المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البدعة وخطرها >> أصول الفقه


*عبدالرحمن*
2018-03-12, 02:21
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً[ الأحزاب الآية (70-71). أما بعد :-

فإن خير الكلام كلام الله تعالى وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وإن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة في دين الله ضلالة وكل ضلالة في النار

والبدعة : هي الإحداث في الدين .فعن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" . أخرجه البخاري برقم (2034) ، وأخرجه مسلم برقم (1718) .

وعنها أيضاً قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". أخرجه مسلم برقم (1718) .

قال النووي :

قوله : رد قال أهل العربية : الرد هنا بمعنى المردود ، ومعناه معتد بة ، وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات.وفي هذا الحديث دليل لمن يقول من الأصوليين أن النهي يقتضي الفساد

.اهـ. شرح النووي على صحيح مسلم (12/16) .

وذكر الشيخ الألباني رحمه الله تعالى القواعد والأسس التي تبنى عليها البدعة فقال:

إن البدعة المنصوص على ضلالها من الشارع هي :

أ - كل ما عارض السنة من الأقوال أو الأفعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهاد .

ب – كل أمر يتقرب إلى الله به، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ج – كل أمر لا يمكن أن يشرع إلا بنص أو توقيف، ولا نص عليه فهو بدعة إلا ما كان عن صحابي.

د – ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار .

هـ - ما نص على استحبابه بعض العلماء سيما المتأخرين منهم ولا دليل عليه .

و – كل عبادة لم تأت كيفتها إلا في حديث ضعيف أو موضوع .

ز - الغلو في العبادة .

ح – كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود مثل المكان أو الزمان أو صفة أو عدد .

اهـ. مختصر أحكام الجنائز (95-96) ، طبعة دار البر دبي

اخوة الاسلام

هناك بعض الأمور تقع من بعض الناس تخالف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لا يعلمون إنهّا تعَدّ من البدع ...

وكذلك تقع منهم بعض الشركيات وهم لا يعلمون أنها من الشرك فوجب التنبيه عليها ليكون القارئ الكريم على علم بها وليتجنبها .

ومن المواضيع السابقه

الفقه الإسلامي تعريفه وأصوله وفروعه

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2132684

الفقه وأصوله القسم المجمل

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2132996

التكليف

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2133485

واخيرا

اسالكم الدعاء بظهر الغيب

*عبدالرحمن*
2018-03-12, 02:24
حكم إغلاق الحجرة التي غسلت
فيها امراة ميتة أربعين ليلة ؟

السؤال :

ماحكم إغلاق الحجرة التي غسلت فيها أمراة ميتة أربعين ليلة ؟

الجواب :

الحمد لله

ليس لهذا الفعل أصل في السنة، ولا في أقوال الأئمة، ولا في عمل سلف الأمة، ولا فائدة ترجى من هذا الفعل ، ولا ندري ما الحامل لهم على هذه البدعة؟

وما يظهر لمثل ذلك وجه إلا تلاعب الشيطان بالناس ، وإغرائهم بالبدع .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ )

أخرجه البخاري (2697) ومسلم (1718) .

وقد غُسّلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة من الحجر ، ولم يأمر بإغلاق الحجرة ولا شيء من ذلك .

فعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته، فَقَالَ : (اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا ، أَوْ خَمْسًا ، أَوْ أَكْثَرَ مَنْ ذَلِكَ ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا ، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي) ، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ – أي : إزاره - فَقَالَ : (أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ)

رواه البخاري (1195) ومسلم (939) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-12, 02:28
لا أصل في السنة لصلاة ركعتين خلال قيام الليل
يقرأ فيها بسورة الإخلاص سبع مرات

السؤال :

في هذه الأيام الناس يشاركون حديثا حول صلاة السّنة الخاصّة التي يمكن تأديتها خلال قيام الليل ، تتكون من صلاة 2 ركعة . في كل ركعة ، بعد قراءة الفاتحة، عليك تلاوة سورة الإخلاص سبع مرات ، بعد الصلاة ، يجب أن تمتنع عن التحدث إلى أيّ شخصٍ ، ثم عليك أن تقول : أستغفر الله وأتوب إليه 70 مرة ، الذين يفعلون كما ذكر أعلاه ، يتمّ محو كلّ خطاياهم ، أيضاً يدعي الناس أن هذا الحديث هو عن ابن عباس ، فهل هذا له أيّ أساس ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

لا نعلم أصلا لما ذكرت من السنة الخاصة التي تصلى خلال قيام الليل ، ويقرأ فيها بسورة الإخلاص سبع مرات، ويترتب عليها ما ذكر من الأجر .

والأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما ثبت بدليل صحيح.

ثانيا:

لا يشرع ذكر خاص بين صلاة التراويح، أو القيام، وتخصيص ذلك بذكر معين ، كالاستغفار سبعين مرة: من البدع.

قال الشيخ محمد العبدري المشهور بابن الحاج رحمه الله في كتابه (المدخل) :

"فصل في الذِّكر بعد التسليمتين من صلاة التراويح :

وينبغي له - أي : الإمام - أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح ، ومن رفع أصواتهم بذلك ، والمشي على صوت واحد ؛ فإن ذلك كله من البدع ، وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتين من صلاة التراويح " الصلاة يرحمكم الله "

فإنه محدث أيضاً ، والحدث في الدين ممنوع ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم الخلفاء بعده ثم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك، فيسعنا ما وسعهم"

انتهى من " المدخل " ( 2 / 293).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-12, 02:47
هل كل من خالف السنَّة وقع في البدعة ؟
وتنبيهات على معنى الاتباع

السؤال:

لقد قرأت الكثير من الفتاوى المتعلقة بموضوع البدعة ، وخلصت منها إلى أن العبد يجب عليه أن يتابع النبي صلى الله عليه وسلم تمام المتابعة في عباداته ، وأنه لو خالف في شيء بسيط في هذه المتابعة فإنه يكون عندئذٍ قد أتى ببدعة ، فهل هذا صحيح ؟

. لكن هذا الكلام يوحي بأن معظم أفعالنا التعبدية يشوبها شيء من البدعة ، فعلى سبيل المثال : النبي صلى الله عليه وسلم أكّد على فضل الدعاء في صلاة الجماعة ، ثم يأتي أناس فيدعون بعد الصلاة

فهل يُقال إنهم أتوا ببدعة ؟

! فالعبادة عبادة وما اختلف إلا التوقيت ، أو لنقل على سبيل المثال : لو أن الشخص أحبّ أن يقرأ سورة الكهف يوم الاثنين أو الثلاثاء بدلاً من الجمعة فهل يُعتبر بهذا مبتدعاً ؟ وهل يُفهم أن المتابعة لا تقتصر على كيفية أداء الفعل بل حتى توقيته ، فإذا خالف الشخص هذا التوقيت - كما في المثالين - عُدّ مبتدعاً ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

صحيح أنه يجب على المسلم أن يكون متبعاً لنبيه صلى الله عليه وسلم فيما شرعه ، وأنه لا يحل له مخالفته ، ولا الابتداع في الدين ، للأدلة الدالة على وجوب الاتباع وتحريم الابتداع .

ولكن ينبغي أن يعلم أن مخالفة الاتباع تكون على وجهين :

الأول :

ابتداع عبادة لا أصل لها في الشرع ، كالتمسح بالقبور ، والاستغاثة بأهلها ، وهذه تسمى عند أهل العلم : البدعة الحقيقة ، وهي التي لم تشرع بأصلها ولا وصفها .

والثاني :

أن تكون العبادة مشروعة في أصلها ، وتقع المخالفة في تحديد زمانها أو مكانها أو عددها أو كيفيتها أو سببها ، وهذه تسمى البدعة الإضافية ، ولا تكون بدعة إلا إذا فعلت على سبيل الالتزام والتكرار ، فلو فعلت المرة أو المرتين دون التزام ، لم تكن بدعة ، كما لو قام الليل جماعة في ليلة من الليالي دون اعتقاد فضل معين لها .

ولهذا قال الشاطبي رحمه الله في بيان البدعة الإضافية : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ... ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما أشبه ذلك .

ومنها التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته "

انتهى من "الاعتصام" (1/ 37-39).

فالالتزام يعني المداومة والتكرار .

ثانيا :

الدعاء مشروع في الصلاة ، وعقبها ، على الراجح ، والممنوع هو الدعاء الجماعي .

ودليل مشروعية الدعاء بعد الصلاة ما يلي :

1- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة قال : ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت )

رواه أبو داود (1509) وصححه النووي في " المجموع "

وبين أنه لا يعارض ما ثبت من الدعاء بهذا الدعاء قبل السلام، فكان صلى الله عليه وسلم يقول هذا الدعاء في الموضعين،

انظر: " المجموع " (3/ 467) .

2- وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال :

" قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الدعاء أسمع؟ قال : ( جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات ) رواه الترمذي (3499) ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " .

ودبر الصوات يطلق على عقبها كما يطلق على آخرها ، ومن إطلاقه على ما بعد الصلاة : ما جاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة )

رواه أحمد (17453) وأبو داود (1523) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.

وأما الدعاء الجماعي فلم يرد ، ولهذا كان التزامه عقب الصلوات من البدع .

فالعبادة إذا ، لابد أن توافق الشرع في أمور ستة : الكم ، والكيف ، والزمان ، والمكان ، والسبب ، والجنس

*عبدالرحمن*
2018-03-12, 02:52
قال الشيخ الفقيه محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى :

أولا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( سببها ) فأي إنسان يتعبد لله بعبادة مبنية على سبب لم يثبت بالشرع فهي عبادة مردودة ، ليس عليها أمر الله ورسوله ، ومثال ذلك الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الذين يحتفلون بليلة السابع والعشرين من رجب يدّعون أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في تلك الليلة فهو غير موافق للشرع مردود .

1 - لأنه لم يثبت من الناحية التاريخية أن معراج الرسول صلى الله عليه وسلم كان ليلة السابع والعشرين ، وكتب الحديث بين أيدينا ليس فيها حرف واحد يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في ليلة السابع والعشرين من رجب ومعلوم أن هذا من باب الخبر الذي لا يثبت إلا بالأسانيد الصحيحة .

2 - وعلى تقدير ثبوته فهل من حقنا أن نحدث فيه عبادة أو نجعله عيدا ؟

أبدا . ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ورأى الأنصار لهم يومان يلعبون فيهما قال : ( إن الله أبدلكم بخير منهما ) وذكر لهم عيد الفطر وعيد الأضحى وهذا يدل على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم لأي عيد يحدث في الإسلام سوى الأعياد الإسلامية وهي ثلاثة : عيدان سنويان وهما عيد الفطر والأضحى وعيد أسبوعي وهو الجمعة . فعلى تقدير ثبوت أن الرسول صلى الله عليه وسلم عرج به ليلة السابع والعشرين من رجب - وهذا دونه خرط القتاد - لا يمكن أن نحدث فيه شيئا بدون إذن من الشارع .

وكما قلت لكم إن البدع أمرها عظيم وأثرها على القلوب سيئ حتى وإن كان الإنسان في تلك اللحظة يجد من قلبه رقة ولينا فإن الأمر سيكون بعد ذلك بالعكس قطعا لأن فرح القلب بالباطل لا يدوم بل يعقبه الألم والندم والحسرة وكل البدع فيها خطورة لأنها تتضمن القدح في الرسالة ، لأن مقتضى هذه البدعة أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتم الشريعة

مع أن الله سبحانه وتعالى يقول : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) . والغريب أن بعض المبتلين بهذه البدع تجدهم يحرصون غاية الحرص على تنفيذها ، مع أنهم متساهلون فيما هو أنفع وأصح وأجدى .

لذلك نقول إن الاحتفال ليلة سبع وعشرين على أنها الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم هذه بدعة ؛ لأنها بنيت على سبب لم يأت به الشرع .

ثانيا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( جنسها )

مثل أن يضحي الإنسان بفرس ، فلو ضحى الإنسان بفرس ، كان بذلك مخالفا للشريعة في جنسها . ( لأن الأضحية لا تكون إلا من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ) .

ثالثا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( قدرها ) لو أن أحدا من الناس قال إنه يصلي الظهر ستا ، فهل هذه العبادة تكون موافقة للشريعة ؟ كلا ؛ لأنها غير موافقة لها في القدر . ولو أن أحدا من الناس قال سبحان الله والحمد لله والله أكبر خمسا وثلاثين مرة دبر الصلاة المكتوبة فهل يصح ذلك ؟

فالجواب : إننا نقول إن قصدت التعبد لله تعالى بهذا العدد فأنت مخطئ ، وإن قصدت الزيادة على ما شرع الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنك تعتقد أن المشروع ثلاثة وثلاثون فالزيادة لا بأس بها هنا ، لأنك فصلتها عن التعبد بذلك .

رابعا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( كيفيتها )

لو أن الإنسان فعل العبادة بجنسها وقدْرها وسببها ، لكن خالف الشرع في كيفيتها ، فلا يصح ذلك . مثال ذلك : رجل أحدث حدثا أصغر ، وتوضأ لكنه غسل رجليه ثم مسح رأسه ، ثم غسل يديه ، ثم غسل وجهه ، فهل يصح وضوؤه ؟ كلا لأنه خالف الشرع في الكيفية .

خامسا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( زمانها )

مثل أن يصوم الإنسان رمضان في شعبان ، أو في شوال ، أو أن يصلي الظهر قبل الزوال ، أو بعد أن يصير ظل كل شيء مثله ؛ لأنه إن صلاها قبل الزوال صلاها قبل الوقت ، وإن صلى بعد أن يصير ظل كل شيء مثله ، صلاها بعد الوقت فلا تصح صلاته .

ولهذا نقول إذا ترك الإنسان الصلاة عمدا حتى خرج وقتها بدون عذر فإن صلاته لا تقبل منه حتى لو صلى ألف مرة . وهنا نأخذ قاعدة مهمة في هذا الباب وهي كل عبادة مؤقتة إذا أخرجها الإنسان عن وقتها بدون عذر فهي غير مقبولة بل مردودة .

ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .

سادسا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( مكانها )

فلو أن إنسانا وقف في يوم عرفة بمزدلفة ، لم يصح وقوفه ، لعدم موافقة العبادة للشرع في مكانها . وكذلك على سبيل المثال لو أن إنسانا اعتكف في منزله ، فلا يصح ذلك ؛ لأن مكان الاعتكاف هو المسجد

ولهذا لا يصح للمرأة أن تعتكف في بيتها ؛ لأن ذلك ليس مكانا للاعتكاف . والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى بعض زوجاته ضربن أخبية لهن في المسجد أمر بنقض الأخبية وإلغاء الاعتكاف ولم يرشدهن إلى أن يعتكفن في بيوتهن وهذا يدل على أنه ليس للمرأة اعتكاف في بيتها لمخالفة الشرع في المكان .


فهذه ستة أوصاف لا تتحقق المتابعة إلا باجتماعها في العبادة :

1- سببها .
2- جنسها .
3- قدرها .
4- كيفيتها .
5- زمانها .
6- مكانها .

انتهى .مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب العبادة.

*عبدالرحمن*
2018-03-12, 03:05
شبهة أن الاحتفال بيوم الأم ليس عيدا
وليس تشبها بالكافرين .

السؤال:

كيف نرد على من يقول بجواز عيد الأم ويستدل بالتالي: ما تصالح الناس على تسميته بـ (عيد الأم) يقومون بالتواصل مع أمهاتهم ، وتقديم الهدايا لهن فيه، ليس عيداً بالمفهوم الشرعي للعيد ، ولكنه يوم وفاء وتقدير للأمهات، حيث تعارف الناس في العالم كله على الاعتراف بجميل الأمهات ، وتكريم الأم بهذا اليوم بالمعنى السابق أمر تنظيمي عادي لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تؤكد على معاني الوفاء والامتنان والشكر للوالدين في كل وقت وزمان

قال الله تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) ، ونالت الأم الحظ الوافر من الأمر بحسن صحبتها والإحسان إليها، حيث قُدمت على الأب ، وكرر الأمر بالعناية بها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه ِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟

، قَالَ: ( أُمُّكَ ) ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟، قَالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ ) ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ ، قَالَ: ( ثُمَّ أُمُّكَ ) ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: ( ثُمَّ أَبُوكَ ) متفق عليه. وإن تكريم الأمهات في يوم الأم ليس من باب التشبه المحظور بل هو من الحكمة العامة و"الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها"، وخاصة في موضوع تحث الشريعة الإسلامية عليه ولا يتعارض معها، ولقد صام المسلمون (يوم عاشوراء) مع علمهم بصيام اليهود له، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ)، فنحن أحق بتكريم الأم من غيرنا ، أما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ). فالمقصود به النهي عن إتباع غيرنا من الأمم ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

المفهوم الشرعي للعيد: أنه "اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد، إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك، فالعيد يجمع أمورا:

منها: يوم عائد، كيوم الفطر ويوم الجمعة.

ومنها: اجتماع فيه.

ومنها: أعمال تجمع ذلك من العبادات ، أو العادات، وقد يختص العيد بمكان بعينه ، وقد يكون مطلقا، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدا" انتهى من " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص189) .
فيوم الأم، يعتبر عيدا، يعود بعود السنة ، ويحصل فيه الاجتماع، وتمارس فيه أعمال من العبادات والعادات، من البر والصلة وتقديم الهدايا ونحو ذلك ، فاجتمعت فيه خصائص العيد الثلاثة.

ثانيا:

العيد شريعة من الشرائع ، فإما أن تكون ثابتة، أو محدثة ، وهذا العيد لا أصل له في الإسلام ، ولو كان خيرا مشروعا لسبق إليه محمد صلى الله عليه وسلم ، لا سيما والنصوص في فضل البر بالأم كثيرة معلومة، منها ما ورد في السؤا ل، فلو كان من البر والتقدير والوفاء لها أن نجعل لها يوما في العام، لأرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو نبي البر والوفاء والإحسان، فلمّا لم يقل في ذلك كلمة، ولا فعله مرة، ولا نقل عن واحد من أصحابه، عُلم أنه بدعة محدثة.

ولو أنه صلى الله عليه وسلم احتفل به لكان عيدا مقبولا، ولو صامه كما صام عاشوراء لكان صياما مستحبا، فمن رام أن يجعله عيدا، أو أن يخصه بعبادة، فقد وقع في البدعة .

قال الشاطبي رحمه الله في بيان البدعة الإضافية: " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ...

ومنها التزام الكيفيات والهيآت المعينة، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا، وما أشبه ذلك.

ومنها التزام العبادات المعينة، في أوقات معينة، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان، وقيام ليلته "

انتهى من "الاعتصام" (1/ 37).

ثالثا:

التشبه بالكفار مذموم ممنوع ، وفيه من الوعيد الشديد قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (4031)، وصححه الألباني في" صحيح سنن أبي داود ".

وهذا العيد لم يعرف إلا من الأمم الكافرة، ولم يؤخذ إلا منها، بل إن أول ظهوره في الدول العربية كان اقتراحا من أحد الصحفيين ، شفعه بأن الأمم المتحضرة تفعله!

فينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)، فالاحتفال به اتباع لسَنن غيرنا من الأمم.
وقد " نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ ؟ ) ، قَالُوا : لَا ، قَالَ : ( هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ ؟ ) ، قَالُوا : لَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْفِ بِنَذْرِكَ ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ )

رواه أبو داود (3313) وصححه الألباني.

وفي هذا دلالة واضحة على لزوم تحري مخالفة أعياد الجاهلية، لاسيما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ : مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ ، وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ)

رواه البخاري (6882).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" فكل من أراد في الإسلام أن يعمل بشيء من سنن الجاهلية ، دخل في هذا الحديث .

والسنة الجاهلية : كل عادة كانوا عليها؛ فإن السنة هي العادة ، وهي الطريق التي تتكرر لتتسع لأنواع الناس مما يعدونه عبادة أو لا يعدونه عبادة ، فمن عمل بشيء من سننهم فقد اتبع سنة جاهلية"

انتهى من " اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص76) .

والتشبه بالكافرين محرم ، ولو لم يقصد الفاعل التشبه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

" التشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه ، وهو نادر .

ومن تبع غيره في فعل ، لغرض له في ذلك ، إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير.

فأما من فعل الشيء، واتفق أن الغير فعله أيضا، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبها نظر، لكن قد يُنهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه ، ولما فيه من المخالفة ، كما أمر بصبغ اللحى، وإحفاء الشوارب .

مع أن قوله صلى الله عليه وسلم: (غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود) دليل على أن التشبه بهم يحصل ، بغير قصد منا، ولا فعل ، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية"

انتهى من " اقتضاء الصراط المستقيم " (ص83) .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

" وليُعلم أن التشبه لا يكون بالقصد ، وإنما يكون بالصورة ؛ بمعنى أن الإنسان إذا فعل فعلاً يختص بالكفار ، وهو من ميزاتهم وخصائصهم ؛ فإنه يكون متشبهاً بهم ، سواء قصد بذلك التشبه أم لم يقصده .
وكثير من الناس يظن أن التشبه لا يكون تشبهاً إلا بالنية ، وهذا غلط؛ لأن المقصود هو الظاهر"

انتهى من " فتاوى نور على الدرب ".

رابعا:

قد نص جمع من أهل العلم على أن هذا الاحتفال بدعة محدثة ، وتشبه بالكافرين .

تابع الاجوبه التاليه

والحاصل :

أن الشبهة الواردة في السؤال شبهة ضعيفة مردودة ، تنطلق من الجهل بمعنى العيد، وأنه شريعة من الشرائع لابد من ثبوتها، ومن عدم معرفة المراد بالتشبه المذموم.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-12, 03:08
الاحتفال بالأعياد المبتدعة

السؤال

ما هو حكم الشرع في الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبعيد مولد الأطفال ، وعيد الأم ، وأسبوع الشجرة ؟.

الجواب

الحمد لله

أولا :

العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع أو نحو ذلك فالعيد يجمع أموراً منها : يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم الجمعة ، ومنها : الاجتماع في ذلك اليوم ، ومنها : الأعمال التي يقام بها في ذلك اليوم من عبادات وعادات .

ثانيا :

ما كان من ذلك مقصوداً به التنسك والتقرب أو التعظيم كسبا للأجر ، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " رواه البخاري ومسلم ، مثال ذلك الاحتفال بعيد المولد وعيد الأم والعيد الوطني لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله

وكما في ذلك التشبه بالنصارى ونحوهم من الكفرة ، ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار ، وما كان المقصود منه تنظيم الأعمال مثلاً لمصلحة الأمة وضبط أمورها ، وتنظيم مواعيد الدراسة والاجتماع بالموظفين للعمل ونحو ذلك مما لا يفضي به التقرب والعبادة والتعظيم بالأصالة ، فهو من البدع العادية التي لا يشملها قوله صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " فلا حرج فيه بل يكون مشروعاً .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

فتاوى اللجنة الدائمة 3/59.

*عبدالرحمن*
2018-03-12, 03:12
أمه ستغضب إن لم يحتفل بعيد الأم

السؤال

لدي صديق من أحد البلاد العربية وفي تلك البلد عيد الأم لديهم رسمي ، وهو يحتفل مع إخوته وأخواته من أجل أمهم ، وهو الآن يريد أن يقطع هذا الشيء ، ولكن أمه ستغضب منه لأنها تعودت على هذا الشيء وأصبح عادة عندهم في بلادهم ، وهو خائف أن تغضب منه أمه وتحمل عليه إلى أن تموت ولا ترضى ، حاول إقناعها بأن هذا حرام وبالحكمة ولكنها لم تقتنع للجو العام في بلدهم ، ماذا يفعل ؟ أفيدونا يرحمكم الله .

الجواب

الحمد لله

الاحتفال بعيد الأم من الأمور المحدثة التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم، وهو كذلك من التشبه بالكفار الذين أُمِرْنا بمخالفتهم، ولهذا لا يجوز الاحتفال به، ولا تطاع الأم في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ )

رواه البخاري (7257) ومسلم (1840) .

وليستمر في برها والإحسان إليها ، وإقناعها بأن هذا الاحتفال من البدع المحدثة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )

رواه مسلم (867) والنسائي (1578) وزاد : ( وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ) .

ثم إن الأم لها حق الاحترام والإكرام ، والبر والصلة ، طول العام ، فما معنى تخصيص إكرامها بيوم معين ؟!

ثم إن هذه البدعة لم تأت إلينا إلا من المجتمعات التي انتشر فيها العقوق ، ولم تجد فيه الأمهات والآباء من ملجأ غير دور الرعاية ، حيث البعد والقطيعة والألم ، فظنوا أن إكرامها في يومٍ يمحو إثمَ عقوقِها في بقية السنة !

أما نحن أمة الإسلام فقد أُمرنا بالبر والصلة ، ونهينا عن العقوق ، وأُعطيت الأم في ديننا ما لم تعطه في شريعة قط ، حتى كان حقها مقدما على حق الأب

كما روى البخاري (5514) ومسلم (4621) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ .

ولا ينقطع بِرُّ الأم حتى بعد وفاتها ، فهي مُكَرَّمَةٌ حال الحياة ، وحال الممات ، وذلك بالصلاة عليها والاستغفار لها ، وإنفاذ وصيتها ، وإكرام أهلها وأصدقائها .

فلنتمسك بهذا الدين العظيم ، ولنلتزم آدابه وأحكامه ، ففيه الهدى ، والكفاية ، والرحمة .

قال الشيخ علي محفوظ رحمه الله مبينا ما في هذا الاحتفال من مشابهة الكفار :

" وبيانا لخطورة الاحتفال بغير الأعياد الإسلامية : قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أقواما أو فئاما من أمته سيتبعون أهل الكتاب في بعض شعائرهم وعاداتهم ، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، شِبْرًا شِبْرًا ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ . قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ قَالَ : فَمَنْ ؟! )

أخرجه البخاري ومسلم . . . .

فحبُّ التقليد ، وإن كان موجوداً في النفوس ، إلا أنه ممقوت شرعا إذا كان المقلَّد يخالفنا في اعتقاده وفكره ، خاصة فيما يكون التقليد فيه عَقَدِيّاً أو تعبُّديا أو يكون شعارا أو عادة ، ولما ضعف المسلمون في هذا الزمان ؛ ازدادت تبعيتهم لأعدائهم ، وراجت كثير من المظاهر الغربية سواء كانت أنماطا استهلاكية أو تصرفات سلوكية . ومن هذه المظاهر الاهتمام بعيد الأم" انتهى.

وسئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن الاحتفال بعيد الأم فأجاب قائلا :

" إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدع حادثة ، لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح ، وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضا ، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى ، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام ؛ وهي عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، وعيد الأسبوع " يوم الجمعة "

وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة ، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها ، وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) . أي مردود عليه ، غير مقبول عند الله . وفي لفظ : (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .

وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الأم ، لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد ؛ كإظهار الفرح والسرور وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك .

والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه ، والذي ينبغي للمسلم أيضا ألا يكون إمَّعَةً يتبع كلَّ ناعق ، بل ينبغي أن يكون شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى ، حتى يكون متبوعا لا تابعا ، وحتى يكون أسوة لا متأسيا ، لأن شريعة الله - والحمد لله - كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) المائدة/3 .

والأم أحق من أن يحتفى بها يوما واحدا في السنة ، بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها ، وأن يعتنوا بها ، وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان " .

انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/301) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-03-14, 03:06
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

يسأل عن الدعاء بعد الصلاة والنفث
في جيب القميص ، هل هو من البدع ؟

السؤال :

سؤالي هو عن تصرف بعض المصلين (وخاصة بدول الهند والباكستان والبنغال) بعد انتهاء الصلاة وانتهاء الدعاء بنفخهم داخل ملابسهم ( بعد ان ينهي الشخص دعائه يقوم بتوجيه الرأس للأسفل وفتح القميص او البلوزة والنفخ داخل الجسم ! ثم القيام والخروج من المسجد) هل ورد هذا الشيء عن السلف من اين أتى وما دلالته هل هناك حديث أو رواية عن هذا

الجواب :

الحمد لله

أولا :

المشروع للمسلم عقب الصلاة أن يأتي بالأذكار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي تقال أدبار الصلوات ، فإذا فرغ منها ، فله أن يدعو إن شاء ، بما شاء .

ثانيا :

النفخ أو النفث على البدن مع قراءة شيء من القرآن هو صورة من صور الرقية الشرعية ، التي تدفع الشر قبل نزوله ، أو ترفعه بعد نزوله .

فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم نفث على يديه ومسح بهما جسده ، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات ، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها

قال معمر : فسألت الزهري كيف ينفث ؟ قال : كان ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه . رواه البخاري ( 5403 ) ومسلم ( 2192 ) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" يعالج السحر بالقرآن سواء قرأ المسحور على نفسه إذا كان عقله معه سليما ، أو قرأ غيره عليه فينفث عليه في صدره أو في أي عضو من أعضائه ، يقرأ عليه بالفاتحة وآية الكرسي وسورة الإخلاص ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) والمعوذتين ، وآيات السحر المعروفة من سورة الأعراف ، وسورة يونس ، وسورة طه "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز" (6/288) .


ثالثا :

لا ندري ما الذي يحمل هؤلاء المشار إليهم في السؤال على هذا الفعل ؟ فقد يكون من باب الرقية الشرعية ، فبعد أن يقرأ أحدهم آية الكرسي والمعوذات ينفث على بدنه ، وهذا من حيث الأصل جائز لا بأس به .

غير أن هذا المقام ، مقام انتهاء الصلاة : ليس مقام رقية راتبة ، إنما هو مقام الأذكار المشروعة عقب الصلاة ، كما سبق .
واعتياد هذا الفعل بعد أذكار الصلاة ، ولو على سبيل الرقية : يجعل هذا الفعل بدعة . خاصة إذا كان لم يكن هناك شخص معين ، يحتاج إلى الرقية الخاصة ، أو نزل به ما يدعو إلى ذلك .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسم يقول تلك الأذكار ، ويقرأ آية الكرسي والمعوذات ، ولم يكن يفعل شيئا من ذلك .

وخير الهدي : هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها .

فالحاصل .

. أن اعتياد هذا الفعل بدعة ، لكن لو فعله المسلم أحيانا ، أو كان ذلك لسبب ، كشخص مريض أو عرض له وسواس من الشيطان ففعل ذلك كنوع من الرقية فلا بأس بذلك .

والله أعلم

الشيخ محمد صالح المنجد.

*عبدالرحمن*
2018-03-14, 03:12
حكم استعمال خلفيات القلوب الحمراء في المواضيع الشرعية

السؤال :

ماهو حكم وضع خلفيات تصاميم للمواضيع الإسلامية ، علما بأن الخلفيات قد تكون مثل تلك الخلفيات ذات القلوب الحمراء التي توضع لكلام الحب والرومانسية ، فهل هذه الخلفيات تعتبر استخفافا بالإسلام ؟

وبعض المواضيع الإسلامية قد تحتوي على آيات قرانية ، فهل يجوز وضع خلفيات القلوب الحمراء للايات القرانية ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

رموز القلوب الحمراء، هي نوع من الخطاب وهي تعني الحب؛ لأن القلب هو محله، وهي ككلمة الحب سواء، فقد تعني الحب المباح والمستحب ، كحب الوالد لابنه والزوج لزوجته، وقد يكون المراد بها المحرم كعشق الرجل للأجنبية عنه.

وأما استعمال ذلك في مقام التعبير عن حب الله وملائكته وأنبيائه ورسله : فلا نرى ذلك ، وأقل ما يقال فيه : إنه مما ينبغي تركه ، والإعراض عنه .

فقد غلب استعمال هذه الأداة ونحوها : فيما يكون من عشق بين الرجل والمرأة ، أو فيما يقرب من ذلك من أمر النساء فيما بينهن ، ونحو ذلك .

وليس في المعتاد من أحوال الناس : أن يستعمل مثل هذا الرمز في تعبير الشخص لكبير له ، مثل رئيسه في العمل ، أو عالم كبير ، أو نحو ذلك . فضلا عن أن يستعمل ذلك في مقام الله جل جلاله ، أو نحوه من المقامات المحترمة المعظمة . فالظاهر أن استعمالها في مثل هذا المقام : نوع امتهان له ، وخروج عن مقام الأدب اللائق بخطاب الله وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم ، الذي ينبغي أن يختلف تعظيمه وتوقيره عن كل مقام سواه .

قال الله تعالى:

( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) الحج /30.

وقال الله تعالى:

( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج /32.

وقال تعالى :

( لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ) النور/62

وقال تعالى :

(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) الفتح/8-9

ويشبه ذلك : منع أهل العلم أن يطلق لفظ "العشق" في حق الله ورسوله .

وينظر حوله : "معجم المناهي اللفظية" للشيخ بكر أبو زيد ، رحمه الله .

وقد سُئلت " اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء" عن :

" سلاسل المفاتيح التي يتداولها بعض الناس، إحداها نحتت على شكل قلب، وهو رمز الحب، وكتب عليها: (أنا، ثم رسم قلب، الرسول) أي: أنا أحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الخلف كتب عليها: (يا حبيبي يا رسول الله) والأخرى دائرية تعلق على المدر، وكتب عليها نفس العبارة، كما نفيد سماحتكم أنه انتشر بين بعض النساء لبس قمص نسوية مكتوب على الجهة اليسرى منها فوق الثدي هذه العبارة أيضا، وقد جاءنا بها من يستفته في أمرها.

نأمل بعد التكرم بالاطلاع اتخاذ ما ترونه مناسبا، وإفادتنا بما ترونه حتى نتمكن من إجابة السائلين عن حكمها، وبث ذلك بين المستفيدين منه.

فأجابت اللجنة:

... أن فيه تشبها بأهل الفسق الذين يتخذون مثل هذه الرموز دلالة على حبهم وعشقهم المحرم لغيرهم، ويتفانون فيه من غير التفات لحكم الشريعة المطهرة فيه، كما أن الشكل المذكور يفهم منه أيضا: أن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم كحب غيره من المخلوقين، وهذا غلط كبير؛ لأن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة شرعا، ولا يتم الإيمان إلا بها، أما محبة غيره فقد تكون مشروعة، وقد تكون محرمة، وبناء على ما تقدم فإن كتابة العبارة المذكورة وبيعها وشرائها واستعمالها لا يجوز.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

بكر أبو زيد ، صالح الفوزان ، عبد الله بن غديان ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز "

انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (24 / 91 - 92).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-14, 03:19
حكم الصوم عند الكلام

السؤال :

أريد أن أعرف ما حكم الإمساك عن الكلام نهائيا لمدة محددة أو غير محددة ؟

أولا: بنية العبادة لله تعالى ، كما فعل نبي الله زكريا . ثانيا : إن كانت النية لتكفير ذنب ، مثل : الغيبة ، أو غيرها . ثالثا : لمجرد التحدي كلهو ، فهل هذا من اللهو المباح أم لا ؟

وهل هذا يعتبر من التنطع المنهى عنه ؟

وهل فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من الصحابة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الإمساك عن الكلام بنية العبادة : غير جائز ، لأنه لا يُتقرب إلى الله إلا بما شرعه ، ولم يُشرع لنا أن نتقرب إليه بالإمساك عن الكلام ؛ وهذا وحده كاف في اعتبار التقرب بذلك إلى الله بدعة ، لا تشرع ؛ فكيف إذا كان قد صح النهي عن ذلك صريحا ؟!

روى البخاري (6704) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ ، فَسَأَلَ عَنْهُ ، فَقَالُوا : أَبُو إِسْرَائِيلَ ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ ، وَلَا يَسْتَظِلَّ ، وَلَا يَتَكَلَّمَ ، وَيَصُومَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ، وَلْيَسْتَظِلَّ ، وَلْيَقْعُدْ ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ) .

قال ابن عبد البر رحمه الله في "التمهيد" (5/184) :

"وفيه دليل على أن السكوت عن ذكر الله : ليس من طاعة الله ...

وإنما الطاعة ما أمر الله به ورسوله" انتهى .

وقال الخطابي رحمه الله في "معالم السنن" (4/59) :

"قد تضمن نذره نوعين : من طاعة ، ومعصية ؛ فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بما كان منهما طاعة ، وهو الصوم ، وأن يترك ما ليس بطاعة ، من القيام في الشمس ، وترك الكلام ، وترك الاستظلال بالظل ، وذلك لأن هذه الأمور مشاق تتعب البدن وتؤذيه ، وليس في شيء منها قربة إلى الله سبحانه، وقد وضعت عن هذه الأمة الآصار والأغلال التي كانت على من قبلهم" انتهى.

وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "جامع العلوم والحكم " :

"والأعمال قسمان : عبادات ، ومعاملات .

فأما العبادات ، فما كان منها خارجاً عن حكم الله ورسوله بالكلية ، فهو مردود على عامله ، وعامله يدخل تحت قوله : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله) .

فمن تقرَّب إلى الله بعمل ، لم يجعله الله ورسولُه قربة إلى الله : فعمله باطلٌ مردودٌ عليه ، وهو شبيهٌ بحالِ الذين كانت صلاتُهم عندَ البيت مُكاء وتصدية .

وهذا كمن تقرَّب إلى الله تعالى بسماع الملاهي ، أو بالرَّقص، أو بكشف الرَّأس في غير الإحرام، وما أشبه ذلك من المحدثات التي لم يشرع الله ورسولُه التقرُّب بها بالكلية .

وليس ما كان قربة في عبادة ، يكونُ قربةً في غيرها مطلقاً ، فقد رأى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً قائماً في الشمس ، فسأل عنه ، فقيل : إنَّه نذر أنْ يقوم ولا يقعدَ ولا يستظلَّ وأنْ يصومَ ، فأمره النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَقعُدَ ويستظلَّ ، وأنْ يُتمَّ صومه . فلم يجعل قيامه وبروزه للشمس قربةً يُوفى بنذرهما ....

مع أنَّ القيام عبادةٌ في مواضعَ أُخَر ، كالصلاةِ والأذان والدعاء بعرفة ، والبروز للشمس قربةٌ للمحرِم .

فدلَّ على أنَّه ليس كلُّ ما كان قربة في موطنٍ يكون قربةً في كُلِّ المواطن ، وإنَّما يتبع في ذلك ما وردت به الشريعةُ في مواضعها" انتهى .

وروى أبو داود (2873) عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قال : حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ) .

جاء في "عون المعبود" :

"(وَلَا صُمَات يَوْم إِلَى اللَّيْل ) : وَهُوَ السُّكُوت ، وَفِيهِ النَّهْي عَمَّا كَانَ مِنْ أَفْعَال الْجَاهِلِيَّة ، وَهُوَ الصَّمْت عَنْ الْكَلَام ، فِي الِاعْتِكَاف وَغَيْره . قَالَهُ الْعَلْقَمِيّ" انتهى .

وقال المناوي رحمه الله في "فيض القدير" (6/575) :

"(ولا صمات يوم إلى الليل) أي لا عبرة به ، ولا فضيلة له ، وليس مشروعا عندنا ، كما شرع للأمم قبلنا ؛ فنهى عنه لما فيه من التشبه بالنصرانية " انتهى .

وقال الخطابي رحمه الله في "معالم السنن" (4/87) :

"وقوله : (لا صمات يوم إلى الليل ) وكان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات، وكان الواحد منهم يعتكف اليوم والليلة ، فيصمت ولا ينطق؛ فنهوا عن ذلك، وأمروا بالذكر والنطق بالخير" انتهى .

ويؤيد ما ذكره الخطابي رحمه الله ، من أن التعبد لله بالسكوت عن الكلام هو من فعل أهل الجاهلية ، ما رواه البخاري (3834) عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ ، فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ ، فَقَالَ : (مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ ؟ قَالُوا : حَجَّتْ مُصْمِتَةً . قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ) .

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" :

"وَقَالَ اِبْن الرِّفْعَة فِي قَوْل الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق فِي " التَّنْبِيه " : وَيُكْرَه لَهُ صَمْت يَوْم إِلَى اللَّيْل ، قَالَ فِي شَرْحه : إِذْ لَمْ يُؤْثِر ذَلِكَ ، بَلْ جَاءَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس : النَّهْي عَنْهُ .

ثُمَّ قَالَ : نَعَمْ ، قَدْ وَرَدَ فِي شَرْع مَنْ قَبْلنَا ، فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ شَرْع لَنَا، لَمْ يُكْرَه ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبّ . قَالَهُ اِبْن يُونُس .

قَالَ : وَفِيهِ نَظَر ... وحَدِيث اِبْن عَبَّاس أَقَلّ دَرَجَاته الْكَرَاهَة .

قَالَ : وَحَيْثُ قُلْنَا إِنَّ شَرْع مَنْ قَبْلنَا ، شَرْع لَنَا ؛ فَذَاكَ إِذَا لَمْ يَرِد فِي شَرْعنَا مَا يُخَالِفهُ اِنْتَهَى .

قال الحافظ ابن حجر : وَهُوَ كَمَا قَالَ . ...

وَأَمَّا الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الصَّمْت وَفَضْله كَحَدِيثِ : (مَنْ صَمَتَ نَجَا) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ ، وَحَدِيث : (أَيْسَر الْعِبَادَة الصَّمْت) أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي الدُّنْيَا بِسَنَدٍ مُرْسَل رِجَاله ثِقَات ، إِلَى غَيْر ذَلِكَ ، فَلَا تُعَارِض مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق مِنْ الْكَرَاهَة ، لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِد فِي ذَلِكَ ، فَالصَّمْت الْمُرَغَّب فِيهِ : تَرْك الْكَلَام الْبَاطِل ، وَكَذَا الْمُبَاح إِنْ جَرّ إِلَى شَيْء مِنْ ذَلِكَ ، وَالصَّمْت الْمَنْهِيّ عَنْهُ : تَرْك الْكَلَام فِي الْحَقّ لِمَنْ يَسْتَطِيعهُ ، وَكَذَا الْمُبَاح الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ . وَاللَّهُ أَعْلَم" انتهى .

ويؤخذ من هذا : أن التعبد لله تعالى لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه . وأن ذلك كان شرعا لمن قبلنا ، لكن ورد شرعنا بالنهي عنه .

قال ابن قدامة في "المغني" (4/481) :

"وَلَيْسَ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ الصَّمْتُ عَنْ الْكَلَامِ ، وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَحْرِيمُهُ... "

وذكر حديث أبي بكر المتقدم ، وحديث ( لَا صُمَاتَ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ ) ، وحديث أبي إسرائيل ، ثم قال :

"فَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ فِي اعْتِكَافِهِ أَوْ غَيْرِهِ : لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَفَاءُ بِهِ .

وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ . وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا ...

وَإِنْ أَرَادَ فِعْلَهُ : لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، سَوَاءٌ نَذَرَهُ أَوْ لَمْ يَنْذُرْهُ .

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ : لَهُ فِعْلُهُ إذَا كَانَ أَسْلَمَ .

وَلَنَا : النَّهْيُ عَنْهُ ، وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ ، وَالْأَمْرُ بِالْكَلَامِ ، وَمُقْتَضَاهُ الْوُجُوبُ .

وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ .وَهَذَا صَرِيحٌ ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ ، وَاتِّبَاعُ ذَلِكَ أَوْلَى" انتهى .

ثانيا :

وأما السكوت عن الكلام تكفيرا لذنب كالغيبة أو غيرها ، فالذي يظهر فيه : أنه بدعة أيضا ، إذ لا تكفر الذنوب إلا بما جعله الله كفارة لها ، وكفارة الغيبة تكون بالتوبة والدعاء لمن اغتابه والثناء عليه ، إن لم تكن الغيبة وصلت إليه ، فإن وصلت إليه وجب الاعتذار له

اخوة الاسلام

وفي السؤال القادم توضيح هذا الامر ك مثال

ثالثا :

وأما السكوت عن الكلام لمجرد اللهو أو التحدي : فهو مباح ، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى السكوت عن أمر لا ينبغي السكوت عنه .

ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرنا بالسكوت مطلقا ، وإنما أمرنا بالسكوت إذا كان الكلام لا خير فيه ، وأمرنا بالكلام إذا كان الكلام خيرا .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) روى البخاري (6018) ومسلم (47) .

قال النووي رحمه الله :

"مَعْنَاهُ : أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّم : فَإِنْ كَانَ مَا يَتَكَلَّم بِهِ خَيْرًا مُحَقَّقًا يُثَاب عَلَيْهِ ، وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا فَلْيَتَكَلَّمْ .

وَإِنْ لَمْ يَظْهَر لَهُ أَنَّهُ خَيْر يُثَاب عَلَيْهِ ، فَلْيُمْسِك عَنْ الْكَلَام ، سَوَاء ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ حَرَام أَوْ مَكْرُوه أَوْ مُبَاح مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ.

فَعَلَى هَذَا : يَكُون الْكَلَام الْمُبَاح مَأْمُورًا بِتَرْكِهِ ، مَنْدُوبًا إِلَى الإِمْسَاك عَنْهُ ، مَخَافَةً مِنْ اِنْجِرَاره إِلَى الْمُحَرَّم أَوْ الْمَكْرُوه . وَهَذَا يَقَع فِي الْعَادَة كَثِيرًا أَوْ غَالِبًا . وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد) ...

وَقَدْ أَخَذَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَعْنَى الْحَدِيث فَقَالَ : إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّم فَلْيُفَكِّرْ ; فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لا ضَرَر عَلَيْهِ : تَكَلَّمَ ، وإِنْ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ ضَرَر ، أَوْ شَكَّ فِيهِ أَمْسَكَ"

نتهى . "شرح مسلم" (2/25) .

وقال القاري رحمه الله في "مرقاة المفاتيح" (6/2247) في شرحه لحديث أبي إسرائيل المتقدم :

"وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتَّكَلُّمِ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يَجِبُ ، كَالْقِرَاءَةِ وَرَدِّ السَّلَامِ ؛ فَتَرْكُهُ مَعْصِيَةٌ" انتهى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-14, 03:24
الغيبة وكفارتها

السؤال

- ما حكم اتهام شخص بأنه لا يستطيع أن يتحكم بلسانه ؟

2- هل يجب أن أخبرهم بما قالوا عنهم ومن الذي قال ؟

هذا الأمر وقع وبدلاً من أن يتم إخبار الشخص عما قيل عنه ومن قاله، قالوا له بأن من نقل له الكلام هو الذي لا يتحكم بلسانه ، ولم يقولوا له أكثر من ذلك .
3- كيف يتم اتهام شخص بشيء ربما لم يقله بدون إخباره ؟

ربما يكون الشخص بريئاً وقد ساءت سمعته الآن، أرجو أن تخبرني بجميع الأحكام الإسلامية المتعلقة بهذا الشأن لكي أوقف القذف والإفتراء والغيبة التي وقعت على الشخص الذي اتهموه بأنه لا يتحكم بلسانه .

الجواب

الحمد لله

أولاً :

يجب على المسلم حفظ لسانه عما نُهيَ عنه ، ومن هذه المنهيَّات والتي تساهل الناس في الوقوع فيها كثيراً الغيبة والبهتان والنميمة .

والغِيبة : هي ذكر المسلم في غيبته بما فيه مما يكره نشره وذِكره ، والبهتان : ذِكر المسلم بما ليس فيه وهو الكذب في القول عليه ، والنميمة : هي نقل الكلام من طرف لآخر للإيقاع بينهما .

والأدلة في تحريم هذه الأفعال كثيرة ، نكتفي بذكرِ شيءٍ يسير فقط لوضوح تحريمها :

قال تعالى : { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } الحجرات / 12 .

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذِكرُك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه .

رواه مسلم ( 2589 ) .

عن ابن عباس قال : مرَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم على قبرين فقال : أما إنَّهما ليُعذَّبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ، قال : فدعا بعسيبٍ رطْبٍ فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ثم قال لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا .

رواه البخاري ( 213 ) ومسلم ( 292 ) .

ثانياً :

وقول القائل عن غيره " لا يستطيع التحكم بلسانه " هو لا شك مما يكرهه صاحبه ، فإن كان صحيحاً فهي غيبة وإلا فهي بهتان .

فعلى كل من وقع منه الغيبة أو البهتان أو النميمة أن يتوب ويستغفر فيما بينه وبين الله ، فإن علِم أنه قد بلَغ الكلامُ للمُتكلَّم عليه فليذهب إليه وليتحلل منه ، فإن لم يعلم فلا يُبلغه بل يستغفر له ويدعو له ويثني عليه كما تكلم فيه في غيبته . وكذا لو علم أنه لو أخبره ستزيد العداوة ، فإنه يكتفي بالدعاء والثناء عليه والاستغفار له .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كانت له مظلمةٌ لأخيه من عرضه أو شيءٍ فليتحلَّلْه منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " .

رواه البخاري ( 2317 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

ومَن ظلم إنساناً فقذفه أو اغتابه أو شتمه ثم تاب قبِل الله توبته ، لكن إن عرف المظلومُ مكَّنه من أخذ حقه ، وإن قذفه أو اغتابه ولم يبلغه ففيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد : أصحهما أنه لا يعلمه أني اغتبتك ، وقد قيل : بل يحسن إليه في غيبته كما أساء إليه في غيبته ؛ كما قال الحسن البصري : كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته .

" مجموع الفتاوى " ( 3 / 291 ) .

*عبدالرحمن*
2018-03-14, 03:35
هل يستفيد من الجمعيات التي يشرف
عليها منتمون إلى الأشاعرة أو يتبرع لها ؟

السؤال :

في لندن هناك الكثير من الجمعيات الخيرية ، والشركات ، أو المنظمات الدعوية التي تنتمي إلى مذاهب الأشاعرة أو الماتريدية ، فهل يجوز لنا الاستفادة منها أو تقديم التبرعات لها؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا شك أن إعانة المسلم ، وتفريج كربته ، وسد خلته وعوزه ، وكف ضيعته ، كل ذلك من مقتضيات موالاته التي وجبت له بأصل إيمانه ، كما قال الله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة/71 . وإلى ذلك يشير قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ ) رواه أبو داود (4918) وحسنه الألباني .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( يَكُفّ عَلَيْهِ ضَيْعَته ) : أَيْ يَمْنَع تَلَفه وَخُسْرَانه . قال ابن الأثير : وَضَيْعَة الرَّجُل مَا يَكُون مِنْ مَعَاشه كَالصَّنْعَةِ وَالتِّجَارَة وَالزِّرَاعَة وَغَيْر ذَلِكَ ، أَيْ يَجْمَع إِلَيْهِ مَعِيشَته ، وَيَضُمّهَا لَهُ

وقوله : ( وَيَحُوطهُ مِنْ وَرَائِهِ ) : أَيْ يَحْفَظهُ وَيَصُونَهُ وَيَذُبّ عَنْهُ بِقَدْرِ الطَّاقَة . [ انظر : عون المعبود ]

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ـ وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ ـ ) رواه البخاري (481) ومسلم (2585) .

قال النووي : " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُؤْمِن لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضه بَعْضًا ) صَرِيح فِي تَعْظِيم حُقُوق الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , وَحَثّهمْ عَلَى التَّرَاحُم وَالْمُلاطَفَة وَالتَّعَاضُد فِي غَيْر إِثْم وَلا مَكْرُوه ) .

والنصوص الشرعية من الكتاب والسنة الصحيحة كثيرة في هذا المعنى ، وفي جميعها تعليق للموالاة والنصرة والحيطة بأسماء الإيمان والإسلام ، فالواجب أن يكون ذلك هو أساس الحب والبغض ، والعطاء والمنع ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ تَعَالَى وَمَنَعَ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَحَبَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَبْغَضَ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَنْكَحَ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ ) أحمد (1519) والترمذي (2521) وأبو داود (4681) وحسنه الألباني .

وإذا كان الناس متفاوتين في معاني الإيمان والإسلام ، فبعضهم أتقى لله ، وأعظم استكمالا لهذه المعاني من بعض ، فكذلك يتفاوت ما لكل واحد من حقوق الموالاة ، بمقدار تحقيقه هذه المعاني ، وإن اشتركوا في أصل الموالاة الواجبة .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى [ 28/ 209 ] :

( الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله ، فيكون الحب لأوليائه ، والبغض لأعدائه والإكرام لأوليائه ، والإهانة لأعدائه ، والثواب لأوليائه والعقاب لأعدائه . وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر ، وفجور وطاعة ومعصية ، وسنة وبدعة ، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر ، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة ، فيجتمع له من هذا وهذا ، كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته .

هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة.. ) .

وعلى هذا الأصل العام ينبني الجواب عن هذا السؤال .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

( البدعة منها ما يُعذر فيه الإنسان ، ومنها ما يصل إلى درجة الفسق ، ومنها ما يصل إلى درجة الكفر ؛ فأصحاب البدعة المكفرة لا تجوز معونتهم إطلاقا ، وإن تسموا بالإسلام ، لأن تسميهم بالإسلام مع الإقامة والإصرار على البدعة المكفرة ، بعد البيان ، يُلحقهم بالمنافقين الذين قالوا نشهد إنك لرسول الله ، فقال الله تعالى : ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) المنافقون/1 .

أما البدع المفسقة ، أو التي يعذر فيها الإنسان بعذر سائغ ، فإن بدعتهم لا تمنع معونتهم ، فيعاونون على أعدائهم الكفار ، لأنهم لا شك خير من هؤلاء الكفار . ) الباب المفتوح ، اللقاء الثاني 1/66 .

لكن ينبغي أن يُمنعوا من صرف هذه الأموال في إقامة بدعتهم ، أو نشرها ، فإن علم منهم ، أو غلب على ظن المعطي أنهم يستعينون بها على بدعتهم ، ولم يمكن منعهم من ذلك ، ولا صرفها في حاجاتهم المباحة ، فإنهم لا يُعطون من هذه الأموال ، لما فيه من إعانتهم على إثمهم ، وقد قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .

ثانيا :

التعاون مع الجمعيات الخيرية التي يقوم عليها المبتدعة ، فيه تفصيل :

إما أن تكون هذه الجمعيات يغلب عليها وعلى أنشطتها نشر البدعة والاهتمام بها ، أو لا ؟

فإن كانت أنشطتها يغلب عليها نشر الأشعرية أو الماتريدية بين أهل السنة ، ويحرصون على نقل أهل السنة إلى مذهبهم ، ففي هذه الحالة لا شك في النهي عن دعمها ؛ لأن في دعمها عدة مفاسد : مفسدة مخالطة المبتدع وتوقيره ؛ ومفسدة المساهمة في نشر البدعة والجمعيات الداعية إليها ، ومفسدة إضلال المسلمين عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم .

ولا حرج على المحتاج : أن يستفيد منها مالا أو متاعا ، مع الحذر من الاستماع إلى شبههم أو التأثر ببدعتهم .

أما إذا كانت أنشطة هذه الجمعيات أنشطة إغاثية ، أو للنفع العام : من إصلاح بين الناس ، وعلاج المرضى ، وإغاثة الملهوف ، ونصرة المظلوم ونحو ذلك ، ولا يهتم القائمون على تلك الجمعيات بنشر مذهبهم المخالف لمذهب أهل السنة ؛ فهنا تترجح مصلحة نفع المسلمين على مفسدة مخالطة المبتدع ، لا سيما إذا لم يترتب على هجرانه انزجار ولا تحذير .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

"فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ، ولا انتهاء أحد؛ بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها: لم تكن هجرة مأمورا بها ، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك : أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية [أي : لم يكونوا يستطيعون أن يظهروا العداوة للجهمية] .

فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم ، سقط الأمر بفعل هذه الحسنة ، وكان : مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي .

وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة [أي : بدعة نفي القدر] ، فلو ترك رواية الحديث عنهم ، لاندرس العلم والسنن ، والآثار المحفوظة فيهم .

فإذا تعذر إقامة الواجبات ، من العلم والجهاد وغير ذلك ، إلا بمن فيه بدعة ، مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب = كان تحصيل مصلحة الواجب ، مع مفسدة مرجوحة معه : خيرا من العكس .

ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل "

انتهى . "مجموع الفتاوى" (28/212) .

وكذلك أيضا : إذا كانت أنشطة هذه الجمعيات الدعوية موجهة إلى غير المسلمين ، فيدعون الكفار إلى الإسلام ، ولو على مذهبهم هم ، فإن دعمهم في هذه الحالة متأكد مشروع ؛ وذلك لأن انتقال الإنسان من الكفر إلى الإسلام خير عظيم، حتى وإن تلبس ببعض البدع والضلالات.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (13/95- 97) بعض الضلالات والخرافات التي قد يقع فيها بعض الناس ثم قال :

"وهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ وَاقِعٌ كَثِيرًا ، وَكُلَّمَا كَانَ الْقَوْمُ أَجْهَلَ ، كَانَ عِنْدَهُمْ أَكْثَرُ ، فَفِي الْمُشْرِكِينَ أَكْثَرُ مِمَّا فِي النَّصَارَى ، وَهُوَ فِي النَّصَارَى كَمَا هُوَ فِي الدَّاخِلِينَ فِي الْإِسْلَامِ .

وَهَذِهِ الْأُمُورُ يُسْلِمُ بِسَبَبِهَا نَاسٌ ، وَيَتُوبُ بِسَبَبِهَا نَاسٌ يَكُونُونَ أَضَلَّ مِنْ أَصْحَابِهَا ، فَيَنْتَقِلُونَ بِسَبَبِهَا إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا كَانوا عَلَيْهِ ، كَالشَّيْخِ الَّذِي فِيهِ كَذِبٌ وَفُجُورٌ مِنْ الْإِنْسِ ، قَدْ يَأْتِيهِ قَوْمٌ كُفَّارٌ فَيَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ وَيَصِيرُونَ خَيْرًا مِمَّا كَانُوا ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَاسِدًا ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَبِأَقْوَامِ لَا خَلَاقَ لَهُمْ) .

وَهَذَا كَالْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ ، فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ بِهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ ، وَيَقْوَى بِهَا قُلُوبُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ ؛ وَإِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا بَاطِلَةً ، فَغَيْرُهَا أَبْطَلُ مِنْهَا، وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ دَرَجَاتٌ ، فَيَنْتَفِعُ بِهَا أَقْوَامٌ يَنْتَقِلُونَ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ.

وَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ مُبْتَدِعَةِ الْمُسْلِمِينَ: مِنْ الرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَغَيْرِهِمْ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ ، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ ، وَانْتَفَعُوا بِذَلِكَ ، وَصَارُوا مُسْلِمِينَ مُبْتَدِعِينَ؛ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونُوا كُفَّارًا. وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْمُلُوكِ قَدْ يَغْزُو غَزْوًا يَظْلِمُ فِيهِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارَ ، وَيَكُونُ آثِمًا بِذَلِكَ ، وَمَعَ هَذَا: فَيَحْصُلُ بِهِ نَفْعُ خَلْقٍ كَثِيرٍ كَانُوا كُفَّارًا ، فَصَارُوا مُسْلِمِينَ ، وَذَاكَ كَانَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَائِمِ بِالْوَاجِبِ ؛ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكُفَّارِ فَهُوَ خَيْرٌ.

وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالْفَضَائِلِ وَالْأَحْكَامِ وَالْقِصَصِ، قَدْ يَسْمَعُهَا أَقْوَامٌ فَيَنْتَقِلُونَ بِهَا إلَى خَيْرٍ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ كَذِبًا

وَاَللَّهُ تَعَالَى بَعَثَ الرُّسُلَ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا ، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا الْخَلْقَ بِغَايَةِ الْإِمْكَانِ ، وَنَقَلَ كُلَّ شَخْصٍ إلَى خَيْرٍ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ ، بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) .

وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ يَرُدُّونَ بَاطِلًا بِبَاطِلِ وَبِدْعَةً بِبِدْعَةِ؛ لَكِنْ قَدْ يَرُدُّونَ بَاطِلَ الْكُفَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ ، بِبَاطِلِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَيَصِيرُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا مُبْتَدِعًا .

وَأَخَصُّ مِنْ هَؤُلَاءِ: مَنْ يَرُدُّ الْبِدَعَ الظَّاهِرَةَ ، كَبِدْعَةِ الرَّافِضَةِ ، بِبِدْعَةِ أَخَفَّ مِنْهَا ، وَهِيَ بِدْعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَصْنَافَ الْبِدَعِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ خَيْرٌ مِنْ الرَّافِضَةِ وَمِنْ الْخَوَارِجِ" انتهى .

مع التنبه إلى أن من القائمين على الجمعيات الخيرية من هو جاهل أو مقلد ، أو مجتهد لم يوفق للصواب فيكون معذوراً ، ولا يحكم عليه بأنه مبتدع أصلا ، بل يُحكم عليه بالخطأ .

والخلاصة : أن التبرع للجمعيات التي يقوم عليها متلبس بالبدعة ، لا يصح أن يكون محكوماً عليه بالتحريم أو المنع مطلقا ، بل لا بد من النظر فيه ؛ فإن انطوى الأمر على مصلحة راجحة فهو مشروع ، وإلا منع منه .

وهذا كله إذا لم توجد جمعيات من أهل السنة والجماعة تقوم بالمطلوب ، وتسد الثغرة في المكان المعين ؛ فإن وجدت ، فلا شك أنها الأولى بالدعم ، قدر الاستطاعة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-14, 03:41
البدعة قد يترتب عليها فائدة لكنها
مهدرة في جانب شرها ومفسدتها

السؤال :

في كتاب "معرفة قواعد البدع" للجيزاني استشهد الكاتب بقول لابن تيمية من كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" : " لأن جميع المبتدعات لابد أن تشمل على شر راجح على مافيها من الخير إذ لو كان خيرها راجحا لما أهملتها الشريعة " .

(فنحن نستدل بكونها بدعة علة ان اثمها اكبر من نفعها وزلك هو الموجب للنهي) هل هذا قيد ؛ أي أن يرجح الشر على الخير في الشيء ليكون بدعة . وجملة ، وهذا هو الموجب للنهي ، ما الدليل على هذه الجملة

لأنه قد توجد بدعة ، ويكون خيرها أكثر من شرها ، أو هل يمكن أن يكون قصده أنها في النهاية تؤول إلى شر أكبر من خيرها الظاهر أمامنا الآن ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

البدعة : هي كل أمر محدث في الدين ، لم يدل عليه دليل من الشرع.

وقد تكون بدعة حقيقية، لم تشرع بأصلها ، ولا وصفها، كبدعة عبادة القبور ، وبناء المساجد عليها ، وتعظيمها.

وقد تكون بدعة إضافية، وهي ما كان أصله مشروعا، لكن دخله الابتداع من جهة التخصيص بزمان أو مكان أو هيئة أو عدد ، لم يرد به دليل من الشرع . كتخصيص أيام معينة بعدد معين من الأذكار ونحو ذلك

ثانيا:

البدعة مذمومة بنوعيها –الحقيقي والإضافي- وقد يوجد في بعض البدع الإضافية ، بعض الفائدة والنفع لصاحبها ، أو لمن حوله، لكنه نفع مغمور في مفسدة البدعة .

فالبدعة شرها راجح، ومن أعظم شرها : أنه يلزم من اعتقادها ، وسلوكها : نوع استدراك على الشارع، واتهام له بالنقص، فمهما كان فيها من نفع كترقيق القلب، أو الإحسان للفقراء بالإطعام في المواسم المبتدعة، ونحوه، فهو مهدر ، في جنب ما فيها من مخالفة قصد الشارع ، بل نصه في النهي عن المحدثات ، وما يلزم عنها من الاستدراك على الشارع .

قال ابن الماجشون رحمه الله: " سمعت مالكا يقول: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم)، فما لم يكن يومئذ دينا، فلا يكون اليوم دينا"

انتهى من الاعتصام للشاطبي (1/ 65).

وهذا المعنى، أعني أن البدعة قد تشتمل على فائدة-لكنها مهدرة في جانب المفاسد المترتبة عليها- هو ما نبه عليه الدكتور محمد بن حسين الجيزاني في "قواعد البدع" ص37 بقوله:

" لا يشترط في البدعة ألا يوجد لها بعض الفوائد، بل قد توجد لبعض البدع بعض الفوائد، إذ ليست البدع من قبيل الباطل الخالص الذي لا حق فيه، ولا هي من الشر المحض الذي لا خير فيه.

وهذه الفوائد التي قد توجد في بدعة من البدع لا تجعلها مشروعة، ذلك لأن الجانب الغالب في البدعة هو المفسدة، وأما جانب الفائدة والمنفعة فهو مرجوح؛ فلا يبنى عليه ولا يلتفت إليه.

قال ابن تيمية: ( بل اليهود والنصارى يجدون في عباداتهم أيضًا فوائد، وذلك لأنه لا بد أن تشتمل عباداتهم على نوع ما مشروع من جنسه، كما أن أقوالهم لا بد أن تشتمل على صدق ما ، مأثور عن الأنبياء . ثم مع ذلك لا يوجب ذلك أن نفعل عباداتهم ، أو نروي كلماتهم.

لأن جميع المبتدعات لا بد أن تشتمل على شر راجح على ما فيها من الخير، إذ لو كان خيرها راجحًا لما أهملتها الشريعة.

فنحن نستدل بكونها بدعة ، على أن إثمها أكبر من نفعها، وذلك هو الموجب للنهي .

