المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مؤلفات سلطان العلماء العلامة العز بن عبدالسلام


احمد الطيباوي
2014-09-24, 21:38
سلطان العلماء العلامة العز بن عبدالسلام

العز بن عبد السلام، عالم دين مسلم سنّي وفقيه شافعي، الملقب بـ "عز الدين" و"سلطان العلماء" و"بائع الملوك". برز في زمن الحروب الصليبية وعاصر الدول الإسلامية المنشقة عن الخلافة العباسية في آخر عهدها. ولعل أبرز نشاطه هو دعوته القوية لمواجهة الغزو المغولي التتري وشحذه لهمم الحكام ليقودوا الحرب على الغزاة، خصوصا قطز قائد جيوش السلطان عز الدين أيبك.

نسبه ومولده ونشأته

هو أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن بن محمد بن مهذّب السُلمي، مغربي الأصل. ولد في دمشق في سوريا عام 577 هـ، وعاش فيها وبرز في الدعوة والفقه، وقد نشأ في دمشق في كنف أسرة متدينة فقيرة مغمورة،وسافر وعائلته إلى دمشق ليستقر هناك وابتدأ العلم في سنّ متأخرة نسبياً.

صفاته ومزاياه

كان العزّ بن عبد السلام جليلاً مهاباً حسن الصورة، منبسط الأسارير، متواضعاً في مظهره وملبسه، وكان لا يتأنّق ولا يتكلّف الحشمة ولا يستألف الوقار استألافاً، ولم يكن يتقيد بوضع العمامة على رأسه كما كانت عادة العلماء والفقهاء في عصره[بحاجة لمصدر]، وقد يلبس قبعة اللباد (طاقية من الصوف يغلب عليها اللون الداكن أو الأبيض)، وكان يحضر الأماكن العامّة والمجالس الرسمية بها. وقد خالط العزّ كبار دولة بني أيوب التي أنشأها صلاح الدين في الشام ومصر.

طلبه للعلم

يروي السبكي عن والده أن العزّ بن عبد السلام كان فقيراً في أول أمره، ولم يشتغل بالعلم إلا على كبر، وأنه قد ابتدأ بقراءة "التنبيه" فحفظه في مدة وجيزة، ثم أقبل بعد ذلك على المزيد من العلم حتى صار أحد أعلم زمانه. فقد قصد العزّ فطاحل العلماء في عصره، وجلس في حلقاتهم، ونهل من علومهم، وتأثر وبأخلاقهم، واستوعب العلوم في مدة تعتبر وجيزة. فقد قال عن نفسه: «ما احتجت في علم من العلوم إلى أن أكمله على الشيخ الذي أقرأ عليه إلا وقال لي الشيخ: قد استغنيت عني، فاشتغل مع نفسك، ولم أقنع بذلك، بل لا أبرح حتى أكمل الكتاب الذي أقرؤه عليه في ذلك العلم». وجمع العزّ في تحصيله بين العلوم الشرعية والعلوم العربية، فقد برز أيضا في اللغة والنحو والبلاغة وعلم الخلاف.
وكان أكثر تحصيله في دمشق نفسها، ولكنه ارتحل أيضا إلى بغداد للازدياد من العلم، إذ كانت في زمانه الرحلة لطلب العلم قاعدة مستقرة، تعتبر منقبة ومفخرة لصاحبها. وقد رحل إلى بغداد عام 597 هـ وأقام بها أشهراً، ثم عاد إلى دمشق.

شيوخه

فخر الدين بن عساكر، وقد قرأ عليه الفقه.
سيف الدين الآمدي، وقد قرأ عليه الأصول.
الحافظ أبي محمد القاسم بن عساكر، وقد سمع منه الحديث.

