yacinp2
2009-09-02, 11:00
ويقول : ((ولقد كان من جرّاء مباكرة الدين الناشيء بالتمكين منه للعصبة الأموية على يدي الخليفة الثالث ...))(1)إلخ .
ويقول : ((مضى عثمان إلى رحمة ربِّه وقد خلّف الدولة الأموية قائمة بالفعل بفضل ما مكّن لها في الأرض وبخاصة في الشام ، وبفضل ما مكّن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام من إقامة الملك الوراثي والاستئثار بالمغانم والأموال))(2).
أقول : لو جهد الخميني وغلاة الروافض في الطعن على عثمان لَمَا استطاعوا أن يقولوا أشدَّ من هذه المطاعن في الخليفة الراشد المظلوم .
وما أظنُّ سيدًا يقلُّ حقدًا وبغضـًا لبني أمية عن أشدّ الغلاة؛ فترى عبارته تنضح بذلك ، ونعوذ بالله من هذا الداء ، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم : ((لا يزال الإسلام عزيزًا ما ولي أمرُ هذه الأمة اثنا عشر خليفة)) ؟ .
قال ابن كثير : ((وفيها ( أي : في سنة ثلاث وتسعين ) افتتح محمد بن القاسم
ـ وهو ابن عم الحجاج بن يوسف ـ مدينة الدبيل وغيرها من بلاد الهند ، وكان قد ولاّه الحجاج غزو الهند وعمره سبع عشرة سنة؛ فسار في الجيوش فلقوا الملك داهر ـ وهو ملك الهند ـ في جمع عظيم ومعه سبعة وعشرون فيلاً منتخبة ، فاقتتلوا فهزمهم الله وهرب الملك داهر ، فلما كان الليل أقبل الملك ومعه خلْق كثير جدًّا ، فاقتتلوا قتالاً شديدًا ، فقتل الملك داهر وغالب من معه ، وتبع المسلمون من انهزم من الهنود فقتلوه
ثم سار محمد بن القاسم فافتتح مدينة الكبرج وبرها ، ورجع بغنائم كثيرة وأموال لا تحصى كثرة من الجواهر والذهب وغير ذلك؛ فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ، ليس لهم شغل إلاّ ذلك ، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ، وبرها وبحرها؛ وقد أذلّوا الكفرَ وأهلَه ، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبـًا ، لا يتوجّه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه؛ وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو الصالحون والأولياء والعلماء من كبار التابعين في كلّ جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينَه؛ فقتيبة بن مسلم يفتح في بلاد الترك ، يقتل ويسبي ويغنم ، حتى وصل إلى تخوم الصين ، وأرسل إلى ملكه يدعوه ، فخاف منه وأرسل له هدايا وتحفـًا وأموالاً كثيرة هديّة ، وبعث يستعطفه مع قوته وكثرة جنده))(3).
قارن بين هذا الكلام المنصف الذي يوضِّحُ عزة الإسلام ومكانة بني أمية الذين أعزّ الله بهم الإسلام قارن بينَه وبين كلام سيد قطب الآتي :
((لقد اتسعت رقعة الإسلام فيما بعد ، ولكن روحه انحسرت بلا جدال . وما قيمة الرقعة إذا انحسرت الروح ؟ ، ولولا قوة كامنة في طبيعة هذا الدين وفيض عارم في طاقته الروحية لكانت أيام أميّة كفيلة بالقضاء عليه القضاء الأخير))(4).
وسوف يتبدّد هذا الخرص والخبط الذي يدور في دوامته سيد قطب ، ستتبدد هذه الأوهام والمزاعم التي لا يسندها عقل ولا نقل حين يعلم القارئ أن عثمان والأمة وبني مروان أنفسهم ما كان يدور في خلدهم شيء من هذا الأوهام التي ملأت دماغ سيد قطب حول عثمان وبني أمية .