وأقول: إن إثمها قد يزول عن بعض الأشخاص لمعارض ؛ لاجتهاد أو غيره)" انتهى.

فكون الشر غالبا في البدعة : وصفٌ لازم لها، وليس قيدا احترازيا ، قد يوجد وقد لا يوجد، وهذا واضح من النقل عن شيخ الإسلام وقوله: " لأن جميع المبتدعات لا بد أن تشتمل على شر راجح على ما فيها من الخير".

وأما قول السائل: " لأنه قد توجد بدعة ، ويكون خيرها أكثر من شرها" : فهذا ليس صحيحا، فلا يمكن أن يكون في البدعة خير يزيد على مفسدتها وشرها؛ إذ لو كان كذلك لما ذمها الشارع ، ومنع منها، لأن الشريعة لا تنهى عما فيه مصلحة خالصة ، أو راجحة.

بل نحن إذا علمنا أن فعلا ما بدعة في الشرع، علمنا بذلك أن مفسدته وشره : أعظم من نفعه ، على فرض وجود نفع فيه .

وقد أشرنا إلى مثال ذلك، كالمنفعة الحاصلة للمتعبد بالأذكار المبتدعة، فإنه قد يجد راحة وصفاء لقلبه، لكن مفسدة البدعة من جهة أنها استدراك على الشارع أعظم بكثير من هذه المنفعة، إلى غير ذلك من المفاسد الآتي ذكرها .

على أن هذه المنفعة يمكن تحصيلها ، بأتم من ذلك ، وأكمل ، بالطريق المشروع ، كما لا يخفى. فكل منفعة يمكن أن تترتب على البدع، يمكن تحصيلها بالطريق المشروع من غير ابتداع.

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، بعض مفاسد البدع بعد كلامه السابق ، فقال:

" وأما ما فيها من المنفعة، فيعارضه ما فيها من مفاسد البدع الراجحة: منها:

مع ما تقدم من المفسدة الاعتقادية والحالية: أن القلوب تستعذبها ، وتستغني بها عن كثير من السنن، حتى تجد كثيرًا من العامة يحافظ عليها ما لا يحافظ على التراويح ، والصلوات الخمس.

ومنها: أن الخاصة والعامة تنقص -بسببها- عنايتهم بالفرائض والسنن، ورغبتهم فيها، فتجد الرجل يجتهد فيها، ويخلص وينيب، ويفعل فيها ما لا يفعله في الفرائض والسنن، حتى كأنه يفعل هذه عبادة، ويفعل الفرائض والسنن عادة ووظيفة ؛ وهذا عكس الدين، فيفوته بذلك ما في الفرائض والسنن من المغفرة والرحمة والرقة والطهارة والخشوع، وإجابة الدعوة، وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك من الفوائد. وإن لم يفته هذا كله، فلا بد أن يفوته كماله.

ومنها: ما في ذلك من مصير المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، وجهالة أكثر الناس بدين المرسلين، وانتشاء زرع الجاهلية.

ومنها: اشتمالها على أنواع من المكروهات في الشريعة مثل: تأخير الفطور، وأداء العشاء الآخرة بلا قلوب حاضرة، والمبادرة إلى تعجيلها، والسجود بعد السلام لغير سهو، وأنواع من الأذكار ومقاديرها لا أصل لها، إلى غير ذلك من المفاسد التي لا يدركها إلا من استنارت بصيرته، وسلمت سريرته.

ومنها: مسارقة الطبع إلى الانحلال من ربقة الاتباع ، وفوات سلوك الصراط المستقيم، وذلك أن النفس فيها نوع من الكبر، فتحب أن تخرج من العبودية والاتباع ، بحسب الإمكان، كما قال أبو عثمان النيسابوري رحمه الله: ما ترك أحد شيئًا من السنة إلا لكبر في نفسه. ثم هذا مظنة لغيره، فينسلخ القلب عن حقيقة اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ويصير فيه من الكبر وضعف الإيمان ما يفسد عليه دينه، أو يكاد، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.

ومنها: ما تقدم التنبيه عليه في أعياد أهل الكتاب من المفاسد التي توجد في كلا النوعين المحدَثين، النوع الذي فيه مشابهة، والنوع الذي لا مشابهة فيه"

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" 2/ 118).

وقال الشاطبي رحمه الله في بيان مفاسد البدعة:

" 1-أن المبتدع معاند للشرع ومشاق له؛ لأن الشارع، قد عيّن لمطَالب العبد طُرقا خاصة، على وجوه خاصة، وقصرَ الخلق عليها، بالأمر والنهي، والوعد، والوعيد، وأخبر أن الخير فيها، والشر في تعديها؛ لأن الله يعلم ونحن لا نعلم

وأنه إنما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين. فالمبتدع رادٌّ لهذا كله، فإنه يزعم أن ثَمَّ طرقا أٌخَر، ليس ما حصره الشارع بمحصور، ولا ما عينه بمتعين، كأنّ الشارع يعلم، ونحن أيضا نعلم، بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشارع، أنه علم مالم يعلمه الشارع.

وهذا العمل من المبتدِع، إن كان مقصودًا، فهو كفر، وإن كان غير مقصود، فهو ضلال.

2 -ثم إن المبتدع بعمله هذا قد نزّل نفسه منزلة المضاهي للشارع؛ لأن الشارع وضع الشرائع ، وألزم الخلق الجري على سننها، وصار هو المنفرد بذلك؛ لأنه حكم بين الخلق ، فيما كانوا فيه يختلفون، فالشرع ليس من مدركات العقول، حتى يضع كل إنسان تشريعا من عند نفسه، ولو كان الأمر كذلك، لما احتيج إلى بعثة الرسل إلى البشرية، فكأن هذا المبتدع في دين الله قد صيّر نفسه نظيرًا ومضاهيا للشارع، حيث عمل تشريعا مثله، وفتح باب الاختلاف والفرقة.

3 -ثم إن هذا العمل من المبتدع أيضا، اتباع للهوى، والشهوات والله يقول: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ) ، فمن لم يتبع هدى الله في هوى نفسه، فلا أحد أضلُّ منه) .

4-أن هذا المبتدع في دين الله عز وجل، الذي جعل نفسه مضاهيا للشارع، قد جاء ذمُّهُ في كتاب الله عز وجل لأنه من زاغ ، أزاغ الله قلبه، إذ الجزاء من جنس العمل فالله يقول: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) ، وذلك باتباعهم المتشابه من القرآن، وترك محكمه، وابتغائهم تأويله، أي تحريفه"

انتهى ملخصا من الاعتصام (1/ 68).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-14, 03:48
حكم الاستماع للعقلانيين والخرافين
والخوارج بحجة أخذ الحق وترك الباطل .

السؤال :

ما ردكم على من يستمع لأهل بدع واهواء عقلانيون وصوفيون خرافيون وخوارج عندما تنهاه عن الاستماع لهم يقول لك خذ حق واترك باطل وهل القاعدة تصلح لكل مسلم أم هي للعلماء ؟

الجواب :

الحمد لله

الاستماع إلى أهل الضلال والأهواء والبدع ، كالعلمانيين والخرافيين والخوارج والروافض : خطر عظيم على دين المرء، ما لم يكن عالما بشبهاتهم والرد عليها، وإلا فلا يؤمن عليه أن يقذفوه فيها.

ولهذا حذر أئمة السلف من الجلوس إلى أهل الأهواء، أو استماع شبهاتهم.

كان أبو قلابة رحمه الله يقول: " لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم ".

وقال أبو إسحاق الهمداني: " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ".

ودخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء، فقالا: يا أبا بكر نحدثك، قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل، قال: لا، لتقومُنَّ عني ، أو لأقومَنَّه . فقام الرجلان فخرجا.

وقال الفضيل بن عياض: " لا تجلس مع صاحب بدعة؛ فإني أخاف أن ينزل عليك اللعنة ".

وقال محمد بن النضر الحارثي: " من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة، وهو يعلم أنه صاحب بدعة، نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه ".

وقال عبد الرزاق الصنعاني الإمام: قال: قال لي إبراهيم بن أبي يحيى: " إني أرى المعتزلة عندكم كثيرا. قلت: نعم، وهم يزعمون أنك منهم. قال: أفلا تدخل معي هذا الحانوت حتى أكلمك؟ قلت: لا. قال: لم؟ قلت: لأن القلب ضعيف، وإن الدين ليس لمن غلب.

وانظر هذه الآثار في "الشريعة للآجري"، و"أصول اعتقاد أهل السنة" لللالكائي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وكل من أظهر هذه الإشارات البدعية ، التي هي فُشارت [ أي : هذيان ، لا حقيقة له ] ... ، فهم أهل باطل وضلال ، وكذب ومِحال [ المِحال : المكر وطلب الأمور بالحيل ]، مستحقون التعزير البليغ والنكال ، وهم إما صاحب حال شيطاني ، وإما صاحب حال بهتاني ؛ فهؤلاء جمهورهم ، وأولئك خواصهم .

وهؤلاء يجب عليهم أن يتوبوا من هذه البدع والمنكرات ، ويلزموا طريق الله الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم ، ليس لهم أن يكونوا قدوة للمسلمين ، وليس لأحد أن يقتدي بهم .

ومن كثر جمعهم الباطل ، وحضر سماعاتهم التي يفعلونها في المساجد وغيرها ، أو حسن حالهم ، أو قرر مِحالهم من أئمة المساجد : فإنه مستحق التعزير البليغ الذي يستحقه أمثاله. وأقل تعزيره : أن يعزل مثل هذا عن إمامة المسلمين ؛ فإن هذا معين لأئمة الضلالة ، أو هو منهم ، فلا يصلح أن يكون إماما لأهل الهدى والفلاح . قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة /2، وقال تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران /104"

"جامع المسائل" (3/153-154) ط عالم الفوائد .

وقال الذهبي رحمه الله وساق قول سفيان: "من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة وهو يعلم خرج من عصمة الله ووكل إلى نفسه، وعنه: من يسمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه لا يلقيها في قلوبه".

ثم قال الذهبي: " قلت: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة "

انتهى من "سير أعلام النبلاء (7/ 261).

فإذا كان هذا حال الأئمة، فكيف بمن لا حظ له من العلم ؟!

وأما مقولة: خذ الحق، واترك الباطل، فهذه لمن تمكن في العلم ، وصارت له من الفقه والملكة ما يميز به بين الحق والباطل، ويكون لاستماعه حاجة ومقصد معتبر، كالرد على شبهاتهم.

وبعض الناس يظن أنه يميز بين الحق والباطل، والواقع أنه بعيد عن ذلك؛ لأن أهل الأهواء والبدع قد يكون لهم شبهات دقيقة، يحتاج معرفة باطلها إلى حظ كبير من العلم، فربما اتصلت الشبهة بمباحث لغوية، أو عقلية، أو أصولية، والمستمع لم يدرس اللغة، ولا المعقول، ولا الأصول، فأنّى له أن يعرف بطلان ما يلقى عليه، فضلا عن تمكنه من رده.

وقد كان الجلوس إلى أهل الأهواء سببا في انحراف جماعة من الأذكياء ممن لهم حظ من العلم.

1-كان انحراف عمران بن حطان إلى رأي الخوارج بسبب امرأة، ظن أنه سيتزوجها ويردها إلى السنة.

قال الذهبي رحمه الله: " عن ابن سيرين، قال: تزوج عمران خارجية، وقال: سأردها.

قال: فصرفته إلى مذهبها"

انتهى من سير أعلام النبلاء (4/ 214).

2-وتأثر ابن عقيل الحنبلي رحمه الله بالمعتزلة، لسماعه منهم.

قال ابن رجب رحمه الله في ترجمة ابن عقيل الحنبلي: " أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردده إلى ابن الوليد، وابن التُّبان ، شيخي المعتزلة. وكان يقرأ عليهما في السر علم الكلام، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة، وتأول لبعض الصفات .

ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه الله" انتهى من ذيل طبقات الحنابلة (1/ 322).

وابن عقيل كان من أذكياء الناس، ومع ذلك تأثر بهذا التلقي.

نقل الذهبي عنه قوله: " وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علما نافعا".

وعلق الذهبي بقوله: "قلت: كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة، ويأبى حتى وقع في حبائلهم، وتجسر على تأويل النصوص - نسأل الله السلامة - "

انتهى من السير (19/ 447).

فانصح صاحبك أن يصون سمعه عن الشبهات، وأن يحذر على قلبه، وألا يغتر بنفسه، وأن يلزم هدي السلف في مجانبتهم لأهل الأهواء، وعدم الإنصات لهم.

وقانا الله وإياكم البدع والأهواء وأهلها.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-14, 03:55
حكم أخذ العلم عن المبتدع

السؤال:

هل يجوز أخد العلم عن المبتدعين في الأمور المتعلقة بالعبادات ، في حال لم يتوفر هذا عند أهل السنة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الابتداع في الدين سواء في الاعتقادات أو في العبادات من أخطر الأمور ؛ لأنه يؤدي إلى ضياع السنة وموتها ، وما أحدث الناس بدعة ، إلا ضيعوا من السنة ما هو خير منها ؛ فإن مسلك الابتداع ، مؤداه : أن هناك طريقا يوصل إلى مرضات الله ، غير الطريق الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم.

ولأجل ما في ذلك من الخطر ، أمر العلماء بهجر المبتدع ، وهذا الهجر لمصلحة المبتدع ولمصلحة المجتمع المسلم ، فالمبتدع قد يرتدع بالهجر فيترك بدعته ، والمجتمع يعلم بذلك مدى خطر هذا المبتدع فلا يغتر به .
لكن يجب التنبه أن لهذا الهجر ضوابط تضبطه وليس على إطلاقه .

ضوابط الهجر في كتاب " هجر المبتدع " للشيخ بكر أبي زيد رحمه الله تعالى .

فينبغي على المؤمن أن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان والشرع والتجرد من الهوى ، فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم فإن هجره حق ، وأقل أحواله أن يكون سنة ، وهكذا هجر من أعلن المعاصي وأظهرها أقل أحواله أنه سنة أما إن كان عدم الهجر أصلح لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين

وإرشادهم إلى السنة وتعليمهم ما أوجب الله عليهم يؤثر فيهم ويزيدهم هدى فلا يعجل في الهجر ، ولكن يبغضهم في الله كما يبغض الكفار والعصاة ، لكن يكون بغضه للكفار أشد ؛ مع دعوتهم إلى الله سبحانه والحرص على هدايتهم عملا بجميع الأدلة الشرعية ؛ ويبغض المبتدع على قدر بدعته إن كانت غير مكفرة ، ويبغض العاصي على قدر معصيته ، ويحبه في الله على قدر إسلامه وإيمانه ، وبذلك يُعلم أن الهجر فيه تفصيل .

والخلاصة : أن الأرجح والأولى النظر إلى المصلحة الشرعية في ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية ، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر ؛ هجرهم خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم ، ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية دعت إلى ذلك .

فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر والمبتدع والعاصي في الله سبحانه ومحبة المسلم في الله عز وجل ، وعليه أن يراعي المصلحة العامة في ذلك ، فإن اقتضت الهجر هجر ، وإن اقتضت المصلحة الشرعية الاستمرار في دعوتهم إلى الله عز وجل وعدم هجرهم فعل ذلك مراعاةً لهديه صلى الله عليه وسلم . والله ولي التوفيق .

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (9 / 423 ).

ثانيا :

الدراسة العامة الظاهرة ، على شخص معروف بالبدعة ، متعالن بها : من شأنه أن يساعد على استمراره في بدعته ، وعلى اغترار الناس به .

قال الشاطبي رحمه الله تعالى :

" فإن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين تعودان بالهدم على الإسلام :

أحدهما: التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير ، فيعتقدون في المبتدع أنه أفضل الناس ، وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره ، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته دون اتباع أهل السنة على سنتهم .

والثانية: أنه إذا وقر من أجل بدعته صار ذلك كالحادي المحرض له على انشاء الابتداع في كل شيء .
وعلى كل حال ؛ فتحيا البدع ، وتموت السنن ، وهو هدم الإسلام بعينه "

انتهى من " الاعتصام " ( 1 / 202 ) .

ثالثا :

أخذ العلم عن المبتدع : إما أن يكون في الأمور التي تدخل في نطاق بدعته أو لا ؟

فإن كان العلم الذي ستأخذه منه مما تلحقه بدعته ، ويظهر أثرها فيه : ففي هذه الحالة لا شك في النهي عن الأخذ عنه ؛ لأن في أخذ العلم عنه تحقيقا لمفسدتين ؛ مفسدة مخالطة المبتدع وتوقيره ؛ ومفسدة تعريض النفس للشبهات وأخذ العلم الذي يختلط فيه الحق بالباطل .

وربما يستثنى من ذلك : من كان له أداة كاملة ، في تمييز مواقع هذه البدعة ، وغلب على ظنه السلامة من تأثير المأخوذ عنه ، واحتاج إلى شيء من الأخذ عنه لأجل دراسة ، أو معرفة ما عند القوم ، أو نحو ذلك ، فنرجو ألا يكون على مثل ذلك حرج في الأخذ عن هؤلاء، وإن كان الظاهر أن يقيد ذلك بمن لم تكن بدعته مغلظة ، مع أن الاحتياط : الترك مطلقا .

أما إذا كان العلم الذي ستأخذه منه من العلوم التي لا تدخلها بدعته ؛ كعلم النحو واللغة وتجويد القرآن الكريم ، بل وغالب الفقه ـ كذلك ـ ؛ فهنا تعارضت مفسدة مخالطة المبتدع ، مع مصلحة العلم النافع ، ففي هذه الحالة يرجح بينهما ، وينظر أيهما أقل مفسدة : أخذ العلم عنه ، أو تركه ؟

فإذا كانت هناك حاجة ماسّة لعلمه ، ولا يوجد غيره ، وأمنت فتنته : ففي هذه الحالة يجوز الأخذ عنه .

أما إذا كان العلم المراد تعلمه ليس هناك حاجة شديدة إليه ، أو كان يوجد غير هذا المبتدع يمكن التعلم على يديه ، أو كانت فتنة بدعته أشد من فوات علمه ؛ ففي هذه الحالة ينهى عن الأخذ عن هذا المبتدع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ، ولا انتهاء أحد ؛ بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها : لم تكن هجرة مأمورا بها ، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك : أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية [أي : لم يكونوا يستطيعون أن يظهروا العداوة للجهمية ] .

فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة ، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي .

وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة [أي : بدعة نقي القدر] ، فلو ترك رواية الحديث عنهم ، لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم .

فإذا تعذر إقامة الواجبات ، من العلم والجهاد وغير ذلك ، إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب = كان تحصيل مصلحة الواجب ، مع مفسدة مرجوحة معه : خيرا من العكس .

ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل "

انتهى . " مجموع الفتاوى " ( 28 / 212 ) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

وافي طيب
2018-03-14, 14:12
بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 16:36
بارك الله فيك

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 16:47
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم قراءة سور معينة لمن يريد رؤية أحد أقاربه المتوفين في المنام .

السؤال:

قرأت مؤخرا إن من يريد رؤية أحد أقاربه المتوفيين إن ممكن له أن يقرأ بعض السور من القرآن منها مثلا : أول سورة النور، والشمس وضحاها .، لمدة سبعة أيام ، مع الدعاء لرؤية الميت في المنام ، فهل هدا يجوز ؟

علما إني مؤخرا قبل أن أنام تكلمت كأني أكلم أمي رحمة الله عليها في سريرها ، وقلت لها : افتقدك يا أمي ، أريد رؤيتك ، وكان هذا في الواقع ، وفي نفس الليلة حلمت بها أربعة أحلام مستقلة ، أتمنى أن لا يكون هذا بدعة ، فهل ما فعلت جائز ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا حرج في سؤال العبد ربه تبارك وتعالى أن يريه واحدا من أقاربه أو غيرهم في المنام ؛ لأنه من جملة الأدعية المباحة
.
ثانيا:

قد يتعلق قلب الإنسان بمن يحبه من أب أو أم فيستحضر صورته ، ويخاطبه لشدة تعلقه به، وهذا إن غُلب عليه الإنسان ، فلا يلام عليه ما دام أنه يخاطبه بكلام مباح لا تعدي فيه .

ومن التعدي أن يدعوه ويسأله قضاء حاجة مثلا، فإن دعاء الميت أو الغائب لا يجوز.

ثالثا:

لا نعلم دليلا على مشروعية قراءة سورة أو آيات معينة لرؤية قريب أو صاحب متوفى.
وقد صرح بعض أهل العلم أن تخصيص آيات لحاجة معينة دون دليل، من البدع.

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : " ومن البدع : التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل .

ومنها :

- قراءة الفاتحة بنية قضاء الحوائج وتفريج الكربات .

- قراءة سورة يس أربعين مرة بنية قضاء الحاجات " .

انتهى باختصار من " بدع القراءة " (ص14-15).

ويستثنى من ذلك ما كان من باب الرقية ، كقراءة آيات معينة للشفاء ، فإن الرقية مبناها على التجربة ، والأصل فيها الإباحة ، والقرآن كله شفاء ، فإذا جربت آيات في أمور معينة ، كعسر الولادة ، والرعاف، ونحو ذلك ، فلا حرج في التداوي بها، وقد نقل ذلك عن جماعة من السلف

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 16:50
تخصيص آيات من بعض السور لقراءتها
في أوقات الشدة وضيق الحال

السؤال

أردت أن أسألكم سؤالا عن بعض آيات من القرآن ، والتي نُصح بقراءتها في أوقات الشدة ، والنكبات المالية . إنها تسمى " المنازل " في الأردو . من فضلكم أريد أن أعرف هل يجوز العمل بها ، السبب وراء قراءتها هو كأنك تدعو الله . " آية من فاتحة القرآن ، والبقرة 1 – 5 ، والبقرة 163 ، والبقرة 255- 257 ، والبقرة 284-286

وآل عمران 18 ، وآل عمران 26-27 ، والأعراف 54-56 ، بني إسرائيل 110-111 ، والمؤمنون 115- 118، والصافات 1-11 ، والرحمن 33-40 ، والحشر 21-24 ، والجن 1-4 ، سور الكافرون والفلق والناس والإخلاص" .

الجواب

الحمد لله

لا يجوز تخصيص قراءة آيات معينة من القرآن الكريم لغرض معين ، إلا بدليل شرعي خاص ، كأن يرد حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في فضائل سورة معينة ، فيقرأها المسلم بغرض تحصيل هذه الفضيلة والفائدة .

أما أن يأتي أحدهم إلى آيات من القرآن الكريم متفرقة ، ينتقيها بنفسه ، وينسب إليها تفريج الكربات والإعانة في الأزمات ، بل ويوردها في كتاب على أنها من وظائف المسلم وأوراده المستحبة ، فذلك أقرب إلى الابتداع منه إلى الاتباع ، وأولى للمسلم اجتناب ذلك وعدم امتثاله والعمل به .

والقرآن كله بركه وأجر وخير ، ولكن دعوى أثر معين لآية معينة ، خاصة فيما زعمه هذا القائل من تفريج الشدائد والضوائق المالية ، فهذا لا بد له من دليل ، ولا دليل لمؤلف هذا الكتاب على ما أورده ، فيجب التنبه لذلك .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :

في أوغندة إذا أراد شخص أن يدعو ربه – دعاء - خاصا لسعة الرزق ، يدعو أشخاصا من المتعلمين ، ويحضرون إليه ، ويحمل كل واحد مصحفه ، ويبدؤون في القراءة ، واحد يقرأ سورة يس لأنها قلب القرآن ، وثاني سورة الكهف ، وثالث سورة الواقعة أو الرحمن ، أو الدخان ، المعارج ، نون ، تبارك ، يعني الملك ، محمد ، الفتح ، ونحو ذلك من السور القرآنية ، وبكرا كذا وبكرا كذا لا يقرءون من البقرة أو النساء ، وبعد ذلك الدعاء ، فهل هذا الطريق مشروع في الإسلام ، وإن كان عكس ، فأين الطريق المشروع ، مع الدليل عنه ؟

فأجابوا : " قراءة القرآن مع تدبر معانيه من أفضل القربات ، ودعاء الله واللجأ إليه في التوفيق للخير وفي سعة الرزق ونحو ذلك من أنواع الخير عبادة مشروعة .

لكن القراءة بالصفة التي ذكرت في السؤال - من توزيع سور خاصة من القرآن على عدة أشخاص ، كل منهم يقرأ سورة ليدعو بعد ذلك بسعة الرزق ونحوها – بدعة ؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا ولا فعلا ، ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولا عن أئمة السلف رحمهم الله

والخير في اتباع من سلف ، والشر في ابتداع من خلف ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، ودعاء الله مشروع في كل وقت ومكان ، وعلى أي حال ، من شدة ورخاء ، ومما رغب فيه الشرع ، وحث على الدعاء فيه السجود في الصلاة ، ووقت السحر ، وفي آخر الصلاة قبل السلام ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ) رواه البخاري ومسلم .

وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم ) رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود .

وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء ) رواه مسلم وأبو داود والنسائي . وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علمه التشهد قال له : ( ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو ) وبالله التوفيق " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/486) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 16:57
حكم الرقص والإنشاد الصوفي

السؤال

لى صديق يقول بأنه سنى ويستمع للأناشيد الصوفية ويذهب إلى المساجد التى يتواجد بها مقامات (قبور) والصلاة بها ويرى أن هذا جائز بل ويرى أنه لايجب عليه أن ينصح من يتمسحون بالقبور فبماذا ننصحه ؟

وهل يجب علينا نصحه حتى وإن جادلنا ؛ لأن الرسول قال (أنا زعيم ببيت فى ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا) ولم أرد كسر قلبه وإظهار فضلي عليه؟ وإذا ظهر عليه أنه لا يقتنع هل أتركه لقول الله "فذكر إن نفعت الذكرى"؟

وعذرا على الاطالة وجزاكم الله خيرا

الجواب :

الحمد لله

أولا:

لا تجوز الصلاة في المساجد التي بنيت على القبور؛ للأحاديث الواردة في لعن من فعل ذلك

المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها ، ويجب أن تنبش القبور وينقل رفاتها إلى المقابر العامة ويجعل رفات كل قبر في حفرة خاصة كسائر القبور ، ولا يجوز أن يبقى في المساجد قبور ، لا قبر ولي ولا غيره ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى وحذر من ذلك ، ولعن اليهود والنصارى على عملهم ذلك ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :" لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت عائشة رضي الله عنها يحذر ما صنعوا "

أخرجه البخاري ( 1330 ) ومسلم ( 529 ) .

وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة بكنيسة في الحبشة فيها تصاوير فقال : " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله " م

تفق على صحته (خ/ 427 ، م/ 528) .

وقال عليه الصلاة والسلام : " ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " خرجه مسلم في صحيحه (532 ) عن جندب بن عبد الله البجلي . فنهى عليه الصلاة والسلام عن اتخاذ القبور مساجد ولعن من فعل ذلك ، وأخبر : أنهم شرار الخلق ، فالواجب الحذر من ذلك .

ومعلوم أن كل من صلى عند قبر فقد اتخذه مسجدا ، ومن بنى عليه مسجدا فقد اتخذه مسجدا ، فالواجب أن تبعد القبور عن المساجد ، وألا يجعل فيها قبور؛ امتثالا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحذرا من اللعنة التي صدرت من ربنا عز وجل لمن بنى المساجد على القبور؛ لأنه إذا صلى في مسجد فيه قبور قد يزين له الشيطان دعوة الميت ، أو الاستغاثة به ، أو الصلاة له ، أو السجود له ، فيقع الشرك الأكبر ، ولأن هذا من عمل اليهود والنصارى ، فوجب أن نخالفهم ، وأن نبتعد عن طريقهم ، وعن عملهم السيئ . لكن لو كانت القبور هي القديمة ثم بني عليها المسجد ، فالواجب هدمه وإزالته ؛ لأنه هو المحدث ، كما نص على ذلك أهل العلم؛ حسما لأسباب الشرك وسدا لذرائعه . والله ولي التوفيق .

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ( 10 / 246 ).

ثانيا:

أناشيد الصوفية تشتمل غالبا على الإطراء المذموم، في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وغيرهم، بل ما هو أعظم من ذلك من طلب المدد والعون من هؤلاء، فإن هذا من الشرك بالله تعالى.

وبعض هذه الأناشيد يتضمن كلمات الوحدة والاتحاد ، لا سيما في قصائد ابن عربي وابن الفارض، وهذا كفر عظيم غليظ.

وذلك من نحو قول ابن عربي:

لقد كنتُ قبلَ اليوم أنكرُ صاحبي *** إذا لم يكنْ ديني إلى دينِه دَانِي

لقد صارَ قلبى قابلاً كلَّ صورَةٍ *** فمَرْعًى لغِزْلانٍ ، وديرٌ لرُهبانِ

وبَيتٌ لأوْثانٍ ، وكعبةُ طائفٍ *** وألوَاحُ تَوْراةٍ ، ومُصْحَفُ قُرآنِ

أدينُ بدينِ الحُبّ ، أنّى توَجّهتْ *** رَكائِبُهُ ، فالحُبُّ دينى وإيمانى

وينظر: هذه الصوفية لعبد الرحمن الوكيل ص 89

ومن نحو قول ابن الفارض:

عيسى أخوك محمد** وكلكما بانٍ وشائد

فالمسلمون بالمساجد والنصارى بالكنائس واليهود بالمعابد

ألم يك آدم واحد ** أليس دين الله واحد

جعلوا قواعد للحياة ** فهل الحياة لها قواعد.

وهذا تسوية بين الكفر والإيمان؛ لأنه على مذهب أهل الاتحاد لا كفر ولا إيمان.

فيجب الحذر من القصائد التي ينشدها الصوفية فإن فيها البلاء العظيم.

وعلى فرض سلامة بعضها من ذلك، فإنهم ينشدون قصائدهم مع الرقص والتصفيق والتمايل ؛ معتقدين أن ذلك مشروع وقربة، وهو إحداث وابتداع وتشبه بالنساء.

وقد "سئل الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن جماعة من أهل الخير والصلاح والورع يجتمعون في وقت فينشد لهم منشد أبياتاً في المحبة وغيرها ، فمنهم من يتواجد فيرقص ، ومنهم من يصيح ويبكي، ومنهم من يغشاه شبه الغيبة عن إحساسه. فهل يكره لهم هذا الفعل أم لا؟ وما حكم السماع؟

فأجاب: الرقص بدعة لا يتعاطاه إلا ناقص العقل، ولا يصلح إلا للنساء .

وأما سماع الإنشاد المحرك للأحوال السنية، المذكر بما يتعلق بالآخرة : فلا بأس به ؛ بل يندب إليه عند الفتور وسآمة القلوب، لأن الوسائل إلى المندوب مندوبة .

والسعادة كلها في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتفاء الصحابة الذين شهد لهم بأنهم خير القرون، ولا يحضر السماع إلا من في قلبه هوى خبيث، فان السماع يحرك القلوب من هوى مكروه أو محبوب "

انتهى كتاب الفتاوى للعز بن عبد السلام، ص163، والمعيار للونشريسي (11/ 29).

وقال رحمه الله:

"وَأَمَّا الرَّقْصُ وَالتَّصْفِيقُ : فَخِفَّةٌ وَرُعُونَةٌ مُشْبِهَةٌ لِرُعُونَةِ الْإِنَاثِ ، لَا يَفْعَلُهَا إلَّا رَاعِنٌ ، أَوْ مُتَصَنِّعٌ كَذَّابٌ .

وَكَيْفَ يَتَأَتَّى الرَّقْصُ الْمُتَّزِنُ بِأَوْزَانِ الْغِنَاءِ ، مِمَّنْ طَاشَ لُبُّهُ ، وَذَهَبَ قَلْبُهُ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ : «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

وَإِنَّمَا اسْتَحْوَذَ الشَّيْطَانُ عَلَى قَوْمٍ يَظُنُّونَ أَنَّ طَرَبَهُمْ عِنْدَ السَّمَاعِ إنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَقَدْ مَانُوا فِيمَا قَالُوا ، وَكَذَبُوا فِيمَا ادَّعَوْا ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ عِنْدَ سَمَاعِ الْمُطْرِبَاتِ وَجَدُوا لَذَّتَيْنِ اثْنَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا لَذَّةُ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذِي الْجَلَالِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَذَّةُ الْأَصْوَاتِ وَالنَّغَمَاتِ ، وَالْكَلِمَاتِ الْمَوْزُونَاتِ ، الْمُوجِبَاتِ لِلذَّاتِ النَّفْسِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الدِّينِ ، وَلَا مُتَعَلِّقَةً بِأُمُورِ الدِّينِ .

فَلَمَّا عَظُمَتْ عِنْدَهُمْ اللَّذَّتَانِ : غَلِطُوا فَظَنُّوا أَنَّ مَجْمُوعَ اللَّذَّةِ إنَّمَا حَصَلَ بِالْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ بَلْ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِمْ حُصُولُ لَذَّاتِ النُّفُوسِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الدِّينِ بِشَيْءٍ.

وَقَدْ حَرَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ التَّصْفِيقَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» ، «وَلَعَنَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ» .

وَمَنْ هَابَ الْإِلَهَ وَأَدْرَكَ شَيْئًا مِنْ تَعْظِيمِهِ : لَمْ يُتَصَوَّرَ مِنْهُ رَقْصٌ وَلَا تَصْفِيقٌ، وَلَا يَصْدُرُ التَّصْفِيقُ وَالرَّقْصُ إلَّا مِنْ غَبِيٍّ جَاهِلٍ، وَلَا يَصْدُرَانِ مِنْ عَاقِلٍ فَاضِلٍ .

وَيَدُلُّ عَلَى جَهَالَةِ فَاعِلِهِمَا أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تَرِدْ بِهِمَا فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلَا مُعْتَبَرٌ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْجَهَلَةُ السُّفَهَاءُ الَّذِينَ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِمْ الْحَقَائِقُ بِالْأَهْوَاءِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] .

وَقَدْ مَضَى السَّلَفُ ، وَأَفَاضِلُ الْخَلَفِ ، وَلَمْ يُلَابِسُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ .

وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، واعْتَقَدَ أَنَّهُ غَرَضٌ مِنْ أَغْرَاضِ نَفْسِهِ ، وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ إلَى رَبِّهِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ إلَّا لِكَوْنِهِ قُرْبَةً ؛ فَبِئْسَ مَا صَنَعَ ، لِإِيهَامِهِ أَنَّ هَذَا مِنْ الطَّاعَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَقْبَحِ الرَّعُونَاتِ.

وَأَمَّا الصِّيَاحُ وَالتَّغَاشِي وَالتَّبَاكِي تَصَنُّعًا وَرِيَاءً :

فَإِنْ كَانَ حَالٌ لَا تَقْتَضِيهِ : فَقَدْ أَثِمَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إيهَامُهُ الْحَالَ التَّامَّةَ الْمُوجِبَةَ لِذَلِكَ.

وَالثَّانِي: تَصَنُّعُهُ بِهِ وَرِيَاؤُهُ .

وَإِنْ كَانَ عَنْ حَالٍ تَقْتَضِيهِ : أَثِمَ إثْمَ رِيَائِهِ ، لَا غَيْرَ .

وَكَذَلِكَ نَتْفُ الشُّعُورِ وَضَرْبُ الصُّدُورِ، وَتَمْزِيقُ الثِّيَابِ مُحَرَّمٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَأَيُّ ثَمَرَةٍ لِضَرْبِ الصُّدُورِ وَنَتْفِ الشُّعُورِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ إلَّا رَعُونَاتٌ صَادِرَةٌ عَنْ النُّفُوسِ"

انتهى من قواعد الأحكام في مصلحة الأنام (2/ 220).

ثالثا:

ينبغي أن تنصح صديقك وتعظه بترك سماع هذه القصائد، أو حضور مجالسها، وليس في ذلك كسر لقلبه ، ولا إظهار للفضل عليه، بل هو إحسان وشفقة ، ودليل على صدق المحبة، فإن من أحب أخاه : صدَقه القول، ومحضه النصح، ولم يرض له الهلاك.

وأما المراء : فقد جاء في مدح تاركه: ما روى أبو داود (4800) والترمذي (1993) وابن ماجه (51) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أب داود.

والمراء نوع من الجدال، لكنه يتضمن الاعتراض على الخصم لإظهار عيبه والتنقص منه.

وفي الموسوعة الفقهية (15/ 126): " المراء والمماراة: الجدال، وهو مصدر مارى ، يماري، أي جادل، ويقال أيضا : ماريته ، إذا طعنت في قوله ، تزييفا للقول، وتصغيرا للقائل .

قال الفيومي: ولا يكون المراء إلا اعتراضا ، بخلاف الجدال فإنه يكون ابتداء واعتراضا " انتهى.

وقال الصنعاني رحمه الله:

"وحقيقة المراء طعنك في كلام غيرك ، لإظهار خلل فيه ، لغير غرض سوى تحقير قائله ، وإظهار مزيتك عليه.

والجدال هو ما يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها، والخصومة لجاج في الكلام ليستوفي به مالا أو غيره . ويكون تارة ابتداء وتارة اعتراضا، والمراء لا يكون إلا اعتراضا .

والكل قبيح إذا لم يكن لإظهار الحق وبيانه ، وإدحاض الباطل وهدم أركانه.

وأما مناظرة أهل العلم للفائدة، وإن لم تخل عن الجدال : فليست داخلة في النهي، وقد قال تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} [العنكبوت: 46] ، وقد أجمع عليه المسلمون سلفا وخلفا" انتهى من سبل السلام (2/ 674).

وأما قوله تعالى: (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى) الأعلى/9، فيدل على أنه إذا لم يستجب الإنسان للنصيحة ، وكان الكلام معه يزيد في الشر : فإن الأولى تركه.

قال السعدي رحمه الله في تفسيره، ص920 : " {فَذَكِّرْ} بشرع الله وآياته {إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} أي: ما دامت الذكرى مقبولة، والموعظة مسموعة، سواء حصل من الذكرى جميع المقصود أو بعضه.

ومفهوم الآية أنه إن لم تنفع الذكرى، بأن كان التذكير يزيد في الشر، أو ينقص من الخير، لم تكن الذكرى مأمورًا بها، بل منهيًا عنها .

فالذكرى ينقسم الناس فيها قسمين: منتفعون وغير منتفعين.

فأما المنتفعون، فقد ذكرهم بقوله: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} الله تعالى، فإن خشية الله تعالى، وعلمه بأن سيجازيه على أعماله ، توجب للعبد الانكفاف عن المعاصي، والسعي في الخيرات.

وأما غير المنتفعين، فذكرهم بقوله: {وَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} وهي النار الموقدة، التي تطلع على الأفئدة" انتهى.

ولهذا نقول: استمر في نصح صاحبك، إلا إن ظهر عناده، وكان الكلام معه يحمله على مزيد من الانحراف والشر، فتوقف عن ذلك، واحرص على اختيار أصدقائك من أهل الاستقامة والسنة، فقد قال تعالى: ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف / 67 .

وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا ، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ ) رواه الترمذي ( 2395 ) وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) . رواه أبو داود (4833) ، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 17:01
حكم عمل مجموعة تجارية على الواتس آب تلزم الأعضاء
بعدد معين من الأذكار عند التسجيل وعند نجاح أي صفقة

السؤال :

هل يجوز فتح قروب ( تجمع ) تجاري الكتروني على برنامج الواتس اب وأن نجعل رسوم الانتساب لهذا القروب الصلاة على النبي عشر مرات يوميا وفي حال نجاح أي صفقة من خلال هذا القروب أن يكون هناك نسبة مشاركة يفرضها القروب على أطراف الصفقة بان يسبحوا الله ويحمدوه 100 مرة ؟ حيث أننا وعند تأسيس هذا القروب التجاري جاءتنا ردود بأنها أفكار بدعية ولا تجوز !!! أفيدونا أثابكم الله ونفع الامة بعلمكم مع جزيل

الجواب :

الحمد لله

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضال الأعمال والقربات، والتذكير بها والدعوة إليها عمل صالح نافع، يدخل في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والدلالة على الخير، والدال على الخير كفاعله، والنصوص في ذلك مشهورة معلومة.

وكذلك ذكر الله عز وجل، من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، فهنيئا لمن ذكّر إخوانه، ودعاهم إلى الطاعة.

لكن تحديد عدد معين من الذكر يقوم به المشتركون في المجموعة، أو إلزامهم بذكر معين ، أو عدد معين عند نجاح صفقة ما : ليس من السنة، بل هو من البدعة، ولهذا استنكر الصحابة مثل هذا واستعظموه .

فقد أخرج الدارمي (204) عن عمرو بن سلمة قَالَ : " كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَقَالَ : أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدُ ؟

قُلْنَا : لَا فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا خَيْرًا قَالَ : فَمَا هُوَ ؟

فَقَالَ : إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ قَالَ رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى فَيَقُولُ كَبِّرُوا مِائَةً فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً فَيَقُولُ هَلِّلُوا مِائَةً فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً وَيَقُولُ سَبِّحُوا مِائَةً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً قَالَ : فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ ؟ قَالَ : مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ وَانْتِظَارَ أَمْرِكَ قَالَ : أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ، ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ

قَالَ : فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ ، أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ ، قَالُوا : وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ

قَالَ : وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ وَأيْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ".

والأثر صححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (5/11).

فالعبادات مبناها على التوقيف، فلا يخترع لها زمان ولا مكان ولا عدد ولا هيئة، إلا أن يدل على ذلك دليل من الشرع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :" لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع ، لا على الهوى والابتداع "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (22 / 510) .

فالمشروع لكم أن تذكروا إخوانكم في المجموعة بين الحين والآخر بأذكار الصباح، وأذكار المساء، وبالتسبيح والتحميد، فيقال: سبحوا الله، أو استغفروه، أو صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو هذا، وبشكر الله في كل حال ، لا سيما عند تجدد النعم ، ومن هذا الشكر : البذل والتصدق مما أفاء الله على العبد ، والإفضال على خلق الله ؛ دون تحديد عدد معين، ولا إلزام به، ولا دعوة الأعضاء ليخبروا عن أنفسهم أنهم فعلوا ذلك .

والأكمل أن تساق النصوص الدالة على فضائل هذه الأذكار، بين الحين والآخر، كحديث : (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ)

رواه البخاري (6682) ومسلم (2694).

وحديث: (مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ) رواه الترمذي (3465) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

وحديث: (مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ)

رواه أبو داود (1517) والترمذي (3577) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

وحديث: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )

رواه مسلم (384).

إلى غير ذلك من الأحاديث، فيساق نص الحديث ويذكّر الأعضاء بما فيه من العمل والفضل.

وتساق نصوص شكر الله على النعم ، وفضائل الصدقات ، والبذل من فضل المال ، ونحو ذلك .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 17:04
تتواعد مع صديقاتها لصيام وعيادة
المريض وشهود الجنازة في يوم واحد

السؤال:

أقوم مع بعض الصديقات عندما يسمح لنا الوقت بالاجتماع يوما نصوم فيه ، ونصلي جنازة ، ونزور أحد المستشفيات العامة بنية زيارة مريض وإطعام ، عملا بحديث : ( ما اجتمعن في امرئ ) فهل ما نقوم به بدعة أم لا ؟

الجواب :

الحمد لله

روى مسلم (1028) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا ؟ ) ـ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَا ، قَالَ : ( فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَة ؟ً) ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَا ، قَالَ : ( فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ؟ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا ، قَالَ : ( فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا ؟ ) ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ).
وهذا دليل على فضل هذه الأعمال ، وفضل اجتماعها للإنسان في يوم واحد.

والصحابة رضي الله عنهم مع سماعهم لهذا الفضل، لم يتواعدوا على صيام أو إطعام أو زيارة!
والخير كل الخير في اتباع من سلف.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"ما حكم الصيام الجماعي والاتفاق على الإفطار سواء كان في رمضان أو الاثنين والخميس ؟

فأجاب : " لا ، أهم شيء الاتفاق على الصيام ، نحن نرى أن هذا مبدأ لم يكن عليه الصحابة أنهم يتواعدون أن يصوموا الاثنين والخميس وما أشبه ذلك ، ويخشى أن تتطور المسألة حتى يرتقي إلى ما هو أشد ، ثم نشبه أهل التصوف الذين يتفقون على ذكر معين يفعلونه جماعة ، فلذلك يقال للشباب : من صام غداً فسيكون الإفطار عند فلان مثلاً ، هذا لا بأس به ، لكن الاتفاق على صوم يومٍ معين هذا ليس من هدي الصحابة ، ثم كون الإنسان يعوّد نفسه أنه لا يصوم إلا إذا صام معه غيره ، هذا يُعَدُّ مشكلة ، فكون الإنسان يصوم من طوع نفسه سواء كان معه غيره أو لا ، هذا هو الذي عليه السلف الصالح"

انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (174/29) .

فينبغي ترك هذا الاتفاق والمواعدة ، ولتحرص كل واحدة منكن على فعل هذه الخيرات، وأن تخفيها قدر الاستطاعة ، طلبا للإخلاص وصلاح النية.

" وعرضنا هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك ـ حفظه الله تعالى ـ فقال :

" التواطئ على مثل هذه الأعمال بدعة ، وهذه النوافل من صلاة واتباع جنازة وعيادة مريض وصدقة يفعلها المسلم بنفسه دون ارتباط بأحد ، والتواطئ على مثل هذا يؤدي إلى المجاملة ، وبدلا من هذا التواطئ الأفضل أن يكون التواصي على فعل الخير دون أن يرتبط أحد بأحد " .

الشيخ محمد صالح المنجد .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 17:08
حكم تخصيص يوم الجمعة لعمل
حلقات لتعليم سورة الكهف

السؤال:

يريد أحد الإخوة أن نجلس في حلقات بين صلاة الجمعة الأولى والثانية لتعليم الناس سورة الكهف ، علما بأن الصلاة تكون في الجامعة في بلد غربي ، فهل يجوز نأن نقيم هذه الحلقات بشكل دائم علما بأنه من الصعب جمع الإخوة في يوم غير يوم الجمعة ؟

الجواب :

الحمد لله

الاجتماع لتعلم القرآن وتلاوته ومدارسته من صالح الأعمال والقربات ، ومن أنفس ما تبذل فيه الأوقات؛ لما جاء في فضل ذلك من النصوص ، كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ) رواه مسلم (2699).

وتخصيص ذلك بيوم الجمعة : لا حرج فيه ، ما دام التخصيص لكونه وقت فراغكم وإجازتكم، لا لاعتقاد فضل معين ؛ فإن ذلك لم يرد.

قال الدكتور محمد بن حسين الجيزاني: " قال أبو شامة : " ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع ، بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ، ليس لبعضها على بعض فضل ، إلا ما فضَّله الشرع ، وخصَّه بنوع من العبادة ، فإن كان ذلك ؛ اختص بتلك الفضيلة ، تلك العبادة دون غيرها ، كصوم يوم عرفة ، وعاشوراء ، والصلاة في جوف الليل ، والعمرة في رمضان " .

وقد بيَّن ابن تيمية المفسدة المترتبة على مثل هذا التخصيص فقال : " ... من أحدث عملاً في يوم ؛ كإحداث صوم أول خميس من رجب ... ... فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد في القلب .

وذلك لأنه لا بد أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله ، وأن الصوم فيه مستحب استحبابًا زائدًا على الخميس الذي قبله وبعده مثلاً ... ... إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه ، أو في قلب متبوعه ، لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة ؛ فإن الترجيح من غير مرجح ممتنع " .

من هنا يُعلم أن هذا التخصيص يسوغ متى خلا من هذه المفسدة ، وذلك بأن يستند التخصيص إلى سبب معقول يقصد مثلَه أهل العقل ، والفراغ والنشاط ، كتخصيص يوم الخميس لصلاة الاستسقاء ، لكونه يومًا يفرغ الناس فيه من أعمالهم ، فهو أيسر لاجتماع الناس ، وكقصر المرء نفسه على ورد محدد من العبادة يلتزمه في أوقات مخصوصة ، كل ليلة أو كل أسبوع ، لكون ذلك أدعى لديمومة العمل وأقرب إلى الرفق ، فمثل هذا التخصيص موافق لمقصد الشارع .

أما إذا صار التخصيص ذريعة إلى أن يعتقد فيه ما ليس مشروعًا ، فيمنع منه لأمرين :

أولاً : لأجل الذريعة ، وثانيًا : لكونه مخالفًا لمعنى التوسعة .

قال الشاطبي رحمه الله : " ثم إذا فهمنا التوسعة ، فلابد من اعتبار أمر آخر ، وهو أن يكون العمل بحيث لا يوهم التخصيصُ زمانًا دون غيره ، أو مكانًا دون غيره ، أو كيفية دون غيرها ، أو يوهم انتقال الحكم من الاستحباب - مثلاً - إلى السنة أو الفرض " .

وبهذا يتبين أن تخصيص العبادة المطلقة يسوغ بشرطين :

الأول : ألا يكون في هذا التخصيص مخالفة لمقصود الشارع في التوسعة والإطلاق .

والثاني : ألا يوهم هذا التخصيص أنه مقصود شرعًا" انتهى من " قواعد معرفة البدع " (ص54).

ثانيا:

قولك: إن هذه الحلقات تكون بين صلاة الجمعة الأولى والثانية، لم يظهر لنا المراد منه، فإن أردت أن الجامعة يقام فيها جمعتان، وأنكم بعد أدائكم الجمعة تتحلقون هذه الحلقات قبل أن يأتي غيركم لإقامة جمعتهم، فاعلم أن إقامة جمعتين في مسجد واحد لا تجوز، إلا أن تقام الجمعة الثانية في موضع من الجامعة غير الموضع الأول.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 17:15
دعاء لتفريج الهم وزوال الغم ، وحكم إرساله ونشره .

السؤال :

ما صحة هذا الدعاء الذي يرسل عبر الواتساب : اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك !! يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرج همي يسر أمري وارحم ضعفي وقلة حيلتي وارزقني من حيث لا أحتسب يا رب العالمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أخبر سبعة من الناس بهذا الدعاء فرج الله همه ) وجاء في نهاية الرسالة ( ارسلها بنية الفرج ) فما حكم هذه الكلمة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

قول الداعي : " اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك " دعاء ثابت ، كما في صحيح مسلم (2739) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، قَالَ : كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ) .

قال المناوي رحمه الله في " فيض القدير" (2/110) :

" ( اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ) أي ذهابها ، ويعم النعم الظاهرة والباطنة ، والاستعاذة من زوال النعم ، تتضمن الحفظ عن الوقوع في المعاصي ؛ لأنها تزيلها .

( وتحول عافيتك ) أي تبدُّلها ، فكأنه سأل دوام العافية ، وهي السلامة من الآلام والأسقام .

( وفجاءة نقمتك ) : بغتة غضبك وعقوبتك .

( وجميع سخطك ) : أي سائر الأسباب الموجبة لذلك ، وإذا انتفت أسبابها حصلت أضدادها " انتهى .

فيشرع الدعاء بذلك ، ولا بأس بنشره ، وحض الناس عليه .

ثانيا :

أما قوله : " يا فارج الهم ، ويا كاشف الغم ، فرج همي ويسر أمري ، وارحم ضعفي وقلة حيلتي ، وارزقني من حيث لا أحتسب يا رب العالمين " ، فلا نعلم له أصلا بهذا التمام ، وهذا السياق ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ولكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في الدعاء بتفريج الهم وتيسير الأمر وطلب الرزق ، ما هو خير وأنفع للعبد من ذلك :

فروى أحمد (3704) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ : أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا ) ، صححه الألباني في " الصحيحة " (199) .

وروى البخاري (2893) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : كُنْتُ أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ) .

وقد ورد عن عبد الرحمن بن سابط قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعظمهن : ( اللهم فارج الهم ، وكاشف الكرب ، ومجيب المضطرين ، ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، ارحمني اليوم رحمة واسعة تغنيني بها عن رحمة من سواك ) رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/109) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن سابط ، وهو من التابعين ، فحديثه مرسل ، ضعيف .

ثالثا :

الدعاء المذكور لا بأس به من حيث الجملة ، وقد تقدم أنه متى استقام معنى الدعاء ، وصح لفظه ، جاز الدعاء به ، ولو لم يكن مأثورا .

إلا أنه لا يتخذه عادة ووردا ، ويدعو الناس إلى الدعاء به ، وينشره في المواقع ، فإن مثل ذلك غير مشروع ؛ إذ لا يشرع المداومة على شيء من الأدعية إلا الثابت بنص الشرع في الكتاب أو السنة .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وَمِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَيْبًا : مَنْ يَتَّخِذُ حِزْبًا لَيْسَ بِمَأْثُورِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ كَانَ حِزْبًا لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ ، وَيَدَعُ الْأَحْزَابَ النَّبَوِيَّةَ الَّتِي كَانَ يَقُولُهَا سَيِّدُ بَنِي آدَمَ ، وَإِمَامُ الْخَلْقِ ، وَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (22/525) .

رابعا :

أما أن ينسب هذا الدعاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه قال : ( من أخبر سبعة من الناس بهذا الدعاء فرج الله همه ) : فهذا لا يجوز ، وخاصة قوله : ( من أخبر سبعة من الناس بهذا الدعاء فرج الله همه ) ، فإنه باطل لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في مقدمة الصحيح (1/7) .

قال النووي رحمه الله :

" فِيهِ تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّض لَهُ ، وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُ مَا يَرْوِيهِ فَرَوَاهُ كَانَ كَاذِبًا , وَكَيْف لَا يَكُون كَاذِبًا وَهُوَ مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ ؟ "

انتهى من " شرح مسلم للنووي " .

خامسا :

قوله : " أرسلها بنية الفرج " بدعة أخرى ، فلا يجوز إرسالها بنية الفرج أو غيره ؛ لما اشتملت عليه من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والحاصل :

أن هذا الدعاء لا بأس به ، وليس في ألفاظه شيء منكر ، إلا أنه لا يجوز أن ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا أن يجعل له فضيلة خاصة ، ولا أن يحث على نشره بين الناس . وهناك من أدعية كشف الكرب ما هو ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهي أولى أن يدعو بها المسلم وينشرها بين الناس .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

علي الواسطي
2018-03-17, 22:24
أستعين بالله

السلام عليكم -

اخانا العزيز -راينا جوابكم عن سؤال حكم الصلاة في مسجدٍ فيه قبر-فخطر في بالنا إستفسار

وارجوا أن يتريث عمي صالح في عدم التسرع ومسح مشاركتنا كما السابق -او إلغاء عضويتنا

لكن لابأس فالعمر ساعة فالنجعلها لله طاعة بمشيئته تعالى وتوفيقه- فأن ألغيت عضويتنا فالملتقى يوم الحساب

فنتعارف ونتعاتب -والله خير من يحكم -المهم \ ترى ما قولكم في قوله تعلى:

وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ – فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا – رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ -قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا -الكهف

فهل هؤلاء الذين بنوا مسجداً ملعونين والعياذ بالله ...؟

ثم ماتقول من صلى في المسجد النبوي -وفيه قبر لسيد الكائنات وخير خلق الله اجمعهم ....؟

وأقصد قبر نبينا محمدٌ صل الله عليه وأله وسلم

وللمشرف المراقب:

كما ترى هو إستفسار وليس غاية كما صرحت لنا -لكنما كل من عليها فان -فلا بأس أن نقلع...! -

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 02:01
أستعين بالله

السلام عليكم -

اخانا العزيز -راينا جوابكم عن سؤال حكم الصلاة في مسجدٍ فيه قبر-فخطر في بالنا إستفسار

وارجوا أن يتريث عمي صالح في عدم التسرع ومسح مشاركتنا كما السابق -او إلغاء عضويتنا

لكن لابأس فالعمر ساعة فالنجعلها لله طاعة بمشيئته تعالى وتوفيقه- فأن ألغيت عضويتنا فالملتقى يوم الحساب

فنتعارف ونتعاتب -والله خير من يحكم -المهم \ ترى ما قولكم في قوله تعلى:

وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ – فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا – رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ -قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا -الكهف

فهل هؤلاء الذين بنوا مسجداً ملعونين والعياذ بالله ...؟

ثم ماتقول من صلى في المسجد النبوي -وفيه قبر لسيد الكائنات وخير خلق الله اجمعهم ....؟

وأقصد قبر نبينا محمدٌ صل الله عليه وأله وسلم

وللمشرف المراقب:

كما ترى هو إستفسار وليس غاية كما صرحت لنا -لكنما كل من عليها فان -فلا بأس أن نقلع...! -

عليكم السلام ورحمه الله وبركاته

اهلا ومرحبا اخي الكريم

قد تكلم العلماء قديماً وحديثاً في هذه المسألة ، وردوا على من استدل بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده على جواز اتخاذ القبور مساجد ، أو إدخال القبور في المساجد ، وسنذكر هاهنا فتاوى لبعض علمائنا المحققين ، وفيها تفصيل ما في السؤال من إشكال .

1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" هنا شبهة يشبه بها عُبَّاد القبور ، وهي : وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده ، والجواب عن ذلك : أن الصحابة رضي الله عنهم لم يدفنوه في مسجده ، وإنما دفنوه في بيت عائشة رضي الله عنها ، فلما وَسَّعَ الوليد بن عبد الملك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في آخر القرن الأول أدخل الحجرة في المسجد ، وقد أساء في ذلك ، وأنكر عليه بعض أهل العلم ، ولكنه اعتقد أن ذلك لا بأس به من أجل التوسعة .

فلا يجوز لمسلم أن يحتج بذلك على بناء المساجد على القبور ، أو الدفن في المساجد ؛ لأن ذلك مخالف للأحاديث الصحيحة ؛ ولأن ذلك أيضا من وسائل الشرك بأصحاب القبور " انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (5/388، 389) .

2. سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم الصلاة في مسجد فيه قبر ؟

فأجاب :

" الصلاة في مسجد فيه قبر على نوعين :

الأول : أن يكون القبر سابقاً على المسجد ، بحيث يبنى المسجد على القبر ، فالواجب هجر هذا المسجد وعدم الصلاة فيه ، وعلى من بناه أن يهدمه ، فإن لم يفعل وجب على ولي أمر المسلمين أن يهدمه .

والنوع الثاني : أن يكون المسجد سابقاً على القبر ، بحيث يدفن الميت فيه بعد بناء المسجد ، فالواجب نبش القبر ، وإخراج الميت منه ، ودفنه مع الناس .

وأما المسجد فتجوز الصلاة فيه بشرط أن لا يكون القبر أمام المصلي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور .

أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي شمله المسجد النبوي فمن المعلوم أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بُنِيَ قبل موته فلم يُبْنَ على القبر ، ومن المعلوم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن فيه ، وإنما دفن في بيته المنفصل عن المسجد

وفي عهد الوليد بن عبد الملك كتب إلى أميره على المدينة وهو عمر بن عبد العزيز في سنة 88 من الهجرة أن يهدم المسجد النبوي ويضيف إليه حجر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فجمع عمر وجوه الناس والفقهاء وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد فشق عليهم ذلك ، وقالوا : تَرْكُها على حالها أدعى للعبرة

ويحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة ، كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً فكتب عمر بذلك إلى الوليد فأرسل الوليد إليه يأمره بالتنفيذ فلم يكن لعمر بُدٌّ من ذلك ، فأنت ترى أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يوضع في المسجد ، ولم يُبْنَ عليه المسجد ، فلا حجة فيه لمحتج على الدفن في المساجد أو بنائها على القبور

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ، قال ذلك وهو في سياق الموت تحذيراً لأمته مما صنع هؤلاء ، ولما ذكرت له أم سلمة رضي الله عنها كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها من الصور قال : " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح

أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً ، أولئك شرار الخلق عند الله " ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن مِن شرار الناس مَن تدركهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتخذون من القبور مساجد " أخرجه الإمام أحمد بسند جيد .

والمؤمن لا يرضى أن يسلك مسلك اليهود والنصارى ، ولا أن يكون من شرار الخلق .

"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/السؤال رقم 292) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-19, 05:12
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

لماذا سمى عمر رضي الله عنه جمعه الناس
في صلاة التراويح على إمام واحد : بدعة ؟

السؤال:

جمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس على صلاة التراويح ، وقال : إن تلك بدعة حسنة ، فلماذا قال عنها بدعة مع أنه من الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا باتّباع أقوالهم وأفعالهم والتي هي جزء من السنة ؟

الجواب:

الحمد لله

أولا :

روى البخاري (2010) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : " خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ: "إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ ، لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ ، قَالَ عُمَرُ: "نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ " .

وقول عمر رضي الله عنه : " نعم البدعة هذه " إنما قصد بتسميتها بدعة معناها اللغوي ؛ يعني : أنها أمر جديد ، لم تجر به عادة الناس وعملهم .

وذلك أن جمع الناس في رمضان كل ليلة على إمام واحد باستمرار وانتظام : لم يكن من قبل ، فاعتبر ظاهر الحال ، وقصد المعنى اللغوي للبدعة ، ولم يقصد المعنى الشرعي لها ، الذي يعني : استحداث أمر في الدين ، وليس منه ، مع نسبته إلى الدين ؛ فصلاة التراويح من الدين المشروع المندوب إليها ، وهكذا صلاتها جماعة : من الأمر المرغب فيه المندوب إليه ، وثبت أصله من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله .

وقد نص أهل العلم على ذلك :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" هذه تسمية لغوية ، لا تسمية شرعية ، وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق .
وأما البدعة الشرعية: فما لم يدل عليه دليل شرعي ، فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل أو إيجابه بعد موته ، أو دل عليه مطلقا، ولم يعمل به إلا بعد موته، ككتاب الصدقة ، الذي أخرجه أبو بكر-رضي الله عنه- فإذا عمل ذلك العمل بعد موته ، صح أن يسمى بدعة في اللغة؛ لأنه عمل مبتدأ .

كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بدعة ، ويسمى محدثا في اللغة، كما قالت رسل قريش للنجاشي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين إلى الحبشة: " إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم، ولم يدخلوا في دين الملك، وجاءوا بدين محدث لا يعرف " .

ثم ذلك العمل الذي يدل عليه الكتاب والسنة : ليس بدعة في الشريعة، وإن سمي بدعة في اللغة، فلفظ البدعة في اللغة ، أعم من لفظ البدعة في الشريعة .

وقد علم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة) لم يرد به كل عمل مبتدأ، فإن دين الإسلام ، بل كل دين جاءت به الرسل ، فهو عمل مبتدأ، وإنما أراد: ما ابتُدئ من الأعمال التي لم يشرعها هو صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان كذلك: فالنبي صلى الله عليه وسلم قد كانوا يصلون قيام رمضان على عهده جماعة وفرادى؛ وقد قال لهم في الليلة الثالثة، أو الرابعة لما اجتمعوا: ( إنه لم يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهة أن تفرض عليكم ، فصلوا في بيوتكم ؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته ، إلا المكتوبة) .

فعلّل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشية الافتراض ، فعلم بذلك أن المقتضي للخروج قائم ، وأنه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم .

فلما كان في عهد عمر رضي الله عنه جمعهم على قارئ واحد ، وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة ، وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد ، مع الإسراج : عملا لم يكونوا يعملونه من قبل؛ فسمي بدعة؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك ، ولم يكن بدعة شرعية ؛ لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح ، لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض قد زال بموته صلى الله عليه وسلم ، فانتفى المعارض " .

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 95-97) .

وقال ابن رجب رحمه الله :

" وأما ما وقع في كلام السَّلف مِنِ استحسان بعض البدع ، فإنَّما ذلك في البدع اللُّغوية ، لا الشرعية ، فمِنْ ذلك قولُ عمر - رضي الله عنه - لمَّا جمعَ الناسَ في قيامِ رمضان على إمامٍ واحدٍ في المسجد، وخرج ورآهم يصلُّون كذلك فقال: نعمت البدعةُ هذه. وروي عنه أنَّه قال: إنْ كانت هذه بدعة، فنعمت البدعة "

ومرادُه أنَّ هذا الفعلَ لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت ، ولكن له أصولٌ منَ الشَّريعةِ يُرجع إليها، فمنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يحُثُّ على قيام رمضان ، ويُرَغِّبُ فيه ، وكان النَّاس في زمنه يقومون في المسجد جماعاتٍ متفرِّقةً ووحداناً، وهو - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بأصحابه في رمضانَ غيرَ ليلةٍؤ، ثم امتنع مِنْ ذلك معلِّلاً بأنَّه خشي أنْ يُكتب عليهمؤ، فيعجزوا عن القيام بهؤ، وهذا قد أُمِنَ بعده - صلى الله عليه وسلم " .

انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2/ 783) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" وضّح أهل العلم أن مراد عمر في ذلك من حيث اللغة العربية ؛ لأنه رضي الله عنه جمع الناس على إمام واحد ، وكانوا متفرقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الصديق ، فلما كان عهده رضي الله عنه جمعهم على إمام واحد ، ومر عليهم ذات ليلة وهم يصلون فقال : نعمت هذه البدعة ، يعني: جمعه لهم على إمام واحد مستمر منتظم .
هذا من حيث اللغة العربية ، وليس مقصوده أن هذه البدع، الأساس والأصل، فإنه رضي الله عنه لا يمكن أن يوجد البدع ، ولا يقر البدع "
.
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (3/ 33) .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

" قول عمر: " نعمت البدعة هذه " لم يقصد به البدعة بمعناها الشرعي ، الذي هو إحداث شيء في الدين على غير مثال سابق ، وإنما قصد البدعة بمعنى من معانيها اللغوية ، وهو الأمر الحديث الجديد الذي لم يكن معروفا قبيل إيجاده ، ومما لا شك فيه أن صلاة التراويح جماعة وراء إمام واحد : لم يكن معهودا ولا معمولا زمن خلافة أبي بكر وشطرا من خلافة عمر ، فهي بهذا الاعتبار حادثة، ولكن بالنظر إلى أنها موافقة لما فعله صلى الله عليه وسلم فهي سنة وليست بدعة ، وما وصفها بالحسن إلا لذلك "
.
انتهى من "صلاة التراويح" (ص 50) .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-03-19, 05:17
هل تقسيم العلوم وتصنيفها بدعة حسنة ؟

السؤال :

هل تطوير العلوم الفقهية وتجزئة الأبواب الفقهية تعد " بدعة حسنة " ، بالإضافة إلى تقسيم الحديث إلى ضعيف وحسن وصحيح ... إلخ ، فهل تصنيف هذه الأشياء يعد " بدعة حسنة " ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

تقسيم العلوم وتفريعها والبناء عليها كلها من العمليات العقلية التي تتقدم بتقدم الزمان ، وزيادة العلوم ، وبلوغ الغاية في التحقيق فيها ، فالعلم تاريخ إنساني تراكمي .

وقد مثلت عملية جمع المصحف الشريف في عهد الخلافة الراشدة ، ثم تصنيف السنة النبوية في مصنفات جامعة في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله ( ت101هـ ) النواة الأولى لبناء العلوم الشرعية ، وتقسيمها ، وتبويب مصنفاتها ، بل وفي الصحائف الأولى التي كتبت في العهد النبوي وعهد الصحابة والتابعين

: ما يدل على بدايات تقسيم الكتب الفقهية إلى فروع وأبواب ، ومن أشهرها الوثيقة الدستورية التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابتها بينه وبين يهود المدينة والمهاجرين والأنصار ، وكتاب " الصدقات " الذي كان عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ولمن أراد الاطلاع عليها بتوسع يمكنه مراجعة كتاب " تاريخ تدوين السنة " للدكتور حاكم المطيري .

وقد ذكر الذهبي طبقةً من العلماء تبدأ بـمكحول (ت113هـ) ، والزهري (ت124هـ)، وتنتهي بربيعة بن عبدالرحمن (ت136هـ) – وهم من تلاميذ الصحابة – فقال عنهم : " وشرع الكبار في تدوين السنن وتأليف الفروع وتصنيف العربية ". فالتأليف - بمعناه الدقيق - بدأ في آخر القرن الأول .

وهو مخرج على قاعدة " المصالح المرسلة " التي أخذ بها الفقهاء في كل مصلحة حادثة تظهر حاجة الأمة إليها ، ولا يرد في نصوص الشريعة أمر خاص بها ، فكان هذا الباب أحد أهم أسباب المرونة في التشريع الإسلامي ، وواحدا من أكثر الموارد الفقهية حاجة إليها عبر العصور المختلفة .

يقول الإمام الشاطبي رحمه الله – بعد ذكر صور من المصالح المرسلة واشتباهها على بعض الناس بالبدع - : " جميع ما ذكر فيه من قبيل المصالح المرسلة ، لا من قبيل البدعة المحدثة . والمصالح المرسلة قد عمل بمقتضاها السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم ، فهي من الأصول الفقهية الثابتة عند أهل الأصول ، وإن كان فيها خلاف بينهم ، ولكن لا يعود ذلك بقدح على ما نحن فيه .

أما جمع المصحف ، وقصر الناس عليه ، فهو على الحقيقة من هذا الباب ... فحقٌّ ما فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن له أصلا يشهد له في الجملة ، وهو الأمر بتبليغ الشريعة ، والتبليغ كما لا يتقيد بكيفية معلومة ؛ لأنه من قبيل المعقول المعنى ، فيصح بأي شيء أمكن ، من الحفظ والتلقين والكتابة وغيرها ، كذلك لا يتقيد حفظه عن التحريف والزيغ بكيفية دون أخرى ، إذا لم يعد على الأصل بالإبطال ، كمسألة المصحف ، ولذلك أجمع عليه السلف الصالح .

وأما ما سوى المصحف فالأمر فيه أسهل ، فقد ثبت في السنة أصل كتابة العلم ، ففي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : ( اكتبوا لأبي شاه )، وذكر أهل السير أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب يكتبون له الوحي وغيره ... وأيضا فإن الكتابة من قبيل ما لا يتم الواجب إلا به

إذا تعين لضعف الحفظ ، وخوف اندراس العلم ، وإنما كره المتقدمون كتب العلم لأمر آخر ، لا لكونه بدعة ، فكل من سمى كتب العلم بدعة فإما متجوز ، وإما غير عارف بوضع لفظ البدعة ، فلا يصح الاستدلال بهذه الأشياء على صحة العمل بالبدع .

وإن تعلق بما ورد من الخلاف في المصالح المرسلة ، وأن البناء عليها غير صحيح عند جماعة من الأصوليين ، فالحجة عليهم إجماع الصحابة على المصحف والرجوع إليه ، وإذا ثبت اعتبارها في صورة : ثبت اعتبارها مطلقا ، ولا يبقى بين المختلفين نزاع إلا في الفروع "

انتهى باختصار من " الاعتصام " (1/316-319) .

ثانيا :

أما تسمية ذلك بأنه " بدعة حسنة " ففيه تفصيل واحتمالان :

الاحتمال الأول : إذا كان المقصود بإطلاق " البدعة " المصطلح الشرعي الذي ورد ذمه في الكتاب والسنة ، خاصة في قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) رواه مسلم (867) فلا يصح تسميتها بأنها " بدعة حسنة "، فوصف الحُسن يتناقض مع الذم الثابت بالأدلة الشرعية .

وهذا مقتضى قول من أنكر تقسيم البدعة إلى سيئة وحسنة كما يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" إذا ظن ظانٌ أن هذه بدعة ، وأنها حسنة ، فهو مخطئٌ في أحد الوجهين :

إما أنها ليست ببدعة ، وهو يظن أنها بدعة ، كما لو قال : تصنيف السنة وتبويبها هذا بدعة ، لكنه بدعةٌ حسنة ، أو قال : بناء المدارس بدعة ، لكنه بدعةٌ حسنة ، أو ما أشبه ذلك .

نقول : أنت أخطأت في تسمية ذلك بدعة ؛ لأن فاعل ذلك لا يتقرب إلى الله تعالى بنفس الفعل ، لكن يتقرب إلى الله بكونه وسيلةً إلى تحقيق أمرٍ مشروع ، فتصنيف الكتب مثلاً وسيلة إلى تقريب السنة وتقريب العلم ، فالمقصود أولاً وآخراً هو السنة وتقريبها للناس ، وهذا التصنيف وسيلة إلى قربها إلى الناس

فلا يكون بدعةً شرعاً ؛ لأنك لو سألت المصنف قلت : تصنف هذا الكتاب على أبواب وفصول تتعبد إلى الله بهذا التصنيف ، بحيث ترى أن من خالفه خالف الشريعة ؟ أو تتقرب إلى الله تعالى بكونه وسيلةً إلى مقصودٍ شرعي ، وهو : تقريب السنة للأمة ؟ سيقول : إني أقصد الثاني ، لا أقصد الأول .

وبناءً على هذا نقول : إن تصنيف الكتب ليس ببدعةٍ شرعية
.
كذلك أيضاً بناء المدارس للطلاب ، هذا أيضاً ليس موجوداً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، لكنه وسيلةٌ إلى أمرٍ مقصودٍ للشرع ، وهو : القيام بمعونة للطالب ليتفرغ للعلم ، فهو ليس في ذاته عبادة ، ولكنه وسيلة .

ولهذا تجد الناس يختلفون في بناء المدارس ، بعضهم يبنيها على هذه الكيفية ، وبعضهم يبنيها على هذه الكيفية ، ولا يرى أحد الطرفين أن الآخر مبتدعٌ ؛ لكونه أتى بها على وجه مخالف للمدرسة الأخرى ؛ لأن الكل يعتقد أن هذه وسيلة ليست مقصودةً لذاتها ، إذاً هذا ليس ببدعة ، لكنه وسيلةٌ إلى عملٍ مشروع "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (4/ 2، بترقيم الشاملة آليا).

ويقول أيضا رحمه الله :

" هذه الأشياء إن فعلها فاعلها على وجه القربة والتعبُّد فإنها بدعة وضلالة ، وإن كانت من باب الوسائل إلى أمر مشروع كتصنيف العلوم ، وطباعة الكتب ونحو ذلك فهي مشروعة مشروعية الوسائل "

انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (17/ 380) .

الاحتمال الثاني :

أما إذا كان المقصود بأنها " بدعة حسنة " على سبيل الاصطلاح الخاص ، بتسمية السنن الحسنة أو المحدثات الحسنة " بدعة "، اعتبارا بالمعنى اللغوي العام للبدعة ، فلا بأس في ذلك ولا حرج ، كما أطلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله : ( نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ ) رواه البخاري (2010)، وكما قرر كثير من الفقهاء والعلماء كالشافعي والعز بن عبدالسلام والنووي وغيرهم تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة ، ولهذا قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : " ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع : فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية " .

انتهى من " جامع العلوم والحكم " (2/128).

فإذا فُهِم مَوْرِد التقسيم واعتباره ، كما سبق بيانه : تبين أن الخلاف لفظي في المسألة ، على الأقل ، على مستوى الدرس الاصطلاحي فقط .

يقول أبو شامة المقدسي رحمه الله :

" مما يعد أيضا من البدع الحسنة : التصانيف في جميع العلوم النافعة الشرعية على اختلاف فنونها ، وتقرير قواعدها ، وتقسيمها ، وتقريرها ، وتعليمها ، وكثرة التفريعات وفرض المسائل التي لم تقع ، وتحقيق الأجوبة فيها ، وتفسير الكتاب العزيز ، وأخبار النبوة ، والكلام على الأسانيد والمتون

وتتبع كلام العرب نثره ونظمه ، وتدوين كل ذلك ، واستخراج علوم جمة منه كالنحو والمعاني والبيان والأوزان ، فذلك وما شاكله معلومٌ حسنُه ، ظاهرةٌ فائدته ، معين على معرفة أحكام الله تعالى وفهم معاني كتابه وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكل ذلك مأمور به ، ولا يلزم من فعله محذور شرعي "

انتهى من " الباعث " (ص/24) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-19, 05:22
هل ثبت أن قراءة أواخر سورة الفتح ييسر الله
به الزواج للمرأة ، ويجمع لها به الخير كله ؟

السؤال:

استمعت إلى شخص في التلفاز وهو ينصح الفتيات اللواتي لم يتزوجن بعد وطال بهن المكث بأن يقرأن أواخر سورة الفتح ، وقال : إن الله يجمع لمن قرأتها الخير كله في هذا العالم ، ويأتيها الزواج مسرعاً

وعتب على من ينتقده لقول مثل هذا الأمر مع أنه صحيح ، حسب تعبيره. فهل تعتقدون أن ما قاله صحيح ؟ لقد بحثنا فلم نجد له أًصلاً ، أرجو ذكر أدلة قوية واضحة.

الجواب:

الحمد لله

أولا :

لا نعلم في نصوص الشرع ما يدل على أن قراءة أواخر سورة الفتح لها فضل مخصوص ، لا في الزواج ولا في غيره ، فالقول بأن قراءة أواخر هذه السورة ييسر الله به الزواج للمرأة ، ويجمع لها به الخير كله : قول بلا دليل ، فهو من التقول على الله ورسوله ، ومن الإحداث في دين الله ، وعلى من يريد سعادة الدارين من ذكر أو أنثى أن يتقي الله تعالى في سره وعلنه ، وأن يكون قائما على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، مسارعا في الخيرات ، مجتنبا للمحرمات ، متوكلا على ربه ، حسن الظن به ، قال الله تعالى :

(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/ 97 .
قال ابن كثير رحمه الله :

" هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا - وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه من ذكر أو أنثى من بني آدم ، وقلبه مؤمن بالله ورسوله ، وأن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله - بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة.

والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت"

انتهى من"تفسير ابن كثير" (4 /601) .

وقال تعالى : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) هود/ 3 .

قال ابن القيم رحمه الله :

" فبين سبحانه أنه يسعد المحسن بإحسانه في الدنيا وفي الآخرة ، كما أخبر أنه يشقى المسيء بإساءته في الدنيا والآخرة "

انتهى من "إغاثة اللهفان" (1 /23) .

وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2-3، فتقوى الله سبب هام من أسباب الرزق .

فعلى من أرادت الخير لنفسها ، وأن يرزقها الله تعالى الزوج الصالح ، والذرية الصالحة : أن تحقق تقوى الله تعالى ، وتكثر من العمل الصالح ، وتحسن الظن بالله ، وتكثر من الدعاء والتضرع ، ولا تيأس من رحمة الله .

ثم بعد ذلك تسلم لأمر الله تعالى وترضى به ، وتعلم أن الله تعالى لن يقدر لها إلا الخير .

فقد يريد العبد شيئا فيصرفه الله عنه أو يؤخره ، لأن الله يعلم أن ذلك خير له وأصلح .

قال الله تعالى : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة / 216 .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-19, 05:24
حكم قول : " يا شافي يا كافي "
قبل تناول الدواء ؛ طلبا للشفاء ؟

السؤال:

أوصاني بعض الأقارب (الهنود) بقول "يا شافي يا كافي" قبل تناول الدواء، رجاءً في طلب العلاج. فهل هذا مشروع، وهل له أصل في السنة؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب :

الحمد لله

هذا الدعاء لم يرد في السنة النبوية .

لكن يشرع للمريض أن يدعو الله تعالى لقضاء حاجته في كل وقت بما شاء من الدعاء ، ويذكر من أسماء الله وصفاته ما يناسب سؤاله ، دون أن يعتقد أن لهذا الدعاء فضلاً خاصاً .

وقد عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى فقال :

" لا بأس بذلك ؛ لأن هذا من الدعاء الذي له مناسبة حاضرة ، وليس هو من باب الذكر ".
انتهى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-19, 05:30
كيف تتصرف مع أصدقائها وما يقدمونه
من الهدايا بسبب عيد ميلادها ؟

السؤال :

عندي إشكال في فهم حكم الاحتفال بعيد الميلاد ، وهل هو بدعة مؤدية الى الكفر، وعليه أتمنى منكم الإيضاح. فقد سمعت أن الاحتفال بعيد الميلاد نوع من أنواع البدعة، لكن قد أجد نفسي مضطرة لتلقي بعض التهاني من بعض الأصدقاء ، وربما بعض الهدايا أيضاً في عيد ميلادي، وفي هذه الحالة لا بد من مقابلة صنيع الإحسان بالإحسان من باب الأدب واللباقة، أي بتبادل كلمات الشكر والثناء على من أهداني أو هنئني

وأنا بالطبع لا أنوي بذلك إضافة شيء في الدين ، لأني أعلم أن هذا الأمر بدعة ، لكن إنما فرض عليّ التعامل معه دون رضاً مني ، فهل معنى هذا أن جميع أعمالي الصالحة في المستقبل لن تقبل؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

احتفال الشخص بيوم ميلاده محرم لا يجوز ، وذلك لسببين :

الأول : أنه بدعة محدثة ، وإحداث أعياد متكررة لا يجوز .

الثاني : أن فيه تشبها بالكفار ، إذ هو من عاداتهم
.
والحكمة من النهي عن التشبه بالكفار في ظاهر أعمالهم وعاداتهم ، هي : حفظ المسلم من أن يضل ، فقد يستدرجه الشيطان بتشبهه بهم ، إلى أن يعجب بسيرتهم وطريقتهم ، فيضل عن الحق كما ضلوا .

قال ابن القيِّم رحمه الله :

" وسرّ ذلك : أَنّ المشابهة في الهدي الظّاهر : ذريعة إلَى الموافقة في القصد والعمل "

انتهى من " إعلام الموقعين " ( 5 / 13 – 14 ) .

فاحتفال المسلم بيوم ميلاده ليس كفرا ، ولا يحبط ثواب أعمال صاحبه ، ولكنه محرم لما سبق ذكره من الأسباب .

ثانيا :

أما تحرّجك من أصحابك ومعارفك ، وقبول التهنئة والهدية وشكر من فعل ذلك ، فإن ذلك سيفهم منه رضاك بالاحتفال بهذه المناسبة .

والذي ينبغي في مثل هذا هو بيان الحكم الشرعي للمهدي والمهنئ بالرفق واللين والأسلوب الحسن .

فإن خشيت فساد العلاقة بينك وبينهم بسبب ذلك ، فإنك تشكرينهم على اهتمامهم بك ، وتبينين لهم أنك ستقبلين الهدية لأجل الصداقة والمحبة التي بينكم ، وليس من أجل عيد الميلاد ، وتطلبين منهم أنهم لا يعودون لهذا مرة أخرى ، لأنك لا تحتفلين أصلا بهذه المناسبة ، وهي خاصة بك ، فكيف يحتفل بها الآخرون ؟!

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-19, 05:32
حكم قبولها الهدايا والأكل من الحلوى
في عيد ميلادها الذي يقيمه أهلها

السؤال :

الحمد لله أنا لا أحتفل بعيد ميلادي ولكن إن قدمت لي هدية يوم عيد ميلادي فماذا أصنع؟

هل أقبلها أم أردها؟ علما أنه قد تغضب مني صديقتي في حال لم أقبل هديتها . وغالبا ما تحتفل عائلتي بمثل هذا اليوم وذلك بطبخ الحلويات فماذا أصنع ؟ وهل يجوز لي الأكل منها؟

وماذا لو أهديت هدية بعد عيد ميلادي بيوم ، علما وأنها اشتريت لأجل هذا العيد لا غير ، فهل يجوز لي أن أقبلها؟

الجواب :

الحمد لله

الاحتفال بميلاد الإنسان وجعله عيدا يعود كل عام ، بدعة محدثة ، وتشبه بالكفار ، ولهذا يحرم الاحتفال به سواء فعل على وجه العبادة أو العادة .

وقد أحسنت في عدم الاحتفال به ، ونسأل الله أن يجزيك على ذلك خيرا .

وإذا كان أهلك يقيمون هذا الاحتفال فإن المطلوب منك أمران :

الأول : بذل النصيحة لهم ، وبيان أن هذا من الأمور غير المشروعة في ديننا .

الثاني : عدم المشاركة في الاحتفال ، وتجنب ما يفهم منه الرضى والإقرار .

وهذا الضابط يعينك فيما يتعلق بالهدايا التي تقدم لك ، وفي الأكل من الطعام أو الحلوى التي تصنع بهذا الخصوص .

فالأصل ألا تقبلي شيئا من الهدايا التي جيء بها لهذه المناسبة ، سواء قدمت لك في نفس اليوم أو بعده ؛ لأن قبولها فيه إقرار للمناسبة ، وإعانة على الاستمرار فيها ، فتعتذري عن قبولها بأسلوب حسن ، فإن خشيت فساد العلاقة بينك وبين صديقتك ، فبيني لها أنك تقبلين منها الهدية لأجل صداقتها ، لا أجل هذه البدعة ، مع إفهامها أنك لن تقبلي ذلك مستقبلا ، ولن تهدي لها في عيد ميلادها .

وما صنع من الطعام أو الحلوى لخصوص هذه المناسبة ، يتأكد اجتنابه ، لأن صناعته والأكل منه جزء من شعائر الاحتفال ، فعدم أكلك منه يعني الإنكار الواضح للبدعة ، وقد يكون سبببا في إقلاعهم عنها .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-19, 05:35
أمها تريد أن تقيم لها حفلة عيد ميلاد فما العمل ؟

السؤال

استطعت أن أعرف أن أمي وهي غير مسلمة تخطط أن تُقيم لي حفلة مفاجئة في تاريخ ميلادي . ما الحكم في هذا ؟ إن لم يكن جائزا فكيف لا أسيء لأمي (عند الرفض) ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

أما بالنسبة لهذا العيد الذي يسميه الناس ( عيد الميلاد ) فقد أفتى فيه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى فقال :

كل شيء يُتخذ عيداً يتكرر كل أسبوع ، أو كل عام وليس مشروعاً ؛ فهو من البدع ، والدليل على ذلك : أن الشارع جعل للمولود العقيقة ، ولم يجعل شيئاً بعد ذلك ، واتخاذهم هذه الأعياد تكرر كل أسبوع أو كل عام معناه أنهم شبهوها بالأعياد الإسلامية ، وهذا حرام لا يجوز ، وليس في الإسلام شيء من الأعياد إلا الأعياد الشرعية الثلاثة ، عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، وعيد الأسبوع ، وهو يوم الجمعة .

وليس هذا من باب العادات لأنه يتكرر ، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم فوجد للأنصار عيدين يحتفلون يهما قال ( إن الله أبدلكم بخير منهما : عيد الأضحى وعيد الفطر) رواه النسائي 1556 وأبو داود 1134 وصححه الألباني في سلسة الأحاديث الصحيحة برقم 124 ، مع أن هذا من الأمور العادية عندهم .

انتهى نقلاً من شرح كتاب التوحيد 1/382

ثانياً :

أما كيف تتصرفين مع أمك فالذي أرى أن تصارحيها بحقيقة الأمر ، وتعرفيها أن هذا العمل لا يأذن به الله تبارك وتعالى ، وأن دين الإسلام يمنع منه ، وإذا كان كذلك فأنت لا يمكنك أن تقدمي عليه ، وقولي لها لولا أن الله لم يأذن فيه لكنت مسرورة فيه شاكرة لك ، ولكن الأمر ليس إليّ ولا إلى أحد البتة وإنما هو إلى الله الذي يقضي ونحن –المسلمين- علينا أن نسلم ولا يجوز لنا أن نناقش في ذلك طالما هو أمر الله العليم الحكيم سبحانه .

أبلغيها كل ذلك بأحسن الأساليب وأرق الطرق ، فإن اقتنعت وقدّرت ذلك فالحمد لله ، وإلا فاحرصي على أن تكوني خارج البيت وقت هذا الاحتفال حتى لا يضايقك أحد بطلب المشاركة أو تضعف نفسك ولا شيء عليك فيما تقوم به أمك ، ورضى الله فوق رضى كل مخلوق ، وتأكدي أن أمك إن رفضت هذا الأمر بشدة اليوم فلعل الله أن يُرضيها عنك في المستقبل بإذن الله تعالى .

*عبدالرحمن*
2018-03-19, 05:38
حكم الاحتفال بعيد ميلاد الشخص

السؤال

ما حكم الاحتفال بمرور سنة أو سنتين مثلاً أو أكثر أو أقل من السنين لولادة الشخص وهو ما يسمى بعيد الميلاد ؟ أو إطفاء الشمعة . وما حكم حضور ولائم هذه الاحتفالات ، وهل إذا دعي الشخص إليها يجيب الدعوة أم لا ؟ أفيدونا أثابكم الله .

الجواب

الحمد لله

قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين ولا أصل لها في الشرع المطهر ولا تجوز إجابة الدعوة إليها ، لما في ذلك من تأييد للبدع والتشجيع عليها . وقد قال الله سبحانه وتعالى: ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) وقال سبحانه : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون . إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ) .
وقال سبحانه : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون ) .

وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أخرجه مسلم في صحيحه . وقال عليه الصلاة والسلام : ( خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، و شر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

ثم إن هذه الاحتفالات مع كونها بدعة منكرة لا أصل لها في الشرع هي مع ذلك فيها تشبه باليهود والنصارى في احتفالهم بالموالد . وقد قال عليه الصلاة والسلام محذراً من سنتهم وطريقتهم : " لتتبعن سنة من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه : قالوا يا رسول الله : اليهود و النصارى ؟ .. قال : فمن ) أخرجاه في الصحيحين . ومعنى قوله " فمن" أي هم المعنيون بهذا الكلام وقال صلى الله عليه وسلم : "من تشبه بقوم فهو منهم "

(فتاوى إسلامية 1/115)

*عبدالرحمن*
2018-03-19, 05:44
هل ثبت أن الاستماع إلى " سورة الرحمن "
يعالج الكثير من الأمراض ؟

السؤال:

وصلتني الرسالة التالية : إن سورة الرحمن فيها معجزة عظيمة للشفاء - بإذن الله - من أي مرض عضال ؟

فالأمراض الجسدية , والنفسية , والروحية , والميؤوس منها , وكثير من المشاكل يمكن أن تتعالج - بإذن الله - بالاستماع لسورة الرحمن " خصوصاً بصوت الشيخ عبد الباسط رحمه الله " ثلاث مرات موزعة في اليوم ,

وتكرار ذلك لمدة أسبوع لمعظم المرضى , وشهر لعدد أقل , وأكثر من ذلك لقلة نادرة ، والمهم الاستمرار إلى الشفاء ، وبإذن الله وهي تعالج الاكتئاب , وضغط الدم , والسكري , والسرطان , والتهاب الكبد الوبائي , وغيرها , فما صحة هذا الكلام ؟

الجواب :

الحمد لله

القرآن كله هدى وشفاء ورحمة للمؤمنين ، قال الله تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الإسراء/ 82 ، وقال تعالى : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) فصلت/ 44 .

هو شفاء لأمراض القلوب والأبدان .

قال الشوكاني رحمه الله :

" اختلف أهل العلم في معنى كونه شفاء على قولين : الأول : أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وذهاب الريب [ أي : الشك ] وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على الله سبحانه .

القول الثاني : أنه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقى والتعوذ ونحو ذلك .

ولا مانع من حمل الشفاء على المعنيين "

انتهى من " فتح القدير " (3 /362) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" تأثير قراءة القرآن في المرضى أمرٌ لا ينكر ، قال الله تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً ) ، والشفاء هنا شامل الشفاء من أمراض القلوب وأمراض الأجسام "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن عثيمين .

وقد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بإثبات فضيلة زائدة لبعض سور القرآن الكريم ، وتأثيرها في حصول الشفاء من الأمراض ، كسورة الفاتحة التي هي أعظم سورة في القرآن الكريم ، وسورة " قل هو الله أحد " التي تعدل ثلث القرآن الكريم ، وسورة الفلق وسورة الناس .

ولا نعلم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن لسورة الرحمن فضيلة ليست لغيرها في علاج الأمراض .

وإذا نظرنا إلى ما ذكر في السؤال عن سورة الرحمن ، فإنه أقرب إلى البدعة والكذب على الله تعالى ، وأحاديث القصاص والطرقية ؛ لأن مثل هذا التحديد الدقيق ، لا يمكن أن يعلم إلا من جهة الوحي ، [ تحديد لسورة معينة ، واستماعها لعدد معين من المرات ، ولمدة محددة ، ولأمراض محددة ] .

وكيف خفي هذا على الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم علمه هذا المتكلم ؟!

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن سؤال قريب من هذا ، فأجابوا :

" ما جاء في السؤال من أن علاج القلق هو قراءة جزء من القرآن وتفسيره من ابن كثير ، فلا أصل له ، لكن القرآن كله مما يرقى به وينفع الله به .

أما تخصيص آيات معينة لرقية بعض الأمراض بلا دليل فلا يجوز ، فإن القرآن خير كله وشفاء للمؤمنين ، ومن أعظم ما يرقى به منه الفاتحة .

ويجب التنبه إلى أن القرآن ما نزل ليكون دواء لأمراض الناس البدنية فقط ، لكن نزل لأمر عظيم وخطب جليل ، ليكون نذيرا للعالمين وهاديا إلى صراط الله المستقيم ، وحاكما بينهم فيما يختلفون فيه ، ومحذرا من طريق الكفر والكافرين ، وهو مع هذا ينفع الله تعالى به عباده المؤمنين من أسقامهم الدينية والبدنية "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية " (1/76) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

امام الرضا
2018-03-20, 18:22
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عنا كل خير
اخى عبد الرحمن على تنوير عقولنا بهذه المواضيع

abdulrhman hacker
2018-03-20, 21:53
:dj_17::dj_17::dj_17::dj_17::dj_17: مرحبا

*عبدالرحمن*
2018-03-21, 05:15
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عنا كل خير
اخى عبد الرحمن على تنوير عقولنا بهذه المواضيع

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

والله كثير عليا كل هذا الاطراء
فهذا ان دل فايدل علي كرم اخلاقك

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

في انتظار مرورك العطر مثلك
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
.

*عبدالرحمن*
2018-03-21, 05:18
:dj_17::dj_17::dj_17::dj_17::dj_17: مرحبا

اهلا ومرحبا بك بين اخوانك انارت واكثر
وبالنسبه لسؤالك بالفعل يمكنك نشر ما تريد
في اقسام البرمجه نفع الله بك

*عبدالرحمن*
2018-03-22, 13:36
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

دعاء لتفريج الهم وزوال الغم ، وحكم إرساله ونشره .

السؤال :

ما صحة هذا الدعاء الذي يرسل عبر الواتساب : اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك !! يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرج همي يسر أمري وارحم ضعفي

وقلة حيلتي وارزقني من حيث لا أحتسب يا رب العالمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أخبر سبعة من الناس بهذا الدعاء فرج الله همه ) وجاء في نهاية الرسالة ( ارسلها بنية الفرج ) فما حكم هذه الكلمة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

قول الداعي : " اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك " دعاء ثابت ، كما في صحيح مسلم (2739) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، قَالَ : كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ) .

قال المناوي رحمه الله في " فيض القدير" (2/110) :

" ( اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ) أي ذهابها ، ويعم النعم الظاهرة والباطنة ، والاستعاذة من زوال النعم ، تتضمن الحفظ عن الوقوع في المعاصي ؛ لأنها تزيلها .

( وتحول عافيتك ) أي تبدُّلها ، فكأنه سأل دوام العافية ، وهي السلامة من الآلام والأسقام .

( وفجاءة نقمتك ) : بغتة غضبك وعقوبتك .

( وجميع سخطك ) : أي سائر الأسباب الموجبة لذلك ، وإذا انتفت أسبابها حصلت أضدادها " انتهى .

فيشرع الدعاء بذلك ، ولا بأس بنشره ، وحض الناس عليه .

ثانيا :

أما قوله : " يا فارج الهم ، ويا كاشف الغم ، فرج همي ويسر أمري ، وارحم ضعفي وقلة حيلتي ، وارزقني من حيث لا أحتسب يا رب العالمين " ، فلا نعلم له أصلا بهذا التمام ، وهذا السياق ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ولكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في الدعاء بتفريج الهم وتيسير الأمر وطلب الرزق ، ما هو خير وأنفع للعبد من ذلك :

فروى أحمد (3704) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ : أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا )

صححه الألباني في " الصحيحة " (199) .

وروى البخاري (2893) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : كُنْتُ أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ) .

وقد ورد عن عبد الرحمن بن سابط قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعظمهن : ( اللهم فارج الهم ، وكاشف الكرب ، ومجيب المضطرين ، ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، ارحمني اليوم رحمة واسعة تغنيني بها عن رحمة من سواك ) رواه ابن أبي شيبة في "

المصنف " (6/109) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن سابط ، وهو من التابعين ، فحديثه مرسل ، ضعيف .

ثالثا :

الدعاء المذكور لا بأس به من حيث الجملة ، وقد تقدم أنه متى استقام معنى الدعاء ، وصح لفظه ، جاز الدعاء به ، ولو لم يكن مأثورا .

إلا أنه لا يتخذه عادة ووردا ، ويدعو الناس إلى الدعاء به ، وينشره في المواقع ، فإن مثل ذلك غير مشروع ؛ إذ لا يشرع المداومة على شيء من الأدعية إلا الثابت بنص الشرع في الكتاب أو السنة .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وَمِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَيْبًا : مَنْ يَتَّخِذُ حِزْبًا لَيْسَ بِمَأْثُورِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ كَانَ حِزْبًا لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ ، وَيَدَعُ الْأَحْزَابَ النَّبَوِيَّةَ الَّتِي كَانَ يَقُولُهَا سَيِّدُ بَنِي آدَمَ ، وَإِمَامُ الْخَلْقِ ، وَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (22/525) .

رابعا :

أما أن ينسب هذا الدعاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه قال : ( من أخبر سبعة من الناس بهذا الدعاء فرج الله همه ) : فهذا لا يجوز ، وخاصة قوله : ( من أخبر سبعة من الناس بهذا الدعاء فرج الله همه ) ، فإنه باطل لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ )

رواه مسلم في مقدمة الصحيح (1/7) .

قال النووي رحمه الله :

" فِيهِ تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّض لَهُ ، وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُ مَا يَرْوِيهِ فَرَوَاهُ كَانَ كَاذِبًا , وَكَيْف لَا يَكُون كَاذِبًا وَهُوَ مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ ؟ "

انتهى من " شرح مسلم للنووي " .

خامسا :

قوله : " أرسلها بنية الفرج " بدعة أخرى ، فلا يجوز إرسالها بنية الفرج أو غيره ؛ لما اشتملت عليه من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والحاصل :

أن هذا الدعاء لا بأس به ، وليس في ألفاظه شيء منكر ، إلا أنه لا يجوز أن ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا أن يجعل له فضيلة خاصة ، ولا أن يحث على نشره بين الناس . وهناك من أدعية كشف الكرب ما هو ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهي أولى أن يدعو بها المسلم وينشرها بين الناس .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-22, 13:39
هل ثمة دعاء خاص يحفظ من موت الفجأة ؟

السؤال

هل يوجد دعاء يحفظك من موت الفجأة ? وما هو ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

موت الفجأة من أقدار الله التي يقضي بها في عباده ، بأن يصيب الموتُ العبدَ مفاجأة من غير إمهال ولا إخطار ، وإنما هجوما تنسل به الروح من غير معاناة سكرات الموت ومقدماته .

وهو صورة من صور الموت التي وجدت قديما ، وزاد انتشارها حديثا بسبب حوادث السير المعروفة اليوم ، والعدوان على الشعوب والأفراد بآلات القتل الحديثة الفاتكة .

وقد جاء في بعض الآثار والأحاديث أن انتشار موت الفجأة من علامات الساعة ، حسَّن هذه الآثار الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص/506) وقال : له طرق يقوي بعضها بعضا ، والألباني في " السلسلة الصحيحة " (5/370)، ويمكن الاطلاع عليها في كتاب : "إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة " (2/236) للشيخ حمود التويجري .

ثانيا :

ثم إن موت الفجأة يحتمل أن يكون خيرا ، ويحتمل أن يكون شرا ، وذلك بحسب اختلاف حال المتوفى ، وما له عند الله عز وجل :

1- فإذا كان المتوفَّى من أهل الصلاح والخير ، وله عند الله من الحسنات والأعمال الصالحة ما يُرجَى أن تكون نورا بين يديه يوم القيامة : فجميع صور الموت بالنسبة له من الخير ، سواء موت الفجأة ، أو بعد معاناة سكرات الموت : موت الفجأة رحمة وتخفيف وعفو من رب العباد ، فلا يجد من ألم الموت وشدة سكراته ومعاناة مرضه شيئا يذكر

وإن وقع له ذلك ولم يكن موته فجأة كان تكفيرا لسيئاته ، ورفعة لدرجاته عند الله ، وذلك تصديق لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمر المؤمن كله له خير ، وأن موت المؤمن راحة له من نصب الدنيا وعذابها ، إلى نعيم الآخرة .

2- أما إذا كان المتوفَّى من المقصرين أو الفسقة الظلمة أو الكفرة : فموت الفجأة بالنسبة له نقمة وغضب ، إذ عوجل بالموت قبل التوبة ، ولم يمهل كي يستدرك ما مضى من تفريطه وتقصيره ، فأُخِذَ أخذةَ انتقام وغضب كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ )

رواه أبو داود (رقم/3110) .

ولما كان الجزم بصلاح النفس أو تقصيرها من الأمور العسرة ، وتتفاوت فيها القلوب ، وتتنازعها أسباب الورع والخوف أو الثبات واليقين ، وجدنا في الآثار عن السلف بعض الاختلاف في نظرتهم لموت الفجأة ، فمَن غَلَّبَ جانب الخوف من الله ، وظنَّ في نفسه التقصير : كان يستعيذ من موت الفجأة ، ويرجو أن يكفر الله خطاياه بمعالجة سكرات الموت، ومَن غَلَّب جانب الرجاء ، وسعة رحمة الله : رأى في موت الفجأة فرجا ورحمة وعفوا من الله عز وجل .

فإذا قرأنا عن السلف كلاما عن موت الفجأة ظاهره التعارض ، فهو في الحقيقة والباطن ليس اختلاف تعارض ، وإنما اختلاف تنوع .

عن عبد الله بن مسعود وعائشة رضي الله عنهما قالا :

" أسف على الفاجر وراحة للمؤمن : يعني الفجأة " انتهى.

" مصنف ابن أبي شيبة " (3/370)، " السنن الكبرى " للبيهقي (3/379).

وعن تميم بن سلمة ، قال : مات منا رجل بغتة ، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخذة غضب , فذكرته لإبراهيم - وقل ما كنا نذكر لإبراهيم حديثا إلا وجدنا عنده فيه - فقال : كانوا يكرهون أخذة كأخذة الأسف .

" مصنف ابن أبي شيبة " (3/370)

ثالثا:

أما الأحاديث المرفوعة فلم يصح منها شيء سوى الحديث المذكور سابقا : ( موت الفجأة أخذة أسف ) ، مع أن بعض أهل العلم تكلم فيه ، وأشار الحافظ ابن حجر رحمه الله إلى أنه روي مرفوعا وموقوفا ، وذكر أنه الإمام البخاري رحمه الله أشار بترجمته إلى أنه في إسناده مقالا.

ينظر: فتح الباري ، للحافظ ابن حجر (3/254) .

أما غيره من الأحاديث المتعلقة بموت الفجأة مدحا أو ذما ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ منها : فلم يصح منها شيء .

ولذلك قال الفيروزأبادي رحمه الله :

" ما ثبت فيه شيء " انتهى.

" سفر السعادة " (ص/353)

رابعاً :

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء خاص يحفظ من موت الفجأة ، وما ينتشر في المنتديات عن ذلك الدعاء الذي يكتب لمن قاله أجر (360) حجة ، ويحفظ من موت الفجأة وغير ذلك ، إنما هو كذب موضوع لا أصل له في كتب السنة

والأولى أن يدعو الإنسان بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ :

كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ )

رواه مسلم (2739)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-22, 13:46
صحة حديث : " اللهم فارج الهم وكاشف الغم "

السؤال

ما صحة هذا الحديث : ( اللهم فارج الهم ، وكاشف الغم ، ومجيب دعوة المضطرين ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أنت ترحمني فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة مَن سواك )

الجواب

الحمد لله

أولا :

جاء نص هذا الدعاء في حديثين اثنين :

1- في حديث عائشة رضي الله عنها قالت :

( دخل علي أبو بكر ، فقال : هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء علمنيه ؟ قلت : ما هو ؟ قال : كان عيسى بن مريم يعلمه أصحابَه قال : لو كان على أحدكم جبل ذهب دينا فدعا الله بذلك لقضاه الله عنه : " اللهم فارج الهم ، كاشف الغم ، مجيب دعوة المضطرين ، رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أنت ترحمني ، فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك "

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : وكانت علي بقية من الدين ، وكنت للدين كارها ، فكنت أدعو بذلك ، فأتاني الله بفائدة فقضاه الله عني .

قالت عائشة : كان لأسماء بنت عميس علي دينار وثلاثة دراهم ، فكانت تدخل علي فأستحيي أن أنظر في وجهها ؛ لأني لا أجد ما أقضيها ، فكنت أدعو بذلك ، فما لبثت إلا يسيرا حتى رزقني الله رزقا ، ما هو بصدقة تصدق بها علي ، ولا ميراث ورثته ، فقضاه الله عني ، وقسمت في أهلي قسما حسنا ، وحليت ابنة عبد الرحمن بثلاث أواق ورق ، وفضل لنا فضل حسن )

رواه البزار – عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (1/24) – وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر الصديق" (رقم/40) والطبراني في "الدعاء" (1/317) ، وابن عدي في "الكامل" (2/203) ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (47/472) ، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/696) والبيهقي في "دلائل النبوة" (رقم/2420) وفي "الدعوات الكبير" (رقم/167) وفي مسند الفردوس للديلمي (رقم/1988)

من عدة طريق عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الحكم بن عبد الله الأيلي ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة به .

وقال الحاكم : " وهذا حديث صحيح غير أنهما لم يحتجا بالحكم بن عبد الله الأيلي " انتهى .

والصواب أن الحكم بن عبد الله الأيلي ضعيف الحديث جدا ، وكذبه غير واحد من الأئمة ، جاء في ترجمته في "لسان الميزان" (2/332) : " كان ابن المبارك شديد الحمل عليه . وقال أحمد : أحاديثه كلها موضوعة . وقال ابن معين : ليس بثقة . وقال السعدي وأبو حاتم : كذاب . وقال النسائي والدارقطني وجماعة : متروك الحديث .

وقال البخاري : تركوه كان ابن المبارك يوهنه البتة وفي رواية يضعفه . وقال مسلم في "الكنى" : منكر الحديث " انتهى باختصار فإن تشنيع العلماء على حديثه كثير .

وبهذا يتبين أن الحديث منكر أو موضوع ، خلافا لما ذهب إليه الإمام الحاكم رحمه الله ؛ ولهذا وضعفه الإمام المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/57) وذكر له علة أخرى هي عدم سماع القاسم من عائشة ، وحكم عليه بالضعف أيضا الإمام السيوطي في "الدر المنثور" (1/24) ، وحكم عليه الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب" (1143) بالوضع
.
2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( يا علي ! ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله ، ويفرج عنك : توضأ ، وصل ركعتين ، واحمد الله ، وأثن عليه ، وصل على نبيك ، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات ، ثم قل : اللهم ! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ، اللهم كاشف الغم ، مفرج الهم ، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك )
يقول الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/5287) :

" منكر : أخرجه الأصبهاني (2/ 534/ 1278 - ط) عن إسحاق بن الفيض : أخبرنا المضاء : حدثني عبدالعزيز عن أنس مرفوعاً .

قلت – الشيخ الألباني - : وهذا إسناد ضعيف مظلم ... " ثم فصل القول في علله رحمه الله ، فانظر الموضع المشار إليه من الضعيفة .

والخلاصة

أن نص هذا الدعاء لم يرد من طريق صحيح ، بل طرقه شديدة الضعف ، لذلك حكم عليه العلماء بالوضع وأوردوه في كتب الموضوعات ، كما في "تذكرة الموضوعات" للفتني (ص 53) ، "تنزيه الشريعة" (2/333) ، "الفوائد المجموعة" (ص 59 ، 52) .

ثانيا :

لا حرج في أن يجعل المرء ذلك من دعاء نفسه ، أو أن يسأل الله الحاجات بألفاظه ، فهي عبارات صحيحة لها شواهد كثيرة من الكتاب والسنة الصحيحة ، فيها تذلل وتقرب وإظهار خضوع لله رب العالمين ، كما فيها توسل بصفات الله تعالى ورحمته التي وسعت كل شيء ، فمن دعا به – من غير اعتقاد مزيد فضل له ولا خصوص أجر – يرجى له القبول والاستجابة .

عن عبد الرحمن بن سابط قال :

( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعظمهن : اللهم فارج الهم ، وكاشف الكرب ، ومجيب المضطرين ، ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، ارحمني اليوم رحمة واسعة تغنيني بها عن رحمة من سواك )

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/109) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن سابط ، لكن عبد الرحمن هذا من التابعين ، ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (6/181) ، فيكون حديثه مرسلا ، والحديث المرسل يستأنس به في الأذكار والدعاء .

بل إن الدعاء ، متى استقام معناه ، وصح لفظه ، جاز الدعاء به ، ولو لم يكن مأثورا أصلا ، فباب الدعاء مفتوح لمن يجتهد فيه ، وإن كان الدعاء المأثور الثابت أعظم بركة ، وأسد معنى ، وأبعد عن التكلف والعدوان في الدعاء .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-22, 13:48
ضوابط الأوراد الشرعية

السؤال

الأوراد مثل ورد-التاج ، وورد-لاخي ، وورد-تناجيانا وغيرها ، هل تعد من البدع ؟.

الجواب

الحمد لله

لا علم لنا بما في هذه الأوراد ، لكنا نضع لك بعض الضوابط التي تعينك على معرفة المشروع والمبتدع من ذلك :

أولا : أفضل الأوراد ما نقل لفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الله تعالى لا يختار له إلا الأكمل والأفضل ، وهو صلى الله عليه وسلم لا يختار لأمته إلا ذلك.

ثانيا : يجوز للإنسان أن يصلي على نبيه صلى الله عليه بصيغة لم ترد إذا لم تتضمن محذورا شرعيا كالغلو فيه أو التوسل أو دعائه من دون الله .

ثالثا : ليس للذاكر أن يحدد وقتا أو عدداً أو كيفية للذكر إلا إذا ثبت ذلك بدليل صحيح ، لأن الله تعالى لا يعبد إلا بما شرعه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، والعبادة لا بد أن تكون مشروعة في ذاتها وكيفيتها ووقتها ومقدارها . فمن اتخذ لنفسه وردا لم يثبت لفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحدد له عددا معينا أو التزم فعله في وقت معين فقد وقع في البدعة .

وهذه البدعة يسميها العلماء : البدعة الإضافية ، لكون العمل مشروعا في أصله ، لكن لحقته البدعة من جهة اختراع الكيفية أو تحديد المقدار والزمن .

واعلم أن الخير كله في اتباع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن تأمل حال أصحاب الأوراد المخترعة وجدهم في أغلب الأحوال مقصرين في فعل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أذكار الصباح والمساء ونحوها ، وهذا يؤكد ما جاء عن بعض السلف من أنه لا يبتدع إنسان بدعة إلا ويترك من السنة مثلها .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-22, 13:52
رسائل الجوال التي تُختم بعبارة "انشر، تُؤجر"

السؤال

وصلتني رسالة في الجوال فيها دعوة لسماع برنامج في إذاعة القرآن ، وكتبتْ صاحبة الرسالة في نهايتها : " انشر ، تؤجر " ، وأنا بدوري أرسلت هذه الرسالة لزميلاتي ؛ عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من دعا إلى هدى .... الحديث ) ، فأنا أرجو الأجر والمثوبة لي ولغيري بسماع هذا البرنامج

ولكن إحدى الأخوات أنكرت عليَّ كتابة هذه العبارة " انشر ، تؤجر " ، وأن فيها جزماً بالأجر ، فهل في هذه العبارة محذور شرعي ، أم لا ؟ .

الجواب

الحمد لله

وعد الله تعالى كل من أطاعه بالثواب والأجر الجزيل في الدنيا والآخرة ، والله تعالى لا يخلف الميعاد .

قال تعالى : ( رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) آل عمران/ 194 ، وقال : ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ) الزمر/ 20 .
وقال تعالى : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) يونس/ 62 – 64 .

فكل من أطاع الله تعالى ، وكان مخلصاً في عبادته ، متبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم فيها ، فهو مأجور من الله تعالى على تلك الطاعة .

ولا يمكننا الجزم لشخص معين بأن الله تعالى قد أثابه على تلك الطاعة لأننا لا نطلع على ما في القلوب ، ولا ندري هل كان مخلصاً لله تعالى فيها ، أم فعلها لغير الله .

فهناك فرق بين الكلام العام المطلق ، والكلام الخاص في حق شخص معين ، فالكلام العام بأن (من أطاع الله أثابه) صحيح لا غبار عليه .

وأما إثبات الأجر في حق شخص معين ، فهو مما لا يمكن لنا الجزم به .

ولكن ...هذه العبارة (انشر تؤجر) لا يظهر لنا أن فيها الجزم لشخص معين بحصول الأجر ، وإنما فيها الترغيب في هذا العمل ، بأنك إذا فعلته كنت مأجوراً ، أي : إذا فعلته وكنت مخلصاً فيه لله تعالى ، متبعاً فيه للرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو كقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم ( 2674 ) .

يعني : من دل غيره على الخير مخلصاً لله تعالى ، وحقق شروط العمل الصالح .

على أنه يمكن أن يقال : إن هذه العبارة "انشر تؤجر" المقصود منها الدعاء للشخص ، وليس المقصود منها الجزم بحصول الأجر ، فهي كما لو قلت : نسأل الله تعالى أن يأجرك إذا نشرت هذا الخبر .

والحاصل : أنه لا حرج من تذييل الرسائل التي تدعو إلى الخير بهذه العبارة : "انشر تؤجر" ففيها ترغيب للمؤمن في فعل الخير وتنشيط له ، وتذكير له بالإخلاص لله تعالى حتى ينال الأجر من الله .

والذي ينبغي أن يُعلم أنه ليس كل رسالة قيل في آخرها : "انشر تؤجر" يكون مضمونها خيراً.

فقد وجد من يذكر حديثاً ضعيفاً أو موضوعاً ، ثم يطلب نشره ، ويختم بعبارة " انشر تؤجر " ! ووجد من يحث على بدعة ، ويختم رسالته بتلك العبارة ، ووجد من يحذِّر من مسلم أو يطعن في عرض ، ويختم بتلك العبارة ، ووجد من يدعو للتصويت لصالح النبي صلى الله عليه وسلم ، وختم بتلك العبارة ، وتبين أنها عملية احتيال لصالح شركة في بلاد الكفر ! ، ووجد من يدعو للتبرع في حساب شخصية معروفة في عمل الخير

ويختم بتلك العبارة ، وتبيَّن أن الحساب لا يرجع لتلك الشخصية ، وأمثال هذه الرسائل كثير ، فيجب التأكد من مضمون تلك الرسائل قبل نشرها وتذييلها بتلك العبارة .

وقد أجرت " مجلة الدعوة السعودية " تحقيقاً علميّاً حول رسائل " انشر تؤجر " ، ومما جاء في ذلك التحقيق :

" من جانبه يؤكد الشيخ " وليد بن عبد الرحمن المهوس " ، من منسوبي " هيئة التحقيق والادعاء العام " أن ما يقع فيه بعض مستخدمي رسائل الهاتف الجوال هو تساهلهم في إرسال الرسائل التي تحمل عبارات وعظية ، أو شرعية ، أو انتقاد لشخص ، أو جهة ما ، دون تثبت من صحتها ، وهذا تفريط كبير يلحق صاحبه ، ويسبب البلبلة في المجتمع دون وجه حق ، خاصة وأنه يختم رسالته بعبارة " انشر تؤجر " .

ويشدد الشيخ المهوس على ضرورة الالتزام بالضوابط في إرسال الرسائل ، ويذكر من أبرزها :

1. لا بد من التأكد من صحة ما يُنشر ، بعضها يكون حديثاً ، أو أثراً ضعيفاً ، أو موضوعاً ، وإذا نشر هذا الحديث الضعيف ، أو الموضوع : فقد يُخشى أن يدخل في حديث : ( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) أخرجه البخاري ومسلم .

2. أنه قد ينشر بدعة وهو لا يدري ، والبدع تهدم الدين ، وهذا خطير جدّاً .

3. أنه قد يعمل بهذا الحديث أو الأثر ، ويترك ما يعارضه وهو صحيح ، فيكون قد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، فيترك الصحيح للعمل بالضعيف .

4. أن هذا المرسِل كالإمعة والببغاء يردد ما يأتيه بدون وعي ، ولا عقل ، فهذا يقدح في عقل المسلم العاقل المدرك ؛ فإنه لا يقول شيئاً إلا بعد تمحيص وروَّية .

5. أن المطلوب من المسلم نشر الخير بعد ما يعلم به ، وأما الذي يرسل بلا عِلم : فقد يرسل الشرَّ .

6. أن هذا المرسِل قد يظن أنه يزيد حسناته بذلك ، وهو بالعكس فقد يزيد من سيئاته ؛ لأنه نشر شيئاً بلا علم ، ومعرفة
.
7. أن بعض الأعمال والأفكار قد تكون صحيحة ، ولكن قد لا يناسب المرسَل إليه ، أو يفهمه فهماً خاطئاً ، وهذا من المحاذير " انتهى باختصار .

" مجلة الدعوة " ، العدد ( 2043 ) ، 20 ربيع الأول 1427هـ .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-03-22, 13:56
المشروع في متابعة المؤذن أن
يقول مثل ما يقول بلا زيادة

السؤال:

هل يجوز أن يقول الشخص عند انتهاء الآذان : " لا اله الا الله وحده لا شريك له " ، أم هي بدعة ؟

الجواب :

الحمد لله

آخر جملة من جمل الآذان هي : " لا إله إلا الله " ، فإذا سمعها المسلم فإنه يتابع المؤذن ويقول مثله بلا زيادة عليه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة ... إلى آخر الدعاء المعروف .

هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ) رواه مسلم (577) .

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ . ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ قَالَ : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ قَالَ : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه مسلم (578) .

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري (579) .

ففي هذه الأحاديث حدَّد لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقوله في متابعة المؤذن ، وما نقوله بعد الانتهاء من ذلك .

فالمشروع للمؤمن أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ويمتثل أمره ولا يقصر عن ذلك ولا يزيد عليه ، فإن ( خَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم (867) .

فالذي يزيد على ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وأمرنا به يفتح على نفسه بابا عظيما من أبواب الفتن والزيغ ، وهو أن يقع في قلبه أنه فعله عبادة قصَّر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أنه يتهم الشريعة التي أنزلها الله بأنها غير كاملة ، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغها كما ينبغي .

وقد قَالَ رَجُلٌ لِلإمام مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رحمه الله : مِنْ أَيْنَ أُحْرِمُ ؟ قَالَ : أَحْرِمْ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا ، وَقَالَ : فَإِنْ زِدْتُ عَلَى ذَلِكَ ؟

قَالَ : فَلَا تَفْعَلْ ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ الْفِتْنَةَ .

قَالَ : وَمَا فِي هَذِهِ مِنْ الْفِتْنَةِ إنَّمَا هِيَ أَمْيَالٌ أَزِيدُهَا ؟

فَقَالَ مَالِكٌ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [النور: 63] .

قَالَ : وَأَيُّ فِتْنَةٍ فِي هَذَا ؟

قَالَ : وَأَيُّ فِتْنَةٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَرَى أَنَّكَ أَصَبْتَ فَضْلًا قَصَّرَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! أَوْ تَرَى أَنَّ اخْتِيَارَكَ لِنَفْسِكَ فِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ اخْتِيَارِ اللَّهِ لَكَ وَاخْتِيَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! "

انتهى من " مواهب الجليل " (3/40) .

فالذي ينبغي للمسلم أن يتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم بلا زيادة ولا نقص ، فهي خير الهدي وأحسنه وأكمله

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-22, 14:03
هل قال الإمام أحمد أو أحد من السلف بالتأويل ؟

السؤال

هل قال الإمام أحمد بن حنبل والسلف بالتأويل ؟

الجواب :

الحمد لله

مراد من نسب إلى الإمام أحمد ، أو غيره من أئمة العلم والدين ، أنه قال بالتأويل ، أو نسب إلى السلف أنهم قالوا بالتاويل مراد من قال ذلك : أنهم صرفوا نصوص الصفات عن ظاهرها الذي تدل عليه بمقتضى الوضع اللغوي ، والسياق الذي وردت فيه ، إلى معنى آخر مجازي ، ليس هو المتبادر من اللفظ .

ولا شك أنه من نسب إلى الإمام أحمد أو غيره من الأئمة ، من الصحابة والتابعين ، والقرون المفضلة : شيئا من ذلك ، فإنه لم يأت ببرهان على ما قال ، وإنما هي نسبة تلقاها بعضهم عن بعض ، دون تمحيص لأسانيدها ، أو نظر في صحتها وثبوتها عمن نسبت إليه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ عَنْ بَعْضِ الْحَنْبَلِيَّةِ : أَنَّ أَحْمَد لَمْ يَتَأَوَّلْ إلَّا " ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ : (الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ) و (قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ) و (وَإِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ) : فَهَذِهِ الْحِكَايَةُ كَذِبٌ عَلَى أَحْمَد لَمْ يَنْقُلْهَا أَحَدٌ عَنْهُ بِإِسْنَادِ؛ وَلَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ نَقْلَ ذَلِكَ عَنْهُ.

وَهَذَا الْحَنْبَلِيُّ الَّذِي ذَكَرَ عَنْهُ أَبُو حَامِدٍ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ لَا عِلْمُهُ بِمَا قَالَ ، وَلَا صِدْقُهُ فِيمَا قَالَ.

وَأَيْضًا: وَقَعَ النِّزَاعُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ . هَلْ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُ فِي تَأْوِيلِ الْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ لِأَنَّ حَنْبَلًا نَقَل عَنْهُ فِي " الْمِحْنَةِ " أَنَّهُمْ لَمَّا احْتَجُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَجِيءُ الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ) ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ إتْيَانُ الْقُرْآنِ وَمَجِيئُهُ. وَقَالُوا لَهُ: لَا يُوصَفُ بِالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ إلَّا مَخْلُوقٌ ؟

فَعَارَضَهُمْ أَحْمَد بِقَوْلِهِ: - وَأَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ - فَسَّرُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَجِيءُ ثَوَابِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ ، كَمَا ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ مَجِيءِ الْأَعْمَالِ فِي الْقَبْرِ وَفِي الْقِيَامَةِ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ ثَوَابُ الْأَعْمَالِ.

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اقْرَءُوا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا يَجِيئَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ غَمَامَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ يُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا) ، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ ، فَلَمَّا أَمَرَ بِقِرَاءَتِهِمَا ، وَذَكَرَ مَجِيئَهُمَا يُحَاجَّانِ عَنْ الْقَارِئِ: عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ قِرَاءَةَ الْقَارِئِ لَهُمَا

وَهُوَ عَمَلُهُ ، وَأَخْبَرَ بِمَجِيءِ عَمَلِهِ الَّذِي هُوَ التِّلَاوَةُ لَهُمَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ، كَمَا أَخْبَرَ بِمَجِيءِ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ... ؛ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ نَفْسَ كَلَامِهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ ، وَهُوَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ ، يَتَصَوَّرُ صُورَةَ غَمَامَتَيْنِ ؛ فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا حُجَّةٌ للجهمية عَلَى مَا ادَّعَوْهُ.

ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ أَحْمَد فِي الْمِحْنَةِ عَارَضَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ) ؟

قَالَ قِيلَ: إنَّمَا يَأْتِي أَمْرُهُ هَكَذَا نَقَلَ حَنْبَلٌ .

وَلَمْ يَنْقُلْ هَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ نَقَلَ مُنَاظَرَتَهُ فِي " الْمِحْنَةِ " ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَد وَصَالِحِ بْنِ أَحْمَد والمروذي وَغَيْرِهِ .
فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَحْمَد فِي ذَلِكَ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: غَلِطَ حَنْبَلٌ ، لَمْ يَقُلْ أَحْمَد هَذَا. وَقَالُوا : حَنْبَلٌ لَهُ غَلَطَاتٌ مَعْرُوفَةٌ ، وَهَذَا مِنْهَا ؛ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ أَبِي إسْحَاقَ بْنِ شاقلا.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ أَحْمَد قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ لَهُمْ ؛ يَقُولُ: إذَا كَانَ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ؛ بَلْ تَأَوَّلْتُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ جَاءَ أَمْرُهُ ، فَكَذَلِكَ قُولُوا: جَاءَ ثَوَابُ الْقُرْآنِ ، لَا أَنَّهُ نَفْسُهُ هُوَ الْجَائِي، فَإِنَّ التَّأْوِيلَ هُنَا أَلْزَمُ ؛ فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْإِخْبَارُ بِثَوَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ ، وَثَوَابُهُ عَمَلٌ لَهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ نَفْسِ الْقُرْآنِ ...

وَإِذَا قَالَهُ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لَهُمْ عَلَيْهِ .

وَذَهَبَ " طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ " مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد إلَى أَنَّ أَحْمَد قَالَ هَذَا ذَلِكَ الْوَقْتُ ، وَجَعَلُوا هَذَا رِوَايَةً عَنْهُ، ثُمَّ مَنْ يَذْهَبُ مِنْهُمْ إلَى التَّأْوِيلِ - كَابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا - يَجْعَلُونَ هَذِهِ عُمْدَتَهُمْ. حَتَّى يَذْكُرَهَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ؛ وَلَا يَذْكُرَ مِنْ كَلَامِ أَحْمَد وَالسَّلَفِ مَا يُنَاقِضُهَا.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَنْقُولَ الْمُتَوَاتِرَ عَنْ أَحْمَد يُنَاقِضُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ: إنَّ الرَّبَّ يَجِيءُ وَيَأْتِي وَيَنْزِلُ أَمْرُهُ بَلْ هُوَ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ .

" انتهى ، مختصرا من " مجموع الفتاوى : (5/ 398-401) .

وانظر ردا مطولا جدا لشيخ الإسلام على هذا الكلام في "بيان تلبيس الجهمية" (6/105) وما بعدها ، وأيضا : "درء تعارض العقل والنقل" (5/234) وما بعدها .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" دعوى أن الإمام أحمد أوّل بعض نصوص الصفات دعوى غير صحيحة " .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/ 235)

والخلاصة :

أن رواية حنبل هذه لا تصح نسبتها إلى الإمام أحمد ، وقد قال الذهبي في ترجمته من "السير" (13/52) : " له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب " انتهى
\
وعلى فرض صحتها ، فيقال : إنما قال الإمام أحمد ذلك على وجه الإلزام لخصومه .

فلا يثبت عن الإمام أحمد ولا غيره من أئمة السلف تأويل الصفات ، لأن هذا التأويل تحريف وتبديل لمعاني كلام الله .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-22, 14:21
هل يشرع حمد الله بعد الجشاء
والاستعاذة بعد التثاؤب ؟

السؤال :

لاحظت أن البعض يستغفر أو يحمد الله بعد أن يتجشأ، فهل ذلك سنة أم بدعة يجب الابتعاد عنها؟

الجواب :

الحمد لله :

أولاً : الجُشاء هو : خروج الهواء بصوت من المعدة عن طريق الفم عند حصول الشبع ‏.‏ ‏

ولم يرد في السنة ما يدل على أنه يستحب للمسلم إذا تجشأ أن يحمد الله أو يستغفره أو يذكره بأي ذكر ، وقد تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يأمره بشيء من ذكر الله تعالى بعد الجشاء .

فقد روى الترمذي (2478) وحسنه ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ القِيَامَةِ) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .

فالجشاء ناتج عن كثرة الأكل ، وكثرة الأكل مذمومة في الشرع .

قال المناوي رحمه الله : " لأَن من كثر أكله كثر شربه فَكثر نَومه فكسل جِسْمه " انتهى .

"التيسير" (1/ 312) .

فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجشاء بحضرة الناس ، لأن ذلك يؤذيهم ، فهو خلاف الأدب ، وحضه على قلة الأكل .

ولم يحضه على ذكر خاص ، ولا أمره بالاستغفار ولا غيره ، فدل ذلك على أن الذكر عند التجشؤ ليس من السنة .

ثانياً : قول ( الحمد الله ) بعد التجشؤ ، له أحوال :

1= أن يقول ذلك معتقدا أنه سنة وعبادة خاصة يتقرب به إلى الله .

فتكون بدعة ؛ لأنها تقرب إلى الله بما لم يشرعه .

2= أن يجري ذلك على لسانه على سبيل العادة دون اعتقادٍ لفضيلة خاصة.

فهذا لا يوصف بكونه سنة ولا بدعة ، بل هو من الأمور المباحة .

3= أن يقولها مراعياً لمعنىً قام في ذهنه ، وهو أن التجشؤ ناتج عن الشبع ، فهو نعمة يستحق الله الحمد عليها ، ومثله من يتثاءب ويستحضر أن هذا التثاؤب من الشيطان ، فيستعيذ بالله منه ، ولكنه لا يعتقد أن هذا سنةٌ مشروعة ، بل يقوله للمعنى الذي قام في نفسه .

فهذه الحالة الأقرب : أنه لا حرج فيها .

وهذا التفصيل بين هذه الحالات الثلاث هو خلاصة ما أفادنا به شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى بعد عرض المسألة عليه.

قال ابن مفلح : " وَلَا يُجِيب الْمُجَشِّي بِشَيْءٍ ، فَإِنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ، قِيلَ لَهُ : هَنِيئًا مَرِيئًا ، أَوْ هَنَّأَكَ اللَّهُ وَأَمْرَاك ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيم ، وَكَذَا ابْنُ عَقِيلٍ ، وَقَالَ : لَا نَعْرِفُ فِيهِ سُنَّةً، بَلْ هُوَ عَادَة مَوْضُوعَة "

انتهى من "الآداب الشرعية " (2/346).