سلوكه للتصوف

كان العز بن عبد السلام في بداية أمره منكراً على الصوفية إلا أنه بعدما التقى بالشيخ أبو الحسن الشاذلي سلك التصوف وبدأ يحضر دروسهم، قال السيوطي في رسالته "تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي": «الشيخ عز الدين كان في أول أمره على طريقة الفقهاء من المسارعة إلى الإنكار على الصوفية، فلما حجّ الشيخ أبو الحسن الشاذلي ورجع، جاء إلى الشيخ عز الدين وأقرأه السلام من النبي صلى الله عليه وسلم، فخضع الشيخ عز الدين لذلك ولزم مجلس الشاذلي وصار يبالغ في الثناء على الصوفية لما فهم طريقهم على وجهها وصار يحضر معهم مجالس السماع ويرقص فيها» [1][2]. وكان قد رجع أيضاً عن إنكاره على ابن عربي الصوفي، قال السيوطي: «وحكي عن خادم الشيخ عز الدين قدس الله روحه أنه دخل مع الشيخ إلى الجامع بدمشق، فقال الخادم للشيخ عز الدين: أنت وعدتني أنك تريني القطب. فقال له: ذلك القطب، وأشار إلى ابن عربي وهو جالس والخلق حلقة حوله. فقال له: يا سيدي فأنت تقول فيه ما تقول؟ فقال له: هو القطب، فكرر عليه القول وهو يقول له ذلك» [3]. كما أخذ التصوف من شهاب الدين عمر السهروردسي، وقرأ بين يديه الرسالة القشيرية[4].

في دمشق

حكم دمشق في أيام العزّ بن عبد السلام الملك الأشرف موسى ومن بعده الملك الصالح عماد الدين إسماعيل من بني أيّوب، فقدّرا للعزّ تفوّقه في العلم وولّوه خطابة جامع بني أمية الكبير بدمشق. وبعد فترة قام الملك الصالح بقتال ابن أخيه الملك الصالح نجم الدين أيوب، حاكم مصر آنذاك، لانتزاع السلطه منه، مما أدّى بالصالح إسماعيل إلى موالاة الصليبين، فأعطاهم حصن صفد والشقيف وسمح لهم بدخول دمشق لشراء السلاح والتزوّد بالطعام وغيره. فاستنكر العزّ بن عبد السلام ذلك وصعد المنبر وخطب في الناس خطبة عصماء، فأفتى بحُرمة بيع السلاح للفرنجة، وبحُرمة الصلح معهم، وقال في آخر خطبته «اللهم أبرم أمرا رشدا لهذه الأمة، يعزّ فيه أهل طاعتك، ويذلّ فيه أهل معصيتك»، ثم نزل من المنبر دون الدّعاء للحاكم الصالح إسماعيل (كعادة خطباء الجمعة)، فاعتبِر الملك ذلك عصيانا وشقّا لعصا طاعته، فغضب علي العزّ وسجنه. فلما تأثّر الناس، واضطرب أمرهم، أخرجه الملك من سجنه وأمر بإبعاده عن الخطابة في الجوامع. فترك العزّ الشام وسافر إلى مصر.

في مصر

وصل العزّ بن عبد السلام إلى مصر سنة 639هـ، فرحّب به الملك الصالح نجم الدين أيوب وأكرم مثواه، ثم ولاّه الخطابة والقضاء. وكان أول ما لاحظه العزّ بعد توليه القضاء قيام الأمراء المماليك، وهم مملوكون لغيرهم، بالبيع والشراء وقبض الأثمان والتزوّج من الحرائر، وهو ما يتعارض في نظره مع الشرع الإسلامي، إذ هم في الأصل عبيد لا يحق لهم ما يحق للأحرار. فامتنع أن يمضي لهم بيعاً أو شراء، فتألّبوا عليه وشكوه إلى الملك الصالح الذي لم تعجبه بدوره فتوى العزّ، فأمره أن يعْدل عن فتواه، فلم يأتمر بأمره، بل طلب من الملك ألا يتدخل في القضاء إذ هو ليس من شأن السلطان، وأدّى به أنكاره لتدخّل السلطان في القضاء أن قام فجمع أمتعته ووضعها علي حماره ثم قال: «ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها»[5]؟ إشارة منه إلى الآية القرآنية. ويرْوى أنّه تجمّع أهل مصر حوله، واستعدّ العلماء والصلحاء للرحيل معه، فخرج الملك الصالح يترضّاه، وطلب منه أن يعود وينفذ حكم الشرع.[6]). فاقترح العزّ على الأمراء المماليك أن يعقد لهم مجلساً وينادي عليكم (بالبيع) لبيت مال المسلمين[7]. وعندما نصحه أحد أبنائه بأن لا يتعرّض للأمراء خشية بطشهم، ردّ عليه بقوله: «أأبوك أقلّ من أن يُقتل في سبيل الله؟».

