المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحث على اغتنام العشر الأواخر


أم سمية الأثرية
2016-06-24, 16:15
الحث على اغتنام العشر الأواخر



[خطبة جمعة للشيخ/
د. علي بن يحيي الحدادي -حفظه الله-]

----------------

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وتزدوا لآخرتكم بصالح الأقوال والأعمال. قبل هجوم المنايا وحلول الآجال، فإن خير الزاد التقوى، وإن الحياة الدائمة الباقية هي الحياة الأخرى، وإن العاقل الموفق هو الذي يغتنم مواسم الخيرات والبركات فيعمرها بما ينفعه يوم لقاء ربه. ويباعده من أسباب غضبه ومقته.

وإننا في شهر مبارك عظيم ، وإننا مقبلون على خير أيامه ولياليه ألا وهي العشر الأواخر من رمضان التي هي خير ليالي العام وفيها ليلة القدر التي هي خير من الف شهر.

عباد الله :
كان النبي -ﷺ- يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لايجتهد في غيرها وفي ذلك تقول عائشة -رضي الله عنها-:
«كَانَ النَّبِيُّ -ﷺ- إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ»١.

أي أنه كان إذا دخلت عليه العشر الأواخر شمّر للعبادة أكثر من عادته، وقيل إنه كان يجتنب فيها أهله تفرغاً للعبادة.

وكان يحيي ليالي هذه العشر أي يقضي لياليها مصلياً تالياً داعيا ًذاكراً ربه والمقصود أنه كان يحيي أكثر الليل لا أنه لا ينام في لياليها أبداً لقولها -رضي الله عنها- في حديث آخر:
«وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللهِ -ﷺ- قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا قَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ»٢.

و كان من هديه -ﷺ- في هذه العشر إيقاظ أهله حتى يأخذوا نصيبهم من هذه الليالي المباركة، وهذا من كمال نصحه وعنايته بأهله ولنا فيه عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة.

وكان من هديه -ﷺ- في هذه العشر أنه كان يعتكف فيها أي يلازم المسجد كل هذه العشر تجنباً للمشاغل وتفرغا للعبادة وتحرياً لليلة القدر. فإنها في العشر الأواخر من رمضان.

-والاعتكاف سنة باقية مستمرة فعن عائشة -رضي الله عنها- «أَنَّ النَّبِيَّ -ﷺ- ، كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ»٣.

فاجتهدوا في هذه العشر قدر الطاقة والإمكان، واغتنموا الفرص قبل الندم وفوات الأوان.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


•الخطبة الثانية:
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وتذكروا أنه قد ذهب أكثر الشهر وبقي أقله وما بقي منه خير مما ذهب، فاغتنموه أحسن اغتنام.
اجتهدوا في تلاوة كتاب الله وفي قيام لياليه صلاة وتلاوة وذكراً، واجتهدوا في تحري ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}

أي أن العبادة فيها تعدل عبادة الله أكثر من ثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر. وقد قال -ﷺ-:
«من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»
فاجتهدوا في تحريها ولا سيما في ليالي الأوتار قال -ﷺ-:
«التمسوها في العشر الأواخر»٤.

وقال -ﷺ-:
«تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر»٥.

ويشرع فيها الإكثار من جوامع الدعاء ولا سيما ما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- إذ سالت النبي -ﷺ- فقالت يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ: «تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»٦.

فأكثروا من هذا الدعاء في العشر كلها لأن ليلة القدر قد تكون في أي ليلة منها من شفع أو وتر.

اللهم تقبل صالح أعمالنا، وتجاوز عن سيئاتنا وزلاتنا، واختم لنا بعفوك وغفرانك والفوز بجناتك جنات النعيم، وأعذنا برحمتك من عذاب الجحيم.
اللهم آمنا في دورنا واصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم احفظ جنودنا بحفظك، وايدهم بتأييدك، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر

ــــــــــ
١-متفق عليه.
٢-أخرجه مسلم والنسائي واللفظ له.
٣-متفق عليه.
٤-متفق عليه.
٥-متفق عليه.
٦-رواه ابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح.

١٩ - ٩ - ١٤٣٧ ه‍

*آية*
2016-06-24, 16:16
السلام عليكم
شكرا على المعلومات القيمة

Wissam li
2016-06-25, 00:04
بارك الله فيك

المهاجرة 50
2016-06-25, 00:13
جزاكم الله خيرا