هاشمي غزلان
2009-09-28, 11:34
تنحصر الذات العربية اليوم بين متعاليات كثيرة تمارس الإقصاء والاستبعاد باسم شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان …..هي الأولى من خرقتها،فالساحة الدولية تنبئ عن حالة التشظي واللاتحديد واللامعقول على اثر التاْزمات التي تسير نحو التصاعد أكثر.
إن باستقرائنا للراهن العربي نلحظ أن خطابنا الديمقراطي هو صنيع هذه المتعاليات حتى ليصعب معها الفصل بين عنصر القداسة أو المحرم [التي هي من خصائص الذات الإلهية فقط]وبين المسموح ب هاو المفكر فيه الذي يطال جميع أوجه الحياة حتى السلطة العليا بجميع أشكالها.لقد التبست الحقائق السياسية والاجتماعية والثقافية ـ وان كان تسميتها بالحقائق من قبيل المقاربة إذ لا حقيقة موجودة في حد ذاتهاـ لبوس القداسة والتعالي ،حتى صار الذي يطالها بالنقد والمراجعة يخرج من دائرة الجماعة الاجتماعية أو الدينية أو الثقافية ويعامل على اثر ذلك بالنبذ والإقصاء.إذن حسبما قلنا فان المتعاليات تأخذ أشكالا مختلفة وعلى ضوئها سنحاول تقديم رؤيتنا إزاء موضوع الصحفي العراقي منتظر الزيدي .
لقد تشكل موقف الرئيس العراقي على اثر ضغط متعاليات ثلاث:متعاليات سياسية دولية ـ متعاليات أخلاقية نفسية ـ متعاليات إعلامية ثقافية.فأما النوع الأول من المتعاليات ـ أي السياسية الدولية ـ فقد خلقتها الأفضلية والاحكمية في موازين القوى ،إذ الذات الوطنية تتموضع داخل إطار المحكومية لا الحاكمية أي التبعية التي فرضتها العلاقات الدولية الجائرة التي لا تقوم إلا على عنصر الهيمنة والقوة ،من هنا كان النظر إلى بوش على انه الآخر المقابل في معناه كأيقونة للقوة والتقدم والتحكم والهيمنة وكل المصطلحات والمفاهيم المشحونة مقدما بايديولوجيا السيطرة وتاطير الرؤية حسب الواحدية العنصرية،هذا الأمر يجعل من الصعب على الرئيس العراقي أن يتعامل بمنطق الديمقراطية مع هذه القضية أو يعطيها حجمها الحقيقي،خاصة إذا علمنا أن العقل العربي السلطاني قد روض وعوض أناه المتعالية بذاتها ـ الأنا الجاهلية ـ بانا متعالية بغيرها ـ أي بالنموذج الأمريكي ـ .النوع الثاني هي المتعاليات النفسية الأخلاقية :لقد أوقعت هذه القضية السلطة السياسية ممثلة برئيسها في مأزق كبير إذ التحكمات النفسية اشد وطأة على النفس من غيرها،أين تكمن حاكمية الضمير الذي يجعل الموقف بين الإقدام والإحجام[وهذا ما يفسر إطالة المحاكمة أو تأجيلها باستمرار]،كما أن كل الشعارات المرفوعة حاليا تتصادم مع الموقف الرسمي الآني ،مما يشكل ضغطا ومتعاليات لا يطالها الخرق وإلا عد المساس بها من قبيل المساس بما تبجحت به المدنية المعاصرة من شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان،وهذا النوع الثاني من المتعاليات يقف موقف الضد من النوع الأول أي هو الذي يسير الموقف بشكل مضاد فيخلقان معا مساحة المعارضة والمساندة.
وأما المتعاليات الثقافية والإعلامية فهي التي تشكل موقف الرقابة على الموقف الرسمي ،إذ القضية اكتست بعدا عالميا صعب التعامل معها في إطار التحديد والقولبة أو الفبركة،ووضعها وفق خانة العنف أو الإرهاب بعد أن زاد الوعي العالمي بالخطر الأمريكي وزاد معه العداء والكره لها ،فالتعاطف مع موقف الصحفي العراقي وتكفل معظم القوى الإعلامية والثقافية بالدفاع عن هذه القضية شكل توجسا من الإقدام على أي إجراء يؤلب على السلطة هذه القوة الفاعلة بالضغط على الرأي العام الوطني وحتى الدولي.
قد يتساءل السائل فيقول:هذه المتعاليات هي في حقيقتها تشكل ظروفا ومعوقات ليس إلا ؟وهنا يمكننا القول :صحيح إنها تنشا كظروف معوقة لعنصر الحرية وتعامل كذلك فترة من الزمن،لكن مع مرور الوقت تتحول إلى غير المفكر فيه فيصبغ عليها عنصر القداسة والتعالي سواء من طرف السلطة المشكلة[الحاكم أو القوى النفسية أو السلطة الإعلامية]،أو من طرف الأفراد والجماعات.
في الأخير نقول أن تاْليه المؤسسات السياسية والمفاهيم لا تعلن إلا فشل المشروع الديمقراطي ،فعراق اليوم هي عراق الأمس ومن أخافتهم دكتاتورية صدام أعلنوا الوجه البديل عن دكتاتورية أعظم ،وأقول أعظم لان في هذا الموقف الذي يظهر فيه الوجه الامريكي ملمحه الديمقراطي المتمثل في التسامح واعتبار الفعل من قبيل الحرية الشخصية،ظهر الوجه العراقي الرسمي بعكسه تماما مما جعل موقف بوش يشكل صفعة موجهة للاتجاه البديل أي الاتجاه الاستبدادي المظلم ،وهذا الملمح الأخير لن يزال إلا بإعادة حساباتنا من جديد .كيف ذلك ؟هذا سأتركه لقرائي لطرح النقاش على ضوء هذه القضية .