وفي آخر دولة الأيوبيين تولت الحكم امرأة هي شجرة الدر، في تجربة تعدّ الثّالثة في تاريخ الإسلام (بعد تولي رضية الدين سلطنة دلهي 634 هـ - 638 هـ، وأروى بنت أحمد الصليحي باليمن 492 هـ - 532 هـ) وكان العزّ بن عبد السلام من الذين استنكروا الأمر وعارضوه جهرة، لاعتقاده مخالفة ذلك للشرع، ولم يدم حكم شجرة الدرّ سوى 80 يوماً، إذ تنازلت على عرشها للأمير عز الدين أيبك الذي تزوّجته وبقيت تحكم من خلاله.
وبعد وصول قطز لسدّة الحكم في مصر، وظهور خطر التتار ووصول أخبار فظائعهم، عمل العزّ على تحريض الحاكم واستنفاره لملاقاة التتار الزاحفين. ولما أمر قطز بجمع الأموال من الرّعية للإعداد للحرب، وقف العزّ بن عبد السلام في وجهه، وطالبه ألا يؤخذ شيئا من الناس إلا بعد إفراغ بيت المال، وبعد أن يخرج الأمراء وكبار التجار من أموالهم وذهبهم المقادير التي تتناسب مع غناهم حتى يتساوى الجميع في الأنفاق، فنزل قطز على حكم العزّ بن عبد السلام.

مؤلفاته

ترك العزّ تراثاً علمياً ضخماً في علوم التفسير والحديث والسيرة والعقيدة والفقه وأصول الفقه، وكتباً في الزهد والتصوف، منها:
الفوائد في اختصار المقاصد.
تفسير العز بن عبد السلام (تفسير القرآن).
قواعد الأحكام في مصالح الأنام.
الإمام في بيان أدلة الأحكام.
الفتاوى المصرية .
الفتاوى الموصلية .
الغاية في اختصار النهاية .
كتاب القواعد الكبرى .
بيان احوال الناس يوم القيامة .
تلاميذه[عدل]
ابن دقيق العيد.
شهاب الدين القرافي.
أحمد بن فرح الأشبيلي المحدث الفقيه.
شرف الدين الدمياطي.
أبو شامة النحوي الأصولي المؤرخ.

وفاته

توفي العزّ بن عبد السلام في تاريخ 10 جمادى الأولى سنة 660 هـ الموافق 1262م في مصر.

كتب عن العز بن عبد السلام

علي الصلابي، "سلسلة فقهاء النهوض الشيخ عز الدين بن عبد السلام، سلطان العلماء وبائع الأمراء".
عبد الرحمن الشرقاوي، "أئمة الفقه التسعة"، كتاب اليوم، أخبار اليوم: 1983.
الدكتور علي عبد مشالي مؤلف كتاب " المادة التاريخية في مؤلفات الشيخ العز بن عبد السلام الدمشقي " دراسة تاريخية تحليلية في مؤلفاته ومنهجه وموارده/ عام 2004 م/ بغداد/ العراق .

مصادر الترجمة

^ تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي، تأليف: السيوطي، ص3-4.
^ لطائف المنن، تأليف: ابن عطاء الله السكندري، ص77.
^ تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي، تأليف: السيوطي، ص17.
^ الموسوعة العربية: ابن عبد السلام
^ عبد الرحمن الشرقاوي، «أئمة الفقه التسعة»، كتاب اليوم، أخبار اليوم: 1983ص 360-361
^ عبد الرحمن الشرقاوي، «أئمة الفقه التسعة»، كتاب اليوم، أخبار اليوم، 1983، ص 359
^ السيوطي، حسن المحاضرة

احمد الطيباوي
2014-09-24, 21:41
سلطان العلماء.. العز بن عبد السلام

علي سالم النباهين

في تاريخنا الإسلامي الزاهر نماذج رائعة من العلماء العاملين الذين أدوا رسالتهم على أكمل وجه، فكانوا نبراساً يستضاء بهم في كل زمان، ونماذج يقتدى بها في وقت تُفتقد فيه القدوة الصالحة، والكلمة الجريئة ، والمجابهة الصريحة في سبيل إعلاء كلمة الله.
وشيخنا العز بن عبد السلام هو من ذلك الطراز الفريد الذي يجب أن نستلهم سيرته في حياتنا المعاصرة، فقد كان هذا الرجل أنموذجاً رائعاً للسياسي البارع، والعالم المستنير، والاجتماعي المخلص، المتعبد على طريقة السلف الصالح، فكان أمة في عصره أحيا الله به موات المسلمين.

ولادته ونشأته

ولد عبد العزيز بن عبد السلام السلمي (المعروف بالعز بن عبد السلام) عام 577 هـ (1181 م) في دمشق ونشأ بها، وتفقه على أكابر علمائها، فبرع في الفقع والأصول والتفسير والعربية، حتى انتهت إليه رياسة المذهب الشافعي، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقصد بالفتاوى من كل مكان.. فاستحق لقب »سلطان العلماء« بجدارة كما أطلقه عليه تلميذه ابن دقيق العيد.
وبعد أن اكتملت ثقافته اتجه إلى التدريس والافتاء والتأليف، وتولى المناصب العامة في القضاء والخطابة في مساجد دمشق –مسقط رأسه- أولاً، ثم في القاهرة بعد أن هاجر إليها بعد أن تجاوز الستين من عمره[1].

الأحداث التاريخية التي عاصرها

تفتحت عينا العز بن عبد السلام على أحداث جسام كان يموج بها العالم الإسلامي، وعاش ثلاثاً وثمانين سنة (ت 660هـ) عاصر فيها أحداثاً سياسية مؤلمة. فقد أدرك انتصارات صلاح الدين الأيوبي المجيدة واسترداده بيت المقدس من أيدي الصليبيين (583 هـ)، وشاهد دولة الأيوبيين في هرمها وآخر أيامها، وشاهد دولة المماليك البحرية في نشأتها وعزّها، وشاهد بعض الحملات الصليبية على فلسطين ومصر، وشاهد الغزوة التترية المغولية الهمجية على الخلافة العباسية في بغداد، وتدميرها للمدن الإسلامية، وشاهد هزيمة التتار في عين جالوت بفلسطين بقيادة سيف الدين قطز سلطان مصر.
شاهد شيخنا كل هذه الأحداث، فأثرت في نفسه، وراعَه تفتت الدولة الأيوبية القوية –قاهرة الصليبيين- إلى دويلات عندما اقتسم أبناء صلاح الدين الدولة بعد وفاته: فدويلة في مصر، ودويلة في دمشق، ودويلة في حلب، ودويلة في حماة، وأخرى في حمص، ودويلة فيما بين النهرين. وبين حكام هذه الدويلات تعشش الأحقاد والدسائس، والصليبيون على الأبواب، والتتار يتحفزون للانقضاض على بلاد الشام ومصر.

موقفه من الملك الصالح في دمشق

إزاء هذه الأوضاع المتردية أخذ العز بن عبد السلام يدعو إلى أن يتحد سلطان الأيوبيين، وتتحد كلمة المسلمين لمواجهة الأخطار المحدقة بهم. وكانت وسيلته في ذلك: الخطب على المنابر، والوعظ ونصح الأمراء، وقول كلمة الحق الجريئة التي ألزم الله بها العلماء.. ولكن أنى يتسجيب المتشبثون بكراسي الحكم إلى كلمة الحق، والتدبر في العواقب؟ فقد حدث في ظل هذه الأوضاع القائمة أن الملك الصالح إسماعيل الأيوبي تصالح مع الصليبيين على أن يسلم لهم صفداً وقلعة الشقيف وصيدا وغيرها من حصون المسلمين الهامة مقابل أن ينجدوه على الملك الصالح نجم الدين أيوب! فأنكر عليه الشيخ ابن عبد السلام ذلك، وترك الدعاء له في الخطبة، فغضب الصالح إسماعيل منه، وخرج العز مغاضباً إلى مصر (639 هـ) فأرسل إليه الصالح أحدَ أعوانه يتلطف به في العود إلى دمشق، فاجتمع به ولايَنَهُ وقال له: ما نريد منك شيئاً إلا أن تنكسر للسلطان وتقبّل يده لا غير. فقال له الشيخ بعزة وإباء العالم المسلم: »يا مسكين، ما أرضاه يقبّل يدي فضلاً أن أقبّل يده! يا قوم، أنتم في واد ونحن في واد، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم«[2].
الشيخ في مصر
وتوجه الشيخ إلى مصر –وقد سبقته شهرته العلمية وغيرتُه الدينية وعظمته الخلُقية- فاستقبله سلطانها نجم الدين أيوب وأكرمه وولاه الخطابة في جامع عمرو بن العاص، وقلّده القضاء في مصر، والتف حوله علماء مصر وعرفوا قدره، وبالغوا في احترامه.. فامتنع عالم مصر الجليل الشيخ زكي الدين المنذري عن الإفتاء بحضوره احتراماً له وتقديراً لعلمه، فقال: »كنا نفتي قبل حضوره، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعيّن فيه«[3].

موقفه من السلطان نجم الدين أيوب

ورغم المناصب الهامة التي تولاها الشيخ في مصر، فقد التزم بقول كلمة الحق ومجاهرة الحكام بها في مصر، كما التزم بها من قبل في الشام، فهو لم يسعَ إلى المناصب الرفيعة، وإنما هي التي سعت إليه لجدارته بها، ولم يكن يبالي بها إذا رأى أنها تحول دون الصدع بالحق وإزالة المنكرات، فقد تيقن من وجود حانة تبيع الخمور في القاهرة، فخرج إلى السلطان نجم الدين أيوب في يوم عيد إلى القلعة »فشاهد العساكر مصطفين بين يديه، ومجلس المملكة، وما السلطان فيه يوم العيد من الأبهة، وقد خرج على قومه في زينته –على عادة سلاطين الديار المصرية، وأخذت الأمراء تقبل الأرض بين يدي السلطان، فالتفت الشيخ إلى السطان وناداه: يا أيوب، ما حجتك عند الله إذا قال لك: ألم أبوىء لك ملك مصر ثم تبيح الخمور؟ فقال السلطان: هل جرى هذا؟ فقال الشيخ: نعم، الحانة الفلانية يباع فيها الخمور وغيرها من المنكرات، وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة! يناديه كذلك بأعلى صوته والعساكر واقفون- قال: يا سيدي، هذا ،أنا ما عملته، هذا من زمن أبي. فقال الشيخ: أنت من الذين يقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة؟ فرسم السلطان بإبطال تلك الحانة«[4].
وعندما سأله أحد تلاميذه لما جاء من عند السلطان –وقد شاع هذا الخبر-: »يا سيدي كيف الحال؟ فقال: يا بني، رأيته في تلك العظمة فأردتُ أن أهينه لئلا تكبر نفسُه فتؤذيه. فقلتُ: يا سيدي، أما خفتَه؟ قال: والله يا بني استحضرتُ هيبة الله تعالى، فصار السلطان قُدّامي كالقط«[5].

الشيخ وجماعة أمراء الممالك

ولم يتوقف الشيخ مرة عن مصارعة الباطل والصدع بكلمة الحق، مهما كلفه ذلك من المتاعب والتبعات، »فقد ذكر أن جماعة من أمراء المماليك –في عهد السلطان أيوب- لم يثبت عنده أنهم أحرار، وأن حكم الرق مستصحب عليهم لبيت مال المسلمين، فبلّغهم ذلك، فعظم الخطب عندهم فيه، واحتدم الأمر، والشيخ مصمم لا يصحح لهم بيعاً ولا شراءً ولا نكاحاً، وتعطلت مصالحهم بذلك، وكان من جملتهم نائب السلطنة، فاستشاط غضباً، فاجتمعوا وأرسلوا إليه فقال: نعقد لكم مجلساً وينادى عليكم لبيت مال المسلمين، ويحصل عتقكم بطريق شرعي. فرفعوا الأمر إلى السلطان فبعث إليه فلم يرجع (عن قراره). فجرتْ من السلطان كلمة فيها غلطة حاصلها الإنكار على الشيخ في دخوله في هذا الأمر، وأنه لا يتعلق به، فغضب الشيخ وحمل حوائجه على حمار، وأركب عائلته على حمير أخر، ومشى خلفهم خارجاً من القاهرة قاصداً نحو الشام، فلم يصل إلى نحو نصف بريد (ستة أميال) إلا وقد لحقه غالب المسلمين، لا سيما العلماء والصلحاء والتجار وأنحاؤهم. فبلغ السلطان الخبر، وقيل له: متى راح ذهب ملكُك! فركب السلطان بنفسه ولحقه واسترضاه وطيب قلبه، فرجع واتقفوا معه أن ينادى على الأمراء (لبيعهم). فأرسل إليه نائب السلطنة بالملاطفة فلم يفد فيه، فانزعج النائب وقال: كيف ينادي علينا هذا الشيخ ويبيعنا ونحن ملوك الأرض؟ والله لأضربنه بسيفي هذا. فركب بنفسه في جماعته وجاء إلى بيت الشيخ والسيف مسلول في يده، فطرق الباب، فخرج ولد الشيخ فرأى من نائب السلطنة ما رأى، فعاد إلى أبيه وشرح له الحال، فما اكترث لذلك ولا تغير وقال: يا ولدي! أبوك أقل من أن يُقتل في سبيل الله! ثم خرج كأنه قضاء الله قد نزل على نائب السلطنة، فحين وقع بصره على النائب، يبست يدُ النائب وسقط السيف منها وأرعدت مفاصله فبكى، ويسأل الشيخ أن يدعو له، وقال: يا سيدي خبّر، إيش (أي شيء) تعمل؟ قال الشيخ: أنادي عليكم وأبيعكم. قال: ففيم تصرف ثمننا؟ قال: في مصالح المسلمين. قال: من يقبضه؟ قال: أنا. فتمّ له ما أراد، ونادى على الأمراء واحداً واحداً وغالى في ثمنهم، وقبضه وصرفه في وجوه الخير«[6].
جنازة الشيخ
وهكذا تمضي حياة العز بن عبد السلام في كفاح متواصل، وتواضع جم، ونفس أبية مترفعة عن حطام الدنيا، فنال ثوابيْ الدنيا والآخرة. ويختاره الله إلى جواره، وتمر جنازته تحت القلعة بالقاهرة، وشاهد الملك الظاهر بيبرس كثرة الخلق الذين معها فقال لبعض خواصه: »اليوم استقر أمري في الملك، لأن هذا الشيخ لو كان يقول للناس: اخرجوا عليه لانتزع الملك مني«[7].
رحم الله سلطان العلماء، ورادع السلاطين، ونسأله تعالىأن يرزقنا من أمثاله.
مجلة الأمة، العدد 25، المحرم 1403 هـ

[1] السبكي (طبقات الشافعية الكبرى): 8/209؛ ابن تغري بردي (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة): 7/208؛ ابن العماد الحنبلي (شذرات الذهب في أخبار من ذهب): 5/203
[2] (طبقات الشافعية الكبرى) 8/210؛ السيوطي (حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة): 2/161؛ ابن واصل (مفرج الكروب في أخبار بني أيوب): 5/301
[3] (حسن المحاضرة) 1/315
[4] (طبقات الشافعية الكبرى): 8/212
[5] المرجع السابق 8/212
[6] المرجع السابق 8/216
[7] المرجع السابق 8/215

احمد الطيباوي
2014-09-24, 21:47
https://ia601803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/maqasedsawm_jp2.zip&file=maqasedsawm_jp2/maqasedsawm_0000.jp2&scale=4&rotate=0

كتاب مقاصد الصوم
العلامة العز بن عبدالسلام
رابط التحميل :
https://archive.org/download/sultanolama/maqasedsawm.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 21:50
https://ia801803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/fawaed_jp2.zip&file=fawaed_jp2/fawaed_0000.jp2&scale=4&rotate=0
كتاب الفوائد في اختصار المقاصد او القواعد الصغرى
العلامة العز بن عبدالسلام
رابط التحميل
https://archive.org/download/sultanolama/fawaed.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 21:54
https://ia801803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/idahkalam_jp2.zip&file=idahkalam_jp2/idahkalam_0000.jp2&scale=4&rotate=0

ايضاح الكلام فيما جرى للعز بن عبدالسلام في مسألة الكلام
ابن العز بن عبدالسلام الشيخ محمد بن عبدالعزيز
رابط التحميل
https://archive.org/download/sultanolama/idahkalam.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 21:56
https://ia801803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/fatawa_jp2.zip&file=fatawa_jp2/fatawa_0000.jp2&scale=2&rotate=0

كتاب الفتاوى
سلطان العلماء العز بن عبدالسلام
رابط التحميل
https://archive.org/download/sultanolama/fatawa.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:00
https://ia601803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/chajara_jp2.zip&file=chajara_jp2/chajara_0000.jp2&scale=4&rotate=0

كتاب شجرة المعارف و الاحوال و صالح الاقوال و الاعمال
سلطان العلماء العز بن عبدالسلام
رابط التحميل :
https://archive.org/download/sultanolama/chajara.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:02
https://ia601803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/ahwalnas_jp2.zip&file=ahwalnas_jp2/ahwalnas_0000.jp2&scale=4&rotate=0

كتاب بيان احوال الناس يوم القيامة
سلطان العلماء العز بن عبدالسلام
رابط التحميل :
https://archive.org/download/sultanolama/ahwalnas.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:07
https://ia601803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/bidayatsoul_jp2.zip&file=bidayatsoul_jp2/bidayatsoul_0000.jp2&scale=2&rotate=0
بداية السول في تفضيل الرسول
العلامة العز بن عبدالسلام
تحقيق محمد ناصر الدين الالباني
رابط التحميل:
https://archive.org/download/sultanolama/bidayatsoul.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:07
http://rashf.com/img/covers/4b58352a0889723960f7ab6d3.png
كتاب فوائد في مشكل القرآن
العلامة العز بن عبدالسلام

رابط التحميل:
http://www.archive.org/download/waq71651/71651.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:12
https://ia601803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/ma3naimane_jp2.zip&file=ma3naimane_jp2/ma3naimane_0000.jp2&scale=4&rotate=0

كتاب معنى الايمان و الاسلام
العلامة العز بن عبدالسلام

رابط التحميل :
https://archive.org/download/sultanolama/ma3naimane.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:12
http://www.1ss1.com/data/2010/1ss1_1392478400711.jpg
كتاب: مقاصد الشريعة عند الإمام العز بن عبد السلام pdf
دار النفائس
تأليف: د. عمر بن صالح بن عمر

رابط التحميل :
http://elibrary.mediu.edu.my/books/MAL04088.pdf

أو هذا الرابط
http://benbadis.org/mohamedzitout/books/Makassid/makasid2.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:15
https://ia601803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/majazquran_jp2.zip&file=majazquran_jp2/majazquran_0001.jp2&scale=4&rotate=0
مجاز القران الكريم
العلامة العز بن عبدالسلام

رابط التحميل :

https://archive.org/download/sultanolama/majazquran.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:15
http://rashf.com/img/covers/03cdb8aefda70e43b5c2cf1.png

كتاب منية السول في تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم
العلامة العز بن عبدالسلام

رابط التحميل :

http://www.archive.org/download/waq96770/96770.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:18
https://ia601803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/tasawuf_jp2.zip&file=tasawuf_jp2/tasawuf_0000.jp2&scale=4&rotate=0

كتاب زبد خلاصة التصوف
العلامة العز بن عبدالسلام

رابط التحميل :

https://archive.org/download/sultanolama/tasawuf.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:23
https://ia801803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/tawhid_jp2.zip&file=tawhid_jp2/tawhid_0000.jp2&scale=4&rotate=0
رسائل في التوحيد :
الملحة في اعتقاد اهل الحق / الانواع في علم التوحيد ....
العلامة العز بن عبدالسلام
رابط التحميل :

https://archive.org/download/sultanolama/tawhid.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:30
https://ia601803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/nobadh_jp2.zip&file=nobadh_jp2/nobadh_0000.jp2&scale=4&rotate=0
كتاب نبذ من مقاصد الكتاب العزيز
العلامة العز بن عبدالسلام
رابط التحميل
https://archive.org/download/sultanolama/nobadh.pdf

احمد الطيباوي
2014-09-24, 22:35
https://ia601803.us.archive.org/BookReader/BookReaderImages.php?zip=/20/items/sultanolama/maqasedibadate_jp2.zip&file=maqasedibadate_jp2/maqasedibadate_0000.jp2&scale=2&rotate=0

كتاب مقاصد العبادات
سلطان العلماء العز بن عبدالسلام
رابط التحميل :
https://archive.org/download/sultanolama/maqasedibadate.pdf

المنصور3
2014-09-27, 16:07
اليوم استقر أمري في الملك
عبارة لا يحتاج إلى قولها حكام العرب اليوم

المنصور3
2014-09-27, 16:09
رحمة الله على هذا العالم الجليل الذي دحر بدعوته إلى الجهاد الغزاة المغول
و بارك الله فيك يا أخي