وسئل الشيخ عبد المحسن العباد: ما حكم الحمد عند التجشؤ؟

فقال: " لا يوجد شيء يدل عليه ، لكن كون الإنسان يحمد الله على كل حال ، وأن هذا الشبع الذي حصل له من نعمة الله عز وجل : لا بأس بذلك ، لكن كونه يعتقد أن هذا أمر مشروع في هذه المناسبة ، فليس هناك شيء يدل عليه فيما أعلم". انتهى من "شرح سنن أبي داود" (492/ 19، بترقيم الشاملة آليا).

ومن فتاوى العلماء في مسألة ( الاستعاذة بعد التثاؤب ) وهي نظير مسألتنا .

ففي فتاوى "اللجنة الدائمة " (5/320) برئاسة الشيخ ابن باز : " فإن الاستعاذة بعد التثاؤب لم ترد أصلا ، لكن يكظم ما استطاع ، ولو استعاذ من الشيطان عند التثاؤب في الصلاة أو خارجها فلا شيء عليه ". انتهى .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : ما حكم الاستعاذة عند التثاؤب، وهل ورد دليل على ذلك؟

فقال : " لا حرج فيها ؛ لأنها من الشيطان ، لكن لم يرد شيء يدل على استحبابها ، لكن أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ( التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع ) ، وفي لفظ آخر: (فليضع يده على فيه) ، فهذا يدل على أنه من الشيطان.

فإذا قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فلا بأس ، لكن لم يرد في هذا شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم".

https://up.top4top.net/downloadf-811agi2n1-zip.html

وقال أيضاً : " كثير من العامة يفعلون ذلك لأنهم علموا أن هذا من الشيطان فلهذا فعلوه ، وإلا فلا نعلم شيئاً في السنة جاء في هذا الباب ، ولا شك أن التثاؤب من الشيطان ، وأنه يشرع للمؤمن عند الكسل وعندما يحصل له ما يضره من عدو الله يشرع له التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والإكثار من ذكر الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا نعلم أنه ورد شيء معين في هذه المسألة، فإذا تعوذ بالله من الشيطان عند التثاؤب لعلمه بأنه من الشيطان فلا حرج في ذلك، لكن لا نقول أنه سنة لعدم الدليل".

https://up.top4top.net/downloadf-811qbv8f1-zip.html

وقال الشيخ عبد المحسن العباد :

" فالإنسان إذا تعوذ بالله من الشيطان على اعتبار أن التثاؤب من الشيطان ، ولم يعتقد أن في ذلك سنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام : فليس فيه بأس ، ولكن كونه يعتقد أن هذه سنة أو يقول : إن الإنسان يشرع له عند التثاؤب أن يقول كذا وكذا ، فهذا غير صحيح ، ولكن كونه يتذكر بأن التثاؤب من الشيطان فيتعوذ بالله من الشيطان بسبب ذلك دون أن يعتقد أن هذه سنة لا بأس بذلك". انتهى من "شرح سنن أبي داود" (492/ 17، بترقيم الشاملة آليا)

والله تعالى أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:07
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

يدعي أن لديه شعرة من شعر
النبي صلى الله عليه وسلم
ويعزم على بناء مسجد ، ويحفظها فيه !

السؤال:

أنا من مدينة كيرلا في جنوب الهند ، وقد ادّعى أحد وجهاء المنطقة من المسلمين هنا أن لديه شعرة من شعر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وأنه سيبني مسجداً ويحفظها فيه ، وهذا بدوره أثار كثيراً من الجدل في أوساط المتدينين خصوصاً فيما يتعلق بمسألة التبرُك ، فأتمنى التفصيل في المسألة على ضوء الكتاب والسنة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم كان معمولاً به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثل ماء وضوئه ، وثوبه وطعامه وشرابه وشعره وكل شيء منه .

أما التبرك بما مس جسده عليه الصلاة والسلام من وضوء أو عرق أو شعر أو نحو ذلك ، فهذا أمر معروف وجائز عند الصحابة رضي الله عنهم ، وأتباعهم بإحسان لما في ذلك من الخير والبركة ، وهذا أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم عليه.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (10/ 70):

" اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَوْرَدَ عُلَمَاءُ السِّيرَةِ وَالشَّمَائِل وَالْحَدِيثِ أَخْبَارًا كَثِيرَةً تُمَثِّل تَبَرُّكَ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِأَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ آثَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى .

ثانيا :

هذا التبرك لا يجوز بغير آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز قياس غيره عليه ، فالتبرك بآثار غيره من الصالحين بدعة منكرة ، وهو وسيلة إلى الشرك .

قال ابن عثيمين رحمه الله :

" كان الصحابة يتبركون بعرق النبي صلى الله عليه وسلم ويتبركون بريقه ويتبركون بثيابه ويتبركون بشعره ، أما غيره صلى الله عليه وسلم فإنه لا يتبرك بشيء من هذا منه ، فلا يتبرك بثياب الإنسان ولا بشعره ولا بأظفاره ولا بشيء من متعلقاته إلا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم "

انتهى من "شرح رياض الصالحين" (4/ 243) .

ثالثا :

لا يثبت وجود شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم الآن ، ومن ادعى وجود شيء من ذلك فلا دليل معه عليه ، وعلى ذلك : فلا يجوز لأحد أن يدعي أن بحوزته شيئا من آثار النبي صلى الله عليه وسلم إلا بدليل قاطع ، وأنى له ؟
قال العلامة المؤرخ : أحمد باشا تيمور :

" فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد ذلك ، فإنما وصل إليهم مما قسم بين الأصحاب رضي الله عنهم ، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها " .

انتهى من "الآثار النبوية" ، أحمد باشا تيمور(91) .

وقال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله :

" هذا ولابد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم ، ولا ننكره خلافاً لما يوهمه صنيع خصومنا .

ولكن لهذا التبرك شروطاً منها الإيمان الشرعي المقبول عند الله ، فمن لم يكن مسلماً صادق الإسلام فلن يحقق الله له أي خير بتبركه هذا ، كما يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلاً على أثر من آثاره صلى الله عليه وسلم ويستعمله .
ونحن نعلم أن آثاره صلى الله عليه وسلم من ثياب أو شعر أو فضلات قد فقدت ، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين ، وإذا كان الأمر كذلك فإن التبرك بهذه الآثار يصبح أمراً غير ذي موضوع في زماننا هذا ويكون أمراً نظرياً محضاً، فلا ينبغي إطالة القول فيه " .

انتهى من "التوسل أنواعه وأحكامه " (144) .

وينظر للفائدة : كتاب "التبرك أنواعه وأحكامه" ، د. ناصر الجديع (256-260) .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما حكم التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد موته كشعر رأسه ونحوه ؟

فأجاب :

" الجواب على هذا: أنه لا يمكن إثبات أن هذا من شعر الرسول عليه الصلاة والسلام أبداً، وما ذكر من أنه في مصر في مجمع الآثار : هذا لا صحة له ، ولا يوجد .

ولا عرف أن الصحابة رضي الله عنهم يهتمون بهذا الأمر ، إلا ما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت عندها شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جلجل من فضة ، إذا مرض أحد أتى إليها وصبت عليه الماء ورجت الماء ثم شربه .

وعلى هذا: فلا يمكن أن يثبت هذا : أن هذا من شعر الرسول عليه الصلاة والسلام.

وأهم شيء آثاره المعنوية ، الآثار الشرعية ، أما الآثار الحسية فهي آثار ، والقلب يحن إليها ويحبها ويألفها، لكن المهم الآثار الشرعية " .

انتهى من "دروس للشيخ العثيمين" (2/ 64) بترقيم الشاملة .

ومن أراد البركة حقا في أمر دينه ودنياه فعليه باتباع النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا ، والاهتداء بهديه ، والانتهاء عما نهى عنه من الأقوال والأفعال والاعتقادات ، ففي ذلك كل الخير والبركة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَرَكَتِهِ لَمَّا آمَنُوا بِهِ وَأَطَاعُوهُ، فَبِبَرَكَةِ ذَلِكَ حَصَلَ لَهُمْ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، بَلْ كُلُّ مُؤْمِنٍ آمَنَ بِالرَّسُولِ وَأَطَاعَهُ حَصَلَ لَهُ مِنْ بَرَكَةِ الرَّسُولِ بِسَبَبِ إيمَانِهِ وَطَاعَتِهِ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/ 113) .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

" النبي صلى الله عليه وسلم وإن أقر الصحابة في غزوة الحديبية وغيرها على التبرك بآثاره والتمسح بها، وذلك لغرض مهم ، وخاصة في تلك المناسبة ، وذلك الغرض هو إرهاب كفار قريش وإظهار مدى تعلق المسلمين بنبيهم ، وحبهم له ، وتفانيهم في خدمته وتعظيم شأنه ، إلا أن الذي لا يجوز التغافل عنه ولا كتمانه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد تلك الغزوة رغّب المسلمين بأسلوب حكيم وطريقة لطيفة عن هذا التبرك ، وصرفهم عنه ، وأرشدهم إلى أعمال صالحة خير لهم منه عند الله عز وجل ، وأجدى ، وهذا ما يدل عليه الحديث الآتي:

عن عبد الرحمن بن أبي قراد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يوماً، فجعل أصحابه يتمسحون بوضوئه ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ما يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سره أن يحب الله ورسوله ، أو يحبه الله ورسوله، فليصدق حديثه إذا حدث ، وليؤد أمانته إذا اؤتمن، وليحسن جوار من جاوره ) وهو حديث ثابت له طرق وشواهد في معجمي الطبراني وغيرهما " .

انتهى من "التوسل" (ص 145) .

والحاصل :

أن ادعاء هذا الرجل أن لديه شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ادعاء قائم على غير برهان ، وإنما هي مجرد دعوى ، لا يجوز لأحد أن يأخذ بها أو يصدقه بما يقول فيها . لا سيما وأمر كهذا ، لو كان صحيحا : لم يكن ليخفى ، بل كانت تتوافر الهمم والدواعي على نقله ، وإثبات سنده ، واشتهار أمره .

رابعا :

عزمه على بناء مسجد ، ووضع هذه الشعرة فيه ، عزم فاسد مردود ؛ وهو فيه إنما يتبع سنن أهل الكتاب ، وينحرف به عن صراط الله المستقيم .

وبلاء القوم في الغلو ، الذي يسوغ لهم مثل هذا ، ويسلك بهم سبيل البدع والضلالة.

روى البخاري (427) ، ومسلم (528) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ : " أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) .

فإذا كان هؤلاء شرار الخلق عند الله يوم القيامة ، لأجل ذلك العمل ، وقد تحققوا من جسد النبي الذي يجعلون قبره مسجدا ، فكيف بمن يلبس الشيطان عليه ، بأمر لا يعلم صحته ، ولا يدر له إسناد تقوم به حجة في دين الله ، ثم يعمل به عملا مردودا ، لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، بل نهاهم عن مثله ، وحذرهم من سبيله .

وأين كان الصحابة والتابعون عن هذا الفضل العظيم ؟! لماذا لم يحافظوا على آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتواصوا فيما بينهم بحفظها ، ويجعلوا بعضها في المساجد ؟!

والخلاصة :

أن التبرك بهذه الشعرة لا يجوز ، وهو وسيلة إلى الشرك ؛ وذلك لاستحالة ثبوت كونها من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ، كما لا يجوز بناء مسجد لأجلها وحفظها فيه ، حتى لو افترضنا جدلا أنه من شعر النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة ، وأن الإسناد الصحيح المتصل ، ثبت بها .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:12
حول سيف النبي صلى الله عليه
وسلم " البتار " وآثاره في المتاحف

السؤال

لقد شاهدت صوراً لسيف يسمى " البتَّار " ، ويقال إنه كان للرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنه منقوش عليه أسماء الأنبياء ، وصورة للنبي داود عليه السلام وهو يقطع رأس جالوت ، وقد شاهدت هذه الصور وقرأت هذا الكلا

وسؤالي هو :

إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم حرَّم صور الأشخاص والحيوانات ، فكيف يمتلك سيفاً عليه صور ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

ورد في كتب السيرة أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم عدة أسياف ، وقد ذكر بعض العلماء أنها تسعة أسياف ، وليس يثبت من ذلك في السنة الصحيحة إلا واحد فقط ! .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

كان له – صلى الله عليه وسلم - تسعة أسياف :

" مأثور " ، وهو أول سيف ملكه ، ورثه من أبيه ، و " العضب " و " ذو الفقار " - بكسر الفاء وبفتح الفاء - وكان لا يكاد يفارقه ، وكانت قائمته ، وقبيعته ، وحلقته ، وذؤابته ، وبكراته ، ونعله من فضة ، و " القلعي " ، و " البتار " ، و " الحتف " ، و " الرسوب " ، و " المخذم " ، و " القضيب " ، وكان نعل سيفه فضة ، وما بين حلق فضة .

وكان سيفه " ذو الفقار " تنفله يوم بدر ، وهو الذي أُري فيها الرؤيا .

ودخل يوم الفتح مكة وعلى سيفه ذهب وفضة [ ضعفه الألباني في مختصر الشمائل (87) ]

" زاد المعاد " ( 1 / 130 ) . وانظر : التراتيب الإدارية ، للكتاني (1/343) .

ومما ثبت من ذلك في السنَّة الصحيحة " ذو الفقار " :

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ .

رواه الترمذي ( 1561 ) وابن ماجه ( 2808 ) وحسنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .

وقوله : ( تنفل سيفه ) أي : أخذه زيادة عن السهم .

ورواه أحمد ( 2441 ) – وحسنه الأرناؤط - بأتم من هذا ، وفيه بيان الرؤيا :

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ : ( رَأَيْتُ فِي سَيْفِي ذِي الْفَقَارِ فَلًّا فَأَوَّلْتُهُ فَلا يَكُونُ فِيكُمْ ، وَرَأَيْتُ أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ ، وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ ) فَكَانَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وسمِّي سيف النبي صلى الله عليه وسلم " ذا الفقار " لأنه كانت فيه حفر صغار حسان ، ويقال للحفرة فقرة ، وهو أشهر سيوفه .

وأما سيفه " البتَّار " فقد جاء ذِكره عند ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 486 ) لكنه مرسل – وهو من أقسام الضعيف - ، وفي سنده الواقدي ، وأحاديث غير صحيحة .

قال الحافظ العراقي – رحمه الله - :

ولابن سعد في " الطبقات " من رواية مروان بن أبي سعيد ابن المعلى مرسلاً قال : أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلاح بني قينقاع ثلاثة أسياف : سيف " قلعي " ، وسيف يدعى " بتَّارا " ، وسيف يدعى " الحتف " ، وكان عنده بعد ذلك " المخذم " ، و " رسوب " ، أصابهما من الفلْس .

وفي سنده الواقدي .

" تخريج أحاديث الإحياء " ( 2471 ) .

و" القلعي " نسبة إلى " مرج القلعة " موضع بالبادية .

وإذا كان لم يثبت في السنَّة الصحيحة وجود سيف بهذا الاسم للنبي صلى الله عليه وسلم : فكيف نصدق وجوده على تلك الصورة التي ينشرها من يزعم أنها صورة سيف النبي صلى الله عليه وسلم ؟! .

ثانياً :

قد ورد في السنة الصحيحة وصف سيف النبي صلى الله عليه " ذو الفقار " ، وليس فيه أنه يحوي صوراً لأحدٍ ، وكيف يمكن أن يقتني النبي صلى الله عليه وسلم سيفاً كهذا ، وهو الذي نهى عن الصور وأمر بطمسها ؟! .

وعندما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة لم يدخل الكعبة إلا بعد أن أمر بطمس ما كان فيها من صور .

عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَمَنَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ أَنْ يَأْتِيَ الْكَعْبَةَ فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا ، فَلَمْ يَدْخُلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مُحِيَتْ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا .

رواه أبو داود ( 4156 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

وقد ثبت في السنَّة أن مقبض سيفه " ذو الفقار " كان من فضة .

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ : كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ .

رواه النسائي ( 5373 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

والسيف يباح تحليته بيسير الفضة فإن سيف النبي كان فيه فضة .

" مجموع الفتاوى " ( 25 / 64 ) .

ثالثاً :

يردُّ على ما ورد في الموقع – من وجه آخر - من زعمهم أن هذا سيف النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يثبت بقاء شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم على وجه اليقين ، فقد زُعم وجود نعل وشعر وثياب وأحجار تخص النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة في العالم ، وكل دولة تزعم أنها المحقة وغيرها ليس محقّاً ، وثبت في القديم والحديث زيف ادعاءات كثيرين بنسبة ما يملكونه للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لما في ذلك من التكسب من أموال الناس .

وقد ذكر ابن طولون في كتابه " مفاكهة الخلان في حوادث الزمان " في حوادث سنة تسع عشرة وتسعمائة أن بعضهم زعم أنه يملك قدحاً وبعض عكاز للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه " تبيَّن أنهما ليسا من الأثر النبوي ، وإنما هما من أثر الليث بن سعد " !!

وقد حافظ بعض الخلفاء والكبراء على بعض آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن ذهب كثير منها في الفتن التي تعاقبت على دولة الإسلام .

ومن ذلك : إحراق التتار عند غزوهم بغداد ( سنة 656 هـ ) بردة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي فتنة تيمورلنك في دمسق ( سنة 803 هـ ) ذهب نعلان ينسبان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .

ولذا شكك الأئمة بثبوت شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم باقٍ إلى الآن ، بل إن منهم من جزم بعدم ثبوته .

1. قال ابن كثير – رحمه الله – وهو يتحدث عن أثواب النبي صلى الله عليه وسلم - :

قلت : وهذه الأثواب الثلاثة لا يدرى ما كان من أمرها بعد هذا .

" البداية والنهاية " ( 6 / 10 ) ، و" السيرة النبوية " ( 4 / 713 ) .

2. وقال السيوطي – رحمه الله - :

وقد كانت هذه البردة عند الخلفاء يتوارثونها ويطرحونها على أكتافهم في المواكب جلوساً وركوباً ، وكانت على المقتدر حين قتل وتلوثت بالدم ، وأظن أنها فقدت في فتنة التتار ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

" تاريخ الخلفاء " ( ص 14 ) .

3. ويقول العلامة أحمد تيمور باشا - بعد أن سرد الآثار المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقسطنطينية في ( إسطنبول ) ـ:

لا يخفى أن بعض هذه الآثار محتمل الصحة ؛ غير أنّا لم نرَ أحداً من الثقات ذكرها بإثبات أو نفي ، فالله سبحانه أعلم بها ، وبعضها لا يسعنا أن نكتم ما يخامر النفس فيها من الريب ويتنازعها في الشكوك .

" الآثار النبوية " ( ص 78 ) .

وقال في ( ص 82 ) - بعد أن ذكر أخبار التبرك بشعرات الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه رضي الله عنهم - :

فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد بذلك : فإنما وصل إليهم مما قُسم بين الأصحاب رضي الله عنهم ، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها . انتهى

4. وقال الشيخ الألباني – رحمه الله - :

هذا ولا بد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم ولا ننكره ، خلافاً لما يوهمه صنيع خصومنا ، ولكن لهذا التبرك شروطاً ، منها :

الإيمان الشرعي المقبول عند الله ، فمن لم يكن مسلماً صادق الإسلام : فلن يحقق الله له أي خير بتبركه هذا .

كما يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلاً على أثر من آثاره صلى الله عليه وسلم ويستعمله .

ونحن نعلم أن آثاره من ثياب ، أو شعر ، أو فضلات : قد فقدت ، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين .

" التوسل " ( 1 / 145 ) .

5. وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – في مقال " تعقيب على ملاحظات الشيخ محمد المجذوب بن مصطفى - :

وأما ما انفصل من جسده صلى الله عليه وسلم أو لامسه : فهذا يُتَبَرَّك إذا وُجد وتحقق في حال حياته وبعد موته إذا بقي ، لكن الأغلب أن لا يبقى بعد موته ، وما يدَّعيه الآن بعض الخرافيين من وجود شيء من شعره أو غير ذلك : فهي دعوى باطلة لا دليل عليها ... .

لا وجود لهذه الآثار الآن ؛ لتطاول الزمن الذي تبلى معه هذه الآثار وتزول ؛ ولعدم الدليل على ما يُدَّعى بقاؤه منها بالفعل .

" البيان لأخطاء بعض الكتَّاب " ( ص 154 ) .

6. وتحت عنوان " هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر " بيَّن الدكتور ناصر بن عبد الرحمن الجديع في " التبرك ، أنواعه وأحكامه " - ( ص 256 - 260 ) - أنه يشك في ثبوت نسبة ما يوجد الآن من هذه الآثار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن فقدان الكثير من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم على مدى القرون والأيام بسبب الضياع ، أو الحروب والفتن . انتهى

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:15
التبرك بماء قيل إنه فيه شعرة
للنبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

لقد حضرت محاضرة في الأردن و قد كان الموضوع عن المسجد الأقصى و نصرة الدين و قد كانت المحاضِرة قد أحضرت لنا ماء مغموس بشعرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ,

وهذه الشعرة موجودة في مسجد الجزار في عكا في فلسطين.وقد وضع الماء داخل قارورة ثم خلطوها بخزان الماء حتى يستفيد منه أكبر عدد من النسوة و قد أخذت الماء مثلهن ..والسؤال هل يجوز التبرك بهذا الماء بهدف الشفاء وأخذ البركة أفتونا جزاك الله كل خير مع العلم أن الماء ما زال عندي ولم أستخدمه بعد.

الجواب

الحمد لله

اتفق العلماء على جواز التبرك بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم ، من شعر وعرق وغيره ؛ لقيام الأدلة على ذلك ، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ فَقَالَ احْلِقْ فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ ) رواه مسلم (1305).

وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَانَتْ تَبْسُطُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِطَعًا فَيَقِيلُ عِنْدَهَا عَلَى ذَلِكَ النِّطَعِ ، فَإِذَا نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَتْ مِنْ عَرَقِهِ وَشَعَرِهِ فَجَمَعَتْهُ فِي قَارُورَةٍ ثُمَّ جَمَعَتْهُ فِي سُكٍّ . قَالَ [القائل هو ثمامة بن عبد الله بن أنس] : فَلَمَّا حَضَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَيَّ أَنْ يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ قَالَ فَجُعِلَ فِي حَنُوطِهِ . رواه البخاري (6281)

والنطع : بساط من جلد .

والسُّك : نوع من الطيب يركب من المسك وغيره.

فهذا وغيره يدل على أن ذات الرسول صلى الله عليه وسلم وما انفصل عنها من شعر وعرق ونحوه قد جعل الله فيه من البركة ما يتبرك بها ويرجى بسببها الفائدة في الدنيا والآخرة ، والواهب لهذا الخير هو الله تبارك وتعالى.

لكن الزعم الآن بأن هذا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أو آثاره ، زعم لا يسنده دليل . وعامة ما يقال في هذا الباب هو نوع من الدجل والخرافة ، كقولهم : إن هذه شعرة للنبي صلى الله عليه وسلم لأنها إذا وضعت تحت الشمس لم يكن لها ظل !! ومثل هذا الكلام لا ينبغي أن يلتفت إليه.

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

" ونحن نعلم أن آثاره صلى الله عليه وسلم من ثياب أو شعر أو فضلات ، قد فقدت ، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين "

التوسل ص 147

وعليه فلا يجوز التبرك بالماء المسئول عنه ، حتى يعلم جزما أن ما وضع فيه هو من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا سبيل لإثبات ذلك . وينبغي الحذر من أهل الدجل والخرافة ، ومروجي البدع

كما ينبغي تلقي العلم والدعوة على يد المعروفين بالسنة الذابين عنها والناشرين لها ، وليتأمل العاقل كيف يتحول الحديث عن نصرة الدين إلى تعليق الناس بالأمور غير الثابتة ! وكان الأجدى بالمحاضِرة أن تدعو الناس إلى تعلم السنة والتمسك بها ؛ لأن ذلك من أسباب النصر .

رزقنا الله وإياكم حسن الاتباع .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:19
خبر تبرك خالد بن الوليد رضي الله عنه
بشعر النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال :
يروى أن خالد بن الوليد كان عنده ضفيرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم, والتي احتفظ بها خالد بن الوليد في خوذته , وفي مرة وقعت الخوذة بسبب الريح , حينئذ توقف , والتقطها من الأرض خوفا عليها من الضياع

. هل هذه القصة صحيحة ؟ وهل موجودة في الأحاديث النبوية الشريفة الصحاح , أو في أحاديث السيرة ؟ لو كانت هذه القصة حقيقية , فكيف نرى هذه القصة في ضوء القرآن والسنة ووحدانية الله ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم ، كشعره وعرقه وسؤره جائز باتفاق أهل العلم ؛ لما ثبت من الأحاديث الصحيحة في ذلك .

وهذه الفضيلة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وليست لأحد غيره ، فلا يقاس غيره عليه .

وقد جعل الله تعالى في آثاره صلى الله عليه وسلم البركة ، وما يرجى به الخير والنفع في الدنيا والآخرة ، وأجاز النبي صلى الله عليه وسلم التماس البركة في آثاره ، وليس ذلك من الشرك - والعياذ بالله - لأنه من الأخذ بالأسباب

الشرعية ، ولأن الذي أجازه هو الذي حارب الشرك ومنع كل الطرق المؤدية إليه ، بخلاف التبرك بآثار غيره ، فإنه بدعة مخالفة لهدي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ذريعة إلى التعلق الشركي بغير الله تعالى .

ثانيا :

روى الحاكم في "المستدرك" (5299) ، والطبراني في "الكبير" (3804) ، وأبو يعلى في مسنده (7183) من طريق هُشَيْم ، ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ : " أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، فَقَدْ قَلَنْسُوَةً لَهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ فَقَالَ: اطْلُبُوهَا فَلَمْ يَجِدُوهَا، ثُمَّ طَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا، وَإِذَا هِيَ قَلَنْسُوَةٌ خَلِقَةٌ ، فَقَالَ خَالِدٌ: " اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ ، وَابْتَدَرَ النَّاسُ جَوَانِبَ شَعْرِهِ ، فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى نَاصِيَتِهِ فَجَعَلْتُهَا فِي هَذِهِ الْقَلَنْسُوَةِ ، فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالًا وَهِيَ مَعِي إِلَّا رُزِقْتُ النَّصْرَ " .

سكت عنه الحاكم ، وأعله الذهبي بالانقطاع ، وهو الصحيح ؛ فإن جعفرا هذا ، وهو ابن عبد الله بن الحكم بن رافع ، إنما يروي عن صغار الصحابة كأنس ، ومحمود بن لبيد ، كما في "التهذيب" (2/99) ، وخالد بن الوليد رضي الله عنه قديم الوفاة ، فقد توفي في خلافة عمر رضي الله عنه - كما في "طبقات ابن سعد" (7/ 279) ، و "أسد الغابة" (2/140) ، فلا يتهيأ لجعفر إدراكه والسماع منه ؛ ولذلك قال البخاري في " التاريخ الكبير" (2/195) في ترجمة جعفر هذا : " رأى أنسا " ، وهذا مشعر أنه لم يدرك كبار الصحابة ومتقدمي الوفاة منهم .

وقد أشار ابن كثير رحمه الله إلى ضعف هذا الحديث بتصديره بــ " رُوي " ، المشعرة بالضعف وعدم الثبوت ؛ فقال :
" وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ خَالِدًا سَقَطَتْ قَلَنْسُوَتُهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ وَهُوَ فِي الْحَرْبِ ، فَجَعَلَ يَسْتَحِثُّ فِي طَلَبِهَا فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ: إِنَّ فِيهَا شَيْئًا مِنْ شَعْرِ نَاصِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّهَا مَا كَانَتْ مَعِيَ فِي مَوْقِفٍ إِلَّا نُصِرْتُ بِهَا "
.
انتهى من "البداية والنهاية" (7/ 113) .

وينظر : "مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك الحاكم" لابن الملقن ، حاشية المحقق (4/1953-1954) .

ثم على فرض صحت القصة وثبوتها : فلم يعد لها واقع عملي ، لأن هذا خاص بآثار النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد انقطع إسنادها جميعا ، فلم يبق في أيدي الناس شيء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، تصح نسبته إليه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:23
الحجر المنقوش عليه أصابع الرسول
صلى الله عليه وسلم في مسجد البدوي

السؤال :

يوجد في مدينتنا مسجد به ضريح السيد البدوي ، ويوجد بنفس المقبرة حجر منقوش عليه خمسة أصابع ، والكل يدَّعي أن هذه أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويوجد في مدينة أخرى حجر منقوش عليه أصابع لقدم ، فهل هذه حقيقة أم خرافات؟ علماً بأنني كنت أقبل وأتمسح بهذا الحجر كما كان يفعل الناس عندنا

والحمد لله فقد تبت إلى الله من هذا وأرجو الله أن يقبل توبتي . ولكن أريد أن أعرف هل هذه حقيقة أصابع رسول الله أو قدمه ، أفيدونا أفادكم الله؟

الجواب :

الحمد لله

"كل هذا لا أصل له ، ليست أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم وليست أصابع قدمه ، وكل هذا باطل ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت إلى مصر ولم يزرها ، ولم توجد أصابعه في أي حجر حتى نقلت إلى هناك ، وكل هذا من الباطل والكذب ، فلا يجوز التمسح بها ، ولا التبرك بها ، بل يجب إزالتها وتحطيمها

والمساجد التي تبنى على القبور ، فلا يجوز أن يبنى مسجد على القبر ، ولا يجوز الطواف بالقبور ، ولا دعاء أهلها دون الله ، ولا التمسح بقبورهم ، ولا النذر لأهلها ، كما يفعل عند البدوي أو غيره ، كل هذا منكر عظيم ، فبناء المساجد على القبور أنكره النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : (أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ) .

ولما ذكرت له بعض الصحابيات المهاجرات إلى الحبشة كنيسة رأينها في أرض الحبشة ، وفيها ما فيها من الصور ، قال صلى الله عليه وسلم : (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ، وصوروا فيه تلك الصور) . ثم قال : (أولئك شرار الخلق عند الله) فأخبر أن هؤلاء الذين يبنون المساجد على القبور ، ويتخذون عليها الصور هم شرار الخلق ، لأنهم دعاة للنار – ونعوذ بالله – ودعاة للشرك .

فيجب الحذر من هذه البلايا ، وهذه البدع ، وهذه الشرور التي أحدثها الجهلة ، ويجب أن تكون المساجد بعيدة عن القبور ، وتكون مستقلة عن القبور ، والقبور مستقلة عن المساجد ، أما أن يتخذ المسجد على المقبرة ، أو يدفن في المسجد فكل هذا منكر ولا يجوز الدفن في المساجد ، بل تكون المقابر مستقلة وتكون المساجد مستقلة ، ولا يبنى المسجد على القبر ، ولو كان من قبور الأنبياء فلا يبنى عليه مسجد ، لأن ذلك من وسائل الشرك ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم زجر عن ذلك ولعن من فعله .

أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي في المدينة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دُفن في بيته ولم يدفن في المسجد ، هو وصاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، فكان مدفوناً في بيت عائشة رضي الله عنها رضي الله عنها ثم دفن معه أبو بكر ، ثم دفن معه عمر .

لكن لما وسع الوليد بن عبد الملك المسجد في عهده أدخل الحجرة في المسجد اجتهاداً منه ، وقد غلط ، ولو تركها على حالها لكان أسلم وأبعد الشبهة ، فإن بعض الناس اغتروا بهذا ، وظنوا أن اتخاذ المساجد على القبور أمر مطلوب ، وهذا غلط ، فالنبي صلى الله عليه وسلم دُفن في بيت عائشة رضي الله عنها وليس في المسجد

وهكذا صاحباه دُفنا معه في البيت ، ثم أُدخلت الحجرة برمتها في المسجد ، لا يجوز لأحد أن يغتر بهذا ، فالرسول صلى الله عليه وسلم حذر من هذا عليه الصلاة والسلام ، وأبدأ وأعاد في ذلك ، فيجب الحذر مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وألا يدفن إنسان في مسجد ، وألا يقام مسجد على قبر لأن الرسول لعن من فعل ذلك ، فيجب الحذر ، ولأنه وسيلة للشرك" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (1/265 – 267) .

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:29
حكم تجنب أكل اللحم في العشر الأول من المحرم

السؤال:

اعتادت أسرة زوجي تجنب أكل اللحم من بداية الشهر حتى العاشر من محرم ، ويقولون : إن هذا عهد آبائهم الذي قطعوه على أنفسهم ، وبالتالي يجب على كل واحد منهم أن يلتزم بالعهد ، فهل هذا جائز؟

الجواب :

الحمد لله

ترك تناول المباحات مما أحل الله : من الرهبانية التي نهى الله تعالى عنها ورسوله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الرَّهْبَانِيَّةُ تَرْكُ الْمُبَاحَاتِ مِنَ النِّكَاحِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَدْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - هَمُّوا بِالرَّهْبَانِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَهْيَهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة/ 87 ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ لَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ لَا أَنَامُ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ.

فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا فَقَالَ: (مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَقُومُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) وَقَدْ بَيَّنَتِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ ".

انتهى ملخصا من "الجواب الصحيح" (2/ 194-197) .

وحاصل ذلك : أن من تعبَّد لله تعالى بترك أكل اللحم ، أو غيره من المباحات : في أيام مخصوصة : فهذا من تشريع الدين الذي لم يأذن بالله .

وسواء كان ذلك لاعتقاده أن لهذه الأيام خصوصية تقتضي ترك أكل اللحم ،

أو إما تحريما ، أو كراهة .

أو لاعتقاده : أن ترك أكل اللحم في هذه الأيام : واجب أو مستحب .

أو اعتقادا : أن الله يتقرب إليه بترك أكل اللحم ، أو غيره من المباحات : على صفة مخصوصة :

فكل ذلك من بدع الضلالة التي لم يأذن بها الله .

قال الشاطبي رحمه الله :

" كُلُّ مَنْ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ تَنَاوُلِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْعَامِلُ بِغَيْرِ السُّنَّةِ تَدَيُّنًا، هُوَ الْمُبْتَدِعُ بِعَيْنِهِ "

انتهى من "الاعتصام" (ص 59) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ الْخَلْقَ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا وَيَعْبُدُوهُ بِمَا شَرَعَ وَأَمَرَ أَنْ لَا يَعْبُدُوهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ ، قَالَ تَعَالَى : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } وَقَالَ تَعَالَى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } . فَالسَّالِكُ طَرِيقَ الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ إذَا كَانَ مُتَّبِعًا لِلشَّرِيعَةِ فِي الظَّاهِرِ وَقَصَدَ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ وَتَعْظِيمَ النَّاسِ لَهُ كَانَ عَمَلُهُ بَاطِلًا لَا يَقْبَلُهُ اللَّهُ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ

أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ : { أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ . وَهُوَ كُلُّهُ لِلَّذِي أَشْرَكَ } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ } "
.
وَإِنْ كَانَ خَالِصًا فِي نِيَّتِهِ لَكِنَّهُ يَتَعَبَّدُ بِغَيْرِ الْعِبَادَاتِ الْمَشْرُوعَةِ : مِثْلُ الَّذِي يَصْمُتُ دَائِمًا أَوْ يَقُومُ فِي الشَّمْسِ أَوْ عَلَى السَّطْحِ دَائِمًا أَوْ يَتَعَرَّى مِنْ الثِّيَابِ دَائِمًا وَيُلَازِمُ لُبْسَ الصُّوفِ أَوْ لُبْسَ اللِّيفِ وَنَحْوِهِ أَوْ يُغَطِّي وَجْهَهُ أَوْ يَمْتَنِعُ مِنْ أَكْلِ الْخُبْزِ أَوْ اللَّحْمِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - كَانَتْ هَذِهِ الْعِبَادَاتُ بَاطِلَةً وَمَرْدُودَةً كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ } " ..
.
وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ الْآخَرُ : أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَلَا أَنَامُ وَقَالَ الْآخَرُ : أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ الْآخَرُ : أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ : كَيْت وَكَيْت لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي } " .
فَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَا هُوَ جِنْسُهُ عِبَادَةً ؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ جِنْسُهُمَا عِبَادَةٌ .

وَتَرْكَ اللَّحْمِ وَالتَّزْوِيجِ جَائِزٌ لَكِنْ لَمَّا خَرَجَ فِي ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ فَالْتَزَمَ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْمَشْرُوعِ وَالْتَزَمَ هَذَا تَرْكَ الْمُبَاحِ كَمَا يَفْعَلُ الرُّهْبَانُ تَبَرَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ حَيْثُ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِهِ إلَى خِلَافِهَا وَقَالَ : { لَا رَهْبَانِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ } "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/612-614) .

والحاصل :

أن اعتياد ترك أكل اللحم ، في هذه الأيام ، على الصفة المذكورة ، سواء كان ذلك بعهد مع الله ، أو مع الناس ، أو مع النفس ، أو من غير عهد : كل ذلك من البدع التي لا يحل التقرب إلى الله تعالى بها ، ولا يحل طاعة الآباء والأجداد فيها ، ولا متابعتهم عليها .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:34
ما يشاع من كراهية النكاح في شهر الله المحرم

السؤال:

هل عقد النكاح في شهر محرم مكروه كما سمعت من بعض الناس ؟

الجواب :

الحمد لله

لا حرج في الزواج أو الخطبة في شهر الله الحرام ( محرَّم ) الذي هو بداية السنة القمرية ، وليس ذلك من المكروهات ولا من المحرمات ، وذلك لأدلة كثيرة ، منها :

أولا :

أصل الإباحة والبراءة الذي لم يرد ما ينقله ويغيّره ، والقاعدة الشرعية المتفق عليها بين العلماء : أن الأصل في العادات والأفعال الإباحة ، ما لم يرد دليل التحريم ، ولمّا لم يَرد في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع والقياس والآثار شيء يدل على المنع من الزواج في شهر محرّم ، كان العمل والفتوى مبنيا على حكم الإباحة الأصلي .

ثانيا :

إجماع العلماء على الجواز ، إجماعا سكوتيا على الأقل ، حيث لم نجد أحدا من العلماء المتقدمين أو المتأخرين ، من الصحابة والتابعين والأئمة المرضيين وأتباعهم إلى يومنا هذا ، يحرّم ، أو حتى يكره : الزواج أو الخطبة في شهر محرم .

ومَن منع مِن ذلك : كفاه دليلا على نكارة قوله وبطلانه : أن يفتي بما لم يدل عليه دليل ، أو يقل به أحد من العلماء .

ثالثا :

شهر محرم من شهور الله المعظَّمة والمكرَّمة ، وقد ورد في فضله قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ ) رواه مسلم (1163) ، فشهر أضافه الله لنفسه ، وجعل الصيام فيه أعظم أجرا من غيره ، حري أن تُطلب بركته وفضله في مثل ذلك ، لا أن يتحزن فيه ، أو يتخوف الزواج فيه ، أو يتطير به ، كما هي عادة الجاهلية
.
رابعا :

إن احتج أحدٌ على المنع بأن شهر محرّم هو شهر استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنه ، كما فعل ذلك بعض الروافض .

قيل له : لا شك أن يوم استشهاده رضي الله عنه يوم ثَلم عظيمٍ في تاريخ الإسلام ، غير أنه لا يستلزم الفتوى بتحريم الزواج أو الخطبة فيه ، وليس في شريعتنا تجديد الأحزان في الذكرى السنوية ، واستمرار الحداد إلى حد المنع من مظاهر الفرح .

وإلا فمِن حقنا أن نسأل مَن يقول بذلك : أليس اليوم الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مصيبة حلت بالأمة الإسلامية ! فلماذا لا يحرُم الزواج أيضا في ذلك الشهر كله الذي هو ربيع الأول ؟! ولماذا لم يُنقل ذلك التحريم أو الكراهة عن أحد من الصحابة أو من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم والعلماء من بعدهم !!

وهكذا لو رحنا نجدد الأحزان في كل يومٍ قُتل فيه أو استشهد أو توفي أحد أئمة الإسلام الكبار ، من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيرهم ، لضاقت الأيام والشهور عن يوم فرح وسرور ، ولأصاب الناس من العنت والحرج ما لا طاقة لهم به . ولا شك أن الإحداث في الدين أول ما يجني على أصحابه الذين ناقضوا الشريعة ، واستدركوا على كمالها الذي ارتضاه الله لعباده .

وقد ذكر بعض المؤرخين أن أول من أحدث هذا القول ، بل أول من أحدث تجديد مظاهر الحداد في بداية شهر محرم هو الشاه إسماعيل الصفوي (907-930هـ)، كما يقول الدكتور علي الوردي في " لمحات اجتماعية من تاريخ العراق " (1/59) : " لم يكتف الشاه إسماعيل بالإرهاب وحده في سبيل نشر التشيع ، بل عمد كذلك إلى اتخاذ وسيلة أخرى

هي وسيلة الدعاية والإقناع النفسي ، فقد أمر بتنظيم الاحتفال بذكرى مقتل الحسين على النحو الذي يتبع الآن . وهذا الاحتفال كان قد بدأ به البويهيون في بغداد في القرن الرابع الهجري ، ولكنه أهمل وتضاءل شأنه من بعدهم . ثم جاء الشاه إسماعيل أخيرا ، فطوره وأضاف إليه مجالس التعزية ، بحيث جعله قوي الأثر في القلوب

وقد يصح القول : إنه كان من أهم العوامل في نشر التشيع في إيران ؛ لأن ما فيه من مظاهر الحزن والبكاء ، وما يصاحبه من كثرة الأعلام ودق الطبول وغيرهما ، يؤدي إلى تغلغل العقيدة في أعماق النفس ، والضرب على أوتارها الكامنة " انتهى.

خامسا :

ثم إن بعض المؤرخين يرجحون أن زواج علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فاطمة رضي الله عنهما ، إنما وقع في أوائل السنة الثالثة للهجرة .

يقول ابن كثير رحمه الله :

" نقل البيهقي عن كتاب "المعرفة" لأبي عبد الله بن منده ، أن عليا تزوج فاطمة بعد سنة من الهجرة ، وابتنى بها بعد ذلك لسنة أخرى ، فعلى هذا يكون دخوله بها في أوائل السنة الثالثة من الهجرة "

انتهى من " البداية والنهاية " (3/419)

وثمة أقوال أخرى في المسألة ، ولكن الشاهد أن أحدا من العلماء لم يستنكر الزواج في محرم ، بل ومن دخل فيه فله أسوة حسنة في أمير المؤمنين علي وزوجته السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:39
حكم أخذ العلم عن المبتدع

السؤال:

هل يجوز أخد العلم عن المبتدعين في الأمور المتعلقة بالعبادات ، في حال لم يتوفر هذا عند أهل السنة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الابتداع في الدين سواء في الاعتقادات أو في العبادات من أخطر الأمور ؛ لأنه يؤدي إلى ضياع السنة وموتها ، وما أحدث الناس بدعة ، إلا ضيعوا من السنة ما هو خير منها ؛ فإن مسلك الابتداع ، مؤداه : أن هناك طريقا يوصل إلى مرضات الله ، غير الطريق الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم.

ولأجل ما في ذلك من الخطر ، أمر العلماء بهجر المبتدع ، وهذا الهجر لمصلحة المبتدع ولمصلحة المجتمع المسلم ، فالمبتدع قد يرتدع بالهجر فيترك بدعته ، والمجتمع يعلم بذلك مدى خطر هذا المبتدع فلا يغتر به .
لكن يجب التنبه أن لهذا الهجر ضوابط تضبطه وليس على إطلاقه .

ثانيا :

الدراسة العامة الظاهرة ، على شخص معروف بالبدعة ، متعالن بها : من شأنه أن يساعد على استمراره في بدعته ، وعلى اغترار الناس به .

قال الشاطبي رحمه الله تعالى :

" فإن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين تعودان بالهدم على الإسلام :

أحدهما: التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير ، فيعتقدون في المبتدع أنه أفضل الناس ، وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره ، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته دون اتباع أهل السنة على سنتهم .

والثانية: أنه إذا وقر من أجل بدعته صار ذلك كالحادي المحرض له على انشاء الابتداع في كل شيء .

وعلى كل حال ؛ فتحيا البدع ، وتموت السنن ، وهو هدم الإسلام بعينه "

انتهى من " الاعتصام " ( 1 / 202 ) .

ثالثا :

أخذ العلم عن المبتدع : إما أن يكون في الأمور التي تدخل في نطاق بدعته أو لا ؟

فإن كان العلم الذي ستأخذه منه مما تلحقه بدعته ، ويظهر أثرها فيه : ففي هذه الحالة لا شك في النهي عن الأخذ عنه ؛ لأن في أخذ العلم عنه تحقيقا لمفسدتين ؛ مفسدة مخالطة المبتدع وتوقيره ؛ ومفسدة تعريض النفس للشبهات وأخذ العلم الذي يختلط فيه الحق بالباطل
.
وربما يستثنى من ذلك : من كان له أداة كاملة ، في تمييز مواقع هذه البدعة ، وغلب على ظنه السلامة من تأثير المأخوذ عنه ، واحتاج إلى شيء من الأخذ عنه لأجل دراسة ، أو معرفة ما عند القوم ، أو نحو ذلك ، فنرجو ألا يكون على مثل ذلك حرج في الأخذ عن هؤلاء، وإن كان الظاهر أن يقيد ذلك بمن لم تكن بدعته مغلظة ، مع أن الاحتياط : الترك مطلقا .

أما إذا كان العلم الذي ستأخذه منه من العلوم التي لا تدخلها بدعته ؛ كعلم النحو واللغة وتجويد القرآن الكريم ، بل وغالب الفقه ـ كذلك ـ ؛ فهنا تعارضت مفسدة مخالطة المبتدع ، مع مصلحة العلم النافع ، ففي هذه الحالة يرجح بينهما ، وينظر أيهما أقل مفسدة : أخذ العلم عنه ، أو تركه ؟

فإذا كانت هناك حاجة ماسّة لعلمه ، ولا يوجد غيره ، وأمنت فتنته : ففي هذه الحالة يجوز الأخذ عنه .

أما إذا كان العلم المراد تعلمه ليس هناك حاجة شديدة إليه ، أو كان يوجد غير هذا المبتدع يمكن التعلم على يديه ، أو كانت فتنة بدعته أشد من فوات علمه ؛ ففي هذه الحالة ينهى عن الأخذ عن هذا المبتدع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ، ولا انتهاء أحد ؛ بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها : لم تكن هجرة مأمورا بها ، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك : أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية [أي : لم يكونوا يستطيعون أن يظهروا العداوة للجهمية ] .

فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة ، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي .

وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة [أي : بدعة نقي القدر] ، فلو ترك رواية الحديث عنهم ، لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم .

فإذا تعذر إقامة الواجبات ، من العلم والجهاد وغير ذلك ، إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب = كان تحصيل مصلحة الواجب ، مع مفسدة مرجوحة معه : خيرا من العكس .

ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل "

انتهى . " مجموع الفتاوى " ( 28 / 212 ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:42
هل تشرع مقاطعة المبتدع في هذا العصر ؟

السؤال

متى تشرع مقاطعة المبتدع ؟

ومتى يشرع البغض في الله ؟

وهل تشرع المقاطعة في هذا العصر؟.

الحمد لله

والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فينبغي على المؤمن أن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان والشرع والتجرد من الهوى ، فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم فإن هجره حق ، وأقل أحواله أن يكون سنة ، وهكذا هجر من أعلن المعاصي وأظهرها أقل أحواله أنه سنة أما إن كان عدم الهجر أصلح لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين ، وإرشادهم إلى السنة وتعليمهم ما أوجب الله عليهم يؤثر فيهم ويزيدهم هدى فلا يعجل في الهجر

ولكن يبغضهم في الله كما يبغض الكفار والعصاة ، لكن يكون بغضه للكفار أشد ؛ مع دعوتهم إلى الله سبحانه والحرص على هدايتهم عملا بجميع الأدلة الشرعية ؛ ويبغض المبتدع على قدر بدعته إن كانت غير مكفرة ، ويبغض العاصي على قدر معصيته ، ويحبه في الله على قدر إسلامه وإيمانه ، وبذلك يُعلم أن الهجر فيه تفصيل .

والخلاصة :

أن الأرجح والأولى النظر إلى المصلحة الشرعية في ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية ، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر ؛ هجرهم خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم ، ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية دعت إلى ذلك .

فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر والمبتدع والعاصي في الله سبحانه ومحبة المسلم في الله عز وجل ، وعليه أن يراعي المصلحة العامة في ذلك ، فإن اقتضت الهجر هجر ، وإن اقتضت المصلحة الشرعية الاستمرار في دعوتهم إلى الله عز وجل وعدم هجرهم فعل ذلك مراعاةً لهديه صلى الله عليه وسلم . والله ولي التوفيق .

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (9 / 423 ).

*عبدالرحمن*
2018-03-24, 06:53
بدعة وضع المصحف على الرؤوس عند الدعاء

السؤال:

هل يجوز وضع المصحف فوق الرأس عند الدعاء ؟

الجواب :

الحمد لله

لم يزل الروافض يأتون كل يوم بكل عجيب ، إلى أن أفاضت عقولُهم النيرةُ بدعةً جديدةً ، ألا وهي : وضع المصحف على الرؤوس عند الدعاء في ليلة القدر ، ويسمونه " دعاء رفع القرآن" يحلفون بالله ثم بالأئمة ، ويطلبون حوائجهم !!
ولعل مستند الشيعة في هذا الفعل :

ما ذكره الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (3/144)

عن شعبة قال : أنبأنا محمد بن عبيد الله الثقفي ، سمع أبا صالح يقول : " شهدت عليا وضع المصحف على رأسه

حتى سمعت تقعقع الورق فقال : " اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني ، اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني ، وحملوني على غير أخلاقي ، فأبدلهم بي شرًّا مني ، وأبدلني بهم خيرا منهم ومِثْ [عين : أذب] قلوبهم ميثة الملح في الماء " انتهى .

وقبل الجواب عن هذا الأثر ننوِّه أولا على أمور:

أولا :

مازال النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ، وهيئته في الدعاء معروفة معلومة ، ولم يرد لا في حديث صحيح ولا ضعيف أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع المصحف أو أوراق المصحف على رأسه ليدعو به .

وكذا لم ينقل عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم هذا الفعل ، ومن الصحابة الحسن والحسين وعلي وفاطمة وغيرهم من أهل البيت رضي الله عنهم ، لم ينقل هذا عنهم ، مع كثرة وتكرر الدعاء منهم مرات لا يحصيها إلا الله .

ثانيا :

الدعاء عبادة من أجلِّ وأعظم العبادات ، والأصل في العبادات التوقيف ، وعدم التعدي والتجاوز فيها أو إحداث أمر فيها ، والدعاء بالصورة المذكورة ليس ثابتا ، لا كتابا ولا سنة.

وقد ألف العلماء في آداب الدعاء كتبا عديدة ولم يذكروا منها هذا الأدب ، لأنه لا أصل له .

وأما الجواب عن فعل علي رضي الله عنه :

فعلى تقدير ثبوته ، فليس فيه دليل على مشروعية هذا الفعل على وجه الدوام ، إنما هي حالة ضيق وصلت بعلي رضي الله عنه إلى الشكوى إلى الله بتلك الحالة ، فرفع المصحف عاليا مخاطبا إياهم ومبينا قبح أفعالهم فقال : " اللهم إني سألتهم ما فيه " وفي الرواية الأخرى :" اللَّهمّ إنهم منعوني أن أقوم في الأمة بما فيه " ، فكان حديثه عن القرآن ومخالفة شيعته من أهل الكوفة له ، فرأى أن حمل المصحف سيكون أبلغ في التأثير في السامع ، فهو كما يرفع الرجل المصحف بيده ويقول لخصمه : هذا يحكم بيني وبينك .

فلا يؤخذ من تلك الحادثة دليلٌ على مشروعية هذا الفعل على وجه الدوام ، وفي كل دعاء ، إذ لو كان الأمر كذلك ، فلماذا تركه علي رضي الله عنه ولَمْ يداوم عليه ، ولماذا لم يفعله ثانية ؟

ويزيد الأمر بدعةً وإحداثا أن يُخصص للدعاء بهذه الصورة ليلةٌ معينةٌ في السنة ، فهل فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه ؟

وعليه ؛ فحمل المصحف على الرأس عند الدعاء بدعة ، وآداب الدعاء معروفة في الكتاب والسنة ، فعلى المسلم أن يتقيد بها ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم

الشيخ محمد صالح المنجد .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 06:24
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل أفتى ابن حجر العسقلاني بجواز الرقص الصوفي ؟

السؤال :

قرأت الفتوى التي ذكرتموها في حكم الرقص أثناء الذكر ، ولكن ماذا عن قول ابن حجر العسقلاني الذي يستدل به الصوفية ، حيث ذكر الدكتور يوسف خطار محمد صاحب " الموسوعة اليوسفية في أدلة الصوفية " والتي نشرت في دمشق عام 1999 في الصفحة رقم 185 ما نقله السيوطي في " السيف القاطع " ، ومحمود أبو الشامات في " الإلهامات الإلهية " في أنّ : " الحافظ بن حجر سئل عن رقص الصوفية

وهل له أصل ، وهل رقص أحد بحضرة الرسول صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه ؟

قال: نعم ، إن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال له : أشبهت خلقي وخلقي وذلك من لذة الخطاب ، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في مصطلح الحديث إقرار، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يسكت عن حرام أو مكروه " ، ولكننا نقرأ في " فتح الباري "

في كتاب المناقب أنّ الحافظ ذكر في شرحه على قصة رقص الحبشة في المسجد أنّ استدلال الصوفية بهذا الحديث على جواز الرقص هو خطأ ، وذلك يتعارض مع ما نقله السيوطي عنه فما هو الصحيح في ذلك ؟ وهل فعلاً نقل السيوطي عن الحافظ ابن حجر ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

رجعنا إلى الكتاب المذكور " الموسوعة اليوسفية " فوجدنا في الصفحة ( 206 وهو منشور ، متاح بصيغة ورد ) قد قال كاتبه :
\
" سئل الحافظ ابن حجر المحدث الكبير عن رقص الصوفية وهل له أصل وهل رقص أحد بحضرة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ؟

قال : نعم ، إن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قال له : أشبهت خلقي وخلقي ، وذلك من لذة الخطاب ، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو في مصطلح الحديث إقرار والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يسكت عن حرام أو مكروه .

وأفتى بجواز الرقص عند سؤال أحد الحاضرين في مجلسه فقال : يجوز الرقص بدليل فعل الحبشة في المسجد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رقصهم بالوثبات والوجد وإنشاد الشعر جائز بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصل هذه الطرائق من الكتاب والسنة الحاثين على كثرة ذكر الله والاجتماع على محبة الله أما سب المشايخ وتكفيرهم فكفر شرعا بلا خلاف " انتهى .

ونسب هذا النقل في الهامش لـ " السيف القاطع " للسيوطي ، و" الإلهامات الالهية " لأبي الشامات .

وكتاب " الإلهامات الإلهية " لأبي الشامات وجدناه مخطوطا ، وهذا نص كلامه :

" وسُئل الحافظ ابن حجر عن رقص الصوفية وتواجدهم هل له أصل أم لا ؟ ( فأجاب ) بقوله نعم له أصل فقد روى أن جعفر بن أبي طالب رقص بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له ( أشبهت خَلقي وخُلقي ) وذلك من لذة هذا الخطاب ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقد صح التمايل والرقص عن جماعة من كبار الأئمة منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام .

انتهى " انتهى ( ص 50 مخطوط ) .

فأبو الشامات أيضا لم يحدد من هو ابن حجر .

وقد بحثنا عن هذا النص فوجدنا أنه لابن حجر الهيتمي ، وليس للحافظ ابن حجر العسقلاني .

وقد ذكر هذا الكلام في كتاب " الفتاوى الحديثية " لابن حجر الهيتمي " ( ص 212 ) ونصه :

" سُئل نفع الله به عن رقص الصوفية عند تواجدهم هل له أصل ؟

( فأجاب ) بقوله : نعم له أصل ؛ فقد روى في الحديث أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، لما قال له : ( أشبهت خَلقي وخُلقي ) ؛ وذلك من لذة هذا الخطاب ، ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم ، وقد صح القيام والرقص في مجالس الذكر والسماع عن جماعة من كبار الأئمة، منهم عز الدين شيخ الإسلام بن عبد السلام " انتهى .

فهذه الفتوى ليست للحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب " فتح الباري بشرح صحيح البخاري " ، ، وإنما هي لابن حجر الهيتمي ، الفقيه الشافعي المعروف ، المتوفى (974هـ) .

أما كتاب " السيف القاطع " فلم نجده وصاحب كتاب " الموسوعة اليوسفية

" ذكره في فهرس المصادر والمراجع ، ولم يذكر عنه أيّ معلومات تدل على أنه موجود ، وقد حاول الأستاذ إياد خالد الطباع حصر أسماء مؤلفات السيوطي ، المطبوع منها والمخطوط والمفقود في كتابه " الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي معلمة العلوم الإسلامية " ففي أكثر من تسعين صفحة ( 314 - 407 ) جمع من أسماء مؤلفاته 1193 عنوانا ، ولم نجد ضمنها هذا العنوان " السيف القاطع " والله أعلم .

لكن وجدنا مثل هذا الكلام في كتاب آخر للسيوطي ، ولم ينسبه إلى ابن حجر العسقلاني ؛ ففي كتاب " الحاوي للفتاوي " للسيوطي ( 2 / 234 ) :

" وقد ورد في الحديث رقص جعفر بن أبي طالب بين يدي النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - لمّا قال له: ( أشبهت خلقي وخلقي ) ، وذلك من لذّة هذا الخطاب ، ولم ينكر ذلك عليه النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فكان هذا أصلا في رقص الصّوفيّة لما يدركونه من لذّات المواجيد ، وقَد صحّ القيام والرقص في مجالس الذّكر والسّماع عن جماعة من كبار الأئمّة ، منهم شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام " انتهى .

فالخلاصة : أن هذا الكلام ثابت عن السيوطي وابن حجر الهيتمي ، أما الحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب " فتح الباري " ، فهو ممن ينكر هذا الرقص الصوفي ، فقد نقل رحمه الله تعالى قول القرطبي في إنكاره مقرا له فقال :
" قال القرطبي : وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه ، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير ، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان

حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة ، وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال ، وأن ذلك يثمر سني الأحوال ، وهذا - على التحقيق - من آثار الزندقة ، وقول أهل المخرفة والله المستعان" اهـ . وينبغى أن يعكس مرادهم ويقرأ " سيء " – أي بدل " سني الأحوال " تقرأ " سيئ الأحوال " – "

انتهى من " فتح الباري " ( 2 / 442 – 443 ) .

وفي شرحه لحديث عَائِشَةُ : ( رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَزَجَرَهُمْ ‏‏عُمَرُ‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : دَعْهُمْ ، أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ ‏،‏ يَعْنِي مِنَ الأَمْنِ‏ ) رواه البخاري ( 3530 ).‏

قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى :

" واستدل قوم من الصوفيّة بحديث الباب على جواز الرّقص وسماع آلات الملاهي ، وطعن فيه الجمهور باختلاف المقصدين ، فإنّ لعب الحبشة بحرابهم كان للتّمرين على الحرب فلا يحتج به للرّقص في اللّهو ، والله أعلم "

انتهى من " فتح الباري " ( 6 / 553 ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 06:27
هل ثبت حديث أن الصحابة رقصوا ويستدل
بذلك على الرقص في حلَق الذِّكر ؟

السؤال :

الكثير من المتصوفة يتخذون هذا الحديث دليلاً لرقصهم ودروشتهم ويقولون : إن شيخ الاسلام ابن تيمية وغيره قالوا بصحته ، هذا الحديث في " مسند أحمد " برقم ( 860 ) : قال علي رضي الله عنه : زرت النبي صلى الله عليه وسلم مع جعفر وزيد بن حارثة

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد : ( أنت مولاي ) فبدأ زيد يحجل ويقفز على رجل واحدة حول النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لجعفر : ( أما أنت فتشبهني في خَلقي وخُلقي ) فحجل جعفر كذلك ، ثم قال لي : ( أنت مني وأنا منك ) فحجل خلف جعفر .

فما تعيقكم على هذا الحديث ؟

هل هو صحيح ؟

وهل يمكن للشخص أن يرقص ويقفز بهذا الشكل لإرضاء الله ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

الحديث الوارد في السؤال رواه أحمد ( 2 / 213 ) ، ولم يصححه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فيما نعلم من كتبه التي بين أيدينا ، أو كتب أصحابه . ثم متى كان هؤلاء الصوفية ـ يا عباد الله ـ يقيمون وزناً لشيخ الإسلام ابن تيمية حتى يقبلوا قوله في الحكم على الأحاديث .

ثانياً:

الحديث المذكور في السؤال فيه علتان :

الأولى : جهالة أحد رواته ، وهو " هانئ بن هانئ " .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة ، قال : وكان يتشيع ، وقال ابن المديني : مجهول ، وقال حرملة عن الشافعي : هانئ ابن هانئ لا يُعرف وأهل العلم بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله .

" تهذيب التهذيب " ( 11 / 22 ) .

والثانية : تدليس أبي إسحاق السبيعي .

قال أبو سعيد العلائي – رحمه الله - :

عمرو بن عبد الله السبيعي أبو إسحاق ، مشهور بالكنية ، تقدم أنه مكثر من التدليس .

" جامع التحصيل في أحكام المراسيل " ( ص 245 ) .

والحديث ضعفه محققو مسند الإمام أحمد ( 2 / 213 ، 214 ) وقالوا :

إسناده ضعيف ، هانئ بن هانئ تقدم القول فيه ، ومثله لا يحتمل التفرد ، ولفظ " الحجل " في الحديث منكر غريب .

انتهى

وللحديث طريق أخرى رواها ابن سعد في " الطبقات " (4 / 35 ، 36 ) عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : إن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال ... فقام جعفر فحجل حول النبي صلى الله عليه وسلم دار عليه فقال النبي عليه السلام : ( ما هذا ؟ ) قال : شيء رأيت الحبشة يصنعونه بملوكهم .

والحديث ضعيف مرسل ، فمحمد الباقر بن علي زين العابدين لم يدرك أحداً ممن ذُكر في الحديث من الصحابة رضي الله عنهم .

وقد حكم عليه بالإرسال : الزيلعي في كتابه " نصب الراية لأحاديث الهداية " ( 3 / 268 ) ، والألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 3 / 256 ) .

ثالثاً:

الحديث رواه البخاري في صحيحه - ( 2552 ) – وليس فيه تلك اللفظة المنكرة التي استدل بها الصوفية على رقصهم .

ونص روايته :

" ... فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ فَقَالَ عَلِيٌّ : أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي ، وَقَالَ جَعْفَرٌ : ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي ، وَقَالَ زَيْدٌ : ابْنَةُ أَخِي ، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا وَقَالَ : ( الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ) وَقَالَ لِعَلِيٍّ : ( أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ ) وَقَالَ لِجَعْفَرٍ : ( أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي ) وَقَالَ لِزَيْدٍ : ( أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ) .

انتهى

رابعاً:

على فرض صحة الحديث فليس فيه أنهم رقصوا في حلقة ذِكر لربهم – حاشاهم - ، وإنما فيه أنهم عبَّروا عن فرحهم بثناء النبي صلى الله عليه وسلم بقفزة على رِجل واحدة ، وهو فعل مباح في نفسه ، وإنما الحكم عليه يكون تبعاً لسبب فرحهم ، وحاشا أحداً من العقلاء أن يستدل به على رقص أثناء ذِكره لربه تعالى .

قال البيهقي – رحمه الله - :

وفى هذا - إن صح ! - دلالة على جواز الحجَل ، وهو أن يرفع رجلاً ويقفز على الأخرى من الفرح ، فالرقص الذي يكون على مثاله يكون مثله في الجواز ، والله أعلم .

" السنن الكبرى " للبيهقي ( 10 / 226 ) .

وقال الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي رحمه الله ، في بيان احتجاج المتصوفة ونحوهم بهذا الحديث على جواز الرقص :

" وتمسكوا أيضا بأنه قال لعلي : ( أنت مني وأنا منك ) ، فحجل . وقال لزيد : ( أنت أخونا ومولانا ) فحجل ... "

قال ابن حجر :

" والجواب : أن هذه كلها أحاديث منكرة ، وألفاظ موضوعة مزورة . ولو سلمت صحتها لم تتحقق حجتها ؛ أي : لأن المحرم هو الرقص الذي فيه تثن وتكسر، وهذا ليس كذلك ". انتهى.

"كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع" (75) .

خامساً :

صرح غير واحد من فقهاء المذاهب رحمهم الله ببدعية ذلك العمل وضلاله ، إن فعل دينا ، وذمه وتسفيه صاحبه إن فعل عادة ولهوا .

سُئل الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي – رحمه الله - :

ما تقول السادة الفقهاء - أحسن الله توفيقهم - فيمن يسمع الدف والشبانة والغناء ويتواجد ، حتى إنه يرقص ، هل يحل ذلك أم لا ؟ مع اعتقاده أنه محب لله وأن سماعه وتواجده ورقصه في الله ؟! أفتونا مأجورين ، رحمكم الله .

فقال :

الجواب وبالله التوفيق :

إن فاعل هذا مخطئ ، ساقط المروءة ، والدائم على هذا الفعل : مردود الشهادة في الشرع ، غير مقبول القول ، ومقتضى هذا : أنه لا تُقبل روايته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شهادته برؤية هلال رمضان ، ولا أخباره الدينية .

وأما اعتقاده محبة الله : فإنه يمكن أن يكون محبّاً لله سبحانه ، مطيعًا له ، في غير هذا ، ويجوز أن يكون له معاملة مع الله سبحانه ، وأعمال صالحة في غير هذا المقام .

وأما هذا : فمعصية ولعب ، ذمَّه الله تعالى ورسوله ، وكرهه أهل العلم ، وسموه بدعة ، ونهوا عن فعله ، ولا يُتقرب إلى الله سبحانه بمعاصيه ، ولا يُطاع بارتكاب مناهيه ، ومَن جعل وسيلته الى الله سبحانه معصيته : كان حظه الطرد والإبعاد ، ومن اتخذ اللهو واللعب دينًا : كان كمن سعى في الأرض الفساد ، ومن طلب الوصول إلى الله سبحانه من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّته : فهو بعيد من الوصول إلى المراد .

" جزء فيه فتيا فى ذم الشبَّابة والرقص والسماع " لابن قدامة ، مخطوط ( ورقة 2 ) .

وقال الإمام العز ابن عبد السلام ، الفقيه والأصولي الشافعي الكبير ، رحمه الله :

" وأما الرقص والتصفيق : فخِفَّة ورعونة مشبهة لرعونة الإناث ، لا يفعلها إلا راعن أو متصنع كذاب ؛ وكيف يتأتى الرقص المتزن بأوزان الغناء ممن طاش لبه وذهب قلبه ، وقد قال عليه السلام : ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، ولم يكن أحد من هؤلاء الذين يُقتدى بهم يفعل شيئا من ذلك

وإنما استحوذ الشيطان على قوم يظنون أن طربهم عند السماع إنما هو متعلق بالله عز وجل ، ولقد مانوا [ أي : كذبوا ] فيما قالوا ، وكذبوا فيما ادعوا ؛ من جهة أنهم عند سماع المطربات وجدوا لذتين اثنتين : إحداهما لذة المعارف والأحوال المتعلقة بذي الجلال ، والثانية : لذة الأصوات والنغمات والكلمات الموزونات الموجبات للذات النفس التي ليست من الدين ولا متعلقة بأمور الدين ؛

فلما عظمت عندهم اللذتان غلطوا فظنوا أن مجموع اللذة إنما حصل بالمعارف والأحوال ، وليس كذلك بل الأغلب عليهم حصول لذات النفوس التي ليست من الدين بشيء . وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله عليه السلام : ( إنما التصفيق للنساء ) ، ولعن عليه السلام المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء .

ومن هاب الإله وأدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق ، ولا يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل ، ولا يصدران من عاقل فاضل .

ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة ، ولم يفعل ذلك أحد الأنبياء ، ولا معتبر من أتباع الأنبياء ، وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء ، الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء .

وقد قال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } ، وقد مضى السلف ، وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك ، ومن فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه ، وليس بقربة إلى ربه : فإن كان ممن يُقْتدى به ، ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة : فبئس ما صنع ، لإيهامه أن هذا من الطاعات ، وإنما هو من أقبح الرعونات " انتهى .

" قواعد الأحكام في مصالح الأنام " (2/349-350) ط مؤسسة الريان .

وسُئل علما اللجنة الدائمة :

عن حكم الإسلام فيمن يذكرون الله وهم يتمايلون يمينًا وشمالًا في حالة قفز ، وفي جماعة ، وفي صوت عالٍ ؟ .

فأجابوا :

لا يجوز ؛ لأنه بهذه الكيفية بدعة محدثة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 529 ) .

فالخلاصة :

أن الحديث الوارد في السؤال ضعيف لا يصح ، والشاهد المذكور لا يصلح لتحسينه ؛ لوجود راوٍ مجهول في الحديث الأول ، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يصححه ، وأنه لو صحَّ فليس فيه دليل على الرقص في العبادة ، بل فعل ذلك بدعة منكرة قبيحة لا يليق بعاقل أن ينسبها لدين الله تعالى .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 06:32
الحركة والتمايل أثناء ذكر الله من البدع المحدثة

السؤال

رأيت مجموعة من الناس يتحركون أثناء أداء الذكر ، وأظن أن هذا لا يجوز، ثم أرسل لي أحد الأشخاص الذين يؤيدون هذا الفعل ما يلى :

فيما يخص الرقص :

روى الإمام أحمد من حديث أنس رضى الله عنه قال: " كانت الحبشة يرقصون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقولون : محمد عبد صالح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما يقولون ؟ ) ، قالوا : يقولون : محمد عبد صالح " . ، وهو عند أحمد من طريق حماد عن ثابت عن أنس.

كيف يفهم أهل السنة هذا الحديث ؟

وهل في هذا الحديث سند لزعم القائل : إنه لا بأس من التحرك مع الذكر؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

روى الإمام أحمد (12540) وابن حبان (5870) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " كَانَتِ الْحَبَشَةُ يَزْفِنُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَرْقُصُونَ ، وَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ عَبْدٌ صَالِحٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَقُولُونَ؟ ) قَالُوا: يَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ عَبْدٌ صَالِحٌ .

قال محققو المسند : " إسناده صحيح على شرط مسلم " .

وفي رواية ابن حبان لهذا الحديث : أَنَّ الْحَبَشَةَ كَانُوا يَزْفِنُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعني يرقصون - وَيَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ لَا يَفْهَمْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا يَقُولُونَ ؟ ) قَالُوا : مُحَمَّدٌ عبد صالح " .

قال ابن مفلح رحمه الله ، في الآداب الشرعية (1/381) : " إسناده جيد " .

والواقع أن الحديث لا يصح دليلا على ما أراده هذا القائل ، من مشروعية الرقص والتمايل عند الذكر ، وذلك لأمور :
الأول :

أن مراد الحبشة من ذلك ، لم يكن في واقع الأمر القيام في حال الذكر، والرقص لأجل ذلك ؛ بل كانوا يلعبون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعض الروايات تفيد بأن لعبهم ذلك كان فرحا بمقدمه الشريف إلى المدينة النبوية : فمن ذلك ما رواه البخاري (454) ومسلم (892) عن عَائِشَةَ قَالَتْ : ( لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ

وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ ) .

وروى مسلم (892) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " جَاءَ حَبَشٌ يَزْفِنُونَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَدَعَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى مَنْكِبِهِ ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ ، حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ ".

وروى البخاري (2901) ومسلم (893) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " بَيْنَا الحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِرَابِهِمْ ، دَخَلَ عُمَرُ فَأَهْوَى إِلَى الحَصَى فَحَصَبَهُمْ بِهَا، فَقَالَ: (دَعْهُمْ يَا عُمَرُ) " .

وروى أحمد (12649) وأبي داود (4923):

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ لَعِبَتِ الْحَبَشَةُ لِقُدُومِهِ بِحِرَابِهِمْ فَرَحًا بِذَلِكَ " .

وإسناده صحيح على شرط الشيخين .

وروى أحمد (25962) عن عُرْوَةُ، أنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: " قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ - يعني يوم لعب الحبشة في المسجد، ونظرت عائشة إليهم - ( لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ ) وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1829) .

فمن تأمل هذه الأحاديث علم أن المقام كان مقام لعب وفرح ومرح ، ولم يكن مقام ذكر ، وتواجد ، وتمايل في حلق الذكر ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( لتعلم يهود أن في ديننا فسحة ) ، وهذا إنما يقال في مقام الترخص واللهو واللعب ، وليس في مقام الذكر والخشوع .

الثاني :

ليس المراد بالرقص المذكور في هذه الرواية ، ما يفهمه المتصوفة من التراقص والتمايل عند أذكارهم وأورادهم ؛ بل المراد به لعبهم ولهوهم بحرابهم ، كما دلت على ذلك الروايات الأخرى المذكورة فيما سبق .

قال النووي رحمه الله :

" وَحَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى التَّوَثُّبِ بِسِلَاحِهِمْ وَلَعِبِهِمْ بِحِرَابِهِمْ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ هَيْئَةِ الرَّاقِصِ لِأَنَّ مُعْظَمَ الرِّوَايَاتِ إِنَّمَا فِيهَا لَعِبهِمْ بِحِرَابِهِمْ فَيُتَأَوَّلُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَلَى مُوَافَقَةِ سَائِرِ الرِّوَايَاتِ" .

انتهى من "شرح مسلم" للنووي (6/186) .

الثالث :

ليس في شيء من صنيع أئمة الحديث ورواته ، وتصرفهم في الحديث وتبويبهم عليه : ما يشير إلى مسألة الرقص عند الذكر ، من قريب أو من بعيد ، بل كلهم يبوب عليه بما سبق ذكره من : اللعب في العيد ، والفسحة في الدين ، ونحو ذلك :

فقد بوب البخاري لحديث عائشة : " بَابُ أَصْحَابِ الحِرَابِ فِي المَسْجِدِ " .

وبوب لحديث أبي هريرة : " بَابُ اللَّهْوِ بِالحِرَابِ وَنَحْوِهَا " .

وبوب أبو داود لحديث أنس : " بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْغِنَاءِ " .

وبوب النسائي لحديث عائشة: " اللَّعِبُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْعِيدِ وَنَظَرُ النِّسَاءِ إِلَى ذَلِكَ".

وبوب له النووي في شرح مسلم : " بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اللَّعِبِ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ " .

ثانيا :

نص غير واحد من أهل العلم على أن الحركة والتمايل أثناء الذكر من البدع المحدثة ، وأن الرقص أثناء الذكر من بدع الصوفية المضلة .

سئل علماء اللجنة :

هل الذكر الذي يعمله بعض الناس في مصر وأريافها من الدين؟ مثلا يقفون ويتمايلون يمينا ويسارا ويذكرون لفظ الجلالة ؟

فأجابوا : " هذا العمل لا نعلم له أصلا في دين الله ، بل هو بدعة ، ومخالفة لشرع الله يجب إنكارها على من يعملها ولا سيما مع القدرة على ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/ 521) .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 06:35
هل أجاز ابن حجر العسقلاني الاحتفال بالمولد النبوي

السؤال:

هل حقا أجاز ابن حجر العسقلاني الاحتفال بالمولد النبوي ، لأن كثيرا من المشايخ عندنا في الجزائر يستدلون بإجازة العسقلاني ، في جواز الاحتفال بالمولد ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الاحتفال بالمولد النبوي من البدع المحدثة ، وأول من أحدثه الخلفاء الفاطميون العبيديون ، وهم من الفرق المارقة الضالة ، ولم ينقل عن أحد من السلف في القرون الثلاثة الفاضلة أنه استحبَّه أو أجازه .

ثانيا :

الأصل في التشريع القرآن والسنة ، والعلماء ورثة الأنبياء ، وهم حاملو لواء العلم ، وقد وفق الله تعالى أهل العلم إلى الفقه في الدين ، كلٌّ بقدر ما يسر الله له، ولا يلزم أن يكون كل ما يقوله العالم حقا بالضرورة ، بل هو مجتهد : فإن أصاب فله أجران : أجر لاجتهاده ، وأجر لإصابته، وإن أخطأ فله أجر اجتهاده، وخطؤه معفو عنه .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" هذه هي القاعدة الشرعية في حق المجتهدين من أهل العلم : أن من اجتهد في طلب الحق ونظر في أدلته : فله أجران إن أصاب الحق ، وأجر واحد إن أخطأ الحق ، أجر الاجتهاد "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (6/ 89) .

ثالثا :

قال السيوطي رحمه الله :

" سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد، فأجاب بما نصه :

أصل عمل المولد بدعة ، لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن ، وتجنب ضدها : كان بدعة حسنة ؛ وإلا فلا .

قال : وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت ، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا : هو يوم أغرق الله فيه فرعون ، ونجى موسى ؛ فنحن نصومه شكرا لله تعالى .

فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما مَنّ به في يوم معين ، من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة .

والشكر لله يحصل بأنواع العبادة ، كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ؛ وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم ؟

وعلى هذا : فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء، ومن لم يلاحظ ذلك : لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر، بل توسع قوم فنقلوه إلى يوم من السنة، وفيه ما فيه .

فهذا ما يتعلق بأصل عمله .

وأما ما يعمل فيه : فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم به الشكر لله تعالى ، من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة ، وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة .

وأما ما يتبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك : فينبغي أن يقال: ما كان من ذلك مباحا بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم : لا بأس بإلحاقه به، وما كان حراما أو مكروها فيمنع، وكذا ما كان خلاف الأولى "

انتهى من "الحاوي للفتاوي" (1/ 229) .

فيقال هنا:

الكلام على هذا المنقول عن الحافظ ابن حجر رحمه الله على ثلاثة مقامات :

الأول : أن فيه التصريح بأن عمل المولد لم يكن من فعل السلف الصالح ، فهو بذلك بدعة ، ولا يجوز إهمال هذا الكلام الذي صدَّر به ابن حجر فتواه .

الثاني : أنه قال : " وأما ما يعمل فيه : فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم به الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة " .
وحال الناس اليوم في الاحتفالات بالمولد النبوي وغيره من الاحتفالات المحدثة على : خلاف ما ضبط به الحافظ فتواه ، ومن اطلع على حال غالب الناس اليوم علم أن أكثر ما يفعل في هذه الموالد : هو من قبيل البدع والمنكرات ، بل فيه من فواحش الإثم والمخالفات ما الله به عليم !!

وقد روى البخاري (869) ، ومسلم (445) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ : ( لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) !!

فإذا كان هذا قول أم المؤمنين في أمر مشروع ، بلا خلاف ، وتغير حال الناس فيه ، فقالت ما قالت ؛ فكيف لو كان الأمر بأصله محدثا ، ثم طرأ عليه من عوارض الأحوال ، والبدع والمنكرات : ما هو ظاهر للعيان ؟!

وليتدبر اللبيب هنا ، ما قاله الإمام الشاطبي رحمه الله :

" إِذَا صَارَ الْمُكَلَّفُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ عَنَّتْ لَهُ يَتَّبِعُ رُخَصَ الْمَذَاهِبِ، وَكُلَّ قَوْلٍ وَافَقَ فِيهَا هَوَاهُ؛ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ التَّقْوَى، وَتَمَادَى فِي مُتَابَعَةِ الْهَوَى، وَنَقَضَ مَا أَبْرَمَهُ الشَّارِعُ وَأَخَّرَ ما قدمه "

انتهى من "الموافقات" (3/ 123) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 06:39
هل يجوز عدم الاحتفال بالعيد ؛ حزنا لما
يصيب المسلمين في فلسطين وغيرها؟

السؤال:

نعلم أن القتل اليوم مستشر في أرض فلسطين ، وأمّا بقية المسلمين في العالم فبين حزين وعاجز عن المساعدة ، وسؤالي ما إن كان يجوز للمسلمين عدم الاحتفال بالعيد بسبب ما يحدث من مآسي في فلسطين خصوصاً إن كان المسلم يشعر بالحزن والأسى بسبب ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

لم تشرع أعياد المسلمين لمجرد الفرح واللعب والتزاور ، ولكنها من شعائر الدين وعباداته ، فالسنة فيها أن يظهرها المسلمون ويعلنوا بها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع ، ومن أظهر ما لها من الشعائر " .

انتهى من " اقتضاء الصراط المستقيم" (1/ 528) .

ولذلك تجد كل دين ، وكل مذهب : له أعياد يهتم بها أتباعه ، ويظهرونها : لأنها جزء هام من دينهم .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" إِظْهَار السُّرُورِ فِي الْأَعْيَادِ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ "

انتهى من " فتح الباري" (2/ 443) .

إذن ، فإظهار السرور في العيد هو من العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى الله .

وقد روى أحمد (24334) عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ – يعني يوم أن لعب الحبشة في المسجد : ( لَتَعْلَمُ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً ؛ إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ )" وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3219) .

ثم إنه لا تعارض بين إظهار الفرح بالعيد ، والتألم على ما أصاب المسلمين ، والحزن على حالهم ؛ فإن المسلم يظهر فرحه بالعيد ، إظهارا لدينه ، وإعلاء لشأنه ، وهو مع ذلك يحزن لأحزان المسلمين .

فينبغي أن يجمع المسلم بين الأمرين : يظهر شعائر الدين وعباداته ، كصلاة العيد وإظهار شيء من الفرح والسرور به ، وفي الوقت ذاته يحزن لما أصاب إخوانه ويتألم لآلامهم .

ولاشك أن المسلم كلما كان أكثر شعورا وإحساسا بآلام إخوانه المسلمين ، قل توسعه في مباحات اللهو واللعب ، وإن أفسح لنفسه حاجتها وطلبتها من النافع من مظاهر الفرح بالعيد ، وشكر نعمة الله عليه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 06:41
ماذا نفعل لمذابح المسلمين في فلسطين والعالم

السؤال

ما هو موقفنا مما يحدث الآن من المذابح للمسلمين في فلسطين وفي أنحاء أخرى في العالم ، من تخريب بيوت وجرف مزارع وقتل أطفال وحبس الجرحى في الشوارع ، وقصف البيوت ومنع الناس من شراء ما يحتاجونه من الطعام والشراب من قبل اليهود وغيرهم ، ماذا يمكنني كمسلم أن أفعل ؟

الجواب

الحمد لله

1- عليكم بالدعاء ، ومنه : القنوت في الصلاة . والدعاء من أعظم الأسباب التي ينصر الله بها المؤمنين على عدوهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ) رواه البخاري (2896)، ولفظ النسائي (3178) : (إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا : بِدَعْوَتِهِمْ ، وَصَلَاتِهِمْ ، وَإِخْلَاصِهِمْ) وصححه الألباني في صحيح النسائي .

2- جمع الصدقات وإيصالها عن طريق الثقات .

3- مناصرة المستضعفين بكل الطرق ومنها وسائل الإعلام المتنوعة ، بإيضاح الحقائق وإيقاف العالم على صور الظلم والعدوان التي تمارس ضد أهل فلسطين ، وغيرهم من المسلمين .

4- استثارة واستنهاض همم العلماء والدعاة والخطباء والكُتَّاب لبيان الظلم الواقع ، والتقصير في رفعه ، وتجييش الأمة للدفاع عن المقدسات .

5- محاسبة النفس على التقصير في الغزو ، وفي نيته عند العجز عنه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ ) رواه مسلم (3533) .

6- تربية الأبناء على عداوة اليهود وأعداء الدين ووجوب جهادهم عند القدرة .

7- الأخذ بجميع أسباب إعداد القوة المادية والمعنوية استعداداً لملاقاة العدو ، قال الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) الأنفال/60 .

8- تذكير النفس والناس بفضل الشهادة في سبيل الله والإلمام بأحكام الجهاد ، وترك التعلق بالدنيا .

9- الاستفادة من شبكة الإنترنت في مواجهة اليهود إعلامياً وثقافياً بإنشاء المواقع التي تبين جرائمهم وتكشف زيفهم ، والمشاركة في المواقع الحوارية التي يبثون فيها أفكارهم لدحضها وبيان باطلها ، إلى غير ذلك من صور المواجهة .

10- مراسلة الجمعيات الحقوقية العالمية والمنظمات الدولية بأنواعها ، وإيقافهم على الجرائم التي يرتكبها اليهود في فلسطين ، والمطالبة بمحاكمة من يقف وراءها .

11- على المسلمين المقيمين في الدول الغربية أن يطالبوا تلك الحكومات أن يكون لها دور إيجابي تجاه هذه الأزمات ، والضغط عليها نحو العدالة والإنصاف .

12- المطالبة بتفعيل دور المؤسسات والجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي بقوة ، لكي تنشط في إغاثة إخواننا ، وإيصال المساعدات إليهم .

13- على المسلم أن يعمل على تحريك المجتمع من حوله للتفاعل مع الأحداث ، وحث الناس على أن يقدم كل واحد منهم ما يستطيع أن يقدمه .

14- التأكيد على أن القضية قضية إسلامية ، يتحمل مسؤوليتها جميع المسلمين ، حكومات وشعوباً ، ليست قضية الفلسطينيين وحدهم ، ولا العرب ، بل هي قضية المسلمين جميعاً .

15- الحديث عن التطبيع وخطورته ، وبيان أضرار ذلك على الدول التي بدأت به ، لعلهم يتوبون ويرجعون ، ويَحْذَرُ غيرُهم .

16- التواصل مع الإعلاميين الشرفاء ـ من العرب وغيرهم ـ وحثهم على الكتابة وتقديم البرامج التي تدفع الرأي العام والحكومات إلى التعامل مع هذه الأزمات بشيء من العدل ، والوقوف مع المظلوم .

نسأل الله العلي القدير أن ينصر دينه ويعلي كلمته.

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 06:43
كيف نواسي إخواننا المحتاجين والمصابين

السؤال :

ما هو واجبنا تجاه إخواننا المسلمين الذين أُصيبوا بالمصائب والنكبات في أنحاء العالم.

الجواب :

الحمد لله

قال الله تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) وقال يصفهم : ( أشداء على الكفار رحماء بينهم )

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ ) رواه الإمام أحمد

وقد لخّص ابن القيم رحمه الله أنواع مواساة المؤمن لأخيه المؤمن تلخيصا جيدا فقال : المواساة للمؤمن أنواع : مواساة بالمال ومواساة بالجاه ومواساة بالبدن والخدمة ومواساة بالنصيحة والإرشاد ومواساة بالدعاء والاستغفار لهم ومواساة بالتوجّع لهم

وعلى قدر الإيمان تكون هذه المواساة فكلما ضعف الإيمان ضعفت المواساة وكلما قوي قويت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس مواساة لأصحابه بذلك كله فلأتباعه من المواساة بحسب اتباعهم له

الفوائد 1/171

كان الخليل بن أحمد يمشي مع صاحب له فانقطعت نعل صاحبه فحملها ومشى حافيا فخلع الخليل نعليه فحملهما ومشى حافيا فسأله صاحبه عن فعله ذلك ؟

فقال : أواسيك في الحفاء .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 06:47
السؤال :

هل يجوز للشخص أن يقول "اشتقت إليك يا رسول الله" ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، والشوق إليه ، من أجلّ المطالب النبيلة وأنبل المقاصد الجليلة ، ولا شك أن ذلك من الإيمان .

روى البخاري (15) ومسلم (44) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَالَ الْقُرْطُبِيّ : كُلّ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيمَانًا صَحِيحًا لَا يَخْلُو عَنْ وِجْدَان شَيْء مِنْ تِلْكَ الْمَحَبَّة الرَّاجِحَة ، غَيْر أَنَّهُمْ مُتَفَاوِتُونَ . فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْمَرْتَبَة بِالْحَظِّ الْأَوْفَى ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا بِالْحَظِّ الْأَدْنَى ، كَمَنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا فِي الشَّهَوَات مَحْجُوبًا فِي الْغَفَلَات فِي أَكْثَر الْأَوْقَات ، لَكِنَّ الْكَثِير مِنْهُمْ إِذَا ذُكِرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِشْتَاقَ إِلَى رُؤْيَته ، بِحَيْثُ يُؤْثِرهَا عَلَى أَهْله وَوَلَده وَمَاله وَوَالِده ، وَيَبْذُل نَفْسه فِي الْأُمُور الْخَطِيرَة ، وَيَجِد مَخْبَر ذَلِكَ مِنْ نَفْسه وِجْدَانًا لَا تَرَدُّد فِيهِ . غَيْر أَنَّ ذَلِكَ سَرِيع الزَّوَال بِتَوَالِي الْغَفَلَات " انتهى .

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن حال المشتاقين إليه بعد وفاته ، ممن لم يروه ولم يدركوا زمانه صلى الله عليه وسلم . فروى مسلم (2832) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ ) .

وروى الحاكم (6991) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أناسا من أمتي يأتون بعدي يود أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله ) حسنه الألباني في "الصحيحة" (1676) .

ثانيا :

إذا كان مراد القائل لذلك بصيغة الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، أن يستحضر شخصه في قلبه ، كما يستحضر الحبيب حبيبه ، وهو في مكان بعيد عنه ، ويخاطبه كأنه يراه – دون أن يطلب منه شيئاً – فهذا لا حرج فيه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وقوله : " يا محمد يا نبي الله " هذا وأمثاله نداء يطلب به استحضار المنادَى في القلب ، فيخاطب الشهود بالقلب : كما يقول المصلي : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " والإنسان يفعل مثل هذا كثيرا ، يخاطب من يتصوره في نفسه ، وإن لم يكن في الخارج من يسمع الخطاب "\

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/319) .

وإن كان يقصد أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل خطابٍ ممن خاطبه ، سواء كان قريبا أو بعيدا : فهذا باطل ، ليس له أصل في الشرع ، ولم يفعله أحد من سلف الأمة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، سواء في حياته ، لمن كان بعيدا عنه ، أو بعد وفاته مطلقا .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ثم إن الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يقصدون بكاف الخطاب – يعني في السلام عليه في الصلاة - مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم في أماكن بعيدة عنه صلى الله عليه وسلم ، فهم في مكة والطائف وبادية الجزيرة وفي المدينة ، فلم يكن يسمعهم ، بل الذين معه في مسجده لم يكونوا يقصدون إسماعه ذلك ، وأنهم يسلمون عليه في الصلاة ، كما يسلمون عليه عند الملاقاة "

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13/166) .

ومثل ذلك القول ، بصيغة الخطاب ، إنما يكون أحيانا عند غلبة الشوق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو استحضار أمر من سيرته وشمائله ، كما كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبكون شوقا لخبر السماء ، إذا حضر قلوبهم الوحشة بانقطاعه .

روى مسلم في صحيحه (2641) عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا ، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا . فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ !! فَقَالَا لَهَا : مَا يُبْكِيكِ ؟! مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَتْ : مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مِنْ السَّمَاءِ !! فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ ، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا !!

وإذا كانت هذه العبارة قد يسيء بعض الناس فهمها فينبغي أن لا تذكر أمامه ، ويذكر من الألفاظ ما هو أبعد عن اللبس في فهم السامع ، أو الخطأ في مراد القائل .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 06:51
هل تجوز الصلاة خلف من يتوسل بالنبي
صلى الله عليه وسلم ويبتدع في الدين ؟

السؤال :
المسجد الذي في حيّنا معروف بأنه مسجد صوفي ؛ لأنهم يجهرون بالدعاء عقب كل صلاة ، وقد اكتشفنا أيضاً أن لهم اجتماعات خاصة حيث يتوسلون فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فهل تجوز الصلاة خلفهم ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

كون أهل المسجد يجهرون بالدعاء عقب كل صلاة لا يعني أنهم من الصوفية ، فقد يكونون يفعلون ذلك جهلاً بالسنة ، أو تقليداً لمن أجاز ذلك من العلماء ، وليس هذا الفعل شعاراً للصوفية ، بحيث لا يفعله غيرهم .

ولكن قد يقوي الظن أنهم من الصوفية تلك الاجتماعات الخاصة وتوسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم .
والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم على نوعين :

الأول :

التوسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذاته ، بدعائه والاستغاثة به ، والاستعانة به ، وهذا شرك أكبر ، لأنه عبادة للنبي صلى الله عليه وسلم .

النوع الثاني :

التوسل إلى الله تعالى بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو جاهه كمن يقول : اللهم بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ... وبحق النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ .

وهذا النوع بدعة ، وليس شركاً .

فالذي ينبغي هو تعليم هؤلاء برفق ودلالتهم على الخير والسنة وتحذيرهم من الشر والبدعة ،

فإن استجابوا فالحمد لله ، وإن لم يستجيبوا فالذي ينبغي للمسلم أن يصلي خلف إمام من أهل السنة ، في مسجد يكون أهله حريصين على اتباع السنة ، فإن لم يمكن ذلك ، بأن لم يوجد مسجد آخر تصلون فيه ، فالصلاة خلف هؤلاء صحيحة ، وهي أولى بلا شك من ترك صلاة الجماعة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلي معهم الجمعة والجماعة ويوالي المؤمنين ولا يعاديهم ، وإن رأى بعضهم ضالا أو غاويا وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك ، وإلا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وإذا كان قادرا على أن يولي في إمامة المسلمين الأفضل ولاه

وإن قدر أن يمنع من يظهر البدع والفجور منعه ، وإن لم يقدر على ذلك فالصلاة خلف الأعلم بكتاب الله وسنة نبيه الأسبق إلى طاعة الله ورسوله أفضل ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة

فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ) وإن كان في هجره لمظهر البدعة والفجور مصلحة راجحة هجره كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين خُلِّفوا حتى تاب الله عليهم ، وأما إذا وُلِّي غيره بغير إذنه وليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية كان تفويت هذه الجمعة والجماعة جهلا وضلالا وكان قد رد بدعة ببدعة "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (3 / 286) .

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (7/353) :

" وأما الصلاة خلف المبتدعة : فإن كانت بدعتهم شركية كدعائهم غير الله ونذرهم لغير الله واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون إلا لله من كمال العلم ، أو العلم بالمغيبات ، أو التأثير في الكونيات ، فلا تصح الصلاة خلفهم .

وإن كانت بدعتهم غير شركية ؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن مع الاجتماع والترنحات ، فالصلاة وراءهم صحيحة ، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يتحرى لصلاته إماما غير مبتدع ؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر " انتهى .

واجتهدوا أن تؤسسوا مسجداً على تقوى الله ، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ونشرها بين الناس .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

أبو عبد الرحمان 1978
2018-03-26, 12:13
بارك الله فيك أخي الطيب

الحاج حشيشة
2018-03-26, 13:34
الله يبعد علينا البدعة

الأصيــل
2018-03-30, 10:17
بارك الله فيك وجزاك خيرا

*عبدالرحمن*
2018-06-06, 21:26
بارك الله فيك وجزاك خيرا

الله يبعد علينا البدعة

بارك الله فيك أخي الطيب

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضوركم الطيب مثلكم
في انتظار مروركم العطر دائما

بارك الله فيكم
و جزاكم الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2018-06-06, 21:30
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)


وضع لافتة على باب المسجد لتذكير الناس فأنكر أحدهم عليه .

السؤال:

في رمضان السابق قام أحد المتطوعين في الأذان ، وله بعض المهام في شؤون المسجد بإلصاق ورقة عند باب المسجد ، وكان فيها التالي : يا ابن ادم ! إن ذهب منك يوم فهو من عمرك ..- أو كلمة نحوها - ، وتحتها جدول يعد أيام رمضان ، ويتم تعين اليوم الذي مضى ، وهكذا حتى ينتهي الشهر. وقد ناقشه بعنف أحد المصلين ، بل منعه من ذلك ، وقال : إن هذا لا يجوز ، وهو من قبيل التعبد ، ولم يرد عند السلف الصالح شيء من ذلك .

والسؤال :

هل هذا الفعل - أي تلك الورقة السالفة الذكر - عمل صالح له شواهد من أعمال التزكية لسلفنا الصالح ، وهل هو من قبيل الإعلام والتذكير ؟ وهل من نصيحة في مثل هذا الأمر ، أي التعليل بعمل السلف وإيقاعه في واقعنا ؟

الجواب :

الحمد لله

لا حرج في تلك اللوحة الوعظية التي علقها المؤذن ، فهي لا تشتمل إلا على الوعظ والتذكير ، وتعليقها مكتوبة عند باب المسجد ليس من باب البدع ، فالتعليق ليس شعيرة أو عبادة لذاتها ، بل هي وسيلة من وسائل التعليم والتذكير ، والوسائل لها أحكام المقاصد

فإذا كان المقصد حسنا ، وهو هنا الموعظة وترقيق القلوب ، كانت الوسيلة حسنة ، تماما كما هو حكم استعمال مكبرات الصوت في المساجد ، وتدوين العلوم في الكتب ، ومن قبل ذلك كله جمع المصحف الذي استقر عليه إجماع الصحابة الكرام ، كلها من الوسائل التي يبلغ العلم الشرعي فيها للناس ، ويذكرهم بالله والدار الآخرة .

وهناك فارق كبير بين الوسائل والبدع ، فالوسائل غير مقصودة لذاتها ، بل ترجع دائما إلى مقصد من المقاصد المرادة ، أما البدعة فيقصدها المبتدع لذاتها ، ويعدها عبادة من العبادات . ومن غاب عنه هذا التفريق حكم ببدعية أشياء ليست من البدع .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: نلاحظ في الطرق الطويلة لوحات كتب عليها عبارة مثل : اذكروا الله ، أو صلوا على النبي ، أو سبحوا الله ، أو لا تنسوا ذكر الله ، فهل هذا العمل بدعة ؟

فأجاب:

"الذي أرى أن مثل هذا العمل جائز ؛ لما فيه من التذكير بأمر مشروع ، وهو ذكر الله عز وجل ، وذكر الله عز وجل مشروع في كل وقت ، قال الله تبارك وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) وذكر الله كثيرا من الأوصاف الحميدة الموجبة للمغفرة والأجر العظيم : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) .
وبناء على ذلك فإن التذكير بهذا الأمر المشروع ليس ببدعة ؛ لأنه وسيلة لأمر مشروع ، ووسيلة الأمر المشروع مشروعة .
ويجب علينا أن نعرف الفرق بين الغايات والوسائل ، فإذا كانت الغايات مشروعة كانت الوسائل الموصلة إليها مشروعة ، ولا تعد من البدع " .

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (24/ 2، بترقيم الشاملة).

وقال أيضا رحمه الله :

" البدعة أن يتعبد الإنسان لله بما لم يشرعه الله عزَّ وجلَّ ، هذه هي البدعة . أما وسائل العبادة فإنها ليست ببدعة ، فهناك فرق بين المقاصد والوسائل ، فلو قال قائل – مثلاً - : مكبر الصوت في الصلاة والخطبة والمواعظ كان غير موجود في عهد الرسول ، فهو بدعة ! لقلنا : هذا غلط ؛ لأن ذلك وسيلة لإيصال الخير إلى الناس .
وهذه اللافتات التي توجد في الطرقات وسيلة لتذكير الناس بذكر الله عزَّ وجلَّ ".

انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (25/ 25، بترقيم الشاملة آليا) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-06, 21:37
حول ما ذكره ابن كثير من تبرك الناس بالنظر إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وتقبيله بعد موته

السؤال :

ذكر ابن كثير عن وفاة شيخ الإسلام ابن تيمية : " أنّ الناس دخلوا عند ابن تيمية بعد وفاته فقرأوا القرآن قبل الغسل ، وأنهم تبركوا بالنظر إليه وتقبيله " ، والرجل يحتج بذلك على من ينكر ختم القرآن للميت والتبرك بالأشخاص وتقبيل الموتى ، فهل هذا صحيح ؟

الجواب

الحمد لله

لا يجوز التبرك بأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم لا بوضوئه ولا بشعره ولا بعرقه ولا بشيء من جسده ، بل كل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لما جعل الله في جسده وما مسه من الخير والبركة .

ولهذا لم يتبرك الصحابة - رضي الله عنهم - بأحد منهم لا في حياته ولا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لا مع الخلفاء الراشدين ولا مع غيرهم فدل ذلك على أنهم قد عرفوا أن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره ، ولأن ذلك وسيلة إلى الشرك وعبادة غير الله سبحانه ، وهكذا لا يجوز التوسل إلى الله سبحانه بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو ذاته أو صفته أو بركته لعدم الدليل على ذلك ؛ ولأن ذلك من وسائل الشرك به والغلو فيه عليه الصلاة والسلام .

ولأن ذلك أيضاً لم يفعله أصحابه - رضي الله عنهم - ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، ولأن ذلك خلاف الأدلة الشرعية . فقد قال الله عز وجل : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) الأعراف/180 ، ولم يأمر بدعائه سبحانه بجاه أحد أو حق أحد أو بركة أحد .

ويلحق بأسمائه سبحانه التوسل بصفاته كعزته ، ورحمته ، وكلامه وغير ذلك ، ومن ذلك ماجاء في الأحاديث الصحيحة من التعوذ بكلمات الله التامات ، والتعوذ بعزة الله وقدرته .

ويلحق بذلك أيضاً : التوسل بمحبة الله سبحانه ، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبالإيمان بالله وبرسوله والتوسل بالأعمال الصالحات كما في قصة أصحاب الغار الذين آواهم المبيت والمطر إلى غار فدخلوا فيه فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم باب الغار ، ولم يستطيعوا دفعها ، فتذاكروا بينهم في وسيلة الخلاص منها . .

واتفقوا بينهم على أنه لن ينجيهم منها إلا أن يدعوا الله بصالح أعمالهم ، فتوسل أحدهم إلى الله سبحانه في ذلك : ببر والديه .. فانفرجت الصخرة شيئاً لا يستطيعون الخروج منه .. ثم توسل الثاني بعفته عن الزنا بعد القدرة عليه ، فانفرجت الصخرة بعض الشيء لكنهم لا يستطيعون الخروج من ذلك .. ثم توسل الثالث بأداء الأمانة فانفرجت الصخرة وخرجوا .

وهذا الحديث ثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار من قبلنا لما فيه من العظة لنا والتذكير .

وقد صرح العلماء - رحمهم الله - بما ذكرته في هذا الجواب .. كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، والشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد شرح كتاب التوحيد وغيرهم ، وأما حديث توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته فشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له فرد الله عليه بصره .. فهذا توسل بدعاء النبي وشفاعته وليس ذلك بجاهه وحقه كما هو واضح في الحديث .. وكما يتشفع الناس به يوم القيامة في القضاء بينهم . وكما يتشفع به يوم القيامة أهل الجنة في دخولهم الجنة ، وكل هذا توسل به في حياته الدنيوية والأخروية . . وهو توسل بدعائه وشفاعته لا بذاته وحقه كما صرح بذلك أهل العلم ، ومنهم من ذكرنا آنفاً .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - م/7 ، ص/65.

ثانيا :

قراءة القرآن على الميت بدعة لا أصل لها في الشرع ، ولكن يشرع أن يُقْرَأ على المحتضر قبل موته سورة يس

جاء في " فتاوى نور على الدرب " لابن باز (14 / 134)

: " فلا يشرع أن يقرأ على الميت بعد موته ، لا في البيت ولا في المقبرة ، ولا على رأس الأربعين من وفاته ، ولا في غير ذلك بهذا القصد من هذه البدع التي أحدثها الناس ، وإنما المشروع أن يقرأ عنده حين الاحتضار قبل أن يموت ، إذا كان محتضرا شرع أن يقرأ عنده ، وإذا قرئ عنده سورة يس فذلك حسن ، لأنه ورد بها بعض الأحاديث «اقرؤوا على موتاكم يس » وإن كان في سنده كلام ، لكن لا بأس ، قد يتعظ من هذا ، وقد يستفيد من هذا قبل أن يموت" انتهى.

ثالثا:

دلت السنة الصحيحة على جواز تقبيل الميت بعد الوفاة ، سواء كانوا من أقاربه أو من غيرهم ، فيجوز للرجال أن يقبلوا الرجل الميت ، ويجوز للنساء أن يقبلن المرأة الميتة ، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ وَهُوَ يَبْكِي..) رواه أبو داود (3163) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن عائشة رضي الله عنها : (أن أَبَا بَكْرٍ اَلصِّدِّيقَ رضي الله عنه قَبَّلَ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ)

رواه البخاري (4457) .

قال النووي رحمه الله :

"يجوز لأهل الميت وأصدقائه تقبيل وجهه ، ثبتت فيه الأحاديث"

انتهى من "شرح المهذب" (5/111) .

وقال الحافظ رحمه الله : "فيه جواز تقبيل الميت ... انتهى . قال الشوكاني رحمه الله : ؛ لأنه لم ينقل أنه أنكر أحد من الصحابة على أبي بكر ، فكان إجماعاً" انتهى .

وكذلك لا حرج على المرأة أن تقبل زوجها بعد الوفاة .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

"لا بأس بتقبيل الميت إذا قبله أحد محارمه من النساء ، أو قبله أحد من الرجال ، كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (13/102) .

رابعا :

نقل الحافظ ابن كثير عند حكاية أحداث وفاة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما نصه

: " وحضر جمع كثير إلى القلعة ، وأذن لَهُمْ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ ، وَجَلَسَ جَمَاعَةٌ عِنْدَهُ قبل الغسل ، وقرأوا القرآن ، وتبركوا برؤيته وتقبيله ، ثم انصرفوا ، ثم حضر جماعة من النساء ففعلن مثل ذلك ، ثم انصرفن ، واقتصروا على من يغسله"

انتهى من " البداية والنهاية " (14 / 156).

وهذا الفعل الذي حكاه من التبرك بشيخ الإسلام وقراءة القرآن عليه غير جائز ، وهو من عمل عوام الناس ، وليس فيه أن ابن تيمية - رحمه الله - قد أقرهم على هذا الفعل ولا وافقهم عليه ؛ لأنه رحمه الله كان وقتئذ ميتا ، وقد كان - رحمه الله - في حياته من أشد الناس حربا للبدع والمحدثات وإنكارا لها، وعودي بسبب ذلك عداء كبيرا وأوذي إيذاء شديدا

ولم ينقل ابن كثير - رحمه الله- أن أهل العلم قد حضروا هذا الفعل أو أقروه ، ومعلوم أن الحجة إنما هي في قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد ثبت أن التبرك بالميت وقراءة القرآن عنده أمر غير جائز ، فلا حجة فيما فعله هؤلاء الناس مع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغفر له .

خامسا:

إهداء الفاتحة أو غيرها من القرآن إلى الأموات ليس عليه دليل فالواجب تركه ؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم ما يدل على ذلك ولكن يشرع الدعاء للأموات المسلمين والصدقة عنهم وذلك بالإحسان إلى الفقراء والمساكين ، يتقرب العبد بذلك إلى الله سبحانه ويسأله أن يجعل ثواب ذلك لأبيه أو أمه أو غيرهما من الأموات أو الأحياء

لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) ، ولأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال له : يا رسول الله إن أمي ماتت ولم توص أظنها لو تكلمت لتصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها قال : ( نعم ) متفق على صحته . وهكذا الحج عن الميت والعمرة عنه وقضاء دينه كل ذلك ينفعه حسبما ورد في الأدلة الشرعية ، أما إن كان السائل يقصد الإحسان إلى أهل الميت والصدقة بالنقود والذبائح فهذا لا بأس به إذا كانوا فقراء .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/324.
أضف تعليقا

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-06, 21:43
ليس من السنة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة عقيب الصلوات

السؤال:

ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقول : " سبحان ربك رب العزة عما يصفون .. " جماعة وراء كل صلاة ؟

الجواب :

الحمد لله

الذكر الجماعي عقب الصلاة ليس من السنة ، بل هو إلى البدعة أقرب ، سواء كان بصيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أم بالتسبيح والتحميد ، أم بالدعاء

فلا تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا قراءة هذه الآية جماعة بعد كل صلاة .

وذلك لأدلة :

الدليل الأول :

أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة الكرام التزام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب كل صلاة فريضة ، ولا قول " سبحان ربك رب العزة عما يصفون " ، وقد ورد في كتب السنة الأحاديث والآثار التي تعلم الناس ما يشرع من الأذكار عقب الصلوات ، ليس في شيء منها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو قراءة هذه الآية الكريمة . ولهذا لما نقل ابن قيم الجوزية رحمه الله – في " جلاء الأفهام " (ص/434) –

عن الحافظ أبي موسى وغيره الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقيب الصلوات ، علق على ذلك رحمه الله بقوله : " ولم يذكروا في ذلك سوى حكاية " يعني : لم يذكروا في ذلك حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وساق تلك الحكاية التي لا ينبني عليها حكم فقهي ، ولا استحباب شرعي .

وقال ابن الحاج المالكي رحمه الله :

" الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر العبادات وأجلها [ ولكن ] ينبغي أن يسلك بها مسلكها ، فلا توضع إلا في مواضعها التي جعلت لها . ألا ترى أن قراءة القرآن من أعظم العبادات ، ومع ذلك لا يجوز للمكلف أن يقرأه في الركوع ولا في السجود ولا في الجلوس في الصلاة ؛ لأن ذلك ليس بمحل للتلاوة

فالصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم أحدثوها في أربعة مواضع ، لم تكن تفعل فيها في عهد من مضى ، والخير كله في الاتباع لهم رضي الله عنهم ، مع أنها قريبة العهد بالحدوث جدا ، وهي : عند طلوع الفجر من كل ليلة ، وبعد أذان العشاء ليلة الجمعة ، وبعد خروج الإمام في المسجد على الناس يوم الجمعة ليرقى المنبر ، وعند صعود الإمام عليه يسلمون عند كل درجة يصعدها ....

والصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم لا يشك مسلم أنها من أكبر العبادات وأجلها ، لكن ليس لنا أن نضع العبادات إلا في مواضعها التي وضعها الشارع فيها ، ومضى عليها سلف الأمة "

انتهى من " المدخل " (2/249-252) .

الدليل الثاني :

أن الذكر الجماعي بالصوت الواحد لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم .

قال الإمام الشاطبي رحمه الله – عن الذكر الجماعي بصوت واحد - :

" لو كان حقا لكان السلف الصالح أولى بإدراكه وفهمه والعمل به ، وإلا فأين في الكتاب أو في السنة الاجتماع للذكر على صوت واحد جهرا عاليا ، وقد قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) ، والمعتدون : هم الرافعون أصواتهم بالدعاء .

وعن أبي موسى قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فجعل الناس يجهرون بالتكبير ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس ! أربعوا على أنفسكم ، إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا ، وهو معكم ) ، وهذا الحديث من تمام تفسير الآية .

ولم يكونوا رضي الله عنهم يكبرون على صوت واحد ، ولكنه نهاهم عن رفع الصوت ليكونوا ممتثلين للآية .
وقد جاء عن السلف أيضا النهي عن الاجتماع على الذكر والدعاء بالهيئة التي يجتمع عليها هؤلاء المبتدعون ......
فالحاصل من هؤلاء أنهم حَسَّنوا الظن بأنفسهم فيما هم عليه ، وأساؤوا الظن بالسلف الصالح أهل العمل الراجح الصريح ، وأهل الدين الصحيح "

انتهى باختصار من " الاعتصام " (2/108) .

الدليل الثالث :

أن الحرص على هذه البدعة غالبا ما سيؤدي إلى ترك السنة ، والمقصود بالسنة هنا السنة المتمثلة في الأذكار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم عقب الصلوات ، فالمصلي إذا أتى مع الإمام بما ورد في السؤال بصوت جماعي واحد ، فقد يظن أن السنة قد تحققت ، فيكتفي ويقوم إلى حاجته ، وفي حقيقة الأمر قد فوت على نفسه أذكارا كثيرة مهمة عقب الصلوات ، منها ما يضاعف الأجور ، ومنها ما يحفظ الإنسان ، ومنها ما هو دعاء تتحصل به الحاجات والمهمات .

وقد صدق حسان بن عطية رحمه الله حين قال : " ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ، ثم لا يعيدها عليهم إلى يوم القيامة " رواه الدارمي في " السنن " (1/231) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-06, 21:47
الذكر بـ سبحان الملك القدوس عقب الوتر وليس بين التراويح

السؤال:

هل يشرع قول " سبحان الملك القدوس " بعد صلاة أربع أو ثماني ركعات من التراويح . ألا ينبغي قول ذلك بعد الانتهاء من صلاة الوتر . وهل يجوز الإتيان بذلك الذكر في المسجد إن كنا نريد ختم الصلاة بالوتر في المنزل . وهل ينبغي الاستغفار بعد صلاة كل ركعتين من التراويح ؟

الجواب :

الحمد لله

الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : ( سبحان الملك القدوس ) ، عقب صلاة الوتر ، فيسن للمصلين الاقتداء بهذه السنة ، سواء صليت في المسجد أم في المبيت ، وسواء صليت فرادى أم جماعة ، ولا يشرع التزام هذا الذكر ما بين ركعات قيام الليل ، أو ما بين ركعات التراويح ، إذ لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه رضوان الله عليهم الإتيان به بين التراويح ، فالواجب على المسلم الاقتصار على السنة فعلا وتركا ، وتجنب الزيادة والنقصان .

عن عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكِ الْأَعْلَى ) ، و( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) ، و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ، فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ : سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ . ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، يَرْفَعُ بِالثَّالِثِ صَوْتَهُ .

رواه أبوداود الطيالسي في " المسند " (1/441) ، وابن الجعد في " المسند " (1/86) ، وابن أبي شيبة في " المصنف " (2/93) ، والإمام أحمد في " المسند " (24/72) ، وغيرهم ، بطرق كثيرة، وصححه غير واحد من المحدثين والمحققين ، كابن الملقن ، والألباني ، والشيخ مقبل الوادعي ، ومحققي طبعة الرسالة لمسند أحمد ، وغيرهم .

وقد بوب عليه المحدثون بما يدل على استحباب هذا الذكر عقب الوتر ، فأورده ابن أبي شيبة تحت باب : " ما يدعو به الرجل في آخر وتره ويقوله " ، وقال أبو داود رحمه الله : " باب الدعاء بعد الوتر " ، وقال النسائي رحمه الله : " باب التسبيح بعد الفراغ من الوتر " ، وبوب عليه ابن حبان في " صحيحه " (6/ 202) بقوله : " ذكر ما يستحب للمرء أن يسبح الله جل وعلا عند فراغه من وتره " .

يقول الإمام النووي رحمه الله :
" يستحب أن يقول بعد الوتر ثلاث مرات : سبحان الملك القدوس " انتهى من " المجموع شرح المهذب " (4/ 16)، وينظر " تحفة المحتاج " (2/227) .

ويقول ابن قدامة رحمه الله :
" يستحب أن يقول بعد وتره : سبحان الملك القدوس . ثلاثا ، ويمد صوته بها في الثالثة " انتهى من " المغني " (2/ 122) .

ونحوه ما جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية " (6/60) قولهم : " إذا سلم من الوتر قال : سبحان الملك القدوس . ثلاث مرات " انتهى .

وهكذا لم نجد لدى أحد من أهل العلم القول باستحباب ( سبحان الملك القدوس ) في غير صلاة الوتر .
وقد سبق في موقعنا بيان المنع من الأذكار الجماعية التي تعتادها بعض المساجد بين ركعات التراويح ، سواء كان استغفارا أم تسبيحا ، فالاجتماع على الذكر من غير دليل يقرب العبد من أبواب البدع ، ويبعده عن السنة .

والخلاصة : أنه ليس من المشروع أن يأتي المصلون بقولهم " سبحان الملك القدوس " أثناء ركعات التراويح ؛ بل عقب الوتر ، وليس من المشروع الاستغفار الجماعي بين ركعات التراويح ، وإن كان الاستغفار والتسبيح الفردي جائزا .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-06, 21:52
حكم التوسل بالقرآن والملائكة والأنبياء والصحابة .

السؤال:

هل الدعاء التالي فيه ما لا يرضي الله ورسوله ؟ هل فيه حرام ؟

وما هو الحرام ؟ و

ما هو الدليل من الكتاب والسنة ؟

" أسألك بالقرآن وحروفه ، أسألك بجبرائيل ورسالته ، بميكائيل وأمانته ، بإسرافيل ونفخته ، بسيدنا نوح عليه السلام وذريته ، بسيدنا إبراهيم وخلته ، بسيدنا موسى وتكليمه ، بسيدنا محمد وشفاعته ، بالصديق وخلافته ، بعمر وفاروقيته ، بعثمان وحيائه ، بعلي وشجاعته " .

الجواب :

الحمد لله

أورد السائل أنواعا من التوسل يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع : أولها التوسل بالقرآن ، والثاني التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والثالث توسلٌ بالصالحين من ملائكة وأنبياء وغيرهم ، والرابع توسل لا يفهم معناه .

فأما الأول :

فإن سؤال الداعي ربه بالقرآن جائز ؛ لأنه من باب التوسل إلى الله بصفة من صفاته ؛ والتوسل إلى الله بصفة من صفاته أمر جائز جاءت به الشريعة

فمن ذلك الحديث الذي رواه مسلم (2202) ، والترمذي (2080) عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول إذا شكا : ( أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) رواه أحمد في " المسند " (30/265) وصححه محققو طبعة مؤسسة الرسالة ، والأدلة على مشروعية التوسل إلى الله بصفاته كثيرة .

ومن صفات الله تعالى كلامه ، والقرآن من كلامه سبحانه ، فيجوز التوسل به ؛ ولهذا احتج السلف -كأحمد وغيره- على أن كلام الله غير مخلوق فيما احتجوا به ، بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بكلمات الله التامات ) قالوا : فقد استعاذ بها ، ولا يستعاذ بمخلوق . ينظر كتاب " قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة " (1/297) .

قال الشيخ ابن عثيمين :

" الدعاء بالقرآن الكريم ، يعني أن يسأل الإنسان ربه بكلامه... والقرآن صفة من صفات الله عز وجل ، فإنه كلام الله تكلم به حقيقة لفظا ، وأراده معنى ، فهو كلامه عز وجل... وإذا كان صفة من صفاته ، فالتوسل به جائز "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب".

ثانيا :

التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو التوسل الذي عرف في كثير من المتأخرين فيقول: اللهم إني أسألك بمحمد صلى الله عليه وسلم ، أو : أسألك بجاه محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى لم ترد به السنة ؛ وقد قال فيه أبو حنيفة وأصحابه : إنه لا يجوز ، ونهوا عنه ، حيث قالوا : لا يسأل بمخلوق ولا يقول أحد : أسألك بحق أنبيائك .

قال في " تبيين الحقائق " للزيلعي الحنفي (6/31) :

" قال أبو يوسف : أَكْرَهُ بِحَقِّ فُلَانٍ ، وَبِحَقِّ أَنْبِيَائِك وَرُسُلِك " انتهى ، لأنه " لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ " ؛ كما قال الكاساني في " بدائع الصنائع " (5/126) .

قال الشيخ ابن عثيمين " الراجح من أقوال أهل العلم.

.. أنه يحرم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فلا يجوز للإنسان أن يقول : اللهم أسألك بجاه نبيك كذا وكذا ؛ وذلك لأن الوسيلة لا تكون وسيلة ، إلا إذا كان لها أثر في حصول المقصود ، وجاه النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للداعي ليس له أثر في حصول المقصود ، وإذا لم يكن له أثر : لم يكن سببا صحيحا ، والله عز وجل لا يُدعى إلا بما يكون سببا صحيحا ، له أثر في حصول المطلوب ، فجاه النبي صلى الله عليه وسلم هو مما يختص به النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، وهو ما يكون منقبة له وحده ، أما نحن فلسنا ننتفع بذلك ، وإنما ننتفع بالإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم " .

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

" لو قيل : يحمل قول القائل أسألك بنبيك محمد على أنه أراد : أني أسألك بإيماني به وبمحبته وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته ونحو ذلك ؟ وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع ؟ قيل : من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع ، وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف - كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعن الإمام أحمد وغيره - كان هذا حسنا ؛ وحينئذ : فلا يكون في المسألة نزاع.

ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ، ولا يريدون هذا المعنى ؛ فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر.

وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به : التوسل بدعائه وشفاعته ، وهذا جائز بلا نزاع ؛ ثم إن أكثر الناس في زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ "

انتهى من " قاعدة جليلة " (ص119) .

ثالثا : التوسل بذوات المخلوقين .

وهذا من البدع المنكرة شرعا ، والمنكرة عرفا ولفظا ، وفيه من التقدم بين يدي الله ، والتصرف بما لم يأذن به ، والمخالفة لمقاصد الداعي والمتوسل والمستشفع ، ما يخل بمقام الأدب في الدعاء .

قال شيخ الإسلام " وأما الاستشفاع بمن لم يشفع للسائل ولا طلب له حاجة بل وقد لا يعلم بسؤاله، فليس هذا استشفاعا لا في اللغة ولا في كلام من يدري ما يقول.. "

انتهى من " الفتاوى " (1/242) .

وقال أيضا " ولو قال الرجل لمطاع كبير : أسألك بطاعة فلان لك ، وبحبك له على طاعتك ، وبجاهه عندك الذي أوجبته طاعته لك ؛ لكان قد سأله بأمر أجنبي لا تعلق له به ، فكذلك إحسان الله إلى هؤلاء المقربين ، ومحبته لهم ، مع عبادتهم له ، وطاعتهم إياه ؛ ليس في ذلك ما يوجب إجابة دعاء من يسأل بهم .

وإنما يوجب إجابة دعائه : بسبب منه ، لطاعته لهم . أو سبب منهم ، لشفاعتهم له . فإذا انتفى هذا وهذا ، فلا سبب "
وقال " قول القائل : اللهم إني أسألك بحق فلان وفلان ، من الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم ، أو بجاه فلان ، أو بحرمة فلان ، يقتضي أن هؤلاء لهم عند الله جاه ، وهذا صحيح ؛ فإن هؤلاء لهم عند الله منزلة وجاه وحرمة ؛ يقتضي أن يرفع الله درجاتهم ، ويعظم أقدارهم ، ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا... فأما إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة.. فيكون قد سأل بأمر أجنبي عنه ليس سببا لنفعه "

وقال في موطن آخر " ليس في إكرام الله لذلك سبب يقتضي إجابة هذا . وإن قال : السبب هو شفاعته ودعاؤه ، فهذا حق ، إذا كان قد شفع له ودعا له .

وإن لم يشفع له ولم يدع له ، لم يكن هناك سبب "

وقد بسط الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذه المسألة بسطا شافيا في كتابه المبارك " قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة " .

رابعا :

ما أورده السائل - من التوسل بالنفخة ، وذرية نوح ، وخلافة الصديق ، وشجاعة علي إلى آخره - مما اقتضاه سجع الداعي ، دون النظر إلى معناه ، فكلام لا معنى له ، ولا يصدر من داع مستجمع فكره فيما يدعو به .

فكيف تكون ذرية نوح سببا في إجابة الدعاء ، وفيهم المسلم والكافر والبر والفاجر ؟! وكيف تكون خلافة الصديق ، أو شجاعة علي ، أو فاروقية عمر ، أو حياء عثمان ، أو حتى خلة الله لإبراهيم ، سببا في إجابة الدعاء ؟!

وما شأن هذا الداعي بخلة إبراهيم ؟ وما حظه هو من هذا المقام السَّني العلي ؟!

وما هذا إلا من نتائج مخالفة السنة ، والميل إلى الأدعية المخترعة ، وتكلف السجع فيها ، وبهذا تظهر الحكمة من النهي الوارد عن تكلف السجع في الدعاء .

قال ابن بطال رحمه الله :

" لأن طلب السجع فيه تكلف ومشقة ، وذلك مانع من الخشوع وإخلاص التضرع لله تعالى وقد جاء في الحديث : ( إن الله لا يقبل من قلب غافل لاه ) ، وطالب السجع في دعائه : همته في تزويج الكلام وسجعه ، ومَن شَغَل فكره وكَدَّ خاطره بتكلفه ، فقلبه عن الخشوع غافل لاه ".

انتهى من " شرح صحيح البخاري " (10/97) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-06, 21:57
هل يشرع له هجر إمام المسجد الذي لا يقبل النصح في ترك البدعة ؟

السؤال:

صليت إماما في المسجد ، فتحدث رجل من أهل الحي : أننا لا نريد إماما مذهبيا .. ، وهي كلمة يراد بها كل من يلتزم ... ؛ ولم يعقب أحد من المصلين على كلامه ، فلم أتقدم لإمامة المصلين في هذا المسجد منذ ذلك اليوم ، إلا إذا أمرني أحد المصلين بالإمامة خوفا من أن أكون ممن أم قوما وهم له كارهون ، وبعد فترة من الزمن أصبح صاحبنا الذي تحدث عني إماما لهذا المسجد ، إلا أنه كان يلحن كثيرا في قراءة القرآن

ولم تكن صلاته على ما يرام ، حسب علمي بصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يترك يوما الدعاء الجماعي بعد أن يصلي بالناس ، ويؤمّن المصلون بعد دعائه ، بالرغم من أنني ذكرت له أن الدعاء بهذه الكيفية : حكمه البدعة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، فلم يقبل كلامي ، واعتبر ذلك من باب "التمذهب"

كما يطلقها على أنصار السنة , لذلك لم أحتمل التعامل معه كالسابق ، فلم أستطع مصافحته منذ ذلك اليوم . السؤال : هل يجوز هجري له من باب التعامل ، ليترك هذا التمسك الشديد ببدعته ؟ وإذا لم يجز هذا : كيف أتعامل معه ، مع العلم بأنه يجادل بغير علم ؟

الجواب:

الحمد لله

أولا :

الأصل تحريم هجر المسلم فوق ثلاث ، لكن هذا حيث يكون الهجر لحظ النفس ، أو حال الدنيا .

وأما الهجر لأجل الدين ، مثل هجر أهل البدع ، أو أهل الفسق والفجور : فهذا أمر ينظر فيه إلى المصلحة الشرعية ؛ فإن غلب على الظن حصول مصلحة شرعية من وراء هذا الهجر ، كأن يرتدع المبتدع عن بدعته ، أو ينفضّ الناس من حوله ، أو يقل عدد المغترين به ، أو يضعف انتشار بدعته ، أو نحو ذلك من المصالح الشرعية : فإن هجرَه حينئذ يكون مشروعا .

أما مع عدم حصول مصلحة من وراء هجره : فإنه لا يهجر .

ثم إن هجر المبتدع والعاصي ، في مثل ذلك ، مع أنه من مسائل الاجتهاد والنظر فيما يرجى من مصلحة الهجر ؛ فهو كذلك أمر يختلف باختلاف الزمان ، والمكان ، ونوع البدعة ، وقدرها في ميزان الشرع ، فليس الهجر في الأماكن التي تظهر فيها السنة ، ويكون لأهلها فيها شوكة وغلبة ، بحيث يرجى أن يرتدع المبتدع بمثل ذلك ، ويقطع أصل بدعته ، كأماكن الغربة ، وأزمانها ، واستضعاف أهل السنة ، وعدم مبالاة من هجر ، بهجر الهاجر ، بل ربما زاد بعضهم في بدعته ، ولج في أمره .

ثم ليست بدع الاعتقاد ، كبدع الأعمال ؛ بل الغالب أن يكون أمر الأولى أشد ، والتحذير منها أقوى ، والنهي عن مثلها أوجب .

ثم ليست بدع الاعتقاد والعلوم : سواء ، بل هي متفاوتة في ذلك تفاوتا عظيما ، فمنها البدع الكبار المخرجة من الملة ، ومنها دون ذلك .

وهكذا بدع العمل أيضا : ليست على مرتبة واحدة ، بل منها الكبار ، ومنها الصغار ، ومنها بين ذلك .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الواجب على من كان له قرناء فيهم بدعة أن ينصحهم ويبين لهم أن ما هم عليه بدعة لعل الله أن يهديهم على يديه حتى ينال أجرهم .

فإن أصروا على ما هم عليه من البدعة : فإن كانت البدعة مكفرة وجب عليه هجرهم والبعد عنهم .

وإن لم تكن مكفرة ، فلينظر : هل في هجرهم مصلحة ؟ إن كان في هجرهم مصلحة هجرهم ، وإن لم يكن في هجرهم مصلحة فلا يهجرهم ؛ وذلك لأن الهجر دواء ؛ إن كان يرجى نفعه فليفعل، وإن لم يرجَ نفعه فلا يفعل "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (4/ 2) بترقيم الشاملة .

ثانيا :

إذا كان هذا الإمام يلحن في قراءة الفاتحة لحنا يحيل المعنى ، أو يسقط حرفا ، أو يبدل حرفا بحرف ، ونحو ذلك : فلا يجوز له أن يؤم الناس ، ولا يجوز للناس أن يقدموه للإمامة .

وإن كان يخطئ فيها خطأ لا يحيل المعنى، ولا يغير حروف الآيات أو يسقطها : فصلاته وصلاة من خلفه صحيحة ، إلا أن مثل هذا لا يقدم للصلاة ، وفي الناس من هو أفضل منه قراءة ، بل يؤم القوم : أقرؤهم لكتاب الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .

قال الشيخ صالح الفوزان حظه الله :

" إذا كان إخلاله بالفاتحة يخل بالمعنى؛ فهذا لا تجوز الصلاة خلفه ، إلا لمن هو مثله؛ لأن قراءة الفاتحة على الوجه الصحيح ركن من أركان الصلاة؛ فلا تصح الصلاة خلف من يلحن فيها لحنا يخل بالمعنى؛ كما لو كان يقرأ ( أنعمت عليهم ) : ( أنعمت ) ؛ بالضم، أو : ( العالمين ) : ( العالمين ) ؛ بكسر اللام؛ هذا يخل بالمعنى؛ فلا يجوز الصلاة خلف من هذه حاله .

أما إذا كان اللحن لا يحيل المعنى؛ فهذا أيضا لا يجعل إماما وهناك من هو أحسن منه قراءة "

انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" (49 /51) .

ثالثا :
يشرع الجهر بالأذكار التي تقال عقب الصلوات ، لثبوت السنة به ، لكن على وجه الانفراد ، دون الاجتماع عليه ، وبالقدر الذي لا يشوش على المصلين .