فقد روى البخاري من طريق هشام بن عروة عن أبيه قال : أخبرني مروان بن الحكم قال : ((أصاب عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ رعاف شديد سنة
الرعاف حتى حبسه عن الحج وأوصى ، فدخل عليه رجلٌ من قريش قال : استخلف ، قال : وقالوه ؟ ، قال : نعم ، قال : ومَن ؟ ، فسكت ، فدخل عليه رجلٌ آخر ـ أحسبه الحارث ـ فقال : استخلف ، فقال عثمان : وقالوا ؟ ، فقال : نعم ، قال : ومن هو ؟ ، فسكت ، قال : فلعلهم قالوا إنه الزبير ؟ ، قال : نعم ، قال : أما والذي نفسي بيده إنه لخيرُهم ما علمت ، وإن كان لأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)) .
وروى من طريق أبي أسامة عن هشام أخبرني أبي : سمعت مروان بن الحكم : ((كنت عند عثمان أتاه رجل فقال : استخلف ، قال : نعم ، الزبير ، قال : أما والله إنكم لتعلمون أنه خيركم ثلاثـًا))(5).
خليفة طاهر مؤمن ، ومجتمع طاهر مؤمن لا يدور في خلدهم حول الاستخلاف وغيره إلاّ ما كان يدور في عهد عمر ـ رضي الله عنه ـ من أهميّة الاستخلاف ، بل تجاوز الأمر ذلك إلى ترشيح رجل معيّن هو في نظرهم أفضل الصحابة الموجودين .
فطابق ذلك ما في نفس الخليفة عثمان ـ رضي الله عنه ـ فيدلي بشهادته مؤكِّدًا صواب اختيارهم وترشيحهم .
ومن يحثه على الاستخلاف وتنفيذ رغبة الأمة ؟ ، أنه مروان بن الحكم وأخوه . فأين التمكين لبني أمية ؟ ، وأين هي الدولة الأمويّة القائمة بالفعل ؟ .
ولَمّا ثار أهل الفتنة على عثمان كان أشدّ المحرِّضين والمتآمرين وأقواهم هو محمد بن أبي حذيفة الأموي ، ولما استشهد عثمان تمّت البيعة في العالم الإسلامي إلا الشام لعلي بن أبي طالب الهاشمي لا الأموي .
وقد عرضت على غيره كطلحة بن عبيد الله التيمي ، والزبير بن العوام الأسدي ، ولم تعرض على أحدٍ من بني أمية؛ فأين التمكين لبني أميّة .
وهناك خبرٌ مضمونُه أن عثمان كتب العهد لعبد الرحمن بن عوف : قال ابن شبة(6): حدثنا إبراهيم بن المنذر قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني ابن لهيعة ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أزهر ،
عن أبيه ، عن جدِّه : أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ اشتكى رعافـًا فدعى حمران
فقال : اكتب لعبد الرحمن العهد من بعدي ، فكتب له ، فانطلق حمران فقال لي
البشرى ؟ ، قال : لك البشرى وذاك ماذا ؟ ، قال : إن عثمان قد كتب لك العهد من بعدِه ، فأقبل عبد الرحمن إلى عثمان فقال : أكان يصلح لك أن تكتب لي العهد من بعدك؛ والله يعلم أني أخشى أن يحاسبني في أهلي ألاّ أكون أعدل بينهم فكيف
بأمة محمد ؟! ، فقال عثمان ـ رضي الله عنه ـ : عزمتُ عليك أَحُمران أخبرك ؟ ، قال : نعم ، قال : يا حمران فأعاهد الله ألا تساكنني أبدًا ، فأخرجه ، وأما أنتَ يا أبا محمد فهل وليتني هذا الأمر يوم وليته وأنت تقدر على أن تصرف ذلك إلى نفسك أو توليه من بدا لك وفي القوم من هو أمسّ بك يومئذ رحمـًا مني إلا رجاء الصلة والإحسان فيما بيني وبينك ؟ ، فقال عبد الرحمن : وليتك ما وليتك والله يعلم أني قد اجتهدت ولم آلُ أن أجد خير عباده ، أما أنا فكان يعلم الله موضعي ما لم أكن لأليها ، وأما أنا فاجتهدت لأمة محمد فوليت أمرهم خيرهم ، فإذا سألني قلتُ : يا رب وليت أمرهم خيرهم ( فيما )أعلم ، قال عثمان : فاجتهدت أنت لنفسك وحرصت وأنا والله ما آلو أن أجتهد وأحرص في أفضل من أعلم والله لا أفتك هذا من رقبتك أبدًا .
