالى: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ) يوسف/20، أنها هذه الآلة المعروفة اليوم التي يركبها الناس للسير بها بالطاقة الميكانيكية، ثم يعترض على القرآن بأن تاريخ صنع السيارات لم يكن على عهد يوسف عليه السلام، فكيف ذكرت السيارة فيه!
والجواب - هنا وهناك - : أنه لا بد من مراعاة اختلاف المفاهيم والمصطلحات، ولا بد من مراعاة لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم، فهي لا تعرف تخصيص كلمة "نجم" بالجرم المضيء، وإنما فيها أن الأجرام السماوية تنقسم إلى ثابت، ومتحرك ثاقب، ومضيء ومظلم، وكلها تسمى "نجوم"
هكذا جاء إطلاق القرآن الكريم، وفي الآية المذكورة من سورة الملك، قسمت النجوم إلى نوعين: نوع هي مصابيح للسماء تضيئها، وهي النجوم المضيئة المعروفة.
ونوع متحرك سيار، يشمل كل الشهب والنيازك والكواكب وغيرها، وهذه يسميها العرب "نجوما" أيضا.
فليس في الموضوع أي خطأ علمي، وإنما فيه تنوع في الدلالة والإطلاق والمعاني.
ولهذا كانت الهاء في قوله تعالى: (وجعلناها رجوما للشياطين) عائدة على جنس النجوم، والأجرام المتحركة ، وجميع الكواكب السيارة تسمى "نجوما" ، بلا تردد ، في اللغة العربية، فلا يوجد أي إشكال علمي في الآية الكريمة.
وهذه أقوال بعض أئمة اللغة العربية ، وأهل المعرفة بلسانها ، وطرائق بيانها :
يقول الفراهيدي رحمه الله:
"كل كوكب من أعلام الكواكب : يُسمى نجماً، والنُّجومُ تجمعُ الكواكب كلَّها" .
انتهى من " العين" (6/154)
ويقول ابن سيده:
"النجم: الكوكب" انتهى من "المحكم والمحيط الأعظم" (7/ 469) .
ويقول ابن منظور:
"النجم في الأصل: اسم لكل واحد من كواكب السماء"
انتهى من "لسان العرب" (12/ 570) .
ويقول الفيروزآبادي:
"النجم: الكوكب"
انتهى من "القاموس المحيط" (ص: 1161) .
ويقول الزبيدي:
"(النجم) اللام فيه للجنس، وكذا لام الكوكب، أي: كل منهما يطلق على الآخر"
.
انتهى من "تاج العروس" (4/ 157).
ومن الشعر الجاهلي يقول عامر المحاربي:
وكنا نجوما كلما انقض كوكب *** بدا زاهر منهن ليس بأقتما
ينظر "منتهى الطلب من أشعار العرب" (ص130) .
فتأمل كيف أطلق اسم "الكوكب" على ما ينقض ، أي يتحرك بسرعة وقوة منها.
ولتأكيد ذلك نسوق هنا – بعد الاستقراء – جميع موارد كلمتي "نجم"، و"كوكب" في القرآن الكريم، ليظهر فيها بدلالة واضحة ، مقدار الترادف بينهما، وأن الأجرام الفلكية المتحركة كالشهب والنيازك تسمى أيضا في اللغة العربية "نجوما" و"كواكب".
(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) النجم/ 1 .
(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ. النَّجْمُ الثَّاقِبُ) الطارق/ 1 –
3 .
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ. وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ. لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى
وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ. إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ)
الصافات/ 6 – 10 .
(وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ. وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ. إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ
السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحِجر/ 16 – 18.
(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ
يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) الجن/ 8، 9 .
ومنه أيضا ما ورد في "صحيح مسلم" (رقم/220) عن حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: "كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ الْبَارِحَةَ ؟" .
فسماه كوكبا ، رغم كونه ساقطا متحركا.
وبذلك يتبين أن الشهب والنيازك هي – في عرف العرب – تسمى كواكب ونجوم أيضا.
ولكن ليست جميع الكواكب والنجوم ، شهبا ونيازك .
ويؤكد ما سبق أيضا : هذه الآيات الكريمات التي تتحدث عن زينة السماء ، وهداية الطريق ، والتسخير للإنسان : كلها تسمى : "نجوم"، كما هي أيضا : "كواكب" ؛ فمن ذلك :
(وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) النحل/ 16 .
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأنعام/ 97 .
(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) الأعراف/ 54 .
(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) النحل/ 12.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) الحج/ 18 .
(فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) الصافات/ 88.
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) الطور/ 49.
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) الواقعة/ 75 .
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) المرسلات/ 8 .
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) التكوير/ 1، 2 .
(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) الأنعام/ 76 .
(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) يوسف/ 4 .
(إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ. وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ) الانفطار/ 1، 2 .
هكذا يتبين بكل سهولة لقارئ القرآن الكريم : أنه جرى على ما جرت عليه عراقة اللغة العربية من التوسع في إطلاق كلمة "النجم" على الأجرام السماوية بأنواعها.
ولا ينكَر وجودُ تفريق دقيق بين "النجم"، و"الكوكب" لدى بعض علماء اللغة، لكن مناط الفرق هو الحجم، أو الحركة ، وأقوال أخرى ، وليس هو المناط المعاصر ، الذي هو الإضاءة بذاته من عدمها.
كما أن وجود التفريق : لا ينفي بحال من الأحوال إطلاق "النجم" و "الكوكب" على الأجرام السيارة المتحركة كالشهب
.
يقول العسكري رحمه الله:
"الكوكب : اسم للكبير من النجوم ، وكوكب كل شيء : معظمه .
والنجم : عام في صغيرها وكبيرها.
ويجوز أن يقال: الكواكب هي الثوابت. ومنه يقال: فيه كوكب من ذهب أو فضة؛ لأنه ثابت لا يزول.
والنجم : الذي يطلع منها ويغرب .
ولهذا قيل للمنجم: منجم ؛ لأنه ينظر في ما يطلع منها. ولا يقال له : مكوكب" .
انتهى من "الفروق اللغوية" (ص: 301) .
نرجو بهذا أن يزول الإشكال عن السائل الكريم بسهولة ووضوح.
والله أعلم.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-03-31, 02:54
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
يستشكل طريقة زواج أولاد آدم عليه السلام ؟
السؤال:
على حد علمي فقد ذكر الإسلام أن آدم وحواء كانوا أول البشر والأنبياءعلى وجه الأرض ، وأن الناس جميعًا من ذريتهما، فإن كان هذا هو الحال، فسيتعين عليهم التزاوج من أجل إنجاب الذرية ، ثم سيتعين على ذريتهم التزاوج مع بعضهم أو مع آبائهم ؛ نكاح المحارم ، زواج الأقارب ؛ لإنجاب ذريةً أخرى
وهكذا ، فكيف يمكن ذلك؟ وكيف يوضح الإسلام ذلك؟ فنكاح المحارم محرمٌ في الإسلام على حد علمي ، وحتى إن لم يكن كذلك ، فوفقًا لعلم الوراثة فلن تكون هناك أجيال جديدة بعد خمسة أو ستة أجيال ناتجة من نكاح المحارم ، وإنما سيؤدي ذلك إلى ولادة أجنة ميتة ، أو أطفال مشوهة مع مشكلات وراثية كثيرة.
فكيف يمكن لشخصين فقط إنجاب هذا الكم الهائل من البشر في هذا الكوكب ، إلى أن وصل إلى التنوع الوراثي الذي نراه اليوم ؟ أو بالأحرى كيف يمكن لشخصين فعل ذلك على الإطلاق؟ وكيف يوضح الإسلام ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الذي نص عليه القرآن الكريم من قصة بداية خلق البشر :
1- أن الله تعالى بدأ خلق الإنسان من طين ، وهو آدم أبو البشر عليه السلام .
قال الله تعالى :( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ) السجدة /7 .
2- وأن الله سبحانه وتعالى بعد أن خلق الإنسان الأول وهو آدم عليه السلام ، خلق منه زوجته ، ثم خلق منهما جميع البشر .
قال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) النساء /1 .
وقال الله تعالى :( يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات /13 .
3- وبين القرآن الكريم أن خلق آدم عليه السلام كان من طين ، لكن نسله حصل بالتناسل من الماء (المني) .
قال الله تعالى :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) المؤمنون /12 – 14 .
وقال الله تعالى : ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ) السجدة /7 – 9 .
أما كيف حصل تزاوج أولاد آدم عليه السلام ، وكيف حصل نسلهم ؟
فلم يثبت في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة بيان ذلك ، وإنما نسب إلى بعض الصحابة – ويحتمل أنه مأخوذ من كتب أهل الكتاب – أن آدم عليه السلام كان يولد لزوجه في كل حمل ذكر وأنثى ، فيزوج ذكر حمل بأنثى حمل آخر ، وهكذا تكاثر أولاده .
روى ابن جرير الطبري بإسناده عن السدي :
" عن السُّدِّي ، فيما ذكر عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مُرَّة عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ( وكان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية ، فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ، ويزوج جارية هذا البطن غلام البطن الآخر ... ) "
انتهى من " تفسير الطبري " (8 / 322) .
وهذا القول هو المشهور بين علماء الإسلام ؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" وذكر السُّدِّي في تفسيره عن مشايخه بأسانيده : أن سبب قتل قابيل لأخيه هابيل أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن من ولده ، بأنثى الآخر ، وأن أخت قابيل كانت أحسن من أخت هابيل ، فأراد قابيل أن يستأئر بأخته ، فمنعه آدم ، فلما ألح عليه ، أمرهما أن يقربا قربانا ، فقرب قابيل حزمة من زرع
وكان صاحب زرع ، وقرب هابيل جذعة سمينة ، وكان صاحب مواش ، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل ، دون قابيل [أي : تُقبل قربان هابيل دون قابيل] ، وكان ذلك سبب الشر بينهما . وهذا هو المشهور "
انتهى من " فتح الباري " (6 / 369) .
وهذا القول ، وإن افترضنا أن مصدره فقط كتب أهل الكتاب ، فإنه لا يرفضه العقل السليم ، ولا يوجد نص في ديننا يكذبه ؛ فليس هناك سبب وجيه يدعوننا إلى تكذيبه أو يمنعنا من روايته .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ) البخاري (3461) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
" وقال الشافعي من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجيز التحدث بالكذب ، فالمعنى حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه ، وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم "
انتهى من " فتح الباري " (6 / 499) .
ثانيا :
من المعلوم من دين الإسلام أن الزواج بالأخت حرام بنص القرآن .
قال الله تعالى :( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ... ) النساء /23 .
فهل هذه الآية تناقض ما روي من طريقة تزويج آدم لأولاده ؟
الجواب : لا يوجد أي تناقض ؛ وبيان ذلك من وجهين :
الوجه الأول :
نحن نوقن بأن الإسلام هو دين الله الوحيد وهو دين جميع الأنبياء .
قال الله تعالى :( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران /19 .
ورغم أن الدين ، في أصله ، واحد ، إلا أن هذا لا يمنع من وجود اختلاف بين شرائع الأنبياء في بعض الأحكام الفقهية العملية لحكمة يعلمها الله تعالى .
قال الله تعالى :( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) المائدة /48 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" والذي أنزله الله هو دين واحد ، اتفقت عليه الكتب والرسل ، وهم متفقون في أصول الدين ، وقواعد الشريعة ، وإن تنوعوا في الشرعة والمنهاج ، بين ناسخ ومنسوخ ، فهو شبيه بتنوع حال الكتاب الواحد ، فإن المسلمين كانوا أولا مأمورين بالصلاة لبيت المقدس ، ثم أمروا أن يصلوا إلى المسجد الحرام ، وفي كلا الأمرين : إنما اتبعوا ما أنزل الله عز وجل " .
انتهى من " الجواب الصحيح " (2 / 438) .
فإذن لا مانع أن يكون من شرع آدم عليه السلام : جواز زواج الأخت من أخيها الذي ليس توأما لها ، لحكمة ومصلحة راجحة ، وحرم ذلك في ديننا لعدم وجود تلك الحكمة .
قال العيني رحمه الله تعالى
:
" والأحكام شرعت لمصالح العباد ، وتتبدلُ باختلاف الزمان ...
فلا شك أن نكاح الأخوات كان مشروعاً في شريعة آدم عليه السلام ، وبه حصل التناسل ، وهذا لا ينكره أحد ، ثم نسخ ذلك في شريعة غيره ... " .
انتهى من " شرح سنن أبي داود " (4 / 356).
الوجه الثاني :
أن أهل العلم قد تتبعوا نصوص الشرع وأحكامه ، فتحصل من هذا الاستقراء ؛ أن الأحكام الشرعية إنما شرعت لتحقيق مصالح العباد ، ودفع الفساد عنهم ؛ فالله تعالى لا يحرم شيئا إلا لاحتوائه على مفسدة راجحة ، ولا يحل شيئا إلا لخلوه من تلك المفسدة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فإن الله بعث الرسل بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، فكل ما أمر الله به ورسوله : فمصلحته راجحة على مفسدته ، ومنفعته راجحة على المضرة ، وإن كرهته النفوس "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (24 / 278) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلها ، ورحمة كلها ، ومصالح كلها ، وحكمة كلها ؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور ، وعن الرحمة إلى ضدها ، وعن المصلحة إلى المفسدة ، وعن الحكمة إلى العبث ؛ فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل "
انتهى من " إعلام الموقعين " (4 / 337) .
وفي شرع آدم عليه السلام زواج الأخت بأخيها الذي ليس بتوأم لها ، تحقيق مصلحة هامة وضرورية ، وهي حفظ النسل من الانقطاع والاندثار ؛ لأنه إذا لم يحصل تزاوج بينهم فلن يكون هناك استمرار للجنس البشري ، أما المفاسد فهي منعدمة أو لا تكاد تُذكر أمام هذه المصلحة العظيمة .
قال ابن علان رحمه الله تعالى:
" وكان شريعة آدم عليه السلام ؛ أن بطون حواء كانت بمنزلة الأقارب الأباعد ، وحكمته تعذر التزوج ، فاقتضت مصلحة بقاء النسل تجويز ذلك "
انتهى من " دليل الفالحين " (2 / 448) .
بل لو قدر أنه لم تصح هذه الروايات ، وكان الواحد يتزوج من أخته التوأم : فلا مانع من أن يكون ذلك مباحا لهم ، قد أذن الله لهم فيه على لسان نبيه آدم عليه السلام ؛ بل مثل هذا التزاوج ، سواء من الأخت التوأم ، أو غيرها : هو من ضرورات الحياة التي أرادها الله لعباده ، ولا يتصور توالد البشر ، على سنة الله التي أرادها لهم ، بغير ذلك ؛ ومثل هذا لا يمنع منه شرع ، ولا عقل !!
وهذا بخلاف الزواج من الأخت في شرعنا فقد حرّم ؛ لأنه لا يحقق أي مصلحة ، ولا ضرورة ولا حاجة إليه أصلا ، وفي نفس الوقت لا يخلو من مفاسد خطيرة أهونها ما أشرت إليه في سؤالك من الأمراض والعلل .
ثالثا :
ما ذكرته عن الأمراض الوراثية عند حصول التناكح بين الأقارب من الدرجة الأولى .
نعم ؛ يقرر الأطباء والباحثون هذه المضار ؛ ومن خلال بحوث علم الوراثة توصل الباحثون إلى أنّ الكثير من الأمراض والتغيرات التي يتعرض لها الآباء ، بسبب الطفرات الجينية أو العوامل البيئية وغيرها ، ستورث من قبل نسلهم .
وتوصلوا أيضا إلى أنّ اشتراك الزوجين في النسب القريب سيؤدي إلى أنّ أولادهم كما سيكونون معرضين للأمراض الجينية السائدة التي تلحق غيرهم من الأطفال ، سيكونون في الوقت نفسه معرضين بنسبة أكبر من غيرهم للأمراض " الجينية المتنحية " ، وهي التي من شروط ظهورها أن يكون كل واحد من الوالدين حاملا للجين المرضي
وهذا إنما يكون محتملا بدرجة كبيرة إذا كان الوالدان بينهما نسب قريب جدا ؛ وبهذا فالزواج من الأقارب من الدرجة الأولى يعرض إلى الإصابة بالأمراض التي تتنقل بالوراثة بنسبة احتمال أكبر.
لكن هذه النتائج لا تبطل ما روي من طريقة تناسل أبناء آدم عليه السلام للآتي :
1- هذه البحوث تقرر بجلاء أن البحوث تتحدث عن نسبة احتمال حصول هذه الأمراض والعلل ، ولا تقطع وتجزم بحدوثها ، فإذن رواية تزاوج أبناء آدم عليه السلام ، لا يوجد فيها أي مناقضة للحقائق أو النظريات العلمية ؛ لأن من طبع الاحتمال أن يتخلف أحيانا ، وإن كانت نسبة وقوعه كبيرة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
في تقريره لمسألة إباحة صيد الكلاب : " ومقتضى ذلك : أنه معفوٌّ عنه، فالله سبحانه هو القادر ، وهو الخالق وهو المشرِّع، وإِذا كان معفوًّا عنه شرعاً ، زال ضرره قدراً . فمثلاً الميتة نجسة، ومحرَّمة، وإِذا اضطُرَّ الإِنسان إِلى أكلها صارت حلالاً لا ضرر فيها على المضطرِّ "
انتهى من " الشرح الممتع" (1/420) وهذا واضح في مسألتنا .
2- غالب الظن أن المعلومة التي أشرت إليها تتحدث عن حصول التزاوج بين المحارم في كل جيل من الأجيال ، أما في قصة أولاد آدم فالرواية تتحدث عن التزاوج بين أفراد الجيل الأول ، فقط ولم تنص على استمرار طريقة التزاوج هذه في الأجيال التالية .
3- هذا الذي يقرره علم الوراثة إنما يصدق على البشرية الآن ، لأنه لا يكاد يخلو إنسان من تعرض بعض آبائه أو أجداده لبعض العلل والاختلال .
أما آدم عليه السلام فلا يصدق عليه هذا القول ، لأنه هو المخلوق الأول ، وقد خلق في أحسن تقويم .
قال الله تعالى :( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) التين /4 .
ثم أسكن هو وزوجه الجنة وهي مكان للنعيم التام الذي لا شقاء ولا علل فيه .
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ، وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى ، فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ، إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى ، وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ) طه /115 –.
فإذن لا يتصور أنه كان عنده شيء من الأمراض أو الطفرات الجينية التي سيورثها لأولاده ، بل الأمر المتصور والمعقول أن هذه العلل كلها حادثة بعده بمرور الزمن وتعاقب الأجيال .
رابعا :
استشكالك أن يكون آدم وزوجه هما فقط مصدر هذا الكم الهائل من البشر ، إنما يكون وجيها لو كنت تعلم على وجه اليقين عمر البشرية على هذه الأرض ، ونسبة التوالد في كل عصر ، أما مادام ذلك كله مجهولا ، فلا يصح عقلا طرح مثل هذا الاستشكال ؛ كما أن الحساب لا يترك مجالا لهذا الاستغراب إذا افترضنا لعمر البشرية فترة زمنية ليست بالقصيرة ، ونسبة توالد معقولة.
ونسأل الله تعالى أن يبصرك بالحق ويوفقك إليه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-31, 02:58
تسأل عن مقطع لفتاة ركلت القرآن فتحولت إلى حيوان
السؤال
: سمعت أن هناك فتاة ركلت القرآن فأصبحت سحالي وقد رأيت ذلك على اليوتيوب. بعض الأنواع المختلفة من الناس رأسهم مثل البشر وجسدهم مثل الحيوانات هل من الممكن شرح الحقيقة وراء هؤلاء الناس.
الجواب :
الحمد لله
أولا:
تعمد ركل القرآن بالرجل، أو إلقاؤه في قذر، أو السخرية منه أو الاستهزاء به، جريمة عظيمة منكرة، وهي كفر بالله تعالى؛ لأن القرآن كلامه سبحانه. قال تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة/65، 66
وقد يعاقب الله العصاة بألوان من العقوبات : منها المسخ إلى حيوانات، كما قال تعالى عن نفر من بني إسرائيل: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) البقرة/65، وقال: (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) الأعراف/166
قال ابن كثير رحمه الله:
"يقول تعالى: {ولقد علمتم} يا معشر اليهود، ما حل من البأس بأهل القرية التي عصت أمر الله وخالفوا عهده وميثاقه فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت والقيام بأمره، إذ كان مشروعا لهم، فتحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت، بما وضعوا لها من الشصوص والحبائل والبرك قبل يوم السبت
فلما جاءت يوم السبت ، على عادتها في الكثرة ، نشبت بتلك الحبائل والحيل، فلم تخلص منها يومها ذلك، فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت. فلما فعلوا ذلك مسخهم الله إلى صورة القردة، وهي أشبه شيء بالأناسي في الشكل الظاهر ، وليست بإنسان حقيقة. فكذلك أعمال هؤلاء وحيلهم : لما كانت مشابهة للحق في الظاهر ، ومخالفة له في الباطن، كان جزاؤهم من جنس عملهم"
انتهى من تفسير ابن كثير (1/ 288).
روى الترمذي (2212) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ ) صححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال في تحفة الأحوذي (6/ 348): "قَوْلُهُ (خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ) قَالَ في القاموس: خسف المكان يخسف خسوفا ذهب فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ: مَسَخَهُ كَمَنَعَهُ حَوَّلَ صُورَتَهُ إِلَى أُخْرَى أَقْبَحَ.
وَقَالَ: قَذَفَ بِالْحِجَارَةِ يَقْذِفُ رَمَى بِهَا" انتهى.
فمن حيث الإمكان والقدرة : فإن الله تعالى قادر على ما ذكرت من تحويل هذه الفتاة إلى هذه الصورة .
وكذلك من حيث الوقوع : فقد حصل المسخ قديما، وسيقع مستقبلا كما في الحديث.
ثانيا:
ينبغي التنبه إلى أن أكثر هذه المقاطع ، أو عامتها : غير حقيقي، وهي من صنع الملاحدة غالبا، يريدون بها السخرية من المؤمنين؛ إذ يحرص كثير منهم على نقلها والتعليق عليها، وبيان قدرة الله وعظمته، فيسخر الملحد من ذلك لأنه يعلم أن القصة لا حقيقة لها.
والموقف من هذه القصص ألا تصدق وألا تكذب، وألا يلتفت إليها أصلا ، فضلا عن أن تُتَدولَ وتُنشر ، إلا إذا ثبت للإنسان ـ على وجه القطع واليقين ـ صحتها .
والغالب ـ في مثل ذلك ـ أنها لو صحت ، لسارعت القنوات إلى التصوير ، وإجراء حوار ونحوه، ولم يقف الأمر عند مجرد مقطع يمكن لأي هاوٍ أن يعمله.
والله أعلم.
الفتاة السعيدة
2018-03-31, 02:59
بارك.الله.فيك.
*عبدالرحمن*
2018-03-31, 03:04
هل الحكمة من خلق الكواكب والنجوم زينة
السماء فحسب أم أن هناك حكم أخرى؟
السؤال:
عندما أتأمل في الكون ، أرى أن الأرض لا تساوي شيئا أمام هذا الملكوت والكون الكبير جدا. فهناك ملايين الكواكب تسبح في هذا الفلك ، فكيف تكون الحياة فقط في الأرض . وإذا كانت الحياة فقط في الأرض ، فما الحكمة من خلق هذا العدد الهائل من الكواكب . هل يعقل فقط أن تكون مصابيح لتزيين السماء ؟
الجواب :
الحمد لله
من أخطر أنواع التعاطي المعرفي مع نصوص الكتاب والسنة أن يتم إقحامها في متاهات العلوم الطبيعية ، وتفاصيل خلق الكون ، وكأن الوحي نزل ليحدث الناس عن مخلوقات الفضاء ، أو عن الكواكب السيارة في الأفلاك وما فيها من موت أو حياة !!
القرآن الكريم لم يرد بنفي الحياة على الكواكب الأخرى ، ولا بإثباتها ، ولم يرد بحصر العلة أو الحكمة من خلق الكواكب والنجوم في الجمال والزينة ، ولم يفصل الحديث عن هذه الكواكب بالقدر الذي يستدعي من السائل إشكاله .
فما ورد في الآيات الكريمة في الحديث عن النجوم والكواكب والأفلاك جاء عرضا غير مقصود بالأصالة ، سيق للدلالة على شيء من عظمة الله تعالى التي لا نحيط بها علما ، وليس لتسجيل المعلومات الخاصة بتفاصيل هذا الكون الفسيح ، من حيث أعداد الكواكب وما عليها من عجيب صنع الله عز وجل .
ولهذا فليس من محكم العلم ، ولا من الحكمة ، الجزم بنسبة مقولة خاصة للشريعة الإسلامية في شأن الحياة على الكواكب والمجرات الأخرى ، سواء بالنفي أو بالإثبات ، وما نؤمن به يقينا أن خلق الله عز وجل أعظم من أن نحيط به ، وأكبر من أن تحده أوهامنا وعقولنا .
قال عزوجل : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص/68 ، وقال جل وعلا : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ) الشورى/49.
وما ورد في القرآن الكريم من بعض حكم خلق النجوم ، كهداية الطريق ، وتزيين السماء ، ورجوم الشياطين ، إنما هي أمثلة ونماذج يسيرة لحكمة الله سبحانه ، وإلا فأول حكمة من هذا الخلق العظيم : الاستدلال بالنظر فيه ، ومعرفته : على عظمة الخالق جل وعلا ، والتفكر في آلائه وأنعامه ، والتبصر في كونه ، وما أودعه من حكم وعجائب ، كلها تدل على أن الله عز وجل واحد في ذاته وصفاته .
والقرآن الكريم مليء بمثل هذه الدلائل والآيات ، من ذلك قول الله سبحانه : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) يونس/5-6.
فكل ما خلقه الله سبحانه في السماوات والأرض وما بينهما إنما خلق بالحق ، وللحق ، ولتكون آيات الله للمتقين ، وذلك أعظم دلالة على عظمة الحكمة التي خلقت لها هذه الأجرام الهائلة .
ويقول سبحانه وتعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) الأعراف/54 ، فكلمة ( مسخرات ) هنا تحمل في طياتها ما لا يعد من الحكم والمنافع لخلق النجوم في فضاء الله سبحانه .
ولا فرق بين الكواكب والنجوم في الاصطلاح القرآني ، اللهم إلا ما ذكره العسكري في " الفروق اللغوية " (ص: 301): " أن الكوكب : اسم للكبير من النجوم . وكوكب كل شيء معظمه ، والنجم عام في صغيرها وكبيرها " انتهى.
فهذا الخلق العظيم ، الذي لا تدركه عقول البشر ، لا يمكن أن تحيط بجميع الحكمة من خلقه ، والاكتشافات الفلكية تتحدث عن أعداد هائلة للمجرات وأعداد لا يحيط بها العقل من النجوم ، وحينئذ ندرك أن لله عز وجل آيات في خلقه لا نعلمها ، ولكن الأمر ، كما قال سبحانه وتعالى : ( وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) النحل/8 .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-31, 03:16
تفسير قوله تعالى: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ
وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)
السؤال:
سؤالي متعلق بالآية رقم 12 من سورة فصلت، هل صحيح أنّ آخر ما خلق الله في الأيام الستة هي النجوم ؟ وهل معنى كلمة "زينا" في الآية يعني خلقنا وجملنا ؟ وهل الشمس تعتبر من النجوم-كواكب- بروج-مصابيح ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
خلق الله عز وجل السموات والأرض في ستة أيام ، كما قال تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) الأعراف/ 54
وكان خلق الأرض متقدما على خلق السماوات ، ثم كان دحو الأرض ـ بأن (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) ـ متأخرا عن خلق السماوات ، كما قال تعالى : (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ
اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فصلت/9 -12 .
انظر : "تفسير السعدي" (ص 745) .
وقال تعالى : ( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) النازعات/27-30 .
ثانيا :
لا نعلم دليلا صحيحا من الكتاب أو السنة يبين لنا متى خلق الله النجوم التي في السماء .
وأما قوله تعالى : (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا) بعد قوله : ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) فلا يدل على أن النجوم هي آخر ما خلق الله ، وإنما هو إخبار عن الحكمة من خلق النجوم ، وهذا داخل في جملة خبر الله عن السماء وخلقها ، وما جعل فيها من الآيات .
قال العلامة ابن عاشور رحمه الله :
" ووقع الالتفات من طريق الغيبة إلى طريق التكلم في قوله: (وزينا السماء الدنيا بمصابيح) تجديدا لنشاط السامعين لطول استعمال طريق الغيبة ابتداء من قوله: (بالذي خلق الأرض في يومين) [فصلت: 9] مع إظهار العناية بتخصيص هذا الصنع الذي ينفع الناس دينا ودنيا وهو خلق النجوم الدقيقة والشهب بتخصيصه بالذكر من بين عموم (وأوحى في كل سماء أمرها) ، فما السماء الدنيا إلا من جملة السماوات، وما النجوم والشهب إلا من جملة أمرها.
والمصابيح : جمع مصباح ، وهو ما يوقد بالنار في الزيت للإضاءة وهو مشتق من الصباح لأنهم يحاولون أن يجعلوه خلفا عن الصباح ، والمراد بالمصابيح: النجوم، استعير لها المصابيح لما يبدو من نورها.
وانتصب (حفظا) على أنه مفعول لأجله لفعل محذوف دل عليه فعل (زينا).
والتقدير: وجعلناها حفظا. والمراد: حفظا للسماء من الشياطين المسترقة للسمع. وتقدم الكلام على نظيره في سورة الصافات.
(ذلك تقدير العزيز العليم) الإشارة إلى المذكور من قوله: (وجعل فيها رواسي من فوقها) [فصلت: 10] إلى قوله: وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا" .
انتهى من "التحرير والتنوير" (24/251) .
والحاصل : أنه لا يوجد دليل واضح بوقت خلق النجوم ، على وجه التخصيص ، وليس في العلم بذلك منفعة للعبد في دينه ، ولا في الجهل به مضرة عليه ، أو نقص من إيمانه ، وإنما الذي ينفعه أن يتأمل في خلقها ، ويتفكر في حكمة الخالق جل جلاله ، ويستدل بذلك على عظمته ، ووحدانيته ، ويخضع لطاعته .
ثالثًا
هذه النجوم التي في السماء- بما فيها الشمس - يطلق عليها ـ في لسان العرب ـ : مصابيح ، ونجوم ، وكواكب ، وسرج ، وإنما التفريق بين هذه الأجناس : هو من اصطلاح أهل العلوم ، الذي لا تستوجبه لغة العرب
.
فمن سأل عن إطلاق ذلك : إن كان يقصد في لسان العرب ، وأعرافها : فالأمر في ذلك كله واسع ، سائغ .
وإن كان يقصد الاصطلاح الحادث لأهل العلوم : فلا ، وإنما يرجع في اصطلاح كل علم ، إلى ما تعارف عليه أهله .
قال ابن سيده وغيره : " الكَوْكَبُ والكَوْكَبةُ : النَّجْم "
لسان العرب (1 /720) .
وقال ابن الجوزي :
" (بِمَصابِيحَ) وهي النًّجوم، والمصابيح: السُّرُج، فسمِّي الكوكب مصباحاً " .
انتهى من " زاد المسير " (4/ 47) .
وتقول العرب : نَجَمَ الشيءُ يَنْجُم نُجوماً: طَلَعَ وظهر، ويقال لكل ما طلع: قد نَجمَ.
وقال أَهل اللغة: النُّجوم تَجمع الكواكب كلها .
"لسان العرب" (12 /568) .
وأصل البروج في اللغة : الظهور .
قال القرطبي رحمه الله :\
" أصل البروج الظهور، ومنه تبرج المرأة بإظهار زينتها ، وقال الحسن وقتادة : البروج النجوم ، وسميت بذلك لظهورها. وارتفاعها " .
انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (10 /9) .
وقد جاء إطلاقها في القرآن على نجوم السماء ، وأيضا على منازل الشمس والقمر.
فمن الأول : قوله تعالى : (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) الحجر/ 16
قال السعدي : " أي: نجوما كالأبراج والأعلام العظام ، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر "
انتهى من " تفسير السعدي " (ص 430) .
ومن الثاني : قوله تعالى : (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) البروج/ 1 .
قال الطبري رحمه الله:
" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: معنى ذلك: والسماء ذات منازل الشمس والقمر، وذلك أن البروج جمع برج، وهي منازل تتخذ عالية عن الأرض مرتفعة، ومن ذلك قول الله: (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) : هي منازل مرتفعة عالية في السماء، وهي اثنا عشر برجًا، فمسير القمر في كلّ برج منها يومان وثلث، فذلك ثمانية وعشرون منزلا ، ثم يستسرّ ليلتين ، ومسير الشمس في كلّ برج منها شهر " .
انتهى من " تفسير الطبري " (24/ 332).
والله تعالى أعلم .
>>>>>>>>>>>>>>>>
السؤال :
جاء في القرأن قوله تعالى " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين" ولكني لم أستطع فهم هذه الأية. فهل المقصود بالمصابيح هنا النجوم أم الشهب والنيازك؟
فإذا كانت الأولى فكيف يمكن لمخلوق بحجم النجم أن يستخدم لرجم الشياطين؟
ارجو التوضيح ، ولكم جزيل الشكر.
الجواب :
الحمد لله
المقصود بالمصابيح في الآية : النجوم التي خلقها الله في السماء ، وقد جعل من هذه النجوم رجوما للشياطين ، كما قال قتادة رحمه الله في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) : " خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ : جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا ؛ فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ : أَخْطَأَ ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ " .
ذكره البخاري عنه في صحيحه (4/107) معلقا مجزوما .
وراجع : "تفسير الطبري" (23 / 508) – "تفسير ابن كثير" (3 / 305) - "فتح القدير" (5 / 363) .
والمقصود بجعلها رجوما للشياطين أنه يخرج منها شهب من نار ، فتصيب هذه الشياطين ، ولا يعني جعلها رجوما أنها بذواتها يُقذف بها ، كما قال تعالى : ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات / 10 . فالذي يصيب هذه الشياطين من تلك النجوم هي تلك الشهب التي تخرج منها .
ويدل عليه ما رواه البخاري (4701) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ ، يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟
قَالُوا لِلَّذِي قَالَ : الْحَقَّ ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ . فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ ، وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ ، إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ ، حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الْأَرْضِ ، فَتُلْقَى عَلَى فَمْ السَّاحِرِ ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ، فَيُصَدَّقُ فَيَقُولُونَ : أَلَمْ يُخْبِرْنَا : يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا ، فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا ؟ - لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ ) .
فقوله في هذا الحديث : ( فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ ) يدل على أن شهاب النار يخرج من تلك النجوم فيصيب تلك الشياطين .
قال القرطبي رحمه الله :
" أي جعلنا شهبها ؛ فحذف المضاف ، دليله : ( إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها .
وقيل : إن الضمير راجع إلى المصابيح على أن الرجم من أنفس الكواكب ، ولا يسقط الكوكب نفسه إنما ينفصل منه شيء يرجم به ، من غير أن ينقص ضوءه ولا صورته " انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (18 / 210-211)
وقال ابن كثير رحمه الله :
" عاد الضمير في قوله : ( وَجَعَلْنَاهَا ) على جنس المصابيح لا على عينها ؛ لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ، والله أعلم "
انتهى . "تفسير ابن كثير" (8 / 177)
وقال الألوسي رحمه الله :
" جعلها رجوماً : يجوز أن يكون لأنه بواسطة وقوع أشعتها ... تحدث الشهب ، فهي رجوم بذلك الاعتبار ، ولا يتوقف جعلها رجوماً على أن تكون نفسها كذلك ، بأن تنقلع عن مراكزها ويرجم بها ، وهذا كما تقول : جعل الله تعالى الشمس يحرق بها بعض الأجسام ، فإنه صادق فيما إذا أحرق بها بتوسيط بعض المناظر ، وانعكاس شعاعها على قابل الإحراق " انتهى .
"تفسير الألوسي" (17 / 70)
وقال السعدي رحمه الله :
" جعل الله هذه النجوم حراسة للسماء عن تلقف الشياطين أخبار الأرض ، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم ، أعدها الله في الدنيا للشياطين " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 875)
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" قال العلماء في تفسير قوله تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين ) : أي : جعلنا شهابها الذي ينطلق منها ، فهذا من باب عود الضمير إلى الجزء لا إلى الكل .
فالشهب : نيازك تنطلق من النجوم .
وهي كما قال أهل الفلك : تنزل إلى الأرض ، وقد تحدث تصدعاً فيها ، أما النجم فلو وصل إلى الأرض لأحرقها " انتهى .
"القول المفيد على كتاب التوحيد" (1 / 227) .
ثانيا :
هذه مسألة قديمة ، أثارها الزنادقة في العصور المتقدمة طعنا في القرآن ، وقد تعرض الجاحظ للرد عليها ، والجاحظ وإن كان من أهل البدعة ، فلا بأس الاستئناس بكلامه ، في أمر لا يتعلق ببدعته .
قال الجاحظ عفا الله عنه ، في كتابه "الحيوان" (6 / 497-496) :
" قالوا : زعمتم أنَّ اللّه تعالى قال : ( وَلَقد زَيَّنا السَّمَاءَ الدُّنْيا بمصَابيحَ وَجَعَلْناهَا رُجُوماً للشّياطين ) ، ونحنُ لم نجدْ قطُّ كوكباً خلا مكانهُ ، فما ينبغي أنْ يكون واحدٌ من جميع هذا الخلق من سكّان الصحارى والبحار ومن يَراعِي النُّجوم للاهتداء أو يفَكِّر في خلق السموات أن يكون يرى كوكباً واحداً زائلاً مع قوله : ( وَجَعَلْناهَا رُجُوماً للشَّياطينِ ) ؟ .
قيل لهم : قد يحرِّك الإنسانُ يدَه أو حاجبَه أو إصبَعه فتضاف تلك الحركةُ إلى كلِّه فلا يشكُّون أنّ الكلَّ هو العاملُ لتلك الحركة ، ومتى فصَل شهابٌ من كوكب فأحرق وأضاء في جميع البلاد ، فقد حكَم كلُّ إنسانٍ بإضافة ذلك الإحراق إلى الكوكب . وهذا جواب قريبٌ سهل ، والحمد للّه "
انتهى كلامه .
والله تعالى أعلم .
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-03-31, 03:21
بارك.الله.فيك.
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات
اختي الفاضله
اسعدني حضورك الطيب
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عنا كل خير
الفتاة السعيدة
2018-03-31, 03:42
بارك.الله.فيك.يا.اخي
*عبدالرحمن*
2018-04-01, 02:42
بارك.الله.فيك.يا.اخي
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات
https://d.top4top.net/p_795sbakq1.gif (https://up.top4top.net/)
.
*عبدالرحمن*
2018-04-01, 03:08
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
ما الفرق بين خلق عيسى عليه السلام
وخلق غيره من بني آدم ؟
السؤال:
هل يمكن أن نقول : إن الفرق بين خلق عيسى عليه السلام وبقية البشر أن الله أرسل جبريل عليه السلام بروح عيسى عليه السلام ، أما بقية البشر يرسل الله ملكا لنفخ الأرواح بعد مائة وعشرين يوما ، هل ورد ما يدل على اسم هذا الملك فى السنة ؟
وهل هناك فروقات بين خلق عيسى عليه السلام وبقية البشر ؟
الجواب :
الحمد لله
وكل الله عز وجل بخلق عيسى من أمه ، ملكا كريما ، تمثل لها في صورة بشر .
قال الله تعالى : ( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء/ 91 ، وقال تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) التحريم/ 12 .
وهذا الملك : هو جبريل عليه السلام ، كما يدل عليه سياق الآيات ، وكما يدل عليه وصفه بأنه "روح" ، وأنه "رسول" ، وإضافة ذلك إلى رب العزة سبحانه .
قال الله تعالى :
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ) مريم/16-21 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" وَقَوْلُهُ: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا} أَيِ: اسْتَتَرَتْ مِنْهُمْ وَتَوَارَتْ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} أَيْ: عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ تَامٍّ كَامِلٍ.
قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وقَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيْج وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّه، والسُّدِّي، فِي قَوْلِهِ: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} يعني: جبريل، عليه السلام.
وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشُّعَرَاءِ: 193، 194] ..." .
انتهى من "تفسير ابن كثير" (5/219-220) .
وقد خلق الله عز وجل نبيه عيسى عليه السلام ، على هذه الصفة ، وبهذه الطريقة المخالفة لخلق عامة البشر ، تنبيها للعباد على قدرة الخالق عز وجل ، ومشيئته واختياره ، وأنه ـ تبارك وتعالى ـ يخلق ما يشاء ويختار ، لا معقب لحكمه ، ولا راد لكلماته ، سبحانه .
قال الله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران/ 59 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" يَقُولُ تَعَالَى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ) فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ (كَمَثَلِ آدَمَ) فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلَا أُمٍّ ، بَلْ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، وَالَّذِي خَلَقَ آدَمَ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ عِيسَى ، بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 49) .
وقال ابن كثير رحمه الله أيضا :
" {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا} أَيْ: فَتَعَجَّبَتْ مَرْيَمُ مِنْ هَذَا وَقَالَتْ: كَيْفَ يَكُونُ لِي غُلَامٌ ؟ أَيْ: عَلَى أَيِّ صِفَةٍ يُوجَدُ هَذَا الْغُلَامُ مِنِّي ، وَلَسْتُ بِذَاتِ زَوْجٍ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنِّي الْفُجُورُ؛ وَلِهَذَا قَالَتْ: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} وَالْبَغِيُّ: هِيَ الزَّانِيَةُ ..
{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} أَيْ: فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ مُجِيبًا لَهَا عَمَّا سَأَلَتْ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَالَ: إِنَّهُ سَيُوجَدُ مِنْكِ غُلَامًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكِ بَعْلٌ ، وَلَا تُوجَدُ مِنْكِ فَاحِشَةٌ ، فَإِنَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَادِرٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ} أَيْ: دَلَالَةً وَعَلَامَةً لِلنَّاسِ عَلَى قُدْرَةِ بَارِئِهِمْ وَخَالِقِهِمُ ، الَّذِي نَوَّعَ فِي خَلْقِهِمْ ، فَخَلَقَ أَبَاهُمْ آدَمَ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، وَخَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى ، وَخَلَقَ بَقِيَّةَ الذُّرِّيَّةِ مَنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ، إِلَّا عِيسَى فَإِنَّهُ أَوْجَدَهُ مِنْ أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ، فَتَمَّتِ الْقِسْمَةُ الرُّبَاعِيَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ .
وَقَوْلُهُ: {وَرَحْمَةً مِنَّا} أَيْ وَنَجْعَلُ هَذَا الْغُلَامَ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ نَبِيًّا من الأنبياء يدعو إلى عبادة اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ .. "
انتهى باختصار من "تفسير ابن كثير" (5/220) .
والحاصل : أن عيسى عليه السلام قد خلقه الله عز وجل من أم بلا أب ، وقد أوكل نفخ الروح في أمه إلى ملك كريم ، ورسول أمين ، وهو جبريل عليه السلام ، الذي سماه الله عز وجل "روح القدس" .
وأما من عداه من بني آدم ، فإنما يخلقون من التقاء ماء الرجل بالمرأة ، فإذا شاء الله عز وجل أن يخلق خلقا حصل الإخصاب ، ونُفخ فيه الروح بعد مائة وعشرين يوما ، في قول جمهور الفقهاء .
روى البخاري (3208) ، ومسلم (2643) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: " حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : بِكَتْبِ رِزْقِهِ ، وَأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ) .
فتصوير الجنين وتخليقه وكتابة ما يتعلق به ونفخ الروح فيه : يباشره الملك الموكل به ، بأمر من الله تعالى .
وهذا الملك ، جبريل عليه السلام ، هو الذي تولى نفخ روح عيسى عليه السلام ، في أمه مريم ، بأمر الله عز وجل له ، على أظهر الأقوال في ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأما المسيح، فيقال : إنه ولدته مريم ، ويقال : المسيح ابن مريم، فكان المسيح جزءًا من مريم، وخلق بعد نفخ الروح في فرج مريم ، كما قال تعالى : { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } [ التحريم : 12 ] ، وفي الأخرى : { فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : 91 ] .
وأما حواء، فخلقها الله من مادة أخذت من آدم ، كما خلق آدم من المادة الأرضية ، وهي الماء والتراب والريح الذي أيبسته حتى صار صلصالًا ، فلهذا لا يقال : إن آدم وَلَدَ حواء، ولا آدم وَلَدَهُ الترابُ ، ويقال في المسيح : ولدته مريم ، فإنه كان من أصلين : من مريم ومن النفخ الذي نفخ فيها جبريل .
قال الله تعالى : { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ على هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا } [ مريم : 17 : 22 ] ، إلى آخر القصة، فهي إنما حملت به بعد النفخ ، لم تحمل به مدة بلا نفخ ، ثم نفخت فيه روح الحياة كسائر الآدميين ، ففرق بين النفخ للحمل ، وبين النفخ لروح الحياة " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/271) ، وينظر أيضا (5/266) .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله في " تفسيره " (ص 530) :
" وحين جاءها جبريل في صورة بشر سوي تام الخلق والحسن { قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا } فجازاها الله من جنس عملها، ورزقها ولدا من غير أب ، بل نفخ فيها جبريل عليه السلام ، فحملت بإذن الله " انتهى .
وقال أيضا (ص 874)
" وقوله { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي: صانته وحفظته عن الفاحشة ، لكمال ديانتها، وعفتها ، ونزاهتها.
{ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } بأن نفخ جبريل [عليه السلام] في جيب درعها فوصلت نفخته إلى مريم ، فجاء منها عيسى ابن مريم [عليه السلام]، الرسول الكريم والسيد العظيم " انتهى .
وينظر : "تفسير القرطبي" (18/204) ، "أضواء البيان" (3/449) .
واختلف العلماء في مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام :
فذهب الجمهور إلى أنها تسعة أشهر كغيره من البشر .
وقال عكرمة : ثمانية أشهر ، قال : ولهذا لا يعيش ولد الثمانية أشهر ، حفظاً لخاصة عيسى .
وروي عن ابن عباس أنه قال : لم يكن إلا أن حملت فوضعت .
والراجح : أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن .
أما الملك الموكل بنفخ الروح : فلم نجد في نصوص الشرع نصا يصرح باسمه ، فالبحث والسؤال عن ذلك من التكلف ، ولا فائدة ترجى من وراء معرفة اسمه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-01, 03:11
مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام
السؤال
هل حملت مريم العذراء بعيسى عليه السلام تسعة أشهر? أم عندما جاءها الملاك وأمرها باللجوء إلى جدع النخلة ووضعته عليه السلام عندئذ ؟ .
الجوااب
الحمد لله
اختلف العلماء في مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام .
فذهب الجمهور إلى أنها تسعة أشهر كغيره من البشر .
وقال عكرمة : ثمانية أشهر . قال : ولهذا لا يعيش ولد الثمانية أشهر ، حفظاً لخاصة عيسى .
وروي عن ابن عباس أنه قال : لم يكن إلا أن حملت فوضعت .
قال ابن كثير رحمه الله (3/117) عن هذا الأثر المروي عن ابن عباس :
"وهذا غريب ، وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله تعالى : ( فحملته فانتبذت به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ) فالفاء وإن كانت للتعقيب لكن تعقيب كل شيء بحسبه ، كقوله تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما ) فهذه الفاء للتعقيب بحسبها . وقد ثبت في الصحيحين أن بين كل صفتين أربعين يوما [ يعني
: تبقى النطفة أربعين يوماً والعلقة أربعين والمضغة أربعين ] . وقال تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ) فالمشهور الظاهر - والله على كل شيء قدير- أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن ، ولهذا لما ظهرت مخايل الحمل بها وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها يخدم معها البيت المقدس يقال له يوسف النجار ، فلما رأى ثقل بطنها وكبره أنكر ذلك من أمرها ثم صرفه ما يعلم من براءتها ونزاهتها ودينها وعبادتها ثم تأمل ما هي فيه فجعل أمرها يجوس في فكره لا يستطيع صرفه عن نفسه
فحمل نفسه على أن عَرَّض لها في القول ، فقال : يا مريم إني سائلك عن أمر فلا تعجلي عليّ . قالت : وما هو ؟ قال : هل يكون قط شجر من غير حب ؟ وهل يكون زرع من غير بذر ؟ وهل يكون ولد من غير أب ؟ فقالت : نعم ، وفهمت ما أشار إليه ، أما قولك : هل يكون شجر من غير حب ؟ وزرع من غير بذر ؟ فإن الله قد خلق الشجر والزرع أول ما
خلقهما من غير حب ولا بذر . وهل يكون ولد من غير أب ؟ فإن الله تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم . فصدقها وسَلَّم لها حالَها .
ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة انتبذت منهم مكانا قصيا أي قاصيا منهم بعيدا عنهم لئلا تراهم ولا يروها قال محمد بن إسحاق فلما حملت به وملأت قلتها ورجعت استمسك عنها الدم وأصابها ما يصيب الحامل على الولد من الوصب والترحم وتغير اللون حتى فطر لسانها فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا وشاع الحديث في بني إسرائيل فقالوا إنما صاحبها يوسف ولم يكن معها في الكنيسة غيره وتوارت من الناس واتخذت من دونهم حجابا فلا يراها أحد ولا تراه "
انتهى كلام ابن كثير رحمه الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-01, 03:16
تفسير قوله تعالى :
( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ).
السؤال:
قال تعالى في سورة الرحمن: ( رب المشرقين ورب المغربين ) ، هل نفسرها بأن نقول المقصود بالمشرقين: المشرق في هذه الدنيا على هذه الأرض ، والمشرق في الدار الآخرة ؟ أم إن لها تفسيرا آخر؟
الجواب :
الحمد لله
جاء "المشرق والمغرب" في القرآن الكريم مفردا ومثنى وجمعاً .
قال الله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) الرحمن/ 17 ، وقال تعالى : (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ) الصافات/ 5 ، وقال سبحانه : (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) المعارج/ 40، 41 ، وقال سبحانه : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا) المزمل/ 9 .
فقوله عز وجل : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) : يعني بذلك : مشرقَي الصيف والشتاء ، ومغربي الصيف والشتاء ، فإن الشمس تتحرك في فصل الشتاء نحو شمال الأرض ، وتتحرك في فصل الصيف نحو جنوبها ، فيختلف مكان طلوعها في فصل الشتاء عنه في فصل الصيف ، وكذلك مكان غروبها ، فيكون لها مشرقان ، أحدهما في الشتاء والثاني في الصيف ، ويكون لها أيضا مغربان .
والمراد بقوله : (رَبّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) مشارق الشمس ومغاربها باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم، لأنها في كل يوم لها مشرق ومغرب ، غير مشرقها ومغربها بالأمس .
أو المراد : مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر .
والمراد بقوله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ): جنس المشارق والمغارب ، فيكون المراد منه كل مشارق الشمس ومغاربها .
قال ابن كثير رحمه الله :
"(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) يَعْنِي: مَشْرِقَيِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ، وَمَغْرِبَيِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) ، وَذَلِكَ بِاخْتِلَافِ مَطَالِعِ الشَّمْسِ وَتَنَقُّلِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَبُرُوزِهَا مِنْهُ إِلَى النَّاسِ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا) . وَهَذَا الْمُرَادُ مِنْهُ جِنْسُ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ " .
انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/ 492) .س
وقال الشنقيطي رحمه الله :
" قَوْلَهُ: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) الْمُرَادُ بِهِ جِنْسُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَهُوَ صَادِقٌ بِكُلِّ مَشْرِقٍ مِنْ مَشَارِقِ الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ، وَكُلُّ مَغْرِبٍ مِنْ مَغَارِبِهَا الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ، كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، مَا نَصُّهُ : وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ الَّذِي تُشْرِقُ مِنْهُ الشَّمْسُ كُلَّ يَوْمٍ ، وَالْمَغْرِبُ الَّذِي تَغْرُبُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ.
فَتَأْوِيلُهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ : وَلِلَّهِ مَا بَيْنَ قُطْرَيِ الْمَشْرِقِ وَقُطْرَيِ الْمَغْرِبِ، إِذَا كَانَ شُرُوقُ الشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْهُ لَا تَعُودُ لِشُرُوقِهَا مِنْهُ إِلَى الْحَوْلِ الَّذِي بَعْدَهُ ، وَكَذَلِكَ غُرُوبُهَا، انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ.
وَقَوْلُهُ: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) ، يَعْنِي مَشْرِقَ الشِّتَاءِ، وَمَشْرِقَ الصَّيْفِ وَمَغْرِبَهُمَا، كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: مَشْرِقَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَغْرِبَهُمَا.
وَقَوْلُهُ: (بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ) أَيْ: مَشَارِقِ الشَّمْسِ وَمَغَارِبِهَا كَمَا تَقَدَّمَ . وَقِيلَ: مَشَارِقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَمَغَارِبِهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ".
انتهى من "أضواء البيان" (6/ 305) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" (رب المشرقين ورب المغربين) المراد بهما مشرقا الصيف والشتاء ، مشرق الصيف حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الشمال، ومشرق الشتاء حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الجنوب .
ونص الله على ذلك لما في اختلافهما من المصالح العظيمة للخلق ، ولما في اختلافهما من الدلالة الواضحة على تمام قدرة الله سبحانه وتعالى وكمال رحمته وحكمته ، إذ لا أحد يقدر على أن يصرف الشمس من مشرق إلى مشرق ، ومن مغرب إلى مغرب إلا الله عز وجل ، ولهذا قال : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) فأشار في تعقيبه هذه الآية السابقة إلى أن هذا من آلاء الله ونعمه العظيمة على عباده .
وقال الله تعالى في آية أخرى : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) فجمع المشرق والمغرب، وقال تعالى في آية ثالثة : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) ولا تناقض بين هذه الآيات الكريمة ، فالمراد بآية التثنية ما أسلفناه، والمراد بآية الجمع : مشارق الشمس ومغاربها ، باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم ، لأن كل يوم لها مشرق ومغرب غير مشرقها ومغربها بالأمس ، أو أن المراد بالمشارق والمغارب مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر.
وأما قوله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) فالمراد بها الناحية ، أي : أنه مالك كل شيء ، ورب كل شيء، سواء أكان ذلك الشيء في المشرق أو في المغرب " .
انتهى من"فتاوى نور على الدرب" (5/ 2) بترقيم الشاملة .
والمقصود بالمشرق والمغرب في هذه الآيات : المشرق والمغرب في الدنيا ، لا في الآخرة ، فإنه ليس في الآخرة شروق للشمس ولا غروب .
وقد روى الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (183) عن أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (124) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمَا فِي النَّارِ تَعْذِيبُهُمَا بِذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ تَبْكِيتٌ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُهُمَا فِي الدُّنْيَا ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَتَهُمْ لَهُمَا كَانَتْ بَاطِلًا ، وَقِيلَ: إِنَّهُمَا خُلِقَا مِنَ النَّارِ فَأُعِيدَا فِيهَا. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: لَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِمَا فِي النَّارِ تَعْذِيبُهُمَا ؛ فَإِنَّ لِلَّهِ فِي النَّارِ مَلَائِكَةٌ وَحِجَارَةٌ وَغَيْرُهَا، لِتَكُونَ لِأَهْلِ النَّارِ عَذَابًا وَآلَةً مِنْ آلَاتِ الْعَذَابِ وَمَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَا تَكُونُ هِيَ مُعَذَّبَةً "
انتهى من "فتح الباري" (6/ 300) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-01, 03:22
شكوك تراوده حول حديث القرآن
عن ظاهرة الغروب والشهب
السؤال :
قرأت مؤخراً أنّ هناك آيات تقول : بأن الشمس تغرب في عين حمئة ، وأنّ الشهب يرسلها الله لضرب الجن ، كما أنّ هناك بعض النصارى الذين يدَّعون أنّ المسلمين على ضلال ، وقد خدعهم الشيطان . ولتفنيد الشبه أستمع عادة لمحاضرات الدكتور زاكر نايك ، ولكنني أجد في بعض الأحيان أنّ ليس كل ما يقوله بصحيح
. ثم قرأت أنّ القرآن قد كتبه الصحابة على الورق والحجر . وكل ذلك يلقي بالشك في قلبي ، وفي كل مرة تساورني الشكوك قبل النوم أنطق بالشهادتين ثم أنام . فهل وقعت في الكفر من حيث لا أعلم ، فأنا أخشى عذاب النار
وأسأل الله دائماً أن يغفر لي ذنوبي ، ويهديني سواء السبيل . لذا أرجو منكم مساعدتي للتخلص من هذه الشبهات التي وردت علي بسبب هذه الآيات ، وما ذكرت من طريقة حفظ القرآن .
الجواب :
الحمد لله
لا تفتأ النفس الأمارة تُسَول لصاحبها الضلال بعد الهدى ، وتقرب إليه الكفر بعد الإيمان ، حتى تستنزف ما فيه من طمأنينة ويقين .
إياك - أخانا السائل - أن تنطلي عليك حيل المحتالين ، الذين لا يسعون إلى التلبيس عليك فحسب ، بل أول ما يسعون إليه هو إشغال قلبك بمثل هذه الشبهات ، وإيرادها تباعا عليك ، الواحدة بعد الأخرى ، حتى لو كانت شبها ساقطة كاذبة ، المهم أن يكاثروها في قلبك ، لتغرك كثرتها ، ويؤثر فيك تواردها
فتكون حيلتهم قد نجحت لا قدر الله .
ولو تأملت معنا أي حقيقة ناصعة ، وما يمكننا إيراده على هذه الحقيقة ولو اعتباطا ، لأدركت سر ما نقول . حتى الشمس في رابعة النهار ، لو كنت تراها بأم عينيك ، وأحد الملبِّسين يجلس بجانبك ، ويسألك مشككا برؤيتك للشمس : لعلك في حلم ولست في يقظة ! ولعل نظرك يغرك كما أنه يغرك حين ترى السراب في الصحراء !!
وما الذي يجعلك تؤمن يقينا بحاسة النظر عندك!! كم مرة أخطأ نظرك في نقل الحقيقة إليك !! ألا ترى ألعاب الخفة والخدع السحرية كيف تؤكد لك عدم الثقة بحواسك بحال من الأحوال !! ألا يحتمل أن يكون هذا التوهج الذي تراه أشعة منعكسة وأنوارا متلألئة مصدرها غير الشمس المعروفة !! إلى آخر مثل هذه الأسئلة التشكيكية .
ثم تخيل معنا أن مثل هذه الأسئلة ترد عليك يوميا ، وأصحابها ينوِّعون أساليبهم في عرضها ، ويستفرغون وسعهم في تعداد وجوهها وقوتها . فأي تأثير تظنه ستحدثه في قلبك ونفسك !!
والآية الكريمة التي ذكرتها ، وهي قوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) الكهف/86 ، ليس فيها أي إشكال ولا ما هو مثار للتشكيك ، ولكن الخطأ في فهم الآية سببه الجهل باللغة العربية وأساليبها وبلاغتها التي تتيح لك وصف غروب الشمس بما يبدو للناظر
حتى لو وقف على شاطئ البحر وشهد غروب الشمس ، وصفه العربي بأن قرص الشمس سقط في الماء ؛ وهو يعلم أن الشمس أكبر من أن يحويها البحر ، وأنها ستعاود الرجوع في اليوم التالي ، ولكنه وصفها بأنها غربت " في الماء " لأن هذا ما يبدو للعين البسيطة ، وليس لأن هذه الحقيقة ، وهو ما وقع لذي القرنين
ولهذا وصف القرآن الكريم ذلك بقوله ( وجدها )، أي هكذا وجدها ذو القرنين ، وعلى هذا الشكل بدت له في ظاهر الأمر ، وليس هو تقرير من القرآن الكريم لمشهد الغروب . بل هو وصف لما خطر في ذهن ذي القرنين عندما رأى المشهد . وهذا ما بينه المفسرون قبل مئات السنين ، وقبل صعود الإنسان للقمر وتصويره الأرض بجميع ما فيها .
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" أي : رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه "
انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (5/191) .
وهو تعبير دقيق أيضا من الحافظ ابن كثير رحمه الله – وهو من أشهر المفسرين في القرن الثامن الهجري – حيث يقول : " يراها كأنها تغرب في البحر ". فانظر كيف استعمل كلمة ( كأنها ) الأمر الذي يدلك على الدقة البالغة للغة العربية ، وللقرآن الكريم .
ولهذا فحقيقة غروب الشمس بوصفها ظاهرة فلكية ، مختلفة بصورة كلية عن هذا الذي ظهر للعين المجردة أمر معلوم مستقر في القرآن الكريم في آيات عديدة ظاهرة ، كما قال تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّار) الزمر/5.
فتأمل معنا كلمة ( يكور ) التي تعني الكروية والاستدارة ، لتدرك حقيقة التطابق التام بين حقائق الكون وحقائق القرآن الكريم .
وأما حركة الشهب في السماء ، فليس ثمة عالم على وجه الأرض يدعي أنه يعلم السبب الذي يتحرك به كل شهاب منها ، أو يعلم الباعث الأول الذي أدى إلى انطلاقها ، وإنما نحن نملك تفسير هذه الظاهرة ببعض الأسباب الكونية المشاهدة أو المختبرة ، وفي بعض أحوالها .
أما أن ندعي أننا نملك التفسير المطلق الوحيد لكل شهاب انطلق في الماضي أو سينطلق في المستقبل ، ونعتقد أن حركة الشهب ناتجة عن هذا التفسير فحسب ، فهذا لا سبيل إليه ، ونحن نعلم أن الكون والمجرات وعالم الفضاء أوسع من أن نحيط بجزئه ، فكيف بعالمه الفسيح .
قال تعالى : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ . وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ . إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ) الحجر/16-18.
وقال عز وجل : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ . وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ . لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ . دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ . إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات/6-10.
وهذه النصوص ليس فيها ما يدل على أن كل شهاب ظهر في السماء فإنما رُمي به شيطان ، فقد يكون هناك أسباب أخرى لظهور الشهب لم يتعرض لها القرآن الكريم .
ثم إن الإيمان – أخانا السائل – يقوم على ركن عظيم من الإيمان بالغيب ، أي ما وراء الطبيعة ، فنحن نشاهد كل ما في الكون من أسباب ، وفي الوقت نفسه نقول: إن ثمة مسببا أعظم وهو الله.
ونرى الأمطار والأرزاق تقسم بين الناس بالأسباب الطبيعية المشاهدة ، وفي الوقت نفسه نؤمن بالملائكة التي تسوق هذه الأقدار .
ونعيش أيامنا وليالينا ونواجه ما فيهما من أحداث جسام ، ونلمس أسباب تلك الأحداث ونقف على ظروفها ، وفي الوقت نفسه نقول : إنها قضاء الله وقدره .
ولا يشكل علينا هذا الإيمان بالغيب بشيء ، ولا نستشعر أن ثمة تناقضا بين " الأسباب الطبيعية " في هذا الكون ، وبين " الأسباب الغيبية ". وهو ما تميزنا به نحن المسلمين ، أننا جمعنا بين العلم والدين ، وبين الدنيا والآخرة ، وبين الطبيعة والغيب .
فأي ضير بعد ذلك أن نؤمن بأن الله تعالى يرسل الشهب على الشياطين التي تسترق السمع ، وتريد أن تستمع إلى ما تقوله الملائكة في السماء .
ولماذا ننسى أن أركان الإيمان الستة كلها تقوم على فكرة " الغيب "، وهي الفكرة نفسها التي يشاركنا فيها اليهود والنصارى أيضا - على تفاوت ظاهر في بعض الأركان -، فالنصراني الذي يطعن في القرآن بسبب تفسيره لبعض ظواهر الشهب ، فالأولى بالطعن عندئذ عقيدته كلها التي تسلم بالإله الخالق مسببا ومكونا لجميع ما في هذا الكون !!
ونحن دائما نذكِّر الناس بأن العقل البشري الذي يعجز عن تفسير ظاهرة الموت ، التي يشاهدها في كل حين ، ويقف على أسبابها في كل وقت ، ويعاني منها عبر تاريخ الإنسانية كلها، ومع ذلك يقف أسيرا أمامها ، مقهورا لوقوعها ، عاجزا عن الوقوف حتى على حدودها.
فكيف سيتجرأ هذا الإنسان الكليل الضعيف على الاعتداء على الفضاء البعيد الواسع ، فينفي عنه كل أسباب غيبية ، ويجازف في إطلاق " الأسباب المطلقة " التي يفسر بها كل شيء !
وقد بحثنا في كتب علماء الفلك والفضاء ، فلم نجد أحدهم يدعي هذه التفسيرات المطلقة لكل شيء ، بل كلهم يتحدث عن مشاهدات لنشأة تلك الشهب ، لا تتناقض أبدا مع ما ورد في القرآن الكريم .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء السؤال الآتي :
كيف نوفق بين الدين والعلم في أمور ظاهرها التعارض بينهما ، فمثلا عرفنا في الدين : أن النجوم خلقت لثلاثة أشياء : خلقت زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وجعلت علامات يهتدي بها .
وقرأنا في الجغرافيا : أنها مجموعة أجرام لها نظام معين في الدوران ، وأن ما نشاهده ليلا يحترق ويسقط ، إنما هو نيازك وشهب تخرج من جاذبية إلى جاذبية الأرض ، فتحترق وتسقط بسرعة 45 ميلا في الثانية .
فأجابت :
" إن الذي أنزل القرآن المجيد ، وأوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بشريعة الإسلام : هو الله العليم الحكيم الذي خلق السماوات والأرض ، وخلق كل شيء وسخره لما خلق له ، وعلم ما أودعه فيه من الخصائص والأسرار ، فلا يمكن أن يتناقض ما أخبر به أو شرعه مع ما خلقه وسخره لعباده
بل كل ذلك متسق ، اتفق فيه خبره وشرعه مع كونه وقدره ، فخبره يطابق الواقع، وتكوينه وتسخيره يصدق مقتضى خبره ، فإن ظن إنسان التعارض بين خبر الله في كتابه ، أو خبر نبيه صلى الله عليه وسلم الثابت بالنقول الصحيحة ، فإنما أُتِيَ من قبل قصور عقله ، أو سوء فهمه وقلة اطلاعه أو تحصيلِه للعلوم الكونية والنصوص الشرعية .
مثال ذلك : ما جاء في كتاب الله تعالى من قوله سبحانه : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ) ( وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ) ( لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ) ( دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ) ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) وقوله : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ
وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ) وقوله : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ) ( وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ) ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ) وقوله : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) وقوله : ( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) وجاء في السنة الصحيحة شيء من ذلك يتفق مع نصوص القرآن في المعنى .
ومن نظر في هذه الأخبار وجدها واضحة في بيان بعض خواص النجوم وفوائدها ، وليس فيها ما يدل على حصر فوائد النجوم ومزاياها في الأمور الثلاثة التي ذكرت فيها
كما أنه ليس فيها ما يدل على حصر الشهب التي نراها فيما ترجم به الشياطين من شهب النجوم ويرمى به مسترقو السمع منهم ، كما أنه ليس فيها تعرض لشهب أخرى نفيا أو إثباتا ، يعرف ذلك من درس لغة العرب ، وعرف ما في أساليبها من أدوات القصر التي يضمنونها كلامهم لإفادة الحصر والدلالة عليه .
فإذا ثبت في العلوم الكونية أن هناك حجارة وأجراما منتثرة في الجو ، وأنها مجموعات تقع كل مجموعة منها في دائرة جاذبية كوكب أكبر منها ، وأنها إذا انحرفت عن دائرة جاذبية هذا الكوكب
فبعدت منه وقربت من دائرة جاذبية كوكب آخر : سقطت بسرعة ، وتولد عن احتكاك سطحها بسطوح أخرى شعلة نارية هي الظاهرة الكونية التي تسمى : الشهب إذا ثبت هذا ، فإنه لا يتنافى مع ما جاء في نصوص الشريعة الإسلامية من النصوص التي فيها مجرد الإخبار برجم الشياطين بشهب من النجوم
إذ من الممكن أن تحدث ظاهرة الشهب من الأمرين ...
أما النيازك التي ذكرها السائل ، فهي عند علماء الجغرافيا رجوم ، إذا سقطت إلى سطح الأرض لا تحترق ولا تتحول إلى رماد ، فليست نوعا من الشهب ، بل نوع من الرجوم مقابل للشهب ، فعلى السائل أن يتثبت في معلوماته ، وأن يتبصر في شؤون دينه ودنياه . ورحم الله امرءا عرف قدره ، ووقف فيما يستشكل عند حدود مستواه .
الشيخ عبد العزيز بن باز – الشيخ عبد الرزاق عفيفي – الشيخ عبد الله بن غديان – الشيخ عبد الله بن قعود "
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (1/ 627-629) .
والخلاصة :
أن غروب الشمس في عين حمئة الوارد في القرآن الكريم معناه أنها هكذا تبدو للناظر، وليس إخبارا من القرآن الكريم عن حقيقة ظاهرة الغروب .
وأن رجم الشياطين بالشهب لا يتعارض مع العلم الحديث ، ولا يستطيع أحد – مهما بلغ من العلم – أن يثبت عكس هذا .
وعلوم الفضاء الحديثة لا تدعي الوقوف على الباعث والمسبب الأول الذي تنطلق بسببه الشهب.
وفي جميع الأحوال فاعتمال بعض الشبهات في قلبك لا يعني الوقوع في الكفر والردة لا قدر الله، بشرط أن تستمر في مدافعتها ومجاهدتها ، وأن تبادر بصرف النظر عنها ، وسؤال العلماء عن الجواب عليها ، وأن تبتعد عن مواطن إثارتها ، وتشغل قلبك وفكرك وعقلك : بما ينفعك في أمر دينك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-01, 03:27
القرآن الكريم لم ينزل ليبين للناس حقيقة عالم الفضاء
السؤال:
يقول العلم : إن هناك مخلوقات فضائية ، بل ويشير إلى أن هناك أطباقاً طائرة أيضا ، وأقول : ربما هناك مخلوقات فضائية ، لكنني أريد أولاً معرفة رأي الشرع في هذه المسألة ؟
الجواب :
الحمد لله
لم يأت الشرع لبيان العلوم الكونية والاكتشافات الفضائية ، كما لم يأت بتفصيل المخلوقات البرية أو المائية أو الفضائية ، أو تبيين العلوم الطبيعية بأي من فروعها وأبوابها ، وإنما جاء الشرع برسالة الهداية لخير الأخلاق والأعمال والأحوال ، وبنور الدلالة إلى الله سبحانه وتعالى ، للتعرف على أسمائه وصفاته ومراده من خلقه وأمره وشرعه ، لتحصيل
السعادة الحقيقية لهذا الإنسان الضعيف ، بأقوم حياة في الدنيا ، وأسعد دار في الآخرة ، التي دعا الله عباده إليها ، وأنزل كتبه ، وأرسل رسله للدلالة عليها ، يقول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا . وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ) الأحزاب/45-47.