هاشمي غزلان ـ سوق أهراس ـ الجزائرـ
إن باستقرائنا للراهن العربي نلحظ أن خطابنا الديمقراطي هو صنيع هذه المتعاليات حتى ليصعب معها الفصل بين عنصر القداسة أو المحرم [التي هي من خصائص الذات الإلهية فقط]وبين المسموح ب هاو المفكر فيه الذي يطال جميع أوجه الحياة حتى السلطة العليا بجميع أشكالها.لقد التبست الحقائق السياسية والاجتماعية والثقافية ـ وان كان تسميتها بالحقائق من قبيل المقاربة إذ لا حقيقة موجودة في حد ذاتهاـ لبوس القداسة والتعالي ،حتى صار الذي يطالها بالنقد والمراجعة يخرج من دائرة الجماعة الاجتماعية أو الدينية أو الثقافية ويعامل على اثر ذلك بالنبذ والإقصاء.إذن حسبما قلنا فان المتعاليات تأخذ أشكالا مختلفة وعلى ضوئها سنحاول تقديم رؤيتنا إزاء موضوع الصحفي العراقي منتظر الزيدي .
لقد تشكل موقف الرئيس العراقي على اثر ضغط متعاليات ثلاث:متعاليات سياسية دولية ـ متعاليات أخلاقية نفسية ـ متعاليات إعلامية ثقافية.فأما النوع الأول من المتعاليات ـ أي السياسية الدولية ـ فقد خلقتها الأفضلية والاحكمية في موازين القوى ،إذ الذات الوطنية تتموضع داخل إطار المحكومية لا الحاكمية أي التبعية التي فرضتها العلاقات الدولية الجائرة التي لا تقوم إلا على عنصر الهيمنة والقوة ،من هنا كان النظر إلى بوش على انه الآخر المقابل في معناه كأيقونة للقوة والتقدم والتحكم والهيمنة وكل المصطلحات والمفاهيم المشحونة مقدما بايديولوجيا السيطرة وتاطير الرؤية حسب الواحدية العنصرية،هذا الأمر يجعل من الصعب على الرئيس العراقي أن يتعامل بمنطق الديمقراطية مع هذه القضية أو يعطيها حجمها الحقيقي،خاصة إذا علمنا أن العقل العربي السلطاني قد روض وعوض أناه المتعالية بذاتها ـ الأنا الجاهلية ـ بانا متعالية بغيرها ـ أي بالنموذج الأمريكي ـ .النوع الثاني هي المتعاليات النفسية الأخلاقية :لقد أوقعت هذه القضية السلطة السياسية ممثلة برئيسها في مأزق كبير إذ التحكمات النفسية اشد وطأة على النفس من غيرها،أين تكمن حاكمية الضمير الذي يجعل الموقف بين الإقدام والإحجام[وهذا ما يفسر إطالة المحاكمة أو تأجيلها باستمرار]،كما أن كل الشعارات المرفوعة حاليا تتصادم مع الموقف الرسمي الآني ،مما يشكل ضغطا ومتعاليات لا يطالها الخرق وإلا عد المساس بها من قبيل المساس بما تبجحت به المدنية المعاصرة من شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان،وهذا النوع الثاني من المتعاليات يقف موقف الضد من النوع الأول أي هو الذي يسير الموقف بشكل مضاد فيخلقان معا مساحة المعارضة والمساندة.
وأما المتعاليات الثقافية والإعلامية فهي التي تشكل موقف الرقابة على الموقف الرسمي ،إذ القضية اكتست بعدا عالميا صعب التعامل معها في إطار التحديد والقولبة أو الفبركة،ووضعها وفق خانة العنف أو الإرهاب بعد أن زاد الوعي العالمي بالخطر الأمريكي وزاد معه العداء والكره لها ،فالتعاطف مع موقف الصحفي العراقي وتكفل معظم القوى الإعلامية والثقافية بالدفاع عن هذه القضية شكل توجسا من الإقدام على أي إجراء يؤلب على السلطة هذه القوة الفاعلة بالضغط على الرأي العام الوطني وحتى الدولي.
قد يتساءل السائل فيقول:هذه المتعاليات هي في حقيقتها تشكل ظروفا ومعوقات ليس إلا ؟وهنا يمكننا القول :صحيح إنها تنشا كظروف معوقة لعنصر الحرية وتعامل كذلك فترة من الزمن،لكن مع مرور الوقت تتحول إلى غير المفكر فيه فيصبغ عليها عنصر القداسة والتعالي سواء من طرف السلطة المشكلة[الحاكم أو القوى النفسية أو السلطة الإعلامية]،أو من طرف الأفراد والجماعات.
في الأخير نقول أن تاْليه المؤسسات السياسية والمفاهيم لا تعلن إلا فشل المشروع الديمقراطي ،فعراق اليوم هي عراق الأمس ومن أخافتهم دكتاتورية صدام أعلنوا الوجه البديل عن دكتاتورية أعظم ،وأقول أعظم لان في هذا الموقف الذي يظهر فيه الوجه الامريكي ملمحه الديمقراطي المتمثل في التسامح واعتبار الفعل من قبيل الحرية الشخصية،ظهر الوجه العراقي الرسمي بعكسه تماما مما جعل موقف بوش يشكل صفعة موجهة للاتجاه البديل أي الاتجاه الاستبدادي المظلم ،وهذا الملمح الأخير لن يزال إلا بإعادة حساباتنا من جديد .كيف ذلك ؟هذا سأتركه لقرائي لطرح النقاش على ضوء هذه القضية .
هاشمي غزلان ـ سوق أهراس ـ الجزائرـ