.
فلما رأى ذلك عبد الرحمن انصرف ، فقام بين المنبر والقبر فدعى فقال : اللهم إن كان من تولية عثمان إيَّاي ما ولاني فأمتني قبل عثمان ، فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى
قبضه الله))(7).
هذا إن ثبت فيحتمل أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ عرض الأمرَ على الزبير فرفض أن يكون خليفة؛ لأنه كان يرفض الولايات من أيام عمر ، ثم ترجّح له أن يكتب لعبد الرحمن ويكتم ذلك عنه .
وفي هذا الخبر ثناء عبد الرحمن على عثمان في آخر حياته ، وأنه خيرُ أصحاب محمد بعد أبي بكر وعمر ، وفيه ثناء عثمان على عبد الرحمن واعتقاده أنه أفضل من يعلم .
وهذه النصوص من أعظم الشواهد أن الأمة في عهد عثمان لم تبعد عما كانت عليه في عهد عمر ، وأنهم خير القرون كما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنّ تصوّر حقيقة الحكم لا يزال كما هو في عهد عمر لم يتغيّر لا في أذهان الأمة ولا في ذهن عثمان ولا في ذهن أحدٍ من بني أمية ، ولا يقول بخلاف ذلك إلاّ أهل الأغراض والأحقاد من الروافض ومَن سار على دربهم من أهل الفتن .
مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (http://www.rabee.net/book_index.aspx?pid=1&id=13)
الشيخ المحدث ربيع بن هادي بن محمد عمير المدخلي
ويقول : ((مضى عثمان إلى رحمة ربِّه وقد خلّف الدولة الأموية قائمة بالفعل بفضل ما مكّن لها في الأرض وبخاصة في الشام ، وبفضل ما مكّن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام من إقامة الملك الوراثي والاستئثار بالمغانم والأموال))(2).
أقول : لو جهد الخميني وغلاة الروافض في الطعن على عثمان لَمَا استطاعوا أن يقولوا أشدَّ من هذه المطاعن في الخليفة الراشد المظلوم .
وما أظنُّ سيدًا يقلُّ حقدًا وبغضـًا لبني أمية عن أشدّ الغلاة؛ فترى عبارته تنضح بذلك ، ونعوذ بالله من هذا الداء ، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم : ((لا يزال الإسلام عزيزًا ما ولي أمرُ هذه الأمة اثنا عشر خليفة)) ؟ .
قال ابن كثير : ((وفيها ( أي : في سنة ثلاث وتسعين ) افتتح محمد بن القاسم
ـ وهو ابن عم الحجاج بن يوسف ـ مدينة الدبيل وغيرها من بلاد الهند ، وكان قد ولاّه الحجاج غزو الهند وعمره سبع عشرة سنة؛ فسار في الجيوش فلقوا الملك داهر ـ وهو ملك الهند ـ في جمع عظيم ومعه سبعة وعشرون فيلاً منتخبة ، فاقتتلوا فهزمهم الله وهرب الملك داهر ، فلما كان الليل أقبل الملك ومعه خلْق كثير جدًّا ، فاقتتلوا قتالاً شديدًا ، فقتل الملك داهر وغالب من معه ، وتبع المسلمون من انهزم من الهنود فقتلوه
ثم سار محمد بن القاسم فافتتح مدينة الكبرج وبرها ، ورجع بغنائم كثيرة وأموال لا تحصى كثرة من الجواهر والذهب وغير ذلك؛ فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ، ليس لهم شغل إلاّ ذلك ، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ، وبرها وبحرها؛ وقد أذلّوا الكفرَ وأهلَه ، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبـًا ، لا يتوجّه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه؛ وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو الصالحون والأولياء والعلماء من كبار التابعين في كلّ جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينَه؛ فقتيبة بن مسلم يفتح في بلاد الترك ، يقتل ويسبي ويغنم ، حتى وصل إلى تخوم الصين ، وأرسل إلى ملكه يدعوه ، فخاف منه وأرسل له هدايا وتحفـًا وأموالاً كثيرة هديّة ، وبعث يستعطفه مع قوته وكثرة جنده))(3).