ويقول سبحانه : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) الفتح/8-9.
ويقول تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) الإسراء/82.
ولهذا فليس من محكم العلم ولا من الحكمة الجزم بنسبة مقولة خاصة للشريعة الإسلامية في شأن المخلوقات الفضائية ، أو الحياة على الكواكب والمجرات الأخرى ، سواء بالنفي أو بالإثبات ، وغاية ما يمكن أن يبذله الناظر هو الاجتهاد برأيه مستأنسا بإشارة بعض النصوص ، بعيدا عن لغة القطع والجزم ، وبعيدا عن التنطع في لي أعناق النصوص لموافقة ما في نفسه في هذا الشأن ، فتلك ممارسات ليست من المنهجية في شيء ، ولا تؤدي في آخر المطاف إلا إلى الاضطراب في الطرح ، والتناقض في التأصيل .
وما نؤمن به يقينا أن خلق الله عز وجل أعظم من أن نحيط به ، وأكبر من أن تحده أوهامنا وعقولنا ، كما قال سبحانه وتعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا ) الإسراء/99 .
وقال عز وجل : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص/68 ، ويقول جل وعلا : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ) الشورى/49.
والخلاصة
أن القرآن الكريم والسنة الصحيحة لم يأتيا بعلم المخلوقات الفضائية ، وإنما هي آراء واجتهادات في فهم النصوص ، خاضعة للتصويب أو التخطئة ، ولا تنسب للدين .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-01, 03:30
القرآن الكريم كتاب هداية وليس كتاب
تفاصيل الأسماء أو العلوم الدنيوية
السؤال:
سمعت نكتة من بعض الناس يتحدثون فيها عن شخص أوربي اسمه كوك ، سأل مسلما قائلا : أنتم تقولون أن كل شيء موجود في القرآن ، فهل هذا صحيح . فأجابه : أن نعم ، فقال له : أنا اسمي كوك ، هل اسمي موجود . فقال له الشخص المسلم : قِف ، فلما وقف ، قال له : ( وتركوك قائما ) وهو يقصد بها ترى : أي تبصر كوك - وهو اسم الشخص – قائما .
فما هو حكم ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
لا ينبغي أن تدفعنا العاطفة والحماسة لكتاب الله تعالى إلى الخروج به عن سياقه الذي أنزله الله عز وجل ، فهو كتاب هداية للبشرية ، يخرجهم من ظلمات الشرك والهوى إلى أنوار التوحيد والاستقامة ، ويهديهم لأحسن الهدي الذي به سعادتهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة . وقد جاء هذا الهدف واضحا في كتاب الله عز وجل
في الكثير من الآيات الكريمات ، منها قول الله عز وجل : ( الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) إبراهيم/1، وقوله سبحانه : ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) المائدة/16.
فمن راح يثبت للناس اشتمال هذا الكتاب الكريم على تفاصيل كل شيء في الدنيا ، بأسمائها وأوصافها ، أو حتى بخصائصها التي تعرف بها ، أو مباحث العلوم الدنيوية جميعها ، كالطب والفلك والهندسة وغيرها ، فقد نسب إلى القرآن الكريم ما ليس فيه ، ولا يلائم مقاصده .
جاء في " تفسير الرازي مفاتيح الغيب " (20/ 258) – في تفسير قوله تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل/89 ، - قوله :
" العلوم التي ليست دينية : لا تعلق لها بهذه الآية ؛ لأن من المعلوم بالضرورة أن الله تعالى إنما مدح القرآن بكونه مشتملا على علوم الدين ، فأما ما لا يكون من علوم الدين فلا التفات إليه " انتهى .
ويقول العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله :
" ومِن الناس مَن قال : إن القرآن قد حوى علوم الأكوان كلها ، وأن الشيخ محيي الدين بن العربي وقع عن حماره فرُضت رجله ، فلم يأذن للناس بحمله إلا بعد أن استخرج حادثة وقوعه ورض رجله من " سورة الفاتحة "
.
وهذا القول لم يقل به أحد من الصحابة ، ولا علماء التابعين ، ولا غيرهم من علماء السلف الصالحين ، ولا يقبله أحد من الناس ، إلا من ينساق وراء كل ما يُسمع أو يقال ، يرون أن كل ما كتبه الميتون في كتبهم حق ، وإن كان لا يقبله عقل ، ولا يهدي إليه نقل ، ولا تدل عليه اللغة ، بل قال أئمة السلف :
إن القرآن لا يشتمل على جميع فروع أحكام العبادات الضرورية بدلالة النص ولا الفحوى ، وإنما أثبت وجوب اتباع الرسول ، فصار دالا على كل ما ثبت في السنة ، وأثبت قواعد القياس الصحيح وقواعد أخرى ، فصار مشتملا على جميع فروعها وجزئياتها ، ولا يخرج شيء من الدين عنها "
انتهى من " تفسير المنار " (7/ 330) .
وبهذا تُعلَم أن الحادثة المذكورة في السؤال ليست من الجواب العلمي المبني على دليل ظاهر من القرآن الكريم ، وإنما هي أقرب إلى العبث ، وتحريف الكلم عن مواضعه ، وهل يقول عاقل : إن القرآن يحتوي أسماء الناس جميعا ، التي ينطق بها العرب بلسانهم ؛ فضلا عن أن يكون اسما أعجميا ، من غير لسان العرب ؟!
لا شك أن من ادعى ذلك ، أو تكلفه ، فقد تكلف ما لا علم له به ، وأعظم على الله سبحانه وتعالى القول .
وإن صح أن قائلا قال ذلك ، أو نحوه ، من أهل العلم ، أو المنسوبين إليه ، فلا نظن أن يكون مراده بذلك : الاستدلال على وجهه ، وإقامة الحجة على مقتضاها ، وإنما هو أقرب إلى الملاطفة ، والإسكات ، ولو من غير طريق الحجة المستقيمة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-01, 03:35
متى وجد الكائن البشري ؟
ومتى عاش نوح وهود عليهما السلام ؟
السؤال:
منذ متى وجد الكائن البشري ، وفقاً للرؤية الإسلامية ؟
ومتى عاش نوح وهود عليهما السلام ؟
وهل هناك طريقة يمكن من خلالها تحديد عدد السنوات منذ عاشوا إلى الآن وببراهين صحيحة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
تاريخ بداية وجود الإنسان على هذه الأرض وكذا تاريخ الرسل والأنبياء وأقوامهم ، هو من علم الغيب ، كما وصف الله تعالى ذلك بعد ذكره لقصة مريم في سورة آل عمران ، حيث قال الله تعالى : ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) آل عمران / 44 .
وقال الله تعالى بعد ذكره لقصة نوح في سورة هود : ( قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ، تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود /48 – 49 .
وقال الله تعالى بعد ذكره لقصة يوسف في سورة يوسف : ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ) يوسف/ 102 .
فهذه التواريخ والأحداث من علم الغيب ، والغيب لا يعلمه إلا الله تعالى ، ولا نعلم منه إلا ما أخبرنا به الوحي .
قال الله تعالى : ( قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) النمل/ 65 .
وقال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ) هود / 123 .
وقال الله تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) الجن / 26 – 27 .
فالحاصل أن تاريخ الرسل والأنبياء من علم الغيب الذي لا نعلم عنه شيئاً إلا عن طريق الوحي من كتاب أو سنة ، ولم يأت فيهما بيان تاريخ نزول آدم عليه السلام إلى الأرض ولا تاريخ نوح وهود عليهما السلام .
ثانياً :
فإن سألت ؛ ألا توجد طريقة لحساب ذلك ومعرفة هذه التواريخ ؟
فالجواب : أن هذا غير ممكن أبداً لأمرين :
الأمر الأول : أن أخبار الرسل والأمم الذين أخبرنا بهم الوحي ، رغم أن أهل العلم استطاعوا بالتقريب أن يرتبوا بينهم من حيث الزمن من خلال جمع النصوص إلى بعضها البعض وتحليلها ، إلا أن مدة بقاء كل أمة على هذه الأرض ، وكم كان بين كل رسول وآخر ، هذا كله أمر مجهول في الأغلب ، لا طريق لنا إلى معرفته بحساب ، ولم يأتنا به خبر ، كما سبق .
الأمر الثاني : أن هناك حقباً تاريخية مجهولة لا نعلمها ، ولا نعلم من عاش فيها ولا مدتها الزمنية .
فمثلاً المدة بين آدم ونوح عليهما السلام لا نستطيع القطع بمقدارها ، ولا نعلم شيئاً عن حالها ، وحال أهلها ، وقد ورد أن هذه المدة كانت عشرة قرون ، ولكن هذا ليس نصًّا في تحديدها ، لما سيأتي .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
" روى الحافظ أبو حاتم بن حبان في " صحيحه " : عن أبي أمامة رضي الله عنه ( أن رجلاً قال : يا رسول الله ، أنبي كان آدم ؟ قال : نعم ، مُكَلَّم . قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون ) . قلتُ ( ابن كثير ) : وهذا على شرط مسلم ، ولم يخرجه ... وعن ابن عباس قال : " كان بين آدم ونوح عشرة قرون ، كلهم على الإسلام " .
فإن كان المراد بالقرن مائة سنة ، كما هو المتبادر عند كثير من الناس ، فبينهما ألف سنة لا محالة ، لكن لا ينفي أن يكون أكثر باعتبار ما قيد به ابن عباس بالإسلام ؛ إذ قد يكون بينهما قرون أخر متأخرة لم يكونوا على الإسلام ، لكن حديث أبي أمامة يدل على الحصر في عشرة قرون ، وزادنا ابن عباس أنهم كلهم كانوا على الإسلام . وهذا يرد قول من زعم من أهل التواريخ ، وغيرهم من أهل الكتاب ، أن قابيل وبنيه عبدوا النار ، والله أعلم .
وإن كان المراد بالقرن الجيل من الناس ، كما في قوله تعالى : ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ ) الإسراء / 17 . وقوله : ( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ) المؤمنون / 31 ... وكقوله عليه السلام ( خير القرون قرني ... ) الحديث ، فقد كان الجيل قبل نوح يُعمَّرون الدهور الطويلة ، فعلى هذا يكون بين آدم ونوح ألوف من السنين ، والله أعلم " .
انتهى من " البداية والنهاية " ( 1 / 237 – 238 ) .
وكذلك المدة بعد قوم نوح وعاد وثمود ، وقبل إبراهيم عليه السلام ، هي فترة طويلة بنص القرآن ، لكننا لا نعلم عنها .
قال الله تعالى : ( وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ، وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ) الفرقان / 37 – 39 .
قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :
" أي : أهلكنا قوم نوح بالغرق ، وأهلكنا عاداً وثمود وأصحاب الرس ، وقروناً بين ذلك كثيراً ؛ أي : وأهلكنا قروناً كثيرة بين ذلك المذكور من قوم نوح وعاد وثمود .
والأظهر أن القرون الكثير المذكور : بعد قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وقبل أصحاب الرس ، وقد دلت آية من سورة " إبراهيم " على أن بعد عاد ، وثمود خلقاً كفروا وكذبوا الرسل ، وأنهم لا يعلمهم إلا الله جلّ وعلا .
وتصريحه بأنهم بعد عاد وثمود يوضح ما ذكرنا ، وذلك في قوله تعالى: ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) إبراهيم / 9 "
انتهى من " أضواء البيان " ( 6 / 359 ) .
ثم أصحاب الرس هؤلاء لا يُعلم متى عاشوا ، ولا كم كانت مدتهم .
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى :
" وأما أصحاب الرس فلم يأت في القرآن تفصيل قصتهم ولا اسم نبيهم . وللمفسرين فيهم أقوال كثيرة تركناها ؛ لأنها لا دليل على شيء منها " انتهى من " أضواء البيان " (6 / 360) .
وقد أخبرنا القرآن بأن هناك رسلاً عاشوا ولم يخبرنا عنهم بشيء .
قال الله تعالى : ( وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) النساء / 164
.
وقال الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) غافر / 78 .
فإذا كان الأمر كذلك فإنه يستحيل الحساب مع وجود هذه الحقب التاريخية الكثيرة المجهولة .
قال ابن حزم رحمه الله تعالى :
" وأما اختلاف النّاس في التّاريخ ، فإن اليهود يقولون : للدنيا أربعة آلاف سنة . والنّصارى يقولون : للدنيا خمسة آلاف سنة ، وأمّا نحن فلا نقطع على علم عدد معروف عندنا . ومن ادّعى في ذلك سبعة آلاف سنة أو أكثر أو أقل فقد كذب ، وقال ما لم يأت قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لفظة تصح
بل صحّ عنه عليه السّلام خلافه ، بل نقطع على أنّ للدنيا أمداً لا يعلمه إلّا الله عز وجل ، قال الله تَعَالَى ( مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ ) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا أَنْتُم فِي الْأُمَم قبلكُمْ إِلَّا كالشعرة الْبَيْضَاء فِي الثور الْأسود ، أَو كالشعرة السَّوْدَاء فِي الثور الْأَبْيَض ) هذا عنه عليه السّلام ثابت ، وهو عليه السّلام لا يقول إلّا عين الحق ، ولا يسامح بشيء من الباطل لا بإعياء ولا بغيره
فهذه نسبة من تدبرها وعرف مقدار أعداد أهل الإسلام ، ونسبة ما بأيديهم من معمور الأرض وأنه الأكثر ، علم أن للدنيا عدداً لا يحصيه إلّا الله تعالى ... – ثم قال ابن حزم - إلّا أَن لكل ذلك أولاً ومبدأ ولا بُدّ من نهاية ، لم يكن شيء من العالم موجوداً قبلها ، وللّه الأمر من قبل ومن بعد "
انتهى من " الفصل في الملل والأهواء والنِحَل " ( 2 / 257 - 258 ) .
ثالثاً :
فإن سألتَ ؛ ألا يمكن الاستعانة بالبحوث الأثرية واكتشافاتها لنعرف منها زمن بداية وجود الإنسان على هذه الأرض ؟
فالجواب :
هذه البحوث الأثرية ؛ وإن كانت تعتمد على تقنيات تستطيع تحديد عمر المكتشفات الأثرية إلا أنه تبقى هناك عقبات :
العقبة الأولى : هذه التقنيات لا تستطيع أن تعطي زمن المكتشفات الموغلة في القدم بالدقة المطلوبة ، وكلما كان الأثر أكثر قِدماً ، زادت نسبة الخطأ وصعب معرفة تاريخها .
العقبة الثانية : أن عملية الجمع بين هذه المكتشفات وتحليلها والمنهج المتبع للوصول إلى النتائج المرجوة منها ، هي كلها اجتهادات بشرية قابلة للخطأ والصواب ، ومعرضة لدخول الأهواء والاعتقادات فيها والتلاعب بنتائجها ، ولا يمكن لأحد من أصحاب هذه المناهج أن يزعم أن ما توصل إليه من نتائج هي حقائق علمية مطلقة ، قامت عليها البراهين التي يجب على الجميع التسليم بها .
العقبة الثالثة : أن ما توصلوا إليه من نظريات معرضة للتغيير أو للبطلان مع كل اكتشاف جديد ، والإنسان لم يحط علماً بكل ما في باطن الأرض من آثار .
والذي على المسلم أن يعتقده هو ما دلت عليه النصوص الشرعية ؛ أن لهذا الإنسان بداية على هذه الأرض ، وأن الله خالقه بعد أن كان عدماً ، وأن بداية هذا النوع الإنساني : هو آدم عليه السلام ، أبو البشرية . وأما زمن وجوده فهو من علم الغيب الذي لا ندركه ، ومن جزم بشيء من ذلك فهو رجم بالغيب وقول بلا علم .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-02, 02:32
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل ثبت أن إبليس دخل الجنة عن طريق
الحية ليوسوس لآدم وحواء عليهما السلام
السؤال:
وقع بين يدي كتاب مترجم إلى البنجالية اسمه " قصص الأنبياء " ووجدت فيه بعض التساؤلات . فقد ذكر فيه مثلاً أن الطاووس والثعبان ساعدا إبليس ضد أبينا آدم وأمّنا حواء قبل أن ينزلا إلى الأرض ، فما صحة ذلك ؟ لقد بحثت عن هذه القصة فوجدت كلاماً لابن عباس شبيهاً بهذا .
الجواب :
الحمد لله
ذكر غير واحد من المفسرين أن إبليس لما أراد أن يدخل الجنة ، ليستزل آدم وحواء عليهما السلام ، فدَخل في جوف الحية ، فلما دخلت الحية الجنة ، خرج إبليس من جوفها .
وقيل : إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض أيُّها يحمله ، حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم وزوجته ، فكلّ الدواب أبى ذلك عليه ، حتى كلّم الحية ، فقال لها : أمنعك من ابن آدم ، فأنت في ذمتي إن أنت أدخلتِني الجنة . فجعلته بين نابين من أنيابها ، ثم دخلت به ، فكلمهما من فيها .
وقيل : إن الْحَيَّةَ كَانَتْ خَادِمَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَنَّةِ ، فَخَانَتْهُ بِأَنْ مَكَّنَتْ عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ نَفْسِهَا ، وَأَظْهَرَتِ الْعَدَاوَةَ لَهُ هُنَاكَ ، فَلَمَّا أُهْبِطُوا تَأَكَّدَتِ الْعَدَاوَةُ ، وَجُعِلَ رِزْقُهَا التُّرَابَ ، وَقِيلَ لَهَا : أَنْتِ عَدُوُّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ أَعْدَاؤُكِ ، وَحَيْثُ لَقِيَكِ مِنْهُمْ أَحَدٌ شَدَخَ رَأْسَكِ .
انظر : " تفسير عبد الرزاق " (2/75) ، " تفسير الطبري " (1/526) ، (1/530) ، " تفسير ابن عطية " (1/128) ، " تفسير ابن كثير " (1/236) ، " تفسير القرطبي " (1/313) .
وهذا كله من الإسرائيليات التي لم يثبت منها شيء عن المعصوم .
قال ابن كثير رحمه الله :
" ذكر المفسرون من السلف كالسدي بأسانيده ، وأبي العالية ، ووهب بن منبه وغيرهم ، هاهنا أخبارا إسرائيلية عن قصة الحية ، وإبليس ، وكيف جرى من دخول إبليس إلى الجنة ووسوسته "
انتهى من " تفسير ابن كثير " (1/236) .
وقال المطهر بن طاهر المقدسي رحمه الله :
" زعم القصاص وأهل الكتاب مراجعات كثيرة وعجائب في هذه القصة ، وأن إبليس عرض نفسه على دواب الأرض كلها فأبت ذلك ، حتى كلم الحية وقال : أمنعك من ابن آدم وأنت في ذمتي إن أدخلتني الجنة ، فجعلته في فمها أو بين نابيها ، وكانت الحية من أحسن الدواب وخزان الجنة ، فكلّمهما من فيها ... وفيما قص الله تعالى في القرآن كفاية عن زيادة رواية غيره "
انتهى مختصرا من " البدء والتاريخ " (2/95-96) .
ومثل هذه الإسرائيليات لا يوثق بها ، ولا يعول عليها ، ولا يحتج بها ، ونكتفي بما ورد في الكتاب المجيد لا نزيد عليه ، قال تعالى : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ) طه/120 .
ولا نعلم شيئا من ذلك يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، وإنما هو شيء يروى عن وهب بن منبه وأبي العالية ومحمد بن قيس والسدي وغيرهم ممن أخذ ذلك عن أهل الكتاب .
وأما ما رواه الطبري في " تفسيره " (1/530) :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن ليث بن أبي سُليم ، عن طاوس اليماني ، عن ابن عباس ، قال : " إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض أيُّها يحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم وزوجته ، فكلّ الدواب أبى ذلك عليه ، حتى كلّم الحية ... " الحديث ، وفيه : قال ابن عباس : " اقتلوها حيث وَجَدتُموها ، أخفروا ذمَّةَ عدوّ الله فيها "
.
فهذا إسناد ضعيف جدا ، ليث بن أبي سليم ، قال الحافظ في التقريب (ص 464) : " صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك " .
وابن حميد ، هو محمد بن حميد الرازي ، كذبه أبو زرعة وإسحاق الكوسج ، وجاء عن غير واحد أنه كان يسرق الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة .
انظر : " ميزان الاعتدال " (3/530) .
وروى ابن أبي حاتم في " تفسيره " (5/1450) عَنِ السُّدِّيِّ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " فَآتَاهُمَا إِبْلِيسُ فَقَالَ : ( مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ) ، فَلَمْ يُصَدِّقَاهُ حَتَّى دَخَلَ فِي جَوْفِ الْحَيَّةِ فَكَلَّمَهُمَا " وهذا إسناد ضعيف ، لجهالة الراوي عن ابن عباس .
والخلاصة :
أن مثل هذا مما لا يعول عليه ، لأنه متلقى عن الإسرائيليات ، وأحاديث أهل الكتاب ، وما يروى فيه عن ابن عباس لا يصح عنه .
والله أعلم .
,,,,,,,,,,,,,,
يسأل عن السبيل الذي وسوس به إبليس لأبينا آدم
السؤال
أخبرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أنه عندما رفض إبليس لعنه الله السجود لسيدنا آدم قام سبحانه وتعالى بطرده من الجنة . أريد من فضيلتكم توضيح أمر قد أشكل علي ، وهو كيف وسوس إبليس لسيدنا آدم وهو في الجنة ، مع أن الله تعالى طرده ؟ جزاك الله كل خير .
الجواب
الحمد لله
أولا :
لا نرى للسائل الكريم ، ولا لغيره من المسلمين الاشتغال كثيرا بتفاصيل القصص التي طوى القرآن ذكرها ، ولم يَرِد بها أثرٌ صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ لو كان فيها كبير فائدة أو حكمة لذكرها الله عز وجل في كتابه ، أو علَّمها الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه ، فلا ينبغي للمسلم أن ينشغل بالمفضول عن الفاضل ، وبالفروع عن الأصول .
عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ) رواه البخاري (2408) ومسلم (593)
يقول ابن حجر في "فتح الباري" (3/342) :
" قال ابن التين : يحتمل أن يكون المراد السؤال عن المشكلات ، أو عما لا حاجة للسائل به ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( ذروني ما تركتكم ) قلت : وحمله على المعنى الأعم أولى " انتهى.
ثانيا :
ومن ذلك الخوض في تفاصيل الطريقة التي وسوس بها إبليس لعنه الله ، لأبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام ، فقد اقتصر القرآن الكريم على ذكر أصل الحادثة من غير تفصيل طبيعة الوسوسة ولا طريقتها ، وأوضح ما جاء في ذلك
قوله عز وجل :
( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ . وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) الأعراف/20-21
وقوله سبحانه :
( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ) طه/120
فإذا وقفنا مع ظاهر الآيات بدا لنا أن هذه الوسوسة كانت مشافهة ومخاطبة مباشرة ، وقد نقل بعض أهل العلم ذلك عن جمهور المفسرين ، فقال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (1/312) : " قال ابن مسعود وابن عباس وجمهور العلماء : أغواهما مشافهة ، ودليل ذلك قوله تعالى : ( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) ، والمقاسمة ظاهرها المشافهة " انتهى.
غير أن هذا الظاهر لا يفسر كيف استطاع إبليس أن يخاطب آدم وحواء بهذا الخطاب ، وهل كان على هيئته المعروفة أم تمثل لهما ، وهل دخل الجنة دخولا حقيقيا أم عارضا ، كل ذلك من الغيب الذي لا يمكننا أن نخوض فيه من غير أثارة من علم
إلا أن نذهب إلى ما روي عن بعض الصحابة والتابعين ، ومال إليه ابن جرير الطبري (1/532) ، وأصله من كلام وهب بن منبه عن علوم أهل الكتاب أنه : " لما أراد إبليس أن يستزلَّهما دَخل في جوف الحية ، وكانت للحية أربع قوائم كأنها بُخْتِيَّة ، من أحسن دابة خلقها الله ، فلما دخلت الحية الجنة ، خرج من جوفها إبليس " انتهى باختصار.
أو يقال بما قرره الشيخ الأمين الشنقيطي في "أضواء البيان" حين قال :
" والمفسرون يذكرون في ذلك قصة الحية ، وأنه دخل فيها فأدخلته الجنة ، والملائكة الموكّلون بها لا يشعرون بذلك ، وكل ذلك من الإسرائيليات ، والواقع أنه لا إشكال في ذلك ، لإمكان أن يقف إبليس خارج الجنة قريباً من طرفها ، بحيث يسمع آدم كلامه وهو في الجنة ، وإمكان أن يدخله الله إياها لامتحان آدم وزوجه ، لا لكرامة إبليس ، فلا محال - عقلاً - في شيء من ذلك ، والقرآن قد جاء بأن إبليس كلّم آدم ، وحلف له حتى غره وزوجه بذلك " انتهى .
وإنما يعنينا من ذلك أن نؤمن إيماناً لا شك فيه ، أن هذه القصة وقعت ، كما أخبرنا الله في كتابه ، وأن سوق العداوة قد قامت بين إبليس وجنده وآدم وذريّته : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً) الإسراء / 53 ، فاحذره كما حذّرك الله ، واستعن عليه بإخلاص الدين لله ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) ص/82-83 ، واحذر يا عبد الله أن تكون من حزب الغاوين ( قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) الحجر41-44 .
والله تعالى أعلم
.......
الموقف من الإسرائيليات
السؤال
ما موقفنا من الإسرائيليات ؟.
الجواب
الحمد لله
قال الشيخ الشنقيطي :
ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات في واحدة منها يجب تصديقه وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه ، وفي واحدة يجب تكذيبه وهي إذا ما دل القرآن والسنة على كذبه ، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق … وهي ما إذا لم يثبت في كتابٍ ولا سنَّة صدقه ولا كذبه .
وبهذا التحقيق تعلم أن القصص المخالفة للقرآن والسنة الصحيحة التي توجه بأيدي بعضهم زاعمين أنها في الكتب المنزلة يجب تكذيبهم فيها لمخالفتها نصوص الوحي الصحيح التي لم تحرف ولم تبدل والعلم عند الله تعالى .
" أضواء البيان " ( 4 / 203 ، 204 ).
*عبدالرحمن*
2018-04-02, 02:47
خلق الله الجبال ثابتة لتثبيت الأرض ومنعها من الحركة والاضطراب
السؤال:
هل هناك نص في القرآن أو السنة يشير إلى أنّ الجبال هامدة ولا تتحرك لأنني درست في علوم الأرض أنّ الجبال تتحرك ولكن بشكل لا يمكن ملاحظته؟ وإن لم يكن هناك نص في المسألة فما دليل بعض المفسرين الذين يقولون بهذا القول؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
حديث القرآن الكريم عن الجبال يبين أن الله تعالى خلقها ليثبت بها الأرض حتى لا تضطرب ولا تتحرك .
قال الله تعالى : ( وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ) الحجر ( 19 ) .
وقال تعالى :( وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ) الأنبياء ( 31 ) .
وقال تعالى : ( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) النبأ ( 6 – 7 ) .
وقال تعالى : (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) النازعات/32.
ووصْفُ الجبالِ بأنها (رَوَاسِيَ) وأن الله تعالى (أَرْسَاهَا) معناه أنها ثابتة . فإن هذا معنى كلمة (رسا) في اللغة العربية
. انظر القاموس المحيط (ص 1662) ولسان العرب (14/321) .
وهذا الإرساء لا ينكره علم الأرض ، فبحوثه تثبت أن الجبال راسية في الأرض ، وأنها تُثَبِّت الأرض ، وأن أصولها (جذورها) تحت سطح الأرض أطول من أجزائها الشامخة فوق السطح بعدة أضعاف .
ولذلك فإن الله تعالى ذكر أنه جعل الجبال أوتادا ، والوتد ما يكون منه في باطن الأرض أطول مما يكون خارجها ، وذلك مما يعطيه مزيدا من القوة حتى تثبت فيه حبال الخيمة .
وأما ما يذكره علم الأرض من أن الجبال تتحرك أفقيا عدة مليمترات كل سنة ، وأنها تتحرك رأسيا بزيادة ارتفاعها عن سطح الأرض أو نقصانه عدة مليمترات سنويا أيضا ، فهذه النظريات لا تنافي وصف الجبال بأنها ثابتة وراسخة ، لأنها حركة يسيرة جدا لا يمكن ملاحظتها إلا بالأجهزة بالغة الدقة ، وتظهر آثار تلك الحركة بعد ملايين السنين .
كذا قالوا !! والله أعلم بصدق ذلك ، وظواهر القرآن لا تساعد على ذلك كثيرا .
ثانيا :
مما يذكر هنا قوله تعالى : ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) النمل ( 88 ) .
فإن بعض المعاصرين ذهب إلى أن المراد بها الإشارة إلى دوران الأرض حول نفسها ، وأن الأرض إذا دارت ، دارت معها الجبال .
وهذا القول ليس بصواب ، بل الصواب في معنى الآية : أنها تتحدث عن يوم القيامة ، وأن الله تعالى ينسف الجبال ويزيلها عن مواضعها ، ويدل لذلك : سياق الآيات ، فإنها تتحدث عن يوم القيامة .
وأيضا : الآيات الأخرى التي جاءت في تسيير الجبال ، فإنها كلها تتحدث عن يوم القيامة .
قال الله تعالى :( وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ، وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) النمل ( 87 – 88 ) .
قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :
" قوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ ) معطوف على قوله: ( فَفَزِعَ ) ، وذلك المعطوف عليه مرتّب بالفاء على قوله تعالى: ( وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ ) الآية . أي : ويوم ينفخ في الصّور ، فيفزع من في السّماوات ، وترى الجبال . فدلّت هذه القرينة القرآنيّة الواضحة على أنّ مرّ الجبال مرّ السّحاب كائن يوم ينفخ في الصّور لا الآن " انتهى .
وقال أيضا :
" جميع الآيات الّتي فيها حركة الجبال كلّها في يوم القيامة ، كقوله تعالى : ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ، وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ) وقوله تعالى: ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ) وقوله تعالى : ( وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ) وَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ) "
انتهى من " أضواء البيان " ( 6 / 490 ) .
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى :
" وقوله : ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ) أي : تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه ، وهي تمر مر السحاب ، أي: تزول عن أماكنها ، كما قال تعالى: ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ، وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ) ، وقال : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ، فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ، لَّا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ) ، وقال تعالى : ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ) "
انتهى " تفسير ابن كثير " ( 6 / 217 ) .
والحاصل : أنه ليس في القرآن ما يدل على "إثبات حركة الجبال" ، وهي في دار الدنيا .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-02, 02:53
إشراقات علمية حول آيات الجبال
والرواسي في القرآن
د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
لو تكلمت بلسان حالي لعرفتموني، فأنا ابتداءً خلق عظيم شهدت ما لن تشهدوه أبدًا، شهدت آثار قدرة الخالق وهي تحيي الموتى؛ ليطمئن قلب أبيكم إبراهيم - عليه السلام - وها أنتم عاجزون عن إدراك كنه حقيقة الحياة والموت، بل أنتم غير قادرين على مجرد تعريف الحياة والموت.
أشهد أنه وحده الذي يحيي ويميت، وأنتم لن تخلقوا ذبابًا، أنا خلق تجلى له الله، نعم دكني الله دكًّا، ولكني شرفت بتجلي ربي لي، فقولوا عباد الله سبحان الله تبنا إليه؛ كما قال نبي الله موسى.
أقول لكم عباد الله:
خذوا أمر دينكم بقوة، وإلا نتقني الله فوقكم كأني ظلة تخشون أن تقع عليكم إن شاء ربي، أما رسالة التعريف الرابعة بي، فلا تركنوا إلى ما ترون من شموخي، فأنا أعجز من أن أكون عاصمًا لكم من دون الله، وإياكم أن تسلكوا مع الله سلوك الابن العاصي لنوح - عليه السلام - وأخيرا ها كم الرسالة الخامسة في التعريف بي، أنا أخشع وأتصدع لو نزل على القرآن، وأنا في نظركم جماد، فما بالكم أيها الأحياء لا تخشعون لآيات القرآن، ولم لا تنكسرون تذللاً لربكم الكريم.
لو عرفتم ما يعرفه العالمون بعلوم الأرض من أن الخشوع (الإجهاد بلغة العلم)، يسبق التصدع، لعلمتم دقة إحكام كلمات الله، تلك هي خمس مواضع ذكر فيها اسمي مفردًا في كتاب الله بلفظ جبل.
شرفني الله بذكري مفردًا، وشرفني بذكري جمعًا، فكان حديث الإفراد (جبل) باعتباري شاهدًا على عظمة الخالق، وكان ذكري جمعًا (الجبال) شهادة على إشراقات يشهد بها علماء علوم الأرض الذين يخشون الله، في كلمات ربي في كتابه العزيز وصف لي في الدنيا، ووصف لي قبل وعند قيام الساعة.
ذكرني ربي بصيغة الجمع، وستجدون في كتاب الله كيف خلقت الجبال، وكيف نصبت، وكيف رست، وكيف ألقيت، وكيف جعلت لأرضكم ميزان يحفظ كوكبكم من الاضطراب، وصف جنسي من الجبال في القرآن بالشموخ الذي بسببه سقاكم الله ماءً فراتًا.
وبعد وصفي الذي يعجِز العلماء عن الإتيان بمثله، يخبركم ربكم أن الرواسي الشامخات والجبال الأوتاد والجدد مختلفة الألوان، والغرابيب شديدة السواد، ومناكب الأرض التي تمشون فيها؛ لتأكلوا من رزق الله، مع كل مظاهر القدرة في خلقي، فمصيري الفناء؛ حيث أُسيَّر سيرًا، وأُدَكُّ دكًّا، وأصير هباءً منبثًّا، فتزول الأوتاد وتصبح قاعًا صفصفًا، لا عوج فيها ولا أَمْتًا، سأصير كالعهن (الصوف)، أو كالعهن المنفوش (الصوف المصبوغ).
ما نفعني شموخي، فاعتبروا وارجعوا عن غروركم وتكبُّركم، فجميع الخلائق تفنى ويبقى صاحب الملك والملكوت.
في هذا البحث سنحاول استشراف العلم من الإشارات العلمية حول ثلاثين آية ذكرت فيها كلمة الجبال، وتسع آيات ذكرت فيها كلمة رواسي في القرآن الكريم، وسوف أناقش وجوه الإعجاز حول تلك الآيات في النقاط التالية:
1- الإعجاز التاريخي المتعلق بالجبال.
2- الإعجاز الوصفي للجبال.
3- سير ومرور الجبال وتقطيع الأرض.
4- إزالة الجبال.
5- ترتيب معجز في بيوت النحل.
6- أكنان من الجبال.
7- طول الجبال.
8- خرور الجبال.
9- شموخ الجبال والماء كمًّا وكيفًا.
10- الرواسي والأنهار.
11- رواسي فيها من فوقها.
12- اتِّزان الأرض بالجبال.
13- رسو الجبال.
14- جدد من الجبال.
المعنى اللغوي لكلمة جبل وجبال:
ورد في لسان العرب لابن منظور أن الجَبَل: اسم لكل وَتِدٍ من أَوتاد الأَرض، إِذا عَظُم وطال من الأَعلام والأَطواد والشَّناخِيب، وأَما ما صغُر وانفرد، فهو من القِنان والقُور والأَكَم، والجمع أَجْبُل وأَجْبال وجِبال.
وورد في موسوعة الويكيبديا (http://en.wikipedia.org/wiki/Mountain) ما يلي حول تعريف الجبل:
There is no universally accepted definition of a mountain. Elevation, volume, relief, steepness, spacing and continuity have been used as criteria for defining a mountain.[1] In the Oxford English Dictionary a mountain is defined as "a natural elevation of the earth surface rising more or less abruptly from the surrounding level and attaining an altitude which, relatively to the adjacent elevation, is impressive or notable."[1]
Whether a landform is called a mountain may depend on local usage. The highest point in San Francisco, California, is called Mount Davidson, notwithstanding its height of 300 m (980 ft), which makes it twenty feet short of the minimum for a mountain by American designations.[citation needed] Similarly, Mount Scottoutside Lawton, Oklahoma is only 251 m (823 ft) from its base to its highest point. Whittow's Dictionary of Physical Geography[2] states "Some authorities regard eminences above 600 m (2,000 ft) as mountains, those below being referred to as hills."
Within Great Britain and Ireland, a mountain is now usually defined as any summit at least 2,000 feet (or 610 metres) high,[3][4] whilst the official UK government's definition of a mountain is a summit of 600 metres or higher.[5] In addition, some definitions also include a topographical prominence requirement, typically 100 feet (30 m) or 500 feet (152 m).[6] For a while, the US defined a mountain as being 1,000 feet (304.8 m) or more tall. Any similar landform lower than this height was considered a hill. However, today, the United States Geological Survey (USGS) concludes that these terms do not have technical definitions in the US.[7]
وفي موسوعة الويكيبيديا: الموسوعة الحرة ورد أنه يوجد تعريف مقبول عالميًّا للجبل، وقد استخدم الارتفاع والحجم والكثافة والوعورة كمعايير لتسمية الجبل، ولكن جاء في قاموس أوكسفورد الإنجليزي أن "الجبل: هو عبارة عن ارتفاع طبيعي عن سطح الأرض، يرتفع أكثر أو أقل من سطع البحر؛ ليحقق مستوى ارتفاع نسبي عن الارتفاعات المجاورة له."
في الولايات المتحدة الأمريكية: استخدم التعريف القادم لتحديد مسميات الجبل عن غيره من المرتفعات:
♦ مسطح ارتفاعه 500 قدم يسمى سهلاً.
♦ نقطة ارتفاعها من 501-999 قدم يسمى تلاًّ.
♦ نقطة أعلى من 1000 قدم أو أكثر يسمى جبالاً.
تعريف آخر للمركز العالمي للرصد والحفظ كامبريدج، المملكة المتحدة: يعتبر الجبل جبلاً إذا كان:
♦ ارتفاعه على قاعدة بما لا يقل عن 2500م.
♦ ارتفاعه على قاعدة بين 1500-2500م مع ميل أكبر من 2 درجة.
♦ ارتفاعه على قاعدة بين 1000-1500م مع ميل أكبر من 5 درجات.
♦ إذا كان ارتفاعه أكثر من 300م وكان نصف قطره 7 كلم.
وحسب هذا التعريف، فإن الجبال تغطي 64 ٪ من قارة آسيا، و25 ٪ من قارة أوروبا، و22 ٪ من قارة أمريكا الجنوبية، و17 ٪ من قارة أستراليا، و3 ٪ في قارة إفريقيا، وعلى ذلك فإن 24 ٪ من مساحة الأرض الإجمالية جبلية، و10 ٪ من الناس يعيشون في المناطق الجبلية، ومعظم الأنهار في العالم تتغذى من المصادر الجبلية، وأكثر من نصف البشرية يعتمدون على الجبال في الحصول على المياه.
وحيث إنه لا يوجد تعريف محدد عالميًّا للجبل، وجب الاسترشاد بإشارات القرآن الكريم حول الجبل والجبال.
1- الإعجاز التاريخي المتعلق بالجبال:
وردت كلمة الجبال ثلاث مرات في معرض وصف البيوت المنحوتة في الجبال، على يد ثمود قوم صالح، وبينما ورد في سورة البقرة أن ثمود كانوا ينحتون الجبال عامة بيوتًا, فإن القرآن استخدم التبعيض (من الجبال) مرتين: الأولى منهما متعلقة بالفاصلة "آمنين"، والثانية متعلق بالفاصلة "فارهين".
وهنا يتجلى إعجاز بياني مُفاده أن ثمود كانوا قومًا بارعين في فن النحت، لدرجة أن لا يستعصي عليهم جميع مواد الجبال مهما اختلفت قَسوتها من الرخو إلى القاسي جدًّا؛ سواء كانت من الصخور الرسوبية، أو النارية، أو المتحولة بأنواعها المختلفة، فحينما كانوا يبحثون عن الأمان اختاروا أنواعًا مخصوصة من حجارة الجبال تصلح للسكن الآمن.
أما في حالة رغبتهم في إبراز براعتهم الحضارية الفائقة في فن النحت, فإن ثمود كانت تختار أنواعًا من حجارة الجبال التي تتحدى الزمن في ثباتها.
يقول تعالى في سورة البقرة: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 74].
ويقول تعالى في سورة الحجر:
﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 82].
في تفسير القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 82].
النحت في كلام العرب: البري والنجر، نحته ينحته (بالكسر) نحتًا؛ أي براه، والنحاتة البراية، والمنحت ما يُنحت به، وفي التنزيل أتعبدون ما تنحتون؛ أي: تنجرون وتصنعون، فكانوا يتخذون من الجبال بيوتًا لأنفسهم بشدة قوتهم.
آمنين؛ أي: من أن تسقط عليهم أو تخرب، وقيل: آمنين من الموت، وقيل: من العذاب.
وفي تفسير ابن كثير: وذكر تعالى: أنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين؛ أي: من غير خوف ولا احتياج إليها، بل أشرًا وبطرًا وعبثًا، كما هو المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر، الذي مر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ذاهب إلى تبوك، فقنع رأسه وأسرع دابَّته، وقال لأصحابه: "لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تبكوا، فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم".
وفي تفسير الطبري: يقول تعالى ذكره: وكان أصحاب الحجر، وهم ثمود قوم صالح، ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين من عذاب الله، وقيل: آمنين من الخراب أن تخرب بيوتهم التي نحتوها من الجبال، وقيل: آمنين من الموت.
وفي تفسير البغوي: وكانوا ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين من الخراب ووقوع الجبل عليهم.
وفي تفسير التحرير والتنوير: وجملة وكانوا ينحتون معترضة، والنحت: بَرْي الحجر أو العود من وسطه أو من جوانبه، و(من الجبال) تبعيض متعلق بـ(ينحتون)، والمعنى من صخر الجبال؛ لما دل عليه فعل (ينحتون) ص74 و(آمنين) حال من ضمير (ينحتون)، وهي حال مقدرة؛ أي: مقدرين أن يكونوا آمنين عقب نحتها وسكناها، وكانت لهم بمنزلة الحصون لا ينالهم فيها العدو.
*عبدالرحمن*
2018-04-02, 02:59
وفي تفسير فتح القدير: وكانوا ينحتون من الجبال بيوتًا: النحت في كلام العرب: البري والنجر، نحته ينحته بالكسر نحتًا؛ أي: براه، وفي التنزيل: ﴿ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ﴾ [الصافات: 95]؛ أي: تنجرون، وكانوا يتخذون لأنفسهم من الجبال بيوتًا؛ أي: يخرقونها في الجبال، وانتصاب آمنين على الحال؛ قال الفراء: آمنين من أن يقع عليهم، وقيل: آمنين من الموت، وقيل: من العذاب؛ ركونًا منهم على قوتها ووثاقتها.
https://b.top4top.net/p_821kuyqw1.jpeg (https://up.top4top.net/)
ويقول تعالى في سورة الشعراء:
﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾ [الشعراء: 149].
وفي تفسير ابن كثير: وقوله: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾، قال ابن عباس وغير واحد: يعني حاذقين، وفي رواية عنه: شرهين أشرين، وهو اختيار مجاهد وجماعة، ولا منافاة بينهما، فإنهم كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشرًا وبطرًا وعبثًا من غير حاجة إلى سكناها، وكانوا حاذقين متقنين لنحْتها ونقْشها، كما هو المشاهد من حالهم لمن رأى منازلهم.
وفي تفسير الجلالين: وتنحتون من الجبال بيوتًا فارهين: بطرين وفي قراءة فارهين حاذقين.
وفي تفسير الطبري: وَقَوْله: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾، يَقُول تَعَالَى ذِكْره: وَتَتَّخِذُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا، وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله: ﴿ فَارِهِينَ ﴾: فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة: ﴿ فَارِهِينَ ﴾ بِمَعْنَى: حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا، وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة: "فَرِهِينَ" بِغَيْرِ أَلِف، بِمَعْنَى: أَشِرِينَ بَطِرِينَ، وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى نَحْو اِخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته، فَقَالَ بَعْضهمْ: مَعْنَى فَارِهِينَ: حَاذِقِينَ.
تفسير القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾: النحت النجر والبري؛ نحته ينحته بالكسر نحتًا إذا براه، والنحاتة: البراية، والمنحت ما ينحت به، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع ﴿ فرهين ﴾ بغير ألف، فارهين حاذقين بنحتها؛ قاله أبو عبيدة، وروي عن ابن عباس وأبي صالح وغيرهما، وقال عبدالله بن شداد: فارهين: متجبرين، وروي عن ابن عباس أيضًا أن معنى فرهين بغير ألف: أشِرين بطِرين، وقاله مجاهد، ورُوي عنه شرِهين، الضحَّاك: كيِّسين، قتادة: معجبين؛ قاله الكلبي، وعنه: ناعمين، وعنه أيضًا: آمنين، وهو قول الحسن، وقيل: متخيرين.
https://f.top4top.net/p_821xshvr1.jpeg (https://up.top4top.net/)
2- الإعجاز الوصفي للجبال:
قبل أن يصف العلم الجبال وفقًا لطريقة نشأتها، يشير القرآن إلى الجبال التي تشبه الموج، وفي الواقع توجد الجبال المنثنية أو جبال التثني (folded mountains)، وهذه ما تعبر عنه الآية التالية والصورة المصاحبة؛ يقول تعالى: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 42، 43].
https://a.top4top.net/p_821zpeum1.jpeg (https://up.top4top.net/)
تفسير المنار: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ [هود: 42]؛ أي: تجري في أثناء موج يشبه الجبال في علوه وارتفاعه وامتداده، وهو ما يحدث في ظاهر البحر عند اضطرابه من التموج والارتفاع بفعل الرياح، ومن عرَف ما يحدث في البحار العظيمة من الأمواج عندما تُهيجها الرياح الشديدة، رأى أن المبالغة في هذا التشبيه غير بعيدة.
تفسير القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ الموج جمع موجة، وهي ما ارتفع من جملة الماء الكثير عند اشتداد الريح، والكاف للتشبيه، وهي في موضع خفض نعت للموج، وجاء في التفسير أن الماء جاوَز كل شيء بخمسة عشر ذراعًا.
تفسير ابن كثير: وقوله: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾؛ أي: السفينة سائرة بهم على وجه الماء، الذي قد طبق جميع الأرض، حتى طفت على رؤوس الجبال، وارتفع عليها بخمسة عشر ذراعًا، وقيل: بثمانين ميلاً، وهذه السفينة على وجه الماء سائرة - بإذن الله - وتحت كنَفه وعنايته وحراسته وامتنانه؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 11، 12].
تفسير البغوي: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾: والموج ما ارتفع من الماء إذا اشتدت عليه الريح، شبهه بالجبال والموج: ما يرتفع من الماء على سطحه عند اضطرابه، وتشبيهه بالجبال في ضخامته، وذلك إما لكثرة الرياح التي تعلو الماء، وإما لدفع دفقات الماء] ص [75الواردة من السيول، والْتقاء الأودية الماء السابق لها، فإن حادث الطوفان ما كان إلا عن مثل زلازل تفجَّرت بها مياه الأرض وأمطار جمَّة تلتقي سيولها مع مياه العيون، فتختلط وتجتمع وتصب في الماء الذي كان قبلها، حتى عم الماء جميع الأرض التي أراد الله إغراق أهلها في عظمه وارتفاعه على الماء.
تفسير التحرير والتنوير:
3- سير ومرور الجبال وتقطيع الأرض:
﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88].
تفسير القرطبي: قوله تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب: قال ابن عباس: أي قائمة، وهي تسير سيرًا حثيثًا، قال القتبي: وذلك أن الجبال تُجمَع وتُسيَّر، فهي في رؤية العين كالقائمة وهي تسير، وكذلك كل شيء عظيم، وجمع كثير يقصر عنه النظر، لكثرته وبُعد ما بين أطرافه، وهو في حسبان الناظر كالواقف وهو يسير.
قال القشيري: وهذا يوم القيامة؛ أي: هي لكثرتها كأنها جامدة؛ أي: واقفة في مرأى العين، وإن كانت في أنفسها تسير سير السحاب - والسحاب المتراكم - يظن أنها واقفة وهي تسير؛ أي: تمر مر السحاب؛ حتى لا يبقى منها شيء.
وهي تمر مر السحاب: تقديره: مرًّا مثل مر السحاب، فأُقيمت الصفة مقام الموصوف والمضاف مقام المضاف إليه، فالجبال تزال من أماكنها من على وجه الأرض، وتجمع وتسير كما تسير السحاب، ثم تكسر فتعود إلى الأرض.
تفسير ابن كثير: وقوله: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب؛ أي: تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر مر السحاب؛ أي: تزول عن أماكنها.
تفسير الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: يقول تعالى ذكره: (وترى الجبال يا محمد تحسبها قائمة، وهي تمر، كالذي حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن-ص506- ابن عباس قوله: وترى الجبال تحسبها جامدة: يقول: قائمة، وإنما قيل: وهي تمر مر السحاب؛ لأنها تجمع ثم تسير، فيحسب رائيها لكثرتها أنها واقفة، وهي تسير سيرًا حثيثًا؛ كما قال الجعدي.
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: بعض الناس قد زعم أن قوله تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، يدل على أن الجبال الآن في دار الدنيا يحسبها رائيها جامدة؛ أي: واقفة ساكنة غير متحركة، وهي تمر مر السحاب، والنوعان المذكوران من أنواع البيان، يبينان عدم صحة هذا القول، أما الأول منهما - وهو وجود القرينة الدالة على عدم صحته - فهو أن قوله تعالى: وترى الجبال معطوف على قوله: ففزع، وذلك المعطوف عليه مرتب بالفاء على قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ ﴾ [النمل: 87]؛ أي: ويوم ينفخ في الصور، فيفزع من في السموات وترى الجبال، فدلت هذه القرينة القرآنية الواضحة على أن مر الجبال مر السحاب كائن يوم ينفخ في الصور، لا الآن، وأما الثاني - وهو كون هذا المعنى هو الغالب في القرآن - فواضح؛ لأن جميع الآيات التي فيها حركة الجبال كلها في يوم القيامة؛ كقوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ﴾ [الطور: 9، 10]، وقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ﴾ [الكهف: 47]، وقوله تعالى: ﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ﴾ [النبأ: 20]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾ [التكوير: 3].
*عبدالرحمن*
2018-04-02, 03:07
https://f.top4top.net/p_821xfa1l1.jpeg (https://up.top4top.net/)
﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31].
https://d.top4top.net/p_821eyiav1.jpeg (https://up.top4top.net/)
4- سير إزالة الجبال: ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إبراهيم: 46].
https://a.top4top.net/p_8211cz8z1.jpeg (https://up.top4top.net/)
5- ترتيب معجز في بيوت النحل: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾ [النحل: 68].
https://c.top4top.net/p_821vajgy1.jpeg (https://up.top4top.net/)
6- أكنان من الجبال:
https://f.top4top.net/p_821ceagw1.jpeg (https://up.top4top.net/)
7- طول الجبال:
﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيد ﴾ [ق: 1].
واختلف في معنى "ق" ما هو؟ فقال ابن زيد وعكرمة والضحاك: هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء اخضرت السماء منه، وعليه طرفا السماء، والسماء عليه مقبية، وما أصاب الناس من زمرد كان مما تساقط من ذلك الجبل، ورواه أبو الجوزاء عن عبدالله بن عباس.
قال الفراء: كان يجب على هذا أن يظهر الإعراب في " ق "; لأنه اسم وليس بهجاء، قال: ولعل القاف وحدها ذكرت من اسمه؛ كقول القائل:
قلت لها قفي، فقالت: قاف.
https://e.top4top.net/p_821dnljk1.jpeg (https://up.top4top.net/)
8- خرر الجبال:
﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴾ [مريم: 90].
https://e.top4top.net/p_821svevx1.jpeg (https://up.top4top.net/)
.
*عبدالرحمن*
2018-04-02, 03:21
9- شموخ الجبال والماء كمًّا وكيفًا:
https://d.top4top.net/p_821u01y81.jpeg (https://up.top4top.net/)
10- الرواسي والأنهار:
https://c.top4top.net/p_821ajvxl1.jpeg (https://up.top4top.net/)
:11- رواسي فيها من فوقها:
https://c.top4top.net/p_82129y2e1.jpeg (https://up.top4top.net/)
12- اتزان الأرض بالجبال:
https://f.top4top.net/p_822r6o731.jpeg (https://up.top4top.net/)
13- رسو الجبال:
https://c.top4top.net/p_822w09iv1.jpeg (https://up.top4top.net/)
14 : جُدَد من الجبال:
https://d.top4top.net/p_822nkl3h1.jpeg (https://up.top4top.net/)
.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
الفتاة السعيدة
2018-04-03, 23:50
بارك.الله.فيك
*عبدالرحمن*
2018-04-04, 16:56
بارك.الله.فيك
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات
انارتي واكثر اختي الفاضلة
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2018-04-04, 17:02
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
شبهات تثار حول الطوفان الذي كان
في زمن نوح عليه السلام
السؤال:
لطالما أرَّقني هذا السؤال ، بل وأرَّق على الأرجح معظم الشباب ، ولم نجد إلى الآن من يُجيب عنه إجابة مقبولة على المستوى الفكري ، ولم نستطع فهمه ولا استيعابه ، وأصبح البعض ينظر إلى الدين على أنه مجموعة قصص خيالية لا حقائق . السؤال ببساطة هو : هل كان فيضان نبي الله نوح عليه السلام عالمياً شاملاً ، هلك فيه جميع من في الأرض ، أم محليا ؟
فإن كان عالمياً فكيف استطاعت كل الحيوانات التكدس في سفينة واحدة ؟
معنى ذلك أن السفينة كان لا بد أن يكون حجمها على الأقل مئات الكيلو مترات المربعة ، وهذا بالطبع مستحيل لأنه لا يمكن بناء سفينة خشبية ، أو غير خشبية ، بهذه الصورة ، ولكن دعونا نفترض أنها كانت ممكنة الحدوث فكيف إذا استطاعت الحيوانات أن تختار وجهتها فهذه إلى استراليا وهذه إلى أمريكا ، وبالخصوص تلك الحيوانات النادرة التي لا توجد إلا في مكان واحد ، كالكنغر مثلاً في استراليا ؟
لا يبدوا الأمر منطقياً على الإطلاق ! أمّا إن قيل إن الحيوانات كلها بدأت من نقطة واحدة فكيف نفسر عندئذ هذا التنوع العجيب في مملكة الحيوان ، واختصاص كل قارة بحيوانات لا توجد في غيرها من القارات . والأهم من هذا كله : هل كان هناك على الأرض ماء كاف لتغطية الأرض كلها وإحداث هذا الفيضان العظيم ؟!
وان قيل إنه كان فيضاناً محلياً ، فسنقول إن هذا يعارض ظاهر القرآن ، لأن السياق القرآني يوحي بأنه كان فيضاناً كونياً والدليل على ذلك أن كل الجبال بما في ذلك الجبال الشاهقة كانت تحت الماء (بالإشارة إلى قصة بن نوح) ، وقد مات كل كافر على الأرض آنذاك..الخ . فأرجو منكم التوضيح ، وأسأل الله أن يعفو عني لجهلي وزللي وأن يهديني إلى الحق .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
من الإنصاف للحقيقة أن يعلم الناظر والباحث ، أن العالم إذا ألف كتابا واحتوى علما كثيرا ثم بعد ذلك اطلعوا على مكان واحد من كتابه يصعب على الفهم ، فالمتعارف عليه عند جميع العقلاء ، والذي تقتضيه الموضوعية العلمية أنّ هذا الكتاب لا يُطعن فيه ، ولا يُطرح جميع ما فيه من علم ، بمجرد وجود هذه الصعوبة ، بل عليه أن يستعمل الأدوات المناسبة لفهم ما يشكل عليه ، وحل معضلات الكلام .
وهذا في كلام البشر ؛ فكيف بكتاب مثل " كتاب الله " جل جلاله ، وقد مر عليه من القرون ما مر ، وآمن به من العقلاء من آمن ، وعاداه من البشر من عاداه ، وسعوا إلى الطعن فيه بكل سبيل ؛ فلم يستطيعوا أن يأتوا فيه بطائل ؛ بل يضطر المنصفون منهم إلى الإقرار بفضل هذا الكتاب ، وعظيم شأنه ، ومنهم من شرح الله صدره للإيمان به ، بعدما جهد طويلا ليطعن فيه !!
ثانياً :
القصص في القرآن : جاءت لمقاصد إيمانية ودعوية أشار القرآن إليها بوضوح منها :
1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وقلوب المؤمنين عند الشدائد :
قال الله تعالى : ( وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) هود/ 120 .
2- للتدليل على أن هذا القرآن من الله تعالى المحيط بكل شيء علما ، والعالم بما كان وبما سيكون ، كما قال الله تعالى بعد ذكره لقصة نوح عليه السلام :
( تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود / 49 .
فالقرآن يذكر من الحادثة ما يحقق المقصود الدعوي والإيماني منها
كما نرى في قصة نوح عليه السلام مع قومه ، فقد كان التركيز على جهد نوح في دعوته ، وبيان مدى إعراض قومه عن الحق ، ثم بيّن الله العقاب الذي لحق هؤلاء القوم المعرضين عن الحق ، وذكر لنا من صفات هذا العقاب ما نستطيع أن نأخذ منه صورة عامة لهوله ، أما باقي تفصيلاته التي لا تفيدنا فلم يتعرض لها القرآن .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
" ففي القرآن الكريم أشياء كثيرة لم يبيِّنها الله لنا ولا رسوله ، ولم يثبت في بيانها شيء ، والبحث عنها لا طائل تحته ولا فائدة فيه .
وكثيرٌ من المفسرين يطنبون في ذكر الأقوال فيها بدون علم ولا جدوى ، ونحن نُعرض عن مثل ذلك دائماً ، كلون كلب أصحاب الكهف ، واسمه ، وكالبعض الذي ضرب به القتيل من بقرة بني إسرائيل ، وكاسم الغلام الذي قتله الخضر ، وأنكر عليه موسى قتله ، وكخشب سفينة نوح من أي شجر هو ، وكم طول السفينة وعرضها ، وكم فيها من الطبقات ، إلى غير ذلك مما لا فائدة في البحث عنه ، ولا دليل على التحقيق فيه "
انتهى من " أضواء البيان " (4/58) .
فالأولى أن نترك التدقيق في المعلومات التي لم يذكرها القرآن ولا السنة عن هذا الطوفان وذلك لسببين :
1- عدم وجود الفائدة من ذلك التدقيق ، فلو كان فيه فائدة لأخبرنا به القرآن أو السنة .
2- أن الأسانيد العلمية ، والأدلة التاريخية : لن توصلنا إلى نتيجة قطعية في مثل ذلك ؛ لأن واقع الحياة وتفاصيلها في ذلك الزمن البعيد جدا : مجهولة للإنسان ، وما يذكره العلم الحديث عن تلك الأزمان البعيدة في القدم : ليس كله من الحقائق العلمية المطلقة ، بل كثير منه هو نظريات وتفسيرات علمية ، قابلة للتغير والتخطئة والإبطال .
ثالثاً :
ظاهر النصوص القرآنية والذي عليه المفسرون أنه عمّ الأرض ، وصرح القرآن أيضا أنّ قوم نوح قد عمّهم الطوفان بماء هائل ، ولم ينج منهم إلا من ركب مع نوح في السفينة ، والبشرية اليوم هي من نسل نوح عليه السلام ، فهذا الذي يشير إليه القرآن ، أما كيف تمّ جمع هذه الحيوانات ، وكم طول السفينة ، وكم كانت كمية الماء وإلى أي مدى بالضبط وصل ؛ فلا يوجد نص قاطع من قرآن أو سنة على ذلك ، فلا نشغل بها أنفسنا .
قال الطاهر ابن عاشور رحمه الله :
" وعموم الطوفان هو مقتضى ظواهر الكتاب والسنة "
انتهى من " التحرير والتنوير " (23/131) .
والقرآن الكريم لم يخبر أن جميع الحيوانات التي كانت على ظهر الأرض يومئذ ، كانت معه في السفينة ، وإنما كان معه من كل صنف منها زوجان اثنان .
قال الله تعالى : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ) هود/40 .
قال الشوكاني رحمه الله -
في تفسير هذه الآية - : " أي : قلنا يا نوح ، احمل في السفينة من كلّ زوجين ، مما في الأرض من الحيوانات : اثنين ؛ ذكرا ، وأنثى "
انتهى من " فتح القدير " (2/ 565) .
فنوح عليه السلام لم يحمل جميع الحيوانات ، وإنما حمل من كل نوع منها اثنين ، ذكرا وأنثى ؛ ليحصل التوالد والنسل منهما بعد ذلك .
والحيوانات الكبيرة الحجم ليست بالكثيرة جدا في عالم الحيوان ، وعدد مثل هذا لا يحتاج إلى سفينة تصل إلى مئات الكيلومترات كما ذكر في السؤال .
ثم من قال ، وبأي دليل يقول : إن جميع الحيوانات التي يعرفها الناس اليوم ، الكبير منها والصغير ، كانت موجودة على ظهر الأرض في زمن الطوفان ، ليركب من كل من صنف منها : زوجان في تلك السفينة ، التي يفترض أنها لن تسع ذلك كله ؟!
وبأي دليل يمنع المانع من أن يكون الله تعالى قد خلق من الكائنات الحية ، ما خلق ، وأوجدها على ظهر الأرض ، بعد زمن الطوفان ، لا قبله ؟!
إن من يستشكل ذلك : يجب أولا أن يكون عنده تصور عن طبيعة الحياة في ذلك العصر ، ومدى التنوع الحيواني وأماكن انتشار الحيوانات ...الخ ، وهذا كله لا نملك عنه معلومات قاطعة وهي واقعة خارج التاريخ المعلوم للإنسان ، فالله وحده أعلم به .
رابعاً :
أما كيف كان في بلاد كذا من الحيوان ما لا يوجد في غيره ؟ وكيف توجه حيوان كذا إلى بلد ، دون غيره ... ؟
فجوابه سهل ميسور ؛ ألم تعلم أن الله تعالى خلق كل كائن حي ، وهداه إلى منافعه وما يصلح شأنه ؟!
فاستمع ـ يا عبد الله ـ إلى هذا الحوار الذي دار بين نبي الله موسى ، وعدو الله الجاحد : فرعون : ( قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى * مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى * وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى ) طه/49-56 .
فتأمل كيف دله موسى عليه السلام إلى أن الله جمع بين خلق الخلق ، وبين هدايته لما ينفعه ويصلح له شأنه .
وتأمل ، كيف دله ونبهه على آيات الخلق والإعادة بما حوله من أمر الكون ، والخلق ، والحياة والموت ، وتمهيد الأرض ، وإحيائها بالمطر ، ونبات الزرع منها !!
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
" أي : ربنا الذي خلق جميع المخلوقات ، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به ، الدال على حسن صنعه من خلقه ، من كبر الجسم وصغره وتوسطه ، وجميع صفاته ، ( ثُمَّ هَدَى ) كل مخلوق إلى ما خلقه له ، وهذه الهداية العامة المشاهدة في جميع المخلوقات ، فكل مخلوق تجده يسعى لما خلق له من المنافع ، وفي دفع المضار عنه ، حتى إن الله تعالى أعطى الحيوان البهيم من العقل ، ما يتمكن به من ذلك "
انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/590) .
ثم إن في عالمنا المشاهد اليوم بعض الحيوانات تهاجر المسافات الطويلة وتعود إلى أماكنها ولا تخطئها ، وبدراسة قريبة الغور لعالم الأسماك ، وعالم الطيور ، وعالم الحيوان كله : تقف من ذلك على ما يذهل العقل ، ويحير اللبيب ، ويدل الفطن على قدرة اللطيف الخبير !!
كيف تتعرف هذه الحيوانات على الطريق الصحيح لرحلاتها ، وكيف تنتبه للتوقيت المناسب للرحلة ؛ وكيف ، وكيف ؟!
الباحثون حاولوا الإجابة على هذه الأسئلة ؟
لكنّ الله أعطانا الجواب من قبل فقال تعالى : ( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) طه/50 .
ونعود ونذكر بما قلناه سابقا :
من أدرانا أن الله لم يخلق ما شاء من خلقه ، في زمان معين ، ومكان معين : ابتداء ؟!
ومن أين لنا العلم أن الله تعالى كان قد خلق جميع الكائنات الحية ، قبل طوفان نوح عليه السلام ؟!
ثمّ هذه القصة التي أشكلت عليك ، هي نفسها من الأدلة الواضحة على عظمة القرآن وأنه منزّل من الله تعالى ، وليس من قول البشر ، راجع مثلا كتاب موريس بوكاي " القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم " وكلامه عن موضوع الطوفان في القرآن الكريم .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-04, 17:05
هل غرق جميع من على الأرض بعد
الطوفان العظيم زمن نوح عليه السلام؟
السؤال
: هل غرق جميع من في الأرض - عدا من كان مع نوح - على ظهر السفينة عندما أرسل الله الطوفان ؟
وهل كل مَن في الأرض الآن يعتبرون مِن نسل مَن كان في السفينة ؟
الجواب :
الحمد لله
يدل صريح القرآن الكريم على أن جميع من على الأرض أغرقوا بالطوفان ، ولم ينج من البشر ولا من الحيوان إلا مَن حمله نوح عليه السلام معه في السفينة .
قال الله تعالى : (فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ) الشعراء/119-120 .
وقال عز وجل : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) هود/40 .
وقال تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) يونس/73 .
كما جاء النص في القرآن الكريم على أن الأرض إنما عمرت بعد ذلك من نسل ذرية نوح عليه السلام فقط ، وأما المؤمنون الذين نجوا معه في السفينة فلم تبق لهم ذرية ، فجميع أهل الأرض الآن من ذرية نوح عليه السلام .
قال الله تعالى : (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ . وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ . وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ . وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ . سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ . إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) الصافات/77-81 .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : لم تبق إلا ذرية نوح عليه السلام .
وقال قتادة في قوله : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ) قال : الناس كلهم من ذرية نوح عليه السلام .
"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (7/22) .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"وقد اختلف العلماء في عدة من كان معه في السفينة :
فعن ابن عباس رضي الله عنهما : كانوا ثمانين نفسا معهم نساؤهم . وعن كعب الأحبار : كانوا اثنين وسبعين نفسا ، وقيل : كانوا عشرة .
قال جماعة من المفسرين : ارتفع الماء على أعلى جبل بالأرض خمسة عشر ذراعا ، وهو الذي عند أهل الكتاب ، وقيل : ثمانين ذراعا ، وعَمَّ جميع الأرض طولها والعرض ، سهلها وحزنها وجبالها وقفارها ورمالها ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف ، ولا صغير ولا كبير .
قال الإمام مالك عن زيد بن أسلم : كان أهل ذلك الزمان قد ملؤوا السهل والجبل .
فإن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلا ولا عقبا سوى نوح عليه السلام . قال تعالى : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ) فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة ، وهم : سام وحام ويافث" انتهى باختصار .
"البداية والنهاية" (1/111-114) .
وقال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :
" ضمير الفصل في قوله : ( هُمُ الْبَاقِينَ ) للحصر ، أي : لم يبق أحد من الناس إلا من نجاه الله مع نوح في السفينة من ذريته ، ثم من تناسل منهم ، فلم يبق من أبناء آدم غير ذرية نوح ، فجميع الأمم من ذرية أولاد نوح الثلاثة ، وظاهر هذا أن من آمن مع نوح غير أبنائه لم يكن لهم نسل . قال ابن عباس :
لما خرج نوح من السفينة مات من معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءه . وبذلك يندفع التعارض بين هذه الآية وبين قوله في سورة هود : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) هود/40 ، وهذا جار على أن الطوفان قد عم الأرض كلها ، واستأصل جميع البشر ، إلا من حملهم نوح في السفينة" انتهى .
"التحرير والتنوير" (23/47) .
وأما قوله سبحانه وتعالى : ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) الإسراء/3 . وقوله عز وجل : (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) مريم/58.
فلا يدل على استمرار نسل المؤمنين الذين حملهم نوح عليه السلام معه ، بل المقصود أبناء نوح عليه السلام الذين استمر نسلهم دون باقي المؤمنين .
قال العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله : "قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) ، بين أن ذرية من حمل من نوح لم يبق منها إلا ذرية نوح في قوله : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ)" انتهى .
"أضواء البيان" (3/13) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-04, 17:10
يسأل عن الزمان
وهل هو مخلوق ؟
وهل يوجد في الجنة ؟
وهل يفنى الزمان ؟
السؤال:
ما هو المقصود من الزمان في الشرع ؟ وهل الزمان مخلوق من المخلوقات؟ وهل يوجد مكان لا تجد فيها الزمان؟
وهل يوجد الزمان في الجنة؟ وهل يفني الزمان؟ هذه الأسئلة منذ زمان تدور في ذهني ، لما قرأت تفسير سورة العصر .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
قال الله عز وجل :
( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )
قال ابن كثير رحمه الله :
" الْعَصْرُ : الزَّمَانُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ حَرَكَاتُ بَنِي آدَمَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ ، وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ :
هُوَ الْعَشِيُّ ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 457).
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" (والعصر) قيل : إن المراد به آخر النهار ؛ لأن آخر النهار أفضله ، وصلاة العصر تسمى الصلاة الوسطى ، أي : الفضلى كما سماها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك .
وقيل : إن العصر هو الزمان . وهذا هو الأصح ؛ أقسم الله به لما يقع فيه من اختلاف الأحوال ، وتقلبات الأمور، ومداولة الأيام بين الناس ، وغير ذلك مما هو مشاهد في الحاضر ، ومتحدث عنه في الغائب ، فالعصر هو الزمان الذي يعيشه الخلق ، وتختلف أوقاته شدة ورخاء ، وحرباً وسلماً ، وصحة ومرضاً ، وعملاً صالحاً وعملاً سيئاً ، إلى غير ذلك مما هو معلوم للجميع . أقسم الله به على قوله: (إن الإنسان لفي خسر) "
انتهى من "تفسير العثيمين" (ص 307) بترقيم الشاملة.
فالمقصود بالزمان هو المقدار الذي تقع فيه أعمال الناس ، وحركاتهم ، وجملة ذلك : هو عمرهم في هذه الحياة الدنيا .
ثانيا :
هذا الزمان هو من مخلوقات الله ؛ لأن الله تعالى خالق كل شيء ، فهو خالق الزمان وخالق المكان .
روى البخاري (4826) ، ومسلم (2246) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ ( بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ الزَّمَانُ ، فَإِنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَالزَّمَانُ هُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ؛ فَدَلَّ نَفْسُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ يُقَلِّبُ الزَّمَانَ وَيُصَرِّفُهُ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ
فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) ... وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِخَلْقِهِ الزَّمَانَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) وَقَوْلِهِ: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ... وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّهُ خَالِقُ الزَّمَانِ " انتهى باختصار من "مجموع الفتاوى" (2/ 491-50).
