المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليهودية ديانة وثنية


zicou
2007-08-27, 17:44
اليهودية ديانة وثنية

يوم الجمعة قمت ولأول مرة فى حياتى بزيارة مدينة الخليل للتأكد من الاحساس الذى انتابنى لفترة طويلة بأن الديانة اليهودية اليوم هى ديانة وثنية تتظاهر بكونها أول ديانة توحيدية. إن ما يسمى اليوم بالديانة اليهودية ليس فى رأيى سوى ديانة وثنية تقدم القرابين البشرية لأصنامها. وما يضللنا أن أصنام اليوم ليست عبارة عن تماثيل خشبية أو حجرية لكن أماكن بعينها قرر شخص ما فى وقت ما ضرورة السجود لها ومنذ ذلك الحين والكل يسجد لها ابتداء من رؤساء الحكومات الاسرائيلية وحتى آخر جندى من العلمانيين.
ما رأيته فى الخليل يوم الجمعة هو مكان لعبادة صنم يسمى الخليل، يأتى اليهود اليه بنية خفية، أن يحسن الفلسطينيون لهم صنيعاً ويغتالون أحدهم لتضاف وجبة أخرى من الدماء لتغذى طقوس عبادتهم الغريبة التى ترتكز، فيما يبدو، على القرابين البشرية: فهم يضغطون على الفلسطينيين ويستفزوهم لدرجة لا يستطيعون تحملها فيقتلون يهوداً من الخليل، حينئذ فقط يعود هذا المكان الى الحياة. لأنه، لرغبة هذا الصنم فى التكفير عن دم هذه الضحية البشرية التى قدمت اليه يجب الانتقام من الفلسطينيين والخروج فى مواجهات عنيفة ضدهم كى يُقتل يهودى آخر مما يغذى دائرة الانتقام.
ومثل أى ديانة فان لليهودية الوثنية أسطورة رئيسية اسمها اضطرابات 1929 التى قام فيها العرب بقتل الكثير من أبناء الطائفة اليهودية فى الخليل. كرر المتحدث باسم الاستيطان اليهودى فى الخليل على مسامعى هذه الاسطورة أكثر من مرة وأعتقد أنهم يؤمنون بها بدرجة كبيرة لأنها الأساس الذى ترتكز عليه ديانتهم الغريبة، مثلما كان العهد القديم ركيزة الديانة اليهودية فى وقت ما. لا أقول أن مجزرة الخليل لم تحدث أو أنهم قاموا باختلاقها لكنى أعتقد أنه منذ ذلك التاريخ 1929 وقعت أحداث كثيرة وعمليات قتل أخرى بين الجانبين وليس هناك سبباً منطقياً فى تناول هذه المجزرة فقط واعتبارها أسطورة.
أخذونا بعدها الى معبد "أبونا إبراهيم" والذى تحكى الاسطورة أن العرب هدموه وحولو الى خرابة والى مراحيض عامة وحظيرة للبهائم. وهذا أمر لا يهزنى كثيراً لأنه من منذ متى والديانة اليهودية تعطى هذه الأهمية للأبنية؟ أعتقد أنه لا يوجد معبد فى العالم يساوى شعرة واحدة فى جسم أى انسان كان. علاوة على أن معبد أبينا إبراهيم لا يثير الاهتمام على وجه الخصوص فبنائه على الطراز الاسلامى وبه فناء مربع تعلوه قبة.
فتح نوعم المتحدث باسم الاسيتيطان اليهودى صندوق التوراة الموجود فى أحد الزوايا وقال أن كتاب التوراة الموجود فيه قديم جداً تم الحفاظ عليه من اضطرابات 1929 واعادته الى مكانه. اقتربت فرأيت الخشب الملفوف حوله كتاب التوراة يبدو قديما بالفعل ومزخرف برسوم من الطراز العثمانى. لكن لفائف التوراة نفسها فتبدو جديدة جداً وأنا لست متخصصاً فى ذلك ويسعدنى من يأتى ليثبت لى خطأى.
صعدت على المنبر سيدة متدينة اسمها أوريت. وما لا أفهمه هو ان كان هذا معبداً حقا فكيف يسمح لامرأة بالصعود على المنبر للحديث والرجال والسيدات يجلسون معاً (مما يخالف الشريعة اليهودية)؟. يبدو أن هذا جزء من التجديدات التى يقوم بها سكان الخليل فى الديانة اليهودية الوثنية والتى يرغبون، بأى شكل، فى أن تكون هذ الديانة ممتعة لا تدقق فى الأمور الصغيرة وأن الغاية تبرر الوسيلة وأنها هى الخلاص المنشود للبلاد من أيدى بنى إسماعيل.
شاهدت على طول الطريق للمعبد شواهد ونصب تذكارية لضحايا بشرية تم تقديمها لصنم الخليل. فهنا صورة لاثنين من اليهود وهناك شاهد قبر لذكرى الطفلة الفلانية. كما رأيت أطفال تلعب فى الحدائق العامة وبديهى أنهم يعلمونهم كيف يكونون ضحايا بشرية فى المستقبل. مثل ذلك الطفل الجميل بشعره الأسود المضفر الذى يركب الدراجة وفى رقبته لعبة على شكل بندقية. الطفل الذى يعيش طوال الوقت محاطاً بجنود مسلحين (عدد الجنود ورجال الشرطة الذين يحرسون المستوطنين اليهود فى الخليل قد يوازى عدد المستوطنين أنفسهم)، طبيعى أن يرغب فى تقليدهم وأن يطلب من أبيه أن يشترى له لعبة على شكل بندقية. لكن ما أثار انتباهى أن غسيل المخ الذى يمر به هؤلاء الاطفال أكبر من ذلك بكثير.
أخذنا بعدها المرشد يهودا (من رابطة أبناء إبراهيم) الى سوق اللحوم السابق فى البلدة القديمة فى الخليل والذى يبدو اليوم مدمراً كما لو كان قد قصف بالمدفعية. وحكى لنا كيف ان المستوطنين هدموه. اقترب الينا شخص اسمه اسرائيل يرتدى قبعة دينية سوداء كبيرة شعره مضفر وقال لى: كل ما قاله لك يهودا كذب وأظهر خبرة كبيرة فى كلامه حول ما أدى بالمستوطنيين الى القيام بذلك من أجل التخلص من غضبهم. وذكرنى بقصيدة فكتور هوجو حول المجازر التى قام بها الاتراك ضد اليونانيين فى جزيرة كيوس اليونانية فى القرن 19. وتختتم هذه القصيدة بأن يطلب الطفل اليونانى أزرق العينين من الشاعر أن يعطيه باروداً وطلقات كى ينتقم.
كما رأيت فى الخليل أطفالاًَ بؤساء يعيشون ويكبرون فى ظل الموت. وحتى ان كانوا لا يتعرضون لغسيل للعقول فان البيئة المحيطة بهم ويعيشون فيها مدينة مدمرة حوانيتها مغلقة ومداخلها محصنة والقمامة ملقاة فى الشوارع دون أن يجمعها أحد. المدينة التى تفوح رائحة الموت فى شوارعها من الواضح انها ستؤثر على الاطفال لقبول الموت الذى قد يأتيهم فى أى لحظة كقدر طبيعى من المكان نفسه.
ولا أتحدث عن أطفال الفلسطينيين الذين رأيتهم فى تل الرميدة يلعبون الكرة فى الشوارع المهجورة أمام مداخل بيوتهم المحصنة والمسيجة خوفاً من أى اضطرابات قد تندلع فى أى لحظة من قِبَل اليهود. وأحزان هؤلاء الاطفال مختلفة لكنها متشابهة فهم يرون اليهود يقودون سياراتهم الرباعية الدفع فى الوقت الذى يحظر على عائلاتهم التحرك بالسيارة وأن عليهم السير على أقدامهم لمسافات طويلة حاملين احتياجاتهم اليومية.
هذه الأحكام المذلة مثل السماح لليهود بحرية الحركة والحد من حركة الفلسطينيين هى صورة من الأحكام التى عاشها اليهود على مر أجيالهم فى بلاد الشتات المختلفة على أيدى الأغيار (غير اليهود). ويهود الخليل يستمتعون بلعب دور الأغيار وهذا ما يؤكد صحة رأيى بأن يهود الخليل وثنيون فى زى يهود.
قد يتفق معى معظم القراء فى ان مستوطنى الخليل مجانين يتنكرون لذلك ويقنعون أنفسهم بأنهم الأفضل وهذا خطأ كبير لأن الخليل، فى رأيى، ليست الفرع لكن النواة فهى هيكلنا الثالث (المعبد المقدس الذى بناه سيدنا سليمان وقد تهدم الهيكل الثانى فى عام 70 م على يد تيتوس الرومانى.- المترجم) الذى تقام فيه الطقوس الحقيقية لما أصبحت عليه ديانة اليهود الجديدة، ديانة إلهها الموت هذا الاله خلق العالم على هيئته وصورته والعالم هو مدينة الخليل مدينة الاشباح المدمَّرة التى تخلو أسواقها من الحياة ويسير فيها أناس أملهم الوحيد الموت أو القتل أو استخدام العنف ضد الآخرين حتى الموت. كيف هذا؟ ألا ترون أنكم تُخْجِلون ذكرى أبينا إبراهيم المدفون فى الخليل (وفقاً للتراث اليهودى)؟ إبراهيم الذى حطم الأصنام التى تشيدونها من جديد.