فجرالحرية
2012-06-30, 19:35
الهلال الإخواني
http://38.121.76.242/memoadmin/media/Egypt/version4_444444444444417498638_n_340_309_.jpg
بعد مخاض عسير وشحن إعلامي خطير وترقب شعبي مثير، يفوز مرشح جماعة الإخوان الدكتور محمد مرسي بمنصب الرئاسة في مصر، ليكون بذلك أول رئيس منتخب للبلاد بعد مضي أكثر من 500 يوم على تنحي الرئيس المخلوع مبارك، لتعم الأفراح طول البلاد وعرضها، بصورة شبيهة بما حدث ليلة التنحي، لا لفوز مرسي وحده؛ لأنه من وجهة نظر البعض ليس مرشح الثورة، ولكن لهزيمة أحمد شفيق الملقب بمبارك الصغير أو مرشح الدولة العميقة والنظام القديم في مصر، مما يؤكد على أن المصريين رغم تصويت الكثيرين منهم لصالح شفيق إلا أن الغالبية الساحقة من المصريين يرفضون هذا النظام ويودون التخلص منه بأي صورة ومهما كان البديل، كما يؤكد على استعادة الكثيرين منهم لروح الوعي الكاشفة للأعيب ودسائس العسكر وخصوم الثورة، وهذا في حد ذاته من أعظم مكاسب فوز مرسي؛ لأن المصريين ومنذ عهود طويلة ينجحون في البدايات، ويخسرون دومًا في النهايات، ولكنهم هذه المرة أو على الأقل حتى الآن قد نجحوا أيضًا في النهايات.
وبداية لابد أن أعترف أن جماعة الإخوان المسلمين قد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها الأقوى والأفضل والأكفأ تنظيميًّا وسياسيًّا وتكتيكيًّا وإستراتيجيًّا ليس على الساحة المصرية فحسب ولكن ربما على الساحة العربية والإقليمية كلها، هذا الكيان التنظيمي القوى الذي ربما استعصى اختراقه أو خلخلته على أعتى أجهزة المخابرات الإقليمية والعالمية، وفشلت كل محاولات الانشقاق عنه، وظل صامدًا راسخًا طوال سنواته الأربع والثمانين الماضية، جماعة الإخوان المسلمين استفادت كثيرًا من الأخطاء التي وقعت فيها خلال الشهور الماضية والتي جعلتها تبدو وقد انفصلت عن المسار الثوري وقدمت مصلحة الجماعة والتنظيم على مصلحة الثورة والوطن، جماعة الإخوان استوعبت جيدًا ضرر الثقة في وعود العسكري، وخطر الإبقاء على مراكز القوى القديمة، وفشل فكرة المصالحة قبل تولي زمام السلطة،كما تخلت عن عقدتها التاريخية في حب السيطرة والتوجيه والهيمنة في أي عمل جماعي مشترك مع غيرها.
هذه الاستفادة من دروس وأخطاء الماضي جعلت الإخوان يبدون مهارة فائقة في مواجهة كل دسائس المجلس العسكري، ويُفشلون كل خطط الدولة العميقة، وذلك على مرحلتين كلاهما يحتاج لوقفة وتأمل، فالمرحلة الأولى مع انطلاق حملة الدعاية للمرشحين، فعلى الرغم من كون مرشحهم لم يكن أساسيًّا إنما نزل في اللحظات الأخيرة من السباق احتياطيًّا للمرشح الأساسي "خيرت الشاطر" إلا إنهم واجهوا كل المعوقات بكفاءة منقطعة النظير، فقد تناغمت كافة مؤسسات الدولة العميقة في تنسيق الهجوم عليهم، جيش وشرطة، إعلام وفضاء، وزارات وطوائف، بداية من مواجهة حملة التخويف الإعلامية العنيفة ضد الإخوان، والذي آتى أكله وتدهورت شعبية الإخوان بشدة، ثم اتحاد القوى السياسية ضدهم، ومعاندة أجهزة الدولة لهم، واختيار السلفيين لمرشح آخر غير مرشحهم بسبب تداعي شعبيتهم في الشارع المصري، والنقطة الأخيرة تحديدًا كانت السبب المباشر لمراجعة الإخوان لأجندة أخطائهم الكثيرة، والتركيز على ترميم شعبيتهم، وبالفعل حقق مفاجأة كبيرة وتقدم مرشحهم السباق في الجولة الأولى.
وفي المرحلة الثانية في جولة الإعادة وهي الجولة التي أبدى الإخوان فيها أقصى مهاراتهم وخبراتهم السياسية، واستطاعوا بخطابهم الوطني التوافقي البعيد عن عقدة السيطرة والهيمنة وبمجموعة من رسائل الطمأنة داخليًّا وخارجيًّا أن يحققوا نجاحات متتالية على العسكر، ثم كان التحدي الأكبر بين الإخوان والعسكر بعد صدور مجموعة القوانين والأحكام التي وصفت بالعسكرية بداية من صدور قرار الضبطية القضائية ثم حل مجلس الشعب، ثم الإعلان الدستوري المكمل، ثم إعادة تشكيل مجلس الأمن القومي، وكلها خطوات صادرت كثيرًا من صلاحيات الرئيس القادم وحدَّت من مهامه الوظيفية، هذه الإجراءات العسكرية التي جاءت متسارعة وفي ظرف بالغ الدقة والتي كانت كفيلة أن تربك أي فصيل سياسي وتدفعه للتنازل والخضوع والرضا بالانكفاء على ذاته، واجهها الإخوان بتكتيكات ومناورات سياسية ذكية أربكت المجلس العسكري الذي زها بنفسه كثيرًا طوال الفترة الماضية بسبب تلاعبه بالقوى السياسية وفرضه أجندته عليهم، تكتيكات اعتمدت على تقديم تنازلات للشعب وتطمين المتخوفين منهم من التيار الإسلامي، ونجح الإخوان في احتواء العديد من القوى السياسية الوطنية، في حين نفضوا أيديهم من القوى الليبرالية والعلمانية بعد أن ثبتت فشل الرهان على محالفتها لمواجهة العسكر، وفي المقابل تشدد الإخوان وبصورة غير مسبوقة ضد خطوات العسكري، أبدوا صلابة أدهشت الكثيرين ممن كان يراهن على قبول الإخوان لصفقات العسكري تحت ضغط التلويح بالقوة والقانون، فرفض الإخوان كل قرارات العسكر، وقابلوا التصعيد بالتصعيد، ونجحوا في تشكيل تجمع وطني إسلامي ثوري ضد العسكر، ولما استشعروا نية العسكر في تزوير الانتخابات لصالح شفيق ردًّا على تحديهم لقرارات العسكري، قرروا أن يصعدوا المواجهة حتى النهاية وكانت فكرة الاعتصام في الميدان وبهذه الطريقة التبادلية المثيرة والمقتبسة في الأساس من تكتيكات الصحابي الشهير "القعقاع بن عمرو"، كانت هذه الفكرة قاصمة الظهر بالنسبة لنية العسكري نحو التزوير، وفي نفس الوقت فتح الإخوان مسارًا سياسيًّا لا يقل أهمية عن المسار الأول، وهو تدويل القضية وإثارة الرأي العام الخارجي ضد فكرة عسكرة الدولة المصرية وخطورة إجراءات العسكري على الأمن والاستقرار داخليًّا وخارجيًّا، خاصة وأن الأوضاع الإقليمية بالغة التوتر بسبب أحداث سوريا والتوتر السياسي في الأردن والسودان، مما سيجعل الكيان الصهيوني قرة عين الأمريكان وسط بحر متلاطم من الاضطرابات والتوترات، وهو الأمر الذي دفع أمريكا للضغط بقوة على العسكر في مصر من أجل عدم العبث بنتيجة الانتخابات وتكرار سيناريو 25 يناير، مما أجبر المجلس العسكري المصري على الرضوخ أخيرًا وإعلان نتيجة الانتخابات كما هي دون تزوير، وخلاصة القول: إن الإخوان قد أبدوا مهارة سياسية وصلابة تفاوضية أمام العسكري مكنتهم في النهاية من الحصول على هذا المكسب الكبير ودون اللجوء لقبول صفقات الغرف المغلقة.
وبهذه النتيجة الباهرة دشنت جماعة الإخوان المسلمين مرحلة جديدة في محيطنا الإقليمي وهي مرحلة الهلال الإخواني، فالإخوان حاليًا يتولون زمام السلطة في المغرب وتونس والسودان ومصر، ومرشحون بقوة لتوليها في الأردن وسوريا بعد سقوط الطاغية بشار بمشيئة الله عن قريب، وهذا لو تم لاكتمل الهلال الإخواني، ولاستقبلت المنطقة العربية ذات المكانة الإستراتيجية الخطيرة نظام حكم جديد يتقاطع أيدلوجيًّا واستراتيجيًّا وتكتيكيًّا مع الأنظمة القديمة، وتأثيراته ستطول كافة المسارات، وستحدث خلخلة كبرى داخل منظومة الحكم في دول الجوار خاصة في دول الخليج التي لم تكن يومًا راضية عن ثورات الربيع العربي، كما ستدخل أمريكا مرحلة جديدة من العلاقات الدولية والإقليمية تحترم فيها أكثر وأكثر رغبات الشعوب وإرادة الجماهير، وتراعي فيها مبادئ الشراكة والعلاقات المتكافئة، والإخوان عليهم تبعات مهمة شاقة جدًّا وتركة مثقلة ورثوها من أنظمة استبدادية فاسدة، وملفات عالقة منذ عهود تنتظر الحسم، الإخوان عليهم مواجهة تحديات ومعوقات تنوء بحملها الجبال، فهناك العديد من الأطراف الداخلية والخارجية ستعمل ضدهم ومن أجل إفشالهم بشتى السبل والحيل، هذه القوى من صالحها إفشال تجربة الإخوان في الحكم وإنهاء حقبة الإخوان سريعًا وربما دون أن تبدأ، فلو أدار الإخوان مهامهم القادمة بنفس الطريقة الذكية التي أداروا بها صراعهم مع العسكري في الجولة الأخيرة، وأنصتوا للشعوب وتفهموا لرغباتها ولانوا للجماهير والتحموا مع الشارع وقبلوا النصح والتعاون والشراكة مع كافة القوى الوطنية والشريفة في الوطن، وفي نفس الوقت أبدوا صلابة ذكية أمام الضغوط الخارجية، وأقاموا منظومة علاقات متوازنة داخلية وخارجية عندها فقط سينجح الهلال الإخواني ويستحيل قمرًا منيرًا يضيء سماء المنطقة ويعيد لها أمجادها وينشر الرخاء على ربوعها، دون ذلك ربما يأفل القمر سريعًا أو ينخسف.
شريف عبد العزيز
http://38.121.76.242/memoadmin/media/Egypt/version4_444444444444417498638_n_340_309_.jpg
بعد مخاض عسير وشحن إعلامي خطير وترقب شعبي مثير، يفوز مرشح جماعة الإخوان الدكتور محمد مرسي بمنصب الرئاسة في مصر، ليكون بذلك أول رئيس منتخب للبلاد بعد مضي أكثر من 500 يوم على تنحي الرئيس المخلوع مبارك، لتعم الأفراح طول البلاد وعرضها، بصورة شبيهة بما حدث ليلة التنحي، لا لفوز مرسي وحده؛ لأنه من وجهة نظر البعض ليس مرشح الثورة، ولكن لهزيمة أحمد شفيق الملقب بمبارك الصغير أو مرشح الدولة العميقة والنظام القديم في مصر، مما يؤكد على أن المصريين رغم تصويت الكثيرين منهم لصالح شفيق إلا أن الغالبية الساحقة من المصريين يرفضون هذا النظام ويودون التخلص منه بأي صورة ومهما كان البديل، كما يؤكد على استعادة الكثيرين منهم لروح الوعي الكاشفة للأعيب ودسائس العسكر وخصوم الثورة، وهذا في حد ذاته من أعظم مكاسب فوز مرسي؛ لأن المصريين ومنذ عهود طويلة ينجحون في البدايات، ويخسرون دومًا في النهايات، ولكنهم هذه المرة أو على الأقل حتى الآن قد نجحوا أيضًا في النهايات.
وبداية لابد أن أعترف أن جماعة الإخوان المسلمين قد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها الأقوى والأفضل والأكفأ تنظيميًّا وسياسيًّا وتكتيكيًّا وإستراتيجيًّا ليس على الساحة المصرية فحسب ولكن ربما على الساحة العربية والإقليمية كلها، هذا الكيان التنظيمي القوى الذي ربما استعصى اختراقه أو خلخلته على أعتى أجهزة المخابرات الإقليمية والعالمية، وفشلت كل محاولات الانشقاق عنه، وظل صامدًا راسخًا طوال سنواته الأربع والثمانين الماضية، جماعة الإخوان المسلمين استفادت كثيرًا من الأخطاء التي وقعت فيها خلال الشهور الماضية والتي جعلتها تبدو وقد انفصلت عن المسار الثوري وقدمت مصلحة الجماعة والتنظيم على مصلحة الثورة والوطن، جماعة الإخوان استوعبت جيدًا ضرر الثقة في وعود العسكري، وخطر الإبقاء على مراكز القوى القديمة، وفشل فكرة المصالحة قبل تولي زمام السلطة،كما تخلت عن عقدتها التاريخية في حب السيطرة والتوجيه والهيمنة في أي عمل جماعي مشترك مع غيرها.
هذه الاستفادة من دروس وأخطاء الماضي جعلت الإخوان يبدون مهارة فائقة في مواجهة كل دسائس المجلس العسكري، ويُفشلون كل خطط الدولة العميقة، وذلك على مرحلتين كلاهما يحتاج لوقفة وتأمل، فالمرحلة الأولى مع انطلاق حملة الدعاية للمرشحين، فعلى الرغم من كون مرشحهم لم يكن أساسيًّا إنما نزل في اللحظات الأخيرة من السباق احتياطيًّا للمرشح الأساسي "خيرت الشاطر" إلا إنهم واجهوا كل المعوقات بكفاءة منقطعة النظير، فقد تناغمت كافة مؤسسات الدولة العميقة في تنسيق الهجوم عليهم، جيش وشرطة، إعلام وفضاء، وزارات وطوائف، بداية من مواجهة حملة التخويف الإعلامية العنيفة ضد الإخوان، والذي آتى أكله وتدهورت شعبية الإخوان بشدة، ثم اتحاد القوى السياسية ضدهم، ومعاندة أجهزة الدولة لهم، واختيار السلفيين لمرشح آخر غير مرشحهم بسبب تداعي شعبيتهم في الشارع المصري، والنقطة الأخيرة تحديدًا كانت السبب المباشر لمراجعة الإخوان لأجندة أخطائهم الكثيرة، والتركيز على ترميم شعبيتهم، وبالفعل حقق مفاجأة كبيرة وتقدم مرشحهم السباق في الجولة الأولى.
وفي المرحلة الثانية في جولة الإعادة وهي الجولة التي أبدى الإخوان فيها أقصى مهاراتهم وخبراتهم السياسية، واستطاعوا بخطابهم الوطني التوافقي البعيد عن عقدة السيطرة والهيمنة وبمجموعة من رسائل الطمأنة داخليًّا وخارجيًّا أن يحققوا نجاحات متتالية على العسكر، ثم كان التحدي الأكبر بين الإخوان والعسكر بعد صدور مجموعة القوانين والأحكام التي وصفت بالعسكرية بداية من صدور قرار الضبطية القضائية ثم حل مجلس الشعب، ثم الإعلان الدستوري المكمل، ثم إعادة تشكيل مجلس الأمن القومي، وكلها خطوات صادرت كثيرًا من صلاحيات الرئيس القادم وحدَّت من مهامه الوظيفية، هذه الإجراءات العسكرية التي جاءت متسارعة وفي ظرف بالغ الدقة والتي كانت كفيلة أن تربك أي فصيل سياسي وتدفعه للتنازل والخضوع والرضا بالانكفاء على ذاته، واجهها الإخوان بتكتيكات ومناورات سياسية ذكية أربكت المجلس العسكري الذي زها بنفسه كثيرًا طوال الفترة الماضية بسبب تلاعبه بالقوى السياسية وفرضه أجندته عليهم، تكتيكات اعتمدت على تقديم تنازلات للشعب وتطمين المتخوفين منهم من التيار الإسلامي، ونجح الإخوان في احتواء العديد من القوى السياسية الوطنية، في حين نفضوا أيديهم من القوى الليبرالية والعلمانية بعد أن ثبتت فشل الرهان على محالفتها لمواجهة العسكر، وفي المقابل تشدد الإخوان وبصورة غير مسبوقة ضد خطوات العسكري، أبدوا صلابة أدهشت الكثيرين ممن كان يراهن على قبول الإخوان لصفقات العسكري تحت ضغط التلويح بالقوة والقانون، فرفض الإخوان كل قرارات العسكر، وقابلوا التصعيد بالتصعيد، ونجحوا في تشكيل تجمع وطني إسلامي ثوري ضد العسكر، ولما استشعروا نية العسكر في تزوير الانتخابات لصالح شفيق ردًّا على تحديهم لقرارات العسكري، قرروا أن يصعدوا المواجهة حتى النهاية وكانت فكرة الاعتصام في الميدان وبهذه الطريقة التبادلية المثيرة والمقتبسة في الأساس من تكتيكات الصحابي الشهير "القعقاع بن عمرو"، كانت هذه الفكرة قاصمة الظهر بالنسبة لنية العسكري نحو التزوير، وفي نفس الوقت فتح الإخوان مسارًا سياسيًّا لا يقل أهمية عن المسار الأول، وهو تدويل القضية وإثارة الرأي العام الخارجي ضد فكرة عسكرة الدولة المصرية وخطورة إجراءات العسكري على الأمن والاستقرار داخليًّا وخارجيًّا، خاصة وأن الأوضاع الإقليمية بالغة التوتر بسبب أحداث سوريا والتوتر السياسي في الأردن والسودان، مما سيجعل الكيان الصهيوني قرة عين الأمريكان وسط بحر متلاطم من الاضطرابات والتوترات، وهو الأمر الذي دفع أمريكا للضغط بقوة على العسكر في مصر من أجل عدم العبث بنتيجة الانتخابات وتكرار سيناريو 25 يناير، مما أجبر المجلس العسكري المصري على الرضوخ أخيرًا وإعلان نتيجة الانتخابات كما هي دون تزوير، وخلاصة القول: إن الإخوان قد أبدوا مهارة سياسية وصلابة تفاوضية أمام العسكري مكنتهم في النهاية من الحصول على هذا المكسب الكبير ودون اللجوء لقبول صفقات الغرف المغلقة.
وبهذه النتيجة الباهرة دشنت جماعة الإخوان المسلمين مرحلة جديدة في محيطنا الإقليمي وهي مرحلة الهلال الإخواني، فالإخوان حاليًا يتولون زمام السلطة في المغرب وتونس والسودان ومصر، ومرشحون بقوة لتوليها في الأردن وسوريا بعد سقوط الطاغية بشار بمشيئة الله عن قريب، وهذا لو تم لاكتمل الهلال الإخواني، ولاستقبلت المنطقة العربية ذات المكانة الإستراتيجية الخطيرة نظام حكم جديد يتقاطع أيدلوجيًّا واستراتيجيًّا وتكتيكيًّا مع الأنظمة القديمة، وتأثيراته ستطول كافة المسارات، وستحدث خلخلة كبرى داخل منظومة الحكم في دول الجوار خاصة في دول الخليج التي لم تكن يومًا راضية عن ثورات الربيع العربي، كما ستدخل أمريكا مرحلة جديدة من العلاقات الدولية والإقليمية تحترم فيها أكثر وأكثر رغبات الشعوب وإرادة الجماهير، وتراعي فيها مبادئ الشراكة والعلاقات المتكافئة، والإخوان عليهم تبعات مهمة شاقة جدًّا وتركة مثقلة ورثوها من أنظمة استبدادية فاسدة، وملفات عالقة منذ عهود تنتظر الحسم، الإخوان عليهم مواجهة تحديات ومعوقات تنوء بحملها الجبال، فهناك العديد من الأطراف الداخلية والخارجية ستعمل ضدهم ومن أجل إفشالهم بشتى السبل والحيل، هذه القوى من صالحها إفشال تجربة الإخوان في الحكم وإنهاء حقبة الإخوان سريعًا وربما دون أن تبدأ، فلو أدار الإخوان مهامهم القادمة بنفس الطريقة الذكية التي أداروا بها صراعهم مع العسكري في الجولة الأخيرة، وأنصتوا للشعوب وتفهموا لرغباتها ولانوا للجماهير والتحموا مع الشارع وقبلوا النصح والتعاون والشراكة مع كافة القوى الوطنية والشريفة في الوطن، وفي نفس الوقت أبدوا صلابة ذكية أمام الضغوط الخارجية، وأقاموا منظومة علاقات متوازنة داخلية وخارجية عندها فقط سينجح الهلال الإخواني ويستحيل قمرًا منيرًا يضيء سماء المنطقة ويعيد لها أمجادها وينشر الرخاء على ربوعها، دون ذلك ربما يأفل القمر سريعًا أو ينخسف.
شريف عبد العزيز