ثالثا :
لا يوجد في الدنيا مكان ليس فيه زمان ، بل ولا يتصور ذلك أيضا ، فالزمان والمكان متلازمان ، فالزمان هو مدة وجود هذا الخلق ، والمكان هو الحيز الذي تشغله المخلوقات حين وجودها ؛ فإذا لم تشغل حيزا ـ مكانا ـ فهذا معناه أنها : فنيت ، ولم تعد موجودة ، وكذلك إذا لم يجر عليها الزمان ؛ فهذا معناه أنها لم توجد أصلا .
قال شيخ الإسلام :
" لَا يَتَوَهَّمُ عَاقِلٌ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الزَّمَانُ ؛ فَإِنَّ الزَّمَانَ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ . وَالْحَرَكَةُ مِقْدَارُهَا مِنْ بَابِ الْأَعْرَاضِ وَالصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِغَيْرِهَا : كَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ . وَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ إنَّ خَالِقَ الْعَالَمِ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَعْرَاضِ وَالصِّفَاتِ الْمُفْتَقِرَةِ إلَى الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْيَانِ ؛ فَإِنَّ الْأَعْرَاضَ لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا بَلْ هِيَ مُفْتَقِرَةٌ إلَى مَحَلٍّ تَقُومُ بِهِ "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (2/ 492).
فالحدث الذي يقع لا بد له من زمان ومكان يقع فيهما ، فلا يتصور حدث بدون زمان ولا مكان ، فهذه الثلاثة متلازمة .
رابعا :
يوجد في الجنة زمان ، ولكن لا يقاس بزمان الدنيا ؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما : " لا يشبه شيءٌ مما في الجنة ما في الدنيا ، إلا الأسماء " وفي لفظ : " ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء "
انتهى من " تفسير الطبري" (1/392)
فكذلك الزمان وما يتعلق به في الآخرة : يختلف عنه في الدنيا .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" فتلك الحقائق التي في الآخرة ليست مماثلة لهذه الحقائق التي في الدنيا ، وإن كانت مشابهة لها من بعض الوجوه ، والاسم يتناولها حقيقة "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/ 207).
وقال شيخ الإسلام أيضا :
" من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ ، وقد قال تعالى ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ) آل عمران/ 190 ، ونحو ذلك في القرآن ، ومعلوم أن النهار تابع للشمس ، وأما الليل : فسواء كان عدم النور ، أو كان وجوديًّا عرضيًّا كما يقوله قوم ، أو أجسام سود كما يقوله بعضهم ، فالله جاعل ذلك كله
وهو سبحانه وتعالى كما قال عبد الله بن مسعود : " إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار ، نور السموات من نور وجهه ". وقد جاء في قوله تعالى ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ) أن أهل الجنة يعرفون مقدار البكرة والعشي بأنوار تظهر من جهة العرش ، فيكون بعض الأوقات عندهم أعظم نورًا من بعض ، إذ ليس عندهم ظلمة ، وهذه الأنوار المخلوقة كلها خلقها الله تعالى "
انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (2/ 284-286).
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) مريم/ 62 :
" أَيْ فِي مِثْلِ وَقْتِ البُكُرَاتِ وَوَقْتِ العَشِيَّاتِ ، لا أن هناك ليلا ونهارا ، وَلَكِنَّهُمْ فِي أَوْقَاتٍ تَتَعَاقَبُ ، يَعْرِفُونَ مُضِيَّهَا بِأَضْوَاءٍ وَأَنْوَارٍ "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (5/ 218).
فأهل الجنة لا يحتاجون إلى حساب الوقت كما يحتاجه أهل الدنيا ، والله تعالى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، وأوجد الحساب لتستقيم للناس عباداتهم ومعاملاتهم ، أما في الجنة فلا يحتاجون إلى شيء من ذلك .
خامسا :
أما زمان الدنيا فالظاهر أنه يفنى ، لفناء ما يتعلق به ويرتبط بحسابه ، وتوقف حركة الشمس والقمر ، قال تعالى : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) الرحمن/ 26، 27 .
وأما زمان الآخرة فلا يفنى ، قال تعالى عن أهل الجنة : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) النساء/ 57 .
وقال تعالى عن أهل النار : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) النساء/ 168، 169 .
وروى البخاري (4730) ومسلم (2849) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ - وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ - ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ - وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ - فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ .
سادسا :
ننصح الأخ السائل أن لا ينشغل بمثل هذه المسائل ، التي قد تورث الحيرة والاضطراب ، ولا يكون من ورائها كبير فائدة ، وأن ينشغل بما هو أجدى له وأنفع من السؤال عن الأحكام الشرعية التي يحتاجها إليها ، ومسائل الاعتقاد التي يؤمر بها ، وفواضل الأعمال التي يتقرب بها إلى ربه ، ونحو ذلك .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-04, 17:19
هل عبارة " لنضع يدنا بيد الزمن " جائزة ؟
وحكم سب الزمن
السؤال
(لنضع يدنا بيد الزمن) هل هذه الكلمة تعتبر محرمة باعتبار أن الله هو الدهر ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً:
ينبغي تصحيح فهم جملة " أن الله هو الدهر " ؛ لأن الخلل في فهمها أدى إلى استشكال العبارة الواردة في السؤال ، فنقول :
ثبت في السنَّة الصحيحة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ) متفق عليه .
وقد فُهم هذا الأمر خطأً من بعض الناس فظنوا أن " الدهر " من أسماء الله ، وليس الأمر كذلك ، بل " الدهر " هو الزمن ، وقد كان الجاهليون – ولا يزال لهم أتباع في هذا – يسبون الدهر ، ولم يكن أحد منهم يقصد سبَّ الله ، وكيف يقصدون سب الله وهو يقولون " قبَّح الله الدهر " ؟! وإنما نهي عن سبِّ الدهر ، ونُسب الدهر إلى الله : لأنه تعالى هو خالقه ومدبره ومصرِّفه .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
عن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تسبوا الدهر ؛ فإن الله هو الدهر ) ، فهل هذا موافق لما يقوله الاتحادية ، بيِّنوا لنا ذلك ؟ .
فأجاب :
الحمد لله ، قوله ( لا تسبوا الدهر ، فإن الله هو الدهر ) : مروي بألفاظ أخر كقوله : " يقول الله : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار ) ، وفي لفظ : ( لا تسبوا الدهر ؛ فإن الله هو الدهر ، يقلب الليل والنهار ) ، وفي لفظ : ( يقول ابن آدم يا خيبة الدهر وأنا الدهر ) .
فقوله في الحديث ( بيدي الأمر أقلب الليل والنهار ) يبيِّن أنه ليس المراد به أنا الزمان فإنه قد أخبر أنه يقلِّب الليل والنهار ، والزمان هو الليل والنهار . فدلَّ نفس الحديث على أنه هو يقلِّب الزمان ويصرِّفه ، كما دلَّ عليه قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) وإزجاء السحاب : سوقه ، والودق : المطر .
فقد بيَّن سبحانه خلقه للمطر وإنزاله على الأرض فإنه سبب الحياة في الأرض فإنه سبحانه جعل من الماء كل شيء حي ، ثم قال : ( يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) إذ تقليبه الليل والنهار : تحويل أحوال العالم بإنزال المطر ، الذي هو سبب خلق النبات والحيوان والمعدن ، وذلك سبب تحويل الناس من حال إلى حال ، المتضمن رفع قوم ، وخفض آخرين .
وقد أخبر سبحانه بخلقه الزمان في غير موضع كقوله : ( وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ )، وقوله : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ، وقوله : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ) ، وقوله : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) ، وغير ذلك من النصوص التي تبين أنه خالق الزمان ...
.
فليس في الحديث شبهة لهم ، لو لم يكن قد بيَّن فيه أنه سبحانه مقلب الليل والنهار ، فكيف وفي نفس الحديث أنه بيده الأمر يقلب الليل والنهار ... .
فقد أجمع المسلمون - وهو مما علم بالعقل الصريح - أن الله سبحانه وتعالى ليس هو الدهر الذي هو الزمان ، أو ما يجري مجرى الزمان ... .
" مجموع الفتاوى " ( 2 / 491 – 494 ) وقد اختصرنا كلامه رحمه الله .
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي – رحمه الله -
:
قوله : إن الله هو الدهر وهذا لا ينبغي لأحد من أهل الإسلام أن يجهل وجهه وذلك أن أهل التعطيل يحتجون به على المسلمين ، وقد رأيت بعض من يتهم بالزندقة والدهرية يحتج بهذا الحديث ويقول : ألا تراه يقول : فإن الله هو الدهر ؟! فقلت : وهل كان أحد يسب الله في آباد الدهر ؟ وإنما تأويله عندي - والله أعلم - : أن العرب كان شأنها أن تذمَّ الدهر ، وتسبَّه عند المصائب التي تنزل بهم من موت ، أو هرم ، أو تلف مال ، أو غير ذلك ، فيقولون : " أصابتهم قوارع الدهر " ، و " أبادهم الدهر " ، و " أتى عليهم الدهر " ، فيجعلونه الذي يفعل ذلك ، فيذمونه عليه ، وقد ذكروه في أشعارهم ... .
" غريب الحديث " ( 2 / 145 ) .
ثانياً:
وإذا تبين لك أخي السائل أن " الدهر " ليس من أسماء الله : علمتَ أنه لا إشكال في العبارة الواردة في السؤال ، وهي " لنضع يدنا بيد الزمن " ؛ إذ ليس المراد بذلك شيء يناقض الشرع ، وإنما هو أسلوب بلاغي .
وقد يكون عليه مؤاخذة من وجه آخر
فقد رأينا بعض من يستعمل هذه الكلمة يجعل " الزمن " متصرِّفاً بنفسه ، - وللأسف فكثير من عباراتهم فيها سب للزمن كقول بعضهم " بيد الزمن الظالم " ! - وبعضهم يطلق هذه اللفظة على الله تعالى ، وبعضهم يطلقها ويريد بها " القدَر " ، وهكذا تتنوع استعمالات الناس لها ،ولم نرَ هذه العبارة في كتب العلماء والأئمة ، والحكم عليها يكون بحسب موقعها من الجملة ، وبحسب ما يعتقده القائل فيها .
وقد يكون المقصود من العبارة الواردة في السؤال أن يكون الإنسان سائراً في حياته مع متغيرات الواقع والزمن ، ولا يكون مخالفاً لها ، وهذا معنى يحوي حقّاً وباطلاً ، ولا يمكن الحكم على العبارة إلا بمعرفة سياقها ومراد قائلها .
والله أعلم
..........................
لا يعد هذا من سب الدهر
السؤال :
بعض الأناشيد الإسلامية ، يذكر بها بعض الكلمات ، لا أدري إن كانت مباحة أم لا ؟
فمثلا هنالك نشيد يقال به ( و الله لو يمحو الزمان شمائلا سأظل وحدي طول عمري ثابتاً ) ، وقد سمعت : أن الله نهى عن سب الدهر ، فهل هذا الكلام مباح ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
هذا الحديث الذي أشار إليه السائل ، رواه البخاري (4826) ، ومسلم (2246) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ " .
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (7/419) : " قَالَ الْعُلَمَاء : وَهُوَ مَجَاز ، وَسَبَبه أَنَّ الْعَرَب كَانَ شَأْنهَا أَنْ تَسُبّ الدَّهْر عِنْد النَّوَازِل وَالْحَوَادِث وَالْمَصَائِب النَّازِلَة بِهَا مِنْ مَوْت أَوْ هَرَم أَوْ تَلَف مَال أَوْ غَيْر ذَلِكَ ، فَيَقُولُونَ : يَا خَيْبَة الدَّهْر ، وَنَحْو هَذَا مِنْ أَلْفَاظ سَبّ الدَّهْر ، فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَسُبُّوا الدَّهْر فَإِنَّ اللَّه هُوَ الدَّهْر " أَيْ لَا تَسُبُّوا فَاعِل النَّوَازِل ، فَإِنَّكُمْ إِذَا سَبَبْتُمْ فَاعِلهَا وَقَعَ السَّبّ عَلَى اللَّه تَعَالَى ؛ لِأَنَّهُ هُوَ فَاعِلهَا وَمُنْزِلهَا . وَأَمَّا الدَّهْر الَّذِي هُوَ الزَّمَان فَلَا فِعْل لَهُ ، بَلْ هُوَ مَخْلُوق مِنْ جُمْلَة خَلْق اللَّه تَعَالَى " انتهى .
قال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد على كتاب التوحيد" (2/240) :
" وسب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول : أن يقصد الخبر المحض دون اللوم ; فهذا جائز، مثل أن يقول : تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، وما أشبه ذلك ; لأن الأعمال بالنيات ، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر ، ومنه قول لوط عليه الصلاة والسلام : " هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ " هود/77 .
الثاني : أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل ، كأن يعتقد بسبه الدهر ، أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر، فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا ; لأنه نسب الحوادث إلى غير الله ، وكل من اعتقد أن مع الله خالقا ; فهو كافر ، كما أن من اعتقد أن مع الله إلها يستحق أن يعبد ، فإنه كافر .
الثالث : أن يسب الدهر لا لاعتقاده أنه هو الفاعل ، بل يعتقد أن الله هو الفاعل ، لكن يسبه لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده ; فهذا محرم ، ولا يصل إلى درجة الشرك ، وهو من السفه في العقل والضلال في الدين ; لأن حقيقة سبه تعود إلى الله - سبحانه - ; لأن الله تعالى هو الذي يصرف الدهر، ويُكَوِّن فيه ما أراد من خير أو شر، فليس الدهر فاعلا ، وليس هذا السب يُكَفِّر ; لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة " انتهى .
ثانياً :
ما جاء في هذا النشيد لا يعتبر سباً للدهر ؛ لأنه من باب الإخبار ، فهو إخبار بعزمه على الثبات على أخلاقه ومبادئه ، حتى وإن تغير حال غيره ، مع مرور الأيام والأزمان .
وهذا المعنى صحيح ، لا إشكال فيه .
وذكر ما يحدث في الدهر ، وما تنزل فيه من مصائب ، وكوارث ، وتقلب أحوال الناس فيه بين الخير والشر لا يعد سباً للدهر ، كما سبق .
وفي صحيح البخاري (7068) عن الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ : أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ الْحَجَّاجِ ، فَقَالَ : ( اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ ، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .
ولا يزال هذا الأمر – أعني فساد أحوال الزمان – يتتابع شيئا فشيئا ، وينقص العلم ، ويظهر الشح ويتغير الناس حتى لا يبقى في آخر الزمان إلا شرار الخلق ، يتهارجون تهارج الحُمُر ، وعليهم تقوم الساعة .
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ " رواه البخاري (6073) ، ومسلم (157) .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
الفتاة السعيدة
2018-04-04, 17:37
شكرا.وبارك.الله.فيك
*عبدالرحمن*
2018-04-07, 04:03
شكرا.وبارك.الله.فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
الشكر موصول لحضورك الاكثر من رائع
انارتي الصفحه بمرورك العطر مثلك
بارك الله فيكِ
*عبدالرحمن*
2018-04-07, 04:07
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل ذكرت الثقوب السوداء في قول
الله تعالى ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس )
السؤال:
ندرس حالياً في مادة العلوم عن الثقوب السوداء ( في الفضاء )، فهل يوجد لهذه الثقوب أي ذكر أو معلومات عنها في القرآن أو في السنة . فأنا أريد أن أشارك هذه المعلومات مع الطلاب في صفي ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
من الضروري في هذا الإطار التنبيه على أن القرآن الكريم نزل كتاب هداية للبشرية ، يدلهم على طريق الصلاح ، ويحذرهم من الفساد والغواية ، ويدعوهم إلى كل خير ، وينهاهم عن كل شر ، ولذلك فإن الإشارات الكونية في آيات القرآن الكريم لم تسق ليكون كتاب معلومات فضائية أو كونية
وإنما سيقت لغرض الدلالة على الغاية الأولى ، وهي الهداية ، فلا ينبغي للمسلم أن ينسى المقصد ، ويركز على الوسيلة ، فيظن أن هذا الكتاب العظيم إنما نزل وصفا دقيقا لمظاهر الكون وأجرام السماء ، وهذا ظن خاطئ أوقع كثيرا من الناس في المبالغة ، وجر إلى كثير من الجدال العقيم الذي سببه التكلف والتنطع في فهم آيات الله سبحانه .
ثانيا :
ومع ذلك ، نحن لا نرى أنه يجوز لأحد أن ينفي اشتمال القرآن الكريم على أوصاف دقيقة لمظاهر الكون وآيات السماء ، بل فيه من ذلك الكثير الطيب ، الذي يبهر العقول ، ويحير الألباب ، ولا يزال يتكشف للناس منه ما يدل على أنه كلام العليم الخبير ، الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، وأن مثل هذا الكلام ، لا يقدر على أن يأتي به أحد من البشر ، كائنا من كان .
ولكن يبقى السؤال عن مدى انطباق الآية ، أو النص القرآني ، مع اسم محدد من تلك المظاهر ، كالثقوب السوداء مثلا ، ومن الذي يملك حق الجزم بأن دلالة الآية تنطبق عليها .
ثالثا :
وهنا نقول : إن الآية التي يشير إليها كثير من الباحثين المعاصرين أن المقصود بها " الثقوب السوداء " هي قول الله عز وجل : ( فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ . الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ) التكوير/15-16 ، فقد ذهب جمهور المفسرين من السلف وأصحاب المصنفات إلى أن المقصود بها ( النجوم ) ، وأن المقصود بالخنس والكنس : هو ظهورها بالليل ، وغيابها بالنهار .
فقد روى ذلك الإمام الطبري عن علي بن أبي طالب ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد ، وبكر بن زيد ، كما في " جامع البيان " (24/251-252) على اختلاف طويل في شأن الخنس والكنس ، وهل بينهما فرق ، أم هما مترادفان ، يدلان على شيء واحد ، مع اختلاف وصفه فقط .
وذكر أقوالا أخرى عن مدرسة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، يقول فيها إن المقصود : بقر الوحش ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما تفسيرها بالظباء .
ثم قال الطبري رحمه الله :
" أولى الأقوال في ذلك بالصواب : أن يقال : إن الله تعالى أقسم بأشياء تخنس أحيانا : أي تغيب وتجري أحيانا ، وتكنس أخرى ، وكنوسها : أن تأوي في مكانسها ، والمكانس عند العرب : هي المواضع التي تأوي إليها بقر الوحش والظباء ، واحدها : مَكْنِس وكِناس .
فالكناس في كلام العرب ما وصفت ، وغير مُنكر أن يستعار ذلك في المواضع التي تكون بها النجوم من السماء ، فإذا كان ذلك كذلك ، ولم يكن في الآية دلالة على أن المراد بذلك النجوم دون البقر ، ولا البقر دون الظباء ، فالصواب : أن يُعَمّ بذلك كلّ ما كانت صفته الخنوس أحيانا والجري أخرى ، والكنوس بآنات ، على ما وصف جلّ ثناؤه من صفتها "
انتهى من " جامع البيان " (24/254) .
رابعا :
أخذ بعض الباحثين المعاصرين بالقول الأول ، وأن المراد بالآية وصف النجوم التي تسير في هذا الكون الفسيح ، لكن قالوا : إن وصفها بأنها خنس ، وجوار كنس ، ينطبق ، أكثر ما ينطبق ، على نوع خاص من هذه النجوم ، تسمى " الثقوب السوداء " .
قالوا :
" سميت بالثقوب لقدرتها الفائقة على ابتلاع كل ما تمر به ، أو يدخل في نطاق جاذبيتها ، من مختلف صور المادة والطاقة ، من مثل الغبار الكوني ، والغازات ، والأجرام السماوية المختلفة . ووصفت بالسواد لأنها معتمة تماما ، لعدم قدرة الضوء علي الإفلات من مجال جاذبيتها
على الرغم من سرعته الفائقة المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية (299792,458 كم/ ث) وقد اعتبرت الثقوب السود مرحلة الشيخوخة في حياة النجوم ، وهي المرحلة التي قد تسبق انفجارها وعودة مادتها إلى دخان السدم ، دون أن يستطيع العلماء حتى هذه اللحظة معرفة كيفية حدوث ذلك "
انتهى من مقال للدكتور زغلول النجار .
ونحن لا نرى مانعا من أن يكون ذلك القول محتملا ، وأن يكون الآية تدل عليه ، إما على وجه العموم لها ولغيرها ، مما يصح أن ينطبق عليه هذا الوصف ، كما هي طريقة الإمام الطبري السابق ذكرها ، وأصله في الآية ، وهو جار على مذهب من يصحح دلالة المشترك على أكثر من معنى في السياق الواحد ، وهو اختيار الشافعي وغيره من الأصوليين .
وإما على أن يكون المراد من هذا اللفظ العام : بعض أفراده
كما هي طريقة من يرى أن الآية تدل على شيء واحد من الأقوال السابقة ، والباحثون في إعجاز القرآن ، لم يخرجوا هنا عن ذلك الأصل ، ولم يأتوا بقول جديد كل الجدة ، بل ذهبوا إلى أن المراد بهذا اللفظ العام : بعض أفراده فقط ، وليس كل ما ينطبق عليه هذا الوصف .
ثم أضافوا فردا جديدا ، ليس بخارج ، كلية ، عن الأقوال السابقة .
ثم إن هذا القول ، لم يخرج أيضا عن مقتضى لغة العرب في معنى " الخنس" و" الكنس " ، كما سبق ذكره ، وإن كان قد أضاف تحديدا جديدا ، أو دلل على دخول " فرد " جديد ، في ضمن " أفراد " اللفظ " العام " : الخنس ، والكنس .
يقول ابن فارس رحمه الله :
" ( كنس ) الكاف والنون والسين أصلان صحيحان :
أحدهما : يدل على سفر شيء عن وجه شيء ، وهو كشفه .
والأصل الآخر : يدل على استخفاء .
فالأول : كَنس البيت ، وهو سفر التراب عن وجه أرضه . والمِكنسة : آلة الكنس . والكُناسة : ما يكنس .
والأصل الآخر : الكناس : بيت الظبي . والكانس : الظبي يدخل كناسه . والكنس : الكواكب تكنس في بروجها كما تدخل الظباء في كناسها . قال أبو عبيدة : تكنس في المغيب "
انتهى من " معجم مقاييس اللغة " (5/141) .
فقالوا : يمكن تفسير ( الكُنَّس ) على أنها جمع ( كانس ) على صيغة المبالغة ، بمعنى كأنها آلة للكنس ، تسفر وتزيل الشيء عن وجه شيء آخر وتكشفه .
وهذا كله على فرض ثبوت وجود هذا النوع من النجوم ( الثقوب السوداء )، وإلا فدلالة الآية لا تتوقف على نتائج العلوم الكونية وعلوم الفضاء ، بل هي دلالة كاملة واضحة بحمد الله ، كما ثبت نقله عن أئمة التفسير
ولو ثبتت يقينا حقيقة تلك ( الثقوب السوداء ) فغايتها أنها تفصيل لأنواع النجوم التي تنطبق عليها الآية الكريمة ، أو ذكر لقول محتمل ، ليس من الصواب في شيء : القطع بأنه الآية تدل عليه ، ولا تدل على شيء سواه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-07, 04:12
هل يخلق الله تعالى الجنين مباشرة
أم يرسل ملكا ليقوم بخلقه ؟
السؤال:
هل يخلق الله تعالى الجنين مباشرة أم يرسل ملكا ليقوم بخلقه ، وعندما ينفخ الملك في الجنين : الروح هل هذه الروح من الله ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الله تعالى هو الخالق البارئ ، لا يوجد خالق غير الله ، قال عز وجل : ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ) الفرقان/ 2 ، وقال سبحانه : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) الزمر/ 62 ، وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) فاطر/ 3
والله تعالى هو الذي يخلق الجنين في بطن أمه ، قال تعالى : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) الزمر/6 .
وهو الذي يصوره كيف يشاء ، قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران/6 .
ويكون خلقه على أطوار ؛ كما قال تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) المؤمنون/ 12 – 14 .
ثانيا :
لا يلزم من تفرد الله جل جلاله بالخلق والتصوير : أن يباشر ذلك بذاته العلية ، من غير توسط ملك من ملائكته ، أو خلق من خلقه ، على يشاؤه سبحانه ويقدره ، بل هذا شأن الملوك : أنه ربما تولى أمرا بنفسه مباشرة ، وربما ولى ذلك بعض جنوده أو وزرائه أو بطانته ، ثم الأمر في ذلك أمره .
قد روى الدرامي واللالكائي والآجري وغيرهم بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش والقلم وعدن وآدم ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ) .
ثالثا :
روى مسلم (2645) عن حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : ( إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً ، بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكًا ، فَصَوَّرَهَا ، وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ أَجَلُهُ ، فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ رِزْقُهُ ، فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ ، فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ ) .
وروى البخاري (3208) ، ومسلم (2643) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : بِكَتْبِ رِزْقِهِ ، وَأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ) .
وهذا يدل على أن الذي يتولى مباشرة خلق الجنين في بطن أمه : إنما هو الملك الموكل بذلك ، عن أمر الله له ، وإرساله بذلك ، والملك لا يتقدم بين يدي ربه بشيء من ذلك ، ولا من غيره .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قَوْلِهِ ( ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ ) أَيْ : لِتَصْوِيرِهِ ، وَتَخْلِيقِهِ ، وَكِتَابَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ " انتهى .
وقال ابن حجر أيضا :
" وَمَعْنَى إِسْنَادِ النَّفْخِ لِلْمَلَكِ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ ، وَالنَّفْخُ فِي الْأَصْلِ إِخْرَاجُ رِيحٍ مِنْ جَوْفِ النَّافِخِ لِيَدْخُلَ فِي الْمَنْفُوخِ فِيهِ ، وَالْمُرَادُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "
انتهى من " فتح الباري" (11/486) .
فتصوير الجنين وتخليقه وكتابة ما يتعلق به ونفخ الروح فيه يباشره الملك الموكل به ، بأمر من الله تعالى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قال الله تعالى : ( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ) آل عمران/ 49 ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَكَذَلِكَ الْمَلَكُ يَخْلُقُ النُّطْفَةَ فِي الرَّحِمِ بِإِذْنِ اللَّهِ "
انتهى من " الجواب الصحيح " (3/251) .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" ملك الْمَوْت يقبض الْأَرْوَاح ، والأعوان يعالجون ، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، هُوَ الَّذِي يزهق الرّوح ، لَكِن لما كَانَ ملك الْمَوْت يتَوَلَّى ذَلِك بالوساطة والمباشرة : أضيف التوفي إِلَيْهِ ، كَمَا أضيف الْخلق للْملك فِي خبر مُسلم : ( إِذا مر بالنطفة ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة بعث الله إِلَيْهَا ملكا فصوّرها وَخلق سَمعهَا وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ) "
انتهى من " الفتاوى الحديثية " (ص 20) .
رابعا :
وقد تقرر لدى المسلم أن الله جل جلاله : هو الذي يحيي ويميت ؛ وكما أنه نسب إلى نفسه أنه يتوفى الخلق إليه ؛ فقال : ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الأنعام/60 ، وقال تعالى : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الزمر/42 .
ولم يمنع ذلك أن يتوفى الأرواح بوساطة الملك الذي يرسله سبحانه ، هو وأعوانه : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) السجدة/11 ، وقال تعالى : ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ) الأنعام/61
فمفهوم كذلك : أن الله تعالى هو خالق الخلق ومحييهم ، وهو الذي يصورهم ، وإن كان ذلك لا يمنع أن يأمر رسله من الملائكة بما شاء من ذلك ، ويوكلهم بما شاء من أمره سبحانه .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فالملك يرسل إليه فينفخ فيه ، فإذا نفخ فيه كان ذلك سبب حدوث الروح فيه ، ولم يقل يرسل الملك إليه بالروح فيدخلها في بدنه ، وإنما أرسل إليه الملك فأحدث فيه الروح بنفخته فيه ، لا أن الله سبحانه أرسل إليه الروح التي كانت موجودة قبل ذلك بالزمان الطويل مع الملك ، ففرق بين أن يرسل إليه ملك ينفخ فيه الروح ، وبين أن يرسل إليه روح مخلوقة قائمة بنفسها مع الملك "
انتهى من " الروح " (ص 174-175) .
خامسا :
هذه الروح خلق من خلق الله ، ليست صفة من صفات الله ، ولا هي من ذات الله - تعالى الله عن ذلك - .
فقول السائل : هل هذه الروح من الله ؟ نقول : هي من الله خلقا وتقديرا ، كما أن كل شيء من الله تعالى ، كما قال سبحانه : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ) الجاثية/ 13 ، بل هي من إحداث الملك ، بأمر الله له ، كما مر معنا في تخليق الجنين ، وتصويره ؛ فإن ذلك كله بمباشرة من الملك ، عن أمر الله له .
فقد سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّة – رحمه الله - :
عَنْ " الرُّوحِ " هَلْ هِيَ قَدِيمَةٌ أَوْ مَخْلُوقَةٌ ؟ وَهَلْ يُبَدَّعُ مَنْ يَقُولُ بِقِدَمِهَا أَمْ لَا ؟ وَمَا قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيهَا وَمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) ؟ هَلْ الْمُفَوَّضُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَمْرُ ذَاتِهَا أَوْ صِفَاتِهَا أَوْ مَجْمُوعِهِمَا؟ بَيِّنُوا ذَلِكَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؟
فَأَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
" الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، رُوحُ الْآدَمِيِّ : مَخْلُوقَةٌ مُبْدَعَةٌ بِاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُ " مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِي " الْإِمَامِ الْمَشْهُورِ ، الَّذِي هُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ ، أَوْ مِنْ أَعْلَمِهِمْ .
وَكَذَلِكَ " أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ " قَالَ فِي " كِتَابِ اللفظ " لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى خَلْقِ الرُّوحِ قَالَ : النَّسَمُ الْأَرْوَاحُ . قَالَ : وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ الْجُثَّةِ وَبَارِئُ النَّسَمَةِ أَيْ خَالِقُ الرُّوحِ .."
انتهى من " مجموع الفتاوى " (4/216) .
وينظر : " الروح" لابن القيم " (144-145) .
سادسا :
أما قوله تعالى : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) الحجر/ 29 ، وقوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) النساء/ 171 .
فهذه إضافة ملك وتشريف ، قال ابن عثيمين رحمه الله :
" قال الله سبحانه وتعالى للملائكة : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) ، فهل روح آدم هي روح الله ؟!
لا ، أبداً . بل روح آدم روحٌ مخلوقة خلقها الله ؛ لكن أضافها الله إليه على سبيل التشريف "
انتهى من " لقاء الباب المفتوح " .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-07, 04:17
خلق الله أربعة أشياء بيده
السؤال:
خلق الله سبحانه وتعالى آدم بيديه ونفخ فيه من روحه ، فهل خلق الله بقية المخلوقات ـ من الملائكة والجن والكائنات الأخرى ـ بيديه أيضا ؟
وهل نفخ فيها من روحه جلا وعلا ؟
أم هذه ميزه خاصة ، ومكانه خاصة لآدم وحده ، دون بقية المخلوقات ؟
وجزاكم الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
خص الله تعالى آدم عليه السلام ، فخلقه بيديه كما أخبر ، ولم يخلق ذا روح ٍ غيره بيديه .
قال سبحانه : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أََسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ص/75 ، وفي حديث الشفاعة : ( أَنَا سَيِّدُ الْقَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَلْ تَدْرُونَ بِمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُبْصِرُهُمْ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي وَتَدْنُو مِنْهُمْ الشَّمْسُ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ إِلَى مَا بَلَغَكُمْ أَلَا تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَبُوكُمْ آدَمُ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا فَيَقُولُ رَبِّي غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَنَهَانِي عَنْ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ ...) الحديث ، رواه البخاري (3340) ومسلم (194) .
قال الإمام الدارمي رحمه الله
: " وولي خلق آدم بيده مسيسا ، لم يخلق ذا روح بيديه غيره ، فلذلك خصه وفضله وشرف بذلك ذكره "
انتهى من "نقض الدرامي على المريسي" ص 64
وروى الدرامي واللالكائي والآجري وغيرهم بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش والقلم وعدن وآدم ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ).
وروى الدارمي بسند حسن عن ميسرة أبي صالح مولى كندة ، أحد التابعين أنه قال : ( إن الله لم يمس شيئا من خلقه غير ثلاث : خلق آدم بيده ، وكتب التوراة بيده ، وغرس جنة عدن بيده ). "نقض الدارمي" ص 99، وقال محققه الشيخ منصور السماري في مقدمته : " وقد روي عن غيره من التابعين مثل حكيم بن جابر ، ومحمد بن كعب القرظي بأسانيد صحيحة ذكرتها عند التعليق على الأثر في موضعه من الكتاب ".
فهذه أربعة أشياء خلقها الله بيده : العرش والقلم وجنة عدن وآدم ، وأما سائر الخلق ، فهم مخلوقون بالكلمة ( كن) فكانوا .
ثانيا :
وأما الروح ، فإن آدم وبنيه جميعا ، نفخ الله فيهم الروح ، وهي روح مخلوقة
أضيفت لله من باب التشريف والتكريم .
قال الله عز وجل في حق آدم عليه السلام : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) الحجر/29
وقال في حق عيسى عليه السلام : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) النساء/171
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-07, 04:23
يجادل نصرانيا ويسأل هل لله روح ؟
السؤال
أجادل مسيحيا فيقول لي : إن لله روحا . فسؤالي هل لله روح ؟
( روح كروح الإنسان والملائكة وسائر الخلق ) وهل الروح شئ مخلوق أم ماذا ؟ .
الجواب
الحمد لله
ليس لأحد أن يصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا أحد أعلم بالله من الله تعالى ، ولا مخلوق أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : ( قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ) البقرة/140. ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/36 .
والروح ليست من صفات الله تعالى ، بل هي خلق من مخلوقات الله تعالى . وأضيفت إلى الله تعالى في بعض النصوص إضافة ملك وتشريف ، فالله خالقها ومالكها ، يقبضها متى شاء ، ويرسلها متى شاء .
فالقول في الروح ، كالقول في (بيت الله) و (ناقة الله) و (عباد الله) و (رسول الله) فكل هذه مخلوقات أضيفت لله تعالى للتشريف والتكريم .
ومن النصوص التي أضيفت فيها الروح إلى الله : قوله تعالى : ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِه ) السجدة/9 . وهذا في حق آدم عليه السلام .
وقال سبحانه وتعالى عن آدم أيضاً : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) الحجر/29 .
وقال تعالى : ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً ) مريم/17- 19 .
فالروح هنا هو عبد الله ورسوله جبريل الذي أرسله إلى مريم . وقد أضافه الله إليه في قوله (رُوحَنَا) فالإضافة هنا للتكريم والتشريف ، وهي إضافة مخلوق إلى خالقه سبحانه وتعالى .
وفي حديث الشفاعة الطويل : ( فَيَأْتُونَ مُوسَى ، فَيَقُولُ : لَسْتُ لَهَا ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى ، فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ ) رواه البخاري (7510) ومسلم (193) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له ، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق ، كقوله تعالى (بيت الله) و (ناقة الله) و(عباد الله) بل وكذلك روح الله عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم . ولكن إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره مثل كلام الله وعلم الله ويد الله ونحو ذلك كان صفة له "
انتهى من "الجواب الصحيح" (4/414) .
وهذه القاعدة ذكرها شيخ الإسلام في مواضع ، وحاصلها أن المضاف إلى الله نوعان :
1- أعيان قائمة بذاتها ، فهذه الإضافة للتشريف والتكريم ، كبيت الله وناقة الله ، وكذلك الروح ، فإنها ليست صفة ، بل هي عين قائمة بنفسها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب الطويل في وفاة الإنسان وخروج روحه : ( فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ ) (
فَيَأْخُذُهَا (يعني يأخذ ملك الموت الروح ) فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا (يعني الملائكة) فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ ) (وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا ) . انظر روايات الحديث في "أحكام الجنائز" للألباني (ص 198) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ ) رواه مسلم (920) أي : إذا خرجت الروح تبعها البصر ينظر إليها أين تذهب . فهذا كله يدل على أن الروح عين قائمة بنفسها .
2- صفات لا تقوم بنفسها ، بل لا بد لها من موصوف تقوم به ، كالعلم والإرادة والقدرة ، فإذا قيل : علم الله ، وإرادة الله ، فهذا من إضافة الصفة إلى الموصوف .
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب "الروح" :
" المسألة السابعة عشرة : وهي هل الروح قديمة أو محدثة مخلوقة ؟
ثم قال : فهذه مسألة زل فيها عالَمٌ ، وضل فيها طوائف من بنى آدم ، وهدى الله أتباع رسوله فيها للحق المبين ، والصواب المستبين ، فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبَّرة ، هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ، كما يعلم بالاضطرار من دينهم أن العالم حادث ، وأن معاد الأبدان واقع ، وأن الله وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق له "
ثم نقل عن الحافظ محمد بن نصر المروزي قوله : " ولا خلاف بين المسلمين أن الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومن سواه من بنى آدم كلها مخلوقة لله ، خلقها وأنشأها وكونها واخترعها ثم أضافها إلى نفسه كما أضاف إليه سائر خلقه قال تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) الجاثـية/13 "
انتهى من "الروح" (ص144) .
وربما أشكل على بعض الناس قوله سبحانه في شأن عيسى عليه السلام : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) النساء/171 . فظنوا كما ظنت النصارى أن (مِِْن) للتبعيض ، وأن الروح جزء من الله . والحق أن (مِِْن) هنا لابتداء الغاية ، أي هذه الروح من عند الله ، مبدأها ومنشأها من الله تعالى ، فهو الخالق لها ، والمتصرف فيها .
قال ابن كثير رحمه الله :
" فقوله في الآية والحديث : ( وَرُوحٌ مِنْهُ ) كقوله : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) أي من خلقه ومِنْ عنده ، وليست (مِنْ) للتبعيض كما تقوله النصارى عليهم لعائن الله المتتابعة ، بل هي لابتداء الغاية كما في الآية الأخرى ، وقد قال مجاهد في قوله : (وروح منه) أي ورسول منه
وقال غيره : ومحبة منه ، والأظهر الأول ، وهو أنه مخلوق من روح مخلوقة . وأضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف ، كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله في قوله : ( هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ ) الأعراف/73 ، وفي قوله : ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ) الحج/26 . وكما روي في الحديث الصحيح : ( فأدخل على ربي في داره ) أضافها إليه إضافة تشريف ، وهذا كله من قبيل واحد ونمط واحد "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/784) .
وقال الألوسي رحمه الله :
: حكي أن طبيبا نصرانيا حاذقا للرشيد ناظر على بن الحسين الواقدى المروزى ذات يوم فقال له : إن في كتابكم ما يدل على أن عيسى عليه السلام جزء منه تعالى ، وتلا هذه الآية : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) فقرأ الواقدي قوله تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) الجاثـية/13 . فقال : إذاً يلزم أن يكون جميع الأشياء جزءاً منه سبحانه وتعالى علوا كبيرا ، فانقطع النصراني فأسلم ، وفرح الرشيد فرحا شديدا " .
وقال رحمه الله : " لا حجة للنصارى على شيء مما زعموا في تشريف عيسى عليه السلام بنسبة الروح إليه ؛ إذ لغيره عليه السلام مشاركة له في ذلك ، ففي إنجيل لوقا : قال يسوع لتلاميذه : إن أباكم السماوي يعطي روح القدس الذين يسألونه .
وفى إنجيل متى : إن يوحنا المعمداني امتلأ من روح القدس وهو في بطن أمه .
وفى التوراة : قال الله تعالى لموسى عليه السلام : اختر سبعين من قومك حتى أفيض عليهم من الروح التي عليك .
وفيها في حق يوسف عليه السلام : يقول الملك : هل رأيتم مثل هذا الفتى الذي روح الله تعالى عز وجل حال فيه .
وفيها أيضا : إن روح الله تعالى حلت على دانيال . . . إلى غير ذلك " انتهى من "روح المعاني" (6/25) .
وجاء في إنجيل لوقا (1/41) : ( وامتلأت الياصبات من الروح القدس ) .
وقوله (1/25، 26) : ( وكان في أورشليم رجل صالح تقي اسمه سِمعان ، ينتظر الخلاص لإسرائيل ، والروح القدس كان عليه ، وكان الروح القدس أوحى إليه أنه لا يذوق الموت قبل أن يرى مسيح الرب . فجاء إلى الهيكل بوحي من الروح ) فهذا صريح في أن الروح ملَك يأتي بالوحي ، وصريح أيضا في أن عيسى عليه السلام (مسيح الرب) فهو عبد لله تعالى ، والله هو الذي مسحه ، وجعلها مسيحا .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-07, 04:32
هل أخذ الله الميثاق على الناس
جميعا أول الخلق : أنه ربهم ؟
السؤال:
هل خلق الله أرواح الآدميين كلها جميعاً ، ثم أخذ عليهم العهد بأنه ربهم في لحظة واحدة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
قال الله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) الأعراف/ 172، 173 .
قال الشنقيطي رحمه الله :
" فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَجْهَانِ مِنَ التَّفْسِيرِ مَعْرُوفَانِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ مَعْنَى أَخْذِهِ ذُرِّيَّةَ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ : هُوَ إِيجَادُ قَرْنٍ مِنْهُمْ بَعْدَ قَرْنٍ ، وَإِنْشَاءُ قَوْمٍ بَعْدَ آخَرِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) ، وَقَالَ: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ) ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ: ( وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) : أَنَّ إِشْهَادَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا هُوَ بِمَا نُصِبَ لَهُمْ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ بِأَنَّهُ رَبُّهُمُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُمْ لِأَنْ يَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ ، وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى (قَالُوا بَلَى) أَيْ: قَالُوا ذَلِكَ بِلِسَانِ حَالِهِمْ لِظُهُورِ الْأَدِلَّةِ عَلَيْهِ .
الْوَجْه الْآخَر فِي مَعْنَى الْآيَةِ : أَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَ جَمِيعَ ذُرِّيَّةِ آدَمَ مِنْ ظُهُورِ الْآبَاءِ فِي صُورَةِ الذَّرِّ ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِلِسَانِ الْمَقَالِ : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) ثُمَّ أَرْسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّسُلَ مُذَكِّرَةً بِذَلِكَ الْمِيثَاقِ الَّذِي نَسِيَهُ الْكُلُّ وَلَمْ يُولَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُ، وَإِخْبَارُ الرُّسُلِ بِهِ يَحْصُلُ بِهِ الْيَقِينُ بِوُجُودِهِ .
وهَذَا الْوَجْهُ الْأَخِيرُ يَدُلُّ لَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ "
انتهى من " أضواء البيان " (2/ 42-43) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ بَنِي آدَمَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ ، شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ وَمَلِيكُهُمْ ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، كَمَا أَنَّهُ تَعَالَى فَطَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَلَهُمْ عَلَيْهِ "
انتهى من " تفسير ابن كثير" (3/ 500) .
وروى الإمام أحمد (2455) ، والحاكم (75) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا ، قَالَ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) .
وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وأعله ابن كثير في "تفسيره" (3/502) بالوقف على ابن عباس ، قال الألباني :
" هو كما قال رحمه الله تعالى ، ولكن ذلك لا يعني أن الحديث لا يصح مرفوعا
وذلك لأن الموقوف في حكم المرفوع ، لسببين :
الأول : أنه في تفسير القرآن ، وما كان كذلك فهو في حكم المرفوع .
الآخر: أن له شواهد مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جمع من الصحابة
وهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة وأبو أمامة وهشام بن حكيم
أو عبد الرحمن بن قتادة السلمي - على خلاف عنهما - ومعاوية بن أبي سفيان وأبو الدرداء وأبو موسى ، وهي إن كان غالبها لا تخلو أسانيدها من مقال ، فإن
بعضها يقوي بعضا ، بل قال الشيخ صالح المقبلي في " الأبحاث المسددة " : " ولا
يبعد دعوى التواتر المعنوي في الأحاديث والروايات في ذلك " ، ولاسيما
وقد تلقاها أو تلقى ما اتفقت عليه من إخراج الذرية من ظهر آدم وإشهادهم على
أنفسهم ، السلف الصالح من الصحابة والتابعين دون اختلاف بينهم ، منهم عبد الله
بن عمرو وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وسلمان الفارسي ومحمد بن كعب والضحاك بن مزاحم والحسن البصري وقتادة وفاطمة بنت الحسين وأبو جعفر الباقر وغيرهم "
انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (4/ 159)
ويشهد لهذا المعنى ما رواه مسلم (2805) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ ، فَيَقُولُ : قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ : أَنْ لَا تُشْرِكَ - أَحْسِبُهُ قَالَ: وَلَا أُدْخِلَكَ النَّارَ - فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ ) .
وروى الفريابي في "القدر" (53) بسند صحيح عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ... ) قَالَ :
" جَمَعَهُمْ ثُمَّ جَعَلَهُمْ أَرْوَاحًا فَاسْتَنْطَقَهُمْ فَتَكَلَّمُوا وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ ، (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) .
ورواه الدولابي في " الكني " (1222) بنفس السند ، ولفظه : ( جَمَعَهُمْ فَجَعَلَهُمْ أَرْوَاحًا ثُمَّ صَوَّرَهُمْ ) .
وقال الإمام إِسْحَاق بْنِ رَاهَوَيْهِ في قوله : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) قَالَ إِسْحَاقُ : " أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهَا الْأَرْوَاحُ قَبْلَ الْأَجْسَادِ ، فَاسْتَنْطَقَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) فَقَالَ : انْظُرُوا أَنْ لَا تَقُولُوا ( إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ) "
انتهى من " الاستذكار" (3/ 107) .
فعلى هذا القول المشهور المروي عن كثير من السلف : فقد جمع الله تعالى ذرية آدم في أول الخلق في صورهم - وقيل أرواحهم ، وقيل أرواحهم ثم صورهم - وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى .
ولكن أحدا من بني آدم لا يتذكر هذا الميثاق .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول الآخر ، وأن هذا الإشهاد والإقرار : إنما هو خلقهم على الفطرة الحنيفية ، قبل أن يتهودوا أو يتنصروا ، أو يتحولوا إلى غيرها من الأديان .
قال رحمه الله ، في تفسير قوله تعالى : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ) البقرة/116:
" وَهَذَا إِخْبَار عَمَّا فطروا عَلَيْهِ من الْإِقْرَار بِأَن الله رَبهم ، كَمَا قَالَ : ( وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى ) الْآيَة [سُورَة الْأَعْرَاف 172] ؛ فَإِن هَذِه الْآيَة بَينه فِي إقرارهم وشهادتهم على أنفسهم بالمعرفة الَّتِي فطروا عَلَيْهَا : أَن الله رَبهم .
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( كل مولولد يولد على الْفطْرَة ) .
وَطَائِفَة من الْعلمَاء جعلُوا هَذَا الْإِقْرَار لما اسْتخْرجُوا من صلب آدم وَأَنه أنطقهم وأشهدهم ، لَكِن هَذَا لم يثبت بِهِ خبر صَحِيح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، وَالْآيَة لَا تدل عَلَيْهِ .
وَإِنَّمَا الَّذِي جَاءَت بِهِ الْأَحَادِيث الْمَعْرُوفَة أَنه استخرجهم وأراهم لآدَم وميز بَين أهل الْجنَّة وَأهل النَّار مِنْهُم فعرفوا من يَوْمئِذٍ ، هَذَا فِيهِ مأثور من حَدِيث أبي هُرَيْرَة ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره بِإِسْنَاد جيد ، وَهُوَ أَيْضا من حَدِيث عمر بن الْخطاب الَّذِي رَوَاهُ أهل السّنَن وَمَالك فِي الْمُوَطَّأ ، وَهُوَ يصلح للاعتضاد .
وَأما إنطاقهم وإشهادهم فروى عَن بعض السّلف ، وَقد روى عَن أبيّ وَابْن عَبَّاس "
انتهى من "جامع الرسائل" (1/ 11-12)
وينظر : " درء تعارض العقل والنقل" (8/482) وما بعدها .
والله تعالى أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-08, 02:27
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
يسأل : كيف خلق الله الشجر قبل أن يخلق النور
مع أن الشجر يحتاج إلى النور لنموه ؟
السؤال :
ورد في صحيح مسلم ، الحديث رقم 6707 في الكتاب 39 " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي ، فَقَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاثَاءَ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ
وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ آخِرَ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَاتٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ" . لقد سمعت أحد الملحدين ينتقد هذا الحديث
ويقول : كيف خلق الله النور يوم الأربعاء وخلق الشجر يوم الثلاثاء ، مع أننا نعلم أن الشجر بحاجة إلى الضياء كي ينمو ، فكيف نرد عليه ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
روى مسلم ( 2789 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ) .
وهذا الحديث قد أعله غير واحد من أهل العلم ، وحكموا عليه بعدم صحة نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبأنه من الإسرائيليات التي أخطأ بعض الرواة وجعلها حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم
وإذا لم يثبت أن هذا الحديث قد قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فلا ننشغل بكلام الملحدين عليه ، لأن الجدال إنما يكون في شيء قد ثبت أنه من الدين ، وهذا الحديث ليس كذلك .
ثانيا :
على افتراض صحته وثبوته : فخلْق الشجر يوم الاثنين لا ينافي خلق النور يوم الأربعاء ، ومن زعم أنه ينافيه لاحتياج الشجر إلى النور للنمو فقوله غير صحيح ، لما يأتي :
أن هذا خلق الله ، يخلق ما يشاء ، فلا تحكمه قوانين الطبيعة لأنه سبحانه على كل شيء قدير ، وقد خلق هذا الخلق الهائل من العدم ، وهذا خلاف على خلاف ما يعهده الناس ويعلمونه .
وهذه القوانين التي تحكم الكون والمخلوقات كلها ، الذي جعلها قوانين ثابتة مطردة هو الله تعالى ، فإذا أراد أن يفعل شيئا خلاف هذه القوانين فمشيئته تعالى نافذة لا يقف أمامها شيء ، وقد فعل الله تعالى ذلك ، عملناه وعلمه
الناس .
فالإنسان لكي يخلق يحتاج إلى حيوان منوي وبويضة ثم يكون التلقيح والحمل حتى يكون بشرا سويا .
ولكن ، هذا آدم عليه السلام أبو البشر ، خلقه الله تعالى من طين ، وهذه حواء زوجه أم البشر خلقها الله تعالى من ضلع آدم ، وهذا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام خلقه الله من أم بلا أب .
وهذه نار إبراهيم عليه السلام التي ألقي فيها ، سلبها الله تعالى خاصية الإحراق وجعلها عليه بردا وسلاما .
كيف وقع كل ذلك على قوانين الطبيعة ؟
وأيضاً :
لا يمكن - عن طريق العلم الحديث أو غيره - إثبات أن أول الخلق كانت تحكمه القوانين التي يعرفها الناس لأن كل هذه المخلوقات ؛ السموات والأرض والجبال والبحار والبشر والحيوانات والنباتات ... إلخ ، كل ذلك قد وجد من عدم ، فلم يمر بمراحل خاضعة لقوانين معينة حتى وجد على هذه الصورة ، وإنما خلقه الله تعالى بقوله : كن ، قال تعالى : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/82.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-08, 02:31
كم ولدت حواء لآدم عليهما السلام من ولد لصلبه ؟
السؤال:
هل ولدت أمّنا حواء مائة طفل في الوقت الواحد كي ينتشر الجنس البشري على الأرض ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
نود أن ننصح أخانا السائل وإخواننا المسلمين بأن يصرفوا عنايتهم إلى ما ينفع العبد ، وتظهر لعلمه والسؤال عنه : مصلحة في دينه أو دنياه ، فحاجة المسلم إلى معرفة العقيدة الإسلامية ، والآداب الشرعية ، وأحكام الحلال والحرام ، وكذا مهام الحياة الضرورية ، أولى بالعناية ، فينشغل المسلم بما يهمه من أمر دينه وأمر دنياه
ولا حاجة به إلى الانشغال بما لا ينفع العلم به ولا يضر الجهل به ، وخاصة ما لا يمكن في العادة معرفته على وجه التحقيق بنصوص الكتاب والسنة ، وإنما العلم به مبني على مجرد اجتهادات أو نقولات عن أهل الكتاب ، ومثل هذا وخاصة في مسائل الغيب لا يتحقق به العلم الصحيح .
ومن أمثلة ذلك ما وقع من الاختلاف في الوقت الذي اختلف فيه الناس ، في قول الله تعالى : ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) سورة البقرة/213 .
قال الإمام الطبري رحمه الله :
" وأولى التأويلات في هذه الآية بالصواب أن يقال إن الله عز وجل أخبر عباده أن الناس كانوا أمة واحدة على دين واحد وملة واحدة ... فاختلفوا في دينهم ...
وقد يجوز أن يكون ذلك الوقت الذي كانوا فيه أمة واحدة من عهد آدم إلى عهد نوح عليهما السلام ، كما روي عكرمة ، عن ابن عباس ، وكما قاله قتادة .
وجائزٌ أن يكون كان ذلك حين عَرض على آدم خلقه ، وجائزٌ أن يكون كان ذلك في وقت غير ذلك .
ولا دلالة من كتاب الله ، ولا خبر يثبت به الحجة على أيِّ هذه الأوقات كان ذلك .
فغيرُ جائز أن نقول فيه إلا ما قال الله عز وجل : من أن الناس كانوا أمة واحدة، فبعث الله فيهم - لما اختلفوا - الأنبياءَ والرسل .
ولا يضرُّنا الجهل بوقت ذلك ، كما لا ينفعُنَا العلمُ به ، إذ لم يكن العلم به لله طاعةً " .
انتهى من " تفسير الطبري " (4/279) .
ثانيا :
ذكر بعض أهل العلم أن حواء ولدت لآدم عليهما السلام عشرين ومائة بطن ، في كل بطن توأم .
وقال بعضهم : جميع ما ولدته له أربعون ، من ذكر وأنثى ، في عشرين بطنا .
قال الطبري رحمه الله في " تاريخه " (1/145) :
" وَذُكِرَ أَنَّ حواء ولدت لآدم عليه السلام عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَطْنٍ ، أَوَّلُهُمْ قَابِيلُ وتوأمته قلِيمَا، وَآخِرُهُمْ عَبْدُ الْمُغِيثِ وتوأمته أَمَةُ الْمُغِيثِ .
وَأَمَّا ابْنُ إِسْحَاقَ فَذُكِرَ عَنْهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا وَلَدَتْهُ حَوَّاءُ لآدَمَ لِصُلْبِهِ : أَرْبَعُونَ ، مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فِي عِشْرِينَ بَطْنًا " انتهى .
وما ذكره عن ابن إسحاق هو المشهور .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ : ذَكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ أَنَّ حَوَّاءَ وَلَدَتْ لِآدَمَ أَرْبَعِينَ نَفْسًا فِي عِشْرِينَ بَطْنًا "
انتهى من " فتح الباري " (12/ 193) .
وانظر : " تفسير القرطبي " (6/ 135) ، " شرح النووي على مسلم " (10/59) ، " طرح التثريب " (7/65) ، " الكامل في التاريخ " (1/38) ، " تفسير الخازن " (2/ 32) .
وقد ذكروا أن حواء كانت تحمل في كل بطن ذكرا وأنثى ، وقد شرع الله لآدم عليه السلام أن يزوج غلام هذا البطن جارية البطن الآخر .
قال ابن كثير رحمه الله :
" ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ شَرَعَ لِآدَمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أَنْ يُزَوِّجَ بَنَاتِهِ مِنْ بَنِيهِ لِضَرُورَةِ الْحَالِ ، وَلَكِنْ قَالُوا : كَانَ يُولَد لَهُ فِي كُلِّ بَطْنِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى ، فَكَانَ يُزَوِّجُ أُنْثَى هَذَا الْبَطْنِ لِذِكْرِ الْبَطْنِ الْآخَرِ " .
انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/ 82) ، وينظر : " تفسير الطبري " (10/ 206) .
هذا جملة ما ذكره أهل العلم فيما اطلعنا عليه في هذه المسألة .
أما القول بأن حواء عليها السلام ولدت مائة مولود في وقت واحد : فهذا مما لا يعقل ، ولا نعلم أحدا ذكره ، ولعل السائل يقصد أنها ولدت هذا العدد من الأولاد لآدم من صلبه ، لا أنها ولدتهم في بطن واحد .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-08, 02:34
كيف استمر نسل البشر بعد موت هابيل؟
السؤال :
سمعت أن آدم وحواء كان لهما ولدان ، قابيل وهابيل ، وقتل قابيل هابيل ! سؤالي هو : كيف استمر نسل البشر بعد موت هابيل ؛ وكان قد تزوج أخته ، ولكن لا أدري إن كانوا أنجبوا ذرية أم لا ، وكم المدة بين سيدنا آدم ، وسيدنا نوح الذي تولى النبوة بعده ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ليس في الكتاب والسنة ما يدل على أن ذرية آدم عليه السلام كانت محصورة في قابيل وهابيل ، بل ينقل العلماء أنه قد ولد لآدم عليه السلام أولاد كثيرون ، ومنهم تناسل البشر ، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن ، وذلك في قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء/1 .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله :
"ذُكر أن حواء ولدت لآدم عليه السلام عشرين ومائة بطن ، أولهم قابيل وتوأمته قليما ، وآخرهم عبد المغيث وتوأمته أمة المغيث . وأما ابن إسحاق فذُكر عنه أن جميع ما ولدته حواء لآدم لصلبه أربعون من ذكر وأنثى في عشرين بطنا ، وقال : قد بلغنا أسماء بعضهم ولم يبلغنا بعض" انتهى .
"تاريخ الأمم والملوك" (1/98) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"وقد ذكر أهل التاريخ أن آدم عليه السلام لم يمت حتى رأى من ذريته - من أولاده وأولاد أولاده - أربعمائة ألف نسمة ، والله أعلم" انتهى .
"البداية والنهاية" (1/96) .
ومع ذلك يذكر محمد بن إسحاق – وهو من العلماء بالأنساب والتاريخ - أن أنساب البشر كلهم ترجع إلى شيث بن آدم ، وأن نسل ولد آدم من غير شيث كلهم بادوا وانقرضوا ، وهذا في الغالب مأخوذ عن أهل الكتاب .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله :
"وإلى شيث أنساب بني آدم كلهم اليوم ، وذلك أن نسل سائر ولد آدم غير نسل شيث انقرضوا وبادوا ، فلم يبق منهم أحد ، فأنساب الناس كلهم اليوم إلى شيث عليه السلام" انتهى .
"تاريخ الأمم والملوك" (1/103) ، وانظر: "التبصرة" لابن الجوزي (1/24،36) ، "البداية والنهاية" (1/98) .
ثانيا :
أما المدة بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام فقد ورد النص عليها في حديث يصححه بعض أهل العلم :
عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رجلا قال : (يا رسول الله ! أنبيٌّ كان آدم ؟ قال : نعم ، مكلَّم . قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون) .
رواه ابن حبان في "صحيحه" (14/69) والحاكم في "المستدرك" (2/262) وقال : صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي . وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/94) : هذا على شرط مسلم ولم يخرجه . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2668 ، 3289) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-08, 02:38
تفسير قوله صلى الله عليه وسلم
إن صح عنه - : ( خلق الله النور يوم الأربعاء )
السؤال :
في كتاب رياض الصالحين حديث رقم 1854 بصحيح مسلم : ماذا كان يقصد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إن الله خلق النور في يوم الأربعاء ) ؟
تم النشر بتاريخ: 2014-01-06
الجواب :
الحمد لله
روى مسلم ( 2789 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ) .
وهذا الحديث قد أعله غير واحد من أهل العلم ، وجعله البخاري وغيره من كلام كعب الأحبار
وعلى تقدير صحته : فيكون معنى النور : النور المخلوق الذي يضيء الله به لخلقه.
قال الإمام الطبري رحمه الله :
" (خلق الله النور يوم الأربعاء) يعني بالنور الشمس ، إن شاء الله " .
انتهى من "تاريخ الطبري" (1/ 24) .
وفي "المرقاة" (9/ 3666):
" قَالَ الْأَكْمَلُ: وَالنُّورُ هُوَ الظَّاهِرُ بِنَفْسِهِ ، الْمُظْهَرُ لِغَيْرِهِ " انتهى .
فيكون معنى قوله : ( خلق النور يوم الأربعاء ) أي : خلق الشمس والقمر والأجرام السماوية وما ينبعث منها من نور وضياء إلى الأرض وإلى أجواء السماء يوم الأربعاء .
وينظر : "الأنوار الكاشفة" ، للشيخ المعلمي رحمه الله (ص: 188-191)
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-08, 02:43
الذين تكلموا في المهد ثلاثة
وغيرهم في ثبوتهم ضعف وتردد
السؤال:
أريد بعض التوضيح لإجابة أحد الأسئلة التي تحدثت عن أولئك الذين تحدثوا في المهد ، لقد كانت إجابتكم كالتالي : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا ، أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ ؟
فَقَالَ : هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلادِهَا ، قَالَ : قُلْتُ : وَمَا شَأْنُهَا ؟ قَالَ : بَيْنَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ ، إِذْ سَقَطَتْ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا ، فَقَالَتْ : بِسْمِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ : أَبِي ؟
قَالَتْ : لا ، وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ ، قَالَتْ : أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ ! قَالَتْ : نَعَمْ ، فَأَخْبَرَتْهُ ، فَدَعَاهَا فَقَالَ : يَا فُلانَةُ ؛ وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ؛ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ ، فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلادُهَا فِيهَا ، قَالَتْ لَهُ : إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً
قَالَ : وَمَا حَاجَتُكِ ؟ قَالَتْ : أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا ، قَالَ : ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنْ الْحَقِّ ، قَالَ : فَأَمَرَ بِأَوْلادِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنْ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ ، وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ ، قَالَ : يَا أُمَّهْ ؛ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ ، فَاقْتَحَمَتْ ) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : تَكَلَّمَ أَرْبَعَةُ صِغَارٍ : عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلام ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ . أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (1/309) ، والطبراني (12280) ، وابن حبان (2903) ، والحاكم .
سؤالي هو :
ذكرتم أن عباس قال.. " وشاهد يوسف "، فأين صاحب قصة الأخدود ؟ ألا يصير العدد خمسة إن نحن اعتبرنا صاحب قصة الأخدود ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الذي نراه راجحا في أخبار الذين تكلموا في المهد يتمثل في الحديث الذي رواه البخاري (3436) ومسلم (2550) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي المَهْدِ إِلَّا ثَلاَثَةٌ : عِيسَى .
وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ ، كَانَ يُصَلِّي ، جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ ، فَقَالَ : أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي ، فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِسَاتِ ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى ، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا ، فَوَلَدَتْ غُلاَمًا ، فَقَالَتْ : مِنْ جُرَيْجٍ ، فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الغُلاَمَ ، فَقَالَ : مَنْ أَبُوكَ يَا غُلاَمُ ؟ قَالَ الرَّاعِي . قَالُوا : نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ ؟ قَالَ : لاَ إِلَّا مِنْ طِينٍ .
وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ ، ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ ، فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا ، فَقَالَتْ : لِمَ ذَاكَ ؟
فَقَالَ : الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ ، وَهَذِهِ الأَمَةُ يَقُولُونَ : سَرَقْتِ ، زَنَيْتِ ، وَلَمْ تَفْعَلْ ) .
ثانيا :
وأما قصة ابن ماشطة ابنة فرعون فقد بينا في الفتوى السابقة تخريج حديث ابن عباس الوارد في شأنها ، ودرسنا إسناده ورواته ، نشرت الفتوى في موقعنا في الرقم : (147964) . وقد توصلنا في خلاصتها إلى أن الحديث مشكوك في ثبوته ، فقد ورد من رواية حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، وعطاء اختلط حديثه آخر عمره فوقع في أوهام كثيرة ، وحماد سمع منه قبل الاختلاط وبعده كما قال النقاد من المحدثين .
ولكن ذلك لا يعني الجزم بعدم ثبوت الرواية ، فقد تكون مما حفظ عطاء ، أو مما رواه حماد بن سلمة عنه قبل الاختلاط ، ولهذا صحح الحديث جماعة من العلماء ، خاصة وأنه لا يشتمل على أمر منكر أو مستغرب ، إنما فيه حكاية من أخبار بني إسرائيل ، ورد نحوها في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة ، ومثل هذه الأخبار لا حرج في روايتها وتحديث الناس بها لأخذ العظة والعبرة ، أو لتوضيح بعض مقاطع القصص في القرآن الكريم .
لكن مع ضرورة الانتباه إلى أن الخطأ في بعض ألفاظ الرواية وكلماتها وارد بسبب احتمال الضعف الإسنادي الذي سبق شرحه . وهذا أمر مهم يجب أن يتنبه له الباحثون والمعتنون بالثقافة الإسلامية ، أن لا يطيلوا الوقوف كثيرا عند بعض الكلمات الواردة في الروايات المتكلم في أسانيدها ، أو التي في أسانيدها بعض النظر.
وبهذا يتبين للسائل أن الضعف من جهة الإسناد يجعلنا نتردد في ألفاظ الحديث ودقة حكايته ، فإذا ورد وصف الطفل في قصة ماشطة ابنة فرعون بأنه رضيع ، فهذه اللفظة مشكلة مع الحديث الثابت الصحيح عن أبي هريرة : أنه لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ؛ وما في الصحيح أولى وأثبت .
وعلى فرض صحة الحديث : فالجملة الأخيرة منه من كلام ابن عباس رضي الله عنهما ، وليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول فيها ابن عباس : " تكلم أربعة صغار : عيسى ابن مريم عليه السلام ، وصاحب جريج ، وشاهد يوسف ، وابن ماشطة ابنة فرعون ".
ومعلوم أن الصحابي إذا قال قولا من عنده ، ولم ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخطئ ويصيب ، ويفوته بعض العلم الذي لم يبلغه أو نسيه أو أخطأ في فهمه ، فلا يقال حينئذ إن ثمة تعارضا أو نقصا في السنة النبوية ، فالكلام المرفوع المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيء ، وكلام الصحابة من قولهم أو فعلهم أو اجتهاد رأيهم شيء آخر .
ثالثا :
وأما قصة أصحاب الأخدود فقد وردت في حديث صهيب الرومي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في حديث طويل ، قال فيه : ( فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا تُرْضِعُهُ ، فَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِي النَّارِ . فَقَالَ الصَّبِيُّ : يَا أُمَّهْ ، اصْبِرِي ، فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ )
رواه الإمام أحمد في " المسند " (39/354) قال : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب .
وقد رواه الإمام مسلم في " صحيحه " (3005) قال : حدثنا هداب بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة بالإسناد السابق ، ولكن قال فيه : ( حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها ) ولم يقل إنه رضيع ، الأمر الذي اقتضى بالإمام النووي رحمه الله أن يقول : " ذلك الصبي لم يكن في المهد ، بل كان أكبر من صاحب المهد وإن كان صغيرا "
انتهى من " شرح مسلم " (16/106).
هذا فضلا عن أن حماد بن سلمة قد خولف أيضا ، فرواه معمر عن ثابت بسياق ليس صريحا في رفعه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم . كما في " مصنف عبد الرزاق " (5/420) ، و" سنن الترمذي " (3340) ، و" مسند البزار " (6/18) ، و"معجم الطبراني " (8/41).
لذلك قال الحافظ المزي رحمه الله : " يحتمل أن يكون من كلام صهيب الرومي ، فإنه كان عنده علم من أخبار النصارى "
انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (8/389) .
هذا ، وقد ذكر العلماء أطفالا آخرين تكلموا في المهد ، ولكن أخبارهم وردت في آثار موقوفة أو مقطوعة ، أو أخبار مرفوعة ضعيفة ، لم نشأ التوسع بذكرها في هذا المقام ، كي لا يطول الأمر على القارئ ، ويمكن مراجعتها في " شرح الشفا " (1/233)، " فتح الباري " (6/480).
فالخلاصة : أن حديث ابن عباس الوارد في السؤال ضعيف لا يصح ، فضلا عن أن آخر جملة منه – وهي محل الإشكال – وردت من كلام ابن عباس موقوفا عليه ، وليست مرفوعة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
والصواب الذي نميل إليه في هذا المقام : ما ثبت في الحديث الصحيح الصريح السابق عن أبي هريرة ، الذي رواه الشيخان ولا شك في رفعه ، أن الذين تكلموا في المهد ثلاثة فقط ، وليس منهم الطفل في قصة أصحاب الأخدود لعدم صراحة روايته ، والتردد في رفعها ، وليس منهم شاهد يوسف أيضا إذ لم يرد في خبر مرفوع صحيح ، كما ليس منهم ابن ماشطة ابنة فرعون ؛ لضعف حديث ابن عباس الوارد فيه كما سبق شرحه في بداية هذا الجواب .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-08, 02:52
هل هناك تعارض بين الآيات الدالة على كروية
الأرض والآيات التي تدل على أن الأرض مسطّحة؟
السؤال:
في قوله : ( والأرض بعد ذلك دحاها ) ، ( والأرض مددناها ) ، ( نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) .
فما هي أطراف الأرض ؟
وهذه الآيات تدل على أن الأرض مسطحة ، فهل تتعارض مع الآيات التي تدل على أن الأرض كروية ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
أجمع أهل العلم على كروية الأرض ، ودل على ذلك كتاب الله تعالى ، كما في قوله عز وجل : ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) الزمر/5 .
ولكنها في أعين الناظرين مسطحة ؛ لأنها كبيرة الحجم ، وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة ، فهي بحسب النظر مسطحة ، لكنها في جملتها كروية .
سئل علماء اللجنة :
هل الأرض كروية أو مسطحة ؟
فأجابوا : " الأرض كروية الكل مسطحة الجزء " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/ 414) .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" لو قال قائل: إن الله عز وجل أخبر أن الأرض قد سطحت، قال: ( وإلى الأرض كيف سطحت) الغاشية/ 20 ، ونحن نشاهد أن الأرض مكورة ، فكيف يكون خبره خلاف الواقع ؟
فجوابه : أن الآية لا تخالف الواقع ، ولكن فهمه خاطئ إما لقصوره أو تقصيره ، فالأرض مكورة مسطحة ، وذلك لأنها مستديرة ، ولكن لكبر حجمها لا تظهر استدارتها ، وحينئذ يكون الخطأ في فهمه، حيث ظن أن كونها قد سطحت مخالف لكونها كروية "
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (8/ 644) .
ثانيا :
قال الله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) الرعد/ 41 .
وقال تعالى : ( أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ) الأنبياء/ 44 .
اختلف العلماء في تفسير هذا النقصان المذكور لأطراف الأرض ، على عدة أوجه :
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-08, 02:57
تفسير قوله تعالى :
( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا )
السؤال:
ما تفسير قوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) ؟
الجواب :
الحمد لله
قال الله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) الرعد/ 41 .
وقال تعالى : ( أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ) الأنبياء/ 44.
اختلف العلماء في تفسير هذا النقصان المذكور لأطراف الأرض ، على عدة أوجه :
قال ابن كثير رحمه الله :
" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْ لَمْ يروا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ : ( نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) ، قَالَ: خَرَابُهَا ، وَقَالَ الْحُسْنُ وَالضَّحَّاكُ : هُوَ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نُقْصَانُ أَهْلِهَا وَبَرَكَتُهَا ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نُقْصَانُ الْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَخَرَابُ الْأَرْضِ
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَضَاقَ عَلَيْكَ حُشُّكَ ، وَلَكِنْ تَنْقُصُ الْأَنْفُسُ وَالثَّمَرَاتُ ، وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَمْ تَجِدْ مَكَانًا تَقْعُدُ فِيهِ ، وَلَكِنْ هُوَ الْمَوْتُ ، وَقَالَ ابن عباس في رواية: خرابها بموت علمائها وفقهائها وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: هُوَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى ، وَهُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قرية ، كقوله: ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى ... ) الآية الأحقاف/27 . وهذا اختيار ابن جرير "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/406) ، وينظر "زاد المسير" لابن الجوزي (2/ 501) .
وقال الشوكاني رحمه الله :
" أَيْ: نَأْتِي أَرْضَ الْكُفْرِ كَمَكَّةَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بِالْفُتُوحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ بَيَانَ مَا وَعَدَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَهْرِهِمْ قَدْ ظَهَرَ، يَقُولُ:
أولم يَرَوْا أَنَّا فَتَحْنَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَرْضِ مَا قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ ، فَكَيْفَ لَا يَعْتَبِرُونَ؟ وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : مَوْتُ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الطَّرَفُ : الرَّجُلُ الْكَرِيمُ ،
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ:
وَهَذَا الْقَوْلُ بِعِيدٌ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآيَةِ : أَنَّا أَرَيْنَاهُمُ النُّقْصَانَ فِي أَمْرِهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ تَأْخِيرَ الْعِقَابِ عَنْهُمْ لَيْسَ عَنْ عَجْزٍ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَوْتِ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ : خَرَابُ الْأَرْضِ الْمَعْمُورَةِ حَتَّى يَكُونَ الْعُمْرَانُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ: هَلَاكُ مَنْ هَلَكَ مِنَ الْأُمَمِ وَقِيلَ : الْمُرَادُ : نَقْصُ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: جَوْرُ وُلَاتِهَا حَتَّى تَنْقُصَ "
انتهى من "فتح القدير" (3/ 108) .
وما اختار الإمام ابن جرير رحمه الله ، وتابعه عليه ابن كثير ، هو أيضا اختيار الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره
.
قال السعدي رحمه الله :
" والظاهر - والله أعلم - أن المراد بذلك أن أراضي هؤلاء المكذبين جعل الله يفتحها ويجتاحها، ويحل القوارع بأطرافها، تنبيها لهم قبل أن يجتاحهم النقص، ويوقع الله بهم من القوارع ما لا يرده أحد، ولهذا قال: ( وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) ويدخل في هذا حكمه الشرعي والقدري والجزائي " انتهى من " تفسير السعدي" (ص 420) .
واختاره ـ كذلك ـ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، كما في "لقاء الباب المفتوح" (167/ 22) بترقيم الشاملة .
وعلى ذلك : فيكون معنى أطراف الأرض : نواحيها وجوانبها .
قال الأزهري رحمه الله في "التهذيب" (13/219) :
" أطرافُ الأَرْض : نَوَاحِيهَا ، الْوَاحِد طَرَف ، وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: ( أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) ، أَي: من نَوَاحِيهَا نَاحيَة نَاحيَة " انتهى .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
messi20122013
2018-04-08, 07:53
بارك.الله.فيك.يا.اخي
امام الرضا
2018-04-08, 12:16
جزاك الله خير الجزاء اخى عبد الرحمن موضوع في القمة
*عبدالرحمن*
2018-04-08, 17:52
بارك.الله.فيك.يا.اخي
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
تسلم يا اخي من كل شر
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير
.... احترامي ....
*عبدالرحمن*
2018-04-08, 17:53
جزاك الله خير الجزاء اخى عبد الرحمن موضوع في القمة
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
تسلم يا اخي من كل شر
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير
.... احترامي ...
*عبدالرحمن*
2018-04-09, 02:40
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
السؤال :
إذا كان البشر قد خُلقوا من طين ، فمن أي شيء خُلقت الحيوانات ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
صح عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : ( خُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ ) أخرجه مسلم (2996) .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مما وصف لكم ) أي مما وصف لكم في الكتاب والسنة ، كقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) غافر/67 .
ثانيًا :
لم نقف على دليل صحيح صريح في الأصل الذي خلقت منه الحيوانات والبهائم ، لكن ذهب البعض إلى أنها خلقت من ماء استدلالاً بظاهر قوله تعالى :
( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) النور/ 45 .
لكن ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالماء هنا المني ، وقال بعضهم أن المقصود أن الماء جزء مما خلقت منه .
قال القرطبي في تفسيره (12/291) :
" والدابة كل ما دب على وجه الارض من الحيوان ، يقال : دب يدب فهو داب، والهاء للمبالغة .. لم يدخل في هذا الجن والملائكة ، لأنا لم نشاهدهم ، ولم يثبت أنهم خلقوا من ماء ، بل في الصحيح ( إن الملائكة خلقوا من نور والجن خلقوا من نار( .
وقال المفسرون : " من ماء " أي من نطفة .
قال النقاش: أراد أمنية الذكور.
وقال جمهور النَّظَرة : أراد أن خلقة كل حيوان فيها ماء ، كما خلق آدم من الماء والطين ، وعلى هذا يتخرج قول النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الذي سأله في غزاة بدر: ممن أنتما ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نحن من ماء ) الحديث .
وقال قوم : لا يستثنى الجن والملائكة ، بل كل حيوان خلق من الماء ، وخلق النار من الماء ، وخلق الريح من الماء ، إذ أول ما خلق الله تعالى من العالم الماء ، ثم خلق منه كل شيء .
قلت : ويدل على صحة هذا قوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ ) المشى على البطن للحيات والحوت، ونحوه من الدود وغيره .
وعلى الرجلين للإنسان والطير إذا مشى ، والأربع لسائر الحيوان " انتهى باختصار .
وذهب آخرون إلى أنها خلقت من تراب واستدلوا لذلك بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : ( يحشر الخلائق كلهم يوم القيامة والبهائم والدواب والطير وكل شيء ، فيبلغ من عدل الله أن يأخذ للجماء من القرناء ، ثم يقول كوني ترابًا ، فذلك حين يقول الكافر يا ليتني كنت ترابًا ).
أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (30/17) ، والسيوطي في الدر المنثور (6/310) ، وقال الألباني في " الصحيحة " (4/607) : إسناده جيد ، وقال أحمد شاكر في " عمدة التفسير " (1/772) : إسناده صحيح .
وقالوا : فإذا كان الله تعالى يصيرهم ترابًا في النهاية ، وقد قال سبحانه : ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) الأنبياء/104 ، فهذا يدل على أن أصلهم من تراب .
لكن في هذا الاستدلال نظرا ، وقد يرد عليه أن المقصود بالآية أن الله سيعيد كل الخلائق إلى الحياة كما بدأها أول مرة ، كما جاء في قوله تعالى : ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ . قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ . الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ . أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ . إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) يس/ 78-83 .
وليس المقصود أن كل خلق سيعود لأصل المادة التي خلق منها ، فيعود الإنسان ترابًا ، والجن نارًا ، والملائكة نورًا .
والخلاصة أننا لا نجد من نصوص الكتاب والسنة ما يمكن الاعتماد عليه بشكل جازم في تحديد الأصل في مادة خلق الحيوانات والبهائم ، وهذه من مسائل الغيب التي يجب الاعتماد فيها على نصوص الوحي ، ولا ينبغي الجزم فيها بشيء لم تحدده النصوص
والأولى الانشغال بطلب العلم النافع
وترك ما كان العلم به لا ينفع ، والجهل به لا يضر .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-09, 02:45
السؤال:
نعيش هنا في الغرب ولنا بعض الأصدقاء من غير المسلمين ممن يتحاورون معنا عن الإسلام, ولهم اهتمام بالغ في مسائل العلوم والنظريات الكونية , ولهم سؤال : هل ورد ذكر الديناصورات في الإسلام ؟
هل ثبت هذا في صحيح السنة ؟
وكيف نرد عليهم سواء كانت الإجابة بالإثبات أو النفي ؟
الجواب :
الحمد لله
جاء في "الموسوعة العربية العالمية" : " ديناصورات العصر الجوراسي ( 205 ـ 138 مليون سنة مضت) شملت أطول ديناصور معروف وهو الدبلودوكس وطوله 27مترًا . وشملت بعض الديناصورات الأخرى الاستيجوسورس المصفَّح ، والألوسورس ، والكامبتوسورس .
الديناصور حيوان زاحف عاش قبل ملايين السنين. وكلمة الديناصور مشتقة من كلمتين يونانيتين تعنيان السحلية المزعجة الرهيبة. ولم تكن الديناصورات سحالي ولكن حجم بعضها كان مروِّعًا، حيث إن الكبيرة منها كانت أضخم الحيوانات التي سكنت على اليابسة على الإطلاق، وكان وزنها أكثر من عشرات أضعاف وزن فيل كامل النمو. وهناك أنواع نادرة من الحيتان تنمو لتصبح أضخم من هذه الديناصورات.
ظهر أول الديناصورات على الأرض قبل مايقارب 220 مليون سنة مضت. وسيطرت هذه المخلوقات على اليابسة لما يقارب 150 مليون سنة، حيث عاشت في معظم بقاع العالم وفي أوساط متنوعة، من المستنقعات إلى السهول المنبسطة، إلا أنها انقرضت فجأة قبل نحو 63 مليون سنة " انتهى .
وليس في نصوص الكتاب والسنة ما يثبت أو ينفي وجود هذه المخلوقات ، وفي القرآن الكريم ما فهم منه بعض العلماء : وجود مخلوقات على الأرض قبل آدم عليه السلام ، كما في قوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/30
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قول الملائكة : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) يرجِّحُ أنهم خليفة لمن سبقهم ، وأنه كان على الأرض مخلوقات قبل ذلك تسفك الدماء وتفسد فيها ، فسألت الملائكة ربها عزّ وجلّ : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) كما فعل من قبلهم "
انتهى . "تفسير القرآن الكريم" (1/آية 30) .
فقد تكون هذه الديناصورات من جملة هذه المخلوقات .
ولا غرابة في وجود مخلوقات بهذا الحجم الكبير ، فقد ثبت في السنة الصحيحة أن آدم عليه السلام طوله ستون ذراعا ، كما روى البخاري (3326) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ ).
وجاء في السنة أيضا أن الأرض إذا رُدت إليها بركتها آخر الزمان ، تكفي "الرمانة" حينئذ الجماعة من الناس ، ويستظلون بقشرها ، كما روى مسلم (2937) عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكره من نزول عيسى عليه السلام وإهلاك الله ليأجوج ومأجوج ثم قوله :
( قَالَ وَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا لَا يُكَنُّ مِنْهُ بَيْتُ وَبَرٍ وَلَا مَدَرٍ قَالَ فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ فَيَتْرُكُهَا كَالزَّلَفَةِ قَالَ ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ أَخْرِجِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقَحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى إِنَّ الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ لَيَكْتَفُونَ بِاللِّقْحَةِ مِنْ الْإِبِلِ وَإِنَّ الْقَبِيلَةَ لَيَكْتَفُونَ بِاللِّقْحَةِ مِنْ الْبَقَرِ وَإِنَّ الْفَخِذَ لَيَكْتَفُونَ بِاللِّقْحَةِ مِنْ الْغَنَمِ ).
والرِّسل : اللبن .
واللقحة : الناقة الحلوب .
والفخذ : الجماعة من الأقارب .
والحاصل أن الشرع لا يمنع وجود هذه المخلوقات ، ولا أن تكون على هذه الأحجام الهائلة ، لكن يبقى النظر فيما يذكرونه من أعمارها وتفاصيل أشكالها وحياتها ، وهو مجال للعلم والظن معا ، ولا ينبغي للمسلم أن ينشغل بذلك ، ولا أن يضيع وقته في الجدال حوله ، أو يعتقد أنها قضية تمس الدين أو العقيدة
فإن يعلم أن القرآن والسنة أنزلا هداية للناس ، ودلالة على الخير والرشاد ، وليس موضوعهما التاريخ أو الجغرافيا أو علم الأرض والحيوان ، وإن كان فيهما الإشارة إلى كثير من الحقائق المتعلقة بذلك ، وثمة أنواع من الحيوانات لم يرد ذكرها في القرآن والسنة مطلقا مع وجودها في زمن نزول القرآن .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-09, 02:49
السؤال:
هل خلق الله البشر أولا أم الملائكة ؟
وإذا كان الملائكة ، فكيف عرفوا أن البشر سيفسدون في الأرض كما في سورة البقره آيه 30 ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا شك أن خلق الملائكة كان سابقا على خلق آدم عليه السلام ، فقد أخبرنا الله تعالى في أكثر من موضع من كتابه العزيز أنه أعلم الملائكة بأنه سيخلق بشرا من طين ، ثم أمرهم بالسجود له حين يتم خلقه ، وذلك دليل ظاهر على أن الملائكة كانوا موجودين قبل خلق البشر .
يقول الله تعالى : ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ص/71-72
ثانيا :
وقد أخبر سبحانه وتعالى في سورة البقرة عن حواره مع الملائكة قبل خلق آدم ، وذلك دليل ظاهر أيضا على وجودهم قبل آدم عليه السلام .
قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة/30
ولكن كيف عرفت الملائكة أن الخليفة الجديد في الأرض سيفسد فيها ويسفك الدماء ؟
اختلف في ذلك أهل العلم على أقوال :
القول الأول : أنهم علموا ذلك بإعلام الله تعالى لهم ، وإن كان ذلك لم يذكر في السياق .
قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد وابن قتيبة .
كما في "زاد المسير" لابن الجوزي (1/60)
وهو قول أكثر المفسرين كما قاله ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (7/382)
يقول ابن القيم رحمه الله : " وفي هذا دلالة على أن الله قد كان أعلمهم أن بني آدم سيفسدون في الأرض ، وإلا فكيف كانوا يقولون ما لا يعلمون ، والله تعالى يقول وقوله الحق (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) ، والملائكة لا تقول ولا تعمل إلا بما تؤمر به لا غير ، قال الله تعالى ( ويفعلون ما يؤمرون ) "
انتهى . "مفتاح دار السعادة" (1/12) .
القول الثاني : أنهم قاسوه على أحوال من سلف قبل آدم على الأرض ، وهم الجن ، فقد سبقوا الإنسان في الأرض وكانوا يفسدون فيها ويسفكون الدماء ، فعلمت الملائكة أن البشر سيكونون على حال من سبقهم .
روي نحو هذا عن ابن عباس وأبي العالية ومقاتل . انظر "زاد المسير" (1/61)
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قول الملائكة : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) يرجِّحُ أنهم خليفة لمن سبقهم ، وأنه كان على الأرض مخلوقات قبل ذلك تسفك الدماء وتفسد فيها ، فسألت الملائكة ربها عزّ وجلّ : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) كما فعل من قبلهم "
انتهى . "تفسير القرآن الكريم" (1/آية 30) .
القول الثالث : أنهم فهموا ذلك من الطبيعة البشرية .
وهو الذي يبدو من اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة" (6/149)
يقول العلامة الطاهر ابن عاشور : " وإنما ظنوا هذا الظن بهذا المخلوق من جهة ما استشعروه من صفات هذا المخلوق المستخلف ، بإدراكهم النوراني لهيئة تكوينه الجسدية والعقلية والنطقية ، إما بوصف الله لهم هذا الخليفة ، أو برؤيتهم صورة تركيبه قبل نفخ الروح فيه وبعده ، والأظهر أنهم رأوه بعد نفخ الروح فيه ، فعلموا أنه تركيب يستطيع صاحبه أن يخرج عن الجبلة إلى الاكتساب ، وعن الامتثال الى العصيان ... ، ومجرد مشاهدة الملائكة لهذا المخلوق العجيب المراد جعله خليفة في الأرض كاف في إحاطتهم بما يشتمل عليه من عجائب الصفات .. "
قال : " وفي هذا ما يغنيك عما تكلف له بعض المفسرين من وجه اطلاع الملائكة على صفات الإنسان قبل بدوها منه .. " انتهى مختصرا من "التحرير والتنوير" (1/230) .
القول الرابع : أنهم فهموا من قوله تعالى ( خليفة ) أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ، ويردعهم عن المحارم والمآثم ، قاله القرطبي "الجامع لأحكام القرآن" (1/302) .
والمعنى : أنه إذا كان هناك خليفة يحكم بين الناس في المظالم ، فإنه يلزم من ذلك أن هؤلاء الناس تقع منهم المظالم .
وأنت ترى أخي السائل أنها أقوال مختلفة ليس على أي منها نصوص صريحة من الكتاب والسنة ، إنما هي استنباطات لأهل العلم ، قد تصيب وقد تخطئ ، وإنما أراد الله تعالى أن نتعلم ما في هذه القصة من العبرة والعظة ، وما كرم الله تعالى به الإنسان حين خلق آدم فأسجد له الملائكة ، وما سوى ذلك من تفاصيل القصة ، لا يضر الجهل بها ، لذلك لم يأت الكتاب ببيانها ، والله تعالى أعلم بالصواب .
تنبيه : ليس في هذا السؤال من الملائكة المكرمين لرب العزة سبحانه ، عن خلق آدم وذريته اعتراض على الحكمة ، أو معارضة لله سبحانه ، فإنهم منزهون عن ذلك . قال ابن كثير رحمه الله : وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ، ولا على وجه الحسد لبني آدم ، كما قد يتوهمه بعض المفسرين ,
وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول ، أي : لا يسألونه شيئاً لم يأذن لهم فيه , .. وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك ؛ يقولون: يا ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء ، مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ؟!! فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، أي نصلي لك ... ولا يصدر منا شيء من ذلك, وهلا وقع الاقتصار علينا ؟
قال الله تعالى مجيباً لهم عن هذا السؤال : {إني أعلم مالا تعلمون} أي : إني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف ، على المفاسد التي ذكرتموها ، مالا تعلمون أنتم ؛ فإني جاعل فيهم الأنبياء ، وأرسل فيهم الرسل ، ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء والعاملون والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم .. )
تفسير ابن كثير (1/69) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-09, 02:54
السؤال
يقول الله تعالى ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) ؛ أحب أن أعرف : هل الحيوانات من أمثال الخنزير والوزغ وغيرها مما أمر بقتلها هل تسبح الله ؟
الجواب :
الحمد لله
يقول الله جل وعلا : ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) الإسراء / 44
ويقول عز وجل : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) النور / 41
ويقول سبحانه : ( سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الحديد / 1
ويقول سبحانه أيضا : ( يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) الجمعة / 1 .
فأفاد ظاهر هذه الآيات العموم في أن كل ما دونه سبحانه من خلقه يسبح بحمده ، لا يخرج عن هذا العموم شيء ، ولكن كل مخلوق له تسبيح يخصه ويناسبه . وعلى ذلك عامة أهل السنة ، وقد تواردت نصوصهم على إثبات ذلك :
قال عكرمة : لا يَعِيبنّ أحدكم دابته ولا ثوبه ، فإن كل شيء يسبح بحمده .
"تفسير الطبري" (17 / 455)
وقال النخعي وغيره : هو عام فيما فيه روح ، وفيما لا روح فيه ، حتى صرير الباب .
"الجامع لأحكام القرآن" (10 / 268)
قال ابن كثير رحمه الله :
" وقوله : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) أي : وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله ( وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) أي : لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس ؛ لأنها بخلاف لغتكم . وهذا عام في الحيوانات والنبات والجماد ، وهذا أشهر القولين ، كما ثبت في صحيح البخاري ، عن ابن مسعود أنه قال : كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل "
انتهى ."تفسير ابن كثير" (5 / 79) ، وينظر : " تفسير ابن كثير" (6 / 72) .
وقال البغوي رحمه الله :
" ومذهب أهل السنة والجماعة أن لله تعالى علما في الجمادات وسائر الحيوانات سوى العقل ، لا يقف عليه غيره ، فلها صلاة وتسبيح وخشية كما قال جل ذكره : ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) وقال : ( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ) وقال : ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر ) الآية ، فيجب على المؤمن الإيمان به ويكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى " انتهى .
"تفسير البغوي" (1 / 111)
وقال القرطبي رحمه الله :
" ذلك تسبيح مقال على الصحيح من الأقوال " انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (15 / 159) وينظر أيضا : (10 / 266-268) .
وينظر أيضا : " مجموع فتاوى ابن باز" (24 / 292) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-09, 03:00
السؤال:
وصف الله الجنة أن عرضها كعرض السماوات والأرض . سؤالي هو من المعروف أن السماء أكبر بكثير جدا من الأرض ؛ فما فائدة إدخال الأرض في هذا الوصف ؟
مثلا كأن تقول : مساحة روسيا أكبر من السعودية والرياض ؛ فما فائدة إدخال الرياض في هذا الوصف ، فهو لا يفيد في شيء ، فالرياض جزء من السعودية .
الجواب :
الحمد لله
قال الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران/ 133.
وقال عز وجل : ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ) الحديد/ 21 .
قال القرطبي رحمه الله :
" اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : تقرن السماوات وَالْأَرْضُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ كَمَا تُبْسَطُ الثِّيَابُ وَيُوصَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ، فَذَلِكَ عَرْضُ الْجَنَّةِ ، وَلَا يَعْلَمُ طُولَهَا إِلَّا اللَّهُ ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَذَلِكَ لَا يُنْكَرُ .
وقَالَ قَوْمٌ : الْكَلَامُ جَارٍ عَلَى مَقْطَعِ الْعَرَبِ مِنَ الِاسْتِعَارَةِ ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجَنَّةُ مِنَ الِاتِّسَاعِ وَالِانْفِسَاحِ فِي غَايَةٍ قُصْوَى حَسُنَتِ الْعِبَارَةُ عنها بعرض السماوات وَالْأَرْضِ، كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ : هَذَا بَحْرٌ ، وَلِشَخْصٍ كَبِيرٍ مِنَ الْحَيَوَانِ : هَذَا جَبَلٌ ، وَلَمْ تَقْصِدِ الْآيَةُ تَحْدِيدَ الْعَرْضِ ، وَلَكِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهَا أوسع شي رَأَيْتُمُوهُ ".
انتهى من "تفسير القرطبي" (4/ 204-205) .
وقال ابن عاشور رحمه الله :
" وَذِكْرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْعَرَبِ فِي تَمْثِيلِ شِدَّةِ الِاتِّسَاعِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ عَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَقِيلَ: هُوَ عَرْضُهَا حَقِيقَةً ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ الْآنَ لَكِنَّهَا أَكْبَرُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَهِيَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ تَحْتَ الْعَرْشِ " انتهى .
وقال الشوكاني رحمه الله :
" اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ : إلى أنها تقرن السماوات وَالْأَرْضَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ كَمَا تُبْسَطُ الثِّيَابُ وَيُوَصَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَذَلِكَ عَرْضُ الْجَنَّةِ ، وَنَبَّهَ بِالْعَرْضِ عَلَى الطُّولِ ، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الطُّولَ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنَ الْعَرْضِ .
وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ جَاءَ عَلَى نَهْجِ كَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الاستعارة دون الحقيقة ، وذلك أنها لمّا كَانَتِ الْجَنَّةُ مِنَ الِاتِّسَاعِ وَالِانْفِسَاحِ فِي غَايَةٍ قصوى ، حسن التعبير عنها بعرض السموات وَالْأَرْضِ مُبَالَغَةً ، لِأَنَّهُمَا أَوْسَعُ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِيمَا يَعْلَمُهُ عِبَادُهُ ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ التَّحْدِيدَ "
.
انتهى من "فتح القدير" (1/ 437) وينظر : "التحرير والتنوير" (4/ 89) .
فقد تبين أن للعلماء قولين في تفسير الآية : قول الجمهور : أن المراد هنا العرض الحقيقي ، وفي ضمنه تنبيه على الطول ، والقول الثاني أن المراد بيان سعة الجنة ، دون خصوص ذكر الطول والعرض ، وإنما جرى التعبير على عادة العرب في مثل ذلك .
وأيا ما كان الأمر ، فلا وجه لما ذكر في السؤال من التمثيل بمساحة ... ، فهذا كله بعيد عن الوجه المذكور في الآية ، والرياض التي مثل بها : هي جزء من السعودية ، وأما السماوات والأرض فأمران مستقلان تماما .
وقد جرت عادة البيان الشرعي في مثل ذلك ، بالتعبير عن المعاني الغيبية ، بما يفهمونه الناس من لغتهم ، ويعتادونه من خطابهم ، ولا شك أن ذكر الأرض التي يعرفونها ، ويشاهدون سعتها ، وامتداد أطرافها ، أدل على المقصود ، وأقرب إلى فهم المراد من طي ذكرها بالمرة .
والواجب عليك يا عبد الله أن تعلم أن فضل ما بين كلام الله جل جلاله وكلام البشر ، كفضل ما بين الله جل جلاله ، وخلقه ؛ وقد جل كلام الله أن يوجد فيه شيء من الاختلاف ، أو العيب
أو النقصان عن مقامات الجمال والجلال والفصاحة ، التي تليق بأشرف الكلام ؛ ومتى عجز أو قَصُرَ فهم العبد عن شيء من ذلك ، فالواجب عليه أن يتهم فهمه ، وعقله ، وعلمه ، وذوقه ، وما لم يبلغه علمه من ذلك : رده إلى عالمه ، ووكله إلى أهله وصاحبه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-09, 03:05
حديث مكذوب في محاولة جبريل
عليه السلام أن يقيس عرض الجنة
السؤال:
أريد أن توجهوني هل هذا حديث أم أثر ، لكي أعرف كيف أرد على كاتبي هذا الحديث أو المعتقدين به : عن جبرئيل عليه السلام عندما طلب الإذن من الله بأن يقوم بقياس عرض الجنة ، فأعطاه الله الإذن بذلك ، فانطلق بالطيران في الجنة ، فطار مدة 300 ألف عام ثم توقف وطلب من الله أن يمده بالعون ليطير 300 ألف عام أخرى ، فأمدَّه الله سبحانه وتعالى ، فانطلق جبريل ، ولما قطع 300 ألف عام توقف ، وطلب من الله أن يمده ب 300 ألف عام أخرى
وهكذا حتى قطع جبريل 900 ألف عام يطير في الجنة ، ثم توقف فرأى قصرا في الجنة قد أطلت منه إحدى الحوريات ، فقالت له يا جبرئيل ماذا تفعل ؟ قال أريد أن أقيس عرض الجنة ، قالت : يا جبرئيل لا تتعب نفسك ، أنت الآن منذ انطلاقتك الأولى تطير في حدود مملكتي ، قال : ومن أنت ؟ قالت : أنا زوجة لأحد المؤمنين
الجواب:
الحمد لله
ليس هذا النقل الوارد في السؤال بحديث ولا بأثر ، ولم يذكره أحد من أهل العلم من المُحدِّثين ولا المفسرين ولا المؤرخين ، فيما نعلم ؛ وإنما تتناقله بعض كتب الرافضة ومواقعهم ، وهي مليئة بالكذب والأساطير والخرافات ، فيبدو أن هذه القصة واحدة من افتراءاتهم على الدين .
والمسلم يستغني في وصف الجنة بما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة ، فقد وصف الله عز وجل عرض الجنة في القرآن الكريم فقال :
( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران/133.
وقال عز وجل :
( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) الحديد/21.
يقول الإمام البغوي رحمه الله :
" ( عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأرْضُ ) أي : عرضها كعرض السموات والأرض ، كما قال في سورة الحديد : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) أي : سَعَتُها ، وإنما ذكر العرض على المبالغة ؛ لأن طول كل شيء في الأغلب أكثر من عرضه ، يقول : هذه صفة عَرْضِها فكيف طُولها ! قال الزهري : إنما وصف عرضها
فأما طولُها فلا يعلمه إلا الله ، وهذا على التمثيل ، لا أنها كالسموات والأرض لا غير ، معناه : كعرض السموات السبع والأرضين السبع عند ظنكم ، كقوله تعالى : ( خالدين فيها ما دامت السمواتُ والأرضُ ) سورة هود/107
يعني : عند ظنكم ، وإلا فهما زائلتان ، وروي عن طارق بن شهاب أن ناسًا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب وعنده أصحابه رضي الله عنهم وقالوا : أرأيتم قوله : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأرْضُ ) فأين النار ؟ فقال عمر : أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ، وإذا جاء النهار أين يكون الليل ؟ فقالوا : إنه لمثلها في التوراة . ومعناه أنه حيث يشاء الله " انتهى.
معالم التنزيل " (2/104)
وإذا كان قد ورد في وصف شجرة من أشجار الجنة أنه ( يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا ) رواه البخاري (3251) ومسلم (2826)، فكيف هو شأن الجنة نفسها إذن ؟!
وإذا كان ورد أيضا أن أدنى أهل الجنة منزلة له ( مِثْلُ الدُّنْيَا وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهَا ) رواه البخاري (6571) ومسلم (186)، وهو فرد واحد ، فكيف تكون سعة الجنة لجميع أهلها ومن فيها إذن ؟! هذا يدلك على أن الجنة من أعظم مخلوقات الله عز وجل .
فالحاصل أن هذا الخبر الوارد في السؤال غير صحيح ، بل مكذوب مصنوع ، تتناقله بعض المنتديات التي تكثر فيها الخرافات ، فلا بد من الحذر منها .
وقد اتفق علماء المسلمين على حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرمة رواية الأحاديث المكذوبة ولو كان معناها مقبولا ، فالكذب نفسه كبيرة من كبائر الذنوب ، فإذا كان كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعظم إثما عند الله .
والله أعلم .
الشيخ محم\ صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-04-09, 03:10
الحكمة من خلق البشر على ألوان
مختلفة أبيض وأسود ونحوه
السؤال
هل هناك إجابة من القرآن تشرح السر في أن خلق الله الناس بيضاً وسوداً ؟
منذ زمن طويل وأنا اسأل هذا السؤال فلم أجد له شرحاً مقنعاً .
الجواب :
الحمد لله :
عن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ ، مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَسْوَدُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَصْفَرُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ ، وَالْخَبِيثُ وَالطِّيبُ ) .
أخرجه الترمذي (2955) وابن حبان: ( 6160 ) ، وصحّحه الألباني في" الصحيحة " (1630).
وفي هذا الحديث أن اختلاف ألوان الناس ، وأخلاقهم ، وهو من خلق الله وتقديره ، مناسب للأصل الذي خرجوا منه ، والطينة التي منها خلقوا ؛ فتراب الأرض ، ومناحيها ، ليس كله على لون واحد ؛ بل منه الأحمر والأبيض والأسود .. ، وهكذا جاءت ألوان الناس وأشكالهم المختلفة : ما بين أحمر ، أو أسود ، أو أبيض .. ، وهكذا .
وفي طبائع الأرض اختلاف كذلك ؛ فمنها أرض وعرة ، عسيرة المسلك ، ومنها السهل الذي وطئته الأقدام ، ومنها ما بين ذلك ؛ وهكذا كانت أخلاق الناس ؛ فمنهم الهين اللين ، السهل الرفيق ؛ ومنها الصعب ، عسر الأخلاق ، ومنهم ما سوى ذلك .
ومن الناس الطيب المؤمن ، ومنهم الخبيث الكافر ؛ وهكذا حال الأرض التي منها خلقوا .
وهذا كله من دلائل قدرة الله جل جلاله ، وعظيم سلطانه ؛ وأن الخلق كلهم ، مؤمنهم وكافره ، سهلهم وحزنهم ؛ لا يخرجون عن قبضة الله وقدرته وسلطانه ، بل الكل في ملكه وملكوته ، مسخر بأمره وتقديره ؛ خلقهم على ما شاء من حكمة ، وجعل خلقهم ، واختلافهم آية على قدرته ، ودليل على عظمته
وأنه القادر الذي يخلق ما يشاء ويختار ، ما كان لأحد من خلقه شيء من الخيرة في خلقه وأمره وسلطانه ؛ بل هو متفرد سبحانه بالخلق كله : ( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) الأعراف/54 ، وقال تعالى : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص/68 ، وقال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ) الروم/22 .
قال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله ، في " أضواء البيان " (6/ 173) :
" وَقَوْلُهُ: وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ، قَدْ أَوْضَحَ تَعَالَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ اخْتِلَافَ أَلْوَانِ الْآدَمِيِّينَ وَاخْتِلَافَ أَلْوَانِ الْجِبَالِ ، وَالثِّمَارِ ، وَالدَّوَابِّ ، وَالْأَنْعَامِ ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ ، وَاسْتِحْقَاقِهِ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ ، .. وَاخْتِلَافُ الْأَلْوَانِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَرَائِبِ صُنْعِهِ تَعَالَى وَعَجَائِبِهِ ، وَمِنَ الْبَرَاهِينَ الْقَاطِعَةِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ جَلَّ وَعَلَا ، وَأَنَّ إِسْنَادَ التَّأْثِيرِ لِلطَّبِيعَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ "انتهى .
وعلى كل حال : فالواجب على المؤمن أن يسلم لله سبحانه تعالى حكمته البالغة في خلقه وأمره ، فما تبين لنا منها ، حمدنا الله على ما بين لنا من مراده وحكمه ، وما زاد المؤمن ذلك إلا إيمانا وتسليما
وما خفي علينا أمره ، فوضناه إلى عالمه ، وآمنا به : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) آل عمران/7 .
والله أعلم
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-10, 04:59
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الأدلة الشرعية على أن خلق آدم كان قبل خلق
حواء عليهما السلام ، وأن الله خلقها منه .
السؤال:
أنا مسلمة إيطالية ، اعتنقت الإسلام منذ 14 عامًا والحمد لله ، قمت بعمل مؤسسة عن المرأة المسلمة ، وقد دعيت في الشهر القادم لحضور مؤتمر عن "الإسلام والمرأة" ، وعلمت أن الضيف الأساسي في هذا المؤتمر هي امرأة مسلمة مغربية معروفة بآرائها الغريبة والشاذة عن خلق الله عز وجل لآدم عليه السلام والسيدة حواء. وفكر هذه المرأة باختصار، أنها تقول : إن الله عز وجل لم يخلق آدم أولا ثم حواء
وليس هناك ثمة أدلة على ذلك ، بل إنه ربما خلق آدم وحواء معًا في نفس الوقت وأنكرت حديث "الضلع" وقالت : إنه غير متوافق مع ما ورد في القرآن الكريم !َ لا أعرف أنا شخصيًا على ما استندت هذه المرأة في كلامها ، وما هي الأدلة التي أتت بها من القرآن الكريم على أن الله عز وجل خلق آدم وحواء معا، ما أعلمه أنا شخصيًا أن العديد من الآيات في القرآن الكريم تدل على أن الله عز وجل خلق آدم أولا : "سورة ص الآية 72
وسورة الحجر الآية 29، وسورة الأعراف الآية 12، وسورة طه الآية 117، 121 وكثير من الآيات". تريد هذه المرأة أن تفسر القرآن الكريم على هواها الشخصي ، وبرؤيتها هي لا برؤية المفسرين ولا أي من العلماء ، ويدعمها في ذلك مجموعة من النساء اللاتي لم يتخرجن من الكليات الشرعية .
ما أريده هو أن أحصل على آراء علماء يؤيدون رأيي في أن الله عز وجل خلق آدم أولاى، لأحتج بآرائهم ولقد حصلت بالفعل على رأي رسمي من شيخ جليل هنا في إيطاليا وهو يؤيد رأيي .
هل لي أن أعرف رأي حضرتكم يا شيخ في هذا الموضوع ؟ وهل لي أن أحتج به في المؤتمر الذي أحضره وأعلن هذا الرأي باسمكم ؟
الجواب :
الحمد لله
قد تضافرت الأدلة الشرعية من نصوص الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة ومن تبعهم من الأئمة على أن آدم عليه السلام أصل النوع البشري ، خلقه الله من تراب ، ثم خلق منه زوجته حواء ، فبث منهما البشر جميعا .
قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ) النساء/ 1 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" يقول تعالى آمرًا خلقه بتقواه ، وهي عبادته وحده لا شريك له ، ومُنَبّهًا لهم على قدرته التي خلقهم بها من نفس واحدة ، وهي آدم ، عليه السلام ( وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) وهي حواء عليها السلام ، خلقت من ضِلعه الأيسر من خلفه وهو نائم ، فاستيقظ فرآها فأعجبته ، فأنس إليها وأنست إليه وروى ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مقاتل، حدثنا وكيع ، عن أبي هلال ، عن قتادة عن ابن عباس قال : خُلقَت المرأة من الرجل "
انتهى من " تفسير ابن كثير" (2 /206) .
فمبدأ البشر آدم ، ثم جاءت منه حواء ، ثم جاء منهما البشر جميعا .
يوضح ذلك قوله تعالى :
( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) الزمر/ 6 .
فقوله : ( ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) واضح الدلالة على أن خلق آدم كان أولا ، ثم خلقت حواء منه بعد ذلك .
وعبّر بحرف العطف ( ثم ) الذي يدل على الترتيب والعطف الرتبي ؛ ليبين أن ترتيب الخلق هكذا : آدم أولا ، ثم حواء منه ، ثم سائر البشر منهما .
وأكد ذلك بقوله ( نفس واحدة ) ليدل على أن أصل النوع البشري نفس واحدة ، لا نفسان .
وفي ذلك دليل واضح على رد قول من يقول إن الله تعالى خلقهما معا .
قال الطبري رحمه الله :
" يقول تعالى ذكره : ( خَلَقَكُمْ ) أيها الناس( مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) يعني من آدم ( ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) يقول : ثم جعل من آدم زوجه حواء ، وذلك أن الله خلقها من ضِلَع من أضلاعه "
انتهى من " تفسير الطبري " (21/254) . وينظر أيضا : "تفسير الطبري" (7 /515) .
وروى البخاري (3331) ومسلم (1468) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ) .
وهذا بيان من السنة الصحيحة أن حواء خلقت من ضلع .
وقد تقدم أنه يجب على كل مسلم أن يؤمن بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كلها - إن صحت عنه - وألا يرد شيئاً منها ؛ لأن أحاديثه وسنته صلى الله عليه وسلم وحي من الله ، والذي يرد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رد الوحي من الله .
قال النووي رحمه الله في شرحه للحديث المتقدم :
" وَفِيهِ دَلِيل لِمَا يَقُولهُ الْفُقَهَاء أَوْ بَعْضهمْ أَنَّ حَوَّاء خُلِقَتْ مِنْ ضِلْع آدَم , قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا ) وَبَيَّنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ ضِلْع" .
وهذا من تمام قدرته سبحانه ومطلق مشيئته ؛ ليعلم المخلوق كيف كان أصله ، وما هو مبدأ خلقه ، وأن الله على كل شيء قدير ، فيعلم ضعفه وقلة حيلته ، ويعلم عظمة ربه في قدرته ومشيئته ، فحري به بعد ذلك أن يؤمن به ويسلم له .
*عبدالرحمن*
2018-04-10, 05:01
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" خلق سائر الخلق من ذكر وأنثى ، وكان خلق آدم وحواء أعجب من خلق المسيح ؛ فإن حواء خلقت من ضلع آدم ، وهذا أعجب من خلق المسيح في بطن مريم ، وخلق آدم أعجب من هذا وهذا وهو أصل خلق حواء "
انتهى من "الجواب الصحيح" (4 /54) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" ... ليرى عباده أنه خالق أصناف الحيوان كلها كما يشاء وفي أي لون شاء ، فمنها المتشابه الخلقة المتناسب الأعضاء ، ومنها المختلف التركيب والشكل والصورة ، كما يرى عباده قدرته التامة في خلقه لنوع الإنسان على الأقسام الأربعة الدالة على أنه مخلوق بقدرته ومشيئته ، تابع لها ، فمنه ما خلق من غير أب ولا أم
وهو أبو النوع الإنساني ، ومنه ما خلق من ذكر بلا أنثى ، وهي أمهم التي خلقت من ضلع آدم ، ومنه ما خلق من أنثى بلا ذكر ، وهو المسيح ابن مريم ، ومنه ما خلق من ذكر وأنثى وهو سائر النوع الإنساني ، فيرى عباده آياته ويتعرف إليهم بآلائه وقدرته وأنه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون "
انتهى من "مفتاح دار السعادة" (1 /242) .
وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
" مِن حكم خلقه عيسى من امرأة بغير زوج ليجعل ذلك آية للناس أي علامة دالة على كمال
قدرته وأنه يخلق ما يشاء كيف يشاء ، إن شاء خلقه من أنثى بدون ذكر كما فعل بعيسى
، وإن شاء خلقه من ذكر بدون أنثى كما فعل بحواء
كما نص على ذلك بقوله : ( وخلق منها
زوجها ) النساء/1 ، أي خلق من تلك النفس التي هي آدم زوجها حواء ، وإن شاء خلقه
بدون الذكر والأنثى معا كما فعل بآدم ، وإن شاء خلقه من ذكر وأنثى كما فعل بسائر
بني آدم "
انتهى من "أضواء البيان" (4 / 259) .
وعلى ذلك جمهور علماء المسلمين من السلف والخلف : أن الله تعالى خلق آدم أولا ثم خلق منه حواء ، ثم خلق منهما البشر جميعا :
فعَنْ قَتَادَةَ قال " جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا قَالَ : خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلاعِهِ لِيَسْكُنْ إِلَيْهَا .
"تفسير ابن أبي حاتم" (5/ 1631)
وعن مجاهد في قوله : ( وخلق منها زوجها ) قال: حواء، من قُصَيري آدم وهو نائم .
"تفسير الطبري" (7 /515)
ثم روى معناه عن ابن عباس والسدي وابن إسحاق .
وقال البغوي رحمه الله :
" خلق الله حواء من ضلع آدم "
"تفسير البغوي" (7 /186)
وانظر : "تفسير ابن أبي حاتم" (12/ 410) ، "التحرير والتنوير" (4 /216) ، "فتح القدير" (2 /399) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" ثبت في القرآن والسنة ما يدل على خلق آدم من تراب ، وخلق زوجه حواء منه "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /15) .
والواجب في هذه المسألة وما يشبهها : أن يُنَاقش المخالف بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويبيَّن له أن الأصل الرجوع إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، وما تلقاه الخلف عنهم ، وأن هذه القضايا الكبرى لا مجال للاجتهاد فيها ، فمن كان لديه أثارة من علم فليدل بدلوه ، ومن لم يكن عنده علم في ذلك الباب : وسعه السكوت .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-10, 05:09
لماذا لم يخلق الله حواء مع آدم
عليهما السلام في وقت واحد ؟
السؤال:
كنت أتحدث مع أحد الملحدين فسألني عن خلق حواء قائلاً : لماذا لم يخلق الله حواء إلا بعد آدم بوقت طويل ، في حين أنه كان يعلم حاجة آدم الى رفيق يؤانسه؟ فإذا كان الله يعلم كل شيء ، فلماذا لم يخلقهما معاً في وقت واحد؟ أرجو تزويدي بالإجابة كي أردّ عليه.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا بد أن نعلم أن الله تعالى فعال لما يريد ، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ، وليس للعبد أن يسأل الرب عن فعله لم فعله ؟
قال الإمام إسحاق بن إبراهيم رحمه الله :
" لا يجوز الخوض في أمر الله كما يجوز الخوض في أمر المخلوقين ؛ لقول الله تعالى (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الأنبياء/23 ، ولا يجوز أن يتوهم على الله بصفاته وأفعاله بفهم ، ما يجوز التفكر والنظر فيه من أمر المخلوقين "
انتهى من "الاستقامة " لابن تيمية (1 /78).
وليس ذلك لمجرد أنه القادر القهار الفعال لما يريد ، فحسب ؛ بل لأن فعله سبحانه كله حكمة ، وعدل ورحمة : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/14 .
ثانيا:
قول هذا الملحد : " إن الله تعالى لم يخلق حواء إلا بعد وقت طويل من خلق آدم " !!
يقال له : من أين عرفت ذلك ؟!
إن هذا من أمر الغيب الذي لم تشهده أنت ، ولم يبلغه علم تاريخك ، وتاريخ أمثالك .
فإن كنت قد بلغك شيء من أخبار الأنبياء ، فصدقهم أولا في وحدانية الله وعظمته وجلاله ، وما أخبروا به من غيبه ووحيه ، وجنته وناره ، ثم بعد ذلك انظر ؛ فإن وجدت لمثل سؤالك هذا موضعا ، فاسأل !!
وإلا، فنحن نطالبك بالدليل على صحة كلامك الذي ادعيته ؛ فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين!!
وأما نحن فليس عندنا موضع لهذا السؤال من أصله ، لما قدمناه أولا من أن أول أصول هذا الدين : أن نستسلم بكليتنا لرب العالمين .
على أننا نقول لك : إن الظاهر إنه لم يكن هناك ذلك الزمان الطويل الذي تدعيه بين خلق آدم وخلق حواء ، وأن الله خلقها له من قبل أن يسكنه الجنة .
روى البخاري (3331) ومسلم (1468) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ . فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ )
قال الحافظ رحمه الله :
" قَوْلُهُ : ( خُلِقَتْ مِنْ ضِلَع ) أَخْرَجَهُ اِبْن إِسْحَاق وَزَادَ : ( الْيُسْرَى مِنْ قَبْل أَنْ يَدْخُل الْجَنَّة ، وَجُعِلَ مَكَانه لَحْم )
انتهى من " فتح الباري " (6/368) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" أَمَرَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَسْكُنَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ الْجَنَّةَ فَقَالَ ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) .
وقال في الأعراف ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) وَقَالَ تَعَالَى ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ) وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم الجنة ؛ لقوله ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ) وهذا قد صرح به ابن إسحاق ، وَهُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَاتِ "
انتهى باختصار من "البداية والنهاية" (1/ 81) .
ثالثاً:
ما المانع من أن تكون هناك حكمة لم يبلغها عقله ، ولم نقف عليها نحن ، وهل وقفت علوم البشر وعقولهم على كل ما في الكون ، علويه وسفليه من أسرار ؟!
هل كل ما عجز العلم عن اكتشافه ، والوقوف على حقيقته وسره حتى الآن ، أمر غير موجود ، ولا أمل في الوصول إليه ؟!
إذا ، ما حاجة العلماء إلى علومهم ، ومعاملهم ، وأبحاثهم ، وأرصادهم ؟!
ثم ما الذي يمنع من أن تكون لهذا فائدة أخرى ؛ حين يشعر آدم بالوحشة ، ليعرف بعدها قيمة الأنس بزوجه التي خلقها الله له ؟!
وما الذي يمنع من أن يكون ذلك دافعا له للحاجة إلى ربه والافتقار إليه في حاجته ، ودعائه أن يؤنس وحشته ؛ وهذا عبودية يحبها الله من خلقه ؟!
فسبحان من له الحكمة التامة والحجة البالغة .
والله تعالى أعلم .
............
ما الحكمة من خلق الله تعالى آدم عليه السلام
على مراحل مع قدرته على خلقه بكلمة "كن"؟
السؤال
: كما هو معلوم بأن الله خلق كل شيء من العدم بكلمة واحدة وهي كلمة " كن " ، فلماذا خلق آدم عليه السلام من صلصال ولم يخلقه من العدم بنفس الكلمة ؟ لم أستطع فهم هذه المسألة فأرجو الشرح والتوضيح .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
ما يوجد في القرآن الكريم من أن آدم عليه السلام خُلق من تراب ، أو من صلصال ، أو من طين : فإنما هي مراحل في خلقه ، وتُذكر كل مرحلة في مكانها المناسب في كتاب الله تعالى .
وأما ترتيب مراحل خلق الله سبحانه وتعالى لآدم : فإنها بدأت بـ " التراب " ، ثم أضيف إليه " الماء " فصار : " طيناً " ، ثم صار هذا الطين " حمأ مسنوناً " أي : أسود متغير ، فلما يبس هذا الطين - من غير أن تمسه النار - صار " صلصالاً " - والصلصال هو الطين اليابس لم تمسه نار ، ثم نفخ الله سبحانه وتعالى ، في مادة الخلق هذه من روحه ، فصار هذا المخلوق بشراً ، وهو آدم عليه السلام .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
إذا عرفت هذا فاعلم أن الله جل وعلا أوضح في كتابه أطوار هذا الطين الذي خلق منه آدم ، فبين أنه أولاً تراب ، بقوله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ) آل عمران/59 ، وقوله : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ) الحج/5 ، وقوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) غافر/67 ، إلى غير ذلك من الآيات .
ثم أشار إلى أن ذلك التراب بُلَّ فصار طيناً يعلق بالأيدي في مواضع أخر ، كقوله : (إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) الصافات/11 ، وقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ) المؤمنون/ 12 ، وقوله : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِنْ طِينٍ) السجدة/7 ، إلى غير ذلك من الآيات .
وبيَّن أن ذلك الطين أسودَّ ، وأنه متغير بقوله هنا : (حَمَأٍ مَسْنُونٍ) .
وبيَّن أيضاً أنه يبس حتى صار صلصالاً ، أي : تسمع له صلصلة من يبسه بقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ) الآية الحِجر/26 ، وقوله : (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) الرحمن/14 ، والعلم عند الله تعالى .
"أضواء البيان" (2/274 ، 275) .
ثانياً :
مما لا شك فيه أن الله تعالى لا يقدِّر شيئاً ولا يخلقه ولا يشرعه إلا لِحكَم بالغة ، فهو الحكيم سبحانه وتعالى ، ومن صفاته الحكمة ، لكنَّه تعالى لم يُطلع خلقه على حكَم كل ما شاءه أو شرعه ، والشريعة تأتي بما تحار به العقول لا بما تحيله العقول ، والعلماء حاولوا تلمس الحكَم فيما لم يطلعهم ربهم تعالى على حكَمه
فمنه ما استطاعوا الكلام فيه ، ومنه ما عجزوا عنه ، وفي كل الحالات سلَّموا الأمر لله تعالى أنه الحكيم في خلقه وشرعه ، وإن كانت المسائل شرعية بادروا لفعل الأمر ، والكف عن فعل النهي ، وهذا هو مقتضى العبودية .
والمسلم يعتقد جازماً أن أمر الله تعالى للشيء مهما بلغت عظمته إذا أراد خلقه وإيجاده أن يقول له " كن " فيكون ، كما جاء ذلك في مثل قوله تعالى (أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ . إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/81 82
وتأمل هاتين الآيتين فإنهما في سياق خلق السموات والأرض وخلق البشر ، فليس يعجزه – سبحانه - خلق ، فإذا شاء وجوده قال له "كن" فيكون ، فإذا أخبرنا الخالق أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام فلا شك أن في ذلك حكماً عظيمة - وينظر جواب السؤال رقم (20613) – وهكذا خلق أبينا آدم عليه السلام فهو قادر – سبحانه – أن يوجده بكلمة "كن" ، لكنه تعالى شاء أن يخلقه في أطوار ، ولا شك أن في ذلك حكماً جليلة .
ويمكن استنباط عدة حكم من ذلك :
1- أن الله تعالى خلقه من التراب والطين لإظهار عظيم قدرته .
والمقصود من ذكر هذه الأشياء : التنبيه على عجيب صنع الله تعالى إذ أخرج من هذه الحالة المهينة نوعاً هو سيد أنواع عالم المادة ذات الحياة .
" التحرير والتنوير " ( 14 / 42 ) .
2- ولاختلاف حال الخلق اختلف أصل خلقتهم ، فكان خلْقُه تعالى للملائكة من نور ، وخلْقُه للشياطين من نار ، وخلقه لآدم من تراب ، ومنه يُعلم أنه لما كان حال أولئك الخلق مختلفاً : كان أصل خِلقتهم مختلفاً ، فلما كان الملائكة للعبادة والتسبيح والطاعة : ناسب أن يكون خلقهم من نور ، ولما كان حال الشياطين للوسوسة والكيد والفتنة : ناسب أن يكون خلقهم من نار ، ولما كان الإنسان معمِّراً للأرض وفيه سهولة وليونة وصعوبة وشدة وطيب وخبث : ناسب أن يكون خلقه من مادة تحوي ذلك كله ، فالنار شيء واحد
والنور شيء واحد ، لكن التراب يختلف من مكان لآخر وهذا هو حال الإنسان ، وهو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ ، جَاءَ مِنْهُمْ الأَحْمَرُ وَالأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَبَيْنَ ذَلِكَ) رواه الترمذي (2955) وأبو داود (4693) وصححه الترمذي والألباني في "صحيح الترمذي" .
قال المباركفوري رحمه الله :
قال الطيبي : لمَّا كانت الأوصاف الأربعة ظاهرة في الإنسان والأرض : أجريت على حقيقتها ، وأُولت الأربعة الأخيرة لأنها من الأخلاق الباطنة ، فإن المعنى بالسهل : الرفق واللين ، وبالحزن : الخرق والعنف ، وبالطيب الذي يعني به الأرض العذبة : المؤمن الذي هو نفع كله ، وبالخبيث الذي يراد به الأرض السبخة : الكافر الذي هو ضر كله .
" تحفة الأحوذي " ( 8 / 234 ) .
3- ومن أعظم الحكَم : أن الله تعالى أراد تمييز آدم عن جميع خلقه بأن يخلقه بيده الكريمة مباشرة ، وهذا لا يكون إذا كان خلقه من العدم ، فالملائكة والجن مخلوقون من العدم ، ولا يقال فيهم إنه خلقهم بيده ، قال الله تعالى : (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) ص/75
وعندما يأتي الناس إلى أبيهم آدم عليه السلام للشفاعة للفصل بين الناس يقولون : (يَا آدَمُ ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ ، أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا ...) رواه البخاري (3162) ومسلم (194) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وإنما ذكروا ذلك له من النعَم التي خصه الله بها من بين المخلوقين دون التي شورك فيها ، فهذا بيان واضح ، دليل على فضله على سائر الخلق .
" مجموع الفتاوى " (4/366) .
ولمثل هذا الإكرام كان خلق آدم أعجب من خلق المسيح عليهما السلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وكان خلْق آدم وحواء أعجب من خلق المسيح ؛ فإن حواء خُلقت من ضلع آدم ، وهذا أعجب من خلق المسيح في بطن مريم ، وخلْق آدم أعجب من هذا وهذا ، وهو أصل خلق حواء .
" الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح " (4/55) .
وحكمة الله تعالى أعظم وأجل من أن تحيط بها عقول البشر .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-04-10, 05:13
الفرق بين القلم الذي كتب مقادير كل شيء
بأمر الله وبين القلم الذي يكتب به الناس
السؤال:
هل يجوز قول إن القلم اختراع بشري ؟
وهل هذا يتعارض مع ما ورد من أن أول ما خلق الله القلم ؟
علما بأننا نقصد بالقلم ، القلم الذي له جرم ، ويستخدم في الكتابة العادية ؟
الجواب :
الحمد لله
لابد أن نفرق بين القلم الذي كتب مقادير كل شيء بأمر الله وبين القلم الذي يكتب به الناس .
فالقلم الذي كتب المقادير شأنه عظيم بلا شك ، وهو قلم حقيقي ، كالذي يفهم الناس من معاني القلم ، وله جرم أيضا ، لكن لا يقدر قدره ، ولا يعلم حقيقة أمره إلا الله ؛ فقد روى الترمذي (2155) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ اكْتُبْ فَقَالَ مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ اكْتُبْ الْقَدَرَ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الْأَبَدِ )
صححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" لا يعلم كيفية اللوح والقلم إلا الله ، وهما مخلوقان من مخلوقات الله عز وجل ، نؤمن بذلك "
انتهى من "شرح العقيدة الطحاوية" (ص 111) .
وقال الشيخ يوسف الغفيص :
" وأما تفاصيل ماهية اللوح والقلم فإن هذا لم تفصله النصوص "
انتهى من "شرح العقيدة الطحاوية" (ص 136) .
وهو من نور ؛ كما روى الطبراني في "المعجم الكبير" (10605) عن ابن عباس قال : " لوددت أن عندي رجلا من أهل القدر فوجأت رأسه " !! قالوا : ولم ذاك ؟ قال : " لأن الله خلق لَوحا محفوظا من درة بيضاء ، دفتاه ياقوتة حمراء ، قلمه نور وكتابه نور " .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 /393): " رواه الطبراني من طريقين ، ورجال هذه ثقات ".
وقد خلقه الله عز وجل بيده ؛ كما روى الحاكم في "المستدرك" (3244) والآجري في "الشريعة" (750) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " خلق الله عز وجل أربعة أشياء بيده : آدم عليه السلام ، والعرش ، والقلم ، وجنات عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان "
وصححه الألباني في "مختصر العلو" (75) .
أما القلم الذي نكتب به فأمره معروف ، وحقيقة ماهيته لا تخفى على أحد ، ولا حرج من القول بأنه من اختراع البشر وابتكاراتهم ، ولا يتعارض ذلك مع إيماننا بأن أول ما خلق الله تعالى هو القلم ؛ لأن هذا القلم الذي كتب الله به مقادير كل شيء غير تلك الأقلام التي يستعملها الناس ويصنعونها على أشكال مختلفة وبصور متعددة ، وقلم القدر خلقه الله بيده ، أما هذه الأقلام فمن صنع البشر .
مع أن هذه الأقلام التي يصنعها البشر ، بل كل ما يصنعونه ويعملونه : هو أيضا من خلق الله تعالى ، ولا تعارض بين الأمرين ؛ فالله جل جلاله هو خالق العباد ، وخالق أعمالهم ، وهو خالق ما في الكون كله ، والعبد صانع لما يصنعه ، ولا تعارض بين الأمرين ؛ فإذا كان الله هو خالق العباد ، فهو خالق لما يعمله العباد .
والله تعالى أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-11, 04:35
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
ظاهرة الشهب في القرآن الكريم .
السؤال:
ظاهرة الشهب كيف فسرها القرآن ؟
هل هي مجرد أجسام صلبة تدخل المجال الجوي للأرض ؟
أم أنها راجمات للجن والشياطين الذين يستمعون لما يجري في السماء من أخبار؟
الجواب :
الحمد لله
قد جاء ذكر الشهب في كتاب الله في غير ما آية :
فقال تعالى : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ) الحجر/ 16 – 18 .
وقال تعالى : ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات/ 10 .
وقال الله تعالى عن الجن : ( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) الجن/ 8 ، 9 .
وقال عز وجل : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ) الملك/ 5 .
فالشهب الراجمة نار منفصلة من النجوم ، تنطلق بقدرة الله تعالى لترجم هؤلاء الشياطين
فالمقصود بجعلها رجوما للشياطين أنه يخرج منها شهب من نار ، فتصيب هذه الشياطين ، ولا يعني ذلك أنها بذواتها يُقذف بها ، فالشهب : نيازك تنطلق من النجوم يرجم بها الشياطين
راجع : "التسهيل لعلوم التنزيل" لابن جزي(ص2423) ، "تفسير ابن كثير" (8 / 177)
وقد روى البخاري (4800) عن أبي هريرة قال : إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال َ: ( إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ : الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ . فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ
فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ، فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا ؟ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاءِ ) .
ورواه ابن حبان في صحيحه (36) بلفظ : ( فربما أدركه الشهاب قبل أن يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه ، وربما لم يدركه الشهاب حتى يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه ) .
قال ابن كثير رحمه الله :
" جعل الله الشُهب حرسًا لها من مَرَدة الشياطين، لئلا يسمعوا إلى الملأ الأعلى، فمن تمرد منهم وتقدم لاستراق السمع ، جاءه شِهَابٌ مُبِينٌ فأتلفه ، فربما يكون قد ألقى الكلمة التي سمعها قبل أن يدركه الشهاب إلى الذي هو دونه ، فيأخذها الآخر ، ويأتي بها إلى وليه ، كما جاء مصرحا به في الصحيح "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (4 /528) .
وهذا يعني أن هذه الشهب يقذف بها في جو السماء ، ولا يمنع ذلك من دخولها المجال الجوي للأرض بعد قذف الشيطان ورجمه بها ، وقد تنزل إلى الأرض وتحدث بها تصدعا .
والشهب في النظريات الفلكية الحديثة : ظاهرة ضوئيّة خاطفة تبدو عادةً في صفحة السماء ليلاً أو نهاراً، ولكنها في الفترة الليليّةِ تكون أكثر وضوحاً. ويظهر الشهاب في الأغلب خطّاً متألقاً يقوده رأس ساطع يظهر هاوياً باتجاه الأرض كأنه سهم ناريٌّ منقضٌ سرعان ما يتلاشى في أعالي الجوِّ، أو قد يبدو في سقوطه مثل كرة ناريّةً متوهجة منقذفة من السماء نحو الأرض بسرعة خاطفةٍ .
وهذا يوافق في الجملة المعنى الشرعي للشهب .
وقد ظهر التوافق بين ما ذكر في كتاب الله عن الشهب وبين ما يذكره أهل هذا العلم من عدة نواحٍ :
- قال تعالى : (وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ)
قال الشوكاني رحمه الله :
" الرجم في اللغة هو الرمي بالحجارة " "
فتح القدير" (3 /179)
فإذا أخذنا في الاعتبار أن أصل الرجم هو الرمي بالحجارة فإن في واقع الشهب ما يوافقهُ ؛ إذ إن قسماً كبيراً من المستشهبات هو حجارة بالمعنى الكامل للكلمة ، وأكثر المستشهبات المعهودة هي في الواقع حصيّات .
- ثبتَ علميّاً أن الشهب لا تظهر ولا تنطلق إلاّ في الأيونوسفير بطبقاته الثلاث ، أي في الفضاءِ من فوق الأرض المحتلِّ لارتفاع معدّله من نحو 60كم أو 70كم إلى 1000كم تقريباً،
وبناء على هذا، فالأيونوسفير هو فضاء السماء الدنيا ، وهو ما يتوافق وقوله تعالى ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ) .
فالأيونوسفير طبقة مزيّنة بمصابيح، وهي نفسها مسرح الشهب أيضاً .
- عُلم بقوله تعالى ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ) الصافات/ 6 – 9 ، أن هذا الرجم مستمر ؛ لأن حفظ السموات دائم ، ولا يزال هؤلاء الشياطين يحاولون استراق السمع .
وقد اكتشفت علوم الفلك والجيوفيزياء أن هناك رجماً دائباً بقذائف داحرة تنقذف في السماء الدنيا باستمرارٍ، وفي جميع الاتجاهات .
- المستشهب في الأصل، قبل الهويِّ والانقضاض، لا يكون متّقداً ولا منيراً، ولكن يتّقد ويتوهّج وينير أثناء الانقضاض . وهو ما يوافق معنى قوله تعالى ( فأتبعه شهاب ثاقب ) .
أي مستنير شديد الإضاءة .
"التسهيل" (ص 1697) – "تفسير ابن كثير" (7/7)
وقال القرطبي رحمه الله :
" الثاقب : المضيء ، ومنه (شِهَابٌ ثَاقِبٌ) ، يقال : ثقب يثقب ثقوبا وثقابة : إذا أضاء ، وثقوبه : ضوئه. والعرب تقول : أثقب نارك ؛ أي أضئها "
انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (20 /3) .
والخلاصة
: أن الشهب في كتاب الله هي تلك المقذوفات التي تنطلق بقدرة الله تعالى من الكواكب لترجم هؤلاء الشياطين المردة الذين يسترقون السمع من السماء ، فربما أدرك الشهاب الشيطان قبل أن يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه ، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه .
والقرآن ليس كتاب فلك أو فيزياء حتى يعنى بهذه الشهب من حيث تكوينها ومصادرها ومسارها ونحو ذلك ، إنما يتكلم عنها من جهة ما يخص الشريعة ، فيذكر أن منها شهبا ترجم الشياطين الذين يسترقون السمع ؛ فتُحفظ السماء من هؤلاء المردة ، ويعلم الناس أن الذي عليه الكهنة والعرافون باطل .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-11, 04:38
تفسير قوله تعالى :(ولقد زينا السماء
الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين).
السؤال :
جاء في القرأن قوله تعالى " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين" ولكني لم أستطع فهم هذه الأية. فهل المقصود بالمصابيح هنا النجوم أم الشهب والنيازك؟ فإذا كانت الأولى فكيف يمكن لمخلوق بحجم النجم أن يستخدم لرجم الشياطين؟ ارجو التوضيح ، ولكم جزيل الشكر.
الجواب :
الحمد لله
المقصود بالمصابيح في الآية : النجوم التي خلقها الله في السماء ، وقد جعل من هذه النجوم رجوما للشياطين
كما قال قتادة رحمه الله في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) : " خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ : جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا ؛ فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ : أَخْطَأَ ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ " .
ذكره البخاري عنه في صحيحه (4/107) معلقا مجزوما .
وراجع : "تفسير الطبري" (23 / 508) – "تفسير ابن كثير" (3 / 305) - "فتح القدير" (5 / 363) .
والمقصود بجعلها رجوما للشياطين أنه يخرج منها شهب من نار ، فتصيب هذه الشياطين ، ولا يعني جعلها رجوما أنها بذواتها يُقذف بها ، كما قال تعالى : ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات / 10 . فالذي يصيب هذه الشياطين من تلك النجوم هي تلك الشهب التي تخرج منها .
ويدل عليه ما رواه البخاري (4701) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ ، يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا لِلَّذِي
قَالَ : الْحَقَّ ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ . فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ ، وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ ، إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ ، حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الْأَرْضِ ، فَتُلْقَى عَلَى فَمْ السَّاحِرِ ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ، فَيُصَدَّقُ فَيَقُولُونَ : أَلَمْ يُخْبِرْنَا : يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا ، فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا ؟ - لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ ) .
فقوله في هذا الحديث : ( فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ ) يدل على أن شهاب النار يخرج من تلك النجوم فيصيب تلك الشياطين .
قال القرطبي رحمه الله :
" أي جعلنا شهبها ؛ فحذف المضاف ، دليله : ( إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها .
وقيل : إن الضمير راجع إلى المصابيح على أن الرجم من أنفس الكواكب ، ولا يسقط الكوكب نفسه إنما ينفصل منه شيء يرجم به ، من غير أن ينقص ضوءه ولا صورته " انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (18 / 210-211)
وقال ابن كثير رحمه الله :
" عاد الضمير في قوله : ( وَجَعَلْنَاهَا ) على جنس المصابيح لا على عينها ؛ لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ، والله أعلم "
انتهى . "تفسير ابن كثير" (8 / 177)
وقال الألوسي رحمه الله :
" جعلها رجوماً : يجوز أن يكون لأنه بواسطة وقوع أشعتها ... تحدث الشهب ، فهي رجوم بذلك الاعتبار ، ولا يتوقف جعلها رجوماً على أن تكون نفسها كذلك ، بأن تنقلع عن مراكزها ويرجم بها ، وهذا كما تقول : جعل الله تعالى الشمس يحرق بها بعض الأجسام ، فإنه صادق فيما إذا أحرق بها بتوسيط بعض المناظر ، وانعكاس شعاعها على قابل الإحراق " انتهى .
"تفسير الألوسي" (17 / 70)
وقال السعدي رحمه الله :
" جعل الله هذه النجوم حراسة للسماء عن تلقف الشياطين أخبار الأرض ، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم ، أعدها الله في الدنيا للشياطين " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 875)
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" قال العلماء في تفسير قوله تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين ) : أي : جعلنا شهابها الذي ينطلق منها ، فهذا من باب عود الضمير إلى الجزء لا إلى الكل .
فالشهب : نيازك تنطلق من النجوم .
وهي كما قال أهل الفلك : تنزل إلى الأرض ، وقد تحدث تصدعاً فيها ، أما النجم فلو وصل إلى الأرض لأحرقها " انتهى .
"القول المفيد على كتاب التوحيد" (1 / 227) .
ثانيا :
هذه مسألة قديمة ، أثارها الزنادقة في العصور المتقدمة طعنا في القرآن ، وقد تعرض الجاحظ للرد عليها ، والجاحظ وإن كان من أهل البدعة ، فلا بأس الاستئناس بكلامه ، في أمر لا يتعلق ببدعته .
قال الجاحظ عفا الله عنه ، في كتابه "الحيوان" (6 / 497-496) :
" قالوا : زعمتم أنَّ اللّه تعالى قال : ( وَلَقد زَيَّنا السَّمَاءَ الدُّنْيا بمصَابيحَ وَجَعَلْناهَا رُجُوماً للشّياطين ) ، ونحنُ لم نجدْ قطُّ كوكباً خلا مكانهُ ، فما ينبغي أنْ يكون واحدٌ من جميع هذا الخلق من سكّان الصحارى والبحار ومن يَراعِي النُّجوم للاهتداء أو يفَكِّر في خلق السموات أن يكون يرى كوكباً واحداً زائلاً مع قوله : ( وَجَعَلْناهَا رُجُوماً للشَّياطينِ ) ؟ .
قيل لهم : قد يحرِّك الإنسانُ يدَه أو حاجبَه أو إصبَعه فتضاف تلك الحركةُ إلى كلِّه فلا يشكُّون أنّ الكلَّ هو العاملُ لتلك الحركة ، ومتى فصَل شهابٌ من كوكب فأحرق وأضاء في جميع البلاد ، فقد حكَم كلُّ إنسانٍ بإضافة ذلك الإحراق إلى الكوكب . وهذا جواب قريبٌ سهل ، والحمد للّه "
انتهى كلامه .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-11, 04:47
اخوة الاسلام
اضع بين ايديكم بحث علمي هام
الشُّهُبُ بين آيات القرآن وعلوم الإنسان
د عطية زاهدة
تاريخ الإضافة: 16/2/2011 ميلادي - 12/3/1432 هجري
مقـدمة
الفكرة العلميّة التقليديّة العامّة السائدة عن الشهاب meteor هي أنه خطٌّ من ضوءٍ منبعثٍ انبعاثاً خاطفاً في صفحة السماء، في طبقة الأيونوسفير تحديداً، وأنه ناتجٌ من احتراقِ جسمٍ وافدٍ من فضاءِ الكونِ قد اصطدمَ بشدّةٍ محتكّاً بأعالي الغلاف الجويِّ داخلاً في نطاق تأثير الجاذبيّة الأرضيّة، فتوهج متحولاً بالطاقة الحركيّة إلى شعلةٍ هاوية منقضّة. وهذه النظرة التي تعني أن الشهبَ من قبْلِ التوهج هي أصلاً أجسامٌ meteoroids من مصدرٍ كونيٍّ cosmic، أي إنها أجسام وافدة من خارج المجالات الجويّة والمغناطيسيّة التابعة لكوكب الأرض نفسها
قد دخل عليْها في أواخر القرن العشرين تغييراتٌ وتعديلات جعلت ظاهرةَ الشهب ذاتَ جوانبَ جيوفيزيائيّةٍ، أي أنَّ ضياءها المشهودَ مرتبط بتفريغات كهربائيّة electrical discharges تجري في الأيونوسفير، على حساب الطاقة الكامنة فيه، وأن هناك أيضاً شهباً جيوفيزيائيّةً geophysical meteors لا تنتج عن انقضاض أجسامٍ في الأيونوسفير ionosphere، وإنما هي خطوط ضياءٍ ناتجٍ من تفريغات كهربائيّة في الأيونوسفير نفسه.
الأيونوسفير هي طبقة القسم الأعلى من الغلاف الجويِّ من ارتفاع معدله نحو 60-70كم إلى نحو 1000كم، وتتميز بمحتوياتها التي تغلب عليها الأيونات، أي الجسيمات المشحونة كهربائيّاً، سواء كانت ذرّات مثل أيونات H+،Cu+ ، He+أو جزيئات مثل أيونات O+2 ، أو مجموعات كيماويّة مثل أيونات NO+.
والأيونوسفير تلعب دوراً عظيماً في كهرباء الجوِّ، وتشكل الحافة الداخليّة للماغنيتوسفير magnetosphere، والماغنيتوسفير هو الحيّز أو الفضاء السماويُّ الذي ينتشر فيه مجال الأرض المغناطيسيّ الذي يصل معدّل ارتفاعه فوق الأرض في الجهة النهاريّة نحواً من 65000كم. وطبقة الأيونوسفير نفسها تتكون من طبقات فرعيّةٍ هي:
D-layer(تقريباً من 70كم إلى 90كم)، وفوقها E-layer (تقريباً من 90كم إلى150كم، ثمَّ F-layer (تقريباً من 150كم إلى نحو 1000كم) . وكتلة محتويات الأيونوسفير الكليّة لا تشكّل أكثر من واحد في الألف من كتلة الغلاف الجويِّ بكامله.
إشكاليّة البحث
لقد ورد ذكر الشهاب في القرآن الكريم أربع مرّاتٍ، منها ثلاث مرّات بمدلوله الفلكيّ، وأمّا المّرة الرابعة فقد جاءت على وفْقِ مفهومه اللغويّ، وذلك في قول الله تعالى في حديثٍ عن موسى، عليه السلام: ﴿ وإنك لَتُلَقّى القرآنَ مِنْ لَدُنْ حكيمٍ خبيرٍ (6) إذْ قالَ موسى لأهلِهِ: إنّي آنستُ ناراً سآتيكم منها بخبرٍ أو آتيكم بشهابٍ قبَسٍ لعلّكم تصطلونَ (7) ﴾ [سورة النمل].
وأمّا "الشهب"، جمع الشهاب، فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم مرّةً واحدةً فقط، وقد جاء هذا الجمع حاملاً معناها بمدلوله الفلكيّ. وعلاوة على هذه المرّات الخمس، فقد جاء الحديث عن الشهب دون التصريح باسمها في سبع آيات كريمة أخرى.
فهل وسِع حديث القرآن عن الشهب ما تحصّل عنها من حقائق في علوم الفلك والفضاء والجيوفيزيا؟
الجيوفيزياء geophysics وهو مجموعة المباحث والمعارف العلميّة التي تُعنى أو تتعلّق بدراسة المظاهر والخصائص الفيزيائيّة للكرة الأرضيّة وأغلفتِها الجويّة والمغناطيسيّة.
وهل قرّرت آياته تلك الحقائق سبقاً لتلك العلوم؟ وهل هذا السبق توهُّمٌ أم هو حقيقة يدعمها فهم تلك الآيات على وفْقِ لسان العرب، وتؤيدها السياقات والقرائن؟
إن هذا البحث جارٍ على أمل أن نصل إلى أن "نعمْ" هي جواب كلٍّ من هذه الأسئلة الثلاثة. ولا ريْبَ أن وسيلة الوصول إلى "نعم" جواباً لكل من هذه الأسئلة هي المقارنة بين حديث القرآن الكريم عن الشهب من جهةٍ، وبين ما توافر من حقائق علميّةٍ عنها من الجهة الأخرى، وبخاصّةٍ تلك الحقائق التي توصلت إليها العلوم الحديثة فلكيّاً وجيوفيزيائيّاً، بحيث تكون نتيجة هذه المقارنة هي التطابق والتوافق بين الجانبيْن؛ لأنّ آيات القرآن الكريم، بالتدبر السليم على وفق لسان العرب، لا يأتيها الباطل أبداً لا من بين يديْ نزولِها ولا من بعدِه.
*عبدالرحمن*
2018-04-11, 04:58
الشهب في القرآن الكريم في مدلولٍ فلكيٍّ
جاء ذكر الشهاب والشهب بمدلولهما الفلكيّ في الآيات الكريمة التالية:
1- ﴿ ولقد جعلنا في السماءِ بُروجاً وزيّناها للناظرينَ (16) وحفظناها من كلِّ شيطانٍ رجيمٍ (17) إلّا مَنِ استرقَ السمعَ فأتبعَهُ شهابٌ مبينٌ (18) ﴾ [سورة الحِجْر].
2- ﴿ إنا زيّنّا السماءَ الدنيا بزينةٍ الكواكبِ (6) وحفظاً من كلِّ شيطانٍ ماردٍ (7) لا يسَّمَّعونَ إلى الملإ الأعلى ويُقْذَفونَ مِنْ كلِّ جانبٍ (8) دُحوراً ولهمْ عذابٌ واصبٌ (9) إلّا مَنْ خَطِفَ الخطفةَ فأتبَعَهُ شهابٌ ثاقبٌ (10) ﴾ [سورة الصافّات].
3- ﴿ وأنّا لَمسْنا السماءَ فوجدناها مُلِئتْ حرَساً شديداً وشُهُباً (8) وأنَّا كنّا نقعُدُ منها مقاعدَ للسمعِ فمَنْ يستمعِ الآنَ يجدْ لهُ شهاباً رَصَداً (9) ﴾ [سورة الجن].
وجاء الحديثُ عن الشهبِ دون ذكرِها باسمها نفسه في سبعة مواضع:
(1) ﴿ ولقد زيّنا السماءَ الدنيا بمصابيحَ وجعلناها رُجوماً للشياطينِ ﴾ [الملك: 5].
وقد جاء في تفسير القرطبيِّ لسورة الملك أن الضمير في "وجعلناها" راجعٌ إلى السماءِ، وأنَّ هناك حذفاً للمضافِ، والتقدير عنده هوَ : (وجعلنا شهبَها رُجوماً للشياطينِ). ولكن هناك مَنْ يروْنَ أن الضميرَ في "وجعلناها" راجعٌ إلى المصابيح ؛ فالإمام الرازيّ، مثلاً، قد ذهب في تفسيره الكبير "مفاتيح الغيب" إلى أن المجعول رجوماً للشياطينِ هو المصابيحُ أنفُسُها.
(2) ﴿ فقضاهنَّ سبعَ سماواتٍ في يوميْنِ وأوحى في كلِّ سماءٍ أمرَها وزيّناّ السماءَ الدنيا بمصابيحَ وحفظاً ذلكَ تقديرُ العزيزِ العليمِ ﴾ [فصّلت: 12].
(3) ﴿ إنا زيّنّا السماءَ الدنيا بزينةٍ الكواكبِ (6) وحفظاً مِنْ كلِّ شيطانٍ ماردٍ (7) ﴾ [الصافات].
(4) ﴿ وجعلنا السماءَ سقفاً محفوظاً وهم عن آياتِها معرضونَ ﴾ [الأنبياء: 32].
لقد جاءَ في المواضعِ الثلاثةِ الأخيرةِ ذكرُ حفظِ السماءِ. وأمَّا اعتبار أنَّ ذكرَ حفظِ السماءِ إشارةٌ إلى الشهبِ، فهوَ ما نستدلُّ عليْهِ من سورةِ الحجْرِ ومن سورةِ الصافّاتِ؛ إذ قد بينتْ آياتُ السورتيْنِ الواردةُ أعلاهُ أنَّ الشهبَ هي وسيلةٌ في حفظِ السماءِِ نفسِها، حفظِها من نفاذ الجن والإنس، وحفظِها من استراق الجنِّ للتسمع إلى الملأ الأعلى.
(5) ﴿ يا معشرَ الجنِّ والإنسِ إنِ استطعتُم أن تنفُذوا من أقطارِ السماواتِ والأرضِ فانفُذوا لا تنفُذونَ إلّا بسلطانٍ (33) فبأيِّ آلاء ربِّكما تُكذّبانِ (34) يُرسَلُ عليكما شُواظٌ من نارٍ ونحاسٌ فلا تنتصرانِ (35) ﴾ [سورة الرحمن].
(6) ﴿ والنجم إذا هوى ﴾ [النجم: 1].
فقد ذهبَ بعضُ المفسرينَ إلى أنَّ النجمَ المقصودَ هنا هو الشهابُ. ومن الجديرِ ذكرُهُ أنَّ وصفَ الشهابِ بالنجمِ الهاوي غيرُ مقصورٍ على اللغةِ العربيّةِ، ففي الإنجليزيّةِ، مثلاً، يسمّون الشهاب meteor تسميتينِ أخرييْنِ وهما: النجم الهاوي falling star، والنجم الرامي أو الراجم shooting star؛ فظاهرة الشهب هي عموماً سهلة الرصد
وانقضاضها هاويةً في صفحة السماء أمر مشهود. وفي العربيّةِ يقولون عن الشهب: النجوم الهاوية، والنجوم الرامية، والنجوم المارقة، والنجوم الراجمة، بل وقد يبدلون النجوم بالكواكب فيقولون: الكواكب الهاوية، والكواكب الرامية، والكواكب المارقة، والكواكب الراجمة.
(7) ﴿ والسماءِ والطارقِ. وما أدراكَ ما الطارقُ. النجمُ الثاقبُ ﴾ [الطارق: 1-3].
ذهب بعضُ المفسّرينَ أيضاً إلى اعتبار أنَّ القصدَ بالنجمِ الثاقبِ هو الشهابُ. ويبدو أنَّ رأيهم هذا مستندٌ إلى مجيءِ "الثاقبِ" وصفاً للنجمِ، وقد جاءت كلمةُ "ثاقب" وصفاً صريحاً للشهابِ في قولِ اللهِ تعالى: ﴿ إلّا مَنْ خَطِفَ الخطفةَ فأتبَعَهُ شهابٌ ثاقبٌ ﴾ [الصافات: 10]
القرطبي، أبو عبد الله، محمد بن أحمد الأنصاري: الجامع لأحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط3، 1987.
جوهري، طنطاوي: الجواهر في تفسير القرآن الكريم، المكتبة الإسلامية، ط4، 1974.
الشهاب في التفاسير
نظراً إلى تناول القرآن الكريم للحديث عن الشهب في بضعٍ من السور، فإن المادة التفسيريّة المتعلقة بها قد جاءت واسعة وذاتَ شجونِ. ولا ريْبَ أن أهمَّ أربعة جوانبَ في تفسير الآيات الذاكرة للشهب، صراحة أو ضمناً، هي: الجانب اللغويّ، والجانب العلميّ، والجانب العقديّ، وجانب المباحث العقليّة. ولا ريْبَ أيضاً أن هذه الجوانب يتداخل بعضها في بعضٍ.
أولاً- الجانب اللغويّ في تناول التفاسير للشهب:
يتفق المفسرون على تعريف الشهاب. فالفخر الرازيّ، مثلاً، يقول في تفسير سورة المُلك: "الشهاب شعلة نار ساطعة، ثم يُسمّى الكوكبُ شهاباً، والسنانُ شهاباً لأجْل أنهما لِما فيهما من البريق يُشبهان النارَ". ومن البدهيِّ أن الجانبَ اللغويَّ في التفاسير هو في جلّه متأسسٌ على ما جاء في المعاجم.
ثانياً- الجانب العلميّ في تناول المفسرين للشهب:
لقد اختلط هذا التناول ببعض الخرافات، ومع ذلك فإن فيه بعضاً من معلومات تنسجم مع حقائق العلم. ومن أمثلة تلك المعلومات أن ضياء الشهب ليس على حساب النجوم الثوابت، أي إن الشهب ليست نجوماً من مثل الشّعرى وسهيل وغيرهما، بل هي تضيء إذ تهوي منقضّةً باتجاه الأرض، ولا تكون مضيئة من قبل الانقضاض. وأدرك بعضهم أن الشهب تحدث قريبةً في أعالي الجوِّ، وأنها تضمحلّ وتتلاشى، ولا تعود إلى الأماكن التي تهافتت منها.
ثالثًا- الجانب العقديّ في تناول المفسرين للشهب:
ويتفق المفسرون على أن من الشهب ما يتبع الشياطينَ، وأن تلك الشهبَ هي لحفظ السماء منهم، ولمنعهم من التسمُّع إلى الملأ الأعلى. ويعتقد بعضهم أن الرمي بالشهب كان من الآيات الدالة على مبعث الرسول محمدٍ، عليه السلام، وأنه بذلك قد انقطعت الكِهانة، في حين يرى غيرُهم أنّ الرميَ بها كان جارياً منذ خلق الله تعالى السماواتِ والأرضَ.
رابعًا- جانب المباحث العقليّة في تناول المفسرين للشهب:
تعرّض المفسّرون لبحث مسائلَ عقليّةٍ مرتبطةٍ بأحاديث القرآن عن الشهب، وبما جاء عنها في الأثر الشريف. وقد أكثر الإمام الفخر الرازيّ منها في "مفاتيح الغيب"، وتوسع في مناقشتها. وإنّي هنا أُورد مثالاً مما تعرّض له في تفسيره لقول الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ﴾.. [سورة الحجر:16-18]، وذلك هو قوله: "واعلم أن في هذا الموضع أبحاثاً دقيقة ذكرناها في سورة الملك وفي سورة الجنّ، ونذكر منها ههنا إشكالاً واحداً، وهو أن لقائلٍ أن يقول:
إذا جوَّزتم في الجملة أن يصعد الشيطان إلى السماوات ويختلط بالملائكة ويسمع أخبار الغيوب عنهم، ثم إنها تنزل وتُلقي تلك الغيوبَ على الكهنة، فعلى هذا التقدير وجب أن يخرج الإخبار عن المغيبات عن كونه معجزاً؛ لأن كلَّ غيب يخبر عنه الرسول، صلى الله عليه وسلم، قام فيه هذا الاحتمال، وحينئذ يخرج عن كونه معجزاً دليلاً على الصدق، لا يُقال: إن الله تعالى أخبر أنهم عجزوا عن ذلك بعد مولد النبي، صلى الله عليه وسلم؛ لأنا نقول
هذا العجز لا يمكن إثباته إلا بعد القطع بكون محمدٍ رسولاً وكونِ القرآن حقاً، والقطع بهذا لا يمكن إلا بواسطة المعجز، وكون الإخبار عن الغيب معجزاً لا يثبت إلا بعد إبطال هذا الاحتمال وحينئذ يلزم الدور وهو باطل مُحال، ويمكن أن يُجاب عنه بأنا نُثبت كونَ محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً بسائر المعجزات، ثم بعد العلم بنبوته نقطع بأن الله تعالى أعجز الشياطينَ عن تلقُّف الغيب بهذا الطريق، وعند ذلك يصير الإخبارُ عن الغيوب معجزاً، وبهذا الطريق يندفع الدور، والله أعلم"
الرازي، فخر الدين، مفاتيح الغيب (التفسير الكبير)، تفسير سورة الحجر.
الشهاب في المعاجم
1- الشَّهْبةُ أو الشَّهَبُ هي مخالطة لونٍ للونٍ آخرَ، أي هي أن ينصدعَ وينشقَّ اللونُ بلونٍ آخرَ بحيث يكون أحدهما غالباً على الآخر، كأن تنصدع شُقرةُ حصانٍ بشعرةٍ أو شعراتٍ بيضاءَ، وكأن يهيجَ الزرعُ مصفرّاً أو مبيضّاً وتبقى في خلاله نبتاتٌ أو أوراقٌ خضراءُ.
2- الشَّهْبةُ أو الشَّهبُ هي أن يغلب اللون الأبيض في مظهر الشيء على غيرِه من الألوان المخالطة، أي هي غلبة اللون الأبيض في مظهر الشيء على ما يشوبه من لون آخر، ومنه غرّةٌ شهباء إذا كان يصدع بياضَها شعراتٌ من لون آخر.
3- الشهاب شعلة ساطعة من النار، أو عودٌ فيه نار ساطعة، أو قبَسٌ من نار.
4- الشهاب: الكوكب المنقضّ في السماء. واستُعير لوصف الرجل الشجاع الماضي في الحرب.
5- الشهاب: السّنان.
6- شهِبَ واشْهابَّ واشهبَّ واشتهب الرأس: غلب بياضُ الشيبِ سوادَ شعره، أي اشتعل شيباً.
7- شهب الحرُّ لونَ الإنسانِ أو شهّبَه: غيّره ولوّحه.
8- وجمع الشهاب: شُهُبٌ، وشُهبان، وشِهبان، وأشهبة، وأشهُب.
هذه خلاصة استعراض ما جاء في مادة "شهب" في أربعة من معاجم اللغة العربيّة: لسان العرب لابن منظور، والصحاح في اللغة للجوهريّ، ومقاييس اللغة لابن فارس، والقاموس المحيط للفيروزآباديّ
http://www.baheth.info/all.jsp?term=
وأرى أنها خلاصة تشمل جلَّ ما يرتبط ببحثنا من معاني الفعل "شهَبَ" ومشتقاته.
واعتماداً على ما جاء في الخلاصة السالفة، فإن الشهاب بمدلوله الفلكيِّ قد يكون سُميَّ بذلك على أساس أنه يظهر مثلَ شعلةٍ من النار، أو على أساس أنه بضيائه بياضٌ يصدع سوادَ الليل.
*عبدالرحمن*
2018-04-11, 05:14
مفردات علميّة
يتم في الدراسة التقليديّة للشهب تداول ثلاثة مصطلحات أساسيّة يجب أن نحدد المقصود من كل منها بدقة:
(1) المستشهبات أو المُشْهِبات meteoroids، وهي الأجسام التي تدخل الأيونوسفير واصلةً إليه أصلاً من الفضاء الكونيّ من مدارات حول الشمس متخذةً بشكل عابر مدارات حول الأرض ، بحيث ينتج من سقوطها أو مرورها فيه آثار ضوئيّة.
(2) الشهب meteors: هي نفس الخطوط الضوئيّة light streaks الناتجة من مرور المستشهبات في الأيونوسفير، أي هي ما يرتسم في صفحة السماء على هيئة خطوط ضوئيّة بشكل خاطف، أو هي ما يبدو منقذفاً في الأيونوسفير على شكل شعلات هاويةٍ.
(3) النيازك: meteorites وهي الرجوم أو المستشهبات التي تستطيع الوصول إلى سطح الأرض مروراً بالأيونوسفير وما تحته من طبقات الجوِّ، وهي محتفظة بتماسك قسم من كتلتها.
ومع ضرورة التمييز بين الشهاب والمستشهب إلاّ أن النصوص العلميّة كثيراً ما تستعمل الشهاب قاصدةً المستشهب نفسه، وهذا ما قد يحدث في هذا البحث أيضاً
The New Encyclopedia Britannica-Macropedia, volume 27,15th edition,1994, article: meteor
حقائق عن الشهب
الشهاب: ظاهرة ضوئيّة خاطفة تبدو عادةً في صفحة السماء ليلاً أو نهاراً، ولكنها في الفترة الليليّةِ تكون أكثر وضوحاً. ويظهر الشهاب في الأغلب خطّاً متألقاً يقوده رأس ساطع يظهر هاوياً باتجاه الأرض كأنه سهم ناريٌّ منقضٌ سرعان ما يتلاشى في أعالي الجوِّ، أو قد يبدو في سقوطه مثل كرة ناريّةً متوهجة منقذفة من السماء نحو الأرض بسرعة خاطفةٍ
McGraw-Hill CONCISE Encyclopedia of SCIENCE
AAND technology, 3rd edition, page1158
الغوري، إبراهيم حلمي، الموسوعة الفلكية، ط1، 2008، ص 208.
https://c.top4top.net/p_831o3tv91.jpg (https://up.top4top.net/)
https://b.top4top.net/p_831m71611.jpg (https://up.top4top.net/)
مصادر المستشهبات
إن المستشهبات meteoroids هي أصلاً أجسامٌ معدنيّةٌ أو صخريّةٌ من مصدرٍ كونيٍّ، cosmic origin، أي أن مصدر أجسام الشهب هو إمّا مُذَنبِيٌّ co****ry، أي إنّ أصلها من مخلفات المذنبات comets، وإمّا نُجيْميٌّ asteroidal، أي إن أصلها هو من حزام الكويكبات asteroids. وهناك بعض من الشهب تعود مستشهباتها إلى أصل قمريٍّ أو مريخيٍّ
http://www.britannica.com/EBchecked/topic/378109/meteor
http://books.google.ps/books?id=S9pt_DRjngUC&pg=PA63&lpg=PA63&dq=meteor
حجوم وأوزان المستشهبات
إن الغالبيّة الواسعة الشائعة من الشهب المبصرة تكون ناتجة عن مستشهبات بحجم حبات الرمل أو بذور الخردل، و قد تكون أصغر إلى حدِّ أن قطرها يساوي واحداً في المائة ألفٍ من المتر. وعلى سبيل المثال، فإن كتلة كل مائة ألف شهاب من الهمرة الأسديّة تُقدَّرُ بغرام واحد. ومع هذا فإن عدة مئات من أطنان المستشهبات تحترق في الجو يوميّاً، وهذا يعني أن عددها اليوميّ هو بالبلايين. وقد يكون حجم المستشهب الذي يسترمد
في أعالي الجو بقدر حبة السمسم، أو بحجم حبة الفول، أو بحجم بيضة الحمامة أو بيضة الدجاج، أو حتّى بحجم حبة البرتقال، أو هو أكبر. وأمّا الرجوم النيزكيّة التي تنجح في الوصول إلى سطح الأرض فتكون عادة من حجم أعظم من ذلك بكثير، فهي تزن مئات الغرامات أو بضعة كيلوغرامات، وقد يصل وزنها أطناناً
http://www.astronomy.com/asy/default.aspx?c=a&id
http://www.geschichteinchronologie.ch/atmosphaerenfahrt/10-01_three-Van-Allen-radiation-belts-NASA-ENGL.html
http://curious.astro.cornell.edu/question.php?number=370
http://wiki.bath.ac.uk/display/cloudbase/Meteors+in+the+Atmosphere?showComments=true&showCommentArea=true=2199
http://www.space.com/scienceastronomy/astronomy/leonids_science_021112.html
http://www.britannica.com/EBchecked/topic/378109/meteor
مظاهر الشهب
المظهر العام لغالبيّة الشهب هو الشكل النجميّ؛ ولذلك عرفت الشهب باسم: النجوم الهاوية falling stars، وباسم: النجوم الراجمة shooting stars أو الكواكب الراجمة، وحتّى المارقة. والأغلب هو أن تظهر هذه الشهب بسبب أذيالها كأنها سهامٌ ناريّة تهوي بانقضاض خاطفٍ. والشهب الناتجة عن رجوم كبيرة نسبيّاً ، بحجم البيضة أو البرتقالة، تظهر كأنها كرات متوهجة وتعرف باسم: الكرات الناريّة fireballs. ويكون الشهاب معتبراً من نوع الكرة الناريّة إذا كان تألّقه أشد من تألّق سائر الكواكب والنجوم. والكرات الناريّة التي تنفجر في أعالي الجو تُعرف باسم: الشهب المتفجرة bolides.
وقد يبدو الشهاب في انقضاضه مطلقاً للشرر sparks أو الألسنة والشآبيبِ الناريّة flares
http://www.britannica.com/EBchecked/topic/378109/meteor
دوام الشهب
هناك دوام للشعلة المنقذفة، وهو دوام الهُوِيِّ والانقضاض؛ وهناك دوام لضياء الذيل.
فأمّا مدة سطوع الشهاب، مدة الانقضاض والهُويِّ، فتدوم من جزء من الثانية حتّى بضع ثوانٍ.
وأمّا ضياء الذيل من حول ممرِّ الشهاب، فقد يستمر مرئيّاً بضع ثوانٍ، وقد يدوم أحياناً عدداً من الدقائق ربما تصل قرابة الساعة على شكل ضياء متناقص التألق متدرج الاضمحلال، وبحيث يبدو المركز أقل تألقاً من المحيط الخارجيّ. وقد يظهر الذيل في مراحل اضمحلاله الأخيرة متمثلاً في غيمة دخانيّة خافتة الضياء متمددة من حول ممر الشهاب. ودوام الشهب من نوع الكرات الناريّة هو في العادة أطول من الشهب العاديّة
http://www.britannica.com/EBchecked/topic/378109/meteor
http://www.iucaa.ernet.in/~aaa/meteor/meteor_shower.html
http://books.google.ps/books?id=S9pt_DRjngUC&pg=PA63&lpg=PA63&dq=meteor
تألّق وسطوع الشهب
بالنسبة للناظرين من الأرض بالعين المجرّدة فقد تكون الشهب مبصرة مُبينة visual، وقد تكون غير مبصرة أو غيرَ مُبينة subvisual. فأمّا المبصرة فلها درجات متفاوتة من التألّق؛ فقد تكون خافتةً، أو قد يصل لمعانها إلى مقدار الزهرة، أو القمر البدر، أو حتّى إنها أحياناً قد تنافس تألق الشمس. ومن أهم العوامل التي تؤثّر في تألّق الشهاب
سرعته وكتلته. وتألّق بعض الشهب الناتجة عن مستشهبات ضخمة نسبيّاً يغالب ضوءَ النهار بحيث إنها قد تظهر في السماء حتّى في وقت الظهرِ. وتظهر بعض الشهب أثناء هُويِّها وهي ترمي بشرر أو تطلق ألسنة ناريّة flares. وشدة التألق أثناء الهويِّ لا تكون ثابتةً. ودرجة حرارة المستشهب أثناء هويّهِ قد تجاوز ألفيْن من الدرجات المئويّة
http://www.britannica.com/EBchecked/topic/378109/meteor
http://www.space.com/scienceastronomy/solarsystem/meteors-ez.htm
ألوان الشهب
يغلب أن تبدو الشهب بمسحات من اللون الأخضر المصفرّ، أو الأخضر، أو تبدو بيضاء، وقد تظهر حمراء أو زرقاء، وغير ذلك. ويختلف لون الشهب اعتماداً على عوامل منها: درجة حرارة توهجّها، ومدى تألقها، وتركيبها، والطبقة من الأيونوسفير التي تكون تعبرها لحظة النظر إليها، وتفاعلها مع الغازات في ممرّها. وقد تبدي الشهب أطيافاً خضراء، أو خضراء مصفرّة، من مثل أطياف الأفجار القطبيّة auroras. وكلما قلَّ تألق الشهاب وضعف، صعب تمييز الألوان فيه
http://books.google.ps/books?id=S9pt_DRjngUC&pg=PA63&lpg=PA63&dq=meteor
http://www.astronomy.com/asy/default.aspx?c=a&id=2199
http://curious.astro.cornell.edu/question.php?number=758
http://www.geocities.com/CapeCanaveral/Cockpit/3240/meteors.htm
http://tomsastroblog.com/?p=938
http://cs.astronomy.com/asycs/photos/other/picture432679.aspx
https://d.top4top.net/p_831l1ji21.jpg (https://up.top4top.net/)
.
*عبدالرحمن*
2018-04-11, 05:26
جرائر الشهب trails:
جرير الشهاب أو مدرجته trail أو ذيله tail هو غبار أو دخان من غازات متأيّنة يبدو من خلف الشهاب كأنه حبل منير أو أسطوانة مضيئة.
وذيل الشهاب يدوم مبصراً بضع ثوانٍ، وقد يستمر في نادر الأحيان مرئيّاً إلى نحو ساعة، وذلك يعتمد على مدى استقرار الجوّ العلويّ، وعلى شدة التأيّن فيه.
وطول ذيل الشهاب يعتمد في الأغلب على اتجاهه بالنسبة للناظر، أي على زاوية النظر؛ إذ إنه إذا كان الشهاب منطلقاً في خط البصر فلا يرى ذيله، وأمَّا إذا كان الشهاب قادماً معترضاً لخط البصر فإن ذيله يبدو أطول ما يمكن إذ يظهر ممتداً بضع عشرات من الكيلومترات.
وكثير من الشهب قد لا يمتد ذيلها إلى حيث يتلاشى رأسها (نواة الشهاب)، أو قد لا تبدو إلاّ بعد أن يقطع الرأس مسافة عشرات الكيلومترات.
وهناك شهب لا جرائر لها؛ إذ لا يبدو من خلفها أي ذيل منير، وبهذا تبدو كأنها نجوم هاوية.
وطول ذيل الشهاب هو في العادة عشرات الكيلومترات، فثلاثون كيلومتراً، مثلاً، هي طول ذيل متوسط
http://www.iucaa.ernet.in/~aaa/meteor/meteor_shower.html
http://www.astronomy.com/asy/default.aspx?c=a&id=2199
http://books.google.ps/books?id=S9pt_DRjngUC&pg=PA63&lpg=PA63&dq=meteor#v=onepage&q=meteor&f=false
http://www.meteorobs.org/maillist/msg23234.html
http://faza1.tripod.com/mbc1.htm
http://ieeexplore.ieee.org/xpl/freeabs_all.jsp?arnumber=1144267
ويُقدّر نصف قطر الأسطوانة الغير منتظمة التي يشكلها الذيل ببضع عشرات من الأمتار.
https://c.top4top.net/p_831qs7mi1.jpg (https://up.top4top.net/)
ارتفاعات الشهب:
تظهر أغلب الشهب الشائعة في الطبقة الأيونوسفيريّة المعروفة باسم: E-layer الواقعة في المدى الارتفاعيّ من 90كم-160كم، وأظهر ما تكون على ارتفاع ما بين ..100كم -120كم. وعادة ما يبدأ الظهور الضوئيّ للشهب الشائعة على ارتفاع نحو 140كم، ويمتدُّ نزولاً في طبقة D-layer إلى نحو 60كم. وبعض الكرات الناريّة قد تنزل إلى ارتفاع 50كم، أو دون ذلك.
وقد رصدت بعض الشهب على ارتفاع نحو 200 كم، أي في الطبقة الأيونوسفيريّة F-layer . ومن هنا، فإن طبقات الأيونوسفير الثلاث هي موطن لظهور الشهب، وإن كان الغالب هو ظهورها في طبقة E-layer
http://www.iucaa.ernet.in/~aaa/meteor/meteor_shower.html
http://leonid.arc.nasa.gov/leo00.pdf
سرعات الشهب:
سرعة السقوط الابتدائيّة، سرعة دخول المستشهب في الجوّ العلويّ، هي بين 11.2كم/ث إلى 72كم/ث أو أكثر، أي قد تصل إلى مائة ضعف سرعة طائرة الكونكورد، أو طلقة الرصاص. وزخم المستشهب المتوسط السرعة30كم/ث-40كم/ث، والذي قطر جسمه ميليمتر واحد، هو بمقدار زخم أو اندفاع الرصاصة السريعة من عيار 22ملم، والمقصود بالزخم هو كميّة الحركة أو التحرك momentum، وهو يُحسبُ رياضيّاً من حاصل ضرب الكتلة في السرعة
http://www.iucaa.ernet.in/~aaa/meteor/meteor_shower.html
http://www.space.com/scienceastronomy/astronomy/leonids_science_021112.html
وأثناء السقوط يتم التسارع بفعل الجاذبيّة الأرضيّة في حين إن الاحتكاك بغازات الجوّ العلويّ يعمل على التقليل من السرعة.
أصوات ترافق الشهب:
لا ريْبَ أن أيَّ تصادم أو ارتطام، أو أيَّ طرْق، هو مولّد لأمواجٍ صوتيّةٍ. وهذا ما ينطبق على ارتطام المستشهبات بالجوِّ العلويّ حيث إن غازاتهِ مخلخلة، كثافتها صغيرة جداً، أي يكاد يخلو من الغازات، فكتلة كلِّ محتويات الأيونوسفير من الغازات لا تتجاوز الواحد في الألف من مجموع كتلة غازات الغلاف الجويِّ. والهواء ضروريٌّ لانتقال الأمواج الصوتيّة. وإن ظهور الشهب هو مما يعني بالضرورة توليد أصوات مزامنة. ولكن العلوَّ الكبير الذي يحدث عليه الارتطام، وحالة التخلخل في الأيونوسفير، هما عاملان يجعلان التقاط تلك الأمواج الصوتيّة بالسمع البشريّ على سطح الأرض – يجعلانه أمراً نادراً.
وقد تأكد العلماء من وجود أزيزٍ sonic booms يزامن ظهور الشهب، ومن ظهور موجات صدميّة shock waves تزامن ظهورها أيضاً.
وقد استطاع العلماء التأكد من ادّعاءات بعض الناس في أنهم سمعوا أصواتاً تتزامن مع ظهور الشهب، وقد فسروا ذلك من خلال حدوث الأمواج الكهروصوتيّة electrophonic وذلك من خلال حقيقة أن حدوث الشهب مرتبط بالتفريغات الكهربائيّة التي هي مصدر أمواج راديويّة، وهذه الأمواج الراديويّة، وهي أمواج تنتقل بسرعة الضوء، تكون عند وصولها إلى بعض الناس المشاهدين للنشاطات الشهابيّة سبباً لاهتزازات يتّفق أن تدركها أسماعهم
http://vinkovic.org/Projects/Electrophones/
http://www.pibburns.com/catastro/metsound.htm
http://www.meteorobs.org/maillist/msg20622.html
http://www.britannica.com/EBchecked/topic/378109/meteo
تركيب المستشهبات:
المستشهبات meteoroids هي قطع صخريّة أو معدنيّة؛ فقد يكون المستشهب صخريّاً حجريّاً أو حديديّاً، أو يكون خليطاً منهما مع امتزاجٍ بمعادن أخرى بنسب قليلة. وبعض المستشهبات الحجريّة تحتوي على نسبة كبيرة من الكربون وذلك بشكل كربونات الكوندرايْت carbonaceous chondrites.
فأمّا بالنسبة لتركيب المستشهبات الحجريّة فقد وجد في تركيب عينات منها: أكسجين 36%، وحديد 26%، وسيليكون 18%، ومغنيسيوم 14%، وألومنيوم 1.5%، ونيكل 1.4%، وكالسيوم 1.3%. وأمّا بالنسبة للمستشهبات الحديديّة فقد وجد في تركيب عيّناتٍ منها: حديد 91%، و نيكل 8.5%، وكوبالت 0.6%
http://www.answers.com/topic/meteor
http://www.space.com/scienceastronomy/solarsystem/meteors-ez.html
http://www.britannica.com/EBchecked/topic/378109/meteor
أنواع عروض الشهب ومعدّل حدوثها:
(1) الشهب الفُرادى sporadic meteors:
يمكن أن يشاهد الإنسان في الليلة الصافية، بعيداً عن أضواء المدن وفي غياب ضوء القمر، ما معدله في الساعة الواحدة بضعة من الشهب، وربما تصل إلى بضعةَ عشرَ, وهي في العادة لا تظهر معاً بل على تتابع متباعد في الوقت، أي بين الشهاب والآخر بضع دقائق. ومثل هذه الشهب، وبهذا المعدل، هي التي تظهر عشوائيّاً randomly متناثرةً من هنا وهناك في السماء، وليس من بقعةٍ محدّدةٍ، أي إن مواضع انطلاقها لا تكون من بقعة واحدة
في السماء معلّمةٍ بخلفيّةٍ معيّنة من النجوم. والشهب في مثل هذه العروض هي التي يسمّونها : الشهب الفُرادى sporadic meteors، أي تظهرُ وُحداناً. ونحن في الواقع لا تجول عيوننا من نفس الموقع على الأرض في أكثر من واحد في العشرين ألف من المساحة الكليّة للسماء، ومن هنا فإن عدد الشهب الفرادى المرئيّة للناظرين يكون يوميّاً بالملايين.
(2) الهمرات الشهابيّة (الزخّات الشهابيّة، الرخّات الشهابيّة) meteor showers:
يشاهد الناس أحياناً معدّلاً غير عاديٍّ من الشهب، وابلاً من الشهب، أي إن عشرات أو مئات أو حتّى آلاف من الشهب تسطع في الساعة الواحدة تباعاً، وحتّى إنَّها قد تظهر أحياناً بمثل هذه المعدّلات في آن واحد، وهي تظهر إذ تهوي في السماء بحيث كأنها منطلقة من نقطة واحدة، أي تبدو في السماء متشعّعةً م
ن نقطة واحدة radiant point معلّمةٍ بخلفيّةٍ معيّنة من مجموعات النجوم. ومثل هذه العروض من الشهب التي تظهرُ زُرافاتٍ لا وُحداناً تعرف باسم: الهمرات الشهابيّةِ أو همرات الشهب، وبعضهم يقول عنها: الرخّات الشهابيّة، أو : الزخّات الشهابيّة. وبعض الهمرات الشهابيّة تظهر في السماء دوريّاً في مواعيدَ محدّدةٍ من السنة، وهي مرتبطة بمرور الأرض في أفلاك المذنّبات التي تترك وراءها مخلّفات من الغبار والحصى والحجارة.
ويسمّي العلماء الهمرة الشهابيّةً باسم الخلفيّة من السماء التي تبدو فيها نقطة تشعُّعها، أي باسم البرج أو باسم كوكبة النجوم التي تكون في خلفيّة نقطة تشعُّعها. ومن أشهر الهمرات الشهابيّة: الأسديّات Leonids، والبرشاويات Perseids، والدلويّات Aquarids، والثوريّات Taurids، والقيثاريّات Lyrids ، والتوأميّات Geminids. ولكلِّ همرةٍ شهابيّةٍ فترة يكون فيها معدّلها قد بلغ أعلى قيمة أثناء مدّة حدوثها، وتعرف هذه الفترة بوقت الذروة أو ساعة الذروة peak hour.
https://c.top4top.net/p_831358f21.jpg (https://up.top4top.net/)
.
*عبدالرحمن*
2018-04-11, 05:37
(3) العواصف الشهابيّة: meteor storms or meteor outbursts or meteor streams:
وهي همرات شهابيّةٌ عالية المعدل بشكل كثيف متميّزٍ بحيث يتجاوز معدّل عددِها ألفَ شهابٍ في الدقيقة الواحدة؛ بل قد يظهر منها بضعة آلاف معاً. وبعض العواصف الشهابيّةِ، كتلك التي شوهدت في أوروربا في العام 1799م ، وفي العام 1833م، قُدّرَ عدد شهبها بمئات الآلاف في الساعة الواحدة.
وفي أثناء مثل هذه العواصف الشهابيّةِ تبدو السماء مليئة بالنجوم الهاوية حتّى إنها قد تبدو وكأنها تُمطر شهباً، ففي العام 289 للهجرة الموافق 902 للميلاد ظهرت في سماء بغداد عاصفة شهابيّةٌ تزامنت مع موت الخليفة إبراهيمبن أحمد فسموّها: "ليلة النجوم"، واعتبرها بعضهم دموعاً ذرفتها السماء بكاء عليه
http://www.creationism.org/victoria/VictoriaInst1866_pg421.htm
وعواصف الشهب نادرة الحدوث فقد لا تحدث في القرن الواحد أكثر من بضع مرّات؛ ثلاث مرّات منها هي عواصفُ شهابيّةٌ أسديّةٌ Leonids؛ إذ إن همرة الأسديّات التي تظهر سنويّاً في أواسط شهر تشرين الثاني تصنع عاصفةً شهابيّةً مرّة كل 33 سنة تقريباً.
https://b.top4top.net/p_831443kr1.jpg (https://up.top4top.net/)
ولأن الدقائق المحدثة للهمرة الشهابيّة، أو المحدثة للعاصفة الشهابيّة، تكون مسافرة في ممرات متوازية، وبنفس السرعة، فسوف تظهر شهبها للمراقب من الأرض متشعّعة من نقطة واحدة radiant point. وظهور التشعّع من نقطة واحدة عائد إلى الخداع البصريّ perspective. وغالباً ما يسمّون الرخة الشهابيّة بنسبتِها
إلى البرج السماويّ أو الكوكبة السماويّة التي تكون في خلفيّتِها. وهناك همرات شهابيّةٌ مشهورة تعود للظهور بشكل دوريٍّ في نفس المواعيد من السنة وقد تبدو العاصفة الشهابيّة كأنها "تمشيط" للسماء برمايات ناريّةٍ أو صاروخيّة، فتظهر السماء مليئةً بالنجوم الهاوية.
الغوري، إبراهيم حلمي، الموسوعة الفلكية، ط1، 2008.
http://www.space.com/scienceastronomy/astronomy/showers_andstars_000809.html
http://www.britastro.org/jbaa/archive/scotmtg.htm
http://csep10.phys.utk.edu/astr161/lect/meteors/classification.html
http://www.iucaa.ernet.in/~aaa/meteor/meteor_shower.htm
http://leonid.arc.nasa.gov/1998.html
http://www.theastronomer.org/meteor_glossary.html
http://cseligman.com/text/meteors/meteors.htm
http://www.britastro.org/jbaa/archive/scotmtg.htm
http://www.space.com/scienceastronomy/solarsystem/leonids_satthreat_010924.html
https://d.top4top.net/p_831abthj1.jpg (https://up.top4top.net/)
هل السماء الدنيا هي الأيونوسفير ionosphere؟
لقد عيّن القرآن الكريم أن السماء الدنيا هي موضع انطلاق الشهب، وذلك في ثلاث آيات؛ إذْ حصرَ ظهورَ الشهبِ فيها، وذلك صراحةً في اثنتيْنِ، وضمناً في الثالثةِ:
1- ﴿ ولقد زينا السماءَ الدنيا بمصابيحَ وجعلناها رجوماً للشياطينِ ﴾ [الملك: 5].
2- ﴿ إنّا زيّنّا السماءَ الدنيا بزينةٍ الكواكبِ (6) وحفظاً من كلِّ شيطانٍ ماردٍ (7) لا يسَّمَّعونَ إلى الملإ الأعلى ويُقْذَفونَ مِنْ كلِّ جانبٍ (8) دُحوراً ولهمْ عذابٌ واصبٌ (9) إلّا مَنْ خَطِفَ الخطفةَ فأتبَعَهُ شهابٌ ثاقبٌ (10) ﴾ [سورة الصافّات].
3- ﴿ وأنّا لمسنا السماءَ فوجدناها مُلِئتْ حرَساً شديداً وشُهُباً (8) وأنَّا كنّا نقعُدُ منها مقاعدَ للسمعِ فمَنْ يستمعِ الآنَ يجدْ له شهاباً رصداً (9) ﴾ [سورة الجن]. ومن البدهيِّ أنَّ اللمسَ يكون بمسِّ سطحِ الشيءِ وظاهرِهِ، أي بمسِّ الطبقةَ الأولِى منه، ولا ريْبَ أنَّ الطبقَةَ الأولى من السماءِ بالنسبةِ للثقليْنِ، للجنِّ والإنس، هي السماءُ الدنيا.
فأيّ حيّزٍ من الفضاء هو السماء الدنيا حيث تحدث الشهب؟
قد ثبتَ علميّاً بشكلٍ لا مريةَ فيه أن الشهب لا تظهر ولا تنطلق إلاّ في الأيونوسفير بطبقاته الثلاث، أي في الفضاءِ من فوق الأرض المحتلِّ لارتفاع معدّله من نحو 60كم أو 70كم إلى 1000كم تقريباً، وهي من الأسفل إلى الأعلى: D-layer، و E-layer، و F-layer. وبناء على هذا، فالأيونوسفير هو السماء الدنيا. ويعزّز هذا الاستنتاجَ أن الأيونوسفير نفسَهُ ذو خصائص تمكنه من إصدار الضوء، أي إن الأيونوسفير مؤهل بخصائصه وبتركيبه ليقوم بمهمّة المصابيح؛ وهذا واضح من الضياء الدائب فيه، ليلاً ونهاراً، والمعروف باسم : "الوهج الجويّ" airglow، ومن ظاهرة الأفجار القطبيّة
http://zuserver2.star.ucl.ac.uk/~idh/apod/ap070409.html
polar auroras وبخاصّة الإهليلجان الأوروريّان
http://www-istp.gsfc.nasa.gov/istp/outreach/workshop/bobwhere.html
auroral ovals
الشماليّ والجنوبيّ. وكلٌّ إهليلج أوروريّ عبارة عن كعكة doughnut من ضياء الفجر القطبيِّ، وهي كعكة متغيّرة الحجم موجودة دائماً في أيونوسفير سماء المنطقة القطبيّةِ، واحدة في الشماليّة والأخرى في الجنوبيّة.
وعلى هذا، فالأيونوسفير طبقة مزيّنة بمصابيح، وهي نفسها مسرح الشهب أيضاً. ومن الجدير بالذكر أن أنشط منطقة أيونوسفيريّةٍ في توليد الأفجار القطبيّة هي طبقة E-layer، وهي نفسها مسرح النسبة الكبرى من النشاطات الشهابيّةِ.
وإذا أخذنا قول الله تعالى: ﴿ ولقد زيّنّا السماءَ الدنيا بمصابيحَ وجعلناها رجوماً للشياطينِ ﴾ [الملك: 5]، فإننا نجد في تفسير القرطبيِّ أن الضمير في "وجعلناها" راجعٌ إلى السماءِ، وأنَّ هناك حذفاً للمضافِ، والتقدير هوَ : (وجعلنا شهبَها رُجوماً للشياطينِ).
وأمّا الإمام الرازيّ فقد ذهب في تفسيره الكبير "مفاتيح الغيب" إلى أن المجعول رجوماً للشياطين هو المصابيحُ أنفُسُها، أي إنه قد اعتبر أن الضمير في "وجعلناها" عائد على المصابيح. ولا ريْبَ أن عودة الضمير على المصابيح، وهي آخر مذكور قبل الضمير والأقرب إليه، تعني أنه يوجد في السماء الدنيا نفسِها ما يولّدُ شهباً ونوراً، أي إن الفضاء الذي من فوق الأرض حيث تتولّد الشهب يتمُّ فيه نفسِهِ توليد ضياء أيضاً.
وبلغة أخرى، فإن الأخذ بعودة الضمير في "وجعلناها" على المصابيح معناه في النهاية أنه يوجد فوق الأرض طبق يتم في فضائه أو حيّزه توليد الشهب وتوليد نور، أي إن الطريقة التي يتمُّ بها توليد الشهب تُولِّدُ ضياءً أيضاً. وبناء على ما هو مقرّر جيوفيزيائيّاً من ارتباط ضياء الأفجار القطبيّة بالتفريغات الكهربائيّة ومن جريانها في الأيونوسفير، فإن ظهور الشهب في الأيونوسفير نفسِهِ لهو مما يعني أن هذا الظهور هو الآخر مرتبط بالتفريغات الكهربائيّةِ.
*عبدالرحمن*
2018-04-11, 05:43
نظريّات في ضياء الشهب:
هناك ثلاث نظريّات تتناول مسألة تفسير ضياء الشهاب meteor باعتباره، حسب النظرة التقليديّةِ، مرتبطاً بجسم هاوٍ meteoroid، وهي: نظريّة التوهّج الناتج عن التسخين بالاحتكاك، ونظريّة تفسير السطوع بالتوهّج بتأثير الضغط الكبسيّ، ونظريّة تولُّد الضياء بالتفريغات الكهربائيّة.
1) التسخين بالاحتكاك frictional heating :
درج علماء الفلك والجيوفيزياء لفترة طويلة على تفسير الضياء الشهابيّ بأنه نتيجة توهّج المستشهب، أي نتيجة لما يحدث للمستشهب من التسخين إلى درجاتٍ حراريّة عالية جدا، قد تتجاوز ألفيْن من الدرجات المئويّةِ. وفي رأيهم أن التسخين الشديد يَحدث للمستشهب بسبب تحول طاقته الحركيّة العالية إلى طاقة حراريّة في عمليّة تصادم المستشهب بالمحتويات الغازيّة والأيونيّة في الأيونوسفير، وبخاصةٍ عند مرور المستشهب في طبقة E-layer بين ارتفاع نحو 90كم إلى ارتفاع نحو 150كم فوق سطح الأرض.
ومع أن المستشهبات الشائعة المعهودة typical صغيرة الكتلة، بحجم حبّات الرمل، إلا أن طاقتها الحركيّة عالية جداً بسبب سرعتها العظيمة؛ إذ إن الطاقة الحركيّة تتناسب طرديّاً مع السرعة ومع الكتلة، وهي تساوي نصف حاصل ضرب الكتلة في مربع السرعة، ويتم تطبيق هذه المعادلة باستعمال وحدات مخصوصة لكل من الطاقة والكتلة والسرعة. ويرى أصحاب هذه النظريّةَ أن الاحتكاك الشديد، وما ينشأ عنه من الحرارة، هما السبب في إبلاء واهتراء وتبديد واندثار ablation أجسام المستشهبات
http://xxx.lanl.gov/abs/astro-ph/0505288
.
2) التسخين بالضغط الكبسيّ ram pressure :
أثناء السقوط السريع للمستشهب، فإنه يعمل على دفع ما أمامه من محتويات الأيونوسفير الغازيّة ضاغطاً لها، كابساً لها متراكباً بعضها على بعض، بسرعة هائلة؛ وهذا الانضغاط السريع، هذا التراكب والتضّامُّ، للغازات من أمامه يؤدّي إلى تسخينها وتوهجها واكتسابه هو حرارة بحيث إنها توهّجُه هو أيضاً، وتعمل في تبخير مكوناته، وتأيين بعضها، وفي المساعدة على إحالته إلى رماد
http://www.universetoday.com/guide-to-space/stars/what-is-a-shooting-star
http://www.space.com/scienceastronomy/astronomy/leonids_science_021112.htm
3) التفريغات الكهربائيّة electrical discharges:
إن الطبقة الأيونوسفيريّة المعروفة باسم: E-layer هي منطقة جُلِّ النشاطات الشهابيّة. وتتميّز طبقة E-layer عن طبقة D-layer التي تحتها، وعن طبقة F-layer التي فوقها ليس فقط في نوع الغازات الغالبة بمنطقتها، وفي كثافتها، ودرجة استجابتها للتأيّن، وبخاصة بفعل أطياف الأشعة الشمسيّة القصيرة الموجة من السينيّة وفوق البنفسجيّةِ، بل تتميّز عنها أيضاً بعظَم نشاطاتها الكهربائيّة من فوارق جهد وتيّارات؛ إذ هي منطقة الأثر الدينامويّ dynamo effect region.
وبناء على الوجود الدائم لفوارق الجهد المتغيّرة والتيّارات الكهربائيّة في هذه الطبقة عظيمة الإيصاليّة الكهربائيّة، فإن مرور أي جسم موصل فيها يؤدّي إلى حدوث دوائر قصْر كهربائيّة short circuits أو ما يقال عنه: ماسات كهربائيّة contacts، مسببةً تفريغاتٍ كهربائيّةً بسرعة هائلة، وهذا ما يحدث على طول ممرِّ سقوط المستشهب، وتكون هذه التفريغات الكهربائيّة بمثابة سلسلة خاطفة من الصواعق المُبرقة تصيب المستشهب نفسه وتنخره نخراً، وتحيله إلى بخار وأيونات ورماد
http://www.thunderbolts.info/tpod/2005/arch05/050613meteor.htm
http://www.stormingmedia.us/10/1046/A104653.html
http://www.space.com/scienceastronomy/solarsystem/leonids_satthreat_010924.html http://www.iop.org/EJ/abstract/1402-4896/20/5-6/012
http://woodshole.er.usgs.gov/epubs/bolid...
http://www.thunderbolts.info/tpod/2005/arch05/050209meteorite.htm
http://www.holoscience.com/news.php?article=9kee2918
http://articles.adsabs.harvard.edu//full/1922PA.....30..524W/0000525.000.html
http://au.answers.yahoo.com/question/index?qid=20071211074825AAzXc06
http://books.google.ps/books?id=S9pt_DRjngUC&pg=PA63&lpg=PA63&dq=meteor#v=onepage&q=meteor&f=false
.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-12, 05:28
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
أقوال العلماء فيمن بنى الكعبة والمسجد
الأقصى أولاً ، وذِكر الراجح منها
السؤال:
نحن نعمل في مجال الدعوة ، ويطرح علينا سؤال : يقول الله تعالى ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة ) هل وضع البيت كان أثناء مراحل خلق الله للأرض ودحيها وقبل السماء ؟
أم بعد فراغ الله من خلق الكون كله ؟
وكيف كان الوضع ؟
هل كان بناء ؟
أم قواعد على الرمل ؟
ومن كان الواضع ؟
هل هو الله ؟
. ويقول الله تعالى ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ) أي القواعد والأركان كانت موجودة من قبل إبراهيم ؟
ومن بنى البناء الأول ؟
. أفيدونا جزاكم الله خيراً بإجابة نستطيع الرد على المتسائلين
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
نشكر لكم عملكم في الدعوة إلى الله ، ونسأل الله تعالى أن يثيبكم على ذلك أجراً جزيلاً ، فالقيام بعمل الرسل الكرام وظيفة جليلة ، وواجب شرعي ، يستحق من يقوم أن يُثنى على جهده ، ويُعان بالمستطاع .
واعلموا أنه ليس على كل سؤال جواب ، فبعض الناس يسأل عن شيءٍ غيبي لم يرد نص من الشرع ببيانه ، كما أن بعض الناس يسأل أسئلة تهكمية أو تعجيزية لا يريد من ورائها إلا تضييع أوقات الدعاة وطلبة العلم ، وفي النهاية لا يوجد إجابة على مسائله ، فخير ما يُفعل معه أن تُذكر قواعد الشرع ومهماته ، ويوكَل علم ما لا نعلم إلى الله سبحانه وتعالى .
ثانياً:
وضع البيت الحرام في الأرض لم يكن – فيما يظهر لنا – مع خلق الأرض ، ولا بعد دحيها ، وليس هو من وضع الله تعالى مباشرة ، بل كان الرب تعالى هو الآمر ببنائه ، وهو المقدِّر أزلاً أن يكون ذلك البيت في تلك البقعة ، وقد جعل الله تعالى مكة بلداً حراماً يوم خلق السموات والأرض ، وقِدَم تحريم البلدة لا يعني وجود البناء في ذلك اليوم .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ ( لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ... )
. رواه البخاري ( 1737 ) ومسلم ( 1353 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
" ولا معارضة بين هذا وبين قوله الآتي - في الجهاد وغيره - من حديث أنس أن ( إبراهيم حرَّم مكة ) ؛ لأن المعنى : أن إبراهيم حرَّم مكة بأمر الله تعالى لا باجتهاده ، أو أن الله قضى يوم خلق السماوات والأرض أن إبراهيم سيحرِّم مكة ، أو المعنى : أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس وكانت قبل ذلك عند الله حراماً ، أو أول من أظهره بعد الطوفان" .
" فتح الباري " ( 4 / 43 ) .
وقد رويت أحاديث وآثار تبين أن الكعبة كانت صخرة في الماء ، وأن دحي الأرض كان من تحتها ، وأنها مخلوقة قبل الأرض بألفي سنة ، وكل ذلك لا يخلو من ضعف ، وما صح منه فمأخوذ عن بني إسرائيل ، وانظر هذه الأحاديث والآثار في جواب السؤال ( 102590 ) ؛ فلا يدرى على وجه اليقين : كيف كان حال بيت الله الحرام أول ما وضع .
ثالثاً:
أما معنى " الوضع " في قوله تعالى : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ) آل عمران/ 96 فهو بمعنى التأسيس ، وتدل تلك الكلمة على تقريب البيت ودنوه لانتفاع الناس به في الطاعة والعبادة ، وجاءت كلمة " الرفع " في فعل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام تشريفاً لهما .
قال الشيخ الطاهر بن عاشور – رحمه الله -
:
ومعنى ( وُضع ) أسّسَ وأثْبِتَ ، ومنه سمّي المكان موضعاً ، وأصل الوضع : أنَّه الحطّ ، ضدّ الرفع ، ولمَّا كان الشيءُ المرفوع بعيداً عن التناول : كان الموضوع هو قريب التناول ، فأطلق الوضع لمعنى الإدناء للمتناول ، والتَّهيئة للانتفاع .
"
التحرير والتنوير " ( 4 / 12 ) .
والكلام عن الأولية في الآية – ( أول بيتٍ ) - هو عن أول بيت بني لعبادة الناس وهدايتهم ، وليس أول بيت بناه الناس مطلقا .
ويدل على ذلك حديث أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ ؟ قَالَ : ( الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ) .
رواه البخاري ( 3186 ) ومسلم ( 520 ) .
*عبدالرحمن*
2018-04-12, 05:30
فالبناء هو المسجد ، والظاهر أنه هو القبلة – كما سيأتي - .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وهذا الحديث يفسر المراد بقوله تعالى ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة ) ويدل على أن المراد بالبيت بيت العبادة لا مطلق البيوت ، وقد ورد ذلك صريحاً عن علي أخرجه إسحاق بن راهويه وابن أبي حاتم وغيرهما بإسناد صحيح عنه ، قال : " كانت البيوت قبله ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله " . "
فتح الباري " ( 6 / 408 ) .
رابعاً:
اختلف العلماء فيمن بنى البيت أولاً على أقوال ، أشهرها :
1. أن منهم من قال : إنهم الملائكة – وهو قول أبي جعفر الباقر - .
2. ومنهم من قال : إنه آدم عليه السلام – وهو قول عطاء وسعيد بن المسيب ، وممن قال به : ابن الجوزي وابن حجر ، ويرجحه الشيخ الأمين الشنقيطي - .
3. وذهبت طائفة إلى أنه إبراهيم عليه السلام – وهو قول ابن تيمية وابن القيم وابن كثير ويرجحه الشيخ العثيمين - .
والذي يترجح لنا : هو القول الثاني ، وأن باني البيت هو آدم عليه السلام ، والذي كان من إبراهيم عليه السلام هو تجديد بنائه ورفعه بعد أن تهدم بالطوفان أو بغيره ، ومما يدل على ذلك :
1. قوله تعالى ( وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ ) البقرة/ 125 ، ولا يُعهد إليهما بتطهير البيت إلا وهو موجود قبلهما .
قال الأستاذ عبد الكريم الخطيب :
آدم هو الذي أنشأه وأقامه ، فهو أقدم من إبراهيم بأزمان بعيدة ، وفى هذا يقول اللّه تعالى ( وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ ) البقرة/ 125 ، ففى قوله تعالى ( وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ ) إشارة إلى أنه كان بيتا للّه قبل أن يعهد اللّه إلى إبراهيم وإسماعيل بتطهيره من الأوثان التي عبدها العابدون فيه .
" التفسير القرآني للقرآن " ( 2 / 534 ) .
2. قوله تعالى ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ ) البقرة/ 127 ، وذِكر رفع إبراهيم عليه السلام للقواعد يدل على أنها موجودة قبله ، وإنما عمله الكشف عنها ورفعها ، والبناء عليها .
قال الأستاذ عبد الكريم الخطيب :
وفى هذا إشارة أخرى إلى أن البيت كان قائما على قواعد ، وأنها كانت إلى عهد إبراهيم وإسماعيل قد تهدمت .. فكان عمل إبراهيم وإسماعيل فيها هو إقامتها على أصولها التي كانت عليها.
" التفسير القرآني للقرآن " ( 2 / 534 ) .
3. قوله تعالى ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) .
4. قوله تعالى ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) .
فظاهر الآيتين يدل على وجود البيت قبل إبراهيم عليه السلام ، بل وعلى لسانه .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
فقوله ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) أي : هيأناه له ، وعرَّفناه إياه ؛ ليبنيه بأمرنا على قواعده الأصلية المندرسة ، حين أمرْنا ببنائه ، كما يُهيأ المكان لمن يريد النزول فيه .
... .
وغاية ما دل عليه القرآن : أن الله بوأ مكانه لإبراهيم ، فهيأه له ، وعرفه إياه ؛ ليبنيه في محله ، وذهبت جماعة من أهل العلم إلى أن أول من بناه إبراهيم ولم يُبن قبله ، وظاهر قوله : حين ترك إسماعيل ، وهاجر في مكة ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) يدل على أنه كان مبنيّاً واندرس ، كما يدل عليه قوله هنا ( مَكَانَ الْبَيْتِ ) ؛ لأنه يدل على أن له مكاناً سابقاً كان معروفاً ، والله أعلم .
انتهى من " أضواء البيان " ( 4 / 296 ) .\
5. كون الكعبة قِبلة الأنبياء قبل إبراهيم عليه السلام .
قال ابن عادل الحنبلي – رحمه الله - :
فدلت هذه الأقوال المتقدمة على أن الكعبة كانت موجودةً في زمان آدم عليه السلام ، ويؤيده أن الصلوات كانت لازمةً في جميع أديان الأنبياء ؛ لقوله : ( أولئك الذين أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَانِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً ) مريم/ 58 .
ولما كانوا يسجدون لله : فالسجود لا بد له من قِبْلَةٍ ، فلو كانت قبلة شيث وإدريس ونوح موضعاً آخر سوى القبلة : لبطل قوله : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ ) ، فدلَّ ذلك على أن قبلةَ أولئك الأنبياء هي الكعبةُ .
" اللباب في علوم الكتاب " ( 5 / 401 ) .
6. استقبال إبراهيم عليه السلام مكان الكعبة من أجل الدعاء قبل بنائه لها ، وتسميته للبيت ووصفه بأنه محرَّم .
جاء في حديث ابن عباس المشهور : " ... فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ : يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ : أَاللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَتْ : إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَبِّ ( إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) حَتَّى بَلَغَ ( يَشْكُرُونَ ) ..
. .
رواه البخاري ( 3184 ) .
والثنيَّة " مكان مرتفع .
وهذا الحديث نصٌّ في أن دعاء إبراهيم عليه السلام هذا إنما كان قبل بناء البيت ؛ خلافا لمن ذهب إلى أن هذا الدعاء منه عليه السلام كان بعد بنائه البيت ، كما قاله ابن كثير رحمه الله في "
تفسيره " ( 4 / 513 ) .
7. إخبار الملَك لهاجر أم إسماعيل بوجود مكان البيت وأنه يبنيه زوجها وولدها .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنْ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ...
.
رواه البخاري ( 3184 ) .
والخلاصة :
أن الذي ترجح عندنا هو أن آدم عليه السلام باني الكعبة المشرفة ، والمسألة ليست من القطعيات ، بل الأقوال فيها محتملة ؛ ولا مما ينبني عليها شيء من العمل ؛ فنرى ألا تكون مثارا للقيل والقال ، وكثرة الأخذ والجدال .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-12, 05:36
هل ثبت بالشرع أن القمر تكوّن نتيجة
اصطدام كوكب صغير بالأرض ؟
السؤال :
أعلم أن الله عز وجل هو خالق الأرض والسماء وكل ما في الكون ، وأؤمن بذلك ، أي أن كل ما في الكون من بشر وحيوانات وكواكب وقمر وشمس وغيرها من خلق الله عز وجل . شاهدت منذ أيام فيلمًا وثائقيًا عن مدار الأرض ، حيث يوضح هذا الفيلم أن القمر تكوّن نتيجة اصطدام كوكب صغير بالأرض
وكان أثر هذا الاصطدام الهائل أن تناثرت أجزاء هذا الكوكب وجزء من هذه الأجزاء أصبح القمر الذي يدور حول الأرض . على حد علمي المتواضع، أن الله عز وجل خلق القمر والشمس ، ليضيء لأهل الأرض
وليكون الليل والنهار، وعلمت معجزة شق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كانت لتثبت للمشركين نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم . فما رأي الشرع فيما شاهدته في هذا الفيلم الوثائقي ؟ وهل الرأي الشرعي يتناسب مع هذا الكلام ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
جعل الله عز وجل من آياته الشمس والقمر والنجوم السيارات في السماء ليتفكر الخلق في آياته فيؤمنوا به سبحانه إلها واحدا ، قال عز وجل :
( وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) فصلت/ 37 .
ثانيا :
بين سبحانه أن كثيرا من الناس عن آيات ربهم غافلون ، فقال : ( وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) يونس/ 92 .
وقال سبحانه : ( وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ) الأنبياء/ 32.
ثم توعد هؤلاء الغافلين فقال
( إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) يونس/ 7، 8 .
ثالثا :
أنكر الله عز وجل على المشركين شهادتهم الباطلة التي يشهدونها دون أن يكون لديهم في ذلك أثارة من علم ، أو يكونوا شهدوا بأنفسهم ورأوا بأعينهم ما شهدوا به بألسنتهم . قال تعالى :
( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) الأحقاف/ 4 .
وقال تعالى :
( أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ ) الصافات/ 150 .
وقال تعالى : ( وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) الزخرف/ 19 .
والمعنى : أأشهد الله هؤلاء المشركين الجاعلين ملائكة الله إناثا خلق ملائكته الذين هم عنده، فعلموا ما هم ، وأنهم إناث ، فوصفوهم بذلك ، لعلمهم بهم ، وبرؤيتهم إياهم ؟!
"تفسير الطبري" (21 /582)
فلا شك أن من شهد بما لا دليل له عليه ولا برهان له به من رؤية ومشاهدة أو علم ثابت أنه متقول كذاب .
فهؤلاء الذين يزعمون أن القمر تكوّن نتيجة اصطدام كوكب صغير بالأرض ، فتناثرت أجزاؤه وتكون منها القمر نقول لهم : هل شهدتهم هذا الاصطدام ؟ هل كان منكم أحد موجودا في الزمن الأول قبل خلق الجن والإنس فاطلع على خلق السموات والأرض وتكوين الأجرام السماوية ، ثم جاء اليوم يشهد بما عاين ورأى ؟ هل عندكم علم ثابت بما تقولون ؟
إن هؤلاء يتكلمون عن الغيب بغير علم ، وأساس علمهم هذا نظريات افتراضية واحتمالات متوهَّمة لا أساس لها ولا دليل عليها ، يفترض أحدهم الافتراض ثم سرعان ما يتبين له بطلانه ، فيتركه لافتراض آخر يغلب على ظنه صحته ، ثم يتبن له بعد ذلك فساد الآخر ، فيتركه إلى افتراض غيره ، وهكذا .
ولذلك تجدين أن كثيرا مما كان شائعا من قبل متيقنا ، أنه اليوم عندهم من الخرافات .
ومع تقدم العلم الحديث يتبين تباعا خطأ كثير من تلك النظريات وهذه الاحتمالات والافتراضات.
والقوم كما قال الله تعالى ( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) الروم/ 7
فهم لا يؤمنون بآيات الله ، ويصدون عن سبيل الله ، فلذلك يصرفهم الله عن آياته ؛ كما قال سبحانه :
( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ) الأعراف/ 146 .
والمؤمن موقن بآيات ربه ، يستدل بها على ربوبيته وتوحيده .
ومما جعله الله آية للناس حادثة انشقاق القمر المعروفة ، كما روى البخاري (3637) ومسلم (2802) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ .
فمن لم يخالف في شيء مما جاء به الشرع بخصوص هذه الآيات الكونية ، ولكنه جاء بما لا دليل عليه لم يقبل قوله ، وهذا الكلام الذي يقولونه في كيفية خلق القمر قول لا دليل عليه فليس بمقبول ، وقد اتفق العقلاء على أن حدّ العلم الصحيح عند البرهان الصحيح .
فلا تلتفتي لما يقولون ، فربما رأيتهم بعد ذلك يتركون هذا القول إلى قول آخر جديد .
ولعل هذا الذي يقولونه يخالف قول الله تعالى : ( قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ) فصلت/ 9 ، 12 .
كما أنه قد يخالف ظاهر القرآن الذي أثبت خلق الشمس والقمر بما ظاهره أن كلا منهما خلق على انفراد ، لا أن أحدهما تكون من الآخر ، أما هذه النظرية فتفترض أن هذا الاصطدام أدى إلى تطاير مادة من الأرض هي عبارة عن صخور مصهورة تكدست فيما بعد لتشكيل القمر .
ولو كان القمر تكون من الأرض لأثبته القرآن كما أثبت خلق حواء من آدم عليهما السلام في قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ) النساء/ 1 .
فيقتضي ذلك رد هذا القول وإبطاله .
ولو افترضنا صحة هذا الذي يقولونه ، فغاية ما هنالك أن تكون هذه كيفية خلق الله للقمر ، فهو الذي يقدر اصطدام الكوكب بالأرض ، لا أن الاصطدام يحدث من نفسه كما يظن منكرو الخالق ، فلما خلق الله القمر - على أي كيفية كانت – جعله الله في السماء كما نراه آية من آياته ليضيء لأهل الأرض ، وليعلموا به عدد السنين والحساب ؛ كما قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) يونس/ 5 .
والخلاصة أن ما يأتي به هؤلاء إما أن يكون موافقا للحق الذي عندنا فهذا نقبله .
وإما أن يكون مخالفا فهذا نرده .
وإما أن يكون غير موافق ولا مخالف فهذا ينظر فيه ، فإن كان لهم على ما يقولون برهان صحيح ثابت فإنه يقبل قولهم ، وإن كان من جنس الافتراضات والتوهمات فهذا لا نقبله .
ولا شك أن كل ما ثبت في العلم الحديث في هذه الآيات الكونية بالبرهان الصحيح لا يرده الإسلام ولا يخالفه ، وإنما يوافقه ، وقد تبين ذلك للناس في غير ما آية .
.
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-12, 05:40
معنى آية ( والقمر قدّرناه منازل ..)
السؤال
إنني أميل إلى الإسلام ، ومنذ عام 1994م بدأت أقرأ القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم من وقت مبكر من هذه السنة ، ولقد وجدت إشباعاً روحياً عظيماً في الإسلام .
سوف أتلقى دروساً لأنني أخطط لاعتناق الإسلام . أنا لست متأكدة من معنى آية في سورة ياسين وآمل أن تستطيع مساعدتي ( الآية رقم 39) وهي قوله تعالى : ( والقمر قدرناه منازل … الآية ) إنني ممتنة لمساعدتك ، وأدعو الله أن يهديك ويحفظك ويبارك لمساعدتك التي تمنحها لناس كثير في أنحاء العالم عن طريق أجوبتك .
الجواب
الحمد لله
أولا : أريد أن أهنئك أيتها السائلة على القناعة التي وصلت إليها بصحة دين الإسلام وأنّه الدّين الوحيد الذي يلبي حاجات النفس ويجلب لها الطمأنينة والسعادة ويبدو من ألفاظ سؤالك التأثّر الواضح بما قرأتيه عن الإسلام حتى لو أنّك لم تخبرينا بأنّك هندوسية لما ظنّنا إلا أنك مسلمة من خلال الأسلوب المستخدم في السؤال
.
وأهمّ ما أريد أن أقدّمه لك من النّصيحة هنا هو المسارعة بالدخول في الإسلام وأن يكون ذلك عاجلا غير آجل وإذا كان الشّخص قد تبينت له كلّ هذه الحقائق فلماذا يتأخّر عن الدخول في الإسلام ؟
وهناك أمر آخر يحسن التنبيه عليه وهو أنّ بعض الذين يريدون الدّخول في الإسلام يؤخّرون دخولهم فيه حتى يتعلموا قدرا من هذا الدّين ككيفية الصلاة ونحو ذلك لظنّهم ربّما أنّه لا يصلح الدّخول في الدّين إلا بعد قطع شوط في تعلّمه وهذا أمر غير صحيح فإنّه متى تبيّن للإنسان الحقّ وجب عليه أن يتّبعه
ويدخل في الإسلام فورا ثمّ يتعلّم الكتاب والسنّة ويتفقّه في الدّين ويتدرّج في سلّم العلم والعمل بحسب قدرته واستطاعته ، لأنّ الإنسان لا يدري متى توافيه المنيّة ، فإذا لقي الله بغير الإسلام كان من الهالكين ، ثمّ إنّ الإنسان لا يُؤجر ولا تُكتب له الحسنات إلا بعد الدّخول في الدّين فيفوته خير كثير نافع إذا أخّر إسلامه ، والوقت المنصرم من العُمُر لا يُمكن أن يعود .
هذا ونعود إلى سؤالك - أيتها السائلة العاقلة الموفّقة إلى الحقّ بإذن الله - بشأن معنى الآية التاسعة والثلاثين من سورة يـس .
في هذه الآية يقول جلّ وعلا : " والقمر قدرناه منازل" أي جعلناه يسير سيرا آخر يستدل به على مضي الشهور كما أن الشمس يعرف بها الليل والنهار كما قال عز وجل "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج". وقال تعالى : "هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب" الآية .
. فجعل الشمس لها ضوء يخصها والقمر له نور يخصه وفاوت بين سير هذه وهذا فالشمس تطلع كل يوم وتغرب في آخره على ضوء واحد ولكن تنتقل في مطالعها ومغاربها صيفا وشتاء يطول بسبب ذلك النهار ويقصر الليل ثم يطول الليل ويقصر النهار وجعل سلطانها بالنهار فهي كوكب نهاري وأما القمر فقدّره منازل يطلع في أول ليلة من الشهر القمري ضئيلا قليل النور ثم يزداد نورا في الليلة الثانية ويرتفع منزلة ثم
كلما ارتفع ازداد ضياء وإن كان مقتبسا من الشمس حتى يتكامل نوره في الليلة الرابعة عشرة ثم يَشرع في النقص إلى آخر الشهر حتى يصير كالعرجون القديم . قال ابن عباس رضي الله عنهما وهو أصل العذق . وقال مجاهد العرجون القديم أي العذق اليابس يعني ابن عباس رضي الله عنهما أصل العنقود من الرطب إذا عتق ويبس وانحنى " . ( المرجع تفسير ابن كثير ) .
وهذا التشبيه في الآية للقمر في آخر الشهر بالعرجون هو قمّة البلاغة والجمال في التعبير ، والحسن البالغ في انتقاء المشبّه به من البيئة المحيطة للمقارنة بالمشبّه .
والله أعلم
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-04-12, 05:42
قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
السؤال:
أثنى الله عز وجل في سورة آل عمران على الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض ، وقد أثبت العلم الحديث توافق أشياء كثيرة مع ما ذكر في القران ، ولكن مع هذا هناك بعض الناس من يقول إنه ينبغي أن لا تنزل المكتشفات العلمية الحديثة على الحقائق التي في القرآن ؛ لأن العلم دائماً في تغير مستمر
بينما القرآن ثابت معجز في كل زمان ومكان ، فقد يكتشف العلم الحديث شيئاً ويسارع الناس لتنزيل هذا المكتشف على ما جاء في القران ، ثم ما يلبث هذا المكتشف أن يثبت عكسه ، فيتأثر بذلك مَن في قلبه مرض . وقد قرأت مقالات لأحد العلماء يتحدث فيها عن العلم الحديث والقرآن
وأنه لا يمكن أن يتعارضا مع بعض ، ولكن مع هذا كله ما زال كثير من الناس يصرون على عدم استخدام هذه الحقائق العلمية حتى في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام . فما هو رأيكم في ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
النظر في قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، هو كغالب القضايا العلمية والفكرية : يكتنفه طرفان : إفراط وتفريط ، والتوسط بين هذين الطرفين عادة ما يكون هو الأوفق والأقرب للصواب :
1-فمن الخطأ والتقصير الظاهر عدم الاستفادة من حقائق العلم الحديث في تفسير كثير من الآيات الكونية في القرآن الكريم ، والأحاديث الصحيحة في السنة المطهرة ، ونحن نؤمن أن خالق الكون ومنزل القرآن الكريم إله واحد ، فلا بد أن تتطابق التفاصيل الواردة فيهما ، والعلم الحديث خير معين على كشف هذا التطابق .
2-ومن الخطأ الظاهر أيضا المبالغة في هذا التوجه ، وتحميل الآيات ما لا تحتمل من أوجه المجاز المخالفة للسياق ، أو المخالفة لما ثبت في السنة المطهرة من تفسير هذه الآيات ، أو التسرع في عرض الفرضيات والنظريات على أنها حقائق علمية .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الإعجاز العلمي في الحقيقة لا ننكره ، لا ننكر أن في القرآن أشياء ظهر بيانها في الأزمنة المتأخرة ، لكن غالى بعض الناس في الإعجاز العلمي ، حتى رأينا من جعل القرآن كأنه كتاب رياضة ، وهذا خطأ .
فنقول : إن المغالاة في إثبات الإعجاز العلمي لا تنبغي ؛ لأن هذه قد تكون مبنية على نظريات ، والنظريات تختلف ، فإذا جعلنا القرآن دالاًّ على هذه النظرية ثم تبين بعد أن هذه النظرية خطأ ، معنى ذلك أن دلالة القرآن صارت خاطئة ، وهذه مسألة خطيرة جدًّا .
ولهذا اعتني في الكتاب والسنة ببيان ما ينفع الناس من العبادات والمعاملات ، وبين دقيقها وجليلها حتى آداب الأكل والجلوس والدخول وغيرها ، لكن علم الكون لم يأتِ على سبيل التفصيل .
ولذلك فأنا أخشى من انهماك الناس في الإعجاز العلمي وأن يشتغلوا به عما هو أهم ، إن الشيء الأهم هو تحقيق العبادة ؛ لأن القرآن نزل بهذا ، قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) " انتهى.
" مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (26/28) .
وقد قام كثير من الباحثين والعلماء المعاصرين – جزاهم الله خيرا – بكتابة الأبحاث العلمية الرصينة المتزنة في هذا الباب ، وقامت لذلك هيئات علمية متخصصة ، ومؤتمرات دولية ، ومجامع عامة يمكن أن تثمر فيما تثمره تقعيدا مؤصلا منضبطا لقضايا هذا العلم الجديد ، حتى يصل إلى درجة من الكمال الممكن ، كحال كل علم ينشأ غرسا صغيرا ، ثم يكبر ويثبت بدراسات العلماء الأفذاذ المتخصصين .
ونحن ننقل هنا بعض الضوابط المهمة للوصول إلى نتائج سليمة في هذا المنهج العلمي :
يقول الدكتور عبد الله المصلح حفظه الله :
" إن المراد بهذه الضوابط تلك القواعد التي تحدد مسار بحوث الإعجاز العلمي وفق الأصول الشرعية المقررة ، مع الالتزام بالجوانب الفنية والعلمية المطلوبة .
وتكمن أهمية هذه الضوابط في كونها مناط استرشاد للباحثين في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة ، وخصوصا في هذا الوقت الذي كثر فيه إقبال الباحثين والكاتبين على هذا الموضوع لأهميته في الدعوة والإقناع ، وذلك لتميز هذا العصر بالعلم ومكتشفاته ، حتى أصبح العلم سمة من سماته .
وهذا الاهتمام من غير سير على ضوابط واضحة أوجد مزالق كثيرة حتى عند بعض المخلصين ، وإسهاما في علاج ذلك جاءت هذه الضوابط علها أن تكون مانعا من الوقوع في تلك الأخطاء ، وحافزا للكتابة في هذا الموضوع الحيوي .
والتزام هذه الضوابط يساعد كذلك على إنهاء الخلاف الفكري بين المؤيدين لموضوع التفسير العلمي والمعارضين له ؛ لأن جوهر الخلاف بينهم يرجع سببه إلى تلك المظاهر الارتجالية التي لا يصدر أصحابها عن منهج صحيح .
وتلك الضوابط هي :
1- ثبوت النص وصحته إن كان حديثا ، لتواتر القرآن دون الحديث .
2- ثبوت الحقيقة العلمية ثبوتا قاطعا ، وتوثيق ذلك علميا متجاوزة مرحلة الفرض والنظرية إلى القانون العلمي .
3- وجود الإشارة إلى الحقيقة العلمية في النص القرآني أو الحديثي بشكل واضح لا مرية فيه .
فإذا تم ذلك أمكنت دراسة القضية لاستخراج وجه الإعجاز .
ويجب في أثناء تلك الدراسة مراعاة الضوابط التالية :
1-جمع النصوص القرآنية أو الحديثية المتعلقة بالموضوع ، ورد بعضها إلى بعض لتخرج بنتيجة صحيحة لا يعارضها شيء من تلك النصوص ، بل يؤيدها .
2-جمع القراءات الصحيحة المتعلقة بالموضوع إن وجدت ، وكذلك روايات الحديث بألفاظها المختلفة .
3-معرفة ما يتعلق بالموضوع من سبب نزول ونسخ ، وهل يوجد شيء من ذلك أو لا ؟
4- محاولة فهم النص الواقع تحت الدراسة على وفق فهوم العرب إبان نزول الوحي ، وذلك لتغير دلالات الألفاظ حسب مرور الوقت ، ولهذا يقتضي الأمر الإلمام بمسائل تعين على فهم النص والتمكن من تقديم معنى على آخر ، وهي كالآتي :
أ-إن النص مقدم على الظاهر ، والظاهر مقدم على المؤول .
ب-إن المنطوق مقدم على المفهوم ، وإن المفاهيم بعضها مقدم على الآخر كذلك.
ت-أن يخضع في تناوله للنص لقاعدة : العام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والمجمل والمبين ، وأن العموم مقدم على الخصوص ، والإطلاق مقدم على التقييد ، والإفراد على الاشتراك ، والتأصيل على الزيادة ، والترتيب على التقديم والتأخير ، والتأسيس على التأكيد ، والبقاء على النسخ ، والحقيقة الشرعية على العرفية ، والعرفية على اللغوية .
ث-مراعاة السياق والسباق وعدم اجتزاء النص عما قبله وما بعده .
ج- مراعاة قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
ح- معرفة معاني الحروف ، وعدم تفسير حرف أو حمله على معنى لا يقتضيه الوضع العربي .
خ- مراعاة أوجه الإعراب ، وعدم القول بتوجيه لا يسانده إعراب صحيح أو قرينة أخرى .
د- أن المشترك اللفظي يمكن حمله على واحد من معانيه دون نفي الآخر أو القطع بأن هذا الصواب وحده ما لم تكن هناك قرينة راجحة .
5- إظهار وجه الإعجاز : فإذا تم ذلك لم يبق على الباحث سوى أن يظهر الربط بين الحقيقة الشرعية والعلمية بأسلوب واضح مختصر .
6-أن هناك أمورا من قبيل المتشابه لا مجال لفهمها أو تناولها بالبحث .
7-عدم البحث في الأمور الغيبية، كموعد قيام الساعة ، وبداية الخلق ، والجنة والنار.
8-عدم الاعتماد على الإسرائيليات أو الروايات الضعيفة .
9- الاعتماد على المصادر المعتبرة في ذلك دون غيرها ، كأمهات التفسير والحديث وكتب غريب القرآن والسنة ، مع الإشارة إلى جهود الدراسات السابقة إن وجدت .
10-الابتعاد عن تسفيه آراء السلف من علماء التفسير والحديث ورميهم بالجهل ؛ لأن القرآن والسنة خطاب للبشرية في كل عصر ، والكل يفهم منها بقدر ما يفتح الله عليه ، وبحسب ما يبذله من جهد وما هو متوفر لديه من وسائل ، ولن يحيط بفهم الوحي أهل عصر إلى قيام الساعة ، فلا مجال للتسفيه والتجهيل
وإنما هي الاستفادة والتكميل والدعاء لمن تقدم ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) الحشر/10، بل الواجب اتباع فهم السلف رضي الله عنهم ، وخصوصا الصحابة رضوان الله عليهم ؛ لأنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصالح
لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، وعبد الله بن عباس ، وابن مسعود رضي الله عنهم ، فهم العمدة والعدول بخبر الله تعالى ، وعنهم أخذ التابعون ، وعلى نهجهم ساروا ، فمن عدل عن تفسيرهم إلى ما يخالفه كان مخطئا ، بل ومبتدعا ، لأنهم كانوا أعلم بتفسير كتاب الله من غيرهم ، وأورع ، وأتقى .
11-ينبغي أن تحصر الدراسة فيما تمكن القدرة عليه ، فالأفراد يمكن أن يقصروا بحوثهم فيما يتعلق بالاكتشافات فيما هو خاضع لتجاربهم المخبرية ، ليصلوا من خلال ذلك إلى الحق ، وللجامعات والمراكز والدول مجالات أكثر وأكبر .
12-ينبغي أن يعلم الباحث في هذا المجال أن كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم صدق وحق ، ولا يمكن بحال أن يخالف حقيقة علمية ؛ لأن منزل القرآن هو الخالق العالم بأسرار الكائنات ، قال تعالى : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/14، ومعرفة ذلك تقتضي منا التريث وعدم تحميل النص ما لا يحتمله من أجل أن يوافق ما نظنه حقيقة ، فإذا لم يتيسر ذلك بشكل واضح فعلينا أن نتوقف دون نفي أو إثبات ، ونبحث عن موضوع آخر ، والزمن كفيل بانكشاف الحق بعد ذلك .
13-على الباحث أن يتحرى الصدق والصواب وأن يخلص نيته لله في تبيين الحق للناس من أجل هدايتهم ، وأن يعلم خطورة ما يتناوله ، ويعبر عنه ، فهو عندما يقول: هذا المعنى هو الذي يشير إليه قوله تعالى : فهو يفسر كلام رب العالمين ، لذا يجب عليه أن يتذكر دائما قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ) رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح . (رقم/2950)، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي ".
14-ينبغي أن يتصف الباحث كذلك بالصبر ، مع توفر الكفاءة العلمية المكتسبة ، حتى يميز الحق من الباطل ، ويقبله ويلتزم بالموضوعية ، ومعناها هنا : حصر المعلومات ودراستها من غير تحيز لفكرة أو رأي سابق ، مع التقيد بالمنهج العلمي في التوثيق والاقتباس والإحالات " انتهى.
" الإعجاز العلمي في القرآن والسنة تاريخه وضوابطه " (ص/30-37)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-12, 05:47
لماذا يسجد المصلي في كل ركعة سجدتين ؟
السؤال
عندما كنت طفلا قيل لي انه عندما اخرج الله ابليس من الجنة وعندما رأى الملائكة غضب الله الشديد فإنهم قاموا بالسجود مرة ثانية وهذا هو سبب سجودنا مرتين في الصلاة فهل هذا صحيح؟
لأنى اعجز عن إيجاد اي مرجع فهل بوسعكم رجاء التوضيح؟
الجواب :
الحمد لله
هذا الكلام غير صحيح ، ولا يجوز ذكره والتحدث به ؛ وذلك لعدة أسباب :
أولا : أنه ادعاء لا دليل عليه ، وهذه كتب التفسير موفورة متداولة لم يذكر أحد من أصحابها هذا الكلام .
ثانيا :
أن الله تعالى لم يذكر في كتابه إلا أمرا واحدا بالسجود لآدم ، ثم أخبر أن الملائكة سجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه وأبى واستكبر ، وبذلك تمت المحنة
قال تعالى :
( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) البقرة/ 34
وقال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) الكهف/ 50
ثالثا :
أن سجود الملائكة كان لآدم عليه السلام ( اسجدوا لآدم ) أما سجودنا في الصلاة فهو لله تعالى ، ولا علاقة لسجود المصلي في صلاته بسجود الملائكة لآدم عليه السلام .
رابعا : لم يأت في القرآن ولا في السنة أن الله تعالى حينما أبى إبليس السجود لآدم غضب غضبا شديدا فزعت منه الملائكة ، فلا يجوز نسبة هذا الغضب إليه سبحانه في هذه الحال ، ولا يجوز ادعاء هذا إلا بدليل صحيح .
وليعلم أن الله تعالى قد حرم القول عليه وفي دينه بغير علم ، فقال : ( إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/ 168، 169 ، وقال سبحانه : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) الأعراف/ 33
وقد روى الدارمي (174) عن أبي مُوسَى رضي الله عنه أنه قَالَ فِي خُطْبَتِهِ : " مَنْ عَلِمَ عِلْمًا فَلْيُعَلِّمْهُ النَّاسَ ، وَإِيَّاهُ أَنْ يَقُولَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فَيَمْرُقَ مِنْ الدِّينِ وَيَكُونَ مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ " .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-04-12, 05:54
يسأل : أين كنا قبل الحياة الدنيا ؟
وأين كانت أرواحنا ؟
السؤال
أين كنا قبل الدنيا ، وأين كانت أرواحنا قبل أن تنفخ في بطون أمهاتنا ؟
هل كنا لا شيء ؟
هل كنا مع الله ؟
وإذا كانت أرواحنا في مكان ما فهل لدينا فرصة أن نتذكر أي شيء عنه ؟
جزاكم الله خيرا
الجواب :
الحمد لله
هدانا الله وإياكم سواء السبيل ، ووفقنا وإياكم إلى كل خير .
أولا : اعلم يا أخي أن في انشغال المرء بخاصة نفسه وما يهمه من أمر الدنيا والآخرة الغنية عن السؤال عن مثل هذا ، وفيما هو آت من متاعب الدنيا وكروب الموت وأهوال الآخرة الكفاية لأن ينشغل به العبد عما كان في الزمان الأول الذي لا يضره جهله به ولا ينفعه علمه بحاله .
والسؤال عن الروح والخوض فيها ، ومتى خلقت ؟ وأين كانت ؟ فوق أنه من فضول الكلام ، فهو مخالف لما يتضمنه قول الله عز وجل : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) الإسراء/ 85
قال السعدي رحمه الله :
" وهذا متضمن لردع من يسأل المسائل التي لا يقصد بها إلا التعنت والتعجيز ، ويدع السؤال عن المهم ، فيسألون عن الروح التي هي من الأمور الخفية ، التي لا يتقن وصفها وكيفيتها كل أحد ، وهم قاصرون في العلم الذي يحتاج إليه العباد .
ولهذا أمر الله رسوله أن يجيب سؤالهم بقوله : قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي أي : من جملة مخلوقاته ، التي أمرها أن تكون فكانت ، فليس في السؤال عنها كبير فائدة ، مع عدم علمكم بغيرها .
وفي هذه الآية دليل على أن المسؤول إذا سئل عن أمر ، الأولى بالسائل غيرُه ، أن يعرض عن جوابه ، ويدله على ما يحتاج إليه ، ويرشده إلى ما ينفعه "
انتهى من " تفسير السعدي" (ص 466)
ثانيا :
الذي حرره ابن القيم رحمه الله من غير وجه أن خلق الأرواح متأخر عن خلق الأبدان ؛ فإن خلق آدم أبي البشر عليه السلام كان هكذا .
قال ابن القيم :
" والقرآن والحديث والآثار تدل على أنه سبحانه نفخ فيه من روحه بعد خلق جسده ، فمن تلك النفخة حدثت فيه الروح . وفي حديث أبى هريرة في تخليق العالم الإخبار عن خلق أجناس العالم وتأخر خلق آدم إلى يوم الجمعة ، ولو كانت الأرواح مخلوقة قبل الأجساد لكانت من جملة العالم المخلوق في ستة أيام ، فلما لم يخبر عن خلقها في هذه الأيام علم أن خلقها تابع لخلق الذرية ، وأن خلق آدم وحده هو الذي وقع في تلك الأيام الستة ، وأما خلق ذريته فعلى الوجه المشاهد المعاين .
وأيضا فإنها لو كانت موجودة قبل البدن لكانت عالمة حية ناطقة عاقلة فلما تعلقت بالبدن سلبت ذلك كله ثم حدث لها الشعور والعلم والعقل شيئا فشيئا ، وهذا لو كان لكان أعجب الأمور أن تكون الروح كاملة عاقلة ، ثم تعود ناقصة ضعيفة جاهلة ، ثم تعود بعد ذلك إلى عقلها وقوتها ! فأين في العقل والنقل والفطرة ما يدل على هذا "
انتهى ملخصا ."الروح" (ص 173-174)
فالأرواح لم تكن مخلوقة أولا ، ثم ركبت في الأبدان ، وإنما خلقت الأبدان ثم خلقت الأرواح وركبت فيها .
وسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّة رحِمَه الله
عَنْ " الرُّوحِ " هَلْ هِيَ قَدِيمَةٌ أَوْ مَخْلُوقَةٌ ؟ وَهَلْ يُبَدَّعُ مَنْ يَقُولُ بِقِدَمِهَا أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ :
" رُوحُ الْآدَمِيِّ مَخْلُوقَةٌ مُبْدَعَةٌ بِاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (4 /216)
وقول السائل : أين كنا قبل الدنيا ؟ فالجواب : أن الخلق قبل خلقهم لم يكونوا شيئا ، ثم خلقهم الله تعالى ، قال الله عز وجل لنبيه زكريا عليه السلام : ( وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) مريم/ 9
وقال سبحانه : ( هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ) لإنسان/ 1
قال ابن كثير رحمه الله :
" يقول تعالى مخبرًا عن الإنسان أنه أوجده بعد أن لم يكن شيئًا يذكر لحقارته وضعفه ، فقال: ( هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ) ثم بين ذلك فقال : ( إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ) " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (8 /285) والمعنى أنه لم يكن شيئا أصلا ، ثم خلقه الله من نطفة أمشاج .
وروى البخاري (7418) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما أن نَاسا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ دخلوا على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا : جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ مَا كَانَ ؟ قَالَ : ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ) .
وفي رواية : ( كان الله ولم يكن شيء غيره ) ، وفي أخرى : ( ولم يكن شيء معه )
راجع الفتح (6/289)
وعند مسلم (2713) مرفوعا : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ )
وقول السائل : هل كنا مع الله ؟ فنقول : - كما تقدم – لم نكن شيئا أصلا ، فضلا عن أن يقال : كنا مع الله أو في السماء .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو يَعْقُوبَ النهرجوري
: " هَذِهِ الْأَرْوَاحُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ . خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ الْمَلَكُوتِ كَمَا خَلَقَ آدَمَ مِنْ التُّرَابِ ، وَكُلُّ عَبْدٍ نَسَبَ رُوحَهُ إلَى ذَاتِ اللَّهِ أَخْرَجَهُ ذَلِكَ إلَى التَّعْطِيلِ ، وَاَلَّذِينَ نَسَبُوا الْأَرْوَاحَ إلَى ذَاتِ اللَّهِ هُمْ أَهْلُ الْحُلُولِ الْخَارِجُونَ إلَى الْإِبَاحَةِ ، وَقَالُوا إذَا صَفَتْ أَرْوَاحُنَا مِنْ أَكْدَارِ نُفُوسِنَا فَقَدْ اتَّصَلْنَا ؛ وَصِرْنَا أَحْرَارًا وَوُضِعَتْ عَنَّا الْعُبُودِيَّةُ وَأُبِيحَ لَنَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ اللَّذَّاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَهُمْ زَنَادِقَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (4 /221)
وقول السائل : وإذا كانت أرواحنا في مكان ما فهل لدينا فرصة أن نتذكر أي شيء عنه ؟
فنقول : عدم تذكرنا أي شيء دليل على أنها لم تكن شيئا من قبل ، وأنها خلقت بعد خلق الأجساد – كما تقدم –
وقال ابن القيم رحمه الله :
" ولو كان للروح وجود قبل البدن وهي حية عالمة ناطقة لكانت ذاكرة لذلك في هذا العالم شاعرة به ولو بوجه ما ، ومن الممتنع أن تكون حية عالمة ناطقة عارفة بربها وهي بين ملأ من الأرواح ثم تنتقل إلى هذا البدن ولا تشعر بحالها قبل ذلك بوجه ما .
وإذا كانت بعد المفارقة تشعر بحالها وهي في البدن على التفصيل ، وتعلم ما كانت عليه ها هنا ، مع أنها اكتسبت بالبدن أمورا عاقتها عن كثير من كمالها ؛ فلأن تشعر بحالها الأول وهي غير معوقة هناك بطريق الأولى "
انتهى ."الروح" (ص 174)
والواجب الانشغال بما يهم المرء من أحوال معاشه ومعاده ، وعدم الانشغال بمثل هذه التساؤلات التي قد تورث الحيرة أو تُخرِج إلى البدعة والضلالة .
والله تعالى أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
رحال المحيط
2018-04-12, 16:48
بارك الله فيك وزاد من أمثالك
*عبدالرحمن*
2018-04-12, 18:19
بارك الله فيك وزاد من أمثالك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير
*عبدالرحمن*
2018-04-13, 17:03
بارك.الله.فيك.يا.اخي
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير
*عبدالرحمن*
2018-04-14, 02:04
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
من هو ذو القرنين المذكور في القرآن ؟
السؤال:
من هو ذوالقرنين الذي مذكور في القران (لان الفرس يقولون أنه نبينا وجدنا (كوروش)!! شكرا
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ذو القرنين المذكور في سورة الكهف في قوله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ) الكهف/ 83 كان ملكا من ملوك الأرض وعبدا صالحا مسلما ، طاف الأرض يدعو إلى الإسلام ويقاتل عليه من خالفه ، فنشر الإسلام وقمع الكفر وأهله وأعان المظلوم وأقام العدل .
صح عن مجاهد أنه قال : " ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر : مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان : سليمان بن داود وذو القرنين ، والكافران : بختنصر ونمرود بن كنعان ، لم يملكها غيرهم " رواه الطبري في "التفسير" (5/433) .
قال ابن كثير رحمه الله :
" ذكر الله تعالى ذا القرنين هذا وأثنى عليه بالعدل ، وأنه بلغ المشارق والمغارب ، وملك الأقاليم وقهر أهلها ، وسار فيهم بالمعدلة التامة والسلطان المؤيد المظفر المنصور القاهر المقسط . والصحيح : أنه كان ملكا من الملوك العادلين "
انتهى من "البداية والنهاية" (2 /122)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقِيلَ كَانَ نَبِيًّا ، وَقِيلَ : كَانَ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَة ، وقيل لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَلَا مَلَكًا , وَقِيلَ : كَانَ مِنْ الْمُلُوك . وَعَلَيْهِ الْأَكْثَر " انتهى بتصرف .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هو ملك صالح كان على عهد الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ويقال إنه طاف معه بالبيت ، فالله أعلم "
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" - لابن عثيمين (60 /4) .
وأما ما رواه الحاكم (104) والبيهقي (18050) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَا أَدْرِي أَتُبَّعٌ أَنَبِيّاً كانَ أَمْ لاَ ، وَمَا أَدْرِي ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنَبِيّاً كانَ أَمْ لاَ ، وَمَا أَدْرِي الحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لأَهْلِهَا أَمْ لاَ ) ، فقد أعله الإمام البخاري رحمه الله وغيره .
قال الإمام البخاري رحمه الله
: " وقال لي عبد الله بن محمد حدثنا هشام قال حدثنا معمر عن ابن ابى ذئب عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أدرى أعزير نبيا كان ام لا، وتبع لعينا كان ام لا، والحدود كفارات لأهلها ام لا ؟
وقال عبد الرزاق عن معمر عن ابن ابى ذئب عن سعيد عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأول أصح ، [يعني : المرسل ] ، ولا يثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الحدود كفارة ) " .
انتهى ."التاريخ الكبير" (1/153) .
وقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : تفرد بِهِ عبد الرَّزَّاق ، وَغَيره أرْسلهُ . " "الفتح السماوي" ، للمناوي(3/988) . وينظر أيضا : "أطراف الغرائب" (5/198) .
ثانيا :
أما ما يتوارد على ألسنة بعض من لا علم له بحقائق الأمور أنه الإسكندر المقدوني باني الإسكندرية ، الذي غزا الصين والهند وبلاد الترك ، وقهر ملك الفرس واستولى على مملكته : فهو قول باطل مردود ، وقد بين ذلك المحققون من أهل العلم :
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" الْإِسْكَنْدَر الْيُونَانِيّ كَانَ قَرِيبًا مِنْ زَمَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام , وَبَيْن زَمَن إِبْرَاهِيم وَعِيسَى أَكْثَر مِنْ أَلْفَيْ سَنَة , وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْإِسْكَنْدَر الْمُتَأَخِّر لُقِّبَ بِذِي الْقَرْنَيْنِ تَشْبِيهًا بِالْمُتَقَدِّمِ لِسَعَةِ مُلْكه وَغَلَبَته عَلَى الْبِلَاد الْكَثِيرَة , أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَى الْفُرْس وَقَتَلَ مَلِكهمْ اِنْتَظَمَ لَهُ مُلْك الْمَمْلَكَتَيْنِ الْوَاسِعَتَيْنِ الرُّوم وَالْفُرْس فَلُقِّبَ ذَا الْقَرْنَيْنِ لِذَلِكَ .
والْحَقّ أَنَّ الَّذِي قَصَّ اللَّه نَبَأَهُ فِي الْقُرْآن هُوَ الْمُتَقَدِّم .
وَالْفَرْق بَيْنهمَا مِنْ أَوْجُهٍ : أَحَدهَا : مَا ذَكَرْته , الثَانِي : أنّ الْإِسْكَنْدَر َكَانَ كَافِرًا , وَكَانَ مُعَلِّمُهُ أَرَسْطَاطَالِيس ، وَكَانَ يَأْتَمِر بِأَمْرِهِ ، وَهُوَ مِنْ الْكُفَّار بِلَا شَكّ , الثَالِث : كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ الْعَرَب , وَأَمَّا الْإِسْكَنْدَر فَهُوَ مِنْ الْيُونَان " انتهى باختصار .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" ذكر الأزرقي وغيره أن ذا القرنين أسلم على يدي إبراهيم الخليل وطاف معه بالكعبة المكرمة هو وإسماعيل عليه السلام .
أما المقدوني اليوناني المصري باني إسكندرية الذي يؤرخ بأيامه الروم ، فكان متأخرا عن الأول بدهر طويل ، كان هذا قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة وكان أرسطا طاليس الفيلسوف وزيره وهو الذي قتل دارا بن دارا وأذل ملوك الفرس وأوطأ أرضهم .
وإنما نبهنا عليه لأن كثيرا من الناس يعتقد أنهما واحد ، وأن المذكور في القرآن هو الذي كان أرسطا طاليس وزيره فيقع بسبب ذلك خطأ كبير وفساد عريض طويل كثير ، فإن الأول كان عبدا مؤمنا صالح وملكا عادلا ، وأما الثاني فكان مشركا وكان وزيره فيلسوفا وقد كان بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة . فأين هذا من هذا ؟ لا يستويان ولا يشتبهان إلا على غبي لا يعرف حقائق الأمور " .
انتهى باختصار وتصرف من "البداية والنهاية" (2 /122-225)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" كان أرسطو قبل المسيح بن مريم عليه السلام بنحو ثلاثمائة سنة ، كان وزيرا للإسكندر بن فيلبس المقدوني الذي غلب على الفرس وهو الذي يؤرخ له اليوم بالتاريخ الرومي تؤرخ له اليهود والنصارى ، وليس هذا الإسكندر هو ذا القرنين المذكور في القرآن كما يظن ذلك طائفة من الناس ، فإن ذلك كان متقدما على هذا وذلك المتقدم هو الذي بنى سد يأجوج ومأجوج ، وهذا المقدوني لم يصل إلى السد ، وذاك كان مسلما موحدا وهذا المقدوني كان مشركا هو وأهل بلده اليونان كانوا مشركين يعبدون الكواكب والأوثان "
انتهى "منهاج السنة النبوية" (1 /220) ، وينظر : "مجموع الفتاوى" (11 /171-172) ، "إغاثة اللهفان" ، لابن القيم (2 /263-264).
فتبين مما سبق أن ذا القرنين المذكور في القرآن كان مسلما موحدا ، وكان من العرب
فمن زعم أنه كان جدا للفرس ، أو كان نبيا من أنبيائهم على ملتهم ودينهم وطريقتهم : فقد ادعى باطلا كما بينه المحققون من أهل العلم والتاريخ .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-14, 02:08
ما المقصود بالأمانة في قول الله تعالى
: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ)؟
السؤال
: ما هي الأمانة التي عرضها الله سبحانه وتعالي علي السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا .
الجواب :
الحمد لله
عرض الله تعالى طاعته وفرائضه وحدوده على السموات والأرض والجبال على أنها إن أحسنت أثيبت وجوزيت ، وإن ضيعت عوقبت ، فأبت حملها إشفاقًا منها أن لا تقوم بالواجب عليها ، وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا .
هذا هو تفسير قول الله عز وجل : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الأحزاب / 72 .
وتفسير الأمانة بالتكاليف الشرعية هو قول ابن عباس والحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم وابن زيد وأكثر المفسرين .
راجع : "تفسير الطبري" (20 /336- 340) – "تفسير ابن كثير" (6 / 488-489) – "الجامع لأحكام القرآن" (14 /252- 253) – "فتح القدير" (4/437) .
قال قتادة : الأمانة : الدين والفرائض والحدود .
وقيل : بل عنى بالأمانة في هذا الموضع : أمانات الناس .
وقال بعضهم : الغسل من الجنابة .
وقال زيد بن أسلم : الأمانة ثلاثة : الصلاة ، والصوم ، والاغتسال من الجنابة .
قال ابن كثير رحمه الله :
" وكل هذه الأقوال لا تنافي بينها ، بل هي متفقة وراجعة إلى أنها التكليف ، وقبول الأوامر والنواهي بشرطها ، وهو أنه إن قام بذلك أثيب ، وإن تركها عُوقِبَ ، فقبلها الإنسان على ضعفه وجهله وظلمه ، إلا مَنْ وفق اللَّهُ " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (6 / 489) .
وقال الطبري رحمه الله :
" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما قاله الذين قالوا: إنه عُنِي بالأمانة في هذا الموضع: جميع معاني الأمانات في الدين وأمانات الناس وذلك أن الله لم يخص بقوله : (عَرَضْنَا الأمَانَةَ) بعض معاني الأمانات لما وصفنا"
انتهى . "تفسير الطبري" (20 / 342) .
وقال القرطبي رحمه الله :
" الأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال ، وهو قول الجمهور " انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (14 / 252)
وقال السعدي رحمه الله :
" جميع ما أوجبه الله على عبده أمانة ، على العبد حفظها بالقيام التام بها ، وكذلك يدخل في ذلك أمانات الآدميين ، كأمانات الأموال والأسرار ونحوهما ، فعلى العبد مراعاة الأمرين ، وأداء الأمانتين ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 547) .
وقال الشنقيطي رحمه الله :
" ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه عرض الأمانة ، وهي التكاليف مع ما يتبعها من ثواب وعقاب على السماوات والأرض والجبال ، وأنهن أبين أن يحملنها وأشفقن منها ، أي : خفن من عواقب حملها أن ينشأ لهن من ذلك عذاب الله وسخطه ، وهذا العرض والإباء والإشفاق كله حق ، وقد خلق الله للسماوات والأرض والجبال إدراكا يعلمه هو جل وعلا ، ونحن لا بعلمه ، وبذلك الإدراك أدركت عرض الأمانة عليها ، وأبت وأشفقت ، أي : خافت "
انتهى . "أضواء البيان" (36 / 139) .
والخلاصة :
أن الأمانة المذكورة في هذه الآية الكريمة ، والتي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال ، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ، وحملها الإنسان ، هي التكاليف الشرعية ، سواء في ذلك حقوق الله تعالى ، وحقوق عباده ، فمن أدى حق الله وحق عباده أثيب ، ومن فرط في حق الله وحق عباده استحق العقاب .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-14, 02:12
: هل هناك نصوص في تحديد " عمر الأرض " ؟!
السؤال:
هناك بعض المخطوطات الإسلامية التي تقول إن الله خلق السموات والأرض من العدم في ستة أيام ، ثم خلق آدم أبا البشر في اليوم السابع ، ثم خلق محمداً صلى الله عليه وسلم بعد عشرة أجيال من ذلك الحين ، فعلى اعتبار أن عمر الجيل الواحد ثلاثون سنة نضربها في تسعين مضافاً إليها المدة الزمنية من مولد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم سينتج لدينا أن الله خلق السموات والأرض فقط منذ 4137 سنة أو عدد مقارب لهذا
ولكن في الحقيقة هذا لا يتوافق مع ما يقوله العلماء والمختصون إذ يقولون إن عمر الأرض أكثر من ثلاثة بلايين سنة ، فما القول الفصل في هذه المسألة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
إن مجرد ورود قول أو رأي في كتاب مخطوط أو مطبوع ، لا يعني أن ذلك القول صواب مقبول ، فضلا عن أن يكون ممثلا لوجهة النظر الإسلامية ، هكذا بإطلاق ، لمجرد أن هذا الكتاب ـ المخطوط أو المطبوع ـ يصنف على أنه إسلامي ؛ بل لا بد من أن يكون صاحب الكلام من أهل العلم المعروفين به ، الذين يؤخذ منهم ، ويصدر الناس عن رأيهم . ثم ينظر بعد ذلك فيما ذكره من الدليل على قوله ، خاصة فيما اختلف فيه أهل العلم .
ثانياً:
ما جاء في المخطوط المشار إليه : " إن الله خلق السموات والأرض من العدم في ستة أيام " : قد جاء نصا في كتاب الله تعالى ، فلا يحتاج إلى نقل من ذلك المخطوط أو غيره .
ففي الخلق من العدم قال تعالى : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) البقرة/ 117 .
قال القرطبي – رحمه الله - :
( بديع السموات والأرض ) أي : منشؤها ، وموجدها ، ومبدعها ، ومخترعها على غير حدٍّ ، ولا مثال ، وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه : قيل له " مبدع " ، ومنه " أصحاب البدع " ، وسميت البدعة بدعة لأن قائلها ابتدعها من غير فعل أو مقال إمام .
" تفسير القرطبي " ( 2 / 86 ) .
وفي كون ذلك الخلق كان في ستة أيام قال تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ) ق/ 38 .
وقد جاء في القرآن الكريم تفصيل الخلق في هذه الأيام الستة ، فقال تعالى : ( قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ) فصلت/ 9 – 12 .
قال الشيخ الشنقيطي – رحمه الله - :
الظاهر أن معنى قوله هنا في ( أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ) : أي : في تتمة أربعة أيام .
وتتمة الأربعة حاصلة بيومين فقط ؛ لأنه تعالى قال : ( قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ ) فصلت/ 9 ، ثم قال ( في أربعة أيام ) أي : في تتمة أربعة أيام .
ثم قال : ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ) فصلت/ 12 , فتضم اليومين إلى الأربعة السابقة فيكون مجموع الأيام التي خلق فيها السماوات والأرض وما بينهما ستة أيام .
وهذا التفسير الذي ذكرنا في الآية لا يصح غيره بحال ؛ لأن الله تعالى صرح في آيات متعددة من كتابه بأنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ... .
" أضواء البيان " ( 7 / 12 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 31865 ) ، وفي جواب السؤال رقم ( 20613 ) بيان الحكمة في أن الخلق كان في ستة أيام ، مع قدرة الله سبحانه في أقل من هذه المدة ، بل في لحظة من الزمان ؟ .
ثالثاً:
اختلف أهل العلم في خلق آدم على قولين :
القول الأول : أن يوم الجمعة من الأيام الستة ، وعليه تكون بداية الخلق في يوم الأحد ، ونهايته يوم الجمعة ، وفيه خُلق آدم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في غير موضع من كتبه .
القول الثاني : أن يوم الجمعة زائد على الأيام الستة ، فبداية الخلق كانت يوم السبت ، ونهايته : يوم الخميس ، وقد تمَّ الخلق في ستة أيام ، ثم بعد فترة - الله أعلم بمدتها - خلق اللهُ آدمَ عليه السلام ، وكان ذلك في يوم الجمعة .
ويشهد لهذا القول الثاني أمران :
1. أن الله تعالى قبل خلق آدم عليه السلام ذكر أنه خلق الأرض ، فقال : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/30 ، وهذا يعني أن خلق آدم عليه السلام لا دخل له في الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض وما بينهما .
2. أن آدم عليه السلام لا يدخل في خلق السموات ولا في الأرض ، بل هو مخلوق من الأرض ، فمن الطبيعي أن يكون خلقه بعد خلق الأرض التي خُلِق منها .
وثمة حديث استدل به أصحاب هذا القول :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ) .
رواه مسلم ( 2789 ) وهذا الحديث قد أعلَّه بعض أهل العلم وجعله من كلام كعب الأحبار .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَإِنَّ هَذَا طَعْنٌ فِيهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ مُسْلِمٍ مِثْلَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَمِثْلَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَطَائِفَةٌ اعْتَبَرَتْ صِحَّتَهُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَأَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَالْبَيْهَقِي وَغَيْرُهُ
وَافَقُوا الَّذِينَ ضَعَّفُوهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَثَبَتَ أَنَّ آخِرَ الْخَلْقِ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْخَلْقِ يَوْمَ الْأَحَدِ وَهَكَذَا هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ أَسْمَاءُ الْأَيَّامِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ الثَّابِتُ فِي أَحَادِيثَ وَآثَارٍ أُخَرَ" . انتهى .
"مجموع الفتاوى" (18/18) .
وما قرره شيخ الإسلام هنا ، وفي غير موضع من كتبه ، اختاره تلميذاه : الإمام ابن القيم رحمه الله ، كما في " المنار المنيف" (85) ، والحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/215) .
وردَّ ذلك الشيخان المعلِّمي اليماني والألباني وغيرهما .
قال العلامة المعلمي - رحمه الله - :
ليس في هذا الحديث أنه خلق في اليوم السابع غير آدم ، وليس في القرآن ما يدل على أن خلق آدم كان في الأيام الستة ، بل هذا معلوم البطلان .
وفي آيات خلق آدم أوائل البقرة وبعض الآثار ما يؤخذ منه أنه قد كان في الأرض عُمَّار قبل آدم ، عاشوا فيها دهراً ، فهذا يساعد القول بأن خلق آدم متأخر بمدة عن خلق السموات والأرض .
فتدبر الآيات والحديث على ضوء هذا البيان ، يتضح لك إن شاء الله أن دعوى مخالفة هذا الحديث لظاهر القرآن قد اندفعت ولله الحمد .
" الأنوار الكاشفة " ( ص 187 ، 188 ) .
وقال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
وليس هو بمخالف للقرآن بوجه من الوجوه خلافاً لما توهمه بعضهم ؛ فإن الحديث يفصل كيفية الخلق على وجه الأرض وأن ذلك كان في سبعة أيام ، ونص القرآن على أن خلق السماوات والأرض كان في ستة أيام لا يعارض ذلك ؛ لاحتمال أن هذه الأيام الستة غير الأيام السبعة المذكورة في الحديث
وأنه - أعني الحديث - تحدث عن مرحلة من مراحل تطور الخلق على وجه الأرض حتى صارت صالحة للسكنى ، ويؤيده : أن القرآن يذكر أن بعض الأيام عند الله تعالى كألف سنة ، وبعضها خمسون ألفا ، فما المانع من أن تكون الأيام الستة من هذا القبيل ؟ والأيام السبعة من أيامنا هذه كما هو صريح الحديث ، وحينئذ فلا تعارض بينه وبين القرآن .
" مشكاة المصابيح " ( 3 / 1597 ) .
رابعا :
على كلا القولين ، ليس هناك معارضة بين عدد الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض وأنها ستة ، وبين خلق آدم في يوم الجمعة ؛ أما على القول الأول ، وأن يوم الجمعة داخل في الأيام الستة فهو واضح ولا إشكال ، وأما على القول الثاني فإن خلق آدم ليس داخلا في " السموات " و " الأرض " ، كما هو الحال في خلق " الملائكة " و " إبليس " و " الشياطين " ، بل إن ظاهر القرآن أن خلق السموات والأرض وما بينهما كان قبل خلق ذلك كله .
قال الطاهر بن عاشور – رحمه الله - :
واعلم أن الله تعالى خلق السماوات والأرض قبل أن يخلق لهما سكانَهما كما دل عليه قوله : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ ... ) .
" التحرير والتنوير " ( 15 / 343 ) .
رابعاً:
قول الأخ السائل " ، ثم خلق محمداً صلى الله عليه وسلم بعد عشرة أجيال من ذلك الحين " : غير صحيح ، وخاصة على قوله " عمر الجيل الواحد ثلاثون سنة " ! فالمدة بين آدم عليه السلام وولادة النبي صلى الله عليه وسلم لا تعرف على وجه التحديد ، وقد ذكرنا هذه المسألة بتفصيل سؤال في جواب السؤال رقم ( 20907 ) فلينظر .
خامساً:
ما ورد في السؤال من " أن عمر الجيل الواحد ثلاثون سنة ... " : غير صحيح ، فنوح عليه السلام مكث في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، فكم يكون إذن عمر ذلك الجيل ؟!.
وما بني عليه بعده من حساب ليس بصحيح ، وهو قولك " سينتج لدينا أن الله خلق السموات والأرض فقط منذ 4137 سنة أو عدد مقارب لهذا " .
على أن هناك أمرا آخر ، ربما كان له مدخل فيما ذكر الإشكال ، وهو الخلط بين عمر الأرض وعمر الإنسان ؛ وهو خطأ بين ؛ فالأرض مخلوقة قبل الإنسان ، وحساب المدة بين آدم عليه السلام وبين وقتنا الحالي ـ إذا افترضنا أن ذلك ممكن لنا على وجه الدقة ، أو حتى التقريب ـ : لا يعني أن هذا هو عمر الأرض ، فليتنبه لهذا ، ولا يُخلط بين الأمرين .
وإذا كان عسيراً على الباحثين ضبط عمر الإنسان بين آدم ومحمد عليهما السلام ، فإن ضبط عمر الأرض أعسر ، ولذلك اختلف المعاصرون في عمرها اختلافاً يدل على أن الأمر ليس فيه غلبة ظن ، ولا قريب من ذلك ، وأما القطع واليقين فهو أبعد شيء عن الواقع ، فقد قال بعضهم إن عمر الأرض 3 بلايين سنة ، وقال آخرون 4,5 بليون سنة ! وقال فريق ثالث إن عمرها يتجاوز 13 بليون سنة ! وكلها تخرصات ليس هناك دليل قاطع على صحتها .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-04-14, 02:16
لماذا خلق الله السموات والأرض في ستة أيام
مع قدرته على خلقها في أقل من هذه المدة ؟
السؤال
إذا أراد الله أمراً فإنه يقول له كن فيكون ، فلماذا استغرق 6 أيام حتى يخلق السماوات والأرض ؟ .
الجواب
الحمد لله
من المقرر عند أهل الإيمان الراسخ والتوحيد الكامل أن المولى جل وعلا قادر على كل شيء ، وقدرته سبحانه ليس لها حدود ، فله سبحانه مطلق القدرة وكمال الإرادة ، ومنتهى الأمر والقضاء ، وإذا أراد شيئاً كان كما أراد وفي الوقت الذي يريد ، وبالكيفية التي أرادها سبحانه وتعالى .
وقد تواترت النصوص القطعية من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم على تقرير هذا الأمر وبيانه بياناً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض ، ونكتفي هنا بذكر بعض الآيات الدالة على ذلك ، فمن ذلك قوله تعالى : ( بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) البقرة / 117 .
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة ( 1/175 ) : ( يبين بذلك تعالى كمال قدرته ، وعظيم سلطانه ، وأنه إذا قدر أمراً وأراد كونه فإنما يقول له كن _ أي : مرة واحدة _ فيكون ، أي فيوجد على وفق ما أراد كما قال تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس / 82 ) أ.هـ.
وقال تعالى : ( ...قال كذلك الله يخلق ما يشاء ، إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) آل عمران / 47 .
وقال تعالى : ( هو الذي يحي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) غافر / 68 .
وقال تعالى : ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) القمر/50 .
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره هذه الآية ( 4/261 ) : ( وهذا إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه ، كما أخبر بنفوذ قدره فيهم فقال : ( وما أمرنا إلا واحدة ) أي إنما نأمر بالشيء مرة واحدة لا نحتاج إلى توكيد بثانية ، فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلاً موجوداً كلمح البصر ، لا يتأخر طرفة عين ، وما أحسن ما قال بعض الشعراء :
إذا ما أراد الله أمراً فإنما يقول له كن قولة فيكون ) أ.هـ.
وهناك آيات أخرى تقرر هذا الأمر وتوضحه .
فإذا تقرر ذلك فلماذا خلق الله جل جلاله السموات والأرض في ستة أيام ؟ .
أولاً :
قد ورد في أكثر من آية في كتاب ربنا أن الله جل وعلا خلق السموات والأرض في ستة أيام فمن ذلك قوله تعالى : ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ... ) الأعراف / 54 .
ثانياً :
ما من أمر يفعله الله إلا وله فيه حكمة بالغة وهذا من معاني اسم الله تعالى " الحكيم " ، وهذه الحكمة قد يطلعنا الله تعالى عليها وقد لا يطلعنا ، وقد يعلمها ويستنبطها الراسخون في العلم دون غيرهم .
غير أن جهلنا بهذه الحكمة لا يحملنا على نفيها أو الاعتراض على أحكام الله ومحاولة التكلف والتساؤل عن هذه الحكمة التي أخفاها الله عنا ، قال الله تعالى : ( لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ) الأنبياء / 23 .
وقد حاول بعض العلماء استباط الحكمة من خلق السموات والأرض في ستة أيام :
1- قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " لآية الأعراف ( 54 ) ( 4/7/140 ) :
( ... وذكر هذه المدة - أي ستة أيام - ولو أراد خلقها في لحظة لفعل ؛ إذ هو القادر على أن يقول لها كوني فتكون ، ولكنه أراد :
- أن يعلم العباد الرفق والتثبت في الأمور .
- ولتظهر قدرته للملائكة شيئاً بعد شيء ....
- وحكمة أخرى : خلقها في ستة أيام ؛ لأن لكل شيء عنده أجلا ، وبيّن بهذا ترك معالجة العصاة بالعقاب ؛ لأن لكل شيء عنده أجلاً ... ) ا.هـ.
2- وقال ابن الجوزي في تفسيره المسمى بـ " زاد المسير " ( 3/162 ) في تفسير آية الأعراف :
(... فإن قيل : فهلا خلقها في لحظة ، فإنه قادر ؟ فعنه خمسة أجوبة :
أحدها : أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمراً تستعظمه الملائكة ومن يشاهده ، ذكره ابن الأنباري .
والثاني : أنه التثبت في تمهيد ما خُلق لآدم وذريته قبل وجوده ، أبلغ في تعظيمه عند الملائكة .
والثالث : أن التعجيل أبلغ في القدرة ، والتثبيت أبلغ في الحكمة ، فأراد إظهار حكمته في ذلك ، كما يظهر قدرته في قوله ( كن فيكون ) .
والرابع : أنه علّم عباده التثبت ، فإذا تثبت مَنْ لا يَزِلُّ ، كان ذو الزلل أولى بالتثبت .
والخامس : أن ذلك الإمهال في خلق شيء بعد شيء ، أبعد من أن يظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق . ) ا.هـ.
3- وقال القاضي أبو السعود في تفسيره عند آية الأعراف : ( 3/232 ) : ( ... وفي خلق الأشياء مدرجاً مع القدرة على إبداعها دفعة دليل على الاختيار ، واعتبار للنظار ، وحث على التأني في الأمور ) ا.هـ.
وقال عن تفسير الآية ( 59 ) من سورة الفرقان ( 6/226 ) :
( ...فإن من أنشأ هذه الأجرام العظام على هذا النمط الفائق والنسق الرائق بتدبير متين و ترتيب رصين ، في أوقات معينة ، مع كمال قدرته على إبداعها دفعة لحكم جليلة ، وغايات جميلة ، لا تقف على تفصيلها العقول ... ) أ.هـ.
وبناء على ما سبق اتضح أن الله جلت قدرته وعَظُم سلطانه له مطلق القدرة ، ومنتهى الإرادة ، وكمال التصرف والتدبير ، وله في كل خلق من خلقه حِكم بليغة لا يعلمها إلا هو سبحانه ، وكذلك اتضح لك بعض الحِكم والأسرار في خلق المولى سبحانه وتعالى السموات والأرض في ستة أيام ، مع أنه قادر سبحانه أن يخلقها بكلمة " كن " .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-14, 02:20
خلق السموات والأرض في ستة أو ثمانية أيام ؟
السؤال
قرأت قول الله تعالى : { إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) } الأعراف
والذي فهمته أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ، وهذا واضح .
ولكن في آية أخرى ذكر الله خلق السموات والأرض فقال : { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ(9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ(10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(12) } فصلت .
فهنا ذكر الله أنه خلق الأرض في يومين ، ثم جعل فيها الرواسي ... وتقدير الأقوات في أربعة أيام ، فيصير المجموع ستة ، ثم خلق السموات في يومين ، وبهذا يكون المجموع ثمانية أيام .
فكيف نجمع بين الآيتين ؟؟.
الجواب
الحمد لله
هذا مما أشكل على بعض الناس فهمه ، فظن بعضهم أن الله خلق السموات والأرض في ثمانية أيام كما ذكر الله في سورة فصلت : (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادًا ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين
* ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين * فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظًا ذلك تقدير العزيز العليم ) فصلت / 9ـ12.
وأنه يعارض الآية الأخرى التي ذكرت أنه خلقها في ستة أيام .
وهذا فهم خاطئ والجواب عليه أن يقال :
ليس هناك تناقض ولا تفاوت بين المدة الزمنية التي جاءت في هذه الآيات وبين الآيات الأخرى التي ورد فيها تحديد المدة بأنها ستة أيام .
ففي هذه الآيات ـ من سورة فصلت ـ نجد أن الله سبحانه وتعالى يخبرنا بأنه : ( خلق الأرض في يومين )
ثم (جعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها ) في تمام أربعة أيام .. أي في يومين آخرين يضافان إلى اليومين اللذين خلق فيهما الأرض ، فيكون المجموع أربعة أيام .. وليس المراد أن خلق الرواسي وتقدير الأقوات قد استغرق أربعة أيام ..
ولعل الشبهة ـ التي جاءت في السؤال ـ قد أتت من هنا.. أي من توهم إضافة أربعة إلى اليومين اللذين خلقت فيهما الأرض ، فيكون المجموع ستة.. وإذا أضيف إليها اليومان اللذان خلقت فيهما السماء ( فقضاهن سبع سموات في يومين ) يكون المجموع ثمانية أيام ، وليس ستة أيام.. لكن إزالة هذه الشبهة متحققة بإزالة هذا الوهم..
فالأرض خلقت في يومين.. وخلق الرواسي وتقدير الأقوات قد استغرق ما تمم اليومين أربعة أيام.. أي استغرق هو الآخر يومين.. ثم استغرق خلق السموات السبع يومين.. فكان المجموع ستة أيام من أيام الله ، سبحانه وتعالى..
ولقد نبه المفسرون على هذه الحقيقة ـ المزيلة لهذا الوهم ـ فقال القرطبي : " { في أربعة أيام } مثاله قول القائل : خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام وإلى الكوفة في خمسة عشر يومًا ، أي في تتمة خمسة عشر يومًا " [ الجامع لأحكام القرآن ] ج15 ص 343 ـ مصدر سابق.
وقال البغوي : { في أربعة أيام } يريد خلق ما في الأرض ، وقدر الأقوات في يومين يوم الثلاثاء والأربعاء فهما مع الأحد والاثنين أربعة أيام ، ردَّ الآخر على الأول في الذكر ، كما تقول : تزوجت أمس امرأة واليوم ثنتين ، وإحداهما هي التي تزوجتها بالأمس .
انتهى من تفسير البغوي 7/165
وقال الزجاج : في تتمة أربعة أيام ، يريد بالتتمة اليومين .
[ الكشاف ] ج3 ص 444 ـ مصدر سابق .
فهذه الآيات ـ من سورة فصلت ـ تؤكد هي الأخرى ـ على أن خلق السموات والأرض إنما تم في ستة أيام .. ومن ثم فلا تناقض بين آيات القرآن ولا تفاوت في مدة الخلق الإلهي للسموات والأرض .. وحاشا أن يكون شيء من ذلك في الذكر الحكيم .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-14, 02:29
هل القرآن يدل على وجود مخلوقات في الفضاء؟
السؤال:
احتوي القرآن على العديد من الحقائق العلمية . وقد مررت بآيتين - الآية 44 من سورة الإسراء والآية 29 من سورة الشورى – وهما يدلان على وجود مخلوقات (دواب) في السموات كوجودها على الأرض . وقد حصلت على هذه المعلومات من الإنترنت . وأرجو أن تؤكد ما إذا كانت الآيتان تدلان على وجود حياة في الفضاء ، أم إذا كان يراد بهما شيء آخر؟
الجواب :
الحمد لله
الآية 44 من سورة الإسراء هي قوله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) .
والآية 29 من سورة الشورى هي قوله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) .
والله تعالى هو خالق كل شيء ، فما من دابة في الأرض ولا في السماء إلا الله هو الذي خلقها ، ونحن نعلم بما في الأرض ونشاهد ما في البرّ والبحر من هذه الدواب صغيرها وكبيرها من الطيور التي تطير في الأجواء وتطلب رزقها ، وكذلك نعلم أن في السماء ملائكة لا يحصي عددهم إلا الله
قال تعالى : (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ) فنؤمن بذلك كلّه ولكن لا نعلم بتفاصيل هذه المخلوقات ولا عددها ولا نعلم كيفية المخلوقات العلوية . ويمكن أن يكون في السماء دواب الله أعلم بكيفيتها وعددها ، يتكفلّ الله برزقها ، كما في الأرض دواب لا يعلم عددها إلا الله تكفّل تعالى برزقها وهو على كلّ شيء قدير .
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-15, 02:31
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل ثبت في الحديث أن الشمس في دوران
دائم ، لا تتوقف ولا تختفي ؟
السؤال :
أريد أن أعرف صحة هذا الحديث والذي يستدل به كثير من المؤلفين اليوم لإثبات العلم الحديث: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أين تغرب الشمس ومن أين تطلع؟ فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم " إنها في دوران دائم، لا تتوقف ولا تختفي. فإذا غربت في مكان أشرقت في مكان أخر
وإذا أشرقت في مكان غابت في مكان آخر وهكذا... " حتى إن أناساً في مكان ما يقولون: إنها للتو أشرقت ويقول آخرون في مكان آخر في نفس الوقت إنها للتو غربت. رواه أبو إسحاق الهمداني في مسنده.
الجواب :
الحمد لله
هذا الحديث لا يعرف من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، لا بسند صحيح ولا ضعيف ، ولا يشبه كلام النبوة ، بل ولا السلف السابقين .
قال ابن القيم رحمه الله :
" الأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة ومجازفات باردة تنادي على وضعها واختلاقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
"المنار المنيف" (ص 50)
وقد ذكر رحمه الله أمورا كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا ، فذكر منها مناقضة الحديث لما جاءت به السنة الصريحة ، ومنها : أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء فضلا عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو وحي يوحى ، فيكون الحديث مما لا يشبه الوحي بل لا يشبه كلام الصحابة .
راجع : "المنار المنيف" (ص 56- 62)
وهذا الحديث من ذاك عند التأمل ، وهو بقول الفلكيين والجغرافيين أشبه .
ثم إن قوله فيه " إنها للتو أشرقت .." يدل على أنه وضع متأخراً ، فلا يعرف في مشهور اللغة ، ولا فصيح الكلام استعمال " للتو " في هذا السياق ، بل هي أشبه بكلام العوام .
قال الزبيدي رحمه الله : " والتوة – بهاء - : الساعة من الزمان ، يقال مضت تَوّة من الليل والنهار ، أي : ساعة ..
ومنه قول العامة : توّةَ قام ، أي : الساعة .
ثم إنه لا يعرف أحد من العلماء الذين صنفوا كتباً في السنة ممن يسمى : " أبو إسحاق الهمداني".
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-15, 02:38
قصة القِرْدة التي زنت فرجمتها القِرَدة
السؤال
أولا : ما هو الشرح الصحيح للحديث الذي رواه الصحابي عمرو بن ميمون في صحيح البخاري : ( رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم )
ثانيا : هل نستنتج من هذا الحديث أن بعض الحيوانات تتزوج من بعضها البعض ، وترتكب الزنا بالمثل ؟
وكيف يكون الشرح لمن يسأل عن طبيعة وشكل زواج الحيوانات من بعضها البعض ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
هذه القصة رواها الإمام البخاري (3849) عن عمرو بن ميمون قال : (رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ ، قَدْ زَنَتْ ، فَرَجَمُوهَا ، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"ساق الإسماعيلي هذه القصة من وجه آخر مطولة ، من طريق عيسى بن حطان ، عن عمرو بن ميمون قال :
كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شرف ، فجاء قرد من قردة فتوسد يدها ، فجاء قرد أصغر منه فغمزها ، فسلت يدها من تحت رأس القرد الأول سلا رفيقا وتبعته ، فوقع عليها وأنا أنظر ، ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق ، فاستيقظ فزعا ، فشمها فصاح ، فاجتمعت القرود ، فجعل يصيح ويومئ إليها بيده ، فذهب القرود يمنة ويسرة ، فجاءوا بذلك القرد أعرفه ، فحفروا لهما حفرة فرجموهما ، فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم" انتهى .
"فتح الباري" (7/160) .
هذه الرواية ـ كما هو ظاهر ـ ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا كلام أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، وإنما رواها البخاري رحمه الله حكاية عما شاهده عمرو بن ميمون ، وهو الأودي ، أبو عبد الله الكوفي ، توفي سنة (74هـ) ، أدرك الجاهلية والنبوة وأسلم ، ولكنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ، لذلك لم يعده العلماء من الصحابة ، وإنما من المخضرمين من كبار التابعين .
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (8/11) .
ومعلوم أن السنة النبوية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي التي يجب الإيمان بها والتسليم بما جاء فيها ، أما ما يحكيه أحد التابعين عن مشاهدته فلا يرتقي إلى منزلة السنة النبوية بأي حال من الأحوال .
فإذا أدركنا أن الرواية إنما هي كلامٌ ساقه أحد التابعين عما شاهده ، أمكننا إدراك الاحتمالات الواردة عليها ، وعرفنا أنه لا حرج على من تشكك في حقيقة ما جرى بين القردة ، أو نسب إلى عمرو بن ميمون توهم وقوع الرجم عقوبة على السفاد بين القردة ، فمن المقطوع به أن عمرو بن ميمون لم يكن يفهم منطق القردة ، وإنما هو ظنه ، وذلك ما يمكن مخالفته فيه ، وعدم التسليم به .
قال ابن قتيبة الدينوري رحمه الله :
"قالوا – يعني المستهزئين بالسنة الطاعنين عليها - : رَويتم أن قرودا رجمت قردة في زنا ..
ونحن نقول في جواب هذا الاستهزاء : إن حديث القرود ليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه ، وإنما هو شيء ذكر عن عمرو بن ميمون ... وقد يمكن أن يكون رأى القرود ترجم قردة فظن أنها ترجمها لأنها زنت ، وهذا لا يعلمه أحد إلا ظنا ؛ لأن القرود لا تنبئ عن أنفسها ، والذي يراها تتسافد لا يعلم أزنت أم لم تزن ، هذا ظن ، ولعل الشيخ عرف أنها زنت بوجه من الدلائل لا نعلمه
فإن القرود أزنى البهائم ، والعرب تضرب بها المثل فتقول : أزنى من قرد ، ولولا أن الزنا منه معروف ما ضربت به المثل ، وليس شيء أشبه بالإنسان في الزواج والغيرة منه ، والبهائم قد تتعادى ويثب بعضها على بعض ، ويعاقب بعضها بعضا ، فمنها ما يعض ، ومنها ما يخدش ، ومنها ما يكسر ويحطم
والقرود ترجم بالأكف التي جعلها الله لها كما يرجم الإنسان ، فإن كان إنما رجم بعضها بعضا لغير زنا فتوهمه الشيخ لزنا فليس هذا ببعيد ، وإن كان الشيخ استدل على الزنا منها بدليل وعلى أن الرجم كان من أجله فليس ذلك أيضا ببعيد ، لأنها على ما أعلمتك أشد البهائم غيرة ، وأقربها من بني آدم أفهاما" انتهى .
"تأويل مختلف الحديث" (255-256) .
وقال ابن عبد البر رحمه الله :
"هذا عند جماعة أهل العلم منكر : إضافة الزنا إلى غير مكلف ، وإقامة الحدود في البهائم" انتهى.
"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (3/1206) .
وقال القرطبي رحمه الله :
"إن صحت هذه الرواية فإنما أخرجها البخاري دلالة على أن عمرو بن ميمون قد أدرك الجاهلية ، ولم يبال بظنه الذي ظنه في الجاهلية" انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (1/442) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
"هذا أثرٌ منكرٌ ، إذ كيف يمكنُ لإنسان أن يعلم أن القردة تتزوج ، وأن مِن خُلقهم المحافظةَ على العرضِ ، فمن خان قتلوهُ ؟! ثم هبّ أن ذلك أمرٌ واقعٌ بينها ، فمن أين علم عمرو بن ميمون أن رجمَ القردةِ إنما كان لأنها زنت ؟!" انتهى .
"مختصر صحيح البخاري" للألباني (2/535) طبعة مكتبة المعارف .
ثم .. لا يمتنع أن تكون القصة حقيقية ، والظن الذي ظنه عمرو بن ميمون صحيحاً ، فعالم الحيوان عالم مليء بالعجائب والبدائع ، وقد قال العرب قديما : "ليس شيء يجتمع فيه الزواج والغيرة إلا الإنسان والقرد" انتهى . " عيون الأخبار "لابن قتيبة" (172) .
بل قال ابن تيمية رحمه الله :
"ومثل ذلك قد شاهده الناس في زماننا في غير القرود ، حتى الطيور" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (11/545) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى في " كتاب الخيل " له من طريق الأوزاعي : أن مهرا أُنزي على أمه فامتنع ، فأدخلت في بيت وجللت بكساء وأُنزي عليها فنزى ، فلما شم ريح أمه عمد إلى ذكره فقطعه بأسنانه من أصله ، فإذا كان هذا الفهم في الخيل مع كونها أبعد في الفطنة من القرد فجوازها في القرد أولى" انتهى .
"فتح الباري" (7/161) .
وقد ذكر الشيخ عمر الأشقر في كتابه "العقيدة في الله" (ص/129) عن نملة قطَّعها النمل بسبب "الكذب" ! حيث كان رجل يضع لها " حبَّة " ثم تنادي قومها لرفعها ، فيرفعها الرجل فلا يرون شيئا ، وتكرر هذا منه ، ومنها ، فاجتمعوا عليها فقطعوها .
وقد رأينا مقاطع " فيديو " عن الحيوانات ما لا يمكن تصديقه لو نُقلت لنا نظريا ، ومنها : عطف "نمر" على مولود "قردة" قتلها ، وسحبها لشجرة ليفترسها ، ثم لما نزل جنينها من بطنها : تركها وانشغل بمولودها يعطف عليه ، ويحرسه من الضباع ، ورفعه معه إلى الشجرة !
ولمزيد من هذه العجائب يمكن مراجعة كتاب الدكتور عمر الأشقر "العقيدة في الله" (ص/111-168) .
وأما الجواب عن اعتراض ابن عبد البر على تسمية ما وقع بين القردة زنا ، والحيوانات لا تكليف عليها ، فأجاب عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله بقوله :
"لا يلزم من كون صورة الواقعة صورة الزنا والرجم أن يكون ذلك زنا حقيقة ولا حدا ، وإنما أطلق ذلك عليه لشبهه به ، فلا يستلزم ذلك إيقاع التكليف على الحيوان" انتهى .
"فتح الباري" (7/160) .
ثانياً :
أما السؤال عن زواج الحيوانات من بعضها فهذا مرجعه إلى علماء الأحياء المتخصصين في عالم الحيوانات .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-15, 02:43
حقيقة قصة " هاروت وماروت "
السؤال:
من هما هاروت وماروت ؟
هل هما بشر أم ملكان ؟
وإن كانا ملكين هل هما معصومان بالرغم من تعليم السحر للناس ؟
الجواب:
الحمد لله
ورد ذِكر اسمي " هاورت وماروت " في القرآن الكريم في موضع واحد فقط ، وبتأمل هذا الموضع يعرف المرء الحقائق التالية :
1. أنهما من الملائكة ، لا من البشر .
2. أنهما مرسَلان من الله ؛ تعليماً لأناس شيئاً يقيهم من الشر ، لا أنها معاقبان على ذنب .
وعليه : فمن ادَّعى أنهما من البشر ، أو أنهما ملكان وقعا في معصية فمسخهما الله تعالى : فقد تكلم في أمر الغيب بلا علم ، وادعى أمرا يتنقص به ملائكة الرحمن المكرمين ، واعتقد بما في كتب بني إسرائيل ، بغير شاهد صدق له من الوحي المعصوم .
قال تعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) البقرة/ 102 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
وكذلك اتبع اليهودُ السحرَ الذي أُنزل على الملَكين ، الكائنين بأرض " بابل " ، من أرض العراق ، أنزل عليهما السحر ؛ امتحاناً وابتلاءً من الله لعباده ، فيعلمانهم السحر .
( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى ) ينصحاه ، و ( يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) أي : لا تتعلم السحر فإنه كفر ، فينهيانه عن السحر ، ويخبرانه عن مرتبته .
فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس ، والإضلال ، ونسبته ، وترويجه ، إلى مَن برَّأه الله منه ، وهو سليمان عليه السلام ، وتعليم الملكين امتحاناً مع نصحهما : لئلا يكون لهم حجة .
فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تُعلِّمه الشياطين ، والسحر الذي يعلمه الملكان ، فتركوا علم الأنبياء والمرسلين ، وأقبلوا على علم الشياطين ، وكل يصبو إلى ما يناسبه .
ثم ذكر مفاسد السحر فقال : ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ) مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما ؛ لأن الله قال في حقهما : ( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) ، وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة ، وأنه يضر بإذن الله ، أي : بإرادة الله ، والإذن نوعان : إذن قدَري ، وهو المتعلق بمشيئة الله ، كما في هذه الآية ، وإذن شرعي ، كما في قوله تعالى في الآية السابقة : ( فَإِنَّهُ نزلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) .
وفي هذه الآية وما أشبهها : أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير : فإنها تابعة للقضاء والقدر ، ليست مستقلة في التأثير ، ولم يخالف في هذا الأصل مِن فِرَق الأمَّة غير " القدرية " في أفعال العباد ، زعموا أنها مستقلة غير تابعة للمشيئة ، فأخرجوها عن قدرة الله ، فخالفوا كتاب الله ، وسنَّة رسوله ، وإجماع الصحابة ، والتابعين .
ثم ذكر أن علم السحر مضرة محضة ، ليس فيه منفعة ، لا دينية ولا دنيوية ، كما يوجد بعض المنافع الدنيوية في بعض المعاصي ، كما قال تعالى في الخمر والميسر : ( قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) فهذا السحر مضرة محضة ، فليس له داع أصلا ، فالمنهيات كلها إما مضرة محضة ، أو شرها أكبر من خيرها ، كما أن المأمورات إما مصلحة محضة ، أو خيرها أكثر من شرها .
( وَلَقَدْ عَلِمُوا ) أي : اليهود ، ( لَمَنِ اشْتَرَاهُ ) أي : رغب في السحر رغبة المشتري في السلعة : ( مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) أي : نصيب ، بل هو موجب للعقوبة ، فلم يكن فعلهم إياه جهلاً ، ولكنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة .
( وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) علماً يثمر العمل : ما فعلوه .
" تفسير السعدي " ( ص 61 ) .
وكل ما عدا ظاهر القرآن في حال هذين الملَكين : فهو من الإسرائيليات ، يردها ما ثبت من عصمة الملائكة ، على وجه العموم ، دون ورود استثناء لهذا لأصل العام : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/26-28 .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقد روي في قصة " هاروت وماروت " عن جماعة من التابعين ، كمجاهد ، والسدي ، والحسن البصري ، وقتادة ، وأبي العالية ، والزهري ، والربيع بن أنس ، ومقاتل بن حيان ، وغيرهم ، وقصها خلق من المفسرين ، من المتقدمين والمتأخرين ، وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل
إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ، وظاهر سياق القرآن : إجمال القصة من غير بسط ، ولا إطناب فيها ، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن ، على ما أراده الله تعالى ، والله أعلم بحقيقة الحال .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 360 ) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-04-15, 02:45
لماذا تعددت اللغات والأصل واحد
السؤال :
لماذا تعددت اللغات في العالم مع العلم أن جميع الأمم من أصل واحد هو أبونا آدم وأمنا حواء؟
الجواب :
الحمد لله
"الله أعلم . ربك هو الحكيم العليم . ليس عندنا يقين بالحكمة في هذا ، ولكننا نعلم أن ربنا حكيم عليم ، يقول جل وعلا : (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) الأنعام/83 ، ويقول سبحانه : (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء/11 .
فمن حكمته البالغة جعل اللغات متعددة ، وجعل الناس ألواناً كذلك كما قال عز وجل : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ) الروم/22 .
فقد يكون من الحكمة الدلالة على قدرته العظيمة ، وأنه سبحانه قادر على أن يجعل لهؤلاء لغة ولهؤلاء لغة ؛ فإن هذا أبين للقدرة العظيمة .
وقد يكون من الحكم أشياء أخرى لا نعقلها ولا نفهمها ، وقد يفهمها غيرنا من أهل العلم .
فالحاصل أن مِنْ أوضح الحِكَم في ذلك أنه سبحانه وتعالى قدير ؛ ولهذا جعل لغات الناس متعددة وأخبر أن هذا من آياته : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ) الروم/22 ، وألسنتكم : أي لغاتكم .
فكما جعلهم ألواناً فيهم الأحمر والأسود والأبيض وبين ذلك ، وجعلهم أيضاً مختلفين في الأحجام ؛ هذا طويل ، وهذا قصير ، وهذا بين ذلك ، وجعلهم مختلفين في الأخلاق والعقول ، هكذا مسألة اللغات ، كلها تدل على قدرته العظيمة ، وأنه يتصرف كما يشاء سبحانه وتعالى ، وقد تكون هناك حكم كبيرة لا نفهمها" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/314) .
*عبدالرحمن*
2018-04-15, 02:49
: الأشياء التي خلقها الله بيده
السؤال :
يروي الإمام الذهبي رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش ، والقلم ، وآدم ، وجنة عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ) تفسير ابن جابر (23/185) ، الدارمي في رد على المريسي (ص90) ، الأسماء والصفات للبيهقى (ص233) فأرجو توضيح هذا الأمر .
الجواب :
الحمد لله
الذي ثبت لنا – بعد الجمع والدراسة – أن الله سبحانه وتعالى قد خص أشياء معينة بأنه خلقها أو عملها بـ " يده " سبحانه وتعالى دون سائر المخلوقات ، وهذه الأمور هي :
أولاً : خلق آدم .
دليل ذلك قوله عز وجل : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ص/75 .
ثانياً : غرس جنة عدن بيده سبحانه .
دليله ما ورد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ : غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي ، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا ، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ) رواه مسلم برقم (312) .
ثالثاً : كتب الألواح لموسى عليه السلام بيده .
دليله ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى ، فَقَالَ مُوسَى : يَا آدَمُ ! أَنْتَ أَبُونَا ، خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ .
فَقَالَ لَهُ آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى ، اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى .
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَابْنِ عَبْدَةَ قَالَ أَحَدُهُمَا : خَطَّ ، وقَالَ الْآخَرُ : كَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ )
رواه مسلم برقم (2652) .
رابعاً : القلم .
دليله أثر مروي عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله موقوفا عليه – وهو الأثر الوارد في السؤال - قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش ، والقلم ، وآدم ، وجنة عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ) رواه الطبري في "جامع البيان" (20/145) ، والدارمي في "نقضه على المريسي" (ص/261) ، وأبو الشيخ الأصفهاني في "العظمة" (2/579) ، والآجري في "الشريعة" (رقم/750) ، والحاكم في "المستدرك" (2/349) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/126) .
جميعهم من طرق عن عُبيد المُكْتِب عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما به .
وهذا إسناد صحيح ، عبيد هو ابن مهران المكتب الكوفي وثقه النسائي وابن معين ، انظر "تهذيب التهذيب" (7/68)
.
لذلك قال الحاكم بعد إخراجه للأثر : " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه "
انتهى . ووافقه الذهبي .
وجاء نحوه أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وعن ميسرة ووردان بن خالد وغيرهم من التابعين .
انظر "الدر المنثور" للسيوطي (3/549) (7/207) ، فقد جمع كثيراً من هذه الآثار المتعلقة بالموضوع نفسه .
وقد تلقى أهل السنة هذا الأثر بالقبول وأوردوه في مصنفاتهم ، وردوا به على الجهمية في إنكارهم صفة اليد لله سبحانه .
قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله
بعد روايته للأثر : " أفلا ترى أيها المريسي كيف ميز ابن عمر وفرق بين آدم وسائر الخلق في خلقه اليد أفأنت أعلم من ابن عمر بتأويل القرآن وقد شهد التنزيل وعاين التأويل وكان بلغات العرب غير جهول " .
"نقض الدارمي على بشر المريسي" (35) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ثبوت ما أثبته الدليل من هذه الصفات لم يوجب حاجة الرب إليها ، فإن الله سبحانه قادر أن يخلق ما يخلقه بيديه وقادر أن يخلق ما يخلقه بغير يديه وقد وردت الأثارة من العلم بأنه خلق بعض الأشياء بيديه وخلق بعض الأشياء بغير يديه .... ، ثم نقل رحمه الله – أي : شيخ الإسلام - أثر الدارمي "
انتهى ."بيان تلبيس الجهمية" (1/513) .
ومما ينبغي التنبيه عليه ههنا أمران :
1- ورد في ذكر هذه الأشياء التي خلقها الله بيده أحاديث مرفوعة تجمعها في سياق واحد ، ولكنها أحاديث ضعيفة ، فلا حاجة لذكرها هنا .
2- المفهوم المتفق عليه من هذا التخصيص أنه لمزيد تكريم وتشريف وتعظيم ، لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى ، خص هذه الأربعة بأنه خلقها بيده ولم يجعل خلقها بكلمة كن كسائر المخلوقات ، فلا يجوز الخوض في تفصيل معاني هذا التخصيص ، وكيفيته ، بل يجب التسليم به ، مع تنزيه الله تعالى عن كل نقص وعيب وتشبيه .
قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله :
" ثم إنا ما عرفنا لآدم من ذريته ابنا أعق ولا أحسد منه ؛ إذ ينفي عنه أفضل فضائله وأشرف مناقبه ، فيسويه في ذلك بأخس خلق الله لأنه ليس لآدم فضيلة أفضل من أن الله خلقه بيده من بين خلائقه ، ففضله بها على جميع الأنبياء والرسل والملائكة ؛ ألا ترون موسى حين التقى مع آدم في المحاورة : احتج عليه بأشرف مناقبه فقال : أنت الذي خلقك الله بيده ، ولو لم تكن هذه مخصوصة لآدم دون من سواه ما كان يخصه بها فضيلة دون نفسه " انتهى .
"نقض الدارمي على بشر المريسي" (1/255) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-15, 02:57
روايات مكذوبة أن الأرض موضوعة على ظهر ثور
السؤال
مررت برواية مفادها أن الأرض موضوعة على ظهر ثور ، وعندما يحرك الثور رأسه يحدث زلزالا . أظن أنني رأيت هذا في ابن كثير (2/29 و 1/50) . هل يمكنكم تفسير هذا ؟
الجواب
الحمد لله
ما ذكره السائل هنا لم يرد بإثباته دليل من القرآن الكريم ، ولا من السنة النبوية الصحيحة ، وغاية ما ورد فيه آثار عن بعض الصحابة والتابعين .
فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال
: ( أوّل ما خلق الله من شيء القلم ، فجرى بما هو كائن ، ثم رفع بخار الماء ، فخلقت منه السماوات ، ثم خلق " النون " – يعني الحوت - فبسطت الأرض على ظهر النون ، فتحرّكت الأرض فمادت ، فأثبت بالجبال ، فإن الجبال لتفخر على الأرض ، قال : وقرأ : (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ )
أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2/307) وابن أبي شيبة (14/101) وابن أبي حاتم – كما في تفسير ابن كثير
(8/210) – والطبري في "جامع البيان" (23/140) والحاكم في "المستدرك" (2/540) ، وغيرهم كثير ، جميعهم من طريق الأعمش ، عن أبي ظبيان حصين بن جندب ، عن ابن عباس به . وهذا إسناد صحيح . قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ، وقال الذهبي في التلخيص : على شرط البخاري ومسلم . كما ورد ذلك عن مجاهد ومقاتل والسدي والكلبي . وانظر: "الدر المنثور" (8/240) ، وتفسير ابن كثير (8/185) في بداية تفسير سورة القلم.
وهذا الأثر – كما ترى – موقوف من كلام ابن عباس ، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، والغالب أن ابن عباس رضي الله عنهما أخذه عن كعب الأحبار ، أو عن كتب بني إسرائيل التي تحتوي على كثير من العجائب والغرائب والكذب ، يدل على ذلك التفاصيل التي تذكرها بعض كتب التفسير في هذا الموضوع :
يقول الإمام البغوي رحمه الله :
" وقالت الرواة : لما خلق الله الأرض وفتقها بعث من تحت العرش ملكًا ، فهبط إلى الأرض حتى دخل تحت الأرضين السبع ، فوضعها على عاتقه ، إحدى يديه بالمشرق ، والأخرى بالمغرب ، باسطتين قابضتين على الأرضين السبع ، حتى ضبطها ، فلم يكن لقدميه موضع قرار ، فأهبط الله عز وجل من الفردوس ثورًا له أربعون ألف قرن ، وأربعون ألف قائمة ، وجعل قرار قدمي الملك على سنامه ، فلم تستقر قدماه
فأخذ الله ياقوتة خضراء من أعلى درجة في الفردوس ، غلظها مسيرة خمسمائة عام ، فوضعها بين سنام الثور إلى أذنه فاستقرت عليها قدماه ، وقرون ذلك الثور خارجة من أقطار الأرض ، ومنخراه في البحر ، فهو يتنفس كل يوم نفسًا ، فإذا تنفس مدَّ البحر ، وإذا رد نفسه جزر البحر ، فلم يكن لقوائم الثور موضع قرار
فخلق الله تعالى صخرة كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين فاستقرت قوائم الثور عليها ، وهي الصخرة التي قال لقمان لابنه : ( يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة )، ولم يكن للصخرة مستقر ، فخلق الله نونًا وهو الحوت العظيم ، فوضع الصخرة على ظهره وسائر جسده خال ، والحوت على البحر ، والبحر على متن الريح ، والريح على القدرة . يقال : فكل الدنيا كلها بما عليها حرفان ، قال لها الجبار جل جلاله : كوني فكانت .
قال كعب الأحبار : إن إبليس تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الأرض فوسوس إليه ، فقال له : أتدري ما على ظهرك يا لوِيثا – اسم الحوت - من الأمم والدواب والشجر والجبال لو نفضتهم ألقيتهم عن ظهرك ، فهمّ لوِيثا أن يفعل ذلك فبعث الله دابة فدخلت منخره فوصلت إلى دماغه ، فعج الحوت إلى الله منها ، فأذن لها الله فخرجت .
قال كعب : فوالذي نفسي بيده إنه لينظر إليها وتنظر إليه إن همَّ بشيء من ذلك عادت كما كانت " انتهى.
"معالم التنزيل" (8/186) ونحوه في تفسير القرطبي (29/442)، وكلام كعب الأحبار رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/8)، وعلق محققو تفسير القرطبي (1/385): كل من الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، ومحمد رضوان
عرقسوسي على هذا الأثر بقولهم: " خبر إسرائيلي لا أساس له، وكان من الأولى بالمصنف أن ينزه كتابه عن مثل هذا " انتهى.
فانظر كيف أن القصة زاد فيها الرواة وفصلوا ، ثم رجع الأمر إلى كعب الأحبار الذي هو مصدر كثير من العجائب المنسوبة إلى هذا الدين .
ولذلك أشار الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/15) –
بعد ذكر مجموعة من الغرائب منها هذا الحديث – إلى أنها من الإسرائيليات ، فقال : " هذا الإسناد يذكر به السدي أشياء كثيرة فيها غرابة ، وكأن كثيرا منها متلقى من الإسرائيليات " انتهى.
وقد وردت بعض الأحاديث المرفوعة المنكرة في هذا المعنى ، منها ما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الأرض على الماء ، و الماء على صخرة ، و الصخرة على ظهر حوت يلتقي حرفاه بالعرش ، والحوت على كاهل ملك قدماه في الهواء )
وهو حديث موضوع، انظر: "السلسلة الضعيفة" (رقم/294) .
وإذا كان مثل ذلك لم يصح فيه شيء عن الشرع المعصوم ، لا من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما غاية ما فيه آثار عن بعض السلف ، ومن الظاهر أن مردها جميعا إلى الأخبار عن بني إسرائيل ؛ فالواجب في مثل ذلك الإمساك عن الجزم فيه بشيء ، وتفويض العلم بشأنه إلى علام الغيوب ، كما أدبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا الْآيَةَ ) ,
رواه البخاري (4485) .
وفي رواية أخرى بيان سبب التوقف عن تصديق أو تكذيب مثل ذلك :
( فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) رواه أبو داود (3644) وأحمد (16774) ، وصححه الألباني في الصحيحة (2800) .
والله أعلم.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-16, 02:26
بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
انارت يا اخي واكثر
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير
*عبدالرحمن*
2018-04-16, 02:30
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
: هل نقض نظرية التطور الدارونية
تشمل تطور الحيوان والنبات ؟
السؤال :
أنا طالب سنة أولى في الجامعة ، وأدرس " كورس " في علم الأحياء ، وتعلمنا من خلال هذا " الكورس " نظرية التطور التي تقول إن الإنسان كان في الأصل قرداً ، ولكني لا أؤمن بهذه الخزعبلات
لكن ماذا بالنسبة للنباتات ، والحيوانات ، هي تنطبق عليها نظرية التطور فعلاً ، لأن بعض الطلاب هنا ، والدكاترة : يجرون البحوث ، تلو البحوث في إثبات أن بعض فصائل النبات ، وبعض فصائل الطيور : مرت بمراحل تطور مختلفة . أنا في شك من هذا الموضوع بالكلية ؛ لأني لا أريد أن أصدق شيئاً إلا بدليل من الشرع
فهل هناك دليل على هذا الكلام من الكتاب أو السنَّة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
قد تبين اليوم لكثير من العقلاء أن نظرية دارون الإلحادية قد أصبحت في مزبلة التاريخ ، وقد فنَّدها علماء الغرب الكافر قبل علماء الإسلام ؛ لمخالفتها للمعقول ، وللأديان .
وقد جاء في " الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة " – بعد الكلام عن تلك نظرية – ( 2 / 940 ، 941 ) :
ويتضح مما سبق :
أن نظرية " داروين " دخلت متحف النسيان بعد كشف النقاب عن قانون " مندل " الوراثي ، واكتشاف وحدات الوراثة – الجينات - باعتباره الشفرة السرية للخلق ، واعتبار أن " الكروموسومات " تحمل صفات الإنسان الكاملة ، وتحفظ الشبه الكامل للنوع .
ولذا يرى المنصفون من العلماء أن وجود تشابه بين الكائنات الحية دليل واضح ضد النظرية ؛ لأنه يوحي بأن الخالق واحد ، ولا يوحى بوحدة الأصل ، والقرآن الكريم يقرر بأن مادة الخلق الأولى للكائنات هي الماء ، ( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء ) النور/ 45 ، ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) الأنبياء/ 30 .
وقد أثبت العلم القائم على التجربة : بطلان النظرية بأدلة قاطعة ، وأنها ليست نظرية علمية على الإطلاق .
والإسلام ، وكافة الأديان السماوية تؤمن بوجود الله ، الخالق ، البارىء ، المدبِّر ، المصور ، الذي أحسن صنع كل شيء خلقه ، وبدأ خلق الإنسان من سلالة من طين ، ثم خلقه من نطفة في قرار مكين ، والإنسان يبقى إنساناً بشكله ، وصفاته ، وعقله ، لا يتطور ، ولا يتحول ، ( وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) .
انتهى
ثانياً:
لا يختلف نقض تلك النظرية في الحيوان والنبات ، وقد نقض أهل الاختصاص القول بالتطور في الحيوان والنبات بما يجعل تلك النظرية غير قابلة للاستمرار بها بحثاً ، فضلاً عن تصديقها ، واعتقادها .
ومن هذه الأدلة – فيما يتعلق بالحيوان والنبات موضوع السؤال - :
أولاً: إن الواقع الذي نشاهده يتنافى مع ما أسماه " داروين " بـ " البقاء للأصلح " ، فالأرض بما قطعته من مراحل في عمرها المديد ، تعج بـ " الأصلح ، وغير الصالح " ، من شتى أصناف الحيوانات
ولو كان قانونه صحيحاً : لكان من أبسط مقتضياته الواضحة : أن يتجاوز موكب السباق بين الكائنات الحية نقطة البدء على أقل تقدير مهما فرضنا حركة التطور بطيئة ، ولكن ها هي ذي نقطة البدء لا تزال تفور بكائناتها الضعيفة المختلفة ، ولا تزال تتمتع بحياتها ، وخصائصها ، كما تمتعت بها الكائنات الحية السابقة ، مِثلاً بمِثل
وعلى العكس من ذلك نجد حيوانات عليا كالديناصورات انقرضت ، بينما ظلت الحشرات الدنيا كالذباب والبرغوث باقية ، وبقي من هم أضعف من هؤلاء ، يقول البروفسور الفرنسي " Etienme Rebaud " في كتابه :
" هل يبقى الصالح أم غير الصالح " ( ص 40 ) : " لا وجود للانتخاب الطبيعي في صراع الحياة بحيث يبقى الأقوياء ويزول الضعفاء ، فمثلاً : ضب الحدائق يستطيع الركض بسرعة ؛ لأنه يملك أربعة أرجل طويلة ، ولكن هناك في نفس الوقت أنواع أخرى من الضب لها أرجلٌ قصيرة حتى لتكاد تزحف على الأرض ، وهي تجر نفسها بصعوبة ...
وهذه الأنواع تملك البنية الجسدية نفسها حتى بالنسبة لأرجلها ، وتتناول الغذاء نفسه ، وتعيش في البيئة نفسها ، فلو كانت هذه الحيوانات متكيفة مع بيئتها : لوجب عدم وجود مثل هذه الاختلافات بين أجهزتها " .
وعلى عكس مفهوم الانتخاب الطبيعي فإن كل هذه الأنواع ما تزال حية ، وتتكاثر ، وتستمر في الحياة ، وهناك مثال : الفئران الجبلية التي تملك أرجلاً أمامية قصيرة ، وهي لا تنتقل إلا بالطفر في " حركات غير مريحة " ، ولا تستطيع كثير من الحشرات الطيران رغم امتلاكها لأجنحة كبيرة ، فالأعضاء لم توجد في الأحياء كنتيجة لتكيف هذه الأحياء مع الظروف ، بل على العكس فإن ظروف حياتها هي التي تتشكل وفقاً لهذه الأعضاء ووظائفها .
ثانياً: إذا كان التطور يتجه دائماً نحو الأصلح : فلماذا لا نجد القوى العاقلة في كثير من الحيوانات أكثر تطوراً وارتقاءً من غيرها ، ما دام هذا الارتقاء ذا فائدة لمجموعها ؟ ولماذا لم تكتسب القردة العليا من القوى العاقلة بمقدار ما اكتسبه الإنسان مثلاً ؟ فالحمار منذ أن عُرف إلى الآن ما زال حماراً .
لقد عرض " داروين " لهذه المشكلة في كتابه ، ولكنه لم يُجب عليها ، وإنما علَّق بقوله : " أصل الأنواع " ( ص 412 ) :
" إننا لا ينبغي لنا أن نعثر على جواب محدود ومعين على هذا السؤال ، إذا ما عرفنا أننا نعجز عن الإجابة عن سؤال أقل من هذا تعقيداً " .
ثالثاً: وقد ثبت لدى الدراسة أن كثيراً من نباتات " مصر " ، وحيواناتها ، لم تتغير عن وضعيتها خلال قرون عديدة متطاولة ، ويتضح ذلك من الأنسال الداجنة المنحوتة في بعض الآثار المصرية القديمة ، أو التي حفظت بالتحنيط ، وكيف أنها تشبه كل الشبَه الصور الباقية اليوم ، بل ربما لا تكاد تفترق عنها بفارق ما .
والأمثلة كثيرة في هذا الموضوع .
رابعاً: هذه النظرية لا تخضع لتجربة ، أو مشاهدة : المشاهدة الإنسانية لم ترصد أي ارتقاء أو أدنى اعتلاء .
لم ترصد البشرية في أي وقت عبر الزمن أي كائن ما قد تحول إلى كائن آخر بالترقي ، أو بالتطور ، خاصة وأنه يوجد العلماء المتخصصون الذين يراقبون أدنى تغيير حديث في المظهر الخارجي لتلك الكائنات أو تركيبها الداخلي -
انظر كتاب الأسترالي Denton ... " .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-04-16, 02:36
المقال بعنوان" نقد نظريات التطور "
بقلم : الدكتور محمد برباب .
وفي المقال زيادة بيان ، ونقدٌ للدارونية الجديدة ، وأنه قد اكتشفت من الحفريات ما " أوقع الداروينية الجديدة في ما يسمَّى بـ " أزمة الداروينية الجديدة " ، خصوصاً وأن هذه الأخيرة تلح على أن جميع الأنواع النباتية والحيوانية تتطور وبدون استثناء " .
https://a.top4top.net/p_835cx02o1.jpg (https://up.top4top.net/)
رسم لتشارلز دارون بيد أحد معارضي نظرية التطور يظهر فيها على شكل قرد
يقول ألكس كاريل في كتابه الإنسان ذلك المجهول: " إن نظريات النشوء والارتقاء هي مصدر كل الهموم الإنسانية، وإنها ليست إلا حكايات خرافية وجدت من يحميها ومن يقدمها للجماهير بحلة خادعة لا يعرفها كثير من الناس".
ويعتبر أنه من الصعب أن نسمي خط سير الحضارة الغربية -المتأثرة بهذه النظرية- وتوصلها إلى إمكانية تدمير الحياة على سطح الأرض وإنهاء 3 ملايين سنة من تاريخ البشرية..
لا يمكننا أن نسمي ذلك بحال من الأحوال تقدماً، وهو بذلك يشير إلى القنابل النووية التي اخترعتها الحضارة الغربية، حتى أن منها من تفتك بالإنسان وتترك البنيان، وكأن البنيان أشرف من الإنسان.
إذن فهل هذه النظريات خيالية وجدت من يروج لها؟ أم أنها نظريات علمية قريبة من الحقائق العلمية؟ أم أنها اكتسبت صفة الحقيقة العلمية؟.
قبل الجواب على هذه الأسئلة أود أولاً أن أوضح نقطتين هامتين: ما هي النظرية؟ وما هو المنهج الأسلم لدراسة نظريات التطور؟.
مفهوم الفرضية:
النظرية هي مجموعة من الفرضيات المتماسكة بعضها مع بعض، وتأتي هذه الفرضيات عن طريق مشاهدة أو ملاحظة ظاهرة ما، وتتطلب هذه الفرضيات لإثباتها القيام بتجارب ناجحة، أو المشاهدة المباشرة التي تبرهن على صحة الفرضية، فإذا كانت إحدى الفرضيات التي تنتمي إلى النظرية لا يمكن إثباتها لا عن طريق التجربة ولا عن طريق المشاهدة المباشرة فإن النظرية كلها يعاد فيها النظر.
أفضل منهج لتدارس هذه النظريات:
فإذا كانت الدراسات القديمة في هذا الميدان لم تعتمد إلا على الصفات الخارجية للأنواع الحية ـ من مظهر وطول ولون جلد، فإن الدراسات الحالية تعتمد على معطيات جديدة كعلم المناعة وعلم الكيمياء الحياتية أو علم الفصائل الدموية أو علم الوراثة، وهذه الدراسات التي برزت في العشرين سنة الأخيرة أعطت نتائج قلبت معطيات علم الأنتروبولوجيا القديمة، وذلك بشهادة جل مراكز البحث المختصة عالمياً
فأقل ما يمكنه أن يقال عن فترات ظهور نظريات التطور؛ أن الوسائل المستعملة في ميدان العلوم الطبيعية آنذاك، وسائل بدائية إلى حد كبير، ومن هنا نستنتج أن أحسن منهج لدراسة نظريات التطور هو دراستها في قالبها التاريخي، لأنه يبين مدى موافقة أو تعارض هذه النظريات مع الحقائق العلمية المتجددة.
ظاهرة التشابه التصاعدي:
تتفق جميع نظريات التطور على أن كل أنواع الكائنات الحية قد نشأت عن نوع سابق لها في الوجود، والنوع السابق يكون دائماً أبسط ممن يليه في التركيب وهكذا، فانطلاقاً من الكائنات الوحيدة الخلية ومروراً بالأعقد فالأعقد من النباتات والحيوانات وانتهاء بالإنسان، حيث تصر هذه النظريات على أن الكائنات نشأت بعضها من بعض، وأصلها يعود إلى الكائنات الوحيدة الخلية.
*عبدالرحمن*
2018-04-16, 02:47
كيف ظهرت الكائنات الوحيدة الخلية؟
التفسير الأول: للعالم السويسري (إرينيوس)
إرينيوس (Irinius) حائز على جائزة نوبل في الكيمياء (1903).
الذي يقول بأن الكائنات الوحيدة الخلية مصدرها كائنات مجهرية توجد في فضاء الكون منذ الأزل، حيث انسلت إلى الأرض، ثم تطورت صدفة فأعطت حيوانات ونباتات صدفة، وعن طريق التطور.
التفسير الثاني: (لأرنست هيكل ) الذي يقول بأن الكائنات تطورت من جماد، بمعنى أنه في فترة ما من الزمن الماضي تحولت مواد غير عضوية إلى مواد عضوية صدفة ثم أعطت أحماض أمينية التي تحولت بنفسها صدفة إلى بروتينات ثم إلى صبغيات صدفة، فأعطت كائنات ذات خلية واحدة صدفة، ثم تكونت النباتات والحيوانات وهكذا..
نقد نظرية التطور التصاعدي:
ظاهرة التشابه التصاعدي: هذه الظاهرة حقيقة ثابتة منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا لا يسع العين إنكارها فضلاً عن العقل والفكر، وقد أشار إلى هذا ابن مسكويه في كتابه (الفوز الأصغر ) وكذلك ابن خلدون في المقدمة حيث يقول: ((ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ بالمعادن ثم النباتات ثم الحيوانات)) فهذه حقيقة وصفية مشاهدة قائمة كما هي منذ أقدم العصور التي وعاها الإنسان؛ ولكن هذه الظاهرة – التشابه التصاعدي في الكائنات –
لا علاقة لها بدعوى نشأتها من أصل واحد، فصفاة الكائنات تمكننا من تصنيفها نعم ولكن لا تمكننا من معرفة أصلها، وإلا فمن أين أتى حيوان منقر البط (Ornithorynque)(2) الذي يتميز بكونه حيوان برمائي، زاحف ذو كفين، له وجنة لها تجعدان وجنة القرد ومنقار بط وقدم ثعلب الماء، وناب أفعى وذنب السمور أو القندس، وهو يرضع صغاره من غير ثدي، ويضع بيضاً وحرارة جسمه غير ثابتة كالتي عند الثديات:
فهذا الحيوان يمكننا مثلاً تصنيفه وبصعوبة، أما معرفة مصدره وإلى أي حيوان ارتقى فهذا مستحيل.
وكمثال آخر فإن ذئب (Tasmanie) مثلاً يشبه كثيراً الذئب المعروف: نفس الجهاز العظمي، نفس الأسنان نفس الجمجمة، إلا أن الأول كيسي ( له جيب بطني ) والثاني مشيمي (Placentaire) فهذا يعني أن الأحياء المتشابهة لا تنتمي حتماً لنفس الفصيلة.
الحفريات لا تفسر بل تزيد تعقيداً، والحلقات الوسطية مفقودة (3):
حسب نظرية داروين فإن التغييرات تتعاقب ببطء، وتسفر في النهاية على الانتقال من نوع إلى نوع آخر. وإذا كان هذا صحيحاً – يقول دنتون – فيجب أن نعثر على الحلقات الوسطية.
مثلاً: عام: 1900 عثر علماء الحفريات على حفرية لدودة (Poganaphora) عملاقة ليس لها فم ولا أنبوب هضمي، فعوض أن تتموضع هذه الحفرية بين نوعين سابقين، كونت نوعاً مستقلاً بحد ذاته مضيفة تعقيداً جديداً للتفسيرات السابقة.
وفي 1909 عثر الباحث الأمريكي (Charles Doolithes) على حفرية حيوانية ترجع إلى 500 مليون سنة لها نفس التعقيدات.
وفي 1947 عثر جيولوجي استرالي في أرض بلاده على حفريات أخرى (700 – م س ).
والحالتين معاً تمثلان حفريات لكائنات حية غير معروفة تماماً، ولم تمثل أية منها الحلقة الوسطية المنتظرة. وعوض أن تنتظم شجرة التطور – يقول دنتون – تشعبت وتعقدت مع مرور السنين.
حقيقي أنه توجد استثناءات، فحفرية: (Archaeopteryx) (مجنح أثري ) تمثل حلقة وسطية محتملة بين الزواحف والطيور، لأنه يحتفظ بالكثير من خصائص الزواحف ( تموضع عظام الجمجمة، وجود أسنان، رقبة طويلة، غياب المنقر... الخ ).
https://c.top4top.net/p_835vb0w61.jpg (https://up.top4top.net/)
صورة لحفرية
Archaeopteryx
ولكن بالإضافة إلى أن هذه الأنواع ضئيلة، كيف يمكننا أن نتيقن بأن المكان الذي تضعه بها في سلم التطور هو المكان المناسب؟ وذلك لأن 99 في المائة من الخصائص البيولوجية للجسم توجد ( في الجانب الغير الصلب للجسم ): جلد، عضلات، أعصاب، أحشاء.. وهذه الأعضاء لا توجد مع الحفرية.
أما المتحجرات العائدة لسلسلة الحصان فلم يعثر عليها في الفترات والأحقاب التي كانت تستوجب نظرية التطور، فهناك فجوات بين فترات ظهور الأنواع الرئيسية منها حيث أنها ظهرت دون حالات انتقالية.
وهناك تناقضات ملفتة للنظر في نمو وتكون الهياكل العظمية لهذه السلسلة:
Eohippus: عدد الأضلاع: 18 زوجاً.
Orohippus: عنده فقط: 15 زوجاً.
Pliohippus: عدد الأضلاع: 19 زوجاً.
Eouus Scotti: عدد الأضلاع: 18 زوجاً مرة أخرى.
https://c.top4top.net/p_835mvj1j1.jpg (https://up.top4top.net/)
صورة لحيوان الكنغر
*عبدالرحمن*
2018-04-16, 03:01
الكيسيات -مثل الكنغر- عظمة في حلق التطوريين:
فلنفترض اختفاء الكيسيات (4) من فوق سطح الأرض، وأن الوسيلة الوحيدة التي عثرنا عليها للتعرف عليهم هي جهازهم العظمي، فكيف يمكننا أن نعرف بأن لها جيباً ًبطنياً بالاعتماد فقط على هيكلها العظمي؟ وكيف يمكننا إذاً معرفة بأن طريقة الحمل (المرحلة الجنينية) عندهم تختلف عن باقي الحيوانات؟
الثدية المشيمية: Placentaire يبدأ النمو الجنيني عند الكنغر في مشيمة الأم ويتم النمو في جيب بطني والذي يحتوي على ثدي الإرضاع؟.
سمكة السيلاكانت امتحان:
في عام 1935، بينما كان أحد الصيادين يبلل شباكه في قناة موزمبيق في الشاطئ الإفريقي على ساحل المحيط الهندي اصطاد سمكة السيلاكانت
(Coelacanth)، واعتبر هذا الصيد بمثابة معجزة؛ لأنه كان في الاعتقاد أن هذه السمكة اختفت منذ ما يقرب من 100 مليون سنة، وقد مكن هذا الصيد من اختبار مصداقية تكوين شكل الكائن الحي بالاعتماد فقط على البقايا الصلبة من جسمه، ولكن الخيبة كانت كبيرة عندما تبين أن الشكل الخيالي الذي افترض كان بعيداً عن حقيقة الأمر. وألغي القول بأنها وسطية بين السمك والفقريات البرية.
الحقيقة إن علم الحفريات يبين أن أي نوع ما من الكائنات الحية يعيش فترة معينة فينقرض بعدها ويظهر نوع آخر أكثر تطوراً منه، بحيث لا توجد أي حلقة وسطية (5) بين النوع الأول والنوع الثاني، وهذا يخص عموم الكائنات الحية وبدون استثناء، فالحلقات الوسطية لا توجد بتاتاً على سطح كوكبنا، لا بين الإنسان وغيره من الأحياء ولا بين الكائنات الأخرى.
لقد كانت عصور ما قبل الكمبيري Precambrian خالية من المتحجرات، وعوض أن تظهر الكائنات الوحيدة الخلية كما يزعم التطوريون، ظهرت الملايين من الكائنات الحية في العصر الكمبيري Cambrian كلها من الأشكال المتطورة (مفصليات، لا فقريات، مرجان، ديدان، قناديل البحر ) ظهرت بدون أي تطور تدريجي فأين 1.500 مليون سنة التي زعم التطوريون أن الكائنات الحية الوحيدة الخلية احتاجتها للتطور.
ومن هنا ظهرت مدرسة في الغرب تسمى مدرسة الخلق المباشر (creationism) تلح بأن الخالق سبحانه هو الذي يخلق النوع الجديد مباشرة بعد انقراض النوع السابق الذي يكون قد أنهى مهمته
ورسالته في خدمة الحياة، أو أنهى التهييء لهذه الخدمة ليتسلمها النوع الجديد. وهذه المدرسة تستند على الأدلة التالية:
-التشابه التصاعدي ليس مصحوباً حتماً بتطور في القوى العاقلة عند الكائنات:
فالعصفور مثلاً أذكى وعقله أكثر تطوراً من عقل قرد، وإدراك القرد ليس أرقى من إدراك الكلب إلا قليلاً. والحمار لا يزال حماراً منذ أن عرفته البشرية.
-عدم وجود الحلقات الوسطية بين الأنواع.
-عدد الصبغيات ثابت عند كل نوع من الأنواع الحية وأي تغيير فيه يؤدي إلى تشوه النوع لا إلى تحوله لنوع آخر.
مشكلة تفسير ظهور الحياة:
https://a.top4top.net/p_8356ohk21.jpg (https://up.top4top.net/)
صورة لسمكة السيلاكانت
أهم ما يمكن أن نسجل هنا هو عجز العلوم بجميع تشعباتها عن تفسير ظهور الحياة، يقول العالم الروسي الشيوعي أوبارين: ( إن كيفية ظهور الخلية إلى الوجود تشكل أظلم ركن في نظرية التطور مع الأسف)(6) ولهذا السبب اعتمد العلماء، على خيالهم في تفسير ظهور الحياة أكثر مما اعتمدوا على معطيات علمية، فكان التفسيران المقترحان اللذان ذكرتهما، ولكنهما ما لبثا أن اصطدما مع الواقع العلمي.
العلوم الحديثة تكذب:
فالعالم (إرينيوس ) لم يكن يعلم بظروف الفضاء، ولذلك قال بوجود الكائنات الحية المجهرية في الفضاء الخارجي للكرة الأرضية، ولكن تقدم الأبحاث العلمية أثبتت وجود درجة الصفر المطلق في الفضاء؛ التي لا تستطيع الكائنات المجهرية العيش فيه، وتتغير الحرارة في كواكب مجموعتنا الشمسية حسب قربها وبعدها عن الشمس
فقد تتراوح ما بين 300 ليلاً و+430 نهاراً وحتى إن استطاعت العيش -وهذا مستحيل- فإنها لا تستطيع مقاومة الإشعاع الكثيف للموجة القصيرة القاتلة، وعوامل أخرى كثيرة كالضغط وغيره.. ومن هنا تصادم التفسير الأول وتعارض مع معطيات العلوم الحديثة.
أما تفسير (أرنست هيكل ) وقوله بأن المواد الغير العضوية تحولت يوماً ما إلى مواد عضوية صدفة، ثم أعطت أحماض أمينية صدفة، ثم تكونت بروتينات صدفة، وأعطت آلاف الأجزاء البروتوبلاسمية صدفة وأعطت آلافاً من السلاسل A.D.N صدفة، ثم في الأخير أعطت خلية حية صدفة.. هذا التفسير يتعارض مع معطيات العلوم الحديثة، فأي نظرية يجب أن تخضع للمشاهدة أو للتجربة حيث يجب أن يتبين صحتها.
أما هذه النظرية فلم تثبت مشاهدتها ويستحيل الحصول عليها عن طريق التجربة، فالمواد العضوية التي ادعى (هيكل) أن الحياة الأولى قد انبثقت عنها انبثاقاً كيماوياً تلقائياً هي موجودة بين أيديهم ورغم ذلك لم يستطيعوا توليد الحياة وبالطريقة التي دعوا، فالاتحاد السوفيتي المنهار كان المروج الأكبر لهذا الطرح في غياب الموضوعية العلمية.
وأوبارين العالم الطبيعي الشيوعي السوفيتي هو – أحد خلفاء داعية الإلحاد (أرنست هيكل) - صاحب النظرية أوبارين هذا جوبه في موسكو بالسؤال التالي:
هل التفاعل الكيميائي في المادة غير العضوية قادر وبالطريقة التي ذكر ( أرنست هيكل)
على بعث الحياة كما انبعثت منذ ملايين السنين وعلى الصورة التي ادعى (أرنست هيكل)
فأجاب ( أوبارين): بأن هذا ممكن ولكن في كواكب أخرى غير كوكبنا هذا – يعني الأرض –. ومع الأسف نجد مثل هذا الجواب في فكر كثير من الباحثين الغربيين، ولا يخفى على عاقل ما في هذه الإجابة من مراوغة وتمصل؛ لأن هذا الشيوعي لو قال أن هذا ممكن على ظهر الأرض؛ لوجه له السؤال: لِمَ لمْ تقوموا بهذا الأمر؟!
ومثله في ذلك مثل الذين يقولون بإمكان حدوث تحول المادة العضوية فوق سطح الأرض ولكن يجب أن تمر الملايين من السنين، فإن كان مرور الوقت يريدون به تبرير مرور مجموعة من العوامل التي تتدخل في تلك الفترة الزمنية فحالياً وفي المختبرات الحديثة حيث جميع الإمكانيات متوفرة، يمكننا أن نتدخل بجميع العوامل كالحرارة وأنواع الأشعة وأنواع المواد الكيميائية وغيرها، كل هذا ممكن في المختبر ولكن لم تستطع البشرية تجريبياً تحويل المادة الغير العضوية إلى مادة عضوية وخلق حياة.
إذن فلكي ينجو هؤلاء الملاحدة – الذين لا علاقة لهم بالعلم – من الوقوع في ورطة هذا السؤال المحرج، فإنهم يحيلون السائل إلى الكواكب الأخرى، أو إلى عامل الوقت الخارجين عن إرادة الإنسان وطاقته، مؤمنين في ذلك بالغيب الذي يدعون عدم الاعتقاد به، وحيث يجد السائل نفسه أمام درب مسدود أمامهم.
وتذكرنا هذه الإجابة المضحكة من الملحدين بجحا المشهور بالإجابات السريعة المضحكة، فقد سأله أحد الناس: كم عدد نجوم السماء؟ فقال: خمسون ألفاً، فقيل له: ولكن كيف عرفتها وأنت في بغداد والسماء محيطة بالأرض كلها؟ فأجاب: هذه حقيقة أعرفها وأجزم بها وأصر عليها، ومن لم يصدق فليصعد إلى السماء وليحصها.
إن القول بأن الكائنات الحية (حيوانية أو نباتية) نشأت من خلية واحدة يتعارض – بالإضافة إلى ما سبق – مع معطيات علم الوراثة؛ لأنه كان يجب أن تصبح كل كائنات عصرنا متشابهة ومتجانسة ومتناظرة، فإذا قيل بتدخل عوامل أخرى أثرت على الكروموزمات ( وذلك بالاعتماد على نظرية أخرى) فهذا ما سنناقشه عند استعراض باقي النظريات.
الأبحاث الحالية تُكَذّب:
حسب السيناريو الذي تفترضه نظرية التطور عن تحول المواد الغير العضوية إلى مواد عضوية، فإن المحيطات البدائية احتوت خلال ملايين من السنين على أرضية غنية بالمواد العضوية.
هذه المواد التي يجب أن نجدها في الصخور الرسوبية التي تكونت آنذاك في قاع المحيطات، ولكن وكما يقول Denton: حتى الآن لم نعثر على أي أثر لهذه المواد.. مع العلم أنه عثر في جنوبGreenland كريلاندا على أقدم صخور في القشرة الأرضية يرجع تاريخها إلى 3.9 مليار سنة، علماً أن عمر الأرض لا يتجاوز 5 إلى 6 مليارات سنة.
ومن جهة أخرى، عثر الباحثون الأستراليون في أحجار تاريخها 3.5 مليار سنة على طحالب مجهرية، وهذا يدل على أن توقيت ظهور الحياة المزعوم من طرف التطوريين خاطئ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المدة التي يعطونها لبرودة المواد المنصهرة فوق الأرض وتكون المحيطات الأولى.
لن نكتفي بهذا فقط، فالشكل المقترح من طرف التطوريين لتفسير تكون مواد الحساء الأولي (Soupe primtive) خاطئ؛ لأنه يعني أن الفضاء الأولي لم يكن به أوكسجين، وإلا فإن المواد العضوية الأولى كانت ستتعرض بسرعة إلى التلف (Oxydation et Degradation) وهذا ضرب من الخيال الأحمق؛ لأن عدم وجود الأوكسجين يعني عدم وجود غشاء الأوزون الفضائي، مما سيكسر كل الاتصالات الكيميائية التي ستحاول المواد العضوية القيام بها، ويجب أن لا ننسى بأنه لهذا السبب تفسر الآن عدم وجود هذه المواد العضوية فوق أرضية كوكب مارس.
وقبل استعراض باقي النظريات أريد أن أوضح مفهوم (الصدفة) الذي ترتكز عليه هذه النظريات، والذي طالما ظن الكثير من الناس أنه لا يخضع لأي قانون رياضي ولا منطقي.
فصل عن المصادفة:
إن نتائج المصادفة مقيدة بقوانين رياضية وذلك مثل كون 1 +1= 2.
وكمثل على ذلك خذ كيساً به مائة (100) قطعة رخام 99 بيضاء وواحدة سوداء.
- إن نسبة سحب القطعة السوداء من الكيس مرة واحدة هي بنسبة واحد إلى المائة (100:1).
- أما سحبها مرتين متواليتين فهي بنسبة: (10.000:1) ونسبة جلبها ثلاث مرات متتالية هي: (1.000.000:1) وهكذا نلاحظ أنه كلما تكاثرت الأعداد المنتظمة أصبحت الصدفة أمراً مستحيلاً، وضرباً من الخيال الأحمق، خصوصاً إذا ما حاولنا أن نفسر بها نشأة الظواهر الكونية الهائلة، والقوانين المتينة التي تربط بين عناصرها، فالحياة فوق أرضنا ترتبط بشروط جوهرية عديدة، فهل توفر هذه الشروط التي لا يحصى عددها جاءت من محض المصادفة؟ والأمثلة على هذا لا تعد ولا تحصى، فوجود الماء، والهواء، والشمس، والقمر، والسهول، والجبال، والأودية...
ما هو إلا توفير للحياة وخدمة لها مما يجعل التكلم عن المصادفة في هذا المجال، أمراً صبيانياً.. وإلا لماذا لم تجعل المصادفة الأرض تدور حول نفسها (أربع وعشرين ساعة ) بسرعة 100 ميل بدل 1000 ميل؟ عندئذ يكون ليلنا ونهارنا أطول مما هما عليه فتحترق النباتات كل يوم أو تتجمد في الليل فتستحيل الحياة، والقمر هو المسؤول عن المد والجزر، وهو يبعد عن الأرض بـ: 240.000 ميل فلو أن قمرنا يبعد عنا بـ: 51.000
ميل فإن المد كان يبلغ من القوة بحيث يدمر جبال الأرض كلها. ولو أن الهواء أصبح سائلاً لغطى الكرة الأرضية إلى عمق 35 قدم.
الأمثلة في هذا المجال لا يمكن أن تستوعبها كتب الدنيا كلها...
إن البحث العلمي النزيه يقتضي إيجاد نظريات بعيدة عن إستراتيجية جهة من الجهات؛ لأن الزمن لا بد أن يكشف عن الحقيقة، إذ كيف يعقل مثلاً أن تصبح الخلية حيواناً، وأخرى نباتاً، بالصدفة؟ فلماذا لم تجعل المصادفة الحياة كلها حيوانية؟ إذاً لاستنفذ الأوكسجين. ولو بقيت الحياة كلها نباتية، لاستهلك النبات ثاني أكسيد الكربون، ولو بقيت الحياة... إن هذه الترهات الفكرية وغيرها، جوانب لا تمت إلى العلم بصلة.
وفي هذا الشأن أكد العالم الفرنسي (ألكونت دي تواي) أن الكون والفضاء اللانهائي، وكمية المادة التي يتطلبها تكوين جزئية بروتينية عن طريق الصدفة، هي أكبر بكثير من المادة والفضاء الموجودين حالياً.
فمن أجل إيجاد جزيء بروتيني يمنح الحياة تقدر الصدفة برقم به 243 صفراً أمام 10 بلايين(7).
فكيف لنظرية تعجز عن تفسير ظهور جزئية بروتينية لا ترى بأحدث أجهزة التكبير أن تفسر ظهور مليون نوع من الحيوانات و200.000 نوع من النباتات مع ارتباطاتها فيما بينها؟
إن الحياة فوق كوكبنا ترتبط بحسابات تنظم حتى مستقبل البشرية وأرزاقها إلى غير ذلك، ففي الوقت الذي تعطي فيه خلية ملتوية أربع حيوانات منوية لإنتاج ملايين الحيوانات المنوية تعطي المنسلية البيضاء عند المرأة أربع خلايا في كل شهر، ولكن واحدة منها فقط صالحة للإخصاب، ولو أن الخلايا الأربعة تخصبت جلها، لأنجبت كل امرأة على الأقل أربعة أولاد في كل مرة، وتخيل آنذاك مصير البشرية فوق كوكبنا.
*عبدالرحمن*
2018-04-16, 04:05
نظرية لامارك(8):
إن مضمون هذه النظرية، هو أن عدم ثبات الأنواع على حالها يعود أساساً إلى الظروف المختلفة -مثلاً كتأثير المناخ والغذاء وطراز الحياة..- التي تؤثر على ثبات الأنواع، وتدفعهم حتماً للتغيير، وبمعنى آخر فإن الكائنات نشأت عن غيرها من أخرى غير متشابهة لها في عملية تطور متعددة عبر أزمان طويلة، كان التغيير فيها أو في بعض أعضائها وفقاً لظروف البيئة الخارجية، ثم انتقلت هذه التغييرات المكتسبة إلى الجيل التالي له بالوراثة.
واستدل لامارك بقانونين هما:
أولاً: قانون الاستعمال والإهمال:
يعني أن بعض أعضاء الكائن الحي تتغير بالضمور، أو الزيادة، أو الضعف، أو القوة نتيجة لإهماله أو كثرة استعماله، ثم ضرب عدة أمثلة أهمها:
أ- نمو واستطالة رقبة الزرافة نتيجة لمحاولتها المستمرة للوصول إلى غذائها من أوراق الأشجار العالية بعد تعرية الفروع التي هي أدنى منها.
ب- نمو سيقان الطيور التي تعيش في المستنقعات والبحيرات واستطالة مناقرها ورقابها لاصطياد الأسماك منها.
ج- الفقاريات التي تتغذى بدون مضغ، تضمر أسنانها وتصبح خفية في اللثتين مثلاً: الحوت، وآكل النمل.
د- والخلد، الذي يعيش في الظلام، له عينان صغيرتان جداً لا تكاد تنهضان بوظيفة.
ثانياً: توريث التغييرات المكتسبة:
يعني أنه بعد ظهور المتغيرات الجديدة التي اكتسبها الأفراد، يتم توريثها للجيل الجديد.
نقد (اللاماركية):
أولاً: - نقد فرضية توريث التغييرات المكتسبة:
لقد فندت نتائج بحوث العالم (جريجول مندل) (1822 - 1884) ما جاء بهذه النظرية اللاماركية التي ادعت إمكانية توريث الأجيال التالية لتلك الصفات التي اكتسبها أسلافهم وكذلك العالم (طوماس مورجان).
فختان أبناء المسلمين، وأبناء اليهود، لم تورث أية طائفة لنسلها هذه الخصائص، ويقال نفس الشيء بالنسبة لتلك الأطواق التي تمسكت بها نساء بورما لإطالة أعناقهن، وكذلك أحذية نساء الصين الصغيرة. ونشير لما قام به الباحث (وايزمان) في تجربة طويلة الأمد كان خلالها يقطع ذيل الفئران مباشرة بعد ولادتها، وبعد توالد هذه الأنواع لم يحصل على فئران بدون ذيل.
ثانياً – نقد قانون الإهمال والاستعمال:
إن نوع الزرافات التي ضرب بها (لامارك) المثل على صحة هذا القانون ما زال موجوداً، وما تزال إناثه تحمل رقاباً قصيرة، فلماذا لم تمت إناث هذه الزرافات ذات الرقاب القصيرة وقت فناء الزرافات القصيرة الأعناق بسبب جوعها نتيجة لارتفاع مأكلها عن متناول أفواهها؟
كذلك يجب أن نذكر بأن صغار الزراف تبقى قصيرة الرقاب بعد مرحلة الفطام لمدة طويلة لا تتمكن من الوصول إلى تلك الفروع، فلماذا لم تمت تلك الصغار؟ وبذلك يختفي هذا النوع من الحيوانات من على وجه الأرض إطلاقاً؟
ومن البديهي أن الأشجار الطويلة التي تنمو على مدار السنة تبدأ بالنمو الطبع قصيرة، إذاً فكل حيثيات المسألة ضد فكرة (لامارك).
أما صغر أعين الخلد وضمور أسنان بعض الفقاريات فذلك راجع إلى الصفات الوراثية الكامنة في الصبغيات (أو الناسلات)، فهذه صفات تكون موجودة قبل الالتقاء مع الظروف الخارجية، وكمثال على ذلك: اختلاف سمك الجلد عند المولود في أخمص قدميه وليونته في الوجه مثلاً.
ومن جهة أخرى لو كان قانون الإهمال والاستعمال يعمل لصالح الأنواع لما انقرضت بعض الحيوانات مثل الديناصور عندما تغيرت ظروفها، وهكذا فإن فقر هذه النظرية (اللاماركية) وتعارضها مع نتائج علم الوراثة، كان سبباً في تناسبها والاعتماد على نظرية أكثر تماسكاً منها وهي نظرية (داروين).. الذي تبنت الكثير من أفكار لامارك.
التطور عند ( جورج كوفييه) (9):
يرى هذا الباحث أن ظهور الأصناف والأنواع يأتي عقب حدوث الكوارث التي كانت تبيد وتفني بعض أنواع الأحياء، لتظهر بدلاً منها أنواع جديدة.
وبتكرار الكوارث، يتكرر خلق الكائنات الحية في كل مرة.
نقد هذه النظرية:
لقد تجاوز العلماء هذه النظرية؛ لأنه لا يمكن أن تترك الكوارث أحياء إلا بتدخل عوامل خارجية لا دخل للناجين فيها.
ولو افترضنا أن الكوارث تركت أحياء، فما هي القدرة الذاتية التي استطاع بها الناجون أن يقاوموا دون غيرهم ممن ماتوا؟
إن الدارس والمتمعن للكوارث التي حدثت هنا وهناك في أنحاء المعمورة منذ آلاف السنين وأبادت ملايين الأحياء لم ير أي أثر لحدوث أي نشوء أو ارتقاء بعد حدوث الكوارث.
ولو افترضنا أن الكوارث أسفرت عن نشوء وارتقاء بعض الأحياء، فإن أبحاث العالم (منديل) وغيرها تدل على أنه يستحيل توريث هذه الخصائص المكتسبة للأجيال القادمة؛ لأن الخصائص التي تورث للأجيال عند نوع ما سواء كان نباتاً أو حيواناً هي فقط تلك التي تكون مسجلة في كروموزومات أفراد ذلك النوع وهكذا تجوزت هذه النظرية.
الداروينية (10):
تقوم نظرية (داروين) على مجموعة القوانين التالية:
أ- قانون البقاء للأصلح أو ( تنازع البقاء ) وقانون (الانتخاب الطبيعي): حيث يفترض (داروين) أنه عندما يدخل الأفراد في صراع مع الطبيعة من أجل الحياة يجري اصطفاء طبيعي يؤدي إلى بقاء أشد الأفراد كفاءة بما يمتاز به من صفات. (وهذه الصفات، قد لا تكون ذات أهمية في الظاهر).
وكمثال على ما يقول، فإن أنثى الفيل تضع خلال حياتها ستة صغار، في حين كان يجب أن يصبح نتاج كل ذكر وأنثى واحدة بعد 75 عاماً عدد أكبر بكثير من هذا العدد؛ لأن فترة الحمل عند أنثى الفيل حوالي عامين، وواضح أن الواقع الطبيعي بعيد كل البعد عن هذا الحساب، وذلك أنه إذا افترضنا وجود سرب من الفيلة تسير في غابة متحدة كعادتها لطلب الغذاء، فإذا رأت مرعى تزاحمت عليه، فالقوي منها يفوز بأطايب هذا المرعى، فيزداد قوة على قوته، أما أضعفها فيزداد ضعفاً على ضعفه، ومع مرور الزمن يزداد القوي قوة واكتمالاً، ويزداد الضعيف ضعفاً إلى ضعفه، فلا يزال يتناقض حتى يتلاشى؛ مما يمكن من اختفاء الأنواع الضعيفة، وهذا ما يسمى بقانون البقاء للأصلح عند ( داروين).
ب- قانون الإهمال والاستعمال. (تم الكلام عنه).
ج – قانون توريث التغييرات المكتسبة. (تم الكلام عنه).
د – فيما يخص الإنسان يعتبر (داروين) الإنسان واحداً من فرق الحيوانات البسيطة، كان من حظه امتلاكه لمجموعة من الصفات تقدم بها صعداً خلال التسابق من أجل البقاء.
ويقول: بأن الإنسان والقرد يعودان إلى أصل واحد مشترك ومجهول سماه (الحلقة المفقودة) التي حدث لها تطور خاص، وتحولت إلى إنسان. ولم يقل كما يظن بعض السفهاء: إن القرد جد الإنسان.
واعتبر (داروين) الجنين ونموه في الرحم طريقة ممثلة لكل الأشكال الحيوانية التي مر بها الإنسان في بدء التاريخ، وليست الزائدة الدودية إلا عضواً زائداً عن الحاجة، وهي من بقايا الكرش الحيواني، وستؤول إلى الانقراض.
*عبدالرحمن*
2018-04-16, 04:12
نقد الداروينية:
أولاً: إن الواقع الذي نشاهده يتنافى مع ما أسماه (داورين) بالبقاء للأصلح؛ فالأرض بما قطعته من مراحل في عمرها المديد، تعج بالأصلح وغير الصالح من شتى أصناف الحيوانات، ولو كان قانونه صحيحاً، لكان من أبسط مقتضياته الواضحة: أن يتجاوز موكب السباق بين الكائنات الحية نقطة البدء على أقل تقدير مهما فرضنا حركة التطور بطيئة، ولكن ها هي ذي نقطة البدء لا تزال تفور بكائناتها الضعيفة المختلفة، ولا تزال تتمتع بحياتها وخصائصها كما تمتعت بها الكائنات الحية السابقة مثلاً بمثل، وعلى العكس من ذلك نجد حيوانات عليا كالديناصورات، انقرضت بينما ظلت الحشرات الدنيا كالذباب والبرغوث باقية، وبقي من هم أضعف من هؤلاء.
يقول البروفسور الفرنسي (Etienme Rebaud) في كتابه (هل يبقى الصالح أم غير الصالح) ص 40: "لا وجود للانتخاب الطبيعي في صراع الحياة بحيث يبقى الأقوياء ويزول الضعفاء، فمثلاً: ضب الحدائق يستطيع الركض بسرعة لأنه يملك أربعة أرجل طويلة، ولكن هناك في نفس الوقت أنواع أخرى من الضب لها أرجلاً قصيرة حتى لتكاد تزحف على الأرض وهي تجر نفسها بصعوبة. وهذه الأنواع تملك البنية الجسدية نفسها حتى بالنسبة لأرجلها وتتناول الغذاء نفسه. وتعيش في البيئة نفسها فلو كانت هذه الحيوانات متكيفة مع بيئتها لوجب عدم وجود مثل هذه الاختلافات بين أجهزتها.
وعلى عكس مفهوم الانتخاب الطبيعي فإن كل هذه الأنواع ما تزال حية وتتكاثر وتستمر في الحياة، وهناك مثال الفئران الجبلية التي تملك أرجلاً أمامية قصيرة وهي لا تنتقل إلا بالطفر في (حركات غير مريحة)، ولا تستطيع كثير من الحشرات الطيران رغم امتلاكها لأجنحة كبيرة، فالأعضاء لم توجد في الأحياء كنتيجة لتكيف هذه الأحياء مع الظروف، بل على العكس فإن ظروف حياتها هي التي تتشكل وفقاً لهذه الأعضاء ووظائفها".
ثانياً: إذا كان التطور يتجه دائماً نحو الأصلح، فلماذا لا نجد القوى العاقلة في كثير من الحيوانات أكثر تطوراً وارتقاءً من غيرها، ما دام هذا الارتقاء ذا فائدة لمجموعها؟ ولماذا لم تكتسب القردة العليا من القوى العاقلة بمقدار ما اكتسبه الإنسان مثلاً؟ فالحمار منذ أن عرف إلى الآن ما زال حماراً.
لقد عرض (داروين) لهذه المشكلة في كتابه، ولكنه لم يجب عليها وإنما علق بقوله (أصل الأنواع) ص 412:
(إننا لا ينبغي لنا أن نعثر على جواب محدود ومعين على هذا السؤال إذا ما عرفنا أننا نعجز عن الإجابة عن سؤال أقل من هذا تعقيداً).
ثالثاً: وقد ثبت لدى الدراسة أن كثيراً من نباتات مصر وحيواناتها لم تتغير عن وضعيتها خلال قرون عديدة متطاولة، ويتضح ذلك من الأنسال الداجنة المنحوتة في بعض الآثار المصرية القديمة، أو التي حفظت بالتحنيط وكيف أنها تشبه كل الشبه الصور الباقية اليوم بل ربما لا تكاد تفترق عنها بفارق ما. والأمثلة كثيرة في هذا الموضوع.
رابعاً: هذه النظرية لا تخضع لتجربة أو مشاهدة: المشاهدة الإنسانية لم ترصد أي ارتقاء أو أدنى اعتلاء. فلم ترصد البشرية في أي وقت عبر الزمن أي كائن ما قد تحول إلى كائن آخر بالترقي أو بالتطور، خاصة وأنه يوجد علماء متخصصون يراقبون أدنى تغيير حديث في المظهر الخارجي لتلك الكائنات أو تركيبها الداخلي (انظر كتاب الأسترالي Denton...).
فيما يخص الإنسان:
أولاً: يختص الإنسان باحتواء خلايا جسمه على 46 صبغي، فإذا حدث أي تغيير في هذا العدد من زيادة أو نقصان فإن جسم الإنسان لا يتطور إلى جسم آخر بل يتعرض للتشوه، وهذا العدد الثابت للصبغيات عند جميع الأحياء لا يسمح بأي تطور من كائن حي إلى آخر أبداً، وأي تغيير في المادة الوراثية (الصبغيات) يؤدي إلى تغيير الملايين من البروتينات المتدخلة في تكوين الجسم، والذي يتكلم في تحول القرد إلى إنسان إما أن يكون جاهلاً كمعظم الصحفيين الببغاوات الذين يرددون هذا القول بدون علم، أو هم معذورون لتكوينهم الأدبي غالباً وبعدهم عن الميدان العلمي، وإما أن يكون شيطاناً يعلم الحقيقة ويظهر غيرها..
ثانياً: لا يجب الاعتماد فقط على البقايا الصلبة من الجسم لتشييد وتشكيل الحالة الصحيحة الأصلية، وذلك لأنه – كما ذكر – تبين أن الشكل النظري المقترح لسمكة السيلاكانت بعيد كل البعد عن حقيقة أمرها.
ولقد ذكرت أنه يستحيل معرفة أن للكنغر كيس بطني فقط من خلال هيكله العظمي، وأن المشاهدة المباشرة هي الوحيدة الكفيلة بإعطاء معالم الجسم التامة، فالهيكل العظمي للكنغر يشابه الهيكل عند الديناصور أو الكومودو (11). وزيادة على ما سبق فإننا إذا أعطينا جمجمة واحدة وقدمناها لعدة باحثين لا يرى بعضهم بعضاً، فإن تصورهم لتشكيل وتغليف الجمجمة سيختلف حتماً الواحد عن الآخر.
ثالثاً(12): إضافة إلى هذا توجد 4 نظريات (أساسية) أخرى كلها متناقضة مع بعضها البعض في تفسيرها لأصل الإنسان:
1- فرضية (وايت) وجوهنسون white et johanson.
2- شجرة (طويباس) Tobias.
3- شجرة (ليكي) Leaky.
4- شجرة (كوبنس).Coppens
فليس من النزاهة العلمية في شيء الجزم في موضوع كله افتراضات وافتراضات مضادة.
وقد اعتبر بعض الداروينيون ما أطلقوا عليه اسم Ramapithecus هو الإنسان
https://e.top4top.net/p_8361crzf1.jpg (https://up.top4top.net/)
رسم لما زعم أنه إنسانRamapithecus والذي تبين أنه كان عبارة عن قرد
القرد، وقد صدر هذا الحكم استناداً على بعض أسنان وقطع وشظايا من فك لا غير، وهذا هو كل ما يملكونه من متحجرات (عظيمة)!
وكتب الدكتور Dr. Jolley في تقرير له: أن أنواعاً من قرود البابون التي تعيش في أثيوبيا تملك نفس خصائص أسنان وفكRamapithecus إذن فهذه الخصائص ليست خصائص إنسان، وقد اتفق رأي علماء متحجرات آخرون أن Ramapithecus لم يكن ببساطة إلا قرداً.
- كان Dart أول من اكتشف ما أطلق عليه اسمAustralopithecus سنة 1924 وأشار إلى عدة أوجه شبه لهذه الجمجمة مع هيئة وقسمات القرود، وسجل في الوقت نفسه اعتقاده أن أسنان هذه الجمجمة تشبه أسنان الإنسان، وكان حجم الدماغ يبلغ ثلث حجم دماغ الإنسان المعاصر، أما طول هذا المخلوق فقد يبلغ 4 أقدام فقط.
وقد قام Rchard leaky بنشر مقالة تشير إلى أن Australopithecus لم يكن سوى قرداً بأيد طويلة وأرجل قصيرة مشابهة للقرود الإفريقية: أي أن هذا المخلوق لم يكن سوى قرداً كبيراً Ape.
https://c.top4top.net/p_836hpjnp1.jpg (https://up.top4top.net/)
جمجمة Australopithecus والتي تبين فيما بعد أنها لا تبعد أن تكون جمجمة لقرد
بالنسبة لإنسان (جاوا) فقد استدل عليه عند العثور على عظمة فخذ مع قحف وثلاثة أضراس، وقد اكتشفت هذه العظام ضمن مسافة 50 قدم وفي فترة امتداد سنة كاملة، وقد كتمDr.Dobois لمدة ثلاثين عاماً حقيقة هامة وهي أنه وجد بالقرب من هذه العظام وفي نفس المستوى من الطبقة الأرضية جماجم بشرية عادية، وقبيل وفاته أعلن عن الحقيقة وقرر أن إنسان (جاوا) ربما كان قرد Gibbon وليس مخلوقاً شبيهاً للإنسان على الإطلاق.
أما ما يسمى (بإنسان بيكن) فيعتد العلماء الأنتروبولوجيون البارزون أنه لم يكن إلا قرداً ضخماً.
يبقى أن أذكر باكتشاف Rchard leaky لجمجمة بشرية عمرها 2.5م س في حين لا يزيد العمر الذي أعطي لما سمي (إنسان افا) و(إنسان بكين) عن بضع آلاف من السنين، وتم اكتشاف مماثل في شهر يناير 2001 بأستراليا تداولته وسائل الإعلام الدولية.
رابعاً: أين الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان؟ إننا قبل أن نتساءل عن الحلقة، يجب أن نعرف أولاً أننا لن نجد في هذا الكوكب من يجيب أو يستطيع حتى التلميح لهذا الموضوع، لماذا لم يبق لها أي وجود أو أي أثر؟ ولماذا لم تبق كما بقيت تلك القردة؟ لماذا هنا البقاء لغير الأصلح؟ أما كانت هي الأحق أن تبقى لأنها كانت هي الأقوى والأفضل والأحسن، ألم تكن هي أحسن من النسانيس التي هي أدنى في الرتبة؟
خامساً: لماذا وقف التطور عند الشكل الإنساني؟ عجيب حقاً أن تمر آلاف السنين ولم نر أي تطور ما قد حدث في جسم الإنسان؟ أو حتى أي بادرة تشير إلى تغيير في أي عضو فيه، بل يجب أن نتساءل أو نتخيل: ما هو الطور الذي سيلي طور الإنسان، بالرغم من أن المتغيرات حوله زادت لصالحه؟
سادساً(13): اكتشاف العلماء لعظام بشرية ترجع لملايين السنين:
نشرت (صحف العالم) في أوائل نوفمبر 1972 عن وكالات الأنباء العالمية في واشنطن: أن العالم رتشارد ليكي أحد أقطاب العالم الأنتربولوجي، الذي احتل منصب المدير العام للمتحف الوطني في (كينيا) قد تمكن من اكتشاف بقايا جمجمة يرجع تاريخها إلى مليونين ونصف مليون عام، وهذا الاكتشاف يقلب كل ما قبل عن النظريات بشأن تطور الإنسان عن أجداده فيما قبل التاريخ.
سابعاً(14): بعد دراسة L`AND mitochondriale تبين حديثاً أن قردة الشامبانزي والغوريلا ظهرت بعد ظهور الإنسان على سطح الأرض.. وهذا الاكتشاف يقلب كذلك كل ما قيل عن النظريات بشأن تطور الإنسان عن أجداده فيما قبل التاريخ.
ثامناً: إن الزائدة الدودية لن تنقرض، لأنها موجودة عند الحيوانات الأخرى، وأثبت لها العلم الحديث فوائد منها: المساعدة على الهضم لم يكن يعرفها (داروين)، وإلا فهل وجود الثدي عند الرجل يجعل أصل الذكور إناثاً؟ وإن كان شعر الصدر عن الرجل من بقايا الحيوان، فلماذا لم يوجد عند الإناث؟ لعل أنصاره يقولون بخروج الرجل إلى الصيد، وبقاء المرأة في الكهف، ويعود الرد من جديد: ولماذا بقي الشعر في الرأس والعانة عند المرأة؟
- بالنسبة لـ (إنسان Neanderthalien) فهو يملك بنية هيكل عظمي شبيه تماماً لإنسان المعاصر، وسعة جمجمته تزيد على مثيلتها لدى الإنسان المعاصر، ويعتقد جميع علماء الأنتربولوجيا حالياً أنهم كانوا أناساً عاديين مثلي ومثلك.
-بالنسبة لإنسان (كرومانيوم) وجد أن حجم دماغه كان أكبر من حجم دماغ الإنسان الحالي، ولو كان حياً اليوم ومشى في الشارع بملابس العمل لما جلب انتباه أحد.
الداروينية الجديدة:
كان للانتقادات الكثيرة التي وجهت إلى نظرية (دارون) أثر كبير في أن تتهاوى ويمر عليها عهد من السقوط والتردي، ولكن طائفة من الباحثين عادوا فشيدوا من أنقاضها نظرية أخرى جديدة، أطلق عليها فيما بعد اسم: (الداروينية الجديدة) اعتبرت بمثابة نسخة مصححة لنظرية (داروين).
وقد تزعم هؤلاء الباحثين (هوجودي فريس)، ثم دعمه طائفة من علماء الحياة أكثرهم إنجليزيون وأمريكيون، وأهم ما ينهض عليه هذا المذهب الجديد ويعتبر فارقاً يمتاز به عن نظرية (داروين) هو: أن التطور إنما يقوم على أساس الطفرة التي تحدث فجأة وبالمصادفة، لا على أساس انتخاب الأصلح كما يقول (داروين).
ويقولون: إن التغيرات بعد أن تتم فجأة وعلى سبيل الطفرة التي لا يستبين فيها سبب غائي، تتسجل فوراً في الذخيرة الوراثية. إذاً فالمصادفة لها الدور الأساسي في تكون الأنواع وتكاثرها، مع الاعتراف بما للوسط الذي ينشأ فيه الحيوان من أثر ثابت على كمية التغيير ونوعيته.
*عبدالرحمن*
2018-04-16, 04:18
نقد الداروينية الجديدة:
إن هذه النسخة المصححة لمذهب (داروين) لم تجب على جميع الانتقادات التي وجهت للداروينية: – فالحشرات لم يتغير شكلها منذ أن وجدت فوق سطح الأرض إلى يومنا هذا، وسمك (السلاكانت) يعيش في المحيط الهندي، ولم يحدث عليه تغيير منذ أربعة مائة مليون سنة، مما جعل العلماء يطلقون عليه اسم (الحفرية الحية)، وتوجد أمثلة كثيرة للحفريات الحية، مثل ألزاحف النيوزبلاندي: (سيفنودون) والرخوي البحري: (نيوبيلينا)
والشجرة اليابانية (جينجيكو)، وطائر (الكزوار)، و(حيوان الأكوندون)، وهذا النوع من الحفريات أوقع الداروينية الجديدة في ما يسمى بأزمة الداروينية الجديدة، خصوصاً وأن هذه الأخيرة تلح على أن جميع الأنواع النباتية والحيوانية تتطور وبدون استثناء.
ومن الانتقادات الأخرى لهذه النظرية أذكر:
أولاً: إن التطور المفروض الذي هو أصل البحث، تطور تقدمي ولا ريب، إذ هو التفسير المقترح لتدرج أصناف الحيوانات على ضوئه، فهل من شأن الطفرة أن تنطوي على هذا التطور التقدمي المطرد؟
المعروف أن الطفرة إنما تنطوي دائماً على صفات الانتقاص والاضطراب. فكيف يفسر التطور التصاعدي بالطفرة التراجعية؟
ولماذا لا تتوجه الطفرة يوماً ما في سيرها بالركب الحيواني نحو الانتكاس إلى الخلف بدلاً من الصعود الشاق الدائب إلى الأمام؟ وإلا فإنها طفرات مبرمجة إلى الأمام؟!
لا ريب أن اعتماد أي إجابة علمية موضوعية على هذه الأسئلة كفيل بأن يؤدي إلى انهيار هذه النظرية الجديدة من أساسها.
ثانياً: إذا كانت الطفرة هي التي تتحكم فيما يطرأ على الكائن الحي من تغير وتطور، فأي موجب يبقى لافتراض نشأة الكائنات الحية من أصل واحد، إذ من المعلوم أن هذا الافتراض إنما لاقى القبول من أصحابه بناء على ما لاحظوه من التشابه التصاعدي الملموس بين أصناف الأحياء، وعندئذ لا يبقى لافتراض وحدة الأصل الحيواني أي وجه مقبول، وهكذا فإن القول بالطفرة يحمل في طواياه عوامل التدمير لفكرة التطور من أساسها.
ثالثاً: إن القول باحتضان قانون الوراثة للدفع الطفري، الذي يفترض أنه ساق الكائن الحي في وقت ما من عمره النوعي أو (السلالي) إلى قفزة تطورية دون الإشارة إلى أي ما قد يعتبر شبه دليل على هذه القفزة، ليس أكثر من ستر لضعف هذا الرأي وراء نظام الوراثة، إذ من الطبيعي أن يتساءل الباحث عن أي معلمة من المعالم التي بإمكانها أن تشير لنا ولو عن بعد إلى أي حقبة تاريخية ظهرت فيها طفرة ما لحيوان ما، أي قبل أن تختفي في مكنون الغيب الوراثي.
خلاصة أولية:
فرضية، لا حقيقة علمية ثابتة:
أولاً: فكرة التطور وما يتبعها من انتخاب للأصلح لم تتجاوز بعد مرحلة الفرضية، وكل ما قيل أو كتب فيها، لا يعدو أن يكون محاولات مبتورة تثير مزيداً من مشكلاتها أكثر مما تحل شيئاً من معضلاتها.
ثانياً: وبناء على ذلك، فإنه لا يجوز إقامة أي حكم علمي على شيء من هذه البحوث والآراء، ولا يجوز أن نعتبرها بحد ذاتها حقيقة علمية تجاوزها العقل بالقناعة والقبول، وإن في استمرار سلسلة النقض والنقد التي تلاحقها لأبلغ شاهد على ذلك، وإنه لمن الأسف أن يقوم بعض من مدرسينا في الثانويات والجامعات بتقديم النظريات للطلبة والباحثين على أساس أنها حقائق علمية ثابتة، والغريب أن بعض الأساتذة خصوصاً ممن توافدوا علينا من فرنسا يقدمون لنا الفرضية دون نقدها ويتعصبون لإحداها، ويعادون من يعارضهم، فتصبح قاعة الدرس كقاعة الاستخبارات الكاجيبي KGB في روسيا..!
ومما سبق نستنتج كذلك ما يلي:
- الظهور الفجائي لجل الأحياء دون وجود الحلقات الوسطية مع أسلافها يعني الخلق المباشر لجل هذه الكائنات، وبنفي القول بالتطور ونشأة الكائنات الحية بعضها من بعض.
- عدم وجود هذه الحلقات الوسطية دفع بالداروينيين للجوء للغش والتزوير فظهرت قضية إنسان (بلتدوان) وإنسان (نبرسكا)... وما يسمى بـ: نيودبرطال وكرومانيوم ليسا إلا أناس عاديون مثلي ومثلك، أصبغ عليهم الداروينيون صفات كاذبة تقربهم من القرود والبشر.
العنصرية النتنة:
لقد كانت جل مدارس البيولوجيين ( ومن بينهم داروين) متفقة على أن وجود ثلاثة أنواع من الجنس البشري (أبيض ، أصفر، أسود) ليس إلا دليلاً على حركة التطور التي أعطت النوع الأبيض مكانة النوع الأكثر تطوراً (العرق الأسمى)، وداروين بالذات كان متزعم هذا الاتجاه الذي كانت ترتكز عليه العنصرية بجنوب إفريقيا
وبالدول المصنعة، إذ يزعم أن الإنسان المتحضر انحدر من القردة العليا مروراً بإنسان ما قبل التاريخ البدائي homme primitif ثم الإنسان المتوحش (15)، واعتبر داروين بأن جميع الأجناس البشرية التي لا تنتمي لأوربا هي أجناس بشرية متوحشة؛ لأن قمة الحضارة هي أوربا (16).
فماذا حصل لهذه الرؤية الخيالية للإنسان؟
إننا نقرأ الآن في مصادر البحث الغربية المختصة أن مفهوم الجنس البشري الراقي لا معنى له من الوجهة العلمية. فهذه عنصرية أعطت للإنسان الغربي آنذاك تبريراً لاستعباد الإنسان الإفريقي (المتوحش) وأمثاله.
تدخل الصهاينة:
وهنا أشير إلى ما قاله ألكس كاريل في كتابه (الإنسان ذلك المجهول) ص 158:
((إن نظريات النشوء والارتقاء هي مصدر كل الهموم الإنسانية، وإنها في الحقيقة ليست إلا حكايات خرافية وجدت من يحميها ومن يقدمها للجماهير بحلة خادعة لا يعرفها كثير من الناس)).
وهو بذلك يشير إلى الأيدي الصهيونية التي تعتبر بأن شعوب الأرض كلها حمير، وأنه على شعب الله المختار – يعني اليهود – أن يركبها ( كتاب التلمود).
وألكس كريل يشير هنا إلى ما يوجد ببروتوكلات حكماء صهيون حيث نجد النصين التاليين:
- إن داروين ليس يهودياً ولكنا عرفنا كيف ننشر آراءه واستغلالها في تحطيم الدين.
- لقد رتبنا نجاح داروين وماركس ونيتشه بالترويج لآرائهم، وأن الأثر الهدام للأخلاق الذي تنشأ علومهم في الفكر غير اليهودي واضح لنا بكل تأكيد.
وهكذا استغل اليهود الثلاثة ماركس وفرويد ودور كايم هذه النظرية وكل حسب اختصاصه... فقال فرويد في كتابه: Tom an Toboo ص 50: إن الولد يكره أباه لأنه ينافسه في أمه جنسياً. لقد شوه فرويد مصادر الأساس البشري، ولست أدري كيف يمكنه أن يفسر حب الإنسان للقمر والطبيعة وللرياضيات جنسياً.
ص 50: والفتاة تكره أمها، والزوجة تكره زوجها وتتمنى له الموت.
ص 60: إن حزن الأهل على ميتهم ليس شعوراً خالصاً بالحزن الحقيقي لمفارقته، ولكنه مداراة للفرحة الخفية التي يحس بها الأقارب عند التخلص من هذا الشخص الذي كانوا يكرهونه ويودون لو يموت.
وانطلق ماركس بنفس الأسلوب الذي يأباه الحيوان ولكن في علم الاقتصاد ودور كايم في علم الاجتماع. فكانت المصيبة التي يعيشها العالم في عصرنا هذا.
والمصيبة كذلك أننا في العالم الثالث مستهلكون من الدرجة الأولى لهذه الأفكار في أدبياتنا كما نستهلك الكوكا كولا. أ.هـ
المصدر الرئيسي:
كتاب بعض من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم مع تحليل لنظريات التطور ـ تأليف د. محمد برباب.
الهوامش:
(1) إرينيوس (Irinius) حائز على جائزة نوبل في الكيمياء (1903).
(2) أونيطو رانك (Ornithorynque) من الثديات الأولية، يعيش باسترايلا.
(3) مقتطف من كتاب (أزمة نظريات التطور ) للعالم الاسترالي (Micheal Denton) نشر بمجلة العلم والحياة الفرنسية ص: 39 عدد 834 مارس 1987، والكتاب ذو قيمة علمية عالية، ومن أحسن المراجع في الموضوع.
(4) Marsupiaux: حيوانات ذات كيس بطني مثل الكنغر وغيره.
(5) تكون في تكوينها مكملة للنوع الأولى كي يطابق النوع الثاني
(6) كتاب أصل الحياة (Origin of - lif) ص: 156.
(7) Humain destiny P: 30-36.
(8) لامارك باحث فرنسي ولد سنة 1848م درس علم الطبيعيات من بين كتبه: ( علل أهم الوقائع الطبيعية ) (النبات الفرنسي ).. (فلسفة الحيوان).
(9) عالم روسي سخر داروين من نظريته هذه واعتبرها من الحماقات.
(10) تشارلز روبرت داروين: باحث بريطاني شهير، بعد أن أكمل دراسته في سلك اللاهوت
(11) العلم والحياة عدد 834: ص: 40.
(12) هناك تناقض كبير في نظرية داروين فهو يقول بالبقاء للأصلح ويقول بأنه بين الإنسان والقرد حلقة مفقوة كانت أكثر تطوراً من القرد ولكنها اختفت... فلماذا اختفت وهي الأصلح وبقيت القردة الأقل تطوراً منها كان يجب حسب (البقاء للأصلح) أن تبقى الحلقة المفقودة وتختفي القردة.
(13) مجلة Medecine Digest يناير 1985 ص: 32.
(14) مجلة البحث العلمية الفرنسية عدد 155 ص: 656.
(15) C.Darwin: la descendance de l`homme. ed. comp 1981
(16) مجلة الأبحاث العلمية الفرنسية عدد 155 ص 658.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-18, 04:47
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
لماذا الأسبوع سبعة أيام ؟
السؤال
إذا كان الله سبحانه وتعالى قد خلق كل شيء في ستة أيام ، فلماذا يتكون الأسبوع من سبعة أيام ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
لا يمكننا الجزم بشيء عن التقسيم السباعي لأيام الأسبوع ، وعن زمن بداية هذا التقسيم ، هل كان قبل خلق السماوات والأرض ، أم إن خلق السماوات والأرض هو الذي أدى إلى هذا التقسيم ، والسبب في ذلك أننا لم نقف على دليل صريح ينص على الجزم في هذا الشأن ، لكن الذي يدل عليه النظر في التواريخ ، وعادات الأمم وأخبارها : أن تقسيم الأسبوع إلى سبعة أيام مرتبط بأمر الدين ، ومأخوذ منه ، وله تعلق بأخباره وأحكامه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ مجموع الفتاوى (7/95) ـ :
" فكل أمة ليس لها كتاب ليس في لغتها أيام الأسبوع ، وإنما يوجد في لغتها اسم اليوم والشهر والسنة ، لأن ذلك عرف بالحس والعقل ، فوضعت له الأمم الأسماء ، لأن التعبير يتبع التصور ، وأما الأسبوع فلم يعرف إلا بالسمع
لم يُعرف أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش إلا بأخبار الأنبياء الذين شرع لهم أن يجتمعوا في الأسبوع يوما يعبدون الله فيه ، ويحفظون به الأسبوع الأول الذي بدأ الله فيه خلق هذا العالم ؛ ففى لغة العرب والعبرانيين ومن تلقى عنهم : أيامُ الأسبوع
بخلاف الترك ونحوهم فإنه ليس في لغتهم أيام الأسبوع لأنهم لم يعرفوا ذلك فلم يعبروا عنه " .
ويقول الدكتور جواد علي :
" يقسم الشهر إلى أربعة أقسام ، كل قسم منها هو أسبوع ، ويتكون من سبعة أيام .
وتعزى فكرة هذا التقسيم إلى البابليين ، ولكن ضبط الأسابيع وتتابعها على النحو المعروف حتى اليوم هو نظام ظهر بعدهم بأمد . وقد ذكر الأسبوع "شبوعة" Shagu'a في التوراة ، في سفر التكوين . وعلى أساس الجمع بين السبت اليهودي وقصة الخلق نظم الأسبوع بحسب العرف الشائع اليوم " . انتهى .
"المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" (16/96)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-18, 04:51
السؤال
هل النظر للكعبة عبادة أو فيه فضل ؟
الجواب
الحمد لله
لم يصح حديث في فضل النظر إلى الكعبة ، لكن وردت فيه بعض الآثار ، يأتي ذكر شيء منها .
ومما ورد في النظر إلى الكعبة : ما رواه أبو الشيخ من حديث عائشة رضي الله عنها : ( النظر إلى الكعبة عبادة ) لكنه حديث ضعيف كما قال الألباني في ضعيف الجامع الصغير رقم (5990).
وما رواه الديلمي في الفردوس من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( خمس من العبادة : قلة الطعم [ أي : الطعام ] والقعود في المساجد ، والنظر إلى الكعبة ، والنظر في المصحف والنظر إلى وجه العالم )
وهو حديث ضعيف جدا . "ضعيف الجامع الصغير" رقم (2855).
وأما الآثار :
فقد قال السيوطي في "الدر المنثور"
: " وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس قال : النظر إلى الكعبة محض الإيمان .
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن المسيب قال : من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا خرج من الخطايا كيوم ولدته أمه .
وأخرج الأزرقي والجندي من طريق زهير بن محمد عن أبي السائب المدني قال : من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا تحاتت ذنوبه كما يتحات الورق من الشجر . قال : والجالس في المسجد ينظر إلى البيت لا يطوف به ولا يصلي أفضل من المصلي في بيته لا ينظر إلى البيت .
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي والجندي والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء قال : النظر إلى البيت عبادة ، والناظر إلى البيت بمنزلة القائم الصائم المخبت المجاهد في سبيل الله .
وأخرج الجندي عن عطاء قال : إن نظرة إلى هذا البيت في غير طواف ولا صلاة تعدل عبادة سنة ، قيامها وركوعها وسجودها .
وأخرج ابن أبي شيبة والجندي عن طاوس قال : النظر إلى هذا البيت أفضل من عبادة الصائم القائم الدائم المجاهد في سبيل الله .
وأخرج الأزرقي عن إبراهيم النخعي قال : الناظر إلى الكعبة كالمجتهد في العبادة في غيرها من البلاد .
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن مجاهد قال : النظر إلى الكعبة عبادة " انتهى .
وهذه الآثار –
إن صحّت – فلا تخلو من شيء من المبالغة ، وفضائل الأعمال لا تثبت بمجرد رأي أو اجتهاد ، بل لا بد من ثبوت ذلك عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو ما لا يوجد في هذه المسألة .
ولذلك قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ومن العجيب أن الذين قالوا : ينظر إلى الكعبة [أي في الصلاة بدلا من النظر إلى موضع السجود] علل بعضهم ذلك بأن النظر إلى الكعبة عبادة ، وهذا التعليل يحتاج إلى دليل ، فمن أين لنا أن النظر إلى الكعبة عبادة ؟ لأن إثبات أي عبادة لا أصل لها من الشرع فهو بدعة "
انتهى من "الشرح الممتع" (3/41).
لكن : إذا اقترن النظر بالتفكر في البيت ، وما جعل الله له من المهابة والتعظيم ، فهذا التفكر عبادة يثاب المرء عليها .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-18, 04:54
هل توجد حياة على الكواكب الأخرى ؟
السؤال
هل توجد حياة علي الكواكب الأخرى أو في المجرات الأخرى غير المجرة الشمسية ؟
الجواب
الحمد لله
أما السموات السبع ، فهي عامرة بالملائكة ، كما قال تعالى : ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الشورى/ 5 ، وقال: ( فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ) فصلت/7 .
وروى الترمذي (2312) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ ، أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
(أَطَّتْ) أي أصدرت صوتاً من كثرة الملائكة الذين عليها .
وفي الصحيحين من حديث مالك بن صعصعة في قصة الإسراء والمعراج : ( ... فَرُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ ، فَقَالَ : هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ ، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ )
البخاري (3207) ومسلم (164).
هذا بالنسبة للسماوات ، وأما الكواكب والمجرات الأخرى ، فجوابنا فيها أن نقول : الله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-18, 04:57
هل الزلازل الأخير سببه اختلال دوران الأرض
وأنها في طريقها إلى الدوران العكسي؟
السؤال
هناك من يقول : إن الإنسان منذ زمن بعيد كان قردا وتطور , فهل هذا صحيح , وهل من دليل ؟.
الجواب
الحمد لله
" هذا القول ليس بصحيح , والدليل على ذلك أن الله بين في القرآن أطوار خلق آدم , فقال تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ثم إن هذا التراب بُلَّ حتى صار طينا لازبا يعلق بالأيدي
, فقال تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) ، وقال تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ ) ثم صار حمأ مسنونا , قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون ) ثم لما يبس صار صلصالا كالفخار ,
قال تعالى : (خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ) . وصوره الله على الصورة التي أرادها ونفخ فيه من روحه , قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) هذه هي الأطوار التي مرت على خلق آدم من جهة القرآن ,
وأما الأطوار التي مرت على خلق ذرية آدم فقال تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) .
أما زوجة آدم (حواء) فقد بين الله تعالى أنه خلقها منه , فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء )" اهـ
من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/31) .
*عبدالرحمن*
2018-04-18, 05:00
: بطلان نظرية التطور والارتقاء
السؤال
هناك من يقول : إن الإنسان منذ زمن بعيد كان قردا وتطور , فهل هذا صحيح , وهل من دليل ؟.
الجواب
الحمد لله
" هذا القول ليس بصحيح , والدليل على ذلك أن الله بين في القرآن أطوار خلق آدم , فقال تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ثم إن هذا التراب بُلَّ حتى صار طينا لازبا يعلق بالأيدي ,
فقال تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) ، وقال تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ ) ثم صار حمأ مسنونا
, قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون ) ثم لما يبس صار صلصالا كالفخار , قال تعالى : (خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ) . وصوره الله على الصورة التي أرادها ونفخ فيه من روحه ,
قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) هذه هي الأطوار التي مرت على خلق آدم من جهة القرآن
, وأما الأطوار التي مرت على خلق ذرية آدم فقال تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) .
أما زوجة آدم (حواء) فقد بين الله تعالى أنه خلقها منه , فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء )" اهـ
من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/31) .
*عبدالرحمن*
2018-04-18, 05:03
هل الكرة الأرضية موجودة في السماء الدنيا ؟
السؤال
هل الكرة الأرضية موجودة في السماء الدنيا أم تحتها مع العلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم عرج به إلى السماء والعروج لا يكون إلا من الأسفل إلى الأعلى ؟.
الجواب
الحمد لله
السماء الدنيا محيطة بالأرض ، وهي عالية عليها ، فحيثما ذهب الإنسان في الأرض كانت السماء فوقه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" فإنه معلوم بصريح العقل أن الهواء فوق الأرض ، والسماء فوق الأرض ، وهذا معلوم قبل أن يُعلم كون السماء محيطة بالأرض . . . والعلو معنى معقول لا يشترط فيه الإحاطة ، وإن كانت الإحاطة لا تناقضه . . .
ولهذا كان الناس يعلمون أن السماء فوق الأرض ، والسحاب فوق الأرض قبل أن يخطر بقلوبهم أنها محيطة بالأرض" اهـ .
"درء التعارض" ( 6 / 336 ، 337 ) .
وذكر ابن القيم في "الصواعق المرسلة" (4/1308)
أن القول بأن السماء ليست محيطة بالأرض ، وإنما هي سقف لها فقط ، ذكر أن هذا القول مخالف للإجماع ولما دل عليه العقل والحس .
وقال ابن حزم :
"فالأرض على هذا البرهان الشاهد هي مكان التحت للسموات ضرورة ، فمِن حيث كانت السماء فهي فوق الأرض ، ومِن حيث قابلتْها الأرض فالأرض تحت السماء ولا بد ، وحيث ما كان ابن آدم فرأسه إلى السماء ورجلاه إلى الأرض" اهـ .
"الفِصَل بين الملل والنِّحَل" ( 2 / 243) .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 04:19
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
السؤال
ما هي الغاية من وجود الحيوانات والنباتات على الأرض ؟.
الجواب
الحمد لله
ينبغي أن يعلم أن الله تعالى خلق الإنسان لعبادته ، كما قال عز وجل : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات / 56 .
وخلق الله تعالى للإنسان وسخر له ما في السموات وما في الأرض لينتفع ويتمتع به ، وتقوم به مصالحه ، ويستعين به على عبادة الله تعالى .
قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ) البقرة / 29 .
وقال : ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) لقمان/20 .
وقال : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الجاثية /13.
وقال : ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) إبراهيم /33 .
وهذه بعض الحكم والغايات من وجود الحيوانات والنباتات على الأرض :
فالنباتات طعام للإنسان والحيوان ، قال تعالى : ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ ) يونس /24 . وقال : ( فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ ) عبس /24-32 .
والنباتات تذكر الناس بزوال الدنيا
قال عز وجل : (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) يونس /24.
وضرب الله تعالى المثل للناس على إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم بما يشاهدونه من إحياء الأرض بعد موتها .
قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فصلت /39 .
والنباتات يستخلص الإنسان منها الأدوية .
وأعظم ذلك الحبة السوداء التي قال فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنها شفاء من كل داء إلا السام وهو الموت . رواه البخاري (5687) .
والعسل –وأصله من رحيق الأزهار- قال الله تعالى فيه : (فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) . النحل/69 .
والحيوانات طعام للإنسان .
قال الله تعالى : ( وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) النحل /5 . وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) النحل /14 .
والحيوانات وسيلة انتقال وزينة .
قال الله تعالى : ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) النحل /8 .
ومن الحيوانات يعمل الإنسان الخيام التي يسكنها والثياب التي يلبسها . قال الله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ ) النحل /80 .
والخيل آلة الجهاد إلى قيام الساعة ، عليها يجاهد المسلمون ، فينتصرون ويغنمون ويثابون .
قال الله تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) الأنفال /60.
وروى البخاري (2852) ومسلم (1873) عن عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ ) .
هذه بعض منافع الحيوانات والنباتات ، وفيها من الحكم والمنافع ما لا يعلمه إلا الله تعالى .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 04:22
مقام إبراهيم وأثر الأقدام الموجودة عليه
السؤال
هل الأثر الذي في مقام إبراهيم هو أثر قدمي إبراهيم عليه الصلاة والسلام أم لا ؟.
الجواب
الحمد لله
مقام إبراهيم هو " الحجر الذي كان يقف عليه لما ارتفع البناء عن قامته فوضع له ولده هذا الحجر المشهور ليرتفع عليه لما تعالى البناء ... وقد كانت آثار قدمي الخليل عليه السلام باقية في الصخرة إلى أول الإسلام "
اهـ من البداية والنهاية (1/163) .
قال ابن حجر : الْمُرَاد بِمَقَامِ إِبْرَاهِيم الْحَجَر الَّذِي فِيهِ أَثَر قَدَمَيْهِ اهـ .
وقال ابن كثير :
"وكانت آثار قدميه ظاهرة فيه ولم يزل هذا معروفا تعرفه العرب في جاهليتها ، وقد أدرك المسلمون ذلك فيه أيضا ، كما قال أنس بن مالك : رأيت المقام فيه أصابعه عليه السلام وأخمص قدميه .
غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم .
وروى ابن جرير عن قتادة أنه قال : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) إنما أمروا أن يصلوا عنده ، ولم يؤمروا بمسحه ، وقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم قبلها . ولقد ذَكَرَ لنا من رأى أثر عقبه وأصابعه فيه فما زالت هذه الأمة يمسحونه حتى انمحى اهـ .
من "تفسير ابن كثير" (1/117) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
لا شك أن مقام إبراهيم ثابت وأن هذا الذي بني عليه الزجاج هو مقام إبراهيم ، لكن الحفر الذي فيه لا يظهر أنها أثر القدمين ، لأن المعروف من الناحية التاريخية أن أثر القدمين قد زال منذ أزمنة متطاولة ، ولكن حفرت هذه أو وضعت للعلامة فقط ، ولا يمكن أن نجزم بأن هذا الحفر هو موضع قدمي إبراهيم عليه الصلاة والسلام اهـ .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 04:50
السؤال
من الذي حرك الكعبة إلى مكانها الحالي ؟.
الجواب
الحمد لله
لم تكن الكعبة المشرفة في مكان ثم حرِّكت ، بل تمَّ بناؤها في المكان الذي هي فيه ، ولم تنتقل منذ تلك الفترة ، وقد اختلف العلماء فيمن بنى الكعبة ، فقيل : الملائكة ، وقيل : آدم عليه السلام ، وقيل : إبراهيم عليه السلام .
قال الله تعالى : { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } البقرة / 127 .
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال : المسجد الحرام ، قال : قلت : ثم أي ؟ قال : المسجد الأقصى ، قلت : كم كان بينهما ؟ قال : أربعون سنة ، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصلِّ " .
رواه البخاري ( 3186 ) ومسلم ( 520 ) .
قال علماء اللجنة الدائمة :
الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في صلواتهم بالتوجه إليها في كل صلاة ؛ امتثالا لأمر الله سبحانه في قوله : { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ...} الآية البقرة / 144 ، ومحل قضاء أنساكهم في حجهم وعمرتهم بالطواف حولها ؛ امتثالا لقوله عز وجل
: { وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج / 29 ، واتباعا لما شرعه الله سبحانه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد بناها إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، كما بينه الله في قوله سبحانه : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } البقرة / 127
وقد جدد بناؤها بعد ذلك مرات . انتهى
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 310 ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 04:54
فلينظر الإنسان مما خلق
السؤال
هل خلق الله الإنسان من طين أم خلقه من شيء آخر لم يتم وصفه في القرآن ؟ .
الجواب
الحمد لله
أولاً :
خلق الله تعالى آدم عليه السلام من الأرض أي مما تحويه وذلك قوله : { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } طه/55 ، فخلقه من ترابها و هذا قوله تعالى : { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب } آل عمران/59 .
وفي ذلك آيات في القرآن كثيرة .
ثم جبلت تربتها بالماء فكانت طيناً وفي ذلك يقول رب العالمين : { هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون } الأنعام/2 .
وفي ذلك أيضاً آيات كثيرة أيضاً .
وكان الطين لازباً - أي : لاصقاً ، وقيل : لزجاً - وفي هذا يقول تعالى : { إنا خلقناهم من طين لازب } الصافات/11 .
قال ابن منظور : ولَزِبَ الطينُ يَلْزُبُ لُزُوباً ، و لزُبَ : لَصِقَ وصَلُب َ، وفـي حديث علـيّ علـيه السلام : دخَـل بالبَلَّةِ حتـى لَزَبَتْ أَي لَصقتْ ولزمت ْ. وطينٌ لازبٌ أَي لازقٌ . قال الله تعالـى : من طِينٍ لازبٍ . " لسان العرب " 1/738 .
ثم صار هذا الطين اللازب منتناً فقال تعالى في ذلك : { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون } الحجر/26 .
قال الرازي :
الحَمَأُ : بفتحتين والحَمَأةُ بسكون الميم الطين الأسود . " مختار الصحاح " ص/64 .
وقال في " لسان العرب " 1/61 :
حمأ : الـحَمْأَةُ ، والـحَمَأُ : الطين الأَسود الـمُنتن ؛ وفـي التنزيل : { من حَمَإٍ مسنون } .
وقال في " لسان العرب " ( 13 / 227 ) :
الـمَسْنون : الـمُنْتِن ، وقوله تعالـى { مِن حَمَإٍ مَسْنُونٍ } : قال أَبو عمرو : أَي متغير منتن؛ وقال أَبو الهيثم : سُنَّ الـماءُ فهو مَسْنُون أَي : تغيَّر .
وحيث أن هذا الطين كان مخلوطاً بالرمل : فهذا هو الصلصال .
قال الرازي :
الصَّلْصالُ : الطين الحر خُلط بالرمل فصار يَتَصَلْصَلُ إذا جف ، فإذا طُبخ بالنار فهو الفخار. " مختار الصحاح " 1/154
وقال في " لسان العرب " ( 11 / 382 ) :
والصَّلْصالُ مِن الطِّين : ما لـم يُجْعَل خَزَفاً ، سُمِّي به لَتَصَلْصُله ؛ وكلُّ ما جَفَّ من طين أَو فَخَّار فقد صَلَّ صَلِـيلاً ، وطِينٌ صِلاَّل ومِصْلالٌ أَي يُصَوِّت كما يصوِّت الـخَزَفُ الـجديد .
ثم شبه الصلصال بالفخار وذلك قوله تعالى : { خلق الإنسان من صلصال كالفخار } الرحمن/14 .
وهذا كله يصدقه حديث أبي موسى الأشعري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب " . رواه الترمذي ( 2955 ) وأبو داود ( 4693 ) . والحديث : قال عنه الترمذي : حسن صحيح ، وصححه ابن حبان (14/29) والحاكم (2/288) والألباني في صحيح أبي داود 3926.
هذا خلق آدم عليه السلام : من الأرض - من ترابها - ، ثم جُبل بالماء فكان طيناً ثم صار طيناً أسود منتناً وكون ترابه من الأرض التي بعضها رمل لما جبل كان صلصالاً كالفخار .
ولذلك لما وصف الله خلق آدم في القرآن في كل مرة وصفه بأحد أطواره التي مرَّت بها طريقة خلقه وتكوينة طينته فلا تعارض في آيات القرآن .
ثم أصبح أبناء آدم بعد ذلك يتكاثرون وصار خلقهم من الماء وهو المني الذي يخرج من الرجال والنساء وهو معروف .
وهذا يبينه القرآن في قوله تعالى : { وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسبا وصهراً } النور/54 ، وقوله تعالى : { ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين } السجدة/8 .
قال ابن القيم رحمه الله :
لما اقتضى كمال الرب تعالى جل جلاله وقدرته التامة وعلمه المحيط ومشيئته النافذة وحكمته البالغة تنويع خلقه من المواد المتباينة وإنشاءهم من الصور المختلفة والتباين العظيم بينهم في المواد والصور والصفات والهيئات والأشكال والطبائع والقوى اقتضت حكمته أن أخذ من الأرض قبضة من التراب ثم ألقى عليها الماء فصارت مثل الحمأ المسنون ثم أرسل عليها الريح فجففها حتى صارت صلصالا كالفخار ثم قدر لها الأعضاء
والمنافذ والأوصال والرطوبات وصورها فأبدع في تصويرها وأظهرها في أحسن الأشكال وفصلها أحسن تفصيل مع اتصال أجزائها وهيأ كل جزء منها لما يراد منه وقدَّره لما خلق له عن أبلغ الوجوه ففصَّلها في توصيلها وأبدع في تصويرها وتشكيلها …
- ثم ذكر تناسل الخلق بالجماع وإنزال المني - . " التبيان في أقسام القرآن " ( ص 204 ) .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 04:59
كم سنة بين آدم ومحمد عليهما الصلاة والسلام
السؤال
كم هي الفترة الزمنية بالسنين ما بين خلق آدم عليه السلام وخلق محمد صلى الله عليه وسلم؟.
الجواب
الحمد لله
لم يأتِ في الشريعة تحديدٌ لفترة ما بين آدم ومحمد عليهما الصلاة السلام ، بل ولا يعرف مقدار ما عاش آدم عليه السلام .
لكن جاءت بعض الأحاديث والآثار متفرقة يمكن بعد جمعها الوصول إلى تقدير زمنٍ لكن ليس للفترة بأكملها ، وهذه الأحاديث والآثار منها ما هو صحيح ومنها ما هو مختلف فيه ، وتبقى بعض الفترات لم ترد في تحديدها آثار ، فمما ورد فيه أدلة صحيحة :
1. قوله تعالى في مدة لبث نوح عليه السلام في دعوة قومه : ( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ) .
2. المدة بين عيسى ونبينا محمد عليهما الصلاة والسلام : روى البخاري (3732 ) عن سلمان الفارسي قال : فترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ستمائة سنة .
و مما وردت فيه أحاديث مختلف في صحتها :
3. المدة بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام :عن أبي أمامة أن رجلا قال : ( يا رسول الله أنبيٌّ كان آدم ؟ قال : نعم ، مكلَّم ، قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون ) رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 14 / 69 ) والحاكم (2/262) وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي ، وقال ابن كثير في " البداية والنهاية " ( 1 / 94 ) : هذا على شرط مسلم ولم يخرجه .
4. المدة بين نوح وإبراهيم عليهما السلام : ودليلها زيادة في حديث أبي أمامة رضي الله عنه السابق ... قال : كم بين نوح وإبراهيم ؟ قال : عشر قرون ) رواه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 288 ) وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، والطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 118 ) ، وورد كلام في تضعيف بعض رواة الحديث ، وصححه الألباني بشواهده.
ومما وردت فيه بعض الآثار :
5. المدة بين موسى وعيسى عليهما السلام
:قال القرطبي
: واختلف في قدر مدة تلك الفترة فذكر محمد بن سعد في كتاب الطبقات عن ابن عباس قال كان بين موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليهما السلام ألف سنة وسبعمائة سنة ولم يكن بينهما فترة وأنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم وكان بين ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وتسعون سنة ."
تفسير القرطبي " ( 6 / 121 ) .
قال ابن حجر :
وقد اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من ألفي سنة ومدة النصارى من ذلك ستمائة ."
فتح الباري " ( 4 / 449 ) .
وبالنظر إلى ما سبق من الآية والأحاديث والآثار والأقوال فإن ما كان منها صحيحا أُخذ به في تحديد الفترة المعينة .
أما الجزم بتحديد إجمالي الفترة بين آدم ومحمد عليهما الصلاة والسلام فإنه إضافة إلى ما سبق يتوقف على أمور منها :
· اختلاف العلماء في تحديد القرن هل هو مائة عام أم هو الجيل ، فإن كان الصحيح أنه الجيل فإن الثابت من أعمار أهل تلك الفترة هو جزء من عمر نوح وهو الذي قضاه في دعوته ، ولا نعلم كم كان معدَّل أعمار بقية أهل تلك الأجيال .
· عدم ورود ما يحدد المدة بين إبراهيم وموسى عليهما السلام بالسنوات .
ويبقى أن الجزم في هذه الأمور والبحث فيها ليست مما تعبدنا الله به ولا ينبني عليها عمل ، ويكفينا في ذلك قوله تعالى : ( وَعَاداً وَثَمُودَا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً ) الفرقان/38 ، وعلى المرء أن يحرص على الاقتداء بهؤلاء الأنبياء و السير على طريقهم إذ هو المقصود الأعظم من ذكرهم وذكر سيرهم (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) الأنعام/90 .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-04-30, 05:36
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
خلق الإنسان طويلا ثم لم يزل ينقص حتى الآن
السؤال
هل كان الإنسان زمن آدم عليه السلام قصيراً ثم أخذ بالتدرج بالطول أم العكس ؟
الجواب
الحمد لله
خلق الله تعالى آدم عليه السلام طوله ستون ذراعاً ، ثم تدرج الخلق في النقص حتى استقر على ما هو عليه الآن . ودليل ذلك من السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم : (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ)
رواه البخاري (3326) ومسلم (2841)
. وَرَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أُبَيِّ بْن كَعْب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم رَجُلا طِوَالا كَثِير شَعْر الرَّأْس كَأَنَّهُ نَخْلَة سَحُوق ) أي طويلة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري :
(فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُص حَتَّى الآن ) أَيْ أَنَّ كُلّ قَرْن يَكُون نَشَأْته فِي الطُّول أَقْصَر مِنْ الْقَرْن الَّذِي قَبْله , فَانْتَهَى تَنَاقُص الطُّول إِلَى هَذِهِ الأُمَّة وَاسْتَقَرَّ الأَمْر عَلَى ذَلِكَ .اهـ
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-04-30, 05:39
حَمَام مكة والمدينة
السؤال
هل هناك خصوصية لحمام مكة والمدينة؟
الجواب
الحمد لله
ليست هناك خصوصية لحمام مكة ولا حمام المدينة، سوى أنه لا يصاد ولا ينفر مادام في حدود الحرم؛ لعموم حديث: «إن الله حرم مكة، فلم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها» رواه البخاري (1349)، وقوله صلى الله عليه وسلم : « إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لا بتيها، لا يقطع عضاها، ولا يصاد صيدها»
رواه مسلم (1360).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتاوى اللجنة 11/199)
*عبدالرحمن*
2018-04-30, 05:41
هل القردة والخنازير الموجودة الآن بشر مسخوا
السؤال
هل لك أن تخبرني عن القردة .
هل هي عبارة عن بشر مسخوا إلى حيوانات لمعصيتهم أوامر الله ؟
إذا كان الأمر كذلك : فمن هم هؤلاء الأقوام ؟.
الجواب
الحمد لله
المسخ هو تغيير الصورة الظاهرة للإنسان ، وقد أخبرنا الله تعالى في أكثر من موضع من القرآن أنه مسخ بعض بني إسرائيل إلى قردة عقوبة لهم على معصيتهم لله تعالى . فقال تعالى مخاطبا بني إسرائيل : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) البقرة/65-66 . وذكر الله تعالى قصتهم بشيء من التفصيل في سورة الأعراف
فقال : ( وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) الأعراف/163-166 .
وقال تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل) المائدة/59-60 .
وهذا المسخ هو عقوبة من الله تعالى لهم على ارتكابهم ما حرم الله عليهم ، وهذه العقوبة ليست خاصة ببني إسرائيل ، بل أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن تقوم الساعة حتى يقع في هذه الأمة مسخ ، وتوعد بذلك الذين يكذبون بالقدر ، والذين يشربون الخمر ويستمعون الغناء - أعاذنا الله من ذلك - .
روى ابن ماجه (4059) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ) .
صحيح ابن ماجه (3280) .
والخسف هو الذهاب في الأرض بأن تنشق الأرض وتبتلع شخصا أو بيتاً أو بلدة ، كما خسف اللهُ تعالى بقارون وبداره الأرض ، قال الله عز وجل : ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ ) القصص/81 .
والقذف هو الرمي بالحجارة ، كما فعل الله تعالى بقوم لوط ، قال الله جل وعلا : ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ) الحجر/74 .
وروى الترمذي (2152) عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( يَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ أَوْ مَسْخٌ أَوْ قَذْفٌ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ- يعني المكذبين به -) .
صحيح الترمذي (1748) .
وروى الترمذي (2212) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ )
. صحيح الترمذي (1801) . والقينات هن المعنيات .
فهذه الأحاديث دليل على وقوع المسخ في هذه الأمة ، عقوبةً على بعض المعاصي . فليحذر المسلم من الإقدام على ما حرم الله ، فالويل ثم الويل لمن يثير غضب الله وسخطه وانتقامه . – عافانا الله جميعاً من أساب عقوبته – .
ولكن هذه القردة والخنازيز الموجودة الآن ليست مما مُسخ من الأمم السابقة ، وذلك لأن الله تعالى لم يجعل لممسوخ نسلاً ، بل يهلكه الله تعالى بعد مسخه ولا يكون له نسل .
روى مسلم (2663) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ هِيَ مِمَّا مُسِخَ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَجْعَلْ لِمَسْخٍ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا، وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ ) والعقب : الذرية . قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنَّ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير كَانُوا قَبْل ذَلِكَ ) أَيْ : قَبْل مَسْخ بَنِي إِسْرَائِيل , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْخ اهـ .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-04-30, 05:44
هل لإبليس ذرية
السؤال
هل لإبليس ذرية ؟
وإن كانت له ذرية فهل كان بطريق التزاوج ، وهل له زوجة ؟.
الجواب
الحمد لله
قال الشيخ الشنقيطي في تفسير قوله تعالى : ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني …) الكهف/50 :
وقوله في هذه الآية الكريمة : ( وذريته ) دليل على أن للشيطان ذرية ، فادعاء انه لا ذرية له مناقض لهذه الآية مناقضة صريحة كما ترى ، وكل ما ناقض صريح القرآن فهو باطل بلا شك ، ولكن طريقة وجود نسله هل هي عن تزاوج أو غيره ، لا دليل عليها من نص صريح ، والعلماء مختلفون فيها ، وقال الشعبي سألني رجل : هل لإبليس زوجة ؟ فقلت إن ذلك عرس لم أشهده ، ثم ذكرت قوله تعالى : ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) الكهف/50 ، فعلمت أنه لا تكون ذرية إلا من زوجة ، فقلت : نعم .
وما فهمه الشعبي من هذه الآية من أن الذرية تستلزم الزوجة روي مثله عن قتادة ، قال مجاهد : إن كيفية إيجاد النسل منه أنه أدخل فرجه في فرج نفسه فباض خمس بيضات ، قال : فهذا أصل ذريته . وقال بعض أهل العلم : إن الله تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكرا ، وفي اليسرى فرجا ، فهو ينكح هذا بهذا فيخرج له في كل يوم عشر بيضات ، يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة .
ولا يخفى أن هذه الأقوال ونحوها لا معول عليها لعدم اعتضادها بدليل من كتاب أو سنة ، فقد دلت الآية الكريمة على أن له ذرية ، أما كيفية ولادة هذه الذرية فلم يثبت فيه نقل صحيح ، ومثله لا يعرف بالرأي .
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية :
" قلت : الذي ثبت في هذا الباب من الصحيح ما ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن الإمام أبي بكر البرقاني أنه خرج في كتابه مسندا عن أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من رواية عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فبها باض الشيطان وفرخ . " وهذا يدل على أن للشيطان ذرية من صلبه .
قال مقيده عفا الله عنه : هذا الحديث إنما يدل أنه يبيض ويفرخ ، ولكن لا دلالة فيه على ذلك ، هل هي من أنثى هي زوجة له ، أو من غير ذلك . مع أن دلالة الحديث على ما ذكرنا لا تخلو من احتمال ، لأنه يكثر في كلام العرب إطلاق باض وفرخ على سبيل المثل ، فيحتمل معنى باض وفرخ أنه فعل بها ما شاء من إضلال وإغواء ووسوسة ونحو ذلك على سبيل المثل ، لأن الأمثال لا تغير ألفاظها .
" أضواء البيان " ( 4 / 133 – 135 ) .
*عبدالرحمن*
2018-04-30, 05:46
السؤال
ما هي الحكمة من خلق الله تعالى عيسى بن مريم من دون أب ؟.
الجواب
الحمد لله
قال الشيخ الشنقيطي :
" … أن من حكم خلقه عيسى من امرأة بغير زوج ليجعل ذلك آية للناس أي علامة دالة على كمال قدرته وأنه يخلق ما يشاء كيف يشاء ، إن شاء خلقه من أنثى بدون ذكر كما فعل بعيسى وإن شاء خلقه من ذكر بدون أنثى كما فعل بحواء كما نص على ذلك بقوله : ( وخلق منها زوجها ) النساء/1
أي خلق من تلك النفس التي هي آدم زوجها حواء ، وإن شاء خلقه بدون الذكر والأنثى معا كما فعل بآدم ، وإن شاء خلقه من ذكر وأنثى كما فعل بسائر بني آدم .
" أضواء البيان " ( 4 / 259 ) .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-05-14, 15:18
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
السؤال
هل صحيح أن الله خلق الكون في 6 أيام ؟.
الجواب
الحمد لله
نعم خلق الله السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما في ستة أيام كما قال تعالى : ( ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسّنا من لغوب ) يعني تعب ، وفي هذا دليل على بطلان قول اليهود عليهم لعائن الله من أنه تعالى تعب لما خلق السموات والأرض في ستة أيام فاستراح يوم السبت تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا .
وقد ورد في القرآن الكريم مزيد من التفصيل فقال سبحانه وتعالى : ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين ، وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ، ثم استوى إلى السما
\
وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين ، فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً ذلك تقدير العزيز العليم ) فصلت /12
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-05-14, 15:20
السؤال
هل لك أن تخبرني عن بداية خلق الإنسان ؟.
الجواب
الحمد لله
خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته .
وقد خلق الله آدم من تراب كما قال سبحانه : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال كن فيكون ) آل عمران/59 .
ولما أتم الله خلق آدم أمر الملائكة بالسجود له فسجدوا إلا إبليس فقد كان حاضراً ولكنه أبى واستكبر عن السجود لآدم : ( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ، فسجد الملائكة كلهم أجمعون ، إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين ) ص/71-74 .
ثم أخبر الله الملائكة بأنه سيجعل آدم خليفة في الأرض بقوله : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) البقرة/30 .
وعلم آدم جميع الأسماء : ( وعلم آدم الأسماء كلها ) البقرة/31 .
ولما امتنع إبليس من السجود لآدم طرده الله ولعنه : ( قال فاخرج منها فإنك رجيم ، وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين ) ص/77-78 .
ولما علم إبليس بمصيره سأل الله أن ينظره إلى يوم البعث : ( قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ، قال فإنك من المنظرين ، إلى يوم الوقت المعلوم ) ص/79-81 .
ولما أعطاه الله ذلك أعلن الحرب على آدم وذريته يزين لهم المعاصي ويغريهم بالفواحش : ( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين ، إلا عبادك منهم المخلصين ) ص/82-83 .
وقد خلق الله آدم , وخلق منه زوجته وجعل من نسلهما الرجال والنساء كما قال سبحانه : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ) النساء/1 .
ثم أسكن الله آدم وزوجه الجنة امتحاناً لهما فأمرهما بالأكل من ثمار الجنة ونهاهما عن شجرة واحدة : ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) البقرة/35 .
وقد حذر الله آدم وزوجه من الشيطان بقوله : ( يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) طه/117 .
ثم إن الشيطان وسوس إلى آدم وزوجه وأغراهما بالأكل من الشجرة المنهي عنها فنسي آدم وضعفت نفسه فعصى ربه وأكلا من الشجرة : ( فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ، فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ) طه/120-121 .
فناداهما ربهما وقال : ( ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ) الأعراف/22 .
ولما أكلا من الشجرة ندما على فعلهما وقالا : ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) الأعراف/23 .
وقد كانت معصية آدم عن شهوة لا عن استكبار , لذا أرشده الله إلى التوبة وقبلها منه : ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ) البقرة/37 .
فكانت هذه سنة جارية لآدم وذريته من عصى ثم تاب صادقاً تاب الله عليه : ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ) الشورى/25 .
ثم أهبط الله آدم وزوجته وإبليس إلى الأرض وأنزل عليهم الوحي وأرسل إليهم الرسل فمن آمن دخل الجنة ومن كفر دخل النار : ( قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليم ولا هم يحزنون ، والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) البقرة/38-39 .
ولما أهبط الله الجميع إلى الأرض بدأ الصراع بين الإيمان والكفر بين الحق والباطل بين الخير والشر وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها : ( قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ) الأعراف/24 .
والله على كل شيء قدير خلق آدم بلا أب ولا أم وخلق حواء من أب بلا أم وخلق عيسى من أم بلا أب وخلقنا من أب وأم .
وقد خلق الله آدم من تراب ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين كما قال سبحانه : ( الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون ) السجدة/7-9 .
وكيفية خلق الإنسان في الرحم والمراحل التي يمر بها , في غاية الإعجاز وقد ذكرها الله بقوله : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون/12-14 .
والله وحده يخلق ما يشاء ويعلم ما في الأرحام ويقدر الأرزاق والآجال : ( لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير ) الشورى/49-50 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكاً يقول يا رب نطفة , يا رب علقة , يا رب مضغة فإذا أراد أن يقضي خلقه : أذّكر أم أنثى ؟ أشقي أم سعيد ؟ فما الرزق والأجل ؟ فيكتب في بطن أمه ) رواه البخاري/318 .
وقد أكرم الله بني آدم فسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض : ( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ) لقمان/20 .
وميز الله الإنسان وأكرمه بالعقل الذي يعرف به ربه , وخالقه ورازقه ويعرف به الخير والشر وما ينفع وما يضر وما يحل وما يحرم .
وما كان الله ليخلق الإنسان ويتركه هملاً بلا منهاج يسير عليه بل أنزل الله الكتب وأرسل الرسل لهداية لبشرية إلى الصراط المستقيم .
وقد فطر الله الناس على التوحيد وكلما انحرفوا عنه بعث الله نبياً يردهم إلى الصراط المستقيم أولهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم : ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ) البقرة/213 .
وجميع الرسل يدعون إلى حقيقة واحدة هي عبادة الله وحده والكفر بما سواه : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) النحل/36 .
والدين الذي بعث الله به الأنبياء والرسل واحد هو الإسلام : ( إن الدين عند الله الإسلام ) آل عمران/19 .
وقد ختم الله الكتب السماوية بالقرآن العظيم مصدقاً لما قبله من الكتب وهداية للناس كافة : ( كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) إبراهيم/1 .
وختم الله الأنبياء والرسل بمحمد صلى الله عليه وسلم : ( ما كان محمداً أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) الأحزاب/40 .
وأرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ) الأعراف/158 .
فالقرآن الكريم آخر الكتب السماوية وأعظمها ومحمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والرسل وأفضلهم .
وقد نسخ الله جميع الكتب السماوية بالقرآن فمن لم يتبع القرآن ويدخل في الإسلام , ويؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم ويتبعه فلن يقبل منه عمله : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران/85 .
والدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم مؤكد لما جاء به الأنبياء , قبله في أصول الدين ومكارم الأخلاق كما قال سبحانه : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) الشورى/13 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري .
*عبدالرحمن*
2018-05-14, 15:23
من هو أول المخلوقات
السؤال
كيف يمكن الجمع بين الأحاديث الآتية : ( كان الله ولم يك شيء قبله , وكان عرشه على الماء وكتب بيده كل شيء ثم خلق السموات والأرض ). وحديث : ( أول ما خلق الله القلم). فظاهر هذه الأحاديث متعارض في أي المخلوقات أسبق في الخلق , وكذلك ما جاء أن أول المخلوقات هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟.
الجواب
الحمد لله
هذه الأحاديث متفقة مؤتلفة وليست بمختلفة , فأول ما خلق الله من الأشياء المعلومة لنا هو العرش واستوى عليه بعد خلق السموات , كما قال - تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) هود/7.
وأما بالنسبة للقلم فليس في الحديث دليل على أن القلم أول شيء خلق , بل معنى الحديث أنه في حين خلق القلم أمره الله بالكتابة فكتب مقادير كل شيء .
وأما محمد صلى الله عليه وسلم فهو كغيره من البشر , خلق من ماء أبيه عبد الله بن عبد المطلب ولم يتميز على البشر من حيث الخلقة , كما قال عن نفسه : (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون) . فهو عليه الصلاة والسلام يجزع , ويعطش ويبرد ويصيبه الحر, ويمرض ويموت فكل شيء يعتري البشرية من حيث الطبيعة البشرية فإنه يعتريه , لكنه يتميز بأنه يوحى إليه وأنه أهل للرسالة كما قال تعالى : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) الأنعام/124
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 62-63 .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-10-17, 17:37
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
أخبار الأشجار
السؤال :
هل يمكن أن تعطيني أدلةً من القرآن و السنة على ما يلي:
شجرة طوبى - شجرة الخلد - شجرة المعرفة - الشجرة العظيمة - أطول شجرة في الجنة (السماء). جزاك الله خيراً..
هذه الأشجار مذكورة عند المسلمين، و أنا أبحث عن مدى صدق ذلك.
الجواب:
الحمد لله
لقد ورد في القرآن والسنّة ذكر لأشجار عديدة فيما يلي عرض لبعضها :
شجرة النخلة
وهي الشجرة الطيبة التي ضرب الله بها المثل لكلمة التوحيد عندما تستقر في القلب الصّادق فتثمر الأعمال المقويّة للإيمان
قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ(24) سورة إبراهيم
وهي الشجرة التي ضربها الله مثلا للمؤمن في عموم نفعها وبقائها وتنوّع فائدتها كما جاء عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي
مَا هِيَ قَالَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هِيَ النَّخْلَةُ البخاري 60
شجرة الزيتون المباركة التي ضرب الله بها المثل في صفاء زيتها
اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ
وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(35) سورة النور
وقال تعالى في سورة المؤمنون
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ(20)
وعَنْ أَبِي أَسِيدٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ رواه الترمذي 1775 وهو في صحيح الجامع
الشجرة التي أنبتها الله ليونس عليه السلام غذاء وعلاجا
كما في قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ . إِلَى قَوْلِهِ : فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ(142)فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ(143)لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(144)فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ(145)وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ(146) سورة الصافات
قال المفسّرون : اليَقْطِين هو القرع ، وذكر بعضهم في القرع فوائد منها : سرعة نباته ، وتظليل ورقه لكبره ونعومته ، وأنه لا يقربها الذباب
وجودة تغذية ثمره ، وأنه يؤكل نيئا ومطبوخا وقشره أيضا وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب الدباء ويتتبعه من نواحي الصحفة . تفسير ابن كثير
الشجرة العظيمة في السماء التي رأى نبينا محمد أباه إبراهيم عليهما السلام
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ عن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قصة الرؤيا قال :
" .. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنْ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ وَأَدْخَلانِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا
فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ قُلْتُ طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ قَالا نَعَمْ ..
وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلام وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلادُ النَّاسِ .. " بخاري 1270
شجرة سدرة المنتهى التي رأى النبي صلى الله عليه وسلم عندها جبريل لما عرج به إلى السماء
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى(13)عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى(14)عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى(15)إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى(16)مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى(17)لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى(18) سورة النجم
وجاء في تفسير قوله تعالى ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) في حديث أبي ذر عند الإمام البخاري " فغشيها ألوان لا أدري ما هي ..
وفي حديث أبي سعيد وابن عباس : يغشاها الملائكة ، وفي رواية مسلم " فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت , فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها ".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج المشهور لما عرج به جبريل إلى السماء ينفذ به من سماء إلى سماء بأمر الله عزّ وجلّ حتى دخل السماء السابعة قال :
ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ قَالَ هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى .. " رواه البخاري 3598
وسبب تسميتها سدرة المنتهى كما جاء في حديث ابن مسعود في صحيح الإمام مسلم : " وإليها ينتهي ما يعرج من الأرض فيقبض منها , وإليها ينتهي ما يهبط فيقبض منها "
وقال النووي سميت سدرة المنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها , ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهي الشجرة التي ينتهي إليها علم كل نبي مرسل وكل ملك مقرب ، وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله أو من أعلمه , وقيل إليها منتهى أرواح الشهداء .
وقوله : ( فإذا نبقها ) النبق معروف وهو ثمر السدر . . وقوله : ( مثل قِلال هَجَر ) قال الخطابي : القلال بالكسر جمع قُلَّة .. هي الجِرار , يريد أن ثمرها في الكبر مثل القلال , وكانت معروفة عند المخاطبين فلذلك وقع التمثيل بها , .
. وقوله : " هجر " اسم بلدة . وقوله : ( وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ) أي ورقها في الضّخامة مثل آذان الفيلة .
*عبدالرحمن*
2018-10-17, 17:38
شجرة طوبى في الجنة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لا يَقْطَعُهَا وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ رواه البخاري 4502
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها " رواه ابن حبان وهو في صحيح الجامع 3918
وعن عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ قال : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ الْحَوْضِ وَذَكَرَ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ الأَعْرَابِيُّ فِيهَا فَاكِهَةٌ قَالَ نَعَمْ وَفِيهَا شَجَرَةٌ تُدْعَى طُوبَى .
. قَالَ أَيُّ شَجَرِ أَرْضِنَا تُشْبِهُ قَالَ لَيْسَتْ تُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ شَجَرِ أَرْضِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَيْتَ الشَّامَ فَقَالَ لا قَالَ تُشْبِهُ شَجَرَةً بِالشَّامِ تُدْعَى الْجَوْزَةُ تَنْبُتُ
عَلَى سَاقٍ وَاحِدٍ وَيَنْفَرِشُ أَعْلاهَا قَالَ مَا عِظَمُ أَصْلِهَا قَالَ لَوْ ارْتَحَلَتْ جَذَعَةٌ مِنْ إِبِلِ أَهْلِكَ مَا أَحَاطَتْ بِأَصْلِهَا حَتَّى تَنْكَسِرَ تَرْقُوَتُهَا هَرَمًا قَالَ فِيهَا عِنَبٌ قَالَ نَعَمْ
قَالَ فَمَا عِظَمُ الْعُنْقُودِ قَالَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْغُرَابِ الأَبْقَعِ وَلا يَعْثُرُ قَالَ فَمَا عِظَمُ الْحَبَّةِ قَالَ هَلْ ذَبَحَ أَبُوكَ تَيْسًا مِنْ غَنَمِهِ قَطُّ عَظِيمًا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَسَلَخَ إِهَابَهُ فَأَعْطَاهُ أُمَّكَ قَالَ اتَّخِذِي لَنَا مِنْهُ دَلْوً
ا قَالَ نَعَمْ قَالَ الأَعْرَابِيُّ فَإِنَّ تِلْكَ الْحَبَّةَ لَتُشْبِعُنِي وَأَهْلَ بَيْتِي قَالَ نَعَمْ وَعَامَّةَ عَشِيرَتِكَ رواه الإمام أحمد
شجرة الزّقوم وهي من طعام أهل النار
وهي التي قَالَ الله فيها ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) والتي قَالَ فيها أيضا
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ(51)لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ(52)فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ(53)فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ(54)فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ(55)هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ(56) سورة الواقعة
وقال تعالى : ( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ(43)طَعَامُ الأَثِيمِ(44)كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ(45)كَغَلْيِ الْحَمِيمِ(46)خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ(47)ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ(48)ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ(49)إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ(50) سورة الدخان
وقال تعالى : (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ(62)إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ(63)إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ(64)طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ(65)فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ(66)ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ(67)ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ(68) سورة الصافات
الشجرة التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها أصحابه على الموت وعدم الفرار
كما وقع في غزوة الحديبية لما بلغه خيانة المشركين ، وهي الشجرة المذكورة في قوله تعالى : (َلقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) . سورة الفتح
الشجرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب عندها
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الأَنْصَارِ أَوْ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا قَالَ إِنْ شِئْتُمْ فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا فَلَمَّا
كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَصَاحَتْ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ قَالَ كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ الذِّكْرِ عِنْدَهَا البخاري 3319
الشجرة التي كلم الله عندها موسى عليه السلام وبعثه نبياً
قال تعالى : (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا موسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(30) سورة القصص
الشجرة التي نهى الله الأبوين عن الأكل منها
قال الله تعالى : ( وَيَا ءَادَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ(19) سورة الأعراف
وقال تعالى : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى(120) سورة طه
وقال عزّ وجلّ : ( فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ(22) سورة الأعراف
شجرة الأَرْز التي ضرب الله بها مثل الكافر
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ لا تَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ وَلا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلاءُ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الأَرْزِ لا تَهْتَزُّ حَتَّى تَسْتَحْصِدَ رواه مسلم 5024
وفي رواية : ( ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة على أصلها لا يفيئها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة ). وقوله صلى الله عليه وسلم ( الأرزة )
فقال أهل اللغة والغريب : شجر معروف يقال له : الأرزن يشبه شجر الصنوبر , بفتح الصاد يكون بالشام وبلاد الأرمن وقوله صلى الله عليه وسلم ( تستحصد ) أي : لا تتغير حتى تنقلع مرة واحدة كالزرع الذي انتهى يبسه .
وأما ( المجذبة ) فهي الثابتة المنتصبة ، والانجعاف : الانقلاع .
قال العلماء : معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله , وذلك مكفر لسيئاته , ورافع لدرجاته , وأما الكافر فقليلها , وإن وقع به شيء لم يكفر شيئا من سيئاته , بل يأتي بها يوم القيامة كاملة .
مسلم بشرح النووي
الشجرة في الرؤيا الصالحة التي تكلمت بما يُقال في سجود التلاوة
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُنِي اللَّيْلَةَ وَأَنَا نَائِمٌ كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ فَسَجَدْتُ فَسَجَدَتْ الشَّجَرَةُ لِسُجُودِي فَسَمِعْتُهَا
وَهِيَ تَقُولُ اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ .. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَةً ثُمَّ سَجَدَ
قَالَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ مِثْلَ مَا أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ عَنْ قَوْلِ الشَّجَرَةِ رواه الترمذي 528
الشجرتان اللتان التأمتا على النبي صلى الله على النبي صلى الله عليه وسلم لستره عند قضاء حاجته
وقد جاء خبر ذلك في قصة صحيحة رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال : .. نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ
فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِي فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا
فَقَالَ انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ حَتَّى
إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ مِمَّا بَيْنَهُمَا لأَمَ بَيْنَهُمَا يَعْنِي جَمَعَهُمَا فَقَالَ الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالْتَأَمَتَا قَالَ جَابِرٌ فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِي
فَيَبْتَعِدَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ فَيَتَبَعَّدَ فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلاً وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدْ افْتَرَقَتَا فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ .. صحيح مسلم 5328
الأشجار ذات الثمار خبيثة الرائحة التي نُهي المسلمون عن قربان المساجد إذا أكلوها
عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ قَالَ أَوَّلَ يَوْمٍ الثُّومِ ثُمَّ قَالَ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ فَلا يَقْرَبْنَا فِي مَسَاجِدِنَا فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الإِنْسُ النسائي 700
الشجر الذي يكشف اليهود للمسلمين ليقتلوهم في الملحمة الكبرى في آخر الزمان إلا شجر الغرقد
وَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلَهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ وَرَاءَ الْحَجَرِ أَوْ الشَّجَرَةِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ
هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ " رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح
كانت تلك طائفة من أخبار الأشجار في الكتاب والسنة فيها عبر وعظات وأمثال نسأل الله أن ينفعنا بها وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-10-17, 17:41
هل عُثر على سفينة نوح
السؤال :
سمعت أن سفينة نوح قد عُثر عليها منذ سنين قليلة مضت بالرجوع إلى القرآن و معارضة للإنجيل، هل هذا صحيح؟
الجواب:
الحمد لله
قال الله تعالى : ( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ(9)فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ(10)فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ(11)وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ(12)وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ
وَدُسُرٍ(13)تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ(14)وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ(15)فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ(16) سورة القمر
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) :
يريد هذه الفعلة عبرة . وقيل : أراد السفينة تركها آية لمن بعد قوم نوح يعتبرون بها فلا يكذبون الرسل. قال قتادة : أبقاها الله بباقردى من أرض الجزيرة ( مكان في بلاد العراق ) عبرة وآية
, حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة , وكم من سفينة كانت بعدها فصارت رمادا .
والظاهر أنّ المراد بذلك جنس السفن كقوله تعالى : ( وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ(41)وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ(42) سورة يس
وقال : ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ(11)لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ(12) سورة الحاقة ، ولهذا قال هاهنا فهل من مدّكر أي : فهل من يتذكّر ويتعّظ . انتهى
فاشتمل كلام ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى ( ولقد تركناها ) على ثلاثة أقوال :
الأول : أن يكون المراد تركنا هذه القصة عبرة لمن بعدهم .
الثاني : أن يكون المراد تركنا سفينة نوح لتراها الأمم من بعده فيعتبرون ويتعظون بإنجاء الله للمؤمنين وإهلاك الكافرين .
الثالث : أن يكون المراد تركنا جنس السفن في الأرض وعلّمناه للإنسان ليعتبر بنعمة الله عليه وكيف أبقى ذريّة نوح بعد إنجائه والمؤمنين بمثل هذه السفن الموجودة المعروفة .
وعلى كل حال فليس مما يُخالف الشّرع أو العقل أن يتمّ العثور على سفينة نوح وأن تراها أجيال من البشرية بعد نوح لتكون لهم آية وعبرة ولكن القضيّة في كيفية إثبات أن هذه السّفينة التي عُثِر عليها هي سفينة نوح
فإنّه ليس كلّ من يجد سفينة قديمة ويدّعي أنّها سفينة نوح تُصدّق دعواه
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-10-17, 17:47
معنى حديث الأرواح جنود مجندة
السؤال:
أنا مسلمة جديدة وصفحتي على الإنترنت هي ……… وجدت الحديث المذكور في الأسفل وسألت الأستاذة عنه وسأسرد لك ردها ، انزعجت كثيرا من الرد ومعنى الحديث
فهل يمكن أن تخبرني اكثر عن هذا الموضوع وهل هناك أي أحاديث أخرى تؤكد معنى هذا الحديث ؟ جزاك الله خيرا.
الحديث في صحيح مسلم برقم 6376
( الأرواح جنود مجندة ما تعرف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف )
روى أبو هريرة
الحديث لم يقل "أن الناس كانوا أحياء قبل أن يولدوا" فقط قال الأرواح في الجنة. هذه الجنة ليست الجنة التي يذهب إليها المسلمون في الآخرة وإنما مكان آخر لا نعرف أين هو ، هي في اللوح المحفوظ والله وحده يعلم أين.
بمعنى بسيط هذا المكان مثل البنك حيث يخلق الله الأرواح من مكانه.
فإذا حملت المرأة وحين ينفخ الله الروح في الجنين داخل الرحم ، يُعطى الجنين إما روح خبيثة أو روح طيبة
فإذا أُعطي روحا طيبة كان شخصا طيبا وإذا أُعطي روحا خبيثة كان شخصا خبيثا ومع هذا فإن هذا الشخص يستطيع أن يغير القضاء حسب أعماله وهنا يلعب الدعاء دورا مهما. الدعاء والنية
الجواب
الحمد لله
روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه معلقا مجزوما به عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ . "
صحيح البخاري : كتاب أحاديث الأنبياء : باب الأرواح جنود مجندة .
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث : .
. قوله : ( الأرواح جنود مجندة إلخ ) قال الخطابي : يحتمل أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد ,
وأن الخيِّر من الناس يحن إلى شكله والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر , فإذا اتفقت تعارفت , وإذا اختلفت تناكرت .
ويحتمل أن يراد الإخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام , وكانت تلتقي فتتشاءم , فلما حلت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم .
وقال غيره : المراد أن الأرواح أول ما خلقت خلقت على قسمين , ومعنى تقابلها أن الأجساد التي فيها الأرواح إذا التقت في الدنيا ائتلفت أو اختلفت على حسب ما خلقت عليه الأرواح في الدنيا إلى غير ذلك بالتعارف
. قلت : ولا يعكر عليه أن بعض المتنافرين ربما ائتلفا , لأنه محمول على مبدأ التلاقي , فإنه يتعلق بأصل الخلقة بغير سبب . وأما في ثاني الحال
فيكون مكتسبا لتجدد وصف يقتضي الألفة بعد النفرة كإيمان الكافر وإحسان المسيء . وقوله " جنود مجندة " أي أجناس مجنسة أو جموع مجمعة , قال ابن الجوزي : ويستفاد
من هذا الحديث أن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضي لذلك ليسعى في إزالته حتى يتخلص من الوصف المذموم , وكذلك القول في عكسه .
وقال القرطبي :
الأرواح وإن اتفقت في كونها أرواحا لكنها تتمايز بأمور مختلفة تتنوع بها , فتتشاكل أشخاص النوع الواحد وتتناسب بسبب ما اجتمعت فيه من المعنى الخاص لذلك النوع للمناسبة ,
ولذلك نشاهد أشخاص كل نوع تألف نوعها وتنفر من مخالفها . ثم إنا نجد بعض أشخاص النوع الواحد يتآلف وبعضها يتنافر , وذلك بحسب الأمور التي يحصل الاتفاق والانفراد بسببها .
ورويناه موصولا في مسند أبي يعلى وفيه قصة في أوله عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت " كانت امرأة مزاحة بمكة فنزلت على امرأة مثلها في المدينة ,
فبلغ ذلك عائشة فقالت : صدق حبي , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فذكر مثله . انتهى
والحديث قد رواه مسلم رحمه الله في صحيحه 4773 وقال النووي رحمه الله في شرحه : قوله صلى الله عليه وسلم : ( الأرواح جنود مجندة , فما تعارف منها ائتلف ,
وما تناكر منها اختلف ) قال العلماء : معناه جموع مجتمعة , أو أنواع مختلفة . وأما تعارفها فهو لأمر جعلها الله عليه , وقيل : إنها موافقة صفاتها التي جعلها الله عليها , وتناسبها في شيمها .
وقيل : لأنها خلقت مجتمعة , ثم فرقت في أجسادها , فمن وافق بشيمه ألِفه , ومن باعده نافره وخالفه .
وقال الخطابي وغيره : تآلفها هو ما خلقها الله عليه من السعادة أو الشقاوة في المبتدأ ,
وكانت الأرواح قسمين متقابلين . فإذا تلاقت الأجساد في الدنيا ائتلفت واختلفت بحسب ما خلقت عليه , فيميل الأخيار إلى الأخيار , والأشرار إلى الأشرار .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-10-13, 13:27
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
مع موضوع جديد
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
sabrina1989
2019-10-13, 18:17
السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
ارجوكم اريد ان تدعولي يرزقني ربي بذرية الصالحة
ربي لا تذرني فردا وانت خير #الوارثين
saidar73
2019-10-14, 09:39
ربنا يرزقك الذرية الصالحة ويعمروا لك بيتك ان شاء الله
عليك بالدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء طبعا لا تنسى التصدق بنية الرزق الذى يشمل المال والبنون
تقبلى مرورى
abdoubooks
2019-10-18, 20:01
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn%3AANd9GcS5exuHCoaDZBfwEIJyH-dUmhjU6nEopWAnVCec3N513yBNXkGq
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir