المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأسباب والدوافع التي أدت إلى عداء ومناهضة دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب السلفية الإصلاحية


أبو هاجر القحطاني
2014-09-18, 13:06
الأسباب والدوافع التي أدت إلى عداء ومناهضة دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب السلفية الإصلاحية


لعل من أبرز الأسباب التي أدت إلى تشنيع الخصوم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب أثناء ظهور الدعوة السلفية - تأليفا وواقعا - هو ما كان عليه أولئك الخصوم وكثير من المنتسبين إلى الإسلام من الضلال والغي ، والبعد عن الصراط المستقيم .

ولقد وصل حال كثير من المسلمين - قبيل ظهور دعوة الشيخ الإمام - إلى أحط الدركات في الضلال وفساد الاعتقاد ؛ حيث عم الجهل وطغى ، فعبد غالب المسلمين ربهم بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير ، فظهرت البدع والشركيات بمختلف أنواعها ، وصارت هذه الأمور الشركية والمحدثات البدعية من العوائد والمألوفات التي هرم عليها الكبير وشب عليها الصغير ، فانعكست الموازين وانقلبت الحقائق وأصبح الحق باطلا والباطل حقا .
2 - وهناك سبب ثان لهذا التحامل والمعاداة للدعوة السلفية ؛ وهو ما ألصق بهذه الدعوة ومجددها وأنصارها من التهم الباطلة والأكاذيب والمفتريات ، فقد أصاب هذه الدعوة منذ بدء ظهورها حملة مكثفة شنيعة عمت البلاد والعباد ، فلقد ألصق بعض أدعياء العلم في هذه الدعوة السلفية ما ليس منها ! فزعموا أنها مذهب خامس ! وأنهم خوارج يستحلون دماء وأموال المسلمين ! وأن صاحبها يدعي النبوة وينتقد الرسول صلى الله عليه وسلم !!! إلى آخر تلك المفتريات .
ومما يؤسف له أن الكثير من العوام يتلقف هذا الإفك والبهتان عن أولئك المفترين والوضاعين دون أدنى تثبت أو تَحَرٍّ في النقل ، بل عمدته في ذلك مجرد التقليد الأعمى ! .

ومما يجدر ذكره - هاهنا - أن بعض الخصوم قد استغل ما وقع فيه شرذمة من الأعراب المتحمسين ، - وفي فترة محدودة - ممن تابع هذه الدعوة من التشدد والجفاء ، فحكموا بغيا وعدوانا على جميع أتباع هذه الدعوة ، وعلى مر الأزمان بهذا الحكم الجائر ، فرموهم أيضا بالتشدد والجفاء .
3 - وسبب ثالث أدى إلى عداء الدعوة السلفية هو النزعات السياسية والحروب التي قامت بين أتباع هذه الدعوة وبين الأتراك من جهة ، وبين أتباع هذه الدعوة وأمراء الحجاز (!) من جهة أخرى .
يقول الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله : إن سبب قذف الوهابية بالابتداع والكفر : سياسي محض كان لتنفير المسلمين منهم لاستيلائهم على الحجاز ، وخوف الترك من أن يقيموا دولة عربية ، ولذلك كان الناس يهيجون عليهم تبعا لسخط الدولة ، ويسكتون عنهم إذا سكنت ريح السياسة .
ويوضح الشيخ محمد رشيد رضا آثار العداء السياسي بين بعض كبار أهل مكة وساستها وأنصار هذه الدعوة ، فكان مما أشار إليه أن هؤلاء قد أصدروا عدة منشورات في جريدة القبلة سنة 1336 هـ وسنة 1337 هـ ، تضمنت رَمْي الوهابيين بالكفر وقذفهم بتكفير أهل السنة والطعن بالرسول وغير ذلك من الأكاذيب والافتراءات .
وكان بعض أهل دمشق وبيروت يتقربون إلى هؤلاء الكبار - وهم من العلمانيين والقوميين - بطبع الرسائل في تكفيرهم ورميهم بالأكاذيب - ثم سرى ذلك إلى مصر ، وظهر له أثر في بعض الجرائد .
4 - وهناك سبب رابع أدى إلى تراكم المؤلفات المعادية للدعوة السلفية ؛ وهو دفاع هؤلاء الخصوم - وبالأخص الصوفية والرافضة - عن معتقداتهم الفاسدة وآرائهم الباطلة ؛ فإنه لما غلب على حال كثير من المسلمين ظهور الشركيات ، وانتشار البدع ، واستفحال الخرافات ، والغلو في الأموات ، والاستغاثة بهم ، وظهور تشييد المشاهد ، وإقامة المزارات على القبور ، وزخرفتها وتزيينها وصرف الأموال الطائلة عليها : قامت ضد ذلك كله دعوة الشيخ رحمه الله .

ولقد وجد هؤلاء المتصوفة في هذه الواقع مرتعا خصبا لبث سمومهم العقدية ، فلما بدت أنوار هذه الدعوة تكشف غياهب الظلام ، وتزيل أدران الشرك ونجاسته ، وتدعو الناس إلى تحقيق التوحيد بصفائه ونقائه أدرك الخصوم أن ظهور هذه الدعوة السلفية نذير بزوال عقائدهم الباطلة ، فحشد أولئك الخصوم قواهم ، وانبروا في التشنيع بهذه الدعوة وأنصارها ، وهم أثناء تشنيعهم يذكرون معتقدهم الصوفي أو الرافضي وغيرهما ويزينونه للناس ويزعمون أنه الحق ! .
فنجد هؤلاء الصوفية أثناء ردهم على الدعوة السلفية يتبجحون بصوفيتهم ، ويفتخرون بانتسابهم إلى الطرق الصوفية . ويدافعون عن التصوف وأدعيائه .
والرافضة أثناء مناهضتهم للدعوة السلفية يدافعون بكل ما عرف عنهم من كذب وقلب للحقائق عن معتقدهم .

أبو هاجر القحطاني
2014-09-18, 13:11
ونوضح ذلك بما حدث منهم لما كتب علماء المدينة النبوية سنة 1344 هـ الفتوى حول تحريم البناء على القبور واتخاذها مساجد ، وأجابوا بالحق الذي تعضده الأدلة ، فلما ظهرت هذه الفتوى وتم العمل بموجبها وأزيلت القباب والأبنية على القبور ، عندئذ قام علماء الرافضة وضجوا وسودوا الصحائف والأوراق في الطعن على هذه الفتوى ، والنعي للمسلمين على زوال تلك القباب والمزارات!! .
هذه بعض الأسباب الظاهرة لشدة عداوة الخصوم للدعوة السلفية - أيام الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبعد موته - رحمه الله . وكثرة المؤلفات المناوئة لهذه الدعوة الصادقة الحقة .

أبو هاجر القحطاني
2014-09-18, 13:16
افتراءات وأكاذيب ألصقت بدعوة الشيخ مع الدحض لها :


ولقد ألصقت بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه مفتريات كثيرة ، وصدقها كثير من الناس ، حتى شوهت هذه الدعوة المباركة فأصبح معنى الوهابي عند الناس الجهلة أنه يكره رسول الله صلى الله عليه وسلم !! وأنه مذهب خامس !! وأنه ينكر كرامات الأولياء !! وأنه يكفر المسلمين ويستبيح دماءهم وغير ذلك من المفتريات .
وسأورد هاهنا عددا منها مع الرد عليه :
الفرية الأولى :
الافتراء على الشيخ بأنه ينتقص الرسول صلى الله عليه وسلم أو يكرهه ! أو لا يحب الصلاة عليه !! .
قلت : إن الكتب التي بين أيدينا من مؤلفات هذا العالم تثبت أن هذا افتراء مبين على الشيخ ، بل هو من أكثر الناس في عصره تعظيما وحبا وإجلالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
يقول الشيخ في أحد كتبه التي أرسلها إلى عبد الرحمن السويدي - أحد علماء العراق - مجيبا عن هذه الافتراءات .
" يا عجبا كيف يدخل هذا عقل عاقل ؟ هل يقول هذا مسلم أو كافر أو عارف أو مجنون ؟ " .
ومما كتبه ابن الشيخ عبد الله ذاكرا هذه المفتريات ثم معقبا عليها : " ومن شاهد حالنا وحضر مجالسنا وتحقق معنا علم قطعا أن جميع ذلك وضعه وافتراه علينا أعداء الدين وإخوان الشياطين ؛ تنفيرا للناس على الإذعان بإخلاص التوحيد لله تعالى بالعبادة وترك أنواع الشرك " .
ثم قال : " والذي نعتقده أن مرتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق ، وأنه حي في قبره حياة برزخية أبلغ من حياة الشهداء المنصوص عليها في التنزيل ، إذا هو أفضل منه بلا ريب ، وأنه يسمع سلام المسلم عليه .
وتسن زيارته إلا أنه لا يشد الرحل إلا لزيارة المسجد والصلاة فيه وإذا قصد مع ذلك فلا بأس ، ومن أنفق أوقاته بالاشتغال بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم الواردة عنه فقد فاز بسعادة الدارين .
قلت : هذه عقيدة الشيخ وأتباعه في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم ، وكل من يقول غير ذلك فهو كاذب مفتر .
الفرية الثانية:
فرية إنكار كرامات الأولياء !
ومن الافتراءات التي ألصقت بالشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنه ينكر كرامات الأولياء .
قلت : إن الشيخ رحمه الله لا ينكر كرامات الأولياء كما زعموا ، بل يثبت هذه الكرامات بشرط أن يكون وليا حقيقيا صحيحا - والولي هو المتبع للكتاب والسنة - مبتعدا عن البدع الخرافات ، والشرط الثاني أن كرامة الأولياء هي في حياتهم وليس بعد مماتهم ، وأن الميت يحتاج بعد موته إلى دعاء الأحياء ، وليس العكس .
وهذه العقيدة في الأولياء هي عقيدة أهل السنة والجماعة ، ولم يخالفهم الشيخ في ذلك .
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أحد كتبه في إثبات كرامات الأولياء : " وأقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات ، إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئا ، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله " .
ويقول أيضا : " والواجب علينا حبهم واتباعهم والإقرار بكرامتهم ، ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال ودين الله وسط بين طرفين ، وهدى بين ضلالين ، وحق بين باطلين " .
ويؤكد أتباع الدعوة من بعد الشيخ محمد بن عبد الوهاب هذا الاعتقاد ويقرونه :
يقول أحد أتباع الشيخ رحمه الله : وكذلك حق أوليائه محبتهم والترضي عنهم والإيمان بكرامتهم لا دعاؤهم ليجلبوا لمن دعاهم خيرا لا يقدر على جلبه إلا الله تعالى ، أو ليدفعوا عنهم سوءا لا يقدر على دفعه إلا هو عز وجل ؛ فإن ذلك عبادة مختصة بجلاله تعالى وتقدس ، هذا إذا تحققت الولاية أو رجيت لشخص معين ، كظهور اتباع سنة وعمل بتقوى في جميع أحواله ، وإلا فقد صار الولي في هذا الزمان من أطال سبحته ، ووسع كمه ، وأسبل إزاره ، ومد يده للتقبيل ولبس شكلا مخصوصا ، وجمع الطبول والبيارق وأكل أموال عباد الله ظلما وادعاء ، ورغب عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأحكام شرعه !! " .
ويقول ابن الشيخ محمد - واسمه عبد الله - : " ولا ننكر كرامات الأولياء ، ونعترف لهم بالحق ، وأنهم على هدى من ربهم ما ساروا على الطريقة الشرعية والقوانين المرعية ، إلا أنهم لا يستحقون شيئا من أنواع العبادات لا حال الحياة ولا بعد ممات ، بل يطلب من أحدهم الدعاء في حال حياته ، بل ومن كل مسلم " .
هذه نصوص من كلام الشيخ وأتباعه تثبت أن الشيخ يقر بكرامات الأولياء ، ولا ينكرها ، ولكنه - رحمه الله - ينكر الاستغاثة بهم وطلب الحاجة منهم وصرف العبادة لهم من دون الله سبحانه وتعالى .
وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة ولم يخالفهم الشيخ في ذلك .
الفرية الثالثة :
إن من أشد الشبهات التي أثيرت على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله شبهة تكفير المسلمين ، واستحلال دمائهم وجواز قتالهم !
لقد بلغت هذه الفرية الخاطئة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فتعددت ردوده وأجوبته عليها ، لأن فرية تكفير المسلمين واستباحة دمائهم قد شاعت وذاعت في غالب بلاد المسلمين وانتشرت انتشار النار في الهشيم ، فقد حرص الشيخ رحمه الله على تأكيد هذه الردود ، وإعلان براءته ما ألحق به ، فأرسل هذه الردود إلى مختلف البلاد :
فقال في إحدى رسائله : " وأما ما ذكره الأعداء من أني أكفر بالظن وبالموالاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة فهذا بهتان عظيم يريدون تنفير الناس عن دين الله ورسوله " .
ويقول في رسالة أخرى ردا على بعض المفترين : " وكذلك تمويهه على الطغام بأن ابن عبد الوهاب يقول : الذي ما يدخل تحت طاعتي كافر .
نقول : سبحانك هذا بهتان عظيم ! بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد وتبرأ من الشرك وأهله فهو المسلم في أي زمان وأي مكان ، وإنما نكفر من أشرك بالله في ألوهيته بعد ما تبين له الحجة على بطلان الشرك " .
يقول أحد تلاميذ الشيخ رحمة الله عليه : " والشيخ محمد رحمه الله من أعظم الناس توقفا وإحجاما على إطلاق الكفر حتى إنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها " .
ويقول أيضا في مكان آخر عن معتقد الشيخ في مسألة التكفير :
" . . . فإنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر ، والكفر بآيات الله ورسوله ، أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر ، كتكفير من عبد الصالحين ودعاهم مع الله ، وجعلهم أندادا فيما يستحقه على خلقه من العبادات والإلهية " .
ويقول أيضا : " كل عاقل يعرف سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يعلم أنه من أعظم الناس إجلالا للعلم والعلماء ، ومن أشد لناس نهيا عن تكفيرهم وتنقيصهم وأذيتهم وأذيتهم ، بل هو ممن يدينون بتوقيرهم وإكرامهم والذب عنهم ، والأمر بسلوك سبيلهم .
والشيخ رحمه الله لم يكفر إلا من كفره الله ورسوله ، وأجمعت الأمة على كفره ، كمن اتخذ الآلهة والأنداد لرب العالمين " .
هذه بعض النقول عن الشيخ وأتباعه في مسالة تكفير المسلمين .
ويظهر من هذه النقول الجلية براءة الشيخ وكذا أتباعه وأنصار دعوته من مفتريات وأكاذيب الخصوم في مسألة التكفير .
ومن طالع كتبهم وقرأ رسائلهم تبين لهم صحة معتقدهم وسلامة فهمهم لمسألة التكفير ، وأن اعتقادهم فيها هو عين اعتقاد السلف الصالح .
وفاته - رحمه الله - :
وبعد حياة مليئة بالعلم ، والجهاد ، والدعوة إلى الله سبحانه ، توفي الشيخ - رحمه الله - في بلدة الدرعية سنة (1206 ه) .
نسأل الله له الرحمة والرضوان ، وأن يجمعنا وإياه في غرف الجنان ، برحمة ربنا العظيم المنان (1) .
_________
(1) أخذت هذه المقدمة باختصار من كتاب « الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه » بقلم الشيخ أحمد بن حجر آل أبو طامي . وكتاب « دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقد » للشيخ عبد العزيز آل عبد اللطيف فجزاهما الله خير الجزاء .

منقول

أبو هاجر القحطاني
2014-09-18, 13:27
لماذا يهاجمون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ؟

الشيخ الدكتور: عبدالعزيز آل عبداللطيف*

واجهت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – منذ بداية ظهورها حملةً ضارية وعداءً سافراً، سواءً من قبل أمراء وحكام، أو من قبل بعض المنتسبين إلى العلم، وقد تنوعّت أساليب هذه المعارضة وتعددت جوانبها من تأليف وترويج الكتب ضد هذه الدعوة السلفية التجديدية، وتحريض الحكام عليها، ورميها بالتشدد والتكفير وإراقة الدماء.
وقد تحدّث الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – عن هذه الهجمة قائلاً: "فلما أظهرت تصديق الرسول فيم جاء به سبّوني غاية المسبة، وزعموا أنّي أكفر أهل الإسلام وأستحل أموالهم" (مجموعة مؤلفات الشيخ 5/26).
ويصف الشيخ عداوة الخصوم وفتنتهم في رسالته للسويدي – أحد علماء العراق – فيقول _رحمه الله_: "ولبّسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، وكبرت الفتنة وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله" (مجموعة مؤلفات الشيخ 5/36).
ولاحظت من خلال استقراء كتب خصوم هذه الدعوة(1) أن غالبهم إما من الروافض أو غلاة الصوفية، فالروافض ينافحون عن وثنيتهم وعبادتهم للأئمة، وكذلك الصوفية يفعلون.
وعمد العلمانيون في هذه البلاد – ومن تأثّر بهم من التنويريين والإصلاحيين – إلى الطعن في هذه الدعوة من أجل التوثّب على قواعد الشريعة والتفلّت منها، ومنهم من شغب على هذه الدعوة؛ لأن ثوابت هذه الدعوة كالجهاد في سبيل الله _تعالى_، وبُغْض الكافرين والبراءة منهم تعكِّر ما يصبوا إليه من ركون إلى الدنيا وإيثار للسلامة والسلام مع الكفار، فهدف أرباب العقول المعيشية أن يأكلوا ويقتاتوا بسلام ولو على حساب وأد الثوابت العقدية والقواطع الشرعية.
وأما عداوة الغرب لهذه الدعوة فقديمة قدم هذه الدعوة المباركة، فما إن سقطت الدرعية سنة 1234هـ على يد إبراهيم باشا حتى أرسلت الحكومة البريطانية مندوبَها مهنئاً على هذا النجاح، ومبدياً رغبة الإنجليز في سحق نفوذ الوهابيين بشكل كامل(2)! لا سيما وأن الإنجليز – وفي ذروة غطرستهم وهيمنتهم – قد كابدوا أنواعاً من الهجمات الموجعة من قبل "القواسم" أتباع الدعوة، وذلك في بحر الخليج العربي.
ولا عجب أن يناهض الغرب هذه الدعوة الأصيلة، فالغرب يدين بالتثليث والشرك بالله _تعالى_، وهذه الدعوة قائمة على تحقيق التوحيد لله _تعالى_، وأُشرب الغرب حبّ الشهوات المحرمة وعبودية النساء والمال، وهذه الدعوة على الملة الحنيفية تدعو إلى التعلّق بالله _تعالى_، والإقبال على عبادته والإنابة إليه، والإعراض والميل عما سوى الله _تعالى_.

منقول

أبو هاجر القحطاني
2014-09-18, 13:31
حقيقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله


السؤال :
لقد سمعت بعض القصص السيئة عن عبد الوهاب وكيف خزى الإسلام . ما رأيك فيه ؟

الجواب :

الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله - وإذا أردنا التعريف به فإنا لن نجد من يعرفنا بالرجل مثل تعريفه هو بنفسه ؛ وذلك أن الرجل من الناس إذا تباينت كلمات الناس فيه بالمدح أو القدح فإنه يُنظر إلى كلامه في مؤلفاته وكتبه ، وينظر فيما صح من المنقول عنه ، ثم يُوزن ذلك كله بميزان الكتاب والسنة .
ومما قاله الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله معرِّفا بنفسه :" أُخبركم أني - ولله الحمد - عقيدتي وديني الذي أدين الله به : مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين ، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة ؛ لكني بينت للناس إخلاص الدين لله ، ونهيتهم عن دعوة الأنبياء والأموات من الصالحين وغيرهم ، وعن إشراكهم في ما يعبد الله به من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مقرب و لا نبي مرسل ، وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم ، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة .

وأنا صاحب منصب في قريتي ، مسموع الكلمة ، فأنكر هذا بعض الرؤساء لكونه خالف عادة نشؤوا عليها . وأيضا ألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله ، ونهيتهم عن الربا وشرب المسكر ، وأنواع من المنكرات ،فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا وعيبه لكونه مستحسنا عند العوام ، فجعلوا قدحهم وعداوتهم في ما آمر به من التوحيد ، وما نهيتهم عنه من الشرك ، ولبَّسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه الناس ، وكبرت الفتنة جدا ..." انتهى المقصود منه من الدرر السنية : 1/64-65 ،79-80 .

والمنصف إذا اطلع على كتب هذا الرجل علم أنه من الداعين إلى الله على بصيرة ، وأنه قد تحمل الصعوبات والمشاق الكثيرة في سبيل إرجاع الإسلام إلى صورته الصافية النقية ، التي تبدلت كثيرا في عصره . وأنه بسبب مخالفته لأهواء الكبراء والمطاعين ألّب عليه هؤلاء الغوغاء والعامة لتسلم لهم دنياهم ، وتسلم لهم مناصبهم وعوائدهم .

وأنا أدعوك أخي السائل أن لا تكون إمعة معتمدا على غيرك فيما تسمع وتعتقد ، وإنما كن طالبا للحق مدافعا عنه مهما يكن القائل به ، وأدعوك إلى مجانبة الباطل والخطأ مهما يكن قائله . وعليه فلو أنك اطلعت على كتاب من كتب الشيخ - رحمه الله - وأرشح لك ( كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ) لعلمت مقدار علم الشيخ ، ومدى أهمية دعوته ، وحجم المغالطات والافتراءات المختلقة عليه.

أبو هاجر القحطاني
2014-09-18, 13:36
حتى لا تنخدع بالوهابية


الكثير منا سمع عنا الوهابية والبعض منا كره الوهابية والبعض الاخر لم يفهم شيئا عنها والبعض الاخر لايهمه الامر فهو بعد دنياه ...وكل يغني على ليلاه
...............
هنا اود تنبيهك اخي الحبيب من خطر هذه الكلمة الوهابية والتي صرنا نسمعها كثيرا وتنبيهي لك اخي الحبيب ليس من الفكر ولكن من الكلمة التي اصبحت تستخدم للتنفير من الدعاه واهل العلم ...
فالوهابية اسم اخترعه اهل البدع والمنحرفون لكي يشوهوا صورة الدعوة النقية التي لاتعترف بالاحزاب والديمقراطية ولا بالشعوذة والقبورية ولا بتخريفات الرافضة الاثنا عشرية ولا بتلبيس اليهودية والنصرانية ... فاتفقت كل الفرق الباطلة بالعداء لهذه الفرقة التي تدعوا الى التمسك بالكتاب والسنة امتثالا لامر الله وامر رسول على اعتبار ان فيه النجاة والسلامة في الدنيا والاخرة ....
اخي الحبيب ...
حتى تعلم ان هذه اشاعة وفرية مافيها مرية تابع معي مااقوله لك الان وبهدؤ دون تعصب وكن منصفا في الحكم ...
اولا :
نحن نعلم جميعا ان من جاء بشيء جديد واخترع امرا جديدا فهو ينسب اليه ميكافيلي صاحب فكرة الغاية تبرر الوسيلة نقول عن كل من اتبع هذا الفكر بانه ميكافيلي .
وكل من جاء بفكر جديد فهو ينسب اليه ..
ثانيا :
لو قلنا ان هناك فكر اسمه الوهابية يفترض ان يكون هذا الكلام وهذا المنهج الذي جاء به من فكر محمد بن عبد الوهاب ..
ثالثا :
بعد ماسبق نقول لكل من قال ان هناك وهابية ارونا مالجديد الذي جاء به ابن عبدالوهاب ولم يكن موجودا قبله فان قلتم يوجد سنقول ارونا بالبينة والحجة والبرهان ؛ فان قلتم لايوجد انتهت دعواكم فلايصح ان ننسب اليه ونسمي باسمه افكار لناس اخرين وهو مجرد سائر على نهجهم .. لاننا لو سمينا الفكر باسمه وهو مجرد متبع يعني اننا سنسمي الفكر كل يوم بالاف الاسماء ونسمي الفكر باسم كل متبع لهذا المنهج وهذا غير صحيح لان الصحيح ان نسمي الفكر باسم صاحب الفكر لا باسم من اتبع الفكر .

رابعا :
ننظر في كتب شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن حجر العسقلاني والشافعي وابن حنبل وابو حنيفة وننظر فيما قالوه في العيدة التي جاء بها ابن عبدالوهاب هل ابن عبدالوهاب قال بقولهم ام انه اخترع فكر جديد فان قلتم هو سر على نهجهم سنقول لكم اذن سمو الفكر باسم واحد منهم وليس باسمه وان قلتم لس على نهجهم سنقول كتب العقيدة والتوحيد من زمن الصحابة والتابعين موجود وفي متناول الجميع لنرى ماالفرق بين مادعا اليه محمد بن عبدالوهاب وبين ماكان يدعوا اليه اؤلئك الائمة الاعلام ...

وخلاصة القول اخي الحبيب ..

هي ان محمد بن عبدالوهاب انما احيا الكتاب والسنة ولم يأت بفكر جديد وانما تستخدم هذه الكلمة لتنفير النا عن دينهم وعقيدتهم الصحيحة ؛ فاصحاب هذا الشائعة والدعاية يعلمون انك لن تقرأ ولن تبحث في منهج ابن عبدالوهاب فيشوهون وهم واثقون من انك جاهل وستنخدع بهم ولكن ان اردت ان تعرف الحقيقة فامسك كتابا من كتب الشيخ رحمه الله تعالى لتعلم انه قام بدعوة وكان بحق مجدد وكان امام في زمن انحسرت فيه الدعوةواندثر فيه الخير وانتشرت الخرافات والبدع والقبورية ولم يكن طامعا بدنيا بدليل انه لم يشارك في الحكم اطلاقا وانشغل هو بالدعوة ومن بعده ابناؤه واحفاده

فاياك اياك ان تنخدع بما يقوله المرجفون فانهم ليسوا حريصين عليك فلاتصدق ان فارسي جاء من اخر الدنيا لكي ينقذك ولاتصدق علماني منحرف اقبل من باريس كي ينهض بك فكلهم انما يريدون النيل من دينك وعقيدتك فاحذر كل الحذر
بمعنى اخر لايوجد مذهب اسمه الوهابي وانما تسمية تستخدم للتنفير والتشويه بدين الاسلام حتى يتكلم هؤلاء الناعقون براحتهم لانهم يعلمون انهم لوتكلموا عن الاسلام مباشرة فسيغضب عليهم المسلمون ولكن يطعنون ويشوهون ويقولون نحن انما نطعن في الوهابية وفي حقيقة الامر ان هذا ليس الا غطاء للطعن في دينك وعقيدتك فالحذر الحذر
وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم


منقول

AMARAGROPA
2014-09-20, 11:06
عن أي دعوة تتكلم ؟ هذا الإنسان لي راك تهدر - قصدي تنقل - عليه وعلى الدعوة نتاعه نبي مثلا ؟؟ ألا توجد له أخطاء نهائيا ؟؟ أليس بشرا ؟ يبدو أنكم تقدسونه أكثر من اللازم !!

عندنا النبي نتاعنا مثلا وسمو محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام نسي ذكر إن شاء الله ذات يوم فانقطع الوحي عنه و خاطبه إلهنا بالقول : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا .

أبو هاجر القحطاني
2014-09-20, 19:18
سيرة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

أبو عبدالله الذهبي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
لقد أذن الله سبحانه وتعالى بظهور دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في منتصف القرن الثاني عشر الهجري ، بعد أن أطبقت الجهالة على الأرض و خيمت الظلمات على البلاد ، وانتشر الشرك والضلال والابتداع في الدين ، وانطمس نور الإسلام ، و خفي منار الحق والهدى ، و ذهب الصالحون من أهل العلم فلم يبق سوى قلة قليلة لا يملكون من الأمر شيئاً ، واختفت السنة وظهرت البدعة ، وترأس أهل الضلال والأهواء ، وأضحى الدين غريباً والباطل قريباً ، حتى لكأن الناظر إلى تلك الحقبة السوداء المدلهمة ليقطع الأمل في الإصلاح و يصاب بيأس قاتل في أية محاولة تهدف إلى ذلك . للمزيد من أخبار هذه الحقبة راجع كتاب عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1/48 105 ) .
ولكن الله عز وجل قضى بحفظ دينه وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وكان من رحمته تبارك وتعالى بهذه الأمة أن يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها ، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه . انظر الحديث في صحيح سنن أبي داود برقم (3606 ) في كتاب الملاحم .
فكان الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بتوفيق الله عز وجل هو مجدد القرن الثاني عشر الهجري وهو أمر في حكم المتفق عليه . انظر من قال من العلماء بهذا في كتاب : عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي (1/19 21 ) .
و يمكننا القول إن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعد البداية الحقيقية لما حدث في العالم الإسلامي من يقظة جاءت بعد سبات طويل ، و ما تمخض عنها من صحوة مباركة ورجعة صادقة إلى الدين .
إن الدعوة السلفية التي دعا إليها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر الهجري لم تكن سوى الدعوة التي نادى بها المصلح العظيم والإمام المجدد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في القرن الثامن الهجري ، و هي نفس الدعوة التي أوذي من أجلها إما أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمه الله في القرن الثالث الهجري ، و هي تعني باختصار الرجوع إلى الإسلام كما أنزل على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، و فهم الصحابة والتابعون وتابعوهم من أهل القرون المفضلة ، عقيدة و شريعة و سلوكاً .
وهي الدعوة التي تكفل الله بحفظها ووعد من حملها بالظهور والنصر إلى قيام الساعة مهما خذلها المتخاذلون وخالفها الخصوم والمناوئون وأخبر بذلك سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس ) . البخاري مع الفتح (6/632 ) .
إننا اليوم لتمر علينا أيام حالكة الظلام ، ظلام يحجب عن معظم الناس الرؤية الواضحة في التصور : فليس هناك فرق لدى العامة بين ما يقوله الله تعالى وبين ما يقوله الجهلاء من بني البشر ، وظلام في التلقي ، فهذا يتلقى عن داعية القومية ، وذاك ينادي بالوطنية وثالث يرفع عقيرته منادياً بالعدالة الاجتماعية ، ورابع يعبد الرأسمالية والديمقراطية .
وكثير ممن يزعمون أنهم من علماء الدين وقد أضلهم الله على علم نراهم يرقصون ويترنحون ما بين قبر البدوي ومقام الحسين ، وغيره مما عُرف بالعتبات المقدسة ، و إذا ما أراد أحدهم أن يؤلف كتاباً عن إمام من أئمة الابتداع والتخريف ، ذهب إلى قبره يستشيره في تأليف هذا الكتاب .
وآخر نراه يتحدث في كل مناسبة بأن تلاميذه يصافحون رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة و ليس في المنام ، وإذا ما زار أحدهم المدينة النبوية ، دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حفل غذاء أو عشاء ، يحضره كبار الصحابة والتابعين وأولياء الله .
أما حديث التلاميذ عن شيخهم المعمم ففيه العجب العجاب ، فإن الواحد منهم يقول : إنه إذا هم بمعصية يرى صورة شيخه أمامه محذراً متوعداً له ، فيخشاه ويتراجع عن معصيته خوفاً من شيخه وليس خشية من الله ، وهذا ليس افتراء منا على الشيخ ، فهو يتحدث في دروسه العامة بهذا وبأكثر منه .
وإذا كان هذا شأن المنسوبين إلى العلم ، فماذا ننتظر من دهماء الناس ؟! إن عبادة الآلهة من دون الله مازالت قائمة وإن تغيرت الأسماء وتباينت الألفاظ ، فالقومية بدلاً من اللات ، والوطنية بدلاً من هبل ، و الديمقراطية بدلاً من العزى .
والعواصم العربية مزدحمة بالأصنام ، فهذه الأهرامات ، وهذا صنم الزعيم فلان ، وهذا تمثال للعامل ، وذاك وثن للجندي المجهول .. وهي أصنام أشد خبثاً وشركاً من أصنام الجاهلية ، إذ إن أصنام الجاهلية ، بدائية وساذجة ، أما هذه الأصنام فالواحد منها يكلف مليوناً أو أكثر من ذلك ، لأنه قد صنع من معدن البرونز الثمين .. وفي هذا الليل الذي أرخى سدوله وزادت ظلمته وتباعد فجره ، تفتقد الأمة إلى أمثال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب .
نسب الشيخ و سيرته ..
ترجم للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، كثير من المؤرخين والأدباء والكتاب وأصحاب التراجم والعلماء .. كثرة لم تقع إلا للأعلام المجددين ، بل لو استقرأنا عدد التراجم للعلماء والأعلام في جميع الميادين الإسلامية من بعد عصره ؛ لوجدنا أن ترجمة الشيخ تأخذ أعلى رقم من بين هذه التراجم ، وقل أن تجد كتاب تاريخ أو تراجم لأهل عصره أو ليقظة المسلمين الحديثة وحاضر العالم الإسلامي ، أو لآل سعود على الخصوص ؛ إلا وتجد للشيخ ترجمة أو شيئاً منها .

أولاً : نسبه :
هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
أما والدة الشيخ محمد رحمه الله ؛ فهي بنت محمد بن عزاز بن المشرفي الوهيبي التميمي ، فهي من عشيرته الأدنين . انظر : علماء نجد خلال ستة قرون للبسام (1/26 ) .
فيقال : ( المشرفي ) نسبة إلى جده مشرف وأسرته آل مشرف ، ويقال : ( الوهيبي ) نسبة إلى جده وهيب جد الوهبية ، والوهبية يجتمعون في محمد بن علوي بن وهيب ، و هم بطن كبير من حنظلة ، و حنظلة بيت من بيوت بني تميم الأربعة الكبار . ويقال : ( التميمي ) نسبة إلى تميم أبي القبيلة الشهيرة ، والتي ورد فيها ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب العتق (3/122 ) وفي كتاب المغازي (5/115- 116 ) ومسلم في فضائل الصحابة برقم ( 198 ) عن أبي هريرة واللفظ هنا لمسلم : عن أبي زرعة قال : قال أبو هريرة : لا أزال أحب بني تميم من ثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( هم أشد أمتي على الدجال ) ، قال : وجاءت صدقاتهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذه صدقات قومنا ) ، قال وكانت سبية منهم عند عائشة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعتقيها ؛ فإنها من ولد إسماعيل ) .
و يتضح من سرد نسب الشيخ المتقدم أنه يلتقي مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر .
ولا أريد أن أتوسع في الحديث عن أسرة الشيخ رحمه الله حتى لا يخرج الموضوع عن أصله ، و من أراد التوسع في ذلك فليراجع الكتب التالية : عنوان المجد لابن بشر (1/22 23 ، 62 - 63 ) و علماء نجد للبسام (1/310 - 311 ) و الدكتور العثيمين في كتابه الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( ص 24 ) .

مولده ونشأته العلمية ..
ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة ألف ومائة و خمس عشرة ( 1115 هـ ) ، من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، في بلدة العيينة على الصحيح . انظر : روضة الأفكار لابن غنام (1/25 ) .
تعلم القرآن وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين ، و كان حاد الفهم وقّاد الذهن ذكي القلب سريع الحفظ ، قرأ على أبيه في الفقه ، و كان رحمه الله في صغره كثير المطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام ، فشرح الله صدره في معرفة التوحيد وتحقيقه ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه ، و جد في طلب العلم وأدرك و هو في سن مبكرة حظاً وافراً من العلم ، حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول : لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام . انظر : روضة ابن غنام (1/25 ) وعنوان المجد لابن بشر (1/6 ) .
وهكذا نشأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب نشأة علمية ؛ فأبوه القاضي كان يحثه على طلب العلم و يرشده إلى طريق معرفته ، ومكتبة جده العلامة القاضي سليمان بن علي بأيديهم ، و كان يجالس بعض أقاربه من آل مشرف وغيرهم من طلاب العلم ، و بيتهم في الغالب ملتقى طلاب العلم وخواص الفقهاء سيما الوافدين باعتباره بيت القاضي ، ولا بد أن يتخلل اجتماعاتهم مناقشات ومباحث علمية يحضرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب .

أثر البيئة في توجيه الشيخ علمياً ..
لقد أبصر الشيخ البيئة من حوله بواقعها والناس في حياتهم ويدنهم على الغالب في تناقض وتصادم مع ما نشأ عليه من علم وما عرفه من الحق على بد أبيه ومن خلال مطالعته لكتب المحققين من علماء السلف الصالح ، فما تعلمه في واد ، والواقع الجاري من الناس على العموم والغالب في واد آخر .
ذلك أن البيئة في نجد على الخصوص كما هو سائر البلاد الأخرى على العموم بيئة جاهلية بيئة خرافة وبدعة امتزجت بالنفوس فأصبحت جزءاً من عقيدتها إن لم تكن هي عقيدتها .
ولاشك أن بيئة هذه عقيدتها مناقضة لما نشأ عليه الشيخ ولما تربى وتعلمه .. فكان لابد أن يخرج إلى هذه البيئة يعاملها بمقتضى سنة الله في خلقه ، والشيخ بين أمرين :
إما أن يستسلم للبيئة ويصبح مثل الآخرين ، وإما أن يصمم على محاربة الخرافة المنتشرة .. لكن قد اختار الشيخ رحمه الله على أن يقوم لله قومة انصدعت لها جبال الجاهلية وتقطعت بها غيوم الباطل و شبهاته ، فعزم على تنحية البدع من الحياة التي حوله ، و إيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين ، والعمل على نشر الإسلام والنور من الكتاب والسنة وسيرة الصالحين .

رحلة الشيخ وطلبه للعلم ..
هنا توجه الشيخ للرحلة في طلب العلم ؛ للتسلح بسلاح ماض قاطع ؛ فإن إنكار الشيخ لهذه الأمور الشائعة جعلته في مواجهة مع علماء السوء وتلبيساتهم وشبهاتهم ، وتأليب العامة عليه ، و تهتمهم إياه بالانحراف والجهل ، فكان كل ذلك يزيد من حرصه على تحصيل العلم وإدراك الحق ؛ فلابد أن يرحل في طلب العلم وتحقيق ما شرح الله له صدره من حقيقة هذا الدين القيم .
رحل الشيخ إلى مكة والمدينة والبصرة غير مرة ، طلباً للعلم .. ولم يتمكن من الرحلة إلى الشام وعاد إلى نجد يدعوهم إلى التوحيد . راجع حول موضوع رحلات الشيخ المختلفة في طلب العلم و شيوخه الذين أخذ عنهم ، كتاب : عقيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1/133 174 ) .
ولم يثبت أن الشيخ رحمه الله قد تجاوز الحجاز والعراق والأحساء في طلب العلم ، أما ما تجاوز الحد من أنه سافر إلى الشام كما ذكره خير الدين الزركلي في الأعلام ، وإلى فارس وإيران و قم وأصفهان كما يذكره بعض المستشرقين ونحوهم في مؤلفاتهم المعروفة بالأخطاء و مجانبة الحقيقة ، فهذه الأشياء غير مقبولة ؛ لأن حفيد الشيخ ابن حسن وابنه عبد اللطيف بن ابن بشر نصوا على أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يتمكن من السفر إلى الشام ، أما ما يذكر من أنه سافر إلى فارس و غيرها من البلاد ، فإن أغلبهم قد اعتمدوا على كتاب لمع الشهاب لمؤلف مجهول ، قال علامة الجزيرة حمد الجاسر : ولا تفوت الإشارة إلى أن كثيراً ممن كتبوا عن الشيخ محمد رحمه الله انخدعوا بما جاء في كتاب لمع الشهاب ، .. إلى أن قال : وهذا الكتاب الذي لا يصح التعويل عليه .. وبالإجمال ؛ فقد حرص مترجمو الشيخ محمد على تدوين كل ما يتصل برحلاته وبأسماء العلماء الذين تلقى العلم عنهم ، وبذكر البلاد التي زارها ، ويكادون يتفقون على عدم صحة ما ورد في كتاب لمع الشهاب من ذلك . انظر : مجلة العرب ( ج 10 ، السنة الرابعة ، ربيع الثاني عام 1390 هـ ، ( ص 943 944 ) .
أم ما زعم أن الشيخ درس اللغتين الفارسية و التركية ، والحكمة الإشراقية والفلسفة والتصوف ولبس جبة خضراء في أصفهان ؛ فليس بثابت ، بل إنه أمر باطل و يستبعد .. وليس في مؤلفات الشيخ وآثاره ما يدل على شيء من هذا .. ثم إن من ذكر ذلك عن الشيخ كان ممن انخدع بمثل كتاب لمع الشهاب . وقد رد على هذه الفرية العلامة حمد الجاسر انظر : نفس المرجع السابق ( ص 944 ) .
بعد مضي سنوات على رحلة الشيخ رحمه الله في طلب العلم ، عاد إلى بلدة حريملاء التي انتقل إليها والده بعد أن تعين عليها أمير جديد يلقب بخرفاش بن معمر والذي لم يرق له بقاء الشيخ عبد الوهاب في القضاء ، فعزله عنه ، فغادرها الشيخ عبد الوهاب إلى حريملاء وتولى قضاءها وأقام بها . فأقام الشيخ محمد بعد عودته من رحلته العلمية في حريملاء مع أبيه يدرس عليه ويدعو إلى التوحيد و يبين بطلان دعوة غير الله . انظر : الدرر السنية (12/5 ) .
لقد ابتلي الشيخ رحمه الله .. فصبر على البلاء و ثبت حتى جاوز الامتحان والابتلاء ، و ما ذلك إلا تأييد الله له بروح منه وتقويته لإيمانه .. وأمثلة ذلك في حياته كثيرة ..
و لنأخذ مثلاً من أحوال الشيخ التي وقعت له ؛ ففي حالة إخراجه من العيينة طريداً منها كان سبب إخراجه رحمه الله من العيينة هو أن ابن معمر خاف من حاكم الإحساء من أن يقطع عنه المعونة ، فأخرج الشيخ رحمه الله من العيينة وتوجه إلى الدرعية ، فكان ابن معمر ممن آثر الدنيا على الدين وباع العاجل بالآجل لما تعارض في صدره أمر صاحب الإحساء وأمر الله تعالى - ، قد افتقد كل حظ من حظوظه الدنيوية المباحة ؛ افتقد ثقة الأمير وثقة الناس من حوله به و بما يدعو إليه من عقيد السلف الصالح ، وافتقد المسكن و المكانة و جميع الحظوظ النفسية والغايات الدنيوية ومشى وحيداً أعزل من أي سلاح ليس بيده إلا مروحة من خوص النخيل ، لكن كان على ثقة من ربه ، والله قد قوي إيمانه حتى صغر في ميزانه أمر صاحب الأحساء وخذلان ابن معمر له وفراق الوطن والمال والأهل والزوجة والمسكن وما بقي لديه سوى الإيمان القوي بصحة عقيدة السلف الصالح ، و حسن الظن بالله .. لقد سار من العيينة إلى الدرعية يمشي راجلاً ليس معه أحد في غاية الحر في فصل الصيف لا يلتفت عن طريقه ويلهج بقوله تعالى { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } و يلهج بالتسبيح .. فلما وصل الدرعية قصد بيت ابن سويلم العريني ، فلما دخل عليه ؛ ضاقت عليه داره وخاف على نفسه من محمد بن سعود ، فوعظه الشيخ وأسكن جأشه وقال : سيجعل الله لنا ولك فرجاً و مخرجاً . انظر : عنوان المجد لابن بشر (1/11 ) .
ثم انتقل الشيخ إلى دار تلميذ الشيخ ابن سويلم الشيخ أحمد بن سويلم ، و هناك بدأ التزاور بين خصائص أهل العلم من الدرعية ولما علموا بثبات دعوة الشيخ و أنها على سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم أرادوا أن يشيروا على ابن سعود بنصرته ، فهابوه ، فأتوا إلى زوجته موضي بنت أبي وهطان من آل كثير و أخيه ثنيان .. وكانت المرأة ذات عقل ودين ومعرفة فأخبروها بمكان الشيخ وصفة ما يأمر به و ينهى عنه ، فوقر في قلوبهما معرفة التوحيد وقف الله في قلوبهما محبة الشيخ . روضة ابن غنام (1/3 ) .
دخل محمد بن سعود على زوجته فأخبرته بمكان الشيخ وقالت له هذا الرجل ساقه الله إليك و هو غنيمة فاغتم ما خصك الله به ، فقبل قولها ثم دخل على أخوه ثنيان وأخوه مشاري وأشاروا عليه مساعدته و نصرته .. أراد أن يرسل إليه ، فقالوا : سر إليه برجلك في مكانه وأظهر تعظيمه والاحتفال به ، لعل الناس أن يكرموه ويعظموه ، فذهب محمد بن سعود إلى مكان الشيخ و رحب به وأبدى غاية الإكرام والتبجيل وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده .. قال : أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة ، فقال الشيخ : وأنا أبشرك بالعزة والتمكين وهذه كلمة لا إليه إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها ؛ ملك بها البلاد والعباد ، وهي كلمة التوحيد وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم بعض ؛ فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك . عنوان المجد (1/11 12 ) .
و هكذا تم اللقاء التاريخي وحصلت البيعة المباركة على ذلك .. و أخذ الشيخ رحمه الله بالدعوة والجهاد في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله ..
ونتجاوز بعض الأمور من حياة الشيخ رحمه الله .. لأن الهدف من سرد هذه الأحداث ليس فقط طرح سيرة الشيخ أو ذكرها مفصلة .. وإنما الغاية والهدف هو الوصول إلى الحقيقة والتي نادى بها الشيخ رحمه الله .. ورد الشبه التي ألصقت بالدعوة وبصاحبها ..

أما عن عقيدة الشيخ رحمه الله فهي عقيدة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار .. عقيدة الرسول صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان .. عقيدة أئمة الهدى .. أبي حنيفة والشافعي و مالك وأحمد وابن عيينة والثوري وابن المبارك والبخاري وسلم وأبي داود وسائر أصحاب السنن وأهل الفقه وأثر رحمهم الله ..
يقول رحمه الله : ولست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم .. بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأدعو إلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلها على الرأس والعين .. ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي ، وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقول إلا الحق . انظر للمزيد عن عقيدة الشيخ الإمام رحمه الله كتاب : عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي للدكتور : صالح بن عبد الله بن عبد الرحمن العبود .

أما عن مؤلفات الشيخ فهي كثيرة جداً نذكر بعضاً منها ..
قام الشيخ رحمه الله تعالى بتأليف عدد من الكتب والرسائل المهمة ، و قد امتازت مؤلفات الشيخ رحمه الله بالأسلوب القرآني المحض و أدلته كلها مأخوذة من القرآن والسنة ، و ذو أسلوب واضح لا يوجد فيه أي تعقيد ، إلا أن اللغة ليست عالية جداً كما نشاهدها عند ابن تيمية (ت 728 هـ ) وابن القيم (ت 756 هـ) .
و قد عرفنا من مؤلفات الشيخ الكتب التالية :-
1- كتاب التوحيد : و هذه الرسالة هي من أشهر مؤلفاته ، و الاسم الكامل هذا الكتاب هو : كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد . و ذكر فيه الشيخ حقيقة التوحيد و حدوده ، و الشرك و مفاسده .
2- كتاب كشف الشبهات : ونستطيع أن نسميه تكملة لكتاب التوحيد ، والحقيقة أن جميع كتب الشيخ تتعلق بالتوحيد و يمكن أن يقال أنها كلها تكملة لكتاب التوحيد .
3- كتاب الأصول الثلاثة : و هي معرفة الرب ، و معرفة دين الإسلام ، و معرفة الرسول ، و هذه هي الأصول الثلاثة التي وضحت في هذه الرسالة في أسلوب جذاب .
4- كتاب شروط الصلاة و أركانها : و قد شرحت هذه الرسالة شروط الصلاة وهي : الإسلام ، والعقل ، التميز ، رفع الحدث و إزالة النجاسة ، و ستر العورة و دخول الوقت واستقبال القبلة ، والنية ، و ذكرت أركان الصلاة و واجباتها .
5- كتاب القواعد الأربع : حيث ذكر في هذه الرسالة بعض نواحي التوحيد على طريقة مؤثرة و سهلة .
6- كتاب أصول الإيمان : و بين أبواب مختلفة من الإيمان بالأحاديث ، و يظهر من عبارة في البداية ، أن بعض أولاد الشيخ قد أضاف إليها ، و نصها : و قد زاد فيه بعض أولاده زيادة حسنة .
7- كتاب فضل الإسلام : و قد وضح فيه مفاسد البدع و الشرك ، كما وضح شروط الإسلام .
8- كتاب الكبائر : ذكر فيه جميع أقسام الكبائر ، واحدة و احدة ، مفصلة في أبواب ، و قد دعمت الأبواب كلها بنصوص الكتاب والسنة .
9- كتاب نصيحة المسلمين : و هذا كتاب مستقل قد جمع فيه أحاديث تتعلق بجميع نواحي التعليمات الإسلامية .
10- كتاب ستة مواضع من السيرة : و هي رسالة مختصرة توضح ستة أحداث من السيرة النبوية ، والمواضع الستة هي :
أ - ابتداء نزول الوحي .
ب - تعليم التوحيد و الرد على الكفار .
ج- قصة تلك الغرانيق العلى .
د- ختام أبي طالب .
هـ منافع الهجرة و عظاتها .
و- قصة الارتداد بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .
11- كتاب تفسير الفاتحة : و هو تفسير موجز جداً لسورة الفاتحة .
12- كتاب مسائل الجاهلية : و ذكر فيه الشيخ مائة و إحدى و ثلاثين مسألة خالف الرسول صلى الله عليه وسلم فيها معتقدات أهل الجاهلية .
13- كتاب تفسير الشهادة : و هو تفسير لكلمة لا إله إلا الله ، و قد ذكر فيها أهمية التوحيد في أسلوب آخاذ و واضح .
14- كتاب تفسير لبعض سور القرآن : و هي مجموعة لبعض تعليقات الشيخ على آيات و سور مختلفة من القرآن و قد استنبط عشرات من المسائل من آية واحدة ، و هذه هي أهم مزاياها .
15- كتاب السيرة : و هو ملخص من كتاب السيرة لابن هشام .
16- الهدي النبوي : و هو ملخص لكتاب زاد المعاد للإمام ابن القيم رحمه الله .

و للشيخ عدة رسائل صغيرة أخرى غير ما ذكرنا ، و لا أرى حاجة إلى ذكرها ، و توجد بعض هذه الرسائل في كتاب روضة الأفكار المجلد الأول الفصل الثالث والرابع . وانظر أيضاً حول مؤلفات الشيخ كتاب : محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه (ص 135-144) . ونظر أيضاً كتاب : عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1/ 191 235 ) ، وقد فصل في خلالها القول في هذه الكتب و تحدث أيضاً عن الكتب التي نسبت إلى الشيخ مثل كتاب : أحكام تمني الموت ، و كتاب :نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين ، كذلك رسالة : أوثق عرى الإيمان .

وفاته الشيخ رحمه الله ..
في عام ست ومئتين وألف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم (1206 هـ ) توفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، قال ابن غنام في الروضة (2/154 ) : كان ابتداء المرض به في شوال ، ثم كان وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر .
وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم في الدرر السنية (12/20 ) ، أما ابن بشر فيقول : كانت وفاته آخر ذي القعدة من السنة المذكورة . عنوان المجد (1/95 ) . وقول ابن غنام أرجح ؛ لتقدمه في الزمن على ابن بشر ومعاصرته للشيخ وشهوده زمن وفاته وتدوينه لتاريخه .
وكان للشيخ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة ، وتوفي ولم يخلف ديناراً ولا درهماً ، فلم يوزع بين ورثته مال ولم يقسم . انظر : روضة ابن غنام (2/155 ) .

للمزيد عن حياة الشيخ و سيرته انظر الكتب التالية :
محمد بن عبد الوهاب لأحمد بن عبد الغفور عطار ، و داعية التوحيد محمد بن عبد الوهاب لعبد العزيز سيد الأهل ، و سيرة الإمام محمد بن عبد الوهاب لأمين سعيد ، و الشيخ محمد بن عبد الوهاب للشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي ، و الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره للدكتور عبد الله الصالح العثيمين ، والإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في التاريخ لعبد الله بن سعد الرويشد ، والشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب حياته ودعوته للدكتور عبد الله يوسف الشبل ، و محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه لمسعود عالم الندوي و دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية لأحمد بن عبد العزيز الحصين .. هذا عدا المصادر الأصلية مثل : تاريخ ابن غنام ، وتاريخ ابن بشر و تاريخ ابن عيسى ..
أما الرسائل الجامعية فقد كتب فيه على سبيل المثال : دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي ، رسالة دكتوراه للدكتور أحمد بن عطية الزهراني من قسم العقيدة في جامعة أم القرى ، و عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي ، رسالة دكتوراه للدكتور صالح بن عبد الله العبود ، من قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية .. و رسالة دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقد للأستاذ عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف ، رسالة ماجستير .. و رسالة الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارهما في حياة الأمة للأستاذ علي بن بخيت الزهراني ، رسالة ماجستير تحدث في الباب الرابع من رسالته عن الصحوة الإسلامية وكان موضوع الفصل الأول لهذا الباب هو أثر حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العالم الإسلامي و هو فصل مهم وقيم ..


ذكر المفتريات التي ألصقت بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، مع دحض لتلك المفتريات .. ثم نتبعه إن شاء الله إن كان في العمر بقية بالشبهات التي أثيرت حول الدعوة إلى غيرها من الأمور ... و سأعتمد في طرح هذا الموضوع على كتاب قيم في هذا الباب وهو : ( دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ) .. مع تصرف بسيط لا يخل في الطرح ..
الافتراء الأول : ادعاء الشيخ النبوة وانتقاص الرسول صلى الله عليه وسلم ..

الذي يظهر من العنوان أن هذه الفرية تتكون من شقين ، لذا فإننا سنتحدث عن كل شق على حدة ..
إن معتقد الشيخ رحمه الله في مسألة ختم النبوة واضحة و منتشرة في مواضع كثيرة من مؤلفاته ، ففي رسالته لأهل القصيم لما سألوه عن عقيدته قال : ( وأومن بأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين و المرسلين ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته ) انظر : مجموعة مؤلفات الشيخ (5/10 ) ، وانظر كلاماً مشابهاً في نفس المصدر (1/155 ، 195 ) و (3/8 ) ، و الدرر السنية (1/262 ) . و يعتقد جلياً مما سبق ذكره اعتقاد الشيخ في مسألة ختم النبوة .
ومع هذا فإننا نرى بعض خصوم الشيخ و خصوم هذه الدعوة يسطرون فرية ادعاء النبوة للشيخ ويسودون الصحائف بهذا البهتان ، ومن أوائل الذين ألصقوا بالشيخ هذه الفرية ابن عفالق حيث يقول في رسالته التي ألفها رداً على عثمان بن معمر أمير العيينة آنذاك : ( كما ادعا نزيله مسيلمة أي النبوة بلسان مقاله وابن عبد الوهاب حاله ) ، وفي موضع آخر : ( والله لقد ادعا النبوة بلسان حاله لا بلسان مقاله ، بل زاد على دعوى النبوة وأقمتموه مقام الرسول وأخذتم بأوامره ونواهيه ) . إلى غيرها من المفتريات . انظر كتاب : دعاوى المناوئين (ص 81 82 ) .
ثم تبعه عدد من المفترين من أمثال : علوي الحداد في كتابه مصباح الأنام ( ص 4 ) ، و حسن بن عمر الشطي في تعليقه على رسالة في إثبات الصفات للحازمي ، و أحمد بن زيني دحلان الذي أشاع هذه الفرية وسطرها في كتبه ، انظر : خلاصة الكلام ( ص 239 ) و الدرر السنية في الرد على الوهابية (ص 47 ) ، وتلقفها من بعده خصوم آخرون من أمثال : العاملي في كتابه :كشف الارتياب عن أتباع ابن عبد الوهاب ( ص 3 ) و جميل صدقي الزهاوي في كتابه : الفجر الصادق ( ص 17 ) ، و مختار أحمد باشا المؤيد في كتابه : جلاء الأوهام ( ص 5 ) ، و عبد القادر الاسكندراني ، انظر الرد عليه في كتابه : النفخة على النفحة لناصر الدين الحجازي ( ص 6 ) .
ثم أتى من بعدهم آخرون حاولوا نشر تلك الفرية بوسائل أخرى ، من أمثال : السمنودي في كتابه : سعادة الدارين ( 1/36 ) ، و محمد توفيق سوقية في كتابه : تبيين الحق والصواب ( ص 6 ) .
مما سبق نقله و ما ذكرته من اعتقاد الشيخ في مسألة ختم النبوة هو بحد ذاته أعظم وابلغ الحجج في دحض ورد تلك الفرية الكاذبة الخاطئة .. ومع ذلك فسأورد رداً واحداً في قمع هذه الفرية من باب الزيادة في إسقاطها ..
يقول الشيخ سليمان بن سحمان في كتابه : الأسنة الحداد في الرد على علوي الحداد : والجواب أن يقال لهذا الملحد المفتري : هذا من أبطل الباطل وأمحل المحال وبطلانه من وجوه :
أنه زعم أنه يضمر دعوى النبوة ، وهذا أمر قلبي لا يطلع عليه إلى الله ، فكيف ساغ له أن يدعي علم ما في القلوب مما لا يطلع عليه إلا علام الغيوب ، أيدعي علم الغيب أو أنه يوحى إليه ، ومن ادعى ذلك فهو كافر ، ثم ما هذه القرائن التي يزعم هذا الدجال المفتري أنها تظهر عليه بسان الحال ، فهلا ذكر قرينة واحدة من ذلك فإنا لا نعلم إلا دعوة الحق إلى إخلاص العبادة لله وحده .. الخ ( ص 12 ) . انظر الردود على هذه الفرية : دعاوى المناوئين ( ص 84 90 ) .
و ننتقل إلى الشق الآخر من هذه الفرية وهو اتهام الشيخ وأتباعه بانتقاص الرسول صلى الله عليه وسلم .
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الشأن : ولما أراد الله سبحانه إظهار توحيده وإكمال دينه وأن تكون كلمته هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى بعث محمداً خاتم النبيين و حبيب رب العالمين ، .. إلى أن قال : إلى أن أخرج تلك الدرة من بني كنانة وبني زهرة ، فأرسله على حين فترة من الرسل وهداه إلى أقوم السبل ، فكان له صلى الله عليه وسلم من الآيات الدالة على نبوته قبل بعثته ما يعجز أهل عصره .. انظر : مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (4/28 ) ، وانظر كلاماً آخر في : مجموعة مؤلفات الشيخ (1/190 ) و (5/113 ) و (4/339 ) إلى غيرها من المؤلفات .. وانظر معتقد أتباع الشيخ رحمه الله في هذه المسألة كتاب : دعاوى المناوئين ( ص 91 - 95 ) .
فهذه النقول السباقة ما هي إلا إشارات سريعة تعطي بياناً مجملاً لمعتقد الشيخ رحمه الله في حقوق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. أما افتراء الخصوم على الشيخ وأتباعه بأنهم يتنقصون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انظرها في نفس الكتاب السابق ( ص 95 99 ) .
يقول الشيخ رحمه الله في تكذيب هذا الافتراء : وما ذكره المشركون عليّ أني أنهى عن الصلاة على النبي أو أني أقول لو أن لي أمراً هدمت قبة النبي صلى الله عليه وسلم .. فكل هذا كذب وبهتان ، افتراه عليّ الشياطين الذين يريدون أن يأكلوا أموال الناس بالباطل .. انظر : مجموعة مؤلفات الشيخ (5/52 ) . وانظر ردوداً أخرى من الشيخ ومن أتباعه من بعده في كتاب : دعوى المناوئين ( ص 99 112 ) .

أبو هاجر القحطاني
2014-09-20, 20:01
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى)


الحمد لله ربِّ العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, ولا إله إلا الله, إلهُ الأولين والآخرين, وقيومُ السماوات والأرضين, ومالكُ يوم الدين, الذي لا فوزَ إلا في طاعته, ولا عزَّ إلا بالتذلل لعظمته, ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته, ولا حياةَ إلا في رضاه, ولا نعيمَ إلا في قربه, ولا صلاحَ للقلب ولا فلاح إلا في الإخلاص له وتوحيده وحبه, الذي إذا أُطيعَ شكر, وإذا عُصيَ تابَ وغفر, وإذا دُعِيَ أجاب, الحمد لله الذي شهدتْ له بالربوبية جميعُ مخلوقاته, وأقرتْ له بالإلهية جميعُ مصنوعاته, فلا إله إلا الله, لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلهيته, ولا سَمِيَّ له ولا كفوَ له ولا نِدَّ, أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, كلمةٌ قامت بها السماوات والأرضين, وبها أرسل اللهُ رسلَه, وأنزلَ كتبَه, وشرعَ شرائعَه, ولأجلها نُصِبَتْ الموازين, ووُضِعَتْ الدواوين, وقامَ سوقُ الجنة والنار, وبها انقسمَتْ الخليقة إلى مسلمين وكفار, وأبرار وفجار, وعليها نُصِبَتْ القبلةُ وأُسِسَتْ الملةُ, ولأجلها جُهِّزَتْ سيوفُ الجهاد, وهي حقُّ الله على جميع العباد, فهي كلمةُ الإسلام, ومفتاحُ دار السلام, فلا إله إلا اللهُ عددَ خلقه, ورضى نفسه, وزِنةَ عرشه, ومِدادَ كلماته, وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه, وأمينُه على وحيه, وخيرتُه من خلقه, أرسله اللهُ رحمةً للعالمين, وإماماً للمتقين, وحجةً على الخلائقِ أجمعين, أرسله على حين فترةٍ من الرسل, فهدى به إلى أقومِ الطرقِ وأوضحِ السُّبل, وافترضَ الله على العبادِ طاعتَه ومحبتَه وتوقيرَه, وسدَّ دون جنته الطرق, فلم يفتح لأحد إلا من طريقه, وشرحَ له صدرَه, ورفعَ له ذكرَه, ووضعَ عنه وزرَه, وجعلَ الذِّلةَ والصَغارَ على من خالفَ أمرَه, فتحَ اللهُ برسالته أعيناً عمياً, وآذاناً صماً, وقلوباًَ غلفاً, فبلَّغَ الرسالةَ, وأدَّى الأمانةَ, ونصحَ الأمةَ, وجاهدَ في اللهِ حقَّ جهادِه, فأشرقَتْ برسالته الأرضُ بعدَ ظلماتِها, وتألفَتْ به القلوبُ بعدَ شتاتِها, فصلواتُ الله وسلامُه عليه ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ.
(تمهيد/ العلماء هم حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة)
معاشرَ المؤمنين: لقد بعثَ اللهُ نبيَّه محمداً صلى الله عيه وسلم بالهدى ودينِ الحقِّ ليظهرَه على الدينِ كلِّه, فأكملَ اللهُ به الدينَ, وأتمَ به النعمة, ودخلَ الناسُ في دين الله أفواجاً, وأشرقَتْ الأرضُ بنورِ النبوة, وارتفعَتْ رايةُ التوحيدِ والسنة, وانطمسَتْ معالمُ الشرك والوثنية, وعُبِدَ الله وحدَه, فما تُوفِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد بيَّنَ للأمةِ معالمَ دينها, وتركها على المحجةِ البيضاءِ ليلُها كنهارِها, ودرجَ على هذا المنهجِ القويم خلفاؤه الراشدون وصحبُه المهديون, فبيَّنوا للناس الملةَ الحنيفيةَ ودَعَوهم إليها, وحذروا من سُبُلِ أهلِ الشركِ والبدعة, كما قال ربُّنا جلَّ وعلا: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) ثمَّ إنَّهم خلفَتْ من بعدهم خُلوفٌ يقولون ما لا يفعلون, ويفعلون ما لا يُؤمرون, وهذا مصداقُ ما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم, ولكن اللهَ ضمنَ لهذه الأمة بقاءَ دينِها وحفظَه عليها, وهذا إنَّما يحصلُ بإقامةِ من يقيمُه الله من أفاضيلِ خليقتِه وخواصِ بريَّتِه, وهم حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة, الذّابّون عن حياضِ السنةِ والتوحيد, المجاهدون مرات خلالَ عرى كلمةِ التقوى, فأظهر اللهُ بكلِّ طبقةٍ من فقهائها أئمةً يُقتدى بهم, ويُنتهى إلى رأيهم, فنصروا السنةَ وحاربوا البدعة, ودَعَوا إلى توحيدِ ربِّ العالمين, وحذّروا من سبلِ المشركين.
وكان من أجلِّهم إمام أهل السنة والصِّدِّيقُ الثاني: أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ حنبلَ رضي اللهُ عنه وأرضاه, فكان له مواقفُ ومقاماتٌ عظيمةٌ في نصرةِ مذهبِ السلف, ومن أشهرِها صدعُه بالحقّ لمّا ظهرَتْ فتنةُ القولِ بخلقِ القرآن ونفي صفاتِ اللهِ جلَّ وعلا, وصبرَ على الأذى في سبيلِ نشرِ السنةِ والتوحيد, حتى أظهرَه الله على خصومِه.

ثمَّ أقامَ اللهُ العالِمَ الربَّانيَّ بحرَ العلومِ شيخَ الإسلام: أحمدَ بنَ تيمية, الذي جددَ اللهُ به الدين بعد دروسِه, وأخزى به المرتدعين, فنشرَ مذهبَ السلفَ وألَّف في ذلك, وردَّ على أهلِ البدعِ وكشفَ عوارهم, وقامَ من بعده بهذا الأمرِ تلامذتُه المحققون, وأتباعُه ممن لا يُحصَون, كالعلامةِ ابنِ القيمِ وابنِ رجبٍ والذهبيِّ وابنِ كثيرٍ وابنِ عبدِ الهادي وغيرهم ممن سارَ على نهجِ السلفِ الصالح, علماً وعملاً ودعوةً وجهاداً.

(أولاً/ الحالة الدينية والمخالفات العقدية في نجدٍ في فترة الإمام محمد بن عبد الوهاب)
وبعدهم انتقضتْ عُرى الإسلام, وعُبِدَتْ النجومُ والكواكب, وعُظِّمَتْ القبورُ وبُنِيَتْ عليها المساجد, وعُبِدَتْ تلكَ الأضرحةُ والمشاهد, واعْتُمِدَ عليها عند المصائبِ دون الصمدِ الواحد, ونأتي بحديثِ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا يبعثُ لهذه الأمةِ على رأسِ كلِّ قرنٍ من يجددُ لها أمرَ الدين, فبعثَ في القرنِ الثاني عشر شيخَ الإسلامِ الإمامَ المجددَ لِمَا اندرسَ من معالمِ الدين: محمدَ بنَ عبدِ الوهابِ رحمَهُ اللهُ وغفرَ له, فشمَّرَ عن ساعدِ الجِدِّ والاجتهاد, وأعلنَ بالنصح للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولسائرِ العباد, ودعا إلى ما دعتْ إليه الرسلُ من توحيدِ اللهِ وعبادَتِه, ونهى عن الشركِ ووسائلِه وذرائعِه.

* من أبرز المخالفات العقدية المنتشرة في ذلك الوقت:

وكان أهلِ عصرِه ومِصرِه في تلك الأزمان قد اشتدَّتْ غربةُ الإسلامِ بينهم, وعفَتْ آثارُ الدينِ لديهم, وانهدمَتْ قواعدُ الملةِ الحنيفية, وغلبَ على الأكثرين ما كانَ عليه أهلُ الجاهلية, وغلبَ الجهلُ والتقليدُ والإعراضُ عن السنةِ والقرآن, وجَدُّوا واجتهدوا في الاستغاثةِ والتعلقِ بغيرِ اللهِ من الأولياءِ والصالحين, والآثارِ والقبورِ والشياطين, وعلماؤهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون وبه راضون, فكانوا يُعَظِّمون قبرَ زيدِ بنِ الخطاب ويدعونه رغباً ورهباً, ويزعمون أنه يقضي لهم الحوائج.

وكذلك كان عندهم فُحَّالٌ ينتابُه النساءُ والرجال, ويفعلون عنده أقبحَ الفِعال, والمرأةُ إذا تأخرَ عنها الزواجُ تذهبُ إليه وتضُمُه بيديها وتدعوه برجاءٍ واجتهادٍ وتقول: "يا فحلَ الفحولِ أريدُ زوجاً قبلَ الحول", وشجرةٌ عندهم تُسمى "الطُريفية" أغراهم الشيطانُ بها, فكانوا يُعلقون عليها الخِرَقَ لعلَّ الولدَ يسلمُ من السوء ويرجون بركتَها.

ومثل هذا وأكثر يُفعَلُ بقبرِ أبي طالب وقبرِ ميمونةَ وخديجةَ زوجتي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وكذا يلجئون عند الملماتِ والشدائدِ لقبرِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما, وقبرِ الحسينِ وعبدِ القادر الجيلاني والعيدروس والبدوي وغيرهم, فعدلوا عن عبادةِ الرحمنِ إلى عبادةِ القبورِ والشيطان, وعَظُمَ الكهَّانُ والسحرةُ والمشعوذون, عَظُمَ أمرُهم, وصارَ كثيرٌ من الناس لا يعرفُ من الدينِ إلا الدروشةَ والترانيم, وأما صفاتُ اللهِ فأكثرُهم لا يُقِرُّ بها تقريباً للفلاسفةِ والملحدين, فما تفاقمَ هذا الخَطْبُ وعَظُم, وتلاطم موجُ الكفرِ والشركِ وجَشُم, وطُمِسَتْ الآثارُ السلفية, وظهرَتْ البدعُ والأمورُ الشركية.

(ثانياً/ دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى التوحيد ونبذ الشرك)
عند ذلك تجردَ الإمامُ المجددُ رحمه اللهُ للدعوة إلى توحيدِ ربِّ العالمين, وردِّ الناسِ إلى ما كانَ عليه سلفُهم الصالح, في بابِ العلمِ والتوحيدِ والإيمان, وبابِ العملِ الصالحِ والإحسان, وحذَّرَ من التعلقِ والتوكلِ على غيرِ اللهِ من الأنبياءِ والصالحين, والاعتقادِ في الأحجارِ والأشجارِ والعيونِ والآبار, ورغَّبَهم في متابعةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في الأقوالِ والأفعال, وهَجْرِ والبدعِ والمحدثات, وأنكرَ على الخارجين عمَّا جاءَتْ به الرسل, وصنَّفَ في الردِّ على من عاندَ وجادل, حتى أظهرَ اللهُ التوحيدَ في الأرض, وعَلَتْ كلمةُ الله, وذَلَّ أهل الشركِ والفساد, وعُبِدَ اللهُ وحدَه دون ما سواه, واجتمعَتْ الكلمةُ على التوحيدِ والسنة, فالحمدُ للهِ أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.

(ثالثاً/ سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله يبيِّن أثر دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب المباركة)
معاشرَ المؤمنين: لقد بيَّن العلامةُ الشيخُ عبدُ العزيزُ بنُ بازٍ رحمَه اللهُ على أثرِ دعوةِ الإمامِ المجدد, فقال ما مختصرُه: "من أبرزِ الدعاةِ المصلحين الإمامُ الشيخُ محمدُ بنُ عبدِ الوهابِ مجددُ القرنِ الثاني عشرَ الهجري, الذي وفقَه اللهُ للقيامِ بدعوةٍ إصلاحيةٍ عظيمة, أعادَتْ للإسلامِ في الجزيرةِ العربية قوتَه وصفاءَه ونفوذَه, وطهَّرَ اللهُ به الجزيرةَ من الشركِ والبدع, وهداهم به إلى صراطٍ مستقيم, وامتدَّتْ آثارُ هذه الدعوةِ المباركةِ إلى أجزاءٍ كثيرةٍ من العالمِ الإسلامي, وتأثرَ بها عددٌ من العلماءِ والمصلحين, وكان من أقوى أسبابِ نجاح هذه الدعوة أنْ هيأَ اللهُ لها حكاماً آمنوا بها ونصرُوها, وآزروا دعاتَها".

وقال: "إنَّ دعوةَ الإمامِ الشيخِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ رحمه الله هي الدعوةُ الإسلامية التي دعا إليها رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم, وصحابتُه الكرامُ, وسلفُ هذهِ الأمةِ الصالح, ولهذا نجحَتْ وحققَتْ آثاراً عظيمة رغمَ كثرةِ أعدائها ومعارضيها أثناءِ قيامِها, وذلك مصداقاً لقولِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [لا تَزَالُ طَائفَةٌ مِنْ أُمَتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ].

ثم قالَ سماحتُه رحمَه الله: "وهذه الدعوةُ مرتبطةٌ بمذهبِ السلفِ الصالحِ ولم تخرجْ عنه, وأثمرَتْ ثمراتٍ عظيمة لم تحصلْ على يدِ مصلحٍ قبلَه بعدَ القرونِ المفضلة, وذلك لما ترتبَ عليها من قيامِ مجتمعٍ يحكمُه الإسلام, ووجودِ دولةٍ تؤمنُ بهذه الدعوةِ وتطبقُ أحكامَها تطبيقاً صافياً نقياً في جميعِ أحوالِ الناس, في العقائدِ والأحكامِ والعاداتِ والحدودِ والاقتصادِ وغيرِ ذلك, ممّا جعلَ بعضَ المؤرخين لهذه الدعوةِ يقول:

[إنَّ التاريخَ الإسلامي بعدَ عهدِ الرسالةِ والراشدين لم يشهدْ التزاماً تاماً بأحكامِ الإسلام, كما شهدَتْه الجزيرةُ العربيةُ في ظلِّ الدولةِ التي أيّدَتْ هذه الدعوةَ ودافعَتْ عنها].

قال: ولا تزالُ هذه البلادُ والحمدُ لله تنعمُ بثمراتِ هذه الدعوة, أمناً واستقراراً ورغداً في العيش, وبُعداً عن البدعِ والخرافاتِ التي أضرَتْ بكثيرٍ من البلاد الإسلامية, حيث انتشرَتْ فيها".

انتهى كلامُ سماحةِ الشيخِ عبدِ العزيزِ بن بازٍ رحمَه اللهُ وأسكنَه فسيحَ جناتِه.

(رابعاً/ دعوةُ الإمام محمد بن عبد الوهاب هي دعوةُ الرسل والأنبياء والصحابة والأئمة المصلحين)
معاشرَ المؤمنين: يقولُ اللهُ جلَّ وعلا: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36). هذه دعوةُ الرسلِ والأنبياءِ ومن سلكَ سبيلهم, إنها دعوةٌ واضحةٌ لا غموضَ فيها ولا لَبْس, دعوةٌ لإصلاحِ الخلقِ وتعظيمِ الخالقِ جلَّ وعلا, ولذا كان أولُها وآخرُها وأساسها: الدعوةُ إلى أعظمِ الواجباتِ وهو التوحيد, والتحذيرُ من أعظمِ الذنوبِ وهو الشركُ باللهِ جلَّ وعلا: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36). وقد امتثلَ الرسلُ والأنبياءَ أمرَ ربِّهم, فدَعَوا أقوامَهم إلى التوحيدِ قبلَ كلِ شيء, بلا جُرِّدَتْ السيوف, وأُزْهِقَتْ الأرواح, وقامَ سوقُ الجنةِ والنارِ من أجلِ التوحيدِ ودحرِ الشركِ وأهلِه, قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلَهَ إلَّا اللهُ].

وها هو نبيُّ اللهِ نوحٌ عليهِ السلام يدعو قومَه إلى التوحيدِ ألفَ سنةٍ إلا خمسينَ عاماً, قال لهم: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) (نوح:3,2), فأبى ذلك عُبَّادُ الأصنامِ والأوثانِ والقبور, وسَعَوا في صدِّ الخلقِ عن توحيدِ ربِّ العالمين, حتى اشتكى منهم نبيُّ اللهِ نوحٌ قائلاً: (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً * وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (نوح:23,22,21), فالذي بين نوحٍ وقومِه أعظمُ من أن يكونَ نزاعاً حولَ مواقفَ سياسيةٍ أو اقتصادية, إنَّه الصراعُ بين التوحيدِ والشرك, بين الحقِّ والباطل.

ثمَّ سار الرسلُ والأنبياءُ من بعدِ نوحٍ على هذا الطريق, دعوةٌ إلى التوحيدِ وتعظيمِ ربِّ العالمين, وتحذيرٌ من الشركياتِ بأنواعها.

وآخرُهم النبيُّ المصطفى والرسولُ المجتبى الخليلُ محمدٌ صلى اللهُ عليه وسلم, لقد دعا إلى اللهِ جلَّ وعلا, وكان مبدأُ دعوتهِ ومنتهاها, ومجراها ومرساها, أنْ تكونَ العبادةُ خالصةً للهِ جلَّ وعلا, وأنْ لا يكونُ له نِدٌّ يُدعى أو يُرجى أو يُستغاثُ به, فها هو صلى الله عليه وسلَّم يُلقى القرآن من لدنْ حكيمٍ عليم, وفيه الآياتُ الآمرةُ بالإنذارِ والدعوةِ إلى التوحيد: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:5,4,3,2,1).

لمَّا حضرَه الموتُ كان يُوصي أمتَه ويُحذرُها من وسائلِ الشرك, فكان صلى اللهً عليه وسلم يقول: [لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَخَذُوا قُبَورَ أَنْبِيَائهِمْ مَسَاجِدَ, يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا].

ولمَّا قال له رجلٌ: [ما شاءَ اللهُ وشئت], غضبَ الحبيبُ المصطفى صلى اللهُ عليه وسلم وقال: [أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدَّاً, بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ].

ولمَّا طلب منه بعضُ الناسِ أن يجعلَ لهم ذاتَ أنواطٍ ـ شجرةً يتبركون بها ـ أنكرَ ذلك وقال: [اللهُ أَكْبَرُ! إِنَّهَا السُّنَنُ, قُلْتُمْ وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائيلَ لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهاَ كَمَا لَهُمْ آلِهَة].

وكان صلى اللهُ عليه وسلم يُحَذِّرُ من الشركِ في القولِ والعمل, ومن ذلك قولُه صلى اللهُ عليه وسلم: [مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ], وقوله صلى اللهُ عليه وسلم: [مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا], بل أمرَه ربُّه جلَّ وعلا أنْ يُعلنَ للناسِ أنَّ الأمرَ للهِ من قبلُ ومن بعدُ, وأنَّ تدبيرَ هذا الكون من خصائصِه جلَّ وعلا, قال اللهُ سبحانه وتعالى مخاطباً (*) نبيَّه محمداً صلى اللهُ عليه وسلم: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه) (الأعراف: من الآية188), وأوحى إليه ربُّه جلَّ وعلا قولَه: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (الجـن:22,21), فالأمرُ للهِ من قبلُ ومن بعدُ.

ثم سارَ الخلفاءُ الراشدون والعلماءُ المصلحون والأئمةُ المهديون على ذلك فكانت العقيدة عندهم أهمَّ المهمات, ومواقفُهم في نصرةِ مذهبِ السلفِ والتحذيرِ من البدعِ وأهلها كثيرة, فهذا يدلُ على عظيمِ فهمِهم لدعوةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم, إنها الدعوةُ إلى توحيدِ ربِّ العالمين.

فاللهم اسلكْ بنا سبيلَ نبيِّك محمدٍ صلى الله عليه وسلم, يا أكرمَ الأكرمين, ويا أرحمَ الراحمين, أقولُ هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم لسائرِ المؤمنين من كلِّ ذنبٍ فاستغفرُوه إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

(خامساً/ مميزات دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله)
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين, ولا عدوانَ إلا على الظالمين, وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه ومن اقتفى أثرَه واستنَ بسنتِه إلى يومِ الدينِ, أما بعد:

ومن الدعواتِ السنيةِ السلفيةِ الإصلاحيةِ دعوةُ الإمامِ المجددِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ ومن معه من العلماء والأمراءِ والمصلحين, فقد نفعَ اللهُ الخلقَ بهذه الدعوة, لأنها بُنِيَتْ وسارَتْ على طريقِ الأنبياء, دعوةٌ إلى توحيدِ اللهِ وتوقيرِه وتعظيمِه وعبادتِه, وتحذيرٌ من الشركِ والبدعةِ وأهلِهما, فآتَتْ هذه الدعوةُ أُكُلَها, وحفظَها اللهُ ورعاها, لأنها إنما قامَتْ لبيانِ مذهبِ السلف, وتصفيةِ الإسلامِ مما عَلِقَ به من البدعِ والخرافاتِ والشركيات.

وقد تميزَتْ هذه الدعوةُ عن غيرِها من الدعواتِ بمزايا منها:

• أولاً/ تعظيمُ أمرِ التوحيدِ في نفوسِ العامة.
لأنَّ الشركَ أعظمُ الذنوب, قالَ اللهُ جلَّ وعلا: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: من الآية13), وهذا خلافاً لما عليه بعض الناس, فتراهم يُهَوِّنوا من أمرِ الدعوة إلى التوحيد, ويُشغلوا العامةَ والبسطاءَ بقضايا سياسيةٍ واقتصاديةٍِ لا ناقةَ لهم فيها ولا جمل, إنما هي من شئونِ أهلِ الحَلِّ والعقدِ, فيا سبحانَ الله! يفعلُ هذا وهو يرى هؤلاءِ البسطاء يتبركون بالقبورِ ويتمسحون بها, ويطلبون المددَ والغوثَ من غيرِ الله, وينذرون ويحلفون بغيره, ويوالون أعداءَه, وعندهم من البدعِ والمحدثاتِ الشيءُ الكثير, ثمَّ لا يُحركُ ساكناً, ولا يجهرُ بالحقِّ والتوحيدِ, ولا ينصحُ للخلق, فأيُّ دعوةٍ هذه؟؟ وأيُّ إصلاحٍ ستجنيه الأمةُ من قومٍ لا يوقرون أمرَ التوحيد, ولا يجعلونه أساسّ دعوتِهم, كما كان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يفعل, وبعضهم يعتني بترقيقِ القلوبِ والزهديات, ولكنه يتحاشى الكلامَ في التوحيدِ والتحذيرَ من الشركِ لئلا يُفرقَ الصفَ بزعمِه, قالَ الإمامُ المجددُ رحمه اللهُ في أهلِ الضلالِ وصدِّهم عن تعلمِ التوحيد, قال: "إذا رَأَوا من يُعلمُ الشيوخَ وصبيانَهم أو البدوَ شهادةَ أنْ لا إلهَ إلا الله, قالوا: {لو قالوا لهم يتركون الحرام, يجعلون الحرامَ دونَ الشرك كغصبِ الأموال}, قال الشيخ: وهذا من أعظمِ جهلِهم فإنهم لا يعرفون إلا ظلمَ الأموال, وأما ظلمُ الشركِ فلا يعرفونه, قال الله جلَّ وعلا: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: من الآية13), أين الظلمُ الذي إذا تكلمَ الإنسانُ بكلمةٍ منه أو مدحَ الطواغيتَ أو جادلَ عنهم خرجَ عن الإسلام, ولو كانَ صائماً قائماً من الظلمِ الذي لا يُخرجُ من الإسلام, بل إما أنْ يُؤديَ بصاحبِه إلى القصاص, وإما أنْ يغفرَه اللهُ له, فبين الموضعين فرقٌ عظيم". انتهى كلامُه رحمَه اللهُ وغفرَ له. وهذا من فقهِه فإنَّ تلك المنكرات من أهمِ أسبابِها ضعفُ الإيمانِ والجهلُ بالتوحيدِ الذي هو أصلُ الأصول, ولهذا إذا فَسدَتْ العقيدةُ أُوجِدَتْ المنكرات, فالحروريةُ لفسادِ عقيدتِهم استباحوا قتلَ النفسَ التي حرَّمَ اللهُ جلَّ وعلا, بل قتلوا خيارَ الصحابةِ كعليٍّ أميرِ المؤمنين رضي اللهُ عنه, فزوالُ تلك المنكرات لا بدَّ أنْ يسبقَه تصحيحُ العقيدة.

• ثانياً/ مما تميزَتْ به تلك الدعوةُ المباركة: التحذيرُ من البدع.
لأنَّ هذا الدينُ مبنيٌ على الاتباع, والرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم أُتِيَ جوامعَ الكَلِم, وهو الذي قال: [مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ], فالخيرُ كلُّه في التمسكِ بما كانَ عليه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عيه وسلم وصحابتُه الأبرار, ووالله إنه لا يُفرقُ بين البدعةِ والسنة إلا من فَقِهَ مذهبَ السلفِ وتمسكَ به, لأنهم يوقنون أنَّ الدينَ الذي جاءَ به النبيُّ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم كاملٌ تامٌّ لا نقصَ فيه بوجهٍ من الوجوه, ومنه يُعْلَم أنَّ الإسلامَ ليس فيه بدعةٌ حسنةٌ وسيئةٌ, فكلُّ البدعِ قبيحةٌ مردودة, قال اللهُ جلَّ وعلا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً ) (المائدة: من الآية3)

• ثالثاً/ ممّا تميزَتْ به هذه الدعوةُ: تحذيرُ الناسِ من المبتدعة.
فقد كان السلفُ ينهَون العامةَ عن الجلوسِ أو الإصغاءِ إلى المبتدعة, لئلا يعلقَ كلامُهم بالقلوبِ فيصعبَ التخلصُ منه, قالَ الإمامُ أحمد: "ليسَتْ السنةُ عندنا أنْ تجادلَ أهلَ البدع, بل السنةُ ألا تكلمَهم". وممّا لا يخفى أنَّ الاختلافَ والابتداعَ موجودٌ, نعم. أخبرَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أنَّ هذه الأمةُ ستفترقُ على ثلاثٍ وسبعين فرقة, كلها في النارِ إلا واحدة, وهي الجماعةُ المتمسكةُ كانَ عليه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وأصحابُه.

وكانَ خصومُ الإمامِ المجددِ يسعَون في إيقافِ الشيخِ عن التحذيرِ من رءوسِ المبتدعة, ولم يكنْ يعبأُ بهم, قال رحمه الله: "قاموا يجادلون ويُلبِّسون على الناسِ ويقولون تُكَفِّرون المسلمين, كيف تسبّون الأموات؟؟ أهلُ فلانٍ أهلُ ضيف, أهلُ فلانٍ كذا وكذا, قالَ الإمامُ: ومرادُهم بذلك بألا يتبيّن معنى لا إلهَ إلا الله". انتهى كلامُهم رحمَه اللهُ.

ألا فليأخذَ أهلُ السنةِ حِذرَهم لأنَّ بعضَ ما يَفِدُ إلينا من برامجَ قنواتية وكتاباتٍ فكريةٍ ودعويةٍ وثقافيةٍ ومنهجيةٍ تتأثرُ ولا شك بما عليه أصحابُها من مذاهبَ عقديةٍ رديئة, فاحذروا عبادَ الله, فاحذروا من الكتبِ والأفكارِ الوافدة, واعلموا أنَّ هذا الأمرَ دين فانظروا عمَّن تأخذون دينكم.

وأما إفسادُ الإنترنتِ للعقيدةِ فممّا لا يخفى, وإنْ أردْت برهاناً على ذلك, فتأمّلْ حالَ المفتونين به, فإنَّك سترى عجباً, لقد صارَتْ أخبارُ وآراءُ المجهولين والمشبوهين عندهم مصدراً من مصادرِ تلقي العقيدة, لا لشيءٍ إلا لأنها عُرِضَتْ في شبكةِ الإنترنت, بِغَضِّ النظرِ عن كاتِبها وعقيدَتِه, ولهذا تسلطَ عليهم أهلُ النفاقِ والبدع, ولبَّسوا عليهم دينَهم.

فيا معاشرَ المفتونين بالإنترنت: إنَّ هذا العلمَ دينٌ فانظروا عمّن تأخذون دينَكم, وأمّا أثرُ هذه الشبكةِ العنكبوتيةِ في التفريقِ بين أهلِ التوحيد والطعنِ في أئمةِ أهل السنةِ في زمانِنا فهو ممّا يندى له الجبين, قالَ اللهُ جلَّ وعلا: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:من الآية36).

• رابعاً/ وممّا تميزَتْ به هذه الدعوةُ المباركة: الحرصُ على جمعِ الكلمة, والتحذيرُ من التفرقِ والاختلافاتِ والفتن.
فيرَون وجوبَ إنكارِ المنكرِ بالحسنى, ويرَون أيضاً وجوبَ طاعةِ وليِّ الأمرِ في غيرِ معصيةِ اللهِ سبحانه وتعالى.

• خامسا/ وممّا تميزَتْ به على غيرِها: أنَّها تُربي الناسَ على مسائلِ التوحيدِ مسألةً مسألة, وتحذِّرُهم من الشركياتِ بأفرادِها.

وفيها النصُّ على مسائلِ التوحيدِ بأنواعِها, كالخوفِ والرجاءِ, والتوكلِ والاستعانةِ, والذبحِ والنذرِ لله جلَّ وعلا.

وفيها النصُّ على أنواعِ الشركياتِ والبدع, كالذبحِ لغيرِ اللهِ والنذرِ لغيرِه, ودعاءِ الصالحين وطلبِ المددِ منهم, وموالاةِ الكفار, والتوكلِ على غيرِ اللهِ جلَّ وعلا, والحلفِ بالمخلوقين, وتعليقِ التمائمِ والحروز.

وفيها التحذيرُ من السحرةِ والمشعوذين والكُهَّانِ والمنَجمين, وقارئ الكفِّ والفنجان.

وبهذه الدعوة إنكارٌ للمنكرات, فلا يجوزُ إبقاءُ الأشجارِ التي يُتبركُ بها, ولا قِبابُ قبورِ الأولياء.

ويرَون أنَّ على وليِّ الأمر منعَ المخربين والمشعوذين من إفسادِ عقائدِ المسلمين.

فهذا هو طريقُ السلفِ في تربيةِ الناسِ على التوحيد, خلافاً لِمَا يسلُكُه بعضهم, فتراه يتكلمُ عن التوحيد بعمومياتٍ لا تحصلُ منها الفائدة, ويتقصدون الإجمالَ دونَ التفصيل, فيأمرون بالتوحيدِ لكنهم لا يُبَيِّنون أنواعَه, ويُحذِّرون من الشركِ لكنهم لا ينصّون على أفرادِه, ولهذا تنتشر البدعُ والشركياتُ في أتباعِهم, وتراهم لا يُفرقون بين أهلِ السنةِ وأهلِ البدعة, فيقتدون بهؤلاءِ تارةً وبأولئك تارةً أخرى, فلا تمييزَ عندهم بين دعاةِ السنةِ ودعاةِ البدعة.
• سادساً/ ومما تميزَتْ به هذه الدعوة: توقيرُ السلفِ والعلماءِ ومحبتُهم.
• سابعاً/ ومما تميزَتْ به: الترغيبُ في تعلمِ الكتابِ والسنةِ بفهمِ السلفِ الصالح.
ونشَّئوا الشبابَ والعامةَ على هذا, لأنَّ العزَّ والنصرَ والسيادةَ وسلامةَ الدعوةِ لا تكونُ إلا بالفقهِ في كتابِ اللهِ وسنةِ رسولِه محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم, ولهذا قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [تَرَكْتُ فِيْكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَدَاً كِتَابَ اللهِ وسُنَّتِي] رواه الإمامُ مالك والحاكم وحسَّنه العلامةُ الألبانيُ غفرَ اللهُ للجميعِ وأسكنَهم فسيحَ جناتِه.
اللهم يا حيُّ يا قيومُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ, اللهم إنَّا نسألُك الهدى والتقى والعفافَ والغِنى, ربَّنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنَا عذابَ النار.

قام بتفريغه وتنسيقه/ أبو عبد الله الغزي السلفي

أبو هاجر القحطاني
2014-09-20, 20:10
دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية سنية وليست مذهبا جديدا

صلاح بن محمد آل الشيخ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد ،
فإن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى قد جدد الله به ما اندرس من معالم الدين القويم فأحيا به السنة وأمات البدعة ومحى به ما انتشر في بلاد المسلمين من الشرك والضلالة ، دعى إلى الله على نور وبصيرة وعلم ، دعى الناس إلى أول دعوة الأنبياء إلى أممهم ، إلى التوحيد الخالص الذي لا يقبل الله سواه ، إلى فهم معنى لا إله إلا الله وتحقيقها اعتقادا وقولا وعملا فلا معبود بحق إلا الله ، و أبدى في ذلك الأمر وأعاد لمخالفة الناس للتوحيد ووقوعهم في الشرك بصرف أنواع من العبادات لله ولغيره من الأموات. فخطب وحاضر وراسل وألف ، وحذر الخاص والعام والقريب والبعيد ، و تحمل لهذا الأمر العظيم والخطب الجسيم - الذي ظل فيه كثير من المسلمين في القرون المتأخرة - التكذيب والتجهيل والعداوة من القريب والبعيد ، حتى تحقق بفضل الله وكرمه وعلى يد من أختار وأكرم من عباده تحقيق أصل الدين بإفراد الله وحده بالعبادة ونفيها عن كل من سواه. وتبع ذلك إقامة سائر شعائر الإسلام من الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبقية الأركان حتى شابه حال الناس ما كان عليه السلف الأول من الصحابة و التابعين.

والإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عقيدته وما يدعو النَّاسَ إليه بينة ظاهرة في رسائله ضمن كتاب الدرر السنية وفي أهم كتبه و أشهرها كتاب التوحيد, إذ فيه البيان لعقيدة الشيخ وللأمر الذي شغله وأهمه ودعا إليه وصرف جُل تأليفه وتعليمه وجهاده له.

هذا الجهاد في فضح البدعة وإبطالها وتسفيهها وأهلها بالحجة الباهرة الدامغة والبيان الواضح البليغ في محاضرته وخطابته وكتابته ولدَّ خصوم ألفوا البدعة والضلالة وظنوها دينا وحقا ، وهذا الإتباع للدليل والتقيد من ربقة التقليد ولدَّ خصوم رفعوا فتاوى الشيوخ فوق النصوص وتعصبوا لهم تقليدا لا اتباعا ، وهذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والغضب لله وفي الله ولدَّ خصوم من الفسقة والمفسدين ، وهذا العلم والجهاد والدعوة والأتباع ولدَّ له خصوم حسدوه ما أنعمه وخصه الله به, كل هؤلاء الخصوم رموه بقوس واحدة ، وسعوا في حربه بخيلهم ورجلهم بكل حيلة يلبسون بها وكل كذبة يفترون بها.
هؤلاء الخصوم جميعا سعوا في صد الناس عن الحق الذي يدعو إليه الشيخ ، سعوا إلى ذلك بالقتال حينا ، وبالمؤامرة والكذب والبهتان كثيرا ، فنسبوا إليه أقوالا وأفعالا كان رد الشيخ عليها سبحانك هذا بهتان عظيم ، وأنكروا عليه مسائل جانبوا فيها الحق ، ووافق الشيخ الحق مثل دعاء الموتى وسؤالهم والاستغاثة بهم ، والنذر والذبح لهم ، فقال الشيخ حرام وشرك ، وقالوا حلال وتوسل بالصالحين وجاههم ، معرضين عن قول الحق تبارك وتعالى { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } ، والدعاء هو العبادة ، كما قاله صلى الله عليه وسلم ، وغافلين عن تحذير الله تعالى الناس من حيل الشيطان وكيده بتزيينه لتعظيم الأنبياء والصالحين حتى يعبدهم الناس تقربا بهم إلى الله ، فيقول تعالى { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زُلفى } ، تماما كما يقوله عباد القبور والصالحين قد أكثرنا من الذنوب ولا نجرؤ على سؤال الله فنسأل هؤلاء الصالحين ليسألوا لنا. ونازعوه في أمور واختيارات وعظموها وهي فروع فقهية مما أختلف فيها العلماء وتباينت فيها الاجتهادات ، وامتنع بينهم فيها الإنكار.

فكذبوا عليه بابتداع دين وعقيدة محدثة ، لأن فريق منهم يتكسب من الشرك والأضرحة ، وفريق جهل الحق وأضله الشيطان السبيلا ، وفريق قلد السادة والأباء في ضلالاتهم ، فقال رحمه الله "ولله الحمد عقيدتي و ديني الذي أدين به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين ، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة ، لكني بينت للناس إخلاص الدين لله ونهيتهم عن دعوة الأنبياء والأموات من الصالحين وغيرهم ، وعن إشراكهم فيما يعبد الله به من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك ، مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل ، وهو الذي دلت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم ، و هو الذي عليه أهل السنة و الجماعة" ، وقال "أُشهدُ الله ومن حضرني من الملائكة ، وأُشهدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة ، من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره ، ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شئ وهو السميع البصير, فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ولا أحرف الكلم عن مواضعه ولا أُلحد في أسمائه وآياته ، ولا أُكيف ولا أُمثل صفاته تعالى بصفات خلقه ، لأنه تعالى لا سميَّ له ولا كفءَ له ولا ندًّ له ، ولا يقاس بخلقه, فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا وأحسن حديثا, فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل". ورموه كذبا وافتراء بتنقص مقام النبي صلى الله عليه وسلم والأولياء والصالحين ، واتهامهم له من جنس اتهام الضالين النصارى لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين بتنقص المسيح عيسى بن مريم عليه السلام حين اعتقد المسلمون أنه عبدا لله ورسولا ولم يعتقدوه آلها وولدا ، تعالى الله عما يقولونه علوا كبيرا ، فكان رده "نبهناهم عن دعوة الصالحين وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله فلما أظهرنا هذه المسألة مع ما ذكرنا من هدم البناء على القبور كبر على العامة, وعاضدهم بعض من يدعي العلم لأسباب ما تخفى على مثلكم, أعظمها إتباع الهوى مع أسباب أخرى, فأشاعوا أنَّا نسبُّ الصالحين وأنَّا على غير جادة العلماء, ورفعوا الأمر إلى المشرق والمغرب ، وذكروا عنَّا أشياء يستحي العاقل من ذكرها .. و يُذكرُ لنا أن عدوان الإسلام الذين ينفرون الناس عنه, يزعمون أننا ننكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلّم, فنقول سبحانك هذا بهتان عظيم. بل نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، الشافع المشفع صاحب المقام المحمود, نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفَّعَه فينا ، وأن يحشرنا تحت لوائه ، هذا اعتقادنا".

واتهموه بادعاء الاجتهاد والخروج على الإجماع وتنقص العلماء ، وما ذاك إلا لأنه كان متبعا لا مقلدا متعصبا ، فكان على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ولكن متى ما كان الدليل والبرهان مع غيره من إخوانه العلماء كأبي حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم من أئمة أهل السنة والجماعة تبع الدليل وترك التعصب والتقليد ، فكان جوابه "بل أقول ولله الحمد والمنّة وبه القوة ، إنني هداني ربى إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ، ولست ولله الحمد أدعو إلى مذهبِ صوفيٍ أو فقيهٍ أو متكلمٍ ، بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، التي أوصى بها أول أمته و آخرهم .. نحن ولله الحمد متبعون لا مبتدعون على مذهب الإمام أحمد بن حنبل .. فإن الذي أنا عليه وأدعوكم إليه هو في الحقيقة الإقتداء بأهل العلم, فإنهم قد وصَّوا الناس بذلك" ، واتهموه بتكفير المسلمين ، وما كفر إلا ما جاءت النصوص البينة بكفره وأجمع على تكفيره أهل العلم ، فيقول نافيا التهمة "أما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعد ما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعادى من فعله فهذا هو الذي أكفر وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك".

وكان من حيل الخصوم لصد الناس عنه أن سموه ومن معه بالوهابيين ودعوته بالوهابية تلبيسا وتضليلا للناس ، ومرادهم من هذه التسمية إخراجه عن جماعة المسلمين والإيحاء لمن يجهل حقيقة دعوته من عموم المسلمين بانفراده بمذهب خاص به جديد ، والشيخ لم يبتدع دينا جديدا ، ولم يُنشئ مذهبا فقهيا خاصا به ، فهو في أصوله ودعوته على ما كان عليه السلف الصالح على طريقة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة فهو عالم من علماء السنة والجماعة أعتقد اعتقادهم ودعا وجاهد للزوم طريقهم ، وفي الفروع هو منتسب لمذهب الإمام أحمد بن حنبل دون تعصب وتقليد محض بلا دليل.

والنسبة يراد بها العزو يقال نسبه لأبيه أي عزاه إليه ، والنسبة الواقعة للفرق والمذاهب المنتسبة لدين الإسلام جاءت للتمييز والتفريق بين هذه الفرق ، وذلك بعزو أهل كل فرقة إما لاعتقاد خاص بهم كالقدرية نسبة للقدر الذين ضلوا فيه ، أو إلى فعل فعلوه لاعتقاد ومذهب خاص بهم كالروافض لرفضهم الشيخين والخوارج لخروجهم على جماعة المسلمين ، أو إلى رجل وافقوه في اعتقاده أو طريقته الصوفية أو منهجه واختياراته الفقهية ، وقد اخبر رسولنا صلى الله عليه وسلم أن اليهود والنصارى افترقت وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وهي التي تبقى على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فهذه الفرقة هي الأصل وغيرها تفرقت منها واختلفت عنها فضلت الطريق واتبعت الشياطين ، هذه الفرقة هي الفرقة الناجية التي بقت على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهي فرقة السنة والجماعة وأهلها متفقون في أصول الدين وكثير من فروعه ، واختلافهم في الفروع من جنس اختلاف الصحابة في بعض المسائل الفرعية ، فكان لهذا الاختلاف في تفاصيل المسائل الفرعية بين مشاهير علمائها أن ولد تلاميذ وأتباع ومقلدون لمنهج واختيارات هؤلاء العلماء فنسبوا إليهم تارة والى منهجهم تارة فيقال أهل الحديث وأهل الرأي والظاهرية ويُقال حنفي ومالكي وشافعي وحنبلي ، وهؤلاء جميعهم بعد هذه النسبة التفصيلية الخاصة بالمسائل الفقهية الفرعية ينتسبون للسنة والجماعة. فبذا يتضح أن النسبة والعزو في الدين إذا كانت لشخص معين تصح لمن كان له معتقد خاص به أو منهج واختيارات فقهية مشهورة ، والإمام محمد بن عبد الوهاب ليس له معتقد أو طريقة أو فقه خاص به ، فهو سلفي سني حنبلي ، فكانت النسبة إليه مغالطة مقصودة للإيحاء بمذهب خاص جديد ، والتسمية لدعوته بالوهابية من نظير تسمية الروافض لأهل السنة بالنواصب وتسمية المعتزلة لهم بالمشبهة والمجسمة إذ المراد من هذه التسميات التشبيه والتلبيس والصد عن الحق ، لذا رد الشيخ وتلاميذه هذه التسمية ولم يرتضوها لما فيها من الكذب والتلبيس والتضليل.

هذه الحيلة القديمة لأعداء الشيخ أحياها اليوم أعداء الإسلام الحق - إسلام أهل السنة والجماعة - من الصهاينة والكفرة الغربيين وأتباعهم من المنافقين والعلمانيين والغربيين وبقية المبتدعة والمتصوفة فسموا هذه العودة الحميدة إلى الدين الحق في كثير من بلاد الإسلام ، العودة إلى تطبيق الإسلام قولا وعملا في جميع شئون الحياة أصولية ووهابية ، ومن هؤلاء المسلمين من لا يعرف الإمام محمد ودعوته ، ولكنه ورد من نفس موردها واستقى من عين عينها فكان التوافق والتماثل ، فسموا المجاهدين الذين يجاهدون في سبيل الله تعالى بشعارات ورايات إسلامية لإخراج المعتدين والمغتصبين من بلاد الإسلام وهابيين ، والذين يلتزمون أوامر الله ونواهيه ويعظمونها ويقدمونها ، والذين يدعون إلى العلم والإسلام ونبذ الجهل والبدع والضلالات ، والذين يدعون إلى الولاء والبراء من دون ظلم واعتداء ، والذين يدعون إلى اقتصاد إسلامي سليم من ظلم الربا والمعاملات المحرمة ، والذين يدعون إلى نجاة المرأة من الابتذال والظلم والاستغلال بامتثالها لأمر ربها في حجابها وسمتها ، والذين يدعون إلى تبليغ الرسالة للناس أجمعين بنشر العلم وبناء المساجد وبذل الأموال قياما بالواجب ونصحا وشفقة للناس من الوقوع في النار والعذاب ، كل هؤلاء متهمون بالتعصب والوهابية ، لأنه إسلام لا يناسب أهوائهم ولا يوافق أطماعهم فالإسلام الذي يريدونه للمسلمين إسلام البدعة والتصوف والجهل ، إسلام الفصل بين الدين والدنيا ، والدين والحكم ، والدين والقضاء ، والدين والمال ، والدين والمرأة ، فبهذا الدين يأمنون ويرتفعون ويهيمنون على بلاد الإسلام والمسلمين.
ولكن الله جل جلاله سيبطل مكرهم ويرد كيدهم ويدحر باطلهم ، فالعاقبة للمتقين والنصر والعزة لله ورسوله والمؤمنين ، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون.


المصدر : طريق الإسلام

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 12:47
الإمام محمد بن عبد الوهاب الميلاد والنشأة



محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد[1] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn1)، الذي يعود نسبه إلى آل مشرِّف[2] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn2) من قبيلة تميم عريقة النسب والشرف؛ حيث ينحدرون من مُضَرَ فمن نزار فمن عدنان[3] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn3)، كان جدُّه سليمان بن علي بن مشرف من أشهر العلماء في عصره ومصره؛ حيث كان من أكابر العلماء في الجزيرة، وكذلك كان والده عالمًا فقيهًا على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85_%D8%A3%D8%AD% D9%85%D8%AF)، وكان من علماء نجد المشهورين، وقضاتها المعروفين، فقد تولَّى القضاء في عدَّة جهات؛ مثل: العيينة وحريملاء[4] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn4)، وكان عمُّه الشيخ إبراهيم بن سليمان من مشاهير العلماء في تلك البلاد[5] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn5).
في هذه الأسرة العريقة وُلِدَ محمد في بلدة العيينة شمالي الرياض، في عام (1115هـ=1703م)، وقد تعلَّم القرآن الكريم (http://islamstory.com/ar/%D9%85%D8%B9%D8%AC%D8%B2%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/) وحفظه قبل بلوغه عشر سنين، وكان يتمتَّع بالذكاء وسرعة الحفظ منذ صغره؛ فكان رغم حداثة سنِّه كثير المطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام، فشرح الله صدره لمعرفة التوحيد وتحقيقه، ومعرفة نواقضه المضلَّة؛ حتى إنَّ أباه كان يتعجَّب من فَهْمِه ويقول: "لقد استفدْتُ من ولدي محمد فوائد من الأحكام"[6] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn6).
ولم يكن محمدًا في طفولته كأقرانه ممَّن يُحبُّون اللعب والمرح، بل كان يقضي معظم وقته في الاطلاع على الكتب وخاصَّة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ومن قبلهما مؤلَّفات الإمام أحمد بن حنبل؛ التي كان لها الأثر الكبير في تكوين شخصيَّته العلميَّة الصحيحة[7] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn7)
رحلة الإمام محمد عبد الوهاب في طلب العلم
ارتحل الشيخ محمد بن عبد الوهاب قاصدًا حجَّ بيت الله الحرام، وبعد أدائه الفريضة اتجه إلى المدينة المنورة (http://islamstory.com/ar/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9/)، وفيها وجد ضالَّته؛ إذ كانت آنذاك مليئة بالعلماء؛ أمثال الشيخ عبد الله بن إبراهيم آل سيف مصنف كتاب (العذب الفائض في علم الفرائض)، فأخذ عنه الكثير من العلم، وأحَبَّه الشيخ عبد الله، وبذل جهدًا كبيرًا في تثقيفه وتعليمه، فتوثَّقت روابط المحبَّة بينهما، وممَّا يذكره الإمام عن شيخه عبد الله آل سيف قوله: "كنت عنده يومًا، فقال لي: أتريد أن أريك سلاحًا أعددته للمجمعة[8] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn8). قلتُ: نعم. فأدخلني منزلاً فيه (كتب كثيرة)، فقال: هذا الذي أعددناه لها"[9] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn9). ولعلَّ هذا الموقف هو ما جعل الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- يتحمَّس لطلب العلم من مناطق أخرى، فلم يتوانَ في هذا الأمر طيلة حياته.
ومن علماء المدينة الذين كان لهم فضل كبير في تعليم الإمام الشيخُ محمد حياة السِّندي؛ فلقد أدرك الرجل ما عليه تلميذه من عقيدة صافية، وبما تجيش به نفسه من مَقْتِ الأعمال الشائعة في كل مكان مِنَ البِدَع والشرك الأكبر والأصغر، وأنه إنما خرج من نجد للرحلة والاستزادة من العلم الشرعي؛ الذي يُعِينُه على القيام بالدعوة والجهاد في سبيل الله.
ومن المواقف الجليلة التي أثَّرت في محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- تأثيرًا كبيرًا، وكانت سببًا مباشرًا لمقاومته لكلِّ مظاهر الشرك والبدع في الجزيرة، ذلك الموقف المحزن الذي شاهده عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ففي أحد الأيام كان الشيخ واقفًا عند الحجرة النبويَّة فإذا به يرى أناسًا يدعون ويستغيثون بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، حينذاك رآه الشيخ السِّندي فأقبل عليه، وسأله قائلاً: ما تقول في هؤلاء؟ قال له الطالب النجيب: {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 139] [10] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn10).
فأيقن عندها الشيخ السندي أن تلميذه قد بلغ مرحلة علميَّة متقدِّمة.
أراد ابن عبد الوهاب –رحمه الله- أن يستزيد من العلوم، وأن يتعرَّف على جديدها، وعلى العلماء الراسخين في العلم في بقية البلدان الإسلامية الأخرى؛ فقرَّر أن يترك المدينة المنورة ليتَّجه إلى الدراسة في البصرة، وبالفعل ارتحل إليها، وحينما حطَّ رحاله فيها قرَّر أن يدرس على أكابر علمائها الراسخين؛ كالشيخ العلامة محمد المجموعي، الذي أثَّر في حياته تأثيرًا كبيرًا؛ حيث قرأ الإمام على يديه الكثير من كتب النحو واللغة والحديث.
وفي البصرة بدأت مرحلة جديدة في حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله، إنها مرحلة الجهر بما يؤمن ويعتقد؛ فلقد رأى في البصرة أمورًا أطمَّ وأعظم مما رآه سابقًا في المدينة المنورة، فقرَّر من توِّه أن يُحَدِّث الناس عن خطورة البدع والخرافات؛ كإنزال التضرُّع والحاجات بسكان القبور، مستشهدًا بكتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح، لكن ذلك لم يُجْدِ مع أقوام تربَّوْا وأُشْرِبُوا في قلوبهم البدع والضلالات؛ ومن ثَمَّ قُوبِلَ الإمام بالتكذيب والوعيد، ولم يتوقَّف الأمر عند هذا الحدِّ؛ بل تعرَّض الشيخ للضرب والسبِّ، حتى أُخْرِجَ من البصرة قسرًا بعدما أمضى بها أربع سنوات كاملة، ولم يكتفِ أهل البصرة بما فعلوه بالإمام، بل أنزلوا بشيخه المجموعي البلاء والضيم!
فأراد ابن عبد الوهاب أن يستكمل مسيرته العلمية والعملية، فقصد بلد الزبير[11] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn11)، وقد واجهته الكثير من الصعاب في طريقه إليها، وبعد عناء الوصول استطاع أن يأخذ منها حاجته؛ وقد فكَّر جدِّيًّا في التوجُّه ناحية الشام لاستكمال رحلته في طلب العلم، غير أن نفقته قد أوشكت على النفاد فاضطرَّ إلى الرجوع إلى بلده، وفي طريق عودته أتى الأحساء، فنزل بها عند الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف الشافعي، وقرأ عنده بعض الكتب الشرعيَّة، ثم توجَّه إلى حُريملاء وكان ذلك في عام 1143هـ وكان والده –رحمه الله- قد انتقل إليها منذ عام (1139هـ)، فلازم أباه، واشتغل في علم التفسير والحديث، ثم عكف على كتب الشيخين: شيخ الإسلام ابن تيمية (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%AA%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9_ %D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85_%D8%A7%D9%84% D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%87%D8%AF)، والعلامة ابن القيم رحمهما الله، فزادته تلك الكتب القيِّمة، علمًا ونورًا وبصيرة، وكانت المنطلق الذي استمدَّ منها مبادئ دعوته [12] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn12).
دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في حريملاء
بدأت أولى إرهاصات الدعوة في حريملاء؛ ليتمثَّل محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد بدأ أوَّلاً بدعوة عشيرته الأقربين، ثم دعوة قومه، فأجلى لهم حقيقة التوحيد الخالص لله عز وجل؛ إذ لا يُدعى إلاَّ الله وحده لا شريك له، ولا يُذبح ولا يُنذر إلاَّ له، وأن عقيدتهم في تلك القبور والأحجار والأشجار -من الاستغاثة بها، وصرف النذور إليها، واعتقاد النفع والضرِّ منها- ضلالٌ وبهتان.
واستمرَّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- يُدافع عن دعوته، فينشرها بين الناس بالحكمة والموعظة، متخذًا كتاب الله سبحانه وتعالى وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم منهاجًا ودليلاً؛ حتى أصبح الأمر مثار نقاش وجدال بينه وبين والده وأخيه سليمان، الذي اقتنع بحقيقة دعوة أخيه في أواخر حياة الشيخ كما سيأتي بيانه.
وكان أهل حريملاء قبيلتين، أصلهما قبيلة واحدة، كلٌّ منهما يدعي لنفسه القوة والغلبة والكلمة العليا، ولم يكن لهم رئيس واحد يجمعهم تحت كلمته، وقد كان في البلد عبيد لإحدى القبيلتين، كثُر تعدِّيهم وفسقهم، فأراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- أن يمنعهم من الفساد، وينفِّذ ما أنزله الله عز وجل في كتابه، فهمَّ العبيد أن يفتكوا بالشيخ، ويقتلوه سرًّا بالليل، فلما تسوَّروا الجدار علم بهم الناس فصاحوا بهم فهربوا[13] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn13).
مكث الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- في حريملاء تلك السنين يدعو الناس في ثبات وصبر، وقد أنتج فيها كتابه الشهير (التوحيد)[14] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn14)، ثم قرَّر ابن عبد الوهاب –رحمه الله- أن ينتقل إلى العيينة حينما أيقن أن بقاءه في حريملاء لم يَعُدْ يُجدي نفعًا، وكان ذلك في بدايات عام (1157هـ)[15] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn15).
محمد بن عبدالوهاب في العيينة
انتقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- إلى مسقط رأسه العيينة؛ حيث كان حاكمها وقتئذٍ عثمان بن حمد بن معمر، وقد تلقَّى ابن معمر الإمام بكل إجلال وإكرام، ثم ما لبث الشيخ أن شرح له حقيقة دعوته القائمة على دعائم الكتاب والسُّنَّة المطهَّرة، وأن غايته من هذه الدعوة تعليم الناس أصول دينهم على دعائم التوحيد، ونبذ الشرك والقضاء على مظاهره، وبشَّرَه بالسداد والتوفيق وزعامة نجد إن نصر كلمة التوحيد وأعلاها.
قَبِلَ عثمان بن معمر أن يكون أحد رجالات الدعوة، وقد تسنَّى للشيخ أن يدعو إلى إفراد العبادة لله دون قيد أو شرط، وضرورة التمسُّك بسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر، وفي تلك الأثناء تزوج الشيخ الجوهرة بنت عبد الله بن معمر.
بين الشيخ محمد بن عبدالوهاب وابن معمر
كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- يرى أن أحد الأسباب القوية لنجاح الدعوة يكمن في توحُّد بلاد نجد تحت قيادة واحدة، وكان يعرف جيدًا أنه ليس من السهل نشر الدعوة في البلاد القاصية والدانية في مدة قصيرة إلا بحماية أمير ذي قوة ونفوذ، فلا يخفى على ذوي العقول والألباب أن القوة المادية لها أهمية عظيمة في نشر الدعوات والأفكار مع القوة المعنوية والحجج والبراهين؛ لأن أي دعوة إذا لم تكن لديها من القوة ما يحميها ويذود عنها، سرعان ما تتكالب عليها قوى الشرِّ والطغيان حتى تستأصل خضراءها؛ ومن ثَمَّ استعان الشيخ بابن معمر الذي أعانه في هذا الجانب.
هدم قبة زيد بن الخطاب
وبدأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- في أخذ مجموعة من الإجراءات العملية المهمة في سبيل نشر الدعوة؛ إذ قطع الأشجار التي عظَّمَها الناس، وما لبث الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- أن هدم قبة زيد بن الخطاب (http://islamstory.com/ar/%D8%B2%D9%8A%D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AE %D8%B7%D8%A7%D8%A8) رضي الله عنه، وقد كانت مقصدًا للعامة يستشفعون بها، ويلجئون إليها، وقد ذكر ابن بشر قصة الهدم في كتابه (عنوان المجد) فقال: "قال الشيخ لعثمان: دعنا نهدم هذه القبة التي وُضعت على الباطل، وضلَّ بها الناس عن الهدى.
فقال: دونكها فاهدمها.
فقال الشيخ: أخاف من أهل الجبيلة أن يوقعوا بنا، ولا أستطيع أن أهدمها إلا وأنت معي.
فساعده عثمان بنحو ستمائة رجل؛ فلما قربوا منها ظهر عليهم أهل الجبيلة يريدون أن يمنعوهم، فلما رآهم عثمان علم ما همُّوا به فتأهَّب لحربهم، وأمر جموعه أن تتعزل للحرب؛ فلما رأوا ذلك كفُّوا عن الحرب وخلوا بينهم وبينها. ذُكر لي أن عثمان لما أتاها قال للشيخ: نحن لا نتعرَّضها. فقال: أعطوني الفأس. فهدمها الشيخ بيده حتى ساواها، ثم رجعوا فانتظر تلك الليلة جُهَّال البدو وسفهاؤهم ما يحدث بسبب هدمها، فأصبح (الشيخ) في أحسن حال"[16] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn16).
قطع الأشجار وإقامة الحدود
كما قطع الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- شجرة قريوة وأبو دجانة والذيب وذلك بمساعدة عثمان بن معمر، وأقام الحدَّ على امرأة اعترفت بالزنا وَفْقًا لشرع الله تعالى[17] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn17).
إحياء الصلوات مع الجماعة
وأمر ابن عبد الوهاب –رحمه الله- عثمان بن معمر بإحياء الصلوات مع الجماعة وعُيِّنت عقوبات للمتخلِّفين، وكان الأمراء يأخذون أنواعًا من الضرائب والرسوم فرفعها الشيخ ونفَّذ الزكاة فقط، وفي العيينة بدأ الشيخ يؤلِّف رسائل الدعوة المتسلسلة التي استمرَّت إلى وفاته، وصار له بعض الأنصار في الدرعية فكان يُرشدهم ويُوَجِّههم من العيينة[18] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn18).
تزامن ذلك مع انتشار خبر قطع الأشجار المعظَّمَة، وهَدْم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه، ورجم المرأة الزانية بسرعة كبيرة بين أهالي نجد، وظنَّ الكثير من أهلها -نتيجة ضعف إيمانهم وسوء عقيدتهم- أن الإمام ومَنْ عاونه في عملية الهدم والقطع لا بُدَّ أن يُصابوا بمكروه جرَّاء فعلتهم هذه!
وانتظر العامة -لجهلهم- ليروا مصير الإمام، عسى أن يُصيبه مكروه نتيجة هدمه للقباب والأشجار المقدسة! لكنَّ الله بدَّد أوهامهم؛ فتسارعوا يُقْبِلُون على الدعوة جماعات وأفرادًا، وكانوا عونًا للشيخ على نشرها بكل حبٍّ وإخلاص.
وقد حرص رحمه الله أن يُزيل كل ما كان في البلاد الخاضعة لابن معمر من المشاهد والأوثان والقباب، وقطع ما كان فيها من الأشجار المقدَّسة.
مؤامرة لقتل الإمام محمد بن عبد الوهاب
ترتَّب على هذه الأحداث المتتابعة أن تنادى رؤساء القبائل والبلدان الكبرى في نجد للوقوف ضدَّ مخاطر الدعوة، أو بالأحرى مخاطر إقامة شرع الله وحدوده؛ فهذه الحركة الإصلاحية أخذت – في زعمهم - تهدِّد نفوذهم في مقرِّ دورهم؛ لأن انتصارها معناه أفول سلطانهم الخاسر، وإفلات زمام الأمور من أيديهم؛ خاصَّة وأن الدعوة بدأت تؤتي ثمارها في نجد[19] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn19).
وكان على رأس الناقمين سليمان بن محمد بن عريعر الحميدي - حاكم الأحساء وبني خالد - الذي أيَّده فريق كبير من الجهلاء وأصحاب المصالح وذوي النفوذ؛ هؤلاء الذين تحجَّرت عقولهم بعد أن امتلأت بالخرافات والبدع، فانطلقوا يُقَاومون الدعوة وصاحبها، ويوغرون صدور مشايخ القبائل حقدًا وحسدًا.
وما لبث سليمان الحميدي أن بعث إلى عثمان بن معمر كتابًا على عجل جاء فيه: "... إن المطوِّع الذي عندك، قد فعل ما فعل، وقال ما قال، فإذا وصلك كتابي فاقتله، فإن لم تقتله، قطعنا خَرَاجَك الذي عندنا في الأحساء".
وقد كان على عثمان بن معمر أن يختار بين دعوة محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- وما تعاهدا عليه، وبين الخراج الذي يُقَدَّر بألف ومائتين دينار ذهبية، ولم يفكر ابن معمر مليًّا فقد اختار الخراج ومتاع الدنيا مُضَحِّيًا بالدعوة وقائدها، بل وأرسل إلى الإمام يخبره بكتاب سليمان، قائلاً: "لا طاقة لنا بحرب سليمان". وحاول الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- جاهدًا أن يُثني ابن معمر عن قراره هذا قائلاً له: "إن هذا الذي أنا قمتُ به ودعوتُ إليه كلمة لا إله إلا الله، وأركان الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أنت تمسَّكت به ونصرته فإن الله سبحانه وتعالى يُظهرك على أعدائك، فلا يزعجك سليمان ولا يفزعك"[20] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn20).
فأعرض عنه عثمان، وأرسل إليه مرَّة ثانية يخبره بأن: "سليمان قد أمرنا بقتلك، ولا نستطيع مخالفته، ولا طاقة لنا بحربه، وليس من الشيم والمروءة أن نقتلك في بلدنا، فشأنك ونفسك، وخَلِّ بلادنا"[21] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn21).
لقد وقع عثمان في فتنة الدنيا، هذه الفتنة التي حذَّر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواقف كثيرة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "وَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ"[22] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn22).
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يَخصُّ هذه الأمة بفتنة المال، فيقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ"[23] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn23).
من أجل ذاك أُخرج الإمام من العُيينة قسرًا، فلم يزده هذا الأذى إلا صبرًا وعزيمة ومُضيًّا، وهو يُرَدِّد قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2- 3]، فكان يمشي على رجليه مُوَكَّلاً به فارس يمشي من خلفه؛ لقتله والغدر به، ولم يكن مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- إلاَّ مروحة من خوص في حرِّ الصحراء الملهب، فهمَّ الفارس بقتل الإمام، وكان بإيعاز من ابن معمر، فارتعدتْ يده وكفى الله شرَّه[24] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn24).
الإمام محمد بن عبدالوهاب والنصر في الدرعية
توجَّه الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- إلى الدرعية - التي كانت تحت حكم الأمير محمد بن سعود - في عام (1157هـ)، فنزل ضيفًا على عبد الله بن سويلم، وابن عمِّه أحمد بن سويلم، وقد كانا من تلاميذ الشيخ أثناء مقامه في العيينة، لكن ابن سويلم خاف على نفسه من الأمير محمد بن سعود، لاعتقاده أن الأمير قد يؤذيه[25] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn25)؛ ولكن الإمام الواثق بمعيَّة الله وحفظه بدأ يُطمئنه ويحثُّه على ضرورة الوثوق بالله عز وجل قائلاً: "سيجعل الله لنا ولك فرجًا ومخرجًا"[26] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn26).
الأمير محمد بن سعودمؤيدا لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب
وكان للأمير محمد بن سعود أخوان هما ثنيان ومشاري، وزوجة هي موضي بنت أبي وهطان كانت –رحمها الله- لبيبة عاقلة متديِّنَة، وقد اقتنعوا جميعًا بما كان يدعو إليه الإمام، فذهب أخواه إليه، وقالا له: "... إن هذا الرجل غنيمة ساقه الله إليك، فاغتنم ما خصَّك الله به"[27] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn27).
ورغَّبوه في زيارة الإمام، وكان ابن سعود معروفًا قبل ذلك بأخلاقه النبيلة، واستعداده لقبول الحقِّ؛ ولذلك "قام من فوره مسرعًا إليه ومعه أخواه ثنيان ومشاري، فأتاه في بيت أحمد بن سويلم، فسلَّم عليه، وأبدى له غاية الإكرام والتبجيل، وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده، فأخبره الإمام بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دعا إليه، وما كان عليه صحابته –رضي الله عنهم- من بعده، وما أمروا به وما نهوا عنه، وأنَّ كلَّ بدعة ضلالة، وما أعزَّهم الله به بالجهاد في سبيل الله وأغناهم به، وجعلهم إخوانًا...فلمَّا تحقَّق الأمير محمد بن سعود معرفةَ التوحيد، وعَلِمَ ما فيه من المصالح الدينيَّة والدنيويَّة، قال له: يا شيخ، إنَّ هذا دين الله ورسوله الذي لا شكَّ فيه، فأبشر بالنُّصرة لك ولما أمرتَ به، والجهاد لمن خالف التوحيد"[28] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn28).
عند ذلك شرح الله صدر الأمير محمد بن سعود، واقتنع بما دعاه إليه الشيخ وبشَّر الأميرُ الإمامَ بالنصرة وبالوقوف معه على مَنْ خالفه، لكنَّ الأمير اشترط قبل المبايعة شرطين؛ أوَّلهما: أن لا يرجع الإمام عنه إن نصرهم الله ومكَّنهم. وثانيهما: أن لا يمنع الأمير من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار.
وقد ردَّ الإمام ردًّا بليغًا إذ قال: "أمَّا الأولى: الدم بالدم، والهدم بالهدم. وأمَّا الثانية: فلعلَّ الله يفتح عليك الفتوحات، فيعوِّضك الله من الغنائم ما هو خير منها".
فبايع محمد بن سعود الإمام محمد بن عبد الوهاب على الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله، والتمسُّك بسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الشريعة بين الناس[29] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn29).
وبعد البيعة مكث ابن عبد الوهاب –رحمه الله- عامين كاملين يُناصح الناس، ويرشدهم إلى سبيل الحقِّ، وفي خلالهما تسلَّل إليه أنصاره من العُيينة، منهم: عبد الله بن محسن، وأخواه زيد وسلطان آل معمر، وعبد الله بن غنام وأخوه موسى، وقد هاجر معهم عدد كثير من رؤساء آل معمر المخالفين لعثمان بن معمر في العيينة، ثم أتت إليه الوفود من كافَّة أرجاء نجد؛ حيث شرح الله صدرها للتوحيد والإيمان الخالص له عز وجل.
ومن أشهر الذين عاونوه وناصروه من أهل الدرعية وأمرائها: ثنيان بن سعود، ومشاري بن سعود، وفرحان بن سعود، والشيخ أحمد بن سويلم، والشيخ عيسى بن قاسم، ومحمد الحزيمي، وعبد الله بن دغيثر، وسليمان الوشيقري، وحمد بن حسين وأخوه محمد، وغيرهم كثير، وقد وصف فلبي هؤلاء بقوله: "هؤلاء هم فرسان الوهابية البواسل، وتُذكر أسماؤهم باحترام، وأولادهم يعتبرون جديرين بكل تكريم واحترام في القصر الملكي"[30] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn30).
ابن معمر يندم على صنيعه مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب
وعندما سمع عثمان بن معمر صاحب العيينة أن الدعوة المباركة بدأت في الانتشار، وأصبح لها مئات من المؤيدين، ندم على ما سلف منه في حقِّ الشيخ، فأتى إليه ومعه مجموعة من رؤساء البلاد وأعيانها، واعتذر له، وطلب منه الرجوع، فعلَّق الإمام الأمر على موافقة الأمير محمد بن سعود، وكان ذلك قمَّة الوفاء بالعهد، لكن الأمير محمد بن سعود –رحمه الله- رفض عودة الشيخ إلى العيينة، ورجع عثمان خائبًا بعد أن أضاع الخير من يده[31] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn31).
بدأت الوفود بالمجيء إلى الإمام للارتواء من مناهل علمه، وأخذ –رحمه الله- يُلْقِي الكثير من الدروس في الدرعية، في أمور: العقائد، والقرآن الكريم، والتفسير، والفقه وأصوله، والحديث ومصطلحه، والعلوم العربية والتاريخية، وغير ذلك من العلوم النافعة.
الدرعية عاصمة الدعوة
وكانت الحالة الاقتصادية حينئذ في الدرعية لا تقوى على القيام بمؤن أولئك الوافدين الطالبين، فكان بعضهم - من شغفه وحُبِّه للعلم - يعمل بالليل بالأجرة، وفي النهار يحضر الدروس إلى أن وسَّع الله عليهم.
لقد فتح الله على الدرعية بسبب احتضانها للدعوة؛ فقد أحدث وجود الشيخ انقلابًا جذريًّا في حياة سكانها ومعتقداتهم؛ فأصبحت هذه البلدة المركز الرئيس للدعوة، واسْتُبْدِلَ نظام الحكم العشائري فيها بحكم إسلامي يستمدُّ شرائعه من تعاليم القرآن وسُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأُبطلت الضريبة التي كان يدفعها السكان للأمير، وحَلَّتِ الزكاة مكانها، وساد الأمن والاستقرار بدلاً من الفوضى، ونشطت حركة التعليم نشاطًا عظيمًا، فكان الشيخ يتولَّى التدريس، ويُشرف شخصيًّا على المدرِّسِين، ويُحارب الأُمِّيَّة، ويُلزم كل فرد من أنصاره بتعلُّم القراءة والكتابة مهما كانت سِنُّه، أو عَلَتْ منزلته، ويحمل الناس على تنفيذ أوامر الدين ونواهيه بدقَّة، كما حلَّ الجهادُ في سبيل الله مكان الغارات والغزوات العشائريَّة المدمِّرَة، واقْتُلِعَتْ من أذهان الناس وعواطفهم عادات وتقاليد وثنية مزمنة، وغُرست مكانها المعتقدات الإسلاميَّة الصحيحة بنقاوتها وطهارتها الأُولَى، وقد أصبحت هذه البلدة تحاكي المجتمع الإسلامي الأوَّل الذي بناه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في المدينة بعد هجرتهم إليها[32] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn32).


جهاد الإمام محمد بن عبدالوهاب


كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- يُكثر من إرسال الرسائل، ومكاتبة البلدان والقرى والقبائل المجاورة؛ يدعوهم إلى التوحيد الخالص، ونبذ كل ألوان الشرك المنتشرة بينهم عن طريق الأدلَّة الصريحة من كتاب الله وسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما لبث الكثير منهم في اتهامه بتكفير المسلمين، بل لم يقتصر الأمر على ذلك؛ فقد بدأ خصومه في حشد الجيوش لمحاربته ومحاربة الدعوة؛ حيث أغاروا على بعض القرى التي بايعت الشيخ ودخلت في حلفه.
لم يرَ الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- والأمير محمد بن سعود بُدًّا من الاستعانة بالسيف بجانب الدعوة بالموعظة الحسنة، فقد تعاهد –رحمه الله- من قَبْلُ مع أمير الدرعية محمد بن سعود على المعونة والمؤازرة لنشر دعوة التوحيد وطمس معالم الشرك، رغم أن الدرعية بلدة صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها ألف نسمة، وعدد بيوتها لا يزيد على سبعين بيتًا! لكن أهلها أَبْلَوا بلاءً حسنًا في الدفاع عن عقيدة الإسلام.
ومن هذه القرية المتواضعة بدأت الجيوش تُجَهِّز نفسها لمحاربة مَنْ تصدَّوْا لدعوة التوحيد، ولم تنتظر طويلاً فقد بدأت الجهاد منذ سنة (1160هـ)، وذلك بعد عامين من وصول الشيخ إلى الدرعية، فقد ردُّوا هجوم دهام بن دواس[33] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn33) بأهل الرياض والصمدة، وانكشف أهل الدرعية أمام المغير، واستشهد في هذه المعركة فيصل وسعود وَلَدَا الأمير محمد بن سعود.
الأمير عبد العزيز بن محمد واستمرار الجهاد
واستمرَّت الحرب في سجال بين الأمير ابن سعود وبين خصومه، كدهام بن دواس حاكم الرياض، الذي تعقَّب الدعوة وأنصارها من عام (1159هـ) حتى فتح الله على يد الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود وجنوده الرياضَ عام (1187هـ).
ومن خصومه -أيضًا- عريعر بن دجين حاكم الأحساء الذي أغار على حريملاء في عام (1172هـ)؛ وقد كان عريعر قاسيًا لا يتَّصف بالشفقة أو الرحمة؛ إذ كان يقتل كلَّ مَنْ ظفر به من أنصار الدعوة، ويُغير على مدنهم وقراهم كلما سنحت الفرصة، وكان شاغله الأكبر القضاء على الدرعية؛ ذلك الخطر الذي يقض مضجعه باستمرار؛ ولذلك خرج في عام (1178هـ) وقد جمع كيده من كل ناحية، واستنفر كثيرًا من أهل القرى والمدن وتوجَّه نحو مركز الدرعية في جيش ضخم، وكلما مرَّ على قرية أو قبيلة قدَّموا له ولاءهم، وقد حاصر الدرعية مدَّة عشرين يومًا أو أكثر لكن جنود الدعوة دافعوا عنها دفاع الأبطال البواسل، حتى ألقى الله الرعب في جنود عريعر وأتباعه، فانقلبوا بحول الله وقوته خاسرين خاسئين[34] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn34).
واستمرَّ الأمير محمد بن سعود في محاولاته المتعاقبة لصدِّ عدوان المناوئين، والهجوم عليهم بقصد نشر الدعوة إلى أن توفَّاه الله في عام (1179هـ)، فتولَّى ابنه عبد العزيز أمور الحكم؛ حيث تابع مسيرة أبيه في الجهاد، ولم يكن الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود (http://www.alnasiha.net/cms/node/7) –رحمه الله- يقطع أمرًا دون الشيخ، ولا ينفِّذه إلا بإذنه[35] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn35).
استطاع الأمير عبد العزيز أن يفتح الرياض في عام (1187هـ)، بعد حروب دامت ما يقرب من ثلاثين عامًا بين دهام بن دوّاس وأتباعه، وبين أنصار الدعوة السلفية، وقد أرسل الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- رسالة بالغة الأثر للأمير عبد العزيز بمناسبة هذا الفتح، جاء فيها: "أُحِبُّ لك ما أحبُّ لنفسي، وقد أراك الله في عَدُوِّك ما لم تؤمِّل، فالذي أراه لك أن تُكثر من قول الحسن البصري (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%A8% D8%B5%D8%B1%D9%8A)؛ كان إذا ابتدأ حديثه يقول: اللهم لك الحمد بما خلقتنا ورزقتنا وهديتنا وفرَّجْتَ عنَّا، لك الحمد بالإسلام والقرآن، ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة، كبَّتَّ عَدُوَّنَا، وبسطت رزقنا، وأظهرتَ أمننا، وأحسنتَ معافاتنا، ومِنْ كل ما سألناك ربنا أعطيتنا، فلك الحمد على ذلك حمدًا كثيرًا طيِّبًا حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت"[36] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn36).
إن هذه الرسالة الطيِّبَة من الإمام للأمير دَرْسٌ من دروس العقيدة الجليَّة؛ حيث الالتجاء إلى الله وحده، وضرورة شكره دون سواه، فهو من وهبهم هذا النصر دون التعويل على غيره سبحانه من الأمور المادِّيَّة أو المعنويَّة.
بين الإمام محمد بن عبدالوهاب وأخيه سليمان
وكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد خالف أخاه سليمان؛ ذلك لأنه دأب على كتابة الرسائل المليئة بالأكاذيب والمفتريات، وما كان ذلك إلا حسدًا وغيرة، وكان الشيخ يردُّ عليه اتهاماته ومفترياته بالحجة الواضحة، والموعظة الحسنة، ثم شاء الله أن يهدي سليمان بن عبد الوهاب في آخر الأمر، فرجع إلى أخيه في الدرعية تائبًا عام 1190هـ، فأحسن إليه الشيخ، وأكرم وفادته، وتوجد رسالة سليمان بن عبد الوهاب مطبوعة باسم "الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية"، وأعداء التوحيد يتشدقون بذكر هذه الرسالة؛ بيد أنهم يذوبون خجلاً وحياءً عند ذكر رجوع سليمان وتوبته[37] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn37).
ولما رأى الأعداء أن قوة الشيخ وأنصاره من أهل نجد تزداد وتنمو يومًا بعد يوم، التجئوا إلى استعمال الأساليب الدنيئة؛ فاتهم سليمان بن محمد بن سحيم الشيخَ بتُهَمٍ وافترى عليه مساوئ عديدة، وأرسل إلى مدن الخليج والأحساء وغيرها بهذه الشائعات، لكن الشيخ ردَّ على هذه الرسائل ردًّا مفصلاً مفحمًا، وقد اشترك مع أدعياء العلم والعمل في هذه الافتراءات أصحاب العروش والقصور من الأمراء والحكام على النواحي؛ وذلك للحفاظ على مراكزهم وملكهم[38] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn38).
أخلاق الإمام محمد بن عبدالوهاب وعبادته
كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب يُحيي غالب الليل قائمًا: يُصَلِّي ويتهجَّد ويقرأ القرآن، وكان من دأبه التأنِّي والتثبُّت في تنفيذ الأحكام، لا يُمِيلُه الهوى عن الشرع، ولا تصدُّه عداوة عن الحقِّ، بل يحكم بما ترجَّح له وجه الصواب فيه، فإن وجد نصًّا في كتاب الله أو سنة نبيه التزمه ولم يعدل عنه؛ وإلا رجع إلى كتب الأئمة الأربعة، وأخذ نفسه بدقَّة المراجعة والتحقيق للنصِّ.
وقد فتح الله على المؤمنين؛ إذ امتدَّت راية الدعوة السلفية إلى الحجاز وعسير وشمال الجزيرة واليمن؛ وقد كان من أبرز الملبِّين للدعوة والمؤيدين لها عالم صنعاء المجتهد الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني (ت 1182هـ)، الذي كان يظنُّ أنه الوحيد في ميدان الدعوة في الجزيرة العربية[39] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn39).
ومع ما أفاض الله على بيت المال من الأموال الكثيرة، فقد كان الإمام زاهدًا متعفِّفًا؛ لا يأكل إلا بالمعروف، وكان سمحًا جوادًا لا يردُّ سائلاً، فلم يخلِّف شيئًا من المال يُوَزَّع بين ورثته، بل كان عليه دَيْن كبير يرجع لمساعدته لطلاب العلم، فقد "كان الشيخ –رحمه الله- لما هاجر إليه المهاجرون تحمَّل الدَّيْن الكثير في ذمته لمؤنتهم وما يحتاجون إليه وفي حوائج الناس، وجوائز الوفد إليه من أهل البلدان والبوادي، وذكر أنه حين فتح الرياض كان في ذمته أربعون ألف نجدية قضاها من غنائمها"[40] (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8#_ftn40).
وفاة الإمام محمد بن عبدالوهاب
بعد جهاد طويل وصراع مرير بين الحقِّ والباطل شاء الله عز وجل أن يتوفى الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- في يوم الاثنين آخر شهر شوال عام (1206هـ)، وله من العمر نحو 92 عامًا، قضى منها ما يزيد على خمسين عامًا في الدعوة والتوجيه والإرشاد؛ فرحمه الله رحمة واسعة، وأدخله جنَّاته، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، كفاء ما أحيا من شرع الله سبحانه وتعالى، وجدَّد من سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.


منقول

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 12:54
أقوال ريحانة الشام ومحدث العصر الإمام الألباني-رحمه الله - في الثناء على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ودفاعه عن دعوته السلفية ورد الشبهات التي أثارها الطاعنون على دعوة التوحيد في الجزيرة العربية:

- قال رحمه الله في « الآيات البينات في عدم سماع الأموات» (ص 15 ط المكتب الاسلامي): «وقد قام بذلك خير القيام، أئمة التوحيد وشيوخ الإسلام، كالإمام ابن تيمية، وابن قيم الجوزية، ومحمد بن عبد الوهاب، والصنعاني، والشوكاني، وغيرهم من أولي الألباب، وإنما الغرض بيان ارتباط هذه المسألة سماع الموتى...».
وقال في «العقيدة الطحاوية شرح وتعليق» (ص33 ط المكتب الإسلامي): «فإنه أهم شيء في العقيدة، فلا جرم أن المصنف رحمه الله بدأ به، ومن شاء التفصيل فعليه بشرح هذا الكتاب وكتب شيوخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وغيرهم ممن حذا حذوهم واتبع سبيلهم، {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} [الحشر: 10].
3- قال رحمه الله عند حديث أخرجه البخاري في صحيحه , وفيه أن (نجد) فيها «الزلازل والفتن ,وبها يطلع قرن الشيطان»؛ كما في «مختصر صحيح البخاري (1/478) – ط المكتب الإسلامي): « أي عراقنا؛ كما في بعض الروايات الصحيحة، وبذلك فسره الخطابي والعسقلاني؛ كما بينته في رسالتي " تخريج فضائل الشام "(ص 9-10رقم الحديث 8) خلافا لما عليه كثير من الناس اليوم , ويزعمون - لجهلهم- أن المقصود بـ (نجد) هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم , وأن الحديث يشير إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه - حاشاهم ؛ فإنهم الذين رفعوا راية التوحيد خفاقة في بلاد نجد وغيرها , جزاهم الله عن الإسلام خيراً».
4- وقال -رحمه الله- في الشريط رقم ( 880 ) من سلسلة الهدى والنور :
" منهجنا قائم على اتباع الكتاب والسنة , وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح , وأعتقد أن البلاد السعودية إلى الان لا يزال الكثير من أهل العلم فيهم على هذا المنهج , متأثرين بما تأثرنا به نحن
مثلهم , بدعوة شيخ الاسلام بحق أحمد بن تيمية – رحمه الله – ثم تلميذه ابن قيم الجوزية , ثم بمن سار على منهجهم , وسلك سبيلهم كالشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي كان له الفضل الأول بإحياء
دعوة التوحيد في بلاد نجد أولاً , وبتفصيل دقيق حتى لمسناه في الصغار قبل الكبار هناك , كما أنه أسس للدعوة واتباع السنة , وعدم إيثار أي مذهب من مذاهب أهل السنة الأربعة على الكتاب والسنة وكان له الفضل الثالث بعد الشيخين ابن تيمية وابن قيم الجوزية في اعتقادي , بإحيائه منهج الشيخين في العالم النجدي أولاً , ثم في العالم الاسلامي ثانياً , وله الفضل في عصره في نشر هذه الدعوة المباركة , وقد التزمها كثير من العلماء ليس في نجد ثم الحجاز التي تليها , بل في سائر العالم الإسلامي في الهند والباكستان وفي بلاد أخرى . "

5- وقال - رحمه الله - في «الصحيحه» تحت الحديث (5/305/2246):

"وإنما افضت في تخريج هذا الحديث الصحيح وذكر طرقه وبعض ألفاظه , لأن بعض المبتدعه , المحاربين للسنة والمنحرفين عن التوحيد يطعنون في الامام محمد بن عبد الوهاب مجدد دعوة التوحيد في الجزيرة العربية , ويحملون الحديث عليه باعتباره من بلاد (نجد ) المعروفة اليوم بهذا الاسم , وجهلوا او تجاهلوا انها ليست هي المقصوده بهذا الحديث , وإنما هي العراق"

6- وصف بعض أهل الأهواء الشيخ الالباني - رحمه الله - بأنه ( وهابي ) !

فقال في «الضعيفة» (4/7-المقدمة):

«وأما الاتهام بالتوهب؛ فجوابي عليه ما قاله بعض الموحدين المتبعين لسنة سيد المرسلين :

إن كان تابع أحمد متوهباً فأنا المقر بأنني وهــابي ! "

قال الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 1 / 111 :
رواه أحمد ( 4 / 62 , 5 / 375 ) و أبو الشيخ في \" أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ( ص 238 ) عن بكر بن عمرو عن عبد الله بن هبيرة السبائي عن # عبد الرحمن ابن جبير أنه حدثه رجل خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين # أنه كان يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرب \" . الحديث .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم .
( أقنيت ) أي ملكت المال و غيره .
وفي هذا الحديث أن التسمية في أول الطعام بلفظ \" بسم الله \" لا زيادة فيها , و كل الأحاديث الصحيحة التي وردت في الباب كهذا الحديث ليس فيها الزيادة , و لا أعلمها وردت في حديث , فهي بدعة عند الفقهاء بمعنى البدعة , و أما المقلدون فجوابهم معروف : \" شو فيها ?‎!‎\" .
فنقول : فيها كل شيء و هو الاستدراك على الشارع الحكيم الذي ما ترك شيئا يقربنا إلى الله إلا أمرنا به و شرعه لنا , فلو كان ذلك مشروعا ليس فيه شيء
لفعله و لو مرة واحدة , و هل هذه الزيادة إلا كزيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من العاطس بعد الحمد .
وقد أنكرها عبد الله بن عمر رضي الله عنه كما في \" مستدرك الحاكم \" , و جزم السيوطي في \" الحاوي للفتاوي \" ( 1 / 338 ) بأنها بدعة مذمومة , فهل
يستطيع المقلدون الإجابة عن السبب الذي حمل السيوطي على الجزم بذلك !! قد يبادر بعض المغفلين منهم فيتهمه - كما هي عادتهم - بأنه وهابي ! مع أن
وفاته كانت قبل وفاة محمد بن عبد الوهاب بنحو ثلاثمائة سنة ! ! و يذكرني هذا بقصة طريفة في بعض المدارس في دمشق , فقد كان أحد الأساتذة المشهورين من
النصارى يتكلم عن حركة محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية , و محاربتها للشرك و البدع و الخرافات و يظهر أنه أطرى في ذلك فقال بعض تلامذته : يظهر أن الأستاذ وهابي !‎! و قد يسارع آخرون إلى تخطئة السيوطي , و لكن أين الدليل ?‎ !‎و الدليل معه و هو قوله صلى الله عليه وسلم : \" من أحدث في
أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد \" . متفق عليه . وفي الباب غيره مما سنجمعه في كتابنا الخاص بالبدعة , نسأل الله تعالى أن
ييسر لنا إتمامه بمنه و فضله

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 13:06
ما قيل في الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ودعوته السلفية الاصلاحية

كلام أحمد بن عبد الغفور الحجازي في كتابه (( محمد عبد الوهاب))

كان محمد بن عبد الوهاب الشاب الناهض من أكبر أنصار الحرية الفكرية المتمشي على نهج الإسلام ، يدعوا إليها في إخلاص وحماس ، واستطاع أن يتحرر من قيود البيئة ، ويخرج على تقاليد قومه البالية .
فثار ثورته المشهورة على الجمود والتأخر وحاربهما حرباً ضروساً قاسية ، سائراً في كل شؤونه على الطريقة العلمية والنقد العلمي النزيه . انتهى .


الدكتور طه حسين :

قال : إن الباحث عن الحياة العقلية والأدبية في جزيرة العرب ، لا يستطيع أن يهمل حركة عنيفة نشأت فيها أثناء القرن الثامن عشر ، فلفتت إليها العالم الحديث في الشرق والغرب ، واضطرته أن يهتم بأمرها، وأحدثت فيها آثاراً خطيرة ، هان شأنها بعض الشيء ولكنها عادت فاشتدت في هذه الأيام وأخذت تؤثر لا في الجزيرة وحدها ، بل في علاقاتها بالأمم الأوربية .
هذه الحركة ، هي حركة الوهابيين ، التي أحدثها محمد بن عبد الوهاب ، شيخ من شيوخ نجد .
ثم ذكر نزراً يسيراً عن نشأة الشيخ ، ورحلاته العلمية ودعوته إلى أن قال : قلت إن هذا المذهب الجديد قديم معنى ، والواقع أنه جديد بالنسبة إلى المعاصرين ، ولكنه قديم في حقيقة الأمر ، لأنه ليس إلا الدعوة القوية إلى الإسلام الخالص النقي المطهر من شوائب الشرك والوثنية .
هو الدعوة إلى الإسلام ، كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم خالصاً لله ، ملغياً كل واسطة بين الله وبين الناس .
هو إحياء للإسلام العربي وتطهير له ، مما أصابه من نتائج الجهل ، ومن نتائج الاختلاط بغير العرب .
فقد أنكر محمد بن عبد الوهاب على أهل نجد ، ما كانوا قد عادوا إليه من جاهلية في العقيدة والسيرة ، إلى أن قال :
ولو أن الترك والمصريين ، اجتمعوا على حرب هذا المذهب وحاربوه في داره بقوى وأسلحة لا عهد لأهل البادية بها – لكان من المرجو جداً أن يوحد هذا المذهب كلمة العرب في القرن الثاني عشر ، والثالث عشر الهجري ، كما وحد ظهور الإسلام كلمتهم في القرن الأول .
ولكن الذي يعنينا من هذا المذهب أثره في الحياة العقلية والأدبية عند العرب فقد كان هذا الأثر عظيماً خطيراً من نواح مختلفة .
فهو قد أيقظ النفس العربية فوضع أمامها مثلاً أعلى أحبته وجاهدت في سبيله ، بالسيف والقلم ، والسنان ، وهو لفت المسلمين جميعاً .
وأهل العراق والشام ومصر بنوع خاص ، إلى جزيرة العرب . انتهى،من كتاب((محمد بن عبد الوهاب )) لأحمد عبد الغفور .


حافظ وهبه ، في كتابه ((جزيرة العرب))

بعد أن ذكر نبذة يسيرة من تاريخ الشيخ ، قال : لم يكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب نبياً ، كما ادعى نيبهر الدانمركي .
ولكنه مصلح مجدد ، داع إلى الرجوع إلى الدين الحق ، فليس للشيخ محمد ، تعاليم خاصة ، ولا آراء خاصة ، وكل ما يطبق في نجد ، هو طبق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله .
وأما في العقائد ، فهم يتبعون السلف الصالح ، ويخالفون من عداهم .
وتكاد تكون ، تعاليمهم مطابقة تمام المطابقة ، لما كتبه ابن تيميه وتلاميذه في كتبهم ، وإن كانوا يخالفونهم في مسائل معدودة في فروع الدين . انتهى .

محمد بن قاسم في كتابه (( تاريخ أوربا )) :


كان الوهابيون في عقيدتهم ومذهبهم على طريق أهل السنة والجماعة ، الأساس الأصلي لمذهبهم ، هو توحيد الله هـ .

الأستاذ منح هارون في الرد على الكاتب الإنجليزي ( كونت ويلز ) قال ما يأتي :

ولما اتسعت حركة السعوديين في ذلك الحين وأخذت تهدد العراق والشام والحجاز واليمن ،لم تر السلطة العثمانية أو السياسة الغاشمة.بدأ من أن تعمل لصرف قلوب العرب عن هذا الأمير، يعني عبد العزيز بن محمد بن سعود ،الطامح لاسترداد مجد العرب فأوعزت إلى بعض عمالها من المشايخ ، فأخذوا يدسون على الشيخ ابن عبد الوهاب أقولاً ، ما أنزل الله بها من سلطان . ويتخذون من المسائل الخلافية بين مذهب الإمام أحمد ، وبين المذاهب الإسلامية الأخرى وسيلة للطعن على الوهابيين الذين الصقوا بهم هذا الاسم ، تضليلاً للرأي العام الإسلامي ، وإيهاماً بأنهم ذوو مذهب جديد ، غير معترف به ، مع أنهم لم يخرجوا في شيءٍ عن مذهب الإمام أحمد ، الذي هو مذهب السلف الصالح ولم يقولوا شيئاً مبتدعاً في الدين . وكل ما قاله الشيخ ابن عبد الوهاب ، قال به غيره ممن سبقه من الأئمة الأعلام . ومن الصحابة الكرام ، ولم يخرج في شيء عما قاله الإمام أحمد ، وابن تيمية ، رحمهما الله .

عمر أبو النصر في كتاب (( ابن سعود )):



قال عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما يلي :
والواقع أن دعوة ابن عبد الوهاب ، ليست غير دعاية صالحة موفقة لنبذ البدع والمفاسد ، التي نهكت دين الإسلام ، والتي عمل بعض المشايخ على الترويج لها وذيوعها وانتشارها بين الناس .
وإذا ذهبنا نبحث الدعوة في مصادرها ، ونتولاها بالنقد والبحث والتحقيق وجدنا أنها لا تختلف عن مذهب الإمام أحمد بن حنبل إلا في بعض التبسيط والتطويل :.
وليس للوهابيين مذهب خاص يدعى باسمهم ، كما يقول بعض الحاملين عليهم ، وإنما مذهبهم الإمام أحمد . وليس فيها يطلبونه ويدعون إليه ما ينافي السنة ولا يتفق مع القرآن الكريم.
وهم ينكرون هذا التضليل،الذي يحاوله بعض الشيوخ وغير الشيوخ،وهذا الإغراق في إقامة القباب حول الأضرحة والقبور والصلاة فيها،وإقامة المباخر وطلب الشفاعة من أصحابها.والإسلام ينهي عن هذا .
وليس في الإسلام وسيط ، وليس هناك من يشفع عنده إلا بإذنه : انتهى باختصار وحذف ، من كتاب أحمد عبد الغفور .


محمد كرد علي في (( والقديم والحديث )) :


بعد أن ذكر فصلاً ممتعاً عن أصل الوهابية . قال :
وما ابن عبد الوهاب إلا داعية ، هداهم من الضلال ، وساقهم إلى الدين السمح وإذا بدت شدة من بعضهم ، فهي ناشئة من نشأة البادية ، وقلما رأينا شعباً من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص ، مثل هؤلاء القوم .
وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم ، سنين طويلة ، فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة ، وما يتهمهم به أعداؤهم ، فزور لا أصل له .

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 13:09
ثنَاءُ عُلماء الجزائر عَلَى الإمام محمّد بن عبد الوهّاب ودَعْوَتِهِ السَّلَفِيَّة



http://www.ilmmasabih.com/cache/com_zoo/images/algerie_117d0ee7f0102988c83b9fc274b566d4.jpg (http://www.ilmmasabih.com/index.php/minhag/item/%D8%AB%D9%86%D9%8E%D8%A7%D8%A1%D9%8F-%D8%B9%D9%8F%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%B9%D9%8E%D9%84%D9%8E%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%91%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D9%91%D8%A7%D8%A8-%D9%88%D8%AF%D9%8E%D8%B9%D9%92%D9%88%D9%8E%D8%AA%D 9%90%D9%87%D9%90-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%91%D9%8E%D9%84%D9%8E%D9%81%D 9%90%D9%8A%D9%91%D9%8E%D8%A9)










* الشّيخ العلّامة عبد الحميد بن باديس (رحمه الله) (ت: 1359هـ = 1940م )
ـ قال (رحمه الله) : «قام الشّيخ محمّد بن عبد الوهاب بدعوةٍ دينيّةٍ، فتَبِعَهُ عليها قومٌ فلُقِّبُوا بـِ«الوهّابيِّين»، لم يَدْعُ إلى مذهبٍ مُستقلٍّ في الفقه؛ فإنّ أتباع النّجديِّين كانوا قَبْلَهُ ولا زالوا إلى الآن بعدهُ حنبليِّين؛ يدرسون الفقه في كتب الحنابلة، ولم يَدْعُ إلى مذهبٍ مُستقلٍّ في العقائد؛ فإنّ أتباعه كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن سُنِّيِّين سَلَفِيِّين؛ أهلَ إِثباتٍ وتَنْزِيهٍ، يُؤمنون بالقَدَر ويُثْبِتُون الكَسْبَ والاِختيار، ويُصَدِّقُون بالرُّؤية، ويُثبِتون الشَّفاعة، ويَرضون عن جميع السَّلَف، ولا يُكفِّرون بالكبيرة، ويُثبِتون الكَرَامة.
وإنّما كانت غاية دعوةُ ابن عبد الوهاب تطهير الدِّين مِن كلِّ ما أَحْدَثَ فيه المُحْدِثُون مِن البدع، في الأقوال والأعمال والعقائد، والرُّجوع بالمسلمين إلى الصِّراط السَّويّ مِن دينهم القويم بعد انحرافهم الكثير وزَيْغِهم المُبين»، وقال : «إنَّ الغاية الّتي رَمَى إليها ابن عبد الوهاب، وسَعَى إليها أتباعُه، هي الّتي لا زال يَسعى إليها الأئمّةُ المُجدِّدون، والعلماء المصلحون في جميع الأزمان»[آثارابن باديس(5/32-33)]،
إلى أن قال: «بَانَ بهذا أنّ الوهّابيِّين ليسُوا بمبتدِعِين، لا في الفقه، ولا في العقائد، ولا فيما دَعَوا إليه مِن الإصلاح»[آثار ابن باديس (5/34)].
ـ ونَشَرَ الشّيخ ابنُ باديس في جريدته «الشّهاب» –نقلًا عن مجلّة «المنار» – رسالةَ الشّيخ العلّامة عبد الله بن الشّيخ محمّد بن عبد الوهّاب إلى الشّيخ العلّامة عبد الله الصّنعانيّ – رحم الله الجميع - ، وقَدَّمَ لها بكلامٍ رائقٍ، جاء فيه» : لم يَزَل في هذه الأُمّة في جميع أعصارِها وأَمْصَارِها مَن يُجاهد في سبيل إِحْيَاءِ السُّنَّة وإِمَاتَةِ البدعة بكُلِّ ما أُوتِيَ مِن قدرة. ولمّا كانت كُلُّ بدعةٍ ضلالة مُحْدَثة لا أَصْلَ لها في الكتاب ولا في السُّنَّة، كان هؤلاء المُجاهدون كلُّهم: «يَدْعُونَ النَّاسَ إلى الرُّجوع في دينهم إلى الكتاب والسُّنَّة وإلى ما كان عليه أهل القُرون الثّلاثة خيرُ هذه الأُمَّة الّذين هُم أَفْقَهُ النَّاسِ فيها، وأَشَدُّهم تَمَسُّكًا بهما». هذه الكلمات القليلة المحصورة بين هلالين هي ما تَدْعُو إليه هذه الصَّحيفة-أي: «الشِّهاب»- منذُ نشأتها، ويُجاهِدُ فيه المصلِحون مِن أنصارها ... وهي ما كان يَدْعُو إليه الشّيخ محمّد بن عبد الوهاب (رحمه الله)، وهي ما كان يَدْعُو إليه جميعُ المصلِحين في العالم الإسلاميّ ...»[«الشّهاب»، العدد (164)، 6 ربيع الثاني 1347هـ/20 سبتمبر 1928م، (ص2-3)].
ـ ولمّا زعم بعضُ أهل السّياسة المُغْرِضِين بأنّ «جمعِيّة» ابن باديس تَنشُرُ المذهب الوهَّابيّ! رَدَّ عليهِ بقوله: «أَفَتَعُدُّ الدّعوةَ إلى الكتابِ والسُّنّةِ وما كان عليه سَلَفُ الأُمّةِ وطَرْحَ البدعِ والضّلالات واجتنابَ المُرْدِيَات والمُهلِكات نَشْرًا للوهَّابيَّة؟...فأئمَّةُ الإسلامِ كلُّهُم وهّابيُّون! ما ضَرَّنا إذا دَعَوْنَا إلى ما دَعَا إليهِ جميعُ أئمَّةِ الإسلام؟...»[«آثار ابن باديس» (5/282-283)].
ـ وقال (رحمه الله): «الإصلاحيّون السّلفيّون عامّ، والوهّابيّون خاصّ، لأنّه يُطْلَقُ على خُصُوصِ مَنِ اهتدَوْا بدعوة العلّامة الإصلاحيّ السّلفيّ الشّيخ [ابن] عبد الوهّاب»[«الشّهاب »، العدد (98)، (ص:2-8)].
ـ وقال (رحمه الله): «سَبَقَ الشّيخُ ابنُ عبد الوهّاب في هذا العصر الأخير غَيْرَهُ إلى الدّعوةِ إلى الكتاب والسُّنّة وهَدْيِ السَّلَفِ الصّالح مِن الأُمّة، وإلى مُحاربة البدع والضّلالات، فصار كُلُّ مَن دَعَا إلى هذا يُقَالُ فيه وهّابيٌّ..» [الشِّهاب»، م10، ج6، صفر1353هـ-16ماي1934م، (ص:261)].
ـ ونشر في مجلّته: «الشِّهاب» خُطبةً للملك عبد العزيز آل سعود، ممّا جاء فيها قولُه (رحمه الله): «يُسَمُّوننا بالوهّابيِّين، ويُسمُّون مذهبنا بالوهّابيّ باعتبارِ أنّهُ مذهبٌ خاصّ، وهذا خطأٌ فاحشٌ، نَشَأَ عن الدِّعايات الكاذبة الّتي يَبُثُّها أهل الأغراض .
نحنُ لَسْنَا أصحابَ مذهبٍ جديدٍ وعقيدةٍ جديدة، ولم يَأْتِ محمّدُ بن عبد الوهّاب بالجديد، فعقيدتُنا هي عقيدةُ السَّلَف الصّالح، الّتي جاءت في كتاب الله وسُنّة رسوله، وما كان عليه السَّلَف الصّالح .
ونحنُ نحترم الأئمّة الأربعة، ولا فَرْقَ عندنا بين مالك، والشّافعيّ، وأحمد، وأبي حنيفة، وكلّهم مُحترَمون في نظرنا.
هذه هي العقيدةُ الّتي قام شيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب يَدْعُو إليها، وهذه هي عقيدتُنا، وهي مبنيّةٌ على توحيد اللهِ - عزّ وجلّ - خالصةٌ مِن كلِّ شائبةٍ، مُنَزَّهَةٌ عن كلِّ بدعةٍ، فعقيدةُ التّوحيد - هذه - هي الّتي نَدْعُو إليها، وهي الّتي تُنْجِينا ممّا نحنُ فيه مِن إِحَنٍ وأَوْصَابٍ»[«الشّهاب»، ج 6، م 5، صفر 1348هـ / يوليو 1929م ، (ص40 - 42)].

* الشّيخ العلّامة الطّيّب العُقبيّ (رحمه الله) (ت: 1379هـ=1960م):
ـقال (رحمه الله) في مقالٍ له بعنوان: «يقولون.. وأقول»: «يقولون لي: إنّ عقائدك هذه هي عقائد الوهّابيّة، فقلتُ لهم: إذن، الوهّابيّةُ هُم المُوحِّدُون»[«الشّهاب»،العدد (119)، 30 ربيع الثّاني 1346هـ/27أكتوبر1927م، (ص14)].
ـوقال (رحمه الله): «هذا، وإنّ دعوتَنا الإصلاحيّة - قبل كلِّ شيءٍ وبعده - هي دعوةٌ دينيّةٌ مَحْضَةٌ، لا دَخْلَ لها في السّياسة أَلْبَتَّة، نُريد منها تَثْقِيف أُمّتنا وتهذيب مجتمعنا بتعاليم دينِ الإسلام الصّحيحة، وهي تتلخّص في كلمتي : أن لا نَعبد إلّا الله وحده، وأن لا تَكون عبادتُنا لهُ إلّا بما شَرَعَهُ وجاءَ مِن عندِهِ...
ثمّ ما هي هذه الوهّابيّة الّتي تَصَوَّرَها المُتخيِّلون أو صَوَّرَهَا لهم المُجرمون بغير صُورتها الحقيقيّة؟
أهيَ حزبٌ سياسيّ؟ ... أم هي مذهبٌ دينيٌّ وعقيدةٌ إسلاميّةٌ كغيرها مِن العقائد والمذاهب الّتي تَنْتَحِلُها وتَدِينُ بها مذاهبُ وجماعاتٌ من المسلمين؟
وإذا كانت الوهّابيّةُ: هي عبادةُ الله وحده بما شَرَعَهُ لعباده، فإنّها هيَ مذهبُنا ودينُنا ومِلَّتُنا السَّمْحَة الّتي نَدِينُ اللهَ بها، وعليها نَحْيَى وعليها نموت ونُبْعَثُ إن شاء اللهُ مِن الآمِنين»[«السّنّة»، العدد (2)، 22 ذي الحجّة1351هـ /17 أبريل1933م، (ص7)]
.
* الشّيخ العلّامة الأديب محمّد البشير طالب الإبراهيميّ (رحمه الله) (ت :1385 هـ= 1965م):
ـ قال (رحمه الله): «يا قوم، إنّ الحقّ فوق الأشخاص، وإنّ السُّنَّة لا تُسَمَّى باسمِ مَن أَحْيَاها، وإنّ الوهّابيِّين قومٌ مسلمون يُشاركونكم في الاِنتساب إلى الإسلام، ويَفُوقُونكم في إِقامةِ شَعائره وحدوده، ويَفُوقُون جميعَ المسلمين في هذا العصر بواحدةٍ، وهي أنّهم لا يُقِرُّون البدعة، وما ذنبُهم إذا ما أنكرُوا ما أنكرهُ كتابُ الله وسُنّةُ رسوله، وتَيَسَّرَ لهم مِن وسائل الاِستطاعة ما قدروا به على تغيير المنكر؟
أَإِذَا وافقْنا طائفةً مِن المسلمين في شيءٍ معلومٍ مِن الدِّين بالضّرورة، وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندهم - والمُنكرُ لا يَختلف حكمُه باختلاف الأوطان - تَنْسِبُونَنَا إليهم تَحقيرًا لنا ولهم، وازْدِرَاءً بنا وبهم، وإِنْ فَرَّقَت بيننا وبينهم الاِعتبارات؛ فنحن مالكيُّون برغمِ أُنُوفكم، وهُم حنبليُّون برغمِ أُنُوفكم، ونحنُ في الجزائر وهُم في الجزيرة، ونحنُ نُعْمِلُ في طُرُقِ الإصلاح الأَقلام، وهُمْ يُعْمِلُونَ فيها الأَقدام، وهُم يُعْمِلُون في الأضرحةِ المَعَاوِل، ونحنُ نُعْمِلُ في بَانِيهَا المَقَاوِل» [«السّنّة»، العدد )9)، 11 صفر 1352هـ/5 يونيو 1933م، (ص6)/«آثار الإبراهيمي»(1/123-124)].

* الشّيخ محمّد السّعيد أبو يعلى الزَّواويّ (رحمه الله) (ت: 1952م):
ـ قالَ (رحمه الله) في مقالةٍ لهُ بعنوان: «الوهّابيُّون سُنِّيُّون «ليسوا بمعتزلةٍ كما يقولون هُنا عندنا بالجزائر»»: «إنّ [ابن] عبد الوهّاب حنبليٌّ، وإنّما هو عالِمٌ إصلاحيٌّ، وأتباعُهُ:... إصلاحيُّون سَلَفِيُّون سُنِّيُّون حقيقيّون، على مذهب أحمد الإمام، وعلى طريقةِ الإمام تقيّ الدّين ابن تيميّة في الإصلاح والعِنايةِ التّامّة بالسُّنَّة..»[«الشِّهاب»، العدد:98، (ص2-8)].
ـ وقال (رحمه الله): «ثمّ إِنْ تَعْجَب أيُّها الواقفُ على كلامنا هذا! فعَجَبٌ أقوالُهم -أعني المالكيّة- إنّ الوهّابيِّين يَهدمون القُبَب والقُبور المُزخرفة المُطَافَ بها، ويَنْتَقِدُون ذلكَ أَشَدَّ الاِنتقاد وهو مذهبُهُم المالكيّ مَحْضٌ، فلْيَنْتَقِدُوا مَالِكَهم قبلُ ثمّ أحمد بن حنبل إمام السّنّة، إنِ الوهّابيّون إلّا حنابلةٌ... ولا نَعْلَمُ بمذهبٍ وهّابيٍّ، وإنَّ ذلك نَبْزٌ ونَبْذٌ مِنَ المُتَنَطِّعِين، بل المُتَوَغِّلِينَ في البدع والخرافات» [«الشِّهاب»، م9، ج5، غرة ذي الحجة1351هـ، أبريل1933م، (ص:197-198)].
ـ وقال (رحمه الله):«ولهذا قُلتُ وما زلتُ ولن أَزَال أقولُ: إنّ المالكيَّ الّذي يَطعَنُ في الوهّابيّةِ يَطْعَنُ في مالكٍ ومذهبِهِ مِن حيثُ يَشْعُرُ أو لا يَشْعُر، أو لأنَّهُ جاهلٌ أو يَتجاهل»[«الصّراط»، العدد:7، (ص:7)].
* الشّيخ الأديب محمّد السّعيد الزَّاهريّ (رحمه الله) (ت:1956م):
ـ قالَ (رحمه الله) في الرّدّ على مَن قال: «إنَّ مُؤسِّس المذهب الوهَّابي! هو شيخُ الإسلام ابن تيميّة، واشتهر بِهِ ابنُ عبد الوهّاب»!: «والواقعُ أنّ مُؤَسِّسَ هذا المذهب ليسَ هُوَ ابنُ تيميَّة ولا ابنُ عبد الوهّاب ولا الإِمام أحمد ولا غيرهم مِن الأئمّة والعُلماء، وإنّما مُؤسِّسُهُ هو خاتم النَّبيِّين سيّدنا محمّد بن عبد الله (صلّى الله عليهِ وسلّم)، على أنّه في الحقيقةِ ليس مَذْهَبًا، بل هو دَعْوَةٌ إلى الرُّجوع إلى السُّنّةِ النّبويَّة الشّريفة وإلى التّمسّك بالقرآن الكريم، وليس هُنَا شيءٌ آخر غير هذا»[«الصّراط»، العدد(5)، (ص:4-6)].
ـ وقالَ (رحمه الله):«والوهّابيّون أو حنابلةُ «نَجْدٍ» لا يَقُولون بكُفْرِ مَن يَتَوَسَّلُ التّوسُّلَ الشّرعيّ، بل يقولون بكُفْرِ مَن يَدعو مع اللهِ إلهًا آخر، ومِن معاني«التّوسّل» عند الجامِدين(من أهل السّنّة) أنّهم يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ ما لا ينفعُهم ولا يضرُّهم! وأَحْسَبُ أنّ مَن يُطالِعُ كتابَ «التّوسّل والوسيلة»لشيخِ الإسلام بن تيميّة يَرَى صِدْقَ ما نقولُ. وهذهِ العقيدةُ ليست عقيدةَ حنابلةِ «نَجْدٍ» وحدهم، بَلْ هيَ عقيدةُ السَّلَفِ الصّالحِ وعقيدةُ أهلِ السُّنّةِ جميعًا(ما عَدَا الجامِدِين منهم والمُتَسَاهِلِين)» [«الصّراط»، العدد(5)، (ص:4-6)].
ـ وقالَ (رحمه الله)في رَدِّ انتقاداتِ كاتِبٍ مغربيٍّ: «...أنا لا أُوافِقُهُ على أنَّ إخواننا المُؤمنين السَّلَفِيِّين في «نَجْدٍ» والحجاز قد غَلَوْا في الإصلاح الإسلاميّ، ولا أَصِفُهُم بالغُلُوّ؛ لأنَّ الغُلُوّ في الشّيء هو الخُرُوجُ عنهُ أو عن حُدوده المشروعة، وإِخْوَتُنا في «نَجْدٍ» والحجاز إنّما يَدْعُونَ إلى ما دَعَا اللهُ إليه لا يَغْلُون في ذلك ولا يَخرجُون في إصلاحهم عن الحُدود المشروعة»[مجلّة «الفتح»، العدد (168)، 7 جمادى الأولى 1348هـ/ 10 أكتوبر 1929م، (ص: 6-7)].

* الشّيخ الفقيه أحمد حمّاني (رحمه الله) (ت: 1419هـ=1998م):
ـ قال (رحمه الله):«أوّلُ صوتٍ ارتفعَ بالإصلاح والإنكار على البدعة والمُبتدِعين ووجوب الرّجوع إلى كتاب الله والتّمسّك بسُنّة رسول الله (صلّى الله عليهِ وسلّم) ونَبْذِ كلِّ ابتداعٍ ومقاومةِ أصحابه، جاء مِن الجزيرة العربيّة، وأَعْلَنَهُ في النّاس الإمامُ محمّد بن عبد الوهّاب أثناء القرن الثّامن عشر .... ولمّا كانت نشأةُ هذه الدّعوة في صميم البلاد العربيّة ونجحت على خصومها الأوّلين في جزءٍ منها، وكانت مبنيّةً على الدّين وتوحيد الله - سبحانه - في أُلوهيّته وربوبيّته، ومَحْوِ كلّ آثار الشّرك - الّذي هو الظّلم العظيم -، والقضاء على الأوثان والأَنْصَاب الّتي نُصِبت لتُعْبَدَ مِن دونِ الله أو تُتّخَذ للتّقرّب بها إلى الله، ومنها القُبَاب والقُبور في المساجد والمَشَاهد - لمّا كان كذلك فقد فَهِمَ أعداءُ الإسلام قِيمتها ومَدَى ما سيكون لها مِن أبعادٍ في يقظةِ المسلمين ونهضة الأُمّة العربيّة الّتي هي مادّة الإسلام وعِزُّهُ، إذْ ما صلح أمرُ المسلمين أَوَّلَ دولتهم إلّا بما بُنِيَت عليه هذه الدّعوة، وقد قال الإمام مالكٌ: «لا يَصْلُحُ آخِرُ هذه الأُمّة إلّا بما صَلح به أَوَّلُها».
لهذا عزموا على مُقاومتها وسَخّروا كلَّ إمكانيّاتهم المادّيّة والفكريّة للقضاء عليها، وحشدوا العلماء القُبُوريِّين الجامِدين أو المَأْجُورِين للتَّنْفِير منها وتضليل اعتقاداتها، وربّما تكفير أهلها، كما جَنَّدُوا لها الجنود وأَمَدُّوها بكلّ أنواع أسلحة الفَتْكِ والدّمار للقضاء عليها .
تَحرَّشَ بها الإنكليز والعثمانيّون والفُرس، واصطدموا بها، وانتصر عليهم السُّعوديُّون في بعض المعارك، فالتجأت الدّولة العثمانيّة إلى مصر، وسَخَّرت لحَرْبِهَا محمّد علي وأبناؤُه - وهو الّذي كانوا سَخَّرُوه لحَرْبِ دولةِ الخِلافة وتَهوِينها - وكان قد جَدَّدَ جيشَهُ على أَحْدَثِ طرازٍ عند الأوروبيِّين آنذاك، فاستطاع الجيش المصريّ أن يَقضي على هذه القوّة النّاشئة، وظنّوا أنّهم استراحوا منها، وكان مِن الجرائم المُرتكَبَة أنّ أمير هذه الإِمارة السَّلَفِيَّة المُصْلِحَة أُسِرَ وذُهِبَ به إلى مصر، ثمّ إلى إسطمبول حيثُ أُعْدِمَ كما يُعْدَمُ المجرمون .
وهكذا يكون هذا الأميرُ المسلم السَّلَفِيُّ المُصْلِحُ مِن الّذين سُفِكَت دماؤُهم في نَصْرِ السُّنَّةِ ومُقاومة البدعة (رحمه الله) »[«صراعٌ بين السُّنَّة والبدعة» (1/ 50-51)].

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 13:16
خلاصة فكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله




يقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص . يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، كل هذا من عقيدته رحمه الله ، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولا وعملا ، لم يخرج عن طريقتهم البتة ، وليس له في ذلك مذهب خاص ، ولا طريقة خاصة ، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان . رضي الله عن الجميع . وإنما أظهر ذلك في نجد ، وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من أباه ، وعانده ، وقاتلهم ، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق ، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله ، وإنكار الباطل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ، ويلزمونهم به ، وينهونهم عن الباطل ، وينكرونه عليهم ، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه .
وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته . فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفا هي أسباب العداوة ، والنزل بينه وبين الناس . وهي :
أولا : إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص .
ثانيا : إنكار البدع ، والخرافات ، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة .
ثالثا : أنه يأمر الناس بالمعروف ، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه ، ألزم به وعزر عليه إذا تركه وينهى الناس عن المنكرات ، ويزجرهم عنها ، ويقيم حدودها ، ويلزم الناس الحق ، ويزجرهم عن الباطل ، وبذلك ظهر الحق ، وانتشر ، وكبت الباطل ، وانقمع ، وسار الناس في سيرة حسنة ، ومنهج قويم في أسواقهم ، وفي مساجدهم ، وفي سائر أحوالهم .
لا تعرف البدع بينهم ولا يوجد في بلادهم الشرك ، ولا تظهر المنكرات بينهم . بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام ، وزمن أصحابه ، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم .
فالقوم ساروا سيرتهم ، ونهجوا منهجهم ، وصبروا على ذلك ، وجدوا فيه ، وجاهدوا عليه ، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم وكثير من أنصاره حصل بعض التغيير جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية ، والدولة المصرية ، مصداق قوله عز وجل : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ
نسأل الله عز وجل أن يجعل ما أصابهم تكفيرا وتمحيصا من الذنوب ، رفعة وشهادة لمن قتل منهم رضي الله عنهم ورحمهم
انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
انتشرت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب خارج نجد عندما استولت الدولة السعودية على مكة المكرمة سنة 1219 هجري واصبح حجاج البلاد المسلمة يفدون إلى مكة المكرمة ويشاهدون علماء هذه الدعوة الحقا , ويسمعون خطبهم وإرشاداتهم , كما شاهدوا سيرة الدولة إن ذاك , وما هي علية من الاعتصام بكتاب الله والسنة , فتأثر بعض الحجاج بالدعوة وأخذوا ينشرون مبادئ الدعوة ويحاربون الخرافات والبدع في بلادهم .
وكان لانتشار الدعوة في العالم الاسلامي عدة آثار من أهمها :

- قيام يقظة فكرية إسلامية كان العالم الاسلامي والمسلمين في اشد الحاجة لها .
- كانت الدعوة عاملا مهما من عوامل نمو الوعي الوطني في كثير من البلاد الإسلامية التى ابتليت بالاستعمار .
- كان من أثر الدعوة السلفية في كثير من الدول الإسلامية تجميد وإضعاف كل الأفكار المعادية لهذه الدعوة المباركة .4- تأييد شامل لهذه الدعوة الإصلاحية من العلماء المسلمين الغيورين على دينهم وعقيدتهم في البلاد الاسلامية , والمنبع الذي اعتمد عليه كثير من رجال الإصلاح المسلمين .

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 13:20
تعليقات بعض الكتاب والمؤرخين على انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ببعض البلدان

العقاد :


يقول العقاد (( ولم تذهب صيحة ابن عبدالوهاب عبثا في الجزيرة العربية ولا في أرجاء العالم الإسلامي من مشرقة إلى مغربه , فقد تبعه كثير من الحجاج وزوار الحجاز , وسرت تعاليمه إلى الهند والعراق والسودان وغيرها من الأقطار النائية ,و أدرك المسلمين أن علة الهزائم التى تعاقبت عليهم إنما هي في ترك الدين لا في الدين نفسه . وأنهم خلفاء أن يستردوا ما فاتهم من القوة والمنعة باجتناب البدع , والعودة إلى دين السلف الصالح في جوهره ولبابه )) (1)
ويقول العقاد أيضا :
(( سرعان ما ظهرت دعوة ابن عبدالوهاب بجزيرة العرب حتى تردد صداها في البنغال سنة 1804 م واتبعها طائفة الفرائضية بنصوصها الحرفية , فاعتبرت الهند دار حرب إلى أن تدين بحكم الشريعة , ثم تردد صدى الدعوة الوهابية بعد ذلك بزعامة السيد أحمد الباريلي في البنجاب , وأوجب على اتباعه حمل السلاح لمحاربة السيخين وتقدمهم في القتال حتى الموت .)) (2)
أرنولد :
يقول في كتابه ( الدعوة إلى الإسلام)
(( وفي القرن العشرين نشطت حركة الدعوة إلى الإسلام في البنغال نشاطا ملحوظا , و أرسلت طوائف كثيرة ينتمي أهلها إلى تأثير الحركة الوهابية الإصلاحية , دعاتهم يتنقلون في هذه المناطق , ويطهرون البلاد من بقايا العقائد الهندوكية بين الكفار (



مراجع :

1- عباس محمود العقاد , الإسلام في القرن العشرين , ص 86
2- نفس المرجع صفحة 69
3- توماس أرنولد , الدعوة إلى الإسلام , ص 239
في اليمن :

ظهر في اليمن الشيخ على الشوكاني المتوفي سنة 1250 هجري , ودعا بما يشب دعوة الشيخ بن الوهاب وتقلد ببن تيمية وألف كتاب (نبيل الأوطان ) لشرح كتاب شيخ الإسلام ( منتقى الأخبار ) (1)

في العراق :

نجد أسرة (الألوسي ) التي بذلت حياتهم لتعميق التربية الإسلامية في العراق وقد كتبوا عن الشيخ ودعوته ونافحوا عنها ز (2)

في الجزائر :

إن من أول من حمل راية الدعوة السلفية هو المؤرخ الجزائري
( أبو رواس الناصري ) الذي قدر له أن يجتمع بتلاميذ الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الحج . و ذاكرهم في أمور إلى أن انتهى به الأمر بالاقتناع , وكان ذلك بحضور وفد حجيج كان يرأسه ولي عهد المغرب آنذاك . (3)
كذلك تأسست ( جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ) الوجه السلفي بزعامة عبدالحميد بن باديس (1305-1359) الذي أطلع على مبادئ الدعوة السلفية عندما ذهب للحج في مكة المكرمة . و دعا إلى إصلاح عقائد الجزائريين من البدع والخرافات , ودعا إلى الاجتهاد ومحاربة التقليد الأعمى والجمود الفكري وذلك بالتعمق بدراسة القرآن الكريم والسنة النبوية . (4)

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 13:27
أقوال بعض المنصفين عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية الاصلاحية


أحمد القطان :


(( استطاعت حركة الموحدين نشر العلم والمعرفة بين طبقات الشعب المختلفة , واستطاعت تكوين طبقة ممتازة من علماء الدين ورجال المعرفة فنشرت الحركة في الناس علوم الشريعة المطهرة وألاتها , من التفسير والحديث , والتوحيد والفقه , والسيرة والتاريخ , وغير ذلك وأصبحت الدرعية قبلة العلوم والمعارف يفد إليها الطلاب من سائر النواحي والأرجاء , و انتشر العلم في جميع الطبقات. )) (1)


محمد كرد:


كتب علامة الشام محمد كرد علي بحثا بعنوان ( اصل الوهابية )
اختتمه بقوله (( وما ابن عبدالوهاب إلا داعية هداهم من الضلال وساقهم إلى الدين السمح , وإذا بدت من بعضهم فهي ناشئة من نشأة البادية , وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم , وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة ...إلخ )

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 13:29
حافظ وهبة


قال في كتابه (جزيرة العرب ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( مصلح مجدد , داع إلى الرجوع إلى الدين الحق , فليس للشيخ محمد تعاليم خاصة , ولا أراء خاصة , وكل ما يطبق في نجد , هو طبق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله وأما في العقائد , فهم يتبعون السلف الصالح , ويخالفون من عداهم ))


الزركلي :

قال في كتابه ( الأعلام الجزء السابع ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( وكانت دعوته , الشعلة الأولى للنهضة الحديثة في العلم الإسلامي كله , تأثر بها رجال الإصلاح , في الهند ومصر , والعراق , والشام وغيرها ))


محمد رشيد رضى :


قال السيد محمد رشيد رضا عن محمد بن عبدالوهاب (( قام يدعو إلى تجريد التوحيد , وإخلاص العبادة لله وحده , بما شرع الله في كتابه , وعلى لسان رسوله خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام , وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة وتعظيم حرماته المنتهكة ))

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 20:38
محطات في حياة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب

مُقَدِّمةٌ

الحمدُ للهِ وحدهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على منْ لا نَبيَّ بعده.

أمَّا بعدُ:

فإنَّ القارئ لصفحةِ التأريخِ الَّتي سبقتْ مولدَ الشيخِ الإمامِ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله -، وكانتْ قبلَ بروزِ دعوتهِ آنذاك، يجدِ أَنَّها صفحةٌ في غايةِ السَّوادِ والظُّلمةِ لا يكادُ يبصرُ فيها بصيصاً من نورٍ؛ كالليلِ البهيمِ قد احلولكَ لا ضوءَ فيه؛ إذْ عَمَّتِ الشِّركياتُ والبدعُ والخرافاتُ وعوائدُ الجاهليةِ في بلدهِ نجدٍ وما أحاطَ بها من البلادِ العربيةِ والإسلاميةِ، و معْ مرورِ الأعوام والأيام كانتِ الحالةُ تتفاقمُ سوءاً على كآفةِ المستوياتِ: على المستوى الدِّيني والأمنيِّ والسِّياسيِّ والاقتصاديِّ؛ حتى أذنَ الله بانبلاج فجر جديد حين قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بدعوته المباركة؛ فأشرقت الجزيرة العربية بنور هذه الدعوة وتبدَّلت فيها مظاهر الحياة كلها، وكانتِ الدَّعوةُ التَّجديديةُ الإصلاحيةُ منطلقاً لقيامِ الدَّولةِ السُّعوديةِ الَّتي لم تألُ جهداً في سبيلِ تحكيمِ الشَّريعةِ وإرساءِ قواعدِ العدلِ؛ وإحياءِ شعيرةِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ، وبسطِ الأمنِ في المنطقةِ التي مَكَّنها اللهُ فيها.

إِنَّهُ الشيخ أبو عبد الله، الإمام محمد بن عبد الوهاب، الإمام المشهور، المجدد لِما اندرس من معالم الإسلام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر - رحمه الله - وأكرم مثواه - الَّذي أنقذُ الله به العباد والبلاد في زمانه في هذه الجزيرة، وانتشرت دعوتُه في غير الجزيرة من الشام ومصر والعراق والهند وغيرها، بسبب الدعاة الذين حملوا عنه العلم وانتقلوا إلى تلك البلدان والدول، وبسبب المكاتيب والكتب التي انتشرت منه - رحمه الله - ومن أتباعه وأنصاره والدعاة التابعين له في الدعوة إلى الله..

وفي هذه الدِّراسةِ الموسومةِ بـ "محطاتٍ في حياةِ الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله –" أحببنا أن نُسلِّطَ الضوءَ على محطاتٍ، نحسبُ أَنَّها - والله أعلم- من أهم المحطاتِ التاريخيةِ في مسيرةِ الشيخِ -رحمه الله- المفعمةِ بالجهادِ والبذلِ والعطاءِ، والتي سيجدُ فيها القارئ الكريمُ -بإذنِ الله- أجوبةً على تساؤلاتٍ طالَ فيها الجدلُ في عالمنا الإسلاميِّ الواسعِ الرحيبِ، وعلى شبهاتٍ وافتراءاتٍ طالما أُثيرتْ حول الدعوة التجديديةِ الإصلاحيةِ التي تسنَّم ذراها الإمام الشيخ- رحمه الله - في قلبِ الجزيرةِ العربيةِ، والتي كانتْ سبباً رئيساً في صَدِّ الناسِ عن هذه الدعوةِ وما اشتملتْ عليه من حقائق ومضامينَ هي الإسلامُ في ثوبهِ الزَّاهي النقيِّ.

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 20:41
وهذه المحطات على النحوِ الآتي:

1- المحطةُ الأولى: كَلمةٌ حاسمةٌ للشيخِ الإمامِ- رحمه الله - في بيانِ معتقدهِ.

2- المحطةُ الثانية: الحالةِ الدِّينيةِ والسياسيةِ القائمةِ في (نجدٍ) بلدهِ آنذاكَ، والعالمِ مِنْ حَوْلهِ.

3- المحطةُ الثالثة: اسمُه ونسبه، ومولدهُ، ونشأتُهُ، ومواهبهُ الفَذَّةُ وسجاياهُ النَّادرةُ الَّتي يَسَّرتُ لهُ الطريقُ لاحِباً- بفضلِ اللهِ- في إمامتهِ للنَّاس وأثرهِ العظيمِ عليهم.

4- المحطةُ الرابعة: مسيرتُهُ العلِميَّةُ: وفيها بيانُ رحلاتهِ العلميةِ للحجازِ والعراقِ و الأحساءِ، ومشايخه وتلاميذهِ ومؤلفاتهِ.

5- المحطةُ الخامسة: الجهودُ الباهرةُ للشَّيخِ الإمامِ محمدِ بنِ عبد الوهابِ- رحمه الله - في جانبِ التعليمِ والدَّعوةِ في سبيلِ نشرِ عقيدةِ السَّلفِ الصَّالحِ واستعدادهِ لذلكَ.

6- المحطة السَّادسة: آثارُ الدَّعْوةِ ومآلاتُهَا العظيمةُ في داخلٍ نجدٍ وفي خَارِجِهَا: في اليمنِ والشَّامِ والعراقِ وفارس والهندِ ومصرَ.

7- المحطةُ السَّابعة: أبرزُ افتراءاتِ المناوِئينَ للدَّعوةِ التَّجديدِيَّةِ الإصلاحِيَّةِ وشبهاتِهم، ونَقْضُهَا والرَّدُّ عليها.

8- المحطةُ الثامنة: شَهَادَاتُ المُنْصِفِينَ مِنْ عُقَلاءِ الغَرْبِيِّينَ عَلَى أَصَالَةِ هَذِهِ الدَّعْوةِ وَنَقَائِهَا.

9- المحطةُ التاسعة: (الأخيرةُ): وفاتهُ- رحمه الله -، وثناءُ العلماءِ عليهِ.

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 20:44
1- المحطةُ الأولى: كَلمةٌ حاسمةٌ للشيخِ الإمامِ- رحمه الله - في بيانِ معتقدهِ.

لو ألقينا الضَّوءَ على معتقدِ الشيخِ الإمام؛ لوجدنا أَنَّه- رحمه الله - متبعٌ في ذلكَ لما كان عليه سلفُ الأمةِ من القرونِ الخيريةِ الثلاثةِ المفضلةِ، و لم يكنْ في ذلكَ بِدْعاً منَ النَّاسِ؛ وها هو ذا- رحمه الله - يُوضِّحُ معتقده في رسالتهِ التي بعثَ بها إلى أهل القصيمِ؛ لما سألوه عن معتقدهِ؛ إذْ يقولُ- رحمه الله-:

"أُشْهِد الله ومن حضرني من الملائكة، وأُشْهِدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية: أهل السنة والجماعة منَ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، ومن الإيمان بالله: الإيمانُ بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - منْ غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أنَّ الله -سبحانه وتعالى- ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أُحَرِّفُ الكلم عن مواضعه، ولا أُلحدُ في أسمائه وآياته، ولا أُكَيِّفُ، ولا أُمَثِّل صفاته -تعالى- بصفات خلقه؛ لأنَّه -تعالى- لا سَمِيَّ لَه ولا كُفؤ لَه، ولا نِدَّ له، ولا يُقاسُ بخلقه؛ فَإنَّه - سبحانه - أعلمُ بنفسهِ وبغيرهِ، وأصدقُ قيلاً وأحسنُ حديثاً، فَنزَّه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعمَّا نفاه عنه النافونَ من أهل التحريف والتعطيل فقال: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ)[الصافات: 180].

والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله - تعالى -بين القدرية والجبرية، وهم في باب وعيد الله وسط بين المرجئة والوعيدية.

وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية، وهم وسط في باب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الروافض والخوارج.

وأعتقد أنَّ القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وأنه تكلَّم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأُومنُ بأنَّ الله فعَّالٌ لما يريد، ولا يكونُ شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيءٌ في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدرُ إلا عن تدبيره، ولا محيدَ لأحد عنِ القدر المحدود، ولا يتجاوزُ ما خُطَّ له في اللوح المسطور.

وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يكون بعد الموت، فأومنُ بفتنة القبر ونعيمه، وبإعادةِ الأرواح إلى الأجساد، فيقومُ النَّاس لربِّ العالمين حفاة عراة غرلاً، تدنو منهم الشمس، وتنصب الموازين، وتوزن بها أعمال العباد، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومنْ خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، وتُنشرُ الدواوين فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله.

وأومنُ بحوض نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بعرصة القيامة، ماؤُه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل. آنيته عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، وأومنُ بأنَّ الصراط منصوب على شفير جهنم يمر به الناس على قدر أعمالهم.

وأومنُ بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنَّه أوَّلُ شافع وأول مُشفَّع، ولا يُنكر شفاعةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أهل البدع والضلال، ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضا كما قال - تعالى -: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى)[الأنبياء: 28]، وقال - تعالى -: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)[البقرة: 255]، وقال - تعالى -: (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى)[النجم: 26]، وهو لا يرضى إلا التوحيد، ولا يأذن إلا لأهله، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب، كما قال - تعالى -: (فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)[المدثر: 48].

وأُومنُ بأنَّ الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان، وأنَّ المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة، كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته.

وأُومنُ بأنَّ نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين، ولا يَصِحُّ إيمان عبدٍ حتى يؤمنَ برسالته، ويشهد بنبوَّتهِ، وأنَّ أفضلَ أمتَّه أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة - رضي الله عنهم -، وأتولى أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأذكرُ محاسنهم، وأترضى عنهم، وأستغفر لهم، وأَكُفُّ عن مساويهم، وأسكتُ عما شجر بينهم، وأعتقدُ فضلهم عملاً بقوله - تعالى -: ? وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ? [الحشر: 10]، وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء، وأُقِرُّ بكرامات الأولياء وما لهم من المكشفات إلا أنهم لا يستحقون منْ حق الله - تعالى -شيئاً، ولا يُطلبُ منهم ما لا يقدر عليه إلا الله، ولا أشهدُ لأحدٍ من المسلمينَ بجنّة ولا نار إلا منْ شَهِدَ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكني أرجو للمحسن، وأخاف على المسيء، ولا أُكَفِّرُ أحداً من المسلمين بذنب، ولا أُخْرِجه منْ دائرة الإسلام، وأَرى الجهاد ماضياً مع كُلِّ إمام برَّاً كان أو فاجراً، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماضٍ منذ بعثَ اللهُ محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى أنْ يُقاتل آخرُ هذه الأمة الدَّجال، لا يُبطله جورُ جائرٍ ولا عدُل عادلٍ، وأرى وجوبَ السَّمعِ والطاعةِ لأئمة المسلمينِ بَرِّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية اللهِ، ومنْ ولي الخلافة واجتمعَ عليه النَّاسُ ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبتْ طاعته، وحَرُمَ الخروج عليه، وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا، وأَحكمُ عليهم بالظاهر، وأَكِلُ سرائرهم إلى الله، وأعتقد أنَّ كل محدثة في الدين بدعة.

وأعتقدُ أنَّ الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان: يزيدُ بالطاعة وينقص بالمعصية، وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما تُوجبه الشريعة المحمدية المطهرة.

فهذه عقيدة وجيزة حررتها وأنا مشتغل البال؛ لتطلعوا على ما عندي، والله على ما نقول وكيل ".

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 20:49
2- المحطةُ الثَّانية: الحالةُ الدِّينيةُ والسياسيةُ القائمةُ في (نجدٍ) بلدهِ آنذاكَ، والعالمِ مِنْ حَوْلهِ:

أولاً: الحالة الدينية:

بلغتِ الحالة الدينية في وقت الشيخِ الإمامِ- رحمه الله - مبلغاً عظيماً من السُّوءِ والبعدِ عن صفاءِ الإسلامِ وعقيدتهِ البيضاءِ السمحةِ؛ ولنا أن نُصوِّرَ تلك الحالةَ فيما يلي:

1- انتشارُ المظاهر الشركيةِ كالدعاء والاستغاثة والذبح والنذر والشفاعة ونحوها عند قبور الأولياء والصالحين التي بنيت عليها القباب؛ بالإضافة إلى التوسل بهم وتقديسهم، والاعتقاد بالجمادات كالأشجار والأحجار في جلب النفع ودفع الضر، حتى أصبح كثير من المسلمين مسلمين بالاسم فقط لكنهم بعيدون كل البعد عن حقيقة الإسلام، ولو استعرضنا خارطةَ العالمَ الإسلاميَّ؛ لوجدنا الآتي:

في نجد حيث موطنُ الشيخ- رحمه الله -:

(أ)- أما القبور؛ فلنا أن نذكر منها قبر (زيد بن الخطاب) - رضي الله عنه - في الجبيلة، وقبر (ضرار بن الأزور) في شعيب غبيراء، وقبر بعض الصحابة - رضي الله عنهم - في قريوه بالدرعية، وكل هذه القبور يتوجه إليها العامة يدعون أصحابها لتفريج الكرب وكشف النوب وقضاء الحاجات.

(ب)- أما الأشجار؛ فلنا أنْ نذكرَ منها ما كان يصنعهُ النساء والرجال حينَ يأتون بليدة الفدا حيث يكثر ذكر النخل المعروف بـ (الفحال): يتبركون به، ويعتقدون فيه، فكانت تأتيه المرأة إذا تأخرت عن الزواج فتضمه بيديها ترجو أن يفرج كربها وتقول: يا فحل الفحول أريد زوجا قبل الحول، وكذلك شجرة الطرفية ينتابها طوائف من الناس فيتبركون بها، وتعلق المرأة فيها خرقا إذا ولدت ذكرا لعله يَسلمُ من الموت.

(ج)- أما الأحجار؛ فهناكَ (غار بنت الأمير) الذي يزعمون أن الله فلقه لها لتعتصم به من أحد الفسقة الذي أراد هتك عرضها، فكان الناس يُرسلون إلى ذلك الغار اللحم والخبز ويبعثون بصنوف الهدايا.

(د) أما الأولياء: فيذكر منهم ولي عند العامة اسمه " تاج " وهو من أهل الخرج افتتن به الناس وسلكوا فيه سبيل الطواغيت فصرفوا إليه النذور، وتوجُّهوا إليه بالدعاء، واعتقدوا فيه النفع والضر، وكانوا يأتونه لقضاء شؤونهم أفواجا وكان أعمى، فزعموا أنه يأتي من الخرج إلى الدرعية بدون قائد، وذلك لتحصيل ما تجمع له من النذور والخراج، ويذكر ابن غنام أن الحكام في المنطقة خافوه وهاب الناس أعوانه وحاشيته.

في الحجاز: يوجد في المدينة المنورة قبر حمزة وشهداء أحد، إضافة إلى ما يفعله الزائر لقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمور الشركية من دعائه والسجود له، وفي جدة ومكة يوجد قبر خديجة - رضي الله عنها - وقبر أبي طالب، وفي الطائف يوجد قبر عبد الله بن عباس.

أما في اليمن: فتوجد قبور يتبرك العوام بها في اللحية والحديدة ونجران، وفي حضرموت والشحر ويافع وعدن.

وفي الشام: توجد قبور في دمشق وحلب وأقصى الشام.

وفي العراق: يوجد قبر أبي حنيفة، ومعروف الكرخي، والشيخ عبد القادر، وكذلك ما يفعله الشيعة عند مشهد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في النجف، ومشهد الحسين والكاظم في كربلاء.

أما في مصر: فيوجد قبر أحمد البدوي المشهور، وكذلك القبر المنسوب إلى الحسين في القاهرة وغيره من القبور التي يأتيها الناس هناك فيستغيثون بها ويسألونها قضاء حاجاتهم وتفريج كرباتهم.

2- فشوُ البدعِ والخرافاتِ: فشتِ البدعُ والخرافاتُ في العالمِ الإسلاميِّ عن طريقِ أربابِ الطرقِ الصوفيةٍ بشكلٍ رهيبٍ للغايةِ؛ وهذا ما تراهُ ماثلاً في حلقاتِ الذكرِ منَ اتخاذهم مغنيين وطبول، وأعلام وسبح كبيرة ورفع الصوت بالذكر والغناء وتعظيم شيخ الطريقة وتقبيل أياديه والتبرك به، ومن البدعِ الأخرى: الاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما يقع فيها من الأمور البدعية البعيدة عن جوهر الإسلام الصحيح.

ومن الخرافاتِ التي كانت شائعةً في ذلكِ الوقتِ: اعتقادُ الولايةِ في أناسٍ دجالينَ مُخرِّفينَ، و نسبةُ الكرامةِ إليهم.

يقول عبد المتعال الصعيد- يرحمه الله -: " وكان الشيخ البكري المتوفى سنة 1207هـ (1792 م) في أول أمره أَبلهٌ، يمشي في الشوارع مكشوف الرأس والسوأتين، فاعتقد أهل مصر فيه الولاية، كما هي عادتهم في كل أبله.. وصاروا ينسبون له الكرامات ".

أما المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي؛ فيذكرُ في تاريخه قصةً منْ أعجبِ العجبِ؛ لا يكادُ يُصدِّقها عاقلٌ، وهي قصة تلك (العنزةِ) التي ادعى كبيرُ خُدَّامِ المشهد النفيسي بمصرَ أنَّ السيدة نفيسة أوصت بها خيرا، فَنسبَ الناسُ إليها الكراماتِ، وأرسلوا لها الهدايا الثمينة.

وها هو ذا المؤرخ الأمريكي (لوثروب ستودارد) يصفُ لنا تلك الحالة السيئةِ بقوله: " وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء، فأُلبست الوحدانية التي علَّمها صاحب الرسالة الناس سِجْفاً منَ الخرافات وقشور الصوفية، وخلتِ المساجد من أرباب الصلوات، وكثر عديد الأدعياء الجهلاء.. يوهمون الناس بالباطل والشبهات، ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء، ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور ".. إلى أن قال: " وعلى الجملة فقد بدل المسلمون غير المسلمين، وهبطوا مهبطا بعيد القرار، فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر، ورأى ما كان يَدهي الإسلام لغضب وأطلق اللعنة على من استحقها من المسلمين، كما يلعن المرتدون وعبدة الأوثان ".

ثانياً: الحالة السياسية في بلد الشيخِ (نجدٍ)، وفي العالمِ منْ حولها:

أمَّا الحالة السياسية في نجدٍ؛ فإنَّ من يطلع على تاريخ نجد منذ القرن الخامس الهجري تواجهه حقيقة مرعبة، وهي أن القوم كانوا في عراك مستمر ومرابطة دائمة، وثأر لا ينقطع، يتربص بعضهم ببعض الدوائر، ويتحين أهل كل قرية الفرصة للإيقاع بأهل القرية الأخرى، وقد ذهب في هذه الحروب - على صغر حجمها ولكن مع كثرة تكرارها - أعداد كبيرة.

وأصبحت بلاد نجد مقسمة إلى إمارات صغيرة متفرقة متنازعة، و كانت لا تعرف السكينة والأمن والحرية إلا قليلا، ففي الحرب يقتل أبناؤها، ويدمر بناؤها، ويحرق نخيلها، ويتلف زرعها، وفي فترات السلم يُحبس الناس في بلدانهم فلا يستطيعون الابتعاد عنها إلا بمغامرة، فبداوة تسلب وتنهب وتقتل وتفرض على المدن المتفرقة الإتاوة، وتهدد سلامتها، وتقطع طرقها، فكانت إمارات نجد في تلك الفترة تجسيدا لقصة ملوك الطوائف في الأندلس.

وهاهنا نُوردُ أنموذجاً واحداً؛ كمثالٍ واقعيٍّ لما تزخر به تلك الفترة في تاريخ (نجدٍ) من الحوادث المفجعة، والأخبار المؤلمة، وهي من بعض مؤرخي تلك الفترة:

يقول الشيخ أحمد المنقور في تاريخه: " وفيها - أي سنة (1098هـ)- قُتل أحمد بن علي راعي المجمعة، ثم آل دهيش في المجمعة بعده، ثم علي بن سليمان بعدهم، ثم علي بن محمد عندنا، وسطوة آل محدث على الزلفى، وقُتل فوزان بن زامل في الزلفى ".

أما العالمُ الإسلاميُّ من حولها؛فقد كانت تتزعمه في مشرقه خلالَ القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) ثلاث دول عامة هامة هي:

الدولة العثمانية، والدولة الصفوية في فارس، والدولة المغولية في الهند.

أما الدولة العثمانية: فقد وصلت إلى ذروة مجدها في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، ونظر إليها المسلمون بإعجاب وتقدير حينما وسعت فتوحاتها إلى أوروبا لنشر الإسلام، ولكنها أخذت بعد ذلك تنخر فيها عوامل الضعف شيئا فشيئا حتى وصلت في القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) إلى حالة سيئة من الضعف والركود السياسيين.

أما الدولة الصفوية في فارس: فهي التي أنشأها (إسماعيل بن صفي الدين) سنة 906 هـ (1500 م) واتخذ من مدينة (تبريز) عاصمة له، وقد اتسعت دولته فامتدت من الخليج العربي إلى بحر قزوين، وكانت هذه الدولة شيعية ذات عداء مع الدولة العثمانية السنية، وانتهت هذه الدولة سنة 1135 هـ (1722 م) فخلفها أمراء من الأفغان حتى قضى عليهم (نادر شاه) سنة 1142 هـ (1729م) فنادى بنفسه ملكاً، ثم أخذ يُوسِّعُ أملاكه حتى امتدت دولته من الخليج العربي إلى بلاد الهند.

أما الدولة المغولية في الهند: فقد أنشأها (بابر شاه) من نسل تيمور لنك سنة 909 هـ (1505هـ) وخلفه ملوك أقوياء حتى جاء القرن الثاني عشر الهجري فاضطرب أمرها وطمع فيها أمراء الهندوس بدعم من شركة الهند الشرقية الإنكليزية، فأنجدها (نادر شاه) ملك فارس وعيَّنَ (محمد شاه) ملكاً على الهند تحت حمايته، وكان الأخير ضعيفاً فاسقاً، وخلفهُ ملوك أشد ضعفا، مما جعل البلاد مرتعاً للحروب الداخلية، فانقسمت إلى ولايات مما سهل على شركة الهند الشرقية الإنكليزية الاستيلاء عليها ولاية بعد ولاية، ولم تلبث أن انتقلت سيادة هذه الولايات إلى الحكومة الإنكليزية سنة 1274 هـ (1856 م).

أما حال المسلمين على حدود العالم الإسلامي فلم تكن بأحسن من داخله، فقد تعرَّضت الإمارات الإسلامية على حدود روسيا القيصرية للضغط الحربي من جانب روسيا وخاصة إمارة التركستان الشرقية، حتى اضطر المسلمون هناك إلى قبول السيادة الروسية عليهم وذلك سنة 1144 هـ (1731 م).

أما المسلمون في (أندونيسيا) وما جاورها من جزر الهند الشرقية فقد كانوا على حالة من الضعف، فبالرغم من الانتشار الكبير للإسلام هناك عن طريق التجار المسلمين، إلا أنَّ المسلمين هناك تفرقوا إلى إمارات صغيرة سَهَّلتْ على الهولنديين والإنكليز غزوهم، وبالتالي استعمارهم في بلادهم.

أما المغرب الإسلامي: ففي الحقيقة لم تكن حالته السياسية بأحسن حظا من مشرقه، فقد كان العثمانيون قد استولوا على تونس والجزائر ومحوا دولتي (بني حفص وبني زيان) سنة 964 هـ (1556 م) بعدما كادت تقع في أيدي الأسبان، كما سقطت في مراكش دولة (بني وطاس) وقامت على أنقاضها (دولة السعديين) سنة 956 هـ (1549 م) التي كانت من الضعفِ بحيثُ لم تكن لديها القدرةُ على مقاومة حملات البرتغاليين والأسبان الحربية عليها.

وبالجملة فقد كانتِ الحالةُ السِّياسيةُ التي تسودُ العالم الإسلامي في تلك الفترة قدْ بلغتْ أوجها منْ فساد سياسي عام، وكان لهذا تأثير ملحوظ على الحالة الاقتصادية في العالم الإسلامي، فنتيجة لهذا التدهور انعدم الأمن والاستقرار فبارت التجارة بواراً شديداً، وأهملت الزراعة أيما إهمال، هذا في الوقت الذي كانت دول أوربا تتجه نحو تقوية نفوذها على حساب العالم الإسلامي الضعيف، وتهتم بتقوية جيوشها وتطور علومها واختراعاتها، فوصلت إلى قوة الكهرباء والبخار.

3- المحطةُ الثالثة: اسمُه، ونسبه، ومولدهُ، ونشأتُهُ، ومواهبهُ الفَذَّةُ وسجاياهُ النَّادرةُ الَّتي يَسَّرتُ لهُ الطريقُ لاحِباً- بفضلِ اللهِ- في إمامتهِ للنَّاس وأثرهِ العظيمِ عليهم:

(أ)- اسمه ونسبه:

هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. أما والدة الشيخ محمد - رحمه الله -؛ فهي بنت محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي؛ فهي من عشيرته الأدنين.

(ب)- مولدهُ، ونشأتُهُ، ومواهبهُ الفَذَّةُ وسجاياهُ النَّادرةُ الَّتي يَسَّرتُ لهُ الطريقُ لاحِباً- بفضلِ اللهِ- في إمامتهِ للنَّاسِ وأثرهِ العظيمِ عليهم:

ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة (1115ه-) في بلدة العيينة على الصحيح في أسرة علمية.

تعلَّم القرآن وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين، وكان حادَّ الفهم، وقَّاد الذهن، ذكي القلب، سريع الحفظ قرأ على أبيه في الفقه، وكان - رحمه الله تعالى -في صغره كثير المطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام، فشرح الله صدره في معرفة التوحيد وتحقيقه ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه وجد في طلب العلم، وأدرك وهو في سن مبكرة حظاً وافرا من العلم، حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: "لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام".

وكتب أبوه إلى بعض إخوانه رسالة نَوَّه فيها بشأنه وفهمه الجيد، ورُزِقَ مع قوة الحفظ سرعة الكتابة؛ بحيث إنه يخط كراساً بخطٍّ واضح في الجلسة الواحدة بلا سأم ولا تعب مما يُحيِّرُ أصحابه.

المحطةُ الرَّابعة: مسيرتُهُ العلِميَّةُ: وفيها بيانُ نشأتهِ العلميةِ، و رحلاتهِ العلميةِ للحجازِ والعراقِ و الأحساءِ، ومشايخه وتلاميذهِ ومؤلفاتهِ:

(أ)- نشأته العلمية:

نشأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب نشأة علمية؛ فأبوه القاضي كان يحثه على طلب العلم ويرشده إلى طريق المعرفة، ومكتبة جده العلامة القاضي سليمان بن علي بأيديهم، وعمه إبراهيم أكثر إقامته مع أخيه عبد الوهاب، فيلتقي به ابن أخيه محمد بن عبد الوهاب ويأخذ عنه، وبعض أقارب الشيخ الآخرين من آل مشرف وغيرهم من طلاب العلم، وبيتهم في الغالب ملتقى طلاب العلم وخواص الفقهاء، لاسيما الوافدين، باعتباره بيت القاضي، وكان يتخلل اجتماعاتهم ولقاءاتهم مناقشات ومباحث علمية يحضرها محمد بن عبد الوهاب، وهو قد أنعم الله عليه بالإدراك العميق، والحفظ القوي، والذكاء الممتاز، والرغبة الطموح، والجد في اكتساب معالي الغايات وإن كانت بعيدة؛ كُلُّ ذلك جعل له الحظ الوافر والبلغة العظيمة من العلم النافع والميراث النبوي الكريم.

كما أنَّ همته العالية وطموحه الوثَّاب كان يحفزه على البحث الدائب، والدراسة المتواصلة، والتفكير النافع، والمناقشة البناءة مع العلماء والطلبة وغيرهم؛ فلا يقنع بما اقتنع به سابقوه ويقتنع به معاصروه.

وكان لبيئة الشيخ- رحمه الله - أثرٌ كبيرٌ في مسيرتهِ العلمية؛ إذ أبصر واقع الناسِ من حولهِ؛ وما كانوا عليه في حياتهم ودينهم على الغالب في تناقض وتصادم مع ما نشأ عليه من علم وما عَرفه من الحق على يد أبيه ومن خلال مطالعته لكتب المحققين من علماء السلف الصالح.

وهاهنا اختار الشيخ - رحمه الله - وجزاه خيراً- أن يسيرَ في خطى الرسل- عليهم الصلاة والسلام- بدعوة الناس وتعليمهم؛ فقام لله قومة تزلزلت لها جبال الجاهلية وانقشعت بها غيوم الباطل وشبهاته؛ فعزم على تنحية البدع من الحياة التي حوله، وإيقاظ النائمين، وتنبيه الغافلين، والعمل على نشر الإسلام والنور من الكتاب والسنة وسيرة الصالحين.

وأخذ - رحمه الله - يُنكرُ ما شاعَ في مجتمعه من شركياتٍ وبدعٍ وخرافاتٍ؛ مِمَّا جعله في مواجهة للمعارضة من علماء السوء، وتلبيساتهم وشبهاتهم، وتأليب العامة عليه، وتهمتهم إياه بالانحراف والجهل؛ فكان كل ذلك يزيد تفكيره وحرصه على تحصيل العلم وإدراك الحق؛ ولذا كان قرارهُ التأريخي أن يرحل في طلب العلم وتحقيق ما شرح الله له صدره من حقيقة هذا الدين القيم على أيدي حملته العدول، الذين لن تخلو منهم الأرض ولن ينقطع منهم زمان إلى قيام الساعة.

(ب)- رحلاتهِ العلميةِ للحجازِ والعراقِ والأحساءِ:

رحل الشيخ- رحمه الله - إلى مكة وحجَّ، ثم إلى المدينة، وتلقى فيها على بعض المشايخ، ثم عاد إلى العيينة، ثم رحل إلى مكة وأقام بها، وتلقى فيها عن بعض المشايخ، ثم إلى المدينة، وأطال المكث فيها، ورأى ما أفزعه من الأعمال المنافية للشرع عند حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ خرج منها- بعد أن أقام فيها ما شاء الله يطلب العلم- إلى نجد، ومن نجد تجهز إلى البصرة يريد الشام، فلما وصل البصرة؛ جلس فيها يقرأ عند عالم من أهل المجموعة (قرية من قرى البصرة) في مدرسة فيها.

ثم إنَّ الشيخ - رحمه الله تعالى -بعد رحلته إلى البصرة رحل إلى الأحساء، ثم رجع من الأحساء إلى البصرة، ثُمَّ خرج منها إلى نجد قاصداً الحج، فحجَّ - رحمه الله -، فلما قضى الحج؛ وقف في الملتزم، وسأل الله أن يظهر هذا الدين بدعوته، وأن يرزقه القبول من الناس، فخرج قاصداً المدينة مع الحجاج يُريد الشام، فعرض له بعض سراق الحجيج، فضربوه وسلبوه وأخذوا ما معه وشجُّوا رأسه، وعاقه ذلك عن مسيره مع الحجاج، فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها، ثم رجع إلى نجد، فقام فيهم يدعوهم إلى التوحيد.

شيوخه:

أَمَّا شيوخه الذين تعلَّم على أيديهم واستفاد منهم؛ فهم على النحو الآتي:

أولاً: في نجد:

والده: الشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ سليمان بن علي.

والشيخ الثاني هو الشيخ إبراهيم ابن الشيخ سليمان بن علي، وأخذ عنهما جملةً من العلوم وبخاصةً علم الفقه.

ثانياً: في الحجاز:

(أ)- في مكة:

الشيخ عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم بن عيسى البصري أصلا، المكي مولدا ومدفنا، الشافعي، مسند الحجاز، عمدة المحققين، وأخذ عنه علم الحديث روايةً ودرايةً.

(ب)- في المدينة النبوية:

• الشيخ العالم عبد الله بن إبراهيم بن سيف، من آل سيف: رؤساء بلد المجمعة، والد إبراهيم مصنف "العذب الفائض شرح ألفية الفرائض، وأخذ عنه العلم في فنون شتى ولا سيما علم الحديث والعربية.

• الشيخ الإمام العالم الكبير المحدث محمد حياة بن إبراهيم السندي المدني، أحد العلماء المشهورين الربانيين وعظماء المحدثين، والذي كان له أكبر الأثر في توجيهه إلى إخلاص العبادة لله، والتخلص من رقِّ التقليد الأعمى، والاشتغال بالكتاب والسنة.

• الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي الشافعي، وأخذ عنه علم الحديث.

• الشيخ علي أفندي بن صادق بن محمد بن إبراهيم بن محب الله حسين بن محمد الحنفي الداغستاني. وأخذ عنه علم الحديث إجازةً.

وعن الشيخ عبد الكريم أفندي الداغستاني، وهو ابن عم الشيخ علي أفندي المتقدم ذكره، وكذلك أخذ عن الشيخ محمد البرهاني، وعن الشيخ عثمان الديار بكري نزيل المدينة المنورة، وحرَّرَ على أيديهم علم التوحيد، فأقروه على ذلك.

ثالثًا: في البصرة:

جالس علماء البصرة ومنهم الشيخ الجليل: محمد المجموعي، وتميَّز بالأخذ عمن لا يُتهم في حقه بالكذب والزور، وسمعَ منهم الحديث والفقه والنحو، وصنَّف في البصرة "كتاب التوحيد"؛ أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة من كتب الحديث.

رابعاً: في الأحساء:

وجد في الأحساء فحول العلماء؛ منهم: الشيخ عبد الله بن فيروز أبو محمد الكفيف، ووجد عنده من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ما سُرَّ به، وأثنى على عبد الله هذا بمعرفته بعقيدة الإمام أحمد.

ومنهم كذلك الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الأحسائي القاضي.

(جـ)- تلاميذه:

تلاميذ الشيخ الإمام- رحمه الله - كثرةٌ كاثرةٌ لا يُحصي عددهم إلا الله - سبحانه وتعالى -؛ لكننا سنذكر هنا ما تتلمذَ على يدِ الشيخ- رحمه الله - بشكلٍ مباشرٍ؛ حتى صارَ من أهل العلم والقضاء، وهم على سبيل المثال لا الحصرِ:

1- الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: أخذ عن أبيه، واستكمل فنون العلم، وفاق بالمعرفة أقرانه، توفي سنة (1224 هـ).

2- الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: أخذ عن أبيه، فكان آية في العلم ومعرفته ومعرفة فنونه، ولد في الدرعية سنة (1165 هـ)، وتوفي بمصر سنة (1242 هـ).

3- ابنه الثالث الشيخ علي: فكان عالما جليلا ورعا دينا فقيها يضرب به المثل في بلد الدرعية.

يقول عبد الرحمن بن عبد اللطيف: "الغالب على الظن أنَّ الشيخ علِيًّا تُوفي سنة (1245 هـ) بمصر".

4- الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن عمر: فكان عالماً جليلاً، وتُوفي في مكة المكرمة سنة (1225 هـ).

5- الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الحصيني الناصري التميمي: فقد أخذ عن الشيخ وعن أبنائه وغيرهم في الدرعية بعد أن سبق له أخذ الفقه أولاً عن الشيخ إبراهيم بن محمد بن إسماعيل في بلده شقراء، وتوفي - رحمه الله - في 12 رجب سنة (1237 هـ).

6- الشيخ سعيد بن حجي: رحل إلى الدرعية، فقرأ على الشيخ، كما أخذ عن ابني الشيخ حسين وعبد الله، وقرأ على الشيخ حمد بن ناصر بن معمر وغيرهم من علماء الدرعية، توفي عام (1229 هـ).

7- الشيخ محمد بن سويلم، وُلد في الدرعية ونشأ فيها، فأخذ يتلقى العلم عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعن ابنيه العالمين حسين وعبد الله.

قال ابن بسام: "ولم أقف على تاريخ وفاته - رحمه الله -".

8- الشيخ عبد الرحمن بن خميس، الإمام في قصر آل سعود.

9- الشيخ عبد الرحمن بن نامي، وُلد في مدينة العيينة، ونشأ بها، ثم قرأ على علمائها، وكان ممن استجاب لدعوة الشيخ محمد إلى عقيدة السلف الصالح، فهاجر إليه في الدرعية، وقرأ عليه، واستفاد منه.

10- الشيخ محمد بن سلطان العوسجي، وُلد في بلدة ثادق، ونشأ فيها، ثم رحل إلى الدرعية، فشرع في القراءة على الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -؛ حتى حَصَّلَ في التوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصول هذه العلوم، وتُوفي في الأحساء عام 1223 هـ.

(د)- مؤلفات الشيخ:

ذكر الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في ترجمته للشيخ في الجزء الثاني عشر من "الدرر السنية" من مؤلفاته ما يلي:

1- "كتاب التوحيد فيما يجب من حق الله على العبيد".

2- كتاب "كشف الشبهات".

3- كتاب "أصول الإيمان".

4- كتاب "فضائل الإسلام".

5- كتاب "فضائل القرآن".

6- كتاب "السيرة المختصرة".

7- كتاب "السيرة المطولة".

8- كتاب "مجموع الحديث على أبواب الفقه".

9- كتاب "مختصر الإنصاف والشرح الكبير".

10- كتاب "مختصر الصواعق".

11- كتاب "مختصر فتح الباري".

12- كتاب "مختصر الهدي".

13- كتاب "مختصر العقل والنقل".

14- كتاب "مختصر المنهاج".

15- كتاب "مختصر الإيمان".

16- كتاب "آداب المشي إلى الصلاة".

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 21:15
5- المحطةُ الخامسةُ: الجهودُ الباهرةُ للشَّيخِ الإمامِ محمدِ بنِ عبد الوهابِ- رحمه الله - في جانبِ التعليمِ والدَّعوةِ في سبيلِ نشرِ عقيدةِ السَّلفِ الصَّالحِ واستعدادهِ لذلكَ:

(أ)- الشيخ الإمام في حريملاء:

في حريملاء بعد وفاة أبيه- رحمه الله - أعلن بالدعوة والإنكار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبعه أناس من أهل البلد مالوا معه، واشتهر بذلك، وانتظم في سلكه رجال فحول، قرأوا عليه كتب الحديث والفقه والتفسير، وحقق لهم منهج الدعوة إلى الله أتم التحقيق، وكان - رحمه الله - يعلن بالتوحيد ويدعو إليه، وينادي بإبطال دعاء غير الله، وينكر على من يمارسه جهارا إذ لم يكف الإسرار، وينصح من عدل عن الحق بأسلوب سديد، ويزجر الناس عموماً عن الشرك والفساد، وجد واجتهد في تعليم الواجب، وبذل المناصحة للخاص والعام، ونشر شرائع الإسلام، وإقامة سنة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وكشف الشبه، ودحض المفتريات، وتحذير الناس - إنْ داموا على ما هم فيه- وقوع النقمة والعذاب؛ كُلُّ ذلك قياماً بأمانة العلم، رغبة فيما عند الله، وما أعده - تعالى -للقائمين بذلك، وخشية من الوقوع في الوعيد الوارد في كتمان العلم.

وكان الشيخ - رحمه الله - قد أعطاه الله استعدادا قويا، فلم يخف في الله لومة لائم، وصار له توكل على ربه واعتصام به، فلم يبال بجحافل الأعداء، وجهامة الباطل وكيد شياطين الجن والإنس، ووحي بعضهم إلى بعض بزخرف القول وغروره، وما رموه به من القوادح والمفتريات، وما صوبوا له من سهام البغي والحسد والتكبر والتجبر، وأقام - رحمه الله - في بلد حريملاء على هذه الصفة سنين، فاشتهر حاله في جميع بلدان العارض في حريملاء والعيينة والدرعية والرياض ومنفوحة، وجعل الله لدعوته قبولا في هذه البلدان، وهو لا يزال في حريملاء، فكان له في كل بلد من هذه البلدان أتباع؛ كما أن له معارضين وأعداء حسب سنة الله - تعالى -.

ولقد قبل دعوة الشيخ أناس لهم مكانتهم في بلدانهم كالأمير(عثمان بن معمر)، وكان يفد إليه الناس من جميع ما حوله ممن سمع به وهو مقيم في حريملاء، ويسمعون بيانه ودروسه، حتى كثر محبوه وتابعوه، وانضم لدعوته جم غفير.

ولكن حريملاء كانت غير صالحة لأن تكون منطلقاً للدعوة إلى الله تعالى؛ فقد كان رؤساؤها منقسمين إلى قبيلتين، أصلهما قبيلة واحدة، وكل منهم يدعي أن القول له، وليس للأخرى على الثانية قول، وما كان لحريملاء رئيس يزع الجميع ويجنبهم هذا الاختلاف، وكان في البلد عبيد لإحدى القبيلتين، كثير تعديهم وفسقهم، فأراد الشيخ أن يمنعوا عن الفساد، وينفذ فيهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم يحصل ذلك؛ لعدم وجود الرئيس الوازع، بل إن هؤلاء العبيد المفسدين في الأرض هموا أن يفتكوا بالشيخ ويقتلوه بالليل سرا، فلما تسوروا عليه الجدارَ؛علم بهم أناس، فصاحوا بهم، فهربوا، فانتقل الشيخ بعدها من حريملاء إلى العيينة.

(ب)- الشيخُ الإمام في العيينة:

أدرك الشيخ الإمام- رحمه الله - براسخِ فقهه، وثاقبِ نظرهِ أنَّ السياسة الشرعية في بناء البيئة الإسلامية وهدم البيئة الجاهلية تقتضي البحث عن أمير قوي لا يُنازع؛ بحيثُ تكونُ له السيادة وحسن السياسة وتدبير الملك والرعية وجودة الرأي والفكرة، مع هذا يكون بصيراً في الدين، يدين بالإسلام، ويقتنع بصحة الدعوة إليه والقيام بنصرته.

وكان عثمان بن معمر أمير العيينة ممن تتوفر فيهم صفة الأمير، وكان الشيخ قد أبلغه الدعوة إلى التوحيد؛ فكان المرشح من قبل الشيخ لسد الحاجة إلى أمير يحمي منجزات الدعوة بسيفه، وينشرها بقيادته وجهاده ونصرته، فانتقل إلى العيينة، واختارها منطلقا للدعوة، وتلقاه أميرها (عثمان بن حمد بن عبد الله بن معمر) بعد أخيه محمد بن حمد الملقب (خرفاش) بالقبول وأكرمه، واقتنع بدعوته، وأعلن ذلك بين رجاله المقربين، وتزوج الشيخ عمته الجوهرة بنت عبد الله بن معمر، وكانت ذات مكانة عالية.

وعرض الشيخ الإمام - رحمه الله - على الأمير عثمان بن معمر شأن الدعوة وحمايتها وبيَّن له خطورة هذا الشأن وأهميته وقيمته العظمى، ورشحه لمقام الإمامة فيه، فقال له بعد أن استعرض ما قام به ودعا إليه من التوحيد ورغب إليه في نصرة دين الله: "إني أرجو إن أنت قمت بنصر لا إله إلا الله؛ أن يظهرك الله - تعالى -، وتملك نجداً وأعرابها".

فقام عثمان وساعد الشيخ، فأعلن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبعه أناس من أهل العيينة، واجتهد في ذلك، وأمر الناس بالاتباع، وعدم المشاقة له والنزاع، وألزم الخاصة والعامة أن يمتثلوا أمره وكلامه، ويسلكوا سبل الاستقامة، ويظهروا توقيره وإكرامه، فكان بعد ذلك الأمر والإلزام، وصدور ذلك الاعتناء التام، وشدة الرغبة والاهتمام، وإبداء التعظيم له والاحتشام، تسمع أقواله وتطاع، وتملأ الصدور والأسماع، فصار للزيغ ارتداع وقمع وإقلاع، وللحق والهدى أتباع؛ ففشا الدين في بلدان العارض المعروفة، وأكثرهم قلوبهم عن ذلك النور مصروفة، وعلى ما كانوا عليه من الأمور المألوفة ملازمة محبوسة موقوفة.

ولكن الشيخ الإمام- رحمه الله - لم يصبر على الإقامة بذلك المكان مع مشاهدته فيه الأوثان، فعند ذلك؛ أمر الشيخ محمد الأمير عثمان بهدم القبب والمساجد المبنية في الجبيلة على قبور الصحابة، وقطع الأشجار التي كانت الخلق لها في كل ساعة منتابة؛ فبادر عثمان لذلك وامتثل، وخرج الشيخ معه وجماعتهم على عجل، وخرجوا بالمعاول، والكل للأجر آمل؛ فهدموا تلك المساجد، وأزالوا رفيع المشاهد، وأزالوا جميع المحظور عن جميع تلك القبور، وعدلت على السنن المشروع، واندرس الأمر الممنوع، وهدم رفيع ذلك البناء، وبطل ذلك التعظيم لها والاعتناء.

وقد أثارت هذه الأعمال المباركة حفيظة علماء السوء من خصوم الشيخ- رحمه الله -، ولَمَّا لم يستطيعوا الصمود للشيخ في ميدان الحجة والبرهان، وغلبهم بيان الحق وأسكتهم برهانه عن الرد عليه ومناظرته، ودُحضت حججهم، وكُشفت شبهاتهم، وهم قد أشربوا محبة ما اعتادوه ووجدوا عليه مجتمعهم وكبراءهم وأسلافهم من الآباء والأجداد من الشرك والفسوق وأكل الربا والسحت؛ فلجأوا إلى الافتراء والكذب والمكر والحيل، والاستعانة بتخويف الملوك والحكام وأصحاب المناصب؛ من فوات حظهم بظهوره، فكتبوا إلى رئيس الأحساء وبني خالد: (سليمان بن محمد)؛ لعلمهم أنَّ ثمّت علاقة وطيدةً بينَه وبين أمير العيينة؛ فهو يدور في فلكه، وله عنده خراج ومصالح، وينقاد إلى أمره، فقالوا لأمير الأحساء فيما قالوه من الأكاذيب: إن عثمان بن معمر قد آوى مطوعاً يريد إخراجكم من ملككم وإثارة الناس عليكم، وأقل ما يقوله للعامة: إن المكوس والعشور التي يأخذها الأمراء باطلة لا يقرها الدين، وها هو يرجم كذلك امرأة من أجل الزنى بغير إذن منكم... إلى غير هذا من التحريش والبهتان وإثارة الملوك بما يثيرهم ويخوفهم مهما كان.

فكتب سليمان إلى عثمان يأمره بقتله، أو إجلائه عنوطنه؛ وألزم عليه وشدَّد وهدَّد.

فما كان منه إلا أنِ انهزم أمام تهديد(ابن غرير)، ولم يثبت على المبدأ والعهد، فخذَّل الشيخ، واستجاب لداعي الشيطان، وقال للشيخ- رحمه الله - حين وصله كتاب (سليمان): إنه أتانا خط من سليمان قائد الأحساء، وليس لنا طاقة بحربه ولا إغضابه، فقال له الشيخ: إنَّ هذا الذي أنا قمتُ به ودعوتُ إليه كلمة لا إله إلا الله وأركان الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أنت تمسكت به ونصرته؛فإنَّ الله - سبحانه - يُظهرك على أعدائك؛ فلا يُزعجك سليمان ولا يُفزعك، فإني أرجو أن ترى من الظهور والتمكين والغلبة ما ستملك به بلاده، وما وراءها وما دونها.

فاستحيى عثمان وأعرض عنه، ثم تعاظم في صدره أمر صاحب الأحساء وباع بالآجل العاجل، فأرسلَ إلى الشيخ ثانياً، وقال: إنَّ سليمان أمرنا بقتلك، ولا نقدر على غضبه ولا مخالفة أمره؛ لأنَّهُ لا طاقةَ لنا بحربه، وليس من الشيم والمروءة أن نقتلك في بلادنا؛ فشأنك ونفسك وخل بلادنا.

أما الشيخ؛ فإنه كان رغم ما جرى له من خذلان ابن معمر له على ثقة من ربه، وقد قوَّى الله إيمانه حتى صغر في نفسه وفي ميزان إيمانه بعقيدة السلف الصالح أمر صاحب الأحساء وخذلان ابن معمر له وإخراجه من الوطن والمال والأهل والمسكن، وبقي لديه إيمانه بصحة عقيدة السلف الصالح، وأنَّ الله ناصر دينه، وبقي حسن الظن بالله - تعالى -والثقة به وحده لا شريك له.

(جـ)- الشيخُ الإمام في الدرعية: لما وصل الشيخ بلد الدرعية؛ دخلها من أعلاها وقت العصر، فنزل على عبد الله بن سويلم تلك الليلة، فأقام عنده ذلك اليوم، ولعله هو الذي تبَّرم بوجود الشيخ عنده؛ خوفا على نفسه من محمد بن سعود.

ثم إن الشيخ انتقل من عنده إلى بيت تلميذه الشيخ أحمد بن سويلم، فَعَلِمَ به خواصٌّ من أهل الدرعية، فزاروه خفية، ورأوه لا يزال على سبيل الرسول ثابتاً، يدعو إلى الله على بصيرة، ويقرر لهم التوحيد الذي هو أساس الدين، والذي وقعت فيه الخصومة، فاستقرَّ التوحيد في قلوب هؤلاء الخواصِّ؛ فأرادوا أن يخبروا محمد بن سعود ويشيروا عليه بنصرته، فهابوه، فأتوا إلى زوجته موضى بنت أبي وهطان من آل كثير وأخيه ثنيان الضرير، وكانت المرأة ذات عقل ودين ومعرفة، فأخبروهما بمكان الشيخ وصفة ما يأمر به وينهى عنه، فوقر في قلوبهما معرفة التوحيد، وقذف الله في قلوبهما محبة الشيخ.

اللقاء التأريخي بالأمير الراشد:

دخل محمد بن سعود على زوجته، فأخبرته بمكان الشيخ، وقالت له: إن هذا الرجل ساقه الله إليك، وهو غنيمة؛ فاغتنم ما خصَّك الله به. فقبل قولها، ثم دخل عليه أخوه ثنيان وأخوه مشاري، وأشاروا عليه بمساعدته ونصرته، وألقى الله - سبحانه - في قلبه للشيخ محبة، فأراد أن يرسل إليه، فقالوا: سِرْ إليه برجلك في مكانه، وأظهر تعظيمه والاحتفال به، لعل الناس أن يكرموه ويعظموه. فقام محمد بن سعود من فوره، وسار إليه ومعه أخواه ثنيان ومشاري، فدخلوا عليه في بيت أحمد بن سويلم، فسلَّم عليه، ورحب به، وأبدى غاية الإكرام والتبجيل، وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده، وقال: أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعزِّ والمنعة. فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين؛ وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها وعمل بها ونصرها؛ ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم لبعض؛ فأرجو أن تكون إماما يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك.

وهكذا تم اللقاء التاريخي، وحصلت البيعة المباركة على ذلك.

ولما استقر الشيخ في الدرعية، ومنع، ونصر، وجهر بالدعوة إلى الله - تعالى -معزَّزاً ينشر التوحيد، وساعده على ذلك الأمير محمد بن سعود بكل ما لديه؛ بلا فتور ولا ضجر، وقام مع الأمير كذلك وزراؤه، وأعوانه، وأنصاره من أهل الدرعية، وإخوانه، ومن مشاهيرهم: ثنيان ابن سعود، ومشاري بن سعود، وفرحان بن سعود، والشيخ أحمد بن سويلم، والشيخ عيسى بن قاسم، ومحمد الحزيمي، وعبد الله بن دغيثر، وسليمان الوشيقري، وحمد بن حسين، وأخوه محمد، وغيرهم؛ فجرَّدوا للدعوة هممهم وعزائمهم، وقاموا بها من غير كسل ولا تهاون، وكانت بداية هذه القومة في سنة (1157هـ).

وبقي الشيخ - رحمه الله - على مناصحة الناس، وعرض الحق وبيانه، وكشف الشبه عنه، قريباً من سنتين وكان أهل الدرعية في غاية الجهالة، وقد وقعوا فيما وقعوا فيه من الشرك الأكبر والأصغر والتهاون بالصلاة والزكاة ورفض شعائر الإسلام وهم يومئذ في غاية الضعف وضيق المئونة فتخوَّلهم الشيخ بتعليمهم وتلقينهم التوحيد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأمر بتعلم معنى لا إله إلا الله، وأنها نفي وإثبات؛ ف- (لا إله: تنفي جميع المعبودات، (وإلا الله): تثبت العبادة لله وحده لا شريك له، ثم أمرهم بتعلم ثلاثة الأصول وهي: معرفة الله - تعالى -بآياته ومخلوقاته الدالة على ربوبيته وإلهيته، كالشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والسحاب المسخر بين السماء والأرض وما عليها من الأدلة من القرآن، ومعرفة الإسلام، وأنه تسليم الأمر لله، وهو الانقياد لأمر الله، والانزجار عن مناهيه، ومعرفة أركانه التي بني عليها، وما عليها من الأدلة من القرآن، ومعرفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، واسمه ونسبه ومبعثه وهجرته، ومعرفة أول ما دعا إليه، وهي: لا إله إلا الله، ثم معرفة البعث، وأنَّ من أنكره أو شكَّ فيه؛ فهو كافر، وما على ذلك من الأدلة من القرآن والسنة، ومعرفة دين محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وهو التوحيد، ودين أبي جهل وأتباعه، وهو الشرك بالله - تعالى -.

فلما استقرَّ في قلوبهم معرفة التوحيد بعد الجهالة، أشرب في قلوبهم محبة الشيخ، وأحبوا المهاجرين، وآووهم.

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 21:20
6- المحطة السَّادسة: آثارُ الدَّعْوةِ و مآلاتُهَا العظيمةُ في داخلٍ نجدٍ وفي خَارِجِهَا: في اليمنِ والشَّامِ والعراقِ وفارس والهندِ ومصرَ:

(أ)- في اليمن:

يذكر محمد رشيد رضا أنَّ علماء السنة في اليمن قد بلغهم كل ما قيل في الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فبحثوا وتثبتوا وتبينوا كما أمر الله - تعالى -، فظهر لهم أن الطاعنين فيه مفترون لا أمانة لهم، وأثنى عليه فحولهم في عصره وبعد عصره، وعدوه من الأئمة المصلحين المجددين للإسلام ومن فقهاء الحديث؛ كما نراه في كتبهم.

يقول الأمير الصنعاني بين يدي قصيدته الدالية المشهورة التي مطلعها:

سلام على نجد ومن حل في نجد = وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي.

(ب)- في الشام:

لا ريب أنَّ لدعوة الشيخ وأنصاره عليها أثر كبير في نشر عقيدة السلف الصالح في الشام، وتمكين الله أنصارها في الأرض، ونصرهم لما نصروا دين الله ورسوله.

ونَجِدُ من علماء الشام الشيخ (محمد بهجة البيطار)، الذي عيَّنه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مديراً لدار التوحيد بالطائف أول ما أنشئت، ومن مؤلفاته كتاب "حياة شيخ الإسلام ابن تيمية، محاضرات ومقالات ودراسات "، ونشره المكتب الإسلامي بدمشق عام 1380 هـ، ويرد في هذا الكتاب على ألفريد غيوم في كتابه "الإسلام" ترجمة محمد مصطفى هدارة والدكتور شوقي اليماني السكري، الطبعة الأولى سنة 1958 م بالقاهرة.

ومنْ رَدِّه عليه ما جاء في (ص 100) من كتابه، وهو قوله: " في المملكة الوهابية؛ حيث يسود المذهب الوهابي".

قال محمد بهجة البيطار: "الجواب: ليس للوهابية ولا للإمام محمد بن عبد الوهاب مذهب خاص، ولكنه - رحمه الله - كان مجدِّداً لدعوة الإسلام، ومتبعاً لمذهب أحمد بن محمد بن حنبل".

وللمكتب الإسلامي في دمشق وبيروت الذي يشرف عليه الشيخ(زهير الشاويش) نشاط ملموس في طبع ونشر مؤلفات الشيخ وسائر مؤلفات السلف الصالح.

ونقتطف هاهنا تعليقاً للأمير(شكيب أرسلان) من أهل الشام على الوهابية - على حد تعبيره إذْ يقولُ ما نصُّه: "ولكن المقرر أنها حركة إنابة إلى العقيدة الحق وهدي السلف الصالح، واقتفاء أثر الرسول والصحابة، ونبذ الخرافات والبدع، وحظر الاستغاثة بغير الله، ومنع التمسح بالقبور والتعبد عند مقامات الأولياء، ولذلك يُسَمُّونها عقيدة السلف، ويلقب الوهابيون أنفسهم سلفيين، وأكثر اعتمادهم في الاجتهاد على الإمام أحمد بن حنبل، والإمام ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية".

وشكيب أرسلان عضو من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، وكانت له صلة وثيقة بمحمد رشيد رضا، وقد قابل الملك عبد العزيز أثناء رحلته إلى الحجاز سنة 1354 هـ، وقال:

"لله در الملك ابن سعود؛ يقول: ما أخشى على المسلمين إلا من المسلمين، ما أخشى من الأجانب كما أخشى من المسلمين، وهو كلام أصاب كبد الصواب؛ فإنه ما مِنْ فتحٍ فتحه الأجانب من بلاد المسلمين؛ إلا كان نصفه أو قِسمٌ منه على أيدي ناس من المسلمين، منهم من تجسَّس للأجانب على قومه، ومنهم من بثَّ لهم الدِّعاية بين قومه، ومنهم من سلَّ لهم السيف في وجه قومه، وأسال في خدمتهم دم قومه".

وقال محمد رشيد رضا مضيفاً إلى ما نقله شكيب أرسلان عن الملك عبد العزيز من كلام صائبٍ؛ أنه في حفل حافلٍ بحجاج الأقطار، وقد طالب مصري أزهري الملك عبد العزيز بمحاربة الإنكليز والفرنسيين المعتدين على المسلمين، ذاكراً عداوتهم لهم، فقال الملك عبد العزيز: "الإنكليز والفرنسيين معذورون إذا عادونا؛ لأنه لا يجمعنا بهم جنس ولا دين ولا لغة ولا مصلحة، ولكنَّ المصيبة التي لا عذر لأحد فيها أن المسلمين أصبحوا أعداء أنفسهم، وأنا والله لا أخاف الأجانب، وإنما أخاف من المسلمين، فلو حاربت الإنكليز، لما حاربوني إلا بجيش من المسلمين".

وهذا محمد كرد علي من أهل الشام في كتابه "القديم والحديث" منتقيات من مقالاته، وهو عضو في المجمع العلمي العربي بدمشق يقول: "وما ابن عبد الوهاب إلا داعية، هداهم من الضلال، وساقهم إلى الدين السمح، وإذا بدت شدة من بعضهم؛ فهي ناشئة من نشأة البادية، وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم، وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة، فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة، وما يتهمهم به أعداؤهم؛ فزورٌ لا أصل له".

(جـ)- في الخليج العربي:

نجد في قطر أنَّ حكامه آل ثاني كانوا يُسهمون إسهاماً كبيراً في طبع مؤلفات علماء السلف الصالح، ولا تنكر صلتهم الوثيقة بأنصار عقيدة الشيخ من قديم، وكان في قطر من العلماء الذين يحملون عقيدة سلفية سليمة ولهم جهدٌ لا يُنكر في ذلك الأثر الحميد؛ كالشيخ محمد ابن عبد العزيز بن مانع، الذي كان مديراً عاماً للمعارف في المملكة العربية السعودية، ثم طلبه أخيراً حكام قطر ليستفيدوا من علمه، ويشير عليهم بما كانوا متقبلين له من نصر لعقيدة السلف الصالح، ونشر لكتبهم؛ كـ"مجموعة التوحيد النجدية" وكتب فقه الحنابلة وغيرهم.

وأخيرا، فإِنَّ هناكَ كتاباً للشيخ(أحمد بن حجر بن محمد آل بوطامي) قاضي المحكمة الشرعية بقطر، قدَّم له وصحَّحه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وأمر بطبعه الملك فيصل بن عبد العزيز عام 1395 هـ، وهو عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه، وهو كتاب علمي جيد، من أجود ما كتب في هذا الموضوع.

أما عن أثرها في البحرين:

فهناك قصة طريفة جرت إبان نكبة الدرعية والتجاء بعض علماء الدعوة إلى البحرين وإلى عمان وغيرهما.

قال الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في مقدمة الطبعة الثالثة لكتاب "منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب" تأليف الشيخ عبد العزيز بن حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر في قصة تأليف الكتاب المذكور ما ملخصه: إنَّ الإنكليز أرسلوا مندوباً إلى البحرين من القسس؛ ليعمل على بثِّ الدعاية النصرانية وشكوكها لفتنة الناس في البحرين عن دينهم؛ فقام ذلك القسيس بتأليف كتاب ضمَّنه شبهاتهم حول الإسلام، ودفعه إلى أمير البحرين عبد الله بن خليفة، وطلب منه أن يعرضه على المشايخ ليقولوا رأيهم، فردَّ عليه الشيخ عبد العزيز بن حمد آل معمر بكتابه "منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب"، ودفعه إلى أمير البحرين، ففرح به الأمير أشد الفرح، ودعا القنصل الإنكليزي القسيس، وأعطاه الردَّ؛ فاندهش جداً؛ لأنه كان يظن عجز علماء البحرين، ثم قال: "هذا الرد لا يكون من هنا، وإنما هو من البحر النجدي.

(د)- في العراقِ:

وإذا جاوزنا الخليح إلى العراق، فإننا نجد مدرسة أهل السنة والجماعة يتصدرها آل الألوسي أمثال العلامة نعمان خير الدين الألوسي والعلامة محمود شكري الألوسي وكان لهم نشاط في إحياء الكتب الدينية ونشر مذهب السلف، وله اليد الطولى في إذاعتها ونشرها، وكان يرى أن مذهب السلف هو الواسطة الوحيدة لتحرير العقول من رِقِّ التعصب الذميم.

كما كان لهم القدح المعلى في الذبِّ عن حياض دعوة الشيخ الإمام- رحمه الله - وما أُثيرَ حولها من شبهاتٍ؛إذ يقول العلامة أبو المعالي محمود شكري الألوسي في مؤلفه "تاريخ نجد": "اعلم أنَّ أهل نجد كلهم مسلمون مُوحِّدون، بل وجميع سكنة جزيرة العرب، وقد دخلوا في الإسلام في العصر الأول عند ظهور أنوار الشريعة الغراء، وهم على عقائد السلف الصالح".

ثم ذَكَرَ اعتقادهم في الله - تعالى -، وَذَكَرَ اعتقادهم في الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - واعتقادهم في الآل والأصحاب، إلى أن قال: "والحاصل أن مذهبهم في أصول الدين مذهب أهل السنة الجماعة، وأنَّ طريقتهم طريقة السلف التي هي الطريق الأسلم، بل الأحكم".

إلى أن قال: "وأما ما يُكذب عليهم ستراً للحق وتلبيساً على الخلق؛ بأنهم يفسرون القرآن برأيهم، ويأخذون من الحديث ما وافق فهمهم من دون مراجعة شرح ولا معول على شيخ، وأنهم يضعون من رتبة النبي وأنه ليس له شفاعة، وأن زيارته غير مندوبة، وأنَّهم لا يعتمدون أقوال العلماء، وأنهم يُتلفون مؤلفات أهل المذاهب؛ لكون الحق والباطل فيها، وأنهم مجسمة، وأنهم يكفرون الناس على الإطلاق من بعد الست مئة إلى هذا الزمان؛ إلا من كان على ما هم عليه، وأنهم لا يقبلون بيعة أحد؛ إلا إذا أقرَّ عليه أنه كان مشركا، وأنَّ أبويه ماتا على الشرك بالله، وأنهم ينهون عن الصلاة على النبي صلى الله - تعالى -عليه وسلم، وأنهم يحرمون زيارة القبور المشروعة مطلقاً، وأنهم لا يرون حقًّا لأهل البيت، وأنهم يجبرونهم على تزويج غير الكفء لهم... إلى غير ذلك من الافتراءات؛ فكلُّ ذلك زور عليهم وبهتان وكذب محض من خصومهم أهل البدع والضلال".

(هـ)- فارس والهندِ:

وإذا تجاوزنا العراق وعرَّجنا على فارس في طريقنا إلى الهند؛ فإننا نجد في لنجة - بلد من البلدان الفارسية - الشيخ ملا عمران بن علي بن رضوان يَردُّ على بعض قصائد الملحدين المعادين للشيخ، ويثني خلال ذلك على الشيخ بقصيدة هذا مطلعها:

جاءت قصيدتهم تروح وتغتدي ***في سب دين الهاشمي محمد

ومن فارس إلى الهند، نجد علماء السنة في الهند قد بلغهم ما يقوله دحلان وأمثاله في الشيخ، فبحثوا وتثبتوا وتبينوا كما أمر الله - تعالى -، وكما هو منهج أهل السنة والجماعة من سلفنا الصالح، فظهر لهم أنَّ الطاعنين في الشيخ مفترون لا أمانة لهم، فأثنى عليه فحولهم في عصره وبعد عصره، وعدُّوه من أئمة المصلحين المجددين للإسلام، ومن فقهاء الحديث؛ كما نراه في كتبهم، وكما قال محمد رشيد رضا.

ومن هذه الكتب: كتاب "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان"، تأليف العلامة الكبير المحدث الفقيه النحرير (محمد بشير السهسواني الهندي).

وقد تناظر الشيخ محمد بشير والشيخ أحمد دحلان مفتي مكة في مسألة التوحيد، فكتب الشيخ رَدًّا عليه كتابه المسمَّى: "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان"، واشتهر الكتاب، وطَبَعَه علماء نجدٍ، ولم يرد عليه أحد من المخالفين.

وفي كتابٍ بعنوان: "حركة الانطلاق الفكري بالهند وجهود الشاه ولي الدهلوي" تأليف محمد إسماعيل السلفي وتعريب مقتدي حسن الأعظمي؛ يقول: "إنَّ تسمية ما هم عليه بالوهابية كذب محض وافتراء عظيم، فالمركز الرئيسي للوهابيين الحجاز ونجد"، ويقولون: "إنهم هم الذين أخذوا علم الحديث من الهند، أو استفادوا من العلامة حياة السندي والحافظ الشوكاني في الحديث؛ فكأنَّ الوهابيين أيضا قد أخذوا السلفية من الهند أو اليمن والحجاز".

وكانت تُطبعُ بعض مؤلفات الشيخ بالهند و "تاريخ ابن غنام"، وينتشر هناك ما ينتشر من ذلك، ولهذا أثر كبير في بثِّ الوعي الإسلامي السليم والعقيدة السلفية في الهند.

(و)- في مصر:

أَمَّا مصرُ؛ فكانتْ تزخرُ بعواملِ النهضة العلميةِ منْ وجودِ عددٍ من المطابعِ والمجلاتِ وأهلِ العلمِ والدَّعوةِ، ومنِ تلكَ المطابعِ المهمةِ في تلك الحقبةِ الزمنيةِ:

1- مطبعة المنار بمصر، و "مجلة المنار" بمصر، وصاحبها محمد رشيد رضا، يقبل الخير، ويتجاوب مع الملك عبد العزيز في نشر مؤلفات وآثار علماء الدعوة، وعلى رأسهم الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب.

فهذه "مجموعة الرسائل والمسائل النجدية" أربعة مجلدات كبار، وغيرها، وكثير من كتب السلف الصالح في الفقه والتفسير والحديث، وغير ذلك، بلغ المجلدات الكبار، وبلغ قدرا كبيرا من ذلك، كان له أثر كبير في بث الوعي بين المسلمين، ونشر ضالتهم من الحق في تلك المؤلفات السلفية، ومحمد رشيد رضا يخدمها بالتعليق والإشراف على طبعها، وكانت له مواقف حميدة، وكتابات منصفة، وبيانات للحق ناصعة في مجلته الكبيرة "مجلة المنار" التي بلغت ما يربو على عشرين مجلدا، واستمر صدورها سنين عديدة، وكان ينشر دفاعا مجيدا عن دعوة السلف الصالح، وما يدفعه إلى ذلك إلا تأثره بعقيدة السلف الصالح، وتطلعه إلى نهضة المسلمين إذا استيقظوا من غفلتهم إلى دينهم بهذه العقيدة السليمة.

2- مطبعةِ جماعة أنصار السنة المحمدية ورئيسها محمد حامد الفقي؛ فقد كان لهم دور في بث العقيدة السلفية، ونشر كتب عقيدة السلف الصالح، وبيان الحق، والرد على طوائف الصوفية المنحرفة عن السنة، وكان لرئيس جماعة أنصار السنة المحمدية الشيخ محمد حامد الفقي نشاط خاص في هذا المجال، وله كتاب سماه "أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب وغيرها" كتبه وتحدث به في نادي جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر، وهذا النادي يحضره كثير من المصريين وغيرهم، وقد نفع الله به، وطبع عام 1354 هـ بمطبعة النهضة بشارع عبد العزيز بمصر.

ومن أبرز المشايخ الذي كان له دفاع عن دعوة الشيخ - رحمه الله -: الشيخ الدكتور محمد خليل هراس، فقد كتب عن منهج الشيخ وأنصاره، وسمى ما كتبه: "الحركة الوهابية" وهو رد على مقال للدكتور محمد البهي في نقده للوهابية، وطبعته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1396 هـ.

3- دار الطباعة المنيرية في القاهرة: ولا ننسى محمد منير بن عبده آغا النقلي الدمشقي الأزهري، صاحب هذه الدارِ العامرةِ، تفقه في الأزهر سلفيا، وأصبح من علمائه، وأنشأ دار الطباعة المنيرية 1337 ه-، ونشر كثيرا من المصنفات القديمة والحديثة، وصنف كتاب "نموذج من الأعمال الخيرية في إدارة المطبعة المنيرية"، مطبوع، أنجزه في شعبان 1358 هـ، وله "إرشاد الراغبين في الكشف عن آي القرآن المبين"، مطبوع، وتوفي بالقاهرة وله "المجموعة المنيرية"، وهي مجموعة رسائل سلفية لشيخ الإسلام ابن تيمية والصنعاني والشوكاني والصابوني وأبو محمد الجويني وغيرهم، وسماها "المجموعة المنيرية"، وله عليها تعليقات، وقد خدم كثيرا من رسائل السلف خاصة ومؤلفاتهم، ومن ذلك مجموعة بعنوان "الأصول الثلاثة وأدلتها، ويليها شروط الصلاة وواجباتها وأركانها، والقواعد الأربع، للشيخ محمد بن عبد الوهاب، علق عليها وصحح أصولها وكساها حواشي مفيدة محمد منير الدمشقي، طبعت في القاهرة، إدارة الطباعة المنيرية"؛ بلا تاريخ ومنها: "كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، نشر المكتبة القيمة بمباي والقاهرة دار الطباعة المنيرية سنة 1344 هـ "ومنها: "كشف الشبهات للشيخ محمد بن عبد الوهاب، علق عليه وصححه محمد منير الدمشقي"، وفي ذيله نبذة في الحث على اتباع الكتاب والسنة والعمل بهما للمعلق، طبع القاهرة في إدارة الطباعة المنيرية سنة 1351 هـ".

4- المطبعة السلفية ومكتبتها وصاحبها محب الدين الخطيب، وقد طَبَعتْ كثيراً من كتب السلف الصالح، مع التحقيق والعناية، من ذلك طبعهم ل "مجموعة التوحيد النجدية" وعنايتهم بها، ولا زالت حتى بعد وفاة مؤسسها تحت إشراف ابنه قصي.

5- مطبعة المدني المؤسسة السعودية في مصر وغيرها من المطابع التي تطبع آثار الشيخ ومؤلفاته وسائر مؤلفات السلف الصالح مما يكون له تأثير في نشر العقيدة السلفية.

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 21:25
7- المحطةُ السَّابعةُ: أبرزُ افتراءاتِ المناوِئينَ للدَّعوةِ التَّجديدِيَّةِ الإصلاحِيَّةِ وشبهاتِهم، ونَقْضُهَا والرَّدُّ عليها:

• فريةُ أَنَّ دعوةِ الشيخِ الإمامِ- رحمه الله - كانتْ دعوةً موغلةً في التَّطرفِ والغلو؛ إلى درجة تَلُّوثِها بـ (تكفيرِ) المسلمينَ الخارجينَ عن نطاقِ الدَّعوةِ الإصلاحيةِ، واستباحةِ دمائِهم؛ استناداً على ذلكَ:

الرَّدُّ عليها:

الرَّدُّ على هذه الفريةِ المنكرةِ الآثمةِ، سيكونُ من وجهينِ اثنينِ:

أولهما: رَدُّ الشيخِ الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله - نفسهِ على هذه الفرية.

والآخرُ: رَدُّ أنصارهِ وأبنائهِ، وأحفادهِ وتلامذتهِ على هذه الفريةِ.

أَمَّا رَدُّ الشيخِ الإمام- رحمه الله - فقد تعدَّدَ وتنوَّعِ بشكل كبيرٍ جِدًّا، وكانَ على شكلِ رسائلَ أو أجوبةٍ يُوجِّهها للسائلينَ، وهي على النحو الآتي:

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لأهل الرياض ومنفوحه - رحمه الله -:

"وقولكم إننا نكفر المسلمين، كيف تفعلون كذا، كيف تفعلون كذا. فإنا لم نكفر المسلمين، بل ما كفرنا إلا المشركين".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لأحد مطاوعة ثرمداء:

"وأما ما ذكره الأعداء عني أني أكفر بالظن، والموالاة، أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لأهل القصيمِ رَدًّا على ابن سحيم:

"والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها، ولم يأت أكثرها على بالي، فمنها قوله: أني أقول: إنَّ الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وأني أكفر من توسل بالصالحين، وأني أكفر البوصيري، وأني أكفر من حلف بغير الله.. جوابي عن هذه المسائل أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لحمد التويجري:

"وكذلك تمويهه على الطغام بأن ابن عبد الوهاب يقول: الذي ما يدخل تحت طاعتي كافر، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد، وتبرأ من الشرك وأهله، فهو المسلم في أي زمان وأي مكان، وإنما نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعد ما تبيّن له الحجة على بطلان الشرك…".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ للشريف:

"وأما الكذب والبهتان، فمثل قولهم: أنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ لأحدِ علماء المدينة:

"فإن قال قائلهم أنهم يكفرون بالعموم فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، الذي نكفر الذي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله، وأن دعوة غير الله باطلة ثم بعد هذا يكفّر أهل التوحيد".

• رسالةُ الشيخِ الإمامِ إلى إسماعيل الجراعي صاحب اليمن:

"وأما القول بأنّا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء الذين يصدون به عن هذا الدين، ونقول سبحانك هذا بهتان عظيم".

• جواب الشيخِ الإمامِ للشيخِ عبد الرحمن بن عبد الله السويدي:

"وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله، منها: إشاعة البهتان بما يستحي العاقل أن يحكيه، فضلاً عن أن يفتريه، ومنها ما ذكرتم أني أكفر جميع الناس إلا من تبعني، وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، ويا عجبا كيف يدخل هذا في عقل عاقل، هل يقول هذا مسلم أو كافر أو عارف أو مجنون.. ".

2- رَدُّ أنصارهِ وأبنائهِ وأحفادهِ وتلامذتهِ على هذه الفريةِ:

• يقولُ الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله -:

"وأما ما يكذب علينا ستراً للحق، وتلبيساً على الخلق، بأننا نكفر الناس على الإطلاق، أهل زماننا، ومن بعد الستمائة، إلا من هو على ما نحن فيه، ومن فروع ذلك أن لا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرر عليه بأنه كان مشركاً، وأن أبويه ماتا على الشرك بالله … فلا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولاً، كان جوابنا في كل مسألة من ذلك (سبحانك هذا بهتان عظيم)، فمن روى عنا شيئاً من ذلك أو نسبه إلينا، فقد كذب وافترى، ومن شاهد حالنا، وحضر مجالسنا، وتحقق ما عندنا علم قطعياً أن جميع ذلك وضعه علينا وافتراه أعداء الدين وإخوان الشياطين، تنفيراً للناس عن الإذعان بإخلاص التوحيد لله - تعالى -بالعبادة وترك أنواع الشرك الذي نص عليه بأن الله لا يغفره، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فإنا نعتقد أن من فعل أنواعاً من الكبائر كقتل المسلم بغير حق، والزنا، والربا وشرب الخمر، وتكرر منه ذلك، أنه لا يخرج بفعله ذلك من دائرة الإسلام ولا يخلد به في دار الانتقام، إذا مات موحداً بجميع أنواع العبادة".

• يقولُ الشيخ عبد العزيز بن حمد سبط الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -:

"وأما السؤال الثاني وهو قولكم: من لم تشمله دائرة إمامتكم ويتسم بسمة دولتكم، وهل داره دار كفر وحرب على العموم الخ.

فنقول وبالله التوفيق: الذي نعتقده وندين الله به، أن من دان بالإسلام وأطاع ربه فيما أمر، وانتهى عما عنه نهى وزجر، فهو المسلم حرام المال والدم كما يدل عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة. ولم نكفر أحداً دان بالإسلام لكونه لم يدخل في دائرتنا، ولم يتسم بسمة دولتنا، بل لا نكفر إلا من كفره الله ورسوله، ومن زعم أنا نكفر الناس بالعموم، أو نوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ببلده فقد كذب وافترى".

• يقولُ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن (أحد أحفادِ الشيخ)- رحمه الله - في رَدِّهِ على عثمان بن منصور:

"هذه العبارة تدل على تهور في الكذب، ووقاحة تامة، وفي الحديث: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

وصريح هذه العبارة أن الشيخ كفر جميع الأمة من المبعث النبوي إلى قيام الساعة إلا من وافقه على قوله الذي اختص به، وهل يتصور هذا عاقل عرف حال الشيخ وما جاء به ودعا إليه، بل أهل البدع كالقدرية والجهمية والرافضة والخوارج لا يكفرون جميع من خالفهم، بل لهم أقوال وتفاصيل يعرفها أهل العلم، والشيخ - رحمه الله - لا يعرف له قول انفرد به عن سائر الأمة، ولا عن أهل السنة والجماعة منهم، وجميع أقواله في هذا الباب - أعني ما دعا إليه من توحيد الأسماء والصفات وتوحيد العمل والعبادات - مجمع عليه المسلمين لا يخالف فيه إلا من خرج عن سبيلهم وعدل عن مناهجهم".

• يقولُ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن عن تورع جده الشيخ الإمام - رحمه الله - عن التكفير:

"والشيخ محمد - رحمه الله - من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر، حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور، أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها".

• كما يؤكد الشيخ عبد اللطيف- رحمه الله - أنَّ من عرف سيرة الشيخ الإمامِ محمد بن عبد الوهاب، أدرك براءته من تلك الفرية الكاذبة فيقول - رحمه الله -:

"كل عاقل يعرف سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، يعلم أنه من أعظم الناس إجلالاً للعلم والعلماء، ومن أشد الناس نهياً عن تكفيرهم وتنقصهم وأذيتهم، بل هو ممن يدينون بتوقيرهم وإكرامهم والذب عنهم، والأمر بسلوك سبيلهم، والشيخ - رحمه الله - لم يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأجمعت الأمة على كفره كمن اتخذ الآلهة والأنداد لرب العالمين".

• يقولُ الشيخ صالح بن محمد الشتر- يرحمه الله -:

"وأما ما ادعاه أعداءه المعاصرون له أنه كفر بالعموم، أو يكفر بالذنوب أو يقاتل من لا يستحق قتلاً، أو يستحل دمه وماله، فالجواب أن نقول سبحانك هذا بهتان عظيم، ورسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب تبرأ فيهن مما نسب إليه أعداؤه وأن مذهبه مذهب السلف الصالح".

• يقولُ الشيخ السهسوان- يرحمه الله -:

"هذا كله افتراء بلا ريب على الشيخ، يعرفه من له رائحة من الإيمان والعلم والعقل".

• ويقول أيضاً - رَدًّا على بعضِ الأقوالِ الَّتي فيها قذفُ الشيخ الإمام بتكفير الناس-: "الجواب على هذه الأقوال كلها أنها على طولها وكثرتها كاذبة خبيثة فلا تعجبك كثرة الخبيث".

• يقولُ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ- رحمه الله - في رَدِّهِ على الشريف في قضية استباحةِ الوهابيةِ للحرمينِ الشريفينِ:

"وأما استباحة هذين البلدين الشريفين، فكلّ أحد يعرف أن هذا من الكذب والبهت البيِّن. قال - تعالى -: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)[النحل: 105].

لم يقع فيهما قتال بحمد الله، فضلاً عن الاستباحة. وفي الحديث: "إنّ ممّا أدرك النّاس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، وإنما دخلها المسلمون في حال أمن وصلح، وانقياد من شريف مكة ورؤساء المدينة. وجلس المشايخ بالحرمين الشريفين للتعليم والتدريس.

وكتبت الرسائل في بيان التوحيد والتنزيه عن التقديس، حتى جاءت دولة الأتراك فجاسوا خلال الديار، وكان وعداً مفعولاً.

... ولا يجوز أن يُسَمَّى ما وقع استباحة للحرمين. كما قاله هذا المفتري. كيف وقد وقع من تعظيم الحرمين وكسوة الكعبة الشريفة، وتأمين السبل والحج إلى بيت الله وزيارة الحرم الشريف النبوي ما لا يخفى على منصف عرف الحال، ولم يقصد البهت والضلال؟ ".

• يقولُ الشيخ محمد رشيد رضا:

"كنا نسمع في صغرنا أخبار الوهابية المستمدة من رسالة دحلان هذا ورسائل أمثاله فنصدقها بالتبع لمشايخنا وآبائنا، ونصدق أن الدولة العثمانية هي حامية الدين ولأجله حاربتهم وخضدت شوكتهم، وأنا لم أعلم حقيقة هذه الطائفة إلا بعد الهجرة إلى مصر والإطلاع على تاريخ الجبرتي وتاريخ الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، فعلمت منهما أنهم هم الذين كانوا على هداية الإسلام دون مقاتليهم، وأكده الاجتماع بالمطلعين على التاريخ من أهلها ولاسيما تواريخ الإفرنج الذين بحثوا عن حقيقة الأمر فعلموها وصرحوا أن هؤلاء الناس أرادوا تجديد الإسلام وإعادته إلى ما كان عليه في الصدر الأول، وإذاً لتجدد مجده، وعادت إليه قوته وحضارته، وأن الدولة العثمانية ما حاربتهم إلا خوفاً من تجديد ملك العرب، وإعادة الخلافة الإسلامية سيرتها الأولى".

• وقال أيضاً- رحمه الله -:

"ونحن كنا نصدق هذه الإشاعات التي أشاعتها السياسة التركية عنهم تصديقاً لابن عابدين وأمثاله، وقد طبعت كتبهم وكتب أنصارهم في عصرنا فلا عذر لأحد في تصديق الحشوية والمبتدعة وأهل الأهواء فيهم.

وقد ذكرتُ هذه الإشاعات مرة بمجلس الأستاذ الكبير الشيخ أبي الفضل الجيزاوي شيخ الأزهر في إدارة المعاهد الدينية فاستحضرت لهم نسخاً من كتب الهدية السنية؛ فراجعها الشيخ الأكبر وعنده طائفة من أشهر علماء الأزهر فاعترفوا بأن ما فيها هو عين مذهب جمهور أهل السنة والجماعة".

• فرية أَنَّ نجدَ اليمامةِ قرنُ الشيطانِ:

رَدُّ الشيخ عبد الرحمن بن حسن- رحمه الله - على هذه الفرية بقوله:

(.. الذم إنما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل، والأحاديث التي وردت في ذم نجد كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم بارك لنا في يمننا. اللهم بارك لنا في شامنا) الحديث.. قيل إنه أراد نجد العراق؛ لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق، والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى على العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير والتاريخ، كخروج الخوارج بها، وكمقتل الحسين، وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة … وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من القتال، وسفك الدماء وغير ذلك مما يطول عده.

وعلى كل حال فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن؛ لأن الذم إنما يكون الحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل. وقد تقع المداولة فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر، وبالعكس).

إلى أن قال - رحمه الله -: "فلو ذُمَّ نجدٌ بمسيلمة بعد زواله، وزوال من يصدقه، لذُمَّ اليمن بخروج الأسود العنسي ودعواه النبوة …، وما ضرَّ المدينة سكنى اليهود بها، وقد صارت مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ومعقل الإسلام، ما ذُمَّت مكة بتكذيب أهلها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشدة عدواتهم له، بل هي أحب أرض الله إليه..".

ويقرر الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن المراد بالمشرق ونجد الذي ورد ذمه في الحديث فقال:

"إنَّ المراد بالمشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله هو العراق؛ لأنه يحاذي المدينة من جهة الشرق، يُوضِّحه أن في بعض طرق هذا الحديث: وأشار إلى العراق)، قال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة، كان نجده بادية الشام ونواحيها فهي مشرق أهل المدينة، وأصل نجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها، وقال الداوودي: أن نجداً من ناحية العراق، ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في مسلم عن ابن عمر قال: يا أهل العراق ما أسألَكم عن الصغيرة وأركبَكم للكبيرة، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أن الفتنة تجيء من هاهنا، وأومأ بيده إلى المشرق، فظهر أن هذا الحديث خاص لأهل العراق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسَّر المراد بالإشارة الحسيّة، وقد جاء صريحاً في (المعجم الكبير) للطبراني النص على أنها العراق. وقول ابن عمر وأهل اللغة وشهادة الحال كل هذا يعين المراد..".

• فريةُ أَنَّ دعوةَ الشيخِ الإمامِ- رحمه الله - تَضَمَّنَتْ انتقاصاً لمقامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المنيفِ الشَّريفِ، وإدعاء صاحبها النبوة:

قد أوضح الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - معتقده في مسألة ختم النبوة في مواضع من مؤلفاته، منها ما ورد في رسالته لأهل القصيم لما سألوه عن عقيدته فقال - بكل وضوح -:

"وأومن بأن نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته)، بل إن الشيخ - رحمه الله - يصرح بأكثر من ذلك بعبارة موجزة، فيقول في ذكر الحقوق الواجبة على كل مسلم:

"وأعظمها حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأفرضه شهادتك له أنه رسول الله وأنه خاتم النبيين، وتعلم أنك لو ترفع أحداً من الصحابة في منزلة النبوة صرت كافراً".

وقد أورد الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في رسالته التي بعثها إلى أهالي الحجاز وجنوب الجزيرة العربية، اعتقاد أئمة الدعوة السلفية في نجد، فكان مما قاله - رحمه الله - في مسألة ختم النبوة: (ونؤمن بأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين).

ويقول الشيخ - رحمه الله - عن بعثة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -:

"ولما أراد الله - سبحانه - إظهار توحيده وإكمال دينه وأن تكون كلمته هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى بعث محمداً خاتم النبيين، وحبيب رب العالمين، ومازال في كل جيل مشهوراً، وفي توراة موسى وإنجيل عيسى مذكوراً، إلى أن أخرج تلك الدرة بين بني كنانة وبني زهرة، فأرسله على حين فترة من الرسل وهداه إلى أقوم السبل، فكان له - صلى الله عليه وسلم - من الآيات الدالة على نبوته قبل مبعثه ما يعجز أهل عصره.. ".

ويتحدث الشيخ الإمام عن معنى شهادة أن محمداً رسول الله فيقول:

"ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع".

فلا يتحقق معنى شهادة أن محمداً رسول الله إلا بتمام الاتباع وكمال الاقتداء، بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ويقول الشيخ مشيراً إلى بعض خصائص المصطفى - صلى الله عليه وسلم -:

"فرسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - هو سيد الشفعاء، وصاحب المقام المحمود، وأدم فمن دونه تحت لوائه".

ولا نملك في نهاية الرد على هذا الإفك المبين إلا أن نتمثَّلَ قول الله - عز وجل -: ? سبحانك هذا بهتان عظيم ?.

• فريةُ أَنَّ دعوةَ الشيخِ الإمامِ- رحمه الله - أعلنتِ الحربَ الشَّعواءَ على الأولياءِ والصَّالحينِ وأنكرتْ كراماتهم:

قرَّر الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إثباته لكرامات الأولياء، فيقول بكل صراحة ووضوح:

"وأُقِرُّ بكرامات الأولياء، وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لا يستحقون من حق الله - تعالى -شيئاً، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله".

ويقول أيضاً: (وقوله: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) إلى آخره. هذا وحي إلهام، ففيه إثبات كرامات الأولياء).





ويذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب الواجب في حق أولياء الله الصالحين، فيقول: ".. الواجب عليهم حبهم واتباعهم والإقرار بكرامتهم، ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال، ودين الله وسط بين طرفين، وهدى بين ضلالتين، وحق بين باطلين".

ويؤكد أتباع الدعوة - من بعد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - هذا الاعتقاد ويقررونه.

فنجد أن الإمام عبد العزيز الأول يُشير إلى حقوق أولياء الله، مع بيان الفرق بين الولي الحق، وبين مدعي الولاية - كذباً وزوراً - فقال - رحمه الله -: "وكذلك حق أوليائه محبتهم والترضي عنهم والإيمان بكراماتهم، لا دعاؤهم، ليجلبوا لمن دعاهم خيراً لا يقدر على جلبه إلا الله - تعالى -، أو ليدفعوا عنهم سوءاً لا يقدر على دفعه إلا هو - عز وجل -، فإن ذلك عبادة مختصة بجلاله - تعالى –وتقدس".

• فريةُ وجودِ أيدٍ أجنبيةٍ ساهمتْ بشكلٍ كبيرٍ في صناعةِ الدَّعوةِ الإصلاحيةِ؛ لتكونَ خنجراً مسموماً يطعنُ في جسدِ الأُمَّةِ الإسلاميةِ:

أصلُ هذه الفريةِ المنكرةِ الآثمةِ جَاءَ عَنْ خُرافةٍ أشَاعَهَا الرَّافضةُ فيما يُسمَّى بـ(مذكراتِ همفر)؛ فقد زعموا أنَّ (همفر) هذا كان جاسوساً بريطانياً، واتصل بالشيخِ الإمامِ محمد بن عبدالوهاب- رحمه الله -، واستطاعَ بدهائه وذكائهِ أن يُجَنِّدَ الشيخ- رحمه الله - لحسابِ المخابراتِ البريطانيةِ.

هكذا زَعَمَ الرَّافضةُ- قَبَّحهم الله- زوراً وافتراءً، و الرَّدُّ على هذه الفريةِ المنكرةِ الآثمةِ، سيكونُ من وجوهٍ عديدةٍ:

الوجهُ الأَوَّلُ: ما ورد في هذه (المذكرات) هو محضُ هُراءٍ، وكلامٌ عارٍ عن الدليل، لا ينطلي إلا على أحد رجلين:

الأول: جاهل جهلاً مركباً، غبيٌّ لا يُفرِّق ما بين الألفِ والياءِ.

والثاني: صاحب هوىً مبتدع، عدوُّ لدعوة التوحيد.

الوجهُ الثاني: شهد ببراءة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأثبت أن همفر شخصية وهمية؛ أحد خصوم دعوة الشيخ المباركة وأحد أعداء الدعوة السلفية ألا وهو (حسن بن فرحان المالكي)؛ إذ قالَ:

"أما اتهام الوهابية بأنهم صنيعة بريطانية بناء على مذكرات رجل بريطاني اشتهرت كثيراً عبر منتديات الإنترنت فهي باطلة، وكان ذلك البريطاني الذي نسبت إليه المذكرة واسمه "همفر" قد زعم فيها أنه التقى الشيخ في البصرة وأنه وجهه إلى نجد نكاية بالدولة العثمانية.. إلخ.

فهذا من البهتان الباطل المكشوف لأسباب أهمها:

الأول: أن الشيخ وأئمة آل سعود "محمد وابنه عبد العزيز" لبثوا يحاربون الرياض ودخنة ومنفوحة وتلك الأحياء القريبة من الدرعية ما يزيد على عشرين سنة، ولو كان عندهم دعم بريطاني لما لبثوا في حرب تلك المدن والأحياء القريبة إلا أياماً أو شهوراً على أبعد تقدير.

الثاني: مذكرات ذلك البريطاني المسمى "همفر" لا تصح، وقد أخبرني بعض الإخوة من الشيعة المعتدلين أن الذي وضعها هو أحد المراجع الشيعة الإمامية نكاية بالوهابية وعندي اسم ذلك الشيخ الإمامي الذي وضع تلك المذكرة على لسان همفر، وقد ذكر ما يمكن أن يدل على أن واضع تلك المذكرة هو الشيخ الشيعي".

الوجه الثالث: رسائل الإمام المجدد (محمد بن عبد الوهاب) - رحمه الله - ومؤلفاته مطبوعة على النحو التالي:

القسم الأول: العقيدة؛ مجلد. القسم الثاني: الفقه؛ مجلدان. القسم الثالث: "مختصر سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -"، والفتاوى؛ مجلد. القسم الرابع: التفسير، ومختصر "زاد المعاد"؛ مجلد. القسم الخامس: الرسائل الشخصية؛ مجلد. قسم الحديث: خمس مجلدات. ملحق المصنفات؛ مجلد.
فهذه (اثنا عشر مجلداً)، جمعَتها لجنة علمية متخصصة، منبثقة من جامعة (الإمام محمد بن سعود الإسلامية)، وصنَّفها وأعدَّها للتصحيح تمهيداً لطبعها: الدكتور (عبدالعزيز بن زيد الرومي)، والدكتور (محمد بلتاجي)، والدكتور (سيد حجاب)، وطبعت (بمطابع الرياض).

فمن كان طالباً للحقِّ؛ فعليه أن يُقارِن بين كلام الإمام - رحمه الله - وبين كلام خصومه، فهذه كتبه ورسائله مطبوعة، وسيجدُ يقيناً أن الشيخ الإمامَ- رحمه الله - هُوَ أبعدُ النَّاس عن هذه الفريةِ وعن هذا الإفكِ المبينِ.

الوجه الرابع: بِتَتَبُّع التواريخ المذكورة في (المذكرات) يظهر لنا أنَّ (همفر!!) لَمَّا التقى بالشيخ - رحمه الله -؛ كان عمر الشيخ - الافتراضي - وقتئذ (عشر سنين!!)، وهذا أمر لا يتناسب - بل يتناقض - مع ما ذُكر في المذكرات (ص30).

الوجه الخامس: ذُكر في (المذكرات) (ص100) أن الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) - رحمه الله - أظهر دعوته في سنة (1143) هجرية، وهذا كذب واضح؛ حيث إن تاريخ إعلان الشيخ - رحمه الله - دعوته هو نفسه التاريخ الذي توفي فيه والده، وهو سنة (1153هـ)، فانظر إلى هذا التفاوت الواضح في التاريخ.

الوجهُ السَّادسُ: إنَّ موقف (الحكومة البريطانية) من دعوة الشيخ (محمد بن عبد الوهاب)؛ ليس التأييد والدعم؛ وإنما هو العداء والمحاربة.

الوجهُ السَّابع: لا نَجِدُ ذكراً لهذه (المذكرات) في سالف الزمان؛ رغم حرص أعداء هذه (الدَّعوة المُباركة) على تشويهها، ونشر كل ما يُسيء إليها، وخروجها في هذا الوقت المُتأخر دليل على افترائها وتلفيقها.

الوجهُ الثَّامنُ: (همفر) هذا (نكرةٌ) لا يُعرَف؛ فأين هي المعلومات التفصيليَّة عنه؛ من حيث اسمُه، ورتبتُه، وما يتعلق بوظيفته ومهمَّتِه من كتب ووثائق (الحكومة البريطانية)؟!



الوجهُ التَّاسعُ: إنَّ الذي يقرأ هذه (المذكرات) يجزم بأنَّ مؤلفها ليس نصرانياً؛ لوجود كثير من العبارات التي فيها الطعن والانتقاص (بالدّين النصراني) و(الإنجليز) أنفسهم، وبعض العبارات التي فيها مدح (الإسلام)؛ من ذلك على سبيل المثال- انظر: (ص14، 15، 16، 24، 26، 48، 50، 66).

الوجهُ العاشرُ: النسختان المطبوعتان ترجمةٌ لهذه (المذكرات)، لم يُذكر فيهما أية معلومات عن هذه (المذكرات)؛ من حيث النسخة الأصلية التي تُرجمَت عنها، وهل هي مطبوعة أم مخطوطة؟! وبأيّ لغةٍ؟!

الوجهُ الحادي عشر: المُترجِمُ نكرة؛ ففي النسخة (أ) لم يُذكر عنه أيُّ شيء، وفي النسخة (ب) رمز له بـ(د. م. ع. خ)!!

الوجهُ الثَّاني عشر: كثرة الفروق بين (النسختين) (المترجمتين)، وبعضها فروق جوهرية.

الوجهُ الثَّالثُ عشر: اتَّفقت (النسختان) على كتابة تاريخ (2/1/ 1973) في نهاية (المذكرات)؛ وهذا التاريخ لا أدري ما هو: هل هو تاريخ كتابة هذه (المذكرات) من (همفر) - كما هو ظاهر -!! وهذا يؤكد كذب هذه المذكرات؛ إذ إنَّ وفاة الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) - رحمه الله - قبل هذا التاريخ بـأعوام كثيرة!

أم هو تاريخ افتراء واختلاق هذه (المذكرات)؟!!

الوجهُ الرَّابعُ عشر: شهادة أعداء الشيخ - رحمه الله -؛ من مسلمين وكفار تنفي عنه ما في هذه المذكرات، وهذا أمر مستفيض، ولو تتبعناه لطال بنا البحث.

• شبهةُ خروجِ الشَّيخِ الإمامِ على دولةِ الخلافةِ العثمانيةِ:

هاهنا تساؤلٌ في غاية الأهمية؛ جواباً عن هذه الشبهة:

هل كانت نجد موطن هذه الدعوة ومحل نشأتها تحت سيطرة دولة الخلافة العثمانية؟

يجيب الدكتور صالح العبود على هذا السؤال فيقول:

(لم تشهد نجد على العموم نفوذاً للدولة العثمانية، فما امتد إليها سلطانها، ولا أتى إليها ولاة عثمانيون، ولا جابت خلال ديارها حامية تركية في الزمان، الذي سبق ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، ومما يدل على هذه الحقيقة التاريخية استقراء تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية، فمن خلال رسالة تركية عنوانها (قوانين آل عثمان مضامين دفتر الديوان) يعني قوانين آل عثمان في ما يتضمنه دفتر (الديوان) ألفها - يمين علي أفندي - الذي كان أميناً للدفاتر الخاقاني سنة 1018ه- الموافقة 1609م من خلال هذه الرسالة يتبين أنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري، كانت دولة آل عثمان تنقسم إلى اثنتين وثلاثون إيالة، منها أربع عشرة إيالة عربية، وبلاد نجد ليست معها ما عدا الإحساء إن اعتبرناه من نجد.. ).

ويقول الدكتور عبد الله العثيمين:

(ومهما يكن فإن نجداً لم تشهد نفوذاً مباشراً للعثمانيين عليها قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كما أنها لم تشهد نفوذاً قوياً - بفرض وجوده- على سير الحوادث داخلها لأية جهة كانت، فلا نفوذ بني جبر، أو بني خالد في بعض جهاتها، ولا نفوذ الأشراف في بعض جهاتها الأخرى أحدث نوعاً من الاستقرار السياسي، فالحروب بين البلدان النجدية ظلت قائمة، والصراع بين قبائلها المختلفة استمر حاداً عنيفاً).

وأجاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على ذلك الاعتراض، بقوله - رحمه الله -: (لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية - فيما أعلم وأعتقد -، فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى متناثرة، وعلى كل بلدة أو قرية - مهما صغرت - أمير مستقل … وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات، والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة، وإنما خرج على أوضاع فاسدة في بلده، فجاهد في الله حق جهاده وصابر وثابر حتى امتد نور هذه الدعوة إلى البلاد الأخرى …).



• شبهةُ خروجِ الدعوةِ في عقيدتها في توحيدِ الأسماءِ والصفاتِ عنْ منهجِ أهلِ السنةِ والجماعةِ، واتِّهامها بالتجسيمِ والتشبيهِ:

يقرِّر الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - عقيدته في باب الأسماء والصفات فيقول - بكل وضوح: -

"ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف، ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله - سبحانه وتعالى - ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيف، ولا أمثل صفاته - تعالى -بصفات خلقه، لأنه - تعالى -لا سمّي له ولا كفؤ له، ولا ندَّ له ولا يقاس بخلقه، فإنه - سبحانه - أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً، فنزّه - سبحانه - عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل. فقال: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين).

وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود وأنه تكلّم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد رسول الله).

ويقول أيضا - رحمه الله - في بيان توحيد الأسماء والصفات:

(و ? قل هو الله أحد ? متضمنة لما يجب إثباته له - تعالى -من الأحدية المنافية لمطلق الشركة بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد المقرر لكمال صمديته وغناه وأحديته، ونفي الكفء المتضمن لنفي الشبيه والمثيل، فتضمنت إثبات كل كمال، ونفي كل نقص، ونفي إثبات شبيه له، أو مثيل في كماله، ونفي مطلق الشريك…).

ويُثني الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله - على جده الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، ثناءً حسناً؛ لما كان عليه من سلامة المعتقد، وتمام الاتباع للسلف الصالح في باب الأسماء والصفات، فيقول الشيخ عبد اللطيف:

(ولهذا المجدد علامة يعرفها المتوسمون، وينكرها المبطلون، أوضحها وأجلاها وأصدقها وأولاها، محبة الرعيل الأول من هذه الأمة، والعلم بما كانوا عليه من أصول الدين، وقواعده المهمة التي أصلها الأصيل وأسها الأكبر الجليل معرفة الله بصفات كماله، ونعوت جلاله، وأن يوصف الله بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير زيادة ولا تحريف ومن غير تكييف ولا تمثيل).

8- المحطةُ الثَّامنةُ: شَهَادَاتُ المُنْصِفِينَ مِنْ عُقَلاءِ الغَرْبِيِّينَ عَلَى أَصَالَةِ هَذِهِ الدَّعْوةِ وَنَقَائِهَا:

شَهِدَ المنصفونَ مِنْ عقلاءِ الغربِ بأصالةِ هذه الدَّعوةِ وانتمائِها للحقِّ المبينِ؛ وبِأَنَّها انبثقتْ مِنْ رَحِمَ الإسلامِ العظيمِ: إليه تدعو وعنه تنافحُ، وبأَنَّها لم تكنُ في يومٍ من أَيَّامها صنيعةَ أيدٍ خارجيةٍ أجنبيةٍ.

كَمَا شَهِدُوا كَذَلِكَ بنقاءِ الدَّعوةِ وصفائِها؛ وأَنَّها لَمْ تُلَّوثْ بأيِّ لونٍ من ألوانِ التَّلويثِ من تكفيرٍ للمسلمينَ، أو إراقةٍ لدمائهم، أو غيرِ ذلكَ.

وها نحنُ الآنَ نُلقي الضوءَ على بعضِ هذهِ الشهاداتِ منْ بابِ قولِ القائلِ:

ومليحةٍ شهدت لها ضَرَّاتُها *** والفضلُ ما شهدتْ به الأعداءُ

جاء في «دائرة المعارف البريطانية»: «الحركة الوهابية اسم لحركة التطهير في الإسلام، والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده، ويهملون كل ما سواها، وأعداء الوهابية هم أعداء الإسلام الصحيح».

وقال المستشرق الأسباني «أرمانو»: «إن كل ما أُلصق بالوهابية من سفاسف وأكاذيب لا صحة له على الإطلاق؛ فالوهابيون قوم يريدون الرجوع بالإسلام إلى عصر صحابة محمد» - صلى الله عليه وسلم -.

وقال المستشرق «جولدتسيهر» في كتابه «العقيدة والشريعة»: «إذا أردنا البحث في علاقة الإسلام السني بالحركة الوهابية نجد أنه مما يسترعي انتباهنا خاصة من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الديني الحقيقة الآتية: يجب على كل من ينصب نفسه للحكم على الحوادث الإسلامية أن يعتبر الوهابيين أنصاراً للديانة الإسلامية على الصورة التي وضعها النبي وأصحابه؛ فغاية الوهابية هي إعادة الإسلام كما كان»ا. هـ.

وقال بوكهارت: "وما الوهابية- إن شئنا أن نصفَها- إلا الإسلام في طهارته الأولى".

وقال: "لكي نصف الدين الوهابي؛ فإنَّ ذلك يعني وصف العقيدة الإسلامية-؛ ولذا فإِنَّ علماء القاهرة أعلنوا أنهم لم يجدوا أي هرطقةٍ- أي بدعةٍ أو خروجاً عن الدِّين- في الوهابية".

وقال المؤرخ الفرنسي الشهير"سيديو" ما معناه:

"إن انكلترا وفرنسا حين علمتا بقيام محمد بن عبد الوهاب وابن سعود، وبانضمامِ جميع العرب إليهما؛ لأَنَّ قيامهما كان لإحياء كلمة الدِّينِ، خافتا أن ينتبه المسلمون فينضموا إليهما، وتذهب عنهم غفلتهم، ويعود الإسلام كما كان في أيام عمر- رضي الله عنه-؛ فيترتب على ذلك حروب دينية وفتوحاتٌ إسلاميةٌ ترجعُ أوروبا منها في خسرانٍ عظيمٍ؛ فحرضتا الدولة العلية على حربهم، وهي فوَّضت ذلك إلى محمد علي باشا".

ويقولُ بوركهاردت: "ومع هذا فإنَّ الوهابيينَ لم يعلنوا الحربَ على الحكومتينِ القريبتينِ منهم حكومة بغداد في الشمالِ، وحكومة الحجاز في الجنوب، ولم يعتدوا على حقوقهما".

ويقول الراهب هيوجس- رَادًّا على فريةِ انتهاكِ الوهابيةِ للدَّمِ الحرامِ في بيتِ اللهِ الحرامِ-:

"لم يصب المواطنين أي أذى لأجل قداسة الحرمِ، وبعد أن تولَّى الإمارة أهلُ نجدٍ عمرت المساجدُ حتَّى أَنَّ هذا المنظرَ منَ الزُّهدِ والطَّاعةِ لم يُرَ له مثيلٌ في هذا البلد الأمينِ بعد عهد النبوة".





وتقولُ الباحثةُ(نت): "من خلال قراءتي المتعمقة لفكر الشيخ وجدتُ أَنَّ فكره ضد الإرهابِ بكلِّ أشكالهِ ولو كان- رحمه الله - موجوداً بيننا الآن لم يكن ليسعه إلا أن يشجبَ هذه الأعمالَ، أقولُ هذا من خلال فكرهِ الذي تعمقتُ فيه وقرأتُهُ بتبصُّرٍ... لقد علَّمَ الشيخ محمدٌ اتباعَهُ أَنَّ اللهَ هُو إله الرَّحمةِ والعطفِ، ويتوقَّعُ من المسلمينَ أن يكونوا رحماء عطوفينَ في تعاملهم مع غيرهم من البشرِ".

7- المحطةُ التَّاسعةُ: (الأخيرةُ): وفاتهُ- رحمه الله -، وثناءُ العلماءِ عليهِ:

وفي عام (1206ه-) تُوفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.

قال ابن غنام: "كان ابتداء المرض به في شوال، ثم كانت وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر"وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم، ولقد كان للشيخ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة، على اعتبار أن ولادته كانت في سنة (1115هـ)، وتُوفي ولم يُخلِّف ديناراً ولا درهماً، فلم يُوزِّعْ بين ورثته مال ولم يقسم. وقد رثاه الشعراء، وأثنى عليه العلماء.

قال ابن قاسم عن يوم جنازته: "وكان يوماً مشهوداً، وتزاحم الناس على سريره، وصلُّوا عليه في بلدة الدرعية، وخرج الناس مع جنازته؛ الكبير والصغير".

وقد رثاه الشعراء، وأثنى عليه العلماء، وتداول الرسائل فيه المسلمون؛ وممن رثاه من أهل العلم:

الشيخ المؤرخ (حسين بن غنام)، والشيخ الإمام الشوكاني -رحمه الله - عالم اليمن.

فَرَحِمَ اللهُ الشيخَ محمد بن عبد الوهاب، وجزاهُ خيراً عن الإسلام والمسلمين، وإنَّهُ لحقيقٌ أَنْ يُقالَ عنه: إِنَّهُ شيخ الإسلام وإمام المسلمين الَّذي جَدَّدَ اللهُ بهِ الملَّةَ، ورفعَ بهِ لواءَ التَّوحيدِ والسُّنَّةِ.



________________

فهرس المصادر والمراجع

1- آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب (سجل ببليوجرافي، مادة رقم 18، ص 25 ومادة رقم 52).

2- الأسنة الحداد في رد شبهات علوي الحداد، الشيخ سليمان بن سحمان.

3 - الأعلام، الزركلي.

4- الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في التاريخ، عبد الله بن سعد الرويشد.

5- البيان الواضح لأسرة الشيخ، عبد الله بن إبراهيم بن عبد العزيز آل الشيخ.

6- تاريخ الشيخ ابن منقور، أحمد بن محمد المنقور.

7- تاريخ نجد، حسين بن غنام، تحقيق الدكتور ناصر الدين الأسد.

8- حاضر العالم الإسلامي، تأليف: لوثروب ستودارد، ترجمة عجاج نويهض، تعليق شكيب أرسلان.

9- خواطر حول الوهابية، محمد بن إسماعيل المقدم.

10- الدرر السنية.

11- دعاوى المناوئينَ لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب- عرض ونقد-، عبد العزيز بن محمد بن عبد اللطيف.

12- الدعوة إلى الإسلام، توماس أرنولد، ترجمة حسن إبراهيم حسن وعبد المجيد عابدين، الطبعة الثالثة عام 1971 م.

13- الرسائل والمسائل النجدية.

14- روضة الأفكار، ابن غنام.

15- الشيخ محمد، الدكتور العثيمين.

16- الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أحمد ابن حجر آل بوطامي.

17- صيانة الإنسان...، محمد بشير السهسواني، الطبعة الخامسة- مقدمة محمد رشيد رضا للكتاب.

18- عجائب الآثار في التراجم والأخبار - الجزء الأول، حوادث سنة 1172 ه-، طبع دار الفارس (بيروت) بدون تاريخ.

19- عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي، صالح بن عبدالله بن عبد الرحمن العبود.

20- علماء نجد خلال ستة قرون، ابن بسام.

21- عنوان المجد، ابن بشر.

22- قراءة نقدية لمذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حسن فرحان.

23- كشف غياهب الظلام عن أوهام جلاء الأوهام، الشيخ سليمان بن سحمان.

24- لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم، الأمير شكيب أرسلان.

25- مؤلفات الشيخ الإمام (الرسائل الشخصية) تصحيح الفوزان والعليقي، الرياض.

26- مجلة الأصالة- الأعداد (31)، و(32)، و(33) في دراسةٍ قَيِّمةٍ للأستاذ مالك بن حسين - حفظه الله - تحت عنوان: " مذكرات (همفر) في الميزان".

27- مجلة الجامعة السلفية: صوت الجامعة، السنة السادسة، العدد الأول، شعبان عام 1394 هـ.

28- المجددون في الإسلام، عبد المتعال الصعيدي.

29- مجلة راية الإسلام: العدد الأول.

30- مجموعة مؤلفات الشيخ.

31- مجموعة الرسائل والمسائل.

32- محمد بن عبد الوهاب، مسعود الندوي.

33- مصباح الظلام.

34- من أخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي، تلخيص محمد أديب غالب.

35- منهاج التأسيس.

36- محاضرة عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الشيخ عبد العزيز بن باز.

37- ندوة تجديد الفكر الإسلامي، ألقيت في قاعة المحاضرات بجامعة الملك سعود، 1402هـ، (مسجلة على أشرطة كاسيت).

38- نديم الأدب، لأحمد بن سعيد البغدادي.

39- الهدية السنية.




انتهى من المحطات


منقول للامانة من شبكة الألوكة

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 21:45
إن كان تابع أحمد متوهبا :::: فأنا المقر بأنني وهابي
أنفي الشريك عن الإله فليس لي :::: رب سوى المتفرد الوهاب
لا قبة ترجى ولا وثن ولا :::: قبر له سبب من الأسباب
كلا ولا حجر ولا شجر ولا :::: عين ولانصب من الأنصاب
أيضا ولست معلقا لتميمة :::: أو حلقة أو ودعة أو ناب
لرجاء نفع أو لدفع بلية :::: الله ينفعني ويدفع ما بي
والابتداع وكل أمر محدث :::: في الدين ينكره أولو الألباب
أرجو بأني لا أقاربه ولا :::: أرضاه دينا وهو غير صواب
وأعوذ من جهمية عنها عتت :::: بخلاف كل موؤل مرتاب
والاستواء فإن حسبي قدرة :::: فيه مقال السادة الأنجاب
الشافعي ومالك وأبي حنيـ :::: ـفة وابن حنبل التقي الأواب
وبعصرنا من جاء معتقداً به :::: صاحوا عليه مجسم وهابي
جاء الحديث بغربة الإسلام فلْـ :::: ـيَبْكِ المحب لغربة الأحباب
فالله يحمينا ويحفظ ديننا :::: من شر كل معاند سباب
ويؤيد الدين الحنيف بعصبة :::: متمسكين بسنة وكتاب
لا يأخذون برأيهم وقياسهم :::: ولهم إلى الوحيين خير مآب
قد أخبر المختار عنهم أنهم :::: غرباء بين الأهل والأصحاب
سلكوا طريق السالكين إلى الهدى :::: ومشوا على منهاجهم بصواب
من أجل ذا أهل الغلو تنافروا :::: عنهم فقلنا ليس ذا بعجاب
نفر الذين دعاهم خير الورى :::: إذ لقبوه بساحر كذاب
مع علمهم بأمانة وديانة فيه :::: ومكرمة وصدق جواب
صلى عليه الله ما هب الصبا :::: وعلى جميع الآل والأصحاب
هذه كلمات للشيخ ملا عمران ـ رحمه الله ـ الذي كان شيعياً ثم تبين له الحق فاتبعه.
ثم أتمها الشيخ محمد تقي الدين الهلالي ـ رحمه الله ـ
نسبوا إلى الوهاب خير عباده :::: يا حبذا نسبي إلى الوهاب
الله أنطقهم بحقٍ واضح :::: وهم أهالي فرية وكذاب
أكرم بها من فرقة سلفية :::: سلكت محجة سنة وكتابِ
وهي التي قصد النبي بقوله :::: هي ما عليه أنا وكل صحاب
قد غاظ عباد القبور ورهطهم :::: توحيدنا لله دون تحاب
عجزوا عن البرهان أن يجدوه إذ :::: فزعوا لسرد شتائم وسباب
وكذاك أسلاف لهم من قبلكم :::: نسبوا لأهل الحق من ألقاب
سموا رسول الله قبل مذمماً :::: ومن اقتفاه قيل هذا صاب
الله طهرهم وأعلى قدرهم :::: عن نبز كل معطل كذاب
الله سماهم بنصِ كتابه :::: حنفاء رغم الفاجر المرتاب
ما عابهم إلا المعطل والكفـ :::: ـور ومن غوى بعبادة الأرباب
ودعا لهم خير الورى بنضارة :::: ضمت لهم نصراً مدى الأحقاب
هم حزب رب العالمين وجنده :::: والله يرزقهم بغير حساب
وينيلهم نصراً على أعدائهم :::: فهو المهيمن هازم الأحزاب
إن عابهم نذل لئيم فاجر :::: فإليه يرجع كل ذاك العاب
ما عابهم عيب العدو وهل يضيـ :::: ـر البدر في العلياء نبح كلاب
يا سالكاً نهج النبي وصحبه :::: أبشر بمغفرة وحسن مآب
وهزيمة لعدوك الخب اللئيـ :::: ـم وإن يكن في العد مثل تراب
يا معشر الإسلام أوبوا للهدى :::: وقفوا سبيل المصطفى الأواب
أحيوا شريعته التي سادت بها الأ :::: سـلاف فهي شفاء كل مصاب
ودعوا التحزب والتفرق والهوى :::: وعقائد جاءت من الأذناب
فيمينها لا يمن فيه ترونه :::: ويسارها يأتيكم بتباب
إن الهدى في قفو شرعة أحمد :::: وخلافها رد على الأعقاب
جربتم طرق الضلال فلم تروا :::: لصداكم إلا بريق سراب
والله لو جربتم نهج الهدى :::: سنة لفقتم جملة الأتراب
ولهابكم أعدائكم وتوقعوا :::: منكم إعادة سائر الأسلاب
أما إذا دمتم على تقليدهم :::: فتوقعوا منهم مزيد عذاب
وتوقعوا من ربكم خسراً على :::: خسر وسوء مذلة وعقاب
هذي نصيحة مشفق متعتب :::: هل عندكم يا قوم من إعتاب
ومن البلية عذل من لا يرعوي :::: ولدى الغوي يضيع كل عتاب
وزعمتم أن العروبة شرعة :::: وعقيدة تبنى على الأسباب
لا فرق بين مصدق لمحمد :::: ومكذب فالكل ذو أحساب
فيصير عندكم أبو جهل ومن :::: والاه من حضر ومن أعراب
مثل النبي محمد وصحابه :::: بئس الجزاء لسادة أقطاب
بل صار بعضكم يرجح جانب الـ :::: ـكفار من سفل ومن أوشاب
ماذا بنى لكم أبو جهل من الـ :::: ـمجد المخلد في مدى الأحقاب
إلا عبادته لأصنام وإلا :::: وأدهم لبناتهم بتراب
وجهالة وضروب خزي يستحى :::: من ذكر أدناها ذوو الألباب
أفتجعلون ذوي المفاخر والعلى *** بحثالة كثعالب وذئاب
اللؤلؤ المكنون يعدل بالحصى :::: والند والهندي والأخشاب
بدلتم نهج الهدى بضلالة :::: وقصور مجد شامخ بخراب
ولقد أتيتكم بنصح خالص :::: يشفيكم من جملة الأوصاب
وأخالكم لا تقبلون نصيحتي :::: بل تتبعون وساوس الخراب

منقول

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 22:21
موقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم


هذه بعض مواقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الأطهار


يُسمي أبناءه بأسماء آل البيت عليهم السلام
سمَّى الشيخ محمد بن عبدا لوهاب ابنه الأكبر علياً وابنته فاطمة واثنين من أبنائه حسناً وحسيناً راجع كتاب الدرر السنية الطبعة الأولى دار الإفتاء (12/19). وكذلك كتاب: علماء نجد للبسام (1/ 155)... فَنِعْمَ الاسم والمسمى فهم آل بيت النبي رضوان الله عليهم أجمعين. ولاشك أن كل عاقل لا يسمي أبناءه إلا بمن يحبهم، وأظهر من ذلك أنه لا يسميهم بمن يبغضهم. فهل يعقل أن نصدق أن الشيخ (محمد بن عبدا لوهاب) يبغض آل البيت عليهم السلام؟

عتاب الشيخ لمن أنكر على تقدير أحد الأشراف المنتسبين لآل البيت
عاتب الشيخ رحمه الله بعض أتباعه لمَّا علم أنهم أنكروا على أحد الأشراف المنتسبين لآل البيت تقبيل الناس يده ولبسه اللون الأخضر في ذلك الزمان، فقال كما في الرسائل الشخصية (1/284): (فقد ذكر لي عنكم أن بعض الإخوان تكلم في عبد المحسن الشريف يقول: إن أهل الحسا يحبون على يدك وأنك لابس عمامة خضراء والإنسان لا يجوز له الإنكار إلا بعد المعرفة، فأول درجات الإنكار معرفتك أن هذا مخالف لأمر الله، وأما تقبيل اليد فلا يجوز إنكار مثله وهي مسألة فيها اختلاف بين أهل العلم، وقد قبل زيد بن ثابت يد ابن عباس وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا، وعلى كل حال فلا يجوز لهم إنكار كل مسألة لا يعرفون حكم الله فيها، وأما لبس الأخضر فإنها أحدثت قديماً تمييزاً لأهل البيت لئلا يظلمهم أحد أو يقصر في حقهم من لا يعرفهم، وقد أوجب الله لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس حقوقاً فلا يجوز لمسلم أن يسقط حقهم ويظن أنه من التوحيد بل هو من الغلو...).

ذكره عن أولوية أهل البيت بالتقدير والنصرة
لطيب معدنهم وكون النبي صلى الله عليه وسلم منهم
يقول رحمه الله تعالى في الرسائل الشخصية (1/312) الرسالة (48): (والواجب على الكل منا ومنكم أنه يقصد بعلمه وجه الله ونصر رسوله كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ﴾ [آل عمران:81] فإذا كان سبحانه قد أخذ الميثاق على الأنبياء إن أدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم على الإيمان به ونصرته فكيف بنا يا أمته؟ فلا بد من الإيمان به ولا بد من نصرته لا يكفي أحدهما عن الآخر، وأحق الناس بذلك وأولاهم به أهل البيت الذي بعثه الله منهم وشرفهم على أهل الأرض، وأحق أهل البيت بذلك من كان من ذريته صلى الله عليه وسلم.والسلام).

وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته في كل صلاة
جاء في رسالته شروط الصلاة وأركانها وواجباتها (1/11) وكذا في عامة رسائله رحمه الله عند ذكر صفة الصلاة الإبراهيمية مايلي:
("اللّهُمَّ صَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صلّيْتَ على إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد " الصَّلاةُ من الله ثناؤهُ على عبده في الملإ الأعلى، كما حكى البخاريُّ في صحيحه عن أبي العالية قال: صلاةُ الله ثناؤهُ على عبده في الملإ الأعلى).

تأكيده على أنه لآل النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة حق لا يشركهم فيه غيرهم
ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة مالا يستحق غيرهم
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (مسائل لخصها (1/51): (لآله صلى الله عليه وسلم على الأمة حق لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة مالا يستحق سائر قريش وقريش يستحقون مالا يستحق غيرهم من القبائل، كما أن جنس العرب يستحقون من ذلك ما لا يستحقه سائر أجناس بني آدم -إلى أن قال- ولهذا كان في بني هاشم النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يماثله أحد في قريش، وفي قريش الخلفاء وغيرهم ما لا نظير له في العرب وفي العرب من السابقين الأولين ما لا نظير له في سائر الأجناس).

تأكيده بأن ما أصيب به الحسين رضي الله عنه من الشهادة في يوم عاشوراء إنما كان كرامة من الله عز وجل أكرمه بها
ومزيد حظوة ورفع درجة عند ربه وإلحاقاً له بدرجات أهل بيت الطاهرين
قال رحمه الله في معرض نقله كلاماً جميلاً لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله حول مُصاب الأمة في الحسين وقتلته الشنيعة؛ حاثاً على الصبر وعدم الجزع. قال رحمه الله: (قال الشيخ ابن تيمية الحنبلي الحراني رحمه الله: اعلم وفقني الله وإياك أن ما أصيب به الحسين رضي الله عنه من الشهادة في يوم عاشوراء إنما كان كرامة من الله عز وجل أكرمه بها ومزيد حظوة ورفع درجة عند ربه وإلحاقاً له بدرجات أهل بيته الطاهرين وليهينن من ظلمه واعتدى عليه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الناس أشد بلاء قال: الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة فالمؤمن إذا حضر يوم عاشوراء وذكر ما أصيب به الحسين يشتغل بالاسترجاع ليس إلا، كما أمره المولى عز وجل عند المصيبة ليحوز الأجر الموعود في قوله: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة:157].

إيراده لأحاديث فيه فضيلة عظيمة لعلي رضي الله عنه وأرضاه
أورد رحمه الله في كتابه التوحيد (1/21) خبر فتح خيبر في العام السابع من الهجرة فقال:
(ولهما -البخاري ومسلم- عن سَهْل بن سَعْدٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومَ خَيْبَر: "لأُعْطِيَنَّ الراية غداً رجلاً يُحبُّ الله ورسولَه، ويُحبُّه اللهُ ورسولُه يَفْتَحُ الله على يديه، فباتَ الناسُ يَدُوكون ليلتهم: أَيُّهُمْ يُعطاها؟ فلما أصبحوا غَدَوْا عَلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يُعطاها. فقال: أين عليّ بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأُتيَ به. فَبَصَق في عينيه؛ ودعا له. فبرَأَ كأن لم يكن به وجَع، فأعطاه الراية فقال: انْفُذْ عَلى رسْلِكَ. حتى تَنْزلَ بساحتهم، ثم ادْعُهُمْ إلى الإسلام. وأخبرهم بما يجب عليهم من حَقِّ الله تعالى فيه، فوالله لأنْ يَهْديَ الله بك رجلاً واحداً، خيرٌ لك من حُمْر النّعَم" (يدوكون: أي يخوضون).

ثم قال في فوائد هذا الحديث ومسائله (الحادية والعشرون: فضيلة عليّ رضي الله عنه).

وقال رحمه الله في مسائل لخصها (1/153): (وكذلك قوله: لأعطين الراية الخ. هو أصح حديث يروى في فضله) يعني: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقال رحمه الله تعالى في كتابه مختصر زاد المعاد (1/276) عند كلامه على أحداث غزوة تبوك: (واستخلف علي بن أبي طالب على أهله، فقال: تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي).

وصف فاطمة الزهراء رضي الله عنها بسيدة نساء العالمين
قال رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد (1/47): (الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: "لا أُغني عنك من الله شيئاً" حتى قال: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنكِ من الله شيئاً" فإذا صرح وهو سيد المرسلين بأنه لا يغني شيئاً عن سيدة نساء العالمين ... إلخ).

وصف الحسن بن علي رضي الله عنه بأنه سيد وأن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين
قال رحمه الله في كتابه مختصر السيرة (1/321) حوادث السنة الثامنة والثلاثين (فبايع الناس ابنه الحسن. فبقي خليفة نحو سبعة أشهر. ثم سار إلى معاوية. فلما التقى الجمعان، علم الحسن: أن لن تَغْلِب إحدى الفئتين حتى يذهب أكثر الأخرى. فصالح معاوية. وترك الأمر له، وبايعه على أشياء اشترطها. فأعطاه معاوية إيّاها وأضعافها. وجرى مصداق ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحسن: "إن ابني هذا سيد. ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين").

تنزيه أهل البيت رضي الله عنهم من القبائح حاشاهم
قال رحمه الله (فانظر إلى هؤلاء الكذبة الفسقة ماذا ينسبون إلى أهل البيت من القبائح حاشاهم).

قوله بأن الإمام علي بن أبي طالب وأصحابه الأقرب إلى الحق

قال رحمه الله تعالى في كتابه مختصر السيرة (1/321) في حوادث السنة الثامنة والثلاثين: (وأن علي بن أبي طالب وأصحابه: أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه. وأن الفريقين كلهم لم يخرجوا من الإيمان)... وهذا لفهمه الثاقب رحمه الله لآيات الكتاب الحكيم، فالله يقول في محكم كتابه: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ﴾ [الحجرات:9]. فسماهم مؤمنين مع إثبات اقتتالهم. وكذلك علي رضي الله عنه قال لمن سأله عمن قاتله (إخواننا بغوا علينا) فسماهم إخواناً.

إشارته رحمه الله إلى حرص وطلب الصحابة لمصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم
قال رحمه الله تعالى في كتابه مختصر السيرة (1/306) في حوادث السنة السابعة عشرة: (وفيها: تزوج عمر أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، طلباً لصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴾.


منقول للامانة العلمية

أبو هاجر القحطاني
2014-09-21, 23:04
يتبع ان شاء الله بمزيد من الوقفات مع هذه الدعوة المباركة التي احيا الله بها السنة وامات البدعة وأهلها

أبو هاجر القحطاني
2014-09-22, 13:29
لماذا يُطعن في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب؟!

http://www.youtube.com/watch?v=UO5XCmaiqdY (http://www.youtube.com/watch?v=UO5XCmaiqdY)

أبو هاجر القحطاني
2014-09-22, 13:30
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله :

( لست ولله الحمد أدعوا إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم ، بل أدعوا إلى الله وحده لا شريك له ، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم وأرجوا أني لا أرد الحق إذا أتاني ، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلها على الرأس والعين ، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي حاشا رسول الله صلى الله عليه فإنه لا يقول إلا الحق .. )
< مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب - القسم الخامس (الرسائل الشخصية ) ص252>

أبو هاجر القحطاني
2014-09-22, 13:33
أثر دعوة الشيخ في البلاد النجدية

العلامة الشيخ أحمد بن حجر بن محمد آل أبو طامي


1. قضت هذه الدعوة المباركة،قضاءاً تاماً ،على ما كان شائعاً في ((نجد)) من الخرافات،وما كان شائعاً من تعظيم القبور والنذر لها،والاعتقاد في بعض الأشجار ، وأحيت معالم الشريعة بعد اندثارها.

2. إن أهل نجد ، قد رجعوا إلى التوحيد الخالص من شوائب الشرك والوثنية،كما رجعوا إلى الكتاب والسنة المطهرة ، وحكموها في جليل الأمور وحقيرها.

3. كانوا متفرقين ، لا تجمعهم رابطة ،ولا يجمعهم حكم شرعي ، ولا قانوني ، بل كانوا مختلفين ومتفرقين ، في المشارب والمنازعات .
فوحدت هذه الدعوة كلمتهم ، وجمعت شملهم ، وجعلتهم تحت راية واحدة وأخضعتهم لسلطان واحد ، يسوسهم بكتاب الله المجيد ، وسنة رسوله .

4. كانوا في نهاية من الجهل والغباوة ، إلى حد أن اعتقدوا في الأشجار والغيران .
فنشرت الدعوة فيهم ، علوم الشريعة المطهرة وآلاتها ، من التفسير ، والحديث ، والتوحيد، والفقه والسير ،والتواريخ، والنحو ، وما إلى ذلك من العلوم
وأصبحت الدرعية ، كعبة العلوم والمعارف ، يفد إليها طلاب العلوم من سائر النواحي من أرجاء نجد ،واليمن ، والحجاز ، والخليج العربي ، وانتشر العلم في جميع الطبقات ، حتى قال المؤرخين : أصبح الراعي يرعى المواشي في الفيافي ، ولوح التعليم في عنقه .
حتى من قوة انتشار العلم وسريانه ، ظهر العلماء الراسخون ،وألفوا الكتب القيمة في مختلف العلوم ، بعد ذلك الجهل العظيم الذي خيم على أرجاء نجد وتركها تتخبط في دياجير الظلمات والأوهام .

5. انتشر الأمن في جميع أرجاء نجد ، حتى كان الماشي والراكب ، يمشي المسافات الطويلة ، ذات الليالي والأيام، لا يخاف إلا الله ، ولو كان عنده من الأموال ما تنوء بحملها عصبة من الرجال .

6. لم تكن نجد معروفة لدى الأمم، وكانت حقيرة وليس لها حساب ولا ميزان،ولا قيمة ، ولم يكن لها ملك،ولا حاكم معروف ، ما عدا بعض الأمراء الصغار الذين كانوا يحكمون قرية أو قريتين . فأصبحت نجد ببركة هذه الدعوة مملكة موحدة طار صيتها في الآفاق ،ووضعت في صف الأمم .
وكانت الدولة إذ ذاك الدولة العثمانية ، حسبت لها ألف حساب وحساب وخافت على سلطتها وسيطرتها من هذه الدولة السعودية المباركة ، حتى جرت الجيوش الجرارة لمحاربتها ، وإماتتها.

7. إنه بقي من آثارها ، هذه الدولة السعودية الحاضرة الممتد سلطانها من الخليج العربي شرقاً إلى البحر الأحمر غرباً .
دولة الكتاب والسنة والتوحيد النقي ، دولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دولة نشرت العدل والأمن والسلام .
دولة عززت من مركز العلم ، وقامت بنشره بين جميع أفراد الرعية ، وكل من يفد إليها .
فأسست المعاهد العلمية والكليات ، والمدارس وأنفقت الأموال الطائلة للمدرسين والدارسين ، سواء كانوا من الوطنيين ، أو غيرهم .
دولة تمثل الصدر الأول والسلف الصالح ، في أحكامها وهيمنتها على الأخلاق ، وتحكيمها للكتاب والسنة.
دولة تسهر على مصالح الرعية ، وتعمل لرفاهية الشعب ومحاربة الفقر ، ورفع مستوى المعيشة ، كما تسهر على راحة الحجاج ، وبذل جميع الوسائل لرفاهية الحجاج ، وتذليل جميع العقبات أمامهم ، وترغيبهم في العودة المرة بعد المرة ، إلى الحج بيت الله الحرام ، وزيارة المسجد النبوي ، على صاحبه أفضل الصلاة والسلام .
وبالجملة فهي أحسن الدول العربية في تحكيم الشرع ، ونشر الأمن والعدل والعلم ، ومحاربة أهل البدع والضلال ، والأخذ على أيدي السفهاء والعابثين بالأخلاق ، والمنتهكين الحرمات .أيدها الله ، ووفقها للخير والنفع العام .



المصدر كتاب : الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

أبو هاجر القحطاني
2014-09-22, 14:02
هل خرج الشيخ محمد بن عبدالوهاب على الدولة العثمانية؟


د. فهد بن صبح


إن الدارس لحال نجد يلاحظ أنها منذ القرن الثالث الهجري كانت تنازعها سلطات مختلفة، فصلتها عن التبعية المباشرة لدولة الخلافة العباسية ثم العثمانية، فمنذ سنة «251 هجرية» استقلت دولة بني الأخيضر الزيدية في الحجاز عن الدولة العباسية وضمت إليها نجد واليمامة، ثم خضعت نجد واليمامة لنفوذ القرامطة إلى منتصف القرن الخامس الهجري.

وبعدها بقيت هذه الديار مهملة تتنازع عليها الدويلات وفيها زعامات ورئاسات محلية إلى أن جاء الأتراك إلى الأحساء واليمن والحجاز فكانت نجد تحت إشراف الولاة الأتراك في الأحساء أو الحجاز، وفي كل الأحوال كان هذا الإشراف غير مباشر بل هو إلى الشكلي والرمزي أقرب منه إلى الفعلي ومع ذلك انقطع هذا الإشراف كلية حين استقل زعيم بني خالد بالأحساء عام «1080 هجرية».

وحين بدأ الشيخ محمد بن عبدالوهاب دعوته قبيل منتصف القرن الثاني عشر الهجري كان الحكم في نجد كلها لإمارات ومشيخات صغيرة متنازعة، وليس لها تبعية لحكومات أخرى، إلا التبعية الرمزية لحاكم الأحساء وهو مستقل عن الدولة العثمانية عمليا، وكان كل أمير وشيخ في نجد يشعر بالاستقلالية المطلقة.

ومن عقيدة الشيخ «أرى السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه».

وهل يخالف الشيخ فعله قوله وهو مشهود له بالعلم والعمل والإمامة في الدين، هذا من إحسان الظن بعلمائنا رضي الله عنهم.

وعلى كل حال فما يدل من كلام الشيخ على أن الدولة العثمانية ليس لها سلطان على نجد مايلي:

يقول: أن هذا الأمر الذي أنكروا علي، وأبغضوني وعادوني من أجله، إذا سألوا عنه كل عالم في الشام واليمن أو غيرهم، يقولون هذا حق وهو دين الله ورسوله، ولكن ما أقدر أظهره في مكاني لأجل أن الدولة مايرضون وابن عبدالوهاب أظهره، لأن الحاكم عنده في بلده ما أنكره، بل لما عرف الحق اتبعه.

وقوله للأمير بن معمر في بداية الدعوة: أرجو إن نصرت التوحيد أن يملكك الله نجدا وأعرابها.

نجد قبل الشيخ لم تكن تابعة للدولة العثمانية وبالرجوع إلى (قوانين آل عثمان مضامين دفتر الديوان) وهو عبارة عن التقسيمات الإدارية للدولة العثمانية تثبت أنه لا يوجد وال لنجد ولا نفوذ عليها من قبل العثمانيين كبقية العالم الإسلامي لأنه معلوم ليس كل الدول الإسلامية تابعة للدولة العثمانية.

وقبل الدعوة ليس هناك نفوذ واضح لبني خالد بل قتال بين الدرعية وبني خالد وكذلك الدولة الجبرية ولا الأشراف في مكة بل هي مسرح للصراع القبلي.

يقول أمين سعيد حاولنا أن نبحث عن اسم وال لنجد فلم تسعفنا المصادر العثمانية بذلك.

يقول حسين خزعل لما ظهر العثمانيون على المسرح السياسي لم يكن لهم عليها نفوذ.. ويقول جاكلين بيرين: الجزيرة العربية ظلت ممتنعة على العثمانيين لم يخضعوها بسبب صحرائها الممتدة.

قال الشيخ ابن باز لم يخرج الشيخ ابن عبدالوهاب على الدولة العثمانية فيما أعلم فلم يكن فيها رئاسة ولا إمارة للعثمانيين إنما خرج على الأوضاع الفاسدة في بلده.

ويقول نسيب الرفاعي ان المتصوفة هم من أوغر صدر الخليفة العثماني على دولة آل سعود وقلبوا له الأمور.

ويقول د.عجيل النشمي لم نعثر على فتوى له تكفر الدولة العثمانية بل حصر افتاءاته في البوادي القريبة منه التي كان على علم بأنها على شرك.

وقال النشمي أيضا: نجد وما جاورها لم تعرها دولة الخلافة أهمية تذكر ولم تحرك ساكنا أو امتعاض يذكر رغم توالي أربعة سلاطين في حياة الشيخ.

وقد صرحت بريطانيا على لسان مندوبها الكابتن سادلير الذي بعثته لإبراهيم باشا عندما اسقط الدولة السعودية الأولى تهنئة على هذا النصر وطلبت منه التعاون لسحق نفوذ الوهابيين بشكل كامل.

أبو هاجر القحطاني
2014-09-23, 11:32
ثناء العلماء على الإمام محمد وتأييدهم له بالحجة والبرهان


فمن هؤلاء العلماء:

1- الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
2- الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
3- الشيخ حسين غنام صاحب كتاب (روضة الأفكار والأفهام).
4- الشيخ حمد بن ناصر بن معمر فإنه حين طلب الشريف غالب من الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود أن يبعث إليه عالما لمناظرة علماء مكة فبعثه الإمام عبد العزيز والإمام محمد فذهب إليهم وناظرهم وظهر عليهم وكتب رسائل في الذود عن الدعوة السلفية.
5- سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
6- الشيخ عبد العزيز الحصين الناصري قاضي بلدان الوشم فإنه حين أعاد الشريف غالب الطلب لمجيء عالم من نجد لمناظرة علماء الحرم الشريف فبعثه الإمام عبد العزيز بن محمد إليهم وزوده الإمام محمد بن عبد الوهاب برسالة إلى علماء مكة يوضح لهم فيها طريق دعوته ونفى عنها الأكاذيب والأراجيف.
7- الشيخ محمد بن علي بن غريب كان هو الذي يتولى الرد والإجابة على شبهات علماء الأمصار التي توجه ضد الدعوة.
8- الشيخ عثمان بن عبدالله بن بشر صاحب كتاب (عنوان المجد في تاريخ نجد).
9- العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني صاحب كتاب (سبل السلام) وغيره وله قصيدة مشهورة في تأييد الشيخ.
10- الشيخ أحمد بن دعيج بن علي الكثيري نسبا من أهل مرات له قصائد وبعض الردود على مخالفي الدعوة.
11- العلامة محمد بن علي الشوكاني وله ثناء على دعوته وله أبيات رائعة في رثائه.
12- الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن أبا بطين.
13 - ومن المتأخرين الشيخ عبد الرحمن بن حسن.
14- الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن.
15- الشيخ سليمان بن سحمان.
16- الشيخ حمد بن عتيق.
17- الشيخ سعد بن حمد بن عتيق.
18- الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز.
19- الشيخ محمد خليل هراس له رد على مقال للدكتور محمد البهي في نقد الوهابية.
فلهؤلاء ردود مفحمة وأجوبة مسكتة رحمهم الله تعالى.
وهناك مؤلفات كتبت في الثناء على الإمام محمد ودعوته والذب عنه منها:
1- كتاب صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان تأليف العلامة الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي.
2- كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه للشيخ مسعود الندوي.
3- الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر المفترى عليه ودحض تلك المفتريات تأليف العلامة أحمد بن حجر بوطامي البنعلي.
4- من مشاهير المجددين في الإسلام شيخ الإسلام: ابن تيمية وشيخ الإسلام: محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى نبذة عن حياتهما وجهادهما وثمرات دعوتهما تأليف العلامة صالح بن فوزان الفوزان.
5- حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تأليف حسين خلف خزعل.
6- عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي للشيخ صالح بن عبدالله العبود.
7- كتاب دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقد إعداد عبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف.
8- السلفية ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب للدكتور: علي عبد الحليم محمود.
9- الإمام محمد بن عبد الوهاب أو انتصار المنهج السلفي لعبد الحليم الجندي.
10- انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب خارج الجزيرة العربية، تأليف: محمد كمال جمعة.
11- تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية للدكتور: محمد بن سعد الشويعر.
وهناك مجموعة من البحوث باسم (بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب) من ضمنها:
1- كلمة في إبراز دعوة الإمام محمد ومزاياها الإصلاحية وآثارها الطيبة في حياة المسلمين للشيخ العلامة عبد العزيز بن باز- رحمه الله -.
2- بحث قيم للشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري باسم (حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآثاره العلمية.
3- حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآثاره العلمية للشيخ محمد بن أحمد العقيلي.
4- اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة لمعالي الشيخ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ.
5- اعتماد فقه الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة للشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم.
وهناك كتابات أخرى لمسلمين وغيرهم في الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته رحمه الله.
آثار دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-
من آثار دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وأنصاره من آل سعود -رحم الله من مضى- ووفق الله من بقي
1- أعاد الله بدعوته وجهاده وصبره ومناصرة أنصاره دعوة الإسلام إلى ما كانت عليه في عهد السلف الصالح من صفاء العقيدة ونضارة التوحيد والاحتكام إلى الكتاب والسنة في سائر أمور الدين والدنيا في دولة قامت على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح.
2- اجتثاث أصول الشرك والبدع والخرافات والشعوذة وسد الذرائع إلى ذلك.
3- انتشار العلم والقضاء على الجهل والتعصبات المذهبية.
4- جمع كلمة أهل الجزيرة ولَمُّ شملهم والقضاء على الأحقاد وأسباب الفتن والفوضى والسلب والنهب والتقاليد والعادات القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية الأمور التي عاشتها الجزيرة قرونا وانتشر من الأمن والأمان وسادت روح الأخوة على أساس التوحيد والإيمان إلى غير ذلك من الآثار المباركة التي عرفها الخاص والعام.
آثاره العلمية
للشيخ محمد بن عبد الوهاب مجموعة من الكتب النافعة والمباحث المفيدة منها:
1- كتاب التوحيد وهذا الكتاب من أنفس الكتب لم يصنف على منواله.
2- مختصر السيرة النبوية.
3- مختصر زاد المعاد.
4- مختصر الإنصاف والشرح الكبير.
5- أصول الإيمان وفضائل الإسلام.
6- أحاديث الفتن.
7- مسائل الجاهلية.
8- الكبائر.
9- أصول الإيمان.
10- أدب المشي إلى الصلاة.
11- كشف الشبهات.
وله غيرها من الكتب النافعة (1).





منقول للامانة

أبو هاجر القحطاني
2014-09-23, 13:02
كذب وإفتراء الرافضة على الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

http://www.youtube.com/watch?v=mSmU6aJq2oU (http://www.youtube.com/watch?v=mSmU6aJq2oU)

أبو هاجر القحطاني
2014-09-25, 11:40
أثر دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب في قارة آسيا


في الهند

ففي الهند كان لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب انتشار كبير في كثير من مناطقها على يد زعيم هندي مسلم اسمه (أحمد بن عرفان الباريلي) أو البريلوي Brelwi (1201 - 1246 هـ 1831 -1786 م) ، وقد ولد الشيخ أحمد في مدينة (باريلي) في الهند - وإليها نسب - من أسرة إسلامية محافظة، ثم أخذ يتنقل بين (باريلي - ولكناو - ودلهي) طلبا للعلم وخاصة العلوم الإسلامية، وفي عام 1225 هـ - 1815 م دخل في السلك العسكري حيث عمل جنديا لمدة أربع سنوات في جيش حاكم (تونك) حتى إذاكان عام 1232 هـ ترك سلك الجندية وعاد إلى دلهي فدرس حال إخوانه المسلمين عن كثب، وشاهد ما يعانونه من ضعف وتأخر تحت نير الاستعمار الإنجليزي (1) وعرف أن هذا راجع إلى انحراف هؤلاء المسلمين عن مبدأ الإسلام الصحيح، وانتشار البدع والخرافات في دينهم وتقديس الأولياء والصالحين بينهم، نتيجة لما خالط عقيدتهم الإسلامية هناك من كثير من عقائد الهندوس الوثنيين وعوائدهم (2) .
وفي سنة 1236 هـ 1821 م خرج السيد أحمد إلى مكة لأداء فريضة الحج فلقي في مكة بعض علماء وأتباع الدعوة السلفية , فعرضوا عليه مبادئ الدعوة فاقتنع بها سريعا، حتى إذا عاد إلى بلاده بذل جهوده لنشر هذه الدعوة في إقليم البنجاب (3) . - شمال غرب الهند - وسعى لمحاربة البدع والخرافات التي ضربت أطنابها في قلوب المسلمين هناك، ويتضح من رسائله أنه كان من أهداف حركته وضع حد لحكم الإنجليز، ونفوذ جماعة (السيخ) الوثنيين هناك، واستعادة الحكم الإسلامي للهند من جديد، وسرعان ما ذاع صيته في كل مكان، واعتنق مبادئه آلاف من المسلمين، وأسّس دولة مستقلة في البنجاب وما حولها، واتسعت هذه الدولة حتى وصلت في نفوذها إلى منطقتي (السند وبلوخستان) وجزء من أفغانستان، ثم أعلن الجهاد على كل من خالف مذهبه (4) فهزم (السيخ) قرب (بيشاور) ، ولكنه تعرض لمقاومة عنيفة من الإنجليز والسيخ متعاونين حتى استشهد - رحمه الله - في اشتباك وقع بينه وبين السيخ بمعاونة الإنجليز لهم عام 1246 هـ (1831 م) فاضمحلت بذلك دولته، ولكن دعوته ظلت باقية في أتباعه الذين تابعوا دعوته الإصلاحية في الهند بإصرار، وأنتجوا أدبا دينيا ضخما واصطنعوا اللغة الأردية ليضمنوا إيصال تعاليمهم إلى كل الشعب، كما آثروا الاشتغال بالتجارة حتى يبتعدوا عن الخضوع للمستعمر الإنجليزي (5) .ولقد اعتبر المؤرخون حركة (الباريلي) تلك وحركة أتباعه من بعده عاملا من عوامل قيام (الثورة الهندية الاستقلالية) والتي نالت بها الهند الاستقلال عام 1947 م (1) .

[في بلاد البنغال

وهي ما يطلق عليها الآن اسم دولة (بنغلاديش) أو باكستان الشرقية - سابقا - وقد سعدت هي الأخرى بانتشار الدعوة السلفية في شعبها البنغالي المسلم.
ويمكن القول بأن انتشار الدعوة في البنغال متصل بانتشارها في الهند على يد (أحمد الباريلي) وأتباعه - كما سبق - نظرا لقرب المسافة النسبية بين المنطقتين، ولكونهما يمثلان بلدا واحدا هو (الهند) في ذلك الوقت، ولكننا آثرنا فصل أثر الدعوة هنا عن أثرها في الهند لأن انتشار الدعوة في بلاد البنغال اتخذ طابعا سلميا ولم تتطور إلى الطابع والأسلوب الحربي كما حدث في الهند.
وقد نشطت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية في البنغال في أثناء القرن التاسع عشر نتيجة لانتشار الكثير من دعاتها هناك، وعلى يد هؤلاء الدعاة دخل كثير من الناس في البنغال في الدين الإسلامي.
وكان هدف هؤلاء الدعاة هو تخليص المسلمين مما حل بهم ودخل عليهم من العقائد الهندوسية الوثنية، والسعي لتوسيع رقعة الإسلام في تلك البلاد (2) ولعل من أهم هؤلاء الدعاة الحاج شريعة الله (1178-1256 هـ 1840 م) وجماعته (الفرائضيين) الذي حج إلى مكة عام 1214 هـ واتصل بعلماء الدعوة هناك وتأثر بدعوتهم (3) .
ولقد وجد علماء ودعاة آخرون لهم نشاط كبير في نشر الدعوة السلفية في بلاد البنغال والهند معا , وكان بعضهم قد تلقى علوم الدين الإسلامي على يد علماء الدعوة السلفية في نجد والحجاز من آل الشيخ وغيرهم، مثل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي عام المملكة المتوفى عام 1389 هـ، وكذلك الشيخان (عبد الله وعمر ابني حسن) (1) وغيرهما.
ومهما يكن من أمر فقد عد الباحثون دعاة الدعوة السلفية في بلاد البنغال من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار الإسلام في تلك البلاد ورسوخه في أراضيها , ولا زال هؤلاء الدعاة يؤدون للإسلام هناك أجلّ الخدمات، ولكنهم فقراء يحتاجون عونا ماليا ليساعدهم على المضي في طريقهم بنجاح (2) .


في إندونيسيا


لم يكن انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية شاملا لبلاد أندونيسيا كلها، ولكن ذلك اقتصر على أكبر جزرها وهي جزيرة (سومطرة) - جنوب الملايو - ولعل وجود المعوقات الطبيعية في الجزر الأندونيسية الباقية دورها الكبير في ذلك (3) .
وإذا كانت الدعوة السلفية قد انتشرت - كما يقول الباحثون - في هذه الجزيرة فقط فلا نستبعد أن البلاد والجزر المجاورة قد تأثرت - ولو قليلا - بنمو حركة الدعوة السلفية في (سومطرة) ومما يساعد على ذلك حركة التجارة الإسلامية مع تلك المناطق.
أما سومطرة نفسها فيرجع تاريخ دخول الدعوة السلفية فيها إلى أوائل القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي، حينما عاد ثلاثة من أهل الجزيرة إلى جزيرتهم عام 1218 هـ 1803 م وقد أدوا فريضة الحج في مكة المكرمة للدولة السعودية حينذاك.
وكانت هذه فرصة لأن يشاهدوا عن كثب الآثار الإيجابية لدخول الدعوة السلفية - دينيا وسياسيا - في الحجاز، فاتصلوا بعلمائها واطلعوا على مبادئها حتى اقتنعوا بها ثم عادوا إلى جزيرتهم (سومطرة) وقد تأثروا تأثرا عميقا بالدعوة (4) .
وما أن وصل هؤلاء الرجال إلى جزيرتهم حتى أخذوا بالدعوة هناك إلى التوحيد، وحاربوا البدع والخرافات في بلادهم، حتى صار لهم قوة كبيرة من الأتباع، اعتمدوا عليهم في محاربة خصومهم من غير المسلمين وهم (البتك) ، عند ذلك رأت حكومة الاستعمار الهولندي في إندونيسيا أن في هذه الحركة خطرا كبيرا عليها وعلى نفوذها السياسي والديني الصليبي في البلاد فبدأت في عام 1821 م بمناهضة هذه الدعوة بشدة، واستمرت المناوشات والحروب بين أتباع الدعوة وبين المستعمرين الهولنديين قرابة ستة عشر عاما، انتهت بالقضاء على نفوذ أتباع الدعوة السلفية في الجزيرة (1) .
وعلى الرغم من قضاء حكومة الاستعمار الهولندي على حركة الدعوة في (سومطرة) إلا أن أتباعها ظلوا متمسكين بها، واستطاعوا نشرها بالطرق السلمية ولاقوا في ذلك نجاحا كبيرا (2) .
ومما هو جدير بالذكر أن اتصال مسلمي تلك الجزيرة وما جاورها بأصحاب الدعوة السلفية في الجزيرة العربية لم ينقطع بعد ذلك، فعندما دخلت الحجاز في حكم الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - عام 1344 هـ وفد عدد كبير من طلاب العلم المسلمين من سومطرة وجاوة وجزائر الهند الشرقية إلى مكة والمدينة ودرسوا مبادئ الدعوة السلفية على شيوخ الدعوة، ثم عاد أكثرهم إلى بلادهم داعين للدعوة السلفية وناشرين لها، وكان لذلك دوره الكبير في تصحيح عقيدة المسلمين هناك من البدع والخرافات المنتشرة بينهم، وفي نشر دين الإسلام في تلك المناطق التي لم يصلها الإسلام بعد (3) .
ويجب ألا ننسى أثر انتشار مجلة (المنار) هناك التي أسسها الشيخ رشيد رضا في مصر على انتشار الدعوة السلفية في أندونيسيا بشكل أكبر من ذي قبل (4) .

في التركستان:

في سنة 1288 هـ (1871 م) ظهر داعية للدعوة اسمه (صوفي بادال الخوقندي) من (قوقند) بالتركستان الغربية الذي اتبع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتحمس لنشرها بين المسلمين هناك، وتزعم الثورة ضد روسيا القيصرية فهاجم حاميتها قرب (طشقند) إلا أن القوات الروسية تغلبت عليه وعلى أتباعه في نهاية الأمر فاقتصر نشاط أتباعه على الدعوة السلمية (1) .

في الصين: فقد ظهر في مقاطعة (فالصو) في الصين داعية إسلامي اسمه (الشيخ نوح ماكويوان) في عام 1311 هـ (1894 م) حيث اتبع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد أدائه لفريضة الحج، فدعا إلى العودة إلى دين الإسلام الصحيح وحارب البدع والشركيات، فاجتمع حوله الأنصار والأتباع وتسموا بـ (الإخوان) وصار لهم نشاط إصلاحي كبير بعد ذلك استمر حتى قيام الثورة الشيوعية في الصين عام 1949 م (2) .

أبو هاجر القحطاني
2014-09-25, 13:42
الإمَامُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ: إِمَامٌ فِي العَقِيْدَةِ وَالفِقْهِ وَالْحَدِيْثِ


الشيخ أبو عمر أسامةُ العُتَيْبِي حفظه الله

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ أمَّا بَعْدُ:

فَقَدِ اشْتُهِرَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عِنَايَةُ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ بِالعَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ، وَجِهَادُهُ فِي نَشْرِهَا وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهَا.
وَظَنَّ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ -رَحِمَهُ اللهُ- لَمْ يَكُنْ ذَا عِنَايَةٍ بِالْحَدِيثِ، وَمَعْرِفَةِ صَحِيْحِهِ مِنْ سَقِيمِهِ، وَهَذَا لَيْسَ صَحِيْحاً، بَلْ هُوَ إِمَامٌ فِي الْحَدِيْثِ، إِمَامٌ فِي الفِقْهِ، إِمَامٌ فِي التَّفْسِيْرِ.

وَفِي هَذَا البَحْثِ الْمُخْتَصَرِ أقْتَصِرُ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ تَحْقِيقِي لِتَيْسِيْرِ العَزِيْزِ الْحَمِيْدِ، أَسْأَلُ اللهَ التَّوْفِيقَ وَالسَّدَادَ وَالْهُدَى وَالرَّشَادَ.

وَقَدْ قَسَّمْتُهُ إِلَى مَبْحَثَيْنِ:

المَبْحَثُ الأَوَّلُ:
تَرْجَمَةُ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ.

المَبْحَثُ الثَّانِي:
بَرَاعَتُهُ فِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ، مَعَ دِرَاسَةٍ مُوْجَزَةٍ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ.


الْمَبْحَثُ الأَوَّلُ
تَرْجَمَةُ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ (1)

اسْمُهُ وَنَسَبُهُ وَمَوْلِدُهُ:
هُوَ شَيْخُ الإسْلامِ، وَالعَلاَّمَةُ الْهُمَامُ، وَالْمُجَدِّدُ لِمَا انْدَرَسَ مِنْ مَعَالِمِ دِيْنِ الإِسْلامِ، الإمَامُ أبُو الحُسَيْنِ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أحْمَدَ بنِ رَاشِدٍ الوُهَيْبِيُّ، التَّمِيْمِيُّ.

وَنَسَبُهُ مَعْرُوفٌ إلَى قَبِيْلَةِ تَمِيْمٍ الشَّهِيْرَةِ، وَقَدْ رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: «لا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيْمٍ مِنْ ثَلاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- يَقُولُ: ((هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ)) قَالَ: وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا)) قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: ((أَعْتِقِيْهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيْلَ))(2).

وُلِدَ-رَحِمَهُ اللهُ- سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِاْئَةٍ بَعْدَ الأَلْفِ 1115هـ فِي العُيَيْنَةَ وَهِيَ بَلْدَةٌ قَرِيْبَةٌ مِنْ مَدِينَةِ الرِّيَاضِ.

نَشْأَتُهُ وَطَلَبُهُ لِلْعِلْمِ وذِكْرُ شُيُوخِهِ:
نَشَأَ فِي حِجْرِ وَالِدِهِ الشَّيْخِ عَبْدِالوَهَّابِ، وَكَانَ فَقِيْهاً، قَاضِياً، فَتَعَلَّمَ مِنْ وَالِدِهِ بَعْضَ العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ.

حَفِظَ القُرْآنَ الكَرِيْمَ وَلَمَّا يَبْلُغِ العَاشِرَةَ مِنْ عُمُرِهِ، وَقَدَّمَهُ أَبُوهُ للصَّلاةِ بِالنَّاسِ جَمَاعَةً وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ، وَتَزَوَّجَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَكَانَ مثابراً عَلَى طَلَبِ العِلْمِ، فَدَرَسَ عَلَى وَالِدِهِ فِي الفِقْهِ الْحَنْبَلِيِّ وَفِي التَّفْسِيْرِ وَالْحَدِيْثِ وَالعَقِيْدَةِ.

وَكَانَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ-رَحِمَهُ اللهُ- شَغُوفاً بِكُتُبِ شَيْخِ الإسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ والإمَامِ ابنِ القَيِّمِ -رَحِمَهُمَا اللهُ- ثُمَّ حَمَلَهُ الشَّوْقُ إلَى حَجِّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ لأَدَاءِ فَرِيضَةِ الحجِّ، والنَّهْلِ مِنْ عُلُومِ عُلَمَاءِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ، فَذَهَبَ فِي بِدَايَةِ رِحْلَتِهِ إلَى مَكَّةَ وَحَجَّ بَيْتَ اللهِ الْحَرَامَ وَالْتَقَى بِعُلَمَاءِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَكَانَ مِمَّنْ لَقِيَهُمْ الشَّيْخُ عَبْدُاللهِ بنُ إِبْرَاهِيْم آلُ سَيْفٍ، وَالشَّيْخُ الْمُحَدِّثُ مُحَمَّدُ حَيَاة السِّنْدِيُّ، وَالْتَقَى بِغَيْرِهِمَا فِي الْحَرَمَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ ثُمَّ شَدَّ الرِّحَالَ لِطَلَبِ العِلْمِ فَرَحَلَ إلَى العِرَاقِ، وَكَانَ غَالِبُ اسْتِفَادَتِهِ فِي البَصْرَةِ حَيْثُ نَزَلَ عِنْدَ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْمَجْمُوعِيِّ، وَذَكَرَ حَفِيْدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ حَسَنٍ أَنَّ جَدَّهُ ألَّفَ كِتَابَ التَّوْحِيْدِ فِي البَصْرَةِ؛ جَمَعَهُ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيْثِ الَّتِي فِي مَدَارِسِ البَصْرَةِ(3).

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَادَ التَّوَجُّهَ إلَى الشَّامِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ إِكْمَالَ رِحْلَتِهِ، فَرَجَعَ إلَى نَجْدٍ، وَفِي طِرِيقِ عَوْدَتِهِ إلَى نَجْدٍ مَرَّ بِالأَحْسَاءِ فَنَهَلَ مِنْ عُلُومِ عُلَمَائِهَا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى نَجْدٍ.

دَعْوَتُهُ وَجِهَادُهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ:
لَمَّا رَجَعَ مِنْ رِحْلَتِهِ فِي طلب العِلْمِ، وَانْتَقَلَ وَالِدُهُ وَأُسْرَتُهُ إلَى حُرَيْمِلاءَ وَهِيَ بَلْدَةٌ قَرِيْبَةٌ مِنْ مَدِيْنَةِ الرِّيَاضِ دُوْنَ الْمِاْئَةِ كِيْلٍ؛ أَخَذَ يَنْشُرُ عِلْمَهُ وَيُعَلِّمُ النَّاسَ مَا وَفَّقَهُ اللهُ إِلَيْهِ مِنْ عُلُومٍ أَخَذَهَا فِي الْحَرَمَيْنِ وَالعِرَاقِ وَالأَحْسَاءِ.

وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- ذَكِيًّا، فَطِناً، مُثَابِراً فِي طَلَبِ العِلْمِ، والدَّعْوَةِ إلَى اللهِ، جَرِيْئاً وَشُجَاعاً فِي قَوْلِ الْحَقِّ وَرَدِّ البَاطِلِ، وَقَدْ اسْتَفَادَ مِنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ الَّذِيْنَ تَعَلَّمَ مِنْهُمْ مَحَبَّةَ العَقِيدَةِ وَعِظَمَ شَأْنِهَا، وَكَانَ الْحَاصِلَ عَلَى قَصَبِ السَّبْقِ فِي ذَلِكَ مِنْ شُيُوخِهِ: الشَّيْخُ مُحَمَّد حياة السِّنْدِيُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُاللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ آلُ سَيْفٍ حَيْثُ الْتَقَى بِهِمَا فِي الْمَدِيْنَةِ، وَوَجَّهَاهُ نَحْوَ العَقِيْدَةِ السَّلَفِيَّةِ.

فَكَانَ-رَحِمَهُ اللهُ- يُنْكِرُ البِدَعَ بِشِدَّةٍ، وَقَدْ ظَهَرَتْ جُرْأَتُهُ فِي إِنْكَارِ البِدَعِ لَمَّا دَخَلَ البَصْرَةَ لِطَلَبِ العِلْمِ، فَأَنْكَرَ مَظَاهِرَ الشِّركِ بِالقُبُورِ وَبِالْمَوتَى، وَعِبَادَةَ الأَشْجَارِ وَالأَحْجَارِ لأَنَّ البَصْرَةَ يَغْلُبُ عَلَيْهَا الرَّافِضَةُ فِي زَمَنِ الشَّيْخِ إلَى زَمَنِنَا هَذَا، فَأُوذِيَ مِنَ الرَّافِضَةِ وأَشْبَاهِهِمْ مِنْ عَبَدَةِ القُبُور، فَخَرَجَ مِنْهَا حَتَّى كَادَ يَهْلَكُ لَوْلا أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَسَّرَ لَهُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الزُّبَيْرِ فَحَمَلَهُ وَسَقَاهُ وَأَطْعَمَهُ، ثُمَّ رَحَّلَهُ إلَى حَيْثُ يُرِيْدُ.

فَالشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- كَانَ نَاصِحاً للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِيْنَ وَعَامَّتِهِمْ، هَذِهِ البِدَايَةُ مِنْ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ فِي شَبَابِهِ لَقِيَتْ قَبُولاً مِنْ كَثِيْرٍ مِنَ النَّاسِ فِي بَادِئِ الأَمْرِ، وَمُعَارَضَةً مِنَ الأَكْثَرِيْنَ حَتَّى تَسَبَّبَتْ لَهُ هَذِهِ الْجُرْأَةُ وَهَذِهِ الشّجَاعَةُ وَهَذَا الْحِرْصُ عَلَى أَهْلِ بَلَدِهِ وَالّتِي انْتَقَلَ إليها وَهِيَ حُرَيْمِلاءُ، فَأُوذِيَ، فَأَمَرَهُ أَبُوهُ أنْ يُخَفِّفَ مِنْ نشَاطِهِ.

فلَمَّا تُوُفِّيَ وَالِدُهُ -رَحِمَهُ اللهُ- وَاصَلَ الدَّعْوَةَ وَبَدَأَ يُنَاصِحُ النَّاسَ وَيُعَلِّمُهُمْ، وَيُنْكِرُ عَلَى الْمُفْسِدِيْنَ فِي الأَرْضِ مِنَ الفُسَّاقِ وَأَهْلِ البِدَعِ حَتَّى اجْتَمَعَ بَعْضُ الْمُفْسِدِينَ فِي حُرَيْمِلاءَ عَلَى قَتْلِهِ وَتَسَوَّرُوا بَيْتَهُ، فَفَطِنَ لَهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَنَهَرُوا هَذَا الْمُتَسَلِّقَ الَّذِي أَرَادَ الفَتكَ بِالشَّيخِ، وَنُصِحَ الشَّيْخُ بِالْخُرُوجِ مِنْ حُرَيْمِلاءَ، فَخَرَجَ مِنْهَا إلَى العُيَيْنَةِ، وَهَذَا كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمِاْئَةٍ بَعْدَ الأَلْفِ 1155هـ تَقْرِيباً.

فَالْتَقَى بِأَمِيْرِ العُيَيْنَةِ عُثْمَانَ بنِ مُعَمَّرٍ فَدَعَاهُ لِتَطْبِيقِ الشَّرِيْعَةِ، وَالدَّعْوَةِ إلَى التَّوْحِيْدِ، وَوَعَدَهُ بِالنَّصْرِ وَالتَّمْكِيْنِ، كَمَا ذَكَرَ اللهُ-عَزَّ وَجَلَّ- ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، فَقَبِلَ ابنُ مُعَمَّرٍ نُصْرَةَ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ، فَبَدَأَ الشَّيْخُ بِمُؤَازَرَةٍ مِنِ ابنِ مُعَمَّرٍ بِهَدْمِ الأَشْجَارِ الْمُعَظَّمَةِ عِنْدَهُمْ وَهَدْمِ القِبَابِ وَالقُبُورِ وَإِنْكَارِ الْمُنْكَرَاتِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ امْرَأَةً زَنَتْ فَجَاءَتْ وَاعْتَرَفَتْ عِنْدَ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ الَّذِي كَانَ بِمَثَابَةِ الْمُشِيْرِ وَالوَزِيْرِ وَالْمُعَلِّمِ وَالْمُفْتِي لابنِ مُعَمِّرٍ فَأقَامَ عَلَيْهَا الْحَدَّ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- بِالغَامِدِيَّةِ، فَلَمَّا انْتَشَرَ هَذَا الْخَبَرُ بَيْنَ أَهْلِ نَجْدٍ وَوَصَلَ هَذَا الأَمْرُ إلَى حَاكِمِ الأَحْسَاءِ سُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُرَيْعِرٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي خَالِدٍ فَكَتَبَ إلَى ابنِ مُعَمَّرٍ أَميْرِ العُيَيْنَةِ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ، فَبلَّغَ أَمِيْرُ العُيَيْنَةَ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ، وَخَافَ مِنْ حَاكِمِ الأَحْسَاءِ لأَنَّهُ كَانَ يُعْطِيهِ عَطِيَّةً سَنَوِيَّةً فَخَشِيَ إِنْ عَصَى حَاكِمَ الأَحْسَاءِ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْهُ الْمَالُ، وَخَشِيَ أَنْ يَغْزُوَهُ، وَخَذَلَ الشَّيْخَ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَرْحَلَ وَأَوْعَزَ إِلَى فَارِسِيٍّ يَمْشِي خَلْفَ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ أَنْ يَقْتُلَهُ إِذَا خَرَجَ.

فلَمّا خَرَجَ حَمَى اللهُ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ هَذَا الفَارِسِيُّ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَوَصَلَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ إلَى الدِّرْعِيَّةِ وَكَانَ الإمَامُ مُحَمَّدُ بنُ سُعُودٍ أَمِيْرَ الدِّرْعِيَّةِ، فَنَزَلَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ عِنْدَ أَحَدِ طُلاَّبِهِ وَهُوَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ سُوَيلِمٍ فَنَزَلَ عِنْدَهُ فَأَكْرَمَهُ وَصَارَ النَّاسُ يَتَوَافَدُونَ عَلَى الشَّيْخِ فِي مَنْزِلِ ابنِ سُوَيلِمٍ.

وَجَاءَ الأَمِيْرُ مُحَمَّدُ بنُ سُعُودٍ إلَى بَيتِ ابنِ سُوَيلِمٍ وَسَلَّمَ عَلَى الشَّيْخِ وَاسْتَفْهَمَهُ عَنْ دَعْوَتِهِ فَبَيَّنَ لَهُ دَعْوَةَ التَّوْحِيْدِ، وَذَكَّرَهُ بِاللهِ، وَرَجَى أَنْ يَكُونَ إِمَاماً لِلْمُسْلِمِيْنَ فَيَجْمَعُ اللهُ لَهُ الدِّيْنَ وَالدُّنْيَا، وَلِذُرِّيَّتِهِ إِنِ اسْتَمْسَكَ بِهَذِهِ العَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ، فَشَرَحَ اللهُ صَدْرَ الإمَامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُودٍ لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ الْمَبَارَكَةِ فَاقْتَنَعَ بِنُصْرَتِهَا وَتَعَاهَدَا عَلَى نُصْرَةِ التَّوْحِيْدِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ.

فَتَأَسَّسَتْ نَوَاةُ الدَّوْلَةِ السُّعُودِيَّةِ الأُوْلَى فِي ذَلِكَ اليَوْمِ مِنْ عام 1158هـ، الَّذِي اتَّفَقَ فِيْهِ السَّيْفُ وَالقَلَمُ؛ سَيفُ الإمَامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُودٍ-رَحِمَهُ اللهُ-، وَلِسَانُ وَقَلَمُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ-رَحِمَهُ اللهُ- فَبَدَؤُوا بِالدَّعْوَةِ إلَى التَّوْحِيْدِ، وَإِرْسَالِ الرَّسَائِلِ لِلنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ فِي تِلْكَ القُرَى وَالْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ بِبَلْدَةِ الدِّرْعِيَّةِ، فَانْتَشَرَتْ هَذِهِ الرَّسَائِلُ وَعَلِمَهَا مَنْ عَلِمَهَا.

وتَتَلْمَذَ عَلَى يَدِ الشَّيْخِ عَدَدٌ كَبِيْرٌ مِنَ الأَفَاضِلِ وَذَوِي الْمَنَازِلِ الرَّفِيْعَةِ وَمِنْ غَيْرِهِمْ مِنْهُم: الإمَامُ الْمُجَاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ سُعُودٍ، والإمَامُ الْمُجَاهِدُ عَبْدُالعَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُعُودٍ، وَابنُهُ الإمَامُ الْمُجَاهِدُ سُعُودُ بنُ عَبْدِالعَزِيْزِ، وَأَبْنَاءُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ: الشَّيْخُ حُسَيْنٌ، وَالشَّيْخُ عَلِيٌّ، وَالشَّيْخُ إِبْرَاهِيْمُ، وَالشَّيْخُ عَبْدُاللهِ وَالِدُ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ.

وَكَذَلِكَ حَفِيْدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ حَسَنٍ، وَالشَّيْخُ حُسَيْنُ بنُ غَنَّامٍ، وَالشَّيْخُ حَمَدُ بنُ نَاصِرِ بنِ مُعَمَّرٍ وَغَيْرُهُمْ-رَحِمَهُمُ اللهُ-.

فَبَدَأَ أَهْلُ البَاطِلِ يَجْمَعُونَ أَصْحَابَهُمْ لِحَرْبِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ فَبَدَأَتِ الْحُرُوبُ وَالْمَعَارِكُ وَكَانَ الَّذِي بَدَأَ هُمْ أَهْلُ البَاطِلِ، فَمَنْ حَارَبَ دَعْوَةَ التَّوْحِيْدِ وَتَرَكَهَا وَحَاوَلَ قَتْلَ أَهْلِهَا قُتِلَ لأَنَّهُ مُرْتَدٌّ حَيْثُ لَمْ يَقْبَلِ التَّوْحِيْدَ وَرَضِيَ بِالشِّرْكِ كَعِبَادَةِ الأَشْجَارِ وَالأَصْنَامِ الَّتِي كَانَتْ مُنْتَشِرَةً فِي نَجْدٍ،بَلِ كَانُوا يَعْبُدُونَ بَعْضَ الْمَغَارَاتِ، وَتَذْهَبُ إِلَيْهَا الْمَرْأَةُ العَقِيمُ حَتَّى تَحْمِلَ!

فَانْتَشَرَتِ الدَّعْوَةُ وَنَصَرَهَا اللهُ.

وَمَات الإمَامُ مُحَمَّدُ بنُ سُعُودٍ وَقَدِ التَأَمَتْ نَجْدٌ كُلُّهَا تَحْتَ إِمْرَتِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ابنُهُ عَبْدُالعَزِيزِ حَمَلَ الدَّعْوَةَ وَنَشَرَهَا، ثُمَّ كَذَلِكَ ابنُهُ سُعُودٌ، وَفِي عَهْدِ سُعُودٍ بَلَغَتِ الدَّعْوَةُ وَبَلَغَتِ الدَّوْلَةُ السُّعُودِيَّةُ الأُوْلَى أَوْجَ قُوَّتِهَا وَدَخَلَ ضِمْنَ هَذِهِ الدَّوْلَةِ الْحَرَمَانِ الشَّرِيفَانِ وَجُزْءٌ مِنْ بِلادِ اليَمَنِ وَالْمَنْطِقَةِ الشَّرْقِيَّةِ أيْ أنَّ مُعْظَمَ الْجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ، حَتَّى قَرُبَ مِنْ دِمَشْقَ.

وَسَأَتَحَدَّثُ عَنْ جَانِبٍ مِنَ الْجَوَانِبِ العِلْمِيَّةِ عِنْدَ الشَّيْخِ فِي الْمَبْحَثِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الفَصْلِ.

وَفَاتُهُ:
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ-رَحِمَهُ اللهُ- آواخِرَ سَنَةِ 1206هـ وَعُمُرُهُ 91 سَنَةً، بَعْدَمَا رَأَى مَا يَسُرُّهُ مِنِ انْتِشَارِ التَّوْحِيْدِ وَنَبْذِ الْخُرَافَةِ والشِّرْكِ، وَكَثْرَةِ الطُّلاَّبِ، وَالعُلَمَاءِ الَّذِيْنَ نَهَلُوا مِنْهُ، وَأَصْلَحَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَأَصْلَحَ أَعْمَالَهُمْ، فَانْتَشَرَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ فِي جَمِيعِ بِلادِ العَالَمِ وَلَقِيَتِ القَبُولَ وَالثَّنَاءَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاحِ وَالصِّدْقِ والإخْلاصِ.

رَحِمَهُ اللهُ وَأَسْكَنَهُ فَسِيْحَ جَنَّاتِهِ.

مُؤَلَّفاتُهُ:
ألَّفَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ مُؤَلَّفَاتٍ كَثِيْرَةٍ فِي التَّوْحِيْدِ، والفِقْهِ، والتَّفْسِيْرِ، وَالْحَدِيْثِ، والسِّيْرَةِ، والوَعْظِ والتَّذْكِيْرِ.

وَقَدْ جُمِعَتْ مُؤَلَّفَاتُهُ-رَحِمَهُ اللهُ-مِنْ قِبَلِ جَامِعَةِ الإمَامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُودٍ في عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ، مع العِلْمِ أَنَّ جُمْلَةً وَافِرَةً مِنْ مؤَلَّفَاتِ الشَّيْخ -رَحِمَهُ اللهُ- مَوْجُودَةٌ فِي الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ.

وَمِنْ كُتُبِهِ النَّافِعَةِ: كِتَابُ التَّوْحِيْدِ، وَالأُصُولُ الثَّلاثَةُ، وَكَشْفُ الشُّبُهَاتِ، وَمَسَائِلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُخْتَصَرُ سِيْرَةِ ابنِ هِشَامٍ، وَمُخْتَصَرُ زَادِ الْمَعَادِ، وَمِنْهَا الأُصُولُ السِّتَّةُ، وَ«مَجْمُوعُ الْحَدِيْثِ عَلَى أَبْوَابِ الفِقْهِ»، وَغَيْرُهَا كَثِيْرٌ جِدًّا.


الْمَبْحَثُ الثَّانِي
بَرَاعَتُهُ فِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ، مَعَ دِرَاسَةٍ مُوجَزَةٍ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ

لَقَدَ بَرَعَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ فِي العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ حَتَّى بَزَّ أَقْرَانَهُ، وَفَاقَ مُعَاصِرِيهِ فِي عِلْمِ الْمُعْتَقَدِ وَالفِقْهِ وَالْحَدِيْثِ وَالتَّفْسِيْرِ.

وَلَقَدَ كَانَ-رَحِمَهُ اللهُ- مُجَدِّداً فِي بَيَانِ الْمُعْتَقَدِ، وَفِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ، والفِقْهِ وَالتَّفْسِيْرِ، جَارِياً عَلَى طَرِيْقَةِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَقَدْ أَطْنَبَ العُلَمَاءُ-رَحِمَهُم اللهُ- فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَذِكْرِ فَضَائِلِهِ، وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُرَكِّزَ عَلَى جَانِبٍ هَامٍّ مَا زَالَ خَفِيًّا عَلَى كَثِيْرٍ مِنْ طَلَبَةِ العِلْمِ أَلا وَهُوَ أَنَّ شَيْخَ الإسْلامِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ مِنْ كِبَارِ الْمُحَدِّثِيْنَ الْمُحَقِّقِيْنَ فِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ وَالرِّجَالِ، وَمَعْرِفَةِ صَحِيْحِهِ مِنْ سَقِيْمِهِ.

وَهَذَا الأَمْرُ بَيِّنٌ مِنْ كَلامِ العُلَمَاءِ الَّذِيْنَ تَرْجَمُوا لَهُ، وَمِنْ خِلالِ النَّظَرِ فِي مَسِيْرَتِهِ العِلْمِيَّةِ، وكُتُبِهِ وَمُؤَلَّفَاتِهِ-رَحِمَهُ اللهُ-.

أَمَّا مِنْ كَلامِ العُلَمَاءِ:
فقَالَ ابنُ بِشْرٍ-رَحِمَهُ اللهُ- : «وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فِي صِغَرِهِ كَثِيْرَ الْمُطَالَعَةِ فِي التَّفْسِيْرِ وَالْحَدِيْثِ وَكَلامِ العُلَمَاءِ فِي أَصْلِ الإسْلامِ، فَشَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ فِي مَعْرِفَةِ التَّوْحِيْدِ وَتَحْقِيقِهِ وَمَعْرِفَةِ نَوَاقِضِهِ الْمُضِلَّةِ عَنْ طَرِيْقِهِ»(4).

وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ قَاسِمٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: «أَمَدَّهُ اللهُ بِكَثْرَةِ الكُتُبِ، وَسُرْعَةِ الْحِفْظِ، وَقُوَّةِ الإدْرَاكِ، وَعَدَمِ النِّسْيَانِ، سَمِعَ الْحَدِيْثَ وَأَكْثَرَ فِي طَلَبِهِ، وَكَتَبَ وَنَظَرَ فِي الرِّجَالِ وَالطَّبَقَاتِ، وَحَصَّلَ مَا لَمْ يُحَصِّلْ غَيْرُهُ، بَرَعَ فِي تَفْسِيْرِ القُرْآنِ، وَغَاصَ فِي دَقَائِقِ مَعَانِيهِ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ أَشْيَاءَ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا، وَبَرَعَ فِي الْحَدِيْثِ وَحِفْظِهِ، فَقَلَّ مَنْ يَحْفَظُ مِثْلُهُ، مَعَ سُرْعَةِ اسْتِحْضَارِهِ لَهُ وَقْتَ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ، وَفَاَقَ النَّاسَ فِي مَعْرِفَةِ الفِقْهِ وَاخْتِلافِ الْمَذَاهِبِ وَفَتَاوَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ؛ بِحَيْثُ إِنَّهُ إِذَا أَفْتَى؛ لَمْ يَلْتَزِمْ بِمَذْهَبٍ، بَلْ بِمَا يَقُومُ دَلِيْلُهُ عِنْدَهُ، تَمَسَّكَ بِأُصُولِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ، وَتَأَيَّدَ بِإِجْمَاعِ سَلَفِ الأُمَّةِ»(5).

وَأَمَّا مِنْ خِلالِ مَسِيْرَتِهِ العِلْمِيَّةِ:
فَقَدْ أَخَذَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ عِلْمَ الْحَدِيْثِ عَنْ أَئِمَّةٍ أَجِلاَّءَ مِنْهُمُ الشَّيْخُ العَلاَّمَةُ الفَقِيْهُ عَبْدُالله بنُ إِبْرَاهِيْمَ السَّيْفُ حَيْثُ أَجَازَهُ بِثَبَتِ الشَّيْخِ عَبْدِالبَاقِي بنِ أَبِي الْمَوَاهِبِ الْحَنْبَلِيِّ.

وَأَخَذَ عَنِ الْمُحَدِّثِ الكَبِيْرِ، وَالعَلاَّمَةِ السَّلَفِيِّ النِّحْرِيرِ مُحَمَّدُ حَيَاةٍ السِّنْدِيِّ الْمَدَنِيِّ(6)، وَأَجَازَهُ بِمَرْوِيَّاتِهِ، وَكَذَلِكَ أَخَذَ عَنِ الشَّيْخِ العَلاَّمَةِ الْمُحَدِّثِ إِسْمَاعِيْلَ العَجْلُونِيِّ صَاحِبِ كِتَابِ «كَشْفِ الْخَفَا وَمُزِيلِ الالْتِبَاسِ عَمَّا اشْتُهِرَ مِنَ الأحَادِيْثِ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ» وَكَذَلِكَ أَخَذَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُحَدِّثِيْنَ بِالبَصْرَةِ وَغَيْرِهَا.

فَهُوَ قَدِ اسْتَقَى عِلْمَ الْحَدِيْثِ مِنْ مَشَايِخِ الْمُحَدِّثِيْنَ فِي عَصْرِهِ، فَلا عَجَبَ أَنْ أَصْبَحَ مِنْ كِبَارِ الْمُحَدِّثِيْنَ فِي القَرْنِ الثَّانِي عَشَرَ.

وَأَمَّا مِنَ النَّاحِيَةِ العَمَلِيَّةِ:
فَقَدْ تَتَبَّعْتُ كُتُبَ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ-رَحِمَهُ اللهُ- فَلَمْ أَرَهُ صَحَّحَ حَدِيثاً أَوْ حَسَّنَهُ إلا وَيَكُونُ قَولُهُ مَبْنِيًّا عَلَى حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ، وَسَلَفٍ مِمَّنْ سَبَقَهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ.

وَلَمْ أَجِدْ حَدِيْثاً اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى ضَعْفِهِ أَوْ كَانَ ظَاهِرَ الضَّعْفِ لا نِزَاعَ فِيْهِ: صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَوْ حَسَّنَهُ، بَلْ هُوَ يَسْلُكُ مَسْلَكَ الْمُحَقِّقِيْنَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيْثِ.

وَكَذَلِكَ لَمْ أَرَهُ احْتَجَّ بِحَدِيْثٍ مَوْضُوعٍ أَوْ لا أَصْلَ لَهُ أَوْ شَدِيْدَ الضَّعْفِ، بَلْ يَحْتَجُّ بِالأَحَادِيثِ الصَّحِيْحَةِ وَالْحَسَنَةِ، وَقَدْ يَسْتَأْنِسُ -أحْيَاناً- بِالْحَدِيثِ الضَّعِيْفِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ.

وَعَمَلُهُ هَذَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ قَاطِبَةً، وَهُمْ دَرَجَاتٌ فِي ذَلِكَ، فَلا تَجِدُ عَالِماً إِلاَّ وَقَدْ صَحَّحَ حَدِيثاً قَدْ يَرَاهُ غَيْرُهُ ضَعِيفاً، أَوْ ضَعَّفَ حَدِيثاً قَدْ يَرَاهُ غَيْرُهُ صَحِيْحاً.

والاجْتِهَادُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْحَدِيْثِ كَالاجْتِهَادِ فِي الْحُكْمِ فِي مَسَائِلِ الفِقْهِ سَوَاءً بِسَواءٍ. وَالْمُهِمُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مَبْنِيًّا عَلَى أَدِلَّةٍ وَبَرَاهِيْنَ أَصِيلَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَرْجِعُ هُوَ القَوَاعِدُ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْحَدِيْثِ الْمُتَخَصِّصُونَ فِيْهِ.

وَكَذَلِكَ الاسْتِئْنَاسُ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ الَّذِي قَامَتِ الأَدِلَّةُ عَلَى صِحَّةِ مَعْنَاهُ أَمْرٌ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ مَعَ تَنْبِيْهِهِمْ عَلَى ضَعْفِهِ أَوْ ذِكْرِ سَنَدِهِ إِبْرَاءً لِلذِّمَّةِ.

وَمِنْ خِلالِ النَّظَرِ فِي كُتُبِهِ وَمُؤَلَّفَاتِهِ-رَحِمَهُ اللهُ- يَتَبَيَّنُ دِقَّةُ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْحَدِيْثِيَّةِ، وَطُولُ بَاعِهِ فِيْهِ.

وَسَأَضْرِبُ عَلَى ذَلِكَ مِثَالَيْنِ أَحَدَهُمَا إِجْمَالِيًّا والآخَرَ تَفْصِيلِيًّا:
أَمَّا الْمِثَالُ الإِجْمَالِيُّ: فَهُوَ «مَجْمُوعُ الْحَدِيْثِ عَلَى أَبْوَابِ الفِقْهِ» وَالَّذِي جَمَعَ فِيْهِ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ أَحَادِيْثَ الفِقْهِ مُبَوَّبَةً، وَحَلاَّهُ بِالآثَارِ السَّلَفِيَّةِ، فَكَانَ كِتَاباً جَامِعاً لَمْ يُنْسَجْ عَلَى مِنْوَالِهِ فِيْمَا أَعْلَمُ.

فَقَدْ اسْتَوْعَبَ فِيْهِ -رَحِمَهُ اللهُ- أَبْوَابَ الفِقْهِ، وَذَكَرَ فِيْهِ مَا يَرْبُوا عَلَى أَرْبَعَةِ آلافٍ وَخَمْسِمِاْئَةِ حَدِيْثٍ وَأَثَرٍ ( 4545 حَدِيثاً وَأَثَراً ).

وَقَدْ عَمِلْتُ مُقَارَنَةً بَيْنَ كِتَابِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ وَبَيْنَ كِتَابِ «الْمُنْتَقَى» لِلْمَجْدِ ابنِ تَيْمِيَّةَ، وَكِتَابِ «الْمُحَرَّرِ فِي الْحَدِيْثِ» للعَلاَّمَةِ ابنِ عَبْدِالْهَادِي، وَكِتَابِ «بُلُوغِ الْمَرَامِ» لِلِحَافِظِ ابنِ حَجَرٍ؛ فَوَجَدْتُ الفَارِقَ العَجِيبَ بَيْنَ كِتَابِ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ وَبَيْنَ الكُتُبِ الأُخْرَى مَعَ عَظِيمِ فَائِدَتِهَا، وَمنْزِلَةِ مُؤَلِّفِيْهَا-رَحِمَهُمُ اللهُ-

فَفِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ-مَثَلاً- مِنَ الْمُنْتَقَى: ( 170 ) حَدِيْثاً، وَفِي الْمُحَرَّرِ: ( 61 ) حَدِيْثاً، وَفِي البُلُوغِ: ( 62 ) حَدِيْثاً، أَمَّا فِي كِتَابِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ فَقريباً مِنْ: ( 278 ) حَدِيْثاً وَأَثَراً، مَعَ دِقَّتِهِ وَحُكْمِهِ عَلَى الأحَادِيْثِ كَثِيْراً، فَرَأَيْتُ أَنَّهُ فَاقَهَا كَمًّا وَكَيْفاً فِيمَا ظَهَرَ لِي وَاللهُ أَعْلَى وَأَعْلَمُ.

وَقَدْ رَاجَعْتُ عَدَداً كَثِيْراً مِنَ الأحَادِيْثِ الَّتِي حَكَمَ عَلَيْهَا شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ فِي مَجْمُوعِهِ الْحَدِيْثِيِّ فَوَجَدْتُهُ مُوَافِقاً لِلأَئِمَّةِ أَوْ لِبَعْضِهِمْ مَعَ دِقَّةِ عِبَارَتِهِ-رَحِمَهُ اللهُ-.

وَهَذَا الْمَجْمُوعُ حَرِيٌّ بِأَنْ يُقَرَّرَ عَلَى طُلاَّبِ العِلْمِ فِي الْجَامِعَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَيَنْبَغِي الاعْتِنَاءُ بِهِ شَرْحاً وَتَوْضِيْحاً.

وَأَمَّا الْمِثَالُ التَّفْصِيْلِيُّ:

فَمَا يَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ مِنَ الأحَادِيْثِ والآثَارِ، وَسَأُفَصِّلُ فِيْمَا يَتَعَلَّقُ بِالأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ بَعْدَ دِرَاسَةٍ مُوْجَزَةٍ لِلكِتَابِ:


دِرَاسَةٌ مُخْتَصَرَةٌ لِـ«كِتَابِ التَّوْحِيْدِ»

مَوْضُوعُ الكِتَابِ:
إِنَّ كِتَابَ التَّوْحِيْدِ مَوْضُوعٌ «فِي بَيَانِ مَا بَعَثَ اللهُ بِهِ رُسُلَهُ: مِنْ تَوْحِيدِ العِبَادَةِ، وَبيَانِهِ بِالأَدِلَّةِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَذِكْرِ مَا يُنَافِيهِ مِنَ الشِّركِ الأكْبَرِ أَوْ يُنَافِي كَمَالَهُ الوَاجِبَ؛ مِنَ الشِّرْكِ الأصْغَرِ وَنَحْوِهِ، وَمَا يُقَرِّبُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يُوصِلُ إِلَيْهِ»(7).

مَنْهَجُهُ فِي تَأْلِيفِ الكِتَابِ:
إِنَّ مَنْهَجَ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ-رَحِمَهُ اللهُ- فِي كِتَابِ التَّوْحِيْدِ هُوَ: أَنْ يُتَرْجِمَ لِلْبَابِ بِتَرْجَمَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى كِتَابِ اللهِ، وَمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-، أَوْ بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ-رَحِمَهُمُ اللهُ-.

ثُمَّ يَذْكُرُ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَبْوِيْبِهِ، ثُمَّ يَذْكُرُ مِنْ السُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا بَوَّبَ لَهُ، وَكَذَلِكَ يَذْكُرُ بَعْضَ الآثارِ فِي تَوضِيحِ مَعْنَى آيَةٍ أَوْ حَدِيْثٍ، أَوْ يَكُونُ للأثَرِ عَلاقَةٌ مُبَاشِرَةٌ بِتَرْجَمَةِ البَابِ.

ثُمَّ بَعْدَ ذِكْرِ الأَدِلَّةِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ والآثَارِ السَّلَفِيَّةِ يَذْكُرُ الفَوَائِدَ الْمُسْتَنْبَطَةَ مِنْ أَدِلَّةِ البَابِ عَنْ طَرِيْقِ مَسَائِلَ.

فَكَمَا أَنَّ فِقْهَ الإمَامِ البُخَارِيِّ فِي تَبْوِيْبِهِ، فَإِنَّ فِقْهَ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ فِي تَبْوِيبِهِ وَمَسَائِلِهِ.

مَنْهَجُهُ فِي تَخْرِيجِ الأَحَادِيْثِ والآثَارِ:
وَبِالنِّسْبَةِ للأَحَادِيثِ وَالآثَارِ فَإِنَّهُ يَعْزُوهَا إِلَى مَنْ خَرَّجَهَا إِمَّا قَبْلَ ذِكْرِ الْحَدِيْثِ، وَإِمَّا بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهُ وَهَذَا هُوَ الغَالِبُ.

وَيُبَيِّنُ دَرَجَةَ الْحَدِيْثِ غَالِباً إِمَّا بِعَزْوِهِ لِكِتَابٍ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ كَصَحِيْحِ البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ وابنِ حِبَّانَ، وَمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ، وَالْمُخْتَارَةِ للضِّيَاءِ الْمَقْدِسِيِّ، وَإِمَّا بِذِكْرِ حُكْمِ مَنْ أَخْرَجَهُ كَتَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ أَوْ تَحْسِينِهِ، أَوْ تَصْحِيْحِ غَيْرِهِ للحَدِيْثِ كالنَّوَوَيِّ، وَالذَّهَبِيِّ، وَإِمَّا بِعَزْوِهِ لأَبِي دَاوُدَ سَاكِتاً عَلَيْهِ ولَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَا يُرَدُّ بِهِ الْحَدِيْثُ مِمَّا يَعْنِي أَنَّهُ صَالِحٍ للاحْتِجَاجِ عِنْدَهُ كَمَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ-رَحِمَهُ اللهُ-.

وَإِمَّا أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ مُعْمِلاً قَوَاعِدَ أَهْلِ الْحَدِيْثِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الأحَادِيْثِ، وَقَدْ يَكُونُ حُكْمُهُ مُقْتَبَساً مِنْ كَلامِ غَيْرِهِ كَالْمُنْذِرِيِّ أَوْ شَيْخِ الإسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ أَوْ ابنِ القَيِّمِ. وَأَحْيَاناً يَذْكُرُ الإسْنَادَ مُشِيْراً إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيْهِ نَظَرٌ مَعَ صِحَّةِ مَعْنَاهُ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى، مَعَ احْتِمَالِ صِحَّتِهِ لِذَاتِهِ.

فَلَمْ يَبْنِ تَبْوِيْباً عَلَى حَدِيْثٍ أَوْ أَثَرٍ ضَعِيْفٍ مُطْلَقاً، بَلْ بَنَاهُ عَلَى مَا هُوَ ثَابِتٌ صَحِيْحٌ، وَقَدْ يَذْكُرُ بَعْضَ الأحَادِيْثِ أَوِ الآثَارِ الَّتِي فِي سَنَدِهَا خِلافٌ بَيْنَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ بَابِ الاسْتِئْنَاسِ لا مِنْ بَابِ الاحْتِجَاجِ، وَهَذَا لا يَتَجَاوَزَ عَدَدَ الأَصَابِعِ كَمَا سَيَأتِي بَيَانُهُ.

ما يَتَعَلَّقُ بِأَحَادِيثِ كِتَابِ التَّوْحِيْدِ:
ذَكَرَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيْدِ سِتَّةً وَسِتِّيْنَ بَاباً اشْتَمَلَتْ عَلَى آيَاتٍ كَثِيْرَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَعَلَى ( 124 ) حَدِيْثاً، وَذَكَرَ مِنْهَا حَدِيْثَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ فَيُصْبِحُ الْمَجْمُوعُ بِالْمُكَرَّرِ( 126 ) حَدِيْثاً.

خَرَّجَ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ أَوْ أَحَدُهُمَا ( 61 ) حَدِيْثاً أيْ: قُرَابَةَ النِّصْفِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أحَادِيْثَ الصَّحِيْحَيْنِ مِمَّا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ، وَأَجْمَعَتْ عَلَى صِحَّتِهَا.

و( 55 ) حَدِيثاً مِنْ غَيْرِ الصَّحِيْحَيْنِ وَهِيَ صَحِيْحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ، وَقَدْ بَيَّنْتُ بُرْهَانَ ذَلِكَ أَثْنَاءَ تَخْرِيْجِي لِلأَحَادِيْثِ.

بَقِيَتْ ثَمَانِيَةُ أَحَادِيْثَ فِيْهَا نِزَاعٌ قَوِيٌّ(8) بَيْنَ العُلَمَاءِ أَذْكُرُهَا بِاخْتِصَارٍ:

أَوَّلاً: ذَكَرَ فِي البَابِ الأَوَّلِ حَدِيْثَ أَبِي سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَرْفُوعاً: ((قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ، عَلِّمْنِي شَيْئاً أذْكُرُكَ، وَأدْعُوكَ بِهِ..)) الْحَدِيْثَ.

وَهَذَا الْحَدِيْثُ صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الأَئِمَّة مِنْهُم : الْحَاكِمُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ. والْحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ. وَلَهُ شَوَاهِدُ صَحِيْحَةٌ.

ثَانِياً: قَالَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ فِي البَابِ( 13 ) : «وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسنَادِهِ، أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- مُنَافِقٌ يُؤذِي الْمُؤمِنِيْنَ، فَقَالَ بَعضُهُم: قُومُوا بِنَا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- مِن هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((إِنَّهُ لاَ يُستَغَاثُ بِي، وَإِنَّمَا يُستَغَاثُ بِاللهِ))»

فَهَذَا الْحَدِيْثُ أَشَارَ الْهَيْثَمِيُّ إلَى حُسْنِهِ بِقَوْلِهِ: «رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيْحِ غَيْرُ ابنِ لَهِيْعَةَ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيْثِ» وَمَعْلُومٌ خِلافُ العُلَمَاءِ فِي ابنِ لَهِيْعَةَ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُوَثِّقُهُ مُطْلَقاً، فَهِيَ مَسْأَلَةٌ خِلافِيَّةٌ.

وَمَعَ ذَلِكَ فَشِيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ لَمْ يُوْرِدْهُ عُمْدَةً فِي البَابِ، لأَنَّهُ احْتَجَّ عَلَى «بَاب منَ الشِّرْكِ أنْ يَسْتَغِيثَ بِغَيْرِ اللهِ أَوْ يَدْعُو غَيْرَهُ» بِأَرْبَعِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيْثَ الطَّبَرَانِيِّ، وَذَكَرَ فِي البَابِ (18) مَسْأَلَةً لا يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِالْحَدِيْثِ إِلا الْمَسْأَلَةُ الأَخِيْرَةُ وَهُي: «الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: حِمَايَةُ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- حِمَى التَّوحِيْدِ وَالتَأَدُّبُ مَعَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-»

ثَالِثاً : ذَكَرَ فِي البَابِ(27) حَدِيثَ الفَضْلِ بنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- : ((إِنَّمَا الطِّيَرَةُ مَا أَمْضَاكَ أَوْ رَدَّكَ))

فَهَذَا الْحَدِيْثُ لَمْ يُصَحِّحْهُ أَوْ يُحَسِّنْهُ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ لِصِحَّةِ مَعْنَاهُ مَعَ قُرْبِ إِسْنَادِهِ، فَيْسْتَأْنَسُ بِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ أحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ عُلاثَةَ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيْهِ، فَمَعَ أَنَّهُ ضُعِّفَ إِلا أَنَّ ابنَ مَعِيْنٍ وَثَّقَهُ، وَقَالَ ابنُ عَدِيٍّ: حَسَنُ الْحَدِيْثِ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، وَوَثَّقَهُ ابنُ سَعْدٍ، وَكَذَا الْخَطِيْبُ، وَدَافَعَ عَنْهُ. وَفِيْهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ ابنِ عُلاثَةَ وَبَيْنَ الفَضْلِ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

وَقَدْ نَبَّهَ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ عَلَى ذَلِكَ، فَنَقَلَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ خَطِّهِ: «فِيْهِ رَجُلٌ مُخْتَلَفٌ فِيْهِ، وَفِيْهِ انْقِطَاعٌ»

وَالْحَدِيْثُ الْمَذْكُورُ مَعْنَاهُ صَحِيْحٌ، دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الأَدِلَّةُ الصَّحِيْحَةُ الثَّابِتَةُ.

رَابِعاً: ذَكَرَ فِي البَابِ(31) حَدِيْثَ أَبِي سَعِيدٍ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَرفُوعَاً: ((إِنَّ مِنْ ضَعفِ اليَقِينِ: أَن تُرضِيَ النَّاسَ بِسُخطِ اللهِ..)) الْحَدِيْثَ.

وَهَذَا الْحَدِيْثُ لَمْ يُحَسِّنْهُ شَيْخُ الإسْلامِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ، وَلَمْ يُصَحِّحْهُ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ بَعْدَ ذِكْرِ آيَتَيْنِ، وَأَتْبَعَهُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- مَرْفُوعاً: ((مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى عَنهُ النَّاسَ..)) وَهُوَ حَدِيْث صَحِيْحٌ.

وَمَعَنَاهُ صَحِيْحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ.

خَامِساً: ذَكَرَ فِي البَابِ( 55 ) حَدِيْثَ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: (( لاَ يُسأَلُ بِوَجهِ اللهِ إلاَّ الْجَنَّةَ )) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ .

فَهَذَا الْحَدِيْثُ سكت عَنْهُ أبُو دَاوُدَ، وَذَكَرَهُ البَغَوِيُّ فِي الأَحَادِيْثِ الْحِسَانِ مِنَ الْمَصَابِيحِ( 2/ 61 ) ، وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِيْنَ( ص / 390 )، وَصَحَّحَهُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ، وَرَمَزَ السُّيُوطِيُّ لِصِحَّتِهِ.

وَمَدَارُهُ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ مُعَاذٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيْهِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ الإمَامُ أحْمَدُ، وَقَالَ مَرَّةً: لا أَرَى بِهِ بَأْساً. وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ، وَمَنْ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ فَقَدْ جَاوَزَ القَنْطَرَةَ.

سَادِساً: ذَكَرَ فِي البَابِ(64) حَدِيْثَ جُبَيْرِ بنِ مُطعِمٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! نُهِكَتِ الأَنْفُسُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، وَهَلَكَتِ الأَمْوَالُ؛ فَاسْتَسْقِ لَنَا رَبَّكَ، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِاللهِ عَلَيْكَ، وَبِكَ عَلَى اللهِ».

فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((سُبحَانَ اللهِ! سُبحَانَ اللهِ!)).. الْحَدِيْثَ.

فَهَذَا الْحَدِيْثُ قَدْ صَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ؛ قَالَ ابنُ مَنْدَهْ: «وَهُوَ إسْنَادٌ صَحِيْحٌ مُتَّصِلٌ مِنْ رَسْمِ أَبِي عِيْسَى والنَّسَائِيِّ»، وَقَوَّاهُ شَيْخُ الإسْلاَمِ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى( 16 / 435 )، وَحَسَّنَهُ ابنُ القَيِّمِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ سُنَنِ أبِي دَاوُدَ لِلْمُنْذِرِيِّ( 13 / 12 ) وَدَلَّلَ عَلَى ذَلِكَ، وَرَدَّ عَلَى قَوْلِ الْمُضَعِّفِيْنَ. وَكَفَى بِهَؤُلاءِ الأَئِمَّةِ قُدْوَةً وَسَلَفاً.

سَابِعاً: قَالَ فِي البَابِ الأَخِيْرِ(66): «وَقَالَ ابنُ جُرَيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَخبَرَنَا ابنُ وَهبٍ قَالَ: قَالَ ابنُ زَيدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((مَا السَّمَاوَاتُ السَّبعُ فِي الكُرسِيِّ إِلاَّ كَدَرَاهِمَ سَبْعَةٍ أُلقِيَتْ فِي تُرْسٍ))(9).

قَالَ: وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- يَقُولُ: ((مَا الكُرسِيُّ فِي العَرْشِ إِلاَّ كَحَلَقَةٍ مِن حَدِيدٍ أُلقِيَتْ بَيْنَ ظَهْرَي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ))(10) ».

فَهُنَا قَدْ أَوْرَدَ الشَّيْخُ الإسْنَادَ، وَكَذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ شَوَاهِدُ يَصِحُّ بِهَا، أَمَّا مُرْسَلُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ فَلَمْ أَجِدْ مَا يَشْهَدُ لَهُ، بَلْ مَا يُغْنِي عَنْهُ.

ثَامِناً: ذَكَرَ فِي البَابِ الأخِيْرِ-أَيْضاً- حَدِيْثَ الأَوْعَالِ وَهُوَ حَدِيْثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ سَلَفِ الأُمَّةِ، وَقَوَّاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ:

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «حَسَنٌ غَرِيْبٌ»، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ الْجَوْرَقَانِيُّ فِي كِتَابِهِ « الأبَاطِيلِ والمنَاكِيْرِ والصِّحَاحِ وَالمشَاهِيْرِ »، وَالضِّيَاءُ فِي الأحَادِيْثِ الْمُخْتَارَةِ، وَقَالَ أبُو بَكْرٍ ابنُ العَرَبِيِّ: « حَسَنٌ صَحِيْحٌ »، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِ العَرْشِ ( رقم 24 ) : « إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَفَوْقَ الْحَسَنِ ».

وَقَوَّاهُ شَيْخُ الإسْلاَمِ ابنُ تَيْمِيَّةَ، وَابنُ القَيِّمِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ سُنَنِ أبِي دَاوُدَ، وَقَالَ فِي الصَّواعِقِ الْمُرْسَلةِ: «إِسْنَادٌ جَيِّدٌ» .

وَقَالَ الشَّيْخ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ حَسَنٍ فِي قُرَّةِ عُيُونِ الْمُوَحِّدِينَ ( ص / 213 ) : «وَهَذَا الْحَدِيْثُ لَهُ شَوَاهِدُ فِي الصَّحِيْحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مَعَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَرِيحُ القُرْآنِ، فَلا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ ضَعَّفَهُ» .

فَظَهَرَ بِمَا سَبَقَ أَنَّ شَيْخَ الإسْلامِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ لَمْ يُصَحِّحْ أَوْ يُحَسِّنْ حَدِيْثاً ضَعِيْفاً ( 11 ) ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ بَعْضِ الأَحَادِيْثِ الَّتِي ضَعَّفَهَا بَعْضُ العُلَمَاءِ فَهُوَ لاخْتِلافِ اجْتِهَادِهِمْ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْحَدِيْثِ، وَكَذَلِكَ قَدْ يُوْرِدُ بَعْضَ مَا تُكِلِّمَ فِيْهِ اسْتِئْنَاساً مَعَ صِحَّةِ مَعْنَاهُ بِالدَّلائِلِ القَطْعِيَّةِ.

فلا يَجُوزُ لأَحَدٍ بِحَالٍ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ شَيْخَ الإسْلامِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ تَسَاهَلَ فِي إِيْرَادِهَا، أَوْ خَالَفَ أَهْلَ الْحَدِيْثِ، بَلْ هُوَ سَائِرٌ عَلَى نَهْجِهِمْ وَطَرِيْقَتِهِمْ، بَلْ هُوَ مِنْ كِبَارِ أَهْل الْحَدِيْثِ وَمُحَقِّقِيْهِمْ-رَحِمَهُ اللهُ-.

وَهَذَا الإمَامُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ عَلَى جَلالَتِهِمْ، وَتَمَكُّنِهِمْ فِي عِلْمِ الرِّجَالِ قَدْ صَحَّحُوا بَعْضَ الأحَادِيْثِ الَّتِي خَالَفَهُمْ فِيْهَا غَيْرُهُمْ، وَكَذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِيْنَ وَالَّذِي اشْتَرَطَ فِيْهِ الصِّحَّةَ قَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي تَصْحِيْحِ بَعْضِ تِلْكَ الأحَادِيْثِ، وَكِتَابُهُ الأَرْبَعِيْنَ نَجِدُ مِنَ العُلَمَاءِ مَنْ ضَعَّفَ مِنْ أَحَادِيْثِهِ مَا تَزِيْدُ نِسْبَتُهُ عَمَّا انْتُقِدَ عَلَى شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ.

وَكَذَلِكَ شَيْخُ الإسْلام ابنُ تَيْمِيَّةَ والإمَامُ ابنُ القَيِّمِ وَالذَّهَبِيُّ والحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ قَدْ صَحَّحُوا أَحَادِيْثَ خَالَفَهُمْ فِيْهَا غَيْرُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَادِحاً فِي عِلْمِهِمْ أَوْ عِلْمِ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَتَّهِمْهُمْ أَحَدٌ بِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ فِي الْحَدِيْثِ أَوْ التَّسَاهُلِ أَوْ يَطْعَنْ عَلَيْهِم بِذَلِكَ.

فَالْخُلاصَةُ أَنَّ شَيْخَ الإسْلامِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِالوَهَّابِ -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيْثِ، وَكِبَارِ الْمُحَدِّثِيْنَ وَالْمُحَقِّقِيْنَ، وَكِتَابُهُ التَّوْحِيْدُ مِنْ أَصَحِّ الكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي العَقَائِدِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ

كتَبَهُ: أبو عمر أسامةُ العُتَيْبِي


----------------------------
الهوامش
(1) كَتَبَ شَيْخُنَا الشَّيْخُ صَالِحُ بنُ عَبْدِاللهِ العُبُود تَرْجَمَةً حافِلَةً لِشَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ ضِمْنَ كِتَابِهِ البَدِيْعِ «عَقِيْدَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ السَّلَفِيَّةِ وَأَثَرِهَا فِي العَالَمِ الإسْلامِيِّ» فَيُرْجَعُ إلَى ذَلِكَ الكِتَابِ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ غَايَةً.
(2) رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ(رقم2405)، ومُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ(رقم2525).
(3) انْظُرِ: الدُّرَرَ السَّنِيَّةَ(9/215)
(4) عُنْوَانُ الْمَجْدِ فِي تَارِيْخِ نَجْدٍ لِلعَلاَّمَةِ عُثْمَانَ بنِ بِشْرٍ النَّجْدِيِّ(1/ 6).
(5) الدُّرَرُ السَّنِيَّةُ(12/ 8)
(6) قَالَ ابنُ بِشْرٍ فِي عُنْوَانِ الْمَجْدِ(1/25-26): «كَانَ لَهُ اليَدُ الطُّولَى فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيْثِ وَأَهْلِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَصَنَّفَ مُصَنَّفاً سَمَّاهُ :"تُحْفَةَ الأَنَامِ فِي العَمَلِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ"، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ غَيْرُهَا، رَأَيْتُ لَهُ مُصَنَّفاً عَجِيباً؛ شَرْحاً عَلَى الأَرْبَعِيْنَ النَّوَوِيَّةِ، سَمَّاهُ: "تُحْفَةَ المُحِبِّيْنَ فِي شَرْحِ الأَرْبَعِيْنَ"».
(7) مِنْ كَلامِ الشَّيْخِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ حَسَنٍ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ:«فَتْحِ الْمَجِيْدِ».
(8) هُنَاكَ أحَادِيْثُ أُخْرَى تَنَازَعَ فِيْهَا العُلَمَاءُ لَمْ أَذْكُرْهَا لأَنَّهُ ظَهَرَ لِي ضَعْفُ حُجَّةِ مَنْ يُضَعِّفُهَا.
(9) رَوَاهُ ابنُ جَرِيْرٍ(3/10)، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي العَظَمَةِ(رقم220) وَعَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: وَاهٍ، وَأَبُوهُ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، فَهُوَ مُرْسَلٌ وَاهِي الإسْنَادِ.
(10) رَوَاهُ ابنُ جَرِيْرٍ فِي تَفْسِيْرِهِ(3/10)، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي العَظَمَةِ(2/587) وفي إِسْنَادِهِ: عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ وَهُوَ وَاهٍ، ولَكِن لَهُ طُرُقٌ أُخْرَى تُغْنِي عَنْهُ فَهُوَ صَحِيْحٌ.
(11) انْتَقَدَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إِيْرَادَ شَيْخِ الإسْلامِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ لِقِصَّةِ الغَرَانِيقِ فِي مُخْتَصَرِهِ لِلسِّيْرَةِ، وَهَذَا فِي حَقِيْقَتِهِ انْتِقَادٌ غَيْرُ صَحِيْحٍ، فَقِصَّةُ الغَرَانِيقِ ثَابِتَةٌ، أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى ثُبُوتِهَا، وَتَلَقَّتْهَا الأُمَّةُ بِالقَبُولِ، وَقَدْ صَحَّحَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ مِنْهُمُ: الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْمُخْتَارَةِ(10/234)، وَالْحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أحَادِيْثِ الكَشَّافِ(4/114)، وَالسُّيُوطِيُّ، وَالشَّيْخُ سُلَيْمَانُ وَغَيْرُهُمْ، وَفَسَّرَهَا-أيْ قَولَهُ تَعَالَى: {ألْقَىالشَّيْطَانُ فِي أمْنِيَّتِهِ} بِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ كَابنِ جَرِيْرٍ(17/186)، والنَّحَّاسِ فِي مَعَانِي القُرْآنِ(4/426)، وَالبَغَوِيِّ(3/293-294)، والوَاحِدِيِّ فِي تَفْسِيْرِهِ(2/737)، وَأَبِي اللَّيثِ السَّمَرْقَنْدِيِّ(2/ 465)، وابنِ أَبِي زَمَنِيْنَ(3/186)، والسَّمْعَانِيِّ(3/448)، وابنِ جُزَيٍّ فِي التَّسْهِيْلِ(3/44)، وَشَيْخِ الإسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى(2/282)، وَقَالَ فِي مِنْهَاجِ السُّنَّةِ(2/ 409):«عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ السَّلَفِ والْخَلَفِ» وَالسَّعْدِيِّ(ص/ 542) وَغَيْرِهِمْ كَثِيْرٍ جِدًّا.

أبو هاجر القحطاني
2014-09-25, 13:45
من درر الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله :

( لست ولله الحمد أدعوا إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم ، بل أدعوا إلى الله وحده لا شريك له ، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم وأرجوا أني لا أرد الحق إذا أتاني ، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلها على الرأس والعين ، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي حاشا رسول الله صلى الله عليه فإنه لا يقول إلا الحق .. )

مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب - القسم الخامس (الرسائل الشخصية ) ص252 .

أبو هاجر القحطاني
2014-09-29, 09:49
الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب يوجه الصوفية وينصح لهم

وهذه بعض أقوال الشيخ رحمه الله في نُصح الصوفية ونقدهم وتوجيههم التوجيه السليم والتحذير من بعض الأخطاء:

قال الشيخ مُعلقاً على قوله تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً} الآيتين من سورة المؤمنين وذكر من المسائل عليها:
"الخامسة:الأمر بالأكل من الطيبات،ففيه ردّ على الغلاة الذين يمتنعون عنها،وفيه ردّ على الجفاة الذين لا يقتصرون عليها.

السادسة:الأمر بإصلاح العمل مع الأكل من الطيبات،ففيه رد على ثلاث طوائف:
أولهم:الآكلون الطيبات بلا شكر،والشكر هو العمل المرضي.
وثانيهم:من يعمل العمل غير الخالص مثل المرائي وقاصد الدنيا.
وثالثهم: الذي يعمل مخلصاً لكنه على غير الأمر."

من (مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب) القسم الرابع/التفسير/تفسير سورة المؤمنين/ص269-270.

قلتُ:
والشيخ ينكر على الصوفية هذه الأمور كثيراً،وهي تحريم الحلال،ومنها تحريم الطيبات والتضييق على النفس.

وقد ذكر مثل هذا العمل الشيخ في مسائل الجاهلية يرجع لمجموع العقيدة وهي في رسالة مفرده :
فذكر من مسائل الجاهلية:
"الحادية والسبعون: تعبدهم بترك الطيبات من الرزق.
الثانية والسبعون: تعبدهم بترك زينة الله."
في مسائل الجاهلية التي خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية.

علقَ شيخنا العلامة صالح الفوزان أطال في عمره على خير على المسألتين:
"أي تقربهم إلى الله بترك الطيبات من الرزق،وترك لباس الزينة، وهذا عن النصارى ومن شابههم من الصوفية المنتسبين للإسلام، يتركون الطيبات تعبداً لله عز وجل،فلا يتزوجون النساء،ولا يأكلون من الطيبات،ويتقشفون في المآكل والمشارب والملابس،يزعمون أن هذا عبادة لله؛ ولهذا قال الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعبادهِ والطيبات من الرزق} وقال:{يا أيها الذين آمنوالا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم.
.....................
فتحريم الطيبات من دين النصارى الرهبان،ومن دين الجاهلية.
ومن حرّم حلالاً مجمعاً على حِلِّه ارتد عن دين الإسلام،فإذا أضاف إلى ذلك اعتبار هذا من التعبد لله عز وجل،فهذا افتراء على الله؛لأن الله لم يشرع لعباده ترك الطيبات بل أمرهم بالأكل منها }يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}،ولما هَمَّ جماعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا،غضب عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.
............" إلخ حديثه حفظه الله فليرجع إليه ويُستفاد منه..

قلتً:
وهذا ليس عجيب عليهم،وقد صدق الشيخ،وحتى يتضح لك بعض الأمر خذ على سبيل من هم أفضل الصوفية وأنظر كيف يقعون في طوام من هذا النوع:

اقتباس:
--------------------------------------------------------------------------------
ثم علماء أهل السنة والجماعة رصدوا هذه الحركة منذ نشأتها الزهدية،وحتى تحولاتها الصوفية والتي بدأت تتخبط وتبتعد عن الهدي النبوي وتتشبه برهبانية النصارى،ومن أوائل من نقل هذا الفكر الرهباني النصراني مالك بن دينار رحمه الله،فلقد دعا بأمورٍ عجيبة،ليست -والله- من السنة،بل رهبانية ابتدعوها!!!
فمن آرائهم التجرد من الزواج،وكان يقول: "لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته أرملة ويأوي إلى مزابل الكلاب" سير أعلام النبلاء 8/156،حلية الأولياء 2/359،نقلاً عن محمد العبدة يقول الشيخ محمد: "وقد علق مُحقق السير الشيخ شعيب(يعني شعيب الأرناوط) على هذا الكلام فقال: "منزلة الصديقين لا تنال بهذا المسلك الأعجمي المخالف لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من ترك التبتل والرهبنة"
قلتُ: ومن لم يكن متبعاً لقدوتنا فلا خير في اتباع بدعه!!خاصة أن لنا سند في إنكار قول مالك بن دينار رحمه الله بعدد من الآيات والأحاديث!!وأخص بحديث الثلاثة نفر الذي قال أحدهم لا تزوج النساء لأنه يريد أن لا يجعلها أرملة!!لتفرغه للعبادة،وأنظر ما كتبه الشيخ محمد جميل غازي رحمه الله في الصوفية والوجه الآخر فقد أجاب عن وضع المرأة عند الصوفية بأنها كالأرملة!!-ولولا خشية الإطالة لأوردت بعض أقوالهم-.
يقول محمد العبدة: "وكثيراً ما يقول:قرأت في بعض الكتب!!قرأتُ في التوراة!! ويروي عيسى عليه السلام!!: (بحق أقول لكم،إن أكل الشعير والنوم في المزابل مع الكلاب لقليل في طلب الفردوس) أو وله: (أوحى الله إلى نبي من الأنبياء) أو (قرأتُ في الزبور ..) أنظر حلية الأولياء 2/357.
فمن الواضح ومن خلال قراءة ترجمته في كتب الطبقات أنه متأثر بما ترويه الكتب القديمة عن الزهاد والرهبان .. ومن الواضح أن هذه الكتب قد حُرفت ولسنا مأمورين بقرائتها بل منهيون عن الأخذ منهم وتقليدهم" الصوفية نشأتها وتطورها محمد العبدةوطارق عبدالحليم.
قلتُ:
أنظر وتأمل!!
فوالله إن هذا لكافي!!
"أمتهوكٌ فيها يا ابن الخطاب؟!!" لما رأى معه بعض الصفحات!!وأنظر هو يقرأها ويطبقها -أعني مالك- وهنا النهي ففي شرعنا كفــــاية!!
وهذا أكبر دليل بانحراف الزهاد والصوفية ونقاط التحول إلى بدعية رهبانية متأثره بالنصرانية!!

الوقفة الثانية:
والشيخ-رحمه الله- دائماً ينصح ويوجه جميع الناس،ومن الناس أهل البدع،ومنهم الصوفية.
والشيخ يفرق بين الصوفية،فهو يعلم بأنهم [[فِرق]] وأحزاب {كل حزب بما لديهم فرحون} وأنهم جميعاً "دركــــات" -الدركة من البعد والسفلة- فبعضهم قريب للحق وبعضهم قريب للشرك وعدد منهم مشركون..
وهم (الصوفية) الذين فرقوا دينهم وصاروا شيعاً 00

فوقتنا التالية مع بعض الغلاة في مقام التوكل 00 فإلى كلام الشيخ:

"قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى:هذه مسائل مستنبطة من سورة اقرأ.

الثانية: الجمع بين التوكل والسبب،خلافاً لغلاة المتفقهة وغلاة المتصوفة."
من (مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب) القسم الرابع/التفسير/تفسير سورة العلق/ص369.

قلتُ:
رحم الله الشيخ،فها هو ينكر على الصوفية تواكلهم ومخالفتهم للهدي السني-كما سيأتي- فالنبي صلى الله عليه وسلم قدوتنا في ذلك يأخذ بالأسباب ويربط بين التوكل والسبب..
وهذا إنصاف الشيخ حين يقول (غلاة) فليس كل المتصوفة عندهم هذه البلية والمخالفة للسنة النبوية.

وأرى أن نبسط البيان بكلام الإمام القرطبي -رحمه الله- في هذه المسألة لعل فيها نصيحة وتوجيه لمن في قلبه بذرة الخير وبصيص الفطرة ليتحرك وفق السنة:
"إن التوكل على الله هو الثقة بالله والإيقان بأن قضاءه ماض،واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السَّعي فيما لا بدّ منه من الأسباب من مَطْعمٍ ومَشْرَبٍ وتحرّزٍ من عدوٍّ،وإعدادِ الأسلحة،واستعمال ما تقتضيه سنة الله تعالى المعتادة.

وإلى هذا ذهب محققو الصوفية،لكنه لا يستحق اسم التوكل عندهم مع الطمأنينة إلى تلك الأسباب والالتفات إليها بالقلوب،فإنها لا تجلب نفعاً،ولا تدفع ضراً؛بل السبب والمسبب فعل الله تعالى،والكلُّ منه وبمشيئتهِ،ومتى وقع من المتوكِّل ركونٌ إلى تلك الأسباب فقد انسلخ عن ذلك الاسم.

ثم المتوكلون على حالين:
الأول: حال المتمكِّن في التوكُّل،فلا يلتفتُ إلى شيءٍ من تلك الأسباب بقلبه،ولا يتعاطاه إلا بحكم الأمر.
الثاني:حال غير المتمكِّن،وهو الذي يقع له الالتفات إلى تلك الأسباب أحياناً،غير أنه يدفعها عن نفسه بالطرق العلميّة،والبراهين القطعيّة،والأذواق الحالية،فلا يزال كذلك،إلى أن يُرَقِّيَه الله بجُودهِ
إلى مقام المتوكلين المتمكنين،ويلحقه بدرجات العارفين"
من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 4/189-190.
"وهذا هو التوكل الحقيقي،الذي لا يشوبه شيء وهو فراغ القلب مع الربّ،رزقنا الله إياه،ولا أحالنا على أحدٍ سواه،بمنِّهِ وكرمه"
المرجع السابق 17/43.
"وقالت طائفة من المتصوفة:
لا يستحقه إلا مَنْ لم يخالط قلبَهُ خوفُ غير الله مِنْ سَبُعٍ أو غيره،وحتى يترك السعي في طلب الرِّزق،لضمان الله تعالى"
المرجع السابق 4/253.
وفي قوله تعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت] جواز:
"اتخاذ البلاد وبنائها،ليُمتَنَع بها في حفظ الأموال والنفوس،وهي سُنَّة الله في عباده.وفي ذلك أدل دليل على ردّ قول من يقول:التوكُّلُ ترك الأسباب،فإن اتخاذ البلاد من أكبر الأسباب وأعظمها،وقد أمرنا بها،واتخذها الأنبياءُ،وحفروا حولها الخنادق عُدَّةً وزيادةً في التمنُّع.
وقد قيل للأحنف: ما حكمة السُّوْر؟ فقال: ليردع السفيه حتى يأتي الحكيم فيحميه."
المرجع السابق 5/283.
وفي قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم}:
"مع الأحاديث التي ذكرناها ما يردّ قول من ينكر طلب الأقوات بالتجارات والصناعات من المتصوفة الجهلة،لأن الله تعالى حرّم أكلها بالباطل،وأحلها بالتجارة،وهذا بيّن."
المرجع السابق 5/156.
قلتُ:
وكلام القرطبي في هذا طويل،ود أحسن جامعها الشيخ مشهور آل سلمان وفقه الله في رسالته الطيبة [القرطبي والتصوف] ..
ومن أراد مزيد من كلام الشيخ فليعد للرسالة..

ويحسن بنا الآن أن ننظر واقع الصوفية وكلام علمائهم في ذلك 00 ليتبين لمن يُريد النجاة بأن كل إنسان يأخذ من قوله ويرد إلا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام 00 فلنتبع ولا نبتدع 00 فإن هذه البدعة الشنيعة قذف لنبينا بأن بعيد عن التوكل!! والحقيقة أنه سيد وقدوة المتوكلين 00 فعليك بسنته تنجو 00

لنأخذ بعض الأمثلة:

قال الشيخ محمد الكردي: "قال ذو النون المصري:التوكل ترك التدبير والانخلاع من الحول والقوة،وقال إبراهيم الخواص:لقيني الخضر عليه السلام فسألني عن الصحبة فخشيت أن يفسد عليّ توكلي بسكوتي إليه ففارقته" تنوير القلوب 482 والرسالة القشيرية 77.

وحكى أن أحد مشايخ هذه الطائفة كان يسافر بلا زاد ولا راحلة فكانوا إذا نزلوا منزلاً تأتيهم الموائد من الغيب الأنوار القدسية204،المواهب السرمدية224،جامع كرامات الأولياء1/389.

وكان أحد مشايخهم واسمه عبدالله الدهلوي يقول: كما أن طلب الحلال فرض على المؤمنين كذلك ترك الحلال فرض على العارفين!!.المواهب السرمدية240،الأنوار القدسية213.أعوذ بالله من تحريم الحلال؟؟!!!!!

إذاً ما موقفهم من هذه الأحاديث؟؟!!وما موقفهم من هؤلاء؟؟!!
((اعقلها وتوكل)) فهذا يخالف أصلهم!!
(( دلوني على السوق)) وهو من كلام عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه ،فعندهم هذا الصحابي الجليل غير متوكل!!
لما قام أبو بكر الصديق يتاجر بعد تولي الخلافة!!عندهم أنه غير متوكل؟!!
سعيد بن المسيب كان بتجر بالزيت،فهو عند الصوفية ليس متوكلاً!!
أبو حنيفة النعمان كان يتجر بالقماش فهو غير متوكل عندهم؟!!

عن عطاء بن السائب قال: لما استخلف أبو بكر رضي الله عنه أصبح غادياً إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر بها فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا:أين تريد؟ فقال:السوق.قالا:تصنع ماذا؟وقد وُليّت أمور المسلمن؟ قال:فمن أين أطعم عيالي؟فنهياه عن مزاولة التجارة لأنه تولى أمر المسلمين وفرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم"تاريخ الطبري3/54،طبقات ابن سعد3/184،تاريخ الخلفاء للسيوطي78،تلبيس إبليس282

قال ابن الجوزي عقب هذه القصة:
"لو قال رجل للصوفية من أين أطعم عيالي لقالوا قد أشركت ولو سئلوا عمن يخرج إلى التجارة لقالوا ليس بمتوكل ولا موقن وكل هذا لجهلهم بمعنى التوكل واليقين "تلبيس إبليس282.

بعدها أنظر إلى أبي حامد الغزالي حين يقول بأن الموت من الجوع من أعلى مقامات التوكل .. وأدنى مراتب التوكل توكل أبي بكر الصديق:فالتوكل عندهُ ثلاث مقامات:

المقام الأول: (مقام الخواص) وهو أعظم المقامات الثلاثة عند الغزالي وأعلاها منزلة،وهو مقام من يدور ف البوادي بغير زاد،ثقة بفضل الله تعالى عليه في تقويته على الصبر أسبوعاً أو تيسر حشيش له أو قوت أو تثبيته على الرضا بالموت إن لم يتيسر شيء من ذلك" الإحياء 4/268.
ولا يصحتوكله إلا أن يطيب نفساً بالموت إن لم يأتيه رزقه علماً بأن رزقه الموت والجوع".

المقام الثاني:أن يقعد في بيته أو في مسجد،ولكنه في القرى والأمصار،وهذا لكنه أيضاً متوكل لأنه تارك للكسب والأسباب الظاهرة"الإحياء4/272-273.
تأمل الفرق بين الأول والثاني أن المقام الثاني لم يعرض نفسه للموت بخلاف الأول،أما من حيث ترك التكسب فلا فرق بين المقامين!فإن الإثنين معرضان عن التكسب.

المقام الثالث:أن يخرج ويكتسب،فإن المكتسب مكتسباً لعيالهِ أو ليفرق بين المساكين،فهو ببدنه مكتسب وبقلبهِ عنه مقطوع،ولا يجوز تكليف العيال الصبر على الجوع،ولا يمكن أن يقرر عندهم الإيمانبالتوحيد،وإن الموت على الجوع رزق مغبوط عليه"
إذن لا يمكنه في حقهم إلا أدنى درجات التوكل وهو المقام الثالث:"كتوكل أبي بكر الصديق رضي الله عنه إذ خرج للكسب" الإحياء4/272.

تأمل كلام ابن الجوزي رحمه الله السابق ثم تفكر بما وصل إليه حجة الصوفية أبي حامد الغزالي رحمه الله..

ونزول الرجل إلى السوق عند الصوفية دليل وعلامة على أنه ليس من أهلاً لسلوكِ طريق التصوف-وهذا عام غالب على هذه الطرق- فقد نظر أبو تراب النخشبي إلى صوفي جائع مد يده إلى قشر البطيخ ليأكله بعد ثلاث أيام من التوكل،فقال لهُ: "لا يصلح لك التوصف إلزم السوق" الرسالة القشيرية208.
ومن توكل هذا أبو تراب النخشبي أنه خرج "إلى البراري على التواكل فنهشته السباع التي خرجت طلباً للرزق مع الأخذ بالأسباب وكانت بذلك أصح توكلاً منه ومن أمثاله من البطالين فرزقها الله هذا الصوفي المتواكل" من كلام دمشقية.

وفي مواضع أخرى تجد هذا في الإحياء!!

لست هنا على سبيل التقصي إنما المُراد محاولة الإصلاح والنصح.

ونواصل بإذن الله مع نصائح شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب مع بعض التعليق عليها من باب الإفادة وحتى يقمع المنكر بكلام الصوفيين أنفسهم وكلام الأئمة أعلام الهدى..

الوقفة الثالثة والرابعة:كلام الإمام محمد بن عبدالوهاب في قصيدة البردة

لما نظرت واقع الصوفية مع هذه القصيدة الشركية وشبه إجماعهم على قبولها وإنشادها وحفظها والعمل بها،وجب التحذير منها،وهذا ما قام به عدد من أهل العلم ومنهم الشيخ الإمام.
وهذه هي الوقفة الثالثة وهي التحذير من هذه القصيدة وبيان الشرك الذي احتوته عدد من هذه الأبيات.
وهي كذلك في سِفر التفسير.
والوقفة الرابعة وهي أشد العجب ليس من الجاهليين والذين ليس عندهم الهدى؛ولكن أشد العجب ممن عنده الكتاب والسنة؛بل ويشرح بعضها ويفسر بعض الآيات الناهية عن الشرك والغلو ثم هو يقع فيها فما يدري ما يخرج من رأسه!!!

قال : الإمام محمد بن عبدالوهاب : تفسير سورة الفاتحة من مؤلفات الإمام محمد بن عبدالوهاب ص 13 المجلد الخامس-وقد دلني عليها أخي الحبيب الدر المنثور- :
"وأما الملك فيأتي الكلام عليه ، وذلك أن قوله: ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) وفي القراءة الأخرى ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله ك ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {17} ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {18} يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ {19}‏ ([ سورة الانفطار الآيات: 17/19].
فمن عرف تفسير هذه الآية ، وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم ، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها ، وسبب الجهل بها دخل النار من دخلها، فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعني والإيمان بما صرح به القرآن ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) [ أخرجه البخاري في صحيحة: كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب رقم: 2753 ، والنسائي في سننه: كتاب الوصايا إذا أوصى لعشيرته الأقربين (6/ 248-250) رقم : 3644، 3646، 3647، من حديث أبي هريرة.
من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ***** اذا الكريم تحلي بأسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ***** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فليـتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها ، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعى أنه من العلماء واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن .
هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) وقوله: : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) لا والله ، لا والله لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق ، وأن فرعون صادق ، وأن محمداً صادق على الحق ، وأن أبا جهل صادق على الحق . لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان.
فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة ، ومن فتن بها عرف غربة الإسلام وعرف أن العدل واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا، ليس عن التكفير والقتال ، بل هم الذين بدءونا بالتكفير وعند قوله: ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) [سورة الجن الآية : 18].وعند قوله: (أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) [سورة الإسراء: الآية : 57]. وقوله: ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ) [سورة الرعد الآية: 14].
فهذا بعض المعاني في قوله : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) بإجماع المفسرين كلهم ،وقد فسرها الله سبحانه في سورة ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ ) ( الإنفطار : 1 ) كما قدمت لك. "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في أحد رسائلهِ الشخصية –كما في الدرر السنية 2/44- إلى الأخ حسن:
" وأما ما ذكرت من أهل الجاهلية كيف لم يعرفوا الالهية إذا أقروا بالربوبية هل هو كذا أو كذا أو غير ذلك.فهو لمجموع ما ذكرت وغيره.
وأعجــــــب من ذلك ما رأيت وسمعت ممن يدعي أنه أعلم الناس،ويفسر القرآن،ويشرح الحديث بمجلدات،ثم يشرح (البردة) ويستحسنها،ويذكر في تفسيره وشرحه للحديث أنه شرك،ويموت ما عرف ما خرج من رأسه،هذا هو العجب العجاب!!أعجب بكثير من ناس لا كتاب لهم ولا يعرفون جنة ولا ناراً،ولا رسولاً ولا إلهاً."

ولتوضيح هذه القصيدة الشركية والقوادح العقدية إليك هذا الرابط..
قوادح عقدية في بردة البوصيري

د. عبد العزيز محمد آل عبد اللطيف


http://www.saaid.net/arabic/ar20.htm (http://www.saaid.net/arabic/ar20.htm)

وراجع إن شئت:
(حقوق النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم بين الإجلال والإحلال) من إصدار المنتدى الإسلامي.
(السيف المسلول على عابد الرسول) للشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي –رحمه الله- فقد تطرق لهذه القصيدة.

الوقفة الخامسة: رد الشيخ على متصوفة يجرون مع القدر هم شر من القدرية:

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مُلحق المصنفات-هذه مسائل لخصها من كلام شيخ الإسلام رحمه الله- ص14:

" 18- قال في الرد على متصوفة ينتسبون إلى التحقيق والتوحيد ويجرون مع القدر سبب ذلك أنه ضاق نطاقهم عن كون العبد يؤمر بما يقدر عليه خلافه ، كما ضاق نطاق القدرية عنه ، فأثبتوا الأمر والنهي فقط ، وأولئك أثبتوا القضاء فقط ، وفي حق من شهد القدر ، وهؤلاء شر من القدرية ، ولهذا لم يكن في السلف من هؤلاء أحد ، ولا ريب أن المشركين يترددون بين بدعة تخالف الشرع وبين احتجاج بالقدر على مخالفة الأمر .. فهؤلاء الأصناف فيهم شبه من المشركين ، وفيهم من يجمع بين الأمرين ، كما قال تعالى: {وإذا فعلوا فاحشة} .. الآية .. وقد ذكر عن المشركين ما ابتدعوا من الدين الذي فيه تحليل الحرام ، والعبادة التي لم تشرع في الأنعام والأعراف ، وعمدة الكل اتباع آرائهم وأهوائهم ، وجعلهم ذلك حقيقة نظير جعل المتكلمين ما ابتدعوا حقائق عقلة وأصل ضلال الكل تقديم القياس على النص ، واختيار الهوى على اتباع الأمر."

الوقفة السادسة: دعوى المحبة مع مخالفة الشريعة وهي كثير في الذين اتبعوا شيئاً من الزهد والعبادة يعني الصوفية

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مُلحق المصنفات-هذه مسائل لخصها من كلام شيخ الإسلام رحمه الله- ص15-19:

" 20- العبادة يدخل فيها الدين كله .. ولهذا كانت ربوبية الله سبحانه عامة وخاصة ولهذا كان الشرك أخفى من دبيب النمل ، وفي الصحيح تعس عبدالدينار .. إلخ. ووصفه بأنه إذا أعطى رضي ، وإذا منع سخط .. وهذا في المال والجاه والصور .. وغير ذلك قال الخليل عليه اللام: {فابتغوا عند الله الرزق .. الآية} .

............ قال تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} .. وإذا قلت:المحبة استلزمت إرادة المحبوبات ، فإن قدر عليها حصلها ، وإن فعل المقدور عليه .. فله كأجر الفاعل (كمن دعي إلى هدر) .. وكقوله: ((إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيراً إلا وهم معكم حبسهم العذر)) .

فإذا ترك المقدور من الجهاد دل على ضعف المحبة ، ومعلوم أن المحبوبات لا تنال إلا احتمال المكروهات ، كما في أهل الرياسة والمال.

ومن المعلوم أن المؤمن أشد حباً لله .. والإسلام أن يستسلم العبد لله لا لغيره ، فمن أسلم لله ولغيره فمشرك ، ومن لم يسلم فمستكبر .. والكبر ينافي العبودية كما قال: ((العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني في واحد منها عذبته)) فهما من خصائص الربوبية ، والكبرياء أعلى من العظمة .. فلهذا جعلها كالرداء.

وفي الصحيح لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً . إلخ. قاله قبل موتهِ بأيام ، وذلك تمام رسالته ، فإن فيه من تمام تحقيق مخالته لله التي أصلها محبة الله العبد خلافاً للجهمية ، ومن ذلك تحقيق توصية الله رداً على أشباه المشركين وفه رد على من بخس الصديق حقه (وهم أضل) المنتسبين إلى القبلة وهم شر البشر.

والحديث الذي فيه ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان .. إلخ. جعله بثلاثةِ أمور تحكم المحبة ، وتفريغها ، ودفع ضدها ، وكره من كره من أهل العلم مجالسة أقوام يكثرون الكلام في المحبة بلا خشية .. ولهذا وجد في المتأخرين من (أفضى به) ذلك إلى ما ينافي العبودية ، ومديد إلى نوع من الربوبية ، ويدَّعي أحدهم ما يتجاوز حدود الأنبياء ، ويطلب من غير الله ما لا يصلح إلا الله ، وسببه ضعف تحقيق العبودية التي بينها الرسل ، وحررها الأمر والنهي الذي جاءوا به ، بل ضعف العقل الذي به يعرف العبد حقيقته ، وهو شبيه بقول اليهود والنصارى {نحن أبناء الله وأحباؤه} .. فإن تعذيبهم بذنوبهم يقتضي أنهم غير محبوبين .. لأن من أحبه الله استعمله فيما يحبه ، لأن فعل الكبائر واحد [المعنى أنه لا تفريق في فعل الكبائر بين أحد من الناس .. بل الله يبغض فعل الكبائر من كل أحد] .. فإن الله يبغض منه ذلك ، ومن ظن أن الذنوب لا تضره لكون الله يحبه ، فهو كمن ظن أن السم لا يضره من مداومته عليه لصحة مزاجه .. ولو تدبر الأحمق ما قصه الله في كتابه من توبة الأنبياء ، وما جهر لهم من البلاء الذي فيه تطهير لهم (دل) على ضرر الذنوب بأصحابها ، ولو كانوا أفرع الناس.

واتباع الشريعة والقيام بالجهاد من أعظم الفروق بين أهل محبة الله ، وبين من يدعي محبة الله ناظراً إلى عموم ربوبيته أو متبعاً لبعض البدع .. فإن دعوى هذه محبة من جنسِ دعوى اليهود والنصارى .. بل قد تكون شراً منها .. بل فيهم من النفاق الذي كون به في الدرك الأسفل من النار.

وفي التوراة والإنجيل من ذكر محبة الله ما هم متفقون عليه حتى أن عندهم [أن] ذلك من أعظم وصايا الناموس .. ففي الإنجيل أن المسيح قال: أعظم وصايا المسيح أن تحب الله بكل قلبك وعقل ونفسك .. والنصارى يدعون قيامهم بهذه المحبة لما فيه من الزهد والعبادة وهم برءاء من محبة الله إذ لم يتبعوا ما أحب الله ، بل اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم.

وكثيراً من الذين اتبعوا أشياء من الزهد والعبادة وقعوا في بعض ذلك من دعوى المحبة مع مخالفة الشريعة وترك الجهاد ، ويتمسكون في الدين الذي يتقربون به إلى الله بنحو ما تمسك به النصارى من الكلام المتشابه ، والحكايات التي لا يعرف صدق قائلها ولو صدق لم يكن معصوماً ، وكل عمل أُريد به غير الله لم يكن لله ، وكل عملٍ لم يوافق شرعهُ ، لم يكن لهُ ، بل لا يكون لله إلا ما جمع الوصفين .. قال تعالى: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن .. } الآية.

وقال صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) .. وقال: ((إنما الأعمال بالنيات)) .. وهذا الأصل هو أصل الدين ، وبحسبه تحقيقه يكون تحقيق الدين وبه أرسل الله الرسل ، وأنزل الكتب ،وهي قطب الدين الذي تدور عليه رحاه.

والشرك غالب على النفوس ، كما في الحديث أخفى من دبيب النمل ، وكثير ما يخالط النفوس من الشهوات ما يفسد عليها تحقيق ذلك ، كما قال شداد بن أوس: "أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية" ، قال أبو داود هي حب الرياسة وفي الحديث: (ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)) .

يبين أن الدين السليم لا يكون فيه هذا الحرص ، وذلك أن القلب ذاق حلاوة الإخلاص لم كن شيء أحب إليه منه ، فيصير القلب منيباً إلى الله خائفاً منه ، كما قال تعالى: {من خشي الرحمن وجاء بقلبٍ منيبْ ...

وإذا أخلص العبد اجتباهُ ربه فأحيى قلبه ، وجذبه إليه ، بخلاف القلب الذي لم يخلص ،فإن فيه طلباً وإرادة ، تارة إلى الرياسة فترضيه الكلمة ولو كانت باطلاً وتغيظه الكلمة ولو كانت حقاً وتارة إلى الدرهم والدينار ، وأمتثال ذلك فيتخذ إلهه هواهُ ومن لم يكن مخلصاً لله بحيث يكون أحب إليه مما سواه ، (وإلا) استعبدته الكائنات واستولت على قلبه الشياطين .. وهذا أمر ضروري لا حيلة فيه ، فالقلب إن لم يكن حنيفاً وإلا كان مشركاً {فأقم وجهك للدين حنيفاً} .. الآيتين ..

وقد جعل الله آل إبراهيم أئمة للحنفـاء ، كما جعل آل فرعون أئمة للمشركين المتبعين أهوائهم."

الوقفة السابعة:أن أهل الأهواء هم أهل التفرقة ومنهم الصوفية:

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مُلحق المصنفات-هذه مسائل لخصها من كلام شيخ الإسلام رحمه الله- ص19-20:

"21- بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم إلى ذي أهواء متفرقة وقلوب متشتتة ، فألف الله به بين القلوب ، وجمع به الشمل ، ثم إنه سبحانه بين أن هذا الأصل وهو الجماعة عماد لدينه ، فقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} .. {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} إلى قوله: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا إلى قوله خالدون} .. وفي الآية الأخرى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء} ..

فبرأ الله نبيه منهم وقد كره صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم من المجادلة ما يفضي إلى الاختلاف والتفرق ، فخرج على قوم من أصحابه وهم يتجادلون في القدر فكأنما فقيء في وجهه حب الرمان وقال: أبهذا أمرتم أم إلى هذا دعيتم .. إلخ. ثم ذكر ثلاثاً وسبعين فرقة ثم قال:في صف الفرقة الناجية بأنهم المستمسكون بسنته وأنهم هم الجماعة".

الوقفة الثامنة:أن أهل الأهواء والمذاه الباطلة لا ينقلون مذهبهم بصورته الحقيقية ومنهم الصوفية:

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مُلحق المصنفات-هذه مسائل لخصها من كلام شيخ الإسلام رحمه الله- ص26:

"31- أعلم أن المذهب إذا كان باطلاً في نفسه لم يكن الناقل أن ينقله على وجه متصور تصوراً حقيقياً فإن هذا لا يكون إلا الحق ، فأما القول الباطل فبيانه يظهر فساده ، حتى يقال كيف اشتبه على أحد ويتعجب من اعتقاده ، ولا ينبغي للإنسان أن يتعجب فما من شيء يتخيل من أنواع الباطل إلا وذهب إليه فريق ، ولهذا وصف الله أهل الباطل بأنهم أموات ، وأنهم صم بكم ، وأنهم في قول مختلف ، وأنهم لا يعقلون."


جمعها وعلق عليها
أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة

أبو هاجر القحطاني
2014-09-29, 09:57
هذا ما قيل فى حق الأمام محمد بن عبد الوهاب من مؤرخ عصره


أبو مالك المصري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد:

بسم الله الرحمن الرحيم

لا انقل هذا الكلام دفاعاً عن الإمام محمد عبد الوهاب _رحمه الله_ فهو لا يحتاج إلى دفاع منا فعقيدته و منهجه يدافعون عنه وغير أنه ألف فى الدفاع عنه عشرات الكتب بقلم علماء أجلاء ،ولكن أن يكون من ينصفه ويظهر الحق هو خصمك من باب قوله تعالى( وشهد شاهد من أهلها).و هذا ما حدث مع الإمام المجدد الإمام محمد عبد الوهاب _رحمه الله_ ومؤرخ عصره الجبرتى وهو ينتمى للدولة التى حاربت محمد بن عبد الوهاب (وأقصد هنا الحكومة المصرية فقط أو لنقل محمد على فقط لأن الشعب المصرى وقع تحت التشويش الذى حدث على الإمام محمد عبد الوهاب _رحمه الله_ واتباعه
وإلا فالشعب المصرى شعب متدين يقبل الحق ويكفى شاهداً على هذا دخول أغلب المصريين الإسلام مع الفتح الإسلامى مع أن من الصعب التحول من دين سماوى كالنصرانية إلى دين آخر بعكس ذلك إن كانوا وثنيين وبهذا العدد الهائل وأعتقد أن المصريين لو وصلت إليهم دعوة الإمام محمد عبد الوهاب لتبنوها ولأصبحت مصر الآن خالية من الخمسة الآف قبة ومقام وغيرها من الشركيات التى تمتلئ بها مصر. )
وهذا المؤرخ _رحمه الله_ مصرى عاصر حرب محمد على على الإمام محمد عبد الوهاب _رحمه الله_ واتباعه وتكلم بكلمة الحق ناقلاً عن شهود عيان وأن لم يمنع ذلك ظهور بعض التأثر بمن حوله من المعادين للإمام فى عبارته . حتى قيل أنه قتل على يد محمد على بسبب ما كتبه فى حق الإمام ودعوته .
وقال ويتحدث عن الظلم الواقع على الشعب المصرى من محمد على

((وانقضت السنة بحوادثها العامة، توالي الفرض والمظالم المتوالية وإحداث أنواع المظالم على كل شيء والتزايد فيها واستمرار الغلاء في جميع أسعار المبيعات والمآكل والمشارب بسبب ذلك وفقر أهل القرى وبيعهم لمواشيهم في الغارم فقل اللحم والسمن والجبن وأخذ مواشيهم وأغنامهم من غير ثمن في الكلف ثم رميها على الجزارين بأغلى ثمن ولا يذبحونها إلا في المذبح ويؤخذ منهم إسقاطها وجلودها ورؤوسها ورواتب الباشا وأهل دولته ثم يذهبون بما يبقى لهم لحوانيتهم فتباع على أهل البلد بأغلى ثمن حتى يخلص للجزار رأس ماله وإذا عثر المحتسب على جزار ذبح شاة اشتراها في غير المذبح قبض عليه وأشهره وأخذ ما في حانوته من اللحم من غير ثمن ثم يحبس ويضرب ويغرم مالاً ولا يغفر ذنبه ويسمى خائناً وفلاتياً))
ثم قال((ومنها انقطاع الحج الشامي والمصري معتلين بمنع الوهابي الناس عن الحج والحال ليس كذلك فإنه لم يمنع أحداً يأتي الحج على الطريقة المشروعة وإنما يمنع من يأتي بخلاف ذلك من البدع التي لا يجيزها الشرع مثل المحمل والطبل والزمر وحمل الأسلحة وقد وصل طائفة من حجاج المغاربة وحجوا ورجعوا في هذا العام وما قبله ولم يعترض لهم أحد بشيء.)).

وقال((وفي يوم الأحد، حضر الشريف عبد الله ابن سرور وصحبته بعض أقاربه من شرفاء مكة وأتباعهم نحو ستين نفراً وأخبروا أنهم خرجوا من مكة مع الحجاج وأن عبد العزيز بن مسعود الوهابي دخل الى مكة من غير حرب وولى الشريف عبد المعين أميراً على مكة والشيخ عقلياً قاضياً وأنه هدم قبة زمزم والقباب التي حول الكعبة والأبنية التي أعلى من الكعبة وذلك بعد أن عقد مجلساً بالحرم وباحثهم على ما الناس عليهم من البدع والمحرمات المخالفة للكتاب والسنة))

وقال((……….وفيه وردت الأخبار بأن الوهابيين استولوا على المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد حصارها نحو سنة ونصف من غير حرب بل تحلقوا حولها وقطعوا عنها الوارد وبلغ الأردب الحنطة بها مائة ريال فرانسة، فلما اشتد بهم الضيق سلموها ودخلها الوهابيون،ولم يحدثوا بها حدثاً غير منع المنكرات وشرب التنباك في الأسواق وهدم القباب ما عدا قبة الرسول صلى الله عليه وسلم))

وقال(………وفي يوم الخميس ثالث عشره، وصلت قافلة من السويس وصحبتها المحمل فأدخلوه وشقوا به من المدينة وخلفه طبل وزمر وأمامه أكابر العسكر وأولاد الباشا ومصطفى جاويش المتسفر عليه، ولقد أخبرني مصطفى جاويش المذكور أنه لما ذهب إلى مكة وكان الوهابي حضر إلى الحج واجتمع به فقال له الوهابي ما هذه العويدات التي تأتون بها وتعظمونها بينكم يشير بذلك القول إلى المحمل فقال له جرت العادة من قديم الزمان بها يجعلونها علامة وإشارة لاجتماع الحجاج فقال لا تفعلوا ذلك ولا تأتوا به بعد هذه المرة وإن أتيتم به مرة أخرى فإني أكسره))

وقال ))ورد الخبر بأن ركب الحاج الشامي رجع من منزلة هدية ولم يحج في هذا العام وذلك أنه لما وصل إلى المنزلة المذكورة أرسل الوهابي إلى عبد الله باشا أمير الحاج يقول له تأت إلا على الشرط الذي شرطناه عليك في العام الماضي وهوأن يأتي بدون المحمل وما يسصحبهم من الطبل والزمر والأسلحة وكل ما كان مخالفاً للشرع فلما سمعوا ذلك رجعوا من غير حج ولم يتركوا مناكيرهم ))

وقال((……وفيه، وصل حجاج المغاربة إلى مصر من طريق البر وأخبروا أنهم حجوا وقضوا مناسكهم وأن مسعود الوهابي وصل إلى مكة بجيش كثيف وحج مع الناس بالأمن وعدم الضرر ورخاء الأسعار وأحضر مصطفى جاويش أمير الركب المصري وقال له ما هذه العويدات والطبول التي معكم يعني بالعويدات المحمل فقال هو إشارة وعلامة على اجتماع الناس بحسب عادتهم فقال لا تأت بذلك بعد هذا العام وإن أتيت به أحرقته وأنه هدم القباب وقبة آدم وقباب ينبع والمدينة وأبطل شرب التنباك والنارجيلة من الأسواق وبين الصفا والمروة وكذلك البدع))

وقال ((ويذكرون أن الوهابي استولى على ما كان بالحجرة الشريفة من الذخائر والجواهر ونقلها وأخذها فيرون أن أخذه لذلك من الكبائر العظام وهذه الأشياء أرسلها ووضعها خساف العقول من الأغنياء والملوك والسلاطين الأعاجم وغيرهم إما حرصاً على الدنيا وكراهة أن يأخذها من يأتي بعدهم أو لنوائب الزمان فتكون مدخرة ومحفوظة لوقت الاحتياج إليها فيستعان بها على الجهاد ودفع الأعداء فلما تقادمت عليها الأزمنة وتوالت عليها السنين والأعوام الكثيرة وهي في الزيادة فارتدت معنى لا حقيقة وارتسم في الأذهان حرمة تناولها وأنها صارت مالاً للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لأحد أخذها ولا إنفاقها والنبي عليه الصلاة والسلام منزه عن ذلك ولم يدخر شيئاً من عرض الدنيا في حياته وقد أعطاه الله الشرف الأعلى وهو الدعوة إلى الله تعالى والنبوة والكتاب واختار أن يكون عبداً ولم يختر أن يكون نبياً ملكاً.
وثبت، في الصحيحين وغيرهما أنه قال اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً.__
f_ وروى، الترمذي بسنده عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً قلت لا يا رب ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً أو قال ثلاثاً أو نحو ذلك فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك وإذا شبعت شكرتك وحمدتك ثم إن كانوا وضعوا هذه الذخائر والجواهر صدقة على الرسول ومحبة فيه فهو فاسد فهو لقول النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس ومنع بني هاشم من تناول الصدقة وحرمها عليهم والمراد الانتفاع في حال الحياة لا بعدها فإن المال أوجده المولى سبحانه وتعالى من أمور الدنيا لا من أمور الآخرة قال تعالى إنما الحياة الدنيا لعب ولهو زينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد وهو من جملة السبعة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في قوله تعالى زين للناس حب الشهوات مكن النساء والبنين والقناطير المقنظرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب فهذه السبعة بها تكون الخبائث والقبائح وليست هي في نفسها أموراً مذمومة بل قد تكون معينة على الآخرة إذا صرفت في محلها. وعن مطرف عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال يقول ابن آدم مالي مالي فهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت إلى غير ذلك ومحبة الرسول بتصديقه واتباع شريعته وسنته لا بمخالفة أوامره وكنز المال بحجرته وحرمان مستحقيه من الفقراء والمساكين وباقي الأصناف الثمانية وإن قال المدخر أكنزها لنؤائب الزمان ليستعان بها على مجاهدة الكفار والمشركين عند الحاجة إليها قلنا قد رأينا شدة احتياج ملوك زماننا واضطرارهم في مصالحات المتغلبين عليهم من قرانات الإفرنج وخلو خزائنهم من الأموال التي أفنوها بسوء تدبيرهم وتفاخرهم ورفاهيتهم فيصالحون المتغلبين بالمقادير العظيمة بكفالة إحدى الفرق من الإفرنج المسالمين لهم واحتالوا على تحصيل المال من رعاياهم بزيادة المكوس والمصادرات والطلبات والاستيلاء على الأموال بغير حق حتى أفقروا تجارهم ورعاياهم ولم يأخذوا من هذه المدخرات شيئاً بل ربما كان عندهم أو عند خونداتهم جوهر نفيس من بقايا المدخرات فيرسلونه هدية إلى الحجرة ولا ينتفعون به في مهماتهم فضلاً عن إعطائه لمستحقه من المحتاجين وإذا صار في ذلك المكان لا ينتفع به أحد إلا ما يختلسه العبيد خصيون الذين يقال لهم أغوات الحرم.
والفقراء من أولاد الرسول وأهل العلم والمحتاجون وأبناء السبيل يموتون جوعاً وهذه الذخائر محجور عليها وممنوعون منها إلى أن حضر الوهابي واستولى على المدينة وأخذ تلك الذخائر فيقال أنه عبى أربعة سحاحير من الجواهر المحلاة بالألماس والياقوت العظيمة القدر ومن ذلك أربع شمعدانات من الزمرد وبدل الشمعة قطعة ألماس مستطيلة يضيء نورها في الظلام نحو مائة سيف قراباتها ملبسة بالذهب الخالص ومنزل عليها ألماس وياقوت ونصابها من الزمرد واليشم ونحو ذلك وسلاحها من الحديد الموصوف كل سيف منها لا قيمة له وعليها دمعات باسم الملوك والخلفاء السالفين وغير ذلك)).

وقال ((في رابعه الحجاج المغاربة ووصل أيضاً مولاي إبراهيم ابن السلطان سليمان سلطان الغرب وسبب تأخرهم إلى هذا الوقت أنهم أتوا من طريق الشام وهلك الكثير من فقرائهم المشاة وأخبروا أنهم قضوا مناسكهم وحجوا وزاروا المدينة وأكرمهم الوهابية إكراماً زائداً)).

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمـد وينكــر الفــم طعـم المـاء من سقم

فأعداء دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب بهم رمد بأعينهم فلا يرون الحق وهو واضح كالشمس بشهادة من عاصروه ومن جاؤا بعده من المنصفين.

اللهم ارنا الحق حق وأرزقنا اتباعه وارنا الباطل باطل وأرزقنا اجتنابه.



عجائب الآثار فى التراجم والأخبار

عبد الرحمن الجبرتى

أبو هاجر القحطاني
2014-09-29, 10:09
قصيدة الشيخ محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني مؤلف سبل السلام ، لما بلغه دعوة الشيخ وثورته على البدع والخرافات . وقيامه بالدين الصحيح ، والسنة المطهرة ، وإرشاد الناس إلى أن يتمسكوا بالوحيين – وإلى القارئ بعض القصيدة :

سلامــي على نجد ومن حـل في نجـــد
وإن كـان تسليـمي على البـعد لا يجــد
وقد صدرت من سفـح صنعاً سقى الحــيا
ربـاهـا وحـياهـا بقـهـقهة الرعــد
سرت أسير بـنـشد الـريح أن ســـرت
ألا يـا صـبـا نجـد متى هجت من نجــد
قفـي واسـألي عن عـالم حـل سوحـهـا
بـه يهتدي مـن ضـل عن منهـج الرشـد
محـمـد الهــادي لـسنـة أحمــــد
فـيا حـبـذا الهادي ويـا حـبذا المهـدي
لـقـد أنكرت كـل الطـوائف قـولــه
بـلا صـدر في الحــق مـنـهم ولا ورد
ومـا كـان قــول بالقـبـول مقـابـل
ومـا كـل قـول واجـب الـرد والطـرد
سـوى مـتـا أتى عـن ربنـا ورسولــه
فـذلـك قول جـل ، يـا ذا ،عن الــرد
وأمـا أقـاويـل الــرجـال إنــهــا
تــدور على قـدر الأدلـة في الـنـقـد
وقـد جـاءت الأخـبـار عـنـه بـأنـه
يـعيـد لـنـا الشرع الشريف بما يـبـدي
ويـنشر جـهـراً مـا طوى كل جـاهـل
ومبـتـدع مـنـه ،فـوافـق ما عـنـدي
ويـعـمر أركـان الشريعـة هـادمـــاً
مشاهـد ضـل الناس فـيها عـن الـرشـد
أعـادوا بـهـا معـنى سـواع ومـثلــه
يـغـوث وود ، بـئـس ذلـك مــن ود
وقـد هتـفوا عـنـد الشدائد باسمـهــا
كـمـا يـهتـف المضطر بالصمـد الفـرد
وكم عقروا في سوحها من عقيرة
أهـلـت لـغـير الله جـهـراً على عمـد
وكم طائف حول القبورمقبل
ومسـتـلم الأركـان منـهـن بـاليــد
لـقد سرني مـا جـاءني مـن طريـقــة
وكـنت أرى هـذي الطـريقة لي وحـدي
يصـب علـيـه صـوت ذم وغـيـبــة
ويجـفـوه مـن قـد كـان يهواه عن بعـد
ويـعـزي إلـيـه كـل ما لا قــولــه
لتنـقيـصـه عـنـد التهـامي والنـجدي
فـيرميه أهـل الرفض بـالنـصب فـريـة
ويـرمـيه أهـل النصب بـالرفض والجحـد
ولـيـس لــه ذنب سوى إنـه أتـــى
يـتحكيم قـول الله في الحـل والـعـقـد
ويـتـبـع أقـوال الـنـبي محـمـــد
وهـل غـيره بالله في الشرع مـن يـهـدي
لئـن عـده الجهـال ذنـبـاً فـحبــذا
بـه حـبـذا يـوم انفـرادي في لحــدي
سلامـي على أهــل الحــديث فإننــي
نـشـأت على حب الأحاديث من مهـدي
هُـمُ بـذلوا في حـفـظ سنـة أحمـــد
وتـنـقيـحها من جهدهم غـايةالجـهـد
رثاء الشيخ العلامة محمد بن علي الشوكاني مؤلف نيل الأوطار (( للشيخ محمد بن عبد الوهاب ومثنياً عليه ))
مصابٌ دها قلبي فأذكى غلائلي
وأصمي بسهم الافتجـاع مقاتلي
وخطب به اعشار أحشاي صدعت
فأمست بفـرط الوجـد أي تواكلي
ورزء تقاضاني ، صفاء معيشتي
وأنهـلني قسـراً أمرَّ المناهـلِ
مصابٌ به ذابت حشاشة مهجتي
وعن حملهِ قد كلّ متني وكاهلي
مصاب به الدنيا قد اغبرَّ وجهها و
قد شمخت أعـلام قومٍ أسـافل
به انهـد ركن الدين وانبت حبله
وشيْـد بناء الغي مع كل باطـل
وقام على الإسلام جهـراً وأهله
نعيق غـراب بالمـذلة هائـلِ
وسيـم منـار الاتباع لأحمـد
هوان انهدام جاء من كل جاهلِ
لقد مات طود العلم قطب رحى العلا و
مـركـز أدوار الفحول الأفاضل
وماتت علوم الدين طراً بمـوته
وغيب وجه الحـق تحت الجنادلِ
إمام الهدى ماحي الردى قامع العدا
ومروي الصدى من فيض علم ونائلِ
إمام الورى علامة العصر قدوتي
وشيخ الشيوخ الجد فرد الفضائل
(محمدْ) ذو المجد الذي عز دركهُ و
جل مقاماً عن لحـوق المطاول
إلى عابد الوهاب يعزي وإنه
سلالة انجـابٍ زكي الخصـائل
عليه من الرحمن أعظم رحمة ت
بـل ثراه بالضحى والأصائل
لقد أشرقت نجد بنور ضيائه
وقام مقامات الهـدى بالدلائل
ومن شأنه قمع الضلال ونصره
لمن كان مظلوماً وليس بخاذل
وكم كان في الدين الحنيف مجاهداً
بماضي سنـانٍ دامـغٍ للأباطل
وكم ذب عن سامي حماه وذاد من
مضـل وبدعيِّ ومعفـو ونائل
ففيم استباح أهل الضلال لعرضه
وكم نكست أعـلامه الأراذل
فلولاه لم تحرز رحى الدين مركزاً
ولا اشتد للإسلام ركن المعـاقل
ولا كان للتوحيد واضح لاحب
يقيم اعوجاج السير من كل عاذل
فما هـو إلا قائم في زمانه
مقام النبي في إماته باطـل
ستبكيه اجفاني حياتي وإن أمت
ستبكيه عني جفن طل ووابل
أفق يا معيب الشيخ ماذا تعيبه
لقد عبت حقاً وارتحلت بباطل
نعم ذنبه التقليد قد جد حبله
وبل التعصب بالسيوف الصياقل
ولما دعا لله في الخلق صارخاً ص
رختم له بالقذف مثل الزواجل
أفيقوا أفيقوا إنه ليس داعياً
إلى ديـنٍ آبـاءٍ له وقبـائـل
دعـا لكتاب الله والسنة التي
أتانا بها طه النبي ، خير قائلِ
المصدر كتاب : الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

أبو هاجر القحطاني
2014-09-29, 10:33
شبه خصوم الإمام محمد بن عبد الوهاب حول شرعية قتاله لأهل الضلال

أبوحميد الفلاسي

تنبيه: نقلت هذا الموضوع بشيء من التصرف من كتاب دحر افتراءات أهل الزيغ والارتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لفضيلة الشيخ الدكتور ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله [ص137-153]

شبه خصوم الإمام محمد حول شرعية قتاله لأهل الضلال مع بيان القتال المشروع والقتال الممنوع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

يدعي المالكي أن الإمام محمداً بن عبد الوهاب قاتل مسلمين موحدين أبرياء.

وأنَّ قتاله يشبه قتال الخوارج في قتلهم لأهل الإسلام وتركهم لأهل الأوثان، وأنه الوحيد في هذا القتل والقتال منهجاً وعملاً.

لقد علم القارئ الفطن منهج الإمام محمد الإسلامي الصحيح في التكفير، وأنه لم يخرج عن المنهج الإسلامي الحق منهج أهل السنة والجماعة.

وأن أعلام الأمة الإسلامية يشاركونه في هذا المنهج سواء من سبقه في الأعصر السابقة قبله أو عاصره أو جاء بعده.

وعرف سقوط دعاوى المالكي وتلبيساته وإيهامه البسطاء أن الإمام محمداً قد شذّ عن علماء هذه الأمة في منهجه ودعوته.

والآن نريد أن نبين من سبق الإمام محمداً بقتال من يستحق القتال من المسلمين بل ومن قاتل المسلمين بغير حق لأغراض سياسية وغير سياسية ممن أسدل المالكي الستار على قتالهم سواء المحقين منهم أو المبطلين.

وسأذكر الأمور المشهورة دون تكلف في سرد الأحداث وملابساتها لأن شهرتها تغني عن تكلف ذلك.

أولها- قتال الصحابة الكرام لأهل الردة ومن بينهم بعض المسلمين الذين كانوا يصلون ويصومون ويزكون ولكنهم امتنعوا عن أداء الزكاة لخليفة رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- الصديــق- رضي الله عنه-.

فقال: ” والله لو منعوني عقالا أو عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم عليها والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة “.

وقد قرر علماء الإسلام أن أي قوم امتنعوا عن القيام بأي شعيرة من شعائر الإسلام فإنه يجب على المسلمين قتالهم حتى يقوموا بأداء هذه الشعيرة.

وثانيها- قتال الخليفة الراشد علي -رضي الله عنه- أهل الجمل وأهل صفين وهم مسلمون وفيهم من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- ومنهم من هو معدود من العشرة المبشرين بالجنة مثل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- وهذا قتال فتنة بين أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلّم-.

وكلهم مجتهدون المصيب منهم والمخطيء وكلهم مأجورون ومن أهل الجنة- رضي الله عنهم- أجمعين ويجب على المسلمين احترامهم والسكوت عما جرى بينهم.

وثالثها- قتال علي والصحابة معه للخوارج وبأمر رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- وتحريضه على قتلهم ووصفهم بأنهم شر الخلق وبأن لمن قتلهم أجراً عند الله.

رابعها- قتال العباسيين للأمويين وهو قتال للمسلمين وكم ذهب فيها من الألوف المؤلفة على يد أبي مسلم الرافضي الباطني.

خامسها- تفرق المسلمين إلى دويلات يقاتل بعضهم بعضاً في مشارق الأرض الإسلامية ومغاربها وكم ذهب في هذا القتال من ألوف مؤلفة.

سادسها- خروج القرامطة وهم نوع من غلاة الروافض وزنادقتهم على المسلمين فكم لهم من المذابح في المسلمين بما في ذلك حجاج بيت الله الحرام واقتلاع الحجر الأسود فلم يعيدوه إلا بعد سنين.

سابعها- قتال الزنادقة من الروافض للمسلمين وقتلهم الذريع في بلاد المغرب ومصر والشام.

ثامنها- قتال البويهيين وقتلهم للمسلمين وتسلطهم على خلفاء المسلمين ونشرهم للشرك والبدع الرافضية في بلاد الإسلام وتشييد القبور والغلو في أهل البيت إلى درجة التأليه.

تاسعها- قتال الصفويين الروافض للمسلمين وإجبارهم على اعتناق الرفض.

عاشرها- قتال أئمة الزيدية في اليمن الذي استمر قروناً من حدود سنة ثمانين ومائتين إلى آخر إمام منهم في حدود سنة (1340هـ) وكان قتالهم كله في هذه القرون إنما هو على الملك وقد يكون لنشر البدع والضلال.

الحادي عشر- قتال الروافض وعلى رأسهم الخميني للشعب العراقي الذي امتد سنوات ذهب ضحيته ألوف أو ملايين لا من أجل الإسلام بل من أجل أهداف رافضية وطموحات ظالمة لا علاقة لها بالإسلام.

وقد عايشها – المالكي – الذي لعله ممن يؤيد هذه الحرب ولا ينكرها.

كل هذه الفتن العريضة ما عدا قتال الصحابة يسدل عليها الستار هذا- المالكي- الحاقد ويصور الإمام محمداً كأنه هو الوحيد الذي قاتل المسلمين.

والحق أن الإمام محمداً ما قاتل إلا من يستحق القتال من عباد القبور وأعداء التوحيد ممن ضرب الشرك فيهم أطنابه فدعاهم الإمام محمد إلى إخلاص الدين لله ونبذ هذا الشرك وأقام عليهم الحجج والبراهين بدعوته الواضحة ومؤلفاته العظيمة النافعة التي وضحت قضايا التوحيد والشرك بطريقة جلية يعرفها العالم والمتعلم والجاهل.

ولكن هؤلاء القبوريين عاندوا وكابروا وشمروا عن ساعد الجد لقتال أئمة التوحيد ودعاته وعلى رأسهم الإمام محمد -رحمه الله- والإمام محمد بن سعود وأنصاره.

فما وسع هذا الإمام وأنصاره إلا أن يقاتل هذه الأصناف المستكبرة المعاندة والمصممين على عبادة القبور والأشجار والأحجار وعلى سائر الشركيات والضلالات.

فلسان حال الشيخ محمد ومن معه:

إذا لم تكن إلا الأسنة مركب ** فما حيلة المضطر إلا ركوبها

فلم يسع أهل الضلال والبدع الشركية إلا محاربة هذا الإمام ودعوته بالأكاذيب والافتراءات الشنيعة.

بمثل قولهم الوهابية يبغضون النبي ويبغضون الأولياء، وينكرون كراماتهم ويقاتلون المسلمين إلى آخر الدعاوى الأثيمة التي أشاعها أهل الضلال في العالم من مثل ابن سحيم والقباني والحداد ودحلان والنبهاني وأسلافهم وأتباعهم.

وقد تصدى أعلام التوحيد والسنة لنقد هذه الافتراءات فبينوا أكاذيب هؤلاء الأفاكين المحاربين لتوحيد المرسلين ورسالات النبيين.

ومن تلك الردود ردود أعلام التوحيد من أبناء وأحفاد الإمام محمد وتلاميذه في عدد من الكتب والرسائل ومنها ما دون في الكتاب الجامع ” الدرر السنية ” وهو متوفر فمن شاء فليرجع إليه ليعرف حقيقة دعوة الإمام محمد وأنها قائمة على كتاب الله وسنة رسوله ومنهج السلف الصالح،وهذه الأمور هي منطلقات هؤلاء الأئمة في بيان أحقية هذه الدعوة وبيان ضلال وأباطيل خصومها (1).

ومن أعجب العجب أن المالكي يعرف كذب هؤلاء على الإمام محمد وأنصاره ثم يدافع عنهم بأكاذيبهم ويحارب الإمام محمد بن عبد الوهاب وأنصاره بهذه الأكاذيب ويزيد عليها من خيالاته الفاسدة ووساوسه الكاسدة ومن يهن الله فماله من مكرم.

هذا وقد بين علماء الإسلام القتال المشروع من الممنوع في الإسلام

ومن هؤلاء العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية حيث سئل عن قتال التتار الذين يدعون التمسك بالشهادتين وقد فعلوا الأفاعيل بالمسلمين من قتل ونهب للأموال ويدعي مع ذلك بعض الناس تحريم قتالهم.

فأجاب بقوله:
” الحمد لله كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم، فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة- رضي الله عنهم- ما نعى الزكاة وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبي بكر – رضي الله عنهما- فاتفق الصحابة – رضي الله عنهم- على القتال على حقوق الإسلام عملاً بالكتاب والسنة وكذلك ثبت عن النبي من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة مع قوله تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لا تكون فتنة فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها التي يكفر الجاحد لوجوبها فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء (2). وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن كركعتي الفجر، والأذان والإقامة عند من لا يقول بوجوبها ونحو ذلك من الشعائر، هل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا ؟

1- فأما الواجبات والمحرمات المذكورة ونحوها فلا خلاف في القتال عليها (3)”.

2- قال الإمام البخاري – رحمه الله- في كتاب استتابه المرتدين والمعاندين وقتالهم باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة “6924 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة قال: لما توفى النبي – صلى الله عليه وسلم- واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر:” يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله).

قال أبو بكر:” والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة،فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها”، قال عمر:” فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق”.

قال الحافظ:قوله: (باب قتل من أبى قبول الفرائض) أي جواز قتل من امتنع من التزام الأحكام الواجبة والعمل بها.

قال المهلب: من امتنع من قبول الفرائض نظر فان أقر بوجوب الزكاة مثلا أخذت منه قهراً ولا يقتل، فإن أضاف إلى امتناعه نصب القتال قوتل إلى أن يرجع.

قال مالك في الموطأ: الأمر عندنا فيمن منع فريضة من فرائض الله تعالى،فلم يستطع المسلمون أخذها منه كان حقاً عليهم جهاده، قال ابن بطال: مراده إذا أقر بوجوبها لا خلاف في ذلك. قوله: (وما نسبوا إلى الردة) أي أطلق عليهم اسم المرتدين، قال الكرماني: “ما” في قوله (وما نسبوا) نافية كذا قال، والذي يظهر لي أنها مصدرية أي ونسبتهم إلى الردة وأشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث الذي أورده كما سأبينه، قال القاضي عياض وغيره: كان أهل الردة ثلاثة أصناف: صنف عادوا إلى عبادة الأوثان، وصنف تبعوا مسيلمة والأسود العنسي وكان كل منهما ادعى النبوة قبل موت النبي – صلى الله عليه وسلم- فصدق مسيلمة أهل اليمامة وجماعة غيرهم، وصدق الأسود أهل صنعاء وجماعة غيرهم، فقتل الأسود قبل موت النبي – صلى الله عليه وسلم- بقليل وبقي بعض من آمن به فقاتلهم عمال النبي – صلى الله عليه وسلم- في خلافة أبي بكر،وأما مسيلمة فجهز إليه أبو بكر الجيش وعليهم خالد بن الوليد فقتلوه. وصنف ثالث استمروا على الإسلام، لكنهم جحدوا الزكاة وتأولوا بأنها خاصة بزمن النبي – صلى الله عليه وسلم- وهم الذين ناظر عمر أبا بكر في قتالهم كما وقع في حديث الباب.

وقال البخاري – رحمه الله- باب لا يعذب بعذاب الله ثم روى بإسناده إلى أبي هريرة أنه قال: بعثنا رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- في بعث فقال: إن وجدتم فلاناً وفلانً فأحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- حين أردنا الخروج: “إني أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً، وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما ” ثم روى بإسناده عن أيوب عن عكرمة ” أن علياً رضي الله عنه حرق قوماً فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لأن النبي –صلى الله عليه وسلّم- قال: لا تعذبوا بعذاب الله، ولقتلتهم كما قال النبي –صلى الله عليه وسلّم-: من بدل دينه فاقتلوه “.

قال الحافظ ابن حجر في شرح هذين الحديثين:” قوله عن أيوب صرح الحميدي عن سفيان بتحديث أيوب له به، قوله أن علياً حرق قوما في رواية الحميدي المذكورة أن علياً أحرق المرتدين يعني الزنادقة وفي رواية بن أبي عمر ومحمد بن عباد عند الإسماعيلي جميعاً عن سفيان قال رأيت عمرو بن دينار وأيوب وعمار الدهني اجتمعوا فتذاكروا الذين حرقهم علي فقال أيوب فذكر الحديث فقال عمار لم يحرقهم، ولكن حفر لهم حفائر وخرق بعضها إلى بعض ثم دخن عليهم فقال عمرو بن دينار قال الشاعر:
لترم بي المنايا حيث شاءت ** إذا لم ترم بي في الحفرتين
إذا ما أججوا حطبا ونـارا **هناك الموت نقداً غير دين
انتهى، وكأن عمرو بن دينار أراد بذلك الرد على عمار الدهني في إنكاره أصل التحريق، ثم وجدت في الجزء الثالث من حديث أبي طاهر المخلص حدثنا لوين حدثنا سفيان بن عيينة، فذكره عن أيوب وحده، ثم أورده عن عمار وحده قال ابن عيينة فذكرته لعمرو بن دينار، فأنكره وقال فأين قوله:

“……………………. أوقدت ناري ودعوت قنبرا ”

فظهر بهذا صحة ما كنت ظننته، وسيأتي للمصنف في استتابة المرتدين في آخر الحدود من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال: أتي علي بزنادقة فأحرقهم، ولأحمد من هذا الوجه أن علياً أتي بقوم من هؤلاء الزنادقة، ومعهم كتب فأمر بنار فأججت، ثم أحرقهم وكتبهم، وروى ابن أبي شيبة من طريق عبد الرحمن بن عبيد عن أبيه قال كان ناس يعبدون الأصنام في السر ويأخذون العطاء فأتي بهم عليّ فوضعهم في السجن واستشار الناس، فقالوا اقتلهم فقال لا بل أصنع بهم كما صنع بأبينا إبراهيم، فحرقهم بالنار.

قوله لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال لا تعذبوا بعذاب الله هذا أصرح في النهي من الذي قبله، وزاد أحمد وأبو داود والنسائي من وجه آخر عن أيوب في آخره فبلغ ذلك علياً فقال ويح ابن عباس وسيأتي الكلام على قوله من بدل دينه فاقتلوه في استتابة المرتدين إن شاء الله تعالى”(4).

وقال الحافظ أيضاً في كتاب “استتابة المرتدين والمعاندين وقتلهم”: “قوله(أتي علي) هو ابن أبي طالب تقدم في باب “لا يعذب بعذاب الله” من كتاب الجهاد من طريق سفيان بن عيينة عن أيوب بهذا السند أن علياً حرق قوماً، وذكرت هناك أن الحميدي رواه عن سفيان بلفظ “حرق المرتدين” ومن وجه آخر عند ابن أبي شيبة “كان أناس يعبدون الأصنام في السر” وعند الطبراني في الأوسط من طريق سويد بن غفلة “أن علياً بلغه أن قوماً ارتدوا عن الإسلام فبعث إليهم فأطعمهم ثم دعاهم إلى الإسلام فأبوا فحفر حفيرة ثم أتي بهم فضرب أعناقهم ورماهم فيها ثم ألقى عليهم الحطب فأحرقهم ثم قال: “صدق الله ورسوله “.

وزعم أبو المظفر الاسفرايني في “الملل والنحل” أن الذين أحرقهم علي طائفة من الروافض ادعوا فيه الإلهية وهم السبائية وكان كبيرهم عبد الله بن سبأ يهودياً ثم أظهر الإسلام وابتدع هذه المقالة، وهذا يمكن أن يكون أصله ما رويناه في الجزء الثالث من حديث أبي طاهر المخلص من طريق عبد الله بن شريك العامري عن أبيه قال: قيل لعلي: إن هنا قوماً على باب المسجد يدّعون أنك ربهم فدعاهم فقال لهم: “ويلكم ما تقولون؟ قالوا:أنت ربنا وخالقنا ورازقنا، فقال: ويلكم إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون وأشرب كما تشربون، إن أطعت الله أثابني إن شاء، وإن عصيته خشيت أن يعذبني فاتقوا الله وارجعوا، فأبوا فلما كان الغد غدوا عليه فجاء قنبر، فقال: قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام فقال: أدخلهم، فقالوا كذلك، فلما كان الثالث قال: لئن قلتم ذلك لأقتلنكم بأخبث قتلة، فأبوا إلا ذلك، فقال يا قنبر: ائتني بفعلة معهم مرورهم، فخد لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر، وقال: “احفروا فأبعدوا في الأرض وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود” وقال: “إني طارحكم فيها أو ترجعوا”، فأبوا أن يرجعوا فقذف بهم فيها حتى إذا احترقوا قال:

إني إذا رأيت أمراً منكراً أوقدت ناري ودعوت قنبراً

وهذا سند حسن. وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق قتادة “أن علياً أتي بناس من الزط يعبدون وثناً فأحرقهم” فسنده منقطع فإن ثبت حمل على قصة أخرى” (5).

وقال أيضاً في نفس الكتاب – باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة-:
قوله: (وكفر من كفر من العرب) في حديث أنس عند ابن خزيمة لما توفى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ارتد عامة العرب. قوله: (يا أبا بكر كيف تقاتل الناس) في حديث أنس: “أتريد أن تقاتل العرب”. قوله: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) كذا ساقه الأكثر، وفي رواية طارق عند مسلم: “من وحد الله وكفر بما يعبد من دونه حرم دمه وماله”، وأخرجه الطبراني من حديثه كرواية الجمهور، وفي حديث ابن عمر “حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة” ونحوه في حديث أبي العنبس وفي حديث أنس عند أبي داود: “حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن يستقبلوا قبلتنا ويأكلوا ذبيحتنا ويصلوا صلاتنا ” وفي رواية العلاء ابن عبد الرحمن: “حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ويؤمنوا بي وبما جئت به ” قال الخطابي: زعم الروافض أن حديث الباب متناقض لأن في أوله أنهم كفروا وفي آخره أنهم ثبتوا على الإسلام إلا أنهم منعوا الزكاة، فان كانوا مسلمين فكيف استحل قتالهم وسبي ذراريهم وإن كانوا كفاراً فكيف احتج على عمر بالتفرقة بين الصلاة والزكاة فإن في جوابه إشارة إلى أنهم كانوا مقرين بالصلاة قال والجواب عن ذلك أن الذين نسبوا إلى الردة كانوا صنفين: صنف رجعوا إلى عبادة الأوثان، وصنف منعوا الزكاة وتأولوا قوله تعالى: )خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم( فزعموا أن دفع الزكاة خاص به – صلى الله عليه وسلم- لأن غيره لا يطهرهم ولا يصلي عليهم فكيف تكون صلاته سكنا لهم، وإنما أراد عمر بقوله: ” تقاتل الناس ” الصنف الثاني لأنه لا يتردد في جواز قتل الصنف الأول كما أنه لا يتردد في قتال غيرهم من عباد الأوثان والنيران واليهود والنصارى، قال: وكأنه لم يستحضر من الحديث إلا القدر الذي ذكره وقد حفظ غيره في الصلاة والزكاة معاً،وقد رواه عبد الرحمن بن يعقوب بلفظ يعم جميع الشريعة حيث قال فيها: “ويؤمنوا بي وبما جئت به ” فان مقتضى ذلك أن من جحد شيئا مما جاء به – صلى الله عليه وسلم- ودعي إليه فامتنع ونصب القتال أنه يجب قتاله وقتله إذا أصر، قال: وإنما عرضت الشبهة لما دخله من الاختصار، وكأن راويه لم يقصد سياق الحديث على وجهه وإنما أراد سياق مناظرة أبي بكر وعمر واعتمد على معرفة السامعين بأصل الحديث انتهى ملخصا.

قلت: وفي هذا الجواب نظر، لأنه لو كان عند عمر في الحديث: ” حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ” ما استشكل قتالهم للتسوية في كون غاية القتال ترك كل من التلفظ بالشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. قال عياض: حديث ابن عمر نص في قتال من لم يصل و لم يزك كمن لم يقر بالشهادتين، واحتجاج عمر على أبي بكر وجواب أبي بكر دل على أنهما لم يسمعا في الحديث الصلاة والزكاة، إذ لو سمعه عمر لم يحتج على أبي بكر ولو سمعه أبو بكر لرد به على عمر ولم يحتج إلى الاحتجاج بعموم قوله: ” إلا بحقه”.

قلت:إن كان الضمير في قوله: “بحقه” للإسلام فمهما ثبت أنه من حق الإسلام تناوله ولذلك اتفق الصحابة على قتال من جحد الزكاة.

قوله: (لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة) يجوز تشديد فرق وتخفيفه والمراد بالفرق من أقر بالصلاة وأنكر الزكاة جاحداً أو مانعاً مع الاعتراف، وإنما أطلق في أول القصة الكفر ليشمل الصنفين، فهو في حق من جحد حقيقة وفي حق الآخرين مجاز تغليباً وإنما قاتلهم الصديق ولم يعذرهم بالجهل لأنهم نصبوا القتال فجهز إليهم من دعاهم إلى الرجوع، فلما أصروا قاتلهم.

قال المازري: ظاهر السياق أن عمر كان موافقا على قتال من جحد الصلاة فألزمه الصديق بمثله في الزكاة لورودهما في الكتاب والسنة مورداً واحداً.

قوله: (فإن الزكاة حق المال) يشير إلى دليل منع التفرقة التي ذكرها أن حق النفس الصلاة وحق المال الزكاة، فمن صلى عصم نفسه ومن زكى عصم ماله فإن لم يصل قوتل على ترك الصلاة ومن لم يزك أخذت الزكاة من ماله قهراً، وإن نصب الحرب لذلك قوتل، وهذا يوضح أنه لو كان سمع في الحديث “ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة” لما احتاج إلى هذا الاستنباط لكنه يحتمل أن يكون سمعه واستظهر بهذا الدليل النظري” (6).

3- قال العلامة الصنعاني:”فإن قلت: فإن كانوا مشركين وجب جهادهم والسلوك فيهم مسلك رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- في المشركين.

قلت: إلى هذا ذهب طائفة من أئمة العلم فقالوا يجب أولا دعاؤهم إلى التوحيد وإبانة أن ما يعتقدونه لا ينفع ولا يضر ولا يغني عنهم من الله شيئاً… وأن هذا الاعتقاد منهم فيهم شرك لا يتم الإيمان بما جاءت به الرسل إلا بتركه والتوبة منه وإفراد التوحيد اعتقاداً وعملاً لله وحده، وهذا واجب على العلماء أي بيان ذلك الاعتقاد الذي تفرعت منه النذور والنحائر والطواف بالقبور شرك محرم، وأنه عين ما كان يفعله المشركون لأصنامهم، فإذا أبان العلماء ذلك للأئمة والملوك وجب على الأئمة والملوك بعث الدعاة إلى الناس يدعونهم إلى إخلاص التوحيد لله فمن رجع وأقر حقن عليه دمه وماله وذراريه، ومن أصر فقد أباح الله منه ما أباح لرسوله –صلى الله عليه وسلّم- من المشركين” تطهير الاعتقاد (ص31 – 32).

4- وقال العلامة صديق حسن في كتابه قطف الثمر (ص106):
“وأما إثبات التصرف في العالم للأولياء، وسقوط التكليف عنهم، وإثبات ما يختص بالله، فإسقاط لحق الربوبية والألوهية، ودعوى مجردة عن الدليل، بل من العقائد الفاسدة الضعيفة، والأباطيل الشركية السخيفة(7).والاستدلال بأمثال قوله تعالى: (لهم ما يشاءون) (الزمر: 34)، حجة فاسدة فإن ذلك وعد لهم، والله لا يخلف الميعاد، وهذا لهم في الآخرة، كما صرحت به الآيات والأحاديث. ودعوى العموم، بعيدة محالة، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والله المستعان. وكفى بالله شهيداً على الضمائر، وحكماً بين العادل والجائر، وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون، ما أكثر هذا اليوم في الأحزاب المتحزبة، والجموع المجتمعة من فرق الشيعة، والمتصوفة، وطوائف المبتدعة، يسيرون قواعد لم تتأسس على علم، ولا هدى، ولا كتاب منير، ثم يبنون عليها قناطير علمهم وما لم يشهد له دليل من الافتراء. والشبهة التي نشأت عن الهوى والإلف والتقليد، ساقطة في البين فتبقى الدعوى مجردة، وحجج الله سبحانه أكبر وأكثر وفي قوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) (آل عمران: 31) أوضح دليل على المدعى لأن الخير مقصور على اتباعه فيا حسرة الجهلة البطلة الزاعمين بأن اتباعهم لمن قلدوه ينجيهم من دون اقتصاص واقتصار على الآثار النبوية (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه).(آل عمران: 85).

والإسلام ما جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين –صلى الله عليه وسلّم- (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) آل عمران: 101. فمن لم يخص الله بالاعتصام وهو أغنى الشركاء عن الشرك، لم يعتصم عن الضلالة، ومن أخلص لله سلم من الضلالة، ومثله قوله تعالى (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون).(الأعراف: 3).

ولقد أربى ضلال المتصوفة، واتبعهم الرعاع والجهلة، واستحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله، فلا تسمع إلا يا سيدي أحمد البدوي، ويا سيدي الزيلعي، ويا عيدروس، ويا جيلاني، ولا تسمع من يذكر الله، ويلجأ إليه في البحر والبر إلا قليلاً، ولفقوا كذبات لا أصل لها فقد عمت جهالاتهم اليوم عامة أهل وقتنا وخاصتهم (8)، إلا ما شاء الله فيضيفون إليهم من القدرة والعلم بالمغيبات، والتصرف في الكائنات، ما يختص بالله سبحانه، حتى قالوا فلان يتصرف في العالم، وكل عبارة أخبث من أختها.اللهم إنا نبرأ إليك من صنيع هؤلاء، ونسألك أن تكتبنا من الناهين لضلالاتهم، والمنادين لهم، ونستغفرك في التقصير وقد علمت عجزنا عن السيف والقنا (9)، أن نفضي به إليهم، وعن اللسان أن ننصحهم، أو ننادي به عليهم، إلا في الصحف والكتابة، والحمد لله على كل حال “. انتهى.

——————————-
(1) وبعد كل هذا يأتي حسن المالكي الذي نشأ في قلب بلاد التوحيد ودرس مناهج الدعوة السلفية يأتي ليرفع راية أعداء دعوة التوحيد والسنة ويرفع راية النبهاني ودحلان وابن جرجيس وأمثالهم من عتاة الضلال وخصوم التوحيد.
ثم لا يخجل من الدعاوى الكاذبة من أنه سلفي وأنه يريد الحق ويريد الدفاع عن هذه الدعوة ويمجد نفسه ويظن- المسكين -أنه من فرسان النقد والتصحيح والتوجيه فلم يعرف قدر نفسه ولا مقدار ضلاله وجهله.
ومن هنا يرفع نفسه إلى مقام المصلحين ويرى نفسه من أنداد الإمام محمد وأمثاله.
(2) هذا هو فقه علماء الأمة وهذه هي أحكامهم وهذا هو إجماعهم على قتال من يمتنع من الناس عن أداء شعيرة من شعائر الإسلام أو يرتكب محرماً معلوماً من الدين بالضرورة مستحلاً له كشرب الخمر أو الزنا والميسر فكيف بمن يرتكب نواقض لا إله إلا الله من الشركيات ويحارب من نهى عنها ويدعو إلى إخلاص العبادة لله رب العالمين.
(3) مجموع الفتاوى (28/502) لشيخ الإسلام ابن تيمية.
(4) الفتح(6/151) كتاب الجهاد حديث رقم (3017).
(5) الفتح (12/270) حديث رقم (6923).
(6) فتح الباري(12/275-278)، وانظر في المصادر التالية في إثبات تحريق علي –رضي الله عنه- للخوارج: التنبيه والرد على أهل البدع والأهواء للإمام أبي الحسين محمد بن أحمد الملطي(ص18) الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي (ص232)، التبصر في الدين للإسفراييني(ص108)، واعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي(ص57) بواسطة كتاب: (عبد الله بن سبأ وأثره في إحداث الفتنة في صدر الإسلام) لسليمان بن حمد العودة (ص217).
(7) هذا كلام حق موافق لما دل عليه القرآن والسنة وما عليه علماء الأمة.
(8) في موقف هذا الإمام ما يؤيد موقف الإمام محمد من هذه الشركيات وتأكيد منه أن هذا البلاء الماحق منتشر في بلاد الإسلام وشمل الخاص والعام إلا من سلم الله.
(9) فيه أنه يرى قتال هؤلاء الذين بدلوا دين الله – واستعاضوا من توحيد الله بهذا الشرك والإلحاد ولا أدري هل يشترط قيام الحجة أو لا ؟! وأما أئمة الدعوة فقد علمت أنهم يشترطون قيام الحجة.

أبو هاجر القحطاني
2014-09-29, 12:22
قالوا عن دعوة الامام المجدد محمد ان عبد الوهاب السلفية الاصلاحية التجديدية

قول علامة الشام ،الشيخ/ محمد بهجة البيطار :

ليس للوهابية ولا للامام محمد بن عبد الوهاب مذهب خاص ولكنه رحمه الله كان

مجددا لدعوة الاسلام ومتبعا لمذهب احمد بن حنبل...

من كتابه: حياة شيخ الاسلام ابن تيمية ص200


البشير الإبراهيمي الجزائري وموقفه من الوهابية :

"إنَّهم موتورون لهذه الوهَّابيَّة التي هدمت أنصابهم ، ومحت بدعهم فيما وقعَ تحتَ سلطانهم من أرضِ الله ، وقَد ضجَّ مبتدعة الحجاز فضجَّ هؤلاء لضجيجهم والبدعة رحم ماسة ، فليس ما نسمعهُ هنا من ترديد كلمة (وهابي) تُقذف في وجه كل داعٍ إلى الحقِّ إلاّ نواحاً مردَّداً على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهَّابيَّة" .

قال العالم الأزهري الكبير الشيخ "أبو الهدى الصعيدي" عام 1815م بعد أن انتهى من مناظرة قامت بينه وبين بعض علماء الوهابيين بأمر محمد علي والي مصر في ذلك الحين:

" إذا كانت الوهابية كما سمعنا وطالعنا فنحن أيضاً وهابيون"

نطق هذا العالم بكلمة الحق ، ولم يخش بطش الوالي المتسلط الذي كمم الأفواه وسلط على أتباع هذه الدعوة جنوده وفتكه وناره ؛ لأن قوة هذا الوالي مبتوتة الصلة عن القوة العليا قوة الله سبحانه وتعالى ، فهي لا تخيف ولا ترهب

وقال أيضا

فإن هذا العالم تأدب بأدب الرسول –صلى الله عليه وسلم- وتربى في رحاب سنته التي ترى: ((أن أفضل الجهاد كلمة الحق عند سلطان جائر)) .

وكأن الوجود كله قد أخذ يردد في تلك اللحظة كلمة هذا الشيخ المؤمن لصادق الإيمان.

إذا كانت الوهابية –كما سمعنا- دعوة الإسلام ، دعوة التوحيد الخالص ، ثورة على الشرك والوثنية ، وإعصار على الضلال والبهتان ، فكلنا مسلمون ، كلنا مؤمنون ، كلنا خلف دعوة محمد بن عبدالوهاب ، التي هي دعوة الإسلام ، دعوة محمد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-.

أبو هاجر القحطاني
2015-10-18, 10:45
للرفع .....

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2015-11-08, 21:59
جزاك الله خيرا و بارك فيك

أبو هاجر القحطاني
2015-11-09, 19:11
واياكم ان شاء الله

issam-b2
2015-11-09, 22:36
مشكوووووووووور

ilyasseislame
2015-12-10, 00:24
قال الإمام ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-:

"ما وجدنا أكذب على وجه الأرض من أتباع سيد قطب، ما أكذب منهم، ولا أجرأ منهم على هتك أعراض الأبرياء، والله أكثرُ من الروافض تقيةً وكذباً، هذه ثمار تربية سيد قطب، أوجدت لنا جيلاً كذابين فجرة، سياستهم قامت على الفجور، والإفك، والكذب، والدفاع بالباطل عن أهل الباطل، ورمي أهل الحق بالإفتراءات الكاذبة."

��مرحباً يا طالب العلم - ص394

------------------------------------

سؤالي لك أخي الحبيب ، هل منهج رسول الله يقوم على قذف الناس بالكذب و الخيانة و الفجور ؟
هل منهجه هو التضامن مع الروافض الذين يسبون الصحابة و يشركون بالله على الإخوان المسلمين الذي راح ضحيتهم 10.000 مؤمن مجاهد في ميدان رابعة و همهم إعلاء راية الإسلام ؟ بل فضل اليهود و المجود و البوذيين و الروافض و الملحدين و النصارى على الإخوان المسلمين ؟ يا أخي هذا ليس جهل بل عمى وغسيل دماغ إن الذين يرابطون اليوم بالأقصى وأنتم نائمون هم أتباع السيد قطب و الشيخ أحمد ياسين من إخوتنا بالقسام و حماس و غيرهم ، لماذا لا نجد عند هؤلاء العلماء كلمة تعز المسلمين و تشفي صدورهم تجاه احتلال غزة و فلسطين و الاعتداء الصهيوني ؟
أنصحك أخي إن كنت تتوافق مع منهج ابن تيمية فأنصحك بأن تتبعه فيما يقوله و قد جائتك من الله الكفاية بإذن الله ، و دع عنك كثيرا من علماء هذا الزمان خصوصا من وضعوا أياديهم على أبواب الملوك و ملكت الدنيا قلوبهم فيتكلمون من قلوب مفرغة من صميم الدين وهو حب الله ورسوله ، فهو زبد الدين و عموده

صفية السلفية
2015-12-11, 23:17
قال الإمام ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-:

"ما وجدنا أكذب على وجه الأرض من أتباع سيد قطب، ما أكذب منهم، ولا أجرأ منهم على هتك أعراض الأبرياء، والله أكثرُ من الروافض تقيةً وكذباً، هذه ثمار تربية سيد قطب، أوجدت لنا جيلاً كذابين فجرة، سياستهم قامت على الفجور، والإفك، والكذب، والدفاع بالباطل عن أهل الباطل، ورمي أهل الحق بالإفتراءات الكاذبة."

��مرحباً يا طالب العلم - ص394

------------------------------------

سؤالي لك أخي الحبيب ، هل منهج رسول الله يقوم على قذف الناس بالكذب و الخيانة و الفجور ؟
هل منهجه هو التضامن مع الروافض الذين يسبون الصحابة و يشركون بالله على الإخوان المسلمين الذي راح ضحيتهم 10.000 مؤمن مجاهد في ميدان رابعة و همهم إعلاء راية الإسلام ؟ بل فضل اليهود و المجود و البوذيين و الروافض و الملحدين و النصارى على الإخوان المسلمين ؟ يا أخي هذا ليس جهل بل عمى وغسيل دماغ إن الذين يرابطون اليوم بالأقصى وأنتم نائمون هم أتباع السيد قطب و الشيخ أحمد ياسين من إخوتنا بالقسام و حماس و غيرهم ، لماذا لا نجد عند هؤلاء العلماء كلمة تعز المسلمين و تشفي صدورهم تجاه احتلال غزة و فلسطين و الاعتداء الصهيوني ؟
أنصحك أخي إن كنت تتوافق مع منهج ابن تيمية فأنصحك بأن تتبعه فيما يقوله و قد جائتك من الله الكفاية بإذن الله ، و دع عنك كثيرا من علماء هذا الزمان خصوصا من وضعوا أياديهم على أبواب الملوك و ملكت الدنيا قلوبهم فيتكلمون من قلوب مفرغة من صميم الدين وهو حب الله ورسوله ، فهو زبد الدين و عموده

تقصد الشيخ ربيع !!!! ما ضننتك هكذا.

yassine1204
2015-12-18, 19:13
wahabi = ignorant +FANATISME=