قارن بين هذا الكلام المنصف الذي يوضِّحُ عزة الإسلام ومكانة بني أمية الذين أعزّ الله بهم الإسلام قارن بينَه وبين كلام سيد قطب الآتي :
((لقد اتسعت رقعة الإسلام فيما بعد ، ولكن روحه انحسرت بلا جدال . وما قيمة الرقعة إذا انحسرت الروح ؟ ، ولولا قوة كامنة في طبيعة هذا الدين وفيض عارم في طاقته الروحية لكانت أيام أميّة كفيلة بالقضاء عليه القضاء الأخير))(4).
وسوف يتبدّد هذا الخرص والخبط الذي يدور في دوامته سيد قطب ، ستتبدد هذه الأوهام والمزاعم التي لا يسندها عقل ولا نقل حين يعلم القارئ أن عثمان والأمة وبني مروان أنفسهم ما كان يدور في خلدهم شيء من هذا الأوهام التي ملأت دماغ سيد قطب حول عثمان وبني أمية .
فقد روى البخاري من طريق هشام بن عروة عن أبيه قال : أخبرني مروان بن الحكم قال : ((أصاب عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ رعاف شديد سنة
الرعاف حتى حبسه عن الحج وأوصى ، فدخل عليه رجلٌ من قريش قال : استخلف ، قال : وقالوه ؟ ، قال : نعم ، قال : ومَن ؟ ، فسكت ، فدخل عليه رجلٌ آخر ـ أحسبه الحارث ـ فقال : استخلف ، فقال عثمان : وقالوا ؟ ، فقال : نعم ، قال : ومن هو ؟ ، فسكت ، قال : فلعلهم قالوا إنه الزبير ؟ ، قال : نعم ، قال : أما والذي نفسي بيده إنه لخيرُهم ما علمت ، وإن كان لأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)) .
وروى من طريق أبي أسامة عن هشام أخبرني أبي : سمعت مروان بن الحكم : ((كنت عند عثمان أتاه رجل فقال : استخلف ، قال : نعم ، الزبير ، قال : أما والله إنكم لتعلمون أنه خيركم ثلاثـًا))(5).
خليفة طاهر مؤمن ، ومجتمع طاهر مؤمن لا يدور في خلدهم حول الاستخلاف وغيره إلاّ ما كان يدور في عهد عمر ـ رضي الله عنه ـ من أهميّة الاستخلاف ، بل تجاوز الأمر ذلك إلى ترشيح رجل معيّن هو في نظرهم أفضل الصحابة الموجودين .
فطابق ذلك ما في نفس الخليفة عثمان ـ رضي الله عنه ـ فيدلي بشهادته مؤكِّدًا صواب اختيارهم وترشيحهم .
ومن يحثه على الاستخلاف وتنفيذ رغبة الأمة ؟ ، أنه مروان بن الحكم وأخوه . فأين التمكين لبني أمية ؟ ، وأين هي الدولة الأمويّة القائمة بالفعل ؟ .
ولَمّا ثار أهل الفتنة على عثمان كان أشدّ المحرِّضين والمتآمرين وأقواهم هو محمد بن أبي حذيفة الأموي ، ولما استشهد عثمان تمّت البيعة في العالم الإسلامي إلا الشام لعلي بن أبي طالب الهاشمي لا الأموي .
وقد عرضت على غيره كطلحة بن عبيد الله التيمي ، والزبير بن العوام الأسدي ، ولم تعرض على أحدٍ من بني أمية؛ فأين التمكين لبني أميّة .
وهناك خبرٌ مضمونُه أن عثمان كتب العهد لعبد الرحمن بن عوف : قال ابن شبة(6): حدثنا إبراهيم بن المنذر قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني ابن لهيعة ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أزهر ،
عن أبيه ، عن جدِّه : أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ اشتكى رعافـًا فدعى حمران
فقال : اكتب لعبد الرحمن العهد من بعدي ، فكتب له ، فانطلق حمران فقال لي
البشرى ؟ ، قال : لك البشرى وذاك ماذا ؟ ، قال : إن عثمان قد كتب لك العهد من بعدِه ، فأقبل عبد الرحمن إلى عثمان فقال : أكان يصلح لك أن تكتب لي العهد من بعدك؛ والله يعلم أني أخشى أن يحاسبني في أهلي ألاّ أكون أعدل بينهم فكيف
بأمة محمد ؟! ، فقال عثمان ـ رضي الله عنه ـ : عزمتُ عليك أَحُمران أخبرك ؟ ، قال : نعم ، قال : يا حمران فأعاهد الله ألا تساكنني أبدًا ، فأخرجه ، وأما أنتَ يا أبا محمد فهل وليتني هذا الأمر يوم وليته وأنت تقدر على أن تصرف ذلك إلى نفسك أو توليه من بدا لك وفي القوم من هو أمسّ بك يومئذ رحمـًا مني إلا رجاء الصلة والإحسان فيما بيني وبينك ؟ ، فقال عبد الرحمن : وليتك ما وليتك والله يعلم أني قد اجتهدت ولم آلُ أن أجد خير عباده ، أما أنا فكان يعلم الله موضعي ما لم أكن لأليها ، وأما أنا فاجتهدت لأمة محمد فوليت أمرهم خيرهم ، فإذا سألني قلتُ : يا رب وليت أمرهم خيرهم ( فيما )أعلم ، قال عثمان : فاجتهدت أنت لنفسك وحرصت وأنا والله ما آلو أن أجتهد وأحرص في أفضل من أعلم والله لا أفتك هذا من رقبتك أبدًا .
.
فلما رأى ذلك عبد الرحمن انصرف ، فقام بين المنبر والقبر فدعى فقال : اللهم إن كان من تولية عثمان إيَّاي ما ولاني فأمتني قبل عثمان ، فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى
قبضه الله))(7).
هذا إن ثبت فيحتمل أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ عرض الأمرَ على الزبير فرفض أن يكون خليفة؛ لأنه كان يرفض الولايات من أيام عمر ، ثم ترجّح له أن يكتب لعبد الرحمن ويكتم ذلك عنه .
وفي هذا الخبر ثناء عبد الرحمن على عثمان في آخر حياته ، وأنه خيرُ أصحاب محمد بعد أبي بكر وعمر ، وفيه ثناء عثمان على عبد الرحمن واعتقاده أنه أفضل من يعلم .
وهذه النصوص من أعظم الشواهد أن الأمة في عهد عثمان لم تبعد عما كانت عليه في عهد عمر ، وأنهم خير القرون كما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنّ تصوّر حقيقة الحكم لا يزال كما هو في عهد عمر لم يتغيّر لا في أذهان الأمة ولا في ذهن عثمان ولا في ذهن أحدٍ من بني أمية ، ولا يقول بخلاف ذلك إلاّ أهل الأغراض والأحقاد من الروافض ومَن سار على دربهم من أهل الفتن .
مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (http://www.rabee.net/book_index.aspx?pid=1&id=13)
الشيخ المحدث ربيع بن هادي بن محمد عمير المدخلي