وأما الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة : فهو من البدع المحدثة ، قال علماء اللجنة الدائمة :

" الدعاء الجماعي بعد الصلاة بدعة لا أصل له في الشرع، والمشروع الذكر، والدعاء بالوارد بعد السلام من كل مصل بمفرده "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/ 241)

على أن الذي يظهر أن مخالفة الإمام في الدعاء الجماعي بعد الصلوات : ليست مما يوجب هجرا بين المسلمين بذاتها ؛ بل ينبغي أن يناصح الإمام في ذلك ، ولو ناصحه غيرك : لعله أن يكون أولى وأنفع .

فإن وجدت مسجدا أفضل ، تقام فيه صلاة الجماعة ، وحاله أقرب للسنة ، وإمامه أقرأ من هذا الإمام : فصل معهم ، إن كان بمقدورك ذلك .

وإن لم يتيسر ذلك : فصل مع الناس ، ما دامت صلاة الإمام صحيحة في نفسها .

وقد ترجم الإمام البخاري رحمه الله ، في كتاب الصلاة من صحيحه :

بَاب : إِمَامَةِ الْمَفْتُونِ وَالْمُبْتَدِعِ .

وَقَالَ الْحَسَنُ : صَلِّ ؛ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ .د

ثم روى فيه بإسناده (663) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مَحْصُورٌ ، فَقَالَ : إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى ، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ ، وَنَتَحَرَّجُ ؟

فَقَالَ : الصَّلَاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ ؛ فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ .

والله تعالى أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-06-10, 21:23
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://a.top4top.net/p_866vhcjc1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم قراءة سورة النمل للتخلص من النمل .

السؤال:

ما حكم قراءة سورة النمل للتخلص من النمل الذي يلسع ؟

الجواب:

الحمد لله

أنزل الله تعالى كتابه المجيد هدىً للناس ، ليُخرجَهم من الظلمات إلى النُّور ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجاهد به الكافرين ، فقال تعالى : ( فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ) الفرقان/ 52 .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : " يعني القرآن "

انتهى من " تفسير ابن كثير" (6/ 116) .

ولم ينزله لمحاربة حشرات البيوت والتخلص منها .

ولا نعلم في السنة ، ولا في كلام أحدٍ من السلف ، أو فعله : استحباب قراءة سورة النمل أو بعضها للتخلص من النمل ، فهذا فعلٌ مُحدَث ، وفيه توظيف للقرآن لغير ما أُنزل لأجله ، فلا يشرع .

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

" ومن البدع : التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل "

انتهى من " بدع القراءة " (ص/14) .

ولو قيل بذلك لأوشك أن يقول قائل : تقرأ سورة العنكبوت للتخلص من العناكب ، وتقرأ سورة النحل لعلاج التورم الناتج عن لسع النحل ، ونحو ذلك ، ومثل هذا تغني حكايته عن تكلف رده .

والله تعالى أعلم .

....

قتل الحشرات الموجودة في البيت بغير التحريق بالنار

السؤال :

الحشرات التي توجد في البيت مثل النمل والصراصير وما أشبه ذلك ، هل يجوز قتلها بالماء أو بالحرق أو ماذا أفعل ؟

الجواب :

الحمد لله

" هذه الحشرات إذا حصل منها الأذى جاز قتلها ، لكن بغير التحريق ، بل بأنواع المبيدات الأخرى ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم : الغراب ، والحدأة ، والفأرة ، والعقرب ، والكلب العقور ) ، وفي لفظ : ( والحية ) .

فهذه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أذاها ، وأنها فواسق يعني مؤذية ، وأَذِنَ في قتلها ، وهكذا ما أشبهها من الحشرات يقتلن في الحل والحرم إذا وجد منها الأذى ، كالنمل والصراصير والبعوض ونحوها مما يؤذي " انتهى .

"مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (5/301) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-06-10, 21:29
: حكم الاجتماع لقراءة سورة (يس) بنية نصرة المسلمين

السؤال:

قررَت مجموعةٌ من الأخوات الاجتماع يوم الخميس، لتلاوة سورة ياسين من أجل فلسطين. وستتلو كل واحدة منهن بمفردها أكبر عدد ممكن من المرات. وقد أخذن هذه المعلومة من كتاب اسمه "مفاتيح كنوز الجنة"

فلا أدري ما صحة هذا الكتاب؟ وكونه غير معروف لي فإنني متحفظة بعض الشيء، لأني لا أقرأ إلا كتباً موثوقة. واقترحت عليهن عوضاً عن ذلك أن تصلي كل واحدة منهن ركعتين، أو ما فتح الله عليهن من ركعات، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم. ويمكنهن أن يقنتن بشكل جماعي أيضاً. لكن على ما يبدوا أنهن قد أجمعن أمرهن على ذلك

فالناس هنا في جنوب أفريقيا يتبعون مذاهب عدّه ، وهم إلى جماعة التبليغ أقرب منهم إلى غيرهم. لذا سؤالي هو: هل ما سيقدمن عليه صحيح ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الاجتماع لتلاوة سورة (يس) نصرة لأهل فلسطين أو سوريا أو بورما أو غيرها من بلاد الإسلام : بدعة محدثة لا أصل له في دين الله ، وقد يعتمدون في ذلك على حديث يتناقله عوام الناس ، وهو : ( يس لما قرئت له ) وهو حديث باطل موضوع ، لا يجوز للمسلم أن ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والشرع لا يَثبُت إلا بما شرعه الله لنا في القرآن الكريم أو في السنة النبوية الصحيحة

ثانيا :

الدعاء لأهل فلسطين ولغيرهم من المؤمنين المستضعفين بأن ينجيهم الله من أعدائهم وينصرهم عليهم خير لهم من قراءة سورة (يس) التي لا ينتفعون بها ، وإذا كان الدعاء في الصلاة فهو أفضل ، فقد " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه [أي : أهمه] أمر فزع إلى الصلاة "

رواه أحمد وأبو داود (1319) ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (4703) .

وإذا نزلت بالمسلمين نازلة فإنه يشرع القنوت في الصلوات الخمس برفع هذه النازلة

إذا أراد النساء نصرة إخوانهن من المسلمين في أي بقاع من الأرض فعليهن بالدعاء والإلحاح فيه على الله ، فإن الدعاء سلاح المؤمن ، وعمدته في الكربات والمهمات .

والله أعلم .

...

على المسلمين أن يدعو لإخوانهم في غزة في الصلوات وغيرها

السؤال :

هل يستحب القنوت في الصلوات لإخواننا في غزة ، حتى يرفع الله عنهم اعتداء اليهود؟

وفي أي صلاة يكون القنوت ؟

الجواب :

الحمد لله

نعم ، ينبغي للمسلمين أن يدعو لإخوانهم في غزة ، بأن يحفظهم الله وينجيهم ، وينصرهم على عدوهم ، وأن يهلك اليهود ، ومن عاونهم .

فيدعو الإمام جهراً ويؤمن من خلفه ، ولو صلى الإنسان الفريضة منفرداً فينبغي أن يقنت أيضاً.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل في عدة وقائع :

1- فقد غدرت بعض قبائل العرب بسبعين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقتلوهم ، قال أنس بن مالك رضي الله عنه : (فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ) . أخرجه البخاري (3064) .

2- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهماُ قَالَ : (كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ) أخرجه البخاري (798) .

3- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ ، فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ ، يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ) أخرجه وأبو داود (1443) ، وقال ابن القيم : " حديث صحيح " (زاد المعاد 1/280 ) ، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .

ويستفاد من هذه الأحاديث أمور ، منها :

أولاً : مشروعية القنوت في النوازل . قال ابن تيمية رحمه الله : " القنوت مسنون عند النوازل ، وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحديث ، وهو المأثور عن الخلفاء الراشدين " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (23/108) .

ثانياً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في النوازل في الصلوات الخمس كلها ، وقنت في الفجر والمغرب ، وقنت في الفجر خاصة .

قال ابن تيمية رحمه الله : " وأكثر قنوته ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ كان في الفجر " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (22/269) .

وقال ابن القيم رحمه الله : " وكان هديه صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل خاصة ، وترْكَه عند عدمها ، ولم يكن يخصه بالفجر ، بل كان أكثر قنوته فيها لأجل ما شرع فيها من التطويل " انتهى .

"زاد المعاد" (1/273) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"والحاصل أن القنوت في الفرائض غير مشروع لا في الفجر ولا في غيرها إلا إذا نزلت بالمسلمين نازلة تستحق القنوت لها ، فيشرع القنوت لكل مصل في المغرب وفي الفجر ، وإن قنت في جميع الصلوات فإن هذا لا بأس به كما رآه بعض أهل العلم فإذا انجلت هذه النازلة توقف عن القنوت" انتهى .

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (14/175) .

ونسأل الله تعالى أن يعجل لإخواننا في غزة بكشف البلاء عنهم ، وأن يجعل لهم من كل ضيق مخرجا ، ومن كل هم فرجا ، وأن يلعن اليهود وأعوانهم ويهلكهم ، وأن ينزل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-10, 21:32
حكم التعبير عن الحزن على بلدٍ برسم صورة سوداء ، وكتابة عبارات أسف عليها ؟

السؤال:

أخت قامت بتغيير صورتها الشخصية على الفيسبوك ، بصورة سوداء مكتوب عليها حداد على بلد معين ، فقلت لها : إن الحداد في الاسلام لا يجوز إلا في حالتين فقط :

- المرأة التي توفي عنها زوجها فتحد مدة العدة أربعة أشهر وعشرا. - المرأة التي توفي أحد أقاربها تحد ثلاثة أيام، فليس للمرأة حداد في غير ما ذكر. فضلا عن ان تخصيص السواد للحداد لا أصل له. فقالت :

ما أدين الله به أن هذه الصور ليس بها ما يناقض الشرع لأنها ليست فعل يؤكد الحداد الشرعي أو ينفيه ، والأمر فيه سعة ، حيث إني أعيش حياة طبيعية ( أي أضع الزينة والطيب .. طبعا في البيت .. وأفعل كل ما لا تفعله المعتدة ) ، وما أعرض علي الصفحة من الصورة السوداء : ما هو إلا تعبير عن إحساس أشعر به. فما حكم الشرع في ذلك ؟ وهل هي على صواب فيما قالت ؟

الجواب :

الحمد لله

لا شك أن الإحداد مصطلح شرعي له معناه المعروف ، وقد جاء في بعض الأحاديث النبوية ، كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) رواه البخاري (1280) ومسلم (1486) .

غير أن مثل هذه الصور التعبيرية ، والكلمات التي تكتب عليها لا يراد بها حقيقة معناها ، ولذلك ذكرت صاحبة الواقعة أنها تعرف الإحداد ، ومقتضاه في الشرع ، وأنها لا تلتزم بشيء من ذلك كله ؛ وإنما قصارى الأمر أن يكون صورة رمزية ، تعبر بها عن حالة الحزن أو التحسر أو التألم .. أو نحو ذلك .

ومثل هذا الاستعمال لا بأس به ، ولا يظهر لنا في الشريعة الإسلامية ما يمنعه .

لكن ينبغي التنبه إلى أن استعمال مثل هذه الصورة : قد يكون ممنوعا شرعا إذا كان المقصود تزكية الإنسان نفسه ، أو حزبه ، أو جماعته ، والإشارة إلى هلاك سائر الناس سوى من ذكر .

فقد روى مسلم (2623) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ : هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ ) .

نقل أبو داود عن الإمام مالك أنه قال : إِذَا قَالَ ذَلِكَ تَحَزُّنًا لِمَا يَرَى فِي النَّاسِ ، يَعْنِي فِي أَمْرِ دِينِهِمْ ، فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا ، وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ عُجْبًا بِنَفْسِهِ ، وَتَصَاغُرًا لِلنَّاسِ : فَهُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ.

وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم :

"قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا قَالَ الرَّجُل : هَلَكَ النَّاس فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ ) ... مَعْنَاه : أَشَدّهمْ هَلَاكًا ...

وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ هَذَا الذَّمّ : إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيل الْإِزْرَاء عَلَى النَّاس , وَاحْتِقَارهمْ , وَتَفْضِيل نَفْسه عَلَيْهِمْ , وَتَقْبِيح أَحْوَالهمْ , لِأَنَّهُ لَا يَعْلَم سِرّ اللَّه فِي خَلْقه .

قَالُوا : فَأَمَّا مَنْ قَالَ ذَلِكَ تَحَزُّنًا لِمَا يَرَى فِي نَفْسه وَفِي النَّاس مِنْ النَّقْص فِي أَمْر الدِّين : فَلَا بَأْس عَلَيْهِ ... هَكَذَا فَسَّرَهُ الْإِمَام مَالِك , وَتَابَعَهُ النَّاس عَلَيْهِ .

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ : لَا يَزَال الرَّجُل يَعِيب النَّاس , وَيَذْكُر مَسَاوِيَهُمْ , وَيَقُول : فَسَدَ النَّاس , وَهَلَكُوا , وَنَحْو ذَلِكَ ؛ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ . أَيْ : أَسْوَأ حَالًا مِنْهُمْ ، بِمَا يَلْحَقهُ مِنْ الْإِثْم فِي عَيْبهمْ , وَالْوَقِيعَة فِيهِمْ , وَرُبَّمَا أَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى الْعُجْب بِنَفْسِهِ , وَرُؤْيَته أَنَّهُ خَيْر مِنْهُمْ . وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-10, 21:36
يجعل لنفسه عددا من الاستغفار والتسبيح كل يوم

السؤال:

أنا أستغفر الله 900 مرة في اليوم ، بالإضافة إلى التسابيح الأخرى ، حيث سمعت أنّ 1000 من الصحابة والتابعين كانوا يسبحون الله 30000 مرة في اليوم ، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم 125000 مرة في اليوم ، فهل استغفاري الله 900 مرة في اليوم يعد بدعة ؟

وسؤالي الثاني :

هو هل يجب علي الزواج الآن أو في المستقبل ، حيث أعاني من مشكلة القذف المبكر ، وأخشى أن يفشل زواجي بسبب ذلك ، وأنا لا أستطيع التعالج من هذه المشكلة بسبب بعض الصعوبات المالية ؟

وما هي نصيحتكم لي حتى لا أفسد حياتي ؟

الجواب:

الحمد لله

أولا :

يستحب الإكثار من الاستغفار بالليل والنهار ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله عز وجل في اليوم مائة مرة ، ونحن إلى الاستغفار أحوج ، وكلما زاد العبد من الاستغفار فهو أفضل .

وهكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن فضلها عظيم ، وثوابها جزيل ، وكلما أكثر منا المسلم فهو أفضل .

وأما تحديد ذلك بعدد معين : فإن كان لمجرد أن ينشط الإنسان ، ويلزم نفسه بهذا الورد كل يوم ، ولا يقصر عنه ، من غير أن يعتقد أن لهذا العدد فضلا خاصا : فهو جائز ولا بأس به .

وعلى ذلك يحمل ما ورد عن بعض السلف ، من التزام أوراد معينة في التسبيح أو الذكر أو الاستغفار ، ونحو ذلك .

أما إن اعتقد أن هذا العدد له فضل خاص ، وأن من قاله حصل له كذا وكذا ، فهذا هو الذي يدخل في البدعة .

وما ذكرته عن الصحابة والتابعين لا نعرف له أصلا ، لكن قد ورد أشياء من ذلك عن بعض السلف ، وإن لم يكن بالتحديد المذكور :

قَالَ عِكْرِمَةُ : " كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ ، وَيَقُولُ: أُسَبِّحُ عَلَى قَدْرِ دِيَتِي "

انتهى من " البداية والنهاية " (11/379) .

وذُكر أن خالد بن معدان ، وكان من سادة التابعين : " كَانَ يُسَبِّحُ فِي الْيَوْمِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ "

انتهى من " تاريخ الإسلام " للذهبي (3/41) .

وكان عمير بن هانئ " يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ مائَة أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ " .

انتهى من " سير أعلام النبلاء " (13/217) .

وقد ذكر بعض العلماء عن المتعبدين أنهم كانوا يكثرون من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا سيما يوم الجمعة ، فكانوا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم ألف مرة .

انظر " إحياء علوم الدين " (1/167) .

ثانيا :

حيث إنك كنت معتادا هذه العادة السيئة ، وقد وفقك الله للتوبة منها ، فننصحك أن تعجل بالزواج ، فإنه يعنيك على إكمال التوبة والاستمرار عليها ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع من الشباب تكاليف الزواج أن يتزوج ، فبه تحصل العفة ، وبه ينصرف الإنسان عن فعل الحرام . وفيه مصالح كثيرة .

ولا ينبغي أن يصدك عن هذا ما تذكره من سرعة القذف ، فإن هذا من الشيطان ليصدك عن الخير ، وأنت إذا توكلت على الله تعالى وأحسنت الظن به ، فسوف يعينك وييسر لك العفاف بزوجك ، إن شاء الله ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/2-3.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ، وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه ، وحسنه الألباني في " مشكاة المصابيح " (3089) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-10, 21:45
حكم البسملة قبل تكبيرة الإحرام

السؤال:

ذكر البسملة قبل التكبير للصلاة هل هو جائز ؟

الجواب :

الحمد لله

البسملة في الصلاة تكون بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح والاستعاذة ، وقبل قراءة الفاتحة .

وأما قبل الصلاة وتكبيرة الإحرام ، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ولا دعاء قبل تكبيرة الإحرام .

جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى " (6/94)

: " لا نعلم دعاءً مشروعاً بعد الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام ، لكن المشروع أن يقول مثل ما يقول المؤذن في إقامته ، ويصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويسأل له الوسيلة ثم ينتظر حتى يكبر الإمام ثم يكبر بعده‏ " انتهى .

وقال ابن القيم رحمه الله : " كان صلى الله عليه و سلم إذا قام إلى الصلاة قال : [ الله أكبر ] ولم يقل شيئا قبلها "

انتهى من " زاد المعاد " (1/194) .

وعلى هذا ، فلا يشرع للمصلي أن يبسمل قبل تكبيرة الإحرام ؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم‏ .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

عثمان سويسي
2018-06-10, 22:24
السلام عليكم ورحمه الله و بركاته

موضوع مميز

بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2018-06-14, 21:43
السلام عليكم ورحمه الله و بركاته

موضوع مميز

بارك الله فيك

عليكم السلام و رحمه الله وبركاته

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات


كذلك حضورك المميز انار اركان الموضوع
بمرورك العطر مثلك

بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2018-06-14, 21:48
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


هل يشرع قراءة سورة البقرة أربعين يوما لاستجابة الدعاء ؟

السؤال :

رأيت بعض المسلمين يقرأون سورة البقرة لمدة أربعين يوماً ثم يدعون ما شاءوا لأنهم يعتقدون أنّ دعائهم سيكون حينها مستجاباً، وأنا أظن فعلهم بدعة وأريد أن أفهم هل هناك فضيلة للأربعين يوماُ فقد رأيت العديد من المسلمين يربطون بين العبادة ومدة الأربعين يوماً؟

الجواب:

الحمد لله

قراءة القرآن لها أجر عظيم ، ولها أثر عظيم في جلب السعادة والخير والتوفيق واستجابة الدعاء ، وكذلك كل طاعة لله ، لعموم قول الله تعالى في الحديث القدسي : ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ) ، رواه البخاري (6502)\

وروى أحمد (19384) والترمذي (2917) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلْ اللَّهَ بِهِ ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (257)

قال المباركفوري في " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " (8/189) :

"( مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلْ اللَّهَ بِهِ ) أَيْ فَلْيَطْلُبْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقُرْآنِ مَا شَاءَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

أَوْ الْمُرَادُ : أَنَّهُ إِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ فَلْيَسْأَلْهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ بِآيَةِ عُقُوبَةٍ فَيَتَعَوَّذُ إِلَيْهِ بِهَا مِنْهَا .

وَإِمَّا أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ عَقِيبَ الْقِرَاءَةِ بِالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ . وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَإِصْلَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ " انتهى .\

ولكن لا يشرع التعبد بتحديد سورة معينه أو عدد معين أو زمن معين لم يرد في الشريعة ، فإن ذلك من البدع ، وهي من أسباب رد العمل وحرمان صاحبه من الأجر ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718) .

ولم يرد في الشرع المطهر – فيما نعلم – أن قراءة سورة البقرة بخصوصها مدة أربعين يوما تكون سببا لاستجابة الدعاء ، فهذا التحديد غير مشروع .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-14, 21:51
قراءة سورة البقرة والاستغفار بنية الزواج

السؤال

ما حكم قراءة سورة البقرة والاستغفار بنية الزواج ؟

فقد انتشر في هذا الزمان ، فكثير من الأخوات تقسم بالله أنها لم تتزوج إلا بعد أن قرأت سورة البقرة لمدة شهر أو أربعين يوما وكذلك الاستغفار ألفا أو بعدد محدد بنية الزواج .... وأنا أخاف من البدعة ودخولي في هذا الأمر ، أرجو من فضيلتكم أن توضحوا هذا الأمر لي وما صحته ؟

الجواب

الحمد لله

الزواج أمر مقدّر مقسوم للعبد كسائر رزقه ، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، و تستوعب رزقها ، فاتقوا الله ، وأجملوا في الطلب ، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2085) .

فلا ينبغي القلق إذا تأخر الزواج ، لكن يشرع للفتى والفتاة أن يتخذ الأسباب لتحصيل هذا الرزق ، ومن ذلك الدعاء ، فتسأل الله تعالى أن يرزقها الزوج الصالح .

والاستغفار سبب من أسباب سعة الرزق ، فقد حكى الله تعالى عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10- 12 .

والدعاء سلاح عظيم لمن أحسن استخدامه ، فادعي الله وأنت موقنة بإجابة الدعاء ، وتحري أسباب القبول ، من طيب المطعم والمشرب ، واختيار الأوقات الفاضلة ، واحذري من تعجل الإجابة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي) رواه البخاري ( 5865 ) ومسلم ( 2735) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

واعلمي أن الدعاء مدخر للعبد ، نافع له في جميع الأحوال ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي (3859) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا ، وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ

وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، أَوْ يَسْتَعْجِلْ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ ؟ قَالَ : يَقُولُ : دَعَوْتُ رَبِّي فَمَا اسْتَجَابَ لِي ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (2852) .

وقراءة القرآن لها أثر عظيم في علاج الهم والقلق ، وجلب السعادة والطمأنينة ، وكذلك الاستغفار .

والإكثار من الطاعات بصفة عامة ، من أسباب تحصيل السعادة ، كما قال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 .

وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2،3 .

فمن أكثرت من هذه الطاعات ، وحافظت على صلاتها وذكرها واستغفارها ودعائها وقراءتها للقرآن ، رجي لها التوفيق والسعادة ، وتحقيق مرادها ومطلوبها ، لكن لا يشرع التعبد بتحديد عدد معين أو زمن معين لم يرد في الشريعة ، فإن ذلك من البدع ، وهي من أسباب رد العمل وحرمان صاحبه من الأجر ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718) .

ولم يرد في الشرع المطهر – فيما نعلم – أن قراءة سورة البقرة بخصوصها أو الاستغفار بعدد معين سبب لحصول الزواج ، وإنما طاعة الله تعالى واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم على سبيل العموم هما سبيل السعادة وتيسير الأمور في الدنيا والآخرة .

نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ، ويرزقك الزوج الصالح .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-14, 21:54
حكم تسمية البنت بــــ " فاطمة الزهراء " .

السؤال:

سأرزق - إن شاء الله - بطفلة ، وأريد أن أسميها فاطمة الزهراء ، لكن صديقتي حذرتني أن الشيعة هم الذين سموها بهذه التسمية ، وأنه ورد في الأثر أن بنت الرسول صلى الله عليه وسلم : اسمها فاطمة ؛ فهل صحيح كلامها ؟

وما حكم التسمية بهذا الاسم ؟

الجواب :

الحمد لله

أطلق هذا اللقب " الزهراء " على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير من أهل العلم ، منهم ابن حبان البستي ، والخطيب البغدادي ، وابن عبد البر النمري ، وابن الأثير الجزري ، وأبو زكريا النووي ، وأبو الحجاج المزي ، وأبو عبد الله الذهبي ، وابن كثير الدمشقي ، وابن حجر العسقلاني ، وغيرهم ، وكل هؤلاء من حفاظ المسلمين وعلماؤهم وممن يقتدى بهم .

ولم يتحرج كثير من علماء العصر الحديث من إطلاق هذا اللقب عليها رضي الله عنها .

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

" فاطمة الزهراء : الزهراء : المرأة المشرقة الوجه ، البيضاء المستنيرة ، ومنه جاء الحديث في سورة البقرة وآل عمران : ( الزهراوان ) أي : المنيرتان .

ولم أقف على تاريخ لهذا اللقب لدى أهل السنة " .

انتهى من " معجم المناهي اللفظية " (ص 401) .

فالذي يظهر أنه لا حرج من إطلاق لقب الزهراء على فاطمة رضي الله عنها ، وإن كنا نرى أن طريقة أهل الحديث هي أولى وأجدر بالاتباع ، وهي أن يذكر الصحابي أو الصحابية مع الترضي عنهما ، دون إحداث ألقاب مدح لم يعرف به الصحابي في زمانه ، ولم ينتشر التلقيب به ، في القرون الثلاثة المفضلة .

وعلى ذلك : فلا حرج في تسمية المولود بــ " فاطمة الزهراء " ، من حيث الأصل ، اللهم إلا أن يكون في بيئة يشيع فيها الرافضة ، أو يشيع فيها معتقدهم الباطل في تسمية بنت النبي صلى الله عليه وسلم بــ " الزهراء" ، فيترك مخالفة لهم ، ولئلا يلتبس على الناس قولهم الباطل ، بمراد أهل السنة من ذلك .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-14, 22:00
تسأل عن أسماء حسنة للإناث مع معانيها

السؤال

أنا بحاجة لأسماء جيدة لأطفال بنات مع بيان معانيها .

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الأولاد هبات من الله تعالى ، أنعم بها على الوالدين ، وأوجب تجاههم حقوقا كثيرة عظيمة ، تبدأ باختيار الاسم الحسن الذي سيحمله فيما يستقبل من عمره .

قال الماوردي رحمه الله في كتابه "نصيحة الملوك" (ص167) :

" فإذا ولد المولود ، فإن من أول كراماته له وبره به أن يُحَلِّيَه باسمٍ حسنٍ ، فإن للاسم الحسن موقعاً في النفوس مع أول سماعه " انتهى باختصار .

ثانيا :

وهذه بعض الإرشادات التي يحسن الوقوف عليها قبل اختيار الاسم :

1- ليس من المستحب التمسك بأسماء جميع الصحابة أو الصحابيات ، فقد كان من أسمائهم ما هو مقبول معروف في محيطهم ، إلا أنه مستغرب في مجتمع آخر .

وقد ذكر الماوردي في كلامه السابق شيئا مما يستحب في الأسماء ، ومنها :

" أن يكون حسناً في المعنى ، ملائماً لحال المُسمَّى ، جارياً في أسماء أهل طبقته وملته وأهل مرتبته " انتهى .
فعلى الوالدين أن يختاروا اسماً حسناً لولدهم ، ولا يكون شاذاً أو غريباً عن المجتمع الذي يعيشان فيه ، فإن غرابة الاسم قد تكون سبباً للاستهزاء به أو بصاحبه ، وقد يخجل صاحبه من ذكر اسمه أمام الناس
.
فمن أراد أن يتشبه بأسماء الصحابة والأنبياء والصالحين ، فليختر منها ما يناسبه ويناسب مجتمعه وقومه .

2- لا يلزم غير العرب أن يتسموا بالأسماء العربية ، والواجب هو الابتعاد عما يختص به أهل الديانات الأخرى من الأسماء ، وما يغلب استعماله في أهل تلك الديانة ،

" كجرجس وبطرس ويوحنا ومتى ونحوها ، لا يجوز للمسلمين أن يتسموا بذلك ؛ لما فيه من مشابهة النصارى فيما يختصون به " نقلا عن "أحكام أهل الذمة" لابن القيم (3/251)

أما إذا كان اسما أعجميا - غير عربي - ذا معنى حسن طيب ، فلا حرج من استعماله والتسمي به ، فقد كان الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يتسمون ويسمون أبناءهم بأسماء حسنة طيبة ، يأخذونها من عرفهم وعوائدهم ، ولا يلتزمون فيها العربية ، ومن ذلك : إسرائيل وإسحاق وموسى وهارون .

3- ينبغي اجتناب الأسماء القبيحة أو تلك التي تزكِّي أصحابها .

قال الطبري رحمه الله – كما نقله ابن حجر في "فتح الباري" (10/577) - :

" لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ، ولا باسم يقتضي التزكية له ، ولا باسم معناه السب ، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص ، ولا يقصد بها حقيقة الصفة ، لكنَّ وجهَ الكراهة أن يسمع سامع بالاسم ، فيظن أنه صفة للمسمى ، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يُحوِّل الاسم إلى ما إذا دُعيَ به صاحبه كان صدقاً " انتهى
\
ومن أسماء الإناث التي أنكرها النبي صلى الله عليه وسلم اسم " عاصية " ، فغيره إلى " جميلة " كما رواه مسلم (2139) .

ومن الأسماء المكروهة التي تشتهر في بعض بلاد المسلمين ، الأسماء المضافة إلى لفظ ( الدين ) أو ( الإسلام ) ، مثل : نور الدين ، أو عماد الدين ، أو نور الإسلام ، ونحو ذلك فقد كرهها أهل العلم للذكور والإناث ، لما فيها من تزكية صاحبها تزكية عظيمة

قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله :

" وذلك لعظيم منزلة هذين اللفظين ( الدين ) و ( الإسلام ) ، فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تُطل على الكذب ، ولهذا نص بعض العلماء على التحريم ، والأكثر على الكراهة ؛ لأن منها ما يوهم معاني غير صحيحة مما لا يجوز إطلاقه ، وكانت في أول حدوثها ألقاباً زائدة عن الاسم ، ثم استعملت أسماء " انتهى . "تسمية المولود" (ص/22) .
4- وفي أسماء الإناث : ينبغي اجتناب الأسماء التي فيها معانٍ تلحظ الشهوة ، مثل : فتنة أو فاتن ، وكذا ناهد أو ناهدة ( وهي التي ارتفع ثديها وبرز )

كما يجب تجنب تسمية الإناث بأسماء الملائكة ، لأن في ذلك تشبهاً بالمشركين في ظنهم أن الملائكة بنات الله .
يقول الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله :

" أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ، فظاهر الحرمة ؛ لأن فيها مضاهاةً للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم ، وقريب من هذا – يعني في الحرمة - تسمية البنت : ملاك ، ملكة "

انتهى "تسمية المولود" (ص/24) .

ثالثا :

أما الأسماء المباحة المقترحة فهي كثيرة جدا ، ولا يمكن حصرها ، لكن نذكر شيئاً منها :

آمنة : هي المطمئنة التي لا تخاف .

شَيْماء : ذات الشيم والفضائل .

أروى : أنثى الوعل ، وبمعنى أحسن وأبهى .

عائشة : ذات حياة .

أسماء : قيل مشتق من الوسامة وقيل من السمو وهو العلو .

ريم الغزال شديد البياض

عالية : من الرفعة والعلو .

جويرية : تصغير جارية ، وهو اسم إحدى زوجات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

رحمة : هي اللين والشفقة .

بسمة : انفراج الشفتين تعبيرا عن السرور .

رزان : الوقور من النساء .

عفاف : من العفة والطهارة والنزهة.

زينب : شجرة طيبة الرائحة .

سارة : تضفي السرور على النفس .

ميمونة : هي المرأة المباركة .

رانية : مطيلة النظر مع سكون الطرف .

سعاد : التوفيق واليمن والبركة ، ونقيض الشقاء.

مريم : اسم عبري بمعنى مرتفعة أو سيدة البحر .

سلمى : امرأة ناعمة الأطراف ، ومن السلامة أيضا.

نورة : قبس من الضوء .

سُمَيَّة : تصغير سماء، بمعنى سامية عالية رفيعة الشأن

هاجر : الجيد الحسن ، والفائق على غيره.

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

zari18
2018-06-15, 08:28
بارك الله فيك متميز كالعادة
وعيدكم سعيد مبارك

*عبدالرحمن*
2018-06-16, 17:40
بارك الله فيك متميز كالعادة
وعيدكم سعيد مبارك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

كل عام و حضرتك بخير

بارك الله فيك وعليك
و جزاك الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-09-13, 16:52
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

ما حكم نشيد ( يا إمام الرسل يا سندي) ؟.

السؤال:

عمي شيخ كبير في السن ، يصر أن نحضر مجالس ، يسميها الحضرة ، تبدأ بتلاوة ما تيسر من القران ، ثم قصائد تمدح النبي صلى الله عليه وسلم

ولكن لفت انتباهي نشيد يقول فيه : ( يا إمام الرسل يا سندي / أنت باب الله معتمدي / وبدنياي وآخرتي / يا إمام الرسل خذ بيدي ) .

هل هذا مشروع أو حرام ؟

وهل نستطيع حضور هذه المجالس ، مرة في السنة ، حيث يعيش بعيدا عنا ، ويزورنا مرة كل عام ، بنية تجنب المشاكل ، ومحاولة إرضائه ؟ لقد حاولت نصحه فنهرني ، وقال : نحن نحب النبي ولا نعبده .

الجواب :

الحمد لله

لا يجوز أن يدعى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الدعاء عبادة لا تكون إلا لله عز وجل ، فإذا كان ذلك بعد وفاته ، كان أبعد ، وأدخل في البدعة والضلال

قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) فاطر/13-14 .

ولا شك أن قول القائل : " يا إمام الرسل يا سندي ، يا إمام الرسل خذ بيدي " ، هو من دعاء غير الله عز وجل ، وهو من أعمال الشرك التي يجب على العبد أن يتجنبها .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله

: " كل من مات لا يدعى ولا يطلب منه الشفاعة لا النبي ولا غيره ، وإنما الشفاعة تطلب منه في حياته "
.
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (6/191) .

وليلعم أن قصائد المدح التي تنشد في حضرات الصوفية ، عادة ما تشتمل على الغلو في الممدوح ، نبياً كان أو غيره

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري (3445) .

ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تكون بدعائه من دون الله وسؤاله الحاجات ، ولا بهذه القصائد المبتدعة التي تشتمل غالباً على الغلو فيه والإشراك به ، إنما تكون محبته باتباعه والاقتداء به .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

" وَكَثِيرٌ مِنْ السَّالِكِينَ سَلَكُوا فِي دَعْوَى حُبِّ اللَّهِ أَنْوَاعًا مِنْ أُمُورِ الْجَهْلِ بِالدِّينِ ؛ إمَّا مِنْ تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ ؛ وَإِمَّا مِنْ تَضْيِيعِ حُقُوقِ اللَّهِ ، وَإِمَّا مِنْ ادِّعَاءِ الدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ الَّتِي لَا حَقِيقَةَ لَهَا .

وَاَلَّذِينَ تَوَسَّعُوا مِنْ الشُّيُوخِ فِي سَمَاعِ الْقَصَائِدِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْحُبِّ وَالشَّوْقِ وَاللَّوْمِ وَالْعَذْلِ وَالْغَرَامِ : كَانَ هَذَا أَصْلَ مَقْصِدِهِمْ .
وَلِهَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ لِلْمَحَبَّةِ مِحْنَةً

يَمْتَحِنُ بِهَا الْمُحِبَّ فَقَالَ : ( قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) فَلَا يَكُونُ مُحِبًّا لِلَّهِ إلَّا مَنْ يَتَّبِعُ رَسُولَهُ وَطَاعَةُ الرَّسُولِ وَمُتَابَعَتُهُ تُحَقِّقُ الْعُبُودِيَّةَ .

وَكَثِيرٌ مِمَّنْ يَدَّعِي الْمَحَبَّةَ يَخْرُجُ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَسُنَّتِهِ ، وَيَدَّعِي مِنْ الْخَيَالَاتِ مَا لَا يَتَّسِعُ هَذَا الْمَوْضِعُ لِذِكْرِهِ .

وَلِهَذَا كَانَتْ مَحَبَّةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِلَّهِ أَكْمَلَ مِنْ مَحَبَّةِ مَنْ قَبْلَهَا وَعُبُودِيَّتُهُمْ لِلَّهِ أَكْمَلُ مِنْ عُبُودِيَّةِ مَنْ قَبْلَهُمْ .

وَأَكْمَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ بِهِمْ أَشْبَهَ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ أَكْمَلَ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/209-110).

فلا يجوز حضور هذه المجالس إلا للإنكار على أصحابها ، والواجب نصح عمكم بالحكمة والموعظة الحسنة ، ونهيه عن هذه الأمور ، وإخباره أن ذلك من الشرك ودعاء غير الله .

وبإمكانكم أن تعوضوا حضور هذه الأماكن ، بدعوته إلى منزلكم ، وإكرامه ، والإلطاف له ، وتألف قلبه بالهدية ونحوها ، فلعل الله أن يهديه ، ويشرح صدره لترك ما هو عليه من العمل البدعي .

وليعلم العبد أن رضا الناس غاية لا تدرك ، فليكن همه ، وسعيه ، وغاية أمره : رضا الله تبارك وتعالى ، وإن كان في رضاه سخط الناس جميعا ، فلا يبالي .

كَتَبَ مُعَاوِيَةُ ، وهو أمير المؤمنين ، إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا ، تُوصِينِي فِيهِ وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ ؟

فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : إِلَى مُعَاوِيَةَ ، سَلَامٌ عَلَيْكَ ، أَمَّا بَعْدُ ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ

وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ ) وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ !! " .

رواه الترمذي (2414) ، وصححه الألباني .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-13, 16:56
هل الخطوط التي توجد براحتي الكفين تشير إلى أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين ؟

السؤال :

قرأت منشوراً يذكر أنه مكتوب الرقم 18 في راحة اليد اليمنى باللغة العربية ، وفي راحة اليد اليسرى مكتوب الرقم 81 ، وبمجموع العددين يصبح عندنا الرقم 99

وذلك يشير إلى أسماء الله الحسنى ، ثم إذا طرحنا العدد الأول من العدد الثاني صار عندنا الرقم 63، وهذا إشارة إلى عمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فما صحة هذا الكلام ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

معرفة أسماء الله تعالى الحسنى وصفاته العلى من أجلّ المعارف وأشرف العلوم ؛ وكلما ازداد العبد معرفة بها وبمقتضياتها، وآثارها: ازداد إيمانا بربه وحبا له وتعظيما.

وكل ما يخص هذا العلم الشريف فلا بد من أخذه عن الكتاب والسنة ، لا يتجاوز ذلك..

ثانيا :

ما ينتشر بين عوام الناس من أن هذه الخطوط التي توجد براحتي الكفين إنما خلقها الله لأنها تشير إلى أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين

وأن الفرق بينهما إشارة إلى عمر النبي صلى الله عليه وسلم : هو قول محدث لا دليل عليه ، وهو أشبه بتلفيقات القصاص ، أو أوهام العوام .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

هناك بعض الناس يذكر أن الخطوط التي في كف الإنسان أنها على شكل رقمين 18 في اليد اليمنى ، و 81 في اليد اليسرى ، والمجموع 99 ، ويقول : إنها بعدد أسماء الله فهل هذا صحيح ؟

فأجاب : " هذا الذي قاله بعض الناس : لا أصل له ، ولم يبلغنا عن أحد من أهل العلم أنه قاله ، فلا ينبغي التعويل عليه " .
انتهى من"مجموع فتاوى ابن باز" (6/ 408) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما مدى صحة قول بعض الناس : إن تقطيع النساء المذكورات في سورة يوسف أيديهن هو الأثر الذي في أيدينا في اليمنى على شكل (18)

وفي اليسرى على شكل (81) ، فمجموعهما عدد أسماء الله الحسنى ، والفرق بينهما عمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟

فأجاب : " كل هذه لا أصل لها ، هذه من خلقة الله عز وجل " .

انتهى من" الفتاوى الثلاثية " (ص 5) بترقيم الشاملة

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-13, 16:59
التعريف بكتاب " حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق " ، وبصاحبه .

السؤال:

أريد رأيكم في كتاب حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق. وهل يعتبر سرده للسيرة النبوية صحيح أم لا ؟

الجواب :

الحمد لله

هذا الكتاب على نهج الصوفية ، في انحرافاتهم العقدية والعلمية ، وصاحبه صوفي يدعى : فوزي محمد أبو زيد ، بايع لمشايخ الصوفية ، وتتلمذ لهم ، وصاحبهم

واتبع طريقتهم ، وسلك مسلكهم ، كما يعرف ذلك من سيرته الذاتية التي سطرها ، وهي موجودة على شبكة الانترنت .

وقد كان بايع شيخ الطريقة العزمية ، وهي طريقة صوفية منحرفة ، تقوم على بغض المنهج السلفي ومحاربته ، ومعاداة أهل السنة وعلمائها .

ويثني في كتابه هذا على أئمة الصوفية الزائغين ، كابن عربي الحاتمي القائل بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود ، وكأحمد التيجاني صاحب الطريقة التيجانية المنحرفة الزائغة .

وهذا الكتاب من كتب أهل البدعة ، يجب التحذير منه ، والنهي عن مطالعته ، ويمكن إجمال مواضع الزلل في هذا الكتاب في عدة نقاط ، منها :

- ينقل فيه صاحبه عن أئمة الضلالة ، كابن الفارض وابن عربي وأبي العزائم وعلي وفا وغيرهم .

- يذكر الحكايات الباطلة السمجة التي لا تروج إلا على ضعفاء العقول ، منها ما حكاه عن بعضهم قال :

" عزمنا علي الحج هذا العام أنا وأبي ، وبينما نحن في الطريق جاءه الموت ، فلما مات نظرت إلي وجهه فوجدته مسودا، فغطيت وجهه ، ثم جلست حزينا كئيبا مهموما

فأخذتني سنة من النوم فرأيت رجلا شديد بياض الثياب ، شديد بياض الوجه ، وقد أقبل حتي وقف علي رأس أبي ، ثم كشف وجهه ، ومر بيده عليه فابيَّض وجهه ، وصار كالقمر !!

وكان معة رقعة صغيرة وضعها بجواره ، , فقلت له : من أنت ؟ ، ومن الذي أتى بك إلي أبي في هذه الساعة ؟
فقال : أما تعرفني ؟ أنا محمد رسول الله !

وهذه الورقة فيها الصلوات التي كان أبوك يصلي بها عليَّ ، فلما حضره ما رأيت ، استغاث بي ، فجئت لإغاثته .
قال : فانتبهت من نومي ، فكشفت الغطاء عن وجه أبي فوجدته قد ابيضَّ " .

وفي هذا الكذب ترويج للشرك ، وطلب الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم من دون الله ، والاستغاثة بالأموات من الشرك بالله .

- دعواه أن من أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يجتمع به يقظة في أي وقت شاء ، قال (ص278) :
" فإن أكثرت من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، فربما تصل إلى مقام مشاهدته

وهي طريق الشيخ نور الدين الشوني ، والشيخ أحمد الزواوي ، والشيخ أحمد بن داوود المنزلاوي ، وجماعة من مشايخ اليمن

فلا يزال أحدهم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكثر منها ، حتى يتطهر من كل الذنوب ، ويصير يجتمع به يقظة أي وقت شاء " .

- يذكر فيه الأحاديث الموضوعة والتي لا أصل لها ، كحديث : ( كُنْتُ نُوُرَاً بَيْنَ يَدَىّ رَبِّى قَبْلَ خَلْقِ آَدَمَ بِأرْبَعَةَ عَشَرَ ألْفَ عَام ) ، وحديث : ( عِلْمُ البَاطِنِ سِرٌ مِنْ أَسْرِارِ الله

وَحِكْمِةٌ مِنْ حِكَمَ الله يَسْتَوْدِعَهُ في قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبِادِه ) ، وحديث : ( أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ) ، وحديث : ( قبض الله قبضة من نوره ثم قال لها كوني محمدا ) وغيرها من الأحاديث الباطلة .

- كذبه على أهل العلم ، فقال في تخريج حديث : ( العلم علمان ) : " أخرجه الترمذي الحكيم في النوادر ، وابن عبد البر والخطيب في التاريخ من رواية الحسن عن جابر " . وهذا كذب صريح ، فلم يخرجه ابن عبد البر ولا الخطيب

وإنما ذكره الحكيم الترمذي بغير إسناد ، ولم يروه الحسن ولا جابر ، وإنما هو حديث موضوع ، انظر "السلسلة الضعيفة" (1227)

وقال عن حديث ( نور نبيك يا جابر ) وقد ذكره مطولا بعبارات مصنوعة : " رواه عبد الرزاق والبيهقي " ، وهو من الكذب المكشوف ، فإنه حديث لا أصل له .

- مغالاته في النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فزعم أنه سر الوجود ، وأن الله خلقه من نوره ، ثم قال : " ومن نوره خلق الأشياء التي فيها روحانيات ، وبعد ما خلق الأنبياء أجمعين

أقام لهم حفلاً كبيراً ، حفل تعارف ... إلى آخر ما ذكره في هذا المقام من الكذب ولغو الكلام الباطل .

- كما زعم أن الله أطلعه على الألواح ، وعلى الغيب ، فعلم أهل الجنة وأهل النار .

والحاصل :

أن في الكتاب من البدع والضلال ، مما أشرنا إليه ، وما لم نشر إليه : الشيء الكثير ؛ بل مبناه على تلك البدع والخرافات والضلالات

فلا يحل لأحد أن يكون له به عناية ، إلا لطالب علم يبين حاله للناس ، ويحذر من بدعته .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-13, 17:04
قصة رجوع الإمام أحمد عن النهي عن القراءة عند القبر غير صحيحة .

السؤال:

ما حكم قراءة القرآن على الأموات ؟

حيث يذكر ابن القيم رحمه الله أن الإمام أحمد رحمه الله بعد إنكاره على الرجل الضرير حين كان يقرأ القرآن على القبر ، أخبره محمد بن قدامه الجوهري خبر ابن اللجلاج ، فقال له الإمام أحمد : ارجع وقل للرجل يقرأ

فهل هذه القصة صحيحة عن الإمام أحمد ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

قراءة القرآن على القبور ، وإقامة السرادقات والاحتفال بالميت وبذكرى وفاته وجلب المقرئين لذلك من البدع المحدثة .
والمشروع هو الدعاء للميت والصدقة عنه وإكرام صديقه وإيفاء

عهده وتنفيذ وصيته الصحيحة وصلة الرحم المتصلة به ، وإذا كان لم يحج أو لم يعتمر حج عنه وليه واعتمر .

قال ابن باز رحمه الله :

" قراءة القرآن عند القبور لا أصل لها بل هي من البدع ، القبور تزار للذكرى والعظة والدعاء للأموات بالمغفرة والرحمة ، أما القراءة عند قبورهم فما تفيدهم ، انقطعت أعمالهم

يفيد الدعاء لهم والصدقة عنهم ، والحج عنه والعمرة عنهم ، وقضاء ديونهم هذا الذي ينفعهم ، أما القراءة عند قبورهم فلا تشرع بل هي بدعة " .

انتهى ملخصا من "فتاوى نور على الدرب" (14/ 217-218) .

ثانيا :

قال أبو بكر الخلال رحمه الله في كتاب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ص 88) :

أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الوراق ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْحَدَّادُ، وَكَانَ صَدُوقًا، وَكَانَ ابْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِيءُ يُرْشِدُ إِلَيْهِ ، فَأَخْبَرَنِي قَالَ: " كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيِّ فِي جَنَازَةٍ

فَلَمَّا دُفِنَ الْمَيِّتُ جَلَسَ رَجُلٌ ضَرِيرٌ يَقْرَأُ عِنْدَ الْقَبْرِ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: يَا هَذَا إِنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ بِدْعَةٌ ، فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْمَقَابِرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ

مَا تَقُولُ فِي مُبَشِّرٍ الْحَلَبِيِّ ؟ ، قَالَ: ثِقَةٌ ، قَالَ: كَتَبْت عَنْهُ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: فَأَخْبَرَنِي مُبَشِّرٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ اللَّجْلَاجِ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَوْصَى إِذَا دُفِنَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَ رَأْسِهِ بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ

وَخَاتِمَتِهَا، وَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يُوصِي بِذَلِكَ ، فَقَالَ أَحْمَدُ: ارْجِعْ فَقُلْ لِلرَّجُلِ يَقْرَأُ " انتهى .

وهذا إسناد لا يحتج به ، الحسن بن أحمد الوراق : مجهول ، وكذا شيخه .

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

" في ثبوت هذه القصة عن أحمد نظر، لأن شيخ الخلال الحسن بن أحمد الوراق لم أجد له ترجمة فيما عندي الآن من كتب الرجال، وكذلك شيخه علي بن موسى الحداد لم أعرفه

وإن قيل في هذا السند إنه كان صدوقا، فإن الظاهر أن القائل هو الوراق هذا، وقد عرفت حاله "

انتهى من "أحكام الجنائز" (192) .

وقال الخلال أيضا :

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ صَدَقَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيَّ، قَالَ: " كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي جَنَازَةٍ وَمَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: فَلَمَّا قُبِرَ الْمَيِّتُ جَعَلَ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ عِنْدَهُ

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِرَجُلٍ: تَمُرُّ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يَقْرَأُ، فَقُلْ لَهُ: لَا تَفْعَلْ. فَلَمَّا مَضَى قَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ: مُبَشِّرٌ الْحَلَبِيُّ كَيْفَ هُوَ؟ ... فَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِعَيْنِهَا .

وعثمان الموصلي لم نجد له ترجمة ، فلا يحتج بروايته أيضا .

ثم إن الإسناد المذكور في القصة إلى ابن عمر ضعيف أيضا ، لا يصح ، ويبعد عن مثل الإمام أحمد أن يحتج به في إثبات حكم شرعي .

فعبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج مجهول ، قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/ 579) : " ما روى عنه سوى مبشر بن إسماعيل " .

وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص348)

: " مقبول " ؛ يعني عند المتابعة ، وإلا، فليّن الحديث ؛ كما نص عليه في المقدمة . ولم يتابعه أحد على هذه الرواية
.
وينظر : "أحكام الجنائز" ، الموضع السابق .

والمشهور عن الإمام أحمد الذي يرويه عنه كبار أصحابه : النهي عن القراءة عند القبور .

قال أبو داود في "مسائله" (ص224) : " سمعت أحمد، سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا ".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" نَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ كَرَاهَةَ الْقُرْآنِ عَلَى الْقُبُورِ. وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَعَلَيْهَا قُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ "

انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5 /362) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-13, 17:09
حول قول النبي صلى الله عليه وسلم ( اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ)

السؤال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعرِضوا عليَّ رُقاكم . لا بأسَ بالرُّقى ما لم يكن فيه شِركٌ ".
فهل في الرقية التالية شرك أو فيها ما هو محظور شرعا ؟ :

( للسيطرة على القرين الذي أنهك الجسد وعطل الزواج وأفشل العمل وبدل الصورة :

[ بسم الله الرحمن الرحيم ، قراءة سورة محمد 14 مرة أو سماعها ثلاثة أيام متتالية بعد المغرب، بعدها تقرأ هذا التحصين مرتين :

(بمحصنات حجبية حجبت كل كائد ومعاند وصخب صاخب ورددته عن صاحب هذا الجسد ، أقسمت على كل من قام وقعد بقل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوأ أحد )

( أقسمت عليكم بأدعية الأنحاس وقطعت عنكم الإحساس بقل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ) .

وإذا أحببت تكررها فلا باس. ] )

وجزاكم الله خيرا .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

أخرج مسلم في صحيحه (2200) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»

فهذا الحديث يدل على جواز الرقى ، ما لم يكن بها شرك ، وما لم تكن ذريعة للشرك .

وقد اشترط العلماء لجواز الرقى ثلاثة شروط استنبطوها من نصوص الأحاديث النبوية ,

جاء في فتح الباري لابن حجر (10 / 195) :

"وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط : أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته ,

وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره , وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها ، بل بذات الله تعالى ، واختلفوا في كونها شرطا والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة" انتهى .

ثانيا :

بخصوص الرقية التي سألت عنها في السؤال ، فإنها غير جائزة لأمور منها :

1. اشتمالها على البدعة : فإن قراءة سورة محمد صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مرة أو سماعها ثلاثة أيام متتاليات بعد المغرب بغرض الشفاء أو تيسير الزواج والسيطرة على القرين يعتبر من البدع المحدثة ,

فقد نص أهل العلم على أن تخصيص وقت معين بذكر معين أو تخصيص ذكر معين بعدد معين أو هيئة معينة لم يرد الشرع بتقييده بذلك يعتبر من البدع الإضافية ,

2. اشتمال هذه الرقية على بعض الألفاظ التي لا يعلم معناها فلا يعلم مثلا المقصود بــ (المحصنات الحجبية ) ولا ( أدعية الأنحاس )

والله أعلم.

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-15, 02:20
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

يعتادون قراءة الفاتحة والدعاء قبل الشروع في الطعام ، فما حكم ذلك ؟

السؤال:

بعض الجماعات المسلمة في الهند اعتادت على قراءة الفاتحة ، وأدعية أخرى قبل الشروع في الطعام .

يقولون : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ، ويستدلون بحديث نبوي حيث طُلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو بالبركة لطعام قُدِّم إليه ، فدعا بتلك الأدعية قبل أن يأكل ، إنهم يسمون هذا الدعاء دعاء الفاتحة .

فهل هذا صحيح ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

يسنّ الدعاء لصاحب الطعام بعد الفراغ منه ، لما روى مسلم (2042) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ، قَالَ : " نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي ، قَالَ : فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَامًا وَوَطْبَةً

فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِتَمْرٍ فَكَانَ يَأْكُلُهُ وَيُلْقِي النَّوَى بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، وَيَجْمَعُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى ، ثُمَّ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ ، قَالَ: فَقَالَ أَبِي : وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ

ادْعُ اللهَ لَنَا، فَقَالَ : ( اللهُمَّ، بَارِكْ لَهُمْ فِي مَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ ) .

قال النووي رحمه الله :

" فِيهِ اسْتِحْبَابُ دُعَاءِ الضَّيْفِ بِتَوْسِعَةِ الرِّزْقِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ ، وَقَدْ جَمَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ خَيْرَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " انتهى .

وروى أبو داود (3854) عَنْ أَنَسٍ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ ، فَأَكَلَ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ ) .

لكن الدعاء بعد الطعام ، أو قبله ، أو في غير ذلك من الأحوال : إنما هو دعاء الشخص بنفسه ؛ وليس بالهيئة الجماعية المذكورة في السؤال .

سئل علماء اللجنة :

شخص كانت عادته أن يطعم الطعام لطائفة من الناس في كل يوم جمعة ، وبعد قضاء الطعام لا يتركون أماكنهم ومجالسهم ، بل ينتظرون الدعاء لأحد منهم ، الذي عينه صاحب الطعام

أن يدعو الله أن يصل ثواب ذلك الطعام إلى أهاليهم الموتى وأقربائهم ، وفي أثناء ذلك الدعاء ، يرفع السائل يده مع الحاضرين وهم يقولون : (آمين) ، فهل هذا الدعاء الذي ترفع فيه الأيدي جماعة بعد الطعام جائز أم لا؟

فأجابوا : " الدعاء الجماعي بعد الطعام بالكيفية المذكورة لا أصل له في الشرع المطهر ، فالواجب تركه ؛ لأنه بدعة ، والاكتفاء بما جاءت به السنة من الدعاء لصاحب الطعام بالبركة ونحو ذلك

كل شخص يقوله بمفرده ، ومما جاء في السنة قول : ( اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم ) وقول : ( أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة ) " .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (24 /189-190) .

ثانيا :

قراءة الفاتحة والدعاء بأدعية معينة قبل تناول الطعام ، ودعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بها قبل الطعام : بدعة محدثة ، لا نعلم لها أصلا في الدين

فلا يُعلم من سنته صلى الله عليه وسلم أنه كان يعتاد رفع يديه للدعاء ، وقراءة الفاتحة قبل الطعام أو بعد الفراغ منه .

فالواجب ترك هذه المحدثة ، والاكتفاء بالوارد في السنة الصحيحة ، والاعتماد على كتب أهل العلم المشهورين العالمين بصحيح الحديث من سقيمه ، وبالسنة من البدعة .

كما ينبغي إرشاد الناس إلى ذلك ، وتحذيرهم من البدع المحدثات وتنفيرهم منها .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-15, 02:26
صلاة الوحشة " صلاة مبتدعة ، لا تجوز صلاتها ، ويجب النهي عنها .

السؤال :

أخبرتني إحدى صديقاتي بوفاة جدتها ، وكنت نويت أن أحضر جنازتها ؛ لكنني لم أستطع ؛ لأننا في الامتحان ، ومكان الدفن بعيد ، ويصعب الوصول إليه .

هل جاز لي تخلفي عن الصلاة عليها أو لا يجوز؟

أطرح هذا السؤال لأنني قرأت في مكان ما أن أي بيت لم يحضر أحد من المسلمين فيه جنازة مسلم سوف يعاقب كل من في ذلك البيت

وأعرف أن الناس حضروا هذه الجنازة لكن ليسوا من بيتي ، إذا أنا سأعاقب لعدم حضوري الجنازة .

كيف أتفادى هذه العقوبة وما يكفرها ؟

وأيضا أخبرني أحدهم بأن هناك صلاة تصلى بعد العشاء تسمى صلاة الوحشة ، وهي : ركعتان ، في الركعة الأولى أقرأ آية الكرسي بعد الفاتحة ، وسورة القدر عشر مرات

وأذكر اسم المتوفى بعد الفاتحة في الركعة الثانية ، ثم أكمل الصلاة كالعادة وأسلم ، تستحب هذه الصلاة ليلة دفن الميت ؛ لتنجي الميت من عذاب القبر.

لم أقف على أي دليل صحيح من المراجع التي كنت ألجأ إليها مثل موقعكم هذا، وكل الأدلة حول هذه الصلاة متوفرة في المواقع التابعة للشيعة التي لا أعرف شيئا عنها.

ولذلك أتوقف من أداء مثل هذه الصلاة أو أقول لصديقتي أنها بدعة لأنني لا أعرف إن كان لها أصل أو لا.

فهل لهذه الصلاة أصل أم لا ؟

الجواب
:
الحمد لله

أولا :

لا يجوز للرجل أن يقيم علاقة صحبة ومخالّة بامرأة أجنبية ؛ لما في ذلك من حصول الشر والفتنة ، ووقوع الفساد في الخلق والدين .

ثانيا :

صلاة الجنازة على الميت المسلم فرض كفاية ، إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين ، وكذلك غسله وتكفينه وحمله ودفنه فرض كفاية .

وحيث إن الناس حضروا هذه الجنازة ، وصلوا عليها ودفنوها : فلا شيء عليك في التخلف عنها ، وخاصة أنك معذور بالتخلف عنها للامتحانات ، وصعوبة الوصول إليها .

كما أنه لا شيء على أحد من أهل بيتك .

وما قرأته من أن البيت الذي لا يحضر أحد من أهله جنازة مسلم : سوف يعاقب كل من فيه ؛ قول لا أصل له ، ولعله اختلط عليك هذا الكلام بما يذكره أهل العلم من تعريف فرض الكفاية

فإن تعريف فرض الكفاية في كلام أهل العلم هو ما طلب الشارع فعله طلباً جازماً من مجموع المكلفين ، وإذا فعله البعض سقط الإثم عن الباقين ، وإذا تركه الجميع أثموا جميعاً .

لكن المراد به في هذه الصورة : أن جميع المسلمين يتركون صلاة الجنازة على الميت ، بحيث لا يقوم بذلك أي أحد ، ولا علاقة لذلك بتحديد بيت معين للصلاة ، ولو كان بيت أقرباء الميت ، وأوليائه .

راجع : "الموسوعة الفقهية" (35/7) .

ثالثا :

الصلاة المعروفة بــ " صلاة الوحشة " صلاة محدثة مبتدعة ، لا تعرف عند أهل السنة ، ولا ذكر لها في كتبهم ، إنما يولع بذكرها والأمر بها مَن يولع بالكذب والافتراء والابتداع في الدين والتشريع فيه بما لم يأذن به الله .

وهذه الصلاة معروفة عند الشيعة الإمامية الغالية في البدعة ، يروون فيها حديثا مكذوبا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه : ( لا يأتي على الميت أشد من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة

فإن لم تجدوا فليصل أحدكم ركعتين له )
.
ويزعمون أنها ترفع عن الميت المؤمن وحشة القبر ، وتخفف عنه الشدائد وأهوال القبر في الليلة الأولى ، ويوسع الله بها له في قبره إلى يوم البعث .

ويكفي للدلالة على بطلان هذه الصلاة : ألا يوجد لها أصل عند أهل السنة ، ولا في كتب الأحاديث المروية بالأسانيد المتصلة الصحيحة ، ولا توجد إلا في كتب أهل البدع والكذب والضلال .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-15, 02:29
حكم التصفيق بعد قراءة آية الكرسي

السؤال :

يقرأ زوجي آية الكرسي بالليل سراً ، ولكنه بعد أن ينتهي منها فإنه يصفق بصوت عالي في الهواء ، وأنا أرغب في معرفة هل هذا جائز أم لا ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

يستحب قراءة آية الكرسي قبل النوم

ثانياً :

التصفيق بعد قراءة آية الكرسي من البدع المنكرة وليس من شرع الله تعالى فيه شيء ، بل إن التصفيق خارج العبادة أنكره بعض العلماء رحمهم الله ، فكيف بحال من يختم عبادته بالتصفيق ؟!!
\
والمعروف أن التصفيق من عمل الصوفية الذين يمارسون طقوساً ما أنزل الله بها من سلطان ، كالرقص والتمايل

والتصفيق والضرب بالطبول أثناء الذكر ، ولا شك أن هذا من عمل الشيطان بما يزينه لهم ويلبسه عليهم من أعمال بدعية وشركية

والله أعلم .


الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-09-15, 02:39
شبهات حول النسخ ، وفرار الشيطان من سماع الأذان

السؤال:

أنا أحاور الملحدين ، ولا أفعل ذلك إلا بعد قراءتي للدكتور مصطفى محمود الذي زاد إيماني بعد قراءة كتبه ؛ لأنه وسع بصيرتي في كتاب الله

وعلمني جانبا مهما في كتاب الله ، وهو الجانب العلمي المنطقي ، والحمد لله أستطيع الرد على الملحدين بمنطق قوي . لكن هناك سؤالين لم أستطع إجابتهما .

الأول : لماذا لم تأت قاعدة الناسخ والمنسوخ إلا بعد ما اكتشف المفسرون أن القرآن يغير أحاكمة ؟

" الثاني :هل فعلاً أن هناك حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم يعلل فيه عدم سماع المسلمين صوت الأذان أن ذلك من ضراط الشيطان ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

ينبغي أن يعلم العبد أن دينه أعظم وأجل شأنا من أن يغرر به ، ويجعله غرضا للخصومات ، والشبهات ، والمحاورات والمجادلات .

وإذا كان العقلاء يعلمون أن طالبا صغيرا ، لو بدأ بدراسة شيء من العلوم الصحية : لا يصلح أن يتصدى لمقام علاج أبدان الناس ، ودفع الآفات والأمراض عنهم ، ووقايتهم من خطر الأمراض المتنقلة والمعدية

حتى يتم له مقام العلم بالطب ، وطرق العلاج ؛ فأولى بذلك الشاب الصغير : ألا يعرض نفسه لذلك المقام ، حتى يحصل من العلم الشرعي ما يؤهله لذلك المقام ، ويعينه على دفع ما يرد عليه من الشبهات والآفات

وعلاج ما يقابله من الأمراض ؛ وأما دون ذلك ، فإنه على خطر عظيم ، وقد غرر بدينه ، وكم ممن عرض نفسه لذلك المقام ، ووثق بعقله أول الأمر

حتى كان فيه هلكته ، وفساد دينه ، والعياذ بالله ؛ فالنية الصالحة ، والرغبة الصادقة لا تغني وحدها في ذلك المقام .

ونحن لا نشك في أن سنك الذي ذكرت ، لا يؤهلك لهذا المقام ، ولا يمكن أن تكون حصلت من العلوم الشرعية في تلك السن ، ما يؤهلك لمقام مجادلة الملحدين

ومحاورتهم ، وها أنت قد رأيت ، كيف أن شبهة تافهة ، كهذه التي ذكرت ، قد حيرتك ، وأوقعت في قلبك الشغل والبلبال ؟!

ثانيا :

قول القائل : " لماذا لم تأت قاعدة الناسخ والمنسوخ إلا بعد ما اكتشف المفسرون أن القرآن يغير أحكامه ؟ "

قول يدل على قلة العلم والزهد فيه ؛ فإن النسخ في كتاب الله معروف بنص الكتاب المجيد ، كما في قوله تعالى : ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) البقرة/ 106 .

قال ابن جرير رحمه الله :

" يعني جل ثناؤه بقوله : (ما ننسخ من آية) : ما ننقل من حكم آية ، إلى غيره فنبدله ونغيره ، وذلك أن يحول الحلال حراما، والحرام حلالا والمباح محظورا

والمحظور مباحا، ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي ، والحظر والإطلاق ، والمنع والإباحة. فأما الأخبار ، فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ .

وأصل " النسخ " من" نسخ الكتاب "، وهو نقله من نسخة إلى أخرى غيرها ، فكذلك معنى"نسخ" الحكم إلى غيره ، إنما هو تحويله ونقل عبارته عنه إلى غيرها " .

انتهى من " تفسير الطبري " (2 /471-472) .

والنسخ إنما يكون لحكمة ، فقد يكون للتخفيف على المسلمين ، وقد يكون للتكثير من الأجور ، وقد يكون للتدرج في التشريع ، وقد يكون للتثبيت على الإيمان ، أو لتمييز أهل الحق من أهل الباطل

فإنه لما نسخت القبلة قال الذين في قلوبهم مرض والكافرون : ( مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) البقرة/ 142 ، أما المؤمنون فأجابوا بالسمع والطاعة ، فتميز أهل الإيمان من أهل الكفر والزيغ .

ففرق عظيم بين من يعرف حكمة النسخ في دين الله ، وبين من يتخذ من هذا التشريع تشكيكا في الدين وطعنا .

وقد أشارت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى شيء من حكمة النسخ في كتاب الله ، وما فيه من سياسة النفوس ، ومراعاة لطبائع البشر .

روى البخاري في صحيحه (4993) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، قالت : " إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ نَزَلَ الحَلاَلُ وَالحَرَامُ

وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ : لاَ تَشْرَبُوا الخَمْرَ ، لَقَالُوا : لاَ نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا ، وَلَوْ نَزَلَ: لاَ تَزْنُوا ، لَقَالُوا : لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا ) .

قال الزرقاني رحمه الله :

" وأما حكمة الله في أنه نسخ بعض أحكام الإسلام ببعض فترجع إلى سياسة الأمة وتعهدها بما يرقيها ويمحصها ، وبيان ذلك أن الأمة الإسلامية في بدايتها حين صدعها الرسول صلى الله عليه وسلم

بدعوته كانت تعاني فترة انتقال شاق ، بل كان أشق ما يكون عليها في ترك عقائدها وموروثاتها وعاداتها ، خصوصا مع ما هو معروف عن العرب الذين شوفهوا بالإسلام من التحمس لما يعتقدون أنه من مفاخرهم وأمجادهم

فلو أُخِذوا بهذا الدين الجديد مرة واحدة ، لأدى ذلك إلى نقيض المقصود ، ومات الإسلام في مهده ، ولم يجد أنصارا يعتنقونه ويدافعون عنه ، لأن الطفرة من نوع المستحيل الذي لا يطيقه الإنسان

من هنا جاءت الشريعة إلى الناس تمشي على مهل ، متألفة لهم ، متلطفة في دعوتهم ، متدرجة بهم إلى الكمال رويدا رويدا ، صاعدة بهم في مدارج الرقي شيئا فشيئا

منتهزة فرصة الإلف والمِران ، والأحداث الجادة عليهم ، لتسير بهم من الأسهل إلى السهل ، ومن السهل إلى الصعب ، ومن الصعب إلى الأصعب ، حتى تم الأمر

ونجح الإسلام نجاحا لم يعرف مثله في سرعته وامتزاج النفوس به ونهضة البشرية بسببه.

تلك الحكمة على هذا الوجه : تتجلى فيما إذا كان الحكم الناسخ أصعب من المنسوخ كموقف الإسلام في سموه ونبله من مشكلة الخمر في عرب الجاهلية ، بالأمس وقد كانت مشكلة معقدة كل التعقيد

يحتسونها بصورة تكاد تكون إجماعية ، ويأتونها لا على أنها عادة مجردة ، بل على أنها أمارة القوة ، ومظهر الفتوة ، وعنوان الشهامة ؛ فقل لي بربك : هل كان معقولا أن ينجح الإسلام في فطامهم عنها …

أما الحكمة في نسخ الحكم الأصعب بما هو أسهل منه : فالتخفيف على الناس ، ترفيها عنهم ، وإظهارا لفضل الله عليهم ، ورحمته بهم ، وفي ذلك إغراء لهم على المبالغة في شكره وتمجيده ، وتحبيب لهم فيه وفي دينه .

وأما الحكمة في نسخ الحكم بمساويه في صعوبته أو سهولته : فالابتلاء والاختبار ، ليظهر المؤمن فيفوز ، والمنافق فيهلك ، ليميز الخبيث من الطيب.

أما حكمة بقاء التلاوة ، مع نسخ الحكم : فتسجل تلك الظاهرة الحكيمة ظاهرة سياسة الإسلام للناس ، حتى يشهدوا أنه هو الدين الحق ، وأن نبيه نبي الصدق ، وأن الله هو الحق المبين ، العليم الحكيم ، الرحمن الرحيم .

يضاف إلى ذلك ما يكتسبونه من الثواب على هذه التلاوة ، ومن الاستمتاع بما حوته تلك الآيات المنسوخة من بلاغة ، ومن قيام معجزات بيانية أو علمية أو سياسية بها"

.انتهى من "مناهل العرفان" (2/ 195-196) .

ثم إنه لما انتشر الإسلام ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، وفتحت الأمصار ، احتاج العلماء إلى تصنيف العلم وتبويبه وتعريفه للناس ، فصنفوا في الأبواب ، وكتبوا في سائر العلوم

ومن ذلك معرفة الناسخ والمنسوخ ، فظن من لا علم له بتاريخ العلوم ، وطبائع الأمور : أن الناس لم يعرفوا النسخ إلا يومئذ ، فقال ما قال ؛ وفيما تقدم دليل بطلانه .

ثالثا :

قول السائل : " هل هناك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعلل فيه عدم سماع المسلمين صوت الأذان أن ذلك من ضراط الشيطان ؟ "

فهذا سؤال لا وجه له ، فالمسلمون كلهم يسمعون الأذان ، وإنما الصحيح أن الشيطان إذا سمع صوت المؤذن بالأذان للصلاة أدبر هاربا وله ضراط :

روى البخاري (608) ومسلم (389) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ ، وَلَهُ ضُرَاطٌ ، حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ

حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِي كَمْ صَلَّى ) .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

" في الحديث : دليل على فضل الأذان ، وأنه يطرد الشيطان حتى يدبر عنده وله ضراط ، بحيث لا يسمع التأذين .
والأذان والإقامة في هذا سواء .

وضراط الشيطان ، محمول على ظاهره عند كثير من العلماء ، ومنهم من تأوله، ولا حاجة إلى ذلك "

انتهى من"فتح الباري" لابن رجب (5/ 215)

وينظر : "فتح الباري" لابن حجر (2/ 85) .

وقال ابن رجب :

" وقد قيل في سر ذلك : إن المؤذن لا يسمعه جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة، فيهرب الشيطان من سماع الأذان ويضرط ؛ حتى يمنعه ضراطه من استماعه

حتى لا يكلف الشهادة به يوم القيامة "

انتهى من "فتح الباري" لابن رجب (5/ 216) .

يشير إلى ما رواه البخاري (609) عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ، جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-15, 02:44
صيغة " التاج " في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الصيغ المبتدعة المنكرة .

السؤال :

ما هو دعاء "التاج"؟

وماذا يعني ذلك؟

الجواب :

الحمد لله

دعاء التاج : هو صيغة محدثة مبتدعة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تسمى " التاج " ، وهي صيغة منكرة لا يجوز اعتمادها لما تحويه من الشرك والغلو في النبي صلى الله عليه وسلم

ولكونها صيغة محدثة تخالف الصيغ الثابتة في السنة ، وفي اعتماد مثل ذلك مع ما فيه من المخالفة تركٌ للسنة والاستعاضة عنها بالبدعة .

ومما ورد في هذه الصيغة من المخالفات الشرعية :

أولا :

وصفهم فيها النبي صلى الله عليه وسلم بأنه " دافع البلاء والوباء والقحط والمرض والألم " وهذا وصف شركي ؛ فإن الذي يدفع البلاء والوباء ويكشف الضر ويأتي بالخير إنما هو الله وحده

قال عز وجل : ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الأنعام/ 17 .

وقال تعالى : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل/ 62 .

وكان أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام إذا نزل بهم الضر استغاثوا بالله وحده ، وقد حكى الله تعالى ذلك عنهم في كتابه

قال عز وجل : ( وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) الأنبياء/ 76

وقال عز وجل : ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ) الأنبياء/ 83، 84 .

وروى البخاري (5675) ومسلم (2191) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ قَالَ : ( أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا ) .

وفي لفظ للبخاري (5742) : ( لَا شَافِي إِلَّا أَنْتَ ) .

ثانيا :

قولهم فيها : " جبريل خادمه " قول محدث مبتدع ، ولا يجوز أن يقال عن جبريل عليه السلام ، ملك الوحي : إنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد وصفه الله تعالى بأحسن وصف فقال :

( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ )الشعراء/ 193، 194 ، وقال تعالى : ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) التكوير/ 19 – 21 .

ثالثا :

قولهم في وصف النبي صلى الله عليه وسلم " راحة العاشقين " وهذا أيضا وصف منكر ، والعشق فرط في المحبة ، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون فيها إفراط

وهو في لغة العرب لا يطلق إلا فيما يكون بين الرجل والمرأة ، فلا توصف به المحبة الشرعية

قال ابن الجوزي رحمه الله :

" العشق عند أهل اللغة لا يكون إلا لما ينكح "

انتهى من "تلبيس إبليس" (ص 153) .

والخلاصة :

أن هذه الصيغة لا يجوز اعتمادها لما فيها من مخالفات شرعية ، ولأنها صيغة محدثة ، يستعيض بها من لا علم له عن الثابت في السنة ، وقد قال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم : " يَا رَسُولَ اللَّهِ

قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ : ( فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ

كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) رواه البخاري (6357) ومسلم (406) .

فعلى من أراد أن يحسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه كما علم أصحابه ، ولا صلاة عليه أحسن من ذلك ، ومن ترك ذلك إلى صيغة مبتدعة مخالفة للعقيدة الصحيحة ، فما أعظم ما خسر .

قال الذهبي رحمه الله :

" كل من لم يَزُمّ نفسه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية يندم ويترهب ويسوء مزاجه ، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرؤوف الرحيم بالمؤمنين ، الحريص على نفعهم "

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (3/85) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" أما ما يوجد في بعض الكتب من صلوات مبنية على أسجاع ، وعلى أوصاف ، وقد تكون أوصافاً لا تصح إلا على رب العالمين : فاحذر منها ، وفرّ منها فرارك من الأسد

ولا يغرنك ما فيها من السجع الذي قد يبكي العين ، ويرقق القلب ؛ عليك بالأصيل والأصول ، ودع عنك هذا الذي ألف على غير هدىً وسلطان ".

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 2) بترقيم الشاملة .

والله تعالى أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-16, 16:20
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل ثبت أن قراءة سورة " الملك " عقب صلاة الفجر تكون سببا للإنجاب ؟

السؤال :

أخبرتني رفيقتي أنها كانت تقرأ سورة الملك عقب صلاة الفجر حيث أخبرتها أحد رفيقاتها أن هذا سبب يجعلها تحمل وحدث بالفعل وحملت بعدها بشهر ونصف ، أود أن أعرف مدي صحة هذا الأمر ، حيث لا أريد أن أتبع البدع .

وهل هناك دعاء معين نقوله من أجل أن يرزقنا الله بالأطفال ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

أن تخصيص سورة معينة أو آية معينة لغرض معين بدون دليل شرعي ثابت : من البدع .

ولا نعلم في الشرع دليلا على أن قراءة سورة الملك عقب صلاة الفجر ، أو فيما سوى ذلك من الأوقات : هو من أسباب الحمل ، وحصول الذرية

فهذا الكلام لا دليل عليه ، والعلماء الذين صنفوا في فضائل سور القرآن لم يذكروا ذلك في فضائل سورة الملك ولا غيرها ، فعلم بذلك أن هذا الفعل من البدعة .

والثابت في فضل سورة الملك أن ملازمة قراءتها بالليل والنهار ينجي بإذن الله من عذاب القبر .

وليس مجرد أن هذه المرأة قد حملت بعد ملازمة قراءة هذه السورة بعد الفجر ، دليلا على أن الحمل إنما حصل بسبب ذلك ؛ بل هو أمر وقع ، صادف قدرا من عند الله بذلك .

قال علماء اللجنة الدائمة :

" ما قد يحصل لبعض المرضى الذين يجيئون إلى القبور ويسألون الموتى لا حجة فيه لجواز هذا العمل ؛ لأن البرء قد يصادف ذلك الوقت بتقدير الله عز وجل ، فيظن الجاهلون أنه بسبب الرجل الصالح الذي في القبور" .

انتهى بتصرف يسير من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/ 435-436) .

ثالثا :

ليس هناك دعاء معين للإنجاب ، ولكن عموم الدعاء وسؤال الله الذرية الصالحة نافع بلا شك ، والدعاء من أعظم أسباب حصول المطلوب ، والنجاة من المرهوب .

وأفضل الأدعية في ذلك : الأدعية الواردة في كتاب الله تعالى

كما في قوله عز وجل : ( هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ) آل عمران/ 38، 39 .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-16, 16:22
حكم قراءة سورة الضحى عند فقدان الشيء

السؤال:

انتشر في الآونة الأخيرة أنه من أضاع شيئا فليقرأ سورة الضحى وبإذن الله يجد ضالته بسبب قوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) وليس في هذا فعل من الرسول صلى الله عليه وسلم فبماذا نرد على من قال هذا؟

الجواب :

الحمد لله

لقد أكمل الله لنا الدين ، كما قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة/3 .

وبلّغه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم كاملاً ، فلا نحتاج إلى من يزيد على ما شرعه الله تعالى لنا .

ومن زاد على ما شرعه الله ، فيلزمه أحد أمرين : إما أنه لا يؤمن بكمال الشريعة ، وإما أنه يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لم يبلغ لنا الدين كاملاً .

ولهذا قال الشاطبي رحمه الله :

"إن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان ؛ لأن الله تعالى قال فيها : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) .

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا ، وهذا لا مخالف عليه من أهل السنة .

فإذا كان كذلك فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله : إن الشريعة لم تتم ، وأنه بقي منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها ؛ لأنه لو كان معتقدا لكمالها وتمامها من كل وجه لم يبتدع ولا استدرك عليها ، وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم .

قال ابن الماجشون : سمعت مالكا يقول : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة ؛ لأن الله يقول : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا" انتهى .

"الاعتصام" (ص 33) .

وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

"ومن البدع : التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل .

ومنها :

- قراءة الفاتحة بنية قضاء الحوائج وتفريج الكربات .

- قراءة سورة يس أربعين مرة بنية قضاء الحاجات " انتهى باختصار .

" بدع القراءة " (ص/14-15)

فتخصيص قراءة سورة الضحى عند ضياع شيء من الإنسان بدعة من جملة البدع التي اخترعها من لا يُقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم حق قدره .

وإلا .. فلو عرف هؤلاء قدر الرسول صلى الله عليه وسلم لم يزيدوا على ما شرعه لنا أبداً .

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتمسكين بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه ,

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-09-16, 16:29
بدعة الصلاة العظيمية

السؤال:

ما حكم الصلاة المسماة بـ " العظيمية " ؟ وهي صلاة يقرؤها البعض عندنا عقب الصلوات الخمس ، وكذا الجمعة ، وصلاة الجنازة ، وأثناء دفن الميت ، بصوت مرتفع وبمكبرات الصوت

ويحافظون على ذلك في المساجد بصوت جماعي عال ، يلقنهم أحدهم ويرددون وراءه . وهذا نصها : " بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إني أسألك بنور وجه الله العظيم ، الذي ملأ أركان عرش الله العظيم

وقامت به عوالم الله العظيم ، أن تصلي على مولانا محمد ذي القدر العظيم ، وعلى آل نبي الله العظيم ، بقدر عظمة ذات الله العظيم ، فى كل لمحة ونفس ، عدد ما فى علم الله العظيم

صلاة دائمة بدوام الله العظيم ، تعظيما لحقك يا مولانا يا محمد ، يا ذا الخلق العظيم ، وسلِّم عليه وعلى آله مثل ذلك ، واجمع بيني وبينه كما جمعت بين الروح والنفس ظاهرا وباطنا

يقظة ومناما ، واجعله يا رب روحا لذاتي من جميع الوجوه ، في الدنيا قبل الآخرة ، يا عظيم " .

الجواب :

الحمد لله

من القواعد المقررة أن كل عبادة مطلقة في الشرع ، كالدعاء والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يجوز إضافة القيود المخصصة لها من حيث الزمان أو المكان أو العدد أو الهيئة والصفة إلا ما وقع اتفاقا

وكل تخصيص مقصود ومعتاد يجتمع عليه الناس لذاته فإنه يخرج بها عن السنة إلى البدعة ، وعن القصد إلى المجاوزة ، وعن الهداية إلى عدم المشروعية .

ومثل هذه القواعد سياج يحمي الشريعة من أن يدخل فيها ما ليس منها ، وقد أمرنا الله عز وجل بإقامة الدين فلا ننتقص منه شيئا ، وكذلك أمرنا في المقابل بحفظه من أن يدخل فيه ما ليس منه

فقال عليه الصلاة والسلام : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) رواه مسلم (1718).

يقول الإمام النووي رحمه الله :

" هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام ، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ، فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات ، وهذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به "

انتهى من " شرح مسلم " (12/16) .

ويقول الإمام أبوشامة المقدسي رحمه الله :

" لا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع ، بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ، ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضله الشرع وخصه بنوع من العبادة

فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها ، كصوم يوم عرفة ، وعاشوراء ، والصلاة في جوف الليل ، والعمرة في رمضان ، ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلا فيه جميع أعمال البر كعشر ذي الحجة

وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، فمثل ذلك يكون أي عمل من أعمال البر حصل فيها كان له الفضل على نظيره في زمن آخر .

فالحاصل : أن الملكف ليس له منصب التخصيص بل ذلك الى الشارع وهذه كانت صفة عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

انتهى من " الباعث على إنكار البدع والحوادث " (ص/51).

ويقول الإمام الشاطبي رحمه الله :

" البدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ... ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة

كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما أشبه ذلك . ومنها التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة " .

انتهى من "الاعتصام" (1/37-39) .

وبعد البحث والتفتيش في كتب السنة والآثار ، وفي أدلة الكتاب والسنة ، لم نجد فيها ما يدل على أصل لهذه " الصلاة العظيمية "، ولم يتعبد بها أحد من الصحابة والتابعين وأتباعهم وأئمة الهدى والدين

وقد سئل التقي السبكي رحمه الله في " فتاويه " (2/549) عن بعض ما يقوم به أهل زمانه مما يسمونه " الفتوة " ، فأجاب بقوله : " هذه بدعة لا يشك فيها أحد

ولا يرتاب في ذلك ، ويكفي أنها لم تعرف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا في زمن أصحابه ، ولا عن أحد من علماء السلف " انتهى.

فكفى بذلك دليلا على ضرورة اجتناب هذه " الصلاة العظيمية " والاقتصار على الثابت في السنة والآثار مما علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم

كما في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه : ( أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ

كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) رواه البخاري (3369) ومسلم (407) .

يقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق حفظه الله :

" علم جميع المسلمين بالضرورة من دين الإسلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد علم الناس

كيف يذكرون الله ويحمدونه ويمجدونه ، وأن ذلك بوحي من الله له ، ولكن الصوفية انفردوا عن جميع المسلمين فزعموا أن الرسول يأتيهم بعد موته صلى الله عليه وسلم والتحاقه بالرفيق الأعلى ليعلمهم الطريقة الشاذلية !

يقول صالح محمد الجعفري - الذي كان إمامًا لمسجد الأزهر لمدة طويلة - في كتابه الذي سماه " مفاتيح كنوز السماوات والأرض المخزونة التي

أعطاها صلى الله عليه وسلم لشيخ الطريقة الإدريسية المصونة " (ص8،9) يقول : " قال سيدي أحمد رضي الله عنه : اجتمعت بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اجتماعًا صوريًا ومعه الخضر عليه السلام

فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الخضر أن يلقنني أذكار الطريقة الشاذلية ، فلقنني إياها بحضرته صلى الله عليه وسلم ... ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم للخضر عليه السلام :

يا خضر ! لقنه ما كان جامعًا لسائر الأذكار والصلوات والاستغفار ، وأفضل ثوابًا وأكثر عددًا ، فقال أي شيء هو يا رسول الله ؟ فقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس

عدد ما وسعه علم الله ، فقالها ، وقلتها بعدهما ، وكررها صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثًا ، ثم قال ، قل : اللهم إني أسألك بنور وجه الله العظيم...إلى آخرة الصلاة العظيمية . ثم قال له : استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم

غفار الذنوب ، ذو الجلال والإكرام... إلى آخر الاستغفار الكبير . فقلت بعدهما : وقد كسبت أنوارًا وقوة محمدية ورزقت عيونًا إلهية (توفي سنة 1979) ! ! ثم قال صلى الله عليه وسلم :

يا أحمد ! أعطيتك مفاتيح السماوات والأرض ، وهي الذكر المخصوص ، والصلاة العظيمة ، والاستغفار الكبير ، المرة الواحدة منها بقدر الدنيا والآخرة وما فيها أضعافًا مضاعفة "! !

واستطرد قائلًا : قال سيدي أحمد رضي الله عنه وقدس سره : ثم لقنها لي صلى الله عليه وسلم من غير وساطة ، فصرت ألقن المريدين كما لقنني به صلى الله عليه وسلم.

فهذه الحكايات التي كان يرويها صالح الجعفري بالسند المتصل حسب زعمه إلى قائلة أحمد الإدريسي فيها من الدعاوي والضلالات شيء كثير جدًا " .

انتهى من " الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة " (ص/284-285) .

وهكذا يتبين أصل هذه " الصلاة العظيمية "، وأنها من رؤى المنام أو اليقظة التي يلبس بها الشيطان على بعض مشايخ الصوفية ، وتأمل كيف نسبون لها الفضل الخاص

والأجر العظيم عند الله ، وقد اتفق الفقهاء والعلماء على أن رؤى المنام لا يبنى عليها أحكام شرعية ، ولا يستدل بها على العبادات والأعمال الصالحات .

هذا فضلا عما ورد في ثنايا هذه الصلاة المبتدعة من إيهام محدودية عظمة الله تعالى وعلمه ، وذلك في قوله : " بقدر عظمة ذات الله العظيم ، فى كل لمحة ونفس ، عدد ما فى علم الله العظيم

صلاة دائمة بدوام الله العظيم ". وقد سبق في موقعنا بيان وجه الخطأ في مثل هذه الصيغ ، وفي مثل قول بعضهم " عدد كمال الله

يقول الإمام الذهبي رحمه الله :

" كل من لم يزم نفسه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية يندم ويترهب ويسوء مزاجه ، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرؤوف الرحيم بالمؤمنين ، الحريص على نفعهم "
.
ينظر " سير أعلام النبلاء " (3/85) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-16, 16:39
قولهم اللهم صل على محمد عدد كمال الله

السؤال

هنالك عادة في المسجد بعد صلاة الجماعة عقب التسبيح والتحميد والتكبير ، يرددون صلوات بقيادة المؤذن بثلاث صيغ مختلفة الآتية

: 1- اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد كمال الله وكما يليق بكماله

. 2- اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد أسماء الله وكما يليق بكماله

. 3- الصلوات الإبراهيمية المعروفة . ملاحظة : هناك من يقول لا يجوز لفظ " عدد كمال الله " كما في الصيغة الأولى بحجة حصر كمال الله ، ويجيز لفظ " عدد أسماء الله " كما في الصيغة الثانية . ما رأيكم لكل من الصيغ ؟ .

الجواب

الحمد لله

أولا :

من الأذكار المشروعة بعد الصلاة : التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل

لما روى مسلم (596) عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مُعَقِّبَاتٌ لا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً وَثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً وَأَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً ).

وعند مسلم أيضا(597) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ

وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ).

وفي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ قَالُوا يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ

كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَتَصَدَّقُ وَيُعْتِقُونَ وَلا نُعْتِقُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ وَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ قَالُوا بَلَى

يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ مَرَّةً قَالَ أَبُو صَالِحٍ فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا سَمِعَ

إِخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا فَفَعَلُوا مِثْلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِهِ مَنْ يَشَاءُ ). البخاري (843) ومسلم (595).

وهذا الذكر العظيم يؤديه كل إنسان بمفرده ، وأما فعله جماعة بقيادة المؤذن أو الإمام أو غيرهما ، فمن البدع ؛ لأنها كيفية لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد نبه أهل العلم على ذلك .

قال الشافعي رحمه الله :

" وأختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله بعد الانصراف من الصلاة ، ويخفيان الذكر إلا أن يكون إماماً يجب أن يُتعلم منه فيجهر حتى يرى أنه قد تُعلم منه

ثم يُسر ؛ فإن الله عز وجل يقول : { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } يعنى – والله تعالى أعلم - : الدعاء ، { ولا تجهر } ترفع ، { ولا تخافت } حتى لا تُسمع نفسك .

وأحسب ما روى ابن الزبير من تهليل النبي صلى الله عليه وسلم ، وما روى ابن عباس من تكبيره كما رويناه - قال الشافعي : -

وأحسبه إنما جهر قليلاً ليتعلم الناس منه ؛ وذلك لأن عامة الروايات التي كتبناها مع هذا وغيرها ليس يذكر فيها بعد التسليم تهليل ، ولا تكبير "

انتهى من "الأم" (1 / 127).

وقال الشاطبي رحمه الله

: " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ... ومنها التزام الكيفيات والهيآت المعينة

كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما أشبه ذلك .

ومنها التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته "

انتهى من "الاعتصام" (1/37-39).

*عبدالرحمن*
2018-09-16, 16:42
وقال الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله

: " في بعض المساجد إذا سلَّم الإمام مِن فريضة العصر ، يزعق المؤذن بالتأمين ودعاءٍ بعده ، وفي بعضها متى سلَّم الإمام منها ، أخذ المقتدون في الجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الكمالية

وفي ذلك مخالفة ؛ إذ السنة الاشتغال عقب الفريضة بالأوراد المأثورة بعدها سرّاً ، كل مصلٍّ لنفسه .

وكذلك مِن أدب الدعاء خفض الصوت فيه ، قال تعالى { ادعوا ربكم تضرعاً وخفية } ، وهؤلاء أعرضوا عن التضرع والخفية بالعياط والزعقات "

انتهى من "إصلاح المساجد من البدع والعوائد" ص154

وقال الشيخ علي محفوظ رحمه الله :

" من البدع المكروهة ختم الصلاة على الهيئة المعروفة مِن رفع الصوت به ، وفي المسجد ، والاجتماع له ، والمواظبة له ، حتى اعتقد العامة أنه مِن تمام الصلاة ، وأنه سنة لا بدَّ منها ، مع أنه مستحب انفراداً سرّاً .

فهذه الهيئة محدثة ، لم تُعهد عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، ولا عن الصحابة ، وقد اتخذها الناس شعاراً للصلوات المفروضة عقب الجماعة ….

وكيف يجوز رفع الصوت به والله تعالى يقول في كتابه الحكيم { ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين } ، فالإسرار أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء "

انتهى من "الإبداع في مضار الابتداع" ص 283

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (7/98) :

" س : اختلف الناس في الدعاء بعد السنن الرواتب بالهيئة الاجتماعية، فئة تقول إن ذلك لم ينقل فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة شيء ولو كان خيرا لسبقونا إليه لأنهم أحرص الناس على اتباع الحق

وفئة تقول الدعاء بعد السنن الرواتب بالهيئة الاجتماعية مستحب ومندوب بل مسنون لأنه ذكر وعبادة وكل ذكر وعبادة لا أقل من أن يكون مستحبا ومسنونا

وهؤلاء يلومون الذين لا ينتظرون الدعاء ويقومون بعد الفراغ من الصلاة .

ج : الدعاء عبادة من العبادات ، والعبادات مبنية على التوقيف ، فلا يجوز أن يقال : إن هذه العبادة مشروعة من جهة أصلها أو عددها أو هيئاتها أو مكانها إلا بدليل شرعي يدل على ذلك

ولا نعلم سنة في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله ولا من فعله ولا من تقريره تدل على ما ادعته الفرقة الثانية، والخير كله باتباع هديه صلى الله عليه وسلم

وهديه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ثابت بالأدلة الدالة على ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم بعد السلام، وقد جرى خلفاؤه وصحابته من بعده ومن بعدهم التابعون لهم بإحسان

ومن أحدث خلاف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مردود عليه ، قال صلى الله عليه وسلم :«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» فالإمام الذي يدعو بعد السلام ويؤمن المأمومون على دعائه والكل رافع يديه -

يطالب بالدليل المثبت لعمله، وإلا فهو مردود عليه، وهكذا من فعل ذلك بعد النوافل يطالب بالدليل ، كما قال تعالى في مثل هذا : { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين }(65)

ولا نعلم دليلا من الكتاب ولا من السنة يدل على شرعية ما زعمته الفرقة الثانية من الاجتماع على الدعاء والذكر على الوجه المذكور في السؤال " انتهى .

والحاصل أن الذكر الجماعي بالتسبيح أو بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم – بأي صيغة – ليس من السنة ، بل من البدع والمحدثات .

ثانيا :

الصلاة الكمالية ، وهي قولهم : " اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد كمال الله وكما يليق بكماله " لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم

ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، وليست هي أفضل الصيغ ، كما يظنه البعض ، بل أفضل الصيغ هو ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ، وهي الصلاة الإبراهيمة .

فقد روى البخاري (6357) ومسلم (406) عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ : لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟

قَالَ : ( فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) .

وروى البخاري (3369) ومسلم (6360) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (

قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) .

قال السيوطي رحمه الله في الحرز المنيع :

" قرأت في الطبقات للتاج السبكي نقلا عن أبيه ما نصه : أحسن ما يصلى به على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية التي في التشهد .

قال : ومن أتى بها فقد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بيقين ، ومن جاء بلفظ غيرها فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك ؛ لأنهم قالوا : : كيف نصلي عليك؟ فقال: "قولوا" فجعل الصلاة عليه منهم هي قول ذا .

قال السيوطي :

وقد كنت أيام شبيبتي إذا صليت على النبي صلى الله عليه وسلم أقول: اللهم صل وبارك وسلم على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت وسلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد

فقيل لي في منامي : أأنت أفصح أو أعلم بمعاني الكلم وجوامع فصل الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ لو لم يكن معنى زائد لما فضّل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم

فاستغفرت من ذلك ورجعت إلى نص التفضيل في موضوع الوجوب وفي موضع الاستحباب .

وقال : لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة فطريق البر أن تأتي بذلك " انتهى ، نقلا عن : السنن والمبتدعات لمحمد عبد السلام الشقيري ص 232 ، وكلام التاج السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (1/185).

ثالثا :

الصلاة الكمالية فيها محذور شرعي ، من جهة قولهم : "عدد كمال الله" فإن ظاهر اللفظ أن كمال الله تعالى محصور بعدد ، ولهذا منع من هذه الصلاة بعض العلماء كما سيأتي .

وكذلك قولهم : " عدد أسماء الله " ؛ لأن أسماء الله لا تحصر بعدد ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ

أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ) رواه أحمد (3704).

قال ابن عابدين رحمه الله في حاشيته (6/396)

: " تنبيه : ليُنظر في أنه يقال مثل ذلك في نحو ما يؤثر من الصلوات مثل : اللهم صل على محمد عدد علمك وحلمك , ومنتهى رحمتك , وعدد كلماتك ,

وعدد كمال الله ونحو ذلك فإنه يوهم تعدد الصفة الواحدة أو انتهاء متعلقات نحو العلم ولاسيما مثل عدد ما أحاط به علمك ,

ووسعه سمعك وعدد كلماتك إذ لا منتهى لعلمه ولا لرحمته ولا لكلماته تعالى ولفظة " عدد " ونحوها توهم خلاف ذلك , ورأيت في شرح العلامة الفاسي على دلائل الخيرات البحث في ذلك فقال

: وقد اختلف العلماء في جواز إطلاق الموهم عند من لا يتوهم به أو كان سهل التأويل واضح المحمل أو تخصص بطرق الاستعمال في معنى صحيح , وقد اختار جماعة من العلماء كيفيات في الصلاة

على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إنها أفضل الكيفيات منهم الشيخ عفيف الدين اليافعي والشرف البارزي والبهاء ابن القطان ونقله عنه تلميذه المقدسي ا هـ

. أقول : ومقتضى كلام أئمتنا المنع من ذلك إلا فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما اختاره الفقيه فتأمل والله أعلم " انتهى .

وقد سبق أن الكيفية التي ذكرت ليست من السنة ، حتى ولو كانت الصلاة بالصيغة الإبراهيمية.

وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-19, 18:00
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل كل من خالف السنَّة وقع في البدعة ؟

وتنبيهات على معنى الاتباع

السؤال:

لقد قرأت الكثير من الفتاوى المتعلقة بموضوع البدعة ، وخلصت منها إلى أن العبد يجب عليه أن يتابع النبي صلى الله عليه وسلم تمام المتابعة في عباداته

وأنه لو خالف في شيء بسيط في هذه المتابعة فإنه يكون عندئذٍ قد أتى ببدعة ، فهل هذا صحيح ؟ . لكن هذا الكلام يوحي بأن معظم أفعالنا التعبدية يشوبها شيء من البدعة

فعلى سبيل المثال : النبي صلى الله عليه وسلم أكّد على فضل الدعاء في صلاة الجماعة ، ثم يأتي أناس فيدعون بعد الصلاة ، فهل يُقال إنهم أتوا ببدعة ؟! فالعبادة عبادة وما اختلف إلا التوقيت

أو لنقل على سبيل المثال : لو أن الشخص أحبّ أن يقرأ سورة الكهف يوم الاثنين أو الثلاثاء بدلاً من الجمعة فهل يُعتبر بهذا مبتدعاً ؟

هل يُفهم أن المتابعة لا تقتصر على كيفية أداء الفعل بل حتى توقيته ، فإذا خالف الشخص هذا التوقيت - كما في المثالين - عُدّ مبتدعاً ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

صحيح أنه يجب على المسلم أن يكون متبعاً لنبيه صلى الله عليه وسلم فيما شرعه ، وأنه لا يحل له مخالفته ، ولا الابتداع في الدين ، للأدلة الدالة على وجوب الاتباع وتحريم الابتداع .

ولكن ينبغي أن يعلم أن مخالفة الاتباع تكون على وجهين :

الأول :

ابتداع عبادة لا أصل لها في الشرع ، كالتمسح بالقبور ، والاستغاثة بأهلها ، وهذه تسمى عند أهل العلم : البدعة الحقيقة ، وهي التي لم تشرع بأصلها ولا وصفها .

والثاني :

أن تكون العبادة مشروعة في أصلها ، وتقع المخالفة في تحديد زمانها أو مكانها أو عددها أو كيفيتها أو سببها ، وهذه تسمى البدعة الإضافية

ولا تكون بدعة إلا إذا فعلت على سبيل الالتزام والتكرار ، فلو فعلت المرة أو المرتين دون التزام ، لم تكن بدعة ، كما لو قام الليل جماعة في ليلة من الليالي دون اعتقاد فضل معين لها .

ولهذا قال الشاطبي رحمه الله في بيان البدعة الإضافية : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية

يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ... ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما أشبه ذلك .

ومنها التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته "

انتهى من "الاعتصام" (1/ 37-39).

فالالتزام يعني المداومة والتكرار .

ثانيا :

الدعاء مشروع في الصلاة ، وعقبها ، على الراجح ، والممنوع هو الدعاء الجماعي .

ودليل مشروعية الدعاء بعد الصلاة ما يلي :

1- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة قال : ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت

وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت )

رواه أبو داود (1509) وصححه النووي في " المجموع " ، وبين أنه لا يعارض ما ثبت من الدعاء بهذا الدعاء قبل السلام، فكان صلى الله عليه وسلم يقول هذا الدعاء في الموضعين

انظر: " المجموع " (3/ 467) .

2- وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : " قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الدعاء أسمع؟ قال : ( جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات ) رواه الترمذي (3499) ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " .

ودبر الصوات يطلق على عقبها كما يطلق على آخرها ، ومن إطلاقه على ما بعد الصلاة : ما جاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة )

رواه أحمد (17453) وأبو داود (1523) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.

وأما الدعاء الجماعي فلم يرد ، ولهذا كان التزامه عقب الصلوات من البدع .

فالعبادة إذا ، لابد أن توافق الشرع في أمور ستة : الكم ، والكيف ، والزمان ، والمكان ، والسبب ، والجنس

وانظر تفصيلاً لهذا في جواب السؤال القادم

ثالثاً:

لا حرج في قراءة سورة الكهف في غير يوم الجمعة ، إن شاء القارئ ذلك ، أو وافق ذلك ورده من القراءة ، وله بكل حرف عشر حسنات كما هو الأجر في قراءة غيرها من السور

لكن بشرط ألا يجعل لها يوما خاصا لقراءتها ، كما هو الحال في يوم الجمعة ، ومن ثم : لا يعتقد أن لقراءتها في هذا اليوم فضيلة عن قراءتها في غيره من الأيام

أو أن لقراءتها في يوم معين من الفضل ، مثل الفضل الوارد في قراءتها يوم الجمعة ؛ فإن ذلك الفضل خاص بيوم الجمعة ، عند من يقول بصحة الحديث الوارد في ذلك .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-19, 18:07
شروط العبادة في الإسلام

السؤال

ما هي شروط العبادة الصحيحة في الإسلام ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ الفقيه محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى :

أولا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( سببها ) فأي إنسان يتعبد لله بعبادة مبنية على سبب لم يثبت بالشرع فهي عبادة مردودة

ليس عليها أمر الله ورسوله ، ومثال ذلك الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الذين يحتفلون بليلة السابع والعشرين من رجب يدّعون أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في تلك الليلة فهو غير موافق للشرع مردود .

1 - لأنه لم يثبت من الناحية التاريخية أن معراج الرسول صلى الله عليه وسلم كان ليلة السابع والعشرين ، وكتب الحديث بين أيدينا ليس فيها حرف واحد يدل على

أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في ليلة السابع والعشرين من رجب ومعلوم أن هذا من باب الخبر الذي لا يثبت إلا بالأسانيد الصحيحة .

2 - وعلى تقدير ثبوته فهل من حقنا أن نحدث فيه عبادة أو نجعله عيدا ؟ أبدا . ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ورأى الأنصار لهم يومان يلعبون فيهما قال : (

إن الله أبدلكم بخير منهما ) وذكر لهم عيد الفطر وعيد الأضحى وهذا يدل على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم لأي عيد يحدث في الإسلام سوى الأعياد الإسلامية وهي ثلاثة :

عيدان سنويان وهما عيد الفطر والأضحى وعيد أسبوعي وهو الجمعة . فعلى تقدير ثبوت أن الرسول صلى الله عليه وسلم عرج به ليلة السابع والعشرين من رجب

- وهذا دونه خرط القتاد - لا يمكن أن نحدث فيه شيئا بدون إذن من الشارع .

وكما قلت لكم إن البدع أمرها عظيم وأثرها على القلوب سيئ حتى وإن كان الإنسان في تلك اللحظة يجد من قلبه رقة ولينا فإن الأمر سيكون بعد ذلك بالعكس قطعا

لأن فرح القلب بالباطل لا يدوم بل يعقبه الألم والندم والحسرة وكل البدع فيها خطورة لأنها تتضمن القدح في الرسالة ، لأن مقتضى هذه البدعة أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتم الشريعة

مع أن الله سبحانه وتعالى يقول : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) . والغريب أن بعض المبتلين بهذه البدع تجدهم يحرصون غاية الحرص على تنفيذها

مع أنهم متساهلون فيما هو أنفع وأصح وأجدى .

لذلك نقول إن الاحتفال ليلة سبع وعشرين على أنها الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم هذه بدعة ؛ لأنها بنيت على سبب لم يأت به الشرع .

ثانيا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( جنسها )

مثل أن يضحي الإنسان بفرس ، فلو ضحى الإنسان بفرس ، كان بذلك مخالفا للشريعة في جنسها . ( لأن الأضحية لا تكون إلا من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم )

.ثالثا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( قدرها ) لو أن أحدا من الناس قال إنه يصلي الظهر ستا ، فهل هذه العبادة تكون موافقة للشريعة ؟

كلا ؛ لأنها غير موافقة لها في القدر . ولو أن أحدا من الناس قال سبحان الله والحمد لله والله أكبر خمسا وثلاثين مرة دبر الصلاة المكتوبة فهل يصح ذلك ؟

فالجواب : إننا نقول إن قصدت التعبد لله تعالى بهذا العدد فأنت مخطئ ، وإن قصدت الزيادة على ما شرع الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنك تعتقد أن المشروع ثلاثة وثلاثون فالزيادة لا بأس بها هنا ، لأنك فصلتها عن التعبد بذلك .

رابعا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( كيفيتها )

لو أن الإنسان فعل العبادة بجنسها وقدْرها وسببها ، لكن خالف الشرع في كيفيتها ، فلا يصح ذلك . مثال ذلك : رجل أحدث حدثا أصغر

وتوضأ لكنه غسل رجليه ثم مسح رأسه ، ثم غسل يديه ، ثم غسل وجهه ، فهل يصح وضوؤه ؟ كلا لأنه خالف الشرع في الكيفية .

خامسا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( زمانها )

مثل أن يصوم الإنسان رمضان في شعبان ، أو في شوال ، أو أن يصلي الظهر قبل الزوال ، أو بعد أن يصير ظل كل شيء مثله ؛ لأنه إن صلاها قبل الزوال صلاها قبل الوقت

وإن صلى بعد أن يصير ظل كل شيء مثله ، صلاها بعد الوقت فلا تصح صلاته .

ولهذا نقول إذا ترك الإنسان الصلاة عمدا حتى خرج وقتها بدون عذر فإن صلاته لا تقبل منه حتى لو صلى ألف مرة .

وهنا نأخذ قاعدة مهمة في هذا الباب وهي كل عبادة مؤقتة إذا أخرجها الإنسان عن وقتها بدون عذر فهي غير مقبولة بل مردودة .

ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .

سادسا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( مكانها )

فلو أن إنسانا وقف في يوم عرفة بمزدلفة ، لم يصح وقوفه ، لعدم موافقة العبادة للشرع في مكانها . وكذلك على سبيل المثال لو أن إنسانا اعتكف في منزله

فلا يصح ذلك ؛ لأن مكان الاعتكاف هو المسجد ، ولهذا لا يصح للمرأة أن تعتكف في بيتها ؛ لأن ذلك ليس مكانا للاعتكاف .

والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى بعض زوجاته ضربن أخبية لهن في المسجد أمر بنقض الأخبية وإلغاء الاعتكاف

ولم يرشدهن إلى أن يعتكفن في بيوتهن وهذا يدل على أنه ليس للمرأة اعتكاف في بيتها لمخالفة الشرع في المكان .

فهذه ستة أوصاف لا تتحقق المتابعة إلا باجتماعها في العبادة :

1- سببها .

2- جنسها .

3- قدرها .

4- كيفيتها .

5- زمانها .

6- مكانها .

انتهى .

*عبدالرحمن*
2018-09-19, 18:17
هل يشرع قلب الحذاء وتعديله إذا كان باطنه إلى السماء ؟

السؤال:

أود السؤال عن فعلة لربما هي بدعة !!

هل هناك أصل في الشريعة .. لقلب الحذاء " أكرمكم الله " المقلوب ..

إني أحتسب بذلك أجري على الله ..

لأنه يقال " اقلب الحذاء عن وجه الله جل جلاله " ..

هذا العمل متعارف عليه منذ الصغر ..

الجواب :

الحمد لله

لا أصل في الشريعة لتغيير هيئة النعل المقلوب ، وقد جعل ابن عقيل الحنبلي رحمه الله التشديد في ذلك من فعل الجهلة ، فقال رحمه الله :

" وَيْلٌ لِعَالِمٍ لَا يَتَّقِي الْجُهَّالَ بِجَهْدِهِ ... وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَحْلِفُ بِالْمُصْحَفِ لِأَجْلِ حَبَّةٍ ، وَيَضْرِبُ بِالسَّيْفِ مَنْ لَقِيَ بِعَصَبِيَّتِهِ ...

وَالْوَيْلُ لِمَنْ رَأَوْهُ أَكَبَّ رَغِيفًا عَلَى وَجْهِهِ ، أَوْ تَرَكَ نَعْلَهُ مَقْلُوبَةً ظَهْرُهَا إلَى السَّمَاءِ " انتهى .

"الآداب الشرعية" (1 /268-269).

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

يوجد بعضٌ من الناس يقولون بأنه عند وجود الحذاء مقلوباً رأساً على عقب بأن الملائكة لا تدخل هذا البيت أو أن الله لا ينظر إلى هذا البيت ، فماذا تقولون في هذا الأمر ؟

فأجاب : " نقول : هذا لا صحة له ، ولا أعلم في كون النعل مقلوبة بأساً ، لكن هذا أمرٌ شديدٌ عند الناس ، وقد يكون الأمر شديداً عند الناس ولا أصل له " انتهى .

"نور على الدرب" (13/65) .

ولا بأس بتغيير هيئته لأن أسفله ـ في الغالب ـ يكون متسخاً ، فليس من الأدب أو الذوق أن يكون هو الأعلى وينظر الناس إليه .

سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

بعض كبار السن يقولون : إن قلب الحذاء على ظهرها لا يجوز ، حيث إنها تقابل وجه الله ، فهل ذلك صحيح ؟

فأجابوا : " قلب الحذاء بحيث يكون أسفله أعلاه فيه تقذر وكراهة ؛ لأن أسفله مما يلي الأرض ، فيكون لابس الحذاء يطأ به على الأرض ، وقد يطأ به شيئا من الأقذار " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (26 /302-303) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-19, 18:32
حكم تطبيق أحكام التجويد على غير القرآن الكريم

السؤال:

ما حكم تطبيق أحكام التجويد على غير القرآن ( الإدغام ، والإخفاء .....وهكذا ) فمثلا على الأحاديث أو الأذكار أو حتى الكلام العادي ؟

الجواب :

الحمد لله

اختلف أهل العلم في حكم تجويد القراءة بالحديث الشريف وغيره من الكلام ، على نحو ما يفعل في قراءة القرآن ، على قولين :

القول الأول : أنه عمل غير مشروع .

ذهب إليه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، والشيخ بكر أبو زيد رحمه الله ، وبعض العلماء المعاصرين .

واستدلوا على ذلك بأدلة ، منها :

قالوا : هذا العمل محدث ، والأصل في المحدثات المتعلقة بالعبادات أنها من البدع حتى يثبت الدليل على مشروعيتها .

في ترتيل قراءة الحديث النبوي الشريف والأذكار النبوية إيهام أنها من القرآن الكريم ، والأصل صيانة كتاب الله عن الاختلاط بغيره من الكلام .

ترتيل غير كلام الله من عادات أحبار اليهود والنصارى ، وقد نهينا عن التشبه بهم .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

هل يجوز استخدام التجويد في غير القرآن ، كقراءة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها ؟

فأجاب :

ذكر بعض المتأخرين في تفسير قوله تعالى : ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَاب ) آل عمران/78

ذكر بعض المتأخرين : أن من ذلك أن يتلو الإنسان غير القرآن على صفة تلاوة القرآن ، مثل أن يقرأ الأحاديث - أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم - كقراءة القرآن ، أو يقرأ كلام أهل العلم كقراءة القرآن .

وعلى هذا : فلا يجوز للإنسان أن يترنم بكلامٍ غير القرآن على صفة ما يقرأ به القرآن ، لا سيما عند العامة الذين لا يُفَرِّقون بين القرآن وغيره إلا بالنغمات والتلاوة .

" فتاوى نور على الدرب " (شريط/212)

ويقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

" بدعة التلحين والتطريب في الأذان ، وفي الذكر ، وفي الدعاء ، وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، والترنم في خطبة الجمعة

والجهر بالذكر والدعاء والصياح به مع الجنائز في عدة أحوال ، والذكر بالجوقة – وهي الذكر الجماعي بين كل ترويحتين – والجهر بالذكر عند سفر الحجاج وعند قدومهم

ورفع الصوت بالتعريف في الأمصار ، والزعاق بالتأمين في الصلاة ، ورفع الصوت جماعة بعد الصلاة بقراءة آية الكرسي

وقول المؤذن بصوت مرتفع بعد الصلاة : اللهم أنت السلام ...ورفع الصوت بعد الصلاة بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، وغيرها مما يكون توصيفه بدعة ، والتصويت به بدعة مضافة إليها ، أو أن التصويت والجهر به مبتدع .

وقد عرف رفع الصوت باسم : " التقليس " ، وذكر الطرطوشي في "الحوادث والبدع/63" أن الإمام مالكا رحمه الله تعالى أنكر " التقليس " في الدعاء ، وهو رفع الصوت به .

كما جاء النهي عن : " التقليس " في القراءة ، أي : رفع الصوت بها في وصف الإمام الشافعي رحمه الله تعالى للإمام أبي يوسف رحمه الله تعالى قال : كان أبو يوسف قلاسا .

أي : يرفع صوته بالقراءة ، وقد بينته في " بدع القراء " (ص/15-16)

وقد سَرَت بعض هذه المحدثات إلى بعض قُفاة الأثر ، فتسمع في دعاء القنوت عند بعض الأئمة في رمضان الجهر الشديد ، وخفض الصوت ورفعه في الأداء حسب مواضع الدعاء

والمبالغة في الترنم ، والتطريب ، والتجويد ، والترتيل ، حتى لكأنه يقرأ سورة من كتاب الله تعالى ، ويستدعي بذلك عواطف المأمومين ليجهشوا بالبكاء .

والتعبد بهذه المحدثات في الإسلام ، وهذه البدع الإضافية في الصوت والأداء للذكر والدعاء هي في أصلها من شعائر الجاهلية التي كانوا يظهرونها في المسجد الحرام

كما قال الله تعالى منكرا عليهم : ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) الأنفال/35، المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق بضرب اليد على اليد بحيث يسمع له صوت .

قال الآلوسي رحمه الله تعالى :

" والمقصود أن مثل هذه الأفعال لا تكون عبادة ، بل من شعائر الجاهلية ، فما يفعله اليوم بعض جهلة المسلمين في المساجد من المكاء والتصدية ، يزعمون أنهم يذكرون الله

فهو من قبيل فعل الجاهلية ، وما أحسن ما يقول قائلهم :

أقال الله صفق لي وغن *** وقل كفرا وسم الكفر ذكرا " انتهى.

وما يتبعها من الألحان ، والتلحين ، والترنم ، والتطريب ، هو مشابهة لما أدخله النصارى من الألحان في الصلوات ، ولم يأمرهم بها المسيح

ولا الحواريون ، وإنما ابتدعه النصارى كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .

ولهذا نرى ونسمع في عصرنا الترنم والتلحين في الدعاء من سيما الرافضة والطرقية ، فعلى أهل السنة التنبه للتوقي من مشابهتهم " انتهى.

" تصحيح الدعاء " (82-84)

القول الثاني :

لا بأس في التغني في قراءة الأحاديث النبوية والمتون العلمية ، وكذلك الأذكار والأدعية الشرعية وتجويدها ، بشرط عدم المبالغة ، وهو قول بعض الفقهاء المتأخرين

واختاره غير واحد من علمائنا المعاصرين ، كالشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ صالح الفوزان حفظه الله وغيرهم .

يقول الإمام محمد بن محمد البديري الدمياطي رحمه الله :

" وأما قراءة الحديث مجودة كتجويد القرآن ، من أحكام النون الساكنة ، والتنوين ، والمد ، والقصر ، وغير ذلك ، فهي مندوبة ، كما صرح به بعضهم .

لكن سألت شيخي خاتمة المحققين الشيخ علي الشبراملسي تغمده الله تعالى بالرحمة حالة قراءتي عليه صحيح الإمام البخاري عن ذلك ، فأجابني بالوجوب

وذكر لي أنه رأى ذلك منقولاً في كتاب يقال له : " الأقوال الشارحة في تفسير الفاتحة "، وعلل الشيخ حينئذ ذلك بأن التجويد من محاسن الكلام ، ومن لغة العرب ، ومن فصاحة المتكلم

وهذه المعاني مجموعة فيه صلى الله عليه وسلم ، فمن تكلم بحديثه صلى الله عليه وسلم فعليه مراعاة ما نطق به صلى الله عليه وسلم " انتهى.

نقلا عن " حاشية الأجهوري على شرح الزرقاني على المنظومة البيقونية " (ص/227) .

بل يبدو أنها عادة قديمة لدى العلماء ، فقد جاء في " وفيات الأعيان " (4/282) في ترجمة الحميدي الأندلسي قال : " وكان موصوفا بالنباهة والمعرفة والإتقان والدين والورع

وكانت له نغمة حسنة في قراءة الحديث " انتهى.

واستدلوا على ذلك بأدلة عدة ، منها :

1- ورد النص الصريح في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربه على سبيل الرجز ، وذلك في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال :

( رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ ، وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ الشَّعَرِ ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ :

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا * وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا * وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

إِنَّ الْأَعْدَاءَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا * إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ )

رواه البخاري (3034) ومسلم (1803)

2- أن أحكام التجويد إنما هي أحكام تجري على عادة العرب في القراءة واللفظ بالكلمات ، وليست فقط متعلقة بالقرآن الكريم ، فمن جوَّد قراءته للحديث الشريف وكلام أهل العلم إنما سار على مقتضى اللغة العربية .

3- ثم إن التغني بالقرآن الكريم معقول المعنى ، وليس أمرا تعبديا محضا ، والمعنى الملاحظ في ذلك هو تزيين القرآن الكريم بالأصوات الجميلة ، والقراءة السليمة

والإقبال على التلاوة وتحبيب الناس بها ، وهذه المعاني متحققة أيضا في التغني بالدعاء والحديث الشريف وقراءة كتب أهل العلم في الدروس المتخصصة .

يقول الشيخ صالح الفوزان رحمه الله :

" تحسين الصوت ليس بتلحين ، التلحين غناء لا يجوز ، لكن تحسين الصوت بالقرآن ، وتحسين الصوت بالأذكار : هذا طيب " انتهى.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-09-19, 18:36
حكم قول " تقبل الله " بعد الفراغ من الصلاة .

السؤال :

بعض الإخوة يقولون تقبل الله بعد الانتهاء من الصلاة ، وأنا أعلم أنها بدعة ، ولكن أريد التفصيل : لماذا هي بدعة ؟

ومن من العلماء قال هي بدعة ؟

لأن كثيرا من الجهال عندما تقول له بدعة يتضايق ويقول : إنه دعاء بأن يتقبل الله صلاتك !!

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الأصل في الحكم على أمر ما من أمور العبادات أنه سنة أو بدعة ، هو وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عدم وروده ؛ فما كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم

فهو سنة ، وما لم يكن دينا للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فليس لنا اليوم دينا .

روى أبو داود (4607) وغيره ، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ... مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا

فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ ؛ تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) . صححه الألباني .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" أهل السنة والجماعة يقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة : هو بدعة ؛ لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها " انتهى

"تفسير ابن كثير" (7 / 278-279)

وقال الشيخ الفوزان :

" البدع التي أحدثت في مجال العبادات في هذا الزمان كثيرة ؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع شيء منها إلا بدليل ، وما لم يدل عليه دليل فهو بدعة

لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد ) رواه البخاري (2697 ) ومسلم ( 1718 )

والعبادات التي تمارس الآن ولا دليل عليها كثيرة جدًّا ..." انتهى .

" البدعة ( أنواعها وأحكامها)" من "مجموعة مؤلفات الفوزان" (14 / 15)

ثانيا :

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما رأى فضيلتكم في المصافحة وقول " تقبل الله " بعد الفراغ من الصلاة مباشرة ؟

فأجاب بقوله : " لا أصل للمصافحة ، ولا لقول ، " تقبل الله " بعد الفراغ من الصلاة ، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم " انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 / 171)

وسئل أيضا :

هناك من الناس من يزيد في الأذكار بعد الصلاة كقول بعضهم : " تقبل الله " أو قولهم بعد الوضوء " زمزم " فما تعليقكم حفظكم الله تعالى ؟

فأجاب بقوله : " هذا ليس من الذكر ، بل هذا من الدعاء إذا فرغ وقال : " تقبل الله منك " ومع ذلك لا نرى أن يفعلها الإنسان

لا بعد الوضوء ، ولا بعد الصلاة ، ولا بعد الشرب من ماء زمزم ؛ لأن مثل هذه الأمور إذا فعلت لربما تتخذ سنة فتكون مشروعة بغير علم " انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 / 211) .

على أنه ينبغي التنبه إلى الحكمة والرفق في بيان مثل هذه الأمور التي يخفى ما فيها على كثير من الناس ، لاعتقاده أن ذلك دعاء مجرد ، وأنه لا يدخل في باب البدع

فمن حسن الأدب في مثل ذلك أن تجيب دعاءه لك ، بأن تدعو أنت له ، أو تقول له جزاك الله خيرا ، أو نحو ذلك ، ثم تبين له برفق السنة في مثل ذلك .

روى الترمذي (2738) عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ .

قَالَ ابْنُ عُمَرَ : وَأَنَا أَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ) . حسنه الألباني .

فانظر : كيف أن ابن عمر رضي الله عنهما بين له أن مثل هذا القول ليس منكرا في حد ذاته ، وإنما المنكر ترك سنة النبي صلى الله عليه وسلم والأخذ به ، أو اعتياده كما تعتاد السنة .

وتأمل رفقه بالمخطئ ، وتأليفه لقلبه ، مع تنبيهه على موضع السنة في ذلك المقام .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-09-25, 16:19
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم نشر وتوزيع علبة دواء بعنوان " بنادول ، علاج الذنوب "

السؤال:

انتشرت في الآونة الأخيرة في التسجيلات علب كأنها علب " البنادول " ، ومكتوب فيها " علاج فعَّال للذنوب " ، فما رأيكم فيه ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

ينبغي أن يعلم أن من أصول الشريعة العامة ، في كافة مصادرها ومواردها ، أنها شريعة ميسرة ، بعيدة عن التكلف والتصنع ، ومجافاة الفطرة والأدب الرفيع .

قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) ص/86 .

قال الرازي رحمه الله :

" والذي يغلب على الظن أن المراد أن هذا الذي أدعوكم إليه دين ليس يحتاج في معرفة صحته إلى التكلفات الكثيرة " انتهى .

"تفسير الرازي" (13/220) .

وفي صحيح البخاري (7293) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال : قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ ، فَقَالَ :

( نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّفِ ) .

وكما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أبعد الناس عن التكلف ، فكذلك دينه : هو أبعد الدين عن التكلف ، فلا كلفة فيه ولا مشقة ، ولا صعوبة ولا حرج ، وإنما هو يسر كله ، موافق للفطرة : نور على نور في قلب المؤمن .

قال الطاهر ابن عاشور رحمه الله ، في تفسيره للآية السابقة :

"والتكلف : معالجة الكلفة ،وهي ما يشق على المرء عمله والتزامه ، لكونه يحرجه أو يشق عليه .

ومادة التفعُّل تدل على معالجة ما ليس بسهل ؛ فالمتكلف هو الذي يتطلب ما ليس له ، أو يدعي علم ما لا يعلمه ...

وأخذ من قوله : { وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } : أن ما جاء به من الدين لا تكلف فيه ،أي لا مشقة في تكاليفه ، وهو معنى سماحة الإسلام

. وهذا استرواح مبني على أن من حكمة الله أن يجعل بين طبع الرسول صلى الله عليه وسلم وبين روح شريعته تناسبا ، ليكون إقباله على تنفيذ شرعه بشراشره [ بكليته

مع محبته الشديدة ] ، لأن ذلك أنفى للحرج عنه في القيام بتنفيذ ما أمر به " . انتهى .

"التحرير والتنوير" (23/308) .

ثانيا :

إذا تأملنا هذه النشرة المسؤول عنها ، فلا شك أن فيها قدر واضحا من التكلف والتصنع ، وإخراج الأمور الشرعية ، والعبادات الدينية عن وضعها المألوف

وتكلف وجوه الشبه بينها وبين ذلك الشيء الجديد ، من أجل ترويجها به ، وتشجيع الناس على الإقبال عليها به .

وفي هذا الصنيع عدد من المحاذير التي ينبغي التنبه لها ، والتمحل في تشبيه هذه العبادة العظيمة ، بذلك الدواء الذي يحمل اسما أعجميا ؛ فتأمل كيف وصل الحال :

هجر الدعاية بالاسم الشرعي العربي ، والترويج للعبادة بذلك الاسم الأعجمي ، مع أنه خارج في واقع الأمر عن موضوعه .

ومن وجوه التكلف الظاهرة في ذلك :

أ. الاستغفار عبادة شرعها الله تعالى ، والبندول دواء مخترع من كافر .

ب. الاستغفار عبادة كلها خير لصاحبها ، وأقراص البندول قد تؤدي بمتناولها للهلاك ، أو الضرر .

ج. ليس للاستغفار آثار جانبية ، والأدوية الكيماوية كلها لها أضرار .

د. الاستغفار يكون بعد فعل ذنب ، ويكون من غير فعله ، وأقراص البندول لا يتناولها إلا المريض .

هـ. الإكثار من الاستغفار يزيد في الأجور ، والإكثار من البندول يؤدي إلى التسمم ، والهلاك .

و. الاستغفار نافع لجميع من يقوم به ، والدواء – بندول وغيره – ينفع أناساً دون آخرين .

ز. الاستغفار ينفع صاحبه بعد وفاته ، والبندول ليس كذلك .

والواقع أننا لا نريد أن نسترسل أكثر في بيان وجوه الفرق بين ذلك الدواء المادي ، وبين عبادة الاستغفار ، فالمسألة ـ في واقع الأمر ـ أقرب إلى اللعب والعبث

منها بالعلم والبحث ، ويكفي أن نذكر من تلك الدعاوى الفارغة لها : قولهم إنها " مرخصة من ملك الملوك " : وهذا كذب واضح ؛ فإن الصورة التي عرضوها هي أمر اجتهادي محض ، قابل للتخطئة

كما سننقله عن بعض أهل العلم ، وهذا أبعد شيء عن عبادة الاستغفار .

ثالثا :

والذي يظهر أنه لا يجوز ابتذال العبادات الشرعية بمثل ذلك ، وأن يبقى لها جلالها في القلوب ، وأن تصل إلى الناس من خلال نصوص الوحيين ، ميسرة مبينة ، بعيدة عن التلكف والدعاوى .

وقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ، عن ذلك ، فأجاب :

هذا عمل لا يليق ، تشبيه الاستغفار - وهو عبادة – تشبيهه بالبندول : هذا فيه تنقص من الاستغفار ، فهذا لا يجوز ، هذا العمل لا يجوز ، لأن معناه أن العبادة تشبَّه بالبندول ،

والعبادة أمرها عظيم ، والبندول دواء فقط ، فكيف تشبه العبادة بالبندول ؟! هذا فيه تنقص للعبادة .

انتهى

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-09-25, 16:22
حكم ما يسمى بـ " الختمة الرمضانية المشتركة "

السؤال:

ما حكم مثل هذا الموضوع المنتشر في بعض المنتديات وهو كالتالي : بعنوان الختمة الرمضانية المشتركة... وذلك بأن يشترك الأعضاء بختم القران

حيث يقرأ كل عضو جزءا أو جزأين و بنيه خالصة لوجه الله ، ونص الموضوع كالتالي : الختمة الرمضانية المشتركة ، كل عضو سيشارك معنا في الختمة الرمضانية يقوم بكتابه اسمه في هذي الصفحة

.. يكون مسؤؤل عن قراءة جزء واحد من القرآن الكريم ... فالقرآن الكريم يحتوي على 30 جزء .. كل عضو يحدد الجزء الذي سيقرؤه .. وبكل أمانة ونية صادقة يقرأ هذا الجزء ..

وعندما ينتهي من قراءته يقوم بكتابة : "لقد أتممت قراءة الجزء المخصص لي بنية خالصة لوجه لله تعالى".. وهكذا سنكون قد اشتركنا جميعا أعضاء (..... ) بختمة قرآنية لوجه الله .. لعلها تغفر لنا يوم القيامة ..

. الختمة الأولى " ستكون في الفترة من 1- 10 رمضان" الختمة الثانية "ستكون في الفترة من 11-20 رمضان" الختمة الثالثة "

ستكون في الفترة من 21- 29 رمضان" أتمنى من كل عضو راغب في المشاركة كتابته اسمه و الجزء الذي سيقوم بقراءته ، وأن يلتزم بالقراءة .. ودعاء ختم القرآن سيكون باسم منتدى (.........) و كل أعضائه !!

الجواب :

الحمد لله

أولا :

ليعلم أن قراءة القرآن عبادة من أجل العبادات لله تعالى ، فالقرآن كلام الله تعالى أشرف الكلام ، وهو أفضل الذكر ، وأعظم ما يقرؤه العبد أو يسمعه .

عن فروة بن نوفل قال : كنت جارا لخباب رضي الله عنه ، فخرجنا معه يوما إلى الجمعة فأخذ بيدي فقال : ( يا هناه ؛ تقرب إلى الله ما استطعت

فإنك لن تقرب إلى الله بشيء أحب إليه من كلامه ) . رواه الدارمي في الرد على الجهمية (رقم/310) ، وعبد الله بن أحمد في السنة (رقم/96) ، والحاكم في المستدرك (رقم/3652) وصحح إسناده ، وأقره الذهبي .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" واعلم أن المذهب المختار الذي عليه من يعتمد عليه من العلماء : أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار ، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك " انتهى.

"التبيان في آداب حملة القرآن" (45) .

وتتأكد فضيلة هذه العبادة في شهر رمضان ، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن ، ولذا أطبق السلف على العناية بالقرآن في هذا الشهر أزيد من باقي الشهور .

ينظر : "لطائف المعارف" ، لابن رجب رحمه الله (315-324) .

ثانيا :

تلاوة القرآن عبادة ، كغيرها من العبادات ، يرد الأمر فيها إلى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأنها ، وما مضى عليه أصحابه والتابعون لهم بإحسان .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718) .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" وَهَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام , وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع وَالْمُخْتَرَعَات ...

وَهَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظه وَاسْتِعْمَاله فِي إِبْطَال الْمُنْكَرَات , وَإِشَاعَة الِاسْتِدْلَال بِهِ " .

"شرح صحيح مسلم" (12/6) مختصرا .

ثالثا :

الصورة الواردة في السؤال في تلاوة القرآن : لا شك أنها صورة مبتدعة ، فلم يرد مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أصحابه ، ولا عن السلف الصالح بعدهم .

وليست هذه من المستجدات ، التي ينظر إليها في ضوء أصول الشرع ، لأن مثل هذه الصورة كانت ممكنة في أيامهم : أن يتواصى بعضهم بنفس الطريقة ، إما مباشرة

وإما عن طريق المراسلة ، أو نحو ذلك ، ولو كان مثل ذلك خيرا لسبقونا إليه .

وليعلم أن الصورة المشروعة في القراءة الجماعية : أن يجتمع القارئون في مكان واحد ، وأفضله المسجد ، فربما قرأ كل منهم لنفسه ، أو يقرأ أحدهم ويستمع الآخرون

أو يقرأ كل منهم ما تيسر له ، ثم يكمل الثاني من حيث انتهى الأول ، وهو المعروف عند العلماء : بالإدارة ؛ يعني : أن تدور النوبة على كل منهم بالقراءة ، فتحصل القراءة من القارئ

وأما من لم يقرأ فإنه يشاركه باستماع قراءته ، وكل من القراءة والسماع : عبادة مطلوبة ، دلت النصوص على مشروعيتها .

ينظر : "التبيان في آداب حملة القرآن" ، للإمام النووي رحمه الله (119-122) .

وأما العمل الوارد في السؤال : فما علاقة باقي المجموعة بما يقرؤه أو يفعله أحدهم ، إذا كان غائبا عنهم ، فلا يرونه ، ولا يشاركونه قراءته ، ولا يستمعون منه ؟!!

وهل من المقبول أن يتفق جماعة على أن يصلي كل واحد ركعتين من التراويح ـ مثلا ـ ، فيكونوا قد صلوا التراويح . أو يصوم كل واحد يوما ، فيكونوا قد صاموا الشهر ؟!

وقد قال الله تعالى : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ) النجم/36-39 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" أي: كل عامل له عمله الحسن والسيئ، فليس له من عمل غيره وسعيهم شيء، ولا يتحمل أحد عن أحد ذنبا " . انتهى . "تفسير السعدي" (821) .

ولا شك أن هذه الصورة المبتدعة للقراءة الجماعية : سوف يكون لها تأثيرها السلبي على قيام الأعضاء بهذه العبادة على وجهها ، فمن يشارك في ذلك سوف ينصرف عن تلاوة القرآن

والإكثار من ختمه بنفسه ، توهما منه أن هذه الختمة تغنيه ، فإن لم ينصرف بالكلية : سوف تضعف همته ، وتقل رغبته في ذلك .

ثم من أين لهؤلاء الأعضاء أن يتموا ختمتهم "لوجه الله تعالى" ، كما زعموا ، بل من يقدر أن يحكي ذلك عن نفسه ، ويشهد به ؟!

والخلاصة :

أن هذه الصورة مبتدعة ، غير مشروعة ، تصرف القارئ عن الوارد المشروع في قراءة القرآن ، وتضعفه همته في التلاوة والختم بنفسه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-25, 16:25
ما حكم التهنئة بيوم الجمعة ؟

السؤال:

ما حكم التهنئة بيوم الجمعة ؟

حيث إن العادة عندنا الآن في يوم الجمعة ترسل الرسائل بالجوال , ويهنئ الناس بعضهم بعضاً بالجمعة بقولهم " جمعة مباركة " ، أو " جمعة طيبة " .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

لا شك أن يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين ، كما جاء في الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ

فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ) رواه ابن ماجه (1098) وحسَّنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" .

قال ابن القيم رحمه الله في بيان خصائص يوم الجمعة :

الثالثة عشرة : أنه يوم عيد متكرر في الأسبوع .

"زاد المعاد" (1/369) .

وبذلك يكون للمسلمين أعياد ثلاثة ، عيد الفطر ، والأضحى ، وهما متكرران في كل عام مرة ، والجمعة ، وهو متكرر في كل أسبوع مرة .

ثانياً :

أما تهنئة المسلمين بعضهم بعضاً بعيد الفطر والأضحى : فهي مشروعة ، وقد وردت عن الصحابة رضي الله عنهم

وأما التهنئة بيوم الجمعة : فالذي يظهر لنا أنها غير مشروعة ، لأن كون الجمعة عيداً كان معلوماً للصحابة رضي الله عنهم ، وهم أعلم منا بفضيلته ، وكانوا أحرص على تعظيمه والقيام بحقه

ولم يرد عنهم أنهم كانوا يهنئ بعضهم بعضاً بيوم الجمعة ، والخير كل الخير في اتباعهم رضي الله عنهم .

وقد سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله

: ما حكم إرسال رسائل الجوال كل يوم جمعة ، وتختم بكلمة " جمعة مباركة " ؟ .

فأجاب :

"ما كان السلف يهنئ بعضهم بعضاً يوم الجمعة ، فلا نحدث شيئاً لم يفعلوه"

انتهى من أجوبة أسئلة " مجلة الدعوة الإسلامية " .

وبمثل ذلك أفتى الشيخ سليمان الماجد حفظه الله ، حيث قال :

"لا نرى مشروعية التهنئة بيوم الجمعة ، كقول بعضهم : " جمعة مباركة " ، ونحو ذلك ؛ لأنه يدخل في باب الأدعية ، والأذكار ، التي يوقف فيها عند الوارد ، وهذا مجال تعبدي محض

ولو كان خيراً لسبقنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه رضي الله عنهم ، ولو أجازه أحد للزم من ذلك مشروعية الأدعية

والمباركة عند قضاء الصلوات الخمس ، وغيرها من العبادات ، والدعاء في هذه المواضع لم يفعله السلف"

انتهى من موقع الشيخ حفظه الله .

ولو دعا المسلم لأخيه في يوم الجمعة , قاصداً تأليف قلبه ، وإدخال السرور عليه ، وتحرياً لساعة الإجابة ، فلا بأس بذلك

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-09-25, 16:27
حكم قراءة سورة الضحى عند فقدان الشيء

السؤال:

انتشر في الآونة الأخيرة أنه من أضاع شيئا فليقرأ سورة الضحى وبإذن الله يجد ضالته بسبب قوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) وليس في هذا فعل من الرسول صلى الله عليه وسلم فبماذا نرد على من قال هذا؟

الجواب :

الحمد لله

لقد أكمل الله لنا الدين ، كما قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة/3 .

وبلّغه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم كاملاً ، فلا نحتاج إلى من يزيد على ما شرعه الله تعالى لنا .

ومن زاد على ما شرعه الله ، فيلزمه أحد أمرين : إما أنه لا يؤمن بكمال الشريعة ، وإما أنه يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لم يبلغ لنا الدين كاملاً .

ولهذا قال الشاطبي رحمه الله :

"إن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان ؛ لأن الله تعالى قال فيها : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) .

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا ، وهذا لا مخالف عليه من أهل السنة .

فإذا كان كذلك فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله : إن الشريعة لم تتم ، وأنه بقي منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها ؛ لأنه لو كان معتقدا لكمالها وتمامها من كل وجه لم يبتدع ولا استدرك عليها ، وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم .

قال ابن الماجشون : سمعت مالكا يقول : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة ؛ لأن الله يقول : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا" انتهى .

"الاعتصام" (ص 33) .

وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

"ومن البدع : التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل .

ومنها :

- قراءة الفاتحة بنية قضاء الحوائج وتفريج الكربات .

- قراءة سورة يس أربعين مرة بنية قضاء الحاجات " انتهى باختصار .

" بدع القراءة " (ص/14-15)

فتخصيص قراءة سورة الضحى عند ضياع شيء من الإنسان بدعة من جملة البدع التي اخترعها من لا يُقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم حق قدره .

وإلا .. فلو عرف هؤلاء قدر الرسول صلى الله عليه وسلم لم يزيدوا على ما شرعه لنا أبداً .

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتمسكين بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه ,

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-09-25, 16:31
حكم الدعوة إلى صيام جماعي في يوم معين والدعاء فيه

السؤال :

ما حكم الدعوة إلى صيام جماعي في يوم معين ، والدعاء فيه جماعياً بدعاء معين (محدد ماذا يُقال في الدعاء) ، وفي وقت معين ( كأن يقال : ندعو جميعاً في الساعة كذا بتوقيت مكة المكرمة ) لنصرة إخوة مسلمين في فلسطين

أو غيرها من بلاد المسلمين ، ويُطلب نشر وتوزيع هذه الدعوة سواء بالجوال أو الإنترنت .

الجواب :

الحمد لله

كانت الأزمات تمر بالمسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعدهم ، ولم يكونوا يتواعدون يوماً يصومون فيه

ويدعون فيه في وقت محدد بدعاء محدد ، فعلم بذلك أن هذا الفعل بدعة ، ولو كان خيراً لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما حكم الصيام الجماعي والاتفاق على الإفطار سواء كان في رمضان أو الاثنين والخميس ؟

فأجاب :

"لا ، أهم شيء الاتفاق على الصيام ، نحن نرى أن هذا مبدأ لم يكن عليه الصحابة أنهم يتواعدون أن يصوموا الاثنين والخميس وما أشبه ذلك ، ويخشى أن تتطور المسألة حتى يرتقي إلى ما هو أشد

ثم نشبه أهل التصوف الذين يتفقون على ذكر معين يفعلونه جماعة ، فلذلك يقال للشباب : من صام غداً فسيكون الإفطار عند فلان مثلاً ، هذا لا بأس به ، لكن الاتفاق على صوم يومٍ معين هذا ليس من هدي الصحابة

ثم كون الإنسان يعوّد نفسه أنه لا يصوم إلا إذا صام معه غيره ، هذا يُعَدُّ مشكلة ، فكون الإنسان يصوم من طوع نفسه سواء كان معه غيره أو لا ، هذا هو الذي عليه السلف الصالح" انتهى .

"لقاء الباب المفتوح" (174/29) .

وسئل أيضاً عن قوم في شهر رمضان المبارك يجتمعون على قراءة بعض الأذكار والمأثورات ، وذلك قبل موعد الإفطار وبصورة جماعية هل يجوز لنا ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى :

"لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب يوم الجمعة تحمرّ عيناه ويعلو صوته ويشتدّ غضبه فيقول : (أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد

وشرّ الأمور محدثاتها ، وكلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة في النار) ولم يكن صلى الله عليه وآله وسلم عند الإفطار يجتمع إليه الناس حتى يذكروا الله عز وجل أو يدعوا الله عز وجل بصوت مرتفع جماعي

وإنما كان الإنسان يفطر مع أهله ، ويدعو كل واحد منهم لنفسه بدعاء خفي بينه وبين ربه ، وإذا لم تكن هذه العادة التي أشار إليها السائل

معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنها تكون من البدع التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبَيَّن أن كل بدعة ضلالة وأن كل ضلالة في النار" انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (212/6-7) .

وسئل الشيخ عبد الرحمن السحيم :

في الفترة الماضية كانت دائما تصلنا رسائل على البريد الإلكتروني يطلبون منا صيام يوم معين والصلاة والقيام في ذلك اليوم من أجل نصرة إخوتنا في فلسطين ، من باب الحث على الدعاء والتواصي بالحق .

فهل هذا بدعة ؟ أن نتفق مجموعة كل منا يقوم في بيته في ليلة معيّنة ندعو بما ورد في الكتاب والسنة ؟

فأجاب :

"أما أن يُعمل العمل الصالح من أجل نصرة إخواننا في فلسطين ، فأظن أن أصل هذه البدعة جاءت من بلاد النصارى .

وقد قُتِل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سبعون من القرّاء ومع ذلك ما حُفظ أنه صلى الله عليه وسلم صام لأجلهم أو صلّى ، وإنما دعا الله عز وجل كما في الصحيحين .

كما أنه صلى الله عليه وسلم بعث الجيش يوم مؤتة وعلِم بمقتل أصحابه ولم يُنقل عنه من ذلك شيء .

وإنما كان مِن هديه صلى الله عليه وسلم أنه يدعو ويجتهد في الدعاء .

كذلك اجتهاده صلى الله عليه وسلم في الدعاء يوم بدر .

وكذلك الدعاء من على منابر الجمعة يُذكّر الخطباء بذلك .

وأما الاتفاق على قيام ليلة معيّنة فإن هذا ليس له أصل في الشرع .

إلا أن يقوم شخص فيقوم بقيامه شخص أو أشخاص دون سابق موعد أو اتفاق مسبق .

فقد صلّى النبي صلى الله عليه وسلم وصلّى بصلاته ابن عمه ابن عباس رضي الله عنهما ،

كما أنه عليه الصلاة والسلام صلّى مرّة وصلّى بصلاته حذيفة رضي الله عنه .

ومرة اقتدى به ابن مسعود رضي الله عنه .

وكل هذا دون اتفاق ، ودون سابق موعد .

ومثله ما إذا قام الرجل يُصلّي وقام معه من قام من أولاده .

أو نام عند الإنسان رجل صالح فقام من الليل فإنه يجوز حينئذ الاقتداء به .

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام دون بقية الليالي خشية أن يظن ظانّ أن لها مزية على غيرها .

ولا أرى أن هناك حاجة للاتفاق على قيام ليلة معينة ، بل كل منكن تُوصي صاحبتها أن تقوم الليل وتجتهد في الدعاء للمستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها "

انتهى بتصرف يسير من موقع المشكاة .

فالذي يظهر لنا أن هذه الدعوة غير مشروعة ، ولا ينبغي المشاركة فيها ولا الدعوة إليها .

والمطلوب من المسلم أن يدعو الله لإخوانه المسلمين في كل مكان ، من غير أن يحدد ذلك بوقت محدد ، أو يصوم من أجل ذلك .

نسأل الله تعالى أن ينجي المستضعفين من المؤمنين ، وأن يهلك الظالمين المعتدين .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-09-25, 16:35
حكم قراءة آيات الحرس

السؤال:

ثبت في ترجمة الإمام ابن قدامة المقدسي - عليه رحمة الله - أنه كان يقرأ بعد كلّ صلاة صبح آيات الحرس وسوراً أخرى ، نرجو أن تتكرموا علينا بأن تبينوا لنا الحديث الذي يشير

إلى تلك الآيات الكريمات مع ذكر ما تيسر من طرق وألفاظ الحديث إن وُجدَتْ ، وإن كان الحديث ضعيفاً هل يدخل في استحباب العمل بالحديث الضعيف حيث إن العلماء اتفقوا على استحباب العمل بالحديث الضعيف ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

تعتمد كثير من الأوراد المصنفة على جمع آيات من القرآن ، أو سور مخصوصة ، بحسب اجتهاد المصنف .

وقد ذكر السيوطي في "الإتقان" (2 / 434) : أن أغلب ما يذكره المصنفون في خواص القرآن ، إنما مستنده تجارب الصالحين .

والتجربة وحدها لا تكفي في إثبات حكم شرعي ، وجوبا أو استحبابا ، بل لا بد لذلك من مستند شرعي ، من الكتاب والسنة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) . رواه مسلم (1718) .

قال الشيخ أبو شامة رحمه الله في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص 86-87) :

" ابتدع بعضهم جمع آيات السجدات يقرأ بها في ليلة ختم القرآن وصلاة التراويح ، ويسبح بالمأمومين في جميعها ، وابتدع آخرون سرد جميع ما في القرآن من آيات الدعاء في آخر ركعة من التراويح بعد قراءة سورة الناس

فيطول الركعة الثانية على الأولى ، نحوا من تطويله بقراءة الأنعام ، مع اختراعه لهذه البدعة ، وكذلك الذين يجمعون آيات يخصونها بالقراءة ويسمونها آيات الحرس

ولا أصل لشيء من ذلك فليعلم أن جميع ذلك بدعة ، وليس شيء منها من الشريعة ، بل هو مما يوهم أنه من الشرع وليس منه " انتهى .

وينظر : "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/486) .

ثانيا :

أما ما ورد في ترجمة ابن قدامة من أنه كان إذا صلى الفجر تلا آيات الحرس ويس والواقعة وتبارك ، ويقرأ بعد العشاء آيات الحرس .

فليعلم ـ أولا ـ أن ابن قدامة المذكور - في السؤال - ليس هو الفقيه أبا محمد ، صاحب المغني ، بل هو أخوه أبو عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي .

ينظر : سير أعلام النبلاء (22/7) ، ذيل طبقات الحنابلة ( ص 204) .

وهذا الذي كان يفعله أبو عمر رحمه الله ، اجتهاد منه ، لا تثبت به سنة ، ولا يدل على مشروعية شيء ، بل هو فعل يحتاج أن يحتج له ، ولا يحتج به

كما يقول أهل العلم ، وكل أحد يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومع ما هو معروف عن أبي عمر من فضله وعلمه وتقواه وصلاحه ، فليس هو بمعصوم ، ولعله ظن ذلك سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أحد من أصحابه ، أو أن له اجتهادا في ذلك لا نعلمه .

ورحم الله أبا سليمان الداراني حيث قال : " ربما يقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين : الكتاب والسنة " انتهى .

"سير أعلام النبلاء" (10 / 183) .

والخلاصة : أن الحجة في ذلك هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من غير أن يكون ذلك سببا في الوقيعة فيمن فعل ذلك من أهل العلم والدين ، أو انتقاص أقدارهم .

ثالثا :

لم يتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف ، كما ذكر السائل ، بل ذهبت طائفة منهم إلى عدم العمل به مطلقا ، حيث إنه لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ) رواه الطبراني في "الكبير" (1647) ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1803) .

وليس من بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث الضعيف الذي لم يثبت عنه ولا يصح ، وهو من قسم المردود غير المقبول في اصطلاح أهل الشأن ، وفيما صح من الحديث الغنية عما لم يصح .

ثم إن الذين قالوا بالعمل بالضعيف في فضائل الأعمال اشترطوا أن لا يكون شديد الضعف ، وأن يندرج تحت أصل معمول به ، وألا يعتقد ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-09-25, 16:40
الرد على من استحسن شيئا من البدع كالاحتفال بالمولد النبوي

السؤال

أرجو النظر في الآتي ، وهو على شكل جدل بين من يقولون إن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة ، ومن يقولون إنه ليس بدعة ، فمن يقولون إنه بدعة يستدلون على ذلك بأنه لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم

ولم يكن على عهد الصحابة ، أو أحد من التابعين ، والطرف الآخر يرد ويقول : من قال لكم إن كل ما نفعله يجب أن يكون قد وُجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم

أو على عهد الصحابة ، أو التابعين ، فعلى سبيل المثال نحن لدينا اليوم ما يسمَّى بـ " علم الرجال " و " الجرح والتعديل " ، وغيرها ، ولم يُنكر ذلك أحد إذ إن الأصل في الإنكار أن تكون البدعة المحدثة خالفت أصلاً

أما الاحتفال بالمولد أين الأصل الذي خولف ، والكثير من الخلافات التي تدور حول هذا الموضوع ؟

كما أنهم يحتجون بأن ابن كثير رحمه الله أقرّ الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم

فما الحكم الراجح في هذه المسألة مدعماً بالدليل ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

ليُعلم أولاً أن العلماء مختلفون في تحديد تاريخ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال ، فابن عبد البر رحمه الله يرى أنه صلى الله عليه وسلم وُلد لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول

وابن حزم رحمه الله يرجح أنه لثمانٍ خلون منه ، وقيل : لعشرٍ خلون منه ، كما يقوله أبو جعفر الباقر ، وقيل : لثنتي عشر منه ، كما يقوله ابن إسحاق ، وقيل : وُلد في شهر رمضان ، كما نقله ابن عبد البر عن الزبير بن بكَّار .

انظر " السيرة النبوية " لابن كثير ( ص 199 ، 200 ) .

ويكفي هذا الخلاف بين العلماء لنعلم أنه لم يكن المحبُّون للنبي صلى الله عليه وسلم من سلف هذه الأمة يجزمون بيوم ولادته ، فضلاً عن احتفالهم به

وقد مضت عدة قرون على المسلمين لم يكونون يحتفلون بهذا المولد ، حتى اخترعه الفاطميون .

قال الشيخ علي محفوظ رحمه الله :

"أول من أحدثها بالقاهرة : الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع ، فابتدعوا ستة موالد : المولد النبوي ، ومولد الإمام علي رضي الله عنه ، ومولد فاطمة الزهراء رضي الله عنها ، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما

ومولد الخليفة الحاضر ، وبقيت الموالد على رسومها ، إلى أن أبطلها " الأفضل أمير الجيوش " ، ثم أعيدت في خلافة الآمر بأحكام الله في سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، بعدما كاد الناس ينسونها

وأول من أحدث المولد النبوي بمدينة " إربل " : الملك المظفر أبو سعيد في القرن السابع ، وقد استمر العمل بالمولد إلى يومنا هذا ، وتوسع الناس فيها ، وابتدعوا كل ما تهواه أنفسهم ، وتوحيه شياطين الإنس والجن" انتهى .

" الإبداع في مضار الابتداع " ( ص 251 ) .

*عبدالرحمن*
2018-09-25, 16:41
ثانياً :

أما ما جاء في السؤال على لسان المحتفلين بالمولد النبوي : "من قال لكم إن كل ما نفعله يجب أن يكون قد وُجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، أو على عهد الصحابة ، أو التابعين "

: فهو يدل على عدم معرفته بمعنى "البدعة" والتي حذرنا منها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ؛ فما ذكره ذلك القائل هو الضابط فيما يُفعل مما يُتقرب به إلى الله تعالى من الطاعات .

فلا يجوز التقرب إلى الله بعبادة لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا مستفاد من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البدع ، والبدعة هي التقرب إلى الله تعالى بما لم يشرعه

ولهذا قال حذيفة رضي الله عنه : (كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها) .

وفي مثل هذا قال الإمام مالك رحمه الله : (فما لم يكن يومئذ ديناً ، لا يكون اليوم ديناً) .

أي : ما لم يكن ديناً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يتقرب به إلى الله ، لا يكون ديناً بعد ذلك .

ثم هذا المثال الذي ذكره السائل ، وهو علم الجرح والتعديل ، وأنه بدعة غير مذمومة ، قد ذهب إلى هذا القول الذين يقسمون البدعة إلى بدعة حسنة

وبدعة سيئة ، ويزيدون على هذا فيقسمون البدعة إلى الأحكام التكليفية الخمسة (الوجوب والاستحباب والإباحة والتحريم والكراهة) وقد ذكر هذا التقسيم العز بن عبد السلام رحمه الله ، وتبعه عليه تلميذه القرافي .

وقد ردَّ الشاطبي على القرافي رضاه بهذا التقسيم ، فقال :

"هذا التقسيم أمر مخترَع لا يدل عليه دليل شرعي ، بل هو نفسه متدافع ؛ لأن من حقيقة البدعة : أن لا يدل عليها دليل شرعي ، لا من نصوص الشرع ، ولا من قواعده

إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب ، أو ندب ، أو إباحة : لمَا كان ثمَّ بدعة ، ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها ، أو المخيَّر فيها

فالجمع بين عدِّ تلك الأشياء بدَعاً ، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها ، أو ندبها ، أو إباحتها : جمعٌ بين متنافيين .

أما المكروه منها ، والمحرم : فمسلَّم من جهة كونها بدعاً ، لا من جهة أخرى ، إذ لو دل دليل على منع أمر ، أو كراهته : لم يُثبت ذلك كونه بدعة ، لإمكان أن يكون معصية

كالقتل ، والسرقة ، وشرب الخمر ، ونحوها ، فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم البتة ، إلا الكراهية والتحريم ، حسبما يذكر في بابه .

فما ذكره القرافي عن الأصحاب من الاتفاق على إنكار البدع : صحيح ، وما قسَّمه فيها غير صحيح ، ومن العجب حكاية الاتفاق مع المصادمة بالخلاف

ومع معرفته بما يلزمه في خرق الإجماع ، وكأنه إنما اتبع في هذا التقسيم شيخَه – أي : ابن عبد السلام - من غير تأمل .

- ثم ذكر عذر العز بن عبد السلام رحمه الله في ذلك التقسيم ، وأنه سمى " المصالح المرسلة " بدَعاً ، ثم قال - :

أما القرافي : فلا عذر له في نقل تلك الأقسام على غير مراد شيخه ، ولا على مراد الناس ؛ لأنه خالف الكل في ذلك التقسيم ، فصار مخالفاً للإجماع" انتهى .

"الاعتصام" (ص 152 ، 153) وننصح بالرجوع للكتاب ، فقد أبلغ في الرد ، وأجاد ، رحمه الله.

وقد مَثَّل العز بن عبد السلام رحمه الله للبدعة الواجبة على تقسيمه ، فقال :

"وللبدع الواجبة أمثلة :

أحدها : الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك واجب ؛ لأن حفظ الشريعة واجب ، ولا يتأتى حفظها إلا بمعرفة ذلك ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .

المثال الثاني : حفظ غريب الكتاب ، والسنَّة من اللغة .

المثال الثالث : تدوين أصول الفقه .

المثال الرابع : الكلام في الجرح ، والتعديل ، لتمييز الصحيح من السقيم ، وقد دلت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية فيما زاد على القدر المتعين ، ولا يتأتى حفظ الشريعة إلا بما ذكرناه" انتهى .

" قواعد الأحكام في مصالح الأنام " ( 2 / 173 ) .

وقد رد عليه الشاطبي أيضاً فقال :

"وأما ما قاله عز الدين : فالكلام فيه على ما تقدم ، فأمثلة الواجب منها مِن قبيل ما لا يتم الواجب إلا به -

كما قال - : فلا يشترط أن يكون معمولاً به في السلف ، ولا أن يكون له أصل في الشريعة على الخصوص ؛ لأنه من باب " المصالح المرسلة " ، لا البدع" انتهى .

" الاعتصام " ( ص 157 ، 158 ) .

وحاصل هذا الرد : أن هذه العلوم لا يصح أن توصف بأنها بدعة شرعية مذمومة ، لأنها تشهد لها النصوص العامة والقواعد الشرعية العامة

التي تأمر بحفظ الدين ، وحفظ السنة ، ونقل العلوم الشرعية ونصوص الشرع (الكتاب والسنة) إلى الناس نقلاً صحيحاً .

ويمكن أن يقال : إن اعتبار هذه العلوم بدعة ، هو من الناحية اللغوية ، وليس من الناحية الشرعية ، والبدعة الشرعية مذمومة كلها ، أما البدعة اللغوية فمنها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم .

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله :

"فالبدعة في عرف الشرع مذمومة ، بخلاف اللغة ، فإن كل شيء أُحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محموداً ، أو مذموماً" انتهى .

" فتح الباري " ( 13 / 253 ) .

وقال - أيضاً - :

"وأما "البِدَع" : فهو جمع بدعة ، وهي كل شيء ليس له مثال تقدّم ، فيشمل لغةً ما يُحْمد ، ويذمّ ، ويختص في عُرفِ أهل الشرع بما يُذمّ ، وإن وردت في المحمود : فعلى معناها اللغوي" انتهى .

" فتح الباري " ( 13 / 340 ) .

وفي تعليقه على حديث رقم ( 7277 ) ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب 2 ، من " صحيح البخاري " قال الشيخ عبد الرحمن البراك – حفظه الله - :

"هذا التقسيم يصح باعتبار البدعة اللغوية ، وأما البدعة في الشرع : فكلها ضلالة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة)

ومع هذا العموم لا يجوز أن يقال : من البدع ما هو واجب ، أو مستحب ، أو مباح ، بل البدعة في الدِّين إما محرمة ، أو مكروهة ، ومن المكروه مما قال عنها إنها بدعة مباحة : تخصيص الصبح ، والعصر بالمصافحة بعدهما" انتهى .

ومما ينبغي فهمه والوقوف عليه : أنه ينبغي النظر في توفر الأسباب ، وعدم الموانع ، في فعل الشيء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه الكرام

فمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحبته من قبَل أصحابه : سببان توفرا زمن الصحابة الكرام لاتخاذ يوم مولده عيداً يحتفلون به فيه ، وليس هناك ما يمنعهم من ذلك

فلما لم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه شيئاً من هذا علم أنه ليس بمشروع ، إذ لو كان مشروعاً لكانوا أسبق الناس إليه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وكذلك ما يُحدثه بعض الناس ، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام ، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وتعظيماً له - والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد

لا على البدع - من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً - مع اختلاف الناس في مولده - : فإن هذا لم يفعله السلف ، مع قيام المقتضي له ، وعدم المانع منه ، ولو كان هذا خيراً محضاً

أو راجحاً : لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منَّا ؛ فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له منَّا ، وهم على الخير أحرص ، وإنما كمال محبته وتعظيمه : في متابعته

وطاعته ، واتباع أمره ، وإحياء سنَّته ، باطناً ، وظاهراً ، ونشر ما بُعث به ، والجهاد على ذلك ، بالقلب ، واليد ، واللسان

فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين ، من المهاجرين ، والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان" انتهى .

" اقتضاء الصراط " ( ص 294 ، 295 ) .

وهذا كلام سديد يبين أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم تكون باتباع سنته ، وتعليمها ونشرها بين الناس والدفاع عنها ، وهذه هي طريقة الصحابة رضي الله عنهم .

أما المتأخرون فخدعوا أنفسهم وخدعهم الشيطان بهذه الاحتفالات ، ورأوا أنهم بذلك يعبرون عن محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم

أما إحياء سنته واتباعها والدعوة إليها وتعليمها للناس والدفاع عنها فهم بعيدون عن ذلك .

ثالثاً :

أما ما نسبه هذا المجادل لابن كثير رحمه الله أنه أجاز الاحتفال بالمولد النبوي ، فليذكر لنا أين كلام ابن كثير رحمه الله في هذا ، لأننا لم نقف على هذا الكلام لابن كثير رحمه الله

ونحن ننزه ابن كثير عن مناصرة هذه البدعة والترويج لها .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-10-07, 19:25
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


صلاة مخترعة يقرأ فيها القرآن في السجود

السؤال :

واحدة من صديقاتي جلست تعلمني صلاة تقول إنها دعت فيها ودعاؤها استجيب . وكيفية الصلاة : تصلي آخر الليل 12 ركعة ، ركعتين وتسلم ، وفي السجدة الأخيرة وهي ساجدة تقرأ سوره الفاتحة 7 مرات ، وآية الكرسي 7 مرات

وغيرها من الأذكار............. أرجو من فضيلتكم التوضيح هل ورد في السنة شيء عن هذه الصلاة أم هي بدعة ؟

الجواب :

الحمد لله

أما صلاة الليل والدعاء فيها ؛ فمن أفضل العبادات التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها ، قال الله تعالى في صفات عباده المتقين ، التي بها نالوا كرامته ، وحازوا فضله : ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) الذاريات/17 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" أي : كان هجوعهم أي : نومهم بالليل قليلا ، وأما أكثر الليل ، فإنهم قانتون لربهم ، ما بين صلاة ، وقراءة ، وذكر ، ودعاء ، وتضرع " انتهى .

"تفسير السعدي" (ص 808) .

وانظري جواب السؤال رقم (50070) .

وأما الصلاة المسؤول عنها وقراءة سورة الفاتحة وآية الكرسي سبع مرات ، في السجدة الأخيرة ، فهذه الصلاة لم ترد في السنة النبوية ، بل هي من جملة البدع

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن في الركوع والسجود ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا

فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ) رواه مسلم (479) .

وهذا مما يدل على أن هذه الصلاة مخترعة ، وغير جائزة .

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

"وأكثر العلماء على كراهة القراءة في الركوع والسجود ، ومنهم من حكاه إجماعاً .

وهل الكراهة للتحريم ، أو للتنزيه ؟ فيه اختلاف .

وحكى ابن عبد البر الإجماع على أنه لا يجوز . ومذهب الشافعي وأكثر أصحابنا : أنه مكروه

وهل تبطل به الصلاة ، أو لا ؟ فيه وجهان لأصحابنا . والأكثرون على أنها لا تبطل بذلك" انتهى .

"فتح الباري لابن رجب" (6/28) .

وقال شيخ الإسلام :

" اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ , وَتَنَازَعُوا فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ , هُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ , وَذَلِكَ تَشْرِيفًا لِلْقُرْآنِ , وَتَعْظِيمًا لَهُ أَنْ لَا يُقْرَأَ فِي حَالِ الْخُضُوعِ وَالذُّلِّ " انتهى .

"الفتاوى الكبرى" (2/389) .

وقال الصنعاني في "سبل السلام" (1/266) :

"الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ حَالَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّهْيِ التَّحْرِيمُ" انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"لا يجوز للمصلي أن يقرأ القرآن وهو راكع ، ولا أن يقرأ القرآن وهو ساجد" انتهى .

"اللقاء الشهري" (1/186) .

فهذه الصلاة على هذه الهيئة لا تجوز .

ولا حرج على المسلم إذا كانت له حاجة أن يصلي قيام الليل أو غيره ، ثم يدعو في السجود بما شاء ، فإن الدعاء في السجود قريب من الإجابة ، ولهذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء فيه كما تقدم .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-10-07, 19:28
تسجيل الحضور في المنتديات بالذكر والصلاة والسلام على رسول الله

السؤال :

يقوم بعض الإخوة في منتديات الإنترنت بوضع موضوع يكون عنوانه : "سجل حضورك اليومي بذكر اسم الله" أو "سجل حضورك اليومي بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم"

وفكرة هذا الموضوع هو أن أعضاء المنتدى كلما دخلوا إلى الموقع يقومون بالاشتراك في هذا الموضوع بكتابة بعض ألفاظ الصلاة على النبي وبعض التسابيح والأذكار

ونحن نكتب هذا الموضوع لغرض الفائدة والدعوة إلى الله ، وتنبيه الغافلين عن ذكر الله ، لا أكثر ولا أقل ، والله من وراء القصد . فما هو رأيكم في ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

نشكر لكم حرصكم على الخير ، ونسأل الله أن يزيدكم حرصاً وهدى .

وأما ما ذكرته من افتتاح بعض المنتديات بقولهم : سجل حضورك اليومي بذكر اسم الله وما شابه ذلك ، فالأولى بهم أن يقتصروا على مجرد التذكير بذكر اسم الله

لكون البداءة بذكر اسم الله سنة جارية عند أهل العلم في افتتاحهم لكتاباتهم ، وأمورهم ، وأما ما سوى ذلك من ربط تسجيل الحضور بذكر الله أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

فالأولى البعد عن ذلك لأن فيه نوعاً من التحديد ، وربط الذكر بسبب معين ، وهذا قد يكون فيه نوع ابتداع يخشى أن يجر إلى ما هو أكبر منه ، والسلف رحمهم الله كانوا يحذرون من صغار البدع

لأنها تجر في الغالب إلى كبارها ، كما في سنن الدارمي عن عمرو بن سلمة : أن أبا موسى جاء إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال : يا أبا عبد الرحمن

إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته ، ولم أر - والحمد لله - إلا خيرًا . قال : فما هو ؟ فقال : إن عشت فستراه . قال : رأيت في المسجد قومًا حِلَقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل

وفي أيديهم حَصَى ، فيقول : كبروا مائة ، فيكبرون مائة ، فيقول : هللوا مائة ، فيهللون مائة ، ويقول : سبحوا مائة ، فيسبحون مائة .

قال : فماذا قلت لهم ؟ قال : ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك ، وانتظار أمرك .

قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم ، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟

ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم ، فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حَصَى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح .

قال : فعدّوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء . ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل

وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده ، إنكم لعلى ملَّة أهدى من ملَّة محمد ، أو مفتتحو باب ضلالة . قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير . قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه .

إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم.

وايم الله ما أدري ، لعل أكثرهم منكم ، ثم تولى عنهم . فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج .قال الألباني : إسناده صحيح ، كما في "إصلاح المساجد" (ص 11) .

فلو أنكم في كل يوم ذكرتم فضل أحد الأذكار الشرعية من الكتاب أو السنة ، أو ذكَّرته باستصحاب الذكر والتسبيح ونحو ذلك ، لكان ذلك أحسن في دلالة الناس على الخير وإرشادهم إليه

لأنهم إذا علموا فضل التسبيح أو التحميد أو التهليل أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، لداوموا عليه ، ولا يكون ذلك مختصاً بتسجيل الدخول فقط

فيحصل المقصود وهو حث الناس على الأذكار الشرعية ، وسلمتم من شبهة الابتداع .

وأما ما ذكر في بعض المنتديات أن هذا من الذكر الجماعي ، أو من اتخاذ آيات الله هزوا ، فهذا فيه مبالغة شديدة ومخالفة في الواقع ، وليس هذا من الذكر الجماعي في شيء

بل غاية ما فيه أن يكون من تحديد الذكر بسبب معين لم يحدده الشارع ، فكان اجتنابه أولى .

والله تعالى أعلم بالصواب .

*عبدالرحمن*
2018-10-07, 19:31
زيادة العبادة في أيام تنتشر فيها المعصية

السؤال

ما حكم عمل عبادة في وقت هرج الناس ( مثل رأس السنة الميلادية ) ، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : (عبادة في الهرج كهجرة إلي ) ؟

الجواب

الحمد لله

المسلم المتمسك بدينه هو الذي يذكر الله سبحانه وتعالى في السر والعلن ، وفي السراء والضراء ، لا يغيب ربه عن ذكره ولا عن قلبه ، ولا تشغله عن عبادته الشواغل

ولا تصرفه عن حبه الصوارف ، فتراه في جميع شأنه حريصا على عبادة الله ، حريصا على شغل عمره بطاعة ربه ومولاه ، إذا خالط العابدين نافسهم وسابقهم إلى رضوان الله

وإذا رأى الغافلين استشعر نعمة الله عليه بما حباه ، فهؤلاء هم الشهداء الغرباء القابضون على الجمر ، الذين وردت الأحاديث في فضل عملهم ، وتمسكهم بالسنة في زمان الفتنة والمحنة والغربة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) رواه مسلم (145)

فالفضل حاصل لمن يحافظ على السنة والطاعة والعبادة في أيام الفتنة والغفلة كما يحافظ عليها في أزمان الصلاح والتقوى ، فهو عامل عابد على كل حال .

هذا هو الذي جاءت الأحاديث في مدحه والثناء عليه .

أما ما قد يفهمه بعض الناس ، أن يترقب أحدهم أيام انتشار المعاصي والمنكرات ، ليبادر إلى تخصيص ذلك اليوم بصيام أو قيام ، ولا يكون ذلك من هديه وعادته في غالب أيامه وأحواله

فليس هذا من الفهم الصحيح للحديث ، وليس مقصودا للشارع الحكيم ، وإنما المقصود الحث على التمسك الدائم بالسنة ، والقيام الكامل بأوامر الله تعالى

ليبقى المسلم منارة في الأرض في أزمنة الظلام ، ويلقى الله تعالى وما استقال من بيعته التي بايع عليها حين أعلن استسلامه إليه عز وجل .

وهذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كانت أيامه وساعاته خالصة لوجه الله تعالى ، فلم يكن يدع فرصة لعبادة الله تفوته ، حتى سأله أسامة بن زيد رضي الله عنه : قال

: يا رسول الله ، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ فقال : ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ

فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ . رواه النسائي في "السنن" (رقم/2357) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/1898)

وهذا هو أيضا معنى الحديث الذي يرويه مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ) رواه مسلم ( 2948 )

قال النووي رحمه الله :

" المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس ، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ، ويشتغلون عنها ، ولا يتفرغ لها إلا أفراد " انتهى.

"شرح مسلم" (18/88)

فلا نرى للأخت السائلة ولا لغيرها من المسلمين تخصيص ليالي رأس السنة الميلادية بعبادة ، على وجه المقابلة للكفار الذين يملؤونها بالمعاصي

إلا إذا كان القيام أو الصيام من عادة المسلم في باقي أيامه ، فلا بأس حينئذ من العبادة تلك الليالي ، والله سبحانه وتعالى يجزيه خيرا على عمله ونيته .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-07, 20:15
هل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء ترديد الأذان ؟

السؤال

أذن المؤذن ، فلما وصل المؤذن عند قول : أشهد أن محمدا رسول الله . قلت أنا السامع : أشهد أن محمدا رسول الله . ثم صليت على النبي . فقال لي أحدهم : إن هذه الصلاة

مني بدعة . فهل هذا صحيح ؟ مع الدليل . وأنا لم أذكر الصلاة إلا لأني سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه : ( البخيل من ذكرت عنده ولم يصل علي )

فماذا أفعل يا شيخ والحال كما ذكرت ؟

أرجو منك الإجابة المفيدة ، فلقد تعبت ، هل فعلي بدعة ؟

الجواب

الحمد لله

الواجب في الأذكار والأدعية الشرعية المقيدة بحال معين الالتزام فيها بما ورد في الكتاب والسنة ، من غير زيادة ولا نقصان .

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري" (11/112) :

" ألفاظ الأذكار توقيفية ، ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس ، فيجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به " انتهى .

ودليل هذه القاعدة أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّم البراء بن عازب الالتزام باللفظ من غير تغيير ، وذلك حين لقنه دعاء يدعو به إذا أراد النوم فقال له :

( إذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ

إِلاَّ إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ

: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ . قُلْتُ : وَرَسُولِكَ قَالَ " لاَ ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ " )

رواه البخاري (247) ومسلم (2710)

وهدي السلف في باب السنة والبدعة هو الاحتياط الدائم ، والالتزام بالسنة الواردة خوفا من الوقوع في البدعة .

يقول ابن مسعود رضي الله عنه :

" اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة "

انتهى . رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/208)

لذلك أنكر بعض الصحابة على من زاد على المشروع ؛ فعَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ .

قَالَ ابْنُ عُمَرَ

: " وَأَنَا أَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ "

رواه الترمذي (2738) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم الأذكار بألفاظها ، ويحرص على تحفيظهم إياها كما أوحاها الله إليه ، وكما يعلمهم السورة من القرآن ، وذلك كي ينالوا بركتها وفضلها عند الله .

يقول ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : ( عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ ) رواه البخاري (6265) .

ومن ذلك ما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم في إجابة المؤذن ، فقد ورد فيه عدة أحاديث ، تدل جميعها على لزوم الاقتصار على ترديد قول المؤذن ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ) من غير زيادة ولا نقصان .

فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ ) رواه البخاري (611) ومسلم (383)

وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . فَقَالَ أَحَدُكُمْ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ

. ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ . قَالَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ :

حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ . قَالَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . ثُمَّ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه مسلم (385)

فتأمل معي - أخي السائل - كيف فَصَّلَ النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه كيفية إجابة المؤذن ، ما يدلك على ضرورة الالتزام بما علَّمَنا من غير زيادة ولا نقصان ، وإلا فما فائدة كل هذا البيان والتفصيل !

وقد فهم الصحابة مقصود النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا يلتزمون بما علمهم ولا يجتهدون في الألفاظ .
روى البيهقي في "السنن الكبرى" (1/409) بسند صحيح عن عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ

: ( دَخَلْنَا عَلَى مُعَاوِيَةَ فَنَادَى الْمُنَادِى بِالصَّلاَةِ فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ .

فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ يَحْيَى فَحَدَّثَنَا صَاحِبٌ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ : حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ . قَالَ : لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا سَمِعْنَا نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم ) .

وبهذا يتبين أنه لا ينبغي لك زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الترديد مع المؤذن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمنا ذلك ، وكذا صحابته الكرام ، لم يُعرف عن أحد منهم أنه زاد شيئا في إجابته المؤذن .

وكل مسلم يؤمن بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أشرف القربات وأجل الطاعات ، غير أن الأذكار لها مواضع تشرع فيها ، فلا ينبغي تعديها والزيادة عليها

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في "جلا الأفهام" (327-445)

جميع المواضع التي يشرع فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر منها : التشهد ، وآخر القنوت ، وفي صلاة الجنازة وفي الخطبة وعند الدعاء.

..وليس شيء منها أثناء الأذان ، إنما بعد انتهاء المؤذن يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم .

يقول ابن القيم رحمه الله "جلاء الأفهام" (1/424) :

" والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانت من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى ، فلكل ذكر موطن يخصه لا يقوم غيره مقامه فيه

قالوا ولهذا لا تشرع الصلاة عليه في الركوع ولا السجود ولا قيام الاعتدال من الركوع " انتهى .

نعم ، وردت أحاديث في التشديد في أمر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنها :

عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ) رواه الترمذي (3546) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1/35)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ) رواه الترمذي (3545) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

لكن العلماء شرحوا وبينوا مقاصد هذه الأحاديث :

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (11/168-169) :

" وقد تمسك بالأحاديث المذكورة من أوجب الصلاة عليه كلما ذكر ؛ لأن الدعاء بالرغم والإبعاد والشقاء والوصف بالبخل والجفاء يقتضي الوعيد ، والوعيد على الترك من علامات الوجوب .

وأجاب من لم يوجب ذلك بأجوبة : منها أنه قول لا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين ، فهو قول مخترَع ، ولو كان ذلك على عمومه للزم المؤذن إذا أذن

وكذا سامعه ، وللزم القارئ إذا مر ذكره في القرآن ، وللزم الداخل في الإسلام إذا تلفظ بالشهادتين ، ولكان في ذلك من المشقة والحرج ما جاءت الشريعة السمحة بخلافه

ولكان الثناء على الله كلما ذكر أحق بالوجوب ولم يقولوا به ، وقد أطلق القدوري وغيره من الحنفية أن القول بوجوب الصلاة عليه كلما ذكر مخالف للإجماع المنعقد قبل قائله

لأنه لا يحفظ عن أحد من الصحابة أنه خاطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله صلى الله عليك ، ولأنه لو كان كذلك لم يتفرغ السامع لعبادة أخرى .

وأجابوا عن الأحاديث بأنها خرجت مخرج المبالغة في تأكيد ذلك وطلبه ، وفي حق من اعتاد ترك الصلاة عليه ديدنا " انتهى .

إذن فجميع الأحاديث الواردة في هذا الباب المقصود بها المواطن المشروعة ، أو في المجالس التي يطلق فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

وليس المقصود منها إطلاق الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره في الشهادتين .

يقول ابن القيم في "جلاء الأفهام" (1/393-394)

في نقله وجوه الرد على من قال بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر اسمه :

" أحدها : أنه من المعلوم الذي لا ريب فيه أن السلف الصالح الذين هم القدوة لم يكن أحدهم كلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يقرن الصلاة عليه باسمه

وهذا في خطابهم للنبي أكثر من أن يذكر ، فإنهم كانوا يقولون : يا رسول الله . مقتصرين على ذلك ، وربما كان يقول أحدهم صلى الله عليك

وهذا في الأحاديث ظاهر كثير . فلو كانت الصلاة عليه واجبة عند ذكره لأنكر عليهم تركها .

الثاني : أن الصلاة عليه لو كانت واجبة كلما ذكر لكان هذا من أظهر الواجبات ، ولبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بيانا يقطع العذر وتقوم به الحجة
.
الثالث : أنه لا يعرف عن أحد من الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم هذا القول ، ولا يُعرَف أن أحدا منهم قال به .

الرابع : أنه لو وجبت الصلاة عليه عند ذكره دائما لوجب على المؤذن أن يقول : أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا يشرع له في الأذان فضلا أن يجب عليه .

الخامس : أنه كان يجب على من سمع النداء وأجابَهُ أن يصلي عليه ، وقد أمر السامع أن يقول كما يقول المؤذن ، وهذا يدل على جواز اقتصاره على قوله : أشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله .

فإن هذا مثل ما يقول المؤذن " انتهى باختصار .

لذلك جاء في كتب الفقه مواضع مما يكره فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :

جاء في "تحفة المحتاج" من كتب الشافعية (2/65) :

" وَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي أَوْ سَمِعَ آيَةً فِيهَا اسْمُهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ تُسْتَحَبَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ – يعني النووي - " انتهى .

ويقول الحافظ ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/131) :

" وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ أُخَرُ بِنَحْوِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ , وَلَمْ نَرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا التَّعَرُّضَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَذَانِ , وَلَا إلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَهُ وَلَمْ نَرَ أَيْضًا فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا تَعَرُّضًا لِذَلِكَ أَيْضًا

, فَحِينَئِذٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ فِي مَحَلِّهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ

, فَمَنْ أَتَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ مُعْتَقِدًا سُنِّيَّتَهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ نُهِيَ عَنْهُ وَمُنِعَ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ تَشْرِيعٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ ; وَمَنْ شَرَّعَ بِلَا دَلِيلٍ يُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَيُنْهَى عَنْهُ . " انتهى .

وفي "فتاوى الشيخ ابن باز" رحمه الله (10/334) :

" وكذلك ما يزيده بعض الناس من الصلاة على النبي مع الأذان عندما يقول : ( لا إله إلا الله ) يزيد : ( الصلاة على النبي ) رافعا بها صوته مع الأذان أو في المكبر ، فهذا لا يجوز وبدعة أيضا " انتهى باختصار .

لكن إن فعل السامع ذلك أحيانا ، لا على وجه الالتزام ، أو اعتباره من الأذكار المقيدة بهذه الحال ، أو من ترديد الأذان المشروع ؛ فنرجو أن لا يكون بأس ، ولا يصل الأمر فيه إلى حد البدعة إن شاء الله .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-07, 20:22
هل في السنة دعاء بعد ختم القرآن ؟

السؤال

أرجو منكم إرسال دعاء ختم القرآن الكريم كما ورد في السنة النبوية .

الجواب

الحمد لله

ليس في السنة النبوية دعاء خاص بعد ختم القرآن الكريم ، ولا حتى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو الأئمة المشهورين

ومن أشهر ما ينسب في هذا الباب الدعاء المكتوب في آخر كثير من المصاحف منسوباً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ولا أصل له عنه .

انظر : "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (14/226) .

والدعاء بعد ختم القرآن إما أن يكون بعد ختمه في الصلاة ، أو خارجها ، ولا أصل للدعاء بعد الختمة في الصلاة ، وأما خارجها فقد ورد فعله عن أنس رضي الله عنه .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم دعاء ختم القرآن في قيام الليل في شهر رمضان ؟ فأجاب :

" لا أعلم في ختمة القرآن في قيام الليل في شهر رمضان سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم

ولا عن الصحابة أيضا ، وغاية ما ورد في ذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا . وهذا في غير الصلاة " انتهى .

"فتاوى أركان الإسلام" (ص 354) .

وللشيخ بكر أبو زيد رسالة نافعة في هذه المسألة ، ومما جاء في خاتمتها :

من مجموع السياقات في الفصلين السالفين نأتي إلى الخاتمة في مقامين :

المقام الأول : في مطلق الدعاء لختم القرآن :

والمتحصل في هذا ما يلي :

أولاً :

أن ما تقدم مرفوعا وهو في مطلق الدعاء لختم القرآن :

لا يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم , بل هو إما موضوع أو ضعيف لا ينجبر ،

ويكاد يحصل القطع بعدم وجود ما هو معتمد في الباب مرفوعاً ؛ لأن العلماء الجامعين الذين كتبوا في علوم القرآن وأذكاره أمثال : النووي , وابن كثير

, والقرطبي , والسيوطي , لم تخرج سياقاتهم عن بعض ما ذكر ، فلو كان لديهم في ذلك ما هو أعلى إسناداً لذكروه .

ثانياً :

أنه قد صح من فعل أنس بن مالك رضي الله عنه الدعاء عند ختم القرآن ، وجمع أهله وولده لذلك , وأنه قد قفاه (أي : تابعه) على ذلك جماعة من التابعين , كما في أثر مجاهد بن جبر رحمهم الله تعالى أجمعين .

ثالثاً :

أنه لم يتحصل الوقوف على شيء في مشروعية ذلك في منصوص الإمامين : أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى .

وأن المروي عن الإمام مالك رحمه الله : أنه ليس من عمل الناس ، وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان .

رابعاً :

أن استحباب الدعاء عقب الختم , هو في المروي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى , كما ينقله علماؤنا الحنابلة , وقرره بعض متأخري المذاهب الثلاثة .

المقام الثاني : في دعاء الختم في الصلاة :

وخلاصته فيما يلي :

أولاً :

أنه ليس فيما تقدم من المروي حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع أو بعده لإمام أو منفرد .

ثانياً :

أن نهاية ما في الباب هو ما يذكره علماء المذهب من الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية حنبل والفضل والحربي عنه - والتي لم نقف على أسانيدها - : من جعل دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع .

وفي رواية عنه - لا يعرف مخرجها - : أنه سهل فيه في دعاء الوتر ...

انظر : " مرويات دعاء ختم القرآن " .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-10-07, 20:29
خطأ في الاتجاه إلى القبلة

السؤال

أخبرني بعض الجيران أن القبلة التي أصلي باتجاهها خطأ وغير موازية للقبلة في المسجد المجاور ، وبناء على هذا غيرت اتجاهي لمدة شهور ، منها رمضان الماضي ، ثم اكتشفت مرة أخرى أن القبلة الأولى هي الصحيحة .

فما حكم الصلوات المؤداة في اتجاه القبلة الخاطئ ؟

أرجو الإجابة لأني حائرة ، و لكم جزيل الشكر .

الجواب

الحمد لله

استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة ، والواجب على كل مصل أن يتحرى جهة القبلة في صلاته ، وأن يجتهد في ضبطها لصلاته ، إما عن طريق العلامات أو الآلات الدالة عليها

إن كان يمكنه ذلك ، أو عن طريق خبر الثقات من أهل المكان ، الذين لهم معرفة بجهة القبلة .

والغالب على الحال التي ذكرتيها أن يكون الانحراف عن جهة القبلة يسيرا ، وهذا الانحراف اليسير هو الذي يمكن أن يحدث فيه ذلك التردد والاضطراب من أهل المكان عادةً

بحيث لا ينتبه الإنسان إلى ذلك الفرق بين الجهتين ؛ فإن كان الأمر كذلك ، يعني أن الانحراف عن القبلة كان يسيرا ، فإن هذا لا يضر ولا تبطل به الصلاة ؛ لأن الواجب على من كان بعيدا عن الكعبة أن يتجه إلى جهتها

ولا يشترط في حقه أن يكون اتجاهه إلى عين الكعبة ، لما رواه الترمذي ( 342 ) وابن ماجة ( 1011 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ ) [ صححه الألباني في الإرواء ] .

قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام [ 1/260 ] : ( والحديث دليل على أن الواجب استقبال الجهة ، لا العين في حق من تعذرت عليه العين ) .

ومن الأدلة على ذلك أيضا ، ما رواه البخاري ( 144 ) ومسلم ( 264 ) من حديث أبي أيوب رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

: ( إِذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلا غَائِطٍ ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا ) .

قال شيخ الإسلام رحمه الله في شرح العمدة

: ( هذا بيان لأن ما سوى التشريق والتغريب استقبال للقبلة أو استدبار لها ، و هذا خطاب لأهل المدينة ومن كان على سمتهم ... لأن ذلك اجماع الصحابة رضي الله عنهم ؛ قال عمر : ما بين المشرق والمغرب قبلة كله إلا عند البيت ..

.وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال : كيف يخطئ الرجل الصلاة وما بين المشرق والمغرب قبلة ، ما لم يتحر المشرق عمدا )

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( وبهذا نعرف أن الأمر واسع ، فلو رأينا شخصا يصلي منحرفا يسيرا عن مسامتة [ أي : محاذاة ] القبلة

فإن ذلك لا يضر ، لأنه متجه إلى الجهة ، وهذا فرضه ) [ الشرح الممتع 2/273 ] .

وأما إن كان الانحراف عن جهة الكعبة كثيرا ؛ بحيث تكون صلاتك إلى غير الجهة التي فيها القبلة ، إما شرقا ، والقبلة غرب أو شمال ، مثلا ، فما دام الإنسان قد بنى عمله على قول من يعلم اهتمامهم بأمر الصلاة

وتعظيمهم لقدرها ، وكان في ظنه أنهم أدرى منه باتجاه القبلة ، فلا شيء عليه ، وصلاته التي صلاها صحيحة ، حتى ولو كان مخطئا في اتجاهه الذي صلى إليه

لأن الإنسان إذا اجتهد وتحرى ، فقد فعل ما يجب عليه ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن /16 .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة [ 6/314 ]

: ( إذا اجتهد المصلي في تحري القبلة وصلى ، ثم تبين أن تحريه كان خطأ ، فصلاته صحيحة ) .

وفي فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله [ 10/421 ]

: ( إذا اجتهد المؤمن في تحري القبلة ، حال كونه في الصحراء ، أو في البلاد التي تشتبه فيها القبلة ، ثم صلى باجتهاده ، وبعد ذلك ظهر أنه صلى إلى غير القبلة

فإنه يعمل باجتهاده الأخير ، إذا ظهر له أنه أصح من اجتهاده الأول ، وصلاته الأولى صحيحة ؛ لأنه أداها عن اجتهاد وتحرٍ للحق ) .

*عبدالرحمن*
2018-10-07, 20:38
قول " علي كرم الله وجهه "

السؤال :

ما مدى صحة قولهم " علي كرم الله وجهه " ؟.

الجواب :

الحمد لله

لا أصل لتخصيص ذلك بعلي رضي الله عنه وإنما هو من غلو المتشيعة فيه .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

فتاوى اللجنة الدائمة 3/69

*عبدالرحمن*
2018-10-07, 20:43
البدعة الحسنة

السؤال :

أريد أن أعرف ما هي البدعة ؟

كثير من الناس اسمعهم يطلقون على أمور متعددة أنها بدعة وهذا مما سبب تشويشاً عندي . ثم أليس هنالك حديث يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال : بأن كل من يقدم أمراً جديداً مفيداً يُثاب ؟

إذا كان ذلك كذلك فلماذا تعتبر البدع كلها مذمومة ؟ .

الجواب:

الحمد لله

أولا : ينبغي معرفة معنى البدعة شرعا

وتعريفها : هي طريقة مخترعة في الدّين يُقصد بها التعبّد والتقرب إلى الله تعالى
.
وهذا يعني أنّه لم يرد بها الشّرع ولا دليل عليه من الكتاب أو السنة ولا كانت على

عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وواضح من التعريف أيضا أنّ المخترعات الدنيوية لا تدخل في مفهوم البدعة المذمومة شرعا .

وأمّا بالنسبة لاستشكالك أيها السائل فإن كنت تقصد بالتعارض حديث أبي هريرة وحديث جرير بن عبد الله رضي الله عنهما فتعال بنا نتعرّف على نصّهما ومعناهما :

عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةَ شَرٍّ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا كَانَ

عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا . " رواه الترمذي رقم 2675 وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

وهذا الحديث له مناسبة وقصة توضّحه وتبيّن المراد من قوله من سنّ سنّة خير وهذه القصة هي ما جاء في صحيح الإمام مسلم عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ راوي الحديث نفسه

قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنْ الأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ الصُّوفُ فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَبْطَئُوا

عَنْهُ حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَجُلا مِنْ الأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ثُمَّ تَتَابَعُوا حَتَّى عُرِفَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ

أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ." رواه مسلم رقم 1017

ومزيد من التوضيح في رواية النسائي عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ فَجَاءَ قَوْمٌ عُرَاةً حُفَاةً مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ

كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلالا فَأَذَّنَ فَأَقَامَ الصَّلاةَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ

مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ

مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ حَتَّى قَالَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى

رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا

وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا . "

رواه النسائي في المجتبى : كتاب الزكاة باب التحريض على الصّدقة

فيتبين من خلال القصة والمناسبة أنّ معنى قوله صلى الله عليه وسلم " من سنّ في الإسلام سنّة حسنة " أي : من أحيا سنّة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم أو دلّ عليها أو أمر بها أو عمل بها ليقتدي به من يراه أو يسمع عنه

ويدلّ على ذلك أيضا حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَثَّ عَلَيْهِ ( أي حثّ على التصدّق عليه ) فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا قَالَ

فَمَا بَقِيَ فِي الْمَجْلِسِ رَجُلٌ إِلاّ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اسْتَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ كَامِلاً وَمِنْ أُجُورِ مَنْ اسْتَنَّ بِهِ وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ

شَيْئًا وَمَنْ اسْتَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَاسْتُنَّ بِهِ فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ كَامِلا وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِي اسْتَنَّ بِهِ وَلا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا . رواه ابن ماجة في سننه رقم 204

فيتبيّن من خلال ما سبق بما لا يدع مجالا للشكّ أنّه لا يمكن أن يكون مراد النبي صلى الله عليه وسلم تجويز الابتداع في الدّين أو فتح الباب لما يسمّيه بعض الناس بالبدعة الحسنة وذلك لما يلي:

1- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يكرر مرارا وتكرارا أنّ : " كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " . رواه النسائي في سننه : صلاة العيدين :

باب كيف الخطبة والشاهد من هذا الحديث مروي من طريق جابر رضي الله عنه عند أحمد ومن طريق العرباض بن سارية عند أبي داود ومن طريق ابن مسعود رضي الله عنه عند ابن ماجة .

وكان صلى الله عليه وسلم يقول إِذَا خَطَبَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ .. " رواه مسلم رقم 867

فإذا كانت كلّ بدعة ضلالة فكيف بقال بعد ذلك أنّ هناك في الإسلام بدعة حسنة . هذا لعمر الله صريح المناقضة لما قرّره النبي صلى الله عليه وسلم وحذّر منه .

2- أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنّ من ابتدع في الدّين بدعة محدثة فإنّ عمله حابط مردود عليه لا يقبله الله كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله عنها قالت

: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ . " رواه البخاري فتح رقم 2697 فكيف يجوز بعد ذلك أن يقول شخص بجواز البدعة والعمل بها .

3- أنّ المبتدع الذي يضيف إلى الدّين ما ليس منه يلزم من فعله هذا عدة مساوئ كلّ واحد منها أسوأ من الآخر ومنها :
- اتهام الدّين بالنقص وأنّ الله لم يكمله وأن فيه مجالا للزيادة وهذا مصادم لقوله تعالى :

( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .

- أنّ الدّين بقي ناقصا من أيام النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء هذا المبتدع ليكمله من عنده .

- أنّه يلزم من إقرار البدعة اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بأحد أمرين : إما أن يكون جاهلا بهذه البدعة الحسنة !! أو أنه قد علمها وكتمها وغشّ الأمة فلم يبلّغها .

- أنّ أجر هذه البدعة الحسنة قد فات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح حتى جاء هذا المبتدع ليكسبه ، مع أنّه كان ينبغي عليه أن يقول في نفسه " لو كان خيرا لسبقونا إليه".

- أنّ فتح باب البدعة الحسنة سيؤدي إلى تغيير الدّين وفتح الباب للهوى والرأي ، لأنّ كلّ مبتدع يقول بلسان حاله إنّ ما جئتكم به أمر حسن ، فبرأي من نأخذ وبأيهم نقتدي؟

- إن العمل بالبدع يؤدي إلى إلغاء السنن وقول السّلف الذي يشهد به الواقع : ما أحييت بدعة إلا وأميتت سنّة . والعكس صحيح .

نسأل الله أن يجنبنا مضلات الهوى والفتن ما ظهر منها وما بطن والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-10-07, 20:47
اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع موضوع اخر

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

ابو عبد الرحمن هشام
2019-07-04, 21:01
جزاك الله خيرا

دكتورة نغم
2019-07-08, 02:40
الحمد لله على كل شيء

*عبدالرحمن*
2019-09-24, 05:36
جزاك الله خيرا

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

Ahmad Osman
2019-09-29, 13:47
جزاكم الله تعالى كل خير

*عبدالرحمن*
2020-10-08, 16:49
الحمد لله على كل شيء

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا
كما يليق بجلاله و عظيم سلطانه

بارك الله